loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون السابق تعليقاً على المادة الثانية منه المطابقة لهذه المادة « وقد رأت اللجنة أن تتبع هذه المادة المادة الأولى بنص يبين أثر القوانين الجديدة فيما يتعلق بأحكام البطلان والسقوط وقد تضمن الشق الأول من هذا النص القاعدة العامة الآتية : وهي أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك وقد رأت اللجنة أن تقرر هذه القاعدة بهذا الجلاء لأن الإشارة المستفادة من صدور المادة السابقة عليها لا تغني، وينظر في تمام الإجراء وعدم تمامه، إلى القانون الذي حصل في ظله فإذا لم يكن تم تعرض الإجراء لوجوه البطلان التي نص عليها القانون الجديد، وأن يكون قد بدأ في ظل القانون السابق، والمراد بوجوه البطلان، الجزاءات التي يرتبها القانون التي تقتضي زوال أثر الإجراء، مثل إبطاله أو اعتباره كأن لم يكن أو سقوطه.

أما الشق الثاني، فقد بين أن ما يستحدثه القانون من مدد السقوط بالمعنى الأعم لهذه العبارة، أى المدد التي يحددها القانون الإجراء بعينه، بحيث يعتبر بعدها باطلاً، أو المدد التي يحددها لسقوط الخصومة أو انقضائها أو سقوط إجراءات التنفيذ، أي كل مايستحدثه القانون الجديد.

من أجال السقوط، مما لم يكن موجوداً من قبل - كله لا يجرى إلا من تاريخ العمل بالقانون الجديد أماما يعد له القانون الجديد من الآجال الموجودة، فيتبع في شأنه نص المادة السابقة الخاصة بالقوانين المعدلة للمواعيد.

الأحكام

1- مفاد الفِقرة الأخيرة من المادة 102 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 88  لسنة 2003 والمضافة بالقانون 93 لسنة 2005 والمادتين 16، 27 ذات القانون والمادة الثانية من قانون المرافعات أن المشرع وضع نظامًا خاصًا للتنفيذ العقارى فى حالة التمويل العقارى بالقانون رقم 148 لسنة 2001 المعدل بالقانون رقم 55 لسنة 2014، ويرمى المشرع بهذا النظام إلى توفير إجراءات تنفيذ ميسرة على العقار محل التمويل وأن هذا النظام شمل مراحل التنفيذ الجبرى الثلاثة؛ مرحلة الحجز ومرحلة البيع ثم مرحلة توزيع حصيلة التنفيذ. ولما كانت إجراءات التنفيذ على العقار المرهون للبنك بمراحلها الثلاثة المذكورة تكتمل المراكز القانونية بها خلال فترة ممتدة من الزمان، فإن قانون المرافعات المدنية والتجارية يحكم الإجراءات والمراحل التى تمت وتحققت فى ظله باعتباره القانون الذى كان يُنظم تلك الإجراءات، فى حين تحكم الفِقرة الأخيرة من المادة 102 من قانون البنك المركزى – والتى جاءت عامة مطلقة دون تخصيص - مراحل التنفيذ والإجراءات التى تتم بعد نفاذه وكذلك المراحل والإجراءات التى لم تكتمل فى ظل قانون المرافعات .

( الطعن رقم 3516 لسنة 88 ق - جلسة 24 / 12 / 2019 )

2ـ عملاً بنص المادة الثانية من قانون المرافعات، فان كل اجراء تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وان صدر قانون لاحق لا يعتبره كذلك، فالدعاوى التى فصل فيها وإجراءاتها التى تمت قبل العمل بالقانون الجديد لا تخضع لاحكامه ولو لم يكن نهائيا، ولم يخرج القانون المذكور عن هذه القاعدة، اذ لم ينص على تطبيقه بأثر رجعى، بل نص فى المادة الثامنة منه على العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، وقد نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 1996/1/29 .

( الطعن رقم 475 لسنة 65 ق - جلسة 1996/08/05 - س 47 ع 2 ص 1134 ق 212 )

3ـ  النص فى الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون المرافعات يدل على أن ما يستحدثه القانون من مدد السقوط بالمعنى الأعم لهذه العبارة مما لم يكن موجوداً من قبل لا يجرى إلا من تاريخ العمل بالقانون الجديد .

( الطعن رقم 5956 لسنة 64 ق - جلسة 2004/05/09 - س 55 ع 1 ص 503 ق 91 )

4 ـ لئن نصت الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة والستين من قانون المرافعات والمضافة بالقانون رقم 6 لسنة 1991 على أن " لا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العقارية إلا إذا أشهرت صحيفتها بما مفاده أن المشرع اشترط لقبول دعوى صحة التعاقد شهر صحيفتها " إلا انه لما كان من الأصول الدستورية المقررة - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن أحكام القوانين لا تسرى إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها وانه لا يترتب عليها اثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب اثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولا به وقت وقوعها إعمالا لمبدأ عدم رجعية القوانين ومن ثم فقد نصت المادة الثانية من قانون المرافعات على أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك ". وإذ كان ما استحدثه المشرع بإضافة فقرة ثانيه إلى المادة الخامسة والستين من القانون سالف الذكر بمقتضى القانون رقم 6 لسنة 1991 من اشتراط شهر عريضة الدعوى بصحة ونفاذ أي تصرف من التصرفات العينية العقارية وهو ما لم يكن مقررا من قبل ومن ثم فانه لا يسرى إلا من تاريخ نفاذه فى 14/3/1991 على الوقائع والإجراءات والمراكز القانونية التي نشأت فى ظله دون أن ينسحب إلى تلك التي نشأت فى ظل القانون السابق.

( الطعن رقم 6819 لسنة 65 ق - جلسة 1998/05/27 - س 49 ع 1 ص 464 ق 112 )

5 ـ لما كانت الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون المرافعات تنص على أنه : " ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء ، وكان الثابت أن الشركة المطعون ضدها الأولى قد علمت بالطعن وأودعت مذكرة بالرد على أسبابه فى الميعاد القانونى فإن الغاية التى إبتغاها المشرع من الإعلان تكون قد تحققت بما يمتنع معه الحكم ببطلانه .

( الطعن رقم 1173 لسنة 49ق - جلسة 1983/03/07 - س 34 ع 1 ص 637 ق 134 )

6 ـ المقرر فى قوانين إيجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والإمتداد القانونى وتعيين أسباب الإخلاء هى قواعد آمره ومتعلقة بالنظام العام ومن ثم فإنها تسرى بأثر فورى على جميع المركز والوقائع القائمة والتى لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً فى تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه إستحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فورى مباشر على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما لو إستوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو إتخاذ إجراءات معينة سواء من حيث إجراءات التقاضى أو الإثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسرى فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التى تنشأ فى ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التى نشأت فى ظل القانون السابق بإعتبار أن القانون الذى وقعت الدعوى فى ظله هو الذى يحكم شروط - قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها وقد نصت المادة 2 من قانون المرافعات على أن " كل إجراء تم من إجراءات المرافعات تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك. 

( الطعن«هيئة عامة» رقم 2219 لسنة 53 ق - جلسة 1982/03/25 - س 33 ع 1 ص 629 ق 1 )

7 ـ العبرة فى تكييف الإجراء هو بحقيقة وصفه القانونى وبإستيفاء للأوضاع و الشروط التى يحددها القانون لا بما يسبغه عليه الخصوم أو قلم الكتاب من أوصاف ، وإذن فمتى كان الثابت بالأوراق أنه بعد أن شطبت دعوى الشركة المطعون ضدها فى 1965/11/23 أعلنت للطاعنين فى 1968/1/9 بصحيفة إستوفت جميع الشروط والبيانات اللازمة لصحيفة إفتتاح الدعوى ، وأدت عنها الرسم المستحق على الدعوى الجديدة ، فلا تثريب على المحكمة إن هى أنزلت عليها الوصف القانونى الصحيح بإعتبارها دعوى جديدة لا يؤثر على ذلك أن يكون قلم الكتاب قد قيدها بالجدول بذات رقم الدعوى المشطوبة أو برقم جديد.

( الطعن رقم 431 لسنة 41 ق - جلسة 1975/12/22 - س 26 ع 2 ص 1646 ق 308 )

شرح خبراء القانون

إجراءات الخصومة : وتخضع إجراءات الخصومة أيضاً للتشريع الجديد السابق على بدئها . ويشمل ذلك ما يتعلق بالمطالبة القضائية، وتحديد المحكمة المختصة بها، وشروط الأهلية اللازمة في الخصم، والدفوع والطلبات، وحقوق وواجبات الخصوم، وشكل الأعمال الإجرائية وآثارها المختلفة. والعبرة هنا بصدور التشريع قبل بدء الخصومة بصرف النظر عن الحق في الدعوى، بمعنى أن التشريع الجديد يسري على الخصومة التي تبدأ بعده ولو بدأت بناء على طلب شخص نشأ له الحق في الدعوى أو نشأ له الحق الموضوعي محل الحماية المطلوبة قبل صدور هذا التشريع.

على أن التشريع الجديد يجب أن يحترم آثار الأعمال القانونية التي تمت قبله، ولهذا فإنه إذا حدث إتفاق على إختصاص محل معين، أو اتفاق على التحكيم في ظل تشريع معين يجيزه، فإن آثار هذه الاتفاقات تظل خاضعة لهذا التشريع رغم صدور تشريع جديد مخالف.

ويلاحظ أن إجراءات الخصومة تخضع للتشريع الجديد السابق على بدئها. بصرف النظر عن القانون الموضوعي الواجب التطبيق . وتطبيقاً لهذا حكم بأنه إذا كان الطعن على قرار اللجنة المختصة بتحديد الأجرة قد رفع سنة 1980 في ظل العمل بقانون 49 لسنة 1977، فإن هذا القانون هو الواجب التطبيق على القواعد والإجراءات المتعلقة بالطعن في الأحكام الصادرة في منازعات تحديد الأجرة . ولا يغير من ذلك أن تكون القواعد الموضوعية المنصوص عليها في ق. 52 لسنة 1969 بالنسبة لتقدير القيمة الإيجارية هي الواجبة التطبيق.

أدلة الإثبات : يثير سريان القانون من حيث الزمان مشكلة خاصة بالنسبة للإثبات، إذا صدر القانون في الفترة بين الواقعة محل الإثبات وبدء الخصومة.

ومن المتفق عليه أنه بالنسبة للقواعد الإجرائية، أي القواعد التي تنظم كيفية تقديم أدلة الإثبات أمام القضاء، يسري القانون الجديد النافذ قبل اتخاذ هذه الإجراءات. هذا ولو كانت الواقعة القانونية محل الإثبات قد تمت في ظل قانون سابق  وبعبارة أخرى للقانون الجديد أثر فوری.

ولكن المشكلة تثور بالنسبة لقبول الدليل وقوته في الإثبات. وأساس المشكلة هو ما إذا كانت هذه المسألة تتصل بالإجراءات، فترتبط بالقانون الساری وقت رفع الدعوى أم تتصل بالواقعة القانونية محل الإثبات فترتبط بالقانون الساري وقت تكوينها.

