loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المرافعات المدنية والتجارية :

منذ كان الإنسان وحتى يكون كان العدل وسيبقى حلم حياته وأمل مفكريه وجوهر شرائعه وسياج أمنه كذلك كان وسيبقى رائداً لركبه على طريق الرخاء والتقدم والسلام وصانع الحضارات وحارسها وغاية الغايات لنضال صفوف لا تنتهي من الشهداء والشرفاء نضالاً باسلاً شجاعاً لم تخمد له جذوة عبر أجيال غير ذات عدد من أجل مجتمع الأنفع والأكرم والأسمی .

على أن الحق الذي لا مزية فيه أن ليس عدلاً بحال : ذلك الذي يأتي بعد الأوان فإن هو فعل فهو إلى الظلم أدنى وبه أشبه كذلك ليس عدلاً ذلك الذي يرهق كاهل المستجير به المتطلع إليه بثمن غال يبذله صاغراً من جهد أو مال .

ولئن كانت هذه المعاني جميعاً هي غاية الإنسان ورجاءه مهما يكن مذهبه في الحياة ففي مجتمعنا العربي الإشتراكي حيث العدل كالخبز : حق محتوم لكل مواطن يستحيل الرجاء إلى إرادة يمليها الشعب ويفرضها بسلطان لا ترد له مشيئة .

كذلك فلئن كانت التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه فإن التشريعات الإجرائية هي آلية الطريق والأداة ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية : أن تكون أداة طيعة ومطية ذلولاً لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يحتفل بالشكل ولا يلوذ به إلا مضطراً يصون به حقاً أو يرد به باطلاً عدل حريص على سد الذرائع التي يتسلل منها المبطلون من محترفي الكيد وتجار الخصومة .

وإلى كل ذلك أشار ميثاقنا الوطني حين يقول كذلك فإن العدل الذي هو حق مقدس لكل مواطن فرد لا يمكن أن يكون سلعة غالية أو بعيدة المنال على المواطن، أن العدل لا بد أن يصل إلى كل فرد حر ولا بد أن يصل إليه من غير موانع مادية أو تعقيدات إدارية .

وقانون المرافعات وهو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية يتعين أن تمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة حتى تتيح للقاضي من وضوح الرؤية ما يمكنه من إنزال حكم القانون على الروابط القانونية على نحو يجعل الحقيقة القضائية التي يعلنها في أحكامه أقرب ما تكون إلى الحقيقة الواقعية وحتى يفسح مجال الإفادة منه للقوانين الإجرائية الأخرى وحتى يكون مضمونه قريباً من إدراك كل مواطن فلا يتخذ سلعة لإستغلاله أو وسيلة لضياع حقه .

وعن هذا النظر صدر المشروع المرافق في مراجعته لنصوص قانون المرافعات القائم فأجرى تعديلها والاستحداث فيها على نحو قصد منه أن يبرز دور المجتمع في الخصومة وييسر سبل التقاضي ويعجل بحسم المنازعات .

وجاء في الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الأول. 

جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون السابق عن هذه المادة التي تطابق المادة الأولى من القانون السابق أنه «صدر هذا الباب ببيان القواعد في سريان قوانين المرافعات، فنصت المادة الأولى على أن هذه القوانين تسري على ما لم يكن قد فصل فيه من دعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها وقد ذكر النص قوانين المرافعات، دون قوانين التنظيم القضائي، لأن المشروع لم يتناول قواعد ترتيب المحاكم .

والقاعدة في سريان قوانين المرافعات على الدعاوى القائمة هي من الأحوال المسلمة، إذ أن القوانين المنظمة لأصول التداعي والترافع والحكم وطرق الطعن والتنفيذ والتحفظ هي في عمومها قوانين منظمة لمراكز قانونية خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من جانب المشرع، دون أن يرمي عمله برجعية الأثر .

ولكن النص قد أخرج من هذه القاعدة العامة بعض مستثنيات رعاية الحقوق ثبتت، أو لمصالح رأتها اللجنة جديرة بالاستثناء، فاستثنيت الدعاوى التي حكم في موضوعها والإجراءات التي تمت في ظل قانون معين، فهذه لا تمتد إليها طائلة القانون الجديد إلا بنص خاص .

كذلك استثنى من القاعدة القوانين المعدلة للاختصاص، وذلك بالنسبة للدعاوى التي تمت المرافعة فيها وحجزت للحكم قبل تاريخ العمل بالقانون الجديد المراد بالقوانين المعدلة للاختصاص القوانين التي تغير الاختصاص النوعي أو المحلي دون أن تلغي محكمة أو تزيل جهة قضاء فإن هذا الإلغاء يحدث أثره حتماً بمجرد نفاذ القانون الذي صدر، وتنتقل الدعاوى التي كانت قائمة أمام المحكمة الملغاة إلى جهة القضاء التي عينها القانون ما لم ينص القانون على غير ذلك، وقد رأت اللجنة أنه أقرب إلى السداد والقصد ألا تنزع الدعاوى التي حجزت للحكم اقفل فيها باب المرافعة من المحكمة التي أتمت تحقيقها وسمعت المرافعة فيها، مقدرة أن الدعاوى بعد أن تبلغ هذا المبلغ من الاستواء للحكم تصبح مصلحة الخصوم في عدم انتزاعها في مرتبة الحق الذي لا يصح المساس به إلا بنص خاص، هذا إلى أن أثر القانون الجديد المعدل للاختصاص على الدعاوى القائمة لم ينقطع بشأنه الخلاف في النظر العلمي حتى بين الفقهاء المتفقين على طبيعة قوانين الاختصاص، وأنها من القوانين المنظمة للمراكز القانونية، شرح القانون الدستوري ج 2 ص 212 و 213 وجيز مجلة القانون العام 1913 ص 91 وما بعدها.

كذلك استثنت القوانين المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها وقد رأت اللجنة أنه متي بدأ الميعاد في ظل قانون معين فمن العدل وحسن النظر أن ينتهي طبقاً لهذا القانون نفسه كيلا يتبعض الميعاد أو يضطرب حساب بدايته ونهايته ومداه والمراد ببداية الميعاد هنا الإجراء الذي منه يبدأ حساب الميعاد كما حدده القانون الذي بدأ في ظله وأياً كان هذا الإجراء إعلاناً أو إيداعاً أو غير ذلك والمراد بالميعاد المعني الأعم لهذه اللفظة فتشمل المواعيد والمدد والآجال، سواء أكانت مواعيد طعن أم آجال سقوط يجب أن تتخلل الإجراءات.

كذلك استثنت القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل العمل بها إذا كانت هذه القوانين قد ألغت طريق طعن كان موجوداً وقت صدور الحكم وأصبح للمحكوم عليه بصدوره الحق في سلوكه، أو أوجدت طريق طعن لم يكن موجوداً قبل صدور الحكم الذي حصل عليه المحكوم له غير قابل لهذا النوع من الطعن، والأحكام التي يشير إليها النص هي الأحكام التي يجعلها القانون الجديد قابلة لطريق طعن جديد بفتحه أو يحرمها من طريق طعن موجود بسده فصدور حكم من المحكمة الجزئية قبل العمل بهذا المشروع لا يمنع من جواز الطعن بالنقض في الحكم الذي يصدر في استئناف هذا الحكم بعد تاريخ العمل به، علماً بأن المشروع يجيز الطعن بالنقض في مثل هذا الحكم.

الأحكام

1 ـ من الأصول الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من إجراءات أو تحقق من أوضاع ، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذى كان معمولاً به وقت وقوعها ، إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين وهو المبدأ الذى جاءت المادة الأولى من قانون المرافعات تطبيقاً له بما نصت عليه من أن " تسرى قوانين المرافعات ، على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها ... " .

 

( الطعن رقم 681 لسنة 63 ق - جلسة 2010/06/10 - س 61 ص 773 ق 127 )

( الطعن رقم 1885 لسنة 49 ق - جلسة 1980/06/21 - س 31 ع 2 ص 1806 ق 336 )

 

2 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادة الأولى من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة تطبق فى خصوص سريان قوانين المرافعات من حيث الزمان بأن يسرى القانون الجديد بأثر فورى على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن قد تم من إجراءات واستثنى منها من ضمن ما استثناه القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ نفاذها تالياً لإقفال باب المرافعة فى الدعوى .

( الطعن رقم 871 لسنة 71 ق - جلسة 2012/02/12 - س 63 ص 243 ق 35 )

3 ـ المقرر وفقاً لأحكام المادة الأولى من قانون المرافعات أن القوانين الإجرائية إنما تسرى على ما لم يكن قد فصل فيه من دعاوى أو لم يكن قد تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها .

( الطعن رقم 141 لسنة 74 ق - جلسة 2012/02/27 - س 63 ص 334 ق 50 )

4 ـ مفاد النص فى المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن المقصود بالقوانين المعدلة للمواعيد التى نص على استثنائها من أثر سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من إجراءات قبل تاريخ العمل بها تلك التى تعدل الميعاد فقط دون القوانين التى تستحدث إجراءات جديدة عند فوات الميعاد أو عند احترامه ، ومفاد ما تقدم أن العبرة فى إعمال الاستثناء سالف البيان بوقت بدء الميعاد فإذا كان الميعاد قد بدأ فى ظل التشريع السابق فإن المدة تستكمل طبقاً له أما إذا لم يكن قد بدأ حتى صدور التشريع الجديد فإن المدة المقررة للتشريع الأخير هى التى تسرى .

( الطعن رقم 468 لسنة 72 ق - جلسة 2009/05/11 - س 60 ص 564 ق 93 )

5 ـ مؤدى نص المادة الأولى من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة تطبق فى خصوص سريان قوانين المرافعات من حيث الزمان بأن يسري القانون الجديد بأثر فوري على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن قد تم من إجراءات واستثنى منها - من ضمن ما استثناه - القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ نفاذها تاليا لإقفال باب المرافعة فى الدعوى .

( الطعن رقم 760 لسنة 70 ق - جلسة 2002/05/28  - س 53 ع 2 ص 708 ق 138 )

6 ـ من المقرر وفقاً لنص المادة الأولى من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم يخضع من حيث جواز الطعن فيه من عدمه إلى القانون الساري وقت صدوره, وكان البين من الأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم الابتدائي صدر بتاريخ 24/4/1991 فى ظل العمل بالقانون رقم 6 لسنة 1991 والمعمول به اعتباراً من 14/3/1991, ومن ثم يسري عليه حكم هذا القانون الأخير ويكون الطعن فيه بطريق الاستئناف جائزاً وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.

( الطعن رقم 767 لسنة 62 ق - جلسة 1998/01/13 - س 49 ع 1 ص 107 ق 24 )

7 ـ لما كانت القواعد المعدلة للإختصاص تسرى على الدعاوى التى ترفع فى ظلها كما تقضى بذلك المادة الأولى من قانون المرافعات وكان الطعن فى قرار فصل الطاعن قد رفع فى 1973/12/24 - بعد العمل بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 - فإن المحكمة التأديبية بمجلس الدولة تكون هى المختصة بنظره.

( الطعن رقم 1307 لسنة 48 ق - جلسة 1985/02/04 - س 36 ع 1 ص 203 ق 48 )

8 ـ أن الفقرة الأولى من المادة الأولى من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 المعمول به إعتباراً من 1968/11/10 تنص على أنه " تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها " . كما تنص المادة الثالثة من قانون إصداره على أنه " إجراءات التنفيذ على العقار يستمر السير فيها طبقاً لأحكام القانون القديم متى كان قد صدر فيها حكم برسو المزاد فى ظله " . ومؤدى هذين النصين أن القانون الجديد جعل الحكم برسو المزاد طبقاً للمادة 668 من قانون المرافعات القديم فيصلاً يحدد نطاق سريان كل من القانونين على إجراءات التنفيذ التى بدأت قبل نفاذ القانون الجديد بحيث يسرى عليها هذا القانون ما لم يكن قد صدر فيها حكم برسو المزاد قبل تاريخ العمل به . لما كان ذلك ، وكان الثابت أن قائمة شروط البيع قد أودعت فى 1969/1/25 فى ظل قانون المرافعات الجديدة فإن المادة 414 منه هى التى تسرى عليها .

( الطعن رقم 1623 لسنة 48 ق - جلسة 1982/11/23 - س 33 ع 2 ص 1028 ق 185 )
( الطعن رقم 370 لسنة 40 ق - جلسة 1977/01/05 - س 28 ع 1 ص 159 ق 42 )

9 ـ القاعدة فى سريان قانون المرافعات طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى من قانون المرافعات هى أنها تسرى على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها ، وذلك فيما عدا القوانين التى نصت عليها هذه المادة وليس من بينها الإجراءات الخاصة بإبداء الإعتراض على قائمة شروط البيع أو التدخل فيها وترتيباً على ذلك فإنه وإن كانت قائمة شروط البيع قد أودعت أثناء العمل بقانون المرافعات السابقة إلا أنه طالما أن الإعتراضات التى أبديت عليها لم يكن قد فصل فيها حتى أدركها قانون المرافعات الحالى ، فإن أحكام هذا القانون الأخير تكون هى الواجبة التطبيق بأثر فورى ولا محل للتحدى بأن إجراءات إيداع القائمة بدأت فى ظل العمل بالقانون السابق ، ذلك أن القوانين المنظمة لأصول التداعى والترافع والحكم هى فى عمومها قوانين منظمة لمراكز قانونية خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من جانب المشرع .

( الطعن رقم 838 لسنة 43 ق - جلسة 1982/03/30 - س 33 ع 1 ص 347 ق 64 )

10 ـ المقصود بالقوانين المعدلة للإختصاص فى معنى المادة الأولى من قانون المرافعات هى تلك التى تغير الولاية القضائية أو الإختصاص النوعى أو القيمى أو المحلى دون القوانين التى تلغى محكمة أو تزيل جهة قضاء فإن هذا الإلغاء يحدث أثره حتماً بمجرد نفاذ القانون ما لم ينص على غير ذلك.

( الطعن رقم 103 لسنة 40 ق - جلسة 1976/11/17 - س 27 ع 2 ص 1594 ق 297 )

11 ـ القاعدة فى سريان قوانين المرافعات طبقا لما تنص عليه المادة الأولى من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 هى أنها تسرى على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها وذلك فيما عدا القوانين التى نصت عليها هذه المادة ، وليس من بينها الإجراءات الخاصة بحجز ما للمدين لدى الغير ولما كان الثابت فى الدعوى أن المطعون عليهما وقعا حجز ما للمدين لدى الغير تحت يد الطاعن بصفته فى 1968/4/9 أى فى ظل قانون المرافعات السابق ثم صدر قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1068 الذى عمل به فى 1968/11/10 فإن أحكامه تكون هى الواجبة التطبيق بأثر فورى فى هذا الخصوص ، ولا محل للتحدى بأن الطاعن قد اكتسب حقاً بتوقيع الحجز وقت سريان القانون السابق ، ذلك لأن القوانين المنظمة لأصول التداعى والترافع والحكم وطرق الطعن والتنفيذ والتحفظ هى فى عمومها قوانين منظمة لمراكز قانونية خاضعة بطبيعتها للتعديل والتغيير من جانب المشرع . وإذ رفعت الدعوى الحالية بصحيفة أودعت قلم الكتاب فى 1970/6/25 فى ظل العمل بقانون المرافعات القائم وفصل الحكم المطعون فيه طبقاً لأحكام هذا القانون ومن بينها ما تنص عليه المادة 343 من أنه إذا لم يقرر المحجوز لديه بما فى ذمته على الوجه وفى الميعاد المبينين فى المادة 339 أو قرر غير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد التقرير جاز الحكم عليه للدائن الذى حصل على سند تنفيذى بدينه بالمبلغ المحجوز من أجله وذلك بدعوى ترفع بالأوضاع المعتادة ، لما كان ذلك فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون - لأن المادة 565 من قانون المرافعات السابق لم تكن تخول الحاجز رفع دعوى الإلزام مباشرة ضد المحجوز لديه - يكون على غير أساس .

( الطعن رقم 345 لسنة 42 ق - جلسة 1976/02/10 - س 27 ع 1 ص 414 ق 86 )

12 ـ إذ صدر الحكم الابتدائي - فى منازعة إيجارية – فى 20/11/1967 قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات الحالي ، فتسري عليه من حيث جواز الاستئناف المادة 15/4 من القانون 121 لسنة 1947 المعمول بها وقت صدور الحكم وهو ما تقضي به الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات الحالي من عدم سريان القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق .

( الطعن رقم 159 لسنة 39 ق - جلسة 1974/10/15 - س 25 ع 1 ص 1140 ق 191 )

13 ـ إذا كان الثابت أن المطعون ضدهم قدموا فى الميعاد القانونى مذكرة بدفاعهم فإنه لا يقبل منهم و الحال كذلك التمسك ببطلان الطعن - أياً كان وجه الرأى فى الإعلان - إذ أن المادة الأولى من قانون المرافعات الحالى ، الذى عمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره فى 1968/5/9 ، نصت على سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى ، إلا ما إستثنى بذات المادة ، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون المذكور على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه ، إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء . وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهم قد علموا بالطعن المقرر به فى الميعاد ، وقدموا مذكرة فى الميعاد القانونى بالرد على أسباب الطعن فقد تحققت الغاية التى كان يبتغيها المشرع من إعلانهم ، ولا محل بعد ذلك للحكم ببطلان الطعن لهذا السبب .

( الطعن رقم 312 لسنة 37 ق - جلسة 1972/05/16 - س 23 ع 2 ص 919 ق 143 )

14 ـ من المقرر فى قضاء محكمة النقض أنه متى كان الحكم وهو سبيل تعرف إختصاص محكمة ما بإصدار أحكام فى مسألة من مسائل الأحوال الشخصية قد طبق فى تحديد الإختصاص القواعد القانونية التى كان معمولا بها وقت صدور تلك الأحكام بصفة نهائية فإنه لا يكون قد أخطأ فى القانون بعدم تطبيق المادة الأولى من قانون المرافعات السابق المعمول به من 1949/10/15 متى كانت تلك الأحكام قد صدرت بصفة نهائية قبل العمل بهذا القانون .

( الطعن رقم 311 لسنة 35 ق - جلسة 1969/11/11 - س 20 ع 3 ص 1180 ق 183 )

15 ـ إذ إستحدثت المادة 1/172 من القانون المدنى مدة تقادم تسقط بمقتضاها دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بإنقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرر بحدوث الضرر و بالشخص المسئول عنه ، وكان النص على هذا التقادم يعد بهذه المثابة من القوانين الموضوعية المتصلة بأصل الحق ، فإنه يحكمه فيما يتعلق بسريانه من حيث الزمان عند التنازع بينه و بين قانون سابق المادة الثامنة من القانون المدنى التى تقضى بسريان مدة التقادم الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد إذا كان قد قررمدة للتقادم أقصر مما قرره النص القديم ما لم يكن الباقى منها أقصر من المدة التى قررها النص الجديد ،وذلك دون الفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون المرافعات السابق التى تقضى بعدم سريان القوانين المعدلة لمواعيد المرافعات متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها.

