المادة 24 فتتكلم عن آثار البطلان وهي تشتمل على ثلاث فقرات تحتوي كل منها على قاعدة مستقلة .
الفقرة الأولى تنظيم ما يعرف بتحول العمل الباطل فإذا كان الإجراء باطلاً وتوافرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يتحول إلى هذا الإجراء الآخر .
وتنظم الفقرة الثانية إنتقاص العمل الباطل فإذا كان شق من الاجراء غير معيب فإنه يمكن أن يبقى صحيحاً رغم تعيب الأخر .
أما الفقرة الثالثة فهي التى تتناول أثر بطلان الإجراء على الإجراءات السابقة والتالية له فلا ينسحب هذا الأثر إلا على الإجراءات المترتبة على الإجراء الباطل .
ويلاحظ أن عبارة ( مبنية عليه ) لا تعني مجرد الإرتباط المنطقي بل يجب وجود إرتباط قانوني بين العملين بحيث يعتبر العمل السابق الذي بطل شرطاً لصحة العمل اللاحق عليه .
1 ـ المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أن الدعوى الفرعية متى كانت دفاعاً فى الدعوى الأصلية فأثارت مسألة أولية لازمة للفصل فى الدعوى الأصلية اندمجت فيها بمجردطرح الأمر على المحكمة طرحاً صحيحاً بالإجراءات المقررة لطرح الدفاع وتلزم محكمة الموضوع بإيراد هذا الدفاع والرد عليه حتى ولو لم تستوف الدعوى الفرعية شروط الإجراءات المقررة لرفعها إعمالاً لما نصت عليه المادة 24 من قانون المرافعات من أنه " إذا كان الإجراء باطلاً وتوفرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يكون صحيحاً باعتباره الإجراء الذى توفرت عناصره " .
(الطعن رقم 11824 لسنة 65 جلسة 2011/01/05)
(الطعن رقم 11741 لسنة 77 جلسة 2009/01/28 س 60 ص 249 ق 40)
2 ـ إذ تنص الفقرة الثانية من المادة 24 من قانون المرافعات على أنه" إذا كان الإجراء باطلاً فى شق منه فإن هذا الشق وحده هو الذى يبطل" فهى تنظم إنتقاص العمل الباطل بحيث إذا كان شق من الإجراء غير معيب فإنه يمكن أن يبقى صحيحاً رغم تعييب الآخر و لا يرد هذا الإنتقاص إلا على العمل الإجرائى المركب من أجزاء قابلة للتجزئة أو الإنقسام دون العمل الإجرائى البسيط أو غير القابل للتجزئة أو الإنقسام فتعييب شق من العمل الإجرائى من هذا النوع الأخير يؤدى إلى بطلان العمل الإجرائى كله .
(الطعن رقم 698 لسنة 42 جلسة 1977/05/17 س 28 ع 1 ص 1230 ق 212)
3 ـ إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه طبق نص المادة 12 من قانون المرافعات السابق على إعلان صحيفة الاستئناف الذى وجه إلى المطعون عليه فى مكتبه باعتباره موطنا أصليا آخر له لما تبينه من أن المطعون وجه دعواه إلى الطاعن من هذا المكتب ، و قضى الحكم بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لأن المحضر أعلن المطعون عليه فى مكتبه المشار إليه مخاطبا مع الآنسة ... دون أن يثبت غيابه وقت الإعلان . و كان يتعين عند إجراء الإعلان فى هذا الموطن الأصلى إتباع ما تقضى به المادة 12 سالفة الذكر من وجوب ثبوت غياب الشخص المطلوب إعلانه عن موطنه فى حالة تسليم الصورة إلى وكيله أو خادمه أو غيرهما مما ورد ذكرهم بهذه المادة ، و بيان ذلك فى محضر الإعلان و صورته ، بحيث إذا أغفل المحضر إثبات هذا البيان على ذلك بطلان الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات السابق ، فإنه لا محل للتحدى بما يثيره الطاعن فى سبب النعى من أن المطعون عليه ناط بالآنسة المخاطب معها مهمة استلام الإعلانات الفضائية التى توجه إليه فى مكتبه ، و أنه لا ضرورة لإثبات غيابه عن هذا المكان وقت الإعلان .
(الطعن رقم 291 لسنة 36 جلسة 1971/04/27 س 22 ع 2 ص 558 ق 88)
4 ـ الأصل فى إعلان أوراق المحضرين وفقا للمادتين 11 و 12 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها للشخص نفسه أو فى موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المراد إعلانه فى موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره و لا يكون للمحضر أن يسلم الورقة إلى أى من هؤلاء أو لجهة الإدارة إلا إذا لم يجده فى موطنه و على المحضر أن يثبت فى هذه الحالة فى محضره عدم وجود الشخص المراد إعلانه فى موطنه الذى طلب إعلانه فيه و يترتب على إغفال هذا البيان بطلان الإعلان عملا" بالمادة 24 من قانون المرافعات .
(الطعن رقم 548 لسنة 34 جلسة 1969/01/09 س 20 ع 1 ص 84 ق 14)
5 ـ متى كانت ورقة إعلان الطعن قد وجهت إلى المطعون ضده فى النيابة لمغادرته مصر إلى الخارج على أساس أنه لا يعرف له موطن ، و أثبت فى أصل ورقة الإعلان أنه تم فى مواجهة وكيل النيابة لمغادرة المطعون ضده مصر إلى الخارج حيث لا يعرف له موطن . و إذ خلت الورقة من بيان آخر موطن معلوم له فى مصر أو فى الخارج - و هو ما تستلزمه الفقرة 11 من المادة 14 من قانون المرفعات السابق و المنطبق على الدعوى - حتى تستطيع النيابة الإهتداء إلى المعلن إليه و تسلمه الصورة و لتراقب المحكمة مدى ما إستنفد من جهد فى سبيل التحرى عن موطنه فإن ذلك مما يترتب عليه بطلان الإعلان كنص المادة 24 من قانون المرافعات السالف الإشارة إليه - و إذ كانت الأورق - فضلاً عما تقدم - قد خلت مما يدل على أن الطاعنين بذلوا أى جهد فى سبيل التحرى عن موطن المطعون عليه قبل تسليم صورة إعلان الطعن للنيابة رغم أن فى أوراق الدعوى ما يشير إلى هذا الموطن و ييسر السبيل إلى معرفته عن طريق الوكيلة للمطعون عليه التى أعلنت لديها الدعوى أمام محكمة أول درجة و وكيله الذى مثله فى الخصومة أمام محكمة الإستئناف . و كان تسليم أوراق الإعلان للنيابة إجراء إستثنائيا لا يجوز اللجوء إليه - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إلا بعد التحرى الدقيق عن موطن من يراد إعلانه ، فإن إعلان المطعون ضده بالطعن فى النيابة يكون قد وقع باطلاً . و لما كان هذا الطعن قد أدركه القانون رقم 43 لسنة 1965 قبل أن يعرض على دائرة فحص الطعون ، و كانت أوراق الطعن قد خلت مما يثبت قيام الطاعن بالإعلان طبقاً للمادة الثالثة من القانون المشار إليه و خلال الميعاد المقرر بالمادة 431 من قانون المرافعات السابق قبل تعديلها بالقانون رقم 401 لسنة 1955 أو خلال الميعاد الذى منحه له خلال الميعاد الذى منحه له القانون رقم 4 لسنة 1967 ، فإنه يتعين - و على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعمال الجزاء المنصوص عليه بالمادة 431 السالفة البيان والقضاء ببطلان الطعن .
(الطعن رقم 567 لسنة 34 جلسة 1968/12/31 س 19 ع 3 ص 1623 ق 248)
6 ـ متى كان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلان أمر الأداء لتسليم صورته لجهة الإدارة بعد مضى الميعاد عملاً بنص المادتين 12 و 24 من قانون المرافعات فانه لا يقبل منه التمسك بذلك أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 358 لسنة 30 جلسة 1966/01/04 س 17 ع 1 ص 32 ق 2)
7 ـ يشترط فى إعلان الحكم الذى يبدأ به ميعاد الطعن أن يكون إعلانا صحيحاً مطابقا للقواعد الخاصة بإعلان أوراق المحضرين و تسليمها . و إذ كان إعلان الأوراق القضائية فى النيابة بدلا من إعلانها لشخص المعلن اليه أو لمحل اقامته إنما أجازه القانون على سبيل الاستثناء و لا يصح اللجوء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة للتقصى عن محل اقامة المراد إعلانه ، فلا يكفى أن ترد الورقة دون إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائى . فاذا كان المحضر قد توجه بناء على طلب المطعون ضدها إلى موطن الطاعنة الذى أعلنت فيه بالأوراق من قبل و أثبت فى محضره أن المذكورة تركت هذا الموطن و لا يعرف لها محل اقامة ، و على أثر ذلك وجهت المطعون ضدها إعلان الحكم الى الطاعنة الى النيابة العامة ، و لم تقدم المطعون ضدها ما يدل على أنها قبل أن تتخذ هذا الاجراء قد بذلت أى جهد فى سبيل الاهتداء و التقصى عن محل اقامة الطاعنة قبل إعلانها فى مواجهة النيابة و أنها استنفدت كل محاولة فى هذا السبيل ، فان إعلان الحكم الابتدائى على هذا النحو يكون قد وقع باطلا عملاً بالمواد 11و 14 و 24 من قانون المرافعات و لا ينفتح بهذا الإعلان ميعاد الاستئناف .
(الطعن رقم 138 لسنة 30 جلسة 1964/12/31 س 15 ع 3 ص 1280 ق 183)
8 ـ أوجبت المادتان 10 و 12 من قانون المرافعات على المحضر بيان كافة الخطوات التى يتخذها بصدد الإعلان قبل تسليم صورته لجهة الإدارة حتى تستوثق المحكمة من جدية هذه الخطوات فإن أغفل ذلك بطل الإعلان عملاً بالمادة 24 من قانون المرافعات . و من ثم فإذا كان المحضر قد أثبت فى ورقة إعلان الطعن بالنقض إنتقاله إلى موطن المطعون عليه فلم يجده ، و وجد شخصاً رفض إستلام الإعلان بحجة وجوب إستشارة المطعون عليه شخصياً فسلم المحضر صورة الإعلان إلى مندوب قسم الشرطة و أخطر المطعون عليه بذلك ، دون أن يثبت فى محضره إسم الشخص الذى وجده ، وصفته ، و كان إعلان الطعن إعلاناً صحيحاً فى الميعاد الذى حددته المادة 11 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بشأن حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، من الإجراءات الجوهرية التى يترتب علي إغفالها البطلان ، فإنه يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً.
(الطعن رقم 20 لسنة 27 جلسة 1962/11/22 س 13 ع 2 ص 1053 ق 163)
9 ـ الأصل فى إعلان أوراق المحضرين وفقا للمادتين 11 ، 12 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المراد إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه ، فإذا لم يجد المحضر الشخص المراد إعلانه فى موطنه جاز تسليم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره ، فإذا أغفل المحضر إثبات صفة من تسلم الأوراق أو أغفل إثبات أن من تسلمها من أقارب المطلوب إعلانه أو أصهاره مقيم معه ، فإنه يترتب على ذلك بطلان الإعلان طبقا للمادة 24 مرافعات _ و يكون على المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بهذا البطلان إذا وقع فى ورقة التكليف بالحضور و لم يحضر المطلوب إعلانه و ذلك عملاً بما تقضى به المادة 95 مرافعات .
(الطعن رقم 197 لسنة 30 جلسة 1964/12/31 س 15 ع 3 ص 1284 ق 184)
10 ـ تنص المادة 10 من قانون المرافعات المختلط والتى تقابل المادة 8 من قانون المرافعات الأهلى الملغى على أن الأوراق المقتضى إعلانها فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان فى مركز الشركة إن كان لها مركز إلى شخص مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم ، وإن لم يكن لها مركز فتسلم إلى أحد الشركاء المتضامنين ، و رتبت المادة 24 مرافعات مختلط البطلان جزاء على عدم إتباع ذلك و مفاد ذلك أن المقصود بمركز الشركة الذى يجب تسلم صورة الإعلان فيه هو المركز الرئيسى ، إذ لا يتأتى وجود أحد ممن أوجب المشرع تسليم الصورة لهم شخصيا إلا فى هذا المركز و لايغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 35 مرافعات مختلط التى تقابل المادة 34 مرافعات أهلى من جواز اختصام شركات التأمين والنقل و ما شابهها أمام المحكمة التابع لها مركز الشركة أو المحكمة التابع لها أحد فروع الشركة ، ذلك أنه نص خاص بالاختصاص المحلى ولم يرد له نظير فى الأحكام الخاصة بالإعلان . كما أن تخويل المدعى الحق فى رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه فى موطنه الذى أوجب القانون إعلانه فيه.
(الطعن رقم 142 لسنة 28 جلسة 1963/05/02 س 14 ص 653 ق 93)
11 ـ إذا كان الثابت من أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر أعلن المطلوب إعلانها مع باشكاتب دائرتها ولم يثبت فى محضره عدم وجودها على ما أوجبته المادة 12 مرافعات ، و خلت أوراق الطعن مما يفيد اتخاذها مقر الدائرة محلا مختارا لها فى ورقة إعلان الحكم على ما استلزمته المادة 380 مرافعات ، فان إعلانها بتقريرالطعن يكون قد وقع باطلا عملاً بالمادة 24 مرافعات .
(الطعن رقم 72 لسنة 28 جلسة 1963/04/25 س 14 ص 616 ق 86)
12 ـ الأصل فى إعلان أوراق المحضرين - وفقا للمادة 11 من قانون المرافعات - أن تسلم الأوراق الطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه و أصهاره وفقا للمادة 12من هذا القانون . فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه فإنه يترتب على ذلك بطلان الطعن عملاً بالمادة 24 مرافعات.
(الطعن رقم 134 لسنة 26 جلسة 1962/01/04 س 13 ع 1 ص 34 ق 4)
13 ـ الأصل فى إعلان أوراق المحضرين وفقا للمادتين 11 و12 مرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها للشخص نفسه أو فى موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه فى موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره، فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان طبقا للمادة 24 مرافعات.
(الطعن رقم 122 لسنة 26 جلسة 1961/10/26 س 12 ع 1 ص 614 ق 95)
14 ـ لا يجوز وفقا للمادة 12 مرافعات تسليم ورقة الإعلان لجهة الإدارة إلا بعد التحقق من عدم وجود الشخص المراد إعلانه هو وغيره ممن يصح تسليم الصورة إليهم ومن أجل ذلك أوجبت المادة 12 مرافعات على المحضر أن يبين فى أصل ورقة الإعلان وصورتها بالتفصيل فى حينه كل ما يتخذه من خطوات سابقة على تسليم الصورة إلى جهة الإدارة بحيث يترتب على إغفال تلك الإجراءات بطلان الإعلان "م 24 مرافعات" وإذن فمتى كان المحضر لم يثبت فى محضره من الإجراءات السابقة على تسليم الصورة لجهة الإدارة سوى قوله إنه أنتقل إلى موطن المطلوب إعلانه فلم يجده وأنه لذلك سيقوم بإعلانه لجهة الإدارة وليس فى هذا البيان ما يفيد تحقق المحضر من عدم وجود أشخاص آخرين ممن يصح تسليم الصورة إليهم حتى يقوم بتسليمها إلى جهة الإدارة فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلاً.
(الطعن رقم 521 لسنة 26 جلسة 1961/05/18 س 12 ع 1 ص 507 ق 76)
15 ـ إذا كان المحضر الذى باشر الإعلان قد أثبت أنه أعلن المطعون عليها الرابعة فى شحص زوجها و المطعون عليها الخامسة فى شخص أخيها و لم يذكر ان هذين الشخصين يسكنان مع المراد إعلانهما فى حين ان هذا البيان واجب لصحة الإعلان عملاً بالمادة 12 مرافعات ، فإنه يترتب على إغفاله بطلان الإعلان وفقا للمادة 24 مرافعات .
(الطعن رقم 283 لسنة 25 جلسة 1960/04/21 س 11 ع 2 ص 324 ق 49)
16 ـ إذا كان يبين من الإطلاع على أصل ورقة إعلان الطعن أن المحضر إذ إنتقل إلى موطن المطعون عليهن الثلاث الأخيرات أثبت فى محضره أنه سلم صورة الإعلان الخاص بهن إلى شخص على إعتبار أنه يقيم معهن دون أن يبين فى محضره ما يفيد صفة هذا الشخص فى تسلم الإعلان ، و كان بيان هذه الصفة واجبا على مقتضى نص المادة 12 من قانون المرافعات ، فإن إعلان المطعون عليهن الثلاث الأخيرات بتقرير الطعن يكون باطلا عملاً بالمادة 24 مرافعات .
(الطعن رقم 295 لسنة 25 جلسة 1960/03/17 س 11 ع 1 ص 226 ق 39)
17 ـ متى تبين من مراجعة إعلان تقرير الطعن أن المحضر لم يسلم صورة الإعلان للمطعون عليه شخصيا بل سلمها لشخص ذكر أنه قريبه ولكنه لم يثبت أنه يقيم معه فان الإعلان يكون باطلا طبقا لنص المادتين 12 و 24 مرافعات .
(الطعن رقم 173 لسنة 24 جلسة 1958/06/05 س 9 ع 1 ص 523 ق 63)
(الطعن رقم 320 لسنة 23 جلسة 1957/12/12 س 8 ع 3 ص 908 ق 103)
(الطعن رقم 295 لسنة 23 جلسة 1957/10/24 س 8 ع 3 ص 747 ق 80)
18 ـ متى تبين من الصورة التنفيذية للحكم المطعون فيه و محضر إعلانها أن المحضر أثبت فيها أنه أعلن الطاعن بصورة من الحكم المذكور [ مخاطبا مع شخصه و امتنع عن التوقيع ] دون أن يرد فى المحضر شىء عن سبب امتناع المعلن إليه عن التوقيع كنص الفقرة الخامسة من المادة 10 من قانون المرافعات أو الاشارة إلى رفضه الافضاء له بهذا السبب فإن الإعلان يكون باطلا طبقا للمادة 24 مرافعات على ما جرى به قضاء هذه المحكمة من وجوب إثبات جميع الخطوات التى يتبعها المحضر فى الإعلان فى محضره .
(الطعن رقم 345 لسنة 23 جلسة 1957/11/07 س 8 ع 3 ص 776 ق 85)
19 ـ متى كان الطاعن لم يرفع معارضة فى الحكم الذى وصف بأنه حكم حضورى بناء على الإعذار الذى أعلن إليه وبالتالى لم يعرض على محكمة الموضوع الدفع ببطلان الاعذار سواء عملاً بنص المادتين 72 و 80 أو المادتين 12 و24 مرافعات فإنه لايجوز التحدى بهذا الدفع لأول مرة أمام هذه المحكمة ما دام أن البطلان المدعى به لايتصل سببه بالنظام العام
(الطعن رقم 103 لسنة 23 جلسة 1957/03/07 س 8 ع 1 ص 204 ق 25)
آثار البطلان :
يعتبر العمل الإجرائي صحيحاً منتجاً لآثاره في الخصومة حتى يقرر القاضي بطلانه. وهذه قاعدة عامة تسري أياً كان نوع البطلان سواء تعلق بالمصلحة الخاصة أم بالنظام العام . وإذا حكم ببطلان عمل ما ، فالقاعدة أن هذا العمل لا ينتج أي أثر ، ويعتبر كأن لم يكن. على أنه قد تترتب - رغم البطلان - بعض الآثار القانونية . وهذه قد تكون آثار عمل آخر يتحول إليه العمل الباطل ، وقد تكون بعض آثار نفس العمل ينتجها العمل رغم بطلانه :
1- تحول العمل الإجرائي : في الصورة الأولى يوجد ما يعرف بتحول العمل الإجرائي ، وقد نصت عليه المادة 24/1 مرافعات كالتالي : «إذا كان الإجراء باطلاً وتوافرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يكون صحيحاً باعتباره الإجراء الذي توافرت عناصره» . وهو حكم يمكن الأخذ به دون نص ذلك أن التحول ليس سوى تكييف للمقتضيات غير المعيبة من واقعة قانونية ما وتلاحظ التفرقة بين تحول التصرف القانونى وتحول العمل الإجرائي . فبينما في التصرف القانوني يجب للتحول أن تكون نية المتصرف قد اتجهت إلى التصرف المحول إليه في حالة علمه ببطلان التصرف الأصلي ، فإن تحول العمل الإجرائي يتم بصرف النظر عن نية من قام بالعمل ومن أمثلة التحول تحول الإستئناف المقابل إلى إستئناف أصلي إذا توافرت فيه شروط هذا الأخير، وتحول حلف اليمين الحاسم الباطل لعيب شكلى إلى إقرار قضائي صحيح، وتحول الصلح غير الموثق من المحكمة لرجوع أحد الطرفين فيه إلى بيان کتابی صريح يقرر فيه المدعي - بموافقة المدعى عليه - ترکه للخصومة.
2- إنتقاص العمل الإجرائي : أما في الصورة الثانية ، فيوجد ما يعرف بانتقاص العمل الإجرائي . ويشترك التحول والانتقاص في أن كلا منهما يفترض بطلان العمل ، وأن كلا منهما يؤدي إلى أن آثاراً قانونية تنتج رغم بطلان العمل . ولكنهما يختلفان في أنه في التحول تكفي المقتضيات غير المعيبة لتكوين عمل قانوني آخر ؛ بحيث إن الآثار التي تنتج تعتبر آثار له وليست بعض آثار العمل الباطل ، أما في الانتقاص فإن المقتضيات غير المعيبة لا تكفي لإنتاج عمل جديد ، وإنما ينتج العمل الباطل هو نفسه بعض الآثار التي ينتجها لو كان صحيحاً .
ويتوافر الانتقاص في حالتين :
1- إذا كان العمل الإجرائي عن مركبة من عدة أجزاء قابلة للإنقسام ، وكان أحد الأجزاء معيباً ، فتبقى الأجزاء الأخرى صحيحة . وهذه الصورة هي التي نص عليها القانون المصري في المادة 24 / 2 مرافعات كالتالي وإذا كان الإجراء باطلاً في شق منه فإن هذا الشق وحده هو الذي يبطل» . ومثالها أن يصدر حكم في أكثر من موضوع، ويطعن المحكوم عليه بالنسبة لشق منه فقط ، فتقضي المحكمة ببطلان الحكم المطعون فيه . فعندئذ يكون الحكم صحيحاً بالنسبة لما لم يطعن فيه ، وباطلاً بالنسبة لما طعن فيه وقضى فيه بالبطلان.
2- إذا كان العمل الإجرائي عملاً بسيطاً ولكنه متعدد الآثار ، فيحقق بعض آثاره رغم بطلانه ، ولم ينص القانون المصرى على هذه الحالة بعكس بعض التشريعات كالقانون الإيطالي ولكن يمكن الأخذ بهذه الحالة دون نص تطبيقاً للقواعد العامة . ومن أمثلتها أن المطالبة القضائية رغم بطلانها يلتزم القاضي بإصدار حكم فيها ولو ببطلانها وإلا أعتبر منكراً للعدالة.
أثر بطلان العمل الإجرائي على الأعمال الإجرائية الأخرى :
وفقاً للمادة 24 / 3 مرافعات «لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه». وهذه الفقرة تعالج مشكلة تأثير بطلان العمل الإجرائي في أعمال الخصومة الأخرى ، سواء ما سبقته أو ما تلته من أعمال :
أ- أثره على الأعمال السابقة : القاعدة أن أعمال الخصومة السابقة على العمل الباطل لا تتأثر بهذا البطلان ، متى تمت في ذاتها صحيحة.. ولهذا إذا بطل عمل من أعمال التحقيق ، فإنه لا يؤثر في صحيفة افتتاح الدعوى . وبطلان إعلان الحكم لا يؤثر على صحة الحكم على أنه يلاحظ أنه إذا كان بطلان العمل الإجرائي لا يؤثر في صحة الأعمال السابقة عليها ، فإنه قد يؤدي إلى أن تصبح هذه الأعمال - وإن تمت صحيحة - غير ذي فائدة في الخصومة التي تمت فيها ولهذا فإنه إذا كان الحكم المنهي الخصومة باطلاً لعيب ذاتي ، فإنه وإن لم يؤثر في صحة الأعمال السابقة عليه إلا أنه يجعلها غير ذی فائدة إذ أنها لم تستطع المشاركة في تحقيق الهدف من الخصومة.
ب- أثره على الأعمال اللاحقة : القاعدة في هذا الشأن أن بطلان العمل الإجرائي يؤدي إلى بطلان الأعمال اللاحقة المرتبطة به دون الأعمال المستقلة عنه وقد اختلف الفقهاء حول معنى الإرتباط هنا . فذهب البعض أنه يوجد هذا الارتباط إذا كان العمل السابق هو الأساس المنطقي للعمل اللاحق سواء فيما يتعلق بصحته أو بحقيقة الوقائع التي يقررها ويعيب هذا الرأي أن الإعتماد على المنطق لا يمكن أن يكون أساسأ سليماً للبحث في هذه المشكلة . ومن ناحية أخرى ، فان من الخطأ النظر إلى حقيقة أو كذب الوقائع التي يثبتها العمل . إذ العمل قد يكون صحيحاً رغم إثباته لوقائع معتمدة على عمل باطل. ولهذا فاننا نؤيد رأياً آخر يأخذ به غالبية الفقهاء مؤداه أن الإرتباط المطلوب هو الإرتباط القانوني الذي يجعل العمل السابق مفترضاً قانونياً لصحة العمل اللاحق . وتطبيقاً لهذا فإن بطلان صحيفة افتتاح الخصومة يؤدي إلى بطلان غالبية الأعمال في الخصومة فإذا قضت المحكمة ببطلان هذه الصحيفة ، ترتب على ذلك بطلان الحكم الصادر في الموضوع على أن بطلان هذه الصحيفة لا يؤدي إلى بطلان الحكم الصادر ببطلانها، ذلك أن صحة الصحيفة ليس مفترضاً قانونياً لصحته. ومن ناحية أخرى ، فإن الحكم ببطلان شهادة شاهد لا يؤدي إلى بطلان تقرير خبير لاحق ولو تعلق بنفس الواقعة ، وبطلان الحكم لا يؤدي إلى بطلان إعلانه . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الأول ، الصفحة : 901 )
تحول العمل الباطل :
يختلف نص المادة 24 الماثل عن نص المادة 144 من القانون المدني في أن النص الأول يتعلق بتحول الإجراء أو العمل القانوني الباطل إلى إجراء آخر صحيح، بينما يتعلق النص الثاني بتحول العقد كتصرف قانوني إلى عقد آخر صحيح ولكل من النصين مجال يغاير مجال الآخر لذلك لا طائل من الوقوف على أحكام النص الذي أورده القانون المدني طالما أن البحث ينحصر في تحول الإجراء الباطل.
فإذا كان الإجراء باطلاً وتوافرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يكون ۔ صحيحاً باعتباره الإجراء الذي توفرت عناصره، ويشترط لتحول الإجراء الباطل إلى آخر صحيح ما يلي :
1- أن يكون هناك إجراء مشوباً بالبطلان لأي سبب من الأسباب القانونية التي توجب القضاء ببطلانه، فإن لم يتوفر هذا البطلان أمتنع إعمال المادة 24 من قانون المرافعات ، مثال ذلك أن إعلان الحكم للمحكوم عليه المعلوم موطنه في الخارج يجب أن يتم لشخصه أو في موطنه وإلا كان باطلاً ، فإذا رد الإعلان لعدم إتمامه نظراً لوجود المطلوب إعلانه في بلدة يحتلها العدو ، فإن الإعلان لا يكون قد تم ومن ثم فلا بطلان، ومتی أعلن في مواجهة النيابة، كان الإعلان مبتدئاً ولم يسبقه إعلان باطل فينأى عن حكم المادة 24 سالفة البيان.
أما إن توافر البطلان في الإجراء، ولكن ذات الإجراء توفرت فيه عناصر إجراء آخر تم التحول. مثال ذلك أن الإستئناف الفرعي أو المقابل يرفع من المستأنف عليه إما بالإجراءات المعتادة لرفع الإستئناف أو بمذكرة مشتملة على أسبابه ، ولا يشترط لرفعه میعاد معين، بحيث إن رفع من غير المستأنف عليه كان باطلاً ما لم يتحول إلى إستئناف أصلي مستوفي كافة عناصر هذا الإستئناف الأخير وتتمثل هذه العناصر في صحيفة إستئناف مستوفية كافة البيانات المقررة لها وأن تودع قلم كتاب محكمة الإستئناف خلال الميعاد المحدد للاستئناف وأن يوقع عليها محام مقبول للمرافعة أمام تلك المحكمة، ولما كان المقرر أن لطالب التدخل أمام محكمة الدرجة الأولى الحق في إستئناف الحكم الصادر بعدم قبول تدخله ويصبح بهذا الحكم خارجاً عن نطاق الخصومة في الدعوى فلا يختصم في الإستئناف ولذلك لا يجوز له رفع إستئناف فرعي، فإن فعل كان إستئنافه باطلاً إلا إذا رفعه بالطرق المعتادة لرفع الإستئناف وإستوفی كافة العناصر المقررة قانوناً وحينئذ يتحول الإستئناف الفرعي إلى إستئناف أصلي مستوف شرائطه تلتزم المحكمة بالتصدي له دون أن تقضي ببطلانه أو بعدم قبوله، ولما كان الإجراء الذي يرفع به الإستئناف يتعلق بالنظام العام، كان للمحكمة التصدي للبطلان والتحول من تلقاء نفسها لتقضي بقبوله أو بعدم قبوله حسبما يسفر عنه بحثها.
2 - أن تتوفر في ذات الإجراء عناصر من شأنها أن تجعله إجراءً صحيحاً وذلك بعد استبعاد العناصر المشوبة بالبطلان، وهو ما يحول دون القضاء ببطلانه أما إذا وجدت المحكمة أن العناصر الباقية من الإجراء لا تكفي لوجود إجراء آخر صحيح يتحقق به نفس الغاية من الإجراء الباطل، قضت بالبطلان، مثال ذلك في المثال المتقدم، أن يرفع الإستئناف الفرعي مذكرة مشتملة على أسبابه، لأن المصرح له يرفعه بهذا الطريق هو المستأنف عليه ومن ثم يبطل الإستئناف الفرعي ولا يتحول لإستئناف أصلي لأن عناصره ليس من شأنها أن تجعله إستئنافاً أصلياً.
كذلك الحال إذا كانت صحيفة الدعوى مشوبة بالبطلان ولكنها تضمنت إجراء آخر من إجراءات الإثبات متمثلاً في إقرار صادر من المدعى توافرت له شروط صحته ، فإن التحول يمتنع إذ ليس من شأن هذا الإجراء الصحيح تحقق الغاية من الإجراء الباطل فلن تنعقد به الخصومة ، ولذلك يجب القضاء بالبطلان.
وإذا توافر في الدين شروط إستصدار أمر بالأداء ، فإن الدعوى التي ترفع بطلب هذا الدين تكون غير مقبولة لكن إعلانها يتحول إلى تكليف بالوفاء متی توافرت عناصر هذا التكليف في إعلان الصحيفة.
3 - إذا تعلق البطلان بالنظام العام، كما في المثال المتعلق بالإستئناف الفرعي سالف البيان، تصدت المحكمة من تلقاء نفسها له وللتحول، ولكل ذي مصلحة التمسك به وللنيابة العامة إن كانت ممثلة في الدعوى الدفع به ، أما إن كان البطلان غیر متعلق بالنظام العام، فلا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر لمصلحته ، فإذا تمسك به فإن تحول الإجراء بدوره لا يكون متعلقاً بالنظام العام ومن ثم لا تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها ويتعين عليها الأخذ بالدفع والقضاء ببطلان الإجراء إلا إذا رد مباشر الإجراء بتحوله إلى إجراء آخر صحيح وحينئذ يلتزم بيان العناصر التي تؤدي إلى ذلك، فإن لم يفعل قضت ببطلان الإجراء.
وتقدير كفاية العناصر التي تؤدي إلى تحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح من مسائل القانون التي يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض.
4 - يجب ألا تتعدد الإجراءات، بل يجب أن نكون بصدد إجراء واحد هو ذاته باطل وهو ذاته توافرت فيه عناصر تجعل منه ، ذاته، إجراء صحيحاً كما في المثال المتقدم، أما إذا تعددت الإجراءات وكان أحدها باطلاً وتلاه إجراء صحيح، فإننا نكون بصدد تصحيح لإجراء باطل، مثال ذلك أن تكون صحيفة الدعوى باطلة وتلاها طلب عارض رفع بالطريق المعتاد لرفع الدعوى، فإن الصحيفة تكون باطلة ولا تتحول إلى الإجراء الآخر الصحيح وهو الطلب العارض، إذ يعتبر هذا الطلب الذي رفع بالطريق المعتاد لرفع الدعوى بمثابة دعوی مستقلة تلتزم المحكمة بالفصل فيه دون إعتداد ببطلان صحيفة الدعوى.
انتقاص الإجراء الباطل :
الإجراء، أو العمل القانوني، إما أن يكون صحيحاً ككل أو باطلاً ككل أو مزيجاً من الصحة والبطلان، فيكون صحيحاً في بعض أجزائه وباطلاً في بعضها الآخر، بحيث لا تتأثر الأجزاء الصحيحة بالأجزاء الباطلة، فتبقى الأجزاء الصحيحة على صحتها منتجة كافة آثارها القانونية، ويكون الإجراء ككل قد إعتراه إنتقاص باستبعاد الأجزاء الباطلة، ولا يرد الإنتقاص إلا على الإجراء المركب من أجزاء قابلة للتجزئة أو الإنقسام ويترتب على بطلان جزء من هذا الإجراء بطلان هذا الجزء وحده ، أما إن كان الإجراء لا يقبل التجزئة ، فإن ما يشوبه من بطلان يمتد إلى الإجراء ككل.
فإذا تعدد المدعى عليهم، وإنقطع سير الخصومة بالنسبة لأحدهم دون إختصام من قام مقامه، أدى ذلك إلى بطلان الإجراءات اللاحقة على الإنقطاع ومنها الحكم وذلك بالنسبة لمن قام مقام من تحقق في شأنه سبب إنقطاع، وتظل الإجراءات اللاحقة صحيحة بالنسبة للباقين.
أما إن كان الإجراء لا يقبل التجزئة أو الانقسام أو يوجب القانون إختصام أشخاص معينين، كما في دعوى الشفعة، فإن بطلان الإجراء بالنسبة لأحد الخصوم يترتب عليه بطلانه بالنسبة للباقين، وذلك على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 218.
فإذا تحقق سبب الانقطاع على نحو ما تقدم، ثم صدر حكم تمهيدي بندب خبير في الدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره صدر الحكم الموضوعي ، فإن جميع هذه الإجراءات المتمثلة في الحكم التمهيدي وتقرير الخبير والحكم النهائي تكون قد اتخذت في فترة انقطاع سير الخصومة فتصم بالبطلان بالنسبة لمن قام مقام من تحقق في شأنه سبب الانقطاع، ويكون له الطعن في الحكم والتمسك ببطلانه ، فإن كان الحكم مما يقبل الانقسام كما في دعاوى الملكية والدائنية فإن المحكمة تتصدى لبطلان شق الحكم المتعلق بمن قام مقام من تحقق في شأنه سبب الانقطاع، فتقضى ببطلان هذا الشق وحده وتستمر في التصدي للموضوع بإجراءات صحيحة، فإن احتاج النزاع لندب خبير أصدرت حكماً جديداً بذلك فلا تعول على التقرير السابق لاتخاذه في فترة الانقطاع وبرفع الطعن يكون من قام مقام من تحقق في شأنه سبب الانقطاع قد مثل بإجراء صحيح، ولا تلتزم المحكمة عندما تستمر في نظر الموضوع بعد تقرير البطلان بالقضاء السابق إذا كان باقي المدعى عليهم لم يطعنوا عليه وأصبح نهائياً بالنسبة لهم، ولها أن تقضي على خلاف ما تضمنه.
أما إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين ، فإن بطلان شق من الحكم يترتب عليه بطلان باقي أجزائه ويحاج الجميع بهذا البطلان على التفصيل الذي أوضحناه بالمادة 218.
أثار البطلان على الإجراءات السابقة واللاحقة :
يظل الإجراء صحيحاً منتجاً لكافة آثاره القانونية ولو كان مشوباً ببطلان ظاهر، إلى أن يقضي ببطلانه ويصبح هذا القضاء نهائياً ، فإذا ما صدر هذا الحكم، فإنه ينحصر في نطاقه فلا يبطل إلا الإجراء الذي قضى ببطلانه، ومن ثم تظل الإجراءات السابقة على حكمها من حيث الصحة والبطلان، فإن وجد إجراء سابق وكان صحيحاً ظل على صحته ، أما إن كان باطلاً ولم يسقط الحق في التمسك ببطلانه ظل على بطلانه ، ذلك لأن القضاء ببطلان إجراء معين لا يطهر الإجراءات السابقة عليه من شوائبها وإن اعتبرت صحيحة لسقوط الحق في التمسك ببطلانها أو لعدم التمسك بهذا البطلان.
كذلك الحال بالنسبة للإجراءات اللاحقة، فإن كانت صحيحة ظلت على صحتها، ما لم تكن مبنية على الإجراء الباطل فتأخذ حكمه باعتبارها مستندة إليه ومرتبطة به ارتباط السبب بالمسبب ويستحيل قيامها مستقلة عنه، مثال ذلك صدور حکم بندب خبير في فترة انقطاع سير الخصومة دون مثول من قام مقام من تحقق في شأنه سبب الانقطاع، فإن هذا الحكم يكون باطلاً ويلحقه في البطلان تقرير الخبير إذ لولا صدور هذا الحكم ما كان هناك تقریر ، وإذا صدر الحكم المنهي للخصومة مستنداً في قضائه إلى هذا التقرير كان بدوره باطلاً لابتنائه على إجراء باطل هو تقرير الخبير، أما إذا صدر الحكم الأخير ولم يعول على تقرير الخبير وإنما أخذ بما قدم في الدعوى من مستندات أو أخذاً بأقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة أو بغير ذلك من الأدلة المستقلة عن تقرير الخبير وأقامت قضاءها على ذلك، فإن البطلان السابق لا يمتد إلى قضائها حتى لو كانت تلك الأدلة قد استند الخبير إليها في تقريره طالما أن المحكمة طرحت هذا التقرير.
ومتى خلصت المحكمة إلى بطلان الإجراء بناء على تمسك الخصم به، فإن لها أن تتصدى لكافة الإجراءات اللاحقة للوقوف على صحتها أو بطلانها من تلقاء نفسها إذ ينطوي التمسك ببطلان الإجراء على التمسك ببطلان الإجراءات اللاحقة المبنية عليه ، ولا تكون المحكمة بذلك قد فصلت فيما لم يطلبه الخصوم.
ويترتب على القضاء ببطلان الإجراء زوال آثاره القانونية، فإن تمثل الإجراء في إعلان حكم فلا يبدأ به ميعاد الطعن وإن تمثل في صحيفة دعوی فلا ينقطع التقادم، وهكذا . .)المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء الأول/ الصفحة : 427 )
آثار البطلان :
القاعدة العامة اعتبار الإجراء الباطل كأن لم يكن وعدم إنتاجه أي أثر واستثناءان من القاعدة :
لايقع البطلان بقوة القانون حتى ولو تعلق بالنظام العام، وإنما يشترط أن يحكم به القاضي ( جارسونيه وسيزار برو - المرافعات - ج 2 بند 56 ص 106، فتحى والى - الوسيط بند 254 ص 417، إبراهيم سعد بند 303 ص 758 ) ، ولايرتب البطلان آثاره إلا إذا حكم به، إذ يعتبر العمل الإجرائي صحيحاً منتجا لآثاره في الخصومة حتى يقرر القاضي بطلانه، وهذه قاعدة عامة تسري أيا كان نوع البطلان سواء تعلق بالمصلحة الخاصة أم بالنظام العام، وإذا حكم ببطلان عمل ما، فالقاعدة أن هذا العمل لاينتج أي أثر، ويعتبر كأن لم يكن على أنه قد تترتب - رغم البطلان وعلى سبيل الاستثناء بعض الآثار القانونية، وهذه قد تكون آثار عمل آخر يتحول إليه العمل الباطل، وقد تكون بعض آثار نفس العمل ينتجها العمل رغم بطلانه، وهو ماقننه المشرع في المادة 24 سالفة الذكر.
فيظل العمل الإجرائي صحيحاً منتجاً لآثاره حتى يتقرر بطلانه بحكم القضاء، سواء كان البطلان منصوصاً عليه صراحة أو غير منصوص عليه، وسواء كان العيب الذي شابه ذاتياً أي وارداً على العمل الإجرائی ذاته أو مستمداً من بطلان عمل آخر .
إذن القاعدة العامة أنه إذا حكم ببطلان العمل الإجرائي، فإن العمل يعتبر كأن لم يكن ولاينتج أي أثر، فمثلاً إذا حكم ببطلان صحيفة الدعوى فإن جميع آثار المطالبة القضائية تعتبر كأن لم تكن وتعتبر مدة التقادم - إن كان هناك ميعاد تقادم - كأن لم تنقطع، ولاتسرى الفوائد التأخيرية وغير ذلك من الآثار التي تترتب على تقديم صحيفة الدعوى .
ولكن هذه القاعدة العامة يرد عليها استثناءان، إذ رغم تقرير البطلان، فقد تترتب على الإجراء بعض الآثار القانونية إذا توافرت في الإجراء الباطل عناصر إجراء آخر صحيح، أو إذا كان هذا الإجراء عملاً مركباً يقبل التجزئة وكان شق منه صحيحاً ، فتترتب الآثار بالنسبة لهذا الشق الصحيح، ويعبر عن ذلك بتحول الإجراء الباطل أو انتقاصه، وسوف نوضح الاستثناء الأول من القاعدة المتمثل في تحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح والاستثناء الثاني المتمثل في انتقاصه .
الاستثناء الأول تحول الإجراء الباطل إلى إجراء آخر صحيح وفقاً للفقرة الأولى من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - فإنه إذا كان الإجراء باطلاً ، فإنه يجوز أن يتحول إلى إجراء صحيح إذا كانت العناصر الباقية غير المعيبة يتوافر بموجبها إجراء آخر صحيح، ويعتبر التحول في هذه الحالة تكييفاً جديداً للعناصر غير المعيبة، فإذا توافرت فيه عناصر إجراء آخر، وجب الاعتداد بهذا الإجراء الآخر ( إبراهيم سعد - بند 304 - ص 760، فتحی والی - بند 254 ص 417 ) .
ويعتبر تحول الإجراء الباطل إلى إجراء آخر صحيح تطبيقاً لفكرة تحول العقد المنصوص عليها في المادة 144 من القانون المدني مع ملاحظة الفارق بين الحالتين، إذ يلاحظ الخلاف الجوهري بين حكم الفقرة الأولى من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - التي تتناول تحول الإجراء الباطل وبين المادة 144 من التقنين المدني التي تتناول تحول التصرف القانوني الباطل، إذ أن هذه المادة الأخيرة تشترط لإمكان تحول التصرف القانوني الباطل إلى تصرف قانونی صحیح تتوافر فيه عناصره أن يثبت أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى هذا العقد الصحيح، وهو شرط خلت منه الفقرة الأولى من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - ومن ثم فلا يشترط لتحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح تتوافر فيه عناصره ثبوت إرادة محتملة لمن قام بالإجراء أو خصمه بل يكفي أن تتوافر في العمل المعيب عناصر عمل إجرائي آخر صحيح فيعتبر صحيحاً باعتباره العمل الأخير ولو ثبت أن نية من قام بالعمل المعيب ما كانت لننصرف إلى العمل الصحيح، وهو أمر طبیعی مترتب على تكييف العمل الإجرائي بأنه عمل قانوني بالمعنى الضيق أي من الأعمال القانونية التي يكتفي القانون باتجاه الإرادة إليها ثم يستقل بتحديد آثارها دون اعتداد بإرادة من قام به ( رمزی سیف - بند 400 ص 5۰3، كمال عبدالعزيز ص 113 وص114 ) .
ومن أمثلة تحول الإجراء الباطل إلى إجراء صحيح ماقضت به محكمة النقض بأنه لا خطأ في اعتبار صحيفة تجديد الدعوى من الشطب دعوی جديدة متى استوفت بيانات صحيفة الدعوى.
( نقض 22/2/1975 ، في الطعن 431 سنة 41.)
ومن أمثلة التحول أيضاً تحول حلف اليمين الحاسم الباطل لعيب شكلي إلى إقرار قضائي صحيح ( فتحی والی - نظرية البطلان - ص 652 ) وتحول الصلح غير الموثق من المحكمة لرجوع أحد الطرفين فيه إلى بیان كتابی صریح يقرر فيه المدعي - بموافقة المدعى عليه - تركه الخصومة .
( نقض 27/2/1973 سنة 24 ص 336 ) .
ومثال ذلك أيضاً تحول الاستئناف المقابل إلى استئناف أصلي إذا توافرت فيه شروط هذا الأخير، أو تحول الطلب العارض إلى طلب اصلی إذا كان مستوفياً شروط الطلب الأصلي وكذلك إذا سلم المحضر صورة الإعلان في موطن غير موطن المعلن إليه وتصادف استلام المعلن إليه الصورة، فإن الإعلان في غير موطن المعلن إليه - وهو إعلان باطل - يتحول إلى إعلان صحيح لشخص المعلن إليه ( سوليس وبيرو - ج 1 - بند 369 ص 337 ، إبراهيم سعد - بند 304 ص 761 ) .
الاستثناء الثاني : انتقاص الإجراء الباطل : ويقصد بالانتقاص أن الإجراء المعيب ينتج بذاته رغم ذلك بعض الآثار التي ينتجها لو كان صحيحاً ، فيعني انتقاص العمل الإجرائي الباطل أن بعض عناصر العمل الإجرائي صحيحة رغم بطلان العمل، فينتج الشق الصحيح بعض الآثار القانونية للعمل الباطل، وقد نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - بقولها (( إذا كان الإجراء باطلاً في شق منه فإن هذا الشق وحده هو الذى يبطل )) .
ويحدث الانتقاص في الحالة التي يكون فيها العمل الإجرائی مركباً من عدة أجزاء قابلة للانقسام، ويكون أحد الأجزاء معيباً، فتبقي الأجزاء الأخرى صحيحة وهذه الصورة هي التي نص عليها القانون في المادة 24 / 2 مرافعات سالفة الذكر ومثالها أن يصدر حكم في أكثر من موضوع، ويطعن المحكوم عليه بالنسبة لشق منه فقط، فتقضي المحكمة ببطلان الحكم المطعون فيه فعندئذ يكون الحكم صحيحاً بالنسبة لما لم يطعن فيه، باطلاً بالنسبة لما طعن فيه وقضى فيه بالبطلان ( موریل - بند 677 ص 521 ، جابيو - بند 1151 ص 739، فتحی والی - بند 254 ص 418 ) .
وواضح أن الانتقاص طبقاً للفقرة الثانية من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - لايرد إلا على العمل الإجرائي المركب من أجزاء قابلة للتجزئة أو الانقسام دون العمل الإجرائي البسيط أو غير القابل للتجزئة أو الانقسام، فتعيب شق من العمل الإجرائي من هذا النوع الأخير يؤدی إلى بطلان العمل الإجرائي كله.
( نقض 17/5/1977 فى الطعن 698 لسنة 42، نقض 12/11/1955 سنة 6 ص 1956، نقض 28/5/1955 سنه 6 ص 1178، فتحی والی - بند 373 ، رمزی سیف بند -597، نصر الدين كامل وعبدالعزيز يوسف في المدونة الجزء الثانی بندی 870 و955 وكمال عبدالعزيز ص114، وقارن احمد ابو الوفا في المدونة بند 955 ونظرية الدفوع بند 157 ) .
ومع ذلك يرى البعض في الفقه أن الانتقاص يحدث في حالة كون العمل الإجرائي بسيطاً ولكنه متعدد الآثار، فيحقق بعض آثاره رغم بطلانه، ولم ينص القانون المصرى على هذه الحالة ولكن وفقاً لهذا الرأی يمكن الأخذ بها دون نص تطبيقاً للقواعد العامة، ومن أمثلتها أن المطالبة القضائية رغم بطلانها يلتزم القاضي بإصدار حكم فيها ولو ببطلانها والا اعتبر منكرا للعدالة ( فتحی والی - الوسیط - بند 254 ص 418 ) .
ويتفق التحول مع الانتقاص في أن كل منهما يؤدى إلى ترتيب بعض الآثار رغم حالة البطلان، ولكنهما يختلفان في أنه في التحول تترتب آثار إجراء آخر تتوافر عناصره في الإجراء الباطل، في حين أن الآثار التي تترتب في الانتقاص إنما تترتب لأجزاء صحيحة من هذا الإجراء الباطل ( رمزي سيف - بند 400 ص 504، فتحی والی - بند 254 ص 417 و 418 إبراهيم سعد - بند 304 ص 761 ) .
وجدير بالذكر أن قانون المرافعات في المادة 24 منه - محل التعليق - لم يورد ما يتضمنه نص المادة 143 من التقنين المدني من عدم جواز الانتقاص، إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الباطل فيتعين بطلان العمل كله ولو كان قابلاً للانقسام ، ومن ثم فلا محل لإعمال هذا القيد بالنسبة إلى الأعمال الإجرائية، ذلك أن هذا القيد يرجع بالنسبة إلى التصرفات القانونية إلى أن الإرادة تستقل بتحديد آثارها، ويكون الانتقاص في شأنها إعمالاً للإرادة المفترضة للمتعاقدين برضائهما الاقتصار على آثار الأجزاء الصحيحة، ومن ثم ينتقي مبرر الانتقاص متي ثبت عكس هذه الإرادة المفترضة بثبوت أن الشق المعيب كان هو الدافع إلى التعاقد كله وواضح أنه لامحل لكل ذلك بالنسبة إلى الأعمال الإجرائية التي يستقل القانون بتحديد آثارها ( كمال عبدالعزيز ص 114 وص 115 ) .
أثر بطلان الإجراء على الإجراءات السابقة عليه أو اللاحقة له : نصت الفقرة الثالثة من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - على أنه لا يترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه أو الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه، وهذه الفقرة تعالج تأثیر بطلان العمل الإجرائي في أعمال الخصومة الأخرى، سواء ماسبقته أو ما تلته من أعمال، وواضح من نص هذه الفقرة أنه لا أثر لبطلان الإجراء على الإجراءات السابقة عليه ولا على الإجراءات اللاحقة إذا لم تكن مبنية عليه وذلك على النحو التالي :
أولاً : لا أثر لبطلان الإجراء على الإجراءات السابقة عليه : إذ القاعدة أن إعمال الخصومة السابقة على العمل الباطل لا تتأثر بهذا البطلان، متى تمت في ذاتها صحيحة ( موريل - بند 421 ص 331، فتحی والی - بند 255 ص 418 ) ولهذا إذا بطل عمل من أعمال التحقيق فإنه لايؤثر في صحيفة افتتاح الدعوى، وبطلان إعلان الحكم لايؤثر في صحة الحكم .
والإجراءات السابقة على الإجراء الباطل، لاتتأثر ببطلان العمل اللاحق لأن شرط صحته لايرتبط - حتى من حيث المنطق - بصحة العمل اللاحق وينبني على ذلك أن بطلان إعلان الصحيفة لايبطل الصحيفة ذاتها بدلیل أنه يجوز إعادة إعلان نفس الصحيفة بشرط أن يتم الإعلان في الميعاد ( ابراهيم سعد - بند 303 ص 759 ) .
ومع ذلك يقول البعض في الفقه أنه قد يترتب على بطلان إجراء بطلان أعمال سابقة عليه إذا نص القانون صراحة على ذلك، ومثال ذلك ما توجبه المادة 175 من إيداع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه والموقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً ( أحمد أبوالوفا - المرافعات ص 458 هامش ) .
ثانياً : بطلان الإجراء يؤدى إلى بطلان الإجراءات اللاحقة المرتبطة به دون الإجراءات المستقلة عنه : واضح من نص الفقرة الثالثة من المادة 24 مرافعات - محل التعليق - أنه لا اثر لبطلان الإجراء على الإجراءات اللاحقة عليه المستقلة عنه وغير المرتبطة به، فالقاعدة في هذا الشأن هي أن بطلان العمل الإجرائي يؤدي إلى بطلان الأعمال اللاحقة المرتبطة به دون الأعمال المستقلة عنه ( فتحی والی - نظرية البطلان - بند 382 ص 675 ومابعدها ) ، والمقصود بالارتباط الارتباط القانونی الذي يجعل العمل السابق مفترضاً قانونياً لصحة العمل اللاحق، وتطبيقاً لهذا فإن بطلان صحيفة افتتاح الخصومة يؤدي إلى بطلان غالبية الأعمال في الخصومة ( موریل - بند 412، ص 331 ، فتحی والی - الوسيط - بند 255 ص 419 ) على أن بطلان هذه الصحيفة لايؤدي إلى بطلان الحكم الصادر ببطلانها، ذلك أن صحة الصحيفة ليست مفترضاً قانونياً لصحته ومن ناحية أخرى، فإن الحكم ببطلان شهادة شاهد لايؤدي إلى بطلان تقرير خبير لاحق ولو تعلق بنفس الواقعة ( فتحی والی - الوسيط - بند 255 ص 419 ) .
إذن ينبغي التفرقة بين الإجراءات اللاحقة المستقلة عن العمل الباطل والإجراءات اللاحقة المبنية عليه، ويقصد بهذه الأخيرة التي ترتبط ارتباطاً قانونياً بالعمل الباطل بحيث يعتبر العمل السابق الذي بطل شرطاً لصحة العمل اللاحق عليه، ( المذكرة الإيضاحية للقانون ) وعلى ذلك بطلان صحيفة الدعوى يؤدى إلى بطلان غالبية الأعمال المكونة للخصومة لأن هذه الأخيرة قد نشأت معيبة ( سوليس وبيرو - ج ۱ - بند 421، ص 390، إبراهيم سعد - بند 303 ص 759 ) أما إذا كان الإجراء اللاحق مستقلاً عن الإجراء الباطل فلا يترتب على ذلك بطلانه، وتطبيقاً لذلك لا يبطل إجراء إثبات لاحق مثل تقرير خبير إذا كان الإجراء السابق باطلاً ما دام صحة الإجراء السابق لا تعتبر شرطاً لصحة العمل اللاحق عليه ( إبراهيم سعد - الإشارة السابقة ) .
فيلاحظ بالنسبة إلى الأعمال اللاحقة أن العبرة بالارتباط الذي يجعل من العمل السابق شرطاً لصحة العمل اللاحق، كصحيفة افتتاح الدعوى بالنسبة لغالبية الأعمال الإجرائية في الخصومة، أما إذا كان العمل اللاحق مستقلاً عن العمل السابق الذي تقرر بطلانه فلا تأثير عليه من هذا البطلان، فترك الخصومة من المدعى والحكم الصادر بتقرير هذا الترك يظلان صحيحين ولو كانت صحيفة افتتاح الدعوى باطلة، وبطلان الحكم، لا يؤدي إلى بطلان إعلانه، وبطلان الشهادة لا يؤدي إلى بطلان تقرير الخبير الذي سمعها .
وإذا كان لا يكفي مجرد الارتباط المنطقي بين العملين وإنما يلزم الإرتباط القانوني بينهما على النحو السالف، فإنه لا يكفي من باب أولى مجرد تأثير العمل الباطل في العمل اللاحق الصحيح ( كمال عبد العزيز ص 115 وص 116 ) .
جواز إعادة الإجراء الباطل : وجدير بالذكر أنه إذا حكم ببطلان الإجراء، فإن هذا الحكم لا يؤثر في حق الخصم في إعادة الإجراء الباطل وعلى ذلك لا يمس الحكم بالبطلان أصل الحق ( سوليس وبيرو - ج ۱ - بند 422 ص 390، إبراهيم سعد - بند 303 ص 759 ) ومع ذلك قد يترتب على الحكم ببطلان عمل إجرائي معين المساس بطريق غير مباشر بحق الخصم في إعادة هذا الإجراء ومثال ذلك إذا حكم ببطلان صحيفة الاستئناف، ويتم ذلك في الغالب بعد انقضاء الميعاد المقرر للطعن فإنه يترتب على ذلك سقوط الحق في الطعن بما يؤثر بطريق غير مباشر في أصل الحق المتنازل عليه ( إبراهيم سعد - بند 303- ص 760 ) . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الأول ، الصفحة : 733 )
المقصود بالتحول هو الإجراء الباطل إلي إجراء صحيح وذلك إذا توفرت في الإجراء عناصر إجراء آخر فإن الإجراء يصح باعتباره الإجراء الأخر الذي توفرت عناصره مثال ذلك إذا حكم ببطلان صحيفة الدعوى فإن الطلب العارض يسقط تبعاً لذلك أما إذا كان هذا الطلب العارض مستوفياً لعناصر طلب أصلي كما إذا قد رفع بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى أمام محكمة مختصة فإن الطلب العارض يصح باعتباره طلباً أصلياً وتفصل فيه المحكمة على هذا الاعتبار . وهذا ونص الفقرة الأولي من هذه المادة يعتبر تطبيقاً لفكرة تحول العقد التي نص عليها القانون المدني في المادة 44 مع ملاحظة أن آثار العقد تحكمها إرادة المتعاقد أما أثار الإجراء فلا تحكمها إرادة الخصم الذي اتخذه إليها نية متخذ الإجراء أو لم تنصرف. ويقصد بالانتقاص أن الإجراء إذا كان باطلاً في شق منه وصحيح في شق آخر بطل في الشق الأول وحده وصح في الشق الثاني ، وعلى هذا انصبت الفقرة الثانية من هذه المادة مثال ذلك أن يصدر حكم فاصل في أكثر من موضوع ويكون باطلاً بالنسبة لما قضي به في موضوع واحد فإنه يكون صحيحاً بالنسبة لما قضي به في الموضوعات الأخرى كذلك إذا رفعت الدعوى علي عدة مدعى عليهم ثم قام بأحد المدعى عليهم سبب من أسباب الانقطاع ولم يختصم فى الدعوى من قام مقامه فإن الحكم الذي صدر في الدعوى يبطل بالنسبة لهذا الخصم ويصح بالنسبة للأخرين وكذلك إذا رفعت الدعوى علي عدة أشخاص من بينهم قاصر فإن الحكم يكون باطلاً بالنسبة للقاصر وصحيحاً بالنسبة للباقين إلا إذا كانت الدعوى لا تقبل التجزئة ( الوسيط لرمزي سیف الطبعة الثامنة ص 501 وما بعدها ) .
ومؤدي ذلك أن الانتقاص لا يرد إلا على العمل الإجرائي المركب من أجزاء قابلة للتجزئة أو الانقسام دون العمل الإجرائي البسيط أو غير قابل للتجزئة أو الانقسام فتعييب شق من العمل الإجرائي من هذا النوع الأخير يؤدي إلي بطلان العمل الإجرائي كله ( فتحي والي بند 373 ورمزي سيف ص 502).
ومن المقرر أن العمل الإجرائي يظل صحيحاً منتجاً آثاره حتى يتقرر بطلانه بحكم القضاء سواء كان البطلان متعلقاً بالنظام العام أو كان غير متعلق به ، وسواء كان البطلان منصوصاً عليه صراحة أو غير منصوص عليه . وسواء كان العيب الذي شابه ذاتياً أي وارداً علي العمل الإجرائي ذاته أو مستمداً من بطلان عمل أخر ، كذلك فإن العمل الإجرائي الذي يتقرر بطلانه لا ينتج أي أثر فلا تقطع صحيفة الدعوى التقادم ولا يفتتح ، إعلان الحكم ميعاد الطعن وهي قاعدة مطلقة بالنسبة إلى الآثار التي ينتجها العمل لصالح من قام به ، إلا أن هذا العمل الذي تقرر بطلانه قد ينتج مع ذلك بعض الآثار ضد من قام بالعمل فالطاعن الذي لا يتمسك في صحيفة الطعن ببطلان صحيفة افتتاح الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه يسقط حقه في التمسك بهذا الدفع ولو قضى بعد ذلك ببطلان صحيفة طعنه . ( كمال عبد العزيز الطبعة الثالثة الجزء الأول ص 263) .
ومن المقرر وفقاً لصریح نص الفقرة الأخيرة أن بطلان العمل الإجرائي لا أثر له على الأعمال السابقة عليه متى تمت صحيحة في ذاتها ومؤدي ذلك أن بطلان إعلان الحكم لا يؤثر على صحة الحكم غير أن الحكم ببطلان صحيفة الدعوى يترتب عليه بطلان إعلان الإجراءات اللاحقة عليها باعتبارها مبنية عليها بما فيها الحكم الصادر في الدعوى (راجع حكم النقض رقم (1) الذي ورد في نهاية التعليق على هذه المادة ) كما أن بطلان صحيفة الطعن يرتب بطلان الحكم الصادر فيه غير أن بطلان الحكم لا يرتب بطلان الإجراءات السابقة عليه ( كتاب الدفوع لأبو الوفا رقم 179 ) كما أنه لا يؤثر بطلان الإجراء في الإجراءات التالية له إذا كان لها كيان مستقل بذاتها ولم تكن معتمدة عليه (المرجع السابق ).
ولا يجوز التمسك بالبطلان من الخصم الذي تسبب فيه طبقاً لما تنص عليه المادة 21 / 2 مرافعات.
وإذا كان العمل اللاحق مستقلاً عن العمل السابق الذي تقرر بطلانه فلا تأثير عليه من هذا البطلان فترك الخصومة من المدعي والحكم الصادر بقرير هذا الترك صحيحان ولو كانت صحيفة افتتاح الدعوى باطلة.
ويشترط في الأعمال اللاحقة التي تؤثر في العمل السابق وجود ارتباط يجعل العمل السابق شرطاً لصحة العمل اللاحق ولا يكفي مجرد الارتباط المنطقي بين العملين وإنما يلزم الارتباط القانوني بينهما وعلى ذلك فإن بطلان الحكم الابتدائي يؤدي إلي بطلان الحكم الاستئنافي الذي قضى بتأييده ( كمال عبد العزيز الجزء الأول ص 263) . ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار الطبوعات الجامعية، الجزء : الأول ، الصفحة : 397 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثامن ، الصفحة / 116
الْبَاطِلُ لاَ يَصِيرُ صَحِيحًا بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ :
التَّصَرُّفَاتُ الْبَاطِلَةُ لاَ تَنْقَلِبُ صَحِيحَةً بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنَفَاذِ التَّصَرُّفَاتِ الْبَاطِلَةِ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ وَعَوْدَتِهِ يُعْتَبَرُ قَائِمًا فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، وَلاَ يَحِلُّ لأَِحَدٍ الاِنْتِفَاعُ بِحَقِّ غَيْرِهِ نَتِيجَةَ تَصَرُّفٍ بَاطِلٍ مَا دَامَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ. فَإِنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لاَ يُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ يُحَرِّمُ حَلاَلاً.
هَذَا هُوَ الأَْصْلُ، وَالْقُضَاةُ إِنَّمَا يَقْضُونَ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُمْ مِنْ أَدِلَّةٍ وَحُجَجٍ يَبْنُونَ عَلَيْهَا أَحْكَامَهُمْ، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ.
وَلِذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ عَنْهُ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِمَا أَسْمَعُ، وَأَظُنُّهُ صَادِقًا، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.
وَمُضِيِّ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ عَلَى أَيِّ تَصَرُّفٍ، مَعَ عَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ إِلَى الْقَضَاءِ بِدَعْوَى بُطْلاَنِ هَذَا التَّصَرُّفِ، رُبَّمَا يَعْنِي صِحَّةَ هَذَا التَّصَرُّفِ أَوْ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِهِ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِهَا بِحَسَبِ الأَْحْوَالِ، وَبِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ، وَبِحَسَبِ الْقَرَابَةِ وَعَدَمِهَا، وَمُدَّةِ الْحِيَازَةِ، لَكِنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الَّتِي تَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى لاَ أَثَرَ لَهُ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ، إِنْ كَانَ بَاطِلاً. يَقُولُ ابْنُ نُجَيْمٍ الْحَقُّ لاَ يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ، قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ لِعَانًا أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ.
وَيَقُولُ يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمَسَائِلِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا، إِلاَّ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ قَضَى بِبُطْلاَنِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، أَوْ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِسُقُوطِ الْمَهْرِ بِالتَّقَادُمِ.
وَفِي التَّكْمِلَةِ لاِبْنِ عَابِدِينَ: مِنَ الْقَضَاءِ الْبَاطِلِ: الْقَضَاءُ بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُضِيِّ سِنِينَ. ثُمَّ يَقُولُ. عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلاَثِينَ سَنَةً، أَوْ بَعْدَ الاِطِّلاَعِ عَلَى التَّصَرُّفِ، لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلاَنِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقَضَاءِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى، مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ، حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ.
وَفِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لأَِنَّهَا شَهَادَةٌ بِحَقٍّ، فَجَازَتْ مَعَ تَقَادُمِ الزَّمَانِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ - وَإِنْ كَانُوا يَشْتَرِطُونَ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى حِيَازَةَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ مُدَّةً تَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ - إِلاَّ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمُدَّعِي حَاضِرًا مُدَّةَ حِيَازَةِ الْغَيْرِ، وَيَرَاهُ يَقُومُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُوَ سَاكِتٌ. أَمَّا إِذَا كَانَ يُنَازِعُهُ فَإِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُفِيدُ شَيْئًا مَهْمَا طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ لِمَالِكٍ رَجُلٌ اسْتَوْلَى عَلَى أَرْضٍ بَعْدَ مَوْتِ أَهْلِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، مَعَ وُجُودِ وَرَثَتِهِمْ، وَبَنَاهَا وَنَازَعَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَنْعِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ رُؤَسَاءِ بَلْدَتِهِمْ، فَهَلْ لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا؟ أُجِيبَ: نَعَمْ. لاَ تُعْتَبَرُ حِيَازَتُهُ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا... سَمِعَ يَحْيَى مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ عُرِفَ بِغَصْبِ أَمْوَالِ النَّاسِ لاَ يَنْتَفِعُ بِحِيَازَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ، فَلاَ يُصَدَّقُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ عَطِيَّةٍ، وَإِنْ طَالَ بِيَدِهِ أَعْوَامًا إِنْ أَقَرَّ بِأَصْلِ الْمِلْكِ لِمُدَّعِيهِ، أَوْ قَامَتْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْحِيَازَةَ لاَ تُوجِبُ الْمِلْكَ، وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ تُوجِبُ تَصْدِيقَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِيمَا ادَّعَاهُ مَنْ تَصِيرُ إِلَيْهِ؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ أَحَدٍ، وَهُوَ حَاضِرٌ لاَ يَطْلُبُهُ وَلاَ يَدَّعِيهِ، إِلاَّ وَقَدْ صَارَ إِلَى حَائِزَةٍ إِذَا حَازَهُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا.