loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

ملحوظة :صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2103 لسنة 2023 باستبدال اسم وزارة العمل باسم وزارة القوى العاملة أينما ورد فى اللوائح والقرارات .

( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )

تنظيم تشغيل المصريين في الداخل والخارج :

استحدث المشروع لجنة عليا للتشغيل في الداخل والخارج يصدر بتشكيلها ونظام العمل بها قرار من رئيس الوزراء ، وذلك لمواجهة المتغيرات الإقتصادية والإجتماعية والتخطيط للقوى العاملة واستخدامها على أن تكون تلك اللجنة برئاسة الوزير المختص ، وتمثل فيها الوزارات المعنية والاتحاد العام لنقابات العمال ، وتختص برسم السياسة العامة للإستخدام الخارجي والداخلي ووضع النظم والقواعد والإجراءات اللازمة لهذا الاستخدام ( المادة 11 ) . 

وتمشياً مع سياسة التحرر الإقتصادي اتجه المشروع إلى عدم التفرقة بين العاملين في الداخل والخارج في إجراءات التشغيل بإعتبار أن فرصة العمل - أياً كان موقعها وسيلة للحد من ظاهرة البطالة وكذلك تمكين صاحب العمل من اختيار العاملين معه بحرية مراعاة لكفاءة خاصة أو خبرة معينة . 

ويتيح المشروع للمنشأة التشغيل من خلال ترشيحات مكتب القوى العاملة أو التعاقد مباشرة مع الراغبين في العمل بها ، وأجاز لصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يتخير الوسيلة التي يراها مناسبة لشغل الوظائف لديه كالإعلان عنها أو الإستعانة بأحد المكاتب الإستشارية في دراسة الطلبات التي تقدم إليه وإبداء الرأي فيها والمساعدة في اختيار أفضل المرشحين لهذه الوظائف (المادة 16) مع إلزامه بأن يعيد إلى الجهة الإدارية شهادة قيد العامل الصادرة منها بعد استيفاء البيانات المدونة بها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ التعيين .

ويحدد المشروع في الفقرة الأولى من المادة (22) الأحكام الخاصة بالشركات التي تعمل في مجال إلحاق العمال المصريين بالعمل في الداخل والخارج على نحو يحقق تدعيم قدرات وإمكانيات هذه الشركات على العمل في هذا المجال وتوفير الضمانات التي تكفل حسن قيامها بوظائفها وحماية حقوق الراغبين في العمل بالخارج. ويستحدث المشروع في الفقرة الأخيرة من المادة (22) حكماً يجيز بمقتضاه للوزير المختص وقف إصدار التراخيص لتلك الشركات أو تجديدها على ضوء احتياجات سوق العمل الفعلية . 

وتخول المادة (23) للوزير المختص إلغاء الترخيص في حالة مخالفة الشركة لأحكام القرارات الصادرة تنفيذاً للأحكام الخاصة بإلحاق المصريين بالعمل بالخارج أو لحكم من الأحكام الجوهرية التي تمس حقوق العمال أو تنتقص من الحماية المقررة لهم ولا تتعلق بالمسائل الشكلية التي يقصد منها تنظيم العمل بشركات التشغيل ، كما تجيز للوزير أيضاً إيقاف نشاط الشركة إذا نسب إليها ارتكاب أية مخالفة ما نصت عليها تلك المادة ، وذلك كله دون الإخلال بالمسئولية الجنائية أو المدنية أو التأديبية المترتبة على هذه المخالفة . 

کما رؤي تمشياً مع السياسة التي انتهجها المشروع أن ينحصر حق الإعتراض الذي تملكه الوزارة المختصة على الاتفاقات والعقود التي تتعلق بتشغيل العمالة المصرية بالخارج في حالة عدم مناسبة الأجر ، أو مخالفة النظام العام أو الآداب العام (المادة 20) دون الحق المقرر لها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 28 مكرر (2) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم في الإعتراض في حالة مخالفة القواعد الآمرة في قانون العمل المصري وذلك رغبة في تشجيع إلحاق العمالة المصرية بالعمل في الخارج ولو في حالة تعارض شروط وظروف العمل في قانون دولة الإستقبال مع شروط العمل وظروفه الواردة في قانون العمل المصري .

