loading

موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

ساوى المشروع في المادة 46 منه بين الطلب المرتبط بالطلب الأصلي والطلب العارض في الحكم الوارد في المادة 50 من القانون القائم لإتحاد العلة وتحقيقاً لحسن سير العدالة وحسماً للخلاف القائم في هذا الشأن.

وقد ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون 100 لسنة 1962 تعليقاً على الحكم المقابل للفقرة الثانية وبعد أن تحكم المحكمة بعدم اختصاصها بنظره تقرر من تلقاء نفسها إما إحالة الطلب العارض وحده أو الدعوی برمتها إلى المحكمة الإبتدائية المختصة، ويكون حكم الإحالة - في الحالتين - غير قابل لأي طرق من طرق الطعن، وبذلك خول المشروع للمحكمة إختصاصاً نهائياً باتاً بصدد تحديد ما إذا كان الفصل في الدعوى الأصلية وحدها يضر بحسن سير العدالة أو لايضر بها. وجدير بالذكر أن الممنوع من الطعن فيه هو الحكم الصادر بالإحالة وحده. أما الحكم الصادر بعدم إختصاص المحكمة بنظر الطلب العارض، فهو يقبل الطعن وفقاً للقواعد العامة.

الأحكام

1- المقصود بالارتباط بين أى طلب عارض وبين الدعوى الأصلية الذى يخضع لتقدير المحكمة هو قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة لتحققهما وتحكم فيهما معاً قصراً فى الوقت والجهد والنفقات والإجراءات، مما مفاده أن الارتباط يتوافر كلما بدا للمحكمة أن من شأن فصل الطلب العارض أو المرتبط عن الدعوى الأصلية احتمال الإضرار بحسن سير العدالة، ولا يجوز الخلط بين هذا النوع من الارتباط وبين الارتباط الذى لا يقبل التجزئة الذى يوجب الجمع بين الطلبين دون أن تكون للمحكمة سلطة تقديرية فى هذا الخصوص فى حين أن الارتباط الذى يخضع لتقدير المحكمة يبرر الجمع بينهما ولا يوجبه.

( الطعن رقم 14037 لسنة 91 ق - جلسة 16 / 2 / 2022 )

2 ـ إذ كانت المطعون ضدها الأولى وجهت دعوى فرعية للحكم على البنك الطاعن بإلزامه برفع الحجز والتعامل المقرر على حساباتها لديه وتجميدها دون وجه حق، رداً على مطالبته لها بأداء المبلغ موضوع الدعوى الأصلية فإن الدعوى الفرعية بهذه المثابة تضحى غير مقدرة القيمة وتكون مرتبطة بالدعوى الأصلية وينعقد الاختصاص بنظرهما ابتداءً أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية طبقاً لحكم الفقرة الثانية من المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 السالف البيان واستهداءً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 46 من قانون المرافعات التى أوجبت على المحكمة الجزئية أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة -إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل فى اختصاصها- وكان من شأن الفصل بينه وبين الطلب الأصلى الإضرار بحسن سير العدالة -، والفقرة الأخيرة من المادة 47 من ذات القانون التى عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالحكم فى سائر الطلبات العارضة وكذلك المرتبطة بالطلب الأصلى مهما تكن قيمتها أو نوعها وذلك لجمع شتات المنازعة المتداخلة واقتصاداً فى الإجراءات وتيسيراً للفصل فيها جملة واحدة وتوقياً من تضارب الأحكام .

( الطعن رقم 14037 لسنة 91 ق - جلسة 16 / 2 / 2022 )

3 ـ إذ كان البين من مدونات الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى الاقتصادية أنه صدر بإحالة الدعويين الأصلية والفرعية لإحدى الدوائر الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية إذ إن قيمة الدعوى الفرعية المقامة من الطاعنة تجاوز الخمسة ملايين جنيه مما تدخل فى الاختصاص القيمى للدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية وأن هذا الطلب العارض مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدعوى الأصلية وأن المباعدة بين الدعويين الأصلية والفرعية ضار بالعدالة ومن ثم فإن النعى على الحكم المطعون فيه تصديه للفصل فى الدعوى الأصلية المحالة إليه مع الدعوى الفرعية من الدائرة الابتدائية بالمحكمة الاقتصادية رغم انتفاء الرابطة بين الدعويين التى تجعل من حسن العدالة نظر الدعويين أمام الدائرة الاستئنافية يكون على غير أساس ، إذ إن الحكم الابتدائى الصادر من المحكمة الاقتصادية بالإحالة للمحكمة الاستئنافية الاقتصادية أصبح نهائياً لعدم استئناف الطاعنة إياه ، ولم يثبت صدور هذا القضاء خلافاً لحكم سابق بين الخصوم أنفسهم حاز قوة الأمر المقضى وإذ ينصرف نعى الطاعنة إلى قضاء الحكم الابتدائى فإنه يكون غير جائز . وكان المخاطب بالمادة 46 من قانون المرافعات هى المحاكم الجزئية فلا يجوز تطبيق حكمها على غيرها من المحاكم ومن ثم فإن استرشاد المحكمة الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية بحكم هذه المادة ، وقضاءها بعدم اختصاصها بالدعوى الأصلية والفرعية باعتبار أن الطلب الأخير لا يدخل فى اختصاصها القيمى ، وأن حسن سير العدالة يفرض نظر الدعويين أمام الدائرة الاستئنافية بالمحكمة رغم أن الطلب الأصلى لا يخرج عن اختصاصها – الدائرة الابتدائية – لا يمنع من الطعن على الحكم بعدم الاختصاص باعتباره صادراً من محكمة ابتدائية وليس جزئية بحيث إذا لم يطعن عليه لا يجوز المجادلة فى مسألة الاختصاص أمام المحكمة المحال إليها أو محكمة النقض ، ويكون النعى بالأسباب المتقدمة من ثم على غير أساس .

(الطعن رقم 7297 لسنة 81 جلسة 2013/03/20)

4 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن قوة الأمر المقضى كما ترد على منطوق الحكم ترد أيضاً على ما يكون من أسبابه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بهذا المنطوق بحيث لا تقوم له قائمة بدونه . وكان الثابت أن المحكمة الجزئية أسست قضائها الصادر بتاريخ ../../1994 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى واحالتها إلى المحكمة الابتدائية على أن طلب الطرد المرتبط بالطلب الأصلى بتثبيت الملكية غير مقدر القيمة وأن من حسن سير العدالة ألا تقضى المحكمة الجزئية فى طلب تثبيت الملكية وحده وقضت لذلك بإحالة الطلبين إلى المحكمة الابتدائية . بالتطبيق للفقرة الثانية من المادة 46 من قانون المرافعات التى أجازت للمحكمة الجزئية فى مثل هذه الحالة أن تحكم فى الطلب الأصلى وحده إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة ، وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالته والطلب العارض أو المرتبط إلى المحكمة الابتدائية وجعلت الحكم الصادر بإحالة الطلبين إلى المحكمة الأخيرة غير قابل للطعن ، فإن قوة الأمر المقضى التى حازها هذا الحكم لا تقتصر على ما قضى به فى منطوقه من عدم اختصاص المحكمة الجزئية قيمياً بنظر الدعوى بل تلحق أيضاً ما ورد بأسبابه من تقدير للدعوى . بأن طلب الطرد المرتبط بالطلب الأصلى غير مقدر القيمة لأن هذا التقدير هو الذى أبتنى عليه المنطوق ولا يقوم هذا المنطوق إلا به ، ومقتضى ذلك أن تتقيد المحكمة المحال إليها الدعوى بهذا التقدير ولو بنى على قاعدة غير صحيحة فى القانون . فإذا تعددت طلبات المدعى وجمع بينها الارتباط يقدر نصاب الاستئناف بقيمة أكبرها . فإنه - وترتيباً على ما سلف - يكون الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية جائزاً استئنافه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعن تأسيساً على تقديره قيمة الدعوى من جديد بما يدخلها فى حدود النصاب الانتهائى للمحكمة الابتدائية مهدراً بذلك حكم المحكمة الجزئية فى هذا الخصوص فإنه يكون مخالفاً للقانون .

(الطعن رقم 1978 لسنة 70 جلسة 2012/03/06 س 63 ص 376 ق 56)

5 ـ النص فى المادة 46 من قانون المرافعات على أنه " لا تختص محكمة المواد الجزائية بالحكم فى الطلب العارض أو الطلب المرتبط بالطلب الأصلى إذا كان بحسب قيمته أو نوعه لا يدخل فى اختصاصها . وإذا عٌرض عليها طلب من هذا القبيل جاز لها أن تحكم فى الطلب الأصلى وحده إذا لم يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة وإلا وجب عليها أن تحكم من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى الأصلية والطلب العارض أو المرتبط بحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة ويكون حكم الإحالة غير قابل للطعن " إنما تفيد عبارته ودلالته على أن المحكمة الجزئية إذا ما استقامت لديها دعوى من اختصاصها فإنه يكون لها وهى بصدد طلب عارض يبدى أمامها ولا يدخل فى اختصاصها القيمى أو النوعى أن تقتصر على نظر الطلب الأصلى وحده الداخل فى اختصاصها وتحكم من تلقاء ذاتها بعدم اختصاصها بالطلب العارض وبإحالته إلى المحكمة الابتدائية المختصة به وفقاً للمادة 110 من قانون المرافعات وليس على مقتضى المادة 46 آنفة البيان ، وذلك إذا كان الأمر لا يؤدى إلى الإضرار بسير العدالة ، وتخضع الإحالة فى هذه الحالة لقواعد الإحالة بعد الحكم بعدم الاختصاص والتى تقضى بقابلية الحكم للطعن وفقاً للقواعد العامة ، أما إذا كان الفصل بين الطلبين يؤدى إلى الإضرار بسير العدالة تعين على المحكمة الجزئية أن تحيل الطلبين معاً _ الأصلى والعارض_ إلى المحكمة الابتدائية المختصة بحكم غير قابل للطعن حسبما ورد فى عجز المادة المشار إليها .

(الطعن رقم 4337 لسنة 62 جلسة 1997/12/25 س 48 ع 2 ص 1536 ق 287)

6 ـ يبين من تقصي المراحل التشريعية التي مر بها حق استئناف الأحكام في قوانين المرافعات المتعاقبة أنه بعد أن كان أولها وهو الصادر بالأمر العالي المؤرخ 1883/11/3 يجيز الاستباق الي استئناف ما يصدر أثناء سير الدعوي من أحكام ما استثني بما أجازتة المادة 361 منه استئناف الأحكام التمهيدية جاء التشريع اللاحق وهو الصادر بالقانون 77 لسنة 1949 فقيد هذا التوسع بما حظرته المادة 338 منه من الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوي ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها الا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع مستهدفا من ذلك منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وتفاديا من تعويق الفصل في موضوع الدعوى وزيادة نفقات التقاضي مع احتمال أن يقضي آخر الأمر في أصل الحق للخصم الذي أخفق في النزاع الفرعي فيعفيه ذلك من الطعن في الحكم الصادر عليه قبل الفصل في الموضوع بيد أنه ازاء ما أثارته التفرقة الدقيقة من الأحكام الموضوعية والفرعية وبين الأحكام التي تقبل الطعن المباشر التي لا يقبله من خلاف في الرأي حال دون تحقيق الهدف المرجو من التشريع جاء قانون المرافعات الحالي الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 بحكم حاسم في ذلك بما نصت عليه المادة 212 منه من أنه لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوي ولا تنتهي بها الخصومة الا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها فدل بذلك علي عدم جواز الطعن علي استقلال في الأحكام التي تصدر أثناء سير الخصومة أيا كان نوعها قبل صدور الحكم الختامي المنهي لها برمتها باستثناء ما أردفته المادة بعد ذلك من صور محدودة مؤكدة بذلك حرصه علي عدم جواز نقل الدعوي من محكمة الدرجة الأولي الي محكمة الدرجة الثانية الا بعد أن تستنفد أولاهما كل سلطتها في جميع ما هو معروض عليها من طلبات ولو تباينت أسبابها أو تعدد الخصوم فيها باعتبار أنه ليست في هذا أو ذاك ما ينفي وحدة الخصومة المطروحة علي المحكمة تلك الخصومة التي يحرص القانون علي تماسك أجزائها وان اختلفت عناصرها علي نحو ما نصت عليه المواد من 123 الى 126 من قانون المرافعات من اجازة تقديم طلبات عارضة في الدعوي سواء من جانب المدعي أو من جانب المدعي عليه استكمالا للطلب الأصلي أو ترتيبا عليه أو اتصالا به علي نحو غير قابل للتجزئة أو بهدف عدم الحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو تقييدها لمصلحة المدعي عليه علاوة علي ما تأذن المحكمة بتقديمه من طلبات مرتبطة بالطلب الأصلي هذا الي حق الغير في التدخل في الدعوي سواء منضما الي أحد الخصوم أو طالبا الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوي وذلك كله جمعا لشتات المنازعات المتداخلة تيسيرا للفصل فيها جملة واحدة وتحقيقا للعدالة الشاملة وتوقيا من تضارب الأحكام ولو كان ذلك علي حساب بعض قواعد الاختصاص النوعي أو القيمي والتي هي في الأصل مما يتعلق بالنظام علي نحو ما أوجبت المادة 46 من قانون المرافعات علي المحكمة الجزئية من التخلي عن الحكم في الطلب الأصلي الداخل في اختصاصها اذا كان من شأن فصله عن الطلب العارض أو المرتبط ما يضر بسير العدالة ويوجب عليها احالة الدعوي برمتها الي المحكمة الابتدائية

( الطعن رقم 1104 لسنة 48 جلسة 1980/01/05 س 31 ع 1 ص 89 ق 21 )

شرح خبراء القانون

وحدة الخصومة وأثرها على قواعد الاختصاص

فكرة الإرتباط كأساس لوحدة الخصومة :

إذا قام إرتباط بين دعويين ، فان المشرع يحرص على جمعهما لكي يعرضا على القضاء في خصومة واحدة . ويرجع هذا الحرص إلى الرغبة في إقتصاد النفقات وتوفير الإجراءات وتلافي صدور أحكام متناقضة أو يصعب التوفيق بينها  .

ولا شك في وجود إرتباط بين دعويين إذا كان عنصر السبب أو عنصر المحل فيهما واحدا ، أو إذا كان كل من العنصرين مشتركاً . ولهذا ، فانه إذا باع شخص مالا إلى شخصين ، فإن دعواه بالثمن ضد أحدهما تعتبر مرتبطة بدعواه بالثمن ضد الآخر ، إذ السبب واحد . أما وحدة المحل ، فلا يشترط التحقيق الارتباط على أساسها وحدة الحماية القضائية المطلوبة ، بل تكفي وحدة المال المطلوب حمايته . ولهذا يوجد إرتباط بين دعوى الحيازة ودعوى التعويض عن الاعتداء على الحيازة . أما وحدة المحل والسبب فمثالها دعوى الدائن ضد مدينه ودعواه ضد مدين آخر متضامن مع الأول .

ومن ناحية أخرى ، يوجد إرتباط بين دعويين إذا كان نظرهما منفصلين قد يؤدي إلى احتمال صدور حكمين متعارضين . ولهذا يوجد إرتباط بین دعوى التعويض التي يرفعها قائد سيارة على قائد سيارة أخرى تصادم معها ، ودعوى التعويض التي يرفعها هذا الأخير على الأول بزعم أنه هو المسئول عن الحادث . وبصفة عامة يوجد إرتباط كلما كان الحكم في احدى الدعويين من شأنه التأثير في الحكم الصادر في الدعوى الأخرى مما يجعل من حسن إدارة القضاء تحقيقهما والحكم فيهما معاً، دون إشتراط وحدة المحل أو السبب . ولهذا يوجد إرتباط بين دعوى الإستحقاق التي يرفعها مدعی ملكية مال معين ودعوى الضمان التي يرفعها المدعى عليه فيها باعتباره مشترياً على بائع المال لإلزامه بضمان الاستحقاق . كما يوجد إرتباط بين دعوى الفسخ التي يرفعها البائع ، ودعوى المشتري بطلب استرداد المبيع.

