( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة : 2009 )
عقد العمل الفردي :
يأخذ المشروع في المواد ( 33، 32 ، 31 ) منه بذات الأحكام الواردة بالمواد 29 ، 30 ، 31 من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم لكونها تفي بالغرض منها ، وهي الأحكام المتعلقة بتعريف عقد العمل الفردي وقواعد إثباته والبيانات التي يجب أن يتضمنها وتحديد مدة وشروط عقد العمل تحت الاختبار .
1- مؤدى النص في المادتين 32 ، 36 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أن المشرع ألزم صاحب العمل بتحرير عقد عمل للعامل يتضمن الأجر المتفق عليه وطريقة وموعد الوفاء به ، فإن تقاعس صاحب العمل عن الوفاء بهذا الالتزام كان للعامل وحده الحق في إثبات علاقة العمل بكافة شروطها بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود ، ويكون تقدير أجره في هذه الحالة وفقًا للمنصوص عليه باتفاقية العمل الجماعي أو لائحة المنشأة، فإن لم تتضمن اللائحة أو الاتفاقية تحديدًا للأجر تم تقديره بأجر المثل إن وجد ، وإلا قدر طبقًا لعرف المهنة فإن لم يوجد عرف تولت المحكمة تقديره وبما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور المقررة بمعرفة المجلس القومي للأجور . لما كان ذلك ، وكان الثابت من شهادة شاهدي الطاعنة أمام محكمة أول درجة إنها التحقت بالعمل بأجر تدرج من 280 جنيهًا شهريًا إلى 750 جنيه إلى 1040 جنيه ، وإنها استمرت في العمل حتى اضطرت لتركه في سنة 2009 بسبب رفض المطعون ضدها التأمين عليها ، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه الدليل المستمد من شهادة هذين الشاهدين بشأن ثبوت علاقة العمل بين الطاعنة والمطعون ضدها المدة من 1/11/2004 حتى 15/7/2009 بمقولة تعارضها مع أقوال الطاعنة بشأن تحديد الأجر ، رغم أن الاختلاف في تحديد الأجر لا يكفي لإطراح الدليل المستمد من هذه الشهادة بشأن ثبوت علاقة العمل ، إذ أن المشرع تولى بيان كيفية تحديد الأجر في حالة عدم وجود عقد عمل مكتوب على نحو ما سلف ، فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال قد خالف القانون .
( الطعن رقم 7111 لسنة 82 ق - جلسة 22 / 3 / 2023 )
2- مفاد المادة 32 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والمقابلة للمادة 30 من قانون العمل السابق رقم 137لسنة 1981 – المنطبق على واقعة النزاع - إعمالاً للمادة 114 من قانون التجارة البحري الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990 إنه لا يجوز لصاحب العمل إثبات عقد العمل إلا بالكتابة . لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تقدم أمام محكمة الموضوع ثمة دليل كتابي على إنها أبرمت مع المطعون ضدهما الأول والثاني عقود عمل مؤقتة ، وأنها قدمت أمام الخبير المنتدب إفادتين صادرتين عن الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وإخطارين بإنهاء الخدمة ثابت منهما أن المطعون ضدهما مؤمناً عليهما لدى هذه الهيئة باعتبارهما من العاملين لديها اعتباراً من 29/3/2000 بالنسبة للمطعون ضده الأول حتى انتهاء خدمته في 15 / 4 / 2013 بوظيفة بحري عادي، واعتبارًا من 2 / 4 / 2007 بالنسبة للمطعون ضده الثاني بوظيفة بحري ممتاز حتى انتهاء خدمته في 26 / 6 / 2013 بما ينبئ بأن علاقة العمل بينها وبين المطعون ضدهما الأول والثاني كانت في حقيقتها علاقة دائمة وليست مؤقتة ، ولما كان الثابت مما سجله الحكم بمدوناته أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى بتاريخ 17 / 9 / 2013 قبل مضي سنة على انتهاء خدمة كل منهما لديها فإن دعوتهما تكون بمنأى عن السقوط المنصوص عليه بالمادة ١٣٥ من قانون التجارة البحري رقم 8 لسنة 1990 ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لا يكون قد خالف القانون ، ويضحى ما تثيره الطاعنة بهذا النعي على غير أساس .
(الطعن رقم 6823 لسنة 91 ق - جلسة 2023/02/08)
3- مفاد ما نص عليه المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي في المادة الثانية منه من أنه "يكون عقد العمل بالكتابة ويحرر باللغة العربية ومن نسختين ولكل من الطرفين نسخة ..." هو وجوب تحرير عقد العمل باللغة العربية كتابة ، وقد أكدت المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون المذكور هذا المعنى ، فضلاً عن أن ما جرى به نص المادة 53 في شأن التضامن في المسئولية بين أصحاب العمل والمتنازل لهم عن العمليات كلها أو بعضها من أنهم" يكونون" مسئولين بالتضامن قد جاء متسقاً مع العبارة التي استعملها الشارع في المادة الثانية وواضح الدلالة في تأكيد مراده من أنه حين استعمل هذا التعبير قد قصد به الإلزام والتحتيم - لا مجرد التنظيم . ولا يقدح في ذلك ، النص على أنه إذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات ، ذلك بأن إيراد هذا الحكم التيسيري الذي خرج به الشارع عن قواعد الإثبات ، هو تأكيد لحرصه على حماية حقوق العمال ولا يقصد به إعفاء صاحب العمل من الالتزام الواقع عليه بوجوب تحرير عقد العمل بالكتابة ، وهو التزام تقضي البداهة بوقوعه على عاتق صاحب العمل ، إذ لا يتصور أن يلتزم العامل به - وهو في سبيل البحث عن عمل يقتات به هو ومن يلوذ به - دون أن يلزم صاحب العمل بذلك. وجزاء مخالفة هذا الأخير هذا النص هو إنزال حكم المادة 52 عليه . وهذه المادة واضحة الدلالة في أن المخاطب بها - في صدد الخروج على أحكام نص المادة الثانية - هو صاحب العمل وحده . ولا يعترض على هذا النظر بأن الشارع قد أجرى نص المادة 43 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 الذي ألغى المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بأنه "يجب أن يكون عقد العمل ثابتاً بالكتابة ..." ذلك بأنه حرص على تضمين هذا النص الحكم التيسيري الذي تضمنته المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 317لسنة 1952 ، ومؤدى ذلك هو أن الشارع اختط النهج الذي سار عليه المرسوم بقانون الأخير وأكد أحكامه في هذا الخصوص .
