loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

وبالنسبة إلى إختصاص قاضي الأمور المستعجلة حذف المشروع الفقرة الأولى من المادة 49 من القانون القائم بعد أن إتجه إلى جعل نظر جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ من إختصاص قاضي التنفيذ دون غيره (المادتان 45 ، 275 ) .

الأحكام

1 ـ مفاد نص المادة 45 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن الطلبات المستعجلة سواء قدمت للقضاء المستعجل المختص نوعياً بنظرها أو للقضاء الموضوعى بالتبعية للطلبات الموضوعية المعروضة عليه ، يشترط للاختصاص بها أن يكون الإجراء المطلوب عاجلاً يخشى عليه من فوات الوقت وإلا يمس هذا الإجراء أصل الحق الذى يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعى . ويستقل القاضى المعروض عليه الطلب المستعجل بتقدير توافر شرط الاستعجال.

(الطعن رقم 791 لسنة 72 جلسة 2005/03/22 س 56 ص 266 ق 47)

2 ـ لما كان البين من الأوراق أنه سبق الاحتجاج فى دعوى النفقة رقم 192 لسنة 1986 أحوال شخصية بندر............ بوثيقة الزواج موضوع الطعن بالتزوير, وكانت هذه الدعوى من الدعاوى الموضوعية وليست من الدعاوى المستعجلة رغم نص المادة الأولى من القانون رقم 62 لسنة 1976 على نظرها على وجه الاستعجال, لاختلاف الدعوى المستعجلة عن الدعوى التي تنظر على وجه السرعة أو الاستعجال, إذ أن الوصف الأخير لا يجعل الدعوى تندرج فى المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت طبقاً لنص المادة 45 من قانون المرافعات ولا يعدو هذا الوصف أن يكون حثاً من المشرع للقاضي على عدم تأخير الفصل فى الدعوى, ولا يغير من طبيعة دعوى النفقة على هذا النحو أن الأحكام الصادرة فيها ذات حجية مؤقتة ذلك أن هذه الحجية تظل باقية طالما أن دواعي النفقة وظروف الحكم بها لم تتغير, وليس هناك ما يمنع قانوناً من الدعاء بتزوير مستند احتج به فى تلك الدعوى وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

(الطعن رقم 342 لسنة 63 جلسة 1998/03/30 س 49 ع 1 ص 289 ق 71)

3 ـ لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة بأن الأصل فى تحديد الاختصاص أنه من المسائل التى ينظمها قانون المرافعات فإنه يتعين الرجوع إلى أحكامه لبيان الجهة المختصة، وذلك فيما عدا الحالات التى وردت بشأنها نصوص فى قوانين أخرى رأى المشرع أن يخص بها دعاوى معينه خروجاً على القواعد العامة التى نظمها قانون المرافعات، فيجب الرجوع إلى تلك القوانين طالما بقيت سارية ولم تلغ بمقتضى نص خاص مثلما أو بنص صريح فى القانون العام، لما كان ذلك وكان النص فى المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع ورهن المحل التجارى على أنه " عند عدم الوفاء بباقى الثمن أو بالدين فى تاريخ استحقاقه ولو كان بعقد عرفى يجوز للبائع أو الدائن المرتهن بعد ثمانية أيام من تاريخ التنبيه على مدينه والحائز للمحل التجارية بالوفاء تنبيهاً رسمياً أن يقدم عريضة لقاضى الأمور المستعجلة فى المحكمة التى يوجد بدائرتها المحل بطلب الإذن بأن يباع بالمزاد العلنى مقومات المحل التجارى كلها أو بعضها التي يتناولها امتياز البائع أو الراهن _.." يدل على أن المشرع أجاز للدائن المرتهن عند حلول ميعاد استحقاق الدين دون سداد وبعد التنبيه على المدين بذلك أن يتقدم بعد ثمانية أيام من اتخاذ هذا الإجراء بطلب إلى قاضى الأمور المستعجلة فى المحكمة الواقع بدائرتها المحل المرهون للحصول على إذن يبيح بيع مقومات المحل التجاري المرهون، لما كان ذلك وكان قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر فى 7 مايو سنه 1968 والقوانين الصادرة المعدلة لبعض نصوصه لم يرد بها ما يتضمن إلغاء المادة السالفة الذكر، كما أن القانون التجارى قد صدر سنه 1883 أى قبل صدور القانون رقم 11 لسنة 1940 ومن ثم فلا محل لإعمال أحكامه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى على أنه بإعمال حكم المادة 78 من القانون التجارى بالتساند مع حكم المادة 45 من قانون المرافعات يختص قاضى الأمور الوقتية بإصدار الإذن ببيع المحل التجارى لمرهون رهناً رسمياً فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.

(الطعن رقم 3108 لسنة 57 جلسة 1995/01/23 س 46 ع 1 ص 230 ق 45)

4 ـ لئن كان صحيحاً أن دعوى الحراسة القضائية وهى إجراء مؤقت مستعجل لا يمس أصل الحق يختص قاضى الأمور المستعجلة بنظرها - طبقا لصدر المادة 45 من قانون المرافعات - إلا أنها إذا كانت مرفوعة بطريق التبع لدعوى الموضوع فإن محكمة الموضوع تختص بنظرها عملاً بعجز المادة 45 المشار إليها - سواء رفعت صحيفة واحدة مع دعوى الموضوع التى تعتبر تابعة لها أو رفعت دعوى الموضوع أولا ثم تبعتها بعد ذلك الدعوى المستعجلة بفرض الحراسة بصحيفة منفصلة أو بطريقة من الطرق المبسطة التى ترفع بها الطلبات العارضة من المدعى أو المدعى عليه أو من الغير بطريق التدخل ما دام أن هناك رابطة بين الطلب الموضوعى والطلب المستعجل بفرض الحراسة تجيز رفع هذا الطلب الأخير إلى محكمة الموضوع بطريق التبعية للطلب الأول.

(الطعن رقم 2862 لسنة 57 جلسة 1994/12/22 س 45 ع 2 ص 1643 ق 308)

5 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن قاضى الأمور المستعجلة يختص وفقاً لنص المادة 45 من قانون المرافعاتبالحكم بصفة مؤقتة و مع عدم المساس بالحق فى المسائل المستعجلة التى يخشى عليها من فوات الوقت فأساس إختصاصه أن يكون المطلوب الأمر بإتخاذ قرار عاجل و ألا يمس هذا القرار أصل الحق الذى يترك لذوى الشأن يناضلون فيه أمام القضاء الموضوعى فإذا تبين أن الإجراء المطلوب ليس عاجلاً أو يمس بأصل الحق حكم بعد إختصاصه بنظر الطلب و يعتبر حكمه لهذا منهياً للنزاع المطروح عليه بحيث لا يبقى منه ما يصح إحالته لمحكمة الموضوع أما إذا تبين المطلوب منه بحسب الطلبات الأصلية و المعدلة فصلاً فى أصل الحق فيتعين عليه أن يتخلى عن الفصل فى الدعوى و أن يحكم بعدم إختصاصه بنظرها و يحيلها لمحكمة الموضوع المختصة بالطلب المعروض عملاً بالمادتين 109 ، 110 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 1678 لسنة 52 جلسة 1989/03/27 س 40 ع 1 ص 857 ق 149)

6 ـ  المادة 45 من قانون المرافعات الواردة فى الفصل الخاص بالإختصاص النوعى يدل على أن الشارع قد أفرد قاضى المسائل المستعجلة بإختصاص نوعى محدد هو الأمر بإجراء وقتى إذا توافر شرطان : هما عدم المساس بالحق و أن يتعلق الإجراء المطلوب بأمر مستعجل يخشى عليه من فوات الوقت و هذا الإختصاص متميز عن الإختصاص النوعى للمحاكم الجزئية و الإبتدائية التى تختص بالفصل فى موضوع الأنزعة التى ترفع إليها و إذا رفعت الدعوى لقاضى المسائل المستعجلة بطلب إتخاذ إجراء وقتى و تبين له أن الفصل فيه يقتضى المساس بالحق أو أن الإستعجال مع خشية فوات الوقت غير متوفر قضى بعدم إختصاصه بنظر الدعوى و بهذا القضاء تنتهى الخصومة أمامه و لا يبقى منها ما يجوز إحالته لمحكمة الموضوع طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات أولاً لأن هذا القضاء يتضمن رفضاً للدعوى لعدم توافر الشرطين اللازمين لقبولها و هما الإستعجال و عدم المساس بالحق و ثانياً لأن المدعى طلب فى الدعوى الأمر بإتخاذ إجراء وقتى و هذا الطلب لا تختص به إستقلالاً محكمة الموضوع و لا تملك المحكمة تحويره من طلب وقتى إلى طلب موضوعى لأن المدعى هو الذى يحدد طلباته فى الدعوى .

(الطعن رقم 295 لسنة 43 جلسة 1977/12/21 س 28 ع 2 ص 1841 ق 315)

7 ـ قاضى الأمور المستعجلة و إن كان مختصاً أصلاً بالحكم بعدم الإعتداد بحجز ما للمدين لدى الغير إذا وقع لدين غير معين المقدار و بغير أمر من قاضى الأمور الوقتية إلا أن مفاد نص المادتين الأولى و الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإدارى أن لرئيس الجهة الإدارية طالبة الحجز أن يحدد الدين المراد الحجز به بحيث يقوم تحديده مقام التحديد الذى يجريه قاضى الأمور الوقتية - فإذا كان الثابت من الوقائع أن رئيس الجهة الإدارية الحاجزة قد أصدر أمراً بتحديد الدين و أن إجراءات الحجز الإدارى قد إتخذت بناء على هذا الأمر فإن قاضى الأمور المستعجلة لا يكون مختصاً بالنظر فى دعوى عدم الإعتداد بالحجز المبنية على هذا السبب و من ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ جانب هذا النظر يكون قد خالف القانون و يتعين نقضه

(الطعن رقم 17 لسنة 28 جلسة 1962/11/28 س 13 ع 2 ص 1068 ق 167)

8 ـ متى كان النزاع فى الدعوى يدور فى جوهره حول تحقق شرط الفسخ المتفق عليه فى عقد الايجار و قيام سببه و مدى صلته بإلتزامات المطعون عليها قبل الطاعنين و إقرارها بمصابرتها لهم فى المطالبة بأقساط الأجرة فى مواعيد إستحقاقها و تراخيها تبعاً لذلك فى التمسك بالشرط الفاسخ فى حينه وسكوتها زمنا طويلا مما يعدو منها عدولاً عن إستعماله ، فإن هذه المنازعات المتشابكة تتسم بطابع الجد بحيث لم يعد أصل الحق واضحاً وضوحاً يستطيع معه القاضى المستعجل أن يحميه بالإجراء المطلوب منه . فإذا كان الحكم المطعون فيه قد تغلغل فى هذه المنازعات وقضى فيها ورتب على ذلك رفض الدفع بعدم الإختصاص فإنه يكون قد جاوز قاعدة من قواعد الإختصاص النوعى يما يستوجب نقضه.

(الطعن رقم 372 لسنة 27 جلسة 1962/03/14 س 13 ع 1 ص 303 ق 47)

9 ـ لما كانت الأمور التى يختص القضاء المستعجل بالحكم فيها بحسب الشطر الأخير من المادة 28 من قانون المرافعات ذات طابع خاص هو الإستعجال الذى يبرر الحكم بإجراء لا يكون من شأنه المساس بأصل الحق كانت هذه الأمور فى عرف القانون نوعاً قائماً بذاته متميزاً بطبيعته عن سائر الدعاوى ومهما تعددت صورها فإنها تندرج تحت هذا النوع الواحد ، وعلى هذا الإعتبار جاء ذكر إختصاص القاضى الجزئى بالحكم فى الأمور المستعجلة فى المادة 28 من قانون المرافعات - القديم - الواردة فى الباب الأول من الكتاب الأول من هذا القانون تحت عنوان " الأصول المتعلقة بإختصاص المحاكم بالنسبة لأنواع القضايا وأهميتها " و من ثم يكون حكم القضاء المستعجل فى مسألة إختصاصه حكماً صادراً فى مسألة إختصاص بحسب نوع القضية مما يجوز الطعن فيه بطريق النقض وفقاً لنص المادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض . و إذن فإذا كان مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أن الحكم الطعون فيه صادر من محكمة إبتدائية بهيئة إستئنافية عن حكم محكمة جزئية - قاضى الأمور المستعجلة - فى غير الحالات المنصوص عليها فى المادة العاشرة من قانون إنشاء محكمة النقض إذ الحكم صادر فى مسألة إختصاص القضاء المستعجل وهو ليس من قبيل الإختصاص بحسب نوع القضية الذى تعنيه المادة سالفة الذكر - كان الدفع على غير أساس .

(الطعن رقم 48 لسنة 19 جلسة 1950/11/23 س 2 ع 1 ص 103 ق 20)

10 ـ إذ كانت المادة 14 من القانون الأخير قد أسندت إلى قاضي الأمور المستعجلة اختصاصا خاصا هو سلطة إصدار الأمر على عريضة بالإذن بأن يباع بالمزاد العلني مقومات المحل التجاري كلها أو بعضها التي يتناولها امتياز البائع أو الراهن خرج فيها عن مفهوم وطبيعة الأوامر على عرائض واختصاص قاضي الأمور المستعجلة الواردة فى قانون المرافعات - وعلى نحو ما ورد فى الرد على السبب الأول - بما يتعين معه وجوب إعمال حكمها مع تكملته بما لا يتعارض معه من أحكام وردت به، وكان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 50 لسنة 1971 بتقسيم محكمة القاهرة الابتدائية إلى محكمة جنوب القاهرة وأخرى لشمال القاهرة قد خص قضاة المحكمة الأولى بنظر كافة المنازعات التي يختص بها قاضي الأمور المستعجلة التي تدخل فى نطاق الاختصاص المحلي لكل من المحكمتين وتقيدا بذلك أسندت الجمعية العامة لمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - فى توزيع العمل عن العام القضائي 99/2000 الذي صدر الأمر فى خلاله - لقاضي الأمور الوقتية بها الاختصاص بنظر الأوامر على عرائض المقدمة من ذوي الشأن لبيع ورهن المحال التجارية نفاذا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940 بصفته قاضيا للأمور المستعجلة وكان القرار المتظلم منه أمام محكمة أول درجة قد صدر من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية استنادا إلى هذه الصفة فإن النعي على الحكم المطعون فيه .......... يضحى على غير أساس.

(الطعن رقم 421 لسنة 71 جلسة 2002/05/28 س 53 ع 2 ص 715 ق 140 )

11 ـ إذ كان الطاعن قد أقام دعواه . . . . مدنى جرجا طالباً الحكم بصفه مستعجلة بطرد المطعون ضدهما من الأرض المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها له ، وقضت محكمة جرجا الجزئية فى مادة مستعجلة بعدم إختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى مؤسسة قضاءها على ما يفيد أن الأمر بطرد المطعون ضدهما ينطوى على مساس بالحق ، وبهذا القضاء تنتهى الدعوى ويكون خطأ و مخالفة للقانون ما أمر به الحكم من إحالة النزاع لمحكمة سوهاج الإبتدائية لوروده على عدم و ينبنى على هذا ألا يصح إتصال محكمة سوهاج الإبتدائية بالنزاع الموضوعى و فصلها فيه بالرغم من أن قاضى الأمور المستعجلة بمحكمة جرجا الجزئية لا يملك أن يحيل إليها النزاع الموضوعى لأنه لم يرفع إليه و لا يحق له تغيير طلب المدعى من طلب الأمر بإتخاذ إجراء وقتى إلى طلب موضوعى و لأنه فصل فى الطلب المعروض عليه فى الحدود التى أوضحها ، وإذ كانت إجراءات التقاضى ومنها كيفية اتصال المحكمة بالدعوى تتعلق بالنظام العام و تفصل فى صحتها المحكمة من تلقاء نفسها طالما توافرت فى الدعوى العناصر المثبتة لمخالفة النظام العام فقد كان على محكمة الإستئناف - إزاء الواضح من حكم محكمة جرجا الجزئية إعتبارها محكمة للأمور المستعجلة و حكم محكمة سوهاج الإبتدائية - أن تقصر قضاءها على إلغاء الحكم المستأنف و تعتبر الدعوى منتهية بحكم محكمة جرجا الجزئية .

(الطعن رقم 295 لسنة 43 جلسة 1977/12/21 س 28 ع 2 ص 1841 ق 315)

12 ـ إذ كان البين من الحكم الصادر فى الدعوى ... مستأنف مستعجل القاهرة - الذى قضى بوقف تنفيذ الحكم الموضوعى بإخلاء المستأجر - أنه قد حسم الخلاف الذى قام بين الطرفين حول قرار المحافظ بصفته بالإستيلاء على عين النزاع ، و إنتهى إلى أنه يعد سنداً جديداً لوضع اليد على العين بغض النظر عما يشوبه من عيوب لا تؤدى إلى إنعدامه لأنها لا تفقده ركناً من الأركان اللازمة لإنعقاده ، فإن الحكم المطعون فيه -الذى قضى فى مادة مستعجلة بإخلاء المحافظ بصفته من العين - إذ أقام قضاءه على أن قرار المحافظ سالف البيان معدوم لا يرتب أى أثر قانونى . حاله أن الثابت من مدونات الحكمين أن مركز الخصوم و الظروف التى صدر فيها الحكم السابق هى بعينها لم يطرأ عليها تغيير . لما كان ذلك ، و كان الأساس المشترك فى الدعويين لم يطرأ المحافظ التى فصل فيها الحكم السابق و ناقضه مما يكون الطعن فيه بالنقض جائزاً رغم صدوره من محكمة إبتدائية بهيئة إستئنافية عملاً بالمادة 249 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 1250 لسنة 49 جلسة 1980/02/20 س 31 ع 1 ص 564 ق 110)

13 ـ الأحكام المستعجلة وقتية لا تمس أصل الحق فلا تجوز حجيه أمام محكمة الموضوع التى تفصل فى أساس الحق المتنازع عليه و بالتالى فإنها لا تتقيد بما إنتهى إليه قاضى الآمور المستعجلة فى قضائه الوقتى القائم على مجرد تلمس الظاهر من الأوراق .

(الطعن رقم 1750 لسنة 49 جلسة 1980/06/04 س 31 ع 2 ص 1674 ق 311)

14- النص في المادة 45/3،1 من قانون المرافعات على أن "يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاضي من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت ... على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضاً بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية " يدل على أن المشرع قد أفرد قاضي المسائل المستعجلة باختصاص نوعي محدد هو إصدار حكم وقتي يرد به عدواناً بادياً للوهلة الأولى من أحد الخصمين على الآخر ، أو يوقف مقاومة من أحدهما على الثاني ظاهرة أنها بغير حق ، ودون أن يمس بأصل الحق الذى يتعين أن يترك لذوى الشأن يتناضلون فيه أمام القضاء الموضوعي على أنه يجوز أن تختص محكمة الموضوع أيضاً بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية متى كانت هناك رابطة بين الطلب المستعجل التابع وبين الطلب الأصلي ، وكانت دعوى الحراسة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست من الدعاوى الموضوعية فهي لا تمس أصل الحق ولا تعتبر فاصلة فيه والمقصود منها حفاظ الشريك على حقه في أعيان النزاع وضمان اقتضاء ريعها متى تجمع لديه من الأسباب المقبولة ما يخشى منه خطراً عاجلاً من بقاء المال تحت يد حائزه ومن ثم تعد من الأمور المستعجلة التي يختص بنظرها نوعياً قاضي المسائل المستعجلة .

( الطعن رقم 9833 لسنة 90 ق - جلسة 27 / 4 / 2024 )

شرح خبراء القانون

القضاء الوقتي

« القضاء المستعجل »

 تعريف :

يعرف التنظيم القانوني إلى جانب القضاء الموضوعي صورة أخرى من صور الحماية القضائية في القضاء الوقتي أو الاحتياطي. وتسمى الدعوى التي ترمي إلى الحصول على حكم وقتي بالدعوى الوقتية .

وعلة تنظيم هذه الصورة من صور الحماية القضائية أنه قد ينقضي وقت قبل أن يتمكن صاحب الحق من رفع دعواه الموضوعية ، كما أنه لا بد وأن ينقضي بعض الوقت إلى حين الفصل في هذه الدعوى . وفي هذه الأثناء قد يحدث أن تتعرض الوسائل اللازمة للفصل في هذه الدعوى للخطر ، كأن يموت أحد الشهود أو يتلف الخصم المال محل النزاع ، كما قد يحدث أن يكون حصول المدعى على حماية وقتية لازمة لجعل الحماية النهائية أكثر فاعلية .

فالقضاء الوقتي يضمن تحقيق القضاء الموضوعي لوظيفته ، وبالتالي يضمن تحقيق الحماية القضائية الموضوعية على أكمل وجه.

والدعوي الوقتية قد ترفع بإجراءات مستقلة ، وقد ترفع ضمن إجراءات الخصومة التي تنظر فيها الدعوى الموضوعية . وفي الحالتين ترمي الدعوى الوقتية إلى نفس الهدف وهو ضمان حماية قضائية وقتية .

خصائص القضاء الوقتى : يعتبر القضاء الوقتي عملاً قضائياً بمعنى الكلمة . وقد ذهب البعض إلى إنكار صفته القضائية ، والقول بأنه يعتبر نشاطاً إدارياً . ولكن هذا الرأي لم يلق قبولاً في الفقه. كذلك ذهب البعض إلى إعتبار هذا العمل عملاً ولائياً ، وخاصة إذا كان بإجراءات مستقلة عن إجراءات الخصومة المتعلقة بالدعوى الموضوعية . ولكن هذا الاتجاه أيضا غير صحيح. وإذا كان القضاء الوقتي برمى أحياناً إلى توقی نزاع في المستقبل ، ويتشابه في هذا مع بعض الأعمال الولائية ، فإن هناك فارقاً بينهما فالعمل الولائي ينشىء مركزاً قانونياً جديداً أمام القضاء الوقتي فيتعلق برابطة قانونية سابقة يحتمل وجودها ويرمي إلى ضمان حمايتها حماية وقتية .

ويتميز القضاء الوقتي عن القضاء الموضوعي بعدة خصائص هي : 1- القضاء الوقتي له وظيفة مساعدة : فهو يمنح بالنظر إلى إمكانية صدور قضاء موضوعی محتمل في المستقبل ، سواء كان هذا القضاء نتيجة دعوى موضوعية رفعت بالفعل أو ينتظر رفعها . ذلك أن القضاء الوقتي إنما يرمي إلى ضمان تحقيق الدعوى الموضوعية لهدفها. ولهذا فإنه إذا فصل حكم في الدعوى الموضوعية ، فإن الدعوى الوقتية تصبح غير مقبولة .

2- القضاء الوقتي يمنح حمايته بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي . ولهذا فإن الدعوى الوقتية دعوى مجردة. وعلة هذا أنها مجرد وسيلة للتحفظ أو الإحتياط . وقد ذهب البعض إلى نفي هذا التجريد، بالقول بأن الدعوى الوقتية مرتبطة بحق موضوعي هو الحق في الأمان وهو حق لصيق بأي حق موضوعي يعترف به القانون . ولكن هذه الفكرة لم تلق قبولاً في الفقه إن هذا الحق لا وجود له . ويترتب على هذا التجريد نتيجة هامة هي إستقلال الدعوى الوقتية في شروطها عن شروط الدعوى الموضوعية التي تفترض ثبوت وجود الحق الموضوعي .

3- القضاء الوقتي ذو أثر مؤقت . فالحكم الوقتي يرتب أثره إلى حين صدور الحكم في الدعوى الموضوعية . ولهذا فإن الحكم الصادر بالحراسة القضائية ينتهي أثره بصدور الحكم بالملكية لأحد الخصوم ، والحكم الصادر بالنفقة الوقتية للدائن إلى حين الفصل في دعوى الدائنية ينتهي أثره بالحكم في هذه الدعوى . على أن الحكم الوقتي قد يؤدي أحياناً - من الناحية الفعلية - إلى الإستغناء عن رفع دعوى موضوعية . من هذا مثلاً إذا صدر حكم مستعجل بطرد المستأجر من العين المؤجرة وتسليمها إلى المؤجر . فقد لا يرفع المستأجر الدعوى الموضوعية ، وبالتالي يحقق الحكم الوقتي عملیا حماية دائمة للمؤجر .

فإذا لم تتوافر هذه الخصائص الثلاث في حكم معين فإنه لا يعتبر حكماً وقتياً ولا تعتبر الدعوى التي ترمي إلى الحصول عليه دعوى وقتية وإنما تعتبر دعوی موضوعية . ولهذا لا تعتبر دعوى وقتية دعوى التزوير الأصلية أو دعوى تحقيق الخطوط الأصلية ، فكل من هاتين الدعويين تنتهي بحكم له أثر نهائي غير مؤقت . كذلك لا تعتبر وقتية دعاوى الحيازة . وقد ذهب البعض إلى اعتبار هذه الدعاوی دعاوی وقتية على أساس أنها تحقق حماية وقتية إلى حين الفصل في دعوى الحق. ولكن الرأي الصحيح هو أن دعاوى الحيازة دعاوی موضوعية إذ هي ترمي إلى حماية الحيازة كهدف في ذاته ، فينقصها ما يميز الدعوى الوقتية من صفة الأداة لخدمة دعوى موضوعية. وإذا كان يبدو أن حماية الحيازة تعتبر أحياناً أداة لحماية الملكية فإن ما له صفة الأداة ليست دعوى الحيازة ، وإنما المركز الذي تحميه هذه الدعوى أي الحيازة.

على أنه يلاحظ أن دعوى الحيازة - كأية دعوی موضوعية – قد توجد دعوى وقتية لمساعدتها . فحماية الحيازة تكون بدعوى موضوعية إذا توافرت شروط إحدى دعاوى الحيازة التي نص عليها القانون ، كما تكون بدعوى مستعجلة إذا توافرت شروط الدعوى الوقتية . وعندئذ توجد دعوى حيازة مستعجلة تختص بها المحكمة المختصة بالدعاوى المستعجلة ، ولكنها تعتبر دعوى مساعدة لدعوى الحيازة الموضوعية التي سبق بيان أحكامها عند شرح دعاوى الحيازة .

ولا تعتبر الدعوى الموضوعية دعوى وقتية ولو نص القانون على نظرها «على وجه الإستعجال» أو «على وجه السرعة» . فهذا الوصف ليس من شأنه أن يغير من طبيعة الدعوى الموضوعية أو يخضعها للقواعد الخاصة بالدعوى المستعجلة التي لا تنطبق إلا على الدعوى الوقتية .

الشروط العامة للدعوى الوقتية المستعجلة : عمد المشرع المصري إلى وضع تنظيم خاص لبعض الدعاوى الوقتية ، من هذه دعوى الحراسة القضائية (المادة 729 مدنی مصری وما بعدها) . ودعوى إثبات الحالة (133 من قانون الإثبات) ، ودعوى سماع شاهد (مادة 96 من قانون الإثبات)، والمنازعات الوقتية في التنفيذ (مادة 312 مرافعات) . فهذه كلها تعتبر بنص القانون دعاوى مستعجلة . على أنه إلى جانب هذه الدعاوی المسماة ، أورد المشرع تنظيماً عاماً للدعوى الوقتية في المادة 45 مرافعات  .

ويلاحظ أنه إذا خول القانون القاضي سلطة إصدار أمر على عريضة ، فإن هذا النص لا يحول دون رفع دعوى وقتية بطلب حكم مستعجل بنفس الإجراء . ( نقض تجاری 22 / 3 / 2005  في الطعون 791 و 832 و 838 لسنة 72 ق ) .

وتتميز الدعوي الوقتية بالنسبة لشروطها بعنصر الإحتمال سواء بالنسبة للحق محل الحماية أو بالنسبة للإعتداء عليه : وذلك على التفصيل التالي :

(أ) حق محتمل : قدمنا أن الدعوى الوقتية دعوی مجردة . فهی لا تفترض وجود حق أو مركز قانونی ، على أنه يجب لنشأة هذه الدعوى أن يكون هناك إحتمال ظاهر لوجود هذا الحق . فإذا لم يوجد إحتمال ظاهر لوجود الحق ، وجب على القاضي عدم قبول الدعوى الوقتية . وهذا الإحتمال يتوافر بتوافر أمرين : أ - أن توجد قاعدة قانونية تحمي مالاً مما يطلب المدعي حمايته بالدعوى الموضوعية التي ترفع الدعوى الوقتية لخدمتها . ولهذا إذا طلب الدائن الحكم له بنفقة وقتية من مدينه ، فيجب أن يكون حق الدائن من النوع الذي يحميه القانون . فإذا كان - بصرف النظر عن الوقائع - لا يتمتع بحماية القانون ، وجب عدم قبول الدعوى الوقتية . ولهذا فإن من يرفع دعوى بدين غير مشروع ليس له طلب نفقة وقتية . ب- أن تعطى وقائع القضية احتمالاً لوجود الحق - محل الحماية الموضوعية - من الناحية الفعلية . ومفاد هذا أن المدعي لا يجب عليه إثبات الواقعة القانونية سبب الحق ، بل يكفي أن يبين من الوقائع ما من شأنه أن يعطى احتمالاً لوجود هذا الحق .

(ب) خطر من التأخير (شرط الاستعجال) : أي أن يوجد خوف من إحتمال وقوع ضرر بالحق الموضوعي - على فرض وجوده – إذا لم يحصل المدعى على الحماية الوقتية المطلوبة. وهذا ما يعبر عنه بإشتراط الإستعجال . وينص القانون المصري على هذا الشرط في المادة 45 مرافعات بقوله إن القاضي المستعجل يحكم في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت» .

ويلاحظ هنا أن الخشية أو الخوف من فوات الوقت يجب أن تكون خشية حالة . ولهذا فإن الحاجة إلى الحماية بواسطة الحكم الوقتي هي حاجة حالة وليست محتملة ، وبالتالي فإن المصلحة في الدعوى مصلحة حالة . وهذه الخشية هي الخوف من أن مضي الوقت قد يؤدي بالنظر إلى خصومة موضوعية قائمة أو مستقبلة إلى الإضرار بالحق المحتمل ، وذلك إما لأنه قد لا يمكن الحصول على حكم في الموضوع لصالح المدعي ، كما في حالة دعوى سماع الشاهد ، وإما لأن الحكم في الموضوع قد يكون غير مجدي ، كما في حالة دعوى النفقة الوقتية أو دعوى الحراسة القضائية. وتقدر هذه الخشية موضوعياً بالنظر إلى الظروف الموضوعية وليس بالنظر إلى اعتقاد المدعي ، أو رغبته ، أو توافقة مع المدعى عليه على وجودها.

أما الضرر الذي يخشى منه فهو محتمل . ويختلف مضمون الدعوى الوقتية بحسب هذا الضرر ، إذ هذه تمنح بالقدر الكافي للوقاية منه . على أنه يلاحظ أنه لا عبرة بأي ضرر محتمل بالمدعي ما لم يكن ضرراً بنفس الحق الموضوعي الذي ترفع الدعوى الوقتية لتحقيق حماية وقتية له . ومن ناحية أخرى ، يجب أن يكون الضرر وشيك الوقوع وليس مجرد إحتمال بعيد . ذلك أنه إذا كان مجرد احتمال بعيد ، فإن الخشية منه لا تكون حالة. ولا تكون هناك حاجة حالة للحصول على حماية القضاء الوقتي . وأخيراً ، فإن هذا الضرر يجب ألا يكون الحكم الموضوعي المحتمل كافياً لإزالته . إذ لو كانت الحماية الموضوعية - بصرف النظر عن تأخرها - كافية لم تقم حاجة للحماية الوقتية .

ويتوافر هذا الشرط ، ولو مضى بعض الوقت منذ حدوث الواقعة مصدر الخطر طالما أن الخطر ما زال ماثلاً أي ما دامت الخشية من ضرر وشيك الوقع لا زالت قائمة .

ج) الصفة في الدعوى الوقتية ، وهي تثبت لمن به حاجة للحماية الوقتية المطلوبة في مواجهة من يحتمل أن يكون طرفاً سلبياً في الدعوى الموضوعية . ولأن الصفة - كما قدمنا - ليست سوى تمييزا للجانب الشخصي للحق في الدعوى ، ولأنه قد يتصور أن تنشأ دعوى وقتية لشخص (بتوافر شروطها) ولا تنشأ له الدعوى الموضوعية التي تتعلق بها تلك الدعوى مثلاً لعدم ثبوت الحق الموضوعي ، فإنه يتصور توافر الصفة لشخص في دعوى وقتية وعدم توافرها له في الدعوى الموضوعية .

الحكم الوقتي (المستعجل) : الحماية الوقتية - كما قدمنا - هي صورة مستقلة من صور الحماية القضائية . ولهذا فإن الحكم الصادر في الدعوى الوقتية يجب أن يقتصر على منح الحماية الوقتية إذا توافرت شروطها . وتفريعاً على هذا :

(أ) ليس لقضاء - إذا رفعت إليه دعوى وقتية - أن يمنح حماية موضوعية . فمنحه حماية موضوعية عندئذ يكون قضاء بغير طلب .

(ب) ليس للقضاء - وهو يمنح حماية وقتية - أن يتطرق إلى غير شروط الدعوى الوقتية . ومفاد هذا أنه يمتنع على القاضي عند إصداره الحكم الوقتي أن يبني حكمه على أساس ثبوت الحق الموضوعي ، ذلك أن الدعوى الوقتية توجد لمجرد احتمال وجود هذا الحق . فتجاوز بحث هذا الإحتمال إلى بحث وجود الحق يعتبر تجاوزاً من القاضي لما يلزم للفصل في الدعوى الوقتية . وإلى هذا تشير المادة 45 مرافعات بنصها على أن يفصل القاضي في الدعوى الوقتية «مع عدم المساس بالحق» الموضوعي.

(ج) لأنه يكفي في الدعوى الوقتية احتمال وجود الحق ، فإن عمل القاضي في الدعوى الوقتية يكون بطبيعته على أساس الظاهر . فيقوم القاضي يبحث المستندات والأدلة المقدمة من الخصوم ، لكن بحثه هذا لا يكون بحثاً وافياً للتوصل إلى وجود الحق الموضوعي أو عدم وجوده ، وإنما بحثاً سطحياً يدله على إحتمال وجود هذا الحق أو عدم قيام هذا الإحتمال ، وبتعبير متواتر لمحكمة النقض المصرية ، يكون بحثه «عرضياً يتحسس به ما يحتمل لأول وهلة أن يكون هو وجه الصواب في الطلب المعروض».

فإذا تبين للقاضي أن ما قدم له من أدلة ومستندات لا يكفي في ظاهره للدلالة على احتمال وجود الحق الموضوعي ، وأن هذا الوجود محل نزاع جدی يجعل إحتمال وجود الحق غير ظاهر ، فان عليه أن يعتبر شرط إحتمال الحق غير قائم ، ويرفض الدعوى الوقتية لعدم توافر أحد شروطها .

على أنه يلاحظ أنه لكي يصل القاضي إلى ما يدل على احتمال وجود الحق ، فان عليه - كما قدمنا - أن يتأكد من وجود قاعدة قانونية تحمي من الناحية المجردة مالا مما يطلب حمايته بالدعوى الموضوعية . ولهذا فانه يدخل في سلطة القاضي وهو يفصل في الدعوى الوقتية أن يبحث وجود هذه القاعدة ، ولو كانت محل نزاع جدي بين الخصوم.

(د) وما قلناه بالنسبة لإحتمال الحق يصدق أيضاً على شرطي الإعتداء والصفة فبحثهما يكون من ظاهر الأوراق والمستندات المقدمة . ويكفي لتوافرهما وقبول الدعوى أن يدل الظاهر عليهما . وعلى العكس ، إذ دل الظاهر على عدم توافر أيهما حكم القاضي بعدم قبول الدعوى .

ولأن الحكم الوقتي أداة لضمان تحقيق الحماية الموضوعية لهدفها على أكمل وجه ، فمن المقرر أن القاضي عند إصداره سلطة تقديرية كبيرة في تكوين مضمونه . فهو لا يتقيد عند تحديد هذا المضمون بالتحديد الوارد في طلب المدعي ذلك أن المدعي إنما يرمي بطلبه إلى حماية حقه المحتمل حماية وقتية ويدخل في سلطة القاضي تقدير ما يلزم لتحقيق هذه الحماية ضمانا للحق الموضوعي.

على أنه ليس للقاضي الذي ينظر الدعوى المستعجلة سلطة تحوير الطلب الوقتي إلى طلب موضوعي . ( نقض مدنى 21 ديسمبر 1977 - في الطعن رقم 295 لسنة 42 ق ) .

ولكي يحقق الحكم الوقتي هدفه في توقي ما قد يحدث للحق الموضوعي المحتمل من ضرر وشيك الوقوع ، يجعله المشرع نافذاً معجلاً بقوة القانون (مادة 288 مرافعات) . وتحوز الحماية التي يمنحها حجية الأمر المقضى ، ولكنها حجية بطبيعتها مؤقتة.

محكمة الأمور المستعجلة : وفقاً للمادة 45 مرافعات توجد في مقر كل محكمة ابتدائية محكمة مخصصة لنظر الدعاوى المستعجلة . وهذه المحكمة تعتبر من طبقة المحاكم الجزئية ، ولكنها تختص - دون غيرها من المحاكم الجزئية الموجودة في دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية - بالدعاوى المستعجلة التي ترفع بصفة أصلية . ولا يعرف المشرع المصرى محاكم للأمور المستعجلة كدرجة ثانية.

الإختصاص النوعي للمحكمة الإبتدائية : إلى جانب الإختصاص الواسع - سالف الذكر - للمحكمة الإبتدائية مما دعا إلى تسميتها بالمحكمة ذات الولاية العامة ، فإن المشرع ينص أحياناً على اختصاصها بدعاوى معينة بالنظر إلى نوعها بصرف النظر عن قيمتها. ويكون هدف المشرع من هذا عادة إما تأكيد إختصاص المحكمة الإبتدائية بتلك الدعاوى باعتبارها دعوی غیر قابلة للتقدير ، وإما رغبة المشرع في أن تنظر الدعوى القابلة للتقدير - ولو كانت قيمتها لا تجاوز أربعين ألف جنيه - من محكمة إبتدائية مشكلة من ثلاثة قضاة لما يراه المشرع من أهمية خاصة الدعوى بالنظر إلى نوعها ، وأهم هذه الدعاوى : دعاوى شهر الإعسار (250 مدنی) والطعون في قرارات لجان تحديد الأجرة والتي تنص المادة 18 من قانون رقم 49 لسنة 1977 (بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر) على اختصاص المحكمة الإبتدائية بها. وبعض الدعاوى التي ينص عليها قانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980 مثل الطعن في قرار حل مجلس إدارة الجمعية (المادتان 52 و 54 من القانون) .

الإختصاص النوعي بالدعاوى المستعجلة ( الدعاوى الوقتية ) : إذا رفعت الدعوى المستعجلة كدعوى أصلية ، فإن الإختصاص بها يكون لإحدى محكمتين.

1- محكمة الأمور المستعجلة . وهذه المحكمة توجد بالمدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية . وهي تختص دون غيرها من المحاكم الواقعة في هذه المدينة بالدعوى المستعجلة .

2- المحكمة الجزئية خارج المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية ، وذلك بالنسبة للدعوى المستعجلة التي يجب - وفقاً لقواعد الإختصاص المحلي - رفعها خارج هذه المدينة . وعلى ذلك فالدعوى المستعجلة التي تختص بها محلياً محكمة بلبيس الجزئية لا ترفع إلى قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة الزقازيق ، ولكن تختص بها محكمة بلبيس الجزئية . وهي المحكمة الجزئية نفسها التي تنظر الدعاوى الموضوعية .

على أنه لأن الدعوى المستعجلة هي دعوى وقتية لخدمة دعوی موضوعية معينة ، فمن المقرر أنه إذا رفعت الدعوى الموضوعية أمام محكمة الموضوع سواء كانت محكمة إبتدائية أو جزئية ، فان هذه المحكمة تختص بالدعوى المستعجلة بطريق التبعية ( 45/ 3 مرافعات) . وتختص المحكمة الجزئية على هذا النحو ولو كانت داخل المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية . وتقدير المحكمة لقيام رابطة تبعية أو عدم قيامها هو تقدير موضوعي لا معقب عليه لمحكمة النقض متي بني على أسباب سائغة . ويكون صاحب الدعوى المستعجلة بالخيار أما أن يرفعها كدعوى أصلية ، أو يرفعها كدعوى فرعية أمام محكمة الموضوع . غير أنه إذا رفعها أمام احدى المحكمتين ، فإن المحكمة الأخرى تصبح غير مختصة بها .

والاختصاص بالدعوى المستعجلة هو إختصاص نوعى . فهو مقرر لمحكمة الأمور المستعجلة أو للمحكمة الجزئية بصفة أصلية ، أو لمحكمة الموضوع بصفة فرعية ، بصرف النظر عن قيمة الدعوى المستعجلة أو قيمة الدعوى الموضوعية التي تخدمها أو عن عدم قابلية أي من الدعويين للتقدير . كما أنه مقرر بصرف النظر عن نوع الدعوى الموضوعية ودخولها في إختصاص نوعی لمحكمة معينة ولو كانت - باستثناء المحاكم الإقتصادية - محكمة متخصصة كمحكمة شئون العمال أو المحكمة الجزئية التجارية.

ولأن الإختصاص بالدعوى المستعجلة إختصاص نوعي فإنه لا يقوم إلا حيث يتعلق الأمر بدعوى وقتية ، ولهذا فإنه إذا رفعت دعوی موضوعية فإنه أياً كان وجه الإستعجال الذي يبرر الاسراع بالفصل في هذه الدعوى ، فإنها لا تدخل في الاختصاص المقرر للدعاوى الوقتية المستعجلة ، على أنه إذا رفعت دعوى وقتية لا يتوافر فيها أحد شروطها ومنها - كما قدمنا - شرط الإستعجال ، فانه لا يمكن - بدقة - الكلام عن عدم الاختصاص ، وإنما تحكم المحكمة عندئذ برفض الدعوى الوقتية . ذلك أن مسألة الاختصاص مسألة سابقة على بحث الدعوى ، في حين أن البحث في الإستعجال هو بحث في الدعوى لقبولها أو رفضها .

على أنه يشترط للإختصاص بالدعوى الوقتية كدعوى أصلية أن تكون هذه الدعوى متعلقة بدعوى موضوعية تدخل في ولاية جهة المحاكم . ذلك أن الدعوى الوقتية هي بطبيعتها دعوی مساعدة ترمي - كما قدمنا - إلى مساعدة دعوى موضوعية . فإذا كانت هذه الدعوى لا تدخل في ولاية جهة المحاكم ، فإن محكمة الأمور المستعجلة ، أو المحكمة الجزئية ، وهي من تشكيلات هذه الجهة لا تكون لها ولاية الدعوى الوقتية اللازمة لمساعدتها . وعلى هذا تشمل ولاية القضاء المستعجل الدعوي الوقتية اللازمة لخدمة كل دعوى موضوعية تدخل في ولاية جهة المحاكم بما فيها دعاوى الأحوال الشخصية ، والدعوى التي اتفق على التحكيم بشأنها ، ولكنها لا تمتد إلى ما يخدم الدعاوى التي تخرج عن ولاية هذه الجهة سواء لخروجها عن ولاية القضاء المصري عموماً أو لدخولها في ولاية جهة القضاء الإدارى، أو في ولاية محكمة إستثنائية . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 307 )

قاضي الأمور المستعجلة وقاضي التنفيذ : كان المشرع في ظل قانون المرافعات القديم يخضع جميع المسائل المستعجلة لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة سواء تعلقت بتنفيذ الأحكام أو بغيرها، وقد عدل عن هذا الاتجاه عند إصداره قانون المرافعات الحالي ، فخص قاضي التنفيذ بجميع الإشكالات المتعلقة بالتنفيذ وجعل الاختصاص بها له وحده اختصاصاً نوعياً ، وأبقى ما عدا ذلك من المسائل المستعجلة لقاضي الأمور المستعجلة وجعل اختصاصه بها أيضا اختصاصا نوعيا، ومن ثم يتعلق هذا الاختصاص بالنظام العام مما لا يجوز معه الاتفاق على ما يخالفه ويقع مثل هذا الاتفاق باطلا تتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها .

ويراعي في المبادئ التالية التي تتعلق بالتنفيذ، أن قاضي الأمور المستعجلة الذي تضمنته ، هو قاضي التنفيذ بصفته قاضيا للأمور المستعجلة عندما تطرح عليه منازعة تنفيذ وقتية.

إختصاص قاضي الأمور المستعجلة : فرق المشرع بين نظر المسائل المستعجلة بمعرفة قاضي الأمور المستعجلة وبين نظرها بمعرفة المحكمة المختصة بنظر الموضوع بطريق التبعية ، فأوجب ندب أحد قضاة المحكمة الإبتدائية ليحكم بصفة مؤقتة في المسائل المستعجلة التي ترفع إليه والتي ينعقد الاختصاص المحلي بها لجميع المحاكم الكائنة بمقر المحكمة الإبتدائية فيدخل في ذلك المحكمة الإبتدائية بجميع دوائرها المدنية والتجارية ودوائر الأحوال الشخصية. كما يدخل فيه المحاكم الجزئية كمحكمة البندر ومحكمة المركز بالنسبة لمحاكم الأقاليم.

ويصبح هذا القاضي قاضيا للأمور المستعجلة ، فيختص دون غيره بنظر جميع المسائل المستعجلة التي ترفع بصفة أصلية، ويتعلق هذا الاختصاص بالنظام العام باعتباره اختصاصا نوعيا، فإن رفعت الدعوى المستعجلة إلى أي قاض آخر أو إلى المحكمة المختصة بنظر الموضوع قبل رفع الدعوى الموضوعية إليها، وكان ذلك بالمدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية، وجب على هذا القاضي أو تلك المحكمة القضاء بعدم الاختصاص النوعي بنظر الدعوى وإحالتها إلى قاضي الأمور المستعجلة.

اختصاص قاضي الأمور المستعجلة ببيع المتجر المرهون : تنص الفقرة الأولى من المادة 14 من القانون رقم 11 لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها على أنه عند عدم الوفاء بباقي الثمن أو بالدين في تاريخ استحقاقه ولو كان عرفي، يجوز للبائع أو الدائن أو المرتهن بعد ثمانية أيام من تاريخ التنبيه على مدينه والحائز للسجل التجاري بالوفاء تنبيها رسميا أن يقدم عريضة لقاضي الأمور المستعجلة في المحكمة التي يوجد بدائرتها المحل بطلب الإذن بأن يباع بالمزاد العلني مقومات المحل التجاري كلها أو بعضها التي يتناولها إمتياز البائع أو الراهن.

وباعتبار القانون رقم 11 لسنة 1940 قانوناً خاصاً فيما يتعلق بالتنفيذ علي المحل التجاري المرهون، فإن بيع المحل بالمزاد يخضع للمادة 14 منه دون ما تضمنه الباب الأول من الكتاب الثاني من قانون المرافعات والخاص بالتنفيذ، باعتبار أن ما تضمنه هذا الباب بمثابة قواعد عامة لا يترتب عليها إلغاء نص ورد في قانون خاص إلا بالنص على ذلك صراحة.

كما نصت المادة 43 من قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 علي أن تسري في شأن بيع المتجر ورهنه وتأجيره، القوانين والقرارات الخاصة بذلك، ومنهم يكون قانون التجارة قد أحال للقانون رقم 11 لسنة 1940 فيما يتعلق برهن المتجر.

الطلب المستعجل بمحو التأشير الهامشي : الاختصاص المقرر للقاضي المستعجل بنظر الطلب الوقتي بمحو التأشير الهامشي في سجل المحررات واجبة الشهر المتضمنة الطعن فى التصرفات موضوع تلك المحررات. لا يمنع من الالتجاء إلى محكمة الموضوع في ذات الصدد وللفصل في أصل الحق. (المواد 13 ، 15 ، 18 ق 14 لسنة 1946؛ نقض 31/3/1988 طعن 418 س 53 ق) .

عدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بدعوى التزوير : يتحقق إختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت بتوافر شرطين، أولهما قيام حالة استعجال يخشى معها من طول الوقت الذي تستلزمه إجراءات التقاضي لدى محكمة الموضوع . وثانيهما أن يكون المطلوب اتخاذ إجراء وقتي لا فصلاً في أصل الحق. ولذلك يمتنع طرح النزاع الذي يتطلب الفصل فيه المساس حتما بأصل الحق، ولا يكون أمام المدعي في هذا النزاع إلا طرحه على محكمة الموضوع. حتى لو أثيرت مسألة متعلقة به أمام قاضي الأمور المستعجلة، وحينئذ فان القاضي لا يطرح تلك المسألة تماما ويلتفت عنها كلية ، وإنما يلتزم بالتصدي لها بما يتفق مع ولايته التي توجب عليه عدم المساس بأصل الحق، مما يوجب عليه تحسس وجه الحق من ظاهر المستندات، لا ليصدر حكما يحسم به النزاع في أصل الحق، وانما ليتخذ إجراءً وقتياً عاجلاً يحافظ به على الوضع الظاهر، تاركاً أصل الحق يتناضل فيه الخصوم أمام محكمة الموضوع، وبالتالي لا يحول إثارة النزاع أمام قاضي الأمور المستعجلة من اللجوء إلى محكمة الموضوع للفصل في أصل الحق الذي امتنع نظره أمام قاضي الأمور المستعجلة .

مفاد ذلك أنه إذا رفعت دعوى مستعجلة ، كدعوى طرد المستأجر لعدم الوفاء بالأجرة . وقدم فيها المؤجر عقد إيجار بصدوره للمدعى عليه، ورأي الأخير تزوير هذا العقد، فإنه لا يجوز له طرح هذا الادعاء علي قاضي الأمور المستعجلة بالتقرير به في قلم الكتاب ، وإنما يطرحه في صورة دفاع في الدعوى المستعجلة، ويلتزم القاضي حينئذ بالتصدي له، لا ليقضي برد وبطلان العقد أو بصحته، لما في ذلك من مساس بأصل الحق، وإنما ليتخذ إجراءً وقتياً عاجلاً يتمثل في طرد المدعي عليه أو رفض الدعوي، ويترك قاضي الأمور المستعجلة العقد ليتناضل الخصوم في صحته أو بطلانه أمام محكمة الموضوع، قد تكون هي المحكمة التي ترفع إليها دعوى التزوير الأصلية ، فلا يحول دون رفعها سبق الاحتجاج بالمحرر أمام القضاء المستعجل، حتى لو لجأ من يشهد عليه المحرر إلى الادعاء بالتزوير بالتقرير به في قلم الكتاب ، وحينئذ يعتبر الادعاء بالتزوير مطروحاً علي قاضي الأمور المستعجلة ويلتزم حينئذ بالفصل فيه بعدم اختصاصه بنظره، ولكنه لا يلتفت عنه تماماً، . وإنما يتناوله كدفاع في الدعوى المستعجلة لتقدير مبلغ الجد فيه، لا ليفصل في الادعاء بصحة المحرر أو برده وبطلانه. وإنما ليتخذ إجراء وقتياً.

شروط قبول الدعوى المستعجلة : ويجب لقبول الدعوى المستعجلة ، أن يكون القضاء الموضوعي لم يصدر حكما حائزا لقوة الشيء المحكوم فيه في أصل الحق يحاج به الخصوم، فإن - كانت الدعوى الموضوعية قد رفعت إلى محكمة الدرجة الأولى، جاز رفع الدعوى المستعجلة أمام قاضي الأمور المستعجلة حتى لو تضمنت الدعوى الموضوعية طلباً مستعجلاً ، وحينئذ يتعين إحالة الدعوى المستعجلة إلى محكمة الموضوع المطروح عليها الطلب الموضوعي والطلب المستعجل فإن لم تتم هذه الإحالة كان في صدور حكم في الطلب المستعجل من قاضي الأمور المستعجلة مانعاً من التصدي للطلب المماثل بمعرفة المحكمة والعكس صحيح، فإذا اقتصرت الدعوى الموضوعية على الطلب الموضوعي، كانت الدعوى المستعجلة مقبولة أمام قاضي الأمور المستعجلة حتى بعد صدور الحكم في الموضوع طالما أن هذا الحكم لم يحز قوة الشيء المحكوم فيه وحتى لو كان مشمولاً بالنفاذ المعجل.

كما يجب توافر الصفة والمصلحة والأهلية بالنسبة للخصوم، فإن لم يكن لناقص الأهلية من يمثله قانوناً أو كان نائبه غائباً أو تعذر عليه رفع الدعوى ، جاز لناقص الأهلية رفعها ليتدارك الخطر المحدق الذي يهدده.

لقاضي الأمور المستعجلة تحوير الطلبات : مناط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت وفقا للمادة (49) من قانون المرافعات هو قيام الإستعجال وأن يكون المطلوب إجراء مؤقتاً لا فصلاً في الحق، وهو وإن كان في حل من أن يتناول مؤقتاً وفي نطاق الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد في المنازعة إلا أن حقه في هذا التقدير مقيد بألا يتضمن الإجراء المؤقت الذي يصدره مساسا بأصل الحق أو فصلا حاسما للخصومة في موضوعه الذي يجب أن يبقى سليماً يتداعى فيه الطرفان أمام محكمة الموضوع. وعلى ذلك فإن القضاء المستعجل يكون غير مختص بنظر طلب تمكين طالب من متابعة الدراسة بمعهد قرر فصله لتعلق هذا النزاع بأصل الحق وإن كان له أن يقضي بما له من سلطة تحوير الطلبات بقيد اسم الطالب بجداول امتحانات المعهد لأن هذا القضاء ليس إلا جراء وقتيا لا يمس الموضوع. (نقض 1958 / 4 / 10 طعن 117 س 24 ق).

شروط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة : تضمنت الفقرة الأولى من المادة (45) من قانون المرافعات الشروط الواجب توافرها لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة، وهي :

أولاً : الاستعجال : ويجب لذلك أن يتوفر الخطر العاجل الجدي الذي لا يكفي لدرئه التقاضي العادي وأن يكون هذا الخطر قد اتخذ صورة حادة وأصبح محدقا بالمدعي ينذر بضياع حقوقه، ولا يلزم لاعتبار النزاع جدا أن ترفع به دعوى موضوعية، فقد ترفع لخدمة الطلب المستعجل، ومن ثم وجب أن يثبت جدية النزاع من ملابساته ومن ظاهر المستندات.

 ويظل شرط الاستعجال قائماً طالما ظل محل الطلب المستعجل يخشى عليه من فوات الوقت بأن يظل الخطر محدقاً بالمدعي حتى لو شطبت الدعوى المستعجلة وقام المدعى بتجديدها، أما إذا زال الخطر المحدق، انتفى شرط الاستعجال وتعين على قاضي الأمور المستعجلة القضاء تبعاً لذلك بعدم اختصاصه بنظر الدعوى ويقف عند هذا الحد فلا يأمر بالإحالة إلى محكمة الموضوع لاختلاف الطلب الوقتي عن الطلب الموضوعي.

ويكفي توافر شرط الاستعجال عند الحكم في الدعوى ولو لم يكن متوافرا عند رفعها باعتبار أن هذا الشرط شرط انتهاء وليس شرط ابتداء، ولأن الحكم بعدم الاختصاص في هذه الحالة لا يحول دون المدعي واللجوء على الفور من جديد لذات القاضي وقد تحقق في دعواه شرط الاستعجال. أما إذا كان شرط الاستعجال قد توافر عند رفع الدعوى ثم زال بعد ذلك، تعين على قاضي الأمور المستعجلة أن يقضي بعدم اختصاصه ، مثال ذلك أن يتضمن عقد الإيجار الشرط الفاسخ الصريح كجزاء لتخلف المستأجر عن سداد الأجرة ، مما يترتب على تحققه اعتبار إقامة المستأجر بالعين بدون سند ويحول بالتالي بين المؤجر وانتفاعه بالعين بما يتوفر به الخطر المحدق، فإذا قام المستأجر بعد رفع الدعوى بدفع الأجرة المتأخرة والمصاريف الفعلية زال هذا الخطر الذي توفر به شرط الاستعجال، ومن ثم يقضي بعدم اختصاصه بنظر الدعوى .

وقد افترض المشرع توافر الاستعجال في بعض المسائل منها إشكالات التنفيذ الوقتية ودعوى استرداد الحيازة ودعوى وقف الأعمال الجديدة، وفي التظلم المرفوع وفقاً للمادة (84) مكرراً وبذلك لا يتناول قاضي الأمور المستعجلة - أو قاضي التنفيذ - بحث توافر شرط الاستعجال عند التصدي لهذه المسائل.

زوال شرط الاستعجال بعد رفع الدعوى : وإذ كان يشترط لإعمال الشرط الفاسخ ألا يتعارض مع نص قانوني متعلق بالنظام العام بما يبطله. وإذ كان ما تضمنه نص المادة ( 23 / 1 ) من القانون 52 لسنة 1969 - الذي يحكم النزاع - متعلقاً بالنظام العام، فيبطل الشرط الصريح الفاسخ فيما يخالفه، بحيث لا يعتبر المستأجر مقصراً في سداد الأجرة بما يجيز اعتبار العقد منسوخاً وإخلاءه إلا إذا لم يف بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بسدادها على النحو المبين بالنص، ومن ثم فلا يقع الفسخ ولا يحكم بالإخلاء إذا سدد الأجرة والفوائد والمصاريف قبل قفل باب المرافعة في الدعوى المرفوعة لإخلائه، وإذا كان العقد متضمنا لشرط صريح فاسخ فيبطل ولا يعمل به فيما لا يوافق حکم النص كما سلف البيان سواء كانت الدعوى مرفوعة إلى القضاء الموضوعي أو المستعجل إذ أن الشرط الصریح الفاسخ لا يتحقق إلا بتحقق مقتضاه ، فإن كان المقتضى هو التأخير في سداد الأجرة تعين أن يكون بالمعنى الذي وضعه الشارع والسابق إيضاحه. (نقض 1981/12/21 طعن 137 س 46 ق ؛ نقض 1980/3/5 طعن 565 س 49 ق) .

ثانياً : أن يكون المطلوب اتخاذ إجراء وقتي : لا يسعى المدعى من وراء دعواه المستعجلة إلا استصدار حكم يدرأ به خطر أصبح وشيكا ليتمكن بعد ذلك من استصدار حكم يؤكد الحكم المستعجل ويحسم النزاع على نحو دائم يحول دون خصمه والعودة إلى منازعته مرة أخرى، ومن ثم يعد الحكم المستعجل قد تضمن إجراء وقتيا يحول دون منازعة الخصم إلى حين لجوء من صدر لصالحه. إلى محكمة الموضوع لاستصدار حكم قطعي يحسم هذا النزاع، وتظل لهذا الإجراء حجيته حتى يصدر حكم نهائي في الموضوع، ولا تزول هذه الحجية بالنسبة للخصوم بمجرد رفع الدعوى الموضوعية بحيث يتمكن من صدر الإجراء ضده إلى العودة إلى المنازعة إنما يظل ملتزما به حتى صدور حكم نهائي في الموضوع ولا يكفي أن يكون الحكم مشمولاًَ بالنفاذ المعجل، أما بالنسبة لمحكمة الموضوع فإن الحجية التي كانت للإجراء تسقط ولا تلتزم بها عندما تتصدى للموضوع، فيكون لها أن تقضي بما يخالف ما تضمنه هذا الإجراء.

أما إذا كان المدعي يبغي استصدار حكم قطعي يحسم النزاع من ناحية الموضوع، تعين على قاضي الأمور المستعجلة في هذه الحالة أن يقضي بعدم اختصاصه نوعياً بنظر الدعوى ويأمر بإحالتها إلى محكمة الموضوع المختصة نوعيا بنظرها .

 ثالثاً : ألا يمس الإجراء أصل الحق يجب حتى ينعقد الاختصاص لقاضي الأمور المستعجلة ، ألا يكون الإجراء المطلوب ماساً بأصل الحق، إذ يصبح بذلك حكماً قضائياً صادراً في موضوع النزاع وهو ما يخرج عن الإختصاص النوعي لقاضي الأمور المستعجلة ، ومن ثم تعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه ويقف عند هذا الحد فلا يأمر بالإحالة لأن مناط قضائه بعدم الاختصاص والإحالة أن يطلب منه الفصل في أصل الحق على نحو ما تقدم.  

ولا يقصد بعدم المساس بأصل الحق أن يمتنع على قاضي الأمور المستعجلة التصدي لهذا الحق على وجه الإطلاق وطرح المستندات المتعلقة به ، وإنما المقصود أن يمتنع عن إجراء الأبحاث التي تمهد للتصدي للموضوع على نحو يدل على الأحقية فيه بما يؤثر في المراكز القانونية للخصوم، مفاد ذلك أن القاضي الأمور المستعجلة بحث المنازعات التي يثيرها الخصوم حسبما يشهد به واقع الحال وما تشير إليه المستندات وله أن يمحص كل ذلك لإجابة الطلب أو رفضه. وهو بذلك لا يمس أصل الحق وإنما يتخذ في شأن الطلب المطروح عليه إجراء وقتاً۔

وإن وجد أن الطلب يمس أصل الحق، قام بتحويره بما ينأى به عن ذلك ويجعله متعلقاً بإجراء وقتي، مثال ذلك أن يرفع طالب دعوى مستعجلة بتمكينه من الحضور إلى مدرسته التي قررت فصله، ولمساس هذا الطلب بأصل الحق، يقوم قاضي الأمور المستعجلة ، ومن تلقاء نفسه بتحويره والقضاء بقيد اسم الطالب بجدول الامتحان، وهذا إجراء وقتي لا يمس أصل الحق. كذلك إذا رفعت الدعوى بعدم الاعتداد بالحجر وهو طلب يمس أصل الحق، كان لقاضي الأمور المستعجلة تحويره إلى طلب وقف التنفيذ المستشكل فيه.

فالمساس بأصل الحق، يتحقق عندما يصدر قاضي الأمور المستعجلة حكماً يمس المراكز القانونية للخصوم، فيصبح من كان شريكا في الشيوع غير شريك فيه أو يصبح الوارث غير وارث أو الدائن غیر دائن .

اختصاص محكمة الموضوع بالمسائل المستعجلة : تختص محكمة الموضوع بالمسائل المستعجلة إذا رفعت لها بطريق التبعية ، سواء كانت هذه المحكمة تقع بدائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الجزئية أم خارجها لأن مناط الإختصاص بالطلب المستعجل في هذه الحالة هو تبعيته للطلب الموضوعي. ومن ثم لا تختص محكمة الموضوع بالطلب المستعجل إذا رفع إليها مستقلاً عن الطلب الموضوعي متى كانت هذه المحكمة كائنة بالمدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية ، أما إذا كانت المحكمة كائنة خارج تلك المدينة كانت مختصة بالطلب المستعجل سواء رفع إليها على استقلال أو تبعا للطلب الموضوعي.

وإذا رفع إلى محكمة الموضوع الطلب المستعجل تبعا للطلب الموضوعي ، كان لها أن تفصل في الطلب المستعجل بحكم وقتي وتحدد جلسة لنظر الموضوع، أما إذا فصلت في الطلب الموضوعي مباشرة، وكان قضاؤها برفضه، فلا يكون ثمة محل لبحث الطلب المستعجل، أما إذا قضت للمدعي بطلباته الموضوعية ، وجب عليها بحث طلبه المستعجل، فإن كان مستوفيا شروطه على التفصيل المتقدم ، قضت له به تمکيناً له من حقه بتنفيذ الحكم المستعجل باعتباره واجب التنفيذ في الحال وحتى لا ينتظر صيرورة الحكم الموضوعي نهائيا.

فإن قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم في الطلب المستعجل وحده ، تعين عليها ألا تتصدى للطلب الموضوعي التزاما بحق الدفاع وحتي يتقدم الخصوم بأوجه دفاعهم على هذا الأساس إذا صرحت بتقديم مذكرات.

 وللمدعي تقديم الطلب المستعجل بصحيفة الدعوى تبعا للطلب الموضوعي أو بطلب عارض عملاً بالمادة ( 124 / 4 )

 وإن كان طلب وقف تنفيذ الحكم، يعتبر طلباً مستعجلاً ، إلا أنه يتعلق بالتنفيذ ما يختص به قاضي التنفيذ دون غيره، ومن ثم لا يجوز ابداؤه أمام المحكمة التي تنظر التظلم أو الاستئناف، تبعاً للموضوع وإلا قضت بعدم اختصاصها به وإحالته إلى قاضي التنفيذ للفصل فيه.

أما الأحكام الحائزة لقوة الأمر المقضي، فإن الطعن فيها بالتماس إعادة النظر أو النقض، لا يؤدي إلى وقف تنفيذها غير أن المشرع جعل للمحكمة التي تنظر هذا الطعن غير العادي سلطة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفقاً للمادتين (244 )، (251 ) من قانون المرافعات ولا يؤدي ذلك إلى سلب إختصاص قاضي التنفيذ.

مناط بحث الطلب المستعجل عند الحكم في الموضوع : متى كانت محكمة الموضوع قد انتهت بحق إلى رفض طلبات الطاعن الموضوعية، فإن بحث طلبه المستعجل الخاص بفرض الحراسة القضائية - على السينما - لا يكون له محل . ( نقض 1969/6/12 طعن 569 س 34 ق )

مدى حجية الحكم المستعجل : تستند قاعدة حجية الأمر المقضي إلى عدم تقبل تأبيد المنازعات، وأنه طالما سعى الخصوم إلى حسم النزاع الذي نشب بينهم، فانه يتعين عليهم عدم اثارته مرة أخري، سواء عن طريق الدعوى أو الدفع، والحكم الذي يحسم النزاع علي هذا النحو، هو الذي يتصدى للنزاع برمته ويتمكن معه القاضي إلى تمحيص أدلة كل منهم ليأخذ بما يطمئن إليه منها ويطرح ما عداها، وهو ما يتطلب بحث الموضوع من ناحية الواقع لتطبيق النصوص القانونية المتعلقة به، بحيث أن صدر حكم بعد هذا البحث، فإنه يحوز حجية تمنع الخصوم من العودة لنفس النزاع.

ولما كان الطلب المستعجل تتجافى طبيعته مع البحث الموضوعي لأن الطالب لايريد ان تتمهل المحكمة أو أن تتعمق في بحث النزاع، وإنما يلجأ للمحكمة في أمر عاجل يخشى عليه من مرور الوقت ويطلب من المحكمة أن تأمر بإجراء وقتي يحفظ له حقه مؤقتا لحين اللجوء للقضاء الموضوعي. وأمام هذه الظروف يتحسس القاضي مستندات الخصوم ليستخلص من ظاهرها وجه الحق في الإجراء الذي يأمر به، ومادام الحال كذلك ، فان الأمر الذي يصدره القاضي يكون عاجلاً ومؤقتاً ، وبالتالي فانه يحوز حجية مؤقتة توفر الطمأنينة للمدعي وتحميه من الخشية التي دفعته إلى اللجوء للقضاء المستعجل.

وتظل للحكم المستعجل حجية الأمر المقضي، ما بقيت الظروف التي اكتنفت النزاع قائمة لم تتغير، إذ تظل الخشية التي ألجأت المدعي إلى اللجوء للقضاء المستعجل قائمة، وان من شأن تلك الحجية أن يطمئن المدعي علي حقه الذي كان مهددا، مما يحول دون خصمه والتعرض له في ذات الحق.  

أما إذا تغيرت تلك الظروف، زالت الآثار التي ترتبت على الحكم، فيفقد الحكم حجيته ، بحيث لو ثار نزاع في ظل الظروف الجديدة، فلا يجوز للمحكوم له مواجهة خصومه بحجية الحكم المستعجل.

وتقف حجية الحكم المستعجل، بالفصل في الدعوى الموضوعية، ولا تتقيد المحكمة التي تنظر الموضوع بما قضى به الحكم المستعجل حتى لو صار نهائياً ، لأن حجيته وقتية لا تتقيد بها محكمة الموضوع، حتى لو كانت هي ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المستعجل ان كانت الدعوى الموضوعية التي رفعت أمامها تتضمن شقاً مستعجلاً ، لأن مخالفتها لحكمها الصادر في هذا الشق لا يتضمن تسلطاً منها علي قضائها.

واذا تضمن عقد الإيجار الشرط الفاسخ الصريح، فان العقد يعتبر مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرد تحقق هذا الشرط، ويكون المستأجر في هذه الحالة لا سند له في وضع يده على العين المؤجرة مما يجيز للمؤجر اللجوء لقاضي الأمور المستعجلة ليقضي بطرده ، على أن تفاسخ العقد في حالة الشرط الفاسخ الصريح لا يتقرر بصفة نهائية الا باتفاق الطرفين أو بموجب حكم موضوعي نهائي ، ففي هاتين الحالتين الأخيرتين تتحد المراكز القانونية لأطراف العقد بصفة نهائية ، أما قبل ذلك فإن تلك المراكز، تكون معلقة مما لا يجوز معه أن يستقل طرف بمباشرة تصرف من شأنه أن يؤثر علي تلك المراكز فان فعل كان تصرفه غير نافذ في حق الطرف الآخر، ولما كان الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة ليست له الا حجية وقتية تبقي ببقائه وهذه الحجية تكون له في نطاق منطوقه فلا تتعدى إلى المراكز القانونية التي ينظمها العقد من حيث بقائها أو زوالها فتلك من الأحكام الموضوعية التي تختص بها محكمة الموضوع والتي يفقد الحكم المستعجل حجيته أمامها، ومن ثم، فإذا استصدر المؤجر حكماً مستعجلاً بطرد المستأجر، فإن هذا الحكم لا تكون له الحجية الوقتية، أما فيما يتعلق بإنفساخ العقد، فلا حجية لهذا الحكم في هذا الصدد ويترتب على ذلك أنه ليس للمؤجر الا طرد المستأجر بصفة مؤقتة وابقاء العين خالية « أو يشغلها بنفسه مؤقتاً » حتي يستصدر حكماً موضوعياً بالفسخ ثم يتربص حتي صيرورته نهائياً ، وحينئذ يستطيع أن يتصرف في العين المؤجرة، أما أن تصرف فيها بعد تنفيذ حكم قاضي الأمور المستعجلة وقبل اللجوء لاستصدار حكم موضوعي نهائي ، فانه يكون قد عدل من المراكز القانونية وهو ما لا يجوز له .

وننوه إلى أنه إذا تضمن عقد الايجار الشرط الفاسخ الصريح، فإن العقد يعتبر مفسوخا من تلقاء نفسه بمجرد تحقق هذا الشرط، ويكون المستأجر في هذه الحالة لا سند له في وضع يده على العين المؤجرة مما يجيز للمؤجر اللجوء لقاضي الأمور المستعجلة ليقضي بطرده ، على أن تفاسخ العقد في حالة الشرط الفاسخ الصريح لا يتقرر بصفة نهائية الا باتفاق الطرفين أو بموجب حکم موضوعي نهائي ، ففي هاتين الحالتين الأخيرتين تتحد المراكز القانونية لأطراف العقد بصفة نهائية ، أما قبل ذلك فإن تلك المراكز، تكون معلقة مما لا يجوز معه أن يستقل طرف بمباشرة تصرف من شأنه أن يؤثر على تلك المراكز فإن فعل كان تصرفه غير نافذ في حق الطرف الآخر، ولما كان الحكم الصادر من قاضي الأمور المستعجلة ليست له الا حجية وقتية تبقي ببقائه وهذه الحجية تكون له في نطاق منطوقه فلا تتعدي إلى المراكز القانونية التي ينظمها العقد من حيث بقائها أو زوالها فتلك من الأحكام الموضوعية التي تختص بها محكمة الموضوع والتي يفقد الحكم المستعجل حجيته أمامها، ومن ثم، فإذا استصدر المؤجر حکماً مستعجلاً بطرد المستأجر، فإن هذا الحكم لا تكون له الحجية الوقتية، أما فيما يتعلق بانفساخ العقد، فلا حجية لهذا الحكم في هذا الصدد ويترتب على ذلك أنه ليس للمؤجر الا طرد المستأجر بصفة مؤقتة وإبقاء العين خالية « أو يشغلها بنفسه مؤقتاً ، حتي يستصدر حكماً موضوعياً بالفسخ ثم يتربص حتي صيرورته باتا، وحينئذ يستطيع أن يتصرف في العين المؤجرة ، أما أن تصرف فيها بعد تنفيذ حكم قاضي الأمور المستعجلة وقبل اللجوء لاستصدار حكم موضوعي بات، فانه يكون قد عدل من المراكز القانونية وهو ما لا يجوز له. ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة : 20 )

الاختصاص بالدعاوى المستعجلة :  واضح من نص المادة 45 سالفة الذكر اختصاص المحكمة الجزئية بالنظر في الدعاوى المستعجلة، ولا يغير من طبيعة اختصاص المحكمة الجزئية بالنظر في هذه الدعاوى ما نص عليه المشرع في المادة السالفة الذكر بندب قاض من قضاة المحكمة الإبتدائية للفصل في هذه الدعاوى، إذ أن هذا القاضي لايعدو أن يكون قاضيا جزئيا من حيث طبيعة عمله واختصاصه فهو بشكل محكمة جزئية متخصصة بنظر المنازعات المستعجلة ( عبد الباسط جميعي - مبادئ المرافعات - ص 28 )  فقد آثر المشرع أن يجمع تلك المنازعات المستعجلة في المدينة التي توجد بها محكمة كلية أمام قاضي جزئي واحد يكون اختصاصه المكانى شاملا للمدينة كلها، وكون هذا القاضي منتدبا من المحكمة الإبتدائية لا ينفي أنه يقوم بعمل قاضی جزئي، إذ أن أحكامه تستأنف أمام المحكمة الإبتدائية ذاتها، كذلك لا يغير من طبيعة اختصاص المحكمة الجزئية والدعاوى المستعجلة ما قرره المشرع في هذه المادة من أن الطلب المستعجل يمكن أن يرفع إلى المحكمة الإبتدائية بطريق التبعية لدعوي موضوعية منظورة أمامها، إذ أن هذا الاشتراك في الاختصاص لا ينفي أن الطلب المستعجل إذا رفع مستقلاً فإنه ينظر أمام قاضي جزئي، ويستأنف إلى المحكمة الإبتدائية، ويستوي عندئذ أن تكون هناك دعوى موضوعية مرفوعة إلى المحكمة الموضوعية سواء أكانت هذه المحكمة جزئية أم ابتدائية، أو ألا تكون هناك دعوی موضوعية مرفوعة أصلاً إلى هذه المحكمة .

وحكمة عقد الإختصاص بالمنازعات المستعجلة للمحكمة الجزئية هي أن هذه المحكمة أقدر من غيرها على الفصل في هذه المنازعات في أسرع وقت ( عبد الباسط جمیعی - ص 28 و ص 29 ) ، كما أن الحكم الصادر في تلك المنازعات لا يضيع معه أصل الحق بل هو حكم بإجراء وقتي، إذ يبقى للخصوم حق عرض النزاع على المحكمة المختصة موضوعياً به، فهذه المنازعات أقل أهمية من المنازعات الموضوعية، ولذلك كان من المناسب أن ينعقد الاختصاص بها لأدنى المحاكم درجة وهي المحاكم الجزئية .

ويجب ملاحظة أن الاختصاص بالدعاوى المستعجلة إنما يرجع إلى نوع هذه الد عاوي، أي كونها تتعلق بمسائل مستعجلة، يخشى عليها من فوات الوقت بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، فلا عبرة بطبيعة أصل الحق أو نوعه، وإنما العبرة في إنعقاد هذا الاختصاص متی بتوافر الاستعجال الذي يتحقق كلما توافر أمر يتضمن خطرا داهما أو يتضمن ضرراً قد لا يمكن تلافيه إذا لجأ الخصوم إلى القضاء العادي ( احمد أبو الوفا - المرافعات - بند 294 ص 405 ) ، وتستنبط المحكمة توافر الاستعجال من طبيعة النزاع وكيانه وما يحيط به من ظروف وما يتضمنه من وقائع ( رمزي سيف - بند 195 ص 241 ) ، ولا عبرة بوصف الخصوم للمنازعة بأنها مستعجلة، وإنما يترك تقدير توافر الاستعجال لذات المحكمة التي ترفع إليها الدعوى .

ووفقاً للمادة 45 - محل التعليق - فإنه إذا كانت المنازعة المستعجلة داخلة في دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية اختص بنظرها قاضى يندب في مقر المحكمة الإبتدائية ويسمى قاضي الأمور المستعجلة لهذه المدينة أو لمحكمة الأمور المستعجلة بهذه المدينة أما إذا كانت المنازعات المستعجلة خارج دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية اختصت بها المحكمة الجزئية بحسبانها محكمة مستعجلة، وهناك نوع من المحاكم الجزئية يقع مقرها في دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية ولكن دائرة اختصاصها تخرج عن دائرة هذه المدينة كمحكمة مركز طنطا مثلا مقرها مدينة طنطا ولكن دائرة اختصاصها نواح تابعة لمركز طنطا وخارجة عن دائرة مدينة طنطا، وقد ذهب رأي إلى أن العبرة في هذا المقام بدائرة اختصاص المحكمة الجزئية بصرف النظر عن مقرها ومن ثم فإن محكمة مركز طنطا الجزئية تكون هي المختصة بنظر المسائل المستعجلة الخاصة بدائرة مركز طنطا ( راتب ونصر الدين كامل - قضاء الأمور المستعجلة الطبعة الرابعة ص 236 ) وذهب ہای آخر إلى أنه يمتنع على المحاكم الجزئية الواقعة داخل المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية الفصل في المسائل المستعجلة ( محمد وعبد الوهاب العشماوي - ص 244 ) .

وطبقاً لنص الفقرتين الأولى والثانية من المادة فإن الاختصاص النوعي في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت يكون لقاضي الأمور المستعجلة الذي يندب في مقر المحكمة الإبتدائية أو للقاضى الجزئي خارج المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية غير أنه يجوز إستثناء وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة عرض الطلب العارض المستعجل على محكمة الموضوع جزئية كانت أو ابتدائية بالتبع للموضوع ولو لم تكن مختصة بنظره اختصاصا محليا فيما لو رفع إليها بصفة مستقلة، إذ أن الاعتبارات التي دفعت المشرع إلى أن يسمح برفع الطلبات العارضة أمام المحكمة التي تنظر الطلب الأصلي هي إعتبارات أقوى في نظره من تلك التي شرعت من أجلها قيود الاختصاص المحلى، يستوی في ذلك أن تكون هي المحكمة الكلية أم المحكمة الجزئية القضاء  المستعجل - راتب ونصر الدين كامل - الطبعة السادسة ص 28  إلا أن بعض المحاكم ذهبت إلى أنه لا يجوز مخالفة قواعد الاختصاص النوعي إلا إذا كان الطلب العارض المستعجل مرفوعا أمام المحكمة الإبتدائية تأسيساً على أنها المحكمة ذات الاختصاص الشامل، ومن ثم إذا كان الطلب العارض المستعجل مرفوعا أمام المحكمة الجزئية فإنه يتعين أن تكون مختصة بنظره نوعيا واستند أصحاب هذا الرأي على أن الفقرة الأولى من المادة 49 مرافعات نصت على أن لا تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم في الطلب العارض أو في الطلب المرتبط الأصلي إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل في اختصاصها واستطرد أصحاب هذا الرای قائلين بأنه إذا قدم لمحكمة الموضوع طلب عارض بالمخالفة لنص الفقرة الأولى سالفة الذكر فإنه يطبق في هذه الحالة نص الفقرة الثانية من هذه المادة التي قضت بأنه «إذا عرض عليها طلب من هذا القبيل جاز لها أن تحكم في الطلب الأصلى وحده إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتهما إلى المحكمة الإبتدائية المختصة ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعنه ولكن هذا الرأي منتقد ذلك أن المشرع جعل الاختصاص في المواد المستعجلة كأصل عام لقاضي الأمور المستعجلة الذي يندب في مقر المحكمة الإبتدائية، أي في عواصم المحافظات وهو قاض جزئی، وجعله لقاضي محكمة المواد الجزئية في المراكز ومن ثم لا يتصور أن يكون هناك طلب مستعجل يخرج عن اختصاص القاضي الجزئي، ويدخل في اختصاص المحكمة الإبتدائية مهما كانت قيمة المال المطلوب اتخاذ الإجراء الوقتي بشأنه وذلك ما عدا حالة رفع الطلب المستعجل أمام المحكمة الإبتدائية تبعاً لطلب موضوع آخر تختص به المحكمة الإبتدائية ( الدناصورى وعكاز - ص 360 و ص 361 ) .

