loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة : 2009 )

عقد العمل الفردي : 

يأخذ المشروع في المواد ( 33 ، 32 ، 31 ) منه بذات الأحكام الواردة بالمواد 29 ، 30 ، 31 من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم لكونها تفي بالغرض منها ، وهي الأحكام المتعلقة بتعريف عقد العمل الفردي وقواعد إثباته والبيانات التي يجب أن يتضمنها وتحديد مدة وشروط عقد العمل تحت الاختبار . 

الأحكام

1- مؤدى نص المادتين 31 و 71 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أن حظر تعيين العامل تحت الإختبار أكثر من مرة لدى صاحب العمل منوط بوحدة العمل المتفق عليه ولصاحب العمل إنهاء العقد بشرط ثبوت عدم صلاحية العامل خلال فترة الإختبار ولا يعتبر إنهاء العقد في هذه الحالة جزاءً تأديبياً وإنما هو استعمال من صاحب العمل لسلطته في إنهاء عقد العمل تحت الإختبار ، ومن ثم لا يلزم لصحته عرض أمر العامل على اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادتين 62 ، 65 من القانون المشار إليه .

( الطعن رقم 15663 لسنة 76 ق - جلسة 2/ 8/ 2007 )

2- عقد التدريب لا يعتبر عقد عمل لأن الغرض الأساسى منه هو تعلم المهنة أو الصناعة ومن ثم لا تسرى في شأنه أحكام عقد العمل الفردى المنصوص عليه في الفصل الأول من الباب الثالث من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 ومنها ما ورد في المادة 31 السالفة الذكر .

( الطعن رقم 15663 لسنة 76 ق - جلسة 2/ 8/ 2007 )

3- إذ كانت الحكمة من وضع العامل تحت الإختبار هى استكشاف مدى صلاحيته لأداء العمل المُسند إليه من خلال ممارسته الفعلية لواجباته ومسئولياته ، وهو ما يتحقق إذا عُين العامل الذى كان يعمل بعقود عمل محددة المدة لدى نفس جهة العمل بوظيفة دائمة على نفس العمل أو عمل مُماثل له إذ يُعتبر تعيينه في هذه الحالة بمثابة ثبوت لصلاحيته لأداء العمل من خلال ممارسته له في فترة عمله المؤقت ، ومن ثم لا يجوز وضعه تحت الإختبار .

( الطعن رقم 5894 لسنة 75 ق - جلسة 5/ 2/ 2006 ) 

4- مفاد النص في المادتين 8 ، 16 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 والذى يحكم واقعة تعيين المطعون ضده بوظيفة أخصائى تجارى ثان يدل على أنه لا يجوز تعيين عامل بوظيفة لم يستوف شروط شغلها المحددة بجدول توصيف الوظائف والمرتبات الذى يضعه مجلس إدارة الشركة في حدود الجدول رقم (1) المرافق لهذا القانون ، وهى قاعدة آمره لا يجوز الإتفاق على مخالفتها وأن أى قرار يصدر بالمخالفة لأحكامها لا يعتد به ويجوز للشركة سحبه في أى وقت متى استبان لها خطؤه ومخالفته لما حدده من قبل جدول توصيف الوظائف من اشتراطات يجب توافرها فيمن يشغلها إذ ليس هناك حق مكتسب في هذه الحالة يمتنع عليها المساس به .

( الطعن رقم 2121 لسنة 72 ق - جلسة 21 / 12 / 2003 ) 

5 ـ مفاد النص في المواد 33 ، 69 ، 104 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أنه لا ‏يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل محدد المدة بعد انقضاء مدة الاختبار قبل انتهاء مدته إلا إذا ارتكب ‏العامل خطأً جسيماً من الأخطاء المشار إليها بالمادة 69 آنفة البيان . لما كان ذلك ، وكان الثابت مما ‏سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الطاعن التحق بالعمل لدى البنك المطعون ضده الأول بموجب عقد ‏عمل محدد المدة الفترة من 24 / 6/ 2007 وحتى 23 / 6 / 2008 فإن انهاء البنك لهذا للعقد في ‏‏31 / 12 / 2007 بعد مضى فتره الاختبار وقبل انقضاء مدة العقد في 23 / 6/ 2008 وبدون أن يبدى سبباً ‏لذلك يكون فصلاً تعسفياً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الطاعن بالتعويض ‏عن فصله عسفاً من العمل بمقولة إن العقد انتهى بانتهاء مدته وحصول الطاعن على مستحقاته ، فإنه ‏يكون فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .‏

( الطعن رقم 5103 لسنة 72 ق - جلسة 14 / 11 / 2018 ) 

6 ـ إذ أن لكل وظيفة تبعاتها ومسئولياتها فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التي تدخل فيها وغاياتها والمهارة المطلوبة فيها والخبرة اللازمة لها ومن أجل ذلك جاءت الحكمة من وضع العامل تحت الاختبار وذلك لاستكشاف مدى صلاحيته لأداء العمل المسند إليه من خلال ممارسته الفعلية لواجباته ومسئولياته وقد نصت المادة 33 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أن " تحدد مدة الاختبار في عقد العمل ولا يجوز تعيين العامل تحت الاختبار أكثر من مرة واحدة عند صاحب عمل واحد " . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده عين لدى الطاعنة بموجب عقد عمل مؤرخ 14 / 12 / 2013 بوظيفة " محاسب " لمدة سنه إلى أن تبين لها من خلال تقارير رؤسائه وخلال مدة الاختبار ( الثلاثة أشهر الأولى ) عدم صلاحيته للعمل فأصدرت بتاريخ 17 / 2 / 2014 قرارها بإنهاء خدمته لعدم صلاحيته للعمل ، فإن هذا الإنهاء يكون مبرراً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي في قضائه بالتعويض عن إنهاء عقد العمل فإنه يكون قد خالف القانون .

( الطعن رقم 11437 لسنة 87 ق - جلسة 3 / 7 / 2018 ) 

شرح خبراء القانون

فترة الإختبار هي فترة ضرورية لصاحب العمل للكشف عن صلاحية العامل من عدمه كما أنها ضرورية للعامل حيث من خلالها يستطيع التعرف على ظروف العمل ومدى تناسب الأجر ومدى ملاءمة العمل مع طبيعة الشخصية . 