( الطعن رقم 458 لسنة 31 ق - جلسة 12 / 6 / 1961 )
4- إذ كانت المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعى قد حددت الفئات التى تسرى عليها أحكامه ومنها العاملون الخاضعون لأحكام قانون العمل واستلزمت لإنتفاعهم بأحكام قانون التأمين الإجتماعى ألا يقل سن العامل عن 18 سنة وأن تكون علاقته بصاحب العمل علاقة عمل منتظمة وأناطت بوزير التأمينات إصدار قرار بتحديد القواعد والشروط اللازم توافرها لإعتبار علاقة العمل منتظمة وقد أصدر وزير التأمينات القرار رقم 286 لسنة 1976 المعدل بالقرار رقم 149 لسنة 1980 ونص في مادته الأولى على أن تعتبر علاقة العمل منتظمة إذا كان العمل الذى يزاوله العامل يدخل بطبيعته فيما يزاوله صاحب العمل من نشاط أو كان يستغرق ستة أشهر على الأقل .
( الطعن رقم 4496 لسنة 62 ق - جلسة 4/ 1/ 2004 )
5- المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل من المتعاقدين فى عقد العمل غير محدد المدة - وفقاً لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدنى أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الاخر ويتعين لإستعمال أى من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقاً بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهرى وخمسه عشر يوماً بالنسبة للعمال الاخرين فإذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدى إلى الطرف الأخر تعويضاً مادياً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقى أو الجزء الباقى منها ، ولا يغير من ذلك ان المشرع فى قانون العمل الجديد رقم 137 لسنة 1981 أغفل النص على هذه المهلة القانونية للانذار إذ لا يمكن أنه يستفاد من هذا الاغفال إلغاء الحكم الوارد فى القانون المدنى والذى كان منصوصاً عليه صراحة فى قانون العمل الملغى ذلك لأنه لا يوجد فى الأعمال التحضيرية لقانون العمل الجديد ما يدل على اتجاه المشرع إلى تغيير الحكم المذكور ، فضلاً عن أن المادة الثانية من مواد اصدار قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أن " يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق ....... ولم تتعرض مواد الإصدار لأحكام القانون المدنى الخاصة بعقد العمل والواردة فى المواد من 674 الى 698 ولذلك تظل هذه الأحكام قائمة تنظم ما خلا قانون العمل من تنظيمه وطالما لا تتعارض مع ما نص عليه صراحة لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقية الطاعن فى بدل مهلة الانذار المطالب به تأسيساً على خلو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من النص عليه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 1668 لسنة 60 - جلسة 1996/11/28 - س 47 ع 2 ص 1408 ق 257 )
ملحوظة :صدر القانون رقم 148 لسنة 2019 قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 / 8 / 2019 .
(مركز الراية للدراسات القانونية )
شكل عقد العمل في القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل :
تنص المادة 32 من القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل على أن : يلتزم صاحب العمل بتحرير عقد العمل كتابة باللغة العربية من ثلاث نسخ ، يحتفظ صاحب العمل بواحدة ويسلم نسخة للعامل وتودع الثالثة مكتب التأمينات الاجتماعية المختص .
ويجب أن يتضمن العقد على الأخص البيانات الآتية :
(أ) اسم صاحب العمل وعنوان محل العمل .
(ب) اسم العامل ومؤهله ومهنته أو حرفته ورقمه التأميني ومحل إقامته وما يلزم لإثبات شخصيته .
(ج) طبيعة ونوع العمل محل التعاقد .
(د) الأجر المتفق عليه وطريقة وموعد أدائه وكذلك سائر المزايا النقدية والعينية المتفق عليها ، وإذا لم يوجد عقد مكتوب ، للعامل وحده إثبات حقوقه بكافة طرق الإثبات .
ويعطي صاحب العمل العامل إيصالاً بما يكون قد أودعه لديه من أوراق وشهادات".
وواضح من النص أنه أوجب أن يكون عقد العمل مكتوباً. إلا أن هذه الكتابة ليست ركناً للانعقاد ، فمازال عقد العمل عقداً رضائياً ، وإنما هي للإثبات ، بدليل أن المادة نصت على أنه إذا لم يوجد عقد مكتوب ، للعامل وحده إثبات حقوقه بكافة طرق الإثبات . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع ، المستشار/ محمد عزمي البكري ، الجزء / الثامن ، الصفحة / 551 )
عقد العمل من العقود الرضائية فيكفي لإنعقاده تطابق الإيجاب والقبول ولا يلزم شكل خاص .
لا يشترط في عقد العمل أي شكل خاص . وبالتالي فعقد العمل عقد رضائي ، ويكفي لإنعقاده تطابق الإيجاب والقبول .
إلا أنه يستثنى من ذلك ما تنص عليه بعض القوانين أو اللوائح من اشتراط شكل معين في عقد العمل .
ويخضع إثبات هذه العقود للقواعد العامة الواردة في قانون الإثبات وقد نصت المادة 1/60 من قانون الإثبات على أنه : "في غير المواد التجارية إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على خمسمائة جنيه أو كان غير محدد القيمة ، فلا تجوز شهادة الشهود في إثبات وجوده أو انقضائه مالم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك".
وعلى ذلك إذا كانت قيمة عقد العمل تزيد على خمسمائة جنيه ، أو كانت غير محددة القيمة ، فإنه يجب إثبات هذه العقود بالكتابة ، سواء كان الإثبات من جانب صاحب العمل أو العامل .
