loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

                ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )

الأجور

من أهم ما يستحدثه المشروع في المادة (34) منه إنشاء مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط يضم أعضاء بحكم وظائفهم أو خبراتهم وأعضاء يمثلون كلاً من منظمات أصحاب الأعمال والعمال بالتساوي يصدر بتشكيله قرار من رئيس مجلس الوزراء يبين نظام سير العمل بالمجلس واختصاصاته وعلى الأخص تقرير الحد الأدنى للأجور وبيان الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار ، وقد روعي في الأحكام الواردة بهذه المادة أن يرأس المجلس وزير التخطيط للدلالة على البعد الاقتصادي لعنصر الأجر في علاقات العمل . 

وفي هذا الصدد فإن عبارة "المستوى القومي لا تمنع المجلس المشار إليه من تحديد حد أدنى یزید عن الحد العام المقرر ، وذلك في بعض المناطق والأنشطة التي قد یری المجلس ضرورة تمييزها في هذا الخصوص .

واتساقاً مع اتفاقيات العمل الدولية يورد المشروع عبارة (نفقات المعيشة) للدلالة على الحد الأدنى اللازم لمعيشة العامل وأسرته وتتحدد بها احتياجاته المعيشية الأساسية.وهي نفس العبارة ونفس الهدف الذي يرمي إليه حكم المادة (44) الخاصة بحالات الحجز والنزول والاستقطاع من الأجر . 

واتساقاً مع أحكام الدستور ومراعاة لاتفاقيات العمل الدولية ، تورد المادة (35) حكمًا عاماً متعلقاً بالمساواة في الأجور في المنشأة الواحدة - عند تماثل الأعمال دون ما تفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة . 

وقد أوردت المادة (36) قواعد تحديد الأجر وفقاً لعقد العمل الفردي أو اتفاق العمل الجماعي أو لائحة المنشأة ، فإذا لم يحدد الأجر بأي من هذه الطرق ، فلا يترتب على ذلك بطلان العقد وفقاً للقواعد العامة ، وإنما يحدد الأجر في هذه الحالة طبقاً لعرف المهنة في الجهة التي يؤدي فيها العمل فإذا لم يوجد عرف تولت اللجنة المشار إليها في المادة (71) تقدير الأجر وفقاً لمقتضيات العدالة ودون إخلال بحكم المادة (35) . 

وتستحدث المادة (37) حكماً يقضي بألا يقل مايحصل عليه العامل بالإنتاج أو بالعمولة عن الحد الأدنى للأجور بشرط أداء نفس ساعات العمل المقررة للعامل الذي يتحدد أجره بالوحدة الزمنية . 

ويبين المشروع في المادة (39) كيفية حساب متوسط الأجر اليومي لعمال الإنتاج أو الذين يتقاضون أجوراً ثابتة مضافاً إليها عمولة أو نسبة مئوية وذلك على أساس متوسط ما تقاضاه العامل عن أيام العمل الفعلية في السنة الأخيرة أو عن المادة التي اشتغلها إن قلت عن ذلك مقسوماً على عدد أيام العمل الفعلية عن ذات الفترة . 

ويأخذ المشروع بذات الأحكام الواردة في القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم بالنسبة لقواعد أداء الأجر بالعملة المتداولة قانوناً ومكان وزمان الوفاء به وحساب متوسط الأجر اليومي لعمال الإنتاج وأحكام نقل العامل من المشاهرة إلى المياومة وحضور العامل إلى مقر عمله دون أن يتمكن من أداء العمل سواء لسبب يرجع الصاحب العمل أو لأسباب قهرية خارجة عن إرادة هذا الأخير ، وعدم جواز اقتضاء العامل جزء من أجره عيناً مما ينتجه صاحب العمل من سلع أو خدمات .

 وفيما يتعلق بأحكام الاستقطاع والحجز والنزول عن أجر العامل يحرص المشروع على التوفيق بين العديد من المصالح الجديرة بالرعاية ومنها ما يتعلق بدين النفقة والنسبة من أجر العامل التي يجوز الحجز عليها وفاء لها طبقاً لما يقرره قانون المرافعات المدنية والتجارية ومصلحة العامل في تنظيم شئونه المالية ومواجهة نفقاته المعيشية وما قد يضطر إليه من التنازل عن جزء من أجره شهرية للحصول على حاجاته الضرورية (بالتقسيط). وكذلك مصلحة صاحب العمل في استقطاع جزء من أجر العامل سواء للوفاء بقيمة ما أتلفه العامل من أدوات أو مهمات أو ما وقع عليه من جزاءات أو لرد ما اقتضاه بغير وجه حق ، تحقيقاً للردع العام والإنضباط داخل المنشأة . 

وفي ظل هذه الأهداف نصت المادة (44) على القواعد التالية :

1- عدم إجازة الإستقطاع أو الحجز أو النزول عن الأجر المستحق للعامل لأداء أي دين إلا في حدود 50٪ من هذا الأجر .

2- تقديم دين النفقة عند التزاحم ، يليه ما قد يكون مطلوباً لصاحب العمل بسبب ما أتلفه العامل من أدوات أو مهمات أو استرداداً لما صرف إليه بغير وجه حق ، أو ما وقع عليه من جزاءات . 

  • ويشترط لصحة النزول عن الأجر أن تصدر به موافقة مكتوبة من العامل .

3- احتساب النسبة المشار إليها في البند (1) بعد استقطاع ضريبة الدخل على الأجر ، وقيمة المبالغ المستحقة وفقاً لقوانين التأمين الإجتماعي ، وما يكون صاحب العمل قد أقرضه للعامل في حدود النسبة المنصوص عليها في المادة (43) . 

الأحكام

وهذا النص من النصوص المستحدثة يأتي إعمالاً لأحكام الاتفاقية الدولية رقم 100 المادة الأولى - فقرة (ب) والصادرة عن منظمة العمل الدولية بشأن مساواة العمال والعاملات في الأجر عن عمل ذا قيمة متساوية . 

جزاء المخالفة : 

وفقاً لحكم المادة 247 غرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه، وتتعدد بعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة وتضاعف الغرامة في حالة العود . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 177 )

 النصوص المقابلة : 

هذا النص مستحدث وليس له شبيه بتشريعات العمل السابقة وهو نص في رأينا غير عملي وغير مجدي وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون أن المشرع استقى هذا المبدأ العام من أحكام الدستور المصري واتفاقيات العمل الدولية والعربية وإن كان قد أسقط عدم التفرقة بسبب العرق نظراً لأن مصر لا تعرف هذه الصورة من صور التمييز . 

والاتفاقيات الدولية التي استقى منها هذا النص أحكامه في اتفاقية العمل الدولية رقم 100 الصادرة في 29 / 6/ 1951 والتي صدقت عليها مصر في 26/ 7/ 1960  .ويقصد بالمساواة في هذه الاتفاقية تساوي الأجور بين العمال والرجال والعاملات النساء عند قيامهم بعمل متساو . 

وكذلك اتفاقية العمل الدولية رقم 111 الصادرة بتاريخ 25/ 6/ 1958 والتي صدقت عليها مصر في 10/ 5/ 1960. 

ولا تعتبر تفرقة أي تمييز أو استثناء أو تفضيل مبني على أساس مقتضيات وطبيعة الوظيفة ويشمل لفظ وظيفة أو مهنة التدريب المهني والالتحاق بالوظائف والمهن وشروط الاستخدام وظروفه . 