وتقدير وجود إرتباط بين دعويين مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض مادام الحكم قد بني على أسباب سائغة تكفي لحمله.

تأثير الإرتباط على قواعد الاختصاص :
قد تكون المحكمة غير مختصة بدعوى معينة وفقاً لقواعد الإختصاص، ولكنها تصبح مختصة بها إذا اتحدت في خصومة واحدة مع دعوى أخرى مرتبطة بها ، كما أنها قد تكون مختصة فتصبح غير مختصة . ويبدو هذا التأثير بالنسبة لقواعد الإختصاص المختلفة على النحو التالي :

1- الإختصاص القيمي :

يؤثر الإرتباط في قواعد الإختصاص القيمي من ناحيتين :

(أ) إذا اشتملت القضية على طلبين من الشخص نفسه مستندين إلى سبب قانوني واحد ، قدرت قيمتها بقيمة الطلبين معاً ، وذلك سواء قدم بيان بصحيفة واحدة أم قدما تباعاً . وهكذا يؤدى الجمع بين طلبين قيمة كل منهما واحد وعشرون ألف جنيه أمام القاضي الجزئي إلى عدم إختصاصه بهما رغم إختصاصه بكل منهما على إنفراد . على أنه يلاحظ أن هذا التأثير يكون للارتباط المبني على وحدة السبب القانوني دون غيره من صور الإرتباط ، كما أنه لا يكون إلا بالنسبة للطلبات المقدمة من الخصم نفسه ، سواء كان المدعي أو المدعى عليه .

(ب) إذا لم تجمع قيمة الطلبين رغم إرتباطهما ، لعدم وحدة السبب القانوني ، وكان أحد الطلبين يدخل في الإختصاص القيمي للمحكمة الجزئية والآخر يدخل في الإختصاص القيمي للمحكمة الإبتدائية ، فإن من يختص بالأكثر يختص بالأقل . ولهذا فإن هذين الطلبين المرتبطين يكونان معا من إختصاص المحكمة الإبتدائية ، رغم أن أحدهما - لو نظرته المحكمة على إستقلال - لاختصت به المحكمة الجزئية .

2- الإختصاص النوعي :
إذا كان طلب من الطلبات المرتبطة يدخل في الإختصاص النوعي للقاضي نفسه ، فلا مشكلة إذ كما يختص بكل منهما على إستقلال يختص بهما بعد جمعهما أمامه . ولكن المشكلة تثور إذا كان كل طلب يدخل في الإختصاص النوعى لمحكمة مختلفة ، أو كان أحدهما يدخل في الإختصاص النوعى لمحكمة والآخر في الإختصاص القيمي لمحكمة أخرى . والقاعدة هنا أن المحكمة الإبتدائية باعتبارها المحكمة ذات الاختصاص العام ، تختص بالطلبات المرتبطة ولو كان أحدها يدخل في إختصاص المحكمة الجزئية لو رفع على إستقلال ، وعلى العكس فإن المحكمة الجزئية لا تختص بأي طلب - ولو كان مرتبطة بطلب آخر تختص به - مادام يخرج عن إختصاصها النوعي (أنظر المادتين 46 و47 مرافعات).

طلب أصلي وطلب عارض :
لا مشكلة إذا كان الطلب الأصلي أمام المحكمة الابتدائية ، فقدم إليها طلب عارض يدخل - لو رفع على إستقلال - في اختصاصها أو في اختصاص المحكمة الجزئية ، إذ تختص المحكمة الابتدائية بهذا الطلب العارض . كما أنه لا مشكلة إذا كان الطلب الأصلي من اختصاص المحكمة الجزئية ، وقدم إليها طلب عارض يدخل في اختصاصها . ولكن المشكلة تثور إذا قدم لها طلب عارض يدخل في اختصاص المحكمة الإبتدائية . وعندئذ وفقاً المادة 46/ 2 .

يكون للمحكمة الجزئية :
(أ) أن تنظر الطلب الأصلى وحده ، وتحكم ولو من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بالطلب العارض وباحالته إلى المحكمة الإبتدائية المختصة به وفقاً للمادة 110 مرافعات . وذلك مع مراعاة قواعد الاختصاص المحلي. ويشترط للفصل بين الطلبين ألا يؤدي هذا الفصل إلى الإضرار بسير العدالة ، أي ألا يكون الفصل بين الطلبين من شأنه أن يؤثر في قدرة الخصم على الإثبات أو قدرة القاضي على تحقيق الطلب أو القضاء فيه وفقاً للقانون . فلا يكفي لمنع الفصل بين الطلبين وجود صلة الإرتباط ، إذ هذه مفترضة دائماً .

(ب) إذا كان الفصل بين الطلبين يؤدي إلى الإضرار بسير العدالة ، فعلى المحكمة الجزئية الا تفصل بين الطلبين . ولما كانت هذه المحكمة لا تختص بالطلب العارض . فعليها أن تحيل الطلبين معاً - الأصلي والعارض - إلى المحكمة الإبتدائية المختصة . على أنه يلاحظ أن هذه النتيجة لا تكون إلا بالنسبة للاختصاصين القيمي والنوعي . ولا يؤثر في الاختصاص المحلي . ولهذا فإن الطلبين الأصلي والعارض لا يحالان إلى المحكمة الإبتدائية المختصة محلياً بالطلب العارض . وإنما إلى تلك المختصة بالطلب الأصلي . وحكم المحكمة الجزئية بإحالة الطلبين إلى المحكمة الإبتدائية لا يقبل الطعن بأي طريق (مادة 46/ 4).

وما ينص عليه المشرع في المادة 46 بالنسبة للطلب العارض ينص عليه أيضاً بالنسبة للطلب المرتبط ، ويقصد به حالة رفع طلبين أصليين بينهما إرتباط . ومن الواضح أن المشكلة لا يمكن أن تثور إلا في حالة رفع طلبين مرتبطين أمام محكمة جزئية واحدة ، وكان أحد الطلبين يدخل في إختصاص المحكمة الإبتدائية . أما إذا رفعا أمام محكمتين جزئيتين مختلفتين فلا يتصور انطباق النص . ومن ناحية أخرى ، فإنه إذا أمكن بالنسبة للطلب العارض الكلام عن طلب أصلي يرفع الأول كعارض عليه ، فإنه بالنسبة للطلبين الأصليين لا يمكن الكلام عن طلب أصلي وطلب مرتبط ، فالطلبان أصليان . ولهذا فإنه يجب قراءة نص المادة 46/ 2 بالنسبة للطلبات المرتبطة على أساس أن للمحكمة الجزئية أن تحكم في الطلب الأصلي الذي من اختصاصها ، وتحيل الأخر إلى المحكمة الإبتدائية المختصة محلياً بأحد الطلبين . وحكم المادة 46/ 2 يسري على الطلبين الأصليين المرتبطين ، ولو كان أحدهما تابعاً للأخر . ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الأول ،  الصفحة : 615 )

الأحكام التي لا يجوز إستئنافها بصرف النظر عن قيمة الدعوى :
وهذه ينص عليها القانون بسبب رغبته في سرعة الفصل في النزاع بصفة انتهائية . ومثالها ما تنص عليه المادة 46 مرافعات من أن الحكم الصادر من المحكمة الجزئية بإحالة كل من الطلب الأصلي والطلب العارض إلى المحكمة الإبتدائية لا يقبل الطعن . ويلاحظ أنه إذا نص القانون على منع الطعن بطريق معين ، اقتصر المنع عليه دون غيره من طرق الطعن.