وتحدد قيمة عقد العمل بقيمة أجر العامل في مدة العقد ، فإذا كان الأجر خمسين جنيها شهرياً ومدة العقد سنة واحدة تكون قيمة العقد 600 جنيه، وإذا كان أجر العامل غير محدد القيمة، كالشأن في العقود غير محددة المدة، فإن قيمتها تكون غير مقدرة وزائدة على أربعين ألف جنيه .
ولا يجوز إثبات عقد العمل بغير الكتابة في الصورة السابقة، إلا في الحالات الاستثنائية المنصوص عليها بالمادتين (62، 63) من قانون الإثبات، وهي وجود مبدأ ثبوت بالكتابة أو فقد السند الكتابي لسبب أجنبي لا يد للدائن فيه، أو وجود مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي .
على أن مجرد العلاقة بين صاحب العمل والعامل لا تعتبر في ذاتها مانعاً أدبياً يحول بين العامل وبين الحصول على عقد مكتوب من صاحب العمل مادامت لا توجد ظروف خاصة من قرابة أو غيرها يمكن أن تكون مانعاً أدبياً .
إنما يعتبر مانعاً أدبياً من الحصول على العقد، أن تكون العادة قد جرت بعدم اللجوء إلى كتابة لإثباته .
وإذا لم توجد كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة، فلا يجوز إثبات عقد العمل بالإقرار أو اليمين .
وعقد العمل يعتبر من العقود التجارية تبعا لنظرية التبعية إذا كان صاحب العمل تاجراً وأبرم العقد لحاجات تجارته، وفي هذه الحالة يجوز للعامل إثبات العقد بالبينة والقرائن طبقاً لأحكام قانون التجارة مهما كانت قيمة العقد، أما صاحب العمل فلا يجوز له إثبات عقد العمل بطرق الإثبات التجارية لأن العقد بالنسبة للعامل يعتبر عقداً مدنياً .
وقواعد الإثبات في المواد المدنية مما لا يتعلق بالنظام العام، فلا تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب التمسك بها، ويجوز التنازل عنها صراحة أو ضمناً . ( راجع المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 536)(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن، الصفحة/ 551 )
من المشاكل العملية التي واجهت مكاتب العمل في ظل القانون 91/ 59 هي إثبات العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل حيث لا توجد عقود عمل مكتوبة، وقد استحدث المشرع هذا النص في القانون 137 لسنة 81 وبالتالي أكد عليه القانون الحالي، ومؤداه ضرورة إيداع نسخة من عقد العمل في مكتب التأمينات الاجتماعية المختص وإيداع هذه النسخة بهدف مراقبة تطبيق قانون التأمين الاجتماعى على العاملين، وكذلك لضمان إثبات العلاقة التعاقدية .
على أنه إذا كان المشرع قد أوجب في هذا النص على صاحب العمل ضرورة أن يكون عقد العمل بالكتابة فالكتابة هنا ليست شرطاً للانعقاد حيث إن عقد العمل من العقود الرضائية لا يتطلب القانون لانعقاده شكل خاص ولكن الكتابة هنا أوجبها القانون على صاحب العمل فقط هي للإثبات .
ويجوز للعامل إذا لم يكن العقد مكتوباً إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات المقررة قانوناً وهي (الكتابة / شهادة الشهود / الإقرار / اليمين الحاسمة / الخبرة وهي الواردة في القانون رقم 25 لسنة 1968 وتعديلاته بإصدار قانون الإثبات) فيجوز للعامل الاستناد إلى سجل الأجور وكشوف الأجور لإثبات أجره أو شهادة القيد بعد إعادتها لمكتب العمل بعد ملئ بياناتها أو بشهادة من مكتب التأمينات الاجتماعية تفيد وجود عقد للعامل مودع بالمكتب وبياناته الأساسية .
جزاء المخالفة :
نصت المادة (246) « يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حكم المادة (32) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائة جنيه، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود » وجدير بالذكر أن العقوبة في القانون الملغي كانت غرامة من خمسة جنيهات إلى عشرة جنيهات فقط وتتعدد بعدد أعمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة. (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 168)
النصوص المقابلة :
تقابل المادة (43) من قانون العمل الموحد الملغي رقم 91 لسنة 1959 كما تطابق إلى حد كبير نص المادة (30) من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981.
الكتابة شرط في عقد العمل وليست ركناً فيه :
نقل النص الجديد نفس الأحكام التي كان يتضمنها قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 في المادة (30 منه) وحسناً فعل بالنص على إلزام صاحب العمل بتحرير العقد من ثلاث نسخ بحيث تودع الثالثة بمكتب التأمينات الاجتماعية المختص. والكتابة لا تعتبر ركناً في انعقاد العقد رغم أن المشرع قال (يجب) وإنما هي شرط لإثباته، كما أن العقد إذا كان مكتوباً ولم ينص فيه على البيانات الواردة في المادة (32) في الفقرة الواردة من (أ) إلى (د) فإنه أيضاً ينعقد صحيحاً وتعتبر الكتابة شرطاً لإثبات هذه البيانات على الرغم من أن المشرع قال (يجب) أن يتضمن العقد على الأخص... إلخ ويلاحظ أن البيانات المشار إليها تشكل الحد الأدنى من البيانات الواجب تضمينها عقد العمل فهي واردة على سبيل المثال؛ بحيث يكون صحيحاً العقد الذي تدرج فيه بعض هذه البيانات فقط أو بيانات أخرى مضافاً إليها، والدليل على أن الكتابة ليست ركناً في العقد وإنما شرط إثباته وكذا الدليل على أن إغفال البيانات المنصوص عليها بالفقرات من (أ) إلى (د) بالعقد لا يبطله أن المشرع نص في الفقرة الأخيرة من المادة على أنه إذا لم يكن العقد مكتوباً جاز للعامل وحده إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات لأنه لو كان يقصد أن تكون الكتابة أو البيانات المذكورة ركناً في انعقاد العقد لما كان قد نص على هذه الفقرة الأخيرة ولكان يمكن أن يقال حينئذ ببطلان عقد العمل إذا لم يكن مكتوباً أو إذا لم يتضمن البيانات المشار إليها أما وإن المشرع أجاز للعامل وحده إثبات كافة حقوقه بمختلف طرق الإثبات المقررة قانوناً فهو ما يكشف عن رغبة المشرع في التسليم بإمكان وجود علاقات عمل شفوية أو عقود عمل مكتوبة أغفل فيها ذكر البيانات الواردة بالنص .