ويستحدث المشروع بالمادة (26) حكماً يخول بمقتضاه الوزارة المختصة بالتنسيق مع الاتحاد العام لنقابات العمال مسئولية رسم سياسة ومتابعة تشغيل العمالة غير المنتظمة ، وينيط بالوزير المختص بقرار يصدره بالتشاور مع الجهات المعنية - تحديد القواعد المنظمة لتشغيل هذه الفئات واشتراطات السلامة والصحة المهنية والإنتقال والإعاشة الواجب اتخاذها بشأنها . 

شرح خبراء القانون

الفقرة الأولى من النص هي من المبادئ المستحدثة ، فقد أباح المشرع لأصحاب الأعمال الإعلان عن الوظائف الشاغرة وهو تقرير لأمر واقع معمول به بالفعل لا جديد فيه ولم يكن يحتاج إلى إقراره ، ولكن الجديد هو أن يعهد إلى أحد المكاتب الإستشارية بدراسة طلبات التوظيف التي يتلقاها نتيجة الإعلان لمعاونة أصحاب الأعمال لإختيار أفضل المرشحين - وهو أمر كان معمولاً به أيضاً - وإن كان ذلك يعد خطوة في سبيل إنهاء مبدأ احتكار السلطة العامة للتوظف کما نرى في التعقيب على أحكام التشغيل الواردة في القانون إلا أنه عاد في الفقرة الثانية وقرر حظر التشغيل عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال مما يؤكد استمرار الحظر على وكالات التشغيل الخاصة وإلغاء مكاتب التوظيف الأهلية التي يديرها أشخاص طبيعيون ، مستثنياً من ذلك ما قرره من أحقية الوزير في الترخيص للجمعيات والمؤسسات والمنظمات النقابية بالنسبة لأعضائها بإنشاء مكاتب لتشغيل المتعطلين . 

جزاء المخالفة : 

ومما يؤكد رغبة المشرع في تكريس مبدأ احتكار السلطة العامة للتوظيف وهو أحد المبادئ التي يمكن قبولها في ظل الأنظمة الشمولية ولكن لا يمكن استساغتها في حالة بلوغ الحرية الإقتصادية لسوق العمل.. أنه قرر جزاء على مخالفة الفقرة الثانية من هذه المادة وهي التشغيل عن طريق المتعهدين بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز خمسة آلاف جنيه وتتعدد الغرامة بعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة وتضاعف حالة العودة (مادة 240 من القانون) في حين كان جزاء المخالفة في القانون الملغي من خمسة على عشرة جنيهات . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 85 )

 النصوص المقابلة :

تقابل نص المادة (20) من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981.

كما تقابل المادة (22) من قانون 91/ 59 - الملغي .

 

 شرح وتعليق :

ما أورده النص الجديد من جواز قيام صاحب العمل بالإعلان عن الوظائف الخالية لديه بالصحف والمجلات أو الإستعانة بالمكاتب الإستشارية أو تلمس المشورة والمساعدة بشأن إختيار أفضل المرشحين... كل ذلك يعتبر من قبيل التزيد وما كان المشرع بحاجة إلى النص على هذا الحكم ولذلك فإننا لا نرى في هذا النص إلا أنه حظر تشغيل العمال عن طريق مورد أنفار أو مقاول وهو ما كان منصوصاً عليه في التشريعات السابقة . 

ولا شك أن حظر توريد العمال عن طريق مقاول أو متعهد يقضي على الوساطة في إبرام عقود العمل حتى لا يقع العمال فريسة لإستغلال موردي الأنفار . 

العقوبة الجنائية : 

كانت المادة (167) من قانون العمل الملغي تعاقب صاحب العمل الذي يخالف أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على عشرة جنيهات . 

وقد رفعت العقوبة في حديها الأدنى والأقصى عن مخالفة حظر استخدام العمال عن طريق الموردين بغرامة لا تقل عن ألف جنية ولا تجاوز خمسة آلاف جنية وتتعدد بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 240) . 

ويعتبر مورد العمال أو المقاول شريكاً لصاحب العمل المخالف ويعاقب بنفس العقوبة . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 337 )

التراضي :

- عقد العمل من العقود الرضائية ولا يلزم لقيامه توافر أي شكل معين، ولهذا يجب توافق إرادة كل من العامل ورب العمل . 

ويجب أن يتم التراضي أساساً على عدة أمور . 

