loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

تنص المادة 34 على منح الاختصاص لمحاكم الجمهورية بالأمر بالإجراءات الوقتية والتحفظية التي تنفذ في الجمهورية ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية وهي منقولة عن المادة 863 من القانون الحالى وقد أريد بهذا النص أن يشمل الأحوال العينية والأحوال الشخصية على خلاف المادة 863 التي جاء حكمها مقصوراً على الحالة الثانية دون الاولى .

الإحكام

1- إن الحكم بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى لا يترتب عليه انقضاء الحق الذي رفعت به وإلا كان إنكارا لحق المدعيين في العدالة والانتصاف ، وترك الضرر يستقر حيثما وقع دون أن تتحمل الدولة المعتدية مسئولية ما ترتب على عدوانها ، وهو ما يشكل ظلما بينا للمدعيين ، فإن هذا الحكم لا يحول بينهم وبين مطالبة الحكومة المصرية بوصفها الهيئة التنفيذية والإدارية العليا والممثل الوحيد للدولة والمعبر عن سيادتها في علاقتها بأشخاص القانون الدولي ، باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية اللازمة على الصعيد الدولي وسلوك كافة السبل التي توفرها قواعد القانون الدولي بما يكفل الحصول للمدعيين على حقهم في التعويض عن الأضرار التي حاقت بهم من جراء قتْل القوات الفرنسية لمورثهم بعد أسره بالمخالفة لاتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكولات الملحقة بها وقواعد العرف الدولي الآمرة – على ما سلف بيانه – ، ذلك أن السعي الجاد لحماية حقوق المواطنين من عدوان دولة أجنبية لا يدخل في نطاق وظيفتها ومسئوليتها السياسية كسلطة تنفيذية فحسب ، بل يمثل التزاما أخلاقيا وإنسانيا ، فضلا عن أنه التزامٌ دستوريٌ وقانونيٌ على عاتق الدولة ، مما لا سبيل إلى إنكاره أو النكول به ، فهي كما تفرض سيادتها عن طريق أعمال السيادة التي لا تخضع لرقابة القضاء ، يجب أنْ تبْسط حمايتها على مواطنيها من كل عسف أو عدوان على حقوقهم سواء كان المعتدي من داخل الدولة أو خارجها ، وهو ما يأتي في صدارة واجبات الحكومة وأسمى وظائفها .

( الطعن رقم 2703 لسنة 87 ق - جلسة 15 / 6 / 2020 )

2- الاتفاقيات الدولية الجماعية لا تلزم إلا الدول أطرافها في علاقتها المتبادلة ، وهي الدول التي صدقت عليها علي النحو الذي يحدده تشريعها الداخلي وقامت بإيداع هذا التصديق بالطريقة التي توجبها كل اتفاقية ، بما مؤداه ، أن الدول التي لم تنضم إلي اتفاقية جماعية معينة تخضع في علاقاتها المتبادلة وفي علاقاتها مع الدول التي انضمت إليها للقواعد المقررة في القانون الدولي ، دون تلك التي نصت عليها الاتفاقية ، إذ لا يتصور أنْ تنشئ الاتفاقية التزامات أو حقوقا للدول غير الأطراف بدون موافقتها ، احتراما لسيادة تلك الدول ، كما أنه من غير المقبول أن تستفيد دولة من أحكام اتفاقية ليست طرفا فيها .

( الطعن رقم 2703 لسنة 87 ق - جلسة 15 / 6 / 2020 )

3- إذ كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم على سفير فرنسا بصفته الممثل القانوني لها ، بطلب التعويض عما لحقهم من أضرار بسبب قتل القوات الفرنسية مورثهم الضابط بالجيش المصري بعد أسره من هذه القوات خلال الحرب العدوانية التي شاركت فيها عام 1956 ، وبرغم أن المستندات المقدمة من الطاعنين وخاصة كتاب مفوض الهيئة الدولية للصليب الأحمر المؤرخ 29 / 4 / 1975 ، وكذلك الصادرة من وزارة الدفاع المصرية والشهادة التي تفيد منْح المورث نجمة الشرف فضلا عما ساقوه من قرائن يقْطع جميعها باستشهاده علي يد القوات الفرنسية بعد أسره ، ... ، وبرغم ثبوت مخالفة القوات الفرنسية لأحكام اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها - على النحو السالف البيان - بما يستوجب مسئولية الدولة الفرنسية عما قارفته قواتها المسلحة في حق مورث الطاعنين ، إلا أن الحصانة القضائية التي تتمتع بها الدولة الفرنسية تعفيها من الخضوع لولاية المحاكم المصرية ، ولا يؤثر في ذلك انضمام الدولة الفرنسية إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية التي نشرتْ وفتحت للتوقيع بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 2 / 12 / 2004 التي نصت في المادة 12 منها علي أنه ... ، لكل ما تقدم بيانه آنفا ، فإن هذه المحكمة لا تملك سوى تقرير عدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى والوقوف عند هذا الحد ، باعتبار ... ، فإن الحكم المطعون فيه إذ انطوى قضاؤه في موضوع الدعوى على قضاء ضمني باختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى ، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون ، بما يوجب نقضَه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى .

( الطعن رقم 2703 لسنة 87 ق - جلسة 15 / 6 / 2020 )

4- تمتع الشخص الطبيعى أو الإعتبارى الأجنبى بالحصانة القضائية وعدم الخضوع للقضاء الوطنى يمنع من إختصاص المحاكم المصرية ولائياً بنظر المنازعات الصادر في شأنها هذا الإعفاء ولو كانت لهذا الشخص إقامة في مصر وأن ما ورد في المواد من 29 - 35 من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968من اختصاص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التى ترفع على الأجنبي المقيم في مصر إنما يمثل الإطار العام الوارد في هذا القانون وبديهى أن يخرج عن هذا النطاق ما استثنى منه بقوانين خاصة تعفى الأجنبى من الخضوع للقضاء الوطنى سواء كانت تلك القوانين سابقة أو لاحقة على صدور قانون المرافعات إذ أن المقرر أن القانون العام لا يلغى قانوناً خاصاً إلا إذا نص على ذلك صراحة ومن أمثلة ذلك القوانين الصادرة بالموافقة على الإتفاقات والمعاهدات الدبلوماسىة من الخضوع للقضاء الإقليمى والقوانين الصادرة بالموافقة على الإتفاقيات والمعاهدات الدولية التى تقضى باختصاص القضاء المصرى بنظر الدعاوى التى ترفع على الأجنبى المقيم في مصر أو له محل إقامة مختار بها لما تتمتع به الهيئة المطعون ضدها من إعفاء من الخضوع للقضاء الإقليمى وارد على سبيل الحصر في الاتفاقية المعقودة بينهما وبين سلطة تشريعية في ذلك الوقت فأصبحت قانون المرافعات طالما لم ينص القانون الأخير على إلغائها .

( الطعن رقم 2248 لسنة 53 ق - جلسة 9 / 12 / 1993 )

شرح خبراء القانون

اختصاص المحاكم المصرية بالاجراءات الوقتية والتحفظية :

يستند المبدأ الذي أوردته المادة 34 من قانون المرافعات والذي يجعل الإختصاص للمحاكم المصرية بكافة الإجراءات الوقتية والتحفظية ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية، إلي قاعدة الأمن المدني التي أقرها فقه القانون الدولي الخاص، ومؤداها انعقاد الاختصاص للمحاكم المصرية وحدها بإصدار الأوامر الوقتية والتحفظية متى كان المراد بإستصدارها أن تنفذ في مصر وهو ما يتفق ونص المادة 298 من قانون المرافعات ، بحيث أن صدر أمر وقتي أو تحفظي من المحكمة الأجنبية المختصة بالدعوي الأصلية الموضوعية ، فلا يجوز تنفيذه في مصر، مثال ذلك أن نفقة الأقارب تخضع لقانون جنسية المدين بها وقد لا ينعقد الإختصاص بها للمحاكم المصرية ، وإلا أنها تختص بدعوى تقرير نفقة وقتية كإجراء وقتي ويطبق القاضي المصري في شأنها القانون المصري.

فإن كان الإجراء الوقتي يراد استصداره من المحاكم المصرية لتنفيذه بالخارج، كدعوي مستعجلة بفرض الحراسة القضائية علي عقاراً بالخارج، فإن هذا الإختصاص يخرج عن نطاق المادة 34 من قانون المرافعات ويخضع للقواعد العامة المقررة في الاختصاص الدولي للمحاكم المصرية والتي جاءت خلواً من عقد الإختصاص لتلك المحاكم. ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء / الأول الصفحة : 485 )

وفقاً للمادة 34 مرافعات - محل التعليق تختص المحاكم المصرية بالأمر بالإجراءات الوقتية والتحفظية التي تنفذ في الجمهورية ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلية، وقد يلزم اتخاذ هذه الإجراءات الوقتية أو التحفظية في مواد الأحوال العينية، مثل وضع الأختام والحراسة وبيع ما يخشى عليه من التلف، كما قد يلزم إتخاذ هذه الإجراءات في مواد الأحوال الشخصية ( عز الدين عبدالله ج 2 بند 191 ص 723) ، مثل الإجراءات التي تلزم أثناء دعوى التطليق أو الانفصال كالأمر بتسليم الزوجة الأشياء اللازمة لاستعمالها اليومي، وتقدير نفقة وقتية لها.

 وأساس اختصاص المحاكم المصرية بالأمر بهذه الإجراءات، أن المشرع قدر أن التراخي في القيام بمثل هذه الإجراءات التحفظية والوقتية إلى حين البت في النزاع الأصلي المرفوع أمام محكمة دولة أجنبية قد يكون فيه إضرار بمصالح الخصوم وضياع لحقوقهم ( فؤاد رياض وسامية راشد - الوجيز - مرجع سابق - ج 2 - بند 325 ص 366 ) ، ولذلك لم ترد  في تقرير اختصاص المحاكم المصرية بالأمر بها . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الأول  ،  الصفحة :  800 )

 وإذ قد يلزم اتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية في مواد الأحوال العينية كوضع الأختام ، أو فرض الحراسة أو الأمر ببيع ما يخشى عليه من التلف ، كما يلزم إتخاذها في مواد الأحوال الشخصية ومنها الإجراءات التي تتخذ أثناء دعوى التطليق أو الانفصال كالأمر بتسليم الزوجة الأشياء اللازمة لاستعمالها اليومي ، أو تقدير نفقة وقتية لها تأسيساً علي انتظار فصل المحكمة الأجنبية في النزاع الأصلي قد يضر بمصالح الخصوم ( عز الدين عبد الله بند 191 وفؤاد رياض بند 325) .

ومما هو جدير بالذكر أن العبرة في إنعقاد الاختصاص للمحاكم المصرية أن يكون تنفيذ الأمر في جمهورية مصر العربية وذلك دون نظر لجنسية طالب الأمر ولا ما إذا كان له موطن أو محل قانوني في مصر أم لا (مرافعات كمال عبد العزيز الجزء الأول من الطبعة الثالثة ص 295) . ( التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء / الأول ، الصفحة : 425 )