ذهب البعض وعلى رأسهم "كيوفندا" إلى أن قبول الدليل يعتبر مسألة إجرائية. ذلك أن أدلة الإثبات يراد بها تكوين اقتناع القاضي في الخصومة، ولهذا فإنها يجب ألا تقبل إلا طبقاً للتشريع الساري عند الحاجة إلى هذه الأدلة أي عند تقديمها للقاضي لتكوين اقتناعه .. فهذا التشريع وحده هو الذي يجب أن يحدد ما هي الأدلة التي تقبل «في الوقت الحاضر» لتكوين اقتناع القاضي. وليس من المعقول، أن يقوم القاضي في نفس الجلسة بقبول دليل إثبات معين على واقعة ما ويرفض نفس هذا الدليل بالنسبة لواقعة مماثلة لمجرد أن الدليل الأول قد أعد في ظل قانون كان يسمح به. فاقتناع القاضي ليس نتيجة عملية آلية يمكن إعداد وسائلها مقدماً، وإنما هو نتيجة عمل منطقي يجد وسائله في ظروف المجتمع وقت تكوينه، وهي ظروف يستوحيها التشريع الجديد الذي يحدد وسائل معينة للإثبات لحسن سير العدالة.

وقد لوحظ على هذا الرأي أنه يؤدي إلى الإضرار بمصالح الخصوم ذلك أنه قد يحدث أن يجيز القانون إثبات واقعة معينة بالبينة، فيتصرف الأفراد على هذا الأساس مكتفين بإبرام التصرف أمام شهود. فإذا صدر قانون جديد يوجب إثبات هذا التصرف بالكتابة، فمن غير المعقول مطالبة هؤلاء بكتابة لم يعدوها سلفاً عند إبرام التصرف. إذ في هذا الطلب مفاجأة لهم ومساس بالثقة القانونية المشروعة.

وأمام وجاهة هذا الاعتراض يجب التفرقة بالنسبة لقوة الدليل وقبوله بين نوعين من الأدلة :

الأدلة التي تعد بطبيعتها مقدماً وهذه هي الأدلة التي تعد قبل بدء الخصومة عند القيام بالتصرف أو العمل القانوني محل الإثبات . فهذه تعتبر عنصراً من الواقعة القانونية، ويجب احتراماً لإرادة الأفراد إخضاعها للقانون الساري وقت تكوين العمل أو التصرف القانوني، إذ في هذا الوقت يقوم الأفراد بإعداد الدليل توقية لأي نزاع في المستقبل . ويجب - توحيداً للقاعدة - تعميمها سواء أعد الأطراف الدليل بالفعل أو لم يعدوه .

وتأخذ حكم الأدلة التي تعد مقدماً القرائن القانونية. فالقرينة القانونية تخضع للقانون الساري عند حدوث التصرف أو الواقعة التي ترتبط بها القرينة وليس القانون النافذ عند الحكم وفقاً لها . ذلك أن القرينة القانونية من فعل المشرع، وتتعلق بتصرف أو واقعة معينة دون أي ارتباط باستنتاج من قبل القاضي.

الأدلة التي لا تعد بطبيعتها مقدماً : وهذه هي الأدلة المتعلقة بإثبات واقعة قانونية فالوقائع القانونية لأنها ليست أعمالاً ترمى الإرادة إلى إحداث آثارها القانونية، فإن أدلتها لا يتصور أن تعد مقدماً. ولهذا تخضع من حيث قبولها للقانون الساري وقت تقديم الدليل. ويلاحظ أن التصرف القانوني قد يخضع في إثباته لأدلة لا تعد بطبيعتها مقدماً ، ومن هذه مثلا حلف اليمين أو تقارير الخبراء أو الإقرار، وعندئذ يسرى عليها القانون الساري وقت تقديمها وليس القانون النافذ عند إبرام التصرف القانوني.

وهذه التفرقة المتقدمة هي التي قننها المشرع المصرى بنصه في المادة 9 من المجموعة المدنية على أن «تسرى في شأن الأدلة التي تعد مقدماً للنصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي كان يجب فيه إعداده».

فإذا صدر قانون أثناء الخصومة ينظم شكل إجراء معين من الإجراءات أو يخول سلطة لأحد الخصوم أو القاضي، فإن هذا القانون يسري بأثر فوري على الإجراءات التالية لنفاذه دون الإجراءات السابقة . وذلك مع ملاحظة ما قدمناه مما تقضي به قاعدة عدم رجعية القوانين من أن آثار العمل تترتب وفقاً للقانون الساري عند القيام بهذا العمل ونتيجة لهذا، فإن المطالبة القضائية التي تمت صحيحة في ظل قانون معين تبقى كذلك ولو صدر قانون جديد يرتب شكلاً آخر لها؛ ومن ناحية أخرى فإن المطالبة القضائية التي تمت صحيحة وفقاً لأحكام قانون معين لا يعيبها صدور قانون جديد لا يوجب الشكل أو البيان الذي نقص في الصحيفة التي تمت قبل نفاذه. وما يصدق على المطالبة القضائية يصدق على الطعون  والأحكام  وغيرها من الأعمال الإجرائية التي تتم أثناء الخصومة. أما الآثار التي ترتبها المطالبة القضائية، مثلاً تقادم الدعوى، أو يرتبها رفع الطعن أو صدور الحكم أو أي إجراء آخر فتبقى خاضعة للقانون الذي يحكم الإجراء.

وإذا حدث، واستحدث قانون جديد نظام إجرائية لم يكن يعرفه القانون الملغي، فإن هذا النظام يطبق فوراً على جميع الخصومات القائمة رغم أنها بدأت قبل نفاذ القانون الجديد.

 بعض صعوبات الأثر الفوري للتشريع :

على أن القول بالأثر الفوري للتشريع بالنسبة للخصومة القائمة يثير تساؤلات بالنسبة للمسائل التالية :

(أ) إختصاص المحكمة : ما دام الإجراء يخضع للقانون الذي تم في ظله، فإن آثار هذا الإجراء يجب أيضاً أن تخضع لذلك التشريع، فهذا هو مقتضى مبدأ عدم رجعية التشريعات كما قدمنا، ومفاد هذا أنه إذا رفعت دعوى إلى القضاء، فإن المحكمة المختصة بها يجب ألا تتغير بصدور تشريع يجعل مثل هذه الدعوى من اختصاص محكمة أخرى. ذلك أن إختصاص محكمة معينة إنما يتحدد بوقت رفع الدعوى ويعتبر أثراً له تطبيقاً للقاعدة اللاتينية.