يجب الإتفاق على العمل الذي يؤديه العامل فإن حدث الإختلاف حوله لم ينعقد العقد أصلاً ، وإنما إذا سكتا عه فيرجع للمادة 682 / 2 مدني حيث يرجع إلى تحديد نوع العمل ومداه إلى ما يقوم به عامل مماثل لدى رب العمل وإلا فليرجع إلى العرف الجاري في المهنة والجهة ، وإلا طبقت مقتضيات العدالة .

ويجب الإتفاق على الأجر ، وفي حالة السكوت تطبق المادة 82 / 2 السابق شرحها بصدد الأجر . 

ويلزم التراضي على مدة العقد ، ولكن يمكن تركها بدون تحديد حيث يعتبر العقد غير محدد المدة ، وإذا ازدادت مدة العقد عن خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد بعد خمس سنوات . 

وعلى هذا فإنه يمكن القول بأن مجرد التراضي على قيام علاقة عمل مشروعه يكفي لوجود العقد حيث يتكفل القانون ببيان باقي العناصر والأركان وذلك وفقاً لما تنص عليه المادة 99 من القانون المدني . 

- لإبرام عقد العمل يقوم صاحب العمل عادة بإصدار إيجاب إلى العامل ، وتسرى في هذا الصدد القواعد العامة في القانون المدني . 

ويجب لتوافر الإيجاب قانوناً أن يتضمن عزم صاحب العمل على إبرام العقد بمجرد أن يقبله العامل ، ويلزم أن يتضمن الإيجاب ، في الأقل ، الشروط الأساسية للعقد كطبيعة العمل والأجر . 

وطبقاً للمادة 16 من قانون العمل لصاحب العمل الإعلان عن الوظائف الشاغرة بمختلف وسائل الإعلان أو أن يعهد إلى أحد المكاتب الإستشارية لدراسة الطلبات التي تقدم إليه وإبداء الرأي والتوصية والمساعدة بشأن اختيار أفضل المرشحين . 

ولا يعتبر إيجاباً النشر والإعلان عن طلب عمال ، وإنما يعتبر دعوة للتفاوض ، فلا يجب إغفال أن عقد العمل من العقود التي تقوم على الإعتبار الشخصي ، ولهذا فإن إيجاباً بالمعنى الدقيق لا يتوافر إلا إذا كان موجهاً إلى شخص معين بالذات ، ولهذا يحق لصاحب العمل أن يرفض ، دون إبداء أسباب التعاقد مع شخص توافرت فيه كافة الشروط الواردة بالإعلان . 

- ويجب أن يكون الإعلان ، وسلوك صاحب العمل في رفض التعاقد ، خالياً من أي مخالفة لمبدأ حرية العمل ، فلا يجب أن ينطوي على تفرقة عنصرية بسبب الجنس أو اللون أو الإنتماء السياسي أو النقابي ، ومخالفة ذلك يوقع صاحب العمل تحت طائلة الجزاء الجنائي الوارد في قانون العمل ، كما تتعقد مسئوليته طبقاً للقواعد العامة في المسئولية التقصيرية خصوصاً إذا أثبت المتقدم للعمل أن رفضه تم بسبب التفرقة ، وهو أمر صعب من الناحية العملية .

- وإذا كان من حق صاحب العمل أن يجري مقابلة مع المتقدم للعمل حتى يتوصل لإختيار أفضل العناصر ، إلا أنه لا يجوز أن يخوض في ظروف الحياة الخاصة بصورة تعسفية ، ومن ثم فإن إخفاء العامل لما يتعلق بحياته الخاصة لا يعتبر تدليساً أو خطأ من جانبه ، مثل إخفاء العاملة أنها حامل ، أو إخفاء الإنتماء السياسي أو النقابي . 

- وقد يصدر الإيجاب من وكيل لصاحب العمل ، يعهد إليه باختيار أصلح العناصر المتقدمة لشغل العمل المطلوب ، وطبقاً للقواعد العامة إذا أبرم النائب في حدود نیابته عقداً بإسم الأصيل، فإن ما ينشأ عن العقد من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل ، وفي حالة الإخلال بالعقد يكون الرجوع على الأصيل لا الوكيل . 

وإذا كان يمكن اعتبار الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل إلا أن ذلك مشروط بتوافر مظهر خاطئ منسوب للموكل من شأنه أن يخدع الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر ، فإذا كان الذي أبرم العقد مع العامل هو من يتولى الإشراف على الأعمال الإدارية وليس له حق التوقيع عن الشركة ، وكان وضع الأخير في الشركة لا يشكل أي خطأ من جانبها مما ينأى به عن توافر ذلك المظهر ، فإن مؤدى ذلك هو إنتفاء صفة الوكيل الظاهر .

