1- مؤدى نص المادة 48 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 أن تختص محكمة الاستئناف بالحكم فى قضايا الاستئناف التى تُرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من المحاكم الابتدائية، وكذلك عن الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية فى الدعاوى المنصوص عليها فى البند السادس من المادة 43 من القانون المذكور، وهى دعاوى تسليم العقارات المرفوعة بصفة أصلية .
( الطعن رقم 18866 لسنة 84 ق - جلسة 13 / 6 / 2024 )
2 ـ نص قانون المرافعات فى المادة 248 منه على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى الأحوال الآتية ......" كما نص فى المادة 249 على إنه للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى أي حكم انتهائي - أياً كانت المحكمة التي أصدرته -فصل فى نزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي". وإذ كان المقصود بعبارة :محاكم الاستئناف التي أجازت المادة 248 الطعن على أحكامها بطريق النقض هى المحاكم التي حددت المادة السادسة من قانون السلطة القضائية تشكيلها وحددت المادة 48 من قانون المرافعات اختصاصها، ومحكمة القيم ليست من تلك المحاكم تشكيلا أو اختصاصا فلا تعتبر الأحكام الصادرة منها أحكاما صادرة من محاكم الاستئناف فى مفهوم المادة 248 من قانون المرافعات فلا يجوز الطعن على أحكامها بطريق النقض إعمالا لهذا النص وإنما يقتصر أثر صدور الحكم بعدم دستورية نص المادة 50 من قانون حماية القيم من العيب على أن الطعون بالنقض المرفوعة قبل 14/1/1997 تصبح جائزة متى توافرت فيها الشروط المنصوص عليها فى المادة 249 من قانون المرافعات باعتبار أن أحكام المحكمة العليا للقيم تدخل فى عموم المقصود بعبارة " الأحكام الانتهائية أياً كانت المحكمة التي أصدرتها.
(الطعن رقم 11565 لسنة 65 جلسة 2001/11/26 س 52 ع 2 ص 1176 ق 230)
3 ـ إذ كان النص فى المادة 48 من قانون المرافعات على أنه مع مراعاة أحكام القوانين الأخرى فى شأن إيجار العقارات تنفذ عقود الإيجار الثابتة التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية فى حق الحاجزين و الدائنين المشار إليهم فى المادة 417 و من حكم بإيقاع البيع عليه ... أما عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ قبل تسجيل التنبيه فلا تنفذ فى حق من ذكروا إلا إذا كانت من أعمال الإدارة الحسنة يدل على أن الحكم الوارد فى هذا النص لا يخل بأحكام القوانين الخاصة التى تنظم إيجار الأماكن ، و كان مؤدى المادة 22 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن عقود الإيجار الصادرة من المالك السابق تسرى فى حق المالك و لو لم يكن لهذه العقود تاريخ ثابت سابق على تاريخ إنتقال الملكية سواء كان ذلك بسبب البيع إختياراً أو جبراً كما يقع فى التنفيذ الجبرى على العقار ، إلا أنه يشترط لسريان الإيجار فى حق المالك الجديد أن يكون الإيجار عقداً جديداً لا عقداً صورياً ، و غير مشوب بالغش و الكيد .
(الطعن رقم 495 لسنة 46 جلسة 1981/04/25 س 32 ع 1 ص 1275 ق 233)
4 ـ المقصود بدعوى أصل الحق التى نص فى المادة 48 من قانون المرافعات على عدم جواز الجمع بينها و بين دعاوى الحيازة - هو دعوى الملكية أو أى حق آخر متفرع منها .
(الطعن رقم 357 لسنة 22 جلسة 1956/04/12 س 7 ص 517 ق 70)
5 ـ المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لجهة القضاء العادى بما لها من ولاية عامة أن تتحقق من أن الحكم المطروح أمر حجيته عليها و الذى أصدرته جهة قضاء أخرى قد صدر فى حدود الولاية القضائية لتلك الجهة ، و أن الحكم الصادر من جهة قضاء خارج حدود ولايتها يعد معدوم الحجية أمام الجهة صاحبة الولاية فى النزاع .
(الطعن رقم 80 لسنة 44 جلسة 1978/01/18 س 29 ع 1 ص 240 ق 51)
6 ـ إن العمل الإجرائي الصادر من جهة لا ولاية لها عمل منعدم لا يرتب القانون عليه أثرا، ومن ثم فإنه لا يتحصن بفوات مواعيد الطعن فيه، ويجوز الحكم بانعدامه مهما استطالت المدة بين وقوعه وتاريخ الطعن فيه.
(الطعن رقم 34 لسنة 71 جلسة 2001/11/27)
7 ـ النص فى المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 1983 بإنشاء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية على أن "تنشأ هيئة عامة اقتصادية بأسم الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية تكون لها الشخصية الاعتبارية ويكون مقرها مدينة القاهرة وتتبع وزير الدولة للزراعة والأمن الغذائي" والنص فى المادة الثانية منه على أن "تهدف الهيئة إلى تنمية الاقتصاد القومي فى مجال الثروة السمكية" . والنص فى المادة الثامنة منه على أن "مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها واقتراح السياسة العامة التي تسير عليها .....وله أن يتخذ ما يراه لازماً من قرارات لتحقيق إغراض الهيئة ، وعلى الأخص: 1- ........2- ..........3- ............. وضع اللوائح المتعلقة بتعيين موظفي الهيئة وعمالها وترقيتهم ونقلهم وفصلهم وتحديد مرتباتهم وبدلاتهم والحوافز التي تصرف لهم، وذلك بما لا يجاوز الحدود القصوى المقررة فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة" والنص فى المادة الثانية عشر على أن "يكون للهيئة موازنة خاصة ...." يدل على أن الهيئة الطاعنة بحسب النظام القانوني الموضوع لها والغرض الذي أنشأت من اجله هي إحدى المصالح الحكومية رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة ذات شخصية معنوية مستقلة، ومن ثم فإن علاقتها بالعاملين بها أو المنقولين إليها هي علاقة لائحية تنظيمية بوصفهم موظفين عموميين .