 شرح وتعليق : 

في ضوء الأحكام سالفة الذكر فإنه لا ينبغي أن يؤخذ حظر التمييز في الأجور بصورة مطلقة تحد من سلطات رب العمل في تنظيم منشآته لأن التباين في الأجور مسألة ضرورية تمليها ظروف وطبيعة العمل وتحكمها عناصر أخرى كسن العامل وخبرته ودرجة إجادته للعمل وغير ذلك فكل ما يشترطه النص ألا يكون هذا التمييز سببه اختلاف الجنس (ذكر أو أنثي) أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، فلا تثريب على صاحب العمل إذا أقام نوعاً من التفرقة في أجور بين عمالة تبعاً لاختلاف نوع عملهم وطبيعته وظروفه وطريقة أدائه لأن من حقه أن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها ولا يصح في هذا المجال التحدي بقاعدة المساواة بين العاملين للخروج على هذا المبدأ، فالمناط في إعمال مبدأ المساواة هو منع التفرقة التحكيمية بين عمال صاحب العمل حيث لا يمكن أن تسلب التسوية المقصود حق صاحب العمل في تنظيم منشأته وتنظيم العمل وتصنيف الوظائف بها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحته . 

ويعاقب صاحب العمل أو من يمثله في المنشأة إذا خالف حكم المادة (35 سالفة الذكر) بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه . 

وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 247) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 493 )

مبدأ المساواة بين العمال في الأجر :

- بالرغم من أن تحديد الأجر يتم بحسب الأصل بالاتفاق بين الطرفين، إلا أن القضاء المصري قد وضع قيداً هاماً على هذا المبدأ . 

استقر قضاء محكمة النقض على وضع ما يسمى بقاعدة المساواة في الأجر بين العمال الذين يتساوون في ظروف العمل لدى رب العمل الواحد، وأوضحت المحكمة أن أساس هذه القاعدة لا يكمن في نص بعينه من نصوص قانون العمل، بل تفرضها قواعد العدالة التي تستوجب إعمالها إذا ما جنح رب العمل إلى التفرقة بين عماله في شأن أي حق من حقوقهم بغير مبرر، وقد قنن المشرع ذلك المبدأ في المادة 35 من قانون العمل . 

ولقد وجدت أهم تطبيقات فكر المساواة في المادة 79 من قانون العمل والتي تقرر أنه إذا عهد صاحب العمل إلى آخر بتأدية عمل من أعماله أو جزء منها وكان ذلك في منطقة واحدة وجب على هذا الأخير أن يسوي بين عماله وعمال صاحب العمل الأصلي في جميع الحقوق ويكون هذا الأخير متضامناً في ذلك . 

فهذه المادة تمنع التفرقة التحكيمية بين عمال صاحب العمل، بحيث لا تكون المساواة واجبة بينهم إلا عند التساوي في الظروف ، فلا محل للتساوي عند الاختلاف في ظروف التعيين والعمل المسند إلى العامل طالب المساواة والمقارنة به . 

ولقد استخلصت المحكمة من هذا مبدأ هاماً وهو المساواة بين عمال صاحب العمل الواحد، فلا داعي لقصره على علاقات صاحب العمل من الباطن، فالعدالة تستوجب تعميم مبدأ المساواة. 

ولقد أوضحت المحكمة أن المساواة تتعلق بالعمال الذين يعملون لدى رب عمل واحد، فالتساوي في الظروف والاختلاف في أصحاب الأعمال لا يبرر المساواة فلكل صاحب عمل ظروفه الاقتصادية المختلفة، ولهذا فإن المساواة بين العمال لدى صاحب العمل الواحد يبررها أنه أمام التساوى في ظروف صاحب العمل فإنه لا مبرر للتفرقة في المعاملة بين العمال .

- ولكن المحكمة أضافت أن هذا المبدأ ليس مطلقاً، فمن حق صاحب العمل أن يفرق وأن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها . 

وأساس التمييز يكمن في سلطة صاحب العمل المطلقة في إدارة منشآته وتنظيم العمل بها وتصنيف الوظائف فيها على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحته، ولا وجه للحد من سلطته في هذا الخصوص مادامت ممارستها مجردة عن قصد الإساءة لعماله، وكان له أن يميز لاعتبارات يراها . 

فقاعدة المساواة تكون في حدود سلطة صاحب العمل في إدارة المنشأة، فلا يصح أن يستند إلى قاعدة المساواة بما يسلب حق صاحب العمل في تنظيم منشآته، فلصاحب العمل سلطة التقدير في أن يميز في الأجور بين عماله وفق ما يراه من اعتبارات لصالح العمل وحسن الإنتاج استناداً إلى ما له من حرية في تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان المناسب له، فإن كان صاحب العمل لا يلزم بوضع لائحة تنظيمية بمنشآته لترتيب الوظائف والدرجات ومنح الترقيات والعلاوات، فإنه يملك أن يقدر بنفسه الظروف والكفاءة المختلفة للعمل بما يحقق صالح المنشأة . 

والتمييز بين العمال يحدث أما عند إبرام العقد بالاتفاق على أجر مختلف عما يتقاضاه باقي العمال، وأما بعد إبرام العقد بالتفرقة في العلاوات والترقيات . 

وعلى هذا فمن المشروع التفرقة بين العمال متى اختلفوا في القدرة والكفاءة أو متى وجدت اعتبارات تبرر ذلك، وليست العبرة بالتمييز بين طوائف العمال وبيان أوجهه ولكن بتوافر مبرراته ودواعيه أو عدم توافره، فالتمييز يرتبط بوضع كل عامل على حده وما يبرره .

وقضى بأنه لا تثريب على صاحب العمل إذا رفض تعميم مجانية صرف المياه لجميع مستخدميه بحجة أنه وإن كانت مجانية المياه نوعاً من الأجر تختص به الشركة من يقيم من مستخدميها في دائرة التزامها، إلا أن اعتبارها كذلك لا يقتضى إلزام الشركة بتعميم هذه المجانية إلى غيرهم ممن لا يقيمون داخل هذه الدائرة لأن من سلطة صاحب العمل أن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها، وقد أبدت الشركة الظروف المبررة لقصر المجانية على طوائف موظفيها الذين يقيمون داخل منطقة التزامها دون غيرهم ممن يقيمون خارج هذه المنطقة، فالمساواة لا تكون إلا بين من تتوافر فيهم نفس الشروط ولظروف اللازمة لشغل الوظيفة . 

- وأوضحت المحكمة أنه لا تجوز المساواة فيما يناهض أحكام القانون فلا مجال لإعمال مبدأ المساواة، مادام أن إعماله يترتب عليه مخالفة أحكام القانون واجب تطبيقه، فلا يجوز للعمال طلب أجازة يوم بأجر للمواظبة إذا كان ذلك قد تقرر بموجب لائحة لا تسرى إلا على طائفة منهم، فطلب المساواة ينطوى حينئذ على مخالفة للقانون، وكذلك إذا تقررت حقوق وأجور استثنائية البعض العمال فإن هذا الاستثناء لا يصلح سنداً لطلب المساواة، وإثبات عدم المساواة في الأجر بين العمال يعتبر مسألة موضوعية لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض .

- والمساواة تشمل جميع عمال صاحب العمل الواحد دون تفرقة بينهم بحسب الجنس، فطبقاً للمادة 88 من قانون العمل، تسري على النساء العاملات جميع النصوص المنظمة لتشغيل العمال دون تمييز في العمل الواحد بينهم متى تماثلت أوضاع عملهم .

والمساواة بين العامل والعاملة في كافة الحقوق من المبادئ العامة المتعلقة بالنظام العام، وكل مخالفة لذلك تستتبع توقيع جزاء جنائي . 

فتجب المساواة في كافة علاقات العمل، فالأنوثة لا يجب أن تكون في حد ذاتها مبرراً للانتقاص من حقوق المرأة العاملة، فلا يجوز أن يتمتع الرجل بسبب جنسه بمزايا وحقوق لا تتمتع بها المرأة، ولكن تلك المساواة لا تعني تحمل المرأة بنفس التزامات وأعباء الرجل دون مراعاة لأنوثتها، فالأنوثة لا يصح أن تكون سبباً لإنقاص حقوق المرأة، ولكنها تبرر تمتعها بمزايا لا يحصل عليها الرجل . 

- ومن مظاهر المساواة، المساواة في الأجر وفقاً لمبدأ عمل متساو، أجر متساو، المساواة في الأجر وكافة ملحقاته، وتلك المساواة لا تسري فقط في حالة العمل المختلط المتماثل بل تشمل أيضاً الأعمال ذات المركز المتساوي حتى لو كان لا يشغلها إلا النساء أو الرجال فقط، وإذا عينت امرأة في مركز كان يشغله رجل فإنها يجب أن تتقاضى نفس ما كان يتقاضاه الرجل، فيجب تحديد الأجر وفقاً لقواعد موحدة للجنسين، وأن تكون قواعد توصيف وتقييم العمل واحدة للجنسين فلا تجب المساواة إلا في حالة التماثل التام في العمل أو القيام بعمل نظير في كافة النواحي، ويبطل كل شرط يفرق في الأجر بين الرجل والمرأة، ويظل العقد قائماً وتستحق العاملة الأجر الأعلى بقوة القانون . 

وتلك المساواة تحقق مصلحة الرجل لأن منح المرأة أجراً أقل يضعف من فرص حصوله على عمل، وتسفر تلك المساواة عن تمييز المرأة إذ أنها لا تلزم قانوناً بالإنفاق على الأسرة أو بالمساهمة في تلك النفقات ويقع ذلك على عاتق الرجل وحده . 

وتمتد المساواة إلى تكافؤ الفرص في الحصول على عمل، وفي ساعات العمل وأوقات الراحة دون إخلال بما يتقرر من مزايا خاصة للمرأة العاملة، وتجب المساواة في مجال سن التقاعد . 

- ولكن لا يجب إهدار مبدأ الحرية التعاقدية، فلا يجوز إجبار صاحب العمل على التعاقد مع امرأة بدلاً من رجل، ويكون اختياره بمنأى عن المسئولية ما لم يبرره بالتفرقة بين الجنسين، فلا يجوز أن يكون الحمل سبباً لرفض صاحب العمل تشغيل المرأة، ولا يجوز رفض تشغيلها بحجة أن لديها أطفالاً مما يرجح كثرة غيابها عن العمل، أو أن العمل يستلزم أن يكون الشخص ذا شخصية قوية ولا يتوافر ذلك إلا في رجل، ولكن يجوز رفض تشغيل المرأة بحجة أن العمل المطلوب يستلزم قوة جسمانية لا تتوافر في المتقدمة لصغر سنها. ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 181 )

شرح خبراء القانون

ملحوظة :صدر القانون رقم 148 لسنة 2019 قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 / 8 / 2019 .

- يصدر رئيس مجلس الوزراء خلال ستين يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قراراً بتشكيل المجلس القومي للأجور برئاسة وزير التخطيط، ويضم أعضاء بحكم وظائفهم أو خبراتهم وأعضاء يمثلون منظمات أصحاب الأعمال وعدد مساو لهم من ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، مع مراعاة أن يكون بقية أعضاء المجلس مساو لممثلي أصحاب الأعمال والعمال . 

- يحدد القرار الصادر نظام سير العمل بالمجلس واختصاصاته، ومن بينها : 

1- تحديد الحد الأدنى للأجر على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة (من  مأكل/ مسكن / صحة / تعليم) وهو الحد الأدنى الذي يمثل حد الدفاع الاجتماعي . 

2- بیان الوسائل التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار . 

3- وضع حد أدنى للعلاوة الدورية بما لا يقل عن 7% سنوياً من الأجر الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية .

تعليق : 

وكان النص الوارد في مشروع الحكومة المقدم لمجلس الشورى والشعب خالياً من اختصاص المجلس بتقرير حد أدنى للعلاوة الدورية كما كان متضمناً فقرة أخيرة «تلزم رئيس مجلس الوزراء بإصدار قرار بالحد الأدنى للأجور على أن يعاد النظر فيه كل ثلاث  سنوات ، وقد حذفت هذه الفقرة من المادة المشار إليها ولم يتضمن النص أي إلزام على المجلس المشار إليه بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجر على فترات زمنية محددة سواء کل - سنتين -کما اقترح مجلس الشورى - أو ثلاث سنوات - كما كانت الحكومة قد حددتها في مشروعها .

 

ونظراً لتشكيله الثلاثي (حكومة/ عمال/ أصحاب أعمال) ترك المشروع المقترح من قبل اللجنة للمجلس حرية تحديد العلاوات السنوية بما يكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار، فإذا بمجلس الشورى ولجنة القوى العاملة بمجلس الشعب تقيد سلطة المجلس بأن العلاوة الدورية لا تقل عن 7% من الأجر الأساسي، واستند هذا التعديل على نص المادة الثالثة (إصدار) وهي بمثابة نص انتقالي، وذلك حتى يصدر المجلس الأعلى للأجور قراراته، حيث خشي بألا يصدر قرار تشكيل المجلس - کما حدث بالنسبة للمجلس الاستشاري الأعلى للعمل الذي كان المفروض أن يصدر قرار تشكيله وفقاً لأحكام القانون 137 لسنة 1981م ولم يصدر منذ صدور القانون حتى تاريخ إلغاؤه، مما كان سيترتب عليه حرمان العمال من آلية تحديد العلاوات. ومن هنا كان هذا النص الانتقالي المؤقت في مواد الإصدار . 

ومن ثم فإن تقييد المجلس الأعلى للأجور بهذه النسبة أمر خاطئ وخطير ، حيث إن المقصود بالعلاوة رفع الأجور لتواكب الأسعار، ومن هنا كانت الفقرة الواردة في النص من إعطاء المجلس سلطة مطلقة في تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار.. ومن ثم إذا كان التضخم 3% نكون قد حملنا أصحاب الأعمال نسبة أعلى من التضخم وهي زيادة غير مبررة. وهذا يعد صورة من صور اختلال التوازن . 

کما لم يتضمن النص المعروض الجهة التي ستصدر قراراً بتحديد الحد الأدنى للأجر وفقاً لما انتهى إليه المجلس القومي للأجور حتى يمكن نشره في الجريدة الرسمية والعمل به من اليوم التالي لنشره ويكون ملزماً لكافة المنشآت . 