العبرة في بدء علاقة العمل وترتيب كافة آثارها عدا الأجر بالقرار الصادر بالتعيين إذ أن هذا القرار ينشىء المركز القانوني للعامل في الوظيفة بكل حقوقها وواجباتها فلا يجوز له المطالبة بتعديله استناداً إلى حالته الشخصية أو إلى قاعدة المساواة .

عيوب الرضاء :

- تطبق القواعد العامة في هذا الشأن ، وذهب القضاء إلى عدم توافر الإكراه ، إذا كانت ظروف العامل وحاجته لتأمين معاشه جعلته يقبل شروطاً مرهقة ، ولكن يعتبر من قبيل الإكراه لجوء صاحب العمل إلى ممارسة ضغوط شخصية على العامل ليقبل تعديل العقد ، وبشروط تنتقص من حقوقه قبل التعديل . 

كما أن الغش أو التدليس يؤدي إلى إبطال العقد ، ويجب إعمال الشروط العامة حيث يجب أن يكون التدليس دافعاً إلى التعاقد ، فيجوز طلب بطلان العقد إذا أدلى العامل ببيانات غير صحيحة في طلب الإستخدام وكانت دافعاً إلى التعاقد معه ، ولقد نصت المادة 69 من قانون العمل على جواز فصل العامل إذا قدم شهادات أو توصيات مزورة ، ونعتقد أن هذه الصورة تخول أيضاً الحق في طلب البطلان ، ولقد اعتبر المشرع تقديم شهادات مزورة من قبيل الخطأ الجسيم الذي يبرر فصل العامل ، فالجزاء يوقع في حقيقة الأمر على التدليس خصوصاً أن هذه الشهادات تقدم قبل التعاقد والذي يتم على أساسها . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 291 )

حظر تشغيل عمال عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال

- تقرر المادة 16 من قانون العمل أنه لا يجوز لصاحب العمل تشغيل عمال عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال ، واستثناء من ذلك يجوز للوزير المختص الترخيص للجمعيات والمؤسسات والمنظمات النقابية بالنسبة لأعضائها إنشاء مكاتب لتشغيل المتعطلين ، وفي هذه الحالة يتعين على هذه الجهات مراعاة الأحكام الواردة في هذا الفصل والقرار الوزاري المشار إليه . 

وحتى نتفهم هذا النص وحدوده ، لابد لنا من أن نعرض للوضع في ظل القانون رقم 91 لسنة 1959 ثم نشرح الوضع في القانون الحالي .

أولاً: التعهد بتوريد العمال في ظل قانون العمل القديم رقم 91 لسنة 1959 :

1- نظام احتياطي : 

- تقرر المادة 22 من قانون العمل القديم أن لصاحب العمل في الجهات التي لا تسري عليها أحكام مكاتب التخديم والتوظيف أن يعهد إلى متعهد توريد عمال له ، وعلى هذا فإن هذا النظام نظام احتياطي أي لا يسرى إلا في الجهات التي لا تسري عليها أحكام مكاتب التخديم وهذه الجهات قد حددت بمقتضى قراري وزير العمل رقمي 100 لسنة 1963، 3 لسنة 1965. 

فالمشرع لا يحبذ نظام التعهد بتوريد العمال ، ولهذا جعله نظاماً احتياطياً حماية للعمال حتى لا تكون العمالة كالسلعة محلاً للمضاربات البحتة التي قد تبعد عن الإنسانية وتتعارض مع كون العمل قيمة إنسانية أكثر من كونه سلعة .

2- تعريف المتعهد بالتوريد : 

- حددت المادة 22 من القانون القديم متعهد التوريد بأنه كل شخص يقوم بتوريد جماعة من العمال لأصحاب الأعمال دون إشراف منه على العمل أو العمال . 

فيلزم ألا يكون للمتعهد أي إشراف سواء على العمل أو على العمال بل يكون الإشراف لصاحب العمل نفسه ، فلو كان للمتعهد الإشراف على العمال لنشأ عقد عمل بينه وبين العامل وأصبح صاحب عمل وليس مجرد مورد ، ولقد قصد المشرع من ذلك تحريم ما يسمى بنظام المساومة الذي كان سائداً في القانون الفرنسي وهو إحدى صور المقاولة من الباطن ، فكان المقاول الأصلي يتفق مع المقاول من الباطن على أن يقوم الأخير بتنفيذ عمل معهود به إليه عن طريق تقديم اليد العاملة اللازمة مع الإشراف على أداء العمل ودفع أجور العمال مقابل مبلغ يحصل عليه من المقاول الأصلي ، ويحدد المبلغ عادة بطريقة جزافية بحيث يتكون ربح المقاول من الباطن من الفارق بين المبلغ الذي يقبضه من المقاول الأصلي والأجور التي تدفع للعمال ، ولهذا فقد كان للمقاول من الباطن مصلحة واضحة في بخس أجور العمال حتى تزداد أرباحه .

واشتراط المشرع ألا يكون للمتعهد أي دور في الإشراف على العمل والعمال يعني حظر نظام المساومة .

أما في ظل المتعهد فإن الرابطة العقدية تنشأ بين صاحب العمل والعمال دون أدنى سلطة للورد أو المتعهد بالتوريد .

- أحكام حماية العامل في ظل التعهد بالتوريد : 

(أ) إمعاناً في حماية العامل ضد أي استغلال من جانب المتعهد بالتوريد فقد فرض المشرع ضرورة حصول من يريد أن يعمل بالتوريد على ترخيص من الجهة الإدارية وبالتالي يخضع للرقابة الحكومية في ممارسته لعمله ، والترخيص يسرى لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد .

ولا يجوز لصاحب العمل أن يتعاقد مع المتعهد إلا إذا كان حاصلاً على الترخيص . 

(ب) وضماناً لممارسة الدولة لرقابتها ، وحماية لحقوق العمال يجب أن يكون العقد بين صاحب العمل ومتعهد العمال ثابتاً بالكتابة ويبين فيه نوع العمل وفئات الأجور وإلزام صاحب العمل بأدائها مباشرة إلى العمال ومدة العمل على وجه التقريب والجهات التي جاء منها العمال . 

(ج) لا يجوز لصاحب العمل أو ممثليه أو متعهد توريد العمال أن يتقاضى أي مبلغ من العامل مقابل تشغيله واستيفائه في العمل . 

وعلى هذا فإن متعهد التوريد لا يستطيع أن يحصل على مقابل إلا من صاحب العمل فقط ، ولا يجوز لصاحب العمل أن يرجع على العمال بأي شيء مما أداه للمتعهد .

وهذا القيد يتفادى احتمال استغلال العامل .

- ويترتب على مخالفة هذه الأحكام تعرض صاحب العمل والمتعهد للجزاءات الجنائية ونرى أن هذه المخالفة لا تستتبع بطلان العقد وذلك حماية للعامل ، فهذه القواعد وإن كانت متعلقة بالنظام العام إلا أنها تتصل بالنظام العام الحمائي أي لمصلحة العامل .

ونادى الفقه المصري بحظر التعهد بتوريد عمال ، فقد أثبتت التجربة صعوبة فرض الرقابة الحكومية على هذه الجهات ، ويكون العلاج في التوسع في نظام مكاتب التخديم والتوظيف وحسن إدارتها ورعايتها للعمال ، وهذا ما استجاب له المشرع في القانون الجديد .

ثانياً : الوضع في ظل قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 : 

- المبدأ الذي وضعه المشرع هو حظر التعهد بتوريد عمال. فالمادة 16 تقرر أنه لا يجوز لصاحب العمل تشغيل عمال عن طريق متعهد أو مقاول توريد عمال ، فإذا كان لا يجوز تشغيل العمال عن طريق متعهد ، فإن ذلك يعني أن المشرع يحظر العمل نفسه أي تعتبر المهنة غير مشروعة من جهة ، ويبطل عقد توريد العمال بين المتعهد وصاحب العمل من جهة أخرى . 

ولكن المشرع أورد استثناءاً على هذا المبدأ ، وهو أنه يجوز لوزير المختص الترخيص للجمعيات والمؤسسات والمنظمات النقابية بالنسبة لأعضائها بإنشاء مكتب لتشغيل المتعطلين ، وفي هذه الحالة يتعين على هذه الجهات مراعاة الأحكام الخاصة بالفصل الذي ينظم تشغيل العمال .

وندرس تلك الأحكام عند دراسة التشغيل عن طريق مكتب تشغيل لنتعرف عما إذا كان المشرع قد حظر فعلاً حظر التعهد بتوريد عمال . 