وفترة الإختبار غير عقد التدرج أو التمرين ، فالعامل في العقد الأول يقوم بعمل تجاه صاحب العمل لقاء أجر أما في الثاني فالعامل يتعلم مهنة .

وفترة الإختبار في عقد العمل هي بمثابة عقد معلق على شرط قائم وهو إعلان من تقرر الشرط لمصلحته عن رغبته في إنهاء العقد قبل انتهاء فترة الإختبار ويترتب على ذلك اعتبار العلاقة التعاقدية منتهية أما عدم الإعلان عن الرغبة في الإنهاء يصبح العقد منعقداً من تاريخ إبرامه وليس من وقت إعلان الرغبة في الإستمرار . 

ومدة الإختبار يجب أن تحدد في العقد ولا تزيد عن ثلاثة شهور ، ولا يجوز تعيين العامل تحت الإختبار أكثر من مرة واحدة عند صاحب عمل واحد . 

جزاء المخالفة : 

مادة (241) «يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشاة بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا خالف أياً من أحكام المواد (33 إلى آخره) من هذا القانون والقرارات الوزارية، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت شأنهم الجريمة وتضاعف في حالة العود»، وجدير بالذكر أن العقوبة في القانون الملغي غرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على عشرة جنيهات وتعدد بعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 169 )

عدم الصلاحية أثناء فترة الاختبار : 

عقد العمل تحت الاختبار لا يجب أن تزيد مدته عن ثلاثة أشهر ولا يجوز تعيين عامل تحت الاختبار لأكثر من مرة عند صاحب العمل ، وقد نص القانون على أن ثبوت عدم الصلاحية أثناء فترة الإختبار تعتبر من الأسباب التي ينقضي بها العقد وعدم الصلاحية تعني عدم الصلاحية الفنية وكل ما يتطلبه العمل من توفر الثقة وحسن التعاون بين القائمين به . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 365 )

النصوص المقابلة :

تقابل المادة (44) من القانون 91/ 59 الملغي - كما تطابق تماماً المادة (31) من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981. 

ماهية عقد الاختبار وتكييفه : 

والاختبار معناه التجربة للتعرف عن كثب على كفاية العامل ولياقته وسلوكه ومدى توافقه مع نظام المنشأة. ولا يجوز الاتفاق ضمناً على شرط الاختبار لأن القانون أوجب أن تذكر هذه الفترة كتابة في العقد أو اللائحة أو الاتفاق الجماعي. ويرى البعض أن الاختبار إنما يتقرر لمصلحة صاحب العمل وحده وهو ما يتفق في نظرهم مع الواقع وما يجري عليه العمل فعلاً، بينما يرى البعض الآخر أنه مقرر لمصلحة الطرفين. والرأي الراجح في الفقه والقضاء سواء في فرنسا أو في مصر أن عقد العمل تحت الاختبار معلق على شرط فاسخ resolutoire وهو عدم رضاء أحد المتعاقدين عن نتيجة الاختبار. ويستقل صاحب العمل وحده بلا معقب عليه في تقديره لمدى صلاحية العامل أثناء فترة الاختبار . 

وفي إطار فكرة الشرط ذهب اتجاه حديث إلى أن شرط التجربة يعتبر من قبيل الشرط المنهي فإذا تحقق الشرط فإنه ينهي علاقة العمل دون أن يمحوها بأثر رجعي ولكن هذا الرأي منتقد لأن الشرط المنهي يؤدي إلى نفس نتائج الشرط الفاسخ، ويتجه الفقه المعاصر إلى الاستغناء عن اللجوء إلى فكرة الشرط لتكييف الطبيعة القانونية لعقد العمل تحت الاختبار، فمنذ البداية يبرم عقد عمل موحد وكل ما هنالك أنه يتضمن في بدايته مرحلة أولى وهي التجربة وبناء عليه فإن العقد ليس معلقاً على شرط واقف أو فاسخ بل هو عقد العمل بشرط التجربة .

 ولقد كان فصل العامل في فترة الاختبار جائزاً في ظل المادة (76/ 2) من القانون 91/ 59 الملغي إذ كانت الاختبار من الحالات التي يجوز فيها فسخ العقد بإرادة صاحب العمل رغم عدم وجود صلة بين قواعد وإجراءات التأديب أو الأخطاء الجسيمة التي يرتكبها العامل ونبرر فصله وبين هذه الحالة ولهذا فقد حذفت هذه الفقرة من المادة (61) من القانون الجديد (المقابلة للمادة 76 من القانون الملغي) فأصبح حكم انتهاء العقد في فترة الاختبار خاضعاً للقواعد العامة . 

النص في المادة 18 من القانون 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام الذي يحكم واقعة الدعوى على أن «يوضع العامل المعين لأول مرة تحت الاختبار لمدة لا تزيد على ستة أشهر من تاريخ تسليمه العمل وتقرر صلاحيته في خلال مدة الاختبار وفقاً للنظام الذي يقرره مجلس الإدارة» . 

يدل وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أن المشرع جعل من الاختبار نظاماً حتمياً وإجبارياً لكل عامل يعين في إحدى شركات القطاع العام وذلك لتمكين تلك الشركات من الحكم على كفاية العامل خلال فترة الاختبار سواء نص على الاختبار في عقد العمل أو قرار التعيين أو لم ينص فيهما على ذلك بحيث إذا تقررت صلاحيته خلال مدة الاختبار استقر في عمله وإذا لم تتقرر صلاحيته أنهى عقده وفقاً للنظام الذي يقرره مجلس الإدارة في هذا الخصوص ويجب أن يتضمن هذا النظام العناصر اللازمة للتعرف على هذه الصلاحية ومدى توافرها في العامل. 