ولم يتضمن القانون أي جزاء على مخالفة قرارات هذا المجلس فهل قراراته استشارية أم ملزمة ؟ وماذا لو لم يلتزم أصحاب الأعمال بها ؟ ما هو جزاء المخالفة؟ 

ومما يزيد الأمر غرابة أن النص المعروض أباح لأصحاب الأعمال الغير قادرين على دفع العلاوة الدورية السنوية لظروف اقتصادية أن يلجئوا إلى المجلس القومي للأجور، ولم يوضح النص آلية تنفيذ ذلك وخاصة من أصحاب المشروعات الصغيرة.. فهل المجلس أصبح جهازاً إدارياً لتلقي شكاوى أصحاب الأعمال وهو بحكم اختصاصه غير مؤهل لذلك.. وعليه فإن الآمال التي كانت معقودة على تشكيل هذا المجلس وفقاً للصياغة التي كانت مقدمة من اللجنة الفنية لإعداد المشروع قد تبخرت تماماً وفقاً للنص المعروض ولا تعدوا قراراته إلا أن تكون استشارية طالما لم يفوض رئيس مجلس الوزراء بإصدار قرار تنفيذي بها يكون واجب النفاذ ومعمول به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية . 

والغريب في الأمر أنه بالرغم من أهمية دور هذا المجلس وخاصة في تحديد الحد الأدنى للأجر - وهو الذي يمثل حد الدفاع الاجتماعي في المجتمع - والذي يكفي الفرد من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وصحة ومسكن، وإزاء التصاعد المستمر في الأسعار وازدياد حدة الاضطرابات العمالية للمطالبة بزيادة الأجور قد انعقد هذا المجلس فقط يوم 18/ 2/ 2008 ليوصى برفع الحد الأدنى للأجر للعامل بدون مؤهل إلى 250 جنيهاً والمؤهلات المتوسطة 275 جنيهاً والمؤهلات العليا 300 جنيه !! فهل ذلك الحد الذي أوصى به المجلس كافياً لحماية السلام الاجتماعي ؟!!  ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 175 ) 

هذا النص مستحدث في معظم فقراته لكن قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 كان ينص على تقرير علاوة دورية سنوية لمدة عشرين سنة للعاملين بالقطاع الخاص لا تقل عن 7% من الأجر الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمين الاجتماعي .

وقد أحسن المشرع بالنص على تشكيل مجلس قومي واحد للأجور على مستوى الجمهورية وبقرار من رأس السلطة التنفيذية وهو رئيس الوزراء وبرئاسة وزير التخطيط حيث روعي في هذا الاختبار الدلالة على البعد الاقتصادي لعنصر الأجر في علاقات العمل إذ تتوافر لديه القدرة للحكم على مستوى الأجور ومقتضيات رفعها ومدى ذلك والحالة الاقتصادية في البلاد، وتجدر الإشارة إلى أن عبارة «على المستوى القومي» لا تمنع المجلس المشار إليه من تحديد حد أدني يزيد عن الحد العام المقرر وذلك في بعض المناطق والأنشطة التي قد يرى المجلس ضرورة تمييزها في هذا الخصوص . 

كما أحسن المشرع إذ أعطى سلطة واسعة لرئيس الوزراء في اختيار الأعضاء بحكم وظائفهم أو خبراتهم دون تحديد عددي لهم لأن الحاجة قد تسفر عن إدخال المزيد من الخبراء في عضوية المجلس . 

وقد وضع النص نسباً محددة لكل طائفة بطريقة تسمح بإقامة توازن منطقي وذلك بأن يكون ممثلو العمال مساوین تماماً لممثلي أصحاب الأعمال وأن يكون مجموع هؤلاء وأولئك مساوياً تماماً لعدد الأعضاء بحكم وظائفهم وخبراتهم ولا يدخل رئيس المجلس (وزير التخطيط) ضمن عدد أي طائفة من هؤلاء وذلك حتى يكون عدد أعضاء المجلس في النهاية وتراً بما يسهل معه اتخاذ القرارات بالأغلبية المطلوبة . 

ولم يتحكم النص في اختيار ممثلي العمال بل ترك هذا الاختيار لقمة الهرم النقابي وهو الاتحاد العام لنقابات العمال كما ترك مسألة اختيار ممثلي منظمات أصحاب الأعمال لتلك المنظمات . 

وحدد النص اختصاصات هذا المجلس بصفة عامة تاركاً التفاصيل لقرار رئيس المجلس (وزير التخطيط) ولقرار رئيس الوزراء . 

ومن أهم هذه الاختصاصات التي حرص النص على التركيز عليها :

1) تحديد الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة . 

2) تحديد الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا تقل عن 7% من الأجر الأساسي . 

المادة الأولى

يشكل مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط، وعضوية :

أولاً : أعضاء بحكم وظائفهم وخبراتهم :

1ـ وزير القوى العاملة والهجرة أو من ينيبه .

2- وزير التأمينات والشئون الاجتماعية أو من ينيبه .

ـ وزير التموين والتجارة الداخلية أو من ينيبه .

4- وزير قطاع الأعمال العام أو من ينيبه .

5- وزير المالية أو من ينيبه .

6- رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أو من ينيبه .

7- رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أو من ينيبه .

ـ أمين عام المجلس القومي للمرآة أو من ينيبه .

ثانياً - أعضاء يمثلون أصحاب الأعمال والعمال :

1-  أربعة أعضاء يمثلون منظمات أصحاب الأعمال تختارهم منظماتهم .

2-  أربعة أعضاء يمثلون العمال يختارهم الاتحاد العام لنقابات عمال مصر .

ولرئيس المجلس أن يدعو لحضور جلساته من يرى الإستعانة بهم من المتخصصين دون أن يكون لهم صوت معدود في المداولات .

كما وأن للمجلس أن يدعو من يرى حضوره ممثلاً لإحدى الجهات عند نظر موضوع يخص هذه الجهة .

 المادة الثانية

يجوز للمجلس أن يشكل من بين أعضائه ومن غيرهم لجانا فرعية لدراسة الموضوعات المعروضة عليه والتي يحيلها إليها ويشترك في هذه اللجان عدد متساوي من ممثلي كل من الأعضاء بحكم وظائفهم وممثلي أصحاب الأعمال والعمال .

 المادة الثالثة

يختص المجلس القومي للأجور بما يلي :

–  وضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة والوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار .

– وضع الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساسي الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية .

– النظر فيما يعرض عليه من طلبات للمنشآت التي تتعرض لظروف اقتصادية يتعذر معها صرف العلاوة الدورية المشار إليها ، وتقرير ما يراه ملائماً مع ظروفها وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ عرض الأمر عليه .

– تحديد هيكل الأجور لمختلف المهن والقطاعات والأنشطة بالدولة لتحقيق التوازن المطلوب في توزيع الدخل القومي من خلال :

* تشخيص المشاكل والعيوب القائمة في نظم وأحكام سياسات الأجور والحوافز السائدة في مختلف المهن والقطاعات حكومي- عام- خاص وأماكن العمل وأجور وفئات العمال الأولى بالرعاية في بعض الأنشطة والمناطق الجغرافية التي تتدهور فيها أوضاع الأجور .

* دراسة الاتفاقيات والتوصيات والقرارات الصادرة عن المنظمات الدولية والعربية والخاصة بمشاكل الأجور وإبداء الرأي فيها وتحليل الإحصائيات المتاحة للأجور والمتغيرات الاقتصادية بالتنسيق مع الجهات المعنية والإستفادة منها في وضع وتعديل سياسات الأجور .

