موسوعة قانون المرافعات
ولكل دائن بيده سند تنفيذي بأن يطلب بعريضة من قاضي التنفيذ أمراً بتكليف أحد معاوني التنفيذ أو الدائنين أو غيرهم حصاد المحصولات وجني الثمار وبيعها.
وتباع الثمار والمحصولات في كلتا الحالتين بالمزاد أو بأية طريقة أخرى يأذن بها القاضي ويودع الثمن خزانة المحكمة.
إستحدث القانون الجديد في المادة 406 منه المقابلة للمادتين 619 ، 620 من القانون القديم حكماً جديداً فلم يجز للمدين أن يبيع ثمار العقار وحاصلاته إلا بالمزاد أو بالطريقة التي يأذن بها القاضي من جهة وأوجب عليه أن يودع ثمن المبيع خزانة المحكمة من جهة أخرى وبهذا يكون تصرف المدين في الثمار والحاصلات تحت إشراف القاضي أسوة بالبيع الذي يجريه المحضر أو أحد الدائنين أو غيرهم ممن يكلفهم القاضي بالبيع .
.
1- مؤدى نصوص المواد 1/406 ، 1/407 ، 408 ، 417 ، 1/446 من قانون المرافعات أن المدين يعتبر بحكم القانون حارساً على عقاره المحجوز إذا لم يكن مؤجراً قبل تسجيل التنبيه ، و أن الشارع - درءاً لمغبة أن يعمد المدين بمناسبة التنفيذ على عقاره إلى الكيد لدائنيه فيسىء إدارته و صولاً إلى تقليل ثمرته و تنقيص قيمته فى نظر الراغبين فى الشراء ، و لما لاحظه من أن المستأجر من المدين أو ممثله قد يبادر إلى إثبات تاريخ عقده قبل البيع الجبرى فلا يملك من تؤول إليه ملكية العقار طلب عدم نفاذ العقار عملاً بالمادة 604 من القانون المدنى - جعل الأصل فى الإجارة التى تسرى على الدائنين الحاجزين وعلى من حكم بإيقاع البيع عليه أن تكون ثابته التاريخ رسمياً قبل تسجيل التنبيه دون تلك الحاصلة بعده ، و لئن أجاز القانون التأجير للمدين و جعله نافذاً فى حق الدائن و من وقع عليه البيع متى كان من أعمال الإدارة الحسنة ، إلا أنه قصد بذلك أن يقيد حق المدين فى التأجير بالقيد الذى وضعه فى حالة بيعه ثمرات العقار ، إذ هو مسئول عن الأجرة بوصفه حارساً بعد أن ألحقت بالعقار ذاته من يوم تسجيل التنبيه إلى يوم البيع بالمزاد أما إذا تم إيقاع البيع بصدور حكم به ، فإن ثمرات العقار تكون من حق من وقع عليه البيع و لا يتعلق بها حق للدائنين لأن حقه الشخصى فى تسلم العقار ينشأ من يوم صدور الحكم بإيقاع البيع لا من يوم تسجيله ، فتنقضى الحراسة التى يفترضها القانون و يرتفع عن المدين وصف الحارس و لا يكون له صفة فى التصرف فى ثمرات العقار أو تأجيره ، و لا يكون تصرفه أو تأجيره نافذاً فى حق من حكم بإيقاع البيع عليه بإعتباره خلفاً للدائنين أطراف خصومة التنفيذ ، و لما كان الواقع فى الدعوى أن عقد الإيجار الذى يستند إليه الطاعن لم يثبت تاريخه إلا فى تاريخ لاحق لتاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية فإنه يكون من حق المطعون عليه الذى صدر الحكم بإيقاع البيع له ، و من يوم صدور هذا الحكم و دون إشتراط لتسجيله الإدعاء بصورية عقد الإيجار الصادر ممن يمثل المدين إلى الطاعن ، و أن يطلب طرد هذا الأخير من العقار الذى حكم بإيقاع بيعه عليه .
(الطعن رقم 5 لسنة 43 جلسة 1977/05/04 س 28 ع 1 ص1125 ق 194)
من ملحقات العقار الثمار الطبيعية والمدنية، وتلحق الثمار بالعقار بتسجيل التنبيه بنزع الملكية، أما إذا كان العقار تم التصرف فيه وأصبح في يد حائز، فتلحق الثمار بالعقار بإنذار الحائز بالدفع أو التخلية فإن كانت الثمار مدنية كالأجرة فإن ما يستحق منها بعد التسجيل أو الإنذار يلحق بالعقار أما ما إستحق منها قبل ذلك فيكون للمالك حتى لو تم قبضه بعد التسجيل أو الإنذار، فإن كانت الثمار طبيعية كالمحصولات المغروسة أو المعلقة على الفروع فإنها تلحق بالعقار من تاريخ التسجيل أو الإنذار بقدر المدة التي تبقي فيها بالأرض بعد ذلك بالنسبة للمدة التي مكثتها في الأرض قبل التسجيل أو الإنذار، فإن كانت مكثت بالأرض بعد تسجيل التنبيه أو الإنذار أربعة أشهر ومكثت في الأرض قبل ذلك لمدة شهرين کان للمالك الثلث ويلحق الثلثان بالعقار ويقسم علي الدائن وفقاً لتقسيم ثمن العقار. وإن بیعت الثمار قبل نضجها وقبل تسجيل التنبيه أو الإنذار وكان البيع ثابت التاريخ كانت الثمار للمشتري دون الدائن، فإن كان العقار مؤجراً، وجب على الدائن، حفاظاً علي حقوقه ، أن يكلف المستأجر بعدم دفع ما يستحق من أجره بعد تسجيل التنبيه أو بعد الإنذار ويتم بذلك حجز الأجرة، فإن كان مالك العقار يسكنه فيظل ساكتاً بدون أجرة ولا يجوز إخراجه إلا بعد أن يتم البيع.
فإذا نضجت الثمار أو المحصول، جاز للدائن مباشر الإجراءات أو لأي دائن آخر بيده سند تنفيذي أن يتقدم بعريضة إلي قاضي التنفيذ ليصدر أمراً بتكليف أحد المحضرين أو الدائنين أو غيرهم حصاد المحصولات وجني الثمار وبيعها بالمزاد أو بأية طريقة أخري يأذن بها القاضي، ويودع الثمن خزانة المحكمة. (المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث، الجزء : العاشر ، الصفحة : 322)
يشمل الإلحاق غلة العقار المدنية والطبيعية والصناعية مثل الأجرة والمحصولات الزراعية وإنتاج المناجم والمحاجر علي التوالي على أن يكون الإلحاق عن المدة التالية لتسجيل التنبيه ويتم الإلحاق من وقف تسجيل التنبيه بغير حاجة إلي اتخاذ أي إجراء آخر من إجراءات التنفيذ. (التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص 727) . (التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السابع ، الصفحة : 548 )
إلحاق الثمار بالعقار :
يترتب على تسجيل تنبيه نزع الملكية أثر جوهري في إلحاق الثمار بالعقار، وقد نصت على هذا الأثر صراحة المادة 406 مرافعات بقولها :
تلحق بالعقار ثماره و إيراداته من المدة التالية التسجيل التنبيه». ونصت على ذلك أيضاً المادة 1037 مدنی بقولها «يترتب على تسجيل تنبيه نزع الملكية أن يلحق بالعقار ما يغله من ثمار وإيراد عن المدة التي أعقبت التسجيل ويجرى في توزيع هذه الغلة ما يجري في توزيع ثمن العقار.
ومعنى إلحاق الثمار بالعقار أنها تصبح جزءا منه ونأخذ حكمه رغم أنها في الأصل منقول، فهي تعتبر محجوزة تبعاً لحجز العقار بقوة القانون دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات مستقلة لحجزها، كما أنها توزع مع ثمن العقار المتحصل من بيعه بالمزاد العلني وبذات الطريقة التي يوزع بها الثمن، فيفضل في التوزيع الدائنون ذوو التأمين الخاص سواء كان إمتيازاً أو إختصاصاً أو رهناً على الدائنين العاديين، فلا يأخذ الدائنون العاديون من الثمار أو قيمتها إلا بعد أن يستوفي الدائنون الممتازون حقوقهم، وإذا تزاحم الدائنون الممتازون فإن الأولوية عند توزيع الثمن تكون حسب درجاتهم ومرتبتهم .