( طعن رقم 1871 لسنة 59 ق - جلسة 15/ 5/ 1997 )

 العقوبة الجنائية : 

يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف أحكام المادة (33 سالفة الذكر) بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه وتتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 247) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة :  479 )

عقد العمل بشرط الاختبار :

عند إبرام عقد عمل قد يلجأ الأطراف إلى وضع شرط التجربة، ففي خلال مدة الاختبار يختبر صاحب العمل قدرة العامل ومهارته الفنية للتحقق من مدى صلاحيته للعمل لديه، كما أن العامل يتحقق من ظروف العمل ومدى ملاءمتها له، فإذا انقضت تلك المدة حدد كل طرف موقفه، أما بالاستمرار في علاقة العمل أو في إنهائها بشروط ميسرة . 

ويلاحظ البعض أنه وراء هذه الفكرة التبادلية للتجربة والتي يمكن تبريرها من خلال قنوات القانون المدني، يمكن أن نضيف أنها تعتبر مظهراً من مظاهر حرص رئيس المشروع على أن يباشر سلطة واسعة في اختيار عماله لتحقيق أفضل عائد للمشروع . 

ولا يجوز الخلط بين عقد العمل تحت الاختبار، والاختبار المهني الذي قد يجريه صاحب العمل قبل التعاقد أصلاً. ففي الحالة الأولى يوجد عقد ولكن يمكن إنهاؤه خلال فترة التجربة، أما في الحالة الثانية فلا يوجد عقد أصلاً . 

ويختلف عقد العمل تحت الاختبار عن عقد الوعد بالعمل، فالأول موضوعه العمل، أما الثاني فموضوعه الوعد بالتشغيل أو الوعد بالعمل . 

والذي يكون تحت الاختبار هو العامل وليس العمل نفسه، فلو أدخل صاحب العمل صناعة جديدة في البلاد فإن العمل هو الذي يكون تحت التجربة، ولا يعني بالضرورة أن جميع العمال يجب أن يكونوا تحت التجربة . 

ويجب التفرقة بين عقد العمل تحت الاختبار وعقد التدرج، ففي الأخير لا يكون العامل على دراية أو خبرة ويكون موضوع العقد تلقينه أصول المهنة أو الحرفة، أما في الأول فالفرض أن للعامل خبرة ودراية ولكن يرغب صاحب العمل في التأكد من هذه الخبرة وهذه الصلاحية العمل . 

وعقد العمل تحت الاختبار هو عقد عمل مكتمل الأركان .

وشرط الاختبار، قد يرد في عقد العمل بناء على شرط صريح، ويمكن أن يستخلص ضمناً من شروط العقد، ولكن يجب أن يثبت الشرط بطريقة لا تدع مجالاً للشك . 

وقد يستفاد شرط الاختبار مما يجري عليه العمل في الحرفة أو المهنة، ولكن حداثة الصناعة لا تفيد بذاتها شرط الاختبار، ويجوز أن يرد شرط الاختبار في عقد العمل الجماعي، ويجب أن يتقيد عقد العمل الفردي بشروط عقد العمل الجماعي. وشرط الاختبار قد يرد في عقد العمل محدد المدة أو العقد غير محدد المدة. 

ولما كان الأصل أن العقود تبرم فوراً وبصورة باتة، فإن شرط الاختبار يرد على خلاف الأصل، وعلى هذا فإن من يدعي أن العقد قد أبرم بشرط الاختبار يقع على عاتقه عبء الإثبات لأنه يدعى خلاف الأصل، وهو خلو العقد من شرط الاختبار .

ويقوم القاضي بتفسير شروط العقد للبحث عن النية الحقيقية للمتعاقدين، وفي حالة الغموض يجب تغليب عدم وجود شرط الاختبار لأن الأصل هو الارتباط النهائي والبات. 

أما وسيلة الإثبات فإنها تخضع للقواعد الخاصة بإثبات عقد العمل، حيث تختلف بحسب ما إذا كان عبء الإثبات يقع على العامل أو صاحب العمل كما سنرى . 

مدة الاختبار : 

- يتم تحديد المدة بحسب المصدر الذي استقى منه شرط الاختبار وغالباً ما يرد هذا الشرط في عقد العمل الفردي، ولهذا فإن العقد يحدد تلك المدة . 

وللأطراف حرية تحديد المدة، ولكن المشرع وضع حداً أقصى لمدة الاختبار وهو ثلاثة شهور. ولقد قصد المشرع بهذا الحد الأقصى حماية العامل من تحايل صاحب العمل الذي قد يتعمد إطالة مدة الاختبار لفترة أطول مما تستلزمه ضرورات اختبار قدرة العامل حتى يستفيد من تيسيرات إنهاء عقد العمل (مادة 33) .

ولهذا فإن مدة الأشهر الثلاثة تتعلق بالنظام العام، فإذا اتفق على مدة أكبر يظل الاتفاق فيما يتعلق بالزيادة وأنقصت المدة إلى ثلاثة أشهر . 

وإذا لم تستخدم رخصة الإنهاء عند انتهاء المدة المحددة قانوناً، فإن قوة عقد العمل تخضع للقواعد العامة دون الربط بينها وبين مدة الاختبار المتبقية والزائدة على الحد الأقصى . 

ويجوز الاتفاق على تحديد حد أدنى لمدة الاختبار بقصد تجنب الحكم السريع على قدرة العامل، ولا يجوز إنهاء العقد قبل انقضاء تلك المدة . 

ووضع المشرع قيداً آخر على مدة الاختبار وهو عدم جواز تعيين العامل تحت الاختبار لأكثر من مرة عند صاحب العمل الواحد، ويعني ذلك من جهة عدم جواز تجديد المدة حتى لو كانت المدة الأولى المتفق عليها تقل عن ثلاثة أشهر. كما لا يجوز من جهة أخرى إعادة تعيين العامل لدى صاحب العمل مع اشتراط مدة اختبار. وقد قصد المشرع من ذلك تفادي إنهاء صاحب العمل للعقد خلال فترة التجربة وإبرام عقد جديد بشرط التجربة تهرباً من أحكام إنهاء عقد العمل، وإذا حدث ذلك فإن العقد الجديد يعتبر في الواقع عقد عمل خلال من الشرط، ولكن هل يكون محدد المدة بمدة التجربة المتفق عليها والتي أبطلت أم يكون عقد غير محدد المدة؟ 

الراجح أن يكون العقد غير محدد المدة لأنه يتفق مع قصد صاحب العمل الذي لجأ إلى تجديد المدة تحايلاً على أحكام إنهاء العقد غير محدد المدة . 