* وضع السياسات الخاصة بالإنفاق وأنماط الإستهلاك والحدود الدنيا والقصوى للأجور للاستدلال على مستويات وطرق الإنفاق المعيشي للأسر المصرية وتقديم المقترحات في هذا الشأن .

* رسم السياسة القومية للأجور ووضع برامج قومية شاملة لها في علاقاتها بالإنتاجية والمستوى العام للأسعار ومستويات المعيشة .

* إجراء الدراسات اللازمة على المستوى القومي لإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور مع مقترحات دورية لا تجاوز ثلاث سنوات على الأكثر .

 المادة الرابعة

يكون للمجلس أمانة فنية متخصصة ، يصدر بتشكيلها وتحديد اختصاصاتها قرار من رئيس المجلس .

 المادة الخامسة

يضع المجلس لائحة لتنظيم سير أعماله تتضمن مواعيد اجتماعاته ، وطريقة التصويت على القرارات والأغلبية المطلوبة لصحتها وتعتمد هذه اللائحة من رئيس المجلس .

 المادة السادسة

يصدر وزير التخطيط قراراً ببدل حضور الجلسات لأعضاء المجلس وأعضاء اللجان الفرعية .

 المادة السابعة

ينشر هذا القرار بالوقائع المصرية ، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره .

صدر برئاسة مجلس الوزراء فى 10 ربيع الآخر سنة 1424 هـ

 الموافق 10 يونية سنة 2003 م

   رئيس مجلس الوزراء

   د / عاطف عبيد . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 487 )

 

ضمان حد أدنى لأجر العامل

- نصت المادة 27 من الدستور على أن يلتزم النظام الاقتصادي اجتماعياً بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى في أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر وفقاً للقانون (دستور 2014) . 

ونصت المادة 34 من قانون العمل على أنه ينشأ مجلس قومي للأجور برئاسة وزير التخطيط يختص بوضع حد أدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة ، وإيجاد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار . 

فإن كان الدستور قد كفل حد أدنى للأجور فإن ذلك أصبح التزاماً دستورياً يفرضه النظام الاقتصادي . 

ولهذا فإن المادة 34 من قانون العمل توضع في إطار وسيلة تنفيذ هذا الإلتزام الدستوري ، ومن ثم فقد أصبح تحديد الحد الأدنى للأجور يدخل في اختصاص المجلس القومى للأجور دون حاجة لأي تشريع بذلك ، وهذا يحقق المرونة التي تتلاءم مع ضرورة التوازن المستمر بين الأجور والأسعار . 

وأصبح المجلس ملتزماً دستورياً بوضع الحد الأدنى للأجور، وترجع أهمية هذا الالتزام الدستوري إلى ما قضت به المحكمة الدستورية العليا من أن المزايا التي ينشئها المشرع للعمال لا يجوز اعتبارها جزءاً من مكاسبهم إذ خلا الدستور منها، بل يكون أمر بقائها أو زوالها بيد المشرع في حدود سلطته التقديرية ووفق شروط موضوعية . 

كما قضت محكمة القضاء الإداري أن تبنى الدستور وضع حد أدنى للأجور ألقى على عاتق المشرع التزاماً بوضع حكم الدستور في هذا الشأن في إطار قانوني ينظم حدود هذا الحق ويكفل حمايته، كما حمل السلطة التنفيذية واجب تنفيذ نصوص الدستور والقانون لضمان حد أدنى لأجور العمال، وأضافت أنه ليس صحيحاً أن تلك النصوص مجرد أمور توجيهية لاستنهاض عزم الحكومة على وضع حد أدنى للأجور، ولا يجوز للمجلس الأعلى للأجور التراخي في تحديد الحد الأدنى للأجور وإلا كان ذلك قراراً سلبياً معيباً ومخالفاً للقانون . 

وإن كان قانون العمل لم يتعرض إلا للحد الأدنى للأجور فإن مرجع ذلك أن القانون يحمي حقوق العمال، أما الحد الأقصى فهو لا يهم في المقام الأول الطبقة العاملة المقصودة من الحماية في قانون العمل، بل ولا يتنافى مع قانون العمل أن تكون أجور العمال في المستويات العليا في الإدارة مرتفعة، ولهذا فإن مواجهة الحد الأقصى يحتاج لتشريع ويخرج ذلك عن إطار قانون العمل، والدستور يواجه الحد الأقصى بالنسبة لأجهزة الدولة فقط . 

ووضع حد أدنى للأجور يتجاوز التزام صاحب العمل بالأجر إلى كفالة مستوى أدنى من المعيشة الكريمة لمن لا يصل أجره إلى تحقيق هذا الهدف، فصاحب العمل يتحمل مسئولية اجتماعية، كما يتحمل المشروع أعباء مالية قد تؤثر في القدرة التنافسية للمشروع . 

الضابط العام الذي يتحدد في ضوئه الحد الأدنى للأجور :

- وضعت المادة 34 من قانون العمل الضابط العام والأصيل الذي يتحدد في ضوئه الحد الأدنى للأجور وهو نفقات المعيشة، والتوازن بين الحد الأدنى للأجور ونفقات المعيشة يجب أن يكون مستمراً، بمعنى أنه عند تحديد الحد الأدنى يجب إيجاد آلية تحفظ استمرار التوازن، وبعبارة أخرى لا يوضع حد أدنى رقمي للأجر ويعدل هذا من وقت لآخر بقرار من المجلس وإنما ضرورة ربط الحد الأدنى للأجور بمستوى الأسعار عامة أو بمعدل التضخم الذي يرتبط بها، ويكون ذلك بتحديد نسبة زيادة الحد الأدنى وفقاً لمستوى الأسعار طبقاً لما يقرره الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة، وهو ما يسمى بالحد الأدنى المتزايد، والهدف الرئيسي هو الحفاظ على القوة الشرائية بحيث يظل في قدرة العامل مواجهة متطلبات حياته، فالربط يكون بين الحد الأدنى والقدرة على الحصول على السلع الأساسية اللازمة للمعيشة . 

وفي جميع الأحوال لا يجب أن يتوقف الحد الأدنى للأجور عند الحد الأدنى للمعاش أو مبلغ التأمين من البطالة، فالعامل من حقه أن يكون أجره مقابل عمله أعلى من مبالغ التأمين الاجتماعي التي يحصل عليها من لا يعمل، فلا يجب معاملة العامل معاملة من لا يعمل، فيجب أن يكفل له المعيشة الكريمة مقابل عمله .

وتنص المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 على أن يقوم المجلس القومى للأجور بإجراء الدراسات اللازمة على المستوى القومي لإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور مع مقترحات دورية لا تجاوز ثلاث سنوات على الأكثر، وليس معنى هذا زيادة الحد الأدني كل ثلاث سنوات وإنما تتم الدراسة للتوصل كل ثلاث سنوات عما يجب بشأن الحد الأدنى للأجور أما بزيادة نسبة الزيادة أو الإبقاء عليه، ولكن لا يجوز تخفيضه باعتبار أن ذلك يمس ميزة للعامل لا يجوز المساس بها . 

وكذلك لا يوجد ما يمنع من أن تكون الزيادة بعد مدة تقل عن ثلاث سنوات تبعاً لما يتم من دراسات في هذا الشأن . 

- وفيما يتعلق بخصائص الحد الأدنى للأجور فإنها تتراوح بين مایلی :

1- الحد الأدنى للأجور قد يكون موحداً على كافة إقليم الدولة، أو يختلف من محافظة إلى أخرى بحسب المناطق الجغرافية التي تتدهور فيها أوضاع الأجور .

2- أن يكون موحداً على كافة المهن والحرف أم يختلف بحسب الأنشطة الأولى بالرعاية والتي تتدهور فيها أوضاع الأجور .

3 - يسرى الحد الأدنى أياً كانت طريقة تحديد الأجر بالوقت، الساعة، اليوم ، الشهر أو بالإنتاج وإن كان الإنتاج لا يصل بالعامل إلى أجر الحد الأدنى فإنه يستحق هذا الحد .

4 - يستفيد منه كافة العمال أيا كان جنسهم .

5 - الحد الأدنى يتعلق بالنظام العام فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفه بما ينقص من حقوق العامل .

نطاق تطبيق أحكام الحد الأدنى للأجور الوارد في قانون العمل :

نبدأ ببيان نطاق تطبيق أحكام الحد الأدنى للأجور من حيث الأشخاص ، ثم نوضح كيفية تطبيقه على صور الأجر المختلفة للعامل .

أولاً : نطاق تطبيق أحكام الحد الأدنى للأجور من حيث الأشخاص : 

- طبقاً للمادة 43 من قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 على أنه "يراعي في وضع اللوائح المنظمة لشئون العاملين: ثانياً: التزام نظام الأجور بالحد الأدنى المقرر قانوناً". ونصت المادة 48 من نفس القانون على أنه "تسري أحكام قانون العمل على العاملين بالشركات التابعة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون قطاع الأعمال العام واللوائح الصادرة تنفيذاً له".

ويجب أن تتضمن تلك اللوائح الالتزام بالحد الأدنى للأجور على المستوى القومي . 

وجاء في المادة 34 من قانون العمل الحالي أنه يناط بالمجلس القومى للأجور تحديد الحد الأدنى القومي، ومن ثم تسرى المادة 34 على العاملين في قطاع الأعمال العام . 

كما يسري بطبيعة الحال على الخاضعين لقانون العمل، وطبقاً للمادة 4 من قانون العمل يستبعد العاملين المدنيين في الدولة والهيئات العامة، وعمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، وأفراد أسرة صاحب العمل .

ثانياً : عناصر الأجر التي يشملها الحد الأدنى للأجور 

- عند تحديد الحد الأدنى للأجور فهل يقتصر ذلك على الأجر الثابت أم يعتد كذلك بملحقات الأجر . 

إن كان الأجر بالساعة فإن الحد الأدني يحتسب على أساس ساعة العمل الفعلية الواحدة مضروبة في مبلغ الحد الأدنى للساعة، فيتم إجراء مقارنة بين الأجر الفعلي الذي حصل عليه العامل وبين ساعات العمل مضروبة في مبلغ الحد الأدنى للساعة، وإذا تبين أن هناك نقصاً في الأجر عن الحد الأدنى استحق العامل الفارق . 

وتبسيطاً للأمور فإن القانون المقارن يتجه إلى كفالة حد أدنى شهرى أو سنوي دون الأخذ في الاعتبار عدد ساعات العمل، بمعنى أن الحد الأدني يتخذ طابعاً جزافياً أي لا يرتبط بساعات العمل، فالحد الأدنى يبتعد عن فكرة أن الأجر مقابل العمل فقط، فالحد الأدنى يكفل المعيشة الكريمة في المقام الأول . 

- وفيما يتعلق بملحقات الأجر فيجب التفرقة بين عدة صور : 

هناك ملحقات تستحق عن مدة أكثر من شهر مثل المكافآت وأجر الشهر الثالث عشر والراجح أنها لا تؤخذ في الاعتبار عند تحديد الحد الأدنى، فالعبرة بتوافر حد أدنى شهري للقوة الشرائية ويحتسب الحد الأدنى على أساس شهري وليس سنوي . 

وبالنسبة للأرباح التي تصرف سنوياً، فإن الحد الأدني يتوفر عادة في الشهر الذي تصرف فيه الأرباح وذلك على خلاف باقي أشهر السنة التي قد لا يتوافر فيها الحد الأدنى ويستحق الفارق عن هذه الأشهر .

وإن كانت ملحقات الأجر تختلف من شهر إلى شهر مثل العمولة، فإنه يؤخذ في الاعتبار كل شهر على حدة ولا يجمع أكثر من شهر توصلا لتحقق الحد الأدنى من مجموع الشهرين مثلاً، ولا يؤخذ في الاعتبار عند تحديد الحد الأدنى مقابل ساعات العمل الإضافية .

وطبقاً للمادة 37 من قانون العمل إذا كان الأجر بالإنتاج أو بالعمولة وجب ألا يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدني . 

أما فيما يتعلق بالوهبة ، فقد كان قانون العمل السابق لا يدخل الوهبة في  الاعتبار عند حساب الحد الأدنى، بمعنى أن صاحب العمل يجب أن يؤدى للعامل مبلغ الحد الأدنى للأجر، والوهبة تكون دائماً بالزيادة على الحد الأدنى، ومن ثم لا  يجوز أن تكون الوهبة كل ما يحصل عليه العامل من أجر بل لابد أن يتقاضى أجراً نقدياً لا يقل عن الحد الأدنى، فلا يضمن صاحب العمل العامل أن يصل مقدار الوهبة الذي يحصل عليه مبلغاً يعادل الحد الأدنى، بل المقصود من النص هو أن يكون الأجر من شقين الشق الأول الحد الأدنى للأجر، والشق الثاني مقدار الوهبة . 

أما عن القانون الحالي ، فلم يواجه الوهبة بنص خاص، ومن هنا يثور التساؤل عن الحل في القانون الحالي . 

لما كانت الوهبة تتمثل في مبلغ من النقود بل وطبقاً للمادة 684 من القانون المدني أنه يجوز ألا يكون العامل من أجر سوى ما يحصل عليه من وهبة فإن حصيلة ما يحصل عليه من وهبة شهرياً يجب ألا يقل عن الحد الأدنى الأجور، أي يؤخذ في الاعتبار عند تحديد الحد الأدنى للأجور ما يحصل عليه العامل من وهبة، وذلك على خلاف الوضع في القانون رقم 138 لسنة 1981، وهذا التفسير يتفق مع ما ورد في المادة 37 من استحقاق الحد الأدنى للأجور إذا كان الأجر بالعمولة ، أي يسرى ذلك أيضاً على الوهبة . 

ويؤخذ الحد الأدنى عن كل شهر على حدة بحيث إذا قل ما استحق له من أجر عن الحد الأدنى فإنه يجب حصوله على الفارق الذي يؤدي إلى الوصول إلى الحد الأدنى، وهذا يسري على الأجر بالإنتاج أو العمولة أو الوهبة، فإن كانت صور الأجر قد تختلف إلا أنها جميعاً يجب ألا تحرم العامل من الحصول على الحد الأدنى للأجر، ولا يكون اللجوء إلى المادة 39 من قانون العمل إلا بشأن الحد الأدنى عن الأجازات أي فترات عدم العمل . 

ولكن لا يجوز أن يكون كل الأجر ميزة عينية بل لابد من أن يتوافر الحد الأدنى للأجر نقداً فالحد الأدنى من الأجر يكفل الحد الأدنى للقوة الشرائية والمتطلبات الضرورية وهذه لا يمكن إشباعها إلا نقداً والفارق بينها وبين الوهبة أن الأخيرة تكون نقداً ولهذا يمكن أن تدخل قيمتها في الحد الأدنى للأجور . 