(الطعن رقم 1185 لسنة 63 جلسة 2000/01/27 س 51 ع 1 ص 234 ق 39)
8 ـ تجريد الشخص العام من ماله المخصص للمنفعة العامة وإضافته لآخر، هو من قبيل الأعمال الإدارية التي يحدد القانون العام ضوابطها وشروط صحتها وأساس التعويض عنها، ولا ولاية للمحاكم فى شأنها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وتصدي بالفصل فى موضوع النزاع مجاوزاً قواعد الاختصاص الولائي، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 10528 لسنة 66 جلسة 1998/10/28 س 49 ع 2 ص 632 ق 152)
9 ـ إذ كان الثابت فى الأوراق أن أرض النزاع من الأراضي التي استولت عليها الطاعنة (الهيئة العامة للإصلاح الزراعي) باعتبارها مملوكة لأجنبية تنفيذاً لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963 بشأن حظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية، ومن ثم فإن النزاع حول ملكيتها بين الطاعنة والمطعون ضده تختص بنظره اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على سند من أن اختصاص هذه اللجنة مقصور على الفصل فى المنازعات بين جهة الإصلاح الزراعي وملاك الأراضي المستولى عليها أو خلفائهم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تأويله.
(الطعن رقم 2906 لسنة 62 جلسة 1999/02/09 س 50 ع 1 ص 209 ق 38)
10 ـ تجريد الشخص العام من ماله المخصص للمنفعة العامة وإضافته لآخر، هو من قبيل الأعمال الإدارية التي يحدد القانون العام ضوابطها وشروط صحتها وأساس التعويض عنها، ولا ولاية للمحاكم فى شأنها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وتصدي بالفصل فى موضوع النزاع مجاوزاً قواعد الاختصاص الولائي، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 10528 لسنة 66 جلسة 1998/10/28 س 49 ع 2 ص 632 ق 152)
11 ـ لما كان مناط العقد الإدارى أن يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً يتعاقد بوصفه سلطة عامة و أن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييرة أو تنظيمة و أن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية و هو إنتهاج أسلوب القانون العام فيما يتضمنه من شروط إسثنائية غير مألوفة فى روابط القانون الخاص ، لما كان ذلك و كان عقد الإشتراك فى خطوط الهواتف - الذى تبرمه الهيئة العامة المختصه بقصد الإستفادة من خدمة المرفق الإقتصادى الذى تديرة لا يتناول تنظيم المرفق الذى عليه أو تسييرة و من ثم يخضع للأصل المقرر فى شأن سائر العقود التى تنظم العلاقة بين المرافق الإقتصادية و بين المنتفعين بخدماتها بإعتبارها من ورابط القانون الخاص ، و لا يغير من ذلك ما يتضمنه هذا العقد من شروط إستثنائية مألوفة فى عقود الإذعان المدنية التى نظمها القانون المدنى بأحكام تكفل دفع مضارها عن الطرف الضعيف فى التعاقد و من ثم تكون المنازعة المطروحة منازعة مدنية بشأن عقد مدنى مما تختص جهة القضاء العادى بالفصل فيه .
(الطعن رقم 767 لسنة 54 جلسة 1988/04/26 س 39 ع 1 ص 688 ق 135)
12 ـ المحكمة الإبتدائية تختص بالحكم إبتدائياً فى جميع الدعاوى المدنية والتجارية التى ليست من إختصاص محكمة المواد الجزئية ، ويكون حكمها إنتهائياً إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً على ما تقضى به المادة 47 من قانون المرافعات ، وتختص محكمة الإستئناف بالحكم فى قضايا الإستئناف التى ترفع إليها عن الأحكام الصادرة إبتدائياً من المحاكم الإبتدائية إتباعاً لحكم المادة 48 منه ، وأن تقدير قيمة الدعوى فيما يتعلق بنصاب الإستئناف يكون وفقاً لأحكام المواد من 36 إلى 41 على ما تقضى به المادة 223 منه ، إلا أنه لما كانت دعاوى الحيازة تقدر قيمتها بقيمة الحق الذى ترد عليه الحيازة عملاً بنص الفقرة الرابعة من المادة 37 من ذلك القانون ، وكان الحق مثار النزاع هو حق المطعون عليه فى الإنتفاع بالعين المؤجرة إليه ، وكان القانون رقم 52 لسنة 1961 الذى يحكم واقعة النزاع قد أضفى على عقود إيجار الأماكن التى تخضع لحكمه إمتداداً قانونياً غير محدود المدة مما تعتبر معه قيمة عقد الإيجار ، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة غير قابلة للتقدير ، ومن ثم وعملاً بنص المادة 41 مرافعات تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً ، فإن الحكم الصادر فى الدعوى الماثلة يكون مما يجوز إستئنافه أمام محكمة الإستئناف .
(الطعن رقم 624 لسنة 47 جلسة 1980/04/26 س 31 ع 1 ص 1243 ق 236)
13- مفاد المواد 43 / 6 ، 48 ، 50 من قانون المرافعات المعدلة والمضاف إليها بالقانون 76 لسنة 2007 والمعمول به اعتباراً من 1/10/2007 أن المشرع قد عقد للمحكمة الجزئية الواقع في دائرتها موقع العقار دون غيرها الاختصاص بدعاوى تسليمه ، إذا رفعت الدعوى بصفة أصلية جاعلاً هذا الاختصاص المحلي من النظام العام بطريق الاستثناء من حكم المادة 108 من ذات القانون ، وخص محكمة الاستئناف بالحكم في قضايا الاستئناف التي ترفع إليها عن تلك الدعاوى أياً كانت قيمتها .
( الطعن رقم 12401 لسنة 90 ق - جلسة 8 / 6 / 2024 )
إستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الإبتدائية :
وفقاً للمادة 48 مرافعات ، تختص محكمة الإستئناف بالإستئناف الذي يرفع عن الأحكام الصادرة من المحاكم الإبتدائية ، كما تختص باستئناف الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية في الدعاوى التي تنص عليها الفقرة السادسة من المادة 43 مرافعات . وهذه الأخيرة هي دعاوى تسليم العقارات التي ترفع بصفة أصلية.
إذ يجب النظر إلى الحكم والمحكمة التي أصدرته بغير نظر إلى الدعوى التي نظرتها سواء من حيث إجراءاتها أو الاختصاص بها، أو المسألة التي فصلت فيها .
ويرفع الإستئناف أمام المحكمة الإستئنافية التي تتبعها محكمة أول درجة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويعتبر عدم اختصاص المحاكم الإستئنافية الأخرى متعلقا بالنظام العام ، تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ويلاحظ أن رفع الإستئناف إلى محكمة غير مختصة به لا يبطل الإستئناف على أنه يجب على المحكمة بعد الحكم بعدم الإختصاص أن تحيل الإستئناف إلى المحكمة الاستئنافية المختصة تطبيقاً للمادة 110 مرافعات. ( المبسوط في قانون القضاء المدني علماً وعملاً، الدكتور/ فتحي والي، طبعة 2017 دار النهضة العربية، الجزء : الثاني ، الصفحة : 542 )
إختصاص محكمة الإستئناف :
كان إختصاص محكمة الإستئناف ينحصر في نظر قضايا الإستئناف التي ترفع إليها عن الأحكام الصادرة إبتدائياً من المحاكم الإبتدائية، وتختص المحكمة الإبتدائية بالحكم ابتدائياً في القضايا التي تجاوز قيمتها أربعين ألف جنيه والقضايا غير المقدرة القيمة، ومن ثم يرفع الإستئناف عن الأحكام الصادرة في هذه القضايا إلى محكمة الإستئناف، أما الدعاوى الإبتدائية التي لا تجاوز قيمتها النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية فلا يجوز رفع إستئناف عنها إلا بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم وحينئذ تختص محكمة الإستئناف بنظر الإستتئناف المرفوع عن الحكم الصادر بصفة انتهائية من المحكمة الابتدائية عملا بالمادة (221) من قانون المرافعات.
وبموجب القانون رقم 76 لسنة 2007 امتد إختصاص محكمة الإستئناف إلى نظر قضايا الإستئناف التي ترفع إليها عن الأحكام الابتدائية الصادرة من المحاكم الجزئية في دعاوى تسليم العقارات التي ترفع بصفة أصلية وفقا للبند السادس من المادة (43) من قانون المرافعات.
وترفع دعوى تسليم العقار بصفة أصلية عندما تنحصر طلبات المدعي في طلب التسليم فقد يرفع دعوى بصحة ونفاذ عقد البيع أو دعوى باستحقاق العقار ويغفل طلب التسليم مما يضطره إلى رفع دعوى أصلية بالتسليم، وحينئذ ينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الجزئية أياً كانت قيمتها، ويكون حكمها جائزاً إستئنافه أمام محكمة الإستئناف طالما لم يصدر بصفة انتهائية وتقدر قيمة الدعوى بقيمة العقار لتحديد نصاب الإستئناف. ولا يعتد في هذا الصدد بقيمة الدعوى التي أغفل فيها طلب التسليم، فقد يصدر الحكم فيها في حدود النصاب الانتهائي للمحكمة الإبتدائية ومع ذلك يكون الحكم بالتسليم الصادر من المحكمة الجزئية جائزاً إستئنافه.
فإن لم ترفع دعوى تسليم العقار بصفة أصلية وإنما كان طلب التسليم مندمجا ضمن طلبات أخرى ورفعت بها جميعاً دعوى، كدعوی صحة ونفاذ عقد البيع والتسليم، فإن الحكم الذي يصدر فيها برفض طلب التسليم، يخضع في استئنافه للقواعد العامة ولا يجوز أن ترفع به دعوى بصفة أصلية.
الإختصاص الولائي
الإختصاص الولائي وتنازع الاختصاص :
الإختصاص الولائي ، هو الذي يقرره المشرع لكل جهة تتولى الفصل في خصومة معينة يحددها لها القانون ويجعلها تختص بها دون الجهات الأخرى، فهو بمثابة إختصاص نوعي بالنسبة للجهات القضائية المتعددة ، إذ تختص کل منها بنوع معين من المنازعات يحظر على الجهات الأخرى التصدي لموضوعها لخروجها عن ولايتها أو عن الوظيفة التي حددها لها القانون، بحيث إن خالفت إحدى الجهات القضائية هذا الإختصاص وتصدت لنزاع لا ولاية لها بالفصل فيه ، كان حكمها مشوباً بمخالفة قواعد الإختصاص الوظيفي المتعلق بالنظام العام، ومن ثم لا يجوز أية حجية أمام محاكم الجهة صاحبة الولاية.
ويحوز الحكم حجية الأمر المقضي بمجرد صدوره ولو كان قابلاً للطعن بالطرق العادية ، فإن لم يكن قابلا للطعن بهذه الطرق أو للطعن بالطرق غير العادية ، وحتي تثبت هذه الحجية أو قوة الأمر المقضي، يجب أن يكون الحكم صادرا من محكمة في حدود الإختصاص الولائي المحدد لها فإن صدر بالمخالفة لذلك فلا تكون له حجية أمام الجهة صاحبة الإختصاص الولائي التي كان يتعين رفع النزاع إليها، مثال ذلك أن يصدر حكم من القضاء الإداري في نزاع تختص به المحاكم العادية بنظره ولائيا، وحينئذ تطرح المحاكم العادية هذا الحكم وتعتبره كأن لم يكن ولا يحتج أمامها به، ومؤدي ذلك أنه إذا رفع ذات النزاع الذي سبق للقضاء الإداري الحكم فيه إلى القضاء العادي صاحب الولاية بنظره ، تعين عليه الحكم فيه وإذا دفع أمامه بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر من القضاء الإداري قضي برفض هذا الدفع صدور الحكم بالمخالفة لأحكام الإختصاص الولائي. أما إذا صدر الحكم من محكمة من محاكم القضاء العادي خارج نطاق الاختصاص الولائي المقرر لها، فإنه يحوز حجية أمام جميع محاكم هذا القضاء وإن كان لا يحوزها أمام القضاء الإداري، ويترتب على ذلك أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى يجوز إبداؤه . أمام محاكم القضاء العادي إذا كان الحكم صادراً من إحداها ولو خالف الاختصاص الولائي ، ولكن لا يجوز ابداؤه أمام القضاء الإداري والعكس صحيح، ولا ينال من حجية الحكم صدوره بالمخالفة للاختصاص النوعي أو المحلي .
ويترتب على مخالفة الإختصاص الولائي، إحتمال تعارض الأحكام النهائية بسبب تنازع هذا الإختصاص، فقد يصدر في الموضوع الواحد المتحد خصوماً وسبباً ، حكم نهائي من القضاء العادي، بينما يصدر في نفس الموضوع حكم آخر من القضاء الإداري يناقض الحكم السابق، وعند تنفيذ أي من الحكمين ينازع المنفذ ضده استناداً للحكم المناقض والصادر لصالحه، وحينئذ لا يختص قاضي التنفيذ بهذه المنازعة رغم تعلقها بتنفيذ حكم قد يكون صادراً من جهة القضاء التي يتبعها، وإنما تختص به المحكمة الدستورية العليا عملاً بالفقرة ثالثا من المادة (25) من قانون هذه المحكمة الذي يجري بأن تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.
فإن كان الحكمان صادرين من جهة واحدة ، كجهة القضاء العادي ، اختص قاضي التنفيذ بالمنازعة، وأمر بتنفيذ الحكم الذي صدر أولاً ، إذ يكون قد قضى الخصومة ، وبالتالي يكون الحكم التالي منعدماً لصدوره في غير خصومة ، ولا يكون قاضي التنفيذ في هذه الحالة قد تعرض لحجية الحكم الأخير، لأن الحكم المعدوم لا حجية له.
والعبرة في تحديد الجهة القضائية صاحبة الولاية بنظر النزاع، بوقت نشوء الحق محل التداعي، فإن كان الحق في هذا الوقت مما يختص به القضاء الإداري، انعقد له وحده ولاية الفصل فيه حتى لو أصبح هذا الحق بعد ذلك مما يختص به القضاء العادي.
وتعددت الجهات القضائية، وتمثلت في القضاء العادي والقضاء الإداري والمحكمة الدستورية العليا ومحكمة القيم وهيئات التحكيم واللجان القضائية للإصلاح الزراعي وغيرها من اللجان التي عهد لها المشرع باختصاص قضائي.
وقد نصت المادة (15) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 علی اختصاص القضاء العادي والإداري بينما تضمنت قوانين أخرى إختصاص باقي الجهات.
ومناط التصدي للإختصاص هو مجرد ادعاء المدعى بوقوع المخالفة، وبالتالي لا يعتبر هذا التصدي خروجاً على قواعد الإختصاص باعتباره سبيل المحكمة للوقوف على مدى اختصاصها، فإن جاوزت المحكمة هذه المرحلة وخلصت إلى وقوع المخالفة بالفعل، فإنها تكون قد قررت توافر المسئولية وبذلك تكون قد عقدت الإختصاص لنفسها.
العقد الإداري ، هو الذي تبرمه الجهة الإدارية بمناسبة إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره أو تحسين الإنتفاع به وتظهر فيه قصدها في الأخذ بأحكام القانون العام أي القانون الإداري.
وإظهار هذا القصد ليس ركناً في هذا العقد، ومن ثم يكفي لإنعقاده تلاقي إرادتي طرفيه على الأعمال ذات الإتصال بالمرفق العام ولو لم يتضمن شروطاً إستثنائية وإن كان الأصل فيه إنطوائه عليها.
ويترتب على ذلك، أن العقد الذي تبرمه جهة الإدارة، ولم يكن متعلقاً بإدارة مرفق عام أو تسييره أو تحسين الانتفاع به، لا يعتبر عقداً إدارياً ، إنما يكون من عقود القانون الخاص المسماة أو غير المسماة حتى لو تضمن شروطاً غير مألوفة في هذا القانون طالما ارتضاها الطرف الآخر.
أما الترخيص الإداري، فينصرف إلى التصرف الصادر من الجهة الإدارية لتمكين أحد الأشخاص من الإنتفاع بالمال العام، كالترخيص بالانتفاع بشاطئ البحر أو بالطريق العام أو بأرض أو مبنى ملحق بمال عام، كالأكشاك التي تقام بالطريق العام أو بأرض الجامعة أو الميناء.
وهي مؤقتة ويجوز للإدارة إلغائها في أي وقت وأن المقابل الذي تحصله ليس أجرة إنما مقابل إنتفاع.
شرط التحكيم :
المقرر فى قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 56 من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته - المقابل لنص المادة 60 من القانون رقم 60 لسنة 1971 بشأن المؤسسات العامة والقطاع العام - على أن «يفصل في المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام بعضها وبعض أو بين شركة قطاع عام من ناحية وبين جهة حكومية مركزية أو محلية أو هيئة عامة أو هيئة قطاع عام أو مؤسسة عامة من ناحية أخري عن طريق التحكيم دون غيره على الوجه المبين في هذا القانون » مؤداه أن تختص هيئات التحكيم دون غيرها بنظر كل نزاع بين الجهات سالفة البيان - لأنه لايقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في القطاع الخاص بل تنتهي جميعها في نتيجتها إلي جهة واحدة هي الدولة، وإن هذا الإختصاص الولائي المتعلق بالنظام العام لا يجوز الإتفاق على مخالفته ولا تصحح هذه المخالفة إجازة ولا يرد عليها قبول.
فكان الاختصاص بهذه المنازعات ينعقد لهيئات التحكيم دون سواها ، وهو اختصاص ولائي يتعلق بالنظام العام تقضي به المحاكم من تلقاء نفسها وتأمر بإحالة الدعاوى إلى هذه الهيئات.
وإذ ألغى القانون رقم 97 لسنة 1983 سالف البيان، بالقانون رقم 20 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام، ونص على أن تؤسس الشركة القابضة في شكل شركة مساهمة وتعتبر من أشخاص القانون الخاص، وأنه يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع بينها وبين الأشخاص الإعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد وطنيين أو أجانب. كما نص على إلغاء أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات.
مفاده، أن القانون رقم 20 لسنة 1991 يكون قد ألغى التحكيم الإجباري الذي كان ينص عليه القانون رقم 97 لسنة 1983، وبالتالي إلغاء هيئات التحكيم التي كانت قائمة تنفيذاً له، ويعود الإختصاص بالمنازعات سالفة البيان للقواعد العامة في الإختصاص، بحسب نوع وطبيعة المنازعة وأطرافها، ما لم ينص في عقد النزاع على شرط التحكيم، وإذا ألغى الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات الخاص بالتحكيم، وكان القانون رقم 203 لسنة 1991 قد أحال إلى هذا الباب إحالة مطلقة ، فإن هذه الإحالة تنصرف إلى قواعد التحكيم التي تضمنها القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، الذي نص على إلغاء الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات الخاص بالتحكيم، ويكون القانون رقم 203 لسنة 1991 سالف البيان، قد حل محل الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات، بموجب إحالة القانون رقم 283 لسنة 1991 المطلقة.
ذلك أن المقرر أنه حينما يحدد القانون نطاق بعض أحكامه بالإحالة إلى بیان محدد بعينه في قانون آخر، فإنه يكون قد ألحق هذا البيان ضمن أحكامه ، فیضحی جزءا منه يسرى بسريانه دون توقف على استمرار القانون الآخر الذي ورد به ذلك البيان أصلا خلافا لما إذا كانت الإحالة مطلقة إلى ما يبينه أو يقرره قانون آخر، فإن مؤدى ذلك أن القانون المحيل لم يعن بتضمين أحكامه أمراً محدداً في خصوص ما أحال به. وإنما ترك ذلك للقانون المحال إليه بما في ذلك ما قد يطرأ عليه من تعديل أو تغيير.
مفاد ما تقدم، أنه بصدور القانون رقم 203 لسنة 1991 لم تعد هناك هيئات تحكيم إجباري وإنما هيئة تحكيم مشكلة وفقاً للقانونين رقمي 27 لسنة 1994 ، 203 لسنة 1991 وبالتالي لا تثار مسألة الإختصاص إذا دفع بوجود شرط التحكيم، إذ ينصرف هذا الدفع إلى عدم سماع الدعوى، وهو بمثابة دفع شكلي بعدم قبول الدعوى مقرر لمصلحة المدعى عليه، ومن ثم يجوز له التنازل عنه صراحة أو ضمناً ويسقط حقه فيه إذا تكلم في الموضوع، وحينئذ يزول شرط التحكيم وتتصدى المحكمة للموضوع.
وتنص المادة (13) من القانون رقم 27 لسنة 1994 سالف البيان على أنه يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه إتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى.
إذ أنه لما كان شرط التحكيم لا ينشئ اختصاصاً قضائياً ، فإنه لا يتعلق بالنظام العام، وكل ما يترتب عليه هو عدم سماع الدعوى أمام المحكمة إذا دفع المدعى عليه بذلك، فإن لم يتمسك بهذا الدفع، وتصدى للموضوع، فإن إرادته تكون قد تلاقت مع إرادة المدعى بالتنازل عن شرط التحكيم وإسقاط حقه فيه ، ولما كان الساقط لا يعود، فإنه يمتنع على أي منهما التمسك بالشرط وإلا كان دفعهما غير مقبول وتستمر المحكمة في نظر الدعوى، لأن رفع المدعي دعواه رغم وجود شرط التحكيم يدل على تنازله عنه، وأن تصدى المدعى عليه للموضوع يدل على أنه أجاب على الدعوى بما يفيد صحة إجراءاتها. وهو ما ينطوي على تنازلهما معا عن شرط التحكيم.
فإن أخذت محكمة الدرجة الأولى بالدفع وقضت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنها لا تكون قد إستندت في قضائها إلى عدم توافر الشروط اللازمة لقبول الدعوى التي غنتها المادة (115) من قانون المرافعات وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيه أو لانقضاء المدة المحددة في القانون لرفعها. فإن الدفع المبدى من المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم يكون دفعاً شكلياً إذ يتعلق بإجراء أوجب القانون إتخاذه للمطالبة بالحق متمثلا في إجراءات التحكيم الواجب إتباعها ما لا يتصل بالصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى، دون اعتداد بالصفة التي تطلق على الدفع، لأن العبرة في تكييف الدفع هي بحقيقة جوهره ومرماه، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم لا تستنفد به المحكمة ولايتها إذا أجابت المدعى عليه إليه ، فإن ألغى إستئنافياً، تعيين إعادة الدعوى لمحكمة الدرجة الأولى للفصل في الموضوع.
كما لا يحول الطلب العارض بالمقاصة القضائية من الإلتزام بشرط التحكيم في حالة الدفع به.
ويضع وزير العدل قوائم المحكمين الذين يجرى الإختيار من بينهم في حالة تلقی مکتب شئون التحكيم بوزارة العدل طلب من ذوي الشأن بتعيين محكم أو أكثر ولهم إختيارهم، وتفصل هيئة التحكيم التي اختارها الخصوم أو المكتب في الدفوع بعدم الاختصاص أو فيما يتعلق بشرط التحكيم من حيث وجوده أو سقوطه أو بطلانه أو نطاقه ، ويسري على التحكيم قواعد الانقطاع المقررة في قانون المرافعات من حيث أسبابه وآثاره. وإذا طعن بالتزوير أوقفت الهيئة الإجراءات وكلفت الطاعن برفع دعوى تزوير أصلية.
ولا يطعن في أحكام التحكيم بطرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات ولكن ترفع دعوى أصلية ببطلانه أمام محكمة الدرجة الثانية بحسب قيمة التحكيم التي تتبعها المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع. ويصدر رئيس هيئة المحكمة أمراً بتنفيذ حكم المحكمين.
فإن تعذر تنفيذ شرط التحكيم، سقط الشرط وانعقد الإختصاص وفقاً للقواعد العامة .
إختصاص المحكمة الدستورية العليا :
مفاد المواد (25)، (26 )، (27) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 أن تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها، بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، والفصل في تنازع الإختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الإختصاص القضائي، سواء كان التنازع إيجابيا أو سلبياً.
والفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات إختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها.
وتتولى تفسير نصوص القوانين والقرارات بقوانين، والقضاء بعدم دستورية أي نص في قانون أو لائحة.
وقضت محكمة النقض بأن المحكمة الدستورية العليا منوط بها وحدها الرقابة على دستورية القوانين وليس لغيرها الامتناع عن نض لم يقض بعدم دستوريته. (نقض 1989 / 2 / 27 طعن 1949 س 52 ق). ( المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء / الثاني ، الصفحة : 95 )
إختصاص محكمة الإستئناف :
لمحكمة الإستئناف إختصاص نوعی محدود، فهي تختص بالحكم في قضايا الإستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من المحاكم الإبتدائية. فاختصاص هذه المحكمة يقتصر على نظر الإستئنافات المرفوعة إليها عن أحكام المحاكم الابتدائية (انظر تفصيلات ذلك للمؤلف - الطعن بالإستئناف - مكتبة . دار الفكر العربي ص 10 وما بعدها)، فهي لا تختص بنظر إستئناف عن حکم صادر من محكمة جزئية، وذلك ما لم يقرر المشرع ذلك بنص خاص، كما هو الحال بالنسبة للأحكام الصادرة في دعاوى تسليم العقارات إذا رفعت بصفة أصلية إلى المحكمة الجزئية فإن الأحكام . الصادرة فيها تستأنف أمام محكمة الإستئناف وليس أمام المحكمة الكلية طبقاً لنص المشرع في المادة 48 سالفة الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 76 لسنة 2007.
كما لا تختص هذه المحكمة بنظر أي طعن يرفع إليها في حكم صادر من المحكمة الابتدائية باعتبارها هيئة إستئنافية، فإذا أصدر حكم من محكمة جزئية، واستؤنف أمام المحكمة الإبتدائية فإن قضاء المحكمة الإبتدائية في هذا الإستئناف لا يجوز أن يطعن فيه أمام محكمة الإستئناف، إذ التقاضي على درجتين فقط (أنظر ذلك بالتفصيل: مؤلفنا الطعن بالاستئناف - مكتبة دار الفكر العربي - ص 10 وما بعدها).
والأصل أن محكمة الإستئناف تنظر الدعوى لثاني مرة بعد الفصل ، فيها من المحكمة الإبتدائية، فهي لا تنظر أي دعوى مبتدأة ترفع إليها على مباشرة، ولكن هناك بعض الدعاوى نص المشرع على سبيل الإستثناء على رفعها مباشرة إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها لأول مرة، وأهم هذه الدعاوى هی :
(1) دعاوی سقوط الخصومات أمام محكمة الإستئناف، فإذا صدر حكم في خصومة إبتدائية، واستؤنف هذا الحكم أمام محكمة الإستئناف، ثم وقف السير في الخصومة بفعل المدعى أو إمتناعه لمدة سنة، فيكون للمدعى عليه أن يرفع دعوى مبتدأة لمحكمة الإستئناف بسقوط هذه الخصومة المرفوعة أمامها، وذلك تطبيقاً للمادة 136 / 1 مرافعات التي تنص على أن يقدم طلب الحكم بسقوط الخصومة إلى المحكمة المقامة أمامها الدعوى المطلوب إسقاط الخصومة فيها بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى.
(ب) دعاوى تفسير الأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف إذا شابها غموض أو إبهام، وذلك تطبيقاً للمادة 192/1 مرافعات التي تنص على أنه يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام، ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعوى».
(ج) دعاوى مخاصمة القضاة ورجال النيابة، إذ ترفع هذه الدعاوی ابتداء إلى محكمة الإستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة، وذلك طبقاً للمادة 495 / 1 مرافعات التي تنص على أن ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الإستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة يوقعه الطالب، أو من يوكله في ذلك توكيلاً خاصاً.
(د) بعض الطلبات الجديدة التي أباح القانون للخصوم في الإستئناف أن يضيفوها إلى طلباتهم التي أبدوها أمام محكمة الدرجة الأولى، مثل ما تنص عليه المادة 235/2 مرافعات من أنه يجوز أن يضاف إلى الطلب الأصلي الأجور، والفوائد والمرتبات وسائر الملحقات التي تستحق بعد تقديم الطلبات الختامية أمام محكمة الدرجة الأولى، وما يزيد عن التعويضات بعد تقديم هذه الطلبات، ومن ذلك أيضاً ما تنص عليه المادة 235/4 من أنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات إذا كان الإستئناف قد قصد به الكيد، وحكم المحكمة بالتعويضات في هذه الحالة يتوقف على طلب الخصم الحكم له بها، ورغم أن هذا الطلب يعتبر جديد فإن الاختصاص بنظره ينعقد لمحكمة الإستئناف على سبيل الإستثناء.
ويلاحظ أن قانون إيجار الأماكن رقم 49 سنة 1977 . وإن كان قد جعل الإختصاص بالطعن في قرار لجنة تقدير أجرة المساكن، وقرار اللجنة المختصة بالإشراف على المباني الآيلة للسقوط من اختصاص المحكمة الإبتدائية، إلا أنه قصر الإستئناف على حالة الخطأ في تطبيق القانون فقط.
أما القانون رقم 136 لسنة 1981، فقد خول للمستأجر خلال تسعين يوماً من تاريخ التعاقد أو تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله للمكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان، وجعل الطعن على قرارات هذه اللجان أمام المحكمة الإبتدائية التي يقع في دائرتها المكان المؤجر، وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار ذوى الشأن بقرارها، ولا تسري على هذه الأحكام المادتين 18 ، 28 من القانون 49 لسنة 1977 الخاصة أولاهما بضرورة أن يلحق بتشكيل المحكمة مهندس معمارى، والثانية بعدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية إلا لخطأ في تطبيق القانون وبذلك يصبح الطعن جائزاً بالإستئناف على الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بتقدير أجرة المكان وإن كانت الواقعة قد تمت في ظل القانون 136 لسنة 1981 (الدناصورى وعكاز ص 393).
وينبغي ملاحظة أن محكمة الإستئناف تختص بنظر إستئناف دعاوی الأحوال الشخصية الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية، إذ من المقرر أن محكمة الإستئناف تختص أيضاً بنظر إستئناف دعاوى الأحوال الشخصية الذي يرفع إليها طعناً على الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بصفة إبتدائية. ذلك أن القانون رقم 1 لسنة 2008 لم يرد به نص بهذا الشأن، ومن ثم يسرى بشأنه قانون المرافعات عملاً بالمادة 56/1 من القانون رقم 1 لسنة 2000 ، والمادة الأولى من قانون إصداره.
الإختصاص النوعي لمحكمة النقض :
نطاق الإختصاص النوعى لمحكمة النقض ضيق للغاية، وذلك بالمقارنة باختصاص المحاكم الأدنى منها نوعياً ، إذ يقتصر إختصاص محكمة النقض على النظر في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف، إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله، أو إذا وقع بطلان في الحكم - أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم «مادة 248 برافعات».
كما تختص أيضاً بالنظر في الطعون التي يرفعها إليها الخصوم في أي حكم انتهائي، أياً كانت المحكمة التي أصدرته، سواء كانت هذه المحكمة جزئية أو إبتدائية أو محكمة الإستئناف، وذلك إذا كان هذا الحكم قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم، وحاز قوة الأمر المقضي ( مادة 249 مرافعات ) .
كذلك تختص محكمة النقض أيضاً بالنظر في الطعون التي يرفعها إليها النائب العام لمصلحة القانون في الأحكام الإنتهائية، أياً كانت المحكمة التي أصدرت هذه الأحكام، إذا كان الحكم مبنياً على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله، وذلك بالنسبة للأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها، وبالنسبة أيضاً للأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن «مادة 250 مرافعات".
ويلاحظ أن دور محكمة النقض إنما يقتصر على توحيد. فهم القانون، ورقابة تطبيقه في المحاكم المتعددة التي تتولى القضاء في الدولة، فهي لا تعتبر درجة ثالثة من درجات التقاضي، ولذلك فإنه إذا رفع إليها طعن في أحد الأحكام، فإنها لا تعيد نظر موضوع النزاع من جديد، وإنما تبحث فقط مدى مطابقة هذا الحكم للقانون.
ومما هو جدير بالذكر أن محكمة النقض تختص أساساً بنظر الطعون بالنقض التي ترفع إليها، بيد أن المشرع خول محكمة النقض أيضاً بنصوص خاصة، ولإعتبارات تتعلق باستقلال وهيبة القضاء نظر بعض الدعاوى المتعلقة بهم، لا كمحكمة قانون، ولكن كمحكمة موضوعية، كما خولها إختصاصات أخرى بنصوص قانونية، ومن ذلك إختصاصها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال القضاء، والنيابة العامة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم (مادة 83 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 )، واختصاصها بدعاوی رد القضاة (مادة 164 مرافعات)، ودعاوى مخاصمة القضاء، وأعضاء النيابة (مادة 496 و 497 من قانون المرافعات).
تعلق قواعد الإختصاص النوعي بالنظام العام :
ينبغي ملاحظة أن قواعد توزيع القضايا بحسب نوعها على المحاكم المختلفة تتعلق بالنظام العام، لأنها مقررة رعاية لمصلحة عامة هي حسن سير القضاء، وليس لرعاية مصلحة خاصة بالخصوم، ولذلك فإنه في حالة مخالفة أي قاعدة من هذه القواعد يجوز للخصوم الدفع بعدم الإختصاص في أية حالة تكون عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف أو محكمة النقض (موريل - المرافعات - بند 295 ص 249)، كما يجب على النيابة العامة في هذه الحالة إذا تدخلت في الدعوى كطرف منضم أن تطلب الحكم بعدم الإختصاص حتى ولو لم يدفع أحد الخصوم بذلك، كما يجب على المحكمة أن تقضي بعدم إختصاصها من تلقاء نفسها في هذه الحالة حتى ولو أغفل الخصوم أو النيابة العامة الدفع بعدم الإختصاص، كذلك لا يجوز للخصوم أن يتفقوا على مخالفة أي قاعدة من قواعد توزيع الإختصاص وفقاً لنوع القضية، إذ لا سلطان لإرادتهم في هذا الصدد . ( الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء / الأول ، الصفحة : 1219 )
هذه المادة في فقرتها الأولي تطابق المادة 53 من القانون القديم وقد تم إستبدالها بالقانون رقم 76 سنة 2007 بإضافة الإختصاص بنظر استئناف أحكام البند السادس من المادة 43 إلى محكمة الإستئناف وهي دعاوى کانت أصلاً من إختصاص المحكمة الابتدائية باعتبارها دعاوی غير مقدرة القيمة قبل أن يدخلها المشرع ضمن الاختصاص النوعي للمحكمة الجزئية بإضافة القانون الأخير على نص المادة 43.
هذا وتلفت النظر إلي أن قانون إيجار الأماكن الجديد رقم 49 سنة 1977 وإن كان قد جعل الاختصاص بالطعن في قرار لجنة تقدير أجرة المساكن وقرار اللجنة المختصة بالإشراف على المباني الآيلة للسقوط من إختصاص المحكمة الإبتدائية إلا أنه قصر الإستئناف على حالة الخطأ في تطبيق القانون فقط.
أما القانون رقم 139 لسنة 1981 فقد خول للمستاجر خلال تسعين يوماً من تاريخ الإخطار أو من تاريخ شغله المكان أن يطلب من لجنة تحديد الأجرة المختصة القيام بتحديد أجرة المكان وجعل الطعن على قرارات هذه اللجان أمام المحكمة الإبتدائية التي يقع في دائرتها المكان المؤجر وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار ذوی الشأن بقرارها ولا تسري علي هذه الأماكن أحكام المادتين 18 ، 20 من القانون 49 لسنة 1977 الخاصة أولاهما بضرورة أن يلحق بتشكيل المحكمة مهندس معماري والثانية بعدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية إلا لخطأ في تطبيق القانون وبذلك يصبح الطعن جائزاً بالإستئناف على الحكم الصادر من المحكمة الإبتدائية بتقدير أجرة المكان إن كانت الواقعة قد تمت في ظل القانون 136 لسنة 1981.
تختص محكمة الإستئناف بنظر إستئناف دعاوى الأحوال الشخصية الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة من المحكمة الإبتدائية : من المقرر أن محكمة الإستئناف، تختص أيضاً بنظر إستئناف دعاوى الأحوال الشخصية الذي يرفع إليها طعناً علي الأحكام الصادرة من المحاكم الإبتدائية ، ذلك أن القانون رقم 1 لسنة 2000 لم يرد به نص بهذا الشأن ومن ثم يسري بشأنه قانون المرافعات عملاً بالمادة 1 / 56 من القانون رقم 1 لسنة 2000 والمادة الأولى من قانون إصداره. ( التعليق على قانون المرافعات، للمستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني ، الصفحة : 726 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 319
مَسْئُولِيَّةُ الْقَاضِي :
- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَسْئُولِيَّةِ الْقَاضِي، هَلْ يُؤَاخَذُ بِمَا يَقَعُ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ أَخْطَاءٍ أَمْ أَنَّهُ لاَ تَجُوزُ مُسَاءَلَتُهُ عَنْ ذَلِكَ بِسَبَبِ كَثْرَةِ مَا يَجْرِي عَلَى يَدِهِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ وَالأْحْكَامِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْقَاضِيَ إِذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ، بِأَنْ ظَهَرَ أَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ، فَالأْصْلُ أَنَّهُ لاَ يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ؛ لأِنَّهُ بِالْقَضَاءِ لَمْ يَعْمَلْ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ، فَلاَ تَلْحَقُهُ الْعُهْدَةُ.
ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، بِأَنْ كَانَ مَالاً وَهُوَ قَائِمٌ، رَدَّهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ؛ لأِنَّ قَضَاءَهُ وَقَعَ بَاطِلاً وَرَدُّ عَيْنِ الْمَقْضِيِّ بِهِ مُمْكِنٌ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ»؛ وَلأِنَّهُ عَيْنُ مَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَلأِنَّ الْقَاضِيَ عَمِلَ لَهُ فَكَانَ خَطَؤُهُ عَلَيْهِ، لِيَكُونَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ؛ وَلأِنَّهُ إِذَا عَمِلَ لَهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا كَانَ حَقًّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالطَّلاَقِ، بَطَلَ لأِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ قَضَاءَهُ كَانَ بَاطِلاً، وَأَنَّهُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ يَحْتَمِلُ الرَّدَّ فَيُرَدُّ بِخِلاَفِ الْحُدُودِ وَالْمَالِ الْهَالِكِ؛ لأِنَّهُ لاَ يَحْتَمِلُ الرَّدَّ بِنَفْسِهِ فَيُرَدُّ بِالضَّمَانِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَالِصًا فَضَمَانُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لأِنَّهُ عَمَلٌ فِي الدَّعْوَى لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لِعَوْدِ مَنْفَعَتِهَا إِلَيْهِمْ وَهُوَ الزَّجْرُ، فَكَانَ خَطَؤُهُ عَلَيْهِمْ وَلاَ يَضْمَنُ الْقَاضِي.
وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ بِالْجَوْرِ عَنْ عَمْدٍ وَأَقَرَّ بِهِ، فَالضَّمَانُ فِي مَالِهِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِالْجِنَايَةِ وَالإِْتْلاَفِ، وَيُعَزَّرُ الْقَاضِي وَيُعْزَلُ عَنِ الْقَضَاءِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَحَكَمَ بِمَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ رَجْمٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ، فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ دُونَ الشُّهُودِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلاَ قِصَاصَ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمَا يَقْدَحُ فِي الشَّاهِدِ كَالْفِسْقِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا عُزِلَ الْقَاضِي فَادَّعَى أُنَاسٌ أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِمْ: أَنَّهُ لاَ خُصُومَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَلاَ يُنْظَرُ فِيمَا قَالُوا عَنْهُ إِلاَّ أَنْ يَرَى الَّذِي بَعْدَهُ جَوْرًا بَيِّنًا فَيَرُدَّهُ وَلاَ شَيْءَ عَلَى الْقَاضِي.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا حَكَمَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثُمَّ بَانَ كَوْنُهُمَا مِمَّنْ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي نَقْضُ حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ طَلاَقًا أَوْ عَقْدًا فَقَدْ بَانَ أَنَّهُ لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَقْدَ حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَاتَتْ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَتْلاً أَوْ قَطْعًا أَوْ حَدًّا اسْتُوْفِيَ وَتَعَذَّرَ التَّدَارُكُ، فَضَمَانُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاضِي عَلَى الأْظْهَرِ وَفِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْقَوْلِ الآْخَرِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِالْقَاضِي لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ، وَلاَ عَلَى الشُّهُودِ لأِنَّهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَإِذَا غَرِمَتِ الْعَاقِلَةُ أَوْ بَيْتُ الْمَالِ فَهَلْ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ عَلَى الشُّهُودِ، فِيهِ خِلاَفٌ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَى الْمُزَكِّينَ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ: يَرْجِعُ الْغَارِمُ عَلَى الْمُزَكِّينَ لأِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الأْمْرَ عَلَى خِلاَفِ قَوْلِهِمْ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خِلاَفُ قَوْلِ الشُّهُودِ وَلاَ رُجُوعَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْقَاضِي.
وَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالاً، فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عِنْدَ الْمَحْكُومِ لَهُ انْتُزِعَ، وَإِنْ كَانَ تَالِفًا أُخِذَ مِنْهُ ضَمَانُهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَحْكُومُ لَهُ مُعْسِرًا أَوْ غَائِبًا، فَلِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ الْقَاضِي لِيَغْرَمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي قَوْلٍ وَمِنْ خَالِصِ مَالِهِ فِي قَوْلٍ آخَرَ لأِنَّهُ لَيْسَ بَدَلَ نَفْسٍ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِلَةِ، وَيَرْجِعُ الْقَاضِي عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ إِذَا ظَفِرَ بِهِ مُوسِرًا، وَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الشُّهُودِ خِلاَفٌ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ قِيلَ: إِنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَتَخَيَّرُ فِي تَغْرِيمِ الْقَاضِي وَتَغْرِيمِ الْمَحْكُومِ لَهُ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاضِي إِذَا حَكَمَ بِقَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ بِمُقْتَضَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ ظَهَرَ فِيمَا بَعْدُ عَدَمُ جَوَازِ شَهَادَتِهِمَا، وَلاَ قِصَاصَ عَلَيْهِ لأِنَّهُ مُخْطِئٌ وَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَفِي مَحَلِّهَا رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: فِي بَيْتِ الْمَالِ لأِنَّهُ نَائِبٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَوَكِيلُهُمْ، وَخَطَأُ الْوَكِيلِ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ عَلَيْهِ؛ وَلأِنَّ خَطَأَ الْقَاضِي يَكْثُرُ لِكَثْرَةِ تَصَرُّفَاتِهِ وَحُكُومَاتِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةٌ مُؤَجَّلَةٌ.
وَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِمَالٍ بِمُوجِبِ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيُرَدُّ الْمَالُ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَعِوَضُهُ إِنْ كَانَ تَالِفًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى الْقَاضِي ضَمَانُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لاَ يُنْقَضُ حُكْمُهُ إِذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ فَاسِقَيْنِ وَيَغْرَمُ الشُّهُودُ الْمَالَ.
وَقَالُوا: إِنْ بَانَ خَطَأُ الْقَاضِي فِي حُكْمِهِ - فِي إِتْلاَفٍ - بِمُخَالَفَةِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ لاَ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ضَمِنَ الْقَاضِي مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ.