تتناول المادة 20 تنظیم حالات البطلان بسبب العيوب الشكلية التي تصيب الإجراءات وقد رای المشروع التفرقة بين حالة البطلان الذي يقرره القانون بعبارة صريحة منه وحالة عدم النص عليه فإذا نص القانون على وجوب إتباع شكل معين أو أوجب أن تتضمن الورقة بياناً معيناً وقرر البطلان صراحة جزاء على عدم احترامه فان الاجراء يكون باطلاً وليس على من تقرر الشكل لمصلحته من الخصوم إلا أن يثبت تحقق العيب ويتمسك بالبطلان على أن المشروع قدر أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة في الخصومة فالقانون عندما يتطلب شكلاً معيناً أو بياناً معيناً فإنما يرمي إلى تحقيق غاية يحققها توافر هذا الشكل او البيان واذا ثبت تحقق الغاية رغم تخلف هذا الشكل أو البيان فإن من التمسك بالشكليات القضاء بالبطلان ويقع على عاتق من يحصل التمسك ضده بالبطلان عبء اثبات أن الشكل او البيان رغم تخلفه فقد حقق الغاية منه فإذا ثبت هذا فلا يحكم بالبطلان .
وبهذا عدل المشروع عما يفهم من القانون الحالي من أن البطلان المنصوص عليه إجباری يجب على القاضي الحكم به دائماً وهو عدول يتجه به المشروع إلى مسايرة التشريعات الحديثة التي بدأها المشرع في فرنسا بقانون 12 يناير سنة 1933 وبالمرسوم بقانون 30 اکتوبر سنة 1935 واشترط فيهما تحقق ضرر بالخصم للحكم بالبطلان رغم النص صراحة عليه وأيده المشرع الايطالي سنة 1940 بصورة أعم بنصه في المادة 156 من مجموعة المرافعات الايطالية على ألا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا حقق الإجراء الغاية منه .
وهذا الاتجاه الحديث في التشريعات أيدته بعض أحكام القضاء المصري وبعض الفقه في مصر وهو اتجاه ينسق في مصر مع الأخذ بمبدأ نسبية الحقوق الذي يعني أن الحق ليس غاية في ذاته انما هو وسيلة لتحقيق غاية معينة ولهذا فانه إذا نص القانون على البطلان وتحقق عيب في الإجراء فنشأ عنه حق لشخص في التمسك بالبطلان فإن هذا الحق إنما يقصد بإعطائه لصاحبه ضمان تحقيق الغاية من القاعدة المخالفة فإذا تمسك صاحب الحق بالبطلان رغم تحقق الغاية من الشكل او البيان المطلوب فانه يعتبر إستعمالاً غير مشروع للحق لانه لا يتمسك به بقصد تحقيق الغاية التي أعطى الحق من أجلها أن الغاية قد تحققت .
وربط شكل الاجراءات بالغاية منه يؤدي إلى جعل الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد قالب کالشكليات التي كان يعرفها القانون الروماني في عهد دعاوى القانون .
وإذا كان الاتجاه الذي غلبه المشروع يؤدي إلى إعطاء سلطة كبيرة للقاضي فإن هذه السلطة يقيدها أن تحديد الغاية من الشكل مسألة قانون وليست مسألة واقع يستقل فيها بالتقدير هذا فضى عن أن القضاء في مصر قد أثبت دائماً انه أهل للثقة التي تمنح له ثم إن الأخذ بالمذهب الذي يلزم القاضي بالحكم بالبطلان لمجرد النص عليه دون أي تقدير يؤدي أحياناً إلى الإضرار بالعدالة .
ذلك أن القاعدة القانونية قاعدة عامة بطبيعتها وعندما ينص القانون على البطلان في حالة معينة فإنه يراعي ما يحدث في الظروف العادية ولكن من الناحية العملية إذا تحققت الغاية من الشكل في قضية معينة فان البطلان يصبح لا ضرورة له بل ينتهي إلى أن يكون سلاحاً في يد سيء بالنية من الخصوم الذي يريد عرقلة الخصومة .
على أن المشروع لم ينشأ في تغليبه هذا الاتجاه أن ينحو الى المدى الذي ذهبت إليه بعض التشريعات المجموعة الايطالية والتي تجعل من مجرد تحقق الغاية من الإجراء سببا لعدم الحكم بالبطلان ولو لم تتحقق الغاية من الشكل أو البيان المطلوب ذلك أن هناك إشکالاً للعمل او بيانات في الورقة قد ترمي إلى تحقيق ضمانات معينة للخصوم لا تتصل إتصالاً مباشراً بالغاية من الإجراء وإن نص القانون على البطلان ونخلف الشكل او البيان ولم تتحقق الغاية منه فيجب الحكم بالبطلان ولو تحققت الغاية من الإجراء.
ولم يقصر المشروع البطلان شانه شان القانون الحالي على حالات النص عليه فنص على أن الأجواء يكون باطلاً أيضاً إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء .
ويقصد المشروع بحالات عدم النص على البطلان عدم النص الصريح عليه فإذا نص القانون على أنه لا يجوز أو لا يجب أو نص على اية عبارة ناهية أو نافية فانه بهذا لم يصرح بالبطلان ولا يحكم به الا اذا وجد عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الاجراء والأصل في حالة عدم النص على البطلان ان الاجراء لا يبطل إلا إذا أثبت التمسك بالبطلان فضلاً عن العيب الذي شاب الإجراء أن هذا العيب قد ادى إلى عدم تحقق الغاية من الإجراء فعبء إثبات عدم تحقق الغاية يقع على عاتق التمسك بالبطلان ولا يكفيه إثبات عدم تحقق الغاية من الشكل او البيان وإنما يجب عليه اثبات عدم تحقق الغاية من الاجراء ذلك أن القانون ما دام لم ينص على البطلان جزاء الشكل او بیان معين فانه يدل بهذا على عدم إرادته توافر هذا الشكل او البيان إلا بالقدر اللازم لتحقيق الغاية من العمل الإجرائي الذي يتضمنه .
وينظر القاضي إلى الغاية الموضوعية من الاجراء والتي تحققها أو عدم تحققها في كل قضية على حدة وهذا التحديد من المشروع هو الذي اخذت به مجموعة المرافعات الايطالية للإجراءات الجوهرية في المادة 156 منها.
وأياً كان الأمر وسواء كان البطلان منصوصاً عليه أم لا فإن القاضي يجب عليه أن يحكم به ومن تلقاء نفسه إذا تعلق بالنظام العام .
ويتضح مما سلف أن المشروع قد أعتد في تنظيمه للبطلان تارة بالغاية من الإجراء وتارة بالغاية من الشكل أو البيان .
ويقصد بالإجراء العمل القانوني الذي يكون جزءاً من الخصومة وتترتب عليه آثار اجرائية وهو ما اصطلح الفقه على تسميته بالعمل الإجرائي والأعمال الإجرائية متنوعة في الخصومة منها ما يقوم بها القاضي مثل الحكم أو الأمر ومنها ما يقوم بها الخصوم أو وكلاؤهم مثل الطلبات على اختلاف أنواعها سواء أصلية أو عارضة والدفوع واعلان الأوراق او اعلان واقعة معينة أو أعمال متعلقة بالإثبات كالإقرار أو حلف اليمين ومنها ما يقوم به الغير کشهادة الشهود او عمل الخبير . وكل عمل إجرائي باعتباره عملاً قانونياً يجب أن تتوافر فيه شروط معينة منها ما يتعلق بالمحل او بشخص القائم بالعمل ومنها ما يتعلق بشكل العمل .
وللشكل أهمية كبيرة في قانون المرافعات وإذا كانت القاعدة في القانون المدني هي مبدأ حرية الشكل فإن القاعدة في قانون المرافعات هي على العكس قانونية الشكل بمعنى أن جميع أوجه النشاط التي تتم في الخصومة يجب كقاعدة عامة أن تتم لا تبعاً للوسيلة التي يختارها من يقوم بها تبعاً للوسيلة التي يحددها القانون .
والشكل في العمل الإجرائي قد يكون عنصراً من عناصره وقد يكون طرفاً يجب وجوده خارج العمل لكي ينتج العمل آثاره القانونية .
والشكل كعنصر للعمل يتضمن وجوب تمام العمل كتابة ووجوب أن تتضمن الورقة بيانات معينة .
والشكل كظرف للعمل قد يتصل بمكان العمل کوجوب تسليم الإعلان في موطن المعلن إليه او وجوب أن يتم الحجز في مكان المنقولات المحجوزة كما قد يتصل بزمان العمل والزمن كشكل للعمل قد يكون زمناً مجرداً يغير نظر إلى واقعة سابقة أو لاحقة كوجوب أن يتم الإعلان بين السابعة صباحاً والخامسة مساءً .
وقد يكون الزمن هو يوماً معيناً کوجوب إجراء المرافعة في أول جلسة .
وقد يتحدد الزمن بميعاد أی بفترة بين لحظتين لحظة البدء ولحظة الانتهاء وقد يكون ميعاداً يجب أن ينقضى قبل إمكان القيام بالعمل وقد يكون ميعاداً يجب أن يتم العمل قبل بدئه وقد يكون ميعاداً يجب أن يتم العمل خلاله وأخيراً يدخل في عنصر الزمن أيضاً ما ينص عليه القانون من ترتيب زمن معين بين الأعمال الإجرائية .
ومما تقدم يبدو بوضوح أن الشكل ليس هو الاجراء ذلك أن الإجراء أو العمل الإجرائي هو عمل قانونی يجب أن تتوافر فيه شروط معينة من بينها الشكل الذي يحدده القانون .
وقد رای المشروع كما سلف أنه اذا نص القانون صراحة على البطلان فان معيار الحكم بالبطلان من عدمه يكون بالنظر إلى الشكل او البيان في الاجراء والبيان ليس سوى شكل من أشكال العمل فلا يكفي لعدم الحكم بالبطلان مجرد اثبات تحقق الغاية من الاجراء بل يجب إثبات تحقق الغاية من الشكل وتطبيقاً لذلك إذ ينص المشروع على أنه يجب أن تتضمن ورقة المحضرين عدة بيانات كل بيان يرمي إلى تحقيق غاية معينة (مادة 9 مشروع) وينص على البطلان صراحة جزاء لتخلف هذه البيانات (مادة 19) فانه اذا اعلنت ورقة محضرين لم تشتمل مثلاً على تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان واشتملت على البيانات الاخرى ووصل الاعلان الى المعلن اليه فلا ينظر الى الغرض من الإعلان وهو إيصال واقعة معينة إلى علم المعلن إليه وإنما ينظر الى بيانات الورقة فإذا تبين أن التاريخ الذي حصل فيه الاعلان يؤدى وظيفة معينة في هذا النوع من الإعلان الذي حدث كما لو كان إعلانا يبدأ به ميعاد طعن فان الاعلان يكون باطلاً لعدم تحقق الغاية من بيان التاريخ اما اذا كان التاريخ ليس له هذه الوظيفة في الإعلان الذي حدث كما لو كان إعلاناً لا يجب تمامه في ميعاد معين ولا يبدأ به ای میعاد فلا يحكم بالبطلان .
ومن ناحية أخرى اذا فرض ولم يشتمل الإعلان على بيان اسم المحضر فانه لا يعلم بالبطلان إذا كان المحضر قد وقع على الاعلان ذلك أن الغرض من بيان اسم المحضر هو التثبت من أن الإعلان قد تم على يد موظف مختص بإجرائه ويغني عنه إمضاء المحضر فإذا لم تشتمل الورقة لا على اسم المحضر ولا على امضائه فان الاعلان يكون باطلاً ولو وصل إلى المعلن إليه وتسلمه .
كذلك أيضاً يعتبر البيان المتعلق باسم المعلن أو المعلن اليه ولقبه ومهنته او وظيفته مستوفياً مهما حدث النقص فيه ما دام تحقق الغرض منه وهو تعيين شخصية المعلن أو المعلن اليه .
( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الأول )
عدلت هذه المادة بالقانون 95 لسنة 1976، وجاء بالمذكرة الإيضاحية أنه " لمواجهة ما كشف عنه التطبيق العملي من حالات التلاعب في الإعلان عن طريق تصوير تسليم صورة الورقة اكتفاء بإثبات الامتناع عن التوقيع علي الأصل بالإستلام وسببه وذلك بقصد اتمام الإعلان دون علم المعلن إليه وما يترتب على اتمام الإعلان بهذه الصورة من صور التحايل من آثار خطيرة بالنسبة للمعلن إليه، فقد رئی تعديل نص البند (5) من المادة بحيث لا يثبت تسليم صورة الورقة المعلنة إلا بتوقيع من تسلمها على الأصل دون إثبات امتناعه حتى يكون التوقيع هو الشاهد الوحيد على الاستلام ومن ثم تمام الإعلان وذلك باستبعاد عبارة «أو إثبات امتناعه وسببه» من نهاية البند (5) من المادة (9) من قانون المرافعات .
وهذا التعديل الذي أدخل على المادة مقتضاه أنه إذا رفض من خاطبه المحضر التوقيع بالاستلام فإنه لا يجوز له أن يسلمه الورقة لأن التوقيع هو الدليل الوحيد علي الاستلام أما إذا امتنع المخاطب معه عن التوقيع كان على المحضر تسليم الإعلان لجهة الإدارة وفقاً لما نصت عليه المادة 11 من القانون.
1 ـ إذ كان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أنه ورد فيها اسم المحضر الذى باشر الإعلان والمحكمة التى يتبعها ثم ذيل الإعلان بتوقيع المحضر ، فقد تحقق ما قصدت إليه المادة التاسعة من قانون المرافعات من بيان اسم المحضر والمحكمة التى يعمل بها فى ورقة الإعلان ، ولا ينال من ذلك أن يكون خط المحضر غير واضح وضوحاً كافياً فى خصوص ذكر اسمه ولا أن يكون توقيعه كذلك ما دام أن المطعون عليه ( المعلن إليه ) لم يدع أن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين .
( الطعن رقم 3212 لسنة 62 جلسة 2007/06/14 س 58 ص 544 ق 9)
2 ـ أوجب نص المادة التاسعة من قانون المرافعات أن تشتمل أوراق المحضرين - ومنها صحف الدعاوى - على بعض البيانات الخاصة بالمعلن والمعلن إليه وهى الإسم واللقب والمهنة أو الوظيفة والموطن فإن ذلك يدل على أن الغرض منها تعيين شخص كل منهما ولذلك تعتبر هذه البيانات كلا واحدا يكمل بعضها البعض الآخر بحيث أن النقض أو الخطأ فى بعضها لا يؤدى إلى البطلان ما دام ليس من شأنه التجهيل بشخص المعلن أو المعلن إليه .
(الطعن رقم 1134 لسنة 59 جلسة 1994/06/16 س 45 ع 2 ص 1017 ق 1
3 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى أثبت المحضر فى أصل ورقة الإعلان و صورتها إسمه و وقع عليها بإمضائه فإنه يتحقق بذلك ما قصدت إليه المادة التاسعة من قانون المرافعات من وجوب إشتمال ورقة الإعلان على إسم المحضر و لا ينال من ذلك أن يكون خطه غير واضح وضوحاً كافياً فى خصوص ذكر إسمه و لا أن يكون توقيعه كذلك ما دام أن الطاعن لم يدع أن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين .
(الطعن رقم 245 لسنة 52 جلسة 1989/02/26 س 40 ع 1 ص 635 ق 110)
4 ـ من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه متى أثبت المحضر فى أصل ورقة الإعلان و صورتها إسمه و وقع عليها بإمضائه فإنه يتحقق بذلك ما قصدت إليه المادة التاسعة من قانون المرافعات من وجوب إشتمال ورقة الإعلان على إسم المحضر و لا ينال من ذلك أن يكون خطه غير واضح وضوحاً كافياً فى خصوص ذكر إسمه و لا أن يكون توقيعه كذلك ما دام أن الطاعن لم يدع أن من قام بإجراء الإعلان من غير المحضرين و إذ يبين من مطالعة أصل صحيفة الإستئناف أن المحضر أثبت به إسمه و وقع عليه بإمضائه فإن النعى فى هذا الخصوص يكون و لا سند له .
(الطعن رقم 1060 لسنة 45 جلسة 1981/02/22 س 32 ع 1 ص 579 ق 112)
5 ـ تنص الفقرة الخامسة من المادة التاسعة من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 95 لسنة 1976 على أن تشتمل ورقة الإعلان على أسم وصفة من سلمت إليه صورتها و توقيعه على الأصل أو إثبات إمتناعه و سببه ، و مفاد هذا النص أن التوقيع على ورقة الإعلان إنما يكون فى حالة تسليم صورة الورقة إلى المخاطب معه فى حالة إمتناعه عن تسلمها ، و علة ذلك ظاهرة إذ أن توقيع مستلم الورقة على الأصل يكون شاهداً عليه بتسليمه الصورة ، أما فى حالة الإمتناع عن تسلم الصورة فلا يلزم توقيع المخاطب معه على الأصل لأن الإعلان لا يتم فى هذه الحالة بمجرد حصول هذا الإمتناع ، بل يجب على المحضر أياً كان سبب الإمتناع أن يسلم الصورة لجهة الإدارة وفقاً لما تتطلبه المادة 11 من قانون المرافعات ، و عليه أن يخطر المعلن إليه بكتاب موصى عليه بتسلم الصورة إلى جهة الإدارة .
(الطعن رقم 103 لسنة 42 جلسة 1978/03/14 س 29 ع 1 ص 735 ق 142)
6 ـ إذ يبين من أصل ورقة إعلان صحيفة الطعن أنه ورد بها إسم المحضر الذى يباشر الإعلان و المحكمة التى يتبعها ، و بذلك تحقق ما قصدت إليه المادة التاسعة من قانون المرافعات من بيان إسم المحضر التى يعمل بها فى ورقة الإعلان ، و من ثم فإن الدفع بالبطلان لخلو الصورة المعلنة من هذا البيان يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 587 لسنة 41 جلسة 1976/03/16 س 27 ع 1 ص 665 ق 133)
7 ـ إذ كان الثابت من الأوراق أن والد الطاعن عرض على مورثة المطعون ضدهم أجرة عين التداعى عن الفترة من أكتوبر حتى ديسمبر 1993 بواقع 30 ج شهرياً بموجب إنذار عرض أعلن لها بتاريخ 25 / 12 / 93 ، إلا أنها رفضت استلامها فقام بإيداعها فى اليوم التالى خزينة محكمة الأقصر الجزئية وأخطرها بهذا الإيداع فى ذات اليوم ، بما تبرأ معه ذمة الطاعن من دين الأجرة فى حدود المبلغ المعروض لاتجاه إرادة والده للوفاء بها عنه ، ولا ينال من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه فى مدوناته من أن إنذارات العرض المشار إليها باطلة لعدم التوقيع عليها من محامى ذلك أن إعلان الأوراق المتضمنة عرضاً للوفاء وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض يسرى فى شأنه القواعد العامة فى إعلان الأوراق بمعرفة المحضرين وكانت المادة 9 من قانون المرافعات لم تشترط سوى توقيع المحضر على ورقة الإعلان دون ثمة توقيع آخر وإذ تضمن التكليف بالوفاء المعلن إلى الطاعن بتاريخ 29/8/1998 المطالبة بالمبلغ المشار إليه مرة أخرى فإنه يكون قد تضمن المطالبة بأجرة تجاوز الأجرة المستحقة ، ومن ثم يكون التكليف بالوفاء قد وقع باطلاً وحابط الأثر ، وإذ خالف الحكم المطعون هذا النظر وأقام قضاءه بإخلاء الطاعن استناداً إلى هذا التكليف الباطل فإنه يكون معيباً .
(الطعن رقم 2946 لسنة 72 جلسة 2003/12/17 س 54 ع 2 ص 1359 ق 241)
8 ـ إذا كان ما وقع فى صحيفة الطعن من خطأ فى إسم الشركة المطعون ضدها الأولى يتمثل فى توجيه الإعلان إليها بإسم " الشركة المصرية للجباسات و المحاجر " بدلاً من " الشركة المصرية للجباسات و المحاجر و الرخام " فليس من شأن هذا الخطأ مع ما حوته الورقة المعلنة من بيانات أخرى التجهيل - بالمطعون ضدها الأولى و إتصالها بالخصومة و لا يؤدى بالتالى . و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى بطلان هذه الورقة .... و أنه و إن كانت المادة 9 من قانون المرافعات لم ترتب البطلان كقاعدة عامة كجزاء على عدم بيان موطن طالب الإعلان فى أوراق الحضرين ما دام بقية البيانات لا تترك مجالاً للشك فى معرفة شخصية الطالب ، فإن المادة 2/253 من القانون ذاته لم ترتب البطلان على عدم إشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان موطن الطاعن .
(الطعن رقم 1173 لسنة 49 جلسة 1983/03/07 س 34 ع 1 ص 637 ق 134)
9 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا خلت صورة الإعلان مما يشير إلى أنها هى التى قام المحضر بتسليمها للمعلن إليه ، بأن جاءت مجردة من أى كتابة بخط يد المحضر يمكن أن تتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هى صورة الإعلان الذى وجه إلى المعلن إليه ، فإن المحكمة لا تعول على هذه الصورة التى سلمت فعلاً إليه ، فإذا بان لها من أصل ورقة الإعلان أنه اشتمل على جميع البيانات التى يستوجبها القانون لصحته فإن الدفع ببطلانه يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 585 لسنة 73 جلسة 2006/02/06 س 57 ص 117 ق 25)
10 ـ مفاد نص المادتين 9،19 من قانون المرافعات أن خلو صورة إعلان أوراق المحضرين من بيان أسم المحضر الذى باشر الإعلان وتوقيعه والمحكمة التى يتبعها يترتب عليه بطلان الإعلان ولو كانت ورقة أصل الإعلان مستوفية لهذه البيانات.
(الطعن رقم 2310 لسنة 56 جلسة 1992/03/26 س 43 ع 1 ص 522 ق 111)
11 ـ مؤدى نص المادتين 9 ، 19 من قانون المرافعات يدل على أن أوراق المحضرين تخضع فى تحريرها لإجراءات معينة و بيانات خاصة حددتها المادة التاسعة و رتبت المادة 19 البطلان على عدم مراعاتها و أهم هذه البيانات التى يجب أن تشتمل عليها الورقة تاريخ اليوم و الشهر و السنة و الساعة التى حصل فيها الإعلان و يعتبر تاريخ الإعلان بياناً جوهرياً و إذ كان يجب فى صورة الإعلان أن تكون مطابقة للأصل متضمنة جميع البيانات المطلوبة فى الورقة بخط يمكن قراءته فإنه إذا إعتور الصور نقص أو خطأ و إشتملت على بيان لا يمكن قراءته - كتاريخ حصوله - مثلاً بطل الإجراء و لو كان الأصل صحيحاً و كان البيان مكتوباً فيه بخط واضح و لا يجوز فى هذه الحالة الرجوع إلى الأصل ، ذلك أن المقرر قانوناً أنه لا يجوز تكملة النقص فى بيانات ورقة الإعلان بأى دليل آخر مستمد من غير الورقة ذاتها مهما بلغت قوة الدليل ، لما كان ذلك و كان البين من صورة إعلان الحكم الإبتدائى إلى الطاعنة و المقدمة بملف الطعن الماثل - أن المحضر حرر فيها تاريخ الإعلان بخط يستحيل قراءته بل إن ما خطه فيها بصدد هذا البيان لا يمكن أن يدل بذاته على كنة هذا التاريخ و من ثم فإن هذا الإعلان يكون باطلاً حتى و لو كان الأصل قد إشتمل على تاريخ الإعلان بخط واضح مقروء .
(الطعن رقم 591 لسنة 40 جلسة 1981/06/22 س 32 ع 2 ص 1887 ق 340)
12 ـ إذ كان الثابت فى الدعوى أن صورة صحيفة الإستئناف المعلنة للمطعون عليه قد خلت من بيان تاريخ الإعلان و وقت حصوله و إسم المحضر الذى باشر الإعلان و توقيعه فإن الحكم إذ قضى ببطلان هذا الإعلان و بالتالى إعتبار الإستئناف كأن لم يكن تبعا لعدم إعلان الصحيفة للمطعون عليه إعلانا صحيحاً خلال الثلاثة الأشهر التالية لإيداعها قلم الكتاب يكون قد أصاب صحيح القانون و لا يقدح فى سداد هذا النظر بثبوت حضور المطعون عليه بالجلسة الأولى المحددة لنظر الإستئناف ما دام أن هذا الحضور لا يحقق الغاية من إستلزام توافر البيانات المذكورة إذ الغرض من بيان تاريخ الإعلان هو معرفة الوقت الذى تبدأ فيه الآثار التى رتبها القانون على إعلان الورقة و المواعيد التى تسرى من وقت الإعلان و الغرض من بيان إسم المحضر و المحكمة التى يعمل بها هو التحقق من أن للشخص الذى قام بإعلان الورقة صفة فى مباشرة هذا العمل فى حدود إختصاصه ، و أما توقيع المحضر فهو الذى يكسب الورقة صفتها الرسمية و لذلك أوجب الشارع توقيعه على أصل الإعلان و صورته ، و هذه الأغراض لا ترتبط بما قصد به من إستلزام البيانات الأخرى من دعوة المعلن إليهم للحضور إلى مكان محدد فى وقت معين ، و من ثم فإن حضور المطعون عليه بالجلسة المعلن إليها لا يصحح البطلان الناشئ عن النقص فى البيانات السالف بيانها ، بما لا مجال معه لإعمال نص المادة 114 من قانون المرافعات التى ترتب على حضور المعلن إليه فى الجلسة أو إيداعه مذكرة بدفاعه زوال بطلان صحف الدعاوى و إعلانها و بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب فى الإعلان أو فى بيان المحكمة أو فى تاريخ الجلسة .
(الطعن رقم 584 لسنة 44 جلسة 1977/12/07 س 28 ع 2 ص 1759 ق 301)
13 ـ محل القول بعدم جواز تكملة النقص بورقة التكليف بالحضور بدليل غير مستمد من الورقة ذاتها هو أن تكون الورقة المدعى بوجود النقص أو العيب فيها هى الورقة الحقيقية التى أعلنت للخصم لا ورقة أخرى مصطنعة إستبدلت بالورقة الحقيقية بعد سرقة هذه الورقة وإخفائها . ومن ثم كان لمحكمة الموضوع بعد أن ثبت حصول هذه السرقة وأن الورقة التى اتخذ منها الطاعن سندا لدفعه ببطلان صحيفة الدعوى هى ورقة غريبة عن هذه الصحيفة و مدسوسة عليها ، ألا تقيم وزنا للبيانات الواردة فى هذه الورقة و أن تثبت البيانات الصحيحة التى كانت تتضمنها الورقة الأصلية المسروقة بالرجوع إلى أوراق الدعوى الأخرى و بطرق الإثبات كافة .
(الطعن رقم 171 لسنة 33 جلسة 1967/02/16 س 18 ع 1 ص 406 ق 61)
14 ـ مؤى نصوص المواد 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 11 ، 12 ،13 من قانون المرافعات أن المشرع بعد أن أوجب وساطة المحضر فى كل إعلان كأصل عام أناط بالخصوم أو وكلائهم توجيه الإجراءات وتقديم أوراقها للمحضرين وذلك بأن يقوموا هم أنفسهم بتحرير هذه الأوراق - بعد أن كان المحضر فى قانون المرافعات السابق 1883 هو المكلف بتحريرها بناء على ما يدلى به صاحب الشأن - فطالب الإعلان أو وكيله هو المنوط به تحرير الورقة المراد إعلانها مشتملة على جميع البيانات التى يتطلبها القانون وهو المسئول عن أى نقص أو خطأ فى هذه البيانات ، أما إجراء عملية الإعلان ذاتها وفق ما نص عليه القانون فهى مهمة المحضر بغير طلب أو توجيه من الخصوم .
(الطعن رقم 5836 لسنة 73 جلسة 2005/02/28 س 56 ص 231 ق 40)
15 ـ النص فى الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون المرافعات على أنه إن كان المطعون ضده هو المدعى و لم يكن قد بين فى صحيفة إفتتاح الدعوى موطنه الأصلى جاز إعلانه بالطعن فى موطنه المختار المبين فى هذه الصحيفة يدل على أنه لما كان المدعى ملزماً ببيان موطنه الأصلى فى صحيفة الدعوى عملاً بالمادتين 9 ، 63 من قانون المرافعات فإن المشرع إستحدث بموجب الفقرة الثانية من المادة 214 سالفة الإشارة جزاء على إغفاله هذا البيان فأجاز إعلانه بالطعن فى موطنه المختار حتى و لو ثبت علم الطاعن بالموطن الأصلى للمطعون عليه من أية ورقة أخرى من أوراق الدعوى .
(الطعن رقم 15 لسنة 42 جلسة 1975/11/26 س 26 ع 2 ص 1492 ق 280)
بيانات ورقة الإعلان :
تحرر ورقة الإعلان من أصل وعدة صور بقدر عدد المعلن إليهم ، ولو كانوا متضامنين أو يقيمون معاً . ويوجب القانون أن تشتمل هذه الورقة على بيانات معينة هي (مادة 9 مرافعات).
1- وقت الإعلان : وذلك بذكر تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان . والهدف منه حساب بداية الميعاد الذي يبدأ من تاريخ الإعلان ، ومعرفة ما إذا كان العمل محل الإعلان قد تم خلال الميعاد الذي حدده له القانون ، وما إذا كان الإعلان قد تم في يوم وفي ساعة مما يجوز فيها ، وأخيراً لتحديد بداية الآثار القانونية التي ترتبط بالإعلان .
2- طالب الإعلان : والمقصود هو ذكر ما يفيد في تحديد شخصيته فيذكر اسمه ولقبه ، كما تذكر مهنته إذا كان الاسم واللقب غير كاف . وإذا كان طالب الإعلان ممثلاً غيره فيجب تحديد من يمثله الطالب ، أياً كان نوع التمثيل قانونياً أو إتفاقياً ، وأهمية هذا البيان هو أن يعرف المعلن إليه ممن ورد الإعلان . فإذا تعلق الأمر بصحيفة دعوى فإنه يعرف المدعى . وفضلاً عن ذلك تتطلب المادة 9 بيان موطن طالب الإعلان ، وموطن من يمثله . أما بيان موطن طالب الإعلان فإنه يمكن المعلن إليه من القيام بإعلان الطالب إذا اقتضاه هذا الدفاع عن مركزه القانوني . أما بیان موطن من يمثله طالب الإعلان فإنه يفيد في تحديد شخصيته .
3- المحضر القائم بالإعلان : فيذكر اسم المحضر والمحكمة التي يتبعها . وذلك للتأكد من أن من قام بالإعلان له سلطة القيام به ، وأنه قد قام به في حدود إختصاصه الإقليمي . 4- المعلن إليه : بالتفصيل السابق ذكره بالنسبة لطالب الإعلان .
ويأخذ بيان موطن المعلن إليه أهمية خاصة ، إذ هو الذي يمكن المحضر من القيام بالإعلان ، ويقع على عاتق طالب الإعلان عبء التحري والتثبت من موطن المعلن إليه ، ولا يعتبر عجزه عن ذلك قوة قاهرة. فإن لم يكن طالب الإعلان يعرف موطن المعلن إليه عند الإعلان فإنه يذكر آخر موطن يعلمه . فإذا تعمد طالب الإعلان ذكر موطن غير صحيح للمعلن إليه بقصد عدم وصول الإعلان إليه ، حكمت المحكمة عليه بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز أربعمائة جنيه (مادة 14 مرافعات معدلة بالقانون 18 لسنة 1999).
5- ذكر من تسلم صورة الورقة وذكر واقعة تسلمه لها وتوقيعه على الأصل : وتحديد هذا الشخص يكون بذكر اسمه ، وصفته التي تجيز له تسلمه الورقة . ووفقاً للقانون رقم 95 لسنة 1976 لم يعد يغني عن التوقيع ذكر واقعة الامتناع عن التوقيع وسببه . فإذا رفض من يقبل الاستلام التوقيع أعتبر ممتنعاً عن الاستلام (مادة 11 معدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999).
6- توقيع المحضر : وهذا التوقيع هو وحده الذي يعطي ورقة الإعلان صفتها الرسمية ، إذ يؤكد نسبتها إلى المحضر . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 810 )
إختص المشرع المحضرين بالقيام بجميع الإجراءات المتعلقة بإعلان - الأوراق إلى الخصوم أياً ما كانت طبيعتها، إنذارات أو تنبيهات أو صحف ع طعن، وبجميع إجراءات تنفيذ الأحكام والأوامر التي يصدرها القضاء، ويكون ذلك بناء على طلب الاسم الذي يحرر أوراق الإعلان من أصل وعدد من الصور بقدر عدد الخصوم المراد إعلانهم وتزداد صورتان لقلم الكتاب بالنسبة لصحف الدعاوى والطعون، ويجب على الطالب تضمين الورقة البيانات التي يتطلبها القانون، ثم تقديمها للمحضرين لإعلانها أو تنفيذها.
ويبين ما تقدم، أن أوراق المحضرين تعد بمعرفة صاحب الشأن فتكون عرفية وتظل كذلك حتى يقوم المحضر باستيفاء البيانات التي خصه المشرع بها کبیان تاریخ وساعة الإعلان وكافة الإجراءات التي أتبعها لإتمام الإجراء والتوقيع على الورقة وبيان اسمه، ومتى تدخل المحضر على هذا النحو اكتسبت الورقة صفة الرسمية.
مفاد ذلك، أن أوراق المحضرين، التي عناها النص، هي تلك التي تقدم من الخصوم - أو من قلم الكتاب أو بأمر من المحكمة - إلى أقلام المحضرین لاتخاذ الإجراءات المعدة لها، وأنها تكون عرفية إلى أن يتدخل المحضر فيها مباشراً اختصاص وظيفته من إعلان أو تنفيذ فتصبح رسمية، وهذه الرسمية وحدها هي التي تدخل الورقة في عداد أوراق المحضرين، ومن ثم يجب أن تكون شكلية ورسمية، إذ يتطلب القانون صياغتها في شكل معين وباللغة العربية وإلا شابها البطلان ويتعلق هذا الشكل بوجودها فلا يجوز إثباتها بغير تقديم الورقة ذاتها ولا يجدي التدليل عليها بأي دليل آخر ولو كان رسمياً أو تكملة ما نقص من بياناتها.
وباعتبارها رسمية، فإن البيانات الواردة بها والتي أثبتها المحضر وفقاً للاختصاصات المقررة له، تكون حجة ولا يجوز جحدها إلا بطريق الطعن بالتزوير فلا يكفي أن يدعي من تشهد عليه بمخالفتها للحقيقة، مثال ذلك ثبات تاریخ و ساعة الإعلان والإجراءات التي اتبعها، أما البيانات التي يستقيها من المخاطب معه كتحديد صفته وما قرره له، فتلك تكون نقلاً عن الغير فيجوز إثبات ما يخالفها بكافة الطرق دون سلوك طريق الطعن بالتزوير، وإذا أنكر الخصم مخاطبة المحضر له وادعى أنه لم يقر بالواقعة التي نسبها المحضر إليه ولم يوجب القانون على المحضر مخاطبة المعلن إليه بصددها، كان في هذا الإنكار ما يكفي لجحد ما نسب في الإعلان إليه فلا تعول عليه المحكمة كدليل ضده بل تبحث في الأدلة الأخرى، أما إن أوجب القانون ذلك ، كما في إعلان بروتستو عدم الدفع وفي العرض الحقيقي للدين، كان ما يثبته المحضر حجة لا تجحد إلا بالطعن بالتزوير.
أصل الورقة وصورتها :
المقرر أن أوراق المحضرين تحرر من أصل وعدد من الصور بقدر عدد المعلن إليهم لتسلم كل منهم صورة بعد أن يوقع على الأصل بما يفيد هذا الاستلام، وتزداد صورتان لقلم الكتاب بالنسبة لصحف الدعاوى والطعون، وتتعدد الصور ولو كان المعلن إليهم متضامنين أو مسئولين في التزام لا يقبل التجزئة أو كانوا يقيمون في مسكن واحد، وإن كان لأحدهم أكثر من صفة ، أعلن بصورة واحدة منوها بها إلى هذه الصفات..
ويجب أن تكون الصورة مطابقة تماماً للأصل فإن وجد تناقض بينهما كان ذلك بمثابة شائبة تؤدي إلى بطلان الإعلان، وإن تعددت الصور وشاب البطلان أحدها فلا يتعداها إلى بقية الصور، ويجب للقضاء بالبطلان وجود تناقض بين البيانات الواجب توافرها تناقضاً جوهرياً، فلا يكفي الاختلاف غير الجوهري والذي لا يحول دون تحقيق الغاية من البيان الذي اعتراه الاختلاف، کاختلاف صفة المعلن أو المعلن إليه أو محل إقامة الأخير ومهنته.
وللمعلن إليه التمسك ببطلان الإعلان الحلو الصورة المسلمة إليه من البيانات المقررة ولو كان الأصل مستوفياً لها، وله أيضاً التمسك ببطلان الأصل ولو كانت الصورة مستوفية كافة بياناتها.
ولا يكفي لبطلان الإعلان خلو الصورة من أي كتابة منسوبة للمحضر طالما كانت مطابقة للأصل.
حدد القانون البيانات الواجب توافرها في أوراق المحضرين وجعل الجزاء على مخالفتها أو النقص فيها هو البطلان متی ترتب على ذلك عدم تحقق الغاية من البيان وتنحصر هذه البيانات فيما يلي :
البيان الأول : تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان، وقد تناولنا هذا البيان بشرح المادة السابعة فيما تقدم
البيان الثاني : اسم الطالب ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه واسم من مثله ولقبه و مهنته أو وظيفته وموطنه كذلك إن كان يعمل لغيره ، ويقصد بهذا البيان إحاطة المعلن إليه بالمعلن على نحو ينفي أي تجهيل بالنسبة له، ومن ثم وجب على الطالب أن يكتب اسمه ثلاثياً مقروناً بمهنته أو وظيفته وعنوانه الذي يتخذ منه موطناً بأن يكون هو الذي يقيم به عادة فإن تعلق النزاع بالعمل جاز الاكتفاء بموطن العمل وإن كان له الحق دائماً في اتخاذ الموطن الذي يقيم فيه بدلاً من موطن العمل حتى لو تعلق النزاع بالعمل، وإن لم یضمن هذا البيان أنه ينوب عن غيره في مباشرة الإجراء، كان الإجراء منسوباً لشخصه ولا يجوز له بعد ذلك أن ينسبه لغيره ، فإن كان يباشره لنفسه ولغيره وجب أن يضمن البيان ما يدل على ذلك بأن يوضح ذلك فيذكر أنه عن نفسه وبصفته وكيلاً " عن ... مع بيان الاسم الثلاثي للموكل ومهنته أو وظيفته وموطنه حتى يعلم المعلن إليه بالأصيل لإعداد دفاعه أو الرد عليه.
وقصد المشرع من هذا التفصيل نفي التجهيل عن المعلن، لذلك إذا ما وجد نقص أو خطأ في أي من هذه البيانات، توقف القضاء بالبطلان على ما إذا كان هذا النقص أو الخطأ من شأنه التجهيل بشخص المعلن أم لا يؤدي إلى ذلك ، ففي الحالة الأولى يقضي ببطلان الإعلان ولا يقضي به في الحالة الثانية. فقد يكفي أن يذكر الطالب اسمه الثنائي وعنوانه فقط وكذلك الشأن بالنسبة لمن ينوب عنه متى كان في ذلك التعريف الكافي. وتلك مسألة واقع يفصل فيها قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض.
البيان الثالث : اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها، إذ أوجب القانون أن يكون كل إعلان أو تنفيذ بواسطة المحضرين حتی تترتب عليه أثاره القانونية، ومن ثم تطلب أن تتضمن أوراق المحضرین ما يدل على ذلك فخص اسم المحضر ببيان مستقل في تلك الأوراق، ويقوم مقام هذا البيان توقيع المحضر عليها بحيث إن خلت الورقة من اسم المحضر ولكن تم استيفاء البيان الخاص بتوقيعه صحت الورقة وأنتجت كافة آثارها حتى لو كان التوقيع غير مقروء إذ يكفي التوقيع أياً كان لصحة الورقة وإضفاء الرسمية عليها.
فإن خلت الورقة من توقيع المحضر، كان الإعلان باطلاً بطلاناً مطلقاً المتعلقة بالنظام العام ، فلا تتحقق الغاية من الإعلان حتى لو حضر المعلن إليه بذات الجلسة التي تضمنها الإعلان، وحينئذ يجوز له التمسك بالبطلان وفي أي حالة تكون عليها الدعوى، إذ لا يجوز التنازل عنه، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
فإن كان الحضور پرتب ذات الحكم الذي يرتبه الإعلان، فإن الحضور في هذه الحالة يقوم مقام الإعلان، ويكون التمسك بالبطلان غير منتج، كما لو تعلق الحكم بإنعقاد الخصومة إذ يكفي الحضور ولو كان الإعلان باطلاً .
وإذا كان الاسم والتوقيع غير مقروءين، ودفع المعلن إليه ببطلان الإعلان قولاً بأن الذي أجراه ليس من المحضرين، كان طعنه في ورقة رسمية وفقاً لما تشهد به وعليه الطعن بالتزوير عليها وإثبات ما يدعيه وفقاً للإجراءات المقررة في هذا الشأن.
البيان الرابع : اسم المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه فإن لم يكن موطنه معلوماً وقت الإعلان فأخر موطن كان له، وقد قصد المشرع من ذلك تعيين المعلن إليه تعييناً كافياً نافياً للتجهيل به أو الشك في شخصيته، وقد يكتفي باسمه ولقبه وموطنه دون ذکر مهنته أو وظيفته طالما أن في ذلك الكفاية لتعيينه، والخطأ في بيان الموطن لا يبطل الإعلان لأنه في هذه الحالة إما أن يتمكن المحضر من الإعلان فتتحقق الغاية منه وإما أن يعود دون إعلان لعدم الاستدلال ولا يرد البطلان إلا على ما تم من إجراءات، ثم يعاود الإعلان بعد أن يقوم الطالب بتصحيح الموطن.
ولا يترتب على النقص أو الخطأ في اسم المعلن إليه أو صفته بطلان الإعلان طالما لم يؤد ذلك إلى التجهيل به.
وإذا عاد المحضر دون إتمام الإعلان لعدم الاستدلال ولم يتمكن الطالب من التصحيح بسبب اتخاذ المعلن إليه موطئاً جديداً لا يعلمه الطالب رغم قيامه بالتحريات اللازمة، تعين أن يوجه الإعلان إلى آخر موطن كان للمعلن إليه حسبما أسفرت عنه تحريات الطالب ويصح الإعلان حينئذ طالما أن المعلن إليه لم يخطر بتغيير موطنه في حالة ما إذا كانت هناك علاقة قانونية بينهما كعقد تضمن عنوان الطرفين أو سبق أن تبادل الإعلانات بينهما على الموطن الأول.
وكفاية البيان وعدم التجهيل بشخصية المعلن إليه أو عدم كفايته من مسائل الواقع التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها دون رقابة عليه من محكمة النقض.
البيان الخامس : اسم وصفة من سلمت إليه صورة الورقة وتوقيعه علي الأصل بالاستلام، وبموجب القانون رقم 95 لسنة 1976 حذف من هذا البيان عبارة «أو إثبات امتناعه وسببه» التي كانت واردة بنهايته، ويترتب على هذا التعديل التزام المحضر بإثبات اسم وصفة من سلمت إليه صورة الورقة التحديد علاقته بالمعلن إليه ومعرفة ما إذا كان من بين الأشخاص الذين يجوز لهم استلام أوراق المحضرين فيصح الإعلان أم ليس منهم فيبطل عملاً بالفقرة الثانية من المادة العاشرة.
فإذا امتنع المخاطب معه عن التوقيع على أصل الإعلان بإستلام صورته سواء كان هو الشخص المطلوب إعلانه أو من قرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار، فلا تسلم إليه ويجب على المحضر أن يسلمها في اليوم ذاته إلى مأمور القسم أو المركز أو العمدة أو شيخ البلد الذي يقع موطن المعلن إليه في دائرته حسب الأحوال حسبما تنص عليه المادة 11 من قانون المرافعات ، وقد قصد المشرع من هذا البيان التحقق من أن الشخص الذي سلمت إليه الورقة من عددتهم المادة العاشرة بحيث إن أغفل المحضر إثبات ذلك بطل الإعلان لوجود قرينة على أن الإعلان لن يصل إلى المعلن إليه ولن يعمل بموجبه مما لا تتحقق معه الغاية من هذا البيان ، ومن ثم إذا ما تحققت هذه الغاية انتفى المبرر للقضاء بالبطلان.
وتسلم صورة الإعلان للنيابة العامة في حالة عدم الاستدلال على موطن المعلن إليه ، على التفصيل الذي سوف نتناوله فيما يلي.
ويجب إثبات الاسم والصفة بشكل واضح ومقروء لإمكان التحقق من الصفة إذا ما أثير نزاع حولها فإن كان الاسم غير مقروء كان الإعلان باطلاً ، ولا يلتزم المحضر بالتحقق من الصفة وإنما يكفي إثبات ما قرره المخاطب معه من أنه وكيل أو خادم أو مساكن من الأزواج والأقارب والأصهار ليصح الإعلان.
البيان السادس : توقيع المحضر على كل من الأصل والصورة ، وهذا البيان هو الذي يضفي الرسمية على الورقة وينسب إجراءها للمحضر وتلك هي الغاية منه، وبدون التوقيع تخرج الورقة عن نطاق أوراق المحضرين فلا تكون لها أية حجية فيما تضمنته ويتحتم القضاء ببطلانها ولا يصححها التوقيع عليها بعد إجراء الإعلان أو الحضور بالجلسة أو بالتنازل عن التمسك به ويجب على المحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام. ويلزم أن يتم التوقيع وقت الإعلان وتسليم الصورة، فإن تراخي عن ذلك فلا أثر له، ويجب أن يتضمنه الأصل والصورة معاً وإلا كان باطلاً على خلاف في الرأي في قضاء النقض ، فلا يكفي وروده بالأصل وحده أو بالصورة وحدها، وإن تعددت الصور فلا يبطل منها إلا ما جاء خلواً من التوقيع بشرط أن يكون الأصل موقعاً.
ومتى تم التوقيع على نحو ما تقدم تحققت الغاية من البيان، ولا يلزم بعد ذلك أن يكون مقروءاً، فيصح الإعلان ولو كان التوقيع غير مقروء طالما أن المعلن إليه لم يتمسك بأن من قام به من غير المحضرين.، ويجب أن تتضمن الورقة موضوع النزاع وطلبات المعلن . ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الأول ، الصفحة : 183 )
التعريف بأوراق المرافعات وخصائصها أوراق المرافعات هي الأوراق المتضمنة لإجراءات المرافعات، سواء أكانت هذه الإجراءات مما يتخذ قبل رفع الدعوي وقيام الخصومة كالإنذارات والتنبيهات، أم كانت " ما تقوم به الخصومة كصحائف افتتاح الدعاوى وصحائف الطعون، أو كانت مما يتخذ في أثناء الخصومة كالأوراق المتضمنة إجراءات التحقيق ، أو مما يتخذ بعد انتهاء الخصومة كمحاضر الحجز والبيع .
وتتميز أوراق المرافعات بخاصيتين :
الأولي أنها شكلية بمعنى أنه يجب أن يراعى في تحريرها أوضاع معينة ، وأن تشتمل على بيانات خاصة، وأن يقوم الدليل على اشتمال كل ورقة منها على ما أوجبه القانون من شروط وبيانات من صلب الورقة نفسها، فلا تجوز تكملة النقص في ورقة بورقة أخرى رمزی سیف - بند 360 ص 434، محمد حامد فهمي - المرافعات - بند 388 ، نقض 22/12/1951 منشور في المحاماة سنة 34 ص 221 ، ونقض 21/12/1953 - المحاماة سنة 35 ص 1096، ولا بأي دليل آخر مهما بلغت قوة هذا الدليل. نقض 23/2/1961 - سنة 12 ص 18.
وإنما يجوز تكملة النقص في جزء من الورقة بجزء آخر، فأوراق المحضرين مثلا يجب أن تشتمل على اسم المحضر الذي أعلنها، كما يجب أن تذيل بتوقيع المحضر، فإذا أغفل المحضر ذكر اسمه في صلب الورقة ولكنه وقع في نهايتها بتوقيع ظاهر فإن هذا يغني عن ذكر الإسم في صلبها، فبيانات ورقة من الأوراق يكمل بعضها بعضا، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بأنه لا يترتب البطلان على النقض في بيان إذا أمكن كشفه من بيانات أخرى في الورقة.
نقض 8/1/1953 - منشور في المحاماة - سنة 34 ص 1377 والخاصية الثانية أنها أوراق رسمية ولذلك يكون لها قوة إثبات المحررات الرسمية، بمعنى أن يكون لها حجية في الإثبات فلا يجوز تكذيبها إلا بالادعاء بتزويرها.
وتقتصر حجية أوراق المرافعات كسائر الأوراق الرسمية على البيانات الواردة فيها عن أمور باشرها الموظف المختص بتحريرها بنفسه، أو عن أمور وقعت من ذوى الشأن في حضوره، بحيث أمكنه إدراكها بالسمع أو البصر، على أن يكون ما أثبته الموظف المختص بتحريرها سواء من بيانات عن أمور قام بها بنفسه، أو وقعت من ذوى الشأن في حضوره مما يدخل في اختصاصه، أما ما عدا ذلك من بيانات فلا حاجة لإثبات عدم صحتها إلى الادعاء بالتزوير .
عبد الرزاق السنهورى - الوسيط في شرح القانون المدني - الجزء الثاني - بند 91 ، رمزی سیف - بند 360 ص 434 ص 435.
وينبني على ذلك أنه إذا أثبت المحضر في ورقة ذهب ليعلنها في موطن الشخص المراد إعلانه أنه وجد موطنه مغلقاً ولم يجد به أحداً ممن يجوز تسليم الورقة له فلا يجوز إثبات عدم صحة هذه الوقائع إلا بالإدعاء بالتزوير لأنها وقائع شاهدها المحضر بنفسه مما يدخل في اختصاصه .
كذلك إذا أثبت المحضر في الورقة التي قام بإعلانها أنه سلم الورقة الشخص ادعى أنه خادم المعلن إليه فلا يجوز تكذيب ما أثبته المحضر من أن الشخص الذي سلمت إليه الصورة ادعى أنه خادم المعلن إليه إلا بالإدعاء بالتزوير لأن هذه واقعة سمعها المحضر بنفسه مما يدخل في اختصاصه، أما إثبات أن من سلمت إليه الورقة ليس خادماً بالفعل للمعلن إليه فلا يحتاج إلى الإدعاء بالتزوير، لأن هذا أمر يخرج عما أدركه المحضر بسمعه أو بصره رمزي سيف - بند 360 ص 435.
وتتنوع أوراق المرافعات فهي أوراق كثيرة ومتنوعة منها ما يحرره الخصوم، أو من ينوب عنهم ومنها ما يحرره أعوان القضاء من الكتبة والمحضرين والخبراء، ومنها ما يدخل في عمل القاضي كالأحكام والأوامر ومحاضر التحقيق، ولكل ورقة شكلها الخاص بما ينطوي عليه من شروط وبيانات خاصة ، فلم يضع لها المشرع قواعد تطبق عليها جميعا إلا ما يستفاد من خصائصها العامة التي سبقت الإشارة إليها.
التعريف بأوراق المحضرين وأنواعها هناك طائفة مخصوصة من أوراق المرافعات هي أوراق المحضرين خصها المشرع، فضلاً عن القواعد الخاصة التي تستقل بها كل ورقة منها، بقواعد عامة ضمنها الجزء الأكبر من الأحكام العامة التي صدر بها قانون المرافعات المواد 6 وما بعدها .
وأوراق المحضرين هي الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها أو بتنفيذها مادة 1 مرافعات، وأوراق المحضرين بدورها كثيرة ومتنوعة ويمكن تقسيمها بحسب الغرض منها إلى :
أ- أوراق تكليف بالحضور وهي الأوراق التي يكون الغرض منها دعوة الخصم للحضور أمام محكمة معينة لسماع الحكم في طلبات معينة ومثلها إعلان صحيفة افتتاح الدعوى وصحيفة الاستئناف .
ب - البلاغات والتنبيهات والإنذارات وفي الأوراق التي يكون الغرض منها إعلام شخص بامر معين أو تكليفه بعمل معين أو نهيه عنه كإعلان الحكم للمحكوم عليه وكالتنبيه وكالإنذار .
ج- أوراق التنفيذ وهي الأوراق المثبتة لإجراءات التنفيذ كمحاضر حجز المنقول ومحاضر بيعه.
ولكل نوع من هذه الأوراق قواعد خاصة تتفق مع الغرض من كل منها ولكنها تشترك في قواعد عامة من حيث تحريرها، ومن حيث البيانات التي تشتمل عليها ومن حيث إعلانها رمزی سيف - بند 362 ص 436 و ص 437.
تحرير أوراق المحضرين كان قانون المرافعات القديم السابق على القانون الملغي بنص على أن أوراق المحضرين يقوم بتحريرها المحضرون أنفسهم بناء على ما يقدمه لهم ذوو الشأن من معلومات كتابة أو شفوياً مادة 4 من القانون الأهلي والقانون المختلط، ولكن العمل جرى في ظل ذلك القانون على أن يقوم الخصوم بتحرير الأوراق وتقديمها للمحضرين تاركين فيها مسافات بيضاء لاستيفاء البيانات التي يكتبها المحضرون أنفسهم كاسم المحضر وتاريخ إعلان الورقة واسم من سلمت إليه .
وصدر قانون المرافعات الملغي رقم 77 لسنة 1949 فنص في المادة / على أن الخصوم أو وكلاءهم يقومون بتوجيه الإجراءات وتقديم اوراقها للمحضرين لإعلانها او تنفيذها، وبهذا النص أقر المشرع في القانون الملغي ما جرى عليه العرف في ظل القانون السابق عليه، ثم صدر قانون المرافعات الحالى رقم 13 لسنة 1968 فردد في المادة 6 منه نص القانون الملغي.
ويراعى في تحرير الورقة مایلی :
أ- أن تكتب باللغة العربية مادة 19 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972.
ب - أن تكتب بخط واضح يقرأ حكم محكمة الأزبكية الجزئية 22/10/1959 المحاماة 40 ص 750، أحمد أبو الوفا - نظرية الأحكام - بند 97 ، وقد قضت محكمة النقض بأن عدم وضوح خط المحضر في خصوص ذكر اسمه وفي توقيعه لايعيب الإعلان.
نقض 25/12/1969 ، السنة 20 ص 1322 و 5/5/1970 السنة 21 ص 787.
ج- أن تكتب بعبارات كاملة إلا ماجرى العرف على اختزاله منها .
د - ألا تترك مسافات على بياض بين العبارات وبعضها، وألا يكتب بين السطور، وأن تكون الورقة بقدر الإمكان خالية من الكشط والتجريح والإضافة، فإن لزم إضافة عبارة أو كشطها وجب أن يوقع المحضر بجوار هذا الكشط أو تلك الإضافة وذلك لضمان الثقة في البيانات الواردة بالورقة وحتى لاتتعرض للعبث، ولا يشترط أن تكتب الورقة بالفاظ خاصة فنية أحمد أبوالوفا - التعليق - ص 120.
الأصل والصور والتكييف القانوني لأصل وصورة الإعلان وأثر العيب فيهما تحرر الورقة من أصل واحد وعدة صور بقدم عدد الأشخاص المطلوب إعلانهم بها ولو كانوا متضامنين أو يقيمون معاً ، وتسلم صورة واحدة للمعلن إليه الواحد ولو تعددت صفته.(نقض 9/5/1974 - سنة 25 - رقم 137 ص 840 ) ، ويرد الأصل إلى المعلن بعد إجراء الإعلان ليكون دليلاً على حصوله وتسلم النصور إلى المعلن إليهم بعد تمكينهم من الاطلاع على الأصل .
إذن تحرر أوراق المحضرين من أصل ومن عدد من الصور بقدر عدد الأشخاص المراد إعلانهم بالورقة، أما الأصل فيرد لطالب الإعلان ليبقى معه كدليل على حصول الإعلان كما ذكرنا، وأما الصور فتسلم واحدة منها لكل شخص ممن أعلنوا بها ليرجع إليها للوقوف على موضوع الورقة، فإذا أراد شخص إعلان حكم لثلاثة محكوم عليهم حرر أربع نسخ من الحكم، نسخة ترد له باعتبارها الأصل ونسخة لكل شخص من المحكوم عليهم الذين يعلنون بالحكم، ولا يغير من هذا أن يكون بين المحكوم عليهم تضامن كما ذكرنا، إذ يجب إعلان كل من المحكوم عليهم مما يقتضي تسليم صورة من الإعلان لكل منهم جلاسون - المرافعات - ج 2 ص 305، رمزي سيف - بند 362 ص 438 ، كذلك ينبغي أن تحرر أوراق المحضرين من أصل وعدد من الصور بعدد المعلن إليهم حتى ولو كانوا ملتزمين بالتزام لايقبل التجزئة، أو كان متسلم الإعلان وكيلاً عنهم جميعاً، أو كانوا يقيمون في مسكن واحد كما مضت الإشارة أنفا .
وينبغي أن يتطابق الأصل والصوره، أي يتعين أن يتضمن كل من الأصل والصور جميع البيانات المطلوبة في الورقة، أي يكون كل منها في ذاته صحيحاً سوليس - المرافعات - ص 400، وجلاسون - المرافعات - ج 2 ۔ رقم 436 وجارسونیه ج 2 رقم 93 ، أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع رقم 184، فإذا لم تطابق الصورة مع أصل فمن الواجب الحكم بالبطلان بشرط أن يكون عدم التطابق متصلاً ببيان جوهری وحكمة بطلان الإعلان لعدم التطابق هي ما يبعثه هذا الوضع من الشك في نفس المعلن إليه، فإعلان الورقة يشمل - فضلاً عن تسليم الصورة إلى المعلن إليه - إطلاعه على الأصل وتمكينه من الاطلاع عليه فإن لم يتطابقان يكون في حيرة من أمره، وای نقص أو خطأ جوهري سواء أكان في الأصل أو في الصورة يبطل الإجراء .
والأصل أنه لا يجوز للمدعى أو للغير إثبات قيام الخصومة بتقديم النسخة الأصلية للصحيفة المعلنة أو صورتها وقيل أنه لايفني عن تقييم النسخة الأصلية أو الصورة الإشارة إليها ويكرها في أوراق في معصية ومع ذلك فهذا الرأي محل نظر، لأن الورقة الرسمية حجة على الكافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أحمد أبو الوفا- نظرية الدفوع رقم 181 ص 318 ، والتعليق ص 120 و 121.
إذن يتضح لنا مما تقدم أن الإعلان يتم عن طريق أصل وصورة وتتعدد الصور بتعدد المطلوب إعلانهم ويثور التساؤل عن التكييف القانوني للعلاقة بين أحصل ورقة الإعلان وحضارتها؟ يذهب الرای الساند إلى أن الصورة تعني بالنسبة للمعلن إليه أصلاً صوری المرافعات - بند 405 ص 325، به أبو الوفا - المرافعات - بند 273 و 498 حاشية 1 والواقع أنه لاختيار التكييف القانوني السليم يجب معرفة أساس التفرقة - في الاصطلاح القانوني - بين الصورة والأصل إذ تقوم التفرقة بينهما بالنظر إلى محل التمثيل السندي فالأصول المختلفة محلها واحد هو الواقعة التي يعتبر كل أصل مستنداً لها، أما الصورة فمحلها هو المستند الأصلي، ولا تعتبر الواقعة محلاً للصورة إلا من خلال الأصل أي إلا كما يمثلها الأصل ولهذا إذا تعددت الأصول، فإن لها إن كانت ذات طبيعة واحدة - نفس القوة، أما إذا كنا بصدد أصل وصورة فإنهما لايتساويان في القوة فتحى والي، الوسيط بند 244 ص 394 و ص 395 .
وإذا كان الأمر كذلك، فإنه من الواضح أننا - بصدد الإعلان الإجرائي لسنا بصدده أصلين، كما أننا لسنا بصدد أصل وصورة بالمعنى الصحيح، لسنا بصدد أصلين لأن هذا يعني أن أياً من الأصلين يكفي في تمثيل الواقعة، مما يؤدي إلى أنه إذا لم تكن هناك صورة لورقة الإعلان الأصل الثاني ووجد الأصلى وحده فإن هذا كان، وهو مالا يمكن التسليم به لأن عدم تسليم صورة الإعلان الإجرائي يؤدي إلى عدم تحقق واقعة الإعلان ولنا به أصل وصورة لأن هذا يعني أيضاً أن الأصل يكفي وحده لتمثيل الواقعة مسحل التمثيل السندي، في حين أنه يلزم كل من الصورة والأصل فتحی والی - نظرية البطلان - بند 389 ص 684 أن الأمر لا يتعلق بأصلين متماثلين بواقعة واحدة، ولا بأصل وصورة، وإنما نحن بجيل أصلين لرافعتين تكونان وإقامة واحدة متكاملة وبعبارة أخرى، بصدد أصلين كل أصلي يمثل جزءاً من الواقعة القانونية التي هي الإعلان فهما معاً أصل واقعة فتحى والى - الوسيط - بند 244 ص 395 .
ونتيجة لهذا التكييف، فإن العيب الذي يصيب أياً منهما يجب أن يواجه كما لو كان عيباً في عمل واحد فالعيب سواء ورد فيما يسمى بالأصل أو فيما يسمى بالصورة يكون أثره على الإعلان هو نفس الأثر الذي يترتب على عيب ورد في جزء من العمل الإجرائي الواحد، وذلك مع ملاحظة أن لكل من أصل الإعلان وصورته وظيفة مختلفة على التفصيل التالي:
وجود عيب في الأصل دون الصورة ليس لطالب الإعلان التمسك بهذا العيب، لأنه ناشئ عن فعله أو عن فعل المحضر الذي يعمل باسمه، أما المعلن إليه فيجب التفرقة بالنسبة له بين فرضين :
الأول أن يقدم الصورة إلى القضاء فعندئذ ليس له أن يتمسك بالعيب الوارد في الأصل، ذلك أن البيانات في الأصل لم يتطلبها القانون لتحقيق مصلحة المعلن إليه، ويكفي - لتحقيق مصلحته - بيانها في الصورة .
الثاني ألا يقدم المعلن إليه الصورة إلى القضاء وعندئذ الفرض أن الصورة مطابقة للأصل، وهو ما يعني أن العيب الموجود في الأصل موجود في الصورة، ولهذا يكون للمعلن إليه التمسك بالعيب باعتباره عيبا في الصورة فتحی والی - نظرية البطلان - بند 391 ص 676 والوسيط ص 396 .
وجود عيب في الصورة دون الأصل ليس للمعلن - هنا أيضاً ۔ التمسك بالعيب إذ أنه من فعله أو من فعل من يعمل باسمه، أما المعلن إليه فإن له التمسك بهذا العيب ولو كان الأصل صحيحاً غير معيب نقض مدنی 22/6/1981 في الطعن رقم 591 لسنة 40 ق، وفيه قضت بأنه يكون الإعلان باطلاً إذا كان تاريخ الإعلان للمذكور في الصورة بخط يستحيل قراءته، ولو كان التاريخ في أصل الإعلان بخط واضح مقروء - نقض مدني في الطعن رقم 583 لسنة 44 ق، وفيه قضت بإنه لا حاجة بالمعلن إليه إلى الادعاء بتزوير الأصل على أساس أنه عيب في جزء من الإعلان على أن تمسك المعلن إليه بعيب في الصورة يفترض تقديمه لهذه الصورة، فإن لم يقدمها وكان الأصل غير معيب، فالفرض أن الصورة مطابقة له فليس للمعلن إليه التمسك بعيب في صورة لم يقدمها للمحكمة ولهذا ليس المحكمة عند غياب المعلن إليه وعدم تقديمه الصورة - القضاء بالبطلان لعيب مزعوم في الصورة خلا منه الأصل المقدم للمحكمة نقض مدنی 26/10/1965 - مجموعة النقض سنة 16 ص 902 رقم 142 ، ونفس الأمر إذا قدم ورقة مجردة من أية كتابة بخط المحضر بحيث لا يمكن اعتبارها صورة.
نقض مدنى 16/6/1970 مجموعة النقض سنة 21 ص 1061 رقم 170.
الخلاف بين الأصل والصورة يشترط القانون بیانات متماثلة في كل من الأصل والصورة، فإذا لم تكن البيانات - رغم توافرها متماثلة، فإن معنى هذا وجود تناقض في بيانات العمل الواحد ولمعرفة أثر هذا التناقض نفرق بين فرضين :
الأول إذا لم يكن العمل معيباً أياً كان البيان الذي يؤخذ به وفي هذه الحالة لا أثر لهذا الخلاف على صحة الإعلان ومثاله أن يكون التاريخ المذكور في الصورة غير التاريخ المذكور في الأصل، ولكن الإعلان يعتبر قد تم خلال الميعاد القانوني بالنظر إلى أي من التاريخين (نقض 5/1/1957 - سنة 7 ص 256 )، أو أن يكون توقيع المحضر مختلفاً في كل من الأصل والصورة ، نقض 25/12/1969 سنة 20 ص 1322 رقم 206.
الثاني إذا كان الخلاف بخفي عليه وعندئذ يجب السعي لمعرفة أي البيانين معيباً فإذا أمكن معرفته طبقت القواعد التي سبق بيانها بالنسبة لتعيب الأصل نون الصورة أو تعيب الصورة دون الأصل أما إذا لم يمكن معرفة أين يوجد العيب فإن مفاد هذا أن هناك تناقضا في بيانات العمل الواحد مما يعني تعيبه - كل ذلك مع ملاحظة مايقضي به القانون من أثر لحضور المدعى عليه باعتباره منفياً عن الإعلان أو مصححاً لعيوية فتحى والى - الوسط - بند 244 ص 394 - 397 .
بيانات أوراق المحضرين نصت على هذه البيانات المادة التاسعة من قانون المرافعات - محل التعليق وقبل توضيح كل بيان من هذه البيانات ننبه إلى الملاحظات الآتية :
أولاً إن البيانات الواردة في المادة التاسعة - محل التعليق - هی البيانات العامة في كل أوراق المحضرين، ولكن بجانب هذه البيانات العامة يوجد بيانات خاصة بكل ورقة تختلف في ورقة عن أخرى باختلاف الغرض منها، فهناك بيانات خاصة بصحيفة افتتاح الدعوى، وهناك بيانات خاصة بصحيفة الاستئناف وبيانات خاصة بمحضر حجز المنقول لدى المدين وهكذا.
ثانياً سبق أن ذكرنا بأن أوراق المحضرين تحرر من أصل وصور بقدر عدد الأشخاص المراد إعلانهم بها، ومن المقرر أن البيانات سواء كانت بيانات عامة أو خاصة يجب ذكرها في الأصل وفي الصورة.
فإن شاب البيانات في الصورة خطأ أو نقص مما يترتب عليه البطلان كان للمعلن إليه أن يتمسك بالبطلان ولو خلا الأمل من هذه العيوب فمن المقرر أن الصورة بالنسبة للمعلن إليه تقوم مقام الأصل (موريل - المرافعات بند 405، 405 رمزي سيف - بند 364 ص 438 وسبب ذلك أن المعلن إليه لاتسلم إليه إلا الصورة وتطبيقاً لذلك حكم ببطلان إعلان السند التنفيذي للخصم إذا لم تشمل - صورته على الصيغة التنفيذية ولو اشتمل أصل الإعلان عليها حكم محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية 24/5/1954 منشور في مدونة الفقه والقضاء الجزء الأول ص 379، وحكم محكمة مصر في 26/11/1951 في المحاماة سنة 34 ص 45 )، كما حكم ببطلان إعلان الاستئناف إذا لم تشتمل صورته المعلنة للمستأنف عليه على تاريخ الحكم المستأنف حكم محكمة استئناف مصر في 31/1/1955 ، منشور في مرجع القضاء رقم 9027 .
فإذا اختلف ماجاء في الصورة عما جاء في الأصل كان للمعلن إليه أن يتمسك بما جاء في الصورة ولايحتج عليه بما جاء في الأصل، ولا يؤثر في هذه القاعدة توقيع المعلن إليه على الأصل لأن هذا التوقيع لايفيد علم المعلن إليه بما جاء في الأصل وإنما هو دليل على تسلمه الصورة حكم محكمة استئناف مصر في 28/12/1937 منشور في المجموعة الرسمية سنة 29 ص 44، وحكم محكمة مصر في 15/1/1907 في مرجع القضاء رقم 7584.
وإنما تدق المسالة إذا خلت الصورة من أي نقص أو خطأ، وكان الخطا أو النقص في البيانات الواردة في الأصل، بديهي أن ليس للمعلن أن يتمسك بالبطلان لأن البطلان من فعله هو أو من فعل المحضر الذي يمثله، وإنما هل للمعلن إليه أن يتمسك بالبطلان؟ إن مقتضى القاعدة القائلة بأن الصورة بالنسبة للمعلن إليه تقوم مقام الأصل، أنه لا يجوز للمعلن إليه أن يتمسك ، بالبطلان وبهذا الرأي قال البعض وقال البعض الآخر إن له أن يتمسك بالبطلان لأن الأصل يحتج به على طالب الإعلان، ولأن قاعدة أن الصورة تقوم بالنسبة للمعلن إليه مقام الأصل مقررة لمصلحة المعلن إليه فلا يجوز الطالب الإعلان أن يستفيد منها جلاسون - المرافعات - ج 2 ص 306، وبهذا الرأي الأخير يقول الفقه والقضاء الفرنسيان سوليس وبيرو - قانون القضاء الخاص - ج 1 ص 313 والأحكام المشار إليها فيه.
والراجح أنه يجب التفرقة بين فرضين الأول أن يقدم المعلن إليه الصورة، وفي هذه الحالة ليس له أن يتمسك بالبطلان الناشىء عن العيب في الأصل مادامت الصورة غير مشوبة بأي عيب، لأن مصلحة المعلن إليه تتحقق باستيفاء الصورة البيانات التي ينص عليها القانون، ولأن اشتمال الأصل على هذه البيانات لا يقصد به تحقيق مصلحة المعلن إليه .
الثاني ألا يقدم المعلن إليه الصوره المحكمة فلا يكون أمامنا إلا الأصل وفي هذه الحالة يجوز للمعلن إليه أن يتمسك بالبطلان على أساس أن الصورة في هذه الحالة تكون معيبة لأن تعيدي الأصل قرينة على تعيب الصورة، إن المفروض أن تكون الصورة مطابقة للأصل ما لم يقم الدليل ، على غير ذلك رمزي سيف - بند 364 - ص 439 وص440
وسوف نوضح الآن بالتفصيل البيانات التي نص عليها القانون في المادة التاسعة - سهل التعليق .
البيان الأول تاريخ الإعلان اشترط المشرع في المادة التاسعة - محل التعليق أن تشتمل ورقة المحضرين علي بيان تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان، ويلاحظ بالنسبة لهذا البيان أن المشرع لم يستلزم ذكر اسم اليوم مكتفياً بتاريخه، فإذا وقع في الاسم نقص أو خطأ لا يترتب عليه أى بطلان لأنه يكون نقصاً أو خطأ في بيان زائد لم يشترطه القانون
ولذكر تاريخ الإعلان أهمية بالغة تظهر في المسائل الآتية :
(أ) - لمعرفة الوقت الذي تبدأ فيه الآثار التي رتبها القانون على إعلان الورقة.
(ب) - لتحديد التاريخ الذى يبدأ منه سريان المواعيد التى تسرى من إعلان الورقة كميعاد الطعن في الحكم اذا كان يبدأ من الاعلان .
(ج) معرفة ما اذا كانت الورقة قد أعلنت في يوم وفي ساعة يجوز فيهما الاعلان.
لمعرفة ما اذا كان الإعلان قد حصل قبل فوات الأجل المحدد لاجرائه ( رمزي سيف – بند 365 – ص 441 ، محمد وعبد الوهاب العشماوي – ص 668 ) ، ويلاحظ انه يتعين ان يكون التاريخ صحيحاً في كل من الاصل والصور ( أحمد أبو الوفا – نظرية الدفوع رقم 190 ).
البيان الثاني بيان المعلن يوجب القانون أن تشتمل الورقة على بعض البيانات الخاصة بالمعلن الغرض منها تعيين شخصه ، ولذلك تعتبر هذه البيانات كلاً واحداً يكمل بعضها البعض الآخر، بحيث إن النقص أو الخطأ في بعضها لايؤدي إلى البطلان مادام ليس من شانه التجهيل بشخصية المعلن فكل بيان من هذه البيانات ليس مقصودا لذاته وهذه البيانات في اسم المعلن، ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه فإذا خلت الورقة من بيان مهنة أو وظيفة المعلن، فلا يترتب على ذلك أي بطلان مادام ليس من شأن ذلك التجهيل بالمدعي، ثم إنه قد لايكون للشخص مهنة أو وظيفة .
ويلاحظ أنه ببيان المعلن تتحدد شخصية المعلن لدى المعلن إليه، فيتمكن من الوقوف على شخصيته وصفته، ويتمكن من الإجابة على مزاعمه أو يسعى إلى مقابلته للصلح معه .
والبيانات المتقدمة يكمل بعضها البعض الآخر كما ذكرنا آنفاً ، لأن الغرض المقصود منها التعريف بطالب الإعلان، وإذا أدت إلى الشك في شخصيته بطل الإجراء وإذا ورد نقص أو خطأ في بيان من البيانات المتقدمة فلا يبطل الإعلان إلا إذا كان يجهل بالمعلن وعلى ذلك فإغفال مهنة أو وظيفة طالب الإعلان لايؤدي إلى البطلان، طالما أن البيانات الأخرى الواردة في الورقة لا يمكن أن تؤدي إلى الشك في حقيقة شخصيته، وإذا لم يذكر المعلن صفته فالمفروض أنه بعمل لنفسه، وإذا كان يعمل نيابة عن غيره وجب عليه أن يذكر كافة البيانات التي من شأنها التعريف بهذا الأخير، فيذكر اسمه ولقبه ومهنته وموطنه، فإن خلت الصحيفة من التعريف به كانت باطلة، لأنه لا يجوز الاكتفاء باسم الوكيل أو النائب بل لابد أن يقف المعلن إليه على شخصية الخصم الأصلي، وتكون أيضا باطلة إذا ورد في بياناتها نقص أو خطأ من شأنه أن يجهل به، وإذا تعدد المدعون وجب ذكر البيانات المتعلقة بكل منهم، فإن كانت الصحيفة تجهل بأحدهم بطلت بالنسبة إليه فقط أحمد أبوالوفا - نظرية الدفوع رقم 194، والتعليق ص 122.
ويلاحظ أنه لا يترتب البطلان على إغفال المدعى بیان موطنه الأصلي في صحيفة الدعوى وغاية ماهناك أنه إذا صدر حكم في الدعوى وأراد المدعى عليه الطعن عليه، فإنه يجوز له إعلانه بالطعن في موطنه المختار، وكذلك الشأن إذا كان بيان الموطن ناقصا لا يمكن التعرف عليه.
وإذا كانت الدعوى مرفوعة من الحكومة أو من إحدى المصالح فيكتفي بذكر صفة المعلن بجانب اسم المصلحة التي أقامت الدعوى لأن اسم المعلن لايهم المعلن إليه في هذه الأحوال .
وإذا كان للشركة المعلنة شخصية معنوية فلا يعتد بالخطا في اسم مديرها أو عدم احتواء ورقة الإعلان على لقبه، إذ مادامت الشركة شخصية معنوية ولها اسم يميزها عن غيرها فليس بلازم أن تحتوي ورقة الإعلان الموجه لها في إدارتها على اسم مديرها ولقبه .
نقض 30/6/1960 ، لسنة 11 ص 482، وأيضا نقض 10/12/1970 لسنة 21 ص 1216 .
ويلاحظ أنه إذا لم يكن طالب الإعلان بعرف موطن المعلن إليه عند الإعلان فإنه بذكر آخر موطن يعلمه نقض 28/4/1966 - سنة 17 ص 1820 فإذا تعمد طالب الإعلان ذكر موطن غير صحيح للمعلن إليه بقصد عدم وصول الإعلان إليه، حكمت المحكمة عليه بغرامة لاتقل عن مائة جنيه ولا تجاوز أربعمائة جنيه مادة 14 مرافعات معدلة بالقانون 23 لسنة 1992 والقانون 18 لسنة 1999.
كما أن المهم بيان الخصم، وليس ممثل هذا الخصم، ولهذا حكم بأن بیان اسم الشركة ومركز إدارتها كاف، و یغنی عن بيان اسم من يمثل الشركة، كما لايعتد بالخطا في هذا الاسم الأخير
نقض مدنی 6/12/1967 ، سنته 18 ص 1820 رقم 276 .
البيان الثالث والرابع بيان المحضر وتوقيعه يوجب القانون في المادة التاسعة - محل التعليق - أن تشتمل الورقة على أسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها، كما يوجب أن تشتمل أيضا على توقيع المحضر على كل من الأصل والصورة أما اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها فالغرض منهما التحقق من أن الشخص الذي قام بإعلان الورقة له صفة القيام بما قام به، وأنه قام به في حدود اختصاصه، أما توقيع المحضر فهو الذي يكسب الورقة صفتها الرسمية، ولذلك يلزم توقيعه على الأصل والصورة .
وليس لبيان اسم المحضر مكان معين في الورقة بحيث إذا ورد في مكان آخر بطلت، وإنما يجوز أن يذكر في أي مكان منها، ولذلك فإنه بغنى عن ذكره في صلب الورقة توقيعه إذا كان التوقيع ظاهراً ومقروءاً، لأنه في هذه الحالة يعتبر توقيعاً وبياناً لأسم المحضر في نفس الوقت، أما توقيع المحضر فبديهي أن يرد في آخر الورقة رمزی سیف – ص 424 و ص 443 .
وتوقيع المحضر توقيعا ظاهرا في ذيل الورقة يغني عن ذكر اسمه في صلبها إذا كان قد سها عن ذكره أحمد أبو الوفا - التعليق ص 126 و ص 127.
البيان الخامس بيان المعلن إليه ينبغي أن تشتمل الورقة على إسم المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته وموطنه فإن لم يكن موطنه معلوما وقت الإعلان فآخر موطن كان له والغرض من هذه البيانات تعيين شخصية المعلن إليه، ولذلك فإنها تكون كلاً واحداً يكمل بعضها بعضا بحيث إن النقض أو الخطأ في بعضها لايؤدي إلى البطلان، ما دام ليس من شأنه التجهيل بشخص المعلن إليه، ولذلك لا يبطل الورقة أن تشتمل على لقب اشتهر به المعلن إليه ولو لم يكن لقباً حقيقياً في شهادة ميلاده.
كما أنه بالنسبة للموطن اكتفى المشرع بآخر موطن كان للمعلن إليه إذا لم يكن موطنه وقت الإعلان معلوماً لطالب الإعلان، كما يصح ذكر الموطن الذي نسبه المعلن إليه لنفسه في ورقة صادرة منه للمعلن في وقت قريب من الوقت الذي حصل فيه الإعلان .
ويلاحظ أن بيان المعلن إليه من ألزم بيانات الورقة، ومع ذلك يجوز التسامح فيه إذ قد يكون المدعي جاهلاً ببعض البيانات المتقدمة، ويكفي أن يذكر بصورة لاتثير الشك في حقيقة شخصية المعلن إليه جلاسون 2 رقم 224، أحمد أبو الوفا - التعليق – ص 123.
وقد يجهل الطالب اسم المعلن إليه فيكتفي بذكر لقبه إذا لم يؤد هذا إلى الشك في شخصية الأخير كان يقيم في منزل واحد عدة أشخاص يحملون لقباً واحداً ، ومن باب أولى الخطأ في أسم المعلن إليه لا بسبب البطلان إلا إذا كان الإعلان بجهل به تماماً.
وإذا لم يكن الطالب على علم بمهنة خصمه أو وظيفته، اكتفي بذكر اسمه ولقبه إذ لايتصور في جميع الأحوال أن يكون على علم بها، ثم قد لاتكون له مهنة ما
ويتعين على الطالب أن يذكر موطن المطلوب به إعلانه حتى يتمكن المحضر من الوصول إليه وإعلانه بالورقة فإذا لم يكن على علم بموطنه جاز إعلانه في سكنه المؤقت، ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن وفقاً لنص المادة 40/2 من القانون المدني، ومن ثم يصح إعلانه في أحدهم .
ويصح ذكر الموطن الذي نسبه الشخص المطلوب إعلانه إلى نفسه، في ورقة صادرة منه إلى طالب الإعلان، ولو لم يكن هذا المكان هو الموطن الحقيقي له .
وإذا لم يكن الطالب على علم بموطن المراد إعلانه الحالي تعين عليه أن يذكر آخر موطن كان له ولايصح في هذه الحالة أن ثبت أن المعلن قد استنفد جهده في السعي لمعرفة موطن المطلوب إعلانه ويوجب القانون ذكر آخر موطن المراد إعلانه حتى تتمكن النيابة من الاهتداء إليه على التفصيل الذي سنراه فيما بعد .
وإذا لم يذكر موطن الشخص المراد إعلانه أو كان هذا البيان مشوباً بالنقض أو بالخطأ مما أدى إلى التجهيل به بطل الإجراء، ومع ذلك يصبح - في هذه الأحوال - إذا سلم الإعلان إلى الشخص المراد إعلانه نفسه، لأن الغرض المقصود من ذكر الموطن هو تسهيل عملية الإعلان، فإذا سلم إلى الشخص نفسه، ولم يكن هناك شك في حقيقة شخصيته يكون الحكم بالبطلان لعدم ذكر الموطن من قبيل المغالاة في التمسك بالشكليات .
ويلاحظ أن تحديد الموطن يفيد عند تقدير ميعاد المسافة، وإذا كان الإعلان للحكومة أو إحدى المصالح بصح إذا أكتفى بذكر اسم المصلحة بجانب صفة من بمثلها، والإعلان لشركة أو جمعية أو مؤسسة لها شخصية معنوية يصح أيضاً إذا ذكر اسمها بجانب أسم الشخص النائب عنها بل يكتفي بذكر اسمها بجانب صفة هذا الشخص إن كان للشركة مركز لإدارتها، و الخطأ في اسم ممثل الشركة لايترتب عليه بطلان الإعلان .
نقض 30/6/1960 ، لسنة 11 ص 482 ونقض 10/12/1970 ، لسنة 21 ص 1216.
أما الإعلان الموجة إلى شركة أو جمعية ليس لها شخصية معنوية فيجب أن يذكر فيه البيانات الخاصة بكل شريك أو عضو بحسب الأحوال .
وإذا كان المراد إعلانه قاصراً أو محجوراً عليه عمل بذات القواعد المتقدمة أيضاً ، ووجب إعلان الولى أو الوصي أو القيم بحسب الأحوال باعتباره نائباً عن القاصر او المحجور عليه.
البيان السادس بیان متسلم الورقة يجب أن تشتمل الورقة على اسم من تسلم صورة الورقة و صنفته وتوقيعه على الأصل أو إثبات إمتناعه وسببه أي سبب الامتناع ( نقض 13/2/1961 ، سنة 12 ص 18) والغرض من هذا البيان التحقق من أن الورقة سلمت صورتها لشخص يجوز تسلیم الصورة له، فإذا سلمت الصورة لغير الشخص المطلوب إعلانه وجب ذكر صفته أي علاقته بالمعلن إليه التي تخول تسلمها، ككوته وكيلاً أو خادماً أو قريباً أو صهراً للمعلن إليه، ولذلك نص القانون صراحة في المادة التاسعة - محل التعليق - على ذكر صفة من سلمت إليه الورقة أي علاقتة بالمعلن إليه لأن هذه العلاقة هي التي يجوز تسليم الصورة إليه وبغيرها يكون تسليم الصورة باطلاً.
ويلاحظ أن المشرع يستلزم توقيع الشخص الذي سلمت له صورة الورقة على الأصل فقط كدليل على تسلمه الصورة فلا محل للتوقيع على الصورة.
ويتصل ببيان متسلم الورقة بعملية الإعلان، ولذلك يترتب على إغفاله أو النقض أو الخطأ فيه بطلان عملية الإعلان، ولهذا جرى قضاء محكمة النقض على ضرورة أن تشتمل الورقة على كل الخطوات التي أوجب القانون على المحضر اتخاذها قبل تسليم الورقة كانتقاله إلى محل المعلن إليه ومخاطبته لمن وجده في المحل من الأشخاص الذين يجوز تسلیم صورة الورقة إليهم كالمعلن إليه أو وكيله أو قريبه أو خادمه، وواقعة إمتناعه عن تسلم صورة الورقة، ثم انتقاله إلى رجل الإدارة لتسليمه صورة الورقة إلى غير ذلك من البيانات التي تدل على قيام المحضر بما أوجب القانون عليه أن يتخذه من خطوات في عملية الإعلان وإلا كان الإعلان باطلا نقض 16/3/1939 ، منشور في ملحق مجلة القانون والاقتصاد سنة 9 ص 172 ، وقد أقر القانون هذا القضاء بنصه في الفقرة الثالثة من المادة 11 مرافعات على ضرورة أن يبين المحضر الخطوات التي اتخذها في حينها بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته.
البيان السابع الموضوع لم ينص القانون في المادة التاسعة - محل التعليق - التي فصلت البيانات الواجب اشتمال أوراق المحضرين عليها، على ضرورة إشتمال الورقة على الموضوع الذي تتعلق به، مع أن هذا البيان بيان جوهرى، إذ أن الورقة لاتؤدي الغرض منها إلا باشتمالها عليه، ولذلك فإن الفقه لا يتردد في القول بضرورة اشتمال الورقة عليه وإلا كانت باطلة، هذا فضلا عن أن القانون وان لم يذكر هذا البيان ضمن البيانات العامة، إلا أنه ذكره كبیان خاص في كل ورقة فقد أوجب المشرع أن تشتمل كل ورقة على بيانات خاصة تختلف باختلاف الغرض من كل منها ويستبين من هذه البيانات الخاصة أن كل ورقة يجب أن تشتمل على الموضوع ، وإن لم يذكره المشرع دائما صراحة، فإن البيانات الأخرى التي استلزمها في كل ورقة تفيد فبالنسبة لصحيفة الدعوى إستلزم القانون اشتمالها على وقائع الدعوى وطلبات المدعى وأسانيده م 63 ، وبالنسبة لصحيفة الاستئناف استلزم القانون اشتمالها على أسباب الاستئناف والطلبات راجع المادة 230 وبالنسبة لورقة حجز ما للمدين لدى الغير استلزم اشتمالها على نهی المحجوز لديه عن الوفاء بما في يده إلى المحجوز عليه أو تسليمه إياه مادة 328 ، وهكذا بالنسبة لسائر الأوراق رمزی سیف - ص 445 و ص 446.
ويلاحظ أن المذكرة الإيضاحية وردت في باب البطلان بشأن المادة التاسعة ما يلي «إذ ينص المشرع على أنه يجب أن تتضمن ورقة المحضرين عدة بيانات كل بيان يرمي إلى تحقيق غاية معينة المادة 9 وينص على البطلان صراحة جزاء لتخلف هذه البيانات (مادة 19) فإنه إذا أعلنت ورقة محضرين لم تشتمل مثلا على تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان واشتملت على البيانات الأخرى ووصل الإعلان إلى المعلن إليه فلا ينظر إلى الغرض وهو إيصال واقعة معينة إلى علم المعلن إليه وإنما ينظر إلى بيانات الورقة فإذا تبين أن التاريخ الذي حصل فيه الإعلان يؤدى وظيفة معينة في هذا النوع من الإعلان الذي حدث كما لو كان إعلاناً يبدأ به میعاد طعن فإن الإعلان يكون باطلاً لعدم تحقق الغاية من بيان التاريخ، أما إذا كان التاريخ ليس له هذه الوظيفة في الإعلان الذي حدث كما لو كان إعلاناً لا يجب تمامه في ميعاد معين ولا يبدأ به أي میعاد فلا بحكم بالبطلان، ومن ناحية أخرى إذا فرض ولم يشمل الإعلان على بيان اسم المحضر فإنه لا يحكم بالبطلان إذا كان المحضر قد وقع على الإعلان ذلك أن الغرض من بيان اسم المحضر هو التثبت من أن الإعلان قد تم على يد موظف مختص بإجرائه ويغني عنه إمضاء الحضر فإذا لم تشتمل الورقة لا على اسم المحضر ولا على إمضائه فإن الإعلان بكون باطلاً ولو وصل إلى المعلن إليه وتسلمه كذلك أيضاً يعتبر البيان المتعلق باسم المعلن أو المعلن إليه ولقبه ومهنته أو وظيفته مستوفياً مهما حدث النقض فيه مادام تحقق الغرض منه وهو تعيين شخصية المعلن إليه .
وقد مضت الإشارة إلى أن البيانات التي تضمنتها المادة التاسعة - محل التعليق - وأوجبت اشتمال الورقة عليها ليس لها ترتيب خاص فيصح الإعلان إذا ورد التاريخ في بداية الورقة أو نهايتها وكذلك الأمر بالنسبة لأي بیان آخر ويجوز تلافي أي نقص أو خطأ في الورقة بالرجوع إلى بيانات أخرى تضمنتها الورقة وتوضح هذا النقص أو الخطأ .
كما يلاحظ أنه إذا شاب العيب إحدى الصور فلا تبطل إلا الصورة المعيبة وحدها، و يكون لمن سلمت إليه الصورة المعيبة وحدها دون غيره التمسك بهذا البطلان.
ومن المقرر أن مخالفة أحكام المادة التاسعة - محل التعليق - يرتب البطلان عملاً بالمادة 19 مرافعات، وعلى ذلك استقرت أحكام النقض .
إعلان نماذج الضرائب وأوراقها بطريق البريد وضح القانون 646 لسنة 1953، في مادته الثالثة إجراءات خاصة بإعلان نماذج الضرائب ورسومها وأوراقها تختلف تماما عن الإجراءات التي نص عليها في قانون المرافعات بأن جعل الإعلان المرسل إلى الممول بخطاب موصي عليه مصحوب بعلم الوصول وأضفى على هذا الخطاب قوة الإعلان الذى يتم بالطرق القانونية، وهذا الأمر يعد استثناء من نصوص قانون المرافعات، إلا أنه من ناحية أخرى فإنه يجوز للمرسل إليه أن يدفع بأن الخطاب لم يصله أو أنه لم يسلم إليه ولا إلى وكيله، كما تقضي بذلك المادة 32 من لائحة البريد، وفي هذه الحالة إذا ثبت للمحكمة صحة ادعائه فإن الخطاب بعنبر لم يصله وبذلك لا ينتج أثره القانوني الديناصوري وعكاز - ص 94. ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الأول ، الصفحة : 348 )
أوراق المحضرين هي الأوراق التي يقوم المحضرون بإعلانها أو تنفيذها وهي كثيرة ومتنوعة ويمكن تقسيمها بحسب الغرض منها :
1- أوراق تكليف بالحضور وهي صحيفة افتتاح الدعوى.
2 - الابلاغات والتنبيهات والإنذارات وهي الأوراق التي يكون الغرض منها اعلام شخص بأمر معين أو تكليفه بعمل معين أو نهيه عنه كإعلان الحكم والتنبيه والإنذارات وإعلان الشهود .
3- أوراق التنفيذ وهي الأوراق المثبتة لإجراءات التنفيذ كمحاضر حجز المنقول ومحاضر بيعه ( الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 434 .
اشترط المشرع أن تشتمل ورقة المحضرين علي بيان تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان ويكفي ذكر التاريخ دون ذكر اليوم وأهمية هذا البيان هي : 1 - المعرفة الوقت الذي تبدأ فيه الآثار التي رتبها القانون على إعلان الورثة كقطع التقادم وسريان الفوائد . 2 - لتحديد التاريخ الذي يبدأ منه سريان المواعيد التي تسري من إعلان الورقة كميعاد الطعن في الحكم إذا كان يبدأ من إعلانه. 3 - لمعرفة ما إذا كانت الورقة أعلنت في وقت يجوز فيه الإعلان. 4 - المعرفة ما إذا كان الإعلان قد حصل قبل فوات الأجل المحدد لإجرائه ( الوسيط للدكتور رمزي سیف الطبعة الثامنة ص 439 ومرافعات العشماوي ص 668).
البيان المنصوص عليه في الفقرة الثانية قصد به تحديد شخصية المعلن تحديداً نافياً للجهالة والرأي الراجح فقها وقضاء أن كل سهو أو خطأ في البيانات الخاصة بالمعلن لا يؤدي للبطلان ما دامت بقية البيانات لا تترك مجالاً لللشك في معرفة شخصية الطالب ( الوسيط للدكتور رمزي سيف ص 439 والعشماوي ص 54 وأحكام النقض التي وردت في نهاية التعليق علي المادة ) وإذا كانت الدعوي مرفوعة من الحكومة أو من إحدى المصالح فيكتفي بذكر صفة المعلن بجانب اسم المصلحة التي أقامت الدعوي لأن اسم المعلن لا يهم المعلن إليه في هذه الأحوال ).
ولا يترتب البطلان علي إغفال المدعی بيان موطنه الأصلي في صحيفة الدعوي وغاية مما هنالك أنه إذا صدر حكم في الدعوي وأراد المدعي عليه الطعن عليه فإنه يجوز له إعلانه بالطعن في موطنه المختار وكذلك الشأن إذا كان بيان الموطن ناقصاً لا يمكن التعرف عليه .
وإذا كان الشركة المعلنة شخصية معنوية فلا يعتد بالخطا في اسم مديرها أو عدم احتواء ورقة الإعلان على لقبه إذ ما دامت الشركة شخصية معنوية ولها اسم يميزها عن غيرها فليس بلازم أن تحتوي ورقة الإعلان الموجهة لها في إدارتها على اسم مديرها ولقبه ( أبو الوفا في التعليق ص 106).
4- الغرض من بيان اسم المحضر والمحكمة التي يعمل بها التحقق من أن الشخص الذي قام بإعلان الورقة له صفة القيام بما قام به وأنه قام به في حدود اختصاصه أما توقيع المحضر فهو الذي يكسب الورقة صفتها الرسمية ولذلك يتعين توقيعه على الأصل والصورة ويغني عن ذكر اسم المحضر وتوقيعه إذا كان ظاهراً ومقروءاً ( الوسيط في المرافعات للدكتور رمزي سيف ص 440) .
5- ما ورد بالفقرة الرابعة هي بيانات خاصة بالتعرف بالمعلن إليه ويكفي منها ما يعرف بشخصيته والغرض منها هو نفس الغرض من البيانات الخاصة باسم المعلن . ويجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن وفقاً لنص المادة 2/40 من القانون المدني ، ومن ثم يصح إعلانه في أحدهم .
6- الغرض من هذا البيان المنصوص عليه في الفقرة الخامسة التحقق من أن الورقة سلمت صورتها لشخص يجوز تسليمها إليه فإذا سلمت لغير الشخص المطلوب إعلانه وجب ذکر علاقته بالمعلن إليه التي تخول له تسلمها ككونه وكيلاً أو خادماً أو قريباً أو صهرا للمعلن إليه لأن هذه العلاقة هي التي تجيز تسليم الصورة إليه ( المرجع السابق ص 442).
وقد أوردت المذكرة الإيضاحية في باب البطلان ما يلي " إذ ينص المشروع على أنه يجب أن تتضمن ورقة المحضرين عدة بيانات كل بيان يرمي إلى تحقيق غاية معينة في ( المادة 9 ) وينص على البطلان صراحة جزاء تخلف هذه البيانات ( مادة 19) فإنه إذا أعلنت ورقة محضرين لم تشتمل مثلا على تاريخ اليوم والشهر والسنة والساعة التي حصل فيها الإعلان واشتملت على البيانات الأخرى ووصل الإعلان إلى المعلن إليه فلا ينظر إلى الغرض وهو إيصال واقعة معينة إلى علم المعلن إليه وإنما ينظر إلى بيانات الورقة. فإذا تبين أن التاريخ الذي حصل فيه الإعلان يؤدي وظيفة معينة في هذا النوع من الإعلان الذي حدث كما لو كان إعلاناً يبدأ به ميعاد طعن فإن الإعلان يكون باطلاً لعدم تحقق الغاية من بيان التاريخ أما إذا كان التاريخ ليس له هذه الوظيفة في الإعلان الذي حدث كما لو كان إعلاناً لا يجب تمامه في ميعاد معين ولا يبدأ به أي ميعاد فلا يحكم بالبطلان ، ومن ناحية أخرى إذا فرض ولم يشمل الإعلان على بيان أسم المحضر فإنه لا يحكم بالبطلان إذا كان المحضر قد وقع على الإعلان ذلك أن الغرض من بيان اسم المحضر هو التثبت من أن الإعلان قد تم على يد موظف مختص بإجرائه . ويغني عنه إمضاء المحضر فإذا لم تشتمل الورقة لا على اسم المحضر ولا على إمضائه فإن الإعلان يكون باطلاً ولو وصل إلى المعلن إليه وتسلمه . كذلك أيضاً يعتبر البيان المتعلق باسم المعلن إليه ولقبه ومهنته ووظيفته مستوفياً مهما حدث النقص فيه مادام تحقق الغرض منه وهو تعيين شخصية المعلن إليه ".
ونرى أن البيانات التي تضمنتها هذه المادة وأوجبت اشتمال الورقة عليها ليس لها ترتيب خاص فيصح الإعلان إذا ورد التاريخ في بداية الورقة أو نهايتها وكذلك الأمر بالنسبة لأي بيان أخر ويجوز تلافي أي نقص أو خطأ في الورقة بالرجوع على بيانات أخرى تضمنتها الورقة وتوضح هذا النقص أو الخطأ.
وأوراق المحضرين سواء ما كان منها أصلاً أو صورة هي أوراق رسمية وشكلية فهي شكلية لأنه لا يجوز إثبات الإجراء إلا بالبيانات المدونة بها ولا يجوز إثباته إلا من واقع الورقة ولا يستكمل دليل صحتها إلا من مجموع بياناتها ، وهي رسمية لأنها تعتبر حجة على الكافة بالنسبة للبيانات التي يثبتها المحضر متى كانت داخلة في اختصاص وظيفته ولا يستطيع أحد الخصوم النيل منها إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير .
ويتعين أن تحرر أوراق المحضرين من أصل وعدد من الصور بعدد المعلن إليهم ولو كانوا متضامنين أو ملتزمين بالتزام لا يقبل التجزئة أو كانوا يقيمون في مسكن واحد أو كان متسلم الإعلان وكيلاً عنهم جميعاً .
وكانت محكمة النقض قد جرت في أحكامها في مبدأ الأمر باضطراد على أن عدم توقيع المحضر على صورة الإعلان أو خلوها من اسمه أو نقص فيه يؤدي إلى بطلان الإعلان ( الأحكام رقم 6، 7، 10 غير أنها عدلت بعد ذلك عن هذا الرأي وقضت في صراحة ووضوح أنه لا يترتب البطلان على خلو صورة الصحيفة المعلنة من البيانات الخاصة باسم المحضر الذي يباشر الإعلان والمحكمة التي يتبعها وتاريخ حصول الإعلان وساعته وغير ذلك من البيانات الغير جوهرية مادام أن أصل ورقة إعلان الصحيفة قد وردت به هذه البيانات الحكمان رقما 5 مكرر ، 21) ، إلا أنها عادت للرأي الأول ( الحكم رقم 34) ثم اعتنقت بعد ذلك الرأي الثاني ( الحكم رقم 35).وهذا الخلاف البين يوجب عرضه على الهيئة العامة للمواد المدنية لحسمه (راجع رأينا في هذا الخلاف في التعليق على الحكم رقم 35).
وإذا شاب العيب إحدى الصور فلا تبطل إلا الصورة المعيبة وحدها ويكون لمن سلمت إليه الصورة المعيبة وحدها دون غيره التمسك بهذا البطلان.
هذا ومن المقرر أن مخالفة أحكام هذه المادة يرتب البطلان عملا بالمادة 19مرافعات وعلى ذلك استقرت أحكام النقض .
يترتب على بطلان الإعلان اعتباره كأن لم يكن وبطلان جميع الإجراءات المترتبة عليه :
من المقرر أنه في حالة ما إذا قضت المحكمة ببطلان الإعلان لعيب شابه فإنه يترتب على ذلك اعتباره كأن لم يكن فيزول وتزول الآثار القانونية المترتبة عليه فإذا قضت المحكمة ببطلان إعلان صحيفة الدعوى زالت واعتبرت الإجراءات التالية في الدعوى ابتداء من الإعلان حتى الحكم كأن لم تكن وإذا قضت المحكمة ببطلان إعلان السند التنفيذي فإن التنفيذ الذي تم بعد ذلك يبطل تبعا لذلك لأن بطلان الإجراء يستتبع بطلان الإجراءات اللاحقة عليه متى كان هو أساسها وترتبت عليه .
وجدير بالذكر أن هذا المبدأ يسري من باب أولى إذا طعن المعلن على ورقة الإعلان بالتزوير وقضت المحكمة برده و بطلانه .
وغني عن البيان أنه لا يشترط أن تقضي المحكمة ببطلان الإعلان في منطوق الحكم بل يكفي أن تورد ذلك في أسبابه ما دامت الأسباب مرتبطة بالمنطوق او مكملة له . ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : الأول ، الصفحة : 202 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 56
وَطَن
التَّعْرِيفُ:
الْوَطَنُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالطَّاءِ- فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الإْقَامَةِ، أَوْ مَكَانُ الإْنْسَانِ وَمَقَرُّهُ، وَيُقَالُ لِمَرْبِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالإِبِلِ: وَطَنٌ، وَهُوَ مُفْرَدٌ، جَمْعُهُ أَوْطَانٌ، وَمِثْلُ الْوَطَنِ الْمَوْطِنُ، وَجَمْعُهُ مَوَاطِنُ، وَأَوْطَنَ: أَقَامَ، وَأَوْطَنَهُ وَوَطَّنَهُ وَاسْتَوْطَنَهُ: اتَّخَذَهُ وَطَنًا، وَمَوَاطِنُ مَكَّةَ: مَوَاقِفُهَا .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْوَطَنُ: هُوَ مَنْزِلُ إِقَامَةِ الإْنْسَانِ وَمَقَرُّهُ، وُلِدَ بِهِ أَوْ لَمْ يُولَدْ .
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمَحَلَّةُ:
الْمَحَلَّةُ فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ مَحَالُّ .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَنْزِلُ قَوْمِ إِنْسَانٍ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بُيُوتُهُمْ حَيْثُ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَحَلَّةِ وَالْوَطَنِ أَنَّ الْوَطَنَ أَعَمُّ مِنَ الْمَحَلَّةِ.
أَنْوَاعُ الْوَطَنِ:
يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْوَطَنَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الأْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ، وَوَطَنُ إِقَامَةٍ، وَوَطَنُ سُكْنَى، كَمَا يَلِي:
أ- الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ هُوَ: مَوْطِنُ وِلاَدَةِ الإْنْسَانِ أَوْ تَأَهُّلِهِ أَوْ تَوَطُّنِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ، وَيُسَمَّى بِالأْهْلِيِّ، وَوَطَنُ الْفِطْرَةِ، وَالْقَرَارِ، وَمَعْنَى تَأَهُّلِهِ أَيْ تَزَوُّجِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِبَلْدَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا صَارَ مُقِيمًا، فَإِنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ فِي إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَ لَهُ فِيهَا دُورٌ وَعَقَارٌ، قِيلَ: لاَ يَبْقَى وَطَنًا، إِذِ الْمُعْتَبَرُ الأْهْلُ دُونَ الدَّارِ، وَقِيلَ: تَبْقَى، وَمَعْنَى تَوَطُّنِهِ أَيْ عَزْمِهِ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَعَدَمِ الاِرْتِحَالِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فِيهِ .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْوَطَنُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الشَّخْصُ لاَ يَرْحَلُ عَنْهُ صَيْفًا وَلاَ شِتَاءً إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ .
وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَرْيَةُ الْخَرِبَةُ الَّتِي انْهَدَمَتْ دُورُهَا وَعَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى إِصْلاَحِهَا وَالإْقَامَةِ بِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً .
كَمَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاَةَ الْمُقِيمِ» .
قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ .
وَيُؤْخَذُ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْوَطَنِ الْبَلَدُ الَّذِي لِلشَّخْصِ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْوَطَنُ هُوَ مَحَلُّ سُكْنَى الشَّخْصِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، وَمَوْضِعُ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ سُكْنَاهُ عِنْدَهَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ بِقَرْيَةٍ وَلَدٌ فَقَطْ أَوْ مَالٌ فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .
ب- وَطَنُ الإْقَامَةِ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ الإْقَامَةِ هُوَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ الإْنْسَانُ بِنِيَّةِ إِقَامَةِ مُدَّةٍ قَاطِعَةٍ لِحُكْمِ السَّفَرِ، وَيُسَمَّى بِالْوَطَنِ الْمُسْتَعَارِ أَوْ بِالْوَطَنِ الْحَادِثِ.
وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ يَتَّفِقُونَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ .
ج- وَطَنُ السُّكْنَى:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ السُّكْنَى هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْصِدُ الإْنْسَانُ الْمُقَامَ بِهِ أَقَلَّ مِنَ الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِلسَّفَرِ .
(ر: صَلاَةِ الْمُسَافِرِ ف3 – 8)
شُرُوطُ الْوَطَنِ:
لاَ يُسَمَّى الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الإْنْسَانُ وَطَنًا لَهُ تُنَاطُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطَنِ إِلاَّ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطٌ.
وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ كَوْنِهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا، أَوْ وَطَنَ إِقَامَةٍ، أَوْ وَطَنَ سُكْنَى.
ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَبَعْضَهَا مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
شُرُوطُ الْوَطَنِ الأْصْلِيِّ:
أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا بِنَاءً مُسْتَقِرًّا بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبِنَاءِ بِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ عَرَّفُوا الْوَطَنَ فِي مَعْرِضِ الْكَلاَمِ عَنْ شُرُوطِ إِقَامَةِ صَلاَةِ الْجُمْعَةِ بِأَنَّهَا الْقَرْيَةُ الْمَبْنِيَّةُ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِبِنَائِهَا بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طِينٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنْ تَكُونَ مُجْتَمِعَةَ الْبِنَاءِ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ .
وَالْحَنَفِيَّةُ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ يَعْتَبِرُونَ الْمَكَانَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الشَّخْصُ أَوْ تَأَهَّلَ فِيهِ أَوْ تَوَطَّنَ فِيهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ .
ب -شُرُوطُ وَطَنِ الإْقَامَةِ:
تُشْتَرَطُ لاِتِّخَاذِ مَكَانٍ وَطَنًا لِلإْقَامَةِ شُرُوطٌ، مِنْهَا: نِيَّةُ الإْقَامَةِ، وَمُدَّةُ الإْقَامَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَاتِّخَاذُ مَكَانِ الإْقَامَةِ، وَصَلاَحِيَّةُ الْمَكَانِ لِلإْقَامَةِ، وَأَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا (ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف26 - 29)
شُرُوطُ وَطَنِ السُّكْنَى:
لَيْسَ لِوَطَنِ السُّكْنَى إِلاَّ شَرْطَانِ، وَهُمَا: عَدَمُ نِيَّةِ الإْقَامَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ الإْقَامَةِ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ- بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ- وَأَنْ لاَ يَكُونَ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ فِيهِ.
(ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف8)
مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْوَطَنُ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ لاَ يَنْتَقِضُ إِلاَّ بِالاِنْتِقَالِ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، بِشَرْطِ نَقْلِ الأْهْلِ مِنْهُ، وَتَرْكِ السُّكْنَى فِيهِ، فَإِذَا هَجَرَ الإْنْسَانُ وَطَنَهُ الأْصْلِيَّ ، وَانْتَقَلَ عَنْهُ بِأَهْلِهِ إِلَى وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ، بِشُرُوطِهِ لَمْ يَبْقَ الْمَكَانُ الأْوَّلُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ، فَإِذَا دَخَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسَافِرًا، بَقِيَ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ، مَا لَمْ يَنْوِ فِيهِ الإْقَامَةَ، أَوْ مَا لَمْ يُقِمْ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِيمًا، وَيَكُونُ الْمَكَانُ لَهُ وَطَنَ إِقَامَةٍ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَطَنَ الأْصْلِيَّ لاَ يَنْتَقِضُ بِاتِّخَاذِ وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ. قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: لاَ يَقْصُرُ مَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَاضِي، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ طَرِيقُهُ إِلَى بَلَدٍ يَطْلُبُهُ .
وَمَنِ اسْتَوْطَنَ وَطَنًا آخَرَ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ وَطَنِهِ الأْوَّلِ، كَأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلاً: الأْولَى فِي وَطَنِهِ الأْوَّلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي وَطَنٍ آخَرَ جَدِيدٍ، كَانَ الْمَكَانُ الآْخَرُ وَطَنًا لَهُ بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِضِ الْوَطَنُ الأْوَّلُ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ التَّحَوُّلِ عَنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لِلإْنْسَانِ زَوْجَتَانِ فِي بَلَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يُعَدَّانِ وَطَنَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ لَهُ، فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا عُدَّ مُقِيمًا فِيهَا مُنْذُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ .
وَلاَ يَنْتَقِضُ الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ بِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَلاَ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأِنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمَا، فَلاَ يَنْتَقِضُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ الأْصْلِيِّ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ، وَأَقَامَ فِيهَا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَنْتَقِضْ بِذَلِكَ وَطَنُهُ الأْصْلِيُّ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُدَّ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا.
أَمَّا وَطَنُ الإْقَامَةِ، فَيَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ؛ لأِنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ أَيْضًا؛ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِالسَّفَرِ، وَلاَ يَنْتَقِضُ وَطَنُ الإْقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأِنَّهُ دُونَهُ.
أَمَّا وَطَنُ السُّكْنَى، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَبِوَطَنِ السُّكْنَى أَيْضًا، أَمَّا الأْوَّلاَنِ فَلأِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَأَمَّا الآْخِرُ فَ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.