ولا يجوز أن يؤخذ في الاعتبار عند تحديد الحد الأدنى ما يقدم للعامل من طعام، فلابد وأن يتمثل الحد الأدنى للأجور في مبلغ من النقود، وأي ميزة عينية لا تصلح لأن تكون كل الأجر الذي يحصل عليه العامل .

ثالثاً : مشكلة تمويل الحد الأدنى للأجور 

- حماية العامل تتم من خلال السعي لإقامة توازن بين الوضع الاجتماعي والوضع الاقتصادي. فالمراعاة الاجتماعية للعامل تؤثر في اقتصاديات المشروع بل وعلى الاستثمار، وعلى المستوى القومي فزيادة الأجر والحد الأدنى للأجور يحمل ميزانية المشروع بأعباء مالية قد تؤثر في قوته الاقتصادية من حيث القدرة على المنافسة وبالتالي القدرة على التصدير والاستثمار بصفة عامة، فهناك خلف مصلحة صاحب العمل والمصلحة الاقتصادية العامة . 

وإن كان العامل هو المستفيد من الحد الأدنى، وحيث يؤخذ في الاعتبار الحاجات الأساسية للعامل والتي تعتمد على النمو الاقتصادي للمجتمع، إلا أنه لا يجب إغفال أن التضخم لا يسأل عنه بالضرورة صاحب العمل، بل قد يعاني منه أيضاً كما أن الحد الأدنى للأجور هو اللبنة الأولى في حماية العامل من أجل مواجهة نفقات المعيشة، واللبنة الثانية هي العلاوة السنوية التي لا تقل عن 7% والتي تستهدف في الأساس مواجهة معدل التضخم السنوى، أما اللبنة الثالثة فهی مرونة الحد الأدنى في ذاته بحيث يتم دائماً التوافق بين الحد الأدنى ومستوى السعر وذلك بوجود آلية تحقق ذلك دورياً, ولهذا ينادى الفقه الفرنسي إلى ضرورة البحث عن وسائل تقلل من العبء الذي يتحمله صاحب العمل مقابل الحد الأدنى للأجور، مثل إعفاء ضريبي . 

رابعاً : إلغاء علاوة غلاء المعيشة وإدخالها في الحد الأدنى للأجور : 

- كانت المادة الأولى من قانون العمل رقم 138 لسنة 1981 تنص على أنه يدخل في الأجر "العلاوة التي تصرف بسبب غلاء المعيشة وأعباء العائلة". 

ولم يرد ذلك في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، ويرجع ذلك إلى أن المشرع اتجه إلى فرض حد أدنى للأجر وليس مجرد مبالغ متواضعة منقطعة الصلة بالواقع الاقتصادي، فقد عهد قرار رئيس الوزراء رقم 983 لسنة 2003 في مادته الثالثة للمجلس الأعلى للأجور بوضع السياسات الخاصة بالإنفاق وأنماط الاستهلاك والحدود الدنيا والقصوى للأجور للاستدلال على مستويات وطرق الإنفاق المعيشة للأسر المصرية وتقديم المقترحات في هذا الشأن". فيختص المجلس بوضع الحد الأدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة والوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار . 

ومع هذا فقد جاء في المادة 1/ج/3 من القانون أن الأجر يشتمل العلاوات أياً كان سبب استحقاقها أو نوعها، ونرى أنه أمام عمومية عبارات العلاوات، فلا يوجد ما يمنع من أن يقرر صاحب العمل علاوة غلاء معيشة للعمال متى تراءى له أن الحد الأدنى للأجور لا يتناسب مع مستوى الأسعار، ومتى قرر صاحب العمل تلك العلاوة أصبحت جزءاً من الأجر، فتلك ميزة أفضل للعمال، ولكن لا يلزم صاحب العمل بتقرير علاوة غلاء معيشة اكتفاء بالحد الأدنى للأجور . 

هذا كله مع ضرورة مراعاة ما جاء في المادة الرابعة من قانون الإصدار بعدم المساس بأي حق مكتسب من القوانين والقرارات واللوائح السابقة . ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 188 )

العلاوة السنوية :

قد تكون العلاوة السنوية مصدرها القانون، وقد يكون مصدرها الاتفاق . 

أولاً: العلاوة الدورية القانونية الإلزامية : 

- طبقاً للمادة 34 من قانون العمل يختص المجلس القومي للأجور بوضع الحد الأدنى للعلاوات السنوية الدورية بما لا يقل عن 7% من الأجر الأساسي الذي تحسب على أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية، كما جاء مبدأ العلاوة السنوية في المادة الثالثة من قانون الإصدار، وعلى المجلس القومي للأجور وضع القواعد المنظمة لهذه العلاوة .

والعلاوة الدورية السنوية هي زيادة تضاف إلى الأجر الأصلي، وهي تمنح للعامل على اعتبار أن خبرته تزداد بمرور الزمن وبالتالي يستحق زيادة في الأجر تتناسب مع تطور خدمته، ولهذا فهي في الأصل ترتبط بأقدمية العامل وخبرته . 

أما المادة 34 فهي قد ابتعدت تماماً عن هذا المفهوم وأصبح ترتبط في الواقع بمعدل التضخم، فمن جهة قد أصبحت سنوية ودورية، ومن جهة أخرى أصبحت إلزامية ومحددة النسبة في حدها الأدنى وهي 7%، ومن جهة ثالثة عامة التطبيق وبنسبة موحدة بما يكاد يقطع صلتها بالخبرة والأقدمية . 

وترتبط النسبة بأجر الاشتراك في التأمينات الاجتماعية وبعد صدور القانون رقم 148 لسنة 2019 بشأن التأمينات الاجتماعية والتأمينات، فإن أجر الاشتراك أصبح متحركاً ومرتفعاً على خلاف الوضع في القانون 79 لسنة 1975 . 

ويلاحظ أن ال 7% يعتبر الحد الأدنى بمعنى أن المجلس القومي للأجور يحق له زيادة هذا الحد أي يجعلها متناسبة مع معدل التضخم السنوى . 

كما أن صاحب العمل يحق له أن يقرر نسبة أعلى للعلاوة الدورية السنوية ولكن لا يجوز أن ينزل عن نسبة 7% باعتبارها متعلقة بالنظام العام . 

وهذه العلاوة تنفصل تماماً عن الحد الأدنى للأجور بحيث أنها تضاف إليه والنسبة التي يقررها المجلس الأعلى للأجور ولا تقل أبداً عن 7 %. 

أما إذا واجه صاحب العمل صعوبة اقتصادية يتعذر معها صرف العلاوة الدورية، فيجب عرض الأمر على المجلس القومى للأجور، وللمجلس أن يقرر ما يراه ملائماً مع ظروفها خلال 30 يوماً من تاريخ عرض الأمر عليه . 

ويلتزم بالعلاوة الدورية السنوية جميع أصحاب الأعمال أياً كان عدد العمال لديهم . 

وتستمر العلاوة الدورية سنوياً لجميع العمال دون تحديد عدد من السنوات للاستمرار في العمل بها . 