وطرق الإثبات المفردة قانوناً والتي يجوز بمقتضاها للعامل إثبات كافة حقوقه الناشئة عن العقد هي الكتابة والبينة (شهادة الشهود) والإقرار واليمين والخبرة وهي الواردة بالقانون رقم 25 لسنة 68 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية. وبناء على ما تقدم فإن العامل يستطيع إثبات أجره بالاستناد إلى سجل الأجور أو كشوف الأجور الموجودة بالمنشأة، وبشهادة قيده بمكتب القوى العاملة إذا أعاد صاحب العمل هذه الشهادة بعد ملء بياناتها، وبما هو ثابت بملف خدمة العامل. كما يستطيع إثبات حقوقه تجاه صاحب العمل بشهادة زملائه أو جيران صاحب العمل أو توجيه اليمين الحاسمة لصاحب العمل أو إقرار صاحب العمل لمكتب القوى العاملة بتشغيل العامل أو إقراره أمام مكتب العمل أو التأمينات الاجتماعية بأجر العامل حتى ولو كانت هذه الإقرارات منبتة الصلة بالنزاع بين العامل وصاحب العمل .
التزام صاحب العمل بإعطاء العامل إيصالاً بالأوراق والشهادات التي أودعها لديه :
ويلتزم صاحب العمل بإعطاء العامل إيصالاً بالأوراق والشهادات التي يكون قد أودعها لدى صاحب العمل عند تحرير العقد ولا يكفي في ذلك إثبات بيانات هذه الأوراق على ملف خدمة العامل أو إرفاقها به وإنما الالتزام بتحرير العقد المكتوب منفصل عن الالتزام بإعطاء العامل الإيصال المشار إليه والأوراق الخاصة بالعامل وشهادته وهي جميعاً تندرج تحت اسم «مسوغات التعيين» كذلك يلتزم صاحب العمل أن يبين في الإيصال ما تسلمه أيضاً من أدوات العمل الخاصة بالعامل كملابس العمل والأدوات المملوكة للعامل فهي تعتبر أمانة لدى صاحب العمل .
جزاء مخالفة هذه الالتزامات :
الجزاء : جزاء تشغيل العامل بعقد غير مكتوب أو تشغيله بعقد لا يتضمن الحد الأدنى من البيانات الواردة بالمادة هو جزاء مدني وآخر جنائي .
أما الجزاء المدني : فهو حرمان صاحب العمل من حق إثبات العقد فلا يجوز له إثبات حقوقه تجاه العامل بأي طريق من طرق الإثبات إذا لم يكن العقد مكتوباً .
أما الجزاء الجنائي : فهو عقاب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة بغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ولا تجاوز مائة جنيه وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة، وتضاعف الغرامة في حالة العود (م 246) .
ويعاقب صاحب العمل بذات العقوبة الجنائية إذا لم يسلم العامل إيصالاً بما يكون قد أودعه لديه من أوراق وشهادات وأدوات. ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 472 )
إثبات عقد العمل
- لما كان عقد العمل من العقود الرضائية فلا يلزم لانعقاده توافر أي شكل، وكان مؤدى ذلك أن إثبات عقد العمل يخضع للقواعد العامة في الإثبات، إلا أن المشرع رغبة منه في توفير حماية فعالة للعامل بتيسير إثبات حقوقه، وضع في قانون العمل قواعد خاصة تنطوي على قدر من الخروج على القواعد العامة في الإثبات .
ومن ثم فإنه في مجال إثبات عقد العمل، يجب التمييز بين إثبات عقد العمل الخاضع للقانون المدني فقط، وإثبات عقد العمل الخاضع لقانون العمل .
إثبات عقد العمل الخاضع للقانون المدني :
- تقضي القواعد العامة للإثبات بضرورة إثبات التصرف الذي تزيد قيمته على ألف جنيه بالكتابة، وعلى هذا لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة أو ما يقوم " مقامها إذا زاد الأجر المتفق عليه على ألف جنيه، أو إذا كان العقد غير محدد المدة حيث يعتبر العقد غير محدد القيمة .
ولا يخفى ما يثيره ذلك المبدأ من صعوبات، خصوصاً أن وضع حد أدنى للأجور جعل قيمة عقد العمل تزيد على ألف جنيه، ويؤدي ذلك إلى أن تصبح الكتابة أو ما يقوم مقامها الوسيلة التي يمكن بها إثبات العقد .
ولما كان حصول العامل على كتابة لإثبات العقد يتوقف عملاً على موافقة صاحب العمل، فإن عدم توافر الكتابة لدى العامل يهدد بضياع حقوقه، فرابطة الخضوع والتبعية اللصيقة بعقد العمل تمنع العامل من الحصول على دليل مهيأ لعقد العمل، ومن ثم فإن العامل أصبح ضحية لمبدأ الإثبات بالكتابة، وأصبح بالتالي تحت رحمة ضمیر صاحب العمل، وليس له من وسيلة تلزم صاحب العمل ؛ على تحرير عقد وقت التعاقد .
بل أن الإثبات بالكتابة يضير أحياناً صاحب العمل، فقد جرى العمل بالنسبة لخدم المنازل على عدم الحصول على مخالصة من الأجور التي يقبضونها، ومن ثم لن يملك الدليل الكتابي على ما دفع من مبالغ للعامل .
بالإضافة إلى أنه من الناحية العملية غالباً ما يتم إبرام الكثير من عقود العمل شفوياً دون سوء نية من أي من الطرفين لحظة التعاقد .
- وأمام هذه الصعوبات اضطر الفقه والقضاء المقارن إلى اللجوء إلى عدة وسائل بقصد التخفيف من غلو مبدأ الإثبات بالكتابة، ولقد تم التوصل إلى ذلك عن طريق التوسع في مفهوم الاستثناءات المقررة على قاعدة الإثبات بالكتابة، أي أحوال الإثبات بشهادة الشهود وكافة الطرق بصفة عامة .
يعتبر عقد العمل عادة من العقود المدنية، ولكن إذا كان صاحب العمل تاجراً يتعاقد مع العامل لأعراض وحاجات تجارته أو صناعته فإن العقد يعتبر تجارياً بالنسبة لصاحب العمل ومدنياً بالنسبة للعامل، ومن ثم يخضع إثبات العقد لنظام إثبات الأعمال المختلطة .
وعلى هذا فإذا كان المدعي هو العامل فإنه يجوز له إثبات ما يدعيه في مواجهة صاحب العمل بكافة الطرق، فحرية الإثبات هي القاعدة في إثبات، التصرفات التجارية، كما يجوز للعامل إثبات ما يخالف الكتابة بكافة الطرق، أما إذا كان صاحب العمل هو المدعي فإنه لا يستفيد من حرية الإثبات لأن العقد يعتبر مدنياً في مواجهة العامل ومن ثم يتقيد صاحب العمل بقواعد الإثبات في المسائل المدنية، فلا يجوز إثبات الوفاء بالأجر إلا بالكتابة متي زادت قيمته على ألف جنيه .
كما توسع الفقه والقضاء الفرنسي في فكرة المانع الأدبي من الحصول على الكتابة مما يؤدي بالتالي إلى إباحة الإثبات بكافة الطرق .
فمن ناحية العامل، فقد اعتبرت رابطة الخضوع والتبعية من قبيل المانع الأدبي من المطالبة بكتابة العقد، ولهذا جعل القضاء من عنصر التبعية وسيلة فعالة لحماية العامل بتيسير إثبات عقد العمل .
ومن ناحية صاحب العمل، فإن المانع الأدبي يتوافر في علاقة المخدوم بخادمه، فالكتابة تتضمن شكاً وعدم ثقة لا تستقيم في العلاقة بين السيد وخادمه، ومن ثم يجوز لصاحب العمل إثبات الوفاء بالأجر بكافة الطرق، كما قضى بأن العمل لم يجر في مجال العمال الزراعي على حصول العامل على مخالصة بما يدفعه من أجر، ومن ثم اعتبر هذا العمل من قبل المانع الأدبي .
وبصفة عامة، فقد اعتبر عدم جریان العمل المهني أو الحرفي على تحرير عقد أو كتابة مخالصة من قبيل المانع الأدبي الذي يتيح الإثبات بكافة الطرق .
ولجأ القضاء الفرنسي أيضاً إلى التساهل في استخلاص توافر بداية ثبوت بالكتابة حتى يسمح بتكملة الدليل باللجوء إلى كافة طرق الإثبات، فقد اعتبر بیان المستحقات الذي يمنحه صاحب العمل للعامل شهرياً من قبيل بداية الثبوت بالكتابة، وذهبت بعض الأحكام إلى اعتباره إقراراً يقوم مقام الكتابة في الإثبات .
وهكذا فقد تمكن القضاء والفقه في فرنسا من المواءمة بين المبادئ التقليدية القانون المدني وضرورات حماية العامل وظروف العلاقات العمالية بصفة عامة ولقد توصل إلى تخطي أحكام القانون المدني متوسلاً إلى ذلك بالمبادئ العامة في الإثبات، فالتوسع في الاستثناءات المدنية لقواعد الإثبات بالكتابة قلب قواعد الإثبات في قانون العمل، ومن هنا يبرر الطابع المميز للإثبات في مجال علاقات العمل بالرغم من خضوعها من حيث الأصل لقواعد القانون المدني حيث حررت قواعد الإثبات من قيود الإثبات المدني .
ولقد لعبت اتفاقات العمل الجماعية والقواعد الحرفية باعتبارها مصدر القانون العمل دوراً بإلزام أصحاب الأعمال بتمكين العامل من الحصول على دليل كتابي .
وأمام هذه التطورات نادي الفقه الفرنسي بضرورة وضع نص صريح في قانون العمل يستبعد قواعد الإثبات المدنية. لإثبات عقد العمل الخاضع لقانون العم وذلك بتمكين العامل من إثبات العقد بكافة الطرق .
وهذا يؤدي بنا على دراسة موقف قانون العمل في مصر من هذه استيعابه لتطور القانون المقارن .
إثبات عقد العمل الخاضع لقانون العمل :
- تنص المادة 32 من قانون العمل على ضرورة أن يكون عقد العمل ثابتاً بالكتابة، فإذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل وحده إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات .
وغنى عن البيان أن وجود عقد مكتوب يحدد حقوق والتزامات كل من الطرفين يعتبر من عوامل حماية العامل وتوفير الأمان له، كما أن ذلك يسهل مهمة الجهة الإدارية المشرفة على تطبيق قانون العمل .
ولهذا فقد استلزم المشرع كتابة عقد العمل، والكتابة للإثبات وليست للانعقاد. فالسماح للعامل بإثبات حقوقه بكافة الطرق يؤكد أن العقد ينعقد بدون الكتابة واشتراط الكتابة للإثبات فقط.
وتجب الكتابة لإثبات عقد العمل أياً كانت قيمته، فهذا النص يعتبر استثناءاً على القواعد العام .
.
ويبدو أن المشرع قد اعتبر توفير الدليل الكتابي من مسئولية صاحب العمل لأنه عاد وفرق بين إثبات صاحب العمل للعقد وإثبات العامل للعقد. فصاحب العمل لا يجوز له إثبات ما يدعيه من حقوق وما يفرضه العقد من التزامات على عاتق العامل إلا عن طريق الكتابة وما يقوم مقامها ومع مراعاة ما يرد من استثناءات طبقاً لقواعد الإثبات، أما العامل فيجوز له حالة عدم وجود العقد المكتوب، إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات .
وتبرر هذه التفرقة بأن صاحب العمل هو المسئول عن توفير الدليل الكتابي المهيأ والمتضمن لكافة شروط العقد، فصاحب العمل أقدر عند التعاقد، على الإحاطة بكافة ظروف العمل ومن ثم تحديد حقوق والتزامات العامل، كما أن العامل لا يملك وسيلة فعالة لاقتضاء الحصول على الكتابة نظراً لوجوده في تبعية صاحب العمل .
ولقد كان التطور الذي مر به القانون الفرنسي عند تطبيق القواعد العامة ما في الإثبات وما أدخله من تيسيرات للعامل في الإثبات الأثر الواضح في التفرقة في الإثبات بين العامل وصاحب العمل .
- ولكن حرية الإثبات بالنسبة للعامل مقيدة بعدم وجود دليل کتابی، فإذا وجد ذلك الدليل طبقت القواعد العامة التي تقضي بعدم إثبات ما يخالف أو يجاوز الكتابة إلا بالكتابة وذلك كله ما لم يكن العقد تجارياً بالنسبة لصاحب العمل حيث يمكن الإثبات بكافة الطرق، ولكن قد يعتبر نص قانون العمل استثناءاً على القواعد العامة .
أما إذا تمكن العامل من إثبات ما يدعيه عن غير الكتابة، فهل يجوز لصاحب العمل أن يثبت بكافة الطرق أيضاً أم يلزم أن يتم ذلك عن الكتابة؟
تقتضي القواعد العامة بأنه إذا أذنت المحكمة لأحد الخصوم بإثبات واقعة و بشهادة الشهود كان للخصم الآخر الحق في نفيها بهذا الطريق.
ولكننا نرى أن المادة 32 من قانون العمل قد أوردت استثناءاً على هذه القاعدة، فالمادة المذكورة صريحة في أنه يجوز للعامل وحده إثبات حقوقه بكافة طرق الإثبات، فالمشرع بعد أن اشترط الكتابة لإثبات عقد العمل، عاد وأورد قیداً على ذلك بالسماح للعامل وحده بإثبات حقوقه بكافة الطرق، ومن ثم فإن السماح بالإثبات بكافة الطرق قد ورد على سبيل الاستثناء ومن ثم لا يتوسع في تفسيره أي أن ما يريد أن يثبته صاحب العمل يكون بالرجوع إلى الأصل الوارد في المادة 32 أي بالكتابة .
والقول بغير ذلك يعني عملاً تفويت كل أهمية الاشتراط الكتابة للإثبات إذا ما كان العامل يدعى حقاً له، ويتوصل لإثباته بغير الكتابة، فما على صاحب العمل إلا أن ينكر كل حق للعامل، فإذا نجح العامل في الإثبات بالبينة وسمح لصاحب العمل نفي ذلك بنفس الطريق فإنه يتمكن من التهرب من اشتراط الكتابة للإثبات في عقد العمل .
فيجوز للعامل إثبات حقوقه بكافة الطرق مثل البينة والقرائن كما يجوز للمحكمة التحقق مما يدعيه العامل عن طريق التحقيق أو ندب خبير محاسبي إذا كان النزاع حول تقدير الأجر وعناصره ويسمح عادة للخبير بالإطلاع على حسابات صاحب العمل وملف العامل .
طبقاً للمادة 115 من قانون الإثبات لا يجوز التحليف على واقعة تكون جريمة جنائية ولما كان عدم تحرير عقد عمل أمر يشكل جريمة، فإنه لا يجوز توجيه اليمين الحاسمة لرب العمل على أنه لم يحرر عمل لعماله طالما أنها واقعة مخالفة للنظام العام .
وقضى كذلك بجواز إثبات علاقة العمل عن طريق الشهادة السماعية ويجوز للمحكمة أن تطمئن لأقوال الشهود من حيث طبيعة العمل ومدته والأجر اليومي المقرر .
- والتيسير الإثبات على العامل، في حالة عدم وجود عقد مكتوب، فإن المشرع قد ألزم صاحب العمل بأن ينشئ ملفاً لكل عامل يذكر فيه اسمه، ومهنته ودرجة مهارته ومحل إقامته وحالته الاجتماعية وتاريخ ابتداء خدمته وأجره وبيان ما يدخل عليه من تطورات والجزاءات التي وقعت عليه وبيان بما حصل عليه من أجازات وتاريخ انتهاء خدمته وأسباب ذلك، وعليه أن يودع في الملف محاضر التحقيق وتقارير رؤسائه عن عمله وأية أوراق أخرى تتعلق بخدمة العامل، وعليه أن يحتفظ بالملف المذكور لمدة سنة على الأقل لاحقة على تاريخ انتهاء علاقة العمل.
فوجود مثل هذا الملف لا يستهدف فقط تیسیر رقابة الجهة الإدارية المختصة برقابة تنفيذ قانون العمل، وإنما يستهدف أيضاً تيسير الإثبات على العامل بإلزام صاحب العمل بتقديم ملف العامل، بل ويحق للجهة الإدارية المختصة أن تطلع على الملف وتحيط المحكمة علماً بفحواه، فحق الإطلاع والرقابة يتفادى احتمال نفي صاحب العمل لوجود ملف خصوصاً إذا كان ينكر أصلاً وجود عقد عمل، ومن ثم فإن طلب تقديم الملف المحكمة لا يثور عادة إلا إذا كان النزاع متعلقاً بمضمون العقد وليس بوجوده أصلاً .
ونظراً لأن الملف يكون من إعداد صاحب العمل فيجب ألا يعتد به على إطلاقه ولا أمكن للشخص أن يقيم دليلاً لنفسه، وإنما يؤخذ به في الحدود التي تسمح باستخلاص دلیل ضد صاحب العمل فيعتبر حجة على صاحب العمل لأنه من إعداده، ولكن لا يعتبر حجة على العامل لأنه ليس من إعداده ولا يملك التحقق ولا رقابة على ما يحتويه ولهذا يجوز للعامل تجزئة ما يرد بالملف من بيانات .