ويلاحظ أنه في حالة ما إذا استبان لمحكمة الموضوع المرفوع لها الطلب المستعجل بصفة عارضة أن الطلب ليس طلباً مستعجلاً وإنما هو طلب موضوعي فإن المحكمة يتعين عليها في هذه الحالة أن تقضي بعدم اختصاصها بالطلب العارض سواء أكان قد قدم لمحكمة جزئية أم محكمة إبتدائية ولا يجوز لها أن تقضي فيه بصفته طلباً موضوعياً حتى لو كانت مختصة بنظره، كما لا يجوز لها أن تحيله لمحكمة أخرى، ذلك أن الطلب قدم لها بصفة مستعجلة، وبالتالي لا يجوز لها أن تعدل طلب الخصم وتقلب طلبه المستعجل إلى موضوعی واختصاص قاضي الموضوعى الاستثنائي بنظر الطلبات المستعجلة لا يكون إلا إذا كان الطلب المستعجل مرتبطا بالطلب الأصلي، وقيام الارتباط مسألة موضوعية متروك لتقدير المحكمة، فإن استبان لها قيام الارتباط قضت في الطلب المستعجل بالقبول أو الرفض، أما إذا رأت عدم وجود ارتباط بين الطلبين قضت بعدم قبول الطلب المستعجل ولا يجوز لها أن تقضي بعدم اختصاصها بنظره وإحالته إلى محكمة المواد المستعجلة.

 كما يلاحظ أن محكمة الموضوع وهي بصدد الفصل في الطلب المستعجل الذي يرفع إليها بالتبعية لطلب الموضوعي ملزمة بالتحقق من شروط اختصاص القضاء المستعجل بالفصل في الطلب، إذ أنها تصدر حكمها فيه باعتبارها محكمة مواد مستعجلة، ومن ثم فعليها أن تتحقق من ركني الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، كما أنها تحكم فيه في غيبة الخصم الذي لم يعلن به مع شخصه دون حاجة لتأجيل الدعوى لإعادة الإعلان، وحكمها في هذا الشق واجب النفاذ بقوة القانون وحجيته موقوتة ولا يقيدها عند الفصل في الطلب الموضوعي، ولا يعتبر فصلها فيه إبداء الرأي في الطلب الموضوعي، وبالجملة فإن الفصل في الطلب المستعجل من محكمة الموضوع له كافة الخصائص التي للحكم الصادر من محكمة المواد المستعجلة، غير أن الطعن عليه بالاستئناف يرفع إلى محكمة الاستئناف إذا كان الحكم صادراً من المحكمة الإبتدائية، ويرفع إلى المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة إستئنافية إذا كان صادراً من محكمة جزئية، وهو جائز استئنافه في جميع الحالات حتى ولو كان الطلب الموضوعي غير قابل للإستئناف.

ويجوز رفع الطلب المستعجل أمام محكمة الموضوع مع الدعوى الأصلية بصحيفة واحدة، كما يجوز إبداؤه كطلب عارض من الخصوم أثناء نظر الدعوى وفقاً للإجراءات التي حددها المشرع في المادة 123 من قانون المرافعات، أي بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة مع مراعاة مواعيد الحضور أي بصحيفة تودع قلم الكتاب، أو يقدم شفاهة بالجلسة فى حضور الخصوم ويثبت في محضرها، كما يجوز إبداؤه في مذكرة تقدم للمحكمة أثناء نظر الدعوى وقبل قفل باب المرافعة فيها على أن تسلم صورتها للخصم أو تعلن له ويكون لديه فرصة لإبداء دفاعه.

ويذهب الرأي السائد في الفقه إلى أن الطلب المستعجل الذي يبدي عن طريق التدخل الهجومي أو إختصام الغير لا يقبل إلا إذا رفع بصحيفة تودع قلم الكتاب وحجتهم في ذلك أن الطلب الفرعي المستعجل الذي يوجه إلى الغير يتعين أن يرفع بالطريقة التي يوجه بها لو أنه اتخذ في شكل دعوى مبتدأة قضاء الأمور المستعجلة ( راتب ونصر الدين كامل الطبعة السادسة ص 84، أحمد أبو الوفا - المرافعات، الطبعة الثالثة عشرة ص 200 ، أمينة النمر ص 584 ) ولكن يجب ملاحظة أن الطلب المستعجل الذي يقدم سن متدخل في الدعوى ليقدم طلبة المستعجل فقط دون أن تكون له طلبات موضوعية فإن طلبه يكون غير مقبول أما إذا كان للمتدخل في الدعوى طلباً موضوعية مرتبطة بالطلب الموضوعي المعروض على المحكمة، فإنه يجوز له أن يبدي طلبه المستعجل بالطريقة التي يیدی بها طلبة الموضوعي العارض الذي تدخل ليبديه وفقاً لنص المادة 126 من قانون المرافعات، أي بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة مع مراعاة مواعيد الحضور أو بطلب يقدم شفاهة بالجلسة ويثبت في محضرها أو بمذكرة يتسلم صورتها الخصم قبل قفل باب المرافعة بحيث تكون لديه فرصة الرد على ما ورد من دفاع ( الدناصورى وعكاز - ص 361 و ص 362 ) .

وجدير بالإشارة أنه لا يجوز إبداء طلب مستعجل بوقف تنفيذ حكم أمام محكمة الموضوع المعروض على المحكمة لأن إشكالات التنفيذ الوقتية من إختصاص قاضي التنفيذ وحده الذي أصبح مختصاً بنظر جميع إشكالات التنفيذ، فإذا رفع المدعی طلباً موضوعياً بانعدام حكم فلا يجوز له أن يبدي معه طلباً مستعجلاً بوقف تنفيذ الحكم وقفاً مؤقتاً.

ويشترط في الطلب المستعجل الذي يرفع بطرق التبعية - شأنه في ذلك شأن جميع الدعاوى والطلبات الأخرى - أن يكون لرافعه مصلحة فيه وإلا كان غير مقبول إلى المصلحة مناط الدعوى، غير أنه إذا دفع أمام المحكمة بعدم قيام المصلحة فإن على المحكمة في هذه الحالة أن تتثبت من ظاهر الأوراق من وجود مصلحة لرافع الطلب أو انتفائها على عكس قاضي الموضوع الذي يتعين عليه أن يبحث الأمر من جميع جوانبه وأن يتغلغل في فحص المستندات ليبت في هذا الأمر بتاً فعلياً.

ومن المنطقي أن تحكم المحكمة في الطلب الوقتي باعتباره طلباً مستعجلاً لا يتحمل تأخيراً قبل الفصل في الموضوع، أما إذا تراخى فصلها في الطلب الوقتي إلى حين الفصل في الطلب الموضوعي كان عليها أن تحكم في كلا الطلبين وتبين في أسباب حكمها وجه الرأي في كل طلب على حدة وأسانيده، ولا يسوغ لها أن تغفل الفصل في الطلب الوقتي بحجة أنها فصلت في الموضوع، إذ أن الفصل في الموضوع لا يغني عن الفصل في الطلب الوقتي، إذ أن الحكم في الطلب الوقتي مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون، وقد يكون الحكم في الموضوع غير مشمول بالنفاذ، إما لأنه غير جائز وإما لأنه جوازي للمحكمة، ولم تر الحكم به، كما يتعين على المحكمة أن تقضى في مصاريف كل من الطلبين على حدة.

ويجوز أن يتأخر الفصل في الطلب الوقتي إلى ما بعد الفصل في الموضوع، وفي هذه الحالة يتعين على المحكمة أن تصدر حكمها في الطلب الوقتي، مثال ذلك أن يرفع مشترى على البائع دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع قطعة أرض فضاء والتسليم ثم يطلب قبل قفل باب المرافعة طلباً عارضاً مستعجلاً بفرض الحراسة القضائية على العين لوجود خطر من بقائها تحت يد البائع حتى صدور حكم بصحة ونفاذ العقد وتسليم العين، وتحجز المحكمة الدعوى للحكم وترى أن عناصر الدعوى الموضوعية كافية للفصل فيها، وأن الدعوى المستعجلة تحتاج لاستكمال الخصوم دفاعهم فيها، فإنه يجوز لها أن تفصل في الدعوى الموضوعية وتبقى الفصل في دعوى الحراسة المستعجلة إلى أن يستوفي الخصوم دفاعهم، وعليها في هذه الحالة أن تفصل في الطلب المستعجل بالقبول أو الرفض أياً كان حكمها في الطلب الموضوعي وعليها أن تفصل في مصاريف كل من الدعويين على حدة كما مضت الإشارة ( الدناصورى وعكاز - ص 362 و ص 363 ) .

مدى جواز إحالة القاضي المستعجل للدعوى إلى المحكمة الموضوعية إذا قضى بعدم الاختصاص  استقر قضاء محكمة النقض على أنه في حالة ما إذا تبين للقاضى المستعجل أن الطلب الوقتي المرفوع أمامه لا يتوافر فيه ركن الاستعجال أو ركن عدم المساس بأصل الحق وقضى بعدم اختصاصه فإنه يقف عند هذا الحد ولا يخيل الدعوى إلى محكمة الموضوع إذ لا يبقى أمامه مايصح إحالته إليها على عكس ما إذا تبين له أن الطلب موضوعي وقضي بعدم اختصاصه لهذا السبب فإنه يتعين عليه في هذه الحالة إحالة النزاع لمحكمة الموضوع .

شروط إختصاص القاضى المستعجل  إشترط المشرع في المادة 45 - محل التعليق - لإختصاص القاضي المستعجل تحقق الشروط الثلاثة الآتية :

 الشرط الأول  توافر ركن الاستعجال أو الخطر  ومعنی ذلك أن تكون المنازعة مما يخشى عليه من فوات الوقت، وقد عرف الاستعجال بأنه هو الخطر المحدق بالحقوق أو المصالح التي يراد المحافظة عليها وهو يتوافر كلما وجدت حالة يترتب على فوات الوقت حصول ضرر منها يتعذر تداركه أو إصلاحه.

وللخشية من فوات الوقت مظهران :

المظهر الأول  الخشية من زوال العالم - ومثال ذلك أن يقوم شخص بإغراق أرض جاره بالمياه بعد أن يكون قد أعدها للزراعة - ويرغب صاحب الأرض في إثبات هذه الحالة فوراً - وظاهر أن فوات الوقت يؤدي إلى جفاف المياه وزوال معالم الواقعة التي يزيد صاحب الأرض الاستناد إليها في طلب التعويض مستقبلا ً.

المظهر الثاني  هو الخشية من قوات المصلحة أو ضياع الحق - كما في حالة المستأجر الذي يترك العين المؤجرة بعد أن يخربها أو يتلفها - فهذه الحالة لا تزول معالمها بمرور الوقت - ولكن يترتب على البطء في إثباتها تفويت حق المؤجر في الانتفاع بالعين أو تأجيرها للغير .

ففي مثل هذه الأحوال يقتضى الأمر اتخاذ إجراء سريع لا يحتمل الإبطاء، ونتيجة لذلك توصف المنازعة بأنها مستعجلة.

وركن الاستعجال أو الخطر يجب أن يتوافر في جميع المنازعات المستعجلة، وإلا كان القاضي المستعجل غير مختص بها ووجب عرض النزاع في شانها على القاضي الموضوعي إن كان لذلك محل.

ويلاحظ في خصوص ركن الاستعجال الملاحظات الآتية :

1- إن الاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المتنازع فيه أو من الظروف المحيطة به لا من إرادة الخصوم أو رغبتهم في الحصول على حكم سريع ولا من اتفاقهم على اختصاص القاضي المستعجل  .

2- إنه إذا زال الاستعجال أثناء نظر الدعوى، فالراجح أن ذلك يزيل اختصاص القاضي المستعجل ( عبد الباسط جمیعی ص 129 و ص 130 ) .

3- إن الاستعجال يتحقق كلما توافر أمر يتضمن خطرا داهما أو يتضمن ضررا قد لايمكن تلافيه إذا لجأ الخصوم إلى القضاء العادي ولو بعد تقصير المواعيد المقررة، وذلك نظرا لطول الوقت الذي تستلزمه إجراءات التقاضي لدى محكمة الموضوع.

( نقض 15/11/1947 مجموعة القواعد القانونية 5 ص 525، نقض 23/11/1950 - لسنة 2 ص 103 - وقيل أنه ليس من الضروري أن يكون الضرر المتقدم مما لا يمكن تلافيه، العشماوي ج 1 ص 255 والأحكام العديدة المشار إليها ) .

4- إن الاستعجال ضابط قانونی ووصف للدعوى المستعجلة لا يملك الخصم فرضه على خصمه، بل لا يجدى الاتفاق في شانه، ولا يتحقق إلا إذا توافرت مقومات الحكم به بحسب ظروف القضية ( أحمد أبو الوفا ۔ التعليق - ص 317 ) ، ولاتملك المحكمة فرض هذا الوصف إلا إذا كان قائما بالفعل، وعليها التحقق من وجوده من تلقاء نفسها لأنه من عناصر التحقق من اختصاصها النوعي المتعلق بالنظام العام، ولا يعد خطأ المدعی في الوصف عذرا يعفي المحكمة من المسئولية المقررة عليها فيما يجب مراعاته مما يتصل بالنظام العام.

5- إن وصف الاستعجال يتوافر أولا بغض النظر عن طبيعة أصل الحق أو نوعه، وسواء كان متصلاً بعقار أو بمنازعات تجارية أو بحرية أو مدنية أو غير ذلك، إذ أن هذا الوصف يلحق الدعوى لا أصل الحق، وبعبارة أدق، أصل الحق - أو المنفعة الناشئة عنه بتعبير آخر يمكن حمايتها بالدعوى الموضوعية فضلاً عن حمايتها - بصفة مؤقتة - بالدعوى المستعجلة ( أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 319 وص 320، وقارن راتب ونصر الدين رقم 8 ص 44 ) .

6- إن وصف الاستعجال مؤقت عرضه للزوال، وفي هذه الحالة يمتنع الالتجاء إلى القضاء المستعجل، بل إن مرور الوقت دون رفع الدعوى المستعجلة قد يعتبر تراخيا بهدم هذا الوصف ما لم يكن له ما يبرره ( استئناف في 1/2/1946 ص 164 - منشور في دالوز الجديد رقم 14 وما بعدها ) ، كما إذا كان الخصم يسعی بالفعل إلى تفادي رفع الدعوى المستعجلة بصلح أو تحكيم أو تهيئة جو صالح للاتفاق - وكل هذا عمل مشروع قد يبرر التراخي في الدعوى المستعجلة في بعض الأحوال ونظرا لظروف كل قضية، وإلا أصبحت الرحمة والطرق الودية والشرف في المعاملة وسيلة لضياع الحقوق، وقد يزول الوصف ولو بادر المدعى برفع دعواه فورا وذلك إذا تراخى فى تقديم مستنداته أو في تنفيذ ما أمرته به المحكمة، وتسبب في تأجيل الدعوى ( محمد عبد اللطيف - القضاء المستعجل - ص 23 ) .

 7- إنه يجب مراعاة التمييز بين المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت التي يختص بها القاضي المستعجل، ويصدر فيها أحكاما وقتيا دون المساس بالحق وبين المسائل التي يوجب القانون الحكم فيها على وجه السرعة - وهي منازعات موضوعية ترفع إلى المحكمة المختصة وأوجب القانون الحكم فيها على وجه السرعة لاعتبارات خاصة، والحكم الصادر فيها يعتبر موضوعياً قطعياً لا فرعياً وقتياً .   

8- إن المشرع قد افترض الاستعجال بحق في إشكالات التنفيذ الوقتية، كما يرى الفقه أنه يعتبر قائما بذاته في دعاوى معينة كدعوی وقف الأعمال الجديدة ودعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض ( أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 320 ) .

9- إنه يجب أن يكون واضحاً في ذهن القاضي المستعجل أن الإستعجال أمر يختلف تقديره بحسب الزمان والمكان والبيئة، فالحرمان من التيار الكهربائي مثلا قد لا يعتبر مبرراً للدعوى المستعجلة في بيئة معينة وفي زمان معين، بينما يعتبر الحرمان منه ساعة واحدة مبررا لهذه الدعوى في بيئة أخرى، وكذلك الحال بالنسبة لاستعمال الغاز أو المياه الساخنة أو المصعد ( انظر حكم محكمة ليون بفرنسا 18/2/1929 - منشور في سيريه 29/1/1966 - إستئناف مختلط 2/5/1945 السنة 57 ص 152 ) .

جزاء تخلف ركن الإستعجال، وأثر تحققه بعد رفع الدعوى وأمثلة إذا لم يتحقق ركن الاستعجال أو لم يكن المطلوب هو إجراء مؤقت، فإن المحكمة المستعجلة تحكم بعدم اختصاصها، أما إذا كانت المحكمة المطروح عليها الطلب هي محكمة الموضوع فإنها تفصل فيه متى كانت مختصة به من جميع الوجوه.

وإذا تحقق ركن الاستعجال أثناء نظر الدعوى المستعجلة وبعد رفعها، فإن القاضي المستعجل يكون مختصاً بنظرها هذا على الرغم من أن الأصل أن الدعوى تنظر بالحالة التي تكون عليها وقت رفعها، وذلك لأن هذه القاعدة مقررة لمصلحة المدعي، فلايجوز أن يضار من أعمالها في مواجهته، كما أنه ليس من العدالة أن يتحمل المدعي مصاريف دعوى جديدة يجوز له أن يرفعها بنفس حالة الأولى، وفي نفس الوقت الذي يقضي بعدم الإختصاص بنظرها، ( أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 221 ، راتب ونصر الدين كامل ص 49، وراجع أيضاً مستعجل القاهرة 23 يونية 1932 - المحاماة 13 ص 114 ) .

وإذا زال الإستعجال بعد رفع الدعوى المستعجلة فإن المحكمة المستعجلة تحكم بعدم إختصاصها لتعلق هذا الإختصاص بالنظام العام، كما ذكرنا آنفا، ( قارن محمد العشماوي وعبد الوهاب العشماوى رقم 216 ص 256، والأحكام المشار إليها ) .

ومن الأمثلة الهامة في هذا الصدد أن يسدد المستأجر كامل الأجرة المستحقة عليه بعد تحقق الشرط الفاسخ الصريح، وبعد رفع الدعوى إلى القضاء المستعجل بالطرد، فهنا يصبح غير مختص بها نظراً لزوال الخطر والاستعجال هو المبرر لاختصاصه ( مستعجل الإسكندرية 9/3/1954 ، قضية رقم 689 لسنة 54 مدنى مستعجل إسكندرية ومستعجل مصر 29/7/1936 ، المحاماة 17 ص 231 ، أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 221 ) .

ومن أمثلة الحالات التي يتوافر فيها ركن الاستعجال في الدعوى والتطبيقات العملية له طلب إثبات حالة منقولات عرضة للتلف أو لتقلب الأسعار، وطلب إثبات حالة عقار حتى لاتزول الآثار المادية الثابتة به إذا كان الزمن القليل يطمسها، وطلب طرد المستأجر الذي يستعمل العين المؤجرة بصورة مخلة بالآداب أو ضارة بباقي المستأجرين أو بالعين ذاتها، أو بالجيران أو بالمصلحة العامة أو الصحة العامة، وطلب سماع شاهد لمن يخشى زوال فرصة الاستشهاد به، وطلب تعيين حارس قضائي على عين لمن يخشى من بقائها في حيازة حائزها مادة 729 مدني وما يليها، هذا مع ملاحظة أن صدور حكم لمصلحة الحائز في دعوى من دعاوى الحيازة لا يمنع بأي حال من الأحوال من فرض الحراسة القضائية، لأن مجال دعوى الحيازة يختلف عن مجال دعوى الحراسة، فالأولى تتصل بحماية الحيازة في حين أن الأخرى يقصد بها وضع العين في يد غير الحائز - حتى مع التسليم بحيازته - لسبب يتصل بالنزاع على أصل الحق أو لسبب يتصل بالإدارة مثلاً...  إلخ.

ومن أمثلة حالات الاستعجال أيضاً طلب نفقة مؤقتة لمن كان حقه ظاهراً وفي حالة عوز، وطلب حماية الحيازة بدعاوى الحيازة، وهي دعوى منع التعرض ودعوى وقف الأعمال الجديدة ودعوى استرداد الحيازة أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 332 وغير ذلك من الأمثلة العديدة التي يصعب حصرها.

الشرط الثاني أن يكون المطلوب في الدعوى المستعجلة هو إجراء وقتي أو تحفظي :

فإذا تضمنت الدعوى المستعجلة طلباً موضوعياً كالحكم بالمديونية أو الملكية أو الحيازة أو البطلان أو الفسخ، كان القاضي المستعجل غير مختص بالدعوى أو على الأقل بالطلب الموضوعي.

إلا أنه يجوز للقاضى المستعجل عندما يعرض عليه طلب موضوعی  خارج عن حدود اختصاصه إذا ما قدر أنه ينطوي على طلب وقتي يدخل في اختصاصه أن يغير الطلبات المطروحة في الدعوى بما يتلاءم مع اختصاصه.

وسلطة القاضي المستعجل في تعديل طلبات الخصوم على هذا النحو يعبر عنها في الفقه والقضاء بأن القاضي المستعجل يملك «تحوير الطلبات، وهذا استثناء من مبدأ حياد القاضي الذي يستلزم تقيده بالطلبات المقدمة إليه من الخصوم.

ولكن القضاء استقر على تخويل القاضي المستعجل هذه السلطة - نظرا للطبيعة الخاصة التي يتميز بها اختصاص القاضى المستعجل، وتمشيا مع الأهداف المقصودة من إنشاء هذا النوع من القضاء - وهي تفادي الأخطار المحدقة بمصالح الأفراد أو حقوقهم خصوصا وأن القاضى المستعجل لا يقضى إلا بإجراء وقتی ولا يفصل في أصل الحقوق.

وتأصل سلطة القاضي المستعجل فإن تحوير الطلبات على أساس أنها تطبيق لمبدأ التحول في نطاق الطلبات القضائية فإن من المقرر أن العقد الباطل لتخلف ركن من أركانه إذا تضمن في إنقاضه عناصر عقد آخر صحيح فإنه يتحول إلى هذا العقد الصحيح إذا ما تبين أن إرادة المتعاقدين كانت بحيث تتجه إليه ومثال ذلك أن يبيع شخص لآخر بعقد رسمی عقارا، ويتبرع له بالثمن فهذا العقد باطل كبيع لتخلف ركن الثمن فيه ولكنه يصح اعتباره هبة ما دامت شروط الهبة متوافرة فيه وهي نية التبرع الرسمية  .

فكذلك الطلبات القضائية التي تعرض على القاضى المستعجل إذا ما تبين أن نية المدعى كانت تتجه فيها إلى طلب الحماية الوقتية، فلو طلب المدعي الحكم بأحقيته إلى ملكية عين أو حيازتها وهذا طلب موضوع.

جاز للقاضى المستعجل أن يحور هذا الطلب إلى طلب وضع العين تحت الحراسة القضائية.

كذلك لو رفعت دعوى بطرد مستأجر من عين معينة، وكان ذلك يثير نزاعاً موضوعياً ، فإنه يجوز للقاضى المستعجل أن يحور طلب الطرد إلى طلب حراسة.

ومن أمثلة ذلك أيضا أن يطلب من قاضي التنفيذ باعتباره قاضيا مستعجلا الحكم ببطلان حجز وهذا طلب موضوعی فيمكن حمل هذا الطلب على أن المدعي إنما يرمي إلى إيقاف التنفيذ لأن من يطلب الأكثر يطلب الأقل ( عبد الباسط جمیعی - ص 131 و ص 132 ) .  

الشرط الثالث ألا يكون من شأن الفصل في الدعوى المستعجلة المساس بأصل حق من الحقوق المدعاة من جانب أحد الطرفين  : وعدم المساس بالحق هو شرط لإختصاص القاضى المستعجل وقيد على سلطته في نفس الوقت فلو رفعت دعوى مستعجلة تتضمن مساسا بأصل الحق، فإن القاضي المستعجل يجب أن يحكم بعدم اختصاصه بها - ولو توافر ركن الخطر - ما لم يعمد إلى تحوير الطلبات، ومثال ذلك أن ترفع إليه دعوى بطلب إثبات تزوير عقد - فمثل هذا الطلب موضوعي ويمس أصل الحق، فيجب على القاضي أن يحكم بعدم اختصاصه بالدعوى، وإنما يجوز له أن يحكم بالتحفظ على العقد المطعون عليه بالتزوير، وذلك بإيداعه في خزينة المحكمة داخل مظروف مختوم، فمثل هذا الإجراء الوقتي بدخل في حدود اختصاصه  .

ويلاحظ أن حقيقة المقصود من عدم المساس بأصل الحق ألا يعدل القاضى المستعجل المركز القانوني للخصوم فلا يعدل حقاً لأي منهما ولا يمحوه ولا يؤكده، ويظل الدائن دائناً في نطاق حقه، ويظل المدين مديناً في نطاق مسئوليته، ويظل الحاجز حاجزاً والمحجوز عليه محجوزاً عليه .. وهكذا - أي بكلمة واحدة يظل مركز الخصوم القانوني على حالة دون المساس به ودون تفسير لأن هذا التفسير - أي تفسير العقد أو الحكم - قد يؤدي إلى تأكيد حق أو تعديله أو محوه، وهذا مما يمتنع على القاضي المستعجل المساس به. والنتيجة المباشرة لما تقدم أن الحكم المستعجل لا يحوز حجية الشيء المحكوم به بالنسبة لأصل الحق لأن القاضي المستعجل لايمس به المركز القانوني للخصوم، كما أن رفع الدعوى المستعجلة لا يقطع مدة تقادم أصل الحق ( أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 331 ) .

وجدير بالذكر أنه إذا رفعت إلى القاضي دعوى مستعجلة وتحقق فيها ركن الإستعجال أو الخطر وكان المطلوب فيها إجراء وقتياً أو تحفظياً - ولكن ثار فيها نزاع جدي - يتوقف على الفصل فيه الحكم في الدعوى المستعجلة بالإجراء الوقت، وكان هذا النزاع الجدی موضوعياً ، فإن إختصاص القاضي المستعجل يرتفع أو ينحسر في هذه الحالة ويتعين عليه أن يقضي بعدم الاختصاص.

وقد يعترض على ذلك بأن القاضي المستعجل متى كان مختصاً في البداية فلا يجوز أن يزول اختصاصه بسبب طارئ بعد رفع الدعوى أو أثناء سيرها، ولكن هذا الإعتراض مردود بأن اختصاص القاضى المستعجل يتحدد على مرحلتين : فهو في المرحلة الأولى ينحصر في الإختصاص بنظر الدعوى، وهو في المرحلة الثانية يتمثل في الاختصاص بالحكم في الدعوى.

ومتى إنتفى إختصاص القاضي في المرحلة الأولى، فإن ذلك يستبعد بداهة الإنتقال إلى المرحلة الثانية.

أما إذا توافر الإختصاص بالنظر فإننا ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة الاختصاص بالحكم، فإذا لم يتوافر هذا الاختصاص، وجب على القاضي أن يتوقف وأن يقضي بعدم اختصاصه.

ويتحقق ذلك في صورتين: أولاهما: أن يزول ركن الاستعجال أو الخطر بعد أن كان متحققاً في بداية كرفع الدعوى. فإن ذلك يزيل اختصاص القاضي بالحكم فيها - كما لو سدد المستأجر الأجرة أثناء رفع دعوى الطرد المستعجلة فينتفي بذلك الخطر على حقوق المؤجر.

ومن أمثلة ذلك أيضاً أن ترفع دعوى مستعجلة بإثبات حالة ثم يتغيب المدعي والمدعى عليه فيها فتشطب ولا يجددها المدعى إلا بعد مضي فترة طويلة كفيلة بزوال حالة الاستعجال. فهذا التراخي في الدعوى يزيل الإستعجال.

والصورة الثانية : أن يثور أثناء الدعوى نزاع موضوعی ویکون هنا النزاع جدياً والفصل فيه ضرورياً للحكم في الدعوى .

مثال ذلك: أن ترفع دعوى طرد مستأجر بحجة انتهاء عقد إيجاره أو تكون دعوى الطرد. مؤسسة على وجود شرط فاسخ صریح وارد في عقد الإيجار، وأن هذا الشرط قد تحقق - فيثير المستأجر نزاعاً موضوعياً حول انتهاء عقد الإيجار أو حول وجود الشرط الفاسخ الصريح أو حول تحققه.

ولكن لايكفي أن يثور نزاع موضوعي أياً كان حتى يزول اختصاص القاضى المستعجل وإلا لأمكن للمدعى عليه أن يستبعد الاختصاص المستعجل بإثارة أي نزاع موضوعي، وإنما يجب أن يكون النزاع جدياً والفصل فيه لازماً للحكم في الدعوى المستعجلة. فإذا تبين القاضي من ظاهر الأوراق أن النزاع غير جدي فإنه لا يقضي بعدم الإختصاص. ومن  أمثلة ذلك على ما ورد في أحد أحكام محكمة النقض عن ادعاء المستأجر بأنه استأجر نفس المكان بعقد جديد من وكيل المالك، إذ يتضح أنه ليست هناك وكالة.

ويلاحظ أخيراً أن اختصاص القاضي المستعجل يختلف عن اختصاص أي قاضي آخر لأن المحاكم الموضوعية عندما تجد مسألة أولية في الدعوى (أي مسألة يتوقف عليها الفصل في الدعوى، وتكون هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة، فإنها توقف الدعوى لحين الفصل في المسألة الأولية ويبقى الاختصاص بالدعوى الموقوفة قائما للمحكمة التي رفعت إليها تلك الدعوى. أما القاضي المستعجل فلا يملك أن يوقف الدعوى لحين الفصل في النزاع الموضوعي - لأن ذلك يزيل ركن الاستعجال ويجعل اختصاصه بعدئذ عديم الفائدة - وإنما يفصل بحسب . الظاهرة ( عبد الباسط جمیعی - ص 133 – ص 135 ) .

وعدم المساس بأصل الحق كشرط لاختصاص القضاء المستعجل يتمثل في جملة مواطن أو مواضع من الدعوي :

 أولهما : في الطلبات المطروحة على القاضي : إذ يجب ألا تكون طلبات موضوعية. والطلبات الموضوعية هي التي تتعلق بأصل الحق. ومثالها طلب الحكم بالمديونية أو الملكية أو البطلان أو الفسخ أو براءة الذمة أو سقوط الحق بالتقادم إلى غير ذلك من الطلبات المماثلة.

وثانيهما : في بحث المستندات : إذ أن القاضى المستعجل يحكم بحسب الظاهر فلا يجوز له أن يتعمق في بحث المستندات، أو أن يقطع في شأنها برأی حاسم أو أن يفسرها سواء أكانت عقوداً أو أحكاماً ، بل إنه يحكم بحسب ما يبدو له لأول وهلة أو لأول نظرة ( او على حد تعبير محكمة النقض أنه يتحسس المستندات، أي يبحثها بحثاً عرضياً).

فإذا ما تعمق في بحثها أو تطرق إلى تفسيرها، فإنه يكون قد جاوز اختصاصه.

وثالث هذه المواضع - هو في تسبيب الحكم : إذ يجب ألا يستند القاضي المستعجل في أسبابه إلى ثبوت الحق أو نفيه، بل يجب أن يقتصر على ترجيح الاحتمالات دون أن يقطع برأی في أصل الحق، وإلا فإن حكمه يكون مبنيا على أساس فاسد لتجاوزه حد اختصاصه.

ولهذا نجد أن أسباب الأحكام المستعجلة تتردد فيها غالبا عبارة: وحيث إنه يبدو ...» «وحيث إن الظاهر من الأوراق أو من الظروف ..... فلا يجوز أن يقول القاضي المستعجل: «وحيث إنه قد ثبت ... - لأنه بذلك يكون قد اعتدى على ولاية القاضي الموضوعي ولم يبق له شيئا التحكم فيه - مع أن القاعدة أن أصل ألحق يبقى سليماً محفوظاً يتناضل فيه الخصمان أمام محكمة الموضوع ولايتأثر بما ورد في الحكم المستعجل.

ومن نتائج ذلك اعتبار حجية الحكم المستعجل مؤقتة ونسبية بمعنی أنها لا تؤثر على قضاء الموضوع.

والموضع الرابع : هو في منطوق الحكم :

فلا يجوز للقاضي المستعجل أن ينتهي في قضائه إلى تقرير ثبوت الحق أو نفيه أو إلى الزام أحد الخصمين بأداء حق إلى الآخر، بل كل ما يستطيعه هو الحكم بإجراء مؤقت.

وتظل للإجراء الوقت المحكوم به صفة الوقتية حتى ولو ترتب عليه ضرر دائم أو ضرر بتعذر تدارکه كما في حالة الحكم بالطرد مثلا إذا ماشغلت العين التي طرد منها المستأجر أو الحكم بالهدم إذا ما تم الهدم، - ثم تبين بعد ذلك أمام قاضي الموضوع أن من صدر الحكم بالطرد أو الهدم لصالحه لم يكن محقاً في طلبه من الناحية الموضوعية، فإن تعذر إعادة الحال إلى ما كانت عليه لاينفي أن الإجراء كان مع ذلك وقتيا مقصودا به تدارك الخطر العاجل الذي كان ماثلا أمام القاضي المستعجل، مع بقاء أصل الحق سليماً.