- ولما كانت العلاوة الدورية السنوية مقررة لمواجهة أعباء المعيشة والتضخم فلا يجوز لصاحب العمل أن يحرم العامل منها لأنها لا تستحق مقابل كفاءته، ومع هذا فقد يذهب اتجاه آخر إلى أن المادة 60 من قانون العمل تضع ضمن الجزاءات التأديبية الحرمان من جزء من العلاوة السنوية بما لا يجاوز نصفها، وتأجيل استحقاق العلاوة الدورية لمدة لا تجاوز ثلاثة شهور، ولكن يجب إلا يتم ذلك إلا من خلال إجراءات الجزاءات التأديبية وليس من خلال سلطة صاحب العمل في إدارة المنشأة .

ونرى أن الحرمان من جزء من العلاوة الدورية على سبيل الجزاء يؤدي بنا إلى الإبتعاد عن الإرتباط بين العلاوة السنوية وغلاء المعيشة والتي يتساوى أمامها النشيط وغير الكفء، فهي ترتبط في أساسها بأعباء المعيشة . 

ولهذا نرى أن الحرمان من العلاوة الدورية لا يشمل العلاوة الإجبارية في حدود النسبة التي يحددها المجلس الأعلى للأجور والتي لا تقل عن 7% من أجر الاشتراك في التأمينات الاجتماعية، أما العلاوة الدورية المقصودة في المادة 60 فهي تلك التي تتجاوز الحد الإجباري للعلاوة القانونية، وتعتبر تلك الزيادة مقابل كفاءة العامل ولهذا يمكن أن تكون محلاً للجزاء التأديبي. 

- والمبدأ مستقر قضائياً بأنه لا يلزم صاحب العمل بأن يضع نظاماً للعلاوة الدورية، فلا يوجد ما يمنع من أن يظل الأجر ثابتاً خلال مدة العقد . 

وعلى هذا يعتبر نظاماً أفضل أي نظام يكفل للعامل علاوات دورية أعلى مما هو مقرر في القانون، وأن كان يقرر علاوة دورية تقل عن 7% تجب زيادتها إلى 7%، فلا يجوز الجمع بين العلاوة الدورية المقررة في نظام أفضل وبين العلاوة السنوية الدورية الواردة في قانون العمل، والقول بغير ذلك من شأنه أن العامل يحصل على علاوتين بالمخالفة لفكرة العلاوة الدورية السنوية .

فالمادة 34 لا تسري إلا في حالة عدم وجود نظام العلاوات الدورية أو في حالة وجود نظام أسوأ مما تقرره . 

والنظام الأفضل قد يتقرر في العقد أو في اللائحة وتعتبر ملحقاً للعقد في هذا الصدد، ويثور التساؤل لمعرفة ما إذا كان يمكن أن يكون العرف الجاري في المنشأة مصدراً للعلاوة الدورية، وندرس هذه المسائل فيما يلي :

ثانياً : العلاوة الدورية الاتفاقية : 

- ويلاحظ أن القانون في غير الحدود الموضحة في المادة 34 لا يلزم صاحب العمل بأن يمنح العامل علاوة دورية، ولكن قد يتضمن عقد العمل أو اللائحة منح العمال علاوة دورية وتصبح بالتالي ملزمة لصاحب العمل، ومتی تكررت العلاوة الدورية فهي تعتبر جزءاً من الأجر فإعطاء العلاوة للعامل يفيد من جانب صاحب العمل زيادة أجره، وتسلمها من جانب العامل يدل على قبوله، فيتم بينهما بهذه الصورة تعديل للعقد ملزم لكليهما .

وإذا كان صاحب العمل ملزماً بوضع لائحة بالنظام الأساسي فإنه غير ملزم بأن يضمنها نظاما للعلاوات الدورية، فلا يلزم بوضع كادر ينظم المسائل المالية وإنشاء الدرجات ومنح الترقيات لعماله .

فلا يوجد قانوناً ما يمنع من أن يظل الأجر ثابتاً عند القدر الذي حدد لحظة إبرام العقد .

ويؤكد هذا أن المنشآت الخاصة تخضع لنظام المنافسة الحرة ولا تتصف إيراداتها بالاستقرار أو إطراد الزيادة ، كما أن حسن سير العمل يستلزم إعطاء صاحب العمل سلطة تقدير عماله حسب إمكانيات المنشأة من الناحية المالية . 

وعلى هذا فإن العلاوة الدورية لا تتقرر إلا باتفاق الأطراف فهي في حقيقة الأمر من قبيل تعديل العقد بتعديل أحد بنوده وهو الأجر .

العلاوة الدورية والعرف :

- ويثور التساؤل عما إذا كان يمكن استخلاص إلزام صاحب العمل بمنح علاوة دورية من جریان عادته على منح علاوات دورية لعماله، أي هل يمكن أن يكون العرف مصدرا للعلاوة الدورية؟ 

ذهب اتجاه في الفقه إلى أنه لا يكفي أن تكون عادة صاحب العمل قد جرت على منح علاوات دورية في السنوات السابقة لكى يلزم بالاستمرار في منح علاوات جديدة كل سنة، فالقانون المدني وقانون العمل لا يتضمنان ما يفيد اعتبار العرف مصدراً للعلاوة الدورية، والعرف لا يجعل العلاوة الدورية، على عكس الحال في المنحة، تتحول من مجرد تبرع إلى جزء من الأجر، بل أن العلاوة الدورية بذاتها وبمجرد منحها تتضمن تعديلاً بالزيادة في الأجر المتفق عليه، وهي بهذا تكون جزءاً من الأجر من أول الأمر، ولا يجوز قياس العلاوة الدورية على المنحة فإلزام صاحب العمل بالمنحة التي جرى العرف بمنحها إنما يعنى إلزامه بدفع ذات المنحة التي اعتاد صرفها من قبل، لا الزيادة عليها، أما العلاوات الدورية فإن القول بأن الالتزام بدفعها سنوياً قد ينشأ عن جريان عادة صاحب العمل بمنحها من قبل، إنما يعنى إلزامه بأن يعطى علاوة جديدة كل سنة تضاف إلى العلاوات السابقة . 

ونرى مع جانب آخر من الفقه أنه لا يوجد ما يمنع قانوناً من أن يكون العرف مصدراً للعلاوات الدورية، ويمكن أن ينشأ العرف من مجرد جريان العادة على إعطاء العمال علاوة دورية لفترة تكفي للقول بتوافر عنصر الاعتياد الذي يولد ما يسمى بعرف المنشأة، ويستلزم هذا وجود ضوابط واضحة يقوم على أساسها إعطاء العلاوة حتى تخرج من دائرة التبرع إلى دائرة الحق ويجب أن يكون العرف ثابتاً ومنتظماً . 

- ودورية العلاوة لا يعني أن تكون سنوياً وإنما يكفي أن تمنح على فترات دورية عديدة، وأهمية اعتبار العرف كمصدر للعلاوة لا تبرز فقط بالنسبة المطالبة العامل بالزيادة الدورية في أجره، وإنما تبرز لباقي العمال كأساس للمطالبة بالمساواة في الحصول على علاوة دورية أسوة بما حصل عليه غيرهم إذا ما توافرت لديهم نفس الشروط، فإن كانت أول علاوة تعتبر زيادة مباشرة في الأجر، إلا أن عموميتها وثباتها وانتظامها يصلح أساساً لتمسك العمال الآخرين في المستقبل للمطالبة بالحصول على نفس العلاوة . 

ويحدد العرف شروط إعطاء العلاوة، ولا مانع من أن يكون تقرير العلاوة مرتبط بالحالة المالية للمنشأة . ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ،  الصفحة : 225 )