وحظر تجديد مدة الاختبار قاصر على صاحب العمل الواحد ولا يسرى إذا كان العامل قد تعاقد مع صاحب عمل آخر . 

ويذهب الفقه إلى أن الحظر منوط بوحدة العمل الذي استخدم العامل لأدائه. أما إذا فشلت التجربة بصدد عمل معين فلا مانع من الاتفاق على شرط التجربة للقيام بعمل جديد يعرضه صاحب العمل، ولكن يجب أن يكون العمل الجديد مختلفاً عن العمل الأول بما ينفي قصد التحايل على حكم القانون. ويتميز هذا الرأي بأنه يفتح للعامل مجال الحصول على عمل آخر لدى صاحب العمل، وهذا ما قضت به محكمة النقض . 

- ولقد وضعت محكمة النقض قیداً هاماً على وضع العامل تحت الاختبار، فقد قضت بأن الحكمة من وضع العامل تحت الاختبار هي استكشاف مدى صلاحيته لأداء العمل المسند إليه من خلال ممارسته الفعلية لواجباته ومسئولياته.وهذا يتحقق إذا كان العامل قد عين بعقد لمدة معينة ثم بعد انتهاء مدة العقد قام صاحب العمل بتعيينه بعقد غير محدد المدة على نفس العمل أو عمل مماثل له، إذا يعتبر تعيينه في هذه الحالة بمثابة ثبوت صلاحيته لأداء العمل من خلال ممارسة له في فترة عمله المؤقت، ومن ثم لا يجوز وضعه تحت الاختبار. 

- ولما كان القصد من مدة الاختبار الكشف عن مهارة العامل وقدراته الفنية، فإن المدة تبدأ من وقت مباشرة العامل لعمله الفني محل الاختبار بحيث لا تحتسب المدة اللازمة لاتخاذ إجراءات السفر، فالعبرة بتاريخ تسلم العمل فعلاً وليس بتاريخ التعاقد . 

ويقف سريان المدة خلال فترة مرض العامل، أو غلق المنشأة بحيث تمتد مدة التجربة بقدر فترة العمل .

أما إذا استدعى العامل للتجنيد خلال فترة الاختبار فإن المادة 43 من القانون رقم 127 لسنة 1980 بشأن الخدمة العسكرية تنص على أن فترة الاختبار تعتبر قد قضيت بنجاح، وكان المنطق يقتضي مجرد وقف سريان مدة الاختبار . 

وإذا اتفق على شرط الاختبار مع عدم تحديد مدة، فيذهب جانب من الفقه إلى بطلان شرط الاختبار لعدم تعیین محله وقام العقد خالياً منه. ويذهب جانب آخر إلى أن الشرط يكون صحيحاً وتعتبر فترة الاختبار ثلاثة أشهر أي المدة القصوى المحددة قانوناً، فتحديد مدة الاختبار ليس ركناً لانعقاد العقد ولا شرطاً لإثباته، وكل ما قصده المشرع منه التنبيه إلى وجوب التأكد من اتجاه نية المتعاقدين إلى إبرام عقد عمل بشرط الاختبار. ونرى أن تحديد المدة يكون قابلاً للتعيين بالرجوع إلى المادة 33 من قانون العمل . 

التكييف القانوني لعقد العمل بشرط الاختبار : 

ذهب اتجاه قديم في الفقه الفرنسي، إلى أن عقد العمل بشرط الاختبار يعتبر عقداً تمهيدياً لعقد العمل، فهو عقد مستقل عن عقد العمل نفسه، شأنه شأن الوعد بالتعاقد، فلا يبرم العقد إلا إذا اجتاز العامل التجربة، فهو بمثابة عقد تمهيدي أو مؤقت يسبق إبرام العقد النهائي .

ولقد انتقد هذا الاتجاه على أساس أن الأطراف يبرمون عقداً واحداً تتحدد كافة شروطه منذ إبرامه وتترتب آثاره، فلا يوجد هناك عقد تجربة بالنسبة لعمل معين، ثم عمل، بل يوجد عقد عمل به شرط للتجربة، وهذا ما يميز العقد بشرط التجربة عن الاختبار الذي يجرى قبل التعاقد لاتخاذ قرار حول إبرام العقد من عدمه .

فعقد العمل بشرط الاختبار عقد واحد فقط، ولكن هذا العقد يقترن بوصف اختلف الفقه حول تحديده .

- فذهب اتجاه إلى اعتبار عقد العمل تحت الاختبار، عقد معلق على شرط واقف، فعقد العمل لا يبرم إلا إذا أجتاز العامل فترة الاختبار بنجاح، وذلك أسوة بما قرره المشرع في المادة 421/ 2 مدني من اعتبار عقد البيع بشرط التجربة معلقاً على شرط واقف وهو قبول المبيع، وبناء عليه فإن عقد العمل لا يبرم إلا في حالة الرضاء عن التجربة . 

وقد انتقد هذا الاتجاه على أساس أنه لا يجوز قياس تجربة الشخص على تجربة الأشياء . 

كما أن الالتزام المعلق على شرط واقف لا يكون نافذاً إلا إذا تحقق الشرط، أما قبل تحققه فلا يكون الالتزام قابلاً للتنفيذ القهری ولا للتنفيذ الاختياري. أما في عقد العمل بشرط التجربة فإن التزامات الأطراف تكون نافذة منذ إبرام العقد شأنه في ذلك شأن أي عقد عمل لا يتضمن شرط التجربة، وتبدو عدم دقة هذا الرأي إذا لم يتحقق الشرط الواقف بعلم اجتياز التجربة، حيث ينتفي كل أساس لما تم تنفيذه من التزامات .

واتجه الفقه والقضاء في فرنسا إلى اعتبار عقد العمل بشرط التجربة عقداً معلقاً على شرط فاسخ وهو عدم الرضاء عن التجربة. فالعقد يوجد وينفذ منذ إبرامه بالرغم من وجود شرط التجربة، ولكنه يزول إذا تحقق الشرط الفاسخ .