يترتب على وجوب امتناع القاضي المستعجل عن المساس بأصل الحق نتيجة هامة، هي أنه لا يجوز له أن يحكم بإحالة الدعوى المستعجلة إلى التحقيق، أي أن يسمع شهوداً كما لا يجوز له أن يقضي بتوجيه اليمين الحاسمة، أو أن يحقق الادعاء بالتزوير .

ولهذا فإن القاضي المستعجل لا يصدر أحكاما تمهيدية بل ينتهي دائما إلى القضاء بإجراء وقتی بموجب حكم يختتم به الدعوى دون أن تسبقه أحكام تمهيدية.

وإنما أجيز للقاضى المستعجل أن يقضي بالمعاينة أو يندب خبير؟ إذا كان من شأن هذا الإجراء التحقق من توافر ركن الاستعجال، أي باعتبار ذلك وسيلة للتحقق من اختصاص القاضي، ومثال ذلك: دعوى ترفع بطلب وقف أعمال الهدم أو البناء في عقار مجاور لأن ذلك يهدد عقار المدعي، فيجوز للقاضي أن يعلن أو أن يندب خبيرا للتثبت من أن هذه الأعمال تهدد عقار المدعي، فإذا تبين له ذلك كان مختصا، وإلا فإن ركن الخطر ينتفي، وينتفي بذلك اختصاصه (عبد الباسط جمیعی - ص 135 - ص 138).

ضرورة توافر الشروط الثلاثة جميعاً لانعقاد الاختصاص للقاضي المستعجل : يتضح لنا مما تقدم الشروط اللازمة لاختصاص القاضي المستعجل، ويلاحظ أن أي شرط منها لا يغني عن الآخر، بل لابد أن تتوافر جميعا فلو توافر الاستعجال والخطر، وتبين أن هناك مساساً بأصل الحق كان القاضي المستعجل غير مختص مهما بلغت درجة الخطورة، والعكس صحيح بمعنى أنه لو طلب من القاضي إجراء وقتی ولم يكن في ذلك أي مساس بأصل الحق ولكن انتفى الاستعجال، فإنه يكون غير مختص، إذ ينبغي لاختصاصه أن تتوافر الشروط الثلاثة جميعاً . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الأول  ، الصفحة : 1137 )

يرجع في بحث هذه المادة للمؤلفات العديدة التي تناولتها ومنها قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كمال ومؤلفنا في القضاء المستعجل وقضاء التنفيذ والقاضي المستعجل للمستشار محمد عبد اللطيف وسيكون شرحنا لها في نطاق ضيق وفي حدود الاختصاص المتصل بقانون المرافعات وبتركيز شديد.

ومن المقرر أنه إذا كانت المنازعة المستعجلة داخلة في دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية اختص بنظرها قاضي يندب في مقر المحكمة الإبتدائية ويسمى قاضي الأمور المستعجلة لهذه المدينة أو لمحكمة الأمور المستعجلة بهذه المدينة . أما إذا كانت المنازعة المستعجلة خارج دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية اختصت بها المحكمة الجزئية بحسبانها محكمة مستعجلة وهناك نوع من المحاكم الجزئية بحسبانها محكمة مستعجلة . وهناك نوع من المحاكم الجزئية يقع مقرها في دائرة المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية ولكن دائرة اختصاصها تخرج عن دائرة هذه المدينة كمحكمة مركز طنطا مثلا مقرها مدينة طنطا ولكن دائرة اختصاصها نواحي تابعة لمركز طنطا وخارجة عن دائرة مدينة طنطا وقد ذهب رأي إلي أن العبرة في هذا المقام بدائرة اختصاص المحكمة الجزئية بصرف النظر عن مقرها ومن ثم فإن محكمة مركز طنطا الجزئية تكون هي المختصة بنظر المسائل المستعجلة الخاصة بدائرة مركز طنطا، وذهب رأي آخر إلى أنه يمتنع على المحاكم الجزئية الواقعة داخل المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية الفصل في المسائل المستعجلة . ( راجع في الرأي الأول قضاء الأمور المستعجلة للأستاذين راتب ونصر الدين كامل الطبعة الرابعة ص 36 . وفي الرأي الثاني مرافعات العشماوي ص 244).

ومن المقرر كأصل عام وفقا لنص الفقرتين الأولي والثانية من المادة أن الاختصاص النوعي في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت يكون لقاضي الأمور المستعجلة الذي يندب في مقر المحكمة الإبتدائية أو للقاضي الجزئي خارج المدينة التي بها مقر المحكمة الإبتدائية غير أنه يجوز استثناء وفقاً النص الفقرة الثالثة من المادة عرض الطلب العارض المستعجل علي محكمة الموضوع جزئية كانت أو ابتدائية بالتبع للموضوع ولو لم تكن مختصة بنظره اختصاصا محليا فيما لو رفع إليها بصفة مستقلة إذ أن الاعتبارات التي دفعت المشرع إلي أن يسمح برفع الطلبات العارضة أمام المحكمة التي تنظر الطلب الأصلي هي اعتبارات أقوى في نظره من تلك التي شرعت من أجلها قيود الاختصاص المحلي ، يستوي في ذلك أن تكون هي المحكمة الكلية أم المحكمة الجزئية ( القضاء المستعجل للأستاذين راتب ونصر الدين كامل الطبعة السادسة ص 28) إلا أن بعض المحاكم ذهبت إلي أنه لا يجوز مخالفة قواعد الاختصاص النوعي إلا إذا كان الطلب العارض المستعجل مرفوعاً أمام المحكمة الإبتدائية تأسيساً على أنها المحكمة ذات الاختصاص الشامل ومن ثم إذا كان الطلب العارض المستعجل مرفوعا أمام المحكمة الجزئية فإنه يتعين أن تكون مختصة بنظره نوعياً واستند أصحاب هذا الرأي إلي أن الفقرة الأولي من المادة 49 مرافعات نصت على أن لا تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم في الطلب العارض أو في الطلب المرتبط بالطلب الأصلي إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل في اختصاصها واستطرد أصحاب هذا الرأي قائلين بأنه إذا قدم لمحكمة الموضوع طلب عارض بالمخالفة لنص الفقرة الأولي سالفة الذكر فإنه يطبق في هذه الحالة نص الفقرة الثانية من هذه المادة التي قضت بأنه " إذا عرض عليها طلب من هذا القبيل جاز لها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوي الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتهما إلى المحكمة الإبتدائية المختصة ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعن " . وهذا الرأي - في تقديرنا - غير سديد ذلك أن المشرع جعل الاختصاص في المواد المستعجلة كأصل عام لقاضي الأمور المستعجلة الذي يندب في مقر المحكمة الإبتدائية أي في عواصم المحافظات وهو قاض جزئي . وجعله لقاضي محكمة المواد الجزئية في المراكز ومن ثم لا يتصور أن يكون هناك طلب مستعجل يخرج عن اختصاص القاضي الجزئي ويدخل في اختصاص المحكمة الإبتدائية مهما كانت قيمة المال المطلوب اتخاذ الإجراء الوقتي بشأنه وذلك ما عدا حالة رفع الطلب المستعجل أمام المحكمة الإبتدائية تبعاً لطلب موضوعي آخر تختص به المحكمة الإبتدائية.

وفي حالة ما إذا استبان لمحكمة الموضوع المرفوع لها الطلب المستعجل بصفة عارضة أن الطلب ليس طلباً مستعجلاً وإنما هو طلب موضوعي فإن المحكمة يتعين عليها في هذه الحالة أن تقضي بعدم اختصاصها بالطلب العارض سواء أكان قد قدم لمحكمة جزئية أم محكمة ابتدائية ولا يجوز لها أن تقضي فيه بصفته طلباً موضوعياً حتى لو كانت مختصة بنظره كما لا يجوز لها أن تحيله المحكمة أخرى ، وذلك أن الطلب قد قدم لها بصفة مستعجلة وبالتالي لا يجوز لها أن تعدل طلب الخصم وتقلب طلبه المستعجل إلي موضوعي . واختصاص قاضي الموضوع الاستثنائي بنظر الطلبات المستعجلة لا يكون إلا إذا كان الطلب المستعجل مرتبطا بالطلب الأصلي ، وقيام الارتباط مسألة موضوعية متروك لتقدير المحكمة ، فإذا استبان لها قيام الارتباط قضت في الطلب المستعجل بالقبول أو الرفض أما إذا رأت عدم وجود ارتباط بين الطلبين قضت بعدم قبول الطلب المستعجل ولا يجوز لها أن تقضي بعدم اختصاصها بنظره وإحالته إلى محكمة المواد المستعجلة.

 ومحكمة الموضوع وهي بصدد الفصل في الطلب المستعجل الذي يرفع إليها بالتبعية للطلب الموضوعي ملزمة بالتحقق من شروط اختصاص القضاء المستعجل بالفصل في الطلب إذ أنها تصدر حكمها فيه باعتبارها محكمة مواد مستعجلة ، ومن ثم فعليها أن تتحقق من ركني الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق ، كما أنها تحكم فيه في غيبة الخصم الذي لم يعلن به مع شخصه ودون حاجة لتأجيل الدعوى لإعادة الإعلان ، وحكمها في هذا الشق واجب النفاذ بقوة القانون وحجيته موقوتة ولا يقيدها عند الفصل في الطلب الموضوعي ، ولا يعتبر فصلها فيه إبداء الرأي في الطلب الموضوعي ، وبالجملة فإن الفصل في الطلب المستعجل من محكمة الموضوع له كافة الخصائص التي للحكم الصادر من محكمة المواد المستعجلة ، غير أن الطعن عليه بالاستئناف يرفع إلي محكمة الإستئناف إذا كان الحكم صادراً من المحكمة الإبتدائية، ويرفع إلي المحكمة الإبتدائية منعقدة بهيئة استئنافية إذا كان صادر من محكمة جزئية ، وهو جائز استئنافه في جميع الحالات حتى ولو كان الطلب الموضوعي غير قابل للاستئناف.

ويجوز رفع الطلب المستعجل أمام محكمة الموضوع مع الدعوى الأصلية بصحيفة واحدة كما يجوز إبداؤه كطلب عارض من الخصوم أثناء نظر الدعوى وفقا للإجراءات التي حددها المشرع في المادة 123 من قانون المرافعات أي بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة مع مراعاة مواعيد الحضور أي بصحيفة تودع قلم الكتاب ، أو يقدم شفاهة بالجلسة فى حضور الخصوم ويثبت في محضرها كما يجوز إبداؤه في مذكرة تقدم للمحكمة أثناء نظر الدعوى وقبل قفل باب المرافعة فيها على أن تسلم صورتها للخصم أو تعلن له ويكون لديه فرصة لإبداء دفاعه.

ويذهب الرأي السائد في الفقه إلي أن الطلب المستعجل الذي يبدي عن طريق التدخل الهجومي أو اختصام الغير لا يقبل إلا إذا رفع بصحيفة تودع قلم الكتاب وحجتهم في ذلك أن الطلب الفرعي المستعجل الذي يوجه إلي الغير يتعين أن يرفع بالطريقة التي يوجه بها أو أنه اتخذ في شكل دعوى مبتدأة ( قضاء الأمور المستعجلة لراتب ونصر الدين كامل الطبعة السادسة ص 84 ، المرافعات لأبو الوفا الطبعة الثالثة عشر ص 200 وأنظر للدكتور أمينة النمر ص 584 ) .

وفي تقديرنا أن الأمر يحتاج إلي تفصيل ونرى أن الطلب المستعجل الذي يقدم من متدخل في الدعوي ليبدي طلبه المستعجل فقط دون أن تكون له طلبات موضوعية فإن طلبه يكون غير مقبول . أما إذا كان للمتدخل في الدعوى طلبات موضوعية مرتبطة بالطلب الموضوعي المعروض على المحكمة فإنه يجوز له أن يبدي طلبه المستعجل بالطريقة التي يبدي بها طلبه الموضوعي العارض الذي تدخل ليبديه وفقاً لنص المادة 126 من قانون المرافعات أي بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة مع مراعاة مواعيد الحضور أو بطلب يقدم شفاهة بالجلسة ويثبت في محضرها أو بمذكرة يتسلم صورتها الخصم قبل قفل باب المرافعة بحيث تكون لديه فرصة الرد على ما ورد من دفاع .

ولا يجوز إبداء طلب مستعجل بوقف تنفيذ حكم أمام محكمة الموضوع المعروض علي المحكمة لأن إشكالات التنفيذ الوقتية من إختصاص قاضي التنفيذ وحده الذي أصبح مختصة بنظر جميع إشكالات التنفيذ ، فإذا رفع المدعي طلباً موضوعياً بانعدام حكم فلا يجوز له أن يبدي معه طلباً مستعجلاً بوقف تنفيذ الحكم وقفاً مؤقتاً .

ويشترط في الطلب المستعجل الذي يرفع بطريقة التبعية - شأنه في ذلك شأن جميع الدعاوى والطلبات الأخرى - أن يكون لرافعه مصلحة فيه وإلا كان غير مقبول إذ المصلحة مناط الدعوى ، غير أنه إذا دفع أمام المحكمة بعدم قيام المصلحة فإن علي المحكمة في هذه الحالة أن تتثبت من ظاهر الأوراق من وجود مصلحة لرافع الطلب أو انتفائها علي عكس قاضي الموضوع الذي يتعين عليه أن يبحث الأمر من جميع جوانبه وأن يتغلغل في فحص المستندات ليبت في هذا الأمر بتا فعليا .

ومنطق الأمور يقضي أن تحكم المحكمة في الطلب الوقتي باعتباره طلباً مستعجلاً لا يحتمل تأخيرا قابل الفصل في الموضوع أما إذا تراخي فصلها في الطلب الوقتي إلى حين الفصل في الطلب الموضوعي كان عليها أن تحكم كلا الطلبين وتبين في أسباب حكمها وجه الرأي في كل طلب على حدة وأسانيده ، ولا يسوغ لها أن تغفل الفصل في الطلب الوقتي بحجة أنها فصلت في الموضوع إذ أن الفصل في الموضوع لا يغني عن الفصل في الطلب الوقتي ، إذ أن الحكم في الطلب الوقتي مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون وقد يكون الحكم في الموضوع غير مشمول بالنفاذ ، إما لأنه غير حائز وإما لأنه جوازي للمحكمة ولم تر الحكم به ، كما يتعين علي المحكمة أن تقضي في مصاريف كل من الطلبين على حدة .

ويجوز أن يتأخر الفصل في الطلب الوقتي إلي ما بعد الفصل في الموضوع وهذا لا يعفي المحكمة من أن تصدر حكمها في الطلب الوقتي في وقت لاحق، ومثال ذلك أن يرفع مشتري على بائع دعوى بصحة ونفاذ عقد بيع قطعة أرض فضاء والتسليم ثم يطلب قبل قفل باب المرافعة طلباً عارضاً مستعجلاً بفرض الحراسة القضائية على العين لوجود خطر من بقائها تحت يد البائع حتى صدور حكم بصحة ونفاذ العقد وتسليم العين وتحجز المحكمة الدعوى للحكم ونزي أن عناصر الدعوى الموضوعية كافية للفصل فيها وأن الدعوى المستعجلة تحتاج لاستكمال الخصوم دفاعهم فيها، فإنه يجوز لها أن تفصل في الدعوي الموضوعية وتبقي الفصل في دعوى الحراسة المستعجلة إلى أن يستوفي الخصوم دفاعهم، وعليها في هذه الحالة أن تفصل في الطلب المستعجل بالقبول أو الرفض أيا كان حكمها في الطلب الموضوعي وعليها أن تفصل في مصاريف كل من الدعويين على حدة كما سلف القول.

هل يحيل القاضي المستعجل الدعوى إلي المحكمة الموضوعية إذا قضى بعدم الاختصاص : استقر قضاء محكمة النقض علي أنه في حالة ما إذا تبين للقاضي المستعجل أن الطلب الوقتي المرفوع أمامه لا يتوافر فيه ركن الاستعجال أو ركن عدم المساس بأصل الحق وقضي بعدم إختصاصه فإنه يقف عند هذا الحد ولا يحيل الدعوي إلى محكمة الموضوع إذ لا يبقى أمامه ما يصح إحالته إليها على عكس ما إذا تبين له أن الطلب موضوعي وقضي بعدم اختصاصه لهذا السبب فإنه يتعين عليه في هذه الحالة إحالة النزاع المحكمة الموضوع . ( التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 668 )