وقد يكون الحكم غير جائز إستئنافه بسبب طبيعته كما هو الحال بالنسبة للحكم الصادر في دعوى ندب خبير لا تتضمن أي طلب موضوعی يبتغی المدعي الحكم به . فالحكم الصادر في هذه الدعوى - بعد تقديم الخبير تقريره - بإنتهاء الدعوى يكون غير جائز إستئنافه لأنه بطبيعته لا يتضمن قضاء ضاراً بأي من الطرفين ، وبالتالي لا يوجد خصم خاسر ينشأ له حق الطعن.  ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية،  الجزء : الثاني ،  الصفحة : 539 )

الطلب العارض والطلب المرتبط :
الطلب العارض ، هو كل طلب يقدم في خصومة قائمة، سواء من المدعي أو من المدعى عليه أو من الغير، وللمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيحاً للطلب الأصلي الذي تضمنته صحيفة إفتتاح الدعوى أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى. مثال ذلك أن يرفع المدعي دعوى بإلزام وكيله بتقديم حساب عن أعمال الوكالة، وتندب المحكمة خبيراً لبحث هذه الأعمال ينتهي إلى حصرها وإلى المبلغ المستحق للمدعي في ذمة المدعى عليه فيقدم المدعی طلباً معارضاً بإلزامه بأن يدفع له هذا المبلغ، وقد يكون الطلب العارض مكملاً للطلب الأصلي أو مترتباً عليه أو متصلاً به اتصالاً لا يقبل التجزئة، وقد يتضمن إضافة أو تغييراً في سبب الدعوى مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله، كالمؤجر يرفع دعوى إخلاء للتأخير في سداد الأجرة ثم يتقدم بطلب عارض يغير بموجبه هذا السبب بأن يستند إلى تكرار الإمتناع عن سداد الأجرة.

ويجب أن يقتصر المدعي في طلبه العارض على تعديل الموضوع مع بقاء السبب على حاله، أو تعديل السبب مع بقاء الموضوع على حاله، أما إن تناول بالتعديل الموضوع والسبب ما، خرج بذلك عن نطاق الطلب العارض، وتعين عدم قبول طلبه باعتباره ينطوي على دعوى جديدة مغايرة للدعوى القائمة يتعين رفعها بالإجراءات المعتادة ، فإن رفعت بغير هذا الطريق، كانت غير مقبولة ، وتقضي المحكمة بذلك من تلقاء نفسها.

ومتى قدم المدعى طلباً عارضاً قدرت قيمته وأضيفت إلى قيمة الطلب الأصلي ويعاد تقدير قيمة الدعوى على هذا الأساس (مادة 38) وفي هذه الحالة لا تسرى المادة (46).

وللمدعي عليه أن يقدم ما يشاء من الطلبات العارضة، التي يترتب على إجابتها ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد المصلحة المدعى عليه أو تكون متصلة بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة، ويكون الطلب العارض في هذه الحالة بمثابة دعوى فرعية يرد بها على طلبات المدعى .

وتقدر قيمة الطلب العارض المقدم من المدعى عليه على حدة فإن تجاوزت نصاب القاضي الجزئي تعين إعمال المادة (46).

وللغير أن يتدخل في الدعوى ويقدم طلباً عارضاً ليقضي له به، مثال ذلك أن ترفع دعوى بصحة ونفاذ عقد، فيتدخل فيها الغير مدعياً أنه المالك للعقار المبيع ويطلب الحكم بتثبيت ملكيته له، وحينئذ تتصدى المحكمة لهذا الطلب كمسألة أولية لازمة للفصل في الدعوى الأصلية.

وتقدر قيمة الطلب العارض المقدم من الغير على حدة فإن تجاوزت قيمته نصاب القاضي الجزئي تعين إعمال المادة (46).

وقد يطلب أحد الخصوم من المحكمة أن تأذن له بتقديم طلب عارض يتمثل في إدخال خصم جديد في الدعوى لتقديم مستندات تحت يده مرتبطة بالدعوى الأصلية وإذا قدم الطلب العارض بصحيفة تعين صياغتها على هذا الأساس بالتنويه بها الدعوى الأصلية ورقمها وأن الطالب يتقدم بطلب عارض فيها يوضح بالصحيفة ويحدد لنظره نفس الجلسة المؤجلة لها الدعوى وأمام نفس الدائرة.

أما الإرتباط، فينصرف إلى كل طلب له علاقة أصيلة بالطلب الأصلي مما يوجب التصدي لهما معا بحيث إذا انفصلا وصدر حكم نهائي في أحدهما كانت له حجية على نفس الخصوم عند نظر الطلب الآخر، مثال ذلك الطلب بصحة عقد والطلب بفسخه، ومن ثم تعين التصدي للطلبين معاً بحيث إن قضى بصحة العقد قضى في نفس الحكم برفض طلب فسخه أو العكس، وقد يرفع كل المتعاقدين دعوی بفسخ العقد، وحينئذ يتعين التصدي للدعويين معاً حتى لا يقضى في أحدهما بالفسخ والأخرى بالرفض.

تجاوز قيمة الطلب العارض أو المرتبط نصاب المحكمة الجزئية :  
من القواعد المسلمة أن الفرع يتبع الأصل دائماً في الاختصاص لأن ذلك مما يعين المحكمة على حسن القضاء في الخصومة المطروحة عليها، وإن كان لا خلاف على هذه القاعدة عندما تكون المحكمة الإبتدائية تنظر الدعوى الأصلية ومن ثم تختص بالطلبات العارضة مهما تكن قيمتها، أو كانت المحكمة الجزئية هي التي تنظر الدعوى الأصلية وكانت قيمة الطلبات العارضة تدخل في النصاب المحدد لها. أما إذا كانت قيمة الطلبات العارضة المقدمة في الدعوى الأصلية المنظورة أمام المحكمة الجزئية تجاوز قيمتها نصاب هذه المحكمة، فإنه يتعين عليها حينئذ أن تحكم في الدعوى الأصلية وحدها دون الطلب العارض إذا كان هذا القضاء لا يترتب عليه ضرر بحسن سير العدالة ، أما إن كان في ذلك ضرر وجب عليها أن تحكم بعدم إختصاصها نوعيا بنظر الطلب العارض وبإحالته مع الطلب الأصلي إلى المحكمة الإبتدائية بالحالة التي كانت عليها الدعوى، ويكون حكمها بالإحالة باتاً غير قابل للطعن سواء تعلقت الإحالة بالطلب العارض وحده أو بالدعوى برمتها.  

ويكون الأصل في هذه الحالة قد ألحق بالفرع تحقيقاً للعدالة التي توجب أن ينظر الإثنان معاً أمام محكمة واحدة حتى لو كان إختصاص المحكمة الجزئية بالأصل قد انعقد لها إستثناء من القواعد العامة بصفة أصلية أو تبعية.

وتحال الدعوى بالحالة التي كانت عليها وقت صدور الحكم، فإن كانت بها إجراءات قد إستوفتها المحكمة الجزئية فلا تعيدها المحكمة الإبتدائية، وإن كانت هذه الإجراءات وقفت عند حد معين ، أكملتها المحكمة الابتدائية، مثال ذلك أن تكون المحكمة الجزئية قد أصدرت حكماً تمهيداً ولم تنفذه بعد، كان على المحكمة الإبتدائية تنفيذه إن لم يكن قد سقط ، فإن كانت المحكمة الجزئية قد استمعت للشهود، كان على المحكمة الإبتدائية الإستناد في حكمها إلى أقوال الشهود ما لم تجد أن التحقيق غير كاف، فتصدر حكماً جديداً بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وإذا قرر أحد الخصوم بالطعن بالتزوير أمام المحكمة الجزئية وأعلن شواهد التزوير، كان على المحكمة الإبتدائية إصدار حكم التحقيق هذه الشواهد وهكذا.

ويجب لإنعقاد الإختصاص لمحكمة المواد الجزئية بنظر الطلب الأصلي وإحالة الطلب العارض، ألا يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة، ومن ثم ينتفي إختصاصها بنظر هذا الطلب إذا ترتب على ذلك ضرر بسير العدالة ، وتكون بذلك قد خالفت قاعدة إختصاص متعلقة بالنظام العام ويكون حكمها جائزاً إستئنافه ولو كان صادراً في حدود نصابها الإنتهائي عملاً بالمادة (221) من قانون المرافعات.

فقد تضمنت المادة (46) من قانون المرافعات شرطاً إذا تحقق، إنعقد الإختصاص لمحكمة المواد الجزئية بنظر الطلب الأصلي الذي رفع إليها، وهو ألا يترتب على ذلك ضرر بسير العدالة، أما إن تخلف هذا الشرط، وهو ما يؤدي إلى تحقق هذا الضرر، إنعقد الإختصاص بنظر الطلب الأصلي والطلب العارض للمحكمة الإبتدائية وحدها، وتلك قاعدة إختصاص متعلقة بالنظام العام في معنى المادة (221) من قانون المرافعات.