( الطعن رقم 136 لسنة 35 ق - جلسة 1969/10/21 - س 20 ع 3 ص 1134 ق 175 )

16 ـ إذا كان الثابت أن شركة الشرق للتأمين قدمت فى الميعاد القانونى مذكرة بدفاعها بإعتبارها الشركة الدامجة لشركة النيل " المطعون عليها " والتى خلفتها بعد إنقضائها ، فإنه لا يقبل منها والحال كذلك التمسك ببطلان الطعن بدعوى أن إعلان التقرير بالطعن وجه إلى الشركة المندمجة ولم يوجه إليها هى بحسبانها الشركة الدامجة ، ذلك أن المادة الأولى من قانون المرافعات المعمول به من 1968/11/9 نصت على سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى إلا ما إستثنى بذات المادة ، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون المذكور على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء ، وإذ كان الثابت على ما سلف البيان أن شركة الشرق للتأمين الدامجة لشركة النيل للتأمين " المطعون عليها " قد علمت بالطعن المقرر به فى الميعاد وقدمت بصفتها الشركة الدامجة مذكرة فى الميعاد القانونى بالرد على أسباب الطعن ، ومن ثم فقد تحققت الغاية التى كان يبتغيها المشرع من إعلانها ، ولا محل بعد ذلك للحكم ببطلان الطعن لهذا السبب .

( الطعن رقم 344 لسنة 35 ق - جلسة 1969/06/19 - س 20 ع 2 ص 1026 ق 160 )

17 ـ الأصل أن القانون يسرى بأثر فورى على المراكز القانونية التى تتكون بعد نفاذه،سواء فى نشأتها أو فى إنتاجها آثارها أو فى إنقضائها وهو لا يسرى على الماضى، فالمراكز القانونية التى نشأت واكتملت فور تحقق سببها قبل نفاذ القانون الجديد كالميراث تخضع للقانون القديم الذى حصلت فى ظله، أما المراكز القانونية التى تنشأ وتكتمل خلال فترة تمتد فى الزمان، فإن القانون القديم يحكم العناصر والآثار التى تحققت فى ظله ,فى حين يحكم والقانون الجديد العناصر والاثار التى تتم بعد نفاذه ولئن كانت المراكز القانونية الاتفاقية تظل خاضعة للقانون القديم الذى نشأت فى ظله بإعتبارأنه تعبير عن إرادة ذوى الشأن فى نشرها أو فى آثارها أو فى انقضائها إلا أن هذا مشروط بألا يكون القانون الجديد قد أخضع المراكز القانونية سالفة البيان لقواعد آمرة، فحينئذ يطبق القانون الجديد فورا على ما لم يكن قد أكتمل من عناصرها وعلى آثار هذه المراكز الحاضرة والمستقبلة كما يحكم انقضاءها لما كان ذلك وكانت الأحكام الخاصة بتعيين أسباب الإخلاء تسرى بأثر فورى على ما لم يستقر من مراكز وقت نفاذها وإن نشأت فى ظل القانون القديم .

( الطعن رقم 1980 لسنة 54 ق - جلسة 1993/01/31 - س 44 ع 1 ص 383 ق 68 )

18 ـ المقرر فى قوانين إيجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والإمتداد القانونى وتعيين أسباب الإخلاء هى قواعد آمره ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسرى بأثر فورى على جميع المركز والوقائع القائمة والتى لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها و مؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً فى تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه إستحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فورى مباشر على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما لو إستوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو إتخاذ إجراءات معينة سواء من حيث إجراءات التقاضى أو الإثبات لم تكن مطلوبة و لا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسرى فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع و المراكز التى تنشأ فى ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التى نشأت فى ظل القانون السابق بإعتبار أن القانون الذى وقعت الدعوى فى ظله هو الذى يحكم شروط - قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها وقد نصت المادة 2 من قانون المرافعات على أن " كل إجراء تم من إجراءات المرافعات تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك . 

( الطعن«هيئة عامة» رقم 2219 لسنة 53 ق - جلسة 1982/03/25 - س 33 ع 1 ص 629 ق 1 )

19 ـ لما كان القرار المطعون فيه إذ صدر بعد أول أبريل سنة 1983 ، تاريخ العمل بقانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فإن إجراءات الطعن فيه تخضع للقواعد الإجرائية فى هذا القانون إعمالاً للأصل العام المقرر بالمادة الأولى من قانون المرافعات ، ولئن كان القانون رقم 17 لسنة 1983 قد خلا من نص ينظم الطعن فى قرارات لجنة القيد بجدول المحامين المقبولين أمام محكمة النقض ، إلا أن ذلك ليس من شأنه أن تكون تلك القرارات بمنأى عن رقابة القضاء ، لما ينطوى عليه ذلك من مصادرة لحق التقاضى ، وإفتئات على حق المواطن فى الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعى اللذين كفلهما الدستور فى المادة 68 منه ، فضلاً عن أن مبدأ الطعن قد تقرر فى ذات التشريع بالنسبة لكافة القرارات التى تصدر برفض طلبات القيد بالجداول الأخرى ،وليس ثمة وجه للمغايرة فى هذا الخصوص بينها وبين القرارات التى تصدر برفض القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض .

( الطعن رقم 680 لسنة 54 ق - جلسة 1984/12/11 - س 35 ص 11 ق 3 )

شرح خبراء القانون

تشريعات القضاء المدنى من حيث الزمان :

تنص مجموعة المرافعات المصرية في المادتين الأولى والثانية منها على أحكام تنظم سریان تشريعات القضاء المدني من حيث الزمان .

ويمكن القول في هذا الصدد أن تشريعات القضاء المدني تخضع لما تخضع له سائر التشريعات من حيث سريانها . فهي كغيرها ذات أثر فوری، أي أنها - إذ تصدر لتنظيم وقائع لاحقة - تنطبق مباشرة على الأعمال والوقائع التي تحدث بعد تطبيق التشريع. وهي إن كان لها أحياناً أثر رجعي، فإن ذلك لا يرجع إلى نوعها باعتبارها تشريعات تنظم القضاء، ولكن لأسباب يمكن أن تتوافر أيضاً بالنسبة للتشريعات الموضوعية، أي عندما يتعلق الأمر بتشريع ينص صراحة أو ضمناً على رجعيته ومثاله التشريع المفسر، أو إذا كان التشريع يواجه ضرورة تتعلق بالنظام العام فهو عندئذ لا يمكن أن يحقق هدفه إذا لم يزل آثار الأعمال التي تمت قبل صدوره. وفيما عدا هذه الحالات الاستثنائية، فإن تشريعات القضاء الجديدة تحترم الأعمال والوقائع التي تمت في ظل القانون السابق، مما يعني أن الأعمال التي تمت وفقاً للقانون السابق تبقى آثارها خاضعة لهذا القانون.

على أن ما تقدم لا ينفي أن هناك صعوبة خاصة بتشريعات القضاء. وهذه الصعوبة مردها أمران : الأول : أن الخصومة بطبيعتها باعتبارها مكونة من أعمال متتابعة زمنية تمتد عادة لبعض الوقت، مما يجعل احتمال صدور تشريع جديد قبل انتهائها أمراً كثير الوقوع. الثاني : أن الخصومة رغم تركيبها من أعمال مختلفة تكون في الواقع عملاً قانونياً واحداً يرمي إلى غاية نهائية واحدة هي تطبيق القانون ولهذا فإن الفصل بين الأعمال المكونة للخصومة وإخضاع بعضها للقانون والأخرى لقانون آخر قد يثير بعض الاضطراب. وهذا ما يدعو المشرع في غالب الأحيان عند إصدار تشريع جديد للقضاء إلى وضع نصوص خاصة تنظم سريانه.

ويمكن القول بأنه عند صدور تشريع جديد فإن هذا التشريع يجد نفسه أمام ثلاثة أنواع من الخصومات : خصومات انقضت، وخصومات لم تبدأ، وخصومات قائمة أمام القضاء. ونوضح فيما يلي مدى سريان التشريع الجديد بالنسبة لكل منها .

أولاً : خصومات انقضت :

ليس التشريع الجديد أي سريان عليها. فجميع الأعمال التي تمت فيها، والأحكام التي صدرت، وأثار هذه الأحكام بما فيها حجية الأمر المقضي تبقى خاضعة للتشريع القديم. فإذا صدر تشريع يغير من طريقة رفع الدعوى، أو يمنع من قبول أدلة معينة أو يحرم حكماً معيناً من حجيته أو يلغي طريق تنفيذ، فإن هذا التشريع لا يسري على الخصومة التي انقضت. ولا يبطل طريق التنفيذ الذي تم.

 ثانياً : خصومات مستقبلة :

أي خصومات لم تكن قد بدأت بعد عند صدور التشريع الجديد . وهذه تخضع كاملة له على التفصيل التالي :

(أ) الحق في طريق معين للحماية القضائية : يخضع للقانون الساري وقت ممارسته، بمعنى أنه لا يمكن إستعماله إلا إذا كان القانون الساري وقت بدء الخصومة يعترف به . فإذا ألغي تشريع جديد طريق حماية قضائية بواسطة دعوى معينة أو بواسطة طريق تنفيذ معين، زال تبعاً لذلك الحق في الحصول على الحماية القضائية بواسطة هذا الطريق ولو كان هذا الحق قد نشأ قبل التشريع الجديد . وهكذا إذا صدر تشريع جديد يلغى حبس المدين بالنسبة لدين النفقة، فلا تستطيع الزوجة الدائنة بالنفقة طلب حبس المدين ولو كان دينها بالنفقة قد نشأ أو صدر حكم به قبل هذا التشريع. وإذا صدر تشريع جديد لا يعترف بدعوى إسترداد الحيازة بالنسبة للحائز المادي، فلا تقبل هذه الدعوى حتی ممن توافرت فيه شروط الدعوى من الحائزين الماديين قبل صدوره .

ومن ناحية أخرى، إذا قرر التشريع الجديد طريق تنفيذ جديد أو بسط دعوی سابقة على مركز قانوني کان محروماً منها، فإنه ينطبق أيضاً علی الحقوق السابقة على صدوره . وهكذا فإن نص المادة 201 من مجموعة سنة 1968 المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 الذي جعل نظام أوامر الأداء ينطبق على الدائن الذي يطالب بمنقول معين بذاته يسري على هذا الدائن ولو نشأ حقه قبل نفاذ هذا القانون.

(ب) إجراءات الخصومة : وتخضع إجراءات الخصومة أيضاً للتشريع الجديد السابق على بدئها. ويشمل ذلك ما يتعلق بالمطالبة القضائية، وتحديد المحكمة المختصة بها، وشروط الأهلية اللازمة في الخصم، والدفوع والطلبات، وحقوق وواجبات الخصوم، وشكل الأعمال الإجرائية وآثارها المختلفة . والعبرة هنا بصدور التشريع قبل بدء الخصومة بصرف النظر عن الحق في الدعوى، بمعنى أن التشريع الجديد يسري على الخصومة التي تبدأ بعده ولو بدأت بناء على طلب شخص نشأ له الحق في الدعوى أو نشأ له الحق الموضوعي محل الحماية المطلوبة قبل صدور هذا التشريع.

على أن التشريع الجديد يجب أن يحترم آثار الأعمال القانونية التي تمت قبله، ولهذا فإنه إذا حدث إتفاق على إختصاص محل معين، أو اتفاق على التحكيم في ظل تشريع معين يجيزه، فإن آثار هذه الاتفاقات تظل خاضعة لهذا التشريع رغم صدور تشريع جديد مخالف.

ويلاحظ أن إجراءات الخصومة تخضع للتشريع الجديد السابق على بدئها. بصرف النظر عن القانون الموضوعي الواجب التطبيق .

(ج) أدلة الإثبات : يثير سريان القانون من حيث الزمان مشكلة خاصة بالنسبة للإثبات، إذا صدر القانون في الفترة بين الواقعة محل الإثبات وبدء الخصومة.

ومن المتفق عليه أنه بالنسبة للقواعد الإجرائية، أي القواعد التي تنظم كيفية تقديم أدلة الإثبات أمام القضاء، يسري القانون الجديد النافذ قبل اتخاذ هذه الإجراءات. هذا ولو كانت الواقعة القانونية محل الإثبات قد تمت في ظل قانون سابق. وبعبارة أخرى للقانون الجديد بأثر فوري.

ولكن المشكلة تثور بالنسبة لقبول الدليل وقوته في الإثبات . وأساس المشكلة هو ما إذا كانت هذه المسألة تتصل بالإجراءات، فترتبط بالقانون الساری وقت رفع الدعوى أم تتصل بالواقعة القانونية محل الإثبات فترتبط بالقانون الساري وقت تكوينها.

ذهب البعض وعلى رأسهم "كيوفندا" إلى أن قبول الدليل يعتبر مسألة إجرائية. ذلك أن أدلة الإثبات يراد بها تكوين اقتناع القاضي في الخصومة، ولهذا فإنها يجب ألا تقبل إلا طبقاً للتشريع الساري عند الحاجة إلى هذه الأدلة أي عند تقديمها للقاضي لتكوين اقتناعه .. فهذا التشريع وحده هو الذي يجب أن يحدد ما هي الأدلة التي تقبل «في الوقت الحاضر» لتكوين اقتناع القاضي . وليس من المعقول، أن يقوم القاضي في نفس الجلسة بقبول دليل إثبات معين على واقعة ما ويرفض نفس هذا الدليل بالنسبة لواقعة مماثلة لمجرد أن الدليل الأول قد أعد في ظل قانون كان يسمح به . فاقتناع القاضي ليس نتيجة عملية آلية يمكن إعداد وسائلها مقدماً، وإنما هو نتيجة عمل منطقي يجد وسائله في ظروف المجتمع وقت تكوينه ، وهي ظروف يستوحيها التشريع الجديد الذي يحدد وسائل معينة للإثبات لحسن سير العدالة .

وقد لوحظ على هذا الرأي أنه يؤدي إلى الإضرار بمصالح الخصوم ذلك أنه قد يحدث أن يجيز القانون إثبات واقعة معينة بالبينة، فيتصرف الأفراد على هذا الأساس مكتفين بإبرام التصرف أمام شهود . فإذا صدر قانون جديد يوجب إثبات هذا التصرف بالكتابة، فمن غير المعقول مطالبة هؤلاء بكتابة لم يعدوها سلفاً عند إبرام التصرف. إذ في هذا الطلب مفاجأة لهم ومساس بالثقة القانونية المشروعة.

وأمام وجاهة هذا الاعتراض يجب التفرقة بالنسبة لقوة الدليل وقبوله بين نوعين من الأدلة :

(أ) الأدلة التي تعد بطبيعتها مقدماً : وهذه هي الأدلة التي تعد قبل بدء الخصومة عند القيام بالتصرف أو العمل القانوني محل الإثبات . فهذه تعتبر عنصراً من الواقعة القانونية، ويجب احتراماً لإرادة الأفراد إخضاعها للقانون الساري وقت تكوين العمل أو التصرف القانوني، إذ في هذا الوقت يقوم الأفراد بإعداد الدليل توقياً لأي نزاع في المستقبل . ويجب - توحيداً للقاعدة - تعميمها سواءً أعد الأطراف الدليل بالفعل أو لم يعدوه .

وتأخذ حكم الأدلة التي تعد مقدماً القرائن القانونية. فالقرينة القانونية تخضع للقانون الساري عند حدوث التصرف أو الواقعة التي ترتبط بها القرينة وليس القانون النافذ عند الحكم وفقاً لها . ذلك أن القرينة القانونية من فعل المشرع، وتتعلق بتصرف أو واقعة معينة دون أي ارتباط باستنتاج من قبل القاضي.

(ب) الأدلة التي لا تعد بطبيعتها مقدماً : وهذه هي الأدلة المتعلقة بإثبات واقعة قانونية . فالوقائع القانونية لأنها ليست أعمالاً ترمى الإرادة إلى إحداث آثارها القانونية ، فإن أدلتها لا يتصور أن تعد مقدماً . ولهذا تخضع من حيث قبولها للقانون الساري وقت تقديم الدليل . ويلاحظ أن التصرف القانوني قد يخضع في إثباته لأدلة لا تعد بطبيعتها مقدماً، ومن هذه مثلا حلف اليمين أو تقارير الخبراء أو الإقرار، وعندئذ يسرى عليها القانون الساري وقت تقديمها وليس القانون النافذ عند إبرام التصرف القانوني .

 ثالثاً : خصومات قائمة :

من الناحية النظرية يمكن التفكير في اتجاهين: الأول هو تطبيق القانون القديم على الخصومة القائمة حتى تنتهى . وهذا الاتجاه يستند نظرياً إلى فكرة وحدة الخصومة . فالخصومة بإجراءاتها المختلفة تعتبر عملاً قانونياً واحداً، فيجب أن تخضع جميع هذه الإجراءات إلى القانون الذي بدأت في ظله ويفيد هذا الاتجاه في تلافي المشاكل التي يثيرها تطبيق القانون الجديد على الخصومة القائمة . ولهذا تلجأ التشريعات أحياناً إلى النص عليه بالنسبة لتطبيق تشريع معین.

أما الاتجاه الثاني فهو تطبيق التشريع الجديد فوراً . فتخضع الإجراءات التي تمت قبل صدوره للتشريع الذي تمت في ظله، أما الإجراءات اللاحقة فتخضع للتشريع الجديد . ويستند هذا الاتجاه نظرياً إلى أن كل إجراء يعتبر - وإن شارك في الخصومة - عملاً قانونياً مستقلاً . ويحتم مبدأ الأثر الفوري التشريع وعدم رجعيته إخضاع كل إجراء التشريع الذي تم في ظله.

وقد ساد هذا الاتجاه الأخير في الفقه وقننته مجموعة المرافعات المصرية بنصها في المادة الأولى منها على أن «تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها» وبنصها من ناحية أخرى في المادة الثانية فقرة 1 منها على أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك» .

فإذا صدر قانون أثناء الخصومة ينظم شكل إجراء معين من الإجراءات أو يخول سلطة لأحد الخصوم أو القاضي، فإن هذا القانون يسري بأثر فوري على الإجراءات التالية لنفاذه دون الإجراءات السابقة . وذلك مع ملاحظة ما قدمناه مما تقضي به قاعدة عدم رجعية القوانين من أن آثار العمل تترتب وفقاً للقانون الساري عند القيام بهذا العمل ونتيجة لهذا، فإن المطالبة القضائية التي تمت صحيحة في ظل قانون معين تبقى كذلك ولو صدر قانون جديد يرتب شكلاً آخر لها ؛ ومن ناحية أخرى فإن المطالبة القضائية التي تمت صحيحة وفقاً لأحكام قانون معين لا يعيبها صدور قانون جديد لا يوجب الشكل أو البيان الذي نقص في الصحيفة التي تمت قبل نفاذه . وما يصدق على المطالبة القضائية يصدق على الطعون والأحكام وغيرها من الأعمال الإجرائية التي تتم أثناء الخصومة . أما الآثار التي ترتبها المطالبة القضائية، مثلاً تقادم الدعوى، أو يرتبها رفع الطعن أو صدور الحكم أو أي إجراء آخر فتبقى خاضعة للقانون الذي يحكم الإجراء.

وإذا حدث ، واستحدث قانون جديد نظاماً إجرائياً لم يكن يعرفه القانون الملغي، فإن هذا النظام يطبق فوراً على جميع الخصومات القائمة رغم أنها . بدأت قبل نفاذ القانون الجديد.

بعض صعوبات الأثر الفوري للتشريع :

على أن القول بالأثر الفوري للتشريع بالنسبة للخصومة القائمة يثير تساؤلات بالنسبة للمسائل التالية :

(أ) إختصاص المحكمة : ما دام الإجراء يخضع للقانون الذي تم في ظله، فإن آثار هذا الإجراء يجب أيضاً أن تخضع لذلك التشريع، فهذا هو مقتضى مبدأ عدم رجعية التشريعات كما قدمنا، ومفاد هذا أنه إذا رفعت دعوى إلى القضاء، فإن المحكمة المختصة بها يجب ألا تتغير بصدور تشريع يجعل مثل هذه الدعوى من اختصاص محكمة أخرى . ذلك أن إختصاص محكمة معينة إنما يتحدد بوقت رفع الدعوى ويعتبر أثراً له تطبيقاً للقاعدة اللاتينية.

على أن هذا الرأي الذي يتفق مع المبادئ القانونية الصحيحة، لقی معارضة من الفقه والقضاء الفرنسيين . واستقرت محكمة النقض الفرنسية.

على أن التشريع الجديد الذي يعدل قواعد الإختصاص يسري فوراً على الدعاوى القائمة تحقيقاً للهدف من التعديل. وهذا الاتجاه الأخير هو أيضاً الذي أخذ به المشرع المصري (مادة 1 / 1 مرافعات). على أنه بسبب المشاكل العملية التي يؤدي إليها هذا الاتجاه، عمد القضاء الفرنسي إلى استثناء الدعاوى التي صدر فيها حكم في الموضوع أو في مسألة موضوعية أو صدر فيها حكم قبل الفصل في الموضوع ولكنه يمس الموضوع كما لو صدر حكم بقبول دليل معين من أدلة الإثبات وقد سار قانون المرافعات المصري في هذا الاتجاه إلى مدى أبعد فاستثنى الدعاوى التي يكون قد قفل باب المرافعة فيها، إذ نصت المادة الأولى منه على استثناء «القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعاوی» . فبمجرد قفل باب المرافعة في موضوع الدعوى ، لا يسري التشريع الجديد وتبقى الدعوى من اختصاص المحكمة التي رفعت إليها وفقاً للتشريع السابق. ويسرى الاستثناء سواء كان الأمر يتعلق بالولاية أو بإختصاص نوعى أو قيمي أو محلي .

وعادة يتضمن التشريع الجديد نصوصاً تنظم إحالة الدعاوى القائمة إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها. وتطبيقاً لهذا تنص المادة الخامسة من القانون رقم 76 لسنة 2007 - الذي رفع نصاب المحاكم الجزئية والابتدائية - على أن «على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من إختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون وذلك بالحالة التي تكون عليها .

وتكون الإحالة إلى جلسة تحددها المحكمة . ويعتبر صدور قرار الإحالة إعلاناً للخصوم الذين حضروا احدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة . وفي هذه الحالة يقوم قلم الكتاب باعلان الخصوم بالقرار بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول.

ولا تسري أحكام الفقرتين السابقتين على الدعاوى المحكوم فيها قطعياً أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم».

ويقصد المشرع بالدعاوى المحكوم فيها قطعياً، الدعاوى التي صدرت فيها أحكام قطعية غير منهية للخصومة في الموضوع سواء فصلت في أحد الطلبات الموضوعية أو حسمت نقطة من النزاع الموضوعي ولو لم تفصل في طلب. فيخرج منها الأحكام القطعية الصادرة في مسألة إجرائية، فصدورها لا يحول دون وجوب إحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصبحت مختصة وفقاً للقانون الجديد .

ولا تجوز الإحالة إذا كانت الدعوى محجوزة للحكم ولو مع السماح للخصوم بتقديم مذكرات أو مستندات . فإذا تقرر فتح باب المرافعة بعد نفاذ التعديل الجديد وجبت الإحالة.

(ب) مواعيد المرافعات : إذا كان هناك ميعاد معين في الخصومة محدداً وفقاً لتشريع قائم، مثلاً ميعاد لسقوط الخصومة أو للطعن في الحكم، ثم صدر تشريع جديد ينقص هذا الميعاد أو يعدله ، فهل يحسب الميعاد وفقاً للقانون السابق أم وفقاً للتشريع الجديد ؟ تطبيقاً لمبدأ عدم رجعية التشريع، فإن الميعاد يخضع من حيث مدته للتشريع السارى وقد بدئه (مادة 1/ 1 مرافعات) . فإذا كان ميعاد الطعن ستين يوماً وبعد بدئه صدر تشريع يجعله أربعين يوماً، فإن الميعاد يخضع للتشريع القديم ولا ينقضى إلا بانقضاء الستين يوماً كاملة . ومن ناحية أخرى، إذا كان الميعاد أربعين يوماً، فجعله القانون الجديد ستين يوماً، فإن الميعاد ينقضي بانقضاء الأربعين يوماً، سواء صدر القانون الجديد قبل انقضاء الميعاد القديم أو بعد انقضائه. ومن المفهوم أن هذا الحل يفترض أن يكون الميعاد قد بدأ في ظل القانون القديم، فإذا لم يبدأ إلا في ظل التشريع الجديد فمن الطبيعي أن يخضع لهذا التشريع ونفس الحل - من باب أولى - بالنسبة للميعاد الذي لم يكن معروفاً في التشريع القديم . فهذا الميعاد يطبق على الخصومة القائمة، على أنه لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ سريان القانون الجديد ولو كانت الواقعة التي حددها هذا القانون كنقطة بداية له قد حدثت قبل صدوره (أنظر المادة 2 / 2 مرافعات).

أما بالنسبة لجزاء عدم احترام الميعاد، فإنه يجب تطبيق النص القانوني النافذ عند انقضاء الميعاد . فإذا صدر قانون جديد يقرر جزاءً جديداً على عدم احترام ميعاد معين وكان هذا الميعاد قد انقضى قبل نفاذ القانون الجديد. طبق الجزاء الذي كان منصوصاً عليه في القانون السابق.

(ج) طرق الطعن في الأحكام : إذا صدر تشريع جديد يلغى طريق طعن قائم، أو ينشىء طريق طعن جديد، فقد يظن أن هذا التشريع يسرى فوراً على الأحكام القضائية الصادرة قبله. ولكن القاعدة القانونية الصحيحة تقتضي كما قدمنا أن تخضع آثار العمل القانوني التشريع الساري وقت تكوينه. وبما أن قابلية الحكم للطعن فيه أو عدم قابليته للطعن وبالتالي حيازته قوة الأمر المقضي يعتبر من آثار الحكم، فإنه يجب تطبيق القانون الساري عند صدور الحكم. وهذا الحل قننه أيضاً قانون المرافعات المصري (مادة 1/ 3).وليس في الأمر أي استثناء على خلاف ما يوحى به هذه النص . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 35 )

الخصومة أمام المحاكم الإقتصادية

إحالة إلى القواعد العامة في قانوني المرافعات والإثبات :

تخضع إجراءات الخصومة أمام المحاكم الإقتصادية لنفس الإجراءات التي ينص عليها قانون المرافعات المدنية والتجارية وقانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في قانون المحاكم الإقتصادية. (المادة الرابعة من قانون إصدار المحاكم الإقتصادية)  وعلى هذا فإن إجراءات الخصومة أمام المحكمة الإقتصادية تنطبق عليها ما ينص عليه قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968، سواء في ذلك الأحكام العامة المواد من 1 إلى 26) أو تلك التي ينص عليها الكتاب الأول من قانون المرافعات، مع مراعاة ما ينص عليه قانون المحاكم الإقتصادية من أحكام خاصة. وهو ما أشارت إليه صراحة المادة الرابعة من قانون إصدار قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية بنصها على أن «تطبق أحكام قوانین .... المرافعات المدنية والتجارية والإثبات في المواد المدنية والتجارية ، وذلك فيما لم يسرد بشأنه نص خاص في القانون المرافق».

عدم تطبيق نظام التوفيق على الدعاوى الاقتصادية :

ولأن القانون رقم 7 لسنة 2000 قانون خاص سابق على قانون المحاكم الاقتصادية، وهو ليس جزءاً من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 الذي أحالت إليه المادة الرابعة من قانون إصدار المحاكم الإقتصادية، ولم يحل هذا القانون إلى القانون رقم 7 لسنة 2000، فإن هذا القانون الأخير لا ينطبق على الدعاوى أمام المحاكم الإقتصادية. فيتم الالتجاء إلى المحكمة الاقتصادية مباشرة دون سبق الإلتجاء إلى لجنة التوفيق ولو كانت الدعوى من تلك التي تخضع لنظام التوفيق إذا رفعت أمام المحاكم العادية فإنشاء المحاكم الاقتصادية يرمي إلى سرعة حسم المنازعات الإقتصادية تشجيعاً للاستثمار، ولهذا أفرد لها المشرع نظاماً قضائياً خاصاً يجعلها من تلك الدعاوى المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 والتى تنص المادة الأولى من قانون إصداره على أن «... لا يسري في شأنه أي حكم يخالف أحكامه» . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء :الثاني،  الصفحة : 775 )

يقصد بقانون المرافعات، النصوص الإجرائية والتنظيمية التي يلتزم صاحب الحق باتباعها ذوداً عن حقه، حماية أو استرداداً أو استحقاقاً، ويبدأ الذود بالإنذار وينتهي بالتنفيذ واستقرار الحق لصاحبه، ومن ثم فإن من شأن تلك النصوص تنظيم الإجراء من حيث شروطه والمدة الواجب التقيد بها والجزاء المترتب على مخالفتها متى تطلب النص اتخاذ الإجراء في مدة محددة ، فتمتد هذه النصوص إلى الإنذار والطلب القضائي سواء تمثل في دعوى أو أمر أداء أو طلب على عريضة، وما يعتري هذا الطلب من شطب أو وقف أو انقطاع أو سقوط، وما يواجه به من دفوع وأوجه دفاع تعلقت بهذه النصوص أو بنصوص قانون الإثبات التي خصها المشرع بقانون خاص، والتصدي للطلب وما أثير بشأنه بحكم قضائي استوفى الشروط اللازمة لإصداره وتنفيذه. والطعن فيه بالطريق المقرر قانوناً حتى يستقر الحق بحكم بات.

وقد جمع المشرع جميع النصوص التي تحقق هذه الغاية في قانون المرافعات ثم أفرد لنصوص الإثبات قانوناً مستقلاً هو قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 واستعاض به عن الباب السادس من الكتاب الأول من القسم الأول من القانون المدني والباب السابع من الكتاب الأول من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 .

ولا يؤدي تجميع نصوص الإثبات في قانون واحد إلى تغيير طبيعتها، ومن ثم تظل خاضعة للأحكام العامة التي تخضع لها سائر نصوص المرافعات ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك.

ولا تقتصر نصوص المرافعات على قانون المرافعات، فقد يرد بعضها في قانون آخر، فتظل لها طبيعتها وتخضع بالتالي للأحكام العامة في قانون المرافعات ما لم يتضمن النص ما يخالفها وحينئذ يعمل بما تضمنه النص إذ يعتبر في هذه الحالة نصاً خاصاً يقيد النص العام الذي تضمنه قانون المرافعات، مثال ذلك الدعاوى التي نص عليها القانون المدني ومنها دعوى الشفعة التي لم يورد القانون المدني نصاً بصدد رفعها ومن ثم ترفع وفقاً لقانون المرافعات المعمول به وقت رفعها، وإذ أورد القانون المدني ميعاداً لرفعها تعين الالتزام به باعتباره نصاً خاصاً، ومتى رفعت دعوى الشفعة على هذا النحو، فتظل مقبولة حتى لو صدر نص جديد على خلاف ما تقدم، وأيضاً دعوى الإفلاس في القانون التجاري ودعوى المسئولية في القانون البحري والدعوى الضريبية في قانون الضرائب على الدخل.

سريان القانون الجديد :

غالباً ما يحدد المشرع تاريخ العمل بالقانون الذي يسنه، وذلك بالنص فيه على سريانه والعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية أو بعد نشره فيها بمدة يحددها، فإن لم يحدد ميعاداً للعمل به، فإنه يكون واجب النفاذ بعد شهر من نشره في الجريدة الرسمية، ويحسب الشهر اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ العدد الذي تضمن النشر وينتهي بانتهاء اليوم الأخير، ويجب أن تكون الجريدة قد سلمت من المطابع إلى مركز التوزيع فإن لم يتم ذلك فلا يعتبر أن النشر قد تم إلا من اليوم الذي تم فيه هذا التسليم.

الأثر المباشر لقانون المرافعات

 (1) الدعاوى التي لم يتم الفصل فيها :

رأينا أن ذود الإنسان عن حقه يتطلب منه اتخاذ إجراءات متتالية يواجه بها خصمه الذي يتقدم بدوره بدفوع وأوجه دفاع رداً على الأدلة المقدمة في الدعوى، فتخضع كل هذه الإجراءات للنصوص التي كان معمولاً بها وقت مباشرتها، فما استوفى شروط صحته منها وفقاً لها ظل صحياً وما اعتراه من بطلان ظل مشوباً به حتى لو صدر نص جديد أغفل البطلان الذي كان يتضمنه النص السابق، ذلك أن المشرع قد يصدر قانوناً جديداً بعد البدء في اتخاذ الإجراءات القضائية وقبل الفصل في الدعوى، وحينئذ يسرى هذا القانون بأثر فوري مباشر على كافة الإجراءات التي يدركها أما الإجراءات التي لم يدركها وتكون قد تمت قبل العمل به، فتظل خاضعة للقانون الذي اتخذت في ظله، فإن كان هذا يعتبرها صحيحة ظلت كذلك حتى لو اعتبرت باطلة وفقاً للقانون الجديد، والعكس صحيح أي إذا اعتبرت باطلة في ظل القانون القديم ظلت كذلك حتى لو اعتبرت صحيحة وفقاً للقانون الجديد.

مفاد ذلك، أن القانون الجديد يسرى بأثر فوري على ما يتخذ في ظله من إجراءات وتخضع لأحكامه من حيث الصحة والبطلان، فإذا تطلب القانون الذي اتخذ الإجراء في ظله شروطاً معينة لصحته وجب توافرها حتى لو صدر قانون جديد لم يتطلب فيه مثلها سواء توافرت كلها في ظل القانون القديم أو توافر بعضها في ظل القانون الجديد باعتبار أن الإجراء هو الأصل وأن الشروط اللازمة لصحته من توابعه، مثال ذلك أن يتطلب القانون شروطاً في الإجراء منها إخطار الخصم به فيتحقق بعضها ثم يصدر قانون جديد قبل تمام الإخطار، وحينئذ يتعين الإخطار ولو لم يتطلبه القانون الجديد. ومتی تم الإجراء صحيحاً في ظل قانون معين ترتب عليه كافة آثاره التي كان يرتبها هذا القانون. 

تتضمن نصوص الإثبات، النصوص المتعلقة بإجراءات الإثبات والنصوص المتعلقة بطرق الإثبات، وتنصرف الأولى إلى التحقيق والاستجواب وإلزام خصم بتقديم ورقة تحت يده وضم الأوراق وإنكار التوقيع والدفع بالجهالة، بينما تنصرف طرق الإثبات إلى الكتابة والبينة والإقرار والقرائن واليمين الحاسمة والاستعانة بالخبراء.

وتخضع النصوص الأولى لما تخضع له نصوص المرافعات، فما تم منها في ظل القانون القديم يظل خاضعاً لأحكامه، أما ما يتخذ منها في ظل القانون الجديد فيسرى فى شأنها أحكام القانون الجديد على التفصيل المتقدم.

أما النصوص الثانية، وقد عبرت عنها المادة التاسعة من القانون المدني بالأدلة القانونية وأخضعت ما يعد منها مقدماً للنصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي ينبغي فيه إعداده، فالدليل الذي أعد في ظل قانون معين تسري عليه كافة أحكام هذا القانون المتعلقة به حتى لو صدر قانون جدید عدل من شروط هذا الدليل أو أغفل تنظيمه وذلك احتراماً لإرادة الطرفين، ومفاد هذا النص أن الأدلة القانونية التي لا يمكن إعدادها مقدماً کالاستعانة بالخبراء واليمين الحاسمة والإقرار، تخضع للقانون الساري وقت تقديمها ولو تعلقت بوقائع أنشئت في ظل قانون سابق، فتأخذ هذه الأدلة حكم النصوص المتعلقة بإجراءات الإثبات.

وينصرف نص المادة التاسعة من القانون المدني إلى الأدلة القانونية وإلي القرائن القانونية، فهذه وتلك هي التي تتنازع فيها النصوص من حيث الزمان، ولذلك يلزم أن يتناولها كل من القانونين القديم والجديد، بحيث إذا استحدثها القانون الجديد سرت عليها أحكامه.

والأدلة القانونية هي الكتابة، ومبدأ الثبوت بالكتابة معززة بالبينة والإقرار والبينة والقرائن واليمين.

وقد يتطلب القانون في إثبات وقائع مادية كالولادة والوفاة القيد بدفاتر خاصة فتكون دليلاً لإثبات هذه الوقائع.

والأصل أن يوجد الدليل في الوقت الذي تحققت فيه الواقعة التي يستدل به عليها، فالكتابة توجد عند ابرام التصرف والقيد بدفاتر المواليد يتم عند الولادة، فإن لم يوجد الدليل في ذلك الوقت، تعين اعتباره موجوداً فيه وسرت في شأنه الأحكام التي كانت سارية وقت إبرام التصرف أو وقت الولادة .

أوضحنا فيما تقدم أن الدعاوى التي لم يتم الفصل فيها تخضع لقانون المرافعات الجديد، وإعمالاً لمفهوم المخالفة، فإن الدعاوى التي تم الفصل فيها تخضع - بداهة - للقانون الذي فصل فيها في ظله مما يحول دون الخصم والعودة من جديدة إلى القضاء للفصل في الدعوى وفقاً لأحكام القانون الجديد، وتعتبر الدعوى قد تم الفصل فيها إذا صدر فيها حكم ينهي الخصومة كلها أو بعضها، فإذا طعن في الحكم المنهي للخصومة كلها وقضت محكمة الطعن بإلغاء الحكم وإعادة الدعوى لنظرها من جديد، خضعت للإجراءات التي نص عليها القانون الجديد باعتباره القانون الساري وقت مباشرة هذه الإجراءات.

الدعوى المؤجلة للنطق بالحكم

إذا قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، ظلت مختصة بها دون أن تلتزم بإعادته للمرافعة. لكن إذا إعادتها. وكان القانون الجديد قد سلب الاختصاص منها، وجب عليها إحالتها إلى المحكمة المختصة.

الإجراءات التي لم تتم قبل العمل بالقانون

دل نص المادة الأولى من قانون المرافعات على أن الإجراءات التي لم تتم قبل العمل بالقانون الجديد تخضع لأحكام هذا القانون باعتباره القانون الساري وقت مباشرتها، أما الإجراءات التي تمت في ظل القانون القديم فتظل خاضعة لأحكامه من حيث الصحة والبطلان والآثار المترتبة عليها، فإن تم إجراء في ظل القانون القديم، خضع لأحكامه، فإن اعتبره هذا القانون صحيحاً ظل كذلك مرتباً كافة آثاره ولو جاء القانون الجديد بشروط يترتب البطلان على عدم استيفائها وكان الإجراء غير مستوف لها طالما أن القانون الذي تم الإجراء في ظله لم يكن يتطلبها أو لم يكن يرتب البطلان على عدم استيفائها. وذلك عملاً بالمادة الثانية من قانون المرافعات.

وإذا كانت هناك قاعدة قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام وصدر قانون جديد يستحدث حكماً جديداً يتعلق بها، فإنه يسرى بأثر فوري على المراكز التي لم تستقر نهائياً وقت نفاذه، أما إذا تعلق الحكم الجديد ببعض شروط القاعدة القانونية الآمرة دون المساس بذاتيتها، كما لو استوجب لتطبيقها شروطاً خاصة بإجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة من قبل القانون الجديد، فإن هذا الحكم لا يسرى إلا من تاريخ نفاذه على الوقائع التي نشأت في ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع السابقة عليه سواء رفعت بها الدعوى أو لم ترفع قبل صدوره.

ويعتبر الإجراء قد تم بمجرد توافر عناصره ولو تطلب القانون للاحتجاج به إخطار الخصم به مثلاً، ويعتبر الإخطار حينئذ من توابع الإجراء فيخضع مثله للقانون الذي تم الإجراء في ظله ومن ثم يكون لازماً ولو لم يتطلبه القانون الجديد.

كان الجزاء باعتبار الدعوى كأن لم تكن يقع بقوة القانون عملا بالمادة (70) ثم أصبح جوازياً بموجب القانون رقم 75 لسنة 1976، فإن تحقق موجب توقيعه قبل العمل بهذا القانون، وقبل التمسك به، صدر هذا القانون، فلا يترتب على صدوره أن يصبح الجزاء الذي تحقق موجبه، جوازاً، بل يظل على الحال الذي كان عليه وجوباً تلتزم المحكمة بتوقيعه إذا تمسك به صاحب المصلحة فيه، وهو ما يعني وقوعه بقوة القانون.

الاستثناءات الواردة على الأثر المباشر للقانون

 (1) القوانين المعدلة للاختصاص

يلتزم المدعي عند رفع دعواه بقواعد الاختصاص التي حددها قانون المرافعات، سواء كان اختصاصاً نوعياً أو قيمياً أو محلياً، ومتى رفعت الدعوى وفقاً لهذه القواعد، التزمت المحكمة بالفصل فيها، فإذا صدر قانون جديد وسلب المحكمة ولايتها في نظر الدعوى تعين عليها إحالتها بالحالة التي هي عليها إلى المحكمة المختصة التي تلتزم بنظرها من حيث انتهت إجراءاتها، فما تم من إجراءات أمام محكمة الإحالة تظل نافذة دون حاجة لإعادتها.

وإذا كانت المحكمة غير مختصة أصلاً بنظر الدعوى، ثم صدر قانون جديد جعلها مختصة بها، تعين عليها التزام أحكامه، فلا تقضي بعدم اختصاصها ولو كان هناك دفع مبدي أمامها إذ لم يعد لمن أبداه مصلحة فيه.

ولا تلتزم المحكمة بحكم القانون الجديد الذي سلب اختصاصها إذا كان باب المرافعة قد أقفل في الدعوى، ويتحقق ذلك بحجزها للحكم دون تصريح بتقديم مذكرات أو مستندات، فإذا كان مصرحاً بشيء من ذلك اعتبر باب المرافعة قد أقفل بانقضاء الأجل المحدد، إذ بإقفال باب المرافعة تكون المحكمة قد تناولت الدعوى بالبحث والتمحيص والمداولة مما لا يساغ معه إلزامها بإحالتها إلى محكمة أخرى والتخلي عن التصدي لها ولا ينال من ذلك أن تقرر مد أجل النطق بالحكم ولو أكثر من مرة، لكن إذا قررت إعادة الدعوى للمرافعة لأي سبب من الأسباب أو أصدرت حكماً تمهيدياً، التزمت حكم القانون الجديد الذي سلبها اختصاصها وتعين عليها أن تضمن قرارها بإعادة الدعوى إلى المرافعة وإحالتها بحالتها إلى المحكمة المختصة. وليس لها بعد أن أقفل باب المرافعة أن تصدر حكماً بعدم اختصاصها إعمالاً لأحكام القانون الجديد، فإن أصدرت حكماً بذلك كان في حقيقة مرماه قراراً بإعادة الدعوى للمرافعة وإحالتها إلى المحكمة التي أصبحت مختصة وهو ما يحول دون الطعن في قضائها باعتباره قراراً بالإحالة.

فإن كان باب المرافعة لم يقفل بعد العمل بالقانون الجديد، وجب على المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة وإحالتها إلى المحكمة المختصة، فإن خالفت ذلك وقضت فيها، كان قضاؤها مشوباً بمخالفة قواعد الاختصاص.

ويعمل بالبند الأول من المادة الأولى من قانون المرافعات عندما يخلو القانون الجديد المعدل للاختصاص من تحديد الدعاوى التي تخضع لقواعد الاختصاص السابقة على العمل به. وحينئذ تخضع لهذه القواعد الدعاوى التي أقفل فيها باب المرافعة، فإن تضمن نصاً بهذا التحديد، تعيين إعماله دون ما تضمنه البند الأول سالف البيان، كما لو تضمن القانون الجديد نصاً بإخضاع الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم لقواعد الاختصاص السابقة كنص المادة (12) من القانون رقم 23 لسنة 1992 وحينئذ يكفي للإبقاء على هذه القواعد أن تكون الدعوى قد حجزت للحكم قبل العمل بالقانون الجديد ولو كان باب المرافعة فيها لم يكن قد أقفل عند العمل به.

صدور القانون المعدل للاختصاص في فترة الوقف :

إذا أوقف السير في الدعوى لأي من الأسباب ، کصدور حكم بالوقف أو الانقطاع أو قررت المحكمة شطب الدعوى أو استبعادها من الرول لعدم سداد الرسوم القضائية، وفي خلال فترة الوقف صدر قانون بتعديل الاختصاص أدى إلى عقد الاختصاص بالدعوى الموقوفة لمحكمة أخرى وسلب الاختصاص من المحكمة التي كانت تنظرها، وإذ يتحقق هذا الأثر بحكم القانون دون أن يكون للمحكمة الأخيرة سلطة تقديرية في ترتيبه، مما يجوز معه تعجيل السير فيها مباشرة أمام المحكمة التي عقد القانون الجديد الاختصاص لها، إذ أصبحت بموجبه صاحبة الولاية بنظرها والحكم فيها، بحيث إذا تم التعجيل أمامها مباشرة وتصدت لها كان قضاؤها على سند صحيح من القانون.

فإن تم التعجيل أمام المحكمة التي سلب القانون اختصاصها، كان عليها حالة الدعوى إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بنظرها، فإذا خالفت ذلك وتصدت للموضوع، كان قضاؤها مشوباً بالبطلان لصدوره من محكمة لا ولاية لها.

وقد يبقى المشرع على الدعوى أمام المحكمة التي كانت تنظرها لتستمر في نظرها والحكم فيها رغم أنها أصبحت من اختصاص محكمة أخرى، وفي هذه الحالة يمتنع على المحكمة القضاء بعدم اختصاصها. ومتى قضت فيها، كان قضاؤها خاضعاً لقواعد الطعن التي كانت مقررة قبل تعديل الاختصاص، بحيث إذا طعن في الحكم امتنع على محكمة الاستئناف التصدي لمسألة الاختصاص.

القوانين المعدلة للمواعيد :

إذا بدأ الميعاد في ظل قانون معين ظل خاضعاً من حيث مدته إلى هذا القانون كي لا يتبعض الميعاد أو يضطرب حساب بدايته ونهايته ومداه، والمراد ببداية الميعاد هنا الإجراء الذي يبدأ منه حساب الميعاد كما حدده القانون الذي بدأ في ظله أيا كان هذا الإجراء إعلاناً أو إيداعاً أو غير ذلك، والمراد بالميعاد المعنى الأعم لهذا اللفظ فتشمل المواعيد المدد والآجال سواء كانت مواعيد طعن أم آجال سقوط يجب أن تتخلل الإجراءات.

فإذا كان ميعاد الطعن في الحكم أربعين يوماً وبدأ في ظل القانون القديم ثم صدر القانون الجديد وجعل الميعاد ستين يوماً، فإن الميعاد الذي حدده القانون القديم هو الذي يلتزم به الطاعن، بحيث إذا تم الطعن بعد انقضائه، سقط حقه في الطعن حتى لو كان قد رفع طعنه قبل انقضاء الميعاد الذي حدده الميعاد حتى لو صدر قانون جديد يخفض الميعاد إلى أربعين يوماً.

أما إذا كان الميعاد لم يبدأ في ظل القانون القديم وبدأ في ظل القانون الجديد فإن الميعاد الذي نص عليه القانون الجديد هو الذي يكون واجب الاتباع، مثال ذلك أن ينص القانون القديم على أن يكون ميعاد الطعن ستين يوماً يبدأ من تاريخ إعلان الحكم، ثم يصدر قانون جديد ينص على أن ميعاد الطعن أربعين يوماً يبدأ أيضاً من تاريخ إعلان الحكم، ويصدر حكم في ظل القانون القديم ولم يعلن إلا بعد صدور القانون الجديد، فحينئذ لا يكون الميعاد قد بدأ في ظل القانون القديم، وإنما في ظل القانون الجديد الذي يسرى على الميعاد فيكون أربعين يوماً من الوقت الذي تم فيه إعلان الحكم، أما إن كان الميعاد يبدأ بصدور الحكم، سرى القانون القديم إذ يكون الميعاد قد بدأ في ظله.

وإذا استحدث القانون الجديد ميعاداً لم يكن منصوصاً عليه في القانون القديم، فإن هذا الميعاد يسرى منذ العمل بالقانون الجديد ، سواء كان الإجراء الذي يبدأ به الميعاد وارداً بالقانون القديم أو جاء به القانون الجديد.

يستثنى الأثر الفوري لقانون المرافعات، القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من أحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت هذه القوانين ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق، ومفاد ذلك أن يخضع الحكم من حيث جواز الطعن فيه أو عدم جواز ذلك للقانون الذي صدر في ظله دون اعتداد بالقانون الجديد الذي صدر بعد ذلك، والعبرة في صدور الحكم هو بتاريخ النطق به وليس بتاريخ التوقيع على نسخته الأصلية، إذ يتعلق حق الخصوم به منذ النطق به، وإذا حجزت المحكمة الدعوى للحكم وحددت جلسة مستقلة للنطق بالحكم ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة لاحقة أصدرت فيها حكمها، وبين الجلستين صدر قانون جدید منظماً لطرق الطعن، كان هو الواجب التطبيق باعتبار أن الحكم تم النطق به في ظله، أما إذا كان النطق به تم في الجلسة الأولى المحددة لذلك خضع الحكم من حيث جواز أو عدم جواز الطعن فيه للقانون القديم.

فإذا صدر حكم في ظل قانون كان يجيز الطعن فيه، وبعد صدوره وفي خلال ميعاد الطعن، صدر قانون جديد ألغى طريق الطعن الذي كان يجوز بموجبه الطعن في هذا الحكم، فإن الحكم يظل خاضعاً للقانون القديم، ومن ثم يكون الطعن فيه جائزاً لا ينال منه القانون الجديد، والعكس صحيح، فإذا صدر الحكم في ظل قانون كان لا يجيز الطعن فيه، وبعد صدوره صدر قانون جديد يجيز الطعن في مثل هذا الحكم، فإن الحكم يظل خاضعاً للقانون القديم ومن ثم لا يجوز الطعن فيه، ويسرى ذلك بالنسبة لطرق الطعن العادية وغير العادية.

ومن الأمثلة على إلغاء طريق من طرق الطعن، أن القانون القديم كان يجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية إذا كان الحكم صادراً في مسألة اختصاص متعلق بالولاية، ولما صدر قانون المرافعات ألغى هذا الطريق بموجب المادة 249 مما يترتب عليه أن الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية تكون قابلة للطعن فيها بطريق النقض متى صدرت قبل العمل بقانون المرافعات، أما إذا صدرت بعد ذلك كان الطعن فيها بالنقض غير جائز، وأيضاً كان قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 لا يجيز الطعن ولما صدر قانون الإيجار الجديد أجاز ذلك، ومن ثم فإن الأحكام التي صدرت في ظل القانون القديم تخضع له فلا يجوز الطعن فيها، أما تلك التي صدرت في ظل القانون الجديد فيكون الطعن فيها جائزاً.

على أنه إذا رفع الطعن إعمالاً للقانون القديم، وكان رفعه في ظل القانون الجديد، فإن إجراءات الطعن يجب أن تتم حسبما يتطلبه القانون الجديد وليس حسبما كان يتطلبه القانون القديم باعتبار أن إجراءات المرافعة يجب أن تتم وفقاً للقانون الذي تباشر في ظله، فإذا كان القانون القديم ينص على أن يرفع الطعن بتكليف بالحضور أو بتقرير في قلم الكتاب ثم صدر القانون الجديد ونص على أن يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم الكتاب، وجبه أن يرفع الطعن حسبما تطلبه القانون الجديد وإلا كان الطعن غير مقبول لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون. ويراعى في هذا الصدد أن القانون القديم كان ينص على أن الطعن بالنقض يرفع بتقرير في قلم الكتاب ثم صدر قانون المرافعات ونص على رفعه بصحيفة تودع قلم الكتاب، وكان مؤدى ذلك أن الطعن بالنقض إذا لم يرفع في ظل قانون المرافعات الحالي بصحيفة تودع قلم الكتاب كان غير مقبول ولكن استقرت أحكام النقض. على أن الطعن بالنقض يجوز رفعه بصحيفة تودع قلم الكتاب أو بتقرير في قلم الكتاب أو بطلب استوفى بیانات الصحيفة، كما تترتب آثار الطعن وفقاً للقانون الجديد، فإن كان يجيز طلب وقف التنفيذ استفاد الطاعن من ذلك متى تضمن طعنه هذا الطلب.

ولا يقصر إلغاء أو تشاء طريق من طرق الطعن على النص على جواز أو عدم جواز الطعن. إنما قد يصدر قانون جديد يرفع النصاب الانتهائي للحكم أو يخفض منه فيصبح الحكم قابلاً أو غير قابل للطعن.

ويخضع الاستئناف الفرعي دائماً للقانون الذي رفع في ظله الاستئناف الأصلي، باعتباره تابعاً للاستئناف الأخير، فإن كان الاستئناف الأصلي قد رفع في ظل قانون يجيز رفع الاستئناف الفرعي وقبل رفع الاستئناف الفرعي صدر قانون جديد يلغي هذا الطريق من طرق الطعن، فإن هذا القانون لا يحول دون رفع استئناف فرعي تابع للاستئناف الأصلي السابق رفعه، والعكس صحيح، فإذا كان القانون الذي رفع الاستئناف الأصلي في ظله لا يجيز رفع استئناف فرعي، ثم صدر قانون جديد وأنشأ هذا الطريق من طرق الطعن، فإن القانون القديم يكون هو الواجب التطبيق فلا يجوز وفقاً له رفع استئناف فرعي . ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الأول الصفحة : 11 )

قانون المرافعات هو مجموعة القواعد القانونية المنظمة للقضاء المدني، ويقصد بالقضاء المدني هنا معناه الواسع أى القضاء في المعاملات المدنية والتجارية والأحوال الشخصية وغيرها من المعاملات الخاصة، إذ تخضع هذه المعاملات جميعها كقاعدة لقضاء موحد يطلق عليه اصطلاح القضاء المدني، ويتضمن قانون المرافعات تنظيماً شاملاً للقضاء المدني في سكونه وحركته وجدي راغب فهمي - مبادئ القضاء المدني - سنة 1986 - ص 5 وص 6، فتتناول قواعد المرافعات تنظيم الجهاز القضائي المدني للدولة بصورة وصفية، كما تتناول تنظيم هذا الجهاز وهو في حالة حركة ،إذ تتناول تنظيم التقاضي وكافة أوجه النشاط القضائي، ولذلك تنقسم قواعد هذا القانون إلى أربعة موضوعات، موضوعان يتعلقان بالجهاز القضائي وهو في حالة سكون وهما النظام القضائي والاختصاص القضائي، فتتناول قواعد المرافعات المتعلقة بالنظام القضائي ترتيب المحاكم المدنية وتشكيلها وتنظيم ما يتعلق بالقضاة وأعوانهم من رجال نيابة ومحامين وكتبة ومحضرين، أما قواعد المرافعات المتعلقة بالاختصاص فتتولي توزيع العمل بين المحاكم .