على أن هذا الرأي الذي يتفق مع المبادئ القانونية الصحيحة، لقی معارضة من الفقه والقضاء الفرنسيين . واستقرت محكمة النقض الفرنسية.

على أن التشريع الجديد الذي يعدل قواعد الإختصاص يسري فوراً على الدعاوى القائمة تحقيقاً للهدف من التعديل وهذا الاتجاه الأخير هو أيضاً الذي أخذ به المشرع المصري (مادة 1 / 1 مرافعات) . على أنه بسبب المشاكل العملية التي يؤدي إليها هذا الاتجاه، عمد القضاء الفرنسي إلى استثناء الدعاوى التي صدر فيها حكم في الموضوع أو في مسألة موضوعية أو صدر فيها حكم قبل الفصل في الموضوع ولكنه يمس الموضوع كما لو صدر حكم بقبول دليل معين من أدلة الإثبات وقد سار قانون المرافعات المصري في هذا الاتجاه إلى مدى أبعد فاستثنى الدعاوى التي يكون قد قفل باب المرافعة فيها، إذ نصت المادة الأولى منه على استثناء «القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعاوی» فبمجرد قفل باب المرافعة في موضوع الدعوى، لا يسري التشريع الجديد وتبقى الدعوى من اختصاص المحكمة التي رفعت إليها وفقاً للتشريع السابق ويسرى الاستثناء سواء كان الأمر يتعلق بالولاية أو باختصاص نوعى أو قيمي أو محلي .

وعادة يتضمن التشريع الجديد نصوصاً تنظم إحالة الدعاوى القائمة إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها . وتطبيقاً لهذا تنص المادة الخامسة من القانون رقم 76 لسنة 2007- الذي رفع نصاب المحاكم الجزئية والابتدائية - على أن «على المحاكم أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من إختصاص محاكم أخرى بمقتضى أحكام هذا القانون وذلك بالحالة التي تكون عليها .

وتكون الإحالة إلى جلسة تحددها المحكمة . ويعتبر صدور قرار الإحالة إعلاناً للخصوم الذين حضروا أحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة وفي هذه الحالة يقوم قلم الكتاب بإعلان الخصوم بالقرار بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول.

ولا تسري أحكام الفقرتين السابقتين على الدعاوى المحكوم فيها قطعية أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم».

ويقصد المشرع بالدعاوى المحكوم فيها قطعياً، الدعاوى التي صدرت فيها أحكام قطعية غير منهية للخصومة في الموضوع سواء فصلت في أحد الطلبات الموضوعية أو حسمت نقطة من النزاع الموضوعي ولو لم تفصل في طلب. فيخرج منها الأحكام القطعية الصادرة في مسألة إجرائية، فصدورها لا يحول دون وجوب إحالة الدعوى إلى المحكمة التي أصبحت مختصة وفقا للقانون الجديد.

ولا تجوز الإحالة إذا كانت الدعوى محجوزة للحكم ولو مع السماح للخصوم بتقديم مذكرات أو مستندات . فإذا تقرر فتح باب المرافعة بعد نفاذ التعديل الجديد وجبت الإحالة.

(ب) مواعيد المرافعات : إذا كان هناك ميعاد معين في الخصومة محددة وفقاً لتشريع قائم، مثلاً ميعاد لسقوط الخصومة أو للطعن في الحكم، ثم صدر تشريع جديد ينقص هذا الميعاد أو يعدله، فهل يحسب الميعاد وفقاً للقانون السابق أم وفقاً للتشريع الجديد؟ تطبيقاً لمبدأ عدم رجعية التشريع، فإن الميعاد يخضع من حيث مدته للتشريع السارى وقد بدئه (مادة 1 / 1 مرافعات) . فإذا كان ميعاد الطعن ستين يوماً وبعد بدئه صدر تشريع يجعله أربعين يوماً، فإن الميعاد يخضع للتشريع القديم ولا ينقضى إلا بانقضاء الستين يوماً كاملة . ومن ناحية أخرى، إذا كان الميعاد أربعين يوماً، فجعله القانون الجديد ستين يوماً، فإن الميعاد ينقضي بانقضاء الأربعين يوماً، سواء صدر القانون الجديد قبل انقضاء الميعاد القديم أو بعد انقضائه. ومن المفهوم أن هذا الحل يفترض أن يكون الميعاد قد بدأ في ظل القانون القديم ، فإذا لم يبدأ إلا في ظل التشريع الجديد فمن الطبيعي أن يخضع لهذا التشريع ونفس الحل - من باب أولى - بالنسبة للميعاد الذي لم يكن معروفة في التشريع القديم . فهذا الميعاد يطبق على الخصومة القائمة، على أنه لا يبدأ في السريان إلا من تاريخ سريان القانون الجديد ولو كانت الواقعة التي حددها هذا القانون كنقطة بداية له قد حدثت قبل صدوره (أنظر المادة 2 / 2 مرافعات).

أما بالنسبة لجزاء عدم احترام الميعاد، فإنه يجب تطبيق النص القانوني النافذ عند انقضاء الميعاد . فإذا صدر قانون جديد يقرر جزاء جديدة على عدم احترام ميعاد معين وكان هذا الميعاد قد انقضى قبل نفاذ القانون الجديد. طبق الجزاء الذي كان منصوص عليه في القانون السابق.

(ج) طرق الطعن في الأحكام : إذا صدر تشريع جديد يلغى طريق طعن قائم، أو ينشىء طريق طعن جديد، فقد يظن أن هذا التشريع يسرى فوراً على الأحكام القضائية الصادرة قبله. ولكن القاعدة القانونية الصحيحة تقتضي كما قدمنا أن تخضع آثار العمل القانوني التشريع الساري وقت تكوينه. وبما أن قابلية الحكم للطعن فيه أو عدم قابليته للطعن وبالتالي حيازته قوة الأمر المقضي يعتبر من آثار الحكم، فإنه يجب تطبيق القانون الساري عند صدور الحكم) . وهذا الحل قننه أيضاً قانون المرافعات المصري (مادة 3 / 1).وليس في الأمر أي استثناء على خلاف ما يوحى به هذه النص . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 35 )

يقصد بالإجراء العمل القانوني الذي يباشر إعمالاً لنص من نصوص القانون ويكون جزءاً من الخصومة، ويترتب عليه الآثار التي يقررها القانون الذي تمت وفقا له فإن لم يحدد تلك الآثار، تعين الرجوع في شأنها إلى قانون المرافعات إن كان يتضمن ذلك، وقد يطلق على الإجراء عبارة «العمل الإجرائي» والأعمال الإجرائية متنوعة في الخصومة، منها ما يقوم به القاضي مثل الحكم أو الأمر الذي يصدره ومنها ما يقوم به الخصوم أو وكلاؤهم مثل الطلبات على اختلاف أنواعها سواء كانت أصلية تضمنتها صحيفة افتتاح الدعوى أو كانت عارضة والدفوع وإعلان الأوراق القضائية أو إعلان واقعة معينة، كذلك الأعمال المتعلقة بالإثبات كالإقرار أو حلف اليمين، ومن الإجراءات ما يقوم به الغير کشهادة الشهود أو عمل الخبير.

وكل عمل إجرائي باعتباره عملاً قانونياً، يجب أن تتوافر فيه الشروط التي يتطلبها القانون المنظم له سواء تعلقت بمحل الإجراء أو بشخص القائم به أو بشكل الإجراء، وقد يكون الشكل في الإجراء عنصراً من عناصره وقد يكون ظرفاً يجب وجوده خارج العمل لكي ينتج العمل آثاره القانونية، والشكل كعنصر يتضمن وجوب تمام العمل كتابة ووجوب أن تتضمن الورقة بیانات معينة، أما الشكل كظرف، فقد يتصل بمكان العمل كوجوب تسليم الإعلان في موطن المعلن إليه أو وجوب أن يتم الحجز في مكان المنقولات المحجوزة، وقد يتصل بزمان العمل، والزمن کشكل للعمل قد يكون زمناً مجرداً بغير نظر إلى واقعة سابقة أو لاحقة كوجوب أن يتم الإعلان بين السابعة صباحاً والثامنة مساء. وقد يكون الظرف يوماً معيناً كوجوب إجراء المرافعة في أول جلسة، وقد يتحدد الزمن بميعاد، يكون له بدء ونهاية، وقد يكون ميعاداً يجب أن ينقضي قبل إمكان القيام بالعمل، وقد يكون ميعاداً يجب أن يتم العمل قبل بدئه، أو في خلاله، ويدخل في عنصر الزمن ما ينص عليه القانون من ترتيب معين بين الأعمال الإجرائية.

ويبين مما تقدم أن الشكل ليس هو الإجراء، ذلك أن الإجراء أو العمل الإجرائي هو عمل قانوني يجب أن تتوافر فيه شروط معينة من بينها الشكل الذي يحدده القانون، كما في صحيفة افتتاح الدعوى وصحف الطعن في الأحكام وإنذار الشفعة وإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة وإعلان تنبيه نزع الملكية، وغير ذلك من الإجراءات التي حدد لها القانون شكلاً خاصاً لا يتوافر إلا باستيفاء الشروط والبيانات المقررة.

الإجراءات التي تمت في ظل القانون القديم :

تنص الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون المرافعات على أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيح في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص القانون على غير ذلك. مما مفاده أن الإجراء يخضع من حيث صحته أو بطلانه للقانون الذي بوشر في ظله دون اعتبار في هذا الصدد بالقانون الذي يصدر بعد ذلك حتى لو كان متعلقاً بالنظام العام إلا إذا جاء حكم مخالف لما كان عليه القانون السابق ونص على سريان أحكامه على ما تم من إجراءات قبل صدوره، وحينئذ لا يحتج بالحقوق المكتسبة إذ لا يحاج المشرع بهذه الحقوق، فيصبح الإجراء باطلاً بعد أن كان صحيحاً أو العكس إعمالاً للأثر الرجعي للقانون الجديد. راجع نقض 10/2/1976 فيما تقدم.

ويستوي أن يكون الإجراء نشأ صحيحاً منذ البدء باستيفائه شروط صحته أم انقلب صحيحاً بعد أن نشأ باطلاً، کلإجراء غير المتعلق بالنظام العام عندما ينشأ باطلاً ويتنازل من تقرر البطلان لمصلحته عن التمسك به صراحة أو ضمناً فيصبح الإجراء صحيحاً. ويظل كذلك حتى لو صدر قانون لاحق ينص على هذا البطلان ويجعله متعلقاً بالنظام العام. أما إن كان الإجراء متعلقاً بالنظام العام وشابه البطلان، فإن هذا البطلان يكون بدوره متعلقاً بالنظام العام مما يجيز لكل ذي مصلحة التمسك به وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، ومن ثم يظل الإجراء باطلاً حتى لو صدر قانون لاحق يجعل الإجراء غير متعلق بالنظام العام، ومن الأمثلة على الإجراءات المتعلقة بالنظام العام وفقاً للتشريعات القائمة، إجراءات التقاضي والنطق بالأحكام في جلسات غير علنية ونظر بعض الدعاوى بجلسات سرية. والمقرر قانوناً أن تلحق الصحة الإجراء الباطل بما مؤداه أن زوال هذا البطلان يجعل الإجراء معتبراً صحيحاً من وقت صدوره وتزول كافة الآثار التي كان يرتبها البطلان. انظر: مجموعة المبادئ القانونية للمؤلف الجزء الثاني ص 159 مبدأ رقم 157؛ وبند «الإجراءات التي تضمنتها قوانین آمرة، فيما تقدم».