وإن كان لا يجوز التشغيل عن طريق متعهد فالأصل أن يختار صاحب العمل عماله بمعاونة من يراه .

اختيار صاحب العمل لعماله بنفسه أو بمعاونة  مكتب استشاري :

- تنص المادة 16 من قانون العمل على أنه " لصاحب العمل الإعلان عن الوظائف الشاغرة بمختلف وسائل الإعلام ، أو أن يعهد إلى أحد المكاتب الإستشارية بدراسة الطلبات التي تقدم إليه وإبداء الرأي أو التوصية أو المساعدة بشأن اختيار أفضل المرشحين لهذه الوظائف ". 

ويتم الإختيار إما مباشرة من صاحب العمل ، أو بالإستعانة بمكتب العمل ، أو بمكتب استشاري  . 

1- فصاحب العمل قد يختار عماله بنفسه والإستعانة بإدارات منشآته مثل إدارة التوظيف أو الموارد البشرية . 

2- وقد يلجأ صاحب العمل إلى مكتب العمل طبقاً للمادة 14 حيث يجوز لصاحب العمل أن يستوفي احتياجاته الوظيفية والمهنية والحرفية بالنسبة للوظائف والأعمال التي خلت أو أنشئت لديه ممن ترشحهم الجهة الإدارية المختصة التي يقع في دائرتها محل عمله من المسجلين لديها مراعية أسبقية القيد . 

وصاحب العمل هو الذي يختار من يعينه من هؤلاء المرشحين ، ويقتصر دور الجهة الإدارية على عرض المقيدين لديها والذين يمكن أن يكونوا مؤهلين للعمل ، ومراعاة أسبقية القيد التزام على عاتق الجهة الإدارية ، أما صاحب العمل فله أن يختار من يراه أكثر ملاءمة دون التقيد بأسبقية القيد ، فصاحب العمل هو صاحب القرار في اختيار عماله . 

3- وقد يلجأ صاحب العمل إلى الإعلان عن الوظائف الشاغرة بمختلف وسائل الإعلام ، ويتلقى بعد ذلك طلبات ممن يرون في أنفسهم الصلاحية للوظيفة الشاغرة ، والإعلان يعتبر مجرد دعوى للتفاوض وليس إيجاباً خصوصاً أن الإعلان لا يتضمن عادة سوى الوظيفة ومواصفاتها دون باقي شروط التعاقد وخصوصاً الأجر ، ولا يوجد ما يمنع من أن يكون الإعلان باللغة العربية أو أي لغة أجنبية . 

4- يجوز لصاحب العمل أن يعهد إلى أحد المكاتب الإستشارية المتخصصة لدراسة ما يقدم له من طلبات ، فالطلبات لا تقدم إلى المكتب الإستشاري لأنه ليس متعهد تشغيل وإنما تقدم إلى صاحب العمل الذي يحيلها بدوره إلى المكتب الإستشاري للدراسة وإبداء الرأي للمساعدة في الإختيار، وعلى فإن الإختيار والتعيين يتم مباشرة من صاحب العمل ، ودور المكتب استشاري بحت . 

والمكتب يقابل المتقدمين للوظيفة ، ثم يقوم بالترشيح المناسب لصاحب العمل ، والفقه الفرنسي مستقر على أن المكتب في هذه الحالة يكون وكيلاً عن صاحب العمل ، ولهذا يكون مسئولاً عن أعماله بصفته وكيلاً مأجوراً ، والتزامه التزام ببذل عناية حيث يقوم بتقييم المتقدم وترشيح من يراه أفضل ، وصاحب العمل هو الذي يختار ، وإن كان صاحب العمل لا يرى أن المرشح يصلح للوظيفة فقد يرجع ذلك إلى أن صاحب العمل لم يحط المكتب إحاطة كاملة بتوصيف الوظيفة . 

وقد يتمثل دور المكتب الإستشاري في البحث عمن يرى أنهم يصلحون للوظيفة لدى أصحاب العمل الآخرين ، كما قد يقوم بتلقى الطلبات التي ترسل بناء على الإعلان عن الوظيفة ويتولى دراستها . 

والرابطة القانونية في المعاونة للحصول على العمال تقوم بين صاحب العمل والمكتب الإستشاري ، وليس هناك أي علاقة بين المكتب والعامل المرشح . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 332 )