وموضوعان يتعلقان بالجهاز القضائي وهو في حالة حركة، وهما إجراءات التقاضي والتنفيذ الجبري، فتنظم قواعد المرافعات إجراءات التقاضي من حيث كيفية رفع الدعوى ووسائل الدفاع وإجراءات التحقيق وكيفية إصدار الأحكام وطرق الطعن فيها، كما تنظم قواعد المرافعات كيفية تنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية الأخرى، فتوضح بياناً بالسندات الواجبة التنفيذ جبراً ومقدمات التنفيذ وإجراءاته، وطرقه ومنازعاته الموضوعية وإشكالات التنفيذ وكيفية توزيع حصيلته.

نطاق تطبيق قانون المرافعات وكونه الشريعة العامة في المجال الإجرائي ومدی سريانه على القضاء الجنائي والقضاء الإداري :

ويلاحظ أن قانون المرافعات لا يحكم كافة فروع القضاء في الدولة وإنما يقتصر على القضاء المدني، ومن ثم يتميز عن قانون الإجراءات الجنائية الذي يحكم القضاء الجنائي، ويتميز أيضاً عن قانون مجلس الدولة الذي بحكم القضاء الإداري .

ولكن يمثل قانون المرافعات الشريعة العامة للقوانين الإجرائية، بمعنی أن قواعده تطبق على أنواع القضاء المختلفة ، حيث لا يوجد نص خاص في القوانين الإجرائية المتعلقة بها، ولذلك تحيل القوانين الإجرائية الأخرى إلى نصوصه، وتطبيقا لذلك تنص المادة الثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بأن تطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص، وذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائي، كما تحيل كثير من نصوص قانون الإجراءات الجنائية إلى قانون المرافعات كالمادة 248 إجراءات المتعلقة برد القضاة والمادة 234 إجراءات المتعلقة بإعلان أوراق التكليف بالحضور وغير ذلك.

فمن المسلم به أن قانون المرافعات يطبق على الدعاوى المدنية بمعناها الواسع الذي يشمل جميع الدعاوى المدنية والتجارية ودعاوى الأحوال الشخصية ودعاوى العمال وغيرها من دعاوى الحقوق التي ينظمها القانون الخاص بفروعه المختلفة.

بيد أنه يكاد ينعقد الإجماع على أن قانون المرافعات يطبق أيضاً على غير ذلك من الدعاوى الإدارية والدعاوى الجنائية فيما لم يرد في شأنه نص في قانون مجلس الدولة أو قانون الإجراءات الجنائية، ولذلك يقال عادة أن قانون المرافعات هو القانون العام للقاضي.

ويرجع ذلك إلى اعتبارين الأول أن الوظيفة القضائية واحدة في طبيعتها أيا كانت المحكمة التي تقوم بادائها سواء أكانت محكمة مدنية أم إدارية أم جنائية ،فمقومات العمل القضائي واحدة أياً كانت الجهة القضائية التي تقوم به، وسواء أكان قيامها به في دعوى مدنية أم إدارية أم جنائية، ولذلك كانت الأصول العامة للتقاضي واحدة ( رمزي سیف ۔ الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية - الطبعة التاسعة - بند 14 ص 24 وص 25 ) وقد أورد المشرع هذه الأصول العامة للتقاضي في صلب قانون المرافعات، والاعتبار الثاني  أن قانون المرافعات أكمل قوانين الإجراءات، وكثيراً ما تحيل القوانين الإجرائية الأخرى على نصوصه في بعض المسائل كما مضت الإشارة آنفاً .

إذن قانون المرافعات هو الشريعة العامة بالنسبة لكل من القضائين الإداري والجنائي، وقد ساعد على ذلك بالنسبة للقضاء الإداري، أن وجوده حديث بالنسبة للقضاء المدني، ولهذا فإن وضع القواعد القانونية التي تنظمه لم يكتمل بعد ( فتحي والي - الوسيط - بند 7 ص 12، مما حدا به إلى تكملة النقص فيه أحياناً بالرجوع إلى قانون المرافعات، وهذا ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة التي مضت الإشارة إليها آنفاً، ولا شك في أن هناك مبادئ أساسية تحكم القضاء أيا كان نوعه، أي أصول عامة للتقاضي واحدة كما أسلفنا، وهذه المبادئ الأساسية، لأسباب تاريخية أو بسبب الملاءمة، توجد في قانون المرافعات ولكنها تنتمي في الواقع لما يمكن تسميته بالنظرية العامة لقانون القضاء فتحی والی - بند 7 ص 13، فإذا تعلق الأمر بأحد هذه المبادي، وجب على القضاء، سواء المدني أو الجنائي أو الإداري أو غيرها تطبيقها، لا باعتبارها تنتمي إلى قانون القضاء المدني، وإنما باعتبارها مبادئ أساسية عامة لكل القضاء ومن هذه مثلا ما يتعلق بحرية الدفاع وبإعلان الأوراق أو بقواعد مخاصمة القضاة وعدم صلاحيتهم وردهم.

أما خارج هذه المبادئ العامة، فعلى كل من القضائين الجنائي والإداری تطبيق القوانين الخاصة بهما دون قانون المرافعات، فإن لم يوجد فيها نص فيجب على القضاء الجنائي أو الإداري البحث عن القاعدة الواجبة التطبيق بالنظر إلى وظيفته ومايتسق مع أدائه لهذه الوظيفة ولا مانع من أن يستهدي بما يكون قانون المرافعات قد نظمه في هذا الشأن، على أن تبقى قواعد قانون المرافعات مجرد مصدر للإيحاء ( فنسان - المرافعات - الطبعة 18 سنة 1976۔ بند 4 ص 7 و ص 8، فتحي والي - الوسيط - بند 7 ص 13 و ص 14، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة ما إذا أحال قانون القضاء الجنائي، أو قانون القضاء الإداري، صراحة على قانون المرافعات ومثالها الإحالة الواردة في المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية على قواعد قانون القضاء المدني بالنسبة لمنع الشاهد من أداة الشهادة أو إعفائه منها على أنه يجب التمييز بين مثل هذه الإحالة إلى قاعدة معينة من قواعد قانون المرافعات، وبين الإحالة العامة إلى قواعده، والواردة في قانون مجلس الدولة  كما أشرنا، فالإحالة الخاصة تؤدي إلى تطبيق قاعدة قانون المرافعات بصفة ملزمة، كما لو كان الخطاب بها موجها إلى القضاء الآخر، أما الإحالة العامة فليس لها هذه القوة، فلا يلتزم القضاء الإدارى - وفقاً لهذه الإحالة - بتطبيق جميع قواعد قانون المرافعات التي لا مقابل لها في قانون مجلس الدولة، وإنما عليه أن يطبق منها ما يكون مناسباً لوظيفته ومنسقاً مع قواعد قانونه، وتطبيقاً لهذا حكم بعدم تطبيق نظام أوامر الأداء أمام القضاء الإداري على أساس أن هذا النظام يتعارض صراحة مع قانون مجلس الدولة في أصول نظامه القضائي الذي لايسمح بالمعارضة في الأحكام الصادرة منه بهيئة قضاء إداري ( حكم المحكمة الإدارية العليا - الصادر في 7/6/1958- مجموعة المباديء القانونية للمحكمة الإدارية العليا - 3 - ص 1373 ) .

سريان قانون المرافعات على الخصومة أمام المحكمة الدستورية العليا بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص هذه المحكمة والأوضاع المقررة أمامها تنص المادة 28 من قانون 48 لسنة 1979 الخاص بالمحكمة الدستورية العليا على أنه «فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل، تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

وتنص المادة 51 من نفس القانون على أنه «تسري على الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة - فيما لم يرد به نص في هذا القانون - القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة تلك الأحكام والقرارات .

وقد قررت المحكمة الدستورية العليا بأن مؤدى هاتين المادتين أن شرط انطباق القواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى التي تدخل في اختصاص هذه المحكمة والأحكام الصادرة فيها، هو أن يكون إعمال هذه القواعد غیر متعارض مع طبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها.

مصادر قانون المرافعات إن المصدر الوحيد لقانون المرافعات هو التشريع، ولا يعتبر العرف مصدر لقانون المرافعات، ومهما كانت درجة ثبات ما تجري عليه العادة في الحياة العملية من إجراءات أمام المحاكم لم يقض بها نص تشريعي فليس لها ما للقانون من اعتبار فتحي والي - الوسيط في قانون القضاء المدني - طبعة سنة 1993 - بند 5 ص 8، وقارن مع ذلك محمد عبدالخالق عمر - قانون المرافعات - سنة 1978- الجزء الأول - بند 4 ص 10 حيث يرى أن للعرف دور ضئيل في تحديد واستخلاص قواعد قانون المرافعات.

وللقضاء والفقه دور هام في مجال المرافعات، فالقضاء وفي قمته محكمة النقض يسهم بطريقة محسوسة في استخلاص وتطبيق وتحديد مبادىء المرافعات، كما يقوم الفقه بتأصيل قواعد المرافعات وانتقادها واقتراح تعديلها، بيد أن القضاء والفقه ليست لهما أية قيمة إلزامية وإنما قيمتها إقناعية بحتة، ومن ثم تلتزم الحاكم بصفة أساسية بنصوص قانون المرافعات، إذ التشريع هو المصدر الوحيد لهذا القانون.

والتشريع الأساسي في قانون المرافعات هو قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 12 لسنة 1968 ، وهو القانون الذي سوف نقوم بالتعليق على نصوصه في هذا المؤلف، وهذا القانون وليد تطور تشريعي في مصر يرجع إلى عام 1875، ففي هذا العام عرفت مصر لأول مرة مجموعات القوانين بالمعنى الحديث، فصدر قانون المرافعات المختلط في 16 سبتمبر 1875 ليعمل به أمام المحاكم المختلطة، وفي 13 نوفمبر سنة 1883 صدر قانون المرافعات الأهلية ليطبق أمام المحاكم الأهلية، وبمناسبة إلغاء المحاكم المختلطة صدرت مجموعة للمرافعات بالقانون رقم 77 لسنة 1949 للعمل بها أمام المحاكم المصرية في عهدها الجديد على أن هذه المجموعة لم تعش طويلاً، إذ سرعان ما حلت محلها مجموعة جديدة سنة 1968، وهي القانون الحالی.

وقد تم تعديل بعض أحكام القانون رقم 13 لسنة 1968 بتشريعات متعاقبة آخرها ما تضمنها القانون رقم 23 لسنة 1992، والقانون رقم 81 لسنة 1996، والقانون رقم 18 لسنة 1999.

وإلى جانب قانون المرافعات رقم 12 لسنة 1998، توجد قوانين مكملة له وهي تشريعات لم ترد نصوصها في قانون المرافعات، إما لاعتبارات تاريخية أو لاعتبارات عملية، أو بسبب أنها تحكم أيضاً أنواع أخرى من القضاء إلى جانب القضاء المدني، وأهم هذه التشريعات هي  :

1- المواد من 385 إلى 393 ومن 868 إلى 1032 من قانون المرافعات السابق 1949، فقد نصت المادة الأولى من قانون إصدار مجموعة 1968 على إبقاء هذه المواد، والمواد من 385 إلى 293 خاصة بالمعارضة في الأحكام الغيابية، وقد بقيت للعمل بها بالنسبة للخصومات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية أما المواد من 868 إلى 1032 ،فهی تكون الكتاب الرابع من المجموعة السابقة الخاص بمسائل الأحوال الشخصية وقد شاء المشرع أن يترك هذه النصوص قائمة دون تعديل انتظاراً للانتهاء من القانون المنظم للأحكام الموضوعية لهذه المسائل للارتباط الوثيق بين الإجراءات وبين الأحكام الموضوعية .

2- قانون السلطة القضائية وهو القانون رقم 46 لسنة 1972 الصادر في أول أكتوبر 1972، معدلاً بالقانون رقم 49 لسنة 1973 والقانون رقم 17 لسنة 1979، والقانون رقم 35 لسنة 1984 ،ويتولى ترتيب المحاكم وتنظيمها وولاية المحاكم وتنظيم النيابة العامة فضلاً عن قواعد تعيين القضاة وترقيتهم وأقدميتهم ونقلهم، وغير ذلك مما يتعلق بشئون القضاة في مصر .

3- قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية وهو القانون رقم 25 لسنة 1968 الصادر في 30 مايو 1968 ،والمعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992.

4-قانون الخبراء وهو ينظم الخبرة أمام المحاكم، وهو القانون رقم 96 لسنة 1952 ،معدلة بالقانون رقم 626 لسنة 1955 .

5- قانون المحاماة وهو القانون رقم 17 لسنة 1982 الصادر في 31 مارس 1983 وقد عدلت بعض أحكامه بالقانون رقم 227 لسنة 1984 وقانون المحاماة هو الذي يتولى تنظيم مهنة المحاماة.

قانون الحجز الإداري  وهو القانون رقم 308 لسنة 1955، وهو ينظم إجراءات الحجز الإداري وقد عدل بالقانون رقم 44 لسنة 1958 والقانون رقم 181 لسنة 1959، والقانون رقم 27 لسنة 1971، والقانون رقم 30 لسنة 1972.

قانون المجلس الأعلى للهيئات القضائية وهو القانون رقم 82 لسنة 1969 الصادر في 31 أغسطس 1969 ويتعلق بإنشاء مجلس للإشراف على الهيئات القضائية في الجمهورية وتحديد اختصاصه ونظام عمله .

قانون الرسوم القضائية ورسوم التوثيق فى المواد المدنية  وهو القانون رقم 90 لسنة  1944، معدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 وهو يقرر - بصرف النظر عن رسوم التوثيق - الرسوم المالية التي تحصل عن رفع الدعاوى والإجراءات القضائية المختلفة .

قانون المحكمة الدستورية العليا  وهو القانون رقم 48 لسنة 1979، الصادر في 29 أغسطس 1979، وهو خاص بإنشاء محكمة دستورية عليا بالجمهورية، ويتولى هذا القانون بیان نظام المحكمة واختصاصاتها، والقواعد المتعلقة بالإجراءات أمامها، والقرارات التي تصدرها، والرسوم والمصروفات والشئون المالية والإدارية .

القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية . 

وينظم المشرع طريقة رسمية لتفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية، والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقاً لأحكام الدستور، إذا أثارت خلافاً في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها، ويقدم طلب التفسير إلى المحكمة الدستورية العليا من وزير العدل، ويكون قرارها بالتفسير ملزماً مادتان 26 و 33 من قانون المحكمة الدستورية .

وجدير بالذكر أنه لا تزال للقواعد الفقهية التي استخلصها فقهاء الشريعة الإسلامية أهمية عملية، ويمكن الاهتداء بها عند تفسير قانون المرافعات الحالي، ومن هذه القواعد قاعدة أن اليقين لا يزول بالشك، وأن القضاء بعد صدوره صحيحاً لا يبطل بإبطال أحد، وأن من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه، وأن الأصل براءة الذمة، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام، وأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، وأن الساقط لا يعود، وأن الحدود تدرأ بالشبهات، وأن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، وأن الولاية الخاصة أولى من الولاية العامة، وأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين مثله والمراد به غالب الظن، وأنه لا ينسب إلى ساكت قول انظر في تطبيق هذه القواعد على مسائل « كتاب القضاء والشهادات والدعوى» كتاب تبويب كتاب الأشباه والنظائر، الذي أعده محمد أبو الفتح - القاهرة سنة ۱۲۸٦ هجرية – ص 286 .

مدى تعلق قواعد قانون المرافعات بالنظام العام يهدف النظام العام إلى حماية المصالح العليا للمجتمع، ولذلك فإن القواعد التي تهدف إلى تنظيم وحسن سير النظام الأساسية للمجتمع والتي تحقق له هذه المصالح العليا تعتبر متعلقة بالنظام العام، وينبغي ملاحظة أن فكرة النظام العام هي بطبيعتها فكرة مرنة ومتغيرة تتغير بتغير الزمان والمكان.

فإذا استهدف المشرع مباشرة من قاعدة قانونية تحقيق مصلحة عامة فإن هذه القاعدة تعتبر متعلقة بالنظام العام، وتعتبر قاعدة آمرة لا يجوز للأفراد مخالفتها أو الاتفاق على عكسها، بينما إذا استهدف المشرع من وضع القاعدة القانونية تحقيق مصلحة خاصة للأفراد، فإن هذه القاعدة تعتبر غیر متعلقة بالنظام العام، تعتبر قاعدة مكملة لإرادة الأفراد يجوز لهم مخالفتها أو الاتفاق على عكسها.

وإذا تأملنا قواعد قانون المرافعات فإنه لا يمكننا القول أنها كلها متعلقة بالنظام العام أو أنها كلها غير متعلقة به، وإنما تتنوع هذه القواعد فبعضها يتعلق بالنظام العام وبعضها الآخر لا يتعلق به .

إذ تهدف قواعد المرافعات إلى تنظيم الحماية القضائية للحقوق في مجال المعاملات الخاصة، وهي من هذه الناحية تمس كلا من المصلحة العليا للمجتمع والمصلحة الخاصة لأفراده، فهي إذ تكفل سيادة القانون واحترام الحقوق تحقق الاستقرار الاجتماعي وتشيع الثقة والإئتمان في المعاملات مما يعود على المجتمع بالأمن النفسي والرخاء الاقتصادي ولكنها إذ تعمل في مجال المعاملات الخاصة فإنها تتمخض عن وسائل قانونية لحماية المصالح الخاصة للخصوم وجدي راغب - بند 5 ص 12 و ص 13.

ولذا تتنوع هذه القواعد كما ذكرنا إلى قواعد متعلقة بالنظام العام أو المصلحة الخاصة حسب غلبة الاعتبار العام أو الخاص في الغاية المباشرة التي تستهدفها، ومن المتفق عليه أنه بعد من النظام العام كل من قواعد النظام القضائي والاختصاص الوظيفي والنوعى للمحاكم، بينما الأصل في قواعد الاختصاص المحلى أنها لا تعتبر متعلقة بالنظام العام لأنها تهدف إلى التيسير على المتقاضين ومراعاة مصالحهم الخاصة، ولكن في أحوال استثنائية جعل المشرع الاختصاص المحلي في دعاوى معينة لمحكمة معينة بالذات مراعاة للمصلحة العامة، ومن ثم تتعلق القاعدة في مثل هذه الحالة بالنظام العام، ومثال ذلك حالات اختصاص محاكم الدرجة الثانية المحلي، فلا يرفع الاستئناف إلا لمحكمة الدرجة الثانية التي يشمل اختصاصها دائرة اختصاص محكمة الدرجة الأولى التي أصدرت الحكم المطعون فيه، فهدف هذه القاعدة حسن ترتيب القضاء، ومن ثم تعتبر من النظام العام.