فإن كان الإجراء باطلاً في ظل القانون القديم ولم يكن قد تعلق للخصم حق في هذا البطلان بالتمسك بآثارها جاز تصحيحه وفقاً للقانون الجديد وحينئذ يعتبر الإجراء قد بوشر وفقاً لهذا القانون أن تضمن تنظيماً له الأصل في الإجراءات أنها روعيت:

قاعدة «الأصل في الإجراءات أنها روعيت» قاعدة قانونية أصيلة ولو لم يجر بها نص، مفادها أن الإجراءات التي يتطلبها القانون ولم يرسم لها شكلاً خاص الأصل فيها أنها روعيت و من ثم تكون صحيحة دون حاجة إلى إثبات توافرها بمحضر الجلسة أو بمحضر آخر. وتظل صحيحة حتى لو صدر قانون لاحق يتطلب هذا الإثبات ويجعل البطلان جزاء مخالفة ذلك، ومن المقرر أن الأوراق المدعى بتزويرها لا تعدو أن تكون من أوراق القضية، فلا يعتبر الأمر بضمها والاطلاع عليها إجراء من الاجراءات التي يلزم إثباتها في محضر الجلسة أو في أي محضر آخر، فإذا ما قضت المحكمة في الطعن بالتزوير وتحديد جلسة النظر الموضوع، وفي أثناء ذلك صدر قانون جديد يلزم المحكمة بإثبات ضم الأوراق بمحضر الجلسة وجعل البطلان جزاء مخالفة ذلك، فإن هذا البطلان لا يمتد لإجراء الضم الذي اعتبره القانون السابق مرعياً وبالتالي صحيحاً.

وإذا نقض الحكم وأحيلت الدعوى إلى محكمة الموضوع لنظرها من جديد، ثم صدر قانون بتعديل بعض الإجراءات القضائية، فإن الإجراءات التي تمت بعد الإحالة في ظل القانون الذي كان معمولاً به في ذلك الوقت تظل على حكمها الذي كان يقرره هذا القانون فإن كانت صحيحة ظلت كذلك وإن اعتبرها باطلة ظلت على بطلانها دون أن ينال من هذه الأحكام القانون الذي يصدر بعد ذلك ولا تلتزم المحكمة بما يقضي به بالنسبة للإجراءات القضائية إلا فيما يباشر منها بعد تاريخ العمل به، فلا تتسلط إعمالاً به على ما تم من إجراءات قبل صدوره، ولا شأن لها بأحكام القانون الذي كان معمولاً به قبل نقض الحكم طالما صدر قانون جديد بعد النقض والإحالة فيكون هو الواجب الاتباع على ما يباشر أمامها من إجراءات، ذلك ما لم ينص القانون الجديد على عمل أحكامه بأثر رجعي.

ويقصد بالسقوط في هذه الفقرة، السقوط بالمعنى الأعم الذي يشمل الجزاءات التي يرتبها القانون ويكون من شأنها زوال الإجراء، فيشمل إبطال الإجراء واعتباره كأن لم يكن وسقوطه وانقضاء الخصومة بالتقادم وغير ذلك مما يقتضي زوال أثر الإجراء، فسقوط الخصومة، كإجراء قضائي يمحو أثرها بالنسبة للتقادم وسريان الفوائد وغير ذلك.

فإذا صدر قانون وجاء بميعاد لم يعرفه القانون السابق الذي بوشر الإجراء في ظله. وأوجب القيام بإجراء معين خلال هذا الميعاد مرتباً على عدم القيام به خلاله سقوط الحق في الإجراء الذي تم من قبل، فإن هذا الميعاد يبدأ من تاريخ العمل بالقانون الذي استحدثه دون اعتداد بالتاريخ الذي بوشر فيه الإجراء الذي تم في ظل القانون السابق، فإن كان الميعاد سنة مثلاً وجب احتسابه من يوم العمل بالقانون الجديد.

ويجب لإعمال تلك الفقرة أن يكون القانون الجديد قد استحدث میعاد السقوط وانفرد به دون القانون القديم، أما إذا كان القانون القديم يتضمنه ثم جاء القانون الجديد وعدل هذا الميعاد، تعين إعمال الفقرة الثانية من المادة الأولى على التفصيل الذي أوضحناه فيما تقدم. وإذا نص القانون الجديد على إلغاء الميعاد ، فإنه لا يمتد للمواعيد التي اكتملت في ظل القانون القديم ولا يكون له إلا الأثر الفوري وفقا لما نصت عليه المادة الأولى. أما المواعيد التي لم تكتمل، فقد أدركها القانون الجديد، ومن ثم تخضع له . ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الأول الصفحة : 41 )

مبدأ عدم رجعية القانون من المبادئ المقررة في التشريع الحديث أن القانون لا تجرى أحكامه إلا على ما يقع من تاريخ نفاذه، ولا تجري على ما يكون قد وقع قبله ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، ويعرف هذا المبدأ في الفقه بمبدأ عدم سريان القوانين على الماضي أو عدم رجعية القوانين، فالأصل في كل قانون أنه لا يسري على الماضي، وأنه ليس للقانون أثر رجعي ومقتضى هذا المبدأ أن القانون لا يسري على الماضي إذا كان في سريانه مساس بحق مكتسب أو بمركز مقرر وإلا وصف بأنه له أثراً رجعياً وقانون المرافعات ليس له أثر رجعي كقاعدة، إذ ينطبق عليه مبدأ عدم رجعية القانون شأنه في ذلك شأنه كافة القوانين.

المقصود بالإجراء :

الإجراء هو وسيلة أداء التصرف القانوني بالنسبة إلى الخصوم، ووسيلة عمل السلطة القضائية بالنسبة إلى رجالها ومساعديهم .

ويجب التمييز بين عمل الوظيفة القضائية و الإجراء القضائي، فالإجراء مجرد وسيلة، وكثيراً ما يكون المقصود منه هو أداء عمل الوظيفة القضائية.

والإجراء قد يكون قضائياً أي متصلاً بخصومة وقد يكون غير قضائي، والإجراء القضائي قد يتم كتابة وقد يتم مشافهة، وقد يكون مع غيره سلسلة من الإجراءات، ويكون ذلك عادة بالنسبة إلى إجراءات التنفيذ والقاعدة أنه إذا تعددت الإجراءات، فإن كلا منها يستقل عن الآخر ولو كانت تؤدى إلى غرض واحد، مع ملاحظة أن بطلان أي إجراء منها لا يستتبع بطلان الإجراءات السابقة عليها، وإنما يستتبع حتماً بطلان الإجراءات اللاحقة له متى كان هو أساساً لها وترتبت هي عليه.

وقد يحصل أن يتم الإجراء صحيحاً في ظل قانون معمول به، ثم يتطلب القانون الجديد أن يعقبه في خلال أجل معين إجراءات تالية وإلا بطل الإجراء الأول الذي تم صحيحاً في الأصل .

والإجراء لا يعتبر قضائياً إلا إذا كان متعلقاً بخصومة أمام جهة من جهات القضاء (أحمد أبوالوفا التعليق - ص 94  ) .

والخصومة عبارة عن مجموعة من الإجراءات القضائية، وهذا يعني أن الإجراء القضائي هو الوحدة البسيطة التي تتكون منها الخصومة.

ويعد كل إجراء على حدة عملاً قانونياً قائماً بذاته، ينظم قانون المرافعات عناصره وأثره القانوني، كما يترتب جزاء على مخالفة قواعده .

وتختلف الإجراءات وتتنوع من حيث أشخاصها ومضمونها وطبيعتها، فبعض الإجراءات يقوم بها الخصوم أو من يمثلهم، وبعضها الآخر يقوم بها القاضي أو أحد أعوانه، وهي تختلف من حيث مضمونها، فقد تكون عبارة عن طلب أو دفع أو قرار، وقد تكون عملاً من أعمال الدفاع كتقديم مذكرة، أو عملاً من أعمال التحقيق كسماع شاهد، أما من حيث طبيعتها فقد يكون الإجراء إعلاناً عن إرادة كالتنازل عن إجراء، أو إعلاناً عن رغبة كالطلب، أو إعلاناً لحقيقة كتقرير الخبير أو شهادة الشاهد وهذا يعني اختلاف الإجراءات القضائية من حيث عناصرها وآثارها القانونية، مما يؤثر بالضرورة على الجزاء المترتب على مخالفة قواعدها .

والإجراء القضائي هو المسلك الإيجابي الذي يكون جزءاً من مجموعة إجراءات، ويرتب أثراً إجرائياً مباشراً فيه، ويعتبر الإجراء عملاً قانونياً بالمعنى الواسع (وجدي راغب - ص 303، ص 306 ) .

ويمكن القول أيضاً بأن الإجراء القضائي هو كل مسلك إيجابي من جانب الخصوم أو من جانب المحكمة، في رفع الدعوى إلى القضاء، أو المرافعة فيها، أو في تحقيقها، أو الحكم فيها.

والإجراء القضائي قد يكون قولياً وقد يكون «فعلياً، بمعنى أنه قد يكون عبارة أو عبارات لفظية تهدف إلى غرض معين، وقد يكون سلوكاً فعلياً على نحو معين، فتكليف المدعى عليه بالحضور أمام القضاء، وإبداء المدعي لادعاءاته، وشرح المدعى عليه لدفاعه، وشهادة الشهود والنطق بالحكم - كلها إجراءات قوليه، والحضور فعلاً أمام القضاء، وانعقاد المحكمة، وفض الجلسة القضائية أو رفعها، وانتقال المحكمة للمعاينة واختلافها للمداولة كلها إجراءات فعلية .

 "والإجراء القضائي القولی قد يكون شفوياً وقد يكون مكتوباً فالمرافعة والشهادة، والنطق بالحكم - إجراءات شفوية، والتكليف بالحضور، والادعاءات المقترنة بالتكليف بالحضور، وتقارير الخبراء، والأحكام بعد النطق بها - إجراءات مكتوبة احمد مسلم - أصول المرافعات - بند 350 ص 393  .

الإجراء الذي تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك إذا تم إجراء في ظل قانون معين، فإنه يأخذ حكمه، سواء أكان الإجراء يسبقه میعاد أو يتلوه أو يتخلله، وسواء أكان من إجراءات رفع الدعوى أم من إجراءات التنفيذ، وسواء أكان من الإجراءات التي تتم بالإعلان أم تتم بالإيداع في قلم الكتاب، أم تتم شفاهة في الجلسة، وسواء أكان صحيحاً أم باطلاً، ويترتب على الإجراء أثره الذي حدده القانون الصادر في ظله.

 وإذن قانون المرافعات الجديد لا يسري على الإجراءات التي تمت قبله سواء من ناحية تحديد أثر الإجراء الصحيح، أو من ناحية بطلان الإجراء الذي تم باطلاً، وبعبارة أخرى يفيد صدر المادة الأولى حتماً أن كل إجراء من إجراءات المرافعات تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وكل إجراء تم باطلاً يظل باطلاً، وهو بذلك يغني عن الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون المرافعات - محل التعليق - وإذن، القاعدة التي تقرر أن الإجراء الذي تم باطلاً في ظل قانون معمول به يظل باطلاً ولو صدر قانون جديد مثله صحيحاً، هذه القاعدة لا يقررها مجرد مفهوم مخالفة الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون المرافعات وإنما يقررها أيضاً صدر المادة الأولى من قانون المرافعات، ومع ذلك قيل أن الإجراء وسيلة لا غاية وأن الحقوق المكتسبة بالنسبة لبطلان الإجراءات لا يصح أن تؤثر على ذات الحقوق الموضوعية انظر محضر الجلسة الثانية والثلاثين من محاضر جلسات لجنة مراجعة مشروع قانون الإجراءات في المواد المدنية والتجارية، وروى بعدئذ الإبقاء على نص المادة الثانية من قانون المرافعات على حاله.

ومن ثم إذا كان القانون السابق ينص على البطلان بعبارة ناهية أو نافية، ثم ألغي هذا البطلان في القانون الجديد أو إذا ألغي القانون الجديد الشكل الجوهري الذي كان البطلان يترتب على مخالفته، فإن النص المستحدث لا يسرى على ما تم من إجراءات قبل العمل به، وقد أوجبت محكمة النقض توقيع جزاء البطلان على الرغم من صدور قانون جديد لا يرتبه.

وقد يبدو غريبا أن يحكم بالبطلان جزاء مخالفة لم يعد يراها القانون الجديد جوهرية فلا يرتب البطلان نتيجة لها، وإنما الفيصل هو عدم المساس بالحقوق المكتسبة، ولهذا يقرر صدر المادة الأولى - التي سبق لنا التعليق عليها - صراحة أن القانون الجديد لا يمس الإجراءات التي تمت في ظل القانون القديم، فتأخذ حكمه سواء من ناحية صحتها أو عدم صحتها أو من ناحية آثارها القانونية ولا يجوز أن يخلق القانون الجديد إجراءات صحيحة من أشتات إجراءات باطلة أحمد أبوالوفا - التعليق ص 50 ۔ 51. 

وقد استهدف المشرع بالفقرة الأولى من المادة الثانية - محل التعليق - أن يوضح أن الإجراءات التي تمت في ظل القانون القديم صحيحة ولو عدلت بعد ذلك في ظل القانون الجديد فإنها تعتبر صحيحة ما لم يرد نص صريح على خلاف ذلك إذ القاعدة أن كل إجراء تم صحيحاً في ظل قانون معمول به يظل صحيحاً نقض جنائى 10/3/1953 المكتب الفني السنة 4 ص 452، أما إذا كان الإجراء قد وقع باطلاً في ظل القانون الملغي فإنه ينبغى اتخاذه مجدداً، في ظل القانون الجديد ووفقاً لأحكامه .

مواعيد السقوط المستحدثة لا تسرى إلا من تاريخ العمل بالقانون الذي استحدثها :

طبقاً للفقرة الثانية من المادة الثانية - محل التعليق - فإنه إذا استحدث القانون ميعاداً للسقوط لم يكن معروفاً في القانون الملغي فإن بدأ سريان المدة لا يكون إلا من تاريخ سريان القانون الجديد ولا يضاف إليها ما يكون قد انقضى من مدة سابقة وقعت في ظل القانون القديم، أما بالنسبة للمواعيد التي عدلها القانون الجديد فتسري عليها أحكام الفقرة الثانية من المادة الأولى والفقرة الثانية لا تسرى إلا على القواعد القانونية التي تستحدث مواعيد السقوط، أما القواعد التي تعدل مواعيد السقوط فتخضع للفقرة الثانية من المادة الأولى والقواعد التي تلغي مواعيد السقوط تخضع للأثر الفوري إعمالاً للفقرة الأولى من المادة الأولى، والمقصود بمواعيد السقوط المعنى الأعم الذي يعمل كل جزاء من شأنه زوال أثر الإجراء مادام مترتباً على مخالفة ميعاد " المذكرة الإيضاحية القانون المرافعات السابق فيما يتعلق بالمادة الثانية منه والمطابقة للمادة الثانية من القانون الحالي والمشار إليها آنفاً. ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الأول  ، الصفحة : 119 )

أراد المشرع بالفقرة الأولي من هذه المادة أن يوضح أن الإجراءات التي تمت في ظل القانون القديم صحيحة ولو عذلت بعد ذلك في ظل القانون الجديد فإنها تعتبر صحيحة ما لم يرد نص صريح على خلاف ذلك إذ القاعدة أن كل إجراء تم صحيحا في ظل قانون معمول به يظل صحيحاً. (نقض جنائي 1953 / 3/ 10 المكتب الفني السنة 4 ص 452 والجزء الأول من مدونة الفقه والقضاء للدكتور أبو الوفا والاستاذين نصر الدين كامل ، عبد العزيز يوسف ص 43). 

أما إذا كان الإجراء قد وقع باطلاً في ظل القانون الملغي فإنه ينبغي اتخاذه مجدداً في ظل القانون الجديد ووفقاً لأحكامه.

 وضحت الفقرة الثانية أنه إذا استحدث القانون ميعاداً للسقوط لم يكن معروفاً في القانون الملغي فإن بدأ سريان المدة لا يكون إلا من تاريخ سريان القانون الجديد. ولا يضاف إليها ما يكون قد انقضى من مدة سابقة وقعت في ظل القانون القديم أما بالنسبة للمواعيد التي عدلها القانون الجديد فتسري عليها أحكام الفقرة الثانية من المادة الأولى والفقرة الثانية لا تسري إلا على القواعد القانونية التي تستحدث مواعيد السقوط، أما القواعد التي تعدل مواعيد السقوط فتخضع الفقرة الثانية من المادة الأولى والقواعد التي تلغي مواعيد السقوط للأثر الفوري إعمالاً للفقرة الأولي من المادة الأولى .

المقصود بمواعيد السقوط المعنى الأعم الذي يشمل كل جزاء من شأنه زوال أثر الإجراء ما دام مترتباً على مخالفة ميعاد . ( التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء : الأول ،  الصفحة :  45 )