- ولتوفير حماية قوية للعامل في مجال الوفاء بالأجر، فإن المادة 45 قررت أنه لا تبرأ ذمة صاحب العمل من أجر العامل إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور أو إيصال خاص معد لهذا الغرض على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر، ونكتفي هنا بإيضاح أن المشرع استلزم لإثبات الوفاء بالأجر تقديم دليل كتابي وذلك أياً كان الأجر الموفي به، ويعتبر ذلك مجرد تطبيق القاعدة إثبات صاحب العمل لما يدعيه عن طريق الكتابة أو ما يقوم مقامها .
- ولم يكتف المشرع بمجرد اشتراط الكتابة وإنما أوجب تحریر العقد باللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية للبلاد، ويكفل ذلك أيضاً حماية للعامل إذ أن الكتابة باللغة العربية تمكن العامل من الإحاطة بصورة كاملة وواضحة بحقوقه والتزاماته، ولكن ذلك لا يمنع من أن يحرر عقد العمل بلغة أجنبية بالإضافة إلى اللغة العربية، وفي حالة الخلاف فإن الأصل الذي يعتد به هو ذلك المحرر باللغة العربية .
وإذا كان العقد محرراً بلغة أجنبية فإن شرط الدليل الكتابي يتوافر من الناحية المدنية، ولكن يتعرض صاحب العمل الجزاء جنائي، فالكتابة تتوافر طبقاً للقواعد العامة من مجرد وجود كتابة موقعة بأي لغة كانت واشتراط اللغة العربية لا ينفي صفة الكتابة عن المحرر المكتوب بلغة أجنبية .
كما استلزم المشرع تحرير العقد من ثلاث نسخ لكل من الطرفين نسخة والثالثة لمكتب التأمينات الاجتماعية المختص، وبذلك فقد حرص المشرع على الربط بين قانون العمل وقانون التأمين الاجتماعي وذلك يسد حتى الباب أمام التهرب من الخضوع لقانون التأمين الاجتماعي وذلك عن طريق إيداع نسخة من كل عقد عمل لدى مكتب التأمينات الاجتماعية المختص، وعلى المكتب الأخير التحقق من مدى خضوع العامل لقانون التأمين الاجتماعي فالالتزام بالإيداع يقع على عاتق صاحب العمل بالنسبة لكل عقود العمل التي يبرمها دون أن يطالب بالتحقق من خضوع العامل لقانون التأمين الاجتماعي، ومن ثم فإن الالتزام بالإيداع يقوم بالنسبة لعقد العمل المبرم مع عامل أجنبي بالرغم من أنه قد لا تتوافر لديه شروط انطباق قانون التأمين الاجتماعي.
ويجب أن يتضمن العقد المكتوب على وجه الخصوص، اسم صاحب العمل وعنوان محل العمل، اسم العامل ومؤهله ومهنته ومحل إقامته وما يلزم لإثبات شخصيته، وطبيعة ونوع العمل محل التعاقد، والأجر المتفق عليه وطريقة وموعد أدائه، وكذلك سائر المزايا النقدية والعينية المتفق عليها، ويفيد هذا ببساط ضرورة كتابة كافة العناصر الأساسية لعقد العمل .
- وضماناً لإبرام صاحب العمل بتحرير العقد الكتابي، فقد نص القانون على عقاب صاحب العمل الذي يخالف حكم المادة 30 بغرامة جنائية تقل عن مائة جنيه، ولا تزيد على خمسمائة جنيه، وتتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة .
وبهذا فإن المشرع قد خرج عن قاعدة المساواة في العلاقات التعاقدية طبقاً للقانون المدني والتي تستوجب معاملة لكل من الطرفين على قدم المساواة، فالمشرع قد فرق بين العامل وصاحب العمل من حيث الإثبات وحمل صاحب العمل وحده عبء التقصير في عدم توافر الدليل الكتابي المهيأ، ، فطبيعة العلاقات العمالية من توافر علاقة الخضوع وحماية العامل باعتباره الطرف الضعيف استوجبت الخروج على هذه القواعد، ويتضح بذلك ومرة أخرى الخصائص المميزة لقانون العمل .
بطلان عقد العمل
- تقتصر دراستنا على خصائص نظرية بطلان عقد العمل بما يوضح مدى تميزها أو اتفاقها مع القواعد العامة للبطلان في القانون المدني.
ويندر في العمل اللجوء إلى طلب البطلان لأن قواعد إنهاء عقد العمل تمثل طريقاً میسراً سواء للعامل أو لصاحب العمل للتخلص من الرابطة العقدية، ولكن يتجه أحياناً صاحب العمل إلى طلب البطلان كمحاولة للتخلص من آثار الفصل التعسفي، ولا خلاف بين القانون المدني وقانون العمل في أسباب وأحكام البطلان وإنما النقطة الأساسية التي أثيرت تتعلق بأثار البطلان.
وندرس فيما يلي البطلان الجزئي للعقد، ثم بطلان العقد برمته .
أولاً: البطلان الجزئي أو الشرط الباطل:
- إذا كان العقد باطلاً أو قابلاً للإبطال في شق منه فقط فهذا الشق وحده هو الذي يبطل .
وإذا كان الشق الباطل يخالف قاعدة قانونية من قواعد قانون العمل، فإن هذه القاعدة تحل محل الشق الباطل وتصبح واجبة الأعمال في العقد، فيبطل الشرط بتحديد أجر أقل من الحد الأدنى، ويحل محله الحد الأدنى المقرر قانوناً ويبطل الشرط الذي يحرم العامل من حق يقرره قانون العمل مثل الإجازة الأسبوعية أو السنوية ويحل محله نصوص القانون وإحلال النص محل الشرط الباطل من صور التعديل الإيجابي للعقد لتفادي بطلانه، فهناك أولاً بطلان الشق المخالف القانون، ثم إحلال النص القانوني محله في العقد .
وإذا كان البطلان مقررا لمصلحة العامل لتعلقه بالنظام العام الحمائي فإن العامل وحده هو الذي يملك طلب بطلان الشرط المخالف للقانون ، وذلك على عكس البطلان المتعلق بالمصلحة العامة .
وطبقاً للقواعد العامة في القانون المدني يبطل العقد برمته إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً أو قابلاً للإبطال ولا تسري تلك القاعدة على إطلاقها في مجال عقد العمل، فإذا كان الشرط الباطل والذي ما كان ليتم العقد بدونه ينطوي على مخالفة لقاعدة من القواعد التي تستهدف حماية العامل، فإن الشرط فقط هو الذي يبطل ويظل العقد قائماً .
ثانياً : البطلان الكلي للعقد (آثار بطلان عقد العمل) :
- طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني يترتب على البطلان توقف العقد عن إنتاج أى أثر قانوني وعودة الأطراف إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد أي يزول العقد بأثر رجعي، ولا يفرق المشرع في ذلك بين العقود المستمرة والعقود الفورية على عكس ما قرره في مجال الفسخ.
فهل تسري آثار البطلان دون تعديل في حالة بطلان عقد العمل؟
ولبيان ذلك تعرض المسألتين، أثر البطلان على حق العامل في مقابل الأجر، مدى أحقية العامل في المطالبة بتعويض مهلة الإخطار عند إبطال العقد .
1- أثر البطلان على حق العامل في مقابل الأجر :
- يستحيل إعادة الحالة إلى ما كانت عليه لأن العامل إذا كان يمكنه أن يرد ما قبضه إلا أن صاحب العمل لا يمكنه أن يرد ما حصل عليه من عمل وجهد العامل، ولهذا لا يمكن إعمال الأثر الرجعي، ولا مناص من أعمال المادة 142 من القانون المدني والتي تجيز للقاضي أن يحكم بتعويض معادل، وبتطبيق ذلك على عقد العمل فإن العامل يستحق تعويضاً معادلاً لما بذله من جهد والذي يستحيل رده إليه أي أنه يستطيع المطالبة بتعويض عما بذله من جهد خلال الفترة السابقة على البطلان ويتم تحديد ذلك التعويض في ضوء الأجر الذي كان العقد يحدده للعامل، ولكن ذلك يتم على سبيل الاسترشاد لأن العقد باطل، فالأجر مجرد عنصر واقعى لتقدير قيمة تقدمة العامل، ولهذا يجوز أن يأخذ القاضي في اعتباره عناصر أخرى ولا يلزم أن يتطابق ما يقدره القاضي مع الأجر المتفق عليه في العقد .
من دول العالم والتعويض أمر جوازي للقاضي، ويرى الفقه أن العامل لا يستحق تعويضاً معادلاً إذا قام بعمل غير مشروع إذ لا قيمة لمثل هذا العمل في نظر القانون .
- واذا كان هذا الحل لا يثير خلافاً لأنه يستند إلى نص المادة 142 من القانون المدني إلا أن تأصيله قد أثار نقاشاً علمياً هاماً فهناك من يبرره بالاستناد إلى قواعد القانون المدني، وهناك يرى أن أفكار قانون العمل تقدم مبرراً رائعاً له .
2 - مدى أحقية العامل في المطالبة بتعويض مهلة الإخطار :
- إذا قضى ببطلان العقد فإن العقد ينقضي، ولكن هل يستحق العامل مهلة الإخطار، وهو أن يحصل عليها لأن العقد قد أبطل فعلاً، فهل يستحق تعويضاً بسبب عدم مراعاة ميعاد الإخطار.
يتنازع هذه المسألة اتجاهان : فذهب اتجاه مرجوح إلى رفض منح العامل مهلة الإخطار، فالعقد الباطل يتوقف فوراً عن ترتيب أي أثر وخصوصاً إذا كان البطلان متعلقاً بالنظام العام، وهناك تعارض بين البطلان والحق في مهلة الإخطار، فالمهلة تعني استمرار عقد العمل طوال فترة المهلة، والبطلان يضع حداً فورياً لعلاقة العمل، ومن ثم لا يمكن إلزام صاحب العمل بتعويض عدم مراعاة مهلة الإخطار .
أما الاتجاه الثاني فقد منح العامل مهلة الإخطار استناداً إلى عدة اعتبارات، مهلة الإخطار تستهدف إعطاء العامل فرصة للبحث عن عمل جديد، وهو يستحق ذلك أياً كان سبب فقده لعمله دون استبعاد فقد العمل بسبب البطلان، وإعفاء صاحب العمل من مهلة الإخطار يجعله في وضع أفضل مما لو استخدم عمالاً بصورة مشروعة، وأخيراً، وخصوصاً في مجال استخدام عمال أجانب دون الحصول على ترخيص وحيث يكون العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً، فإن صاحب العمل باستخدامه العامل الأجنبي يكون قد ارتكب خطأ يجعله منه مسئولاً مدنياً .
- وإذا كان البطلان يرجع إلى خطأ صاحب العمل، فإنه طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني، فإن العامل يحق له المطالبة بالتعويض عما أصابه من أضرار وذلك استناداً إلى قواعد المسئولية التقصيرية لأن الخطأ يكون بالضرورة سابقاً على لحظة انعقاد العقد، وغالباً ما تثور هذه المسألة بمناسبة تشغيل عامل على خلاف ما يقضى ....... القانون مثل تشغيل عامل أجنبي بدون ترخيص، واستخلاص وجود خطأ في جانب صاحب العمل مسألة واقع تختلف من حالة إلى أخرى، أما الضرر فهو متوافر إذ يتمثل في حرمان العامل من مصدر ويلاحظ أخيراً أن العامل يحق له الحصول على شهادة تثبت خدمته بالرغم من بطلان العقد . ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 375 )