ويقدم هذا التكييف عدة مزايا نجملها فيما يلى : 

لما كان العقد يوجد وينفذ فوراً فإن العامل يستفيد من كافة الحقوق، ومن الحماية الاجتماعية التي يكفلها له القانون، مثل الحد الأدنى للأجر، والأجازات والتأمين الاجتماعي، كما يستفيد من كافة الحقوق النقابية التي يتمتع بها العامل، ويعامل بصفة عامة معاملة أي عامل ارتبط بعقد عمل نهائي لا يتضمن شرط التجربة . 

وإذا انتهت التجربة برضاء الأطراف فإن العقد يستمر في الوجود بقوة القانون، ولا تكون هناك أية حاجة لإبرام عقد جديد ويعتبر ارتباط العامل بعقد العمل منذ إبرامه ومن ثم يستفيد من الحقوق المرتبطة بالأقدمية منذ تلك اللحظة وليس منذ انتهاء فترة التجربة، وتحتسب مواعيد استحقاق العلاوة الدورية السنوية من تاريخ إبرام العقد وليس من تاريخ انتهاء التجربة بنجاح . 

وإذا انتهت فترة التجربة بعدم الرضاء فإن العقد يزول بالنسبة للمستقبل فقط دون مساس بالماضي، فنظراً لأن عقد العمل من عقود المدة فإن زوال العقد يكون من وقت تحقق الشرط الفاسخ، ومن ثم فإن الشرط الفاسخ يضمن حقوق العامل في الفترة من إبرام العقد وحتى زواله بتحقق الشرط ولكن يؤخذ على هذا التأصيل أنه إذا كان الشرط الفاسخ يجرد من أثره الرجعي، فما هي لجدوى الحقيقية من اللجوء إليه . 

وفي إطار فكرة الشرط ذهب اتجاه حديث إلى أن شرط التجربة في حالة عدم نجاح التجربة يعتبر من قبيل الشرط المنهى فإذا تحقق الشرط فإنه ينهي علاقة العمل دون أن يمحوها بأثر رجعي. ويتميز هذا الشرط بأنه شرط إرادي لا يختلط بالإنهاء من جانب صاحب العمل أو الاستقالة من جانب العامل. فالإنهاء لا يتم بموجب الإرادة المنفردة لأحد المتعاقدين وإنما إعمالاً لشرط عقدي منهى وهو عدم النجاح في التجربة. فهذا الشرط هو الذي يبرر أن صاحب العمل ينهي العقد دون التقيد بقواعد الإنهاء بالإرادة المنفردة من إخطار وغير ذلك. والطابع الإرادي الشرط المنهي يتيح لصاحب العمل أن يقدر بحرية إمكانات وقدرات العامل على أن يكون الإنهاء مبنياً على ما أسفرت عنه التجربة . 

- ولقد تعرض هذا الاتجاه بدوره إلى نقد من جانب الفقه، فهو يقوم بادىء ذي بدء على وصف الشرط بأنه شرط منهی، والقواعد العامة في القانون المدني لا تعرف فكرة الشرط المنهي، والشرط إما أن تكون فاسخاً أو واقفاً. يضاف لذلك أنه في مفهوم هذا الاتجاه يؤدي الشرط المنهي إلى نفس نتائج الشرط الفاسخ، ومن ثم لا فارق بينهما. فالعقد لا يزول بأثر رجعي، والشرط المنهي يقدم تفسيراً للإنهاء بدون إخطار، ولكن عدم الإخطار ليس من جوهر فترة التجربة فيجوز الاتفاق على الإخطار قبل الإنهاء في فترة التجربة. كما أن الإنهاء بدون تعويض يرجع أن الطابع الشخصي البحت لتقدير التجربة بحيث لا يحل القاضي محل صاحب العمل، ولا محل لتأصيله بالرجوع إلى كيفية أعمال الإنهاء . 

وينتهي الفقه المعاصر إلى أن مشكلة التكييف القانوني لفترة الاختبار مشكلة واهية وتثير نقاشاً عقيماً . 

- ويتجه الفقه المعاصر إلى الاستغناء عن اللجوء إلى فكرة الشرط لتكييف الطبيعة القانونية لعقد العمل بشرط الاختبار . 

فمنذ البداية يبرم عقد عمل موحد، وكل ما هنالك أن يتضمن في بدايته مرحلة أولى وهي التجربة. وعلاقات العمل بصفة عامة تتطور تدريجيا بحيث تمر من الضعف إلى القوة بنمو واستمرار عقد العمل أي مع الزمن، ويتميز عقد العمل بشرط التجربة أنه يبدأ هشاً، بمعنى أن الإنهاء يكون أكثر يسرا منه بعد انتهاء فترة التجربة، ولا يوجد أدنى اختلاف، من حيث الطبيعة بين إنهاء العقد خلال فترة التجربة أو بعدها قد تختلف الشروط والإجراءات ولكن الطبيعة القانونية واحدة، فالاختلاف في الدرجة وليس في الطبيعة . 

وإذا انتهت التجربة بنجاح فإن العقد يقوى عوده بمرور الزمن ويزداد صلابة، وهذا في حد ذاته ليس إلا إعمالاً لفكرة أن أقدمية العامل تؤدى إلى تحسن وضعه بصورة تدريجية. فمرور الزمن يؤدي إلى كفالة استقرار العامل، وزيادة حقوقه. فالأجر يزداد مع الأقدمية ولو عن طريق العلاوات الدورية، كما تزداد مدة الأجازة السنوية بزيادة سنوات الخدمة. وفي إطار هذه الفكرة فإن العقد الذي بدأ هش من حيث شروط الإنهاء يزداد صلابة بانتهاء التجربة حيث يخضع الإنهاء لضوابط وشروط أشد . 

وبناء عليه فلا حاجة إلى اللجوء إلى فكرة الشرط، فالعقد ليس معلقاً على شرط واقف أو فاسخ، بل هو عقد بات ونافذ منذ إبرامه ولكن شأنه شأن عقد العمل بصفة عامة يمر بمراحل من الضعف إلى القوة. وهذه المرحلية ليس من شأنها أن تؤثر في الطبيعة القانونية العقد، وهذا التطور والنمو التدريجي للعقد قد ينعكس في نطاق الأجر أو الأجازة أو شروط الإنهاء.

ولهذا يفضل الفقه استخدام اصطلاح عقد العمل بشرط التجربة في بدايته، بدلاً من عقد العمل تحت الاختبار أو التجربة، فلا يوجد عقد تحت الاختبار متميز عن العقد النهائي، بل أن العقد نفسه يتضمن بين بنوده تحديد مدة الاختبار . 

وهذا الاتجاه يتميز بأنه يؤدى إلى تدعيم عقد العمل منذ بدايته . 

- فالمسألة لا تتعلق بأوصاف الالتزام الناشئة عن العقد وإنما بقوة ومدى هذه الالتزامات . 

ففي خلال فترة التجربة يحق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة، وهو نفس الحق المقرر بالنسبة للعقد غير محدد المدة أي في الفترة التالية لانتهاء التجربة. فالإنهاء من نفس الطبيعة في الفترتين، والخلاف يكمن في شروط الإنهاء، فهي ميسرة في فترة التجربة وتخضع لقيود أشد بعد تلك المدة . 

ففي خلال فترة التجربة تغلب اعتبارات حرية الإنهاء على ضرورات استقرار العمالة، أما بعد انتهاء تلك الفترة فإن الأرجحية تكون للاعتبارات الأخيرة . 

ولا يختلف الأمر إذا كان العقد محدد المدة، فيجوز أن يتكون عقد العمل من مراحل مختلفة تطبق في كل مرحلة قواعد خاصة بالإنهاء. ففي خلال فترة التجربة يجوز الإنهاء بالإرادة المنفردة، أما بعد ذلك تطبق أحكام العقد محدد المدة . 

فالإنهاء بالإرادة المنفردة خلال فترة التجربة لا يتعارض مع كون العقد محدد المدة .

فعقد العمل المتضمن لشرط التجربة في البداية عقد موحد وملزم منذ البداية، وكل ما هناك أنه خلال فترة التجربة يمارس حق الإنهاء بحرية أما بعد تلك الفترة فإن الإنهاء يخضع لقواعد أشد . 

وندرس قواعد إنهاء العقد بشرط التجربة . 

أحكام إنهاء عقد العمل بشرط التجربة :

- كانت المادة 71/ 5 من قانون العمل الملغى رقم 136 لسنة 1981 تنص على انقضاء علاقة العمل عند ثبوت عدم الصلاحية خلال فترة الاختبار . 

وكانت المادة 76 / 2 من قانون العمل الذي سبقه تنص على أنه يجوز لصاحب العمل فسخ العقد دون سبق إعلان العمل ودون مكافأة أو تعويض إذا كان العامل معيناً تحت شرط الاختبار . 

ولم يرد في قانون العمل الحالي رقم 12 لسنة 2003 أي نص بهذا الشأن، ولهذا يخضع إنهاء العقد للقواعد الواردة في القانون بشأن انقضاء عقد العمل . 

- ويثور التساؤل عما إذا كان القانون الحالي يخضع إنهاء عقد العمل بشرط الاختبار لنفس القواعد العامة في إنهاء العقد، أم أنه مازال يتميز بأحكام خاصة في هذا الصدد . 

ذهب رأى في الفقه إلى أن حكم انتهاء العقد في فترة الاختبار أصبح خاضعاً للقواعد العامة . 

 والقواعد العامة في الإنهاء تستوجب من جهة إنذار العامل أي منحه مهلة الإنذار، وأن يكون الإنهاء بسبب مشروع، وفي حالة التعسف في الإنهاء يلتزم صاحب العمل بتعويض العامل . 

من المستقر أن الإنهاء خلال فترة التجربة لا يجب أن يكون مسبوقاً بأخطار، ويمكن تبرير ذلك بأن الاتفاق على شرط التجربة يعني توقع الإنهاء في أي وقت خلال فترة التجربة مما يغني عن مهلة الإخطار حيث ينتفى عنصر المفاجأة، ولكن يجوز الاتفاق على ضرورة مراعاة مهلة الإخطار بمدة ضئيلة ، فعدم الإخطار ليس من جوهر الإنهاء خلال فترة التجربة، كما أن شرط الاختبار قد يرد في العقد غير محدد المدة وإنما للعقد تحت الاختبار قواعده الخاصة . 

وإذا تم الإنهاء خلال فترة لتجربة بسبب ثبوت عدم صلاحية العامل فإن الإنهاء يتم بمبرر ومن ثم لا محل لإلزام صاحب العمل بالتعويض، فالتعويض لا يكون مقابل الإنهاء في حد ذاته وإنما عوضاً عن التعسف في الإنهاء، ويذهب غالبية الفقه إلى أنه إذا كان صاحب العمل هو الذي أنهى العقد فإنه لا يلزم بأخطار العامل مقدماً بهذا الإنهاء، وأن يستند الإنهاء إلى عدم صلاحية العامل، والصلاحية لا تقتصر على الكفاية الفنية فحسب بل تشمل كذلك حسن الخلق وتوافر الثقة والتعاون بين جميع القائمين بالعمل .

- والأصل أن شرط الاختبار يتقرر لمصلحة كل من العامل وصاحب العمل، ولكن يجوز الاتفاق على أن كون الشرط لمصلحة أحدهما فقط ويكون ذلك غالباً صاحب العمل . 

أما إذا لم يحدد العقد من تقرر الشرط لمصلحته فالأصل أنه مقرر لمصلحة كل من الطرفين ومن ثم يحق لأي منهما أن يطلب إنهاء العقد .

ونرى أن شرط التجربة في عقد العمل هو بمثابة شرط عقدي يخول صاحب العمل الحق في إنهاء العقد إذا كانت التجربة غير ناجحة، فهو من الشروط الاتفاقية التي تجيز نقض العقد، فالإنهاء لا يتم بموجب نصوص قانون العمل بشأن العقد غير محدد المدة، وإنما يكون الإنهاء في حالة فشل التجربة بناء على الشرط العقدي بالتجربة، ولكن مقياس الفشل في التجربة يكون من خلال ضوابط عدم الكفاءة .

والإنهاء في حالة عدم النجاح في التجربة يستفاد ضمناً من مجرد اشتراط التجربة وتحديد مدة لها، فعند نهاية مدة التجربة لابد من التقييم والقرار، فإن كان العامل غير كفء تحقق الشرط الاتفاقي بالإنهاء . 

ويجوز للعامل أن يستقيل أى يطلب إنهاء العقد .

مدى خضوع إنهاء العقد للرقابة القضائية : 

إذا كان يحق لصاحب العمل أن ينهي العقد عند ثبوت عدم صلاحية العامل، فإن التساؤل يثور عن مدى خضوع الإنهاء للرقابة القضائية .

- مر القضاء الفرنسي بتطور هام، ومن المفيد استعراض هذا التطور حتى يتضح لنا موقف المشرع المصري، خصوصاً وأن المشرع لم يضع نصاً بشأن أحكام إنهاء العقد على خلاف ما جرى في قوانين العمل المصرية السابقة كالمادة 71 / هـ من القانون رقم 137 لسنة 1981 .

ذهب القضاء الفرنسي، في باديء الأمر، إلى أنه يحق لصاحب العمل أن ينهي العقد بشرط التجربة، لأي سبب يراه وسواء كان الأسباب فنية أو غيرها ودون أن يكون العامل اللجوء إلى فكرة التعسف في الإنهاء، ولهذا قضى بمشروعية إنهاء العقد بسبب معاداة العامل للحكومة القائمة، ولا يؤثر في ذلك أن يكون الإنهاء راجعاً إلى أسباب لا تتعلق بنتيجة التجربة ولا تتصل بالكفاءة الفنية .

فمن تقررت التجربة لمصلحته يحق له إنهاء العقد في أي لحظة ولأي سبب يبرأه حتى ولو لم يتعلق بنتيجة التجربة، فرخصة الإنهاء تكون مطلقة وغير خاضعة للرقابة القضائية، فالغرض الرئيسي من شرط التجربة لا يتحقق إلا بإمكانية إنهاء العقد في أي لحظة ولأي سبب طالما أن مدة التجربة لم تنته . 

- ولكن القضاء الفرنسي لم يستمر في هذا الاتجاه . 

فقد استقر على أن حرية الإنهاء ليست مطلقة من كل ضابط، فقرار صاحب العمل لابد وأن يكون بالنظر إلى نتائج التجربة، ومن ثم فإن الإنهاء لسبب منقطع الصلة بنتائج التجربة ولا تسمح التجربة في حد ذاتها بمعرفته يؤدي إلى اعتبار الإنهاء من قبيل الفصل أو الإنهاء طبقاً للقواعد العامة .

وبناء عليه يجب التفرقة بين الإنهاء لأسباب تتصل بالصلاحية للعمل والكفاءة الفنية، والإنهاء لأسباب غير حرية . 

فإنهاء العقد بشرط التجربة لأسباب تتصل بالصلاحية للعمل لا يخضع للرقابة القضائية، وتفسير ذلك أن صاحب العمل يستقل وحده دون غيره بتقدير هذه الأمور، وهو وحده الذي يملك تقدير مدى توافر الكفاءة اللازمة خلال فترة التجربة، وتجد هذه السلطة أساسها في سلطة صاحب العمل في إدارة منشآته وتنظيمها، وسلطة صاحب العمل في هذا المجال سلطة تقديرية له لا يجوز للقاضي أن يحل محله فيها، وإذا كان القضاء قد اعتبر الإنهاء مشروعاً إذا تبين لصاحب العمل عدم كفاية العامل، على أساس أن ذلك يدخل في سلطته التنظيمية التي يستقل بممارستها، وأن الرقابة القضائية تقتصر على مجرد التحقق من جدية المبرر، فإنه يجب من باب أولى أن تكون لصاحب العمل سلطة تقديرية مطلقة في تقدير مدى كفاية العامل خلال فترة التجربة ومن ثم إنهاء العقد، فإذا كان من الصعب وصف الإنهاء بالتعسف إذا كان بسبب عدم الكفاءة الفنية بعد انقضاء فترة التجربة، فإنه يجب إلا يوصف بالتعسف ممن باب أولى وعلى الإطلاق إذا كان خلال فترة التجربة، شريطة أن يكون الإنهاء فعلاً بسبب عدم الكفاءة وليس لسبب آخر .

- ويجب أن نفهم الكفاءة الفنية على أنها عدم الصلاحية بصفة عامة للعمل، فيجب أن يدخل في الاعتبار مدى تعاون العامل مع زملائه، فلو كان العامل دائب الشجار مع زملائه أو رؤسائه أو غير منتظم في مواعيده منتحلاً العديد من الأعذار فإن الصلاحية لا تتوافر فالسلوك والأخلاق والطباع التعاون تعتبر من الأمور التي تتصل مباشرة بالصلاحية للعمل، ولقد أخذ القضاء المصرى بهذا الاتجاه في أحكامه . 

وبعبارة أخرى فإن الكفاءة أو الصلاحية للعمل تنقسم إلى صلاحية فنية أو حرفية، وصلاحية إنسانية وتزداد أهمية العنصر الأخير كلما كانت الوظيفة التي يشغلها العامل على قدر من الأهمية في السلم الوظيفي حيث يجب التأكد من توافر مناخ من الثقة في العلاقة بين العامل وصاحب العمل، ولهذا فإن تقدير الصلاحية الإنسانية يقوم على أسس شخصية عكس الكفاءة الفنية التي تقوم بمعيار موضوعي، ويحتاج تقدير الصلاحية الفنية إلى وقت أقصر مما يستلزمه تقدير الصلاحية الإنسانية . 

وبناء عليه فقد وضع القضاء الضوابط التي تخفف أو تحد إلى حد ما من السلطة التقديرية المطلقة لصاحب العمل . 

- ولقد بدأ القضاء الفرنسي باعتبار الإنهاء في فترة التجربة تعسفياً إذا كان صاحب العمل قد ارتكب خطأ بمناسبة الإنهاء، وهذا الخطأ قد ينشأ من توافر نية الإضرار أو من مجرد الرعونة التي تخلو من اللوم، مثل إنهاء العقد قبل أن يبدأ العامل في ممارسة العمل، فشرط التجربة يوجب على صاحب العمل أن يخضع العامل للاختبار باعتباره التزاماً عليه، ثم أوضح القضاء أن الإنهاء في فترة التجربة يجب أن يكون راجعاً إلى نتيجة التجربة وتنفيذ العمل، فإن كان الإنهاء لسبب يتعلق ويتصل بتنفيذ العمل وكفاءة العامل فإن الإنهاء يكون مشروعاً، أما إذا كان السبب منقطع الصلة بالعمل فإنه يرجع إلى القواعد العامة في الإنهاء لتحديد ما إذا كان الإنهاء تعسفياً أم لا، فإن كان كل إنهاء بسبب عدم الصلاحية للعمل يعتبر مشروعاً ولا يخضع أصلاً للرقابة القضائية، إلا أن كل إنهاء لا يتصل بالصلاحية للعمل لا يعتبر بالضرورة تعسفياً، فإعمال القواعد العامة في الإنهاء قد يؤدي إلى عدم اعتباره تعسفياً كما لو كان الإنهاء راجعاً إلى غلق المنشأة أو تخفيض حجم العمالة المواجهة ظروف اقتصادية يمر بها المشروع . 

ولهذا فإن كان الفصل لغير سبب متصل بتنفيذ العمل فيجب الاعتبار الإنهاء تعسفياً استظهار نية الإضرار لدى صاحب العمل، أو رعونته الملومة، ومن ثم فقد قضى باعتبار الإنهاء تعسفياً إذا ما كان راجعاً إلى طب العاملة لإجازة بدون مرتب لمدة قصيرة لاعتزامها الزواج، أو إذا كان بسبب استدعاء العامل لقضاء فترة في الجيش ، فالإنهاء منقطع الصلة بالتجربة ونتائجها، ويعتبر تعسفياً الإنهاء الذي يرجع لانضمام العمل إلى نقابة عمالية أو النشاط نقابي قام به العامل . 

- إذا انقضت مدة الاختبار بنجاح، فإن العقد يستمر في ترتيب كافة آثاره. فالعقد ابرم بسيطاَ غير موصوف منذ البداية، وبانقضاء فترة التجربة بنجاح فإن العقد يستمر في النفاذ، فأقدمية العامل واستحقاقه للعلاوات الدورية تحتسب منذ إبرام العقد وليس من وقت انتهاء التجربة . 

ويترتب على انقضاء فترة التجربة بنجاح أن إنهاء العقد يخضع بعد ذلك القواعد العامة في الإنهاء، فإن كان العقد غير محدد المدة يخضع الإنهاء للإخطار السابق وغير ذلك من قيود الإنهاء، وإن كان محدد المدة فإنه لا ينقضي إلا بانتهاء مدته .

- وإذا انقضت فترة الاختبار بثبوت صلاحية العامل وعدم قيام صاحب العمل بإنهاء العقد، فقد ثار التساؤل عن أثر ذلك على قيام صاحب العمل، بإنهاء العقد بسبب عدم الصلاحية وعدم الكفاية المهنية بعد مرور فترة وجيزة على اجتياز فترة الاختبار بنجاح . 

استقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على أنه من حيث المبدأ يعتبر صاحب العمل المسئول عن حسن سير العمل في منشآته وهو يستقل بتقدير الكفاءة الفنية للعامل ولا يؤثر أو يمس ذلك سبق تقريره لصلاحية العامل فنياً في نهاية فترة الاختبار . 

ولكن يحق للقضاء، بعد انتهاء فترة الاختبار، أن يراقب مدى صحة الأسباب التي يدعيها صاحب العمل، فاجتياز فترة الاختبار بنجاح لا يعني بصورة تلقائية ضرورة اعتبار الإنهاء تعسفياً إذا ما تم خلال فترة وجيزة من انقضاء فترة الاختبار، ولكن هذه المسألة تؤخذ في الاعتبار مع غيرها للتعرف على مدى مشروعية الإنهاء وقيامه على سبب مشروع وحقيقي، فالصلاحية الفنية يمكن أن تتدرج، والقدر الكافي لاجتياز فترة الاختبار لا يعني كفايته لصلاحية العامل طوال حياته المهنية أو الحرفية، فعدم تطور كفاءة العامل يعني عدم كفايته في فترة لاحقة، ولا يمنع من جهة أخرى أن ينبئ الإنهاء لعدم الكفاية في فترة وجيزة بعد اجتياز فترة الاختبار عن سوء نية صاحب العمل ما يضفي طابع التعسف على الإنهاء، ولكن لا يجوز الإنهاء بسبب أخطاء مهنية ارتكبت خلال فترة التجربة . 

- ولما كان قانون العمل قد اعتبر من الأسباب المشروعة لإنهاء العقد عدم كفاية العامل فقد خلا القانون من تنظيم خاص لإنهاء العقد تحت التجربة اكتفاء بأن عدم كفاية العامل تعتبر سبباً مشروعاً للإنهاء، ومن ثم يتم تقدير مشروعية الإنهاء في فترة التجربة في ضوء ما سبق بيانه بشأن تقدير كفاءة العامل، على أن يؤخذ في الاعتبار أن العامل تحت الاختبار، وتكون بالتالي سلطة صاحب العمل في تقدير مدى الكفاءة والصلاحية أكثر اتساعاً منها بعد انتهاء فترة التجربة، فإن كان الإنهاء يخضع للقواعد العامة، إلا أن ذلك لا يعني إغفال أن تقييم العامل ومدی مشروعية الإنهاء لابد وأن يكون بالنظر إلى أن ذلك يتم في فترة التجربة وليس بعدها، مع مراعاة أن يكون الإنهاء متصلاً بنتائج التجربة ومدی صلاحيته وكفاءة العامل في العمل وفي علاقاته بزملائه، ولا محل كذلك لمهلة الإخطار . 

ويصدر الإنهاء من صاحب العمل وليس من القضاء لأنه ليس فصلاً تأديبياً بل استعمال من صاحب العمل لسلطته في إنهاء عقد العمل تحت الاختيار . ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 354 )