وراجع المادة (40).  

مثال ذلك أن يرفع المدعى أمام محكمة المواد الجزئية دعوى بطلب ريع عن عقاره المغتصب. فيتقدم المدعى عليه بطلب عارض بتثبيت ملكيته لذات العقار، فتكون الملكية بمثابة مسألة كلية شاملة إذ يستند إليها كل من الطلبين ، ويكون للحكم الذي يصدر في أحدهما حجية بالنسبة للطلب الآخر مما يوجب نظرهما معا وإلا أدي نظر أحدهما بمعرفة محكمة غير التي تنظر الآخر، ضرر بسير العدالة، فقد يصدر حكم في أحدهما لم يتمكن المحكوم عليه من تداركه مما يؤدي إلى الإحتجاج به عليه في الدعوى الأخرى.  ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء الثاني / الصفحة : 59 )

المقصود بالطلب الأصلي والطلب العارض والطلب المرتبط : الطلب هو الإجراء الذي يعرض به الإنسان على القضاء ادعاء طالبا منه الحكم له بما يدعيه على خصمه، فالطلب إذا أجيب أدى إلى الحكم لمقدمه بشيء على خصمه.

والطلب الأصلي هو الذي تنشأ عنه قضية لم تكن موجودة قبل إبدائه وهو أول ما يتخذ في الخصومة من إجراءات، فالطلب الأصلي هو الطلب المفتتح للخصومة والذي تنشأ به خصومة جديدة، ويرفع بورقة تسمى صحيفة افتتاح الدعوى.

أما الطلب العارض فهو الذي يبدى في أثناء خصومة قائمة، إذ يقتضي الطلب العارض وجود خصومة قائمة قبل إبدائه نشأت عن إبداء طلب أصلي، ويتناول الطلب العارض بالتعديل أو الزيادة أو بالنقص نطاق الخصومة القائمة من حيث موضوعها أو سببها أو أطرافها، ويستوي أن يبدي من جانب المدعي في مواجهة المدعى عليه ويسمى طلباً إضافياً، أو من جانب المدعى عليه في مواجهة المدعى ويسمى دعوى المدعى عليه، أو من جانب خارج عن الخصومة في مواجهة الخصوم ويسمى بالتدخل، أو من جانب خصم في الدعوى في مواجهة خارج عنها ويسمى إختصام الغير، فيتميز الطالب العارض إذن بأنه يبدي بعد رفع الدعوى الأصلية فإذا أبدي مع الطلب الأصلي المدرج في صحيفتها فهو يعد هو الآخر من قبيل تلك الطلبات الأصلية، وتراعي في شأنه القواعد المقررة بالنسبة إلى تلك الطلبات ، ويلاحظ أنه يعد من قبيل الطلبات العارضة ذلك الطلب الذي بيدي ولو بعد رفع الدعوى الأصلية مباشرة وقبل أول جلسة تحل - كما إذا أبدى في صحيفة مستقلة أعلنت بعد رفع الدعوى مباشرة.

إذن هناك ملامح معينة للطلب العارض، فهو طلب موضوعي، وليس بطلب يتصل بإثبات الدعوى أو يتصل بالسير فيها بأمر شکلی متعلق بها، وهو طلب يبدي بعد رفع الدعوى الأصلية وليس مع الطلب المرفوعة به تلك الدعوى، كما أن الطلب العارض طلب يبدي قبل صدور الحكم في تلك الدعوى، وهو طلب يبدي أثناء نظر الدعوى الأصلية بقصد أن ينظرا معا من هيئة واحدة، ولا يرفع مستقلا عنه. وليس معنى هذا أن الطلب الذي يبدى بالإجراءات المعتادة لرفع الدعاوى لايعتبر عارضا، وإنما العبرة أن يقصد الخصم أن تنظر الطلب العارض نفس الهيئة التي تنظر الدعوى الأصلية، وأن يقصد أن ينظرا معا، ولا يلزم أن يصدر فيهما حكم واحد وفقاً لما سوف نراه عند التعليق على النصوص الخاصة بالطلبات العارضة.

ومتى أعتبر الطلب طلباً عارضاً على دعوى أصلية سرت عليه قواعد خاصة إستثنائية من ناحية الإختصاص النوعي، إذا كانت الدعوى الأصلية أمام محكمة ابتدائية ( مادة 47 مرافعات ) ، ومن ناحية الإختصاص المحلى ( مادة 60 مرافعات ) ، وتقدير نصاب الإستئناف وفقاً لما سوف نراه عند التعليق على نصوص الاستئناف، وتقدير قيمة كل دعوى إذا كان الطلب العارض يقوم على ذات السبب القانوني الذي يقوم عليه الطلب الأصلي، فهنا يجمع الطلبان عملا بالمادة 38 مرافعات.

ويلاحظ أنه يجب التفرقة بين الدفاع الذي يبديه المدعى عليه لدفع الدعوى وبين الطلب العارض الذي يقدم منه، إذ أن الاختصاص يتأثر بالطلب العارض ولايتأثر بالدفاع الذي يبديه الخصم مثلا إذا رفعت دعوى مطالبة بريع أطيان مغتصبة أمام المحكمة الجزئية وعلى أساس أن قيمة الريع تدخل في اختصاصها القيمي فدفع المدعى عليه الدعوى بأنه يملك الأرض المطالب بريعها، ففي هذه الحالة لا يؤثر دفاعه على الاختصاص مهما بلغت قيمة الأرض، أما إذا أبدى المدعى عليه طلبا عارضا هو ثبوت ملكيته للأرض المطالب بريعها، فإن هذا يعد طلباً عارضاً ويتعين على المحكمة إذا كانت قيمة الأرض زائدة عن اختصاصها القيمي أن تحكم بعدم اختصاصها بالطلب العارض ولها أن تحيله مع الطلب الأصلي إلى المحكمة الإبتدائية المختصة عملاً بالمادة 46 - محل التعليق.

والطلب المرتبط هو الذي توجد بينه وبين الطلب الأصلى صلة تجعل من المناسب ومن مصلحة العدالة جمعهما أمام نفس المحكمة وتبدو هذه الصلة واضحة إذا كان الحكم في أحداهما من شأنه أن يؤثر على الحكم في الآخر، وقد لا يكون الطلب المرتبط طلباً عارضاً لأنه لم يقدم أثناء نظر الطلب الأصلي وإنما قدم معه في صحيفة الدعوى.

ويلاحظ أن الإرتباط قد يقترن بوصف أدق وهو عدم القابلية للتجزئة، ويقصد بالارتباط الذي لا يقبل التجزئة وجود صلة وثيقة بين الطلبين أو الدعويين تجعل من المستحيل الفصل في طلب دون الآخر، أي هي الطلبات المرتبطة التي يجب جمعها، إذ أنه من الضرورى - وليس فقط من المناسب - أن يفصل فيهما معا بمعرفة نفس المحكمة لتفادي صدور أحكام متعارضة أو متناقضة يصعب بعد ذلك تنفيذها، ولا يشترط لتحقيق الإرتباط أن تتوافر وحدة السبب والموضوع في الطلبين، بل يكفي أن يتوافر عنصر مشترك بين الطلبين سواء في السبب أو الموضوع أو حتى المال المطلوب حمايته ( إبراهيم سعد ج1 بند 180 ص 442 )، كما لا يشترط أيضاً وحدة الخصوم في الطلبين، وتقدير وجود الارتباط بين طلبين متروك لتقدير قاضي الموضوع ولا يخضع لرقابة محكمة النقض في ذلك متى بنى حكمه على أسباب سائغة. ( نقض 7/7/1964 سنة 15 ص947، نقض 25/12/1963، السنة 14 ص 1197 ).

وتتميز الطلبات المرتبطة بتوافر الارتباط بينها وبين الدعوى الأصلية وكما ذكرنا فإن الإرتباط بين الطلبين يتوافر إذا كان الحل الذي يتقرر لأحدهما يؤثر في الحل الذي يجب تقريره بالنسبة للآخر أو يتاثر به مثال هذا طلب فسخ عقد وطلب تنفيذه، وطلب الحكم بملكية عين من شخصين كل منهما يطلب ملكيتها لنفسه وطلب الحكم بتقرير حق ارتفاق وطلب الخصم نفيه وطلب الدائن إدخال الكفيل في الدعوى المرفوعة على المدين، وطلب الضمان مثل طلب المشتري إدخال البائع في دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه، وكما إذا طلب مدع إلزام المدعى عليه بتعويض عن الضرر الذي لحقه من فعل معين وطلب المدعى عليه بدوره إلزام المدعي بتعويض عن الضرر الذي لحقه من ذات الفعل باعتبار أن المدعي هو المسئول عنه وطلب المدعى عليه التعويض عن الضرر الذي لحقه عن إساءة إستعمال حق التقاضي من المدعي في نفس الدعوى المرفوعة من الأخير أياً كان موضوعها وطلب المدعى عليه في دعوى الحيازة منع تعرض المدعى لحيازته، وكما إذا تشاجر شخصان وأحدث كل منهما بالآخر إصابة فرفع أحدهما على الآخر دعوى يطالبه بالتعويض عما أحدثه من ضرر نتيجة إصابته، فإذا رفع الثاني على الأول دعوى يطالبه فيها بدوره بتعويض عن إصابته كان الطلبان مرتبطين .

والطلبات المرتبطة قد تكون طلبات عارضة وقد لا تكون، ومن أمثلة النوع الأول الدعوى التي يرفعها مشتر بصحة ونفاذ عقده فيرد عليه البائع طالبا فسخ العقد فكلا الطلبين مرتبط وآخرهما عارض، وكما إذا رفع شخص دعوى بطلب تقرير حق إرتفاق وطلب خصمه نفيه فهذا الطلب الأخير عارض ومرتبط، وقد يكون الطلب مرتبطاً بالطلب الأصلي ولايعتبر طلباً عارضاً عليه كأن يرفع المدعي دعوى يطلب فيها تثبيت ملكيته لأرض فيرفع المدعي من جانبه دعوى أخرى يطالبه فيها بالريع على أساس أن الأرض مملوكة له، فكلا الطلبين مرتبط بالآخر، ولكن الدعوى الثانية لاتعد طلباً عارضاً لأنها أبديت كدعوى مستقلة بذاتها وفي هذه الحالة تكون المحكمة المختصة بالدعوى الأصلية مختصة بالفصل في الطلب المرتبط، وعلى ذلك تحيل المحكمة المنظورة أمامها الطلب المرتبط الدعوى إلى المحكمة التي رفع أمامها الطلب الأصلي، وذلك بالشروط المبينة في إحالة الدعوى من محكمة إلى أخرى وفقاً لنص المادتين 108 ، 112 مرافعات. ( أمينة النمر - قوانين المرافعات، طبعة سنة 1982، الكتاب الأول ص 583 ومابعدها ). 

وقد استهدف المشرع من نص الفقرة الأولى من المادة 46 محل التعليق ألا تنظر المحكمة الجزئية الطلبات الموضوعية التي تخرج عن اختصاصها، ولو كانت مرتبطة بالدعوى الأصلية ومرفوعة بصورة عارضة عليها، وذلك على إعتبار أن قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام.

فإذا عرض عليها طلب عارض تجاوز قيمة نصاب اختصاص المحكمة الجزئية أو لاتختص به تلك المحكمة بسبب نوعه فإنها لا تنظره، ویستوی أن يتمسك المدعى عليه بعدم إختصاصها بنظر هذا الطلب، او لايتمسك به لأن عليها أن تقضي هي به من تلقاء نفسها، إذ أن هذا الإختصاص من النظام العام يجب عليها مراعاة قواعده من تلقاء نفسها .

بينما وفقاً للفقرة الثانية من المادة 46 محل التعليق، فإنه إذا رفعت إلى المحكمة الجزئية دعوى أصلية تدخل في إختصاصها وأبدى أمامها طلب عارض أو طلب مرتبط لايدخل في إختصاصها بسبب نوعه أو بسبب قيمته، كان للمحكمة الجزئية أن تحكم في الطلب الأصلي وحده، وأن تحيل الطلب العارض أو المرتبط إلى المحكمة الابتدائية المختصة إذا لم يكن يترتب على هذا الفصل بين الطلبين ضرر يصيب العدالة، وتقضي المحكمة الجزئية بعدم إختصاصها بالطلب العارض من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام.

أما إذا كان يترتب على الفصل بين الطلبين ضرر بسير العدالة وجب على المحكمة الجزئية أن تحيل الطلبين إلى المحكمة الإبتدائية، وإن أدى ذلك إلى إلحاق الطلب الأصلي بالطلب العارض أو المرتبط من حيث الإختصاص.

والحكم بالإحالة غير قابل للطعن فيه، ولكن يلاحظ أن الممنوع الطعن فيه هو الحكم الصادر بالإحالة وحده، أما الحكم الصادر بعدم الاختصاص بنظر الطلب العارض فهو قبل الطعن فيه وفقاً للقواعد العامة (رمزی سيف - بند 183 - ص 331 وص 332).

ويلاحظ البعض في الفقه أن المحكمة الإبتدائية التي تحال إليها الدعوى لا تتقيد بهذه الإحالة إلا لسببها، بمعنى أنه إذا رأت نفسها غير مختصة لسبب آخر، أو كان عدم اختصاصها متعلقاً بالنظام العام، وجب عليها الحكم به بل هي تملك الحكم بعدم اختصاصها ولو لم يكن عدم اختصاصها متعلقاً بالنظام العام متى تمسك به خصم في الدعوى قبل التكلم في الموضوع، ولم يكن قد طلب الإحالة. (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 339 وص 340). 

كما يلاحظ أن عدم جواز الطعن في حكم الإحالة لا يؤثر في جواز تحلل المحكمة من اختصاصها بنظر الدعوى المحالة إليها بشرط أن يكون عدم اختصاصها متصلاً بالنظام العام، وذلك لأن عدم قابلية حكم الإحالة للطعن، هو قید برد حق الخصوم في التظلم من حكم الإحالة، بينما مراعاة مدى اختصاص المحكمة بالدعوى المحالة إليها وهو أمر يوجبه القانون، وقد يكون من النظام العام - كل هذا مع التسليم بأن الإحالة تفرض بسببها على المحكمة الابتدائية. ومن ثم تملك المحكمة الابتدائية بعد هذه الإحالة الحكم مثلا بعدم اختصاصها اختصاصاً متعلقاً بالوظيفة، ( أحمد أبو الوفا - الإشارة السابقة).

ولما كان طلب الضمان من الطلبات العارضة، فإن المشرع لم يشر إليه في النص الحالي، أي نص المادة 46 محل التعليق، رغم أن القانون السابق قد أورده في المادة المقابلة لها وهي المادة 50، إذ يندرج طلب الضمان في عموم معنى الطلب العارض.

ويجب عدم الخلط بين مجال إعمال كل من المادة 46 محل التعليق والمادة 38 مرافعات، فمحل إعمال المادة 46 عندما تقدر قيمة الطلب العارض على استقلال، أما إذا كان الذي أدلى بالطلب العارض هو المدعی وكان طلبه هذا يقوم على ذات السبب القانوني الذي يتركز عليه طلبه الأصلي، فمن الواجب إعادة تقدير قيمة الدعوى - بعدم الحكم بقبول الطلب العارض بطبيعة الحال - على وفق ما نصت عليه المادة 38 بأن تجمع قيمة الطلبين، وهنا إذا كان المجموع يجاوز نصاب اختصاص المحكمة الجزئية وجب الحكم بعدم اختصاصها اختصاصاً نوعياً بنظر الدعوى برمتها، وعلى المحكمة إحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة عملاً بالمادة 110 ، ولا محل بطبيعة الحال لتقدير الضرر الذي قد يلحق سير العدالة بفصل الطلبين، ولا محل على وجه العموم لإعمال المادة 46 ومن ثم يكون الحكم الصادر بالإحالة قابلاً للإستئناف عملاً بالقواعد العامة وبعد صدور الحكم المنهى للخصومة، ( أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 340 وص 341 ).

ويلاحظ أنه إذا ترك المدعى الخصومة في طلبه العارض بقصد إستبقاء الإختصاص للمحكمة الجزئية كان له ذلك ولو كان المدعى عليه قد تمسك بعدم اختصاص المحكمة نوعياً قبل النزول عن الطلب العارض، ذلك لأن هذا الترك لايتطلب قبول المدعى عليه، وينتج أثره على الفور بمجرد الإدلاء به عملاً بالمادة 142، (نقض 6/3/1952  ، طعن رقم 41 سنة 20 قضائية، أحمد أبو الوفا - المرافعات - بند 491). وإذا حكم بضم دعويين - قائمتين أمام محكمة واحدة - إلى بعضهما بقصد الحكم فيهما معا، فإن كل دعوى تظل محتفظة بكيانها وقيمتها واستقلالها أياً كان الإرتباط القائم بينهما، ومن ثم لايتصور إعمال المادة 46 في مثل هذه الحالة.

كما يجب ملاحظة أن المقصود بكلمة «بحالتها، التي وردت في نهاية النص هي حالة كل من الدعوى الأصلية والطلبات العارضة، على أن تقوم المحكمة المحال إليها الدعوى باستكمال ما قد تكون قد أجرته المحكمة الجزئية من الإجراءات، وإذا كانت المحكمة الجزئية قد إتخذت أي إجراء من إجراءات الإثبات، فإنه يعتد به أمام المحكمة الابتدائية المحال إليها الدعوى، (أحمد أبو الوفا - نظرية الدفوع - بند 34، والتعليق ص 337 ، وقارن محمد و عبد الوهاب العشماوي - هامش. بند 746).

إختصاصات المحكمة الجزئية بمقتضى نصوص متفرقة :

إختصاص المحكمة الجزئية ببعض المنازعات المتعلقة بالأراضي الزراعية وما في حكمها .

منح المشرع المحكمة الجزئية اختصاصاً بمنازعات الإيجارات الزراعية ،وما يتصل بها من سلف زراعية أو عينية، وذلك في المادة 39 مکررا المضافة إلى قانون الإصلاح الزراعي المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952)، وقد أضيفت هذه المادة بالقانون رقم 67 لسنة 1975.

ينعقد الإختصاص للمحكمة الجزئية بهذه المنازعات أياً كانت قيمتها وهذه المنازعات هي :

أ- المنازعات الناشئة عن العلاقة الإيجارية بين مستأجر الأراضي الزراعية ومالكها.

ب - المنازعات المتعلقة بالسلف الزراعية أو العينية في خدمة الأرض المؤجرة بواسطة أحد طرفي عقد المزارعة المثبتة ببيانات الحيازة باسمه.

واختصاص القاضي الجزئي بهذه المنازعات، اختصاص شامل بمعنی أنه يمتد إلى الدعاوى المستعجلة ومنازعات التنفيذ، فوفقا للمادة 39 مکرراً سالفة الذكر للمحكمة الجزئية ولاية القضاء المستعجل وقاضي التنفيذ في المسائل التي تدخل في اختصاصها، ويلاحظ أنه وفقا للمادة 5 من قانون 67 لسنة 1975 تكون المحكمة الجزئية مختصة بكل ماكانت تختص به لجان الفصل في المنازعات الزراعية المنشأة بالقانون رقم 54 لسنة 1966.

الاختصاص بمنازعات التنفيذ والقرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ:
تنص المادة 274 مرافعات على أن يجرى التنفيذ تحت إشراف قاض للتنفيذ يندب في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الابتدائية، ويعاونه في ذلك عدد كاف من المحضرين، وتتبع أمامه الإجراءات المقررة أمام المحكمة الجزئية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

ويتضح من هذا النص أن قاضي التنفيذ هو قاض جزئي، ويختص هذا القاضي بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أيا كانت قیمتها بمادة 275/1 مرافعات، كما يختص أيضا بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ مادة 275 / 2 مرافعات» . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ،  الجزء / الأول  ، الصفحة : 1167 )

الطلب الأصلي هو الذي ينشئ خصومة لم تكن موجودة قبل إبدائه أما الطلب العارض فلا ينشئ خصومة إنما هو يعدل من نطاق خصومة قائمة قبل إبدائه وقد تبدي من المدعي فتسمي طلبات إضافية أو من المدعى عليه فتسمي طلبات عارضة أو دعاوي المدعي عليه وقد يوجهها شخص خارج عن الخصومة إلي الخصوم الأصليين فيدخل بها في الخصومة تدخلا ، كما تسمى الطلبات التي يوجهها الخصوم الأصليين في الدعاوي إلي شخص غريب عن الخصومة الأصلية باختصام الغير كما في دعوى الضمان الفرعية.

وينبغي التفرقة بين الدفاع الذي يبديه المدعي عليه لدفع الدعوى وبين الطلب العارض الذي يقدم منه إذ أن الاختصاص يتأثر بالطلب العارض ولا يتأثر بالدفاع الذي يبديه الخصم مثلا إذا رفعت دعوى مطالبة بريع أطيان مغتصبة أمام المحكمة الجزئية وعلى أساس أن قيمة الريع تدخل في اختصاصها القيمي فدفع المدعى عليه الدعوى بأنه يملك الأرض المطالب بريعها ففي هذه الحالة لا يؤثر دفاعه علي الإختصاص مهما بلغت قيمة الأرض أما إذا أبدي المدعي عليه طلبا عارضا هو ثبوت ملكيته للأرض المطالب بريعها فإن هذا يعد طلبا عارضا ويتعين على المحكمة إذا كانت قيمة الأرض زائدة عن اختصاصها القيمي أن نحكم بعدم اختصاصها بالطلب العارض ولها أن تحيله مع الطلب الأصلي إلى المحكمة الابتدائية المختصة عملا بنفس المادة .

- الفقرة الثانية يقصد بها أن تكون الدعوي الأصلية ما يدخل في اختصاص القاضي الجزئي فإذا عرض على المحكمة الجزئية أثناء نظر الدعوى الأصلية طلب من هذا القبيل أي طلب ضمان أو طلب عارض يتجاوز نصاب اختصاصها فيها تكون غير مختصة بنظره وقد خيرها القانون إزاء ذلك بين امرين الأول أن تحكم في الدعوى الأصلية وهذا أمر جوازي لها وشرطه ألا يترتب عليه ضرر بسير العدالة والثاني أن تحكم من تلقاء نفسها أو بناء علي طلب الخصوم بإحالة الدعوى والطلبات العارضة بحالتها إلى المحكمة الابتدائية ويكون حكم الإحالة غير قابل للاستئناف وهذا الإجراء الثاني جوازي للمحكمة الجزئية ما لم يكن فصلها للدعوى الأصلية من شأنه أن يضر بسير العدالة إذ في هذه الحالة تكون الإحالة وجوبية بمعنى أنه يجوز للمحكمة ولو لم يكن ثمة ضرر من الفصل في الدعوى الأصلية وحدها أن تحيل الدعوي مع ذلك برمتها إلى المحكمة الابتدائية دون أن تستعمل حقها في الفصل في الدعوى الأصلية الداخلة في اختصاصها ( العشماوي الجزء الأول ص 614).

وطبقاً للفقرة الثانية بعد أن تحكم المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطلب العارض تقرر من تلقاء نفسها إحالة الطلب العارض وحده أو الدعوى برمتها إلي المحكمة الابتدائية ويكون حكم الإحالة - في الحالتين - غير قابل لأي طريق من طرق الطعن وبذلك خول المشرع المحكمة اختصاصها نهائياً بصدد تحديد ما إذا كان الفصل في الدعوى الأصلية وحدها يضر بحسن سير العدالة أو لا يضر بها . وجدير بالذكر أن الممنوع من الطعن فيه هو الحكم الصادر بالإحالة وحده أما الحكم الصادر بعدم إختصاص المحكمة بنظر الطلب العارض فهو يقبل الطعن وفقا للقواعد العامة ، ويجب على المحكمة إعمال حكم الفقرة الثانية سواء تمسك المدعى عليه في الطلب العارض أو المرتبط بذلك أو لم يتمسك لأن إختصاص المحكمة بالطلب العارض هو اختصاص قيمي متعلق بالنظام العام.

ولا يلزم لجواز إحالة الطلبين. إلي المحكمة الابتدائية أن تقوم رابطة لا تقبل التجزئة بل يكفي أن يقوم نوع من الإرتباط يبرر جمعهما أمام المحكمة الإبتدائية والأمر خاضع لمطلق تقدير المحكمة ولا محل لإعمال حكم المادة إلا إذا كان الطلب الأصلي يدخل في إختصاص المحكمة الجزئية أما إذا كان لا يدخل في اختصاصها فإنها لا تختص تبعا لذلك بنظر الطلب العارض عليه ولو كان في ذاته مما يدخل في اختصاصها وذلك عملا بقاعدة أن الفرع يتبع الأصل.

والطلبات المرتبطة هي طلبات قضائية مختلفة عن الدعوى الأصلية قائمة بذاتها تتميز بتوافر الارتباط بينها وبين الدعوى الأصلية .

فالطلب المرتبط يختلف عن الطلب الأصلي في موضوعه ولو اتحد الخصوم في الطلبين أو اتحد السبب فيهما. ويقصد بالاختلاف في موضوع الطلب المغايرة وتفريعاً على هذا لا يكون طلبا مرتبطا طلب الخصم في دعوى بجزء من الحق وفي دعوى أخرى بكل الحق ففي هذه الحالة تكون الدعويان دعوى واحدة .

والطلبات المرتبطة تتميز بتوافر الارتباط بينها وبين الدعوى الأصلية . والارتباط بين الطلبين يتوافر إذا كان الحل الذي يتقرر لأحدهما يؤثر في الحل الذي يجب تقريره بالنسبة للآخر أو يتأثر به مثال هذا طلب فسخ عقد وطلب تنفيذه ، وطلب الحكم بملكية عين من شخصين كل منهما يطلب ملكيتها لنفسه وطلب الحكم بتقرير حق ارتفاق وطلب الخصم نفيه وطلب الدائن إدخال الكفيل في الدعوى المرفوعة علي المدين ، وطلب الضمان مثل طلب المشتري إدخال البائع في دعوى الاستحقاق المرفوعة عليه وكنا إذا طلب مدع إلزام المدعى عليه بتعويض عن الضرر الذي لحقه من فعل معين وطلب المدعي عليه بدوره إلزام المدعي بتعويض عن الضرر الذي لحقه من ذات الفعل باعتبار أن المدعي هو المسئول عنه وطلب المدعى عليه التعويض عن الضرر الذي لحقه عن إساءة استعمال حق التقاضي من المدعي في نفس الدعوى المرفوعة من الأخير أيا كان موضوعها وطلب المدعي عليه في دعوى الحيازة منع تعرض المدعي لحيازته وكما إذا تشاجر شخصان وأحدث كل منهما بالآخر إصابة فرفع أحدهما على الأخر دعوي يطالبه بالتعويض عما أحدثه من ضرر نتيجة إصابته فإذا رفع الثاني على الأول دعوى يطالبه فيها بدوره بتعويض عن إصابته كان الطلبان مرتبطين .

والطلبات المرتبطة قد تكون طلبات عارضة وقد لا تكون ومن أمثلة النوع الأول الدعوى التي يرفعها مشتر بصحة ونفاذ عقده فيرد عليه البائع طالبا فسخ العقد فكلا الطلبين مرتبط وأخرهما عارض وكما إذا رفع شخص دعوى بطلب تقرير حق ارتفاق وطلب خصمه نفيه فهذا الطلب الأخير عارض ومرتبط وقد يكون الطالب مرتبطاً بالطلب الأصلي ولا يعتبر طلباً عارضاً عليه كان يرفع المدعي يطلب فيها تثبيت ملكيته لأرض فيرفع المدعي من جانبه دعوي أخري يطالبه فيها بالريع علي أساس أن الأرض مملوكة له فكلا الطلبين مرتبط بالآخر ولكن الدعوي الثانية لا تعد طلباً عارضاً لأنها أبديت كدعوى مستقلة بذاتها وفي هذه الحالة تكون المحكمة المختصة بالدعوى الأصلية مختصة بالفصل في الطلب المرتبط وعلي ذلك تحيل المحكمة المنظورة أمامها الطلب المرتبط الدعوى إلى المحكمة التي رفع أمامها الطلب الأصلي وذلك بالشروط المبينة في بحالة الدعوى من محكمة إلى أخرى وفقا لنص المادتين 110 ، 112 مرافعات . ( قوانين المرافعات الدكتور أمينة النمر الكتاب الأول ص 583 وما بعدها طبعة سنة 1982).

كذلك من أمثلة الطلب المرتبط الذي يقيمه المؤجر بطلب إخلاء المستأجر من العين لتأخره في سداد الأجرة وبإلزامه بالأجرة المستحقة فالطلب الأخير مرتبط بالطلب الأول .

وقد سبق أن أوضحنا أن الطلب العارض كما يجوز إبداؤه في صحيفة الدعوى مع الطلب الأصلي يجوز أن يبدي بعد رفعها .

والمقصود بكلمة " بحالتهما" التي وردت في نهاية المادة هي حالة كل من الدعوى الأصلية والطلبات العارضة علي أن تقوم المحكمة المحال إليها الدعوى باستكمال ما قد أكون قد أجرته المحكمة الجزئية من إجراءات وإذا كانت المحكمة الجزئية قد اتخذت أي إجراء من إجراءات الإثبات فإنه يعتد به أمام المحكمة الابتدائية المحال إليها الدعوى .

ويعتبر طلب الضمان من الطلبات العارضة .

ويبين من نص المادة 46 أن المشرع رأي أنه إذا كان لابد من مخالفة قواعد الاختصاص النوعي فلتكن المخالفة بمنح المحكمة الابتدائية الاختصاص بنظر دعوى لا تزيد قيمتها علي خمسة آلاف جنيه بدلا من منح المحكمة الجزئية إختصاصاً بنظر دعوى قيمتها تزيد على خمسة آلاف جنيه .

وفي حالة إحالة الدعوى من محكمة إلي محكمة أخرى لعدم الاختصاص فقد أوجبت المادة 110 مرافعات على المحكمة المحال إليها الدعوى نظرها ويري الدكتور أبو الوفا أن المحكمة الإبتدائية التي تحال إليها الدعوى لا تتقيد بهذه الإحالة إلا لسببها بمعنى أنه إذا رأت نفسها غير مختصة لسبب أخر أو كان عدم اختصاصها متعلقا بالنظام العام وجب عليها الحكم به بل هي تملك الحكم بعدم اختصاصها ولو لم يكن عدم اختصاصها متعلق بالنظام العام متى تمسك به خصم في الدعوى قبل التكلم في الموضوع ولم يكن قد طلب الإحالة ، ويضيف أن عدم جواز الطعن في حكم الإحالة لا يؤثر في جواز تحلل المحكمة من اختصاصها بنظر الدعوى المحالة إليها بشرط أن يكون عدم اختصاصها متصلاً بالنظام العام ، وذلك لأن عدم قابلية حكم الإحالة للطعن، هو قيد يرد علي حق الخصوم في التظلم من حكم الإحالة ، بينما مراعاة مدى اختصاص المحكمة بالدعوى المحالة إليها هو أمر يوجبه القانون - وقد يكون من النظام العام - كل هذا مع التسليم بأن الإحالة تفرض بسببها على المحكمة الابتدائية ومن ثم تملك المحكمة الابتدائية بعد هذه الإحالة الحكم مثلاً بعدم اختصاصها اختصاصا متعلقا بالوظيفة ( الدكتور أبو الوفا في التعليق على نصوص المرافعات الطبعة الخامسة ص 339 وما بعدها ) .

هذا وننوه إلى أنه ينبغي التفرقة بين الطلب العارض الذي يبيده المدعي وبين تعديله لطلباته وفقا لما تقضي به المادة 38 مرافعات ففي الحالة الأولي يسري حكم المادة 46 وفي الحالة الأخيرة تطبق لأحكام المادة 38. ( التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية،  الجزء الثاني ،  الصفحة : 679 )