وفيما يتعلق بالقواعد المنظمة لإجراءات التقاضي فإن أغلبها لا يتعلق بالنظام العام لأنها تكفل للخصوم وسائل للدفاع عن حقوقهم الخاصة، فهي تهدف إلى تحقيق مصالح خاصة أكثر من تحقيق المصلحة العامة، ومع ذلك فإن بعضها يتعلق بالنظام العام كتلك التي تتصل بالمبادئ الأساسية في التقاضي كمبدأ علانية الجلسة واحترام حقوق الدفاع ومبدأ تسبيب الأحكام، فهذه الأخيرة تهدف لتحقيق المصلحة العامة أكثر من تحقيق المصالح الخاصة للأفراد، ومن ثم تتعلق بالنظام العام .

وينتج عن اعتبار أن قاعدة من قواعد المرافعات متعلقة بالنظام العام أو غیر متعلقة به نتائج عديدة، ومن أهم هذه النتائج أن القاعدة المتعلقة بالنظام العام يجوز لأي خصم التمسك بها أمام المحكمة، كما يجوز ذلك للنيابة العامة، بل يجب على المحكمة أن تطبقها من تلقاء نفسها، ويجوز ذلك في أي مرحلة من مراحل إجراءات التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة النقض ولا يجوز للخصوم التنازل عن تطبيقها أو الاتفاق على ما يخالف أحكامها وذلك خلافاً للقواعد غير المتعلقة بالنظام العام المقررة لحماية المصالح الخاصة فإنه لا يجوز أن يتمسك بها سوى الخصم المقررة لمصلحته، ولا يجوز أن تطبقها المحكمة إلا إذا تمسك بها هذا الخصم ويجوز له أن يتنازل عن هذا صراحة أو ضمناً، كما يتشدد القانون في وقت التمسك بها فلا يجوز التمسك بها أول مرة إلا في بداية الخصومة، كما يجوز للأفراد الاتفاق علي مخالفتها لأنها قواعد مكملة لإرادتهم.

نطاق تطبيق قانون المرافعات من حيث الزمان وفقاً للمادة الأولى - محل التعليق  القاعدة العامة وثلاث استثناءات منها القاعدة العامة قاعدة الأثر الفوري والمباشر لقانون المرافعات.

قانون المرافعات شأنه شأن سائر التشريعات تسري عليه قاعدة الأثر الفوري والمباشر، فهو ذو أثر فوری ومباشر لا يطبق على الماضي، فهو يطبق فوراً ومباشرة على الأعمال والوقائع التي تحدث بعد نفاذه، وليس له أثر رجعي بمعنى أن الأعمال والوقائع التي تمت في ظل القانون السابق تحترم ولا يؤثر فيها - كقاعدة - القانون الجديد.

فلا تطبق قواعد المرافعات الجديدة إلا على ما يقع من تاريخ نفاذ القانون الصادر بها، ولا تجرى على ما يكون قد وقع قبله ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وذلك احتراماً للحقوق المكتسبة والمراكز المقررة قبل نفاذه، ومن المعروف أي قانون يسري من تاريخ نشره أو في التاريخ الذي يحدد لسريانه بشرط أن يكون لاحقاً على النشر، ويجب أن يتم النشر بالجريدة الرسمية ولا يكفي نشره ضمن أعمال المجلس التشريعي والمقصود بالنشر أن يكون من شأنه أن يعلم به الكافة، فإذا نشر القانون في عدد محدود من الجريدة الرسمية كان النشر باطلاً لأنه لا يحقق الغاية من النشر، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تمتنع عن تطبيقه لأنه لا يعد نافذاً إلا بنشره انظر حكم محكمة جنايات الإسكندرية الصادر بتاريخ 20/5/1978 في الدعوى رقم 501 لسنة 1973، جنايات الرمل والمقيدة برقم 771 كلى الإسكندرية فتاريخ العمل بالقانون كقاعدة عامة هو تاريخ نشره بالجريدة الرسمية أو التاريخ الذي يحدد فيه لنفاذه بشرط أن يكون تالياً لنشره ولا عبرة بتاريخ إصدار القانون، فالإصدار عمل قانوني للقانون ذاته بينما النشر عمل مادي يتلو الإصدار ويتم بظهور القانون في الجريدة الرسمية للدولة، والغرض منه إبلاغ الجمهور بالقانون ليكون على علم به قبل تطبيقه - فهو شرط لازم لإمكان تنفيذ القانون أحمد أبوالوفا - المدونة 1 رقم 31 و 32 و حكم محكمة القضاء الإداري 31/1/1950 القضية رقم 231 سنة 2 ق .

والملاحظ عملاً أن تطبيق قاعدة الأثر الفوري يثير صعوبة خاصة بالنسبة لقانون المرافعات، وأساس هذه الصعوبة، أن قانون المرافعات بحكم خصومة قضائية، والخصومة بطبيعتها باعتبارها مكونة من أعمال متابعة زمنياً تمتد عادة لبعض الوقت، مما يجعل احتمال صدور تشريع جديد قبل انتهائها أمراً كثير الوقوع فتحى والى - بند 9- بند 12 ص 15 - ص 22، فعند صدور تشريع مرافعات جدید، فإن هذا التشريع يجد نفسه أمام ثلاثة أنواع من الخصومات، سوف نوضح مدى سريانه عليها بالتفصيل فيما يلي :

أولاً : مدى سريان قانون المرافعات على الخصومات السابقة على نفاذه :

عند صدور قانون مرافعات جديد أو حدوث تعديل لأي مادة من مواده، فإن هذا القانون الجديد أو قاعدة المرافعات الجديدة أو المعدلة لا تسری على الخصومات السابقة على نفاذ التشريع الجديد، فلا يسرى القانون الجديد على الخصومات السابقة فجميع الأعمال التي تمت في هذه الخصومات السابقة وأثار هذه الأعمال، تبقى خاضعة للتشريع القديم، فإذا صدر تشريع يغير من طريقة رفع الدعوى، أو يمنع من قبول أدلة معينة أو يحرم حكماً معيناً من حجيته أو يلغي طريق تنفيذ، فإن هذا التشريع لا يسرى على الخصومة التي انقضت، ولا يبطل طريق التنفيذ الذي تم فتحي والي - بند 10 - ص 15 .

فلا تسرى قواعد المرافعات بأثر رجعي بالنسبة إلى الإجراءات التي تمت قبل العمل بها بل تظل هذه الإجراءات خاضعة للقانون الذي تمت في ظله من حيث الصحة والبطلان والأثر القانوني لها، حتى لو جاء القانون الجديد بأحكام مغايرة تعدل في شروط الصحة وأحكام البطلان وتحديد الآثار .

الدعاوى المحكوم فيها ومدى قابلية الحكم للتنفيذ :

تقرر المادة الأولى من قانون المرافعات - بمفهوم مخالفتها- أن الدعاوى التي تم الفصل فيها قبل العمل بالقانون الجديد لا تخضع لحكمه، وإنما تسري عليها أحكام القانون القديم.

كذلك تقرر هذا المبدأ - في صورة جزئية وبصدد قوانين الاختصاص - المادة الثانية من القانون بإصدار قانون المرافعات التي سبق لنا التعليق عليها، إذ تقول على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون، وذلك بالحالة التي تكون عليها إلخ ولا تسرى أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم، بل تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة.

والقاعدة الأساسية أنه متى صدر الحكم في ظل القانون القديم فإنه يأخذ حكمه من ناحية قابليته للتنفيذ الجبرى بقوة القانون أو قابليته للنفاذ المعجل بقوة القانون أو عدم قابليته له، بحيث إذا كان قابلاً للتنفيذ وفقاً للقانون القديم وصدر القانون الجديد قبل إجراء تنفيذه، فإنه يظل قابلاً للتنفيذ ولو قرر القانون الجديد عدم قابلية مثله للتنفيذ، والعكس صحيح، بمعنى أنه إذا صدر حكم غير قابل للتنفيذ في ظل قانون ما ثم صدر قانون جديد يجعل مثله قابلاً للتنفيذ، فإن الأول لا يكون قابلاً للتنفيذ بقوة القانون الجديد.

كذلك إذا صدر حكم مشغول بالنفاذ المعجل بحكم المحكمة ثم صدر قانون جديد يجعل مثله غير قابل للشمول بالنفاذ المعجل، فإن هذا القانون لا يمس القوة التنفيذية للحكم الأول والعكس صحيح بمعنى أنه إذا صدر حكم غير مشمول بالنفاذ المعجل ،ثم صدر قانون جديد يوجب على المحكمة شمول مثله بالنفاذ المعجل، فإن هذا القانون الجديد لا يؤثر في عدم قابلية الحكم الأول للنفاذ، ولا يجوز للمحكوم له طلب شموله بالنفاذ في ظل القانون الجديد.

فقابلية الحكم للتنفيذ الجبري أو عدم قابليته له في وصف لحكم يولد معه ويولد بمقتضاه مراكز إجرائية مكتملة، فلا يؤثر فيها صدور أي قانون جدید مغاير للقانون الذي صدر الحكم في ظله.

والقاعدة الأساسية أيضاً أنه متى صدر حكم في ظل قانون معين، وكان غير قابل للطعن فيه بأي طريق أو أصبح كذلك، فإن صدور أی قانون جديد لايؤثر في المراكز الإجرائية المكتملة للخصوم ولو جعل مثله  قابلاً للطعن، وذلك احتراماً لتلك المراكز الثابتة المكتملة .

ومن ناحية أخرى، تقصد المادة الأولى من قانون المرافعات - محل التعليق - تقرر أن قانون المرافعات الجديد لا يسري على الدعاوى التي حكم فيها قبل نفاذه، بحيث لا يعاد نظرها من جديد في ظله ولو عدل تعديلاً جوهرياً إجراءات نظر الدعوى أو إجراءات رفعها أو إجراءات إثباتها .

كذلك تقصد المادة الأولى - محل التعليق - عدم إعادة نظر الدعاوى التي انقضت قبل العمل بالقانون الجديد بقوة القانون القديم ودون حكم من المحكمة كما إذا ظلت الدعوى مشطوبة - في ظل القانون السابق - المدة الكافية لاعتبارها كأن لم تكن بقوة نصوصه وبغير حاجة إلى صدور حكم راجع المادة 91 من القانون السابق والمادة 81 من القانون الجديد .

ولا يعاد نظر الدعوى التي تم الفصل فيها قبل نفاذ القانون الجديد ولو كان الحكم الصادر فيها قابلاً للطعن أو طعن فيه بالفعل وبعبارة أخرى مرحلة التقاضي التي تمت بصدور حكم قبل العمل بالقانون الجديد يشد بها ولا تعاد من جديد بعد العمل به ولو استحداث إجراءات جوهرية لنظر الدعوى أو إثباتها.

إذ أن مبدأ عدم رجعية القانون يستوجب عدم المساس بإجراءات التقاضي التي تمت بصدور حكم وانتهت به، ولو كان هذا الحكم قابلاً للطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية، أو كان قد طعن فيه بالفعل، وذلك لأن كل مرحلة من مراحل التقاضي تختم بصدور حكم ينهي الخصومة برمتها أمام المحكمة يكون لها كيانها المستقل، وقد يحسم هذا الحكم الخلاف بصورة باتة، كما إذا فوت الخصوم ميعاد الطعن فيه، أو إذا حكم بعدم قبول الطعن فيه أو بعدم جوازه أو ببطلانه أحمد أبوالوفا - التعليق – ص42 و ص43 وص 44 .

يتضح مما تقدم أنه لا يعاد نظر الدعوى التي تم الفصل فيها قبل نفاذ القانون الجديد إلا إذا طعن في الحكم الصادر فيها بطريق من طرق الطعن، وقد يترتب عليه إعادة النزاع على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وعندئذ ينظر - بداهة - وفق الإجراءات المقررة في القانون الجديد، وهو القانون الذي تتخذ الإجراءات من جديد في ظله.

فمثلا إذا صدر حكم من محكمة الاستئناف في ظل القانون السابق، ثم طعن فيه بالنقض، وقضت محكمة النقض بنقض الحكم وإحالة النزاع إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيه من جديد بناء على طلب الخصوم، ثم صدر القانون الجديد، فإنه يتعين أن تتخذ عند نظر هذا النزاع الإجراءات المقررة في القانون الجديد أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 45.

وإذا صدر حكم في شق من الموضوع أو في مسالة متفرعة عنه، أو في مسألة متعلقة بالإثبات أو الإجراءات، ثم صدر القانون الجديد، فإنه يستكمل نظر الدعوى وفق الإجراءات المقررة في هذا القانون، على الرغم من أن شقاً من الدعوى قد نظر وفقاً لأحكام القانون السابق.

ويقصد أصلا بالدعاوى التي فصل فيها تلك التي نطق بالحكم في موضوعها أو نطق بالحكم المنتهى للخصومة أمام المحكمة أما الدعاوى التي يصدر فيها حكم في شق من الموضوع أو في مسألة متعلقة بالإثبات أو يسير الدعوى، فلا تعتبر قد فصل فيها، ومع ذلك فقد جرى الفقه والقضاء في فرنسا وفي مصر، على إبقاء الاختصاص بنظرها للمحكمة التي حددها القانون القديم، إذا قطعت الدعوى مرحلة تبرر للمحكمة استكمال نظرها تحقيقاً لحسن سير العدالة وتقديراً لمصالح الخصوم أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 46.

ثانياً : مدى سريان قانون المرافعات على الخصومات المستقبلة :

والمقصود بالخصومات المستقبلة أي الخصومات التي لم تكن قد بدأت بعد عند صدور التشريع الجديد، وهذه تخضع للقانون الجديد على النحو الآتي :

الحق في طريق معين للحماية القضائية مثال المادة 201 مرافعات المعدلة بالقانون 23 لسنة 1992 يخضع للقانون الساري وقت ممارسته، بمعنى أنه لا يمكن استعماله إلا إذا كان القانون الساري وقت بدء الخصومة يعترف به، فإذا ألغي تشريع جديد طريق حماية قضائية بواسطة خصومة معينة أو بواسطة طريق تنفيذ معين، زال تبعاً لذلك الحق في الحصول على الحماية القضائية بواسطة هذا الطريق ولو كان هذا الحق قد نشأ قبل التشريع الجديد، وهكذا إذا صدر تشريع جديد يلغي حبس المدين بالنسبة لدين النفقة، فلا تستطيع الزوجة الدائنة بالنفقة طلب حبس المدين ولو كان دينها بالنفقة قد نشأ أو صدر حكم به قبل هذا التشريع ومن ناحية أخرى، إذا قرر التشريع الجديد طريق تنفيذ جديد أو بسط طريق حماية على مركز قانونی كان محروماً منه، فإنه ينطبق أيضاً على الحقوق السابقة على صدوره، وهكذا فإن نص المادة 201 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 الذي جعل نظام أوامر الأداء ينطبق على الدائن الذي يطالب بمنقول معين بذاته يسرى على هذا الدائن ولو نشأ حقه قبل نفاذ هذا القانون. 

إجراءات الخصومة : تخضع إجراءات الخصومة لتشريع المرافعات الجديد السابق على بدئها، ويشمل ذلك ما يتعلق بالمطالبة القضائية، وتحديد المحكمة المختصة بها، وشروط الأهلية اللازمة في الخصم، والدفوع والطلبات، وحقوق وواجبات الخصوم، وشكل الأعمال الإجرائية وآثارها المختلفة والعبرة هنا بصدور التشريع قبل بدء الخصومة ولو بدأت بناء على طلب شخص نشأ له الحق في الدعوى أو نشأ الحق الموضوعی محل الحماية المطلوبة قبل صدور هذا التشريع على أن التشريع الجديد يجب أن يحترم آثار الأعمال القانونية التي تمت قبله، ولهذا فإنه إذا حدث على اختصاص محلى معين، أو اتفاق على التحكيم في ظل تشريع معين يجيزه، فإن آثار هذه الاتفاقيات تظل خاضعة لهذا التشريع رغم صدور تشريع جديد مخالف ( فتحى والى - بند 11 ص 16 وص 17 ) .

ويلاحظ أن إجراءات الخصومة تخضع للتشريع الجديد السابق على بدئها، بصرف النظر عن القانون الموضوعي الواجب التطبيق.

أدلة الإثبات : يثير سريان القانون من حيث الزمان مشكلة بالنسبة للإثبات، إذا صدر القانون في الفترة بين الواقعة محل الإثبات وبدء الخصومة، ومن المتفق عليه أنه بالنسبة للقواعد الإجرائية، أي القواعد التي تنظم كيفية تقديم أدلة الإثبات أمام القضاء، يسرى القانون الجديد النافذ قبل اتخاذ هذه الإجراءات، ولو كانت الواقعة القانونية محل الإثبات قد تمت في ظل قانون سابق عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد - ج 2 - 1956 بند 18 ص 14 - 26.

ولكن المشكلة تثور بالنسبة لقبول الدليل وقوته في الإثبات، لأنه إذا قيل بخضوعه للتشريع الجديد الساري عند تقديم الدليل القاضي، فإن هذا يؤدي إلى الإضرار بمصالح الخصوم، ذلك أنه قد يحدث أن يجيز القانون إثبات واقعة معينة بالبينة، فيتصرف الأفراد على هذا الأساس مكتفين بإبرام التصرف أمام شهود فإذا صدر قانون جديد بوجب إثبات هذا التصرف بالكتابة، فمن غير المعقول مطالبة هؤلاء بكتابة لم يعدوها سلفاً عند إبرام التصرف، فإن في هذا الطلب مفاجأة لهم ومساساً بالثقة القانونية المشروعة ( موريل - المرافعات - سنة 1949 - بند 20 ص 21، فتحی والی - بند 11 ص 17 ) .

وأمام وجاهة هذا الاعتراض يجب التفرقة بالنسبة لقوة الدليل وقبوله بين نوعين من الأدلة :

أ- الأدلة التي تعد بطبيعتها مقدماً عند القيام بالتصرف أو العمل القانوني محل الإثبات، مثل الكتابة فهذه يجب احتراماً لإرادة الأفراد إخضاعها للقانون الساري وقت تكوين العمل أو التصرف القانوني، وتأخذ حكم هذه الأدلة والقرائن القانونية ، فالقرينة القانونية تخضع للقانون الساري عند حدوث التصرف أو الواقعة التي ترتبط بها القرينة وليس للقانون النافذ عند الحكم وفقا لها ذلك أن القرينة القانونية من فعل المشرع، وتتعلق بتصرف أو واقعة معينة دون ارتباط باستنتاج من قبل القاضي.

ب- الأدلة التي لا تعد بطبيعتها مقدماً وهذه هي الأدلة المتعلقة بإثبات واقعة قانونية ، فالوقائع لأنها ليست إعمالاً ترمي الإرادة إلى إحداث آثارها القانونية، فإن أدلتها لايتصور أن تعد مقدماً ولهذا تخضع من حيث قبولها للقانون الساري وقت تقديم الدليل ويلاحظ أن التصرف القانوني قد يخضع في إثباته لأدلة لا تعد بطبيعتها مقدماً، ومن هذه مثلاً حلف اليمين أو تقارير الخبراء أو الإقرار وعندئذ يسري عليها القانون الساری وقت تقديمها وليس القانون النافذ عند إبرام التصرف القانوني ( فتحی والی - بند 11 ص 17 - 18 ) .

وهذه التفرقة المتقدمة هي التي قننها المشرع المصري في المادة التاسعة من القانون المدني .

ثالثاً : مدى سريان قانون المرافعات على الخصومات القائمة :

الاتجاه السائد في الفقه هو تطبيق التشريع الجديد فوراً، فتخضع الإجراءات التي تمت قبل صدوره للتشريع الذي تمت في ظله، أما الإجراءات اللاحقة فتخضع للتشريع الجديد، ويستند هذا الاتجاه نظرياً إلى أن كل إجراء يعتبر - وإن شارك في الخصومة - عملاً قانونياً مستقلاً، ويحتم مبدأ الأثر الفوري للتشريع وعدم رجعيته إخضاع كل إجراء للتشريع الذي تم في ظله، وهذا الاتجاه هو الذي قننه المشرع في قانون المرافعات الحالي في المادة الأولى منه - محل التعليق - على أن تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى، أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، وبنصه من ناحية أخرى في المادة الثانية فقرة أولى منه على أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك.

ونتيجة لهذا، فإن المطالبة القضائية التي تمت صحيحة في ظل قانون معين تبقى كذلك ولو صدر قانون جديد يرتب شكلاً آخر لها، ومن ناحية أخرى فإن المطالبة القضائية التي تمت معيبة وفقاً لأحكام قانون معين لا يصححها صدور قانون جديد لا يوجب الشكل أو البيان الذي نقص في الصحيفة التي تمت قبل نفاذه، وما بصدق على المطالبة القضائية بصدق على الطعون والأحكام وغيرها من الأعمال الإجرائية التي تتم أثناء الخصومة.

ولكن يلاحظ أنه تطبيقاً لقاعدة عدم رجعية القوانين فإن آثار العمل تترتب وفقاً للقانون الساري عند القيام بهذا العمل، ولهذا فإن الآثار التي ترتبها المطالبة القضائية، مثل قطع تقادم الدعوى، أو برتبها رفع الطعن أو صدور الحكم أو أي إجراء آخر، تبقى خاضعة للقانون الذي يحكم الإجراء ( فتحی والی - بند 12 ص 18 - 19 ) .

«كما يلاحظ أن المقصود بقوانين المرافعات» في صدر المادة الأولى - محل التعليق - أي قانون بنظم الإجراءات، سواء أكان متصلاً بالاختصاص أو بالمواعيد أو بطرق الطعن أو بالإجراءات أو سيرها على وجه العموم بالدعاوى» في صدر المادة الأولى، كل ما اتصل بالخصومة من إجراءات أو ما تعلق بالاختصاص أو بالمواعيد أو بطرق الطعن في الأحكام، كذلك يتعين ملاحظة أن قوانين المرافعات لا شأن لها بجوهر الحقوق الموضوعية، وهي لا تؤثر على العلاقات القانونية بين المتقاضين، ومن ثم القوانين الجديدة منها تطبق فوراً على الدعاوى القائمة أمام المحاكم ولو كانت مرفوعة قبل العمل بالقوانين الجديدة، أو كانت متعلقة بحقوق موضوعية مكتسبة للخصوم قبل العمل بتلك القوانين الجديدة . ( جلاسون وتسببه - المرافعات رقم 5 ص 10 أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 31 - 32 ) .

فهذه القوانين تطبق فور نفاذها إعمالاً لمبدأ سيادة القانون، ولا يكتسب الخصوم حقاً في وجوب إعمال القوانين الإجرائية التي كانت نافذة وقت نشوء علاقاتهم القانونية أو نشوء حقوقهم الموضوعية، إذ تسری قوانین المرافعات فور صدورها كما ذكرنا على الدعاوى القائمة إعمالاً لمبدأ سيادة القانون، ولأن هذه القوانين لا تمس جوهر حقوق الخصوم الموضوعية ولأن هؤلاء لا يعنيهم أن تنظر دعواهم محكمة معينة دون أخرى، أو محكمة مشكلة تشكيلاً معيناً دون تشكيل آخر، كما لا يعنيهم أن يتخذوا شكلاً معيناً دون شكل آخر.

ويقرر القاعدة الأساسية المتقدمة أي قاعدة الأثر الفوري صدر المادة الأولى من قانون المرافعات السابق وقانون المرافعات الجديد والمادتان فيهما متطابقتان كما ذكرنا، فهذه المادة الأولى تقول «تسرى قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها »، وقد مضت الإشارة إلى ذلك آنفاً.

استثناءات ثلاث من قاعدة الأثر الفوري لقانون المرافعات :

الاستثناء الأول القواعد المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها قد بدأ بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى : 

تسرى القواعد المعدلة للاختصاص على الدعاوى التي لم يتم الفصل فيها ولو كانت قد رفعت قبل تاريخ العمل بالقواعد الجديدة لأنه ليس في سريانها عليها مساس حق مكتسب، إذ ليس للفرد حق مكتسب في أن تنظر دعواه أمام محكمة معينة دون غيرها، أو أمام محكمة مشكلة تشكيلاً خاصاً، وكل ما له من حق أن توجد له الدولة محكمة تفصل في دعواه فالدعوى التي رفعت إلى محكمة مختصة بنظرها، ثم أصبحت بمقتضى القانون الجديد من اختصاص محكمة أخرى، إما لإلغاء المحكمة التي رفعت إليها أو لتعديل اختصاصها، يمتنع على المحكمة التي رفعت إليها أن تفصل فيها ويتعين نقل الدعوى إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها بمقتضى القانون الجديد وتطبيقاً لهذه القاعدة نصت المادة الثانية من قانون إصدار قانون المرافعات الجديد - التي سبق لنا التعليق عليها على أن المحاكم تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى القانون الجديد، وذلك بالحالة التي تكون عليها، وفي حالة غياب أحد الخصوم يعلن قلم الكتاب أمر الإحالة إليه مع تكليفه بالحضور في المواعيد العادية أمام المحكمة التي أحيلت إليها الدعوى.

والقاعدة المتقدمة تطبيق للنص الوارد في صدر المادة، وإنما استثنى المشرع أن القاعدة المتقدمة حالة ما إذا كانت الدعوى قد أقفل باب المرافعة فيها قبل تاريخ العمل بالقانون الجديد، ومقتضى هذا الاستثناء الوارد في المادة الأولى - محل التعليق - أن المحكمة التي رفعت إليها الدعوى تفصل فيها على الرغم من أن الدعوى أصبحت بمقتضى القانون الجديد من اختصاص محكمة أخرى ومبنى هذا الاستثناء اعتبارات عملية محصلها أن الدعوى، وقد تم تحقيقها والمرافعة فيها، بدلیل قفل باب المرافعة فيها،  أصبحت صالحة للحكم فمن الأوفق أن تفصل فيها المحكمة التي رفعت إليها وحققتها إذ لم يبق على الفصل فيها إلا النطق بالحكم وتطبيقاً لذلك نصت المادة الثانية من قانون إصدار القانون الجديد على أن الدعاوى المرفوعة إلى المحاكم والتي أصبحت من اختصاص محاكم أخرى لاتحال عليها إذا كانت مؤجلة للنطق بالحكم ويتفرع على الاستثناء المتقدم نتيجتان :

الأولى إنه إذا رأت المحكمة بعد قفل باب المرافعة أن الدعوى غير صالحة للحكم فيها ورأت أن تفتح باب المرافعة لإجراء تحقيق مثلاً وجب عليها أن تحيلها إلى المحكمة التي أصبحت مختصة طبقاً للقانون الجديد.

الثانية إن المقصود بتأجيل الدعوى للنطق بالحكم تأجيلها للنطق بالحكم في الموضوع، أما إذا كانت مؤجلة للنطق بالحكم في مسألة فرعية كالحكم في مسألة متعلقة بالإثبات أو بسير الدعوى ، فلا يجوز للمحكمة المرفوعة إليها أن تحكم فيها ويتعين عليها أن تحيلها إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها طبقاً للقانون الجديد ( رمزی سيف - بند 7 ص 14 - ص 16 ) .

الاستثناء الثاني القواعد المعدلة للمواعيد متى كان الميعاد قد بدأ قبل تاريخ العمل بها وفقاً للمادة الأولى - محل التعليق - فإنه بالنسبة لسريان القانون الجديد على المواعيد فإن الميعاد إذا كان قد بدأ في ظل قانون معين طبق عليه هذا القانون من حيث سريان الميعاد وانتهائه ولو صدر قبل إنتهاء الميعاد قانون معدل له من شأنه أن يطيل في الميعاد أو يقصر فيه، وتطبيقاً لذلك إذا صدر حكم من محكمة ابتدائية، وأعلن للمحكوم عليه قبل العمل بقانون المرافعات الجديد كان ميعاد الاستئناف ستين يوماً طبقاً للقانون الملغي لا أربعين يوماً طبقاً للقانون الجديد ولو رفع الاستئناف بعد العمل بالقانون الجديد، ومبنى هذا احترام الحقوق المكتسبة، إذ أن في سريان القانون الجديد على الميعاد. الذي بدأ في ظل قانون قديم مساساً بما ترتب للخصوم من حقوق، والمقصود بالمواعيد في هذا الصدد مواعيد المرافعات بمعناها العام الذي يشمل مواعيد الطعن والسقوط واعتبار الدعوى كأن لم تكن وغيرها، فإذا حكم بشطب الدعوى لغياب المدعي والمدعى عليه في ظل القانون الملغى، فإن الدعوى لا تعتبر كأن لم تكن إلا بمضي ستة أشهر طبقاً للقانون القديم الذي كان سارياً وقت بدء الميعاد لابمضي ستين يوماً كما يقرر القانون الجديد.

وتطبيق هذا الاستثناء مشروط بشرطين :

الأول - أن يكون الميعاد موجوداً في القانون القديم وكل ما أجراه القانون الجديد لا يعدو تعديلاً فيه، أما إذا لم يكن للميعاد نظير في القانون القديم، وكان ميعاداً مستحدثاً بالقانون الجديد فلا تطبق هذه القاعدة وإنما تطبق قاعدة أخرى.

الثاني - أن يكون الميعاد قد بدأ في ظل القانون القديم فإذا لم يكن الميعاد قد بدأ في ظل القانون القديم فلا تطبق القاعدة، ويبني على ذلك أنه إذا صدر حكم من محكمة في حالة بدء ميعاد الطعن فيها من إعلان الحكم وقبل إعلانه صدر قانون جديد معدل لميعاد الطعن، طبق ميعاد الطعن المنصوص عليه في القانون الجديد، لأنه عند صدور القانون الجديد لم يكن ميعاد الطعن في الحكم قد بدأ حتى يبقى الميعاد خاضعاً للقانون القديم ما دام الحكم صادراً في حالة لا يبدأ فيها ميعاد الطعن من وقت صدور الحكم ولكن من وقت إعلانه، مثال ذلك إذا صدر حكم من محكمة ابتدائية علي محكوم عليه تخلف عن الحضور في جميع الجلسات ولم يقدم مذكرة بدفاعه قبل العمل بالقانون الجديد، ولكنه أعلن بعد العمل بالقانون الجديد فإن میعاد استئنافه يكون أربعين يوماً طبقا للقانون الجديد لأنه عند العمل بالقانون الجديد لم يكن ميعاد الاستئناف قد بدأ حتى يبقى خاضعاً للقانون الملغي الذي كان ميعاد الاستئناف فيه ستين يوماً.

 فمناط تطبيق القانون القديم أو القانون الجديد على الميعاد الوقت الذي يبدأ سريان الميعاد فيه، فإن بدأ سريانه في ظل القانون القديم طبق عليه هذا القانون ولو صدر قبل انتهاء قانون جديد معدل له، وإن لم يبدأ سريان الميعاد إلا بعد صدور القانون الجديد طبق عليه هذا القانون ولو كانت الدعوى قد رفعت في ظل القانون القديم وينبني على هذا أنه إذا رفعت دعوى في ظل قانون المرافعات القديم، ثم حكم بشطبها بعد صدور قانون المرافعات الجديد المعدل بالميعاد اعتبار الدعوى كأن لم تكن، طبق قانون المرافعات الجديد بالنسبة لميعاد اعتبار الدعوى كأن لم تكن لأن الميعاد إنما يبدأ من الوقت الذي حكم فيه بشطب الدعوى والفرض أن ذلك حصل بعد صدور قانون المرافعات الجديد.

الاستثناء الثالث القواعد المنشئة أو الملغية لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها :

طبقاً للمادة الأولى - محل التعليق  فإن القانون المنشئ لطريق من طرق الطعن أو الملغي لطريق منها لا يسرى إلا على الأحكام التي صدرت بعد العمل به، أما الأحكام التي تكون قد صدرت قبل العمل به فيطبق عليها القانون الذي كان سارياً وقت صدورها مبنى هذه القاعدة احترام الحقوق المكتسبة، وتطبيقاً لذلك إذا صدر حكم من محكمة جزئية في دعوى ولا تزيد قيمتها على خمسمائة جنيه في ظل قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 23 لسنة 1992، فإن الحكم يجوز الطعن فيه بالاستئناف طبقاً لهذا القانون الذي صدر الحكم في ظله ولو رفع الاستئناف في ظل القانون المعدل الذي لايجيز الطعن بالاستئناف في هذا الحكم، لأن حق المحكوم عليه في الطعن في الحكم إنما ينشأ من يوم صدور الحكم لا من يوم الطعن فيه.

وتطبيق هذا الاستثناء مشروط بصدور الحكم قبل العمل بالقانون الجديد، ولا يكفي أن تكون الدعوى قد رفعت في ظل القانون القديم ، إذا لم يصدر الحكم إلا بعد العمل بأحكام القانون الجديد، فالعبرة في جواز الطعن هي بالقانون المعمول به وقت صدور الحكم والحكم المقصود هنا هو الحكم المراد الطعن فيه ولا عبرة بما سبقه من الأحكام التي تكون قد صدرت في الدعوى ( رمزي سیف - بند 9 ص 18 - 19 ) .

مدى جواز إحالة الطعن من أمام محكمة النقض إلى محكمة أخرى استثنائية استحدث لها القانون اختصاصاً :

صدر القانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة ونص في مادته السادسة على أن تختص محكمة القيم المنصوص عليها في قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980 دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها في المادة السابقة ، وكذلك المنازعات الأخرى المتعلقة بالحرسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 4 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها وتحال إليها جميع المنازعات المطروحة على المحاكم الأخرى بجميع درجاتها، وذلك بقرار من رئيس المحكمة ما لم يكن قد قفل فيها باب المرافعة قبل العمل بأحكام هذا القانون وعبارة النص واضحة في أن جميع الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف تحال إلى محكمة القيم طالما لم يقفل فيها باب المرافعة قبل سريان القانون ، ومن المقرر وفقاً لنص المادة 131 مرافعات أن قفل باب المرافعة في الدعوى لا يكون إلا بعد حجزها للحكم وانتهاء الأجل المقرر لتقديم المذكرات إن كان قد صرح بها، وأثر صدور القانون أمر المستشار رئيس محكمة النقض بإحالة الطعن رقم 755 لسنة 55 قضائية المرفوع أمام محكمة النقض إلى محكمة القيم للفصل فيه باعتبارها منازعة متعلقة بالحراسة التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971، وقد ثار الخلاف بين المحاكم حول ما إذا كان نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 يسري على الأحكام التي طعن عليها بالنقض، فأصدرت محكمة القيم الابتدائية حكما في الدعوى التي أحيلت إليها من رئيس محكمة النقض قضت فيها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوي وإعادتها لمحكمة النقض وأقامت قضاءها على أن محكمة النقض لبست درجة من درجات التقاضي فاستأنفت الجهة الطاعنة للحكم السابق أمام محكمة القيم العليا التي أصدرت حكما بإلغاء الحكم السابق وإعادة الدعوى إلى محكمة القيم الابتدائية للفصل فيها لاختصاصها بنظرها وفق مانص عليه القانون رقم 95 لسنة 1980، وأسست قضاءها على أن النص من العموم والشمول بحيث يسري على كافة الأنزعة المطروحة على المحاكم بما فيها محكمة النقض مادام لم يقفل فيها باب المرافعة أمامها إلا أن محكمة النقض ناهضت هذا الرای وقضت بأن ما نص عليه في المادة السادسة بشأن الإحالة لايسرى على الطعون أمام محكمة النقض ويظل المحكمة النقض ولاية الفصل فيها على سند من أن الطعن أمام محكمة النقض طريق استثنائي لم يقصده المشرع بنص المادة خاصة وأن حكم محكمة الاستئناف يعتبر حكماً منهياً للنزاع ولا يجوز المساس به إلا سبب من الأسباب التي تجيز الطعن بالنقض، وأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف تظل له حجيته إلى أن يلغي من محكمة النقض وهي الجهة القضائية الوحيدة التي يجوز لها إلغاؤه أو نقضه، ولا شك أن حكم محكمة النقض هو الذي يتفق وصحيح القانون ذلك أن الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف بل هو طعن لم يجزه القانون في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بینها بیان خصر وهي ترجع لها إما إلى مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه ولا تنظر محكمة النقض إلا في الأسباب التي ذكرها الطاعن في تقرير الطعن مما يتعلق بهذه الوجوه من المسائل القانونية البحتة، ومن ثم فالأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع، وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها، أما الأنزعة الموضوعية فإن محكمة الموضوع هي المختصة بحسمها كذلك فإنه إذا انتهت محكمة النقض إلي نقض الحكم لأي سبب من الأسباب ورأت مع النقض الإحالة فإنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تحيل الدعوى إلى محكمة القيم بدلاً من إحالتها لمحكمة الاستئناف التي سيتعين عليها في هذه الحالة إحالة الدعوى لمحكمة القيم ( الدناصورى وعكاز - ص 13 - 14، ونقض 22/6/1982 - الطعنان رقما 2054 و2076 لسنة 50 قضائية وسوف نشير إليه بالتفصيل عقب انتهاء تعليقنا على هذه المادة ) .

 مدى سريان قاعدة المرافعات الجديدة على الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم :

إذا أجلت الدعوى للنطق بالحكم، فمعنى هذا اكتمال جميع إجراءات نظرها وإجراءات إثباتها، فإذا صدر قانون جديد بعد إقفال باب المرافعة فيها، وقبل النطق بالحكم، فإن الدعوى تظل خاضعة لأحكام القانون القديم خاصة وأنه قد تكون المداولة قد تمت في ظل هذا القانون، بل قد يكون الحكم قد كتب بالفعل في ظله، وبالتالي فلا تعاد إجراءات نظر الدعوى من جديد ولا إجراءات إثباتها ولو نص القانون الجديد على إجراءات مغايرة لإقامة الدعوى أو إثباتها وكل ما يشترط في هذه الحالة أن تكون المحكمة قد أجلت القضية للنطق بالحكم في ظل القانون القديم وقبل نفاذ القانون الجديد ولا يشترط في هذه الحالة أن تكون المواعيد المحددة لتقديم مذكرات الخصوم الختامية - إن كان - قد انقضت قبل نفاذ القانون الجديد، كما لا يشترط تقديمها بالفعل في ظل القانون القديم ما دامت قد أجلت للنطق بالحكم في ظله .

ومتی صدر القانون الجديد بعد حجز القضية للنطق بالحكم فيها، فإن المحكمة تملك في ظله تأجيل النطق بالحكم - دون إعادة القضية للمرافعة بطبيعة الحال - وذلك عملاً بالمادة 172 من قانون المرافعات، وإنما يلاحظ وجوب كتابة الحكم وفقاً لأحكام القانون الجديد متى صدر الحكم في ظله سواء من ناحية بياناته أو الجزاء المترتب على مخالفتها أو من ناحية میعاد إيداعه .

وإذا تم تأجيل القضية للنطق بالحكم في ظل القانون القديم، وإنما في جلسة النطق بالحكم - بعد العمل بالقانون الجديد - استبان للمحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، أنها غير صالحة للفصل فيها، وأن الأمر يحتاج إلى ندب خبير مثلاً، أو أي تحقيق فإنه يتعين عندئذ إعمال أحكام القانون الجديد.

وكقاعدة عامة إذا فتح باب المرافعة في الدعوى في ظل القانون الجديد لأي سبب من الأسباب وجب عندئذ إعمال القاعدة المتقدمة كما إذا أجلت القضية للنطق بالحكم فيها بعد إبداء دفع بعدم قبول الدعوى مثلاً، أو ببطلان صحيفتها، ثم قضت المحكمة في ظل القانون الجديد بقبول الدعوى أو برفض الدفع ببطلان الصحيفة أحمد أبوالوفا - التعليق ص49 – 50 .

مدى سريان قاعدة المرافعات الجديدة على الجزاءات الواجب توقيعها على الخصم المخالف.

من القواعد الأساسية في القانون أنه يتعين أن يوقع ذات الجزاء المقرر في التشريع الساري وقت ارتكاب المخالفة، وهذا شرط أساسي لتوقيع الجزاء تقتضيه البداهة حتى يكون الخصم على بينة من الجزاء وقت حصول المخالفة، وحتى لا يوقع عليه جزاء لم يدر بخلده وقت حصولها ( أحمد أبو الوفا  نظرية الدفوع - بند 42 ) .

 وبناء على ما تقدم إذا خالف خصم قانوناً إجرائياً لا يرتب أي جزاء على المخالفة، فلا يجوز أن يوقع عليه جزاء نص عليه تشريع لاحق لحصولها احتراماً لحقوقه المكتسبة، ولأن القاعدة أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك، ولأنه لا يجوز أن يوقع على الخصم جزاء لم يدر بخلده وقت حصول المخالفة، فالقوانين الإجرائية ترسم السبل للمتقاضين، وتقرر في ذات الوقت جزاء مخالفة أوامر القانون ونواهيه الأساسية، ويلزم أن يكون الخصم على بينة من هذا وذاك وقت اتخاذ الإجراءات ( أحمد أبو الوفا - التعليق من 55-56 ) .

وإذا تمت المخالفة في ظل تشريع يوجب جزاءاً معيناً فيجب إعماله ولو صدر تشريع لاحق يلغيه، وذلك رعاية للحقوق المكتسبة للخصم صاحب المصلحة في توقيعه، لأن القاعدة أن كل إجراء يتم باطلاً في ظل قانون معين يظل باطلاً ولو صدر قانون جديد واعتبر مثله صحيحاً، ما لم ينص على غير ذلك وسوف نوضح هذه القاعدة عند تعليقنا على المادة الثانية بعد قليل.

عدم سريان تعديل قانون المرافعات بالقانون رقم 76 لسنة 2007 على الدعاوى المحكوم فيها قطعياً ولا على الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم.

وتنص المادة الخامسة من القانون رقم 76 لسنة 2007 المعدل القانون المرافعات على أنه على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون وذلك بالحالة التي تكون عليها وتكون الإحالة إلى جلسة تحددها المحكمة، ويعتبر صدور قرار الإحالة إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة، فعندئذ يقوم قلم الكتاب بإعلان الخصوم بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول ولا تسري أحكام الفقرتين السابقتين على الدعاوى المحكوم فيها قطعياً، ولا على الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الأول  ،  الصفحة :  64 )

تضمن هذه المادة قاعدة أصولية مسلم بها في قانون المرافعات وهي أن قوانین المرافعات تسري فور العمل بها على الدعاوى التي تكون قد رفعت من قبل مازالت منظورة أمام المحاكم وذلك بالنسبة لما يتم اتخاذه فيها من إجراءات أما الإجراءات التي تكون قد اتخذت قبل العمل بالقانون الجديد فالقانون الملغي هو الذي يحدد أثر الإجراءات التي تمت في ظله كما يحكم مسألة صحته أو بطلانه فإذا تمت صحيحة فإنها تظل صحيحة حتى ولو كانت على خلاف ما أتي به القانون الجديد وهذا ما يسمى بالأثر المباشر أو الفوري لقوانين المرافعات وهو يختلف عن الأثر الرجعي للقانون الذي لا يسري إلا بنص خاص وليس هناك ما يمنع من أن ينص في بعض القوانين الموضوعة على الأثر الفوري لها خاصة ما كان منها ينص على أحكام التقادم .

استثنى المشرع من القاعدة السابقة القوانين المعدلة للاختصاص أيا كان نوعه سواء كان اختصاصاً نوعياً أو قيمياً أو محلياً فجعلها تسري بأثر فوري بمعنى أنه إذا كانت المحكمة المطروح عليها النزاع مختصة بنظره وقت رفع الدعوى بمقتضى القانون القديم ثم صدر القانون الجديد وعدل في هذا الاختصاص فإن المحكمة تصبح غير مختصة بنظر الدعوى رغم أنها كانت مختصة وقت رفعها إليه وعلى ذلك تنتقل الدعاوى التي كانت قائمة أمام المحكمة الملغاة إلى الجهة التي عينها المشرع ما لم ينص على غير ذلك على أن هذا الاستثناء لا يعمل به إذا كان قد أقفل باب المرافعة في الدعوى فإن القانون الجديد لا يسلب المحكمة المطروح عليها النزاع اختصاصها في الفصل في الدعوى.

 كذلك يتعين علي المحكمة إحالة الدعوى إلي المحكمة التي أصبحت مختصة بها طبقاً للقانون الجديد إذا كانت قد حجزتها للحكم في مسألة فرعية تتعلق مثلاً بالتحقيق أو الإثبات لأن المقصود بالنص هو قفل باب المرافعة للفصل في الدعوى برمتها.

الاستثناء الثاني الذي نصت عليه هذه المادة هو استثناء من الأثر المباشر فخلافاً له لا تسري المواعيد المعدلة بالقانون الجديد بأثر فوري على المدد والآجال التي بدأت في ظل القانون الملغي بل يعمل بالمواعيد الواردة في القانون الملغي إلي أن تستكمل مدتها مادامت قد بدأت صحيحة في ظل القانون القديم . فإذا عدل القانون الجديد في مواعيد الطعن بتنقيص الميعاد أو زيادته ولكن موعد الطعن بدأ في ظل القانون القديم فإن المدة تستكمل وفقاً للقانون القديم.

والمقصود ببداية الميعاد هو الإجراء الذي يبدأ منه حساب الميعاد كما حدده القانون الذي بدأ في ظله، أيا كان هذا الإجراء إعلاناً أو ايداعاً أو غير ذلك كما يشمل المواعيد بمعناها الأعم فتشمل مواعيد الطعن وأجال السقوط وغيرها وترتيباً على ذلك إذا صدر حكم من محكمة أول درجة في ظل القانون القديم وكان ميعاد الطعن فيه بالاستئناف ستين يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم كان ميعاد الاستئناف ستون يوماً كما حددها القانون القديم حتى لو صدر قانون جديد أثناء سريان الميعاد يعدل ميعاد الاستئناف بالزيادة أو النقصان لأن ميعاد الاستئناف بدأ قبل صدور القانون الجديد، أما إذا كان ميعاد الاستئناف يبدأ من إعلان الحكم ولم يعلن الحكم إلا بعد نفاذ القانون الجديد فإن الميعاد الذي يسري هو الميعاد الذي حدده القانون الجديد وليس القانون القديم لأن القانون الجديد هو الذي بدأ الميعاد في ظله.

الاستثناء الثالث من الأثر الفوري لقانون المرافعات الجديد خاص بالقوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل العمل بها إذا كانت قد ألغت طريق طعن قائم أو نشأت طريقاً جديداً للطعن فيه للقانون القديم فإن هذا الحكم يظل قابلاً للطعن حسبما هو وارد في القانون الملغي ولو ألغي الجديد طريق الطعن أو عدل ولو لم تتخذ إجراءات الطعن إلا بعد العمل بالقانون الجديد إذا الشرط الوحيد في هذه الحالة هو أن يكون الحكم قد صدر قبل العمل بالقانون الجديد ولذلك إذا نشأ القانون طريق طعن لم يكن موجوداً في ظل التقنين الملغي فإن الحكم الصادر قبل العمل بالقانون الجديد يخضع لأحكام القانون القديم من حيث عدم جواز الطعن فيه حتى ولو كانت مواعيد الطعن المنصوص عليها في القانون الجديد مازالت قائمة ويلاحظ أنه يجب لمعرفة القانون الواجب التطبيق على طرق الطعن أن ينظر إلى تاريخ صدور الحكم لا إلى وقت إعالته أو وقت رفع الطعن . ( نقض 24 مارس سنة 1961 المكتب الفني سنة 11 ص 251).

والعبرة في جوازة الاستئناف أو عدمه بالقانون الساري وقت صدور الحكم الموضوعي للمستأنف ولو صدر قبل ذلك في الدعوى حكم قبل الفصل في الموضوع فإن كانت الدعوى قابلة للاستئناف عند صدور حكم تمهيدي فيها ثم أصبحت حيز وصدور الحكم في موضوعها غير قابلة له لصدور قانون جديد فالاستئناف المرفوع عن الحكمين معاً يكون غير مقبول فأما عن الحكم النهائي.

فلأنه يجب إتباع القانون الذي يكون معمولاً به عند صدور الحكم وأما عن  الحكم التمهيدي فلأنه لا يجوز رفع استئناف عن الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع كذلك فإن العبرة في جواز الطعن بالمعارضة وعدم جوازها بالقانون الساري وقت صدور الحكم الغيابي المعارض فيه .

 وحكم الفقرة الثالثة من النص قاصر على تنظيم الحق في الطعن إن كان قد نشأ قبل صدور القانون أما إجراءات الطعن إن كانت قد تعدلت فتخضع للقانون الذي تتخذ في ظله وكذلك أثاره فإذا كان قد صدر قبل العمل بالقانون الجديد حكم من المحكمة الابتدائية في استئناف أحكام المحاكم الجزئية التي كان يجوز الطعن فيها بالنقض إذا كانت صادرة في مسألة اختصاص متعلق بالولاية - ولم يجز القانون الجديد الطعن فيها بالنقض فإن هذا الحكم يظل قابلاً للطعن بالنقض ولكن إذا رفع الطعن في ظل القانون الجديد فإن إجراءاته تخضع للقانون الجديد كما أن إجراءات نظر الطعن وآثاره تخضع للقانون الجديد الذي موقع في ظله ( مرافعات الأستاذ كمال عبد العزيز ص 44 ).

تاريخ سريان القانون :

 يسري القانون من تاريخ نشره أو في التاريخ الذي يحدد لسريانه بشرط أن يكون لاحقاً على النشر ويجب أن يتم النشر بالجريدة الرسمية ولا يكفي نشره ضمن أعمال المجلس التشريعي والمقصود بالنشر أن يكون من شأنه أن يعلم به الكافة فإذا نشر القانون في عدد محدود من الجريدة الرسمية كان النشر باطلاً.

لأنه لا يحقق الغاية من النشر وفي هذه الحالة يتعين علي المحكمة أن تمتنع عن تطبيقه لأنه لا يعد نافذاً إلا بنشره ( راجع حكم محكمة جنايات الإسكندرية الصادر بتاريخ 1978 / 5 / 20 في الدعوى رقم 501 لسنة 1973 جنایات الرمل والمقيدة برقم 771 الإسكندرية ) .

 وقواعد المرافعات تشمل قوانين النظام القضائي التي تبين أنواع المحاكم وكيفية ,ترتيبها وقوانين الاختصاص التي تحدد سلطتها بالنسبة للدائرة التي تخضع لقضائها وأنواع المنازعات التي تعرض عليها، وقوانين الإجراءات يجب على الأفراد إتباعها، عند طرح خصوماتها على القضاء، والتي يجب على المحاكم مراعاتها عند الفصل فيها، أي تلك التي تبين الشكل الذي تقدم به الدعوى، وطريق الدفاع فيها، وما يعترض سيرها من العراقيل، وكيفية تذليلها وكيفية أعداد الأحكام، وتسبيبها، والنطق بها، وحفظها وطرق الطعن فيها وتنفيذها وما قد تعترض التنفيذ من مشاكل وكيفية حلها.

ويلاحظ أن قواعد المرافعات التي تتبع أمام القضاءين المدني والتجاري لم ترد بجملتها في قانون المرافعات فهناك كثير منها وردت في قوانين أخرى مثل قانون الإثبات وإجراءات الإفلاس التي وردت في القانون التجاري.

هل يجوز إحالة الطعن من أمام محكمة النقض إلى محكمة أخرى استثنائية استعدت لها القانون اختصاصاً ؟

صدر القانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة ونص في مادته السادسة على أن تختص محكمة القيم المنصوص عليها في قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون 95 لسنة 1980 دون غيرها بنظر المنازعات المتعلق بتحديد الأموال وقيمة التعويضات المنصوص عليها في المادة السابقة وكذلك المنازعات الأخرى المتعلقة بالحراسات التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب أو المترتبة عليها وتحال إليها جميع المنازعات المطروحة علي المحاكم الأخرى بجميع درجاتها وذلك بقرار من رئيس المحكمة ما لم يكن قد قفل فيها باب المرافعة قبل العمل بأحكام هذا القانون وعبارة النص واضحة في أن جميع الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف تحال إلي محكمة القيم طالما لم يقفل فيها باب المرافعة قبل سريان القانون ومن المقرر وفقاً لنص المادة 131 مرافعات أن قفل باب المرافعة في الدعوى لا يكون إلا بعد حجزها للحكم وانتهاء الأجل المقرر لتقديم المذكرات إن كان قد صرح بها، وأثر صدور القانون أمر السيد المستشار رئيس محكمة النقض بإحالة الطعن رقم 755 لسنة 55 قضائية المرفوع أمام محكمة النقض إلى محكمة القيم للفصل فيه باعتبارها منازعة متعلقة بالحراسة التي فرضت قبل العمل بالقانون رقم 34 لسنة 1971 وقد ثار الخلاف بين المحاكم حول ما إذا كان نص المادة السادسة من القانون رقم 141 لسنة 1981 يسري علي الأحكام التي طعن عليها بالنقض فأصدرت محكمة القيم الابتدائية حكماً في الدعوى التي أحيلت إليها من رئيس محكمة النقض قضت فيها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأعادتها لمحكمة النقض وأقامت قضاءها علي أن محكمة النقض ليست درجة من درجات التقاضي فاستأنفت الجهة الطاعنة الحكم السابق وإعادة الدعوى إلي محكمة القيم الابتدائية للفصل فيها لاختصاصها بنظرها وفق ما نص عليه القانون رقم 95 لسنة 1980 وأسست قضاءها علي أن النص من العموم والشمول بحيث يسري علي كافة الأنزعة المطروحة علي المحاكم بما فيها محكمة النقض مادام لم يقفل فيها باب المرافعة أمامها إلا أن محكمة النقض ناهضت هذا الرأي وقضت بأن ما نص عليه في المادة السادسة بشأن الإحالة لا يسري علي الطعون أمام محكمة النقض ويظل لمحكمة النقض ولاية الفصل فيها علي سند من أن الطعن أمام محكمة النقض طريق استثنائي لم يقصده المشرع بنص المادة خاصة وأن حكم محكمة الاستئناف يعتبر حكماً منهياً للنزاع ولا يجوز المساس به إلا لسبب من الأسباب التي تجيز الطعن بالنقض وأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف تظل له حجيته إلي أن يلغي من محكمة النقض وهي الجهة القضائية الوحيدة التي يجوز لها إلغاؤه أو نقضه . وفي تقديرنا أن حكم محكمة النقض هو الذي يتفق وصحيح القانون ذلك أن الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض كما هو الشأن في الاستئناف بل هو طعن لم يجزه القانون في الأحكام الانتهائية إلا في أحوال بينها بيان حصر وهي ترجع كلها أما إلي مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله أو إلى وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه ولا تنظر محكمة النقض إلا في الأسباب التي ذكرها الطاعن في تقرير الطعن مما يتعلق بهذه الوجوه من المسائل القانونية البحتة ومن ثم فالأمر الذي يعرض على محكمة النقض ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين أمام محكمة الموضوع وإنما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها أما الأنزعة الموضوعية فإن محكمة الموضوع هي المختصة بحسمها كذلك فإننا نرى أنه إذا انتهت محكمة النقض إلي نقض الحكم لأي سبب من الأسباب ورأت مع النقض الإحالة فإنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تحيل الدعوى إلى محكمة القيم بدلاً من إحالتها لمحكمة الاستئناف التي سيتعين عليها في هذه الحالة إحالة الدعوى لمحكمة القيم . ( راجع الحكم رقم 1 المشار إليه في نهاية التعليق على هذه المادة وهو الصادر من محكمة القيم العليا وراجع الحكم رقم 2 وهو الصادر من محكمة النقض ) . ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : الأول ،  الصفحة :  27 )