وحكمة إلحاق الثمار العقاري أن يتوافر للدائنين أكبر مبلغ ممكن هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه لو تركت الثمار للمدين دون إعتبارها محجوزة تبعاً لحجز العقار فإن المدين سوف يسعى إلى إطالة الإجراءات ليتمتع بالثمار أطول مدة ممكنة قبل أن يفقد العقار ولذلك فإن إلحاق الثمار العقار يؤدي إلى عدم تشجيع المدين على إثارة المنازعات وتعطيل إجراءات التنفيذ، ومن ناحية ثالثة فإن إلحاق الثمار العقار يؤدي إلى دفع ما يعود على الدائن الممتاز من ضرر بسبب طول مدة إجراءات التنفيذ (عبد الباسط جمیعی - ص 260، نبيل عمر - بند 257 ص 612)، فلا يعمل الدائن المباشر للإجراءات إن كان دائناً عادياً على إطالة هذه المدة بإثارة منازعات و مسائل فرعية تؤخر سير التنفيذ بأصل الإفادة من إقتسام ثمار العقار بين جميع الدائنين بدون تمييز الدائنين الممتازين منهم. ولكن ينبغي ملاحظة أنه إذا كان من اسباني إلحاق الثمار العقار منع الضرر عن الدائن الممتاز فليس معنى ذلك أن الثمار لا تلحق بالعقار إلا في حالة وجودة دائبين حاجزين ممتازين، بل إن الثمار تلحق بالعقار آیاً كانت صفة الدائنين الحاجزين أي سواء كانوا عاديين أم ممتازين، لأن إلحاق الثمان بالعقار أثر من آثار التنفيذ على العقار و تسجيل تنبيه نزع الملكية وليس أثراً لوجود تأمين خاص ، ولذلك فإنه إذا لم يوجد دائنون . ممتازين فإن الثمار وقيمتها توزع بين الدائنين العاديين قسمة غرماء.
والثمار التي تلحق بالعقار إما أن تكون تارا مادية أو مدنية والثمار المادية قد تكون طبيعية وهي تتمثل فيما تنتجه الأرض من ثمار دون تدخل الإنسان، كالأشجار أو الأعشاب البرية التي تنمو دون تدخل الإنسان، وقد تكون النار المادية مستحدثة بفعل الإنسان كالحصولات الزراعية ، أما الثمار المدنية فهي الأجرة والإيرادات المستحقة عن العقار.
وتعتبر الثمار محجوزة إعتباراً من يوم تسجيل التنبيه ، فالثمار التي تلحق بالعقار هي التي تنتج عن المدة التالية لتسجيل تنبيه نزع الملكية، ويعمل بهذه القاعدة أياً كانت طبيعة الثمار ، فالثمار المدنية التي تلحق بالعقار تحتسب ابتداء من تسجيل تنبيه نزع الملكية فاجرة العقار لا تلحق به عن مدة سابقة على تسجيل التنبيه ولو استحق أداؤها بعده، فإذا كانت أجرة العقار تدفع مؤخراً واستحقت بعد تسجيل التنبيه الحقت بالعقار الأجرة المقابلة للمدة التالية لتسجيل التشبيه ولا تلحق الأجرة المقابلة للمدة السابقة على التسجيل.
ولكن يبقى الأمر بالنسبة للثمار المادية، فقد تجني المحصولات فور تسجيل التنبيه بينما تكون قد بقيت في الأرض بعدة شهود قبله، والقاعدة في فرنسا أن العبرة بتاريخ جنى الشار بصرف النظر عن مدة بقائها في العقار قبل تسجيل التنبيه أم بعده. وذلك وفقاً لنص المادة 682 من قانون المرافعات الفرنسي.
أما فى مصر فقد أوردت المادة 1037 من القانون المدني و المادة 406 من قانون المرافعات حكماً واحداً بالنسبة لجميع الثمار مدنية كانت أم مادية مقتضاه أن تلحق بالعقار عن المدة التي تلبي التسجيل (احمد ابو الوفا - إجراءات التنفيذ بند 298 ص 656)، فلا يلحق بالعقار من الثمار إلا ما يستحق عن المدة التالية لتاريخ التسجيل بصرف النظر عن تاريخ الجني، فإذا كان المحصول قد بقى قائماً في الأرض الزراعية مدة ثلاثة شهور قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، وتم جنيه بعد ثلاثة شهور من تاريخ تسجيل التنبيه، فإن ما يلحق بالعقار في هذه الحالة هو نصف المحصول فقط، فلا يشمل حجز الثمار بالتبعية للعقار كل ما يجنى بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية من ثمار بل فقط ما يخص المدة التي تلي هذا التسجيل .
ونتيجة لكون الثمار لا تلحق بالعقار إلا من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية فإن تصرف المالك فيها قبل هذا التاريخ يكون صحيحاً نافذاً حتى ولو لم يكن قد تم نضج المحصولات أو لم يتم جنيها إلا بعد تسجيل تنبيه نزع الملكية، بشرط أن يكون هذا التصرف ثابت التاريخ قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية وإلا يشوبه تدليس وأن يكون من قبيل الإدارة الحسنة.
والواقع أن حجز الثمار عن طريق إلحاقها بالعقار هو حجز له طبيعته الخاصة (عبد الباسط جمیعی د طرق وإشكالات التنفيذ - ص 27 وص 28) وهذه الطبيعة تتضح لنا من النواحي الآتية:
(أ) فهذا الحجز يتم بإجراءات التنفيذ العقارى رغم أنه يقع على منقولات وهني الثمار، وقد كان الواجب إتباع طريق حجز المنقول عند الحجز على الثمار المادية الموجودة في العين أو حجزها للمدين لدى الغير عند الحجز على الثمار المدنية أي أجرة العقار إذا كان مؤخراً ، ولكن المشرع أعفى الدائن الذي يتخذ إجراءات التنفيذ العقاري من اتباع إجراءات حجز المنقول أو حجز ما للمدين الذي الغير، وإعتبر الثمار محجوزة مع العقار كنتيجة لإجراءات التنفيذ العقاري .
(ب) كما أن هذا الحجز بتصب بطبيعته على أموال مستقبلة لأنه ينصب على الثمار التي تستحق بعد تسجيل التنبيه أي من المدة التالية لهذا التسجيل وهذا مخالف لطبيعة الحجز وبصفة خاصة حجز المنقول، لأنه يشترط أن يكون المال المحجوز موجوداً وقت الحجز حتى يمكن أن ينصب الحجز عليه وإلا فإن الحجز لا يصادف محلاً فيبطل نتيجة لذلك، والمفروض هنا أن الثمار لیست موجودة وقت تسجيل التنبيه، ورغم ذلك فان الحجز ينطبق عليها، ومن هذه الناحية كانت لهذا الحجز طبيعته الخاصة.
(ج) كذلك فإن هذا النوع من الحجز هو حجز علم لأنه يشمل جميع الثمار التي تستحق بعد تسجيل التنبيه ، مع أن القاعدة في الحجز في تحديد المال المحجوز وتعينه بدقة ، فلا يعتبر محجوزاً إلا ماتم حصره ووصفه، ولعل هذا هو الأساس في عدم جواز الحجز على أموال مستقبلة لأن الأموال غير الموجودة وقت الحجز لا يمكن حصرها وتعيينها. بينما في حالة إلحاق الثمار بالعقار فإن الحجز يتناول جميع الثمار التي ينتجها العقار بصفة عامة دون تخصيص أو تحديد أو حصر ، ولهذا فإن حجز الثمار الحامل نتيجة للإلحاق يعتبر ضرباً شاذاً من ضروب الحجز له طبيعته الخاصة ، من حيث كونه عاماً ومحله أموال مستقبلة وغير محصورة ويتم بإجراءات لا تتفق مع طبيعة المال المحجوز عليه لأنها إجراءات حجز عقارية مع أن المال المحجوز منقول كما ذكرنا آنفاً .
(د) كذلك فإن هذا الحجز الواقع على الثمار نتيجة لإلحاقها بالعقار، لا يعقبه بيع لهذه الثمار بالمزاد العلني بمعرفة الدائن الحاجز، بل تترك الثمار للمدين نفسه ليتولى بيعها دون إجرف ودون برايدة، ولكنه يعتبر مسئولان عن قيمتها في مواجهة الدائنين الحاجزين.
ويتعين ملاحظة أن القاعدة أنه إذا رهن المدين العقار رهناً حيازياً ثم شرع في التنفيذ عليه وسجل التنبيه بنزع الملكية فإن ثماره تلحق به المصلحة الدائنين المرتهنين رهناً رسمياً أو يستحقها الدائن المرتهن حيازياً بحسب بقدم تاريخ فسيد الرهن الرسمي أو تاريخ قيد الرهن الحيازي (محمد حامد فهمي - بند 353) . (الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة ، الجزء : السادس ، الصفحة : 417)
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس عشر ، الصفحة / 11
ثِمَارٌ
التَّعْرِيفُ:
- الثِّمَارُ لُغَةً جَمْعُ ثَمَرٍ، وَالثَّمَرُ: حَمْلُ الشَّجَرِ. وَيُطْلَقُ الثَّمَرُ أَيْضًا عَلَى أَنْوَاعِ الْمَالِ.
وَاصْطِلاَحًا: اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُسْتَطْعَمُ مِنْ أَحْمَالِ الشَّجَرِ. قَالَهُ صَاحِبُ الْكُلِّيَّاتِ، وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ فِي حَاشِيَتِهِ: الثَّمَرُ الْحَمْلُ الَّذِي تُخْرِجُهُ الشَّجَرَةُ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ فَيُقَالُ: ثَمَرُ الأْرَاكِ وَالْعَوْسَجِ، كَمَا يُقَالُ ثَمَرُ الْعِنَبِ وَالنَّخْلِ. قَالَ: وَفِي الْفَتْحِ: وَيَدْخُلُ فِي الثَّمَرَةِ الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَنَحْوُهُمَا مِنَ الْمَشْمُومَاتِ، وَقَدْ عَرَّفَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِتَعْرِيفِ صَاحِبِ الْكُلِّيَّاتِ وَشَهَّرَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الدُّسُوقِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: الثِّمَارُ الْفَوَاكِهُ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْفَوَاكِهُ:
- الْفَوَاكِهُ لُغَةً أَجْنَاسُ الْفَاكِهَةِ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ عَلَى سَبِيلِ التَّفَكُّهِ أَيِ التَّنَعُّمِ بِأَكْلِهِ وَالاِلْتِذَاذِ بِهِ
فَالْفَوَاكِهُ أَخَصُّ مِنَ الثِّمَارِ.
ب - الزُّرُوعُ:
- الزُّرُوعُ جَمْعُ زَرْعٍ وَهُوَ مَا اسْتُنِبْتَ بِالْبَذْرِ، سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ، يُقَالُ زَرَعَ الْحَبَّ يَزْرَعُهُ زَرْعًا وَزِرَاعَةً إِذَا بَذَرَهُ. وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ.
وَقِيلَ: الزَّرْعُ نَبَاتُ كُلِّ شَيْءٍ يُحْرَثُ.
مِلْكِيَّةُ الثِّمَارِ عِنْدَ بَيْعِ الشَّجَرِ:
- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الثِّمَارِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الشَّجَرِ عِنْدَ بَيْعِهِ، هَلْ هِيَ لِلْبَائِعِ أَمْ لِلْمُشْتَرِي.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالأْوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّهَا لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُشْتَرِي فَتَكُونُ لَهُ وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: « مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» وَلأِنَّ هَذَا نَمَاءٌ لَهُ حَدٌّ، فَلَمْ يَتْبَعْ أَصْلَهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا لاَ يَتْبَعُ الزَّرْعَ فِي الأْرْضِ. وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ الثَّمَرِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَلاَحُهُ إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي، وَتَسْلِيمِ الشَّجَرِ عِنْدَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ؛ لأِنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ، فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَارِغًا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: هِيَ لِلْمُشْتَرِي وَذَلِكَ لأِنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالأْصْلِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ، فَكَانَتْ تَابِعَةً لَهُ كَالأْغْصَانِ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ مُؤَبَّرًا أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ: فَقَرَّرُوا أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَهِيَ لَهُ مُؤَبَّرَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» فَإِنَّهُ جَعَلَ التَّأْبِيرَ حَدًّا لِمِلْكِ الْبَائِعِ لِلثَّمَرَةِ، فَيَكُونُ مَا قَبْلَهُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ حَدًّا، وَلاَ كَانَ ذِكْرُ التَّأْبِيرِ مُفِيدًا؛ وَلأِنَّهُ نَمَاءٌ كَامِنٌ لِظُهُورِهِ غَايَةٌ، فَكَانَ تَابِعًا لأِصْلِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ، وَغَيْرَ تَابِعٍ لَهُ بَعْدَ ظُهُورِهِ كَالْحَمْلِ فِي الْحَيَوَانِ.
إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ مَنَعُوا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ الثَّمَرَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ، وَذَلِكَ لأِنَّ اشْتِرَاطَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ شِرَائِهِ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلاَحِهِ بِشَرْطِ التَّرْكِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَاسْتَدَلَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَائِعِ الثَّمَرَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ، بِأَنَّهُ اسْتَثْنَى بَعْضَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَهُوَ مَعْلُومٌ، فَصَحَّ كَمَا لَوْ بَاعَ بُسْتَانًا وَاسْتَثْنَى نَخْلَةً بِعَيْنِهَا، وَلأِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ الثُّنْيَا إِلاَّ أَنْ تُعْلَمَ» وَلأِنَّهُ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَصَحَّ اشْتِرَاطُهُ لِلثَّمَرَةِ كَالْمُشْتَرِي وَقَدْ ثَبَتَ الأْصْلُ بِالاِتِّفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ».
- ثُمَّ إِنَّ الْجُمْهُورَ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي حَالَةِ مَا إِذَا أُبِّرَ بَعْضُ الشَّجَرِ دُونَ بَعْضٍ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا كُلَّهَا لِلْبَائِعِ كَمَا لَوْ أُبِّرَتْ كُلُّهَا لِمَا فِي تَتَبُّعِ ذَلِكَ مِنَ الْعُسْرِ، وَلأِنَّا إِذَا لَمْ نَجْعَلِ الْكُلَّ لِلْبَائِعِ أَدَّى إِلَى الإْضْرَارِ بِاشْتِرَاكِ الأْيْدِي فِي الْبُسْتَانِ، فَيَجِبُ أَنْ يُجْعَلَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ تَبَعًا لِمَا أُبِّرَ، كَثَمَرَةِ النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ تَأْبِيرَ بَعْضِ النَّخْلَةِ يَجْعَلُ جَمِيعَ ثَمَرِهَا لِلْبَائِعِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَا أُبِّرَ فَلِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَلِلْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَوْعِ مَا تَشَقَّقَ أَوْ غَيْرِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَبَّرُ النِّصْفَ وَمَا قَارَبَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ، فَإِنْ كَانَ الْمُؤَبَّرُ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَالْعَقْدُ حِينَئِذٍ عَلَى الأْصُولِ لاَ يَتَنَاوَلُ تِلْكَ الثَّمَرَةَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ التَّأْبِيرَ كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ إِنْ نَازَعَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى حُدُوثَهُ بَعْدَهُ. وَإِنْ كَانَ الْمُؤَبَّرُ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُؤَبَّرُ النِّصْفَ أَوْ مَا قَارَبَهُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ أَيْ إِنَّ مَا أُبِّرَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا إِذَا كَانَ النِّصْفُ مُعَيَّنًا بِأَنْ كَانَ مَا أُبِّرَ فِي نَخَلاَتٍ بِعَيْنِهَا، وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ فِي نَخَلاَتٍ بِعَيْنِهَا. وَأَمَّا إِنْ كَانَ النِّصْفُ الْمُؤَبَّرُ شَائِعًا فِي كُلِّ نَخْلَةٍ، وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ شَائِعًا، فَفِيهِ عِنْدَهُمْ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: كُلُّهُ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: كُلُّهُ لِلْمُبْتَاعِ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي تَسْلِيمِهِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَقِيلَ: الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، وَقِيلَ: إِنَّ الْبَيْعَ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِرِضَا أَحَدِهِمَا بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ لِلآْخَرِ. قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الشَّيْخُ الدُّسُوقِيُّ وَشَيْخُهُ الْعَدَوِيُّ.
- ثُمَّ إِنَّ الْفُقَهَاءَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْمَقْصُودِ بِالتَّأْبِيرِ هُنَا، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّأْبِيرِ هُنَا هُوَ بُرُوزُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَتَمَيُّزُهَا عَنْ أَصْلِهَا وَذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّخْلِ مِنَ الثِّمَارِ. وَأَمَّا فِي النَّخْلِ فَهُوَ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الأْنْثَى. وَلَمْ يُخَالِفِ الشَّافِعِيَّةُ الْمَالِكِيَّةَ فِي مَعْنَى التَّأْبِيرِ الْمُضَافِ لِلنَّخْلِ، وَفَصَّلُوا فِي غَيْرِهِ مِنَ الثِّمَارِ.
فَقَالُوا: إِنْ كَانَ الثَّمَرُ بِلاَ نَوْرٍ، كَتِينٍ وَعِنَبٍ فَالاِعْتِبَارُ بِالْبُرُوزِ، فَإِنْ بَرَزَ الثَّمَرُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ بِنَوْرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْبَائِعِ وَهِيَ أَنْ يَسْقُطَ النَّوْرُ وَتَكُونَ الثَّمَرَةُ بَارِزَةً فَهِيَ حِينَئِذٍ لِلْبَائِعِ، أَمَّا إِنْ سَقَطَ النَّوْرُ وَلَمْ تَنْعَقِدِ الثَّمَرَةُ، أَوِ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَسْقُطِ النَّوْرُ فَهِيَ حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي، لأِنَّهَا فِي حَالَةِ سُقُوطِ النَّوْرِ وَعَدَمِ انْعِقَادِهَا كَالْمَعْدُومَةِ، وَفِي حَالَةِ انْعِقَادِهَا وَعَدَمِ سُقُوطِ النَّوْرِ كَالطَّلْعِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ؛ لأِنَّ اسْتِتَارَهَا بِالنَّوْرِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِتَارِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ بِأَكْمَامِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّأْبِيرِ هُنَا هُوَ ظُهُورُ الثَّمَرِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّخْلِ. وَأَمَّا فِي النَّخْلِ فَهُوَ تَشَقُّقُ طَلْعِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَبَّرْ، فَالْحُكْمُ عِنْدَهُمْ مَنُوطٌ بِالتَّشَقُّقِ.
وَضْعُ الْجَوَائِحِ فِي الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ:
- ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وَضْعِ الْجَوَائِحِ فِي الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ، فَإِذَا تَلِفَتِ الثِّمَارُ بِجَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، سَوَاءٌ أَتَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى كُلِّ الثِّمَارِ أَمْ بَعْضِهَا لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ» وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ».
ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا لِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَنْ تُصِيبَ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الثِّمَارِ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ أَصَابَتْ أَقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ عَنِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتُهَا بَعْدَ حَطِّ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْجَائِحَةَ مِنَ الْعَطَشِ فَيُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا سَوَاءٌ بَلَغَتِ الثُّلُثَ أَمْ لاَ.
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجَائِحَةُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا. فَقَالُوا: إِنْ تَلِفَتِ الثِّمَارُ بِجَائِحَةٍ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا أَتَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى كُلِّ الثِّمَارِ، أَمَّا إِذَا أَتَتْ عَلَى بَعْضِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ مِنَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ التَّالِفِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي.
وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ، فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ.
قَالُوا: وَالأْمْرُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ جَمْعًا بَيْنَ الأْدِلَّةِ.