موسوعة قانون المرافعات

المذكرة الإيضاحية

سرعة الفصل في الدعوى :

أوجب المشروع على المحكمة الفصل في الدعوى إذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه متى كانت صالحة للحكم فيها وذلك إذا كان الخصوم قد أبدوا اقوالهم فيها والا قررت المحكمة شطب الدعوى وتحكم المحكمة في الدعوى كذلك إذا غاب المدعي في الجلسة الأولى وحضر المدعى عليه (مادة 81 من المشروع) . بل أن غياب المدعى عليه في الجلسة الأولى لا يمنع من الفصل في الدعوى إذا كان قد أعلن لشخصه وهو ما يتحقق به عمله بقيام الدعوى أو كانت الدعوى من الدعاوى المستعجلة (المادة 83 من المشروع) أما في القانون القائم فانه اذا لم يحضر المدعى ولا المدعى عليه أو حضر المدعى عليه وحده ولم يبد طلبات ما شطبت الدعوى ولم يكن القانون القائم يجيز الفصل في غيبة المدعى عليه المتخلف في الجلسة الأولى إلا في الدعاوى المستعجلة.

كما عمد المشروع إلى تقصير مواعيد المرافعات منعاً لتراكم القضايا أمام المحاكم دون إخلال بما تقتضيه العدالة من ضمانات ومن ذلك تقصير المدة التي تبقى فيها الدعوى قائمة بعد شطبها من ستة شهور الى ستين يوماً وذلك لحفز الخصوم على تعجيل السير في الدعوى منعا لتراكم الدعاوى أمام القضاء بحيث إذا انقضت مدة الستين يوماً بعد الشطب ولم يطلب أحد من الخصوم السير في الدعوى فانها تعتبر کان لم تكن (مادة 81 من المشروع ) ومنها تقصير مواعيد الطعن في الأحكام إلى ثلاثين يوماً سواء في الإستئناف أو التماس إعادة النظر وفي إستئناف المواد المستعجلة حدد ميعاد الاستئناف بعشرة أيام وقد كانت هذه المواعيد في القانون القائم ستين يوماً بالنسبة إلى الاستئناف والتماس إعادة النظر وفي المواد المستعجلة خمسة عشر يوماً (المادتان 227 ، 242 من المشروع) .

ومن ذلك أيضاً تقصير ميعاد انقضاء الخصومة إلى ثلاث سنين بدلاً من خمس سنوات في القانون القائم (المادة 140 من المشروع ) ومنها تقصير ميعاد إعتبار أمر الأداء كان لم يكن لعدم إعلانه الى ثلاثة أشهر بدلاً من ستة شهور (المادة 205 من المشروع ) ومنه تقصير میعاد سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية من 240 يوماً الى 90 يوماً (المادة 414 من المشروع) .

کما رأی المشروع رفع النصاب الانتهائي للقاضي الجزئي إلى 150 جنيها ونصابه الإبتدائي إلى 500 جنيه بدلاً من 50 جنيها، 250 جنيها في القانون القائم عملاً على الفصل في كثير من المنازعات بأحكام نهائية وتقديراً للتغيير الذي طرأ على قوة النقد الشرائية (المادة 42 من المشروع) .

وتحقيقاً لذات الهدف اوجب المشروع أن تتصدى محكمة النقض الموضوع الدعوى إذا ما نقضت الحكم المطعون فيه إذا كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه أو في شق منه واذا كان الطعن للمرة الثانية ورأت محكمة النقض نقض الحكم في حين أن التصدي في الحالة الأولى جوازي في ظل القانون القائم (المادة 296 من المشروع) .

التنفيذ على العقار :

وفي إجراءات التنفيذ على العقار عمد المشروع إلى تبسيط الإجراءات واختصار خطواته وضغط المدد التي تستغرقها .

فادمج مراحل التنبيه بنزع الملكية وتوجيه الإجراءات إلى الكفيل العيني (المادة 401 من المشروع).

ولم يشترط مضى مدة معينة بين إعلان التنبيه وتسجيله أو بين تسجيل التنبيه وإيداع قائمة شروط البيع فأصبح مكنة الدائن أن يعلن التنبيه ويسجله ويودع القائمة في ذات اليوم في حين أن القانون الحالي يستلزم مضى 90 يوماً بين تسجيل التنبيه وإيداع القائمة (المادة 414 من المشروع) .

واستلزم المشروع من جهة أخرى أن يتم إيداع قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه والا أعتبر هذا التسجيل كان لم يكن في حين يمتد هذا الميعاد في القانون القائم إلى 240 يوماً (المادة 414 من المشروع).

وأدمج المشروع مراحل رسو المزاد والزيادة بالعشر وإعادة البيع على مسئولية المشتري المتخلف بأن ألزم القاضي بالتحقيق من اعلان من يلزم إعلانه بإيداع القائمة وبجلسة البيع مادة 435 من المشروع وخصص الجلسة الأولى المحددة للبيع لاعتماد أکبر عطاء وإيقاع البيع على صاحبه إذا أدى کامل الثمن وإلا أجل البيع لمرة واحدة مدة ثلاثين يوماً وخصصت الجلسة الثانية للزيادة على العطاء المعتمد وأوجب على من يعتمد عطاؤه أن يودع كامل الثمن حتى يحكم بإيقاع البيع عليه (المادتان 440، 441 من المشروع) وبذلك تجنب المشروع طول إجراءات القانون الحالي الذي يجيز لكل شخص التقرير بالزيادة بالعشر على الثمن الراسي به المزاد خلال عشرة الأيام التالية لرسو المزاد كما يجيز ذلك لمن لم يعلم من الدائنين بايداع قائمة شروط البيع أو بجلسة البيع في خلال ستين يوماً من تاريخ إخباره برسو المزاد ولا يستلزم من الراسي عليه المزاد دفع كامل الثمن ومن ثم يجيز اعادة البيع على مسئوليته عند عدم السداد .

وبذلك ضغط المشروع المدة التي تستغرقها إجراءات التنفيذ بأن لم يستلزم مضى اية مدة بين إعلان التنبيه وإيداع القائمة والأخبار بإيداعها والتأشير بذلك على هامش التسجيل ومن جهة اخرى أختصر الحد الأقصى للمدة التي تستغرقها الإجراءات فجعلها لا تتجاوز الأربعة الشهور في حين تصل في القانون الحالي إلى ما يزيد على العام.

لم يستلزم المشروع في المادة 414 منه المقابلة للمادة 630 من القانون القائم مضى مدة معينة بين تسجيل التنبيه وإيداع قائمة شروط البيع فأصبح في مكنة الدائن أن يعلن التنبيه ويسجله ويودع القائمة في ذات اليوم في حين أن القانون الحالى يستلزم مضى تسعين يوماً بين تسجيل التنبيه وإيداع القائمة .

وقد أدى ما اتجه اليه المشروع في هذا الشأن الى تحديده ميعاداً جديداً يجب على الدائن مباشر الاجراءات ان يودع قائمة شروط البيع خلاله حتى لا يبقى المدين محجوزاً عليه بتسجيل التنبيه تحت رحمة الدائن وقد جعل المشروع هذا الميعاد تسعين يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه إذا لم تودع القائمة خلاله اعتبر تسجيل التنبيه كأن لم يكن واستتبع ذلك حذف الفقرة الثانية من المادة 615 من القانون القائم التي تقضي بسقوط تسجيل التنبيه إذا لم يعقبه خلال المائتين والأربعين يوما التالية له التأشير على هامشه بما يفيد الإخبار پایداع قائمة شروط البيع أن وجود هذا النص في القانون القائم يبرره أنه لا يستلزم إيداع قائمة شروط البيع في ميعاد معين .

استحدث المشروع في المادة 414 منه النص على أن يكون تحديد الثمن الأساسي في بيانات قائمة شروط البيع وفقاً للمعيار القانوني الذي وضعه المشروع في الفقرة الأولى من المادة 37 منه ولم يترك تحديده لارادة الدائن مباشر الإجراءات كما هو الحال في القانون القائم وميزة هذا النظام المستحدث الذي أخذ به المشروع عن قانون المرافعات الإيطالي الجديد مادة 568 هو أن يكون الثمن الأساسي أقرب الى المقابل الحقيقي للعقار فلا يباع العقار بثمن بخس هذا فضلاً عن أنه يؤدي إلى رفع الإلزام بالشراء عن مباشر الإجراءات ذلك أن تحديد الثمن الأساسي بارادة مباشر الاجراءات يوجب الزامه بالشراء بهذا الثمن اذا لم يتقدم أحد للشراء به وحتى لا يتغالي في تحديده فينفر الراغبين في المزايدة وليس من العدالة الزام الدائن بالشراء وقد لا يكون راغباً فيه أو قد يكون غير قادر على دفع الثمن كما أن الدائن قد لا تكون لديه اهلية شراء العقارات بسبب انه اجنبي او قد يكون شركة أو شخصاً إعتبارياً عاماً لا سلطة له في شراء العقارات أو لا قدرة له على استغلالها .

واستتبع ذلك إلغاء الفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة 664 من القانون القائم.

الأحكام

1 ـ إذ كان الشارع قد أوجب فى المادة 414 من قانون المرافعات أن تشمل قائمة شروط البيع على تعيين العقارات المبينة فى التنبيه و بيان موقعها و حددودها و مساحتها و رقم القطعة و أسم الحوض و غير ذلك من البيانات التى تقيد فى تعيينها فإن ذلك لغاية أساسها هو عدم التجهيل بالعقار المحجوز و لازم ذلك و مقتضاه إن البطلان لا يترتب على إغفال البيانات غير الجوهرية كتحديد نوع الغراس بالعقار كما لا يقع البطلان بسبب ما يلحق ببيانات تعيين العقار و تحديده فى القائمة من نقص أو إغفال متى إستكملت هذه البيانات بما ورد بالتنبيه أو السند الذى يجرى التنفيذ بمقتضاه أو بغيرهما من الأوراق التى أوجب الشارع إرفاقها بالقائمة شريطة أن تؤدى هذه البيانات فى مجموعها إلى نفى اللبس و التجهيل بحقيقة العقار المحجوز ، ذلك أن البطلان الذى فرضته المادة 420 من قانون المرافعات ليس بطلاناً شكلياً و إنما هو جزاء يرتبط توقيعه بعدم تحقق الغاية من البيان المعيب ، فإن تحققت - كان ذلك - درءاً للحد رغم قيام العيب فى الإجراء .

(الطعن رقم 737 لسنة 54 جلسة 1987/06/21 س 38 ع 2 ص 844 ق 178)

2 ـ من حق الدائن - الذى حصل على سند تنفيذى بدينه - أن يباشر التنفيذ على جميع أموال مدينه أو على جميع عناصر تركته بعد وفاته لأن ديون المورث تتعلق بتركته لا بذمة ورثته فلا تنقسم عليهم ، كما أن التركة لا تخلص لهم إلا بعد سداد ديونها إعمالا لمبدأ أن لا تركة إلا بعد سداد الديون ، وللمدين الذى يجرى التنفيذ على عقاراته أن يطلب هو أو ورثته من بعده - طبقا لنص المادة 414 من قانون المرافعات - وبطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وقف إجراءات التنفيذ على عقار أو أكثر من العقارات المبيعة فى تنبيه نزع الملكية إذا أثبت أو أثبتوا أن قيمة العقار الذى تظل الإجراءات مستمرة بالنسبة له تكفى الوفاء بحقوق الدائنين الحاجزين أو الذين صاروا طرفا فيها وفقا لأحكام المادة 417 من ذات القانون ، كما له ولهم إبداء هذا الطلب المتقدم إذا طرأت ظروف تبرره فى أية حالة تكون عليها الإجراءات - إلى ما قبل اعتماد العطاء ، وإذا لم يبد حتى ذلك الوقت سقط حقه وحقهم فيه ويتمتع عليه وعليهم - تبعا لذلك - رفع دعوى أصلية بطلب بطلان إجراءات التنفيذ على هذا الأساس ، لما كان ذلك . وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببطلان حكم مرسى المزاد الصادر فى الدعوى 218 لسنة 1969 بيوع منوف بالنسبة للنصيب العينى المطعون ضدهم السنة الأولى فى تركة مورثهم المدين بالرغم من أن الدائن مورث للطاعنين كان يباشر التنفيذ على عقارات التركة بالباقى من دينه ولم يستعمل المطعون ضدهم الستة الأول حقهم فى طلب وقف إجراءات التنفيذ بالنسبة لبعض عقارات التركة حتى حكم بايقاع البيع فى الدعوى المذكورة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 587 لسنة 46 جلسة 1979/06/20 س 30 ع 2 ص 707 ق 319) 

3 ـ إذا لم يودع الدائن مباشر الإجراءات قائمة شروط البيع خلال المائتي وأربعين يوماً التالية لتسجيل تنبيه نزع الملكية فإن تسجيل هذا التنبيه يسقط بقوة القانون وفقاً للمادة 615 من قانون المرافعات وبسقوطه يعتبر التنبيه وكأنه لم يسجل. وإذ كانت المادة 613 من ذلك القانون ترتب على عدم تسجيل التنبيه قبل انقضاء ستين يوماً على إعلانه اعتباره كأن لم يكن فإن التنبيه يفقد بذلك كل أثاره القانونية ومن ضمنها أثره فى قطع مدة التقادم. ولا يمكن القول بأن تنبيه نزع الملكية متى تم صحيحاً يبقى له أثره فى قطع التقادم اعتباراً بأنه يتضمن تكليفاً للمدين بالوفاء ذلك أن هذا التكليف غير منفصل عن تنبيه نزع الملكية بل هو أحد بياناته ومشتملاته ومتى زال التنبيه فإنه يزول بجميع مشتملاته وآثاره.

(الطعن رقم 387 لسنة 30 جلسة 1965/04/08 س 16 ع 2 ص 472 ق 76)

4 ـ مفاد نصوص المواد 414 ، 415 ، 420 ، 1/424 من قانون المرافعات أنه يتعين على المدين متى كان طرفاً فى إجراءات التنفيذ العقارى أن يبدى أوجه البطلان سواء ماتعلق منها بالشكل أو الموضوع بطريق الإعتراض على قائمة شروط البيع إذا كانت سابقة على جلسة الإعتراضات ، و لا يجوز له رفع دعوى أصلية ببطلان هذه الإجراءات السابقة على جلسة الإعتراضات إلا فى حالة إلغاء السند التنفيذى إذ يصبح التنفيذ عندئذ غير مستند إلى حق و تسقط إجراءاته لزوال سنده بما فيها ما تم من إجراءات بطريق الإعتراض على القائمة ، و من ثم فإن الحكم القاضى بعدم قبول دعوى المدين الأصلية ببطلان إجراءات التنفيذ العقارى لعدم إلتجائه إلى الطريق الذى رسمه القانون بالإعتراض على قائمة شروط البيع قبل جلسة البيع بثلاثة أيام هو حكم قطعى يحوز الحجية فى هذه المسألة التى فصل فيها ، فإذا تعذر على المدين الإلتجاء إلى طريق الإعتراض على القائمة إنقضاء ميعاده عند صدور الحكم بعدم قبول الدعوى الأصلية ببطلان الإجراءات فإنه يمتنع عليه رفع دعوى أصلية تالية تستند إلى ذات أوجه البطلان التى كانت مطروحة فى الدعوى السابقة المقضى فيها بعدم القبول .

(الطعن رقم 1936 لسنة 53 جلسة 1989/05/25 س 40 ع 2 ص 413 ق 227)

شرح خبراء القانون

إيداع قائمة شروط البيع :

يبدأ التنفيذ على العقار بإعلان المدين بتنبيه نزع الملكية. ثم يقوم مباشر الإجراءات بتسجيل هذا التنبيه ويترتب على هذا التسجيل اعتبار العقار محجوزاً وإلحاق الثمار والإيرادات به وعدم نفاذ التصرفات اللاحقة علي التسجيل، فإذا وجد حائز للعقار، وجب إنذاره بالدفع أو التخلية ويصحب الإنذار بتبليغ الحائز بالتنبيه الذي أعلن للمدين، ثم يقوم مباشر الإجراءات بتسجيل الإنذار والتأشير بتسجيله على هامش تسجيل التنبيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه ويترتب علي عدم اتمام تسجيل الإنذار أو تسجيله والتأشير به بعد هذا الميعاد سقوط تسجيل تنبيه نزع الملكية.

ومتى تمت الإجراءات سالفة البيان، وجب على مباشر الإجراءات أن يودع قلم کتاب محكمة التنفيذ قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية وإلا أعتبر هذا التسجيل كأن لم يكن، وتقدم أوجه البطلان والدفوع المتعلقة بالإجراءات بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع وذلك بالتقرير بها في قلم كتاب محكمة التنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل وإلا سقط الحق في التمسك بها .

بيانات قائمة شروط البيع:

(1) بيان السند التنفيذي الذي حصل التنبيه بمقتضاه سواء كان حكماً أو غيره.  

(2) تاريخ التنبيه وتاريخ إنذار الحائز - إن وجد حائز - ورقمي تسجيلهما وتاريخه.

(3) تعيين العقارات المبينة في التنبيه مع بيان موقعها وحدودها ومساحتها ورقم القطعة واسم الحوض ورقمه وغير ذلك من البيانات التي تفيد في تعيينها.

(4) شروط البيع والثمن الأساسي الذي يبدأ به المزاد، ويقدر وفقاً لنص الفقرة الأولي من المادة (27) من قانون المرافعات.

(5) تجزئة العقار إلي صفقات إن كانت طبيعته تجيز ذلك، مع ذكر الثمن الأساسي لكل صفقة.

(6) تحديد جلسة للإعتراضات وتاريخ جلسة البيع في المحضر الذي يحرر بإيداع القائمة.

ولم يتطلب القانون توقيع محام على قائمة شروط البيع، وعملاً بالمادة (420) تبطل القائمة إذا خلت من أحد البيانات سالفة البيان، لكن إذا اعتراه نقص ليس من شأنه أن يشكك في حقيقته فلا بطلان.

عدم توقيع قائمة شروط البيع من محام :

إذا نصت المادة (4/25) من القانون رقم 16 لسنة 1957 بالمحاماة أمام المحاكم - المقابلة للمادة (58) من القانون رقم 17 لسنة 1983 - على أنه لا يجوز تقديم صحف الدعاوى للمحاكم الإبتدائية والإدارية أو طلبات الأداء إلي المحاكم الابتدائية إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها، فقد حددت نطاق تطبيقها بصحف الدعاوى وأوامر الأداء ومن ثم فلا يمكن تجاوز هذا النطاق إلى غير ذلك من إجراءات المرافعات قياساً علي هاتين الحالتين بمقولة اتحاد العلة في كل. وإذ كان لا يصدق على قائمة شروط البيع وصنف صحيفة الدعوى بمعناها المبين في المادة (69) من قانون المرافعات وما بعدها ولا هي من الأوراق الأخري التي أوجب قانون المحاماة توقيعها من محام، فإنه لا يترتب البطلان علي عدم توقيعها من أحد المحامين. نقض 1967/12/7 طعن 84 س 32 ق .

المستندات الواجب إرفاقها بالقائمة:

(1) شهادة بيان الضريبة العقارية أو عوائد المباني المقررة على العقار المحجوز.

(2) السند التنفيذي الذي يباشر التنفيذ بمقتضاه.

(3) الأصل المعلن من التنبيه بنزع الملكية.

(4) الأصل المعلن بإنذار الحائز في حالة وجود حائز للعقار المحجوز.

 (5) شهادة عقارية بالقيود الواردة على العقار حتى تاريخ تسجيل التنبيه وذلك عن مدة عشر سنوات سابقة على هذا التسجيل، وذلك لبيان القيود النافذة في حق الدائنين.

وعملاً بالمادة (240) تبطل القائمة إذا لم يرفق بها أي من تلك المستندات وبالتالي تكون القائمة لم تودع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل التنبيه فيعتبر هذا التسجيل كان لم يكن إذ لا يحول دون ذلك إلا إيداع قائمة صحيحة .

رجوع الحائز على المدين :

للحائز الرجوع على من تلقى منه الملكية بدعوى ضمان التعرض والإستحقاق بمجرد تسلمه الإنذار بالدفع أو التخلية ويكون للمحكمة الحق في وقف دعوى الضمان حتى يتم نزع الملكية، وموضوع الضمان هو تعویض الحائز عن كل ما لحقه من ضرر وليس فقط إسترداد الثمن الذي رسا به المزاد إذ غالباً ما يكون هذا الثمن أقل من قيمة العقار الحقيقية، ويشترط لقبول دعوى الضمان أن يكون إنتقال الملكية قد تم بمقابل وليس عن طريق الهبة أو الوصية ما لم يوجد اتفاق على عدم الضمان أو ما لم يحصل الإستحقاق بفعل الواهب، ويسقط حق الحائز في الرجوع إذا حصل الإستحقاق بتقصيره كما إذا أهمل في التمسك ببطلان الرهن أو إنقضاء الدين.

وللحائز أيضاً الرجوع على المدين بالمبالغ التي دفعها عنه سواء للدائنين مباشرة أو بسبب إتخاذ إجراءات التطهير أو إذا دفع الثمن في حالة رسو المزاد عليه وذلك بما زاد عما هو مستحق في ذمته بمقتضى سند ملكيته، ويحل الحائز محل الدائنين الذين وفاهم حقوقهم، ويكون الرجوع بموجب دعوى الإثراء بلا سبب.

وإذا تعد الحائزون لعدة عقارات مرهونة لدين واحد وقام أحد الحائزين بدفع الدين للدائن حل محله، وبموجب قاعدة عدم تجزئة الرهن، يكون للحائز الذي دفع الدين الرجوع على أي من الحائزين، وإن تم الرجوع عليه أن يرجع بدوره على غيره من الحائزين وهكذا، وهذه طريقة مجحفة ومن ثم فللحائز أن يدخل باقي الحائزين في دعوى نزع الملكية فإن لم يدخلهم ودفع الدين أو نزعت الملكية فيرجع علي كل حائز بنسبة قيمة العقار الحائز له بعد خصم الجزء الذي يخص عقاره.

وإن كان الدین مضموناً أيضاً بكفلاء شخصيين، فليس للحائز الرجوع عليهم إذا نزعت ملكية العقار إذ كان له إتخاذ إجراءات التطهير فيعرض الثمن الذي في ذمته ويستطيع بذلك تطهير العقار وإنهاء التزام الكفلاء فإن لم يفعل فلا يحق له الرجوع علي الكفلاء، أما إذا دفع الكفيل الدين فإنه يحل محل الدائنين ويرجع على الحائز.  

ولا يجوز أن تتضمن قائمة شروط البيع شرطاً بإعفاء المدين من رد الثمن في حالة استحقاق العقار وإلا كان الشرط باطلاً.

الأخبار بإيداع قائمة شروط البيع:

متى أودع الدائن مباشر الإجراءات قائمة شروط البيع، وجب على قلم کتاب محكمة التنفيذ وفي خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الإيداع ، أن يخبر به المدين والحائز- إن وجد - والكفيل العيني والدائنين الذين سجلوا تنبيهاتهم والدائنين أصحاب الحقوق العينية التبعية المقيدة قبل تسجيل تنبيه نزع الملكية، ويكون الإخبار عند وفاة أحد هؤلاء لورثته جملة واحدة دون تحديد لأسمائهم في الموطن المعين لمورثهم في القيد.

فإن كان لمن سبق ذكرهم صفتان، وتم إخباره بصفة منهما، فإنه يصبح طرفاً في الإجراءات بتلك الصفة، ويكون من طبقة الغير بالنسبة للصفة الأخري ، مثال ذلك أن يخبر الشخص بصفته وارثاً فيصبح طرفاً في الإجراءات بهذه الصفة ويتعين عليه إبداء أوجه لبطلان بطريق الاعتراض على قائمة شروط البيع، وفي ذات الوقت يعتبر شخصياً من طبقة الغير مما يجيز له التمسك بالبطلان بدعوى مبتدأة ،

 أما إذا أعلن بورقة الإخبار بالصفتين معاً، كوارث للمدين وحائز للعقار، فإنه يصبح طرفاً في الإجراءات بالصفتين.

ويتم الإخبار بورقة من أوراق المحضرين، ويجب علي المحضر الذي قام بإعلان ورقة الإخبار إخطار مكتب الشهر العقاري الذي تم به تسجيل التنبيه بحصول الإخبار خلال الثمانية الأيام التالية لإعلانه للتأشير به على هامش تسجيل التنبيه وإذا تعددت الإخبارات، بدأ هذا الميعاد إعتباراً من اليوم التالي الإعلان الإخبار الأخير ويترتب على الإخبار إدخال من تم إخباره خصماً في إجراءات التنفيذ من تاريخ هذا التأشير، ويتم إخطار الشهر العقاري بذات ورقة الإخبار بإعلان الموظف المختص بالشهر العقاري وتسليمه صورة من الإخطار والتوقيع على أصل ورقة الإعلان بتسلمه الصورة، وحينئذ يقوم هو بالتأشير. ولا يترتب علي إغفال الإخبار أو بطلانه بسبب إغفال أحد بياناته أو وجود عيب في إعلانه، بطلان الإجراءات وإنما ينحصر الجزاء في عدم الاحتجاج بهذه الإجراءات على من شاب إخباره البطلان وبالتالي بعدم اعتباره طرفاً فيها ويجوز له تبعاً لذلك رفع دعوى أصلية ببطلانها بما في ذلك حكم إيقاع البيع، أو التمسك به بالاعتراض على القائمة.

شطب التسجيلات والتأشيرات:

متى أودعت قائمة شروط البيع وتم إخبار من سبق ذكرهم بإيداعها والتأشير بما يفيد هذا الإخبار على هامش تسجيل تنبيه نزع الملكية، أصبح الدائنون الذين أخبروا بالإيداع طرفاً في إجراءات التنفيذ وذلك بإدخالهم فيها بمقتضى هذا الإخبار إعتباراً من تاريخ هذا التأشير، ويترتب على ذلك تعلق حقهم بالتسجيلات والتأشيرات التي تمت مما يحول دون شطبها إلا برضائهم جميعاً بموجب اقرار مصدق على توقيعاتهم فيه أو بالإقرار أمام الموثق، فإن لم يوجد هذا الإقرار، فلا يجوز الشطب إلا بناء علي حكم نهائي يختصم فيه جميع الدائنين ويقضي بالشطب.

بيانات ورقة الاخبار:  

تشتمل ورقة الاخبار، فضلاً عن البيانات المتعلقة بأوراق المحضرين على نحو ما أوضحناه فيما تقدم، على البيانات التالية :

(1) تاريخ إيداع قائمة شروط البيع بقلم کتاب محكمة التنفيذ الكائن في دائرتها العقار المحجوز.

(2) تعيين العقارات المحجوزة علي وجه الإجمال.

(3) بیان الثمن الأساسي المحدد لكل صفقة إذا كانت طبيعة العقار تسمح بتجزئته أو إذا تعددت العقارات.

(4) تاريخ الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات على القائمة وبيان ساعة انعقادها وتاريخ جلسة البيع وساعة انعقادها في حالة عدم تقديم اعتراضات على القائمة.

(5) إنذار المعلن إليه بالإطلاع على القائمة بقلم الكتاب وإبداء ما قد يكون لديه من أوجه البطلان أو الملاحظات، وذلك بطريق الاعتراض على - القائمة قبل الجلسة المحددة لنظر الاعتراضات بثلاثة أيام على الأقل وإلا سقط حقه في التمسك بالبطلان وإبداء الملاحظات كما تشتمل ورقة الإخبار علي إنذار بائع العقار أو المقايض به بسقوط حقه في فسخ البيع أو المقايضة إذا لم يتبع أحكام المادة (435) من قانون المرافعات.

ويترتب علي خلو ورقة الإخبار من أحد تلك البيانات، بطلان إجراءات التنفيذ عملا بالمادة (420) من قانون المرافعات ويتم التمسك بذلك لك بالاعتراض على القائمة عملاً بالمادة (422) من ذات القانون، ولكن لا يترتب هذا البطلان لعدم الإخبار بإيداع القائمة أو لبطلان شاب ورقة الإعلان، إنما يكون لمن لم يخبر أو لمن بطل إخباره التمسك ببطلان إجراءات التنفيذ بما فيها حكم إيقاع البيع بطريق الدعوى المبتدأة دون طريق الاعتراض على قائمة شروط البيع.(المطول في شرح قانون المرافعات، المستشار/ أنور طلبة، الناشر/ المكتب الجامعي الحديث،  الجزء  : العاشر ، الصفحة : 346)

الميعاد المقرر في المادة يبدأ من اليوم التالي لتسجيل التنبيه وينقضي باليوم الأخير ويمتد بسبب العطلة الرسمية ويضاف إليه ميعاد المسافة بين موطن المدين والمكان الذي يجب فيه الوفاء، والذي يفيد من ميعاد المسافة هو المدين والحائز دون الدائن مباشر الإجراءات التنفيذ للدكتور أبو الوفا ص765).

وفي حالة ما إذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة فقري أنه في هذه الحالة يتعين على مباشر الإجراءات أن يلجأ لقاضي التنفيذ لتقدير قيمة العقار وله أن يستعين في ذلك بأهل الخبرة ولكن ليس لمباشر الإجراءات في هذه الحالة أن يقدر الثمن الأساسي للعقار.

وتتضمن قائمة شروط البيع الشروط التي يعرض مباشر الإجراءات بيع العقار  على أساسها ويلتزم المشتري الراسي عليه المزاد بهذه الشروط فيجوز تضمينها ما شاء الدائن الحاجز من شروط البيع الإختياري بشرط ألا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب أو الأحكام الخاصة ببيع العقار جبراً كتحميل المدين مصاريف عما يقدره القاضي وألا تخل بجرية الإشتراك في المزايدة أو بالمساواة بين الدائنين وألا تتضمن اعتداء على حقوق المنزوعة ملكيته. (والي 445).

وقائمة شروط البيع لا تعد من قبيل صحف الدعاوى ومن ثم لا يلزم توقيعها من محام ويترتب البطلان على عدم اشتمال القائمة على البيانات التي حددتها المادة وذلك عملاً بالمادة 420 مرافعات. (يراجع التعليق على المادة 420).

ومتى سقط تسجيل التنبيه لعدم إيداع قائمة شروط البيع خلال المدة المحددة بالمادة اعتبر هذا التسجيل كأن لم يكن فيزول ونزول الآثار القانونية المترتبة عليه ولكن ذات إعلان التنبيه لا يسقط لأنه إجراء سابق على التسجيل والقاعدة أنه لا يترتب على بطلان الإجراءات السابقة عليه عملاً بالمادة 24 / 3 مرافعات وبذلك يظل التنبيه قائمة منتجة لإثاره في قطع مدة التقادم. (أبو الوفا في التعليق ص 1402).(التعليق على قانون المرافعات، المستشار/ عز الدين الديناصوري والأستاذ/ حامد عكاز، بتعديلات وتحديث أحكام النقض للأستاذ/ خيرت راضي المحامي بالنقض، الطبعة 2017 دار المطبوعات الجامعية، الجزء : السابع، الصفحة : 564)

إعداد العقار للبيع :

بتسجيل تنبيه نزع الملكية تنتهي مرحلة وضع العقار تحت يد القضاء وتبدأ مرحلة جديدة من مراحل التنفيذ العقارى وهي مرحلة إعداد العقار للبيع، وهذه المرحلة تتضمن سلسلة من الإجراءات القصد منها إعداد العقار للبيع، وسوف تتبع خطوات هذه المرحلة والتي تتلخص في أن الدائن المباشر للإجراءات يقوم بإيداع قائمة شروط البيع قلم كتاب محكمة التنفيذ المختصة متضمنة بيانات معينة ومرفقاً بها بعض المستندات ثم يقوم قلم الكتاب بأخبار بعض الأشخاص بإيداع القائمة خلال أجل معين ثم يؤشر بحصول الأخبار على هامش تسجيل تنبيه نزع الملكية ثم يعلن عن إيداع قائمة شروط البيع، وإذا ما وجهت اعتراضات على القائمة فإنه يتم الفصل فيها في جلسة الاعتراضات، وسوف نوضح الآن بالتفصيل هذه الخطوات خلال تعليقنا على المادة 414 وما يليها من مواد .

إيداع قائمة شروط البيع :

يجب على الدائن المباشر للإجراءات سواء كان هو الدائن الأسبق في التسجيل أو دائناً لاحقا له حل محله في السير في الإجراءات عملاً بنص المادة 402 / 3، أن يقوم بإيداع قائمة شروط البيع في قلم كتاب محكمة التنفيذ المختصة، وهي المحكمة التي يقع بدائرتها العقار المحجوز عليه أو أحد العقارات في حالة تعددها ووقوعها في دوائر اختصاص أكثر من محكمة واحدة، وهذا الإيداع يتم على صورة محضر يحرره كاتب المحكمة، ولا تعتبر قائمة شروط البيع مكيفة بدعوى بالمعنى الفني لهذه الكلمة ولذلك لا يلزم توقيعها من محام. (نقض 1967/12/7 - السنة 18 - ص 1828) .

ووفقاً للمادة 414 مرافعات يجب أن يتم إيداع قائمة شروط البيع خلال تسعين يوماً من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية، وهذا الميعاد ناقص يتعين إتخاذ الإجراء في خلاله وإلا سقط الحق في اتخاذه وينقضي بانقضاء اليوم الأخير منه، وإذا لم يتم إيداع قائمة شروط البيع خلال هذا الميعاد فإن الجزاء هو سقوط تنبيه نزع الملكية واعتباره كأن لم يكن بقوة القانون، والحكمة من إشتراط ميعاد التسعين يوماً الواجب إيداع القائمة خلاله في الحرص على عدم ترك مصير المدين معلقنا بين الدائن الذي سجل تنبيه نزع الملكية إذ يجب الإسراع في البيع بحيث لايبقی الحجز مدة طويلة بدون مبرر.

ويلاحظ أنه متى سقط تسجيل التنبيه لعدم إيداع قائمة شروط البيع خلال المدة المحددة بالمادة اعتبر هذا التسجيل كأن لم يكن فيزول وتزول الآثار القانونية المترتبة عليه ولكن ذات إعلان التنبيه لا يسقط لأنه إجراء سابق على التسجيل والقاعدة أنه لايترتب على بطلان الإجراء بطلان الإجراءات السابقة عليه عملاً بالمادة 24/ 3 مرافعات وبذلك يظل التنبيه قائماً منتجاً لآثاره في قطع مدة التقادم. (أحمد أبو الوفا - التعليق - ص 1402).

ويلاحظ أيضاً أن الميعاد المقرر في المادة 414 - محل التعليق - بيد من اليوم التالي لتسجيل التنبيه وينقضي باليوم الأخير ويمتد بسبب العطلة الرسمية، ويضاف إليه ميعاد المسافة بين موطن المدين والمكان الذي يجب فيه الوفاء والذي يفيد من ميعاد المسافة هو المدين والحائز دون الدائن مباشر الإجراءات. (أحمد أبو الوفا - التنفيذ : ص 765).

بيانات قائمة شروط البيع :

الهدف من إيداع قائمة شروط البيع هو بيان كل ما يهم أصحاب الشأن في التنفيذ سواء الراغب في دخول المزاد لشراء العقار أم من له مصلحة تتعلق به ولذلك فهي تشتمل على ما يتعلق بالتحقق من مدى صحة إجراءات التنفيذ وعلى بيان العقار محل التنفيذ وقيمته على وجه التقريب، ومقدار الديون المقيدة عليه وأصحاب هذه الديون، ومشروع عقد البيع ليطلع عليه كل من يتقدم للمزاد وليتمكن أصحاب المصلحة من دراسته وإبداء ما يعن لهم من ملاحظات بصدده، وقد أوجب المشرع في المادة 414 أن تشتمل قائمة شروط البيع على البيانات التالية :

1- بيان السند التنفيذي الذي حصل التنبيه بنزع الملكية بمقتضاه.

2- تاريخ التنبيه بنزع الملكية وتاريخ إنذار الحائز إن وجد ورقمی تسجيلهما.

3- تعيين العقارات المبينة في التنبيه مع بيان موقعها وحدودها ومساحتها ورقم القطعة واسم الحوض ورقمه وغير ذلك من البيانات التي تقيد في تعيينها.

4- شروط البيع والثمن الأساسي ويكون تحديد هذا الثمن وفقاً الفقرة الأولى من المادة 37، والمقصود بشروط البيع الشروط التي يعرض مباشر الإجراءات بيع العقار على أساسها ويكتسب المشتري بالمزاد الملكية ملتزماً بهاء ويجوز تضمین قائمة شروط البيع ما شاء الدائن الحاجز من شروط البيع الاختياري ولكن يجب أن تكون الشروط المقترحة غير مخالفة للنظام العام أو الآداب أو الأحكام الخاصة ببيع العقار جبرياً كتحميل المدين مصاريف تزيد عما يقدره القاضي، وألا تخل بحرية الإشتراك في المزايدة كان يشترط منه بعض الأشخاص من الشراء بدون سبب قانوني، كما يجب ألا تخل هذه الشروط المساواة بين الدائنين كان يشترط تمييز أحد الدائنين دون أن يكون دائناً ممتازاً.

والثمن الأساسي هو شرط من شروط البيع أيضاً، وقد كان تحديده في ظل القانون السابق يتم بمعرفة الدائن ووفقاً لإرادته، ولكن تلافياً لبيع العقار بثمن بخس أو مغالاة الدائن تحديده بحيث ينفر الراغبين في المزايدة، فقد أوجب المشرع أن يحدد هذا الثمن وفقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 37 والتي تقضي بأن تقدير قيمة العقار يكون باعتبار ثلاثمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية المربوطة عليه إذا كان العقار مبنياً ، فإن كان من الأراضى يكون التقدير باعتبار مائتي مثل لقيمة الضريبية الأصلية، فإذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته، ففي حالة ما إذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة وأعمالاً للمادة 37 يتعين على مباشر الإجراءات أن يلجأ لقاضي التنفيذ لتقدير قيمة العقار وله أن يستعين في ذلك بأهل الخبرة ولكن ليس لمباشر الإجراءات في هذه الحالة أن يقدر الثمن الأساسي للعقار.

تجزئة العقار إلى صفقات إن كان لذلك محل مع ذكر الثمن الأساسي لكل صفقة فقد يرى للدائن المباشر للإجراءات أن المصلحة تقتضي تجزئة العقار إلى صفقات متعددة حتى يسهل البيع أو يزيد عدد الراغبين في الشراء ومن ثم يزيد حاصل البيع عما أو بيع صفقة واحدة وإذا رأى الدائن المباشر للإجراءات ذلك فإنه يجب عليه أن يذكر الثمن الأساسي الذي يقترحه لكل صفقة.

وتتضمن قائمة شروط البيع الشروط التي تعرض مباشر الإجراءات بيع العقار على أساسها ويلتزم المشتري الراسي عليه المزاد بهذه الشروط فيجوز تضمينها ماشاء الدائن الحاجز من شروط البيع الإختياري بشرط ألا تكون مخالفة للنظام العام أو الآداب أو الأحكام الخاصة ببيع العقار جبراً كتحميل المدين مصاریف عما يقدره القاضي وألا تخل بحرية الإشتراك في المزايدة أو بالمساواة بين الدائنين وإلا تتضمن إعتداء على حقوق المنزوعة ملكيته (فتحي والي - التنفيذ الجبري - بند 445) .

وإذا لم تشتمل القائمة على البيانات التي حددتها المادة وقعت باطلة عملاً بالمادة 420 أما إذا شاب البيانات نقص أو خطأ فلا يحكم بالبطلان إلا إذا أدى ذلك إلى التشكيك في حقيقة البيانات (أحمد أبو الوفا - التنفيذ - بند 315).

محضر إيداع القائمة وتجديد جلستي الاعتراضات والبيع:

وفقاً للمادة 414 يجب على قلم كتاب المحكمة المختصة بالتنفيذ أن يقوم بتحرير محضر بإيداع قائمة شروط البيع ومرفقاتها، وأن يحدد في هذا المحضر تاريخ جلسة للاعتراضات وذلك للنظر فيما يحتمل تقديمه من اعتراضات، وأن يحدد في هذا المحضر تاریخ جلسة للبيع يتم فيها البيع إذ لم تقدم إعتراضات ويكون تحديد هاتين الجلستين وفقاً النص المادة 419 مرافعات فتكون جلسة الاعتراضات أول جلسة تحل بعد انقضاء ثلاثين يوماً من تاريخ انقضاء الميعاد المشار إليه في المادة 417 وهو الميعاد المحدد للإخبار بإيداع قائمة شروط البيع. أما جلسة البيع فيجب ألا تقل المدة بينها وبين جلسة الاعتراضات عن ثلاثين يوماً، ولا تزيد على ستين يوماً، وإذا لم يتقدم أحد من ذوي الشأن باعتراض على القائمة في الميعاد المحدد سقط تحديد جلسة الاعتراضات لأنها تصبح بدون معنى أو مضمون، ويشرع في إجراءات الإعلان عن البيع.(الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات، الدكتور/ أحمد مليجي، الطبعة الثالثة عشر 2016 طبعة نادي القضاة، الجزء : السادس،  الصفحة : 442)

الفقه الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الخامس عشر ، الصفحة / 25

ثَمَنٌ

التَّعْرِيفُ:

الثَّمَنُ لُغَةً: مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الشَّيْءُ. وَفِي الصِّحَاحِ: الثَّمَنُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: ثَمَنُ كُلِّ شَيْءٍ قِيمَتُهُ.

قَالَ الزَّبِيدِيُّ: قَالَ شَيْخُنَا: اشْتُهِرَ أَنَّ الثَّمَنَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّرَاضِي وَلَوْ زَادَ أَوْ نَقَصَ عَنْ الْوَاقِعِ، وَالْقِيمَةُ مَا يُقَاوِمُ الشَّيْءَ، أَيْ: يُوَافِقُ مِقْدَارَهُ فِي الْوَاقِعِ وَيُعَادِلُهُ.

وَقَالَ الرَّاغِبُ: الثَّمَنُ اسْمٌ لِمَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ، عَيْنًا كَانَ أَوْ سِلْعَةً، وَكُلُّ مَا يُحَصَّلُ عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ فَهُوَ ثَمَنُهُ.

وَالثَّمَنُ هُوَ: مَبِيعٌ بِثَمَنٍ.

وَأَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَالثَّمَنُ، مَا يَكُونُ بَدَلاً لِلْمَبِيعِ وَيَتَعَيَّنُ فِي الذِّمَّةِ، وَتُطْلَقُ الأْثْمَانُ أَيْضًا عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْقِيمَةُ:

الْقِيمَةُ مَا قُوِّمَ بِهِ الشَّيْءُ بِمَنْزِلَةِ الْمِعْيَارِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلاَ نُقْصَانٍ.

وَالثَّمَنُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْمُتَعَاقِدَانِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ نَقَصَ.

فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّمَنِ أَنَّ الْقِيمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَالثَّمَنُ الْمُتَرَاضَى عَلَيْهِ قَدْ يُسَاوِي الْقِيمَةَ أَوْ يَزِيدُ عَنْهَا أَوْ يَنْقُصُ وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ أَحْكَامِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فِي (الْقِيمَةُ).

ب - السِّعْرُ:

السِّعْرُ هُوَ الثَّمَنُ الْمُقَدَّرُ لِلسِّلْعَةِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ مَا يَتَرَاضَى عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ أَمَّا السِّعْرُ فَهُوَ مَا يَطْلُبُهُ الْبَائِعُ.

 

الثَّمَنُ مِنْ أَرْكَانِ عَقْدِ الْبَيْعِ:

اتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ (وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْمَبِيعُ) مِنْ أَرْكَانِ عَقْدِ الْبَيْعِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ هُوَ الصِّيغَةُ فَقَطْ (الإْيجَابُ وَالْقَبُولُ) أَمَّا الثَّمَنُ فَهُوَ أَحَدُ جُزْأَيْ مَحَلِّ عَقْدِ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ (الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ) وَلَيْسَ الْمَحَلُّ رُكْنًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا تَفَاسَخَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ، كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَرُدَّ الْبَائِعُ الَّذِي قَبَضَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ، عَرَضًا كَانَ أَوْ نَقْدًا، ثَمَنًا كَانَ أَوْ قِيمَةً؛

لأِنَّ الْمَبِيعَ مُقَابَلٌ بِهِ فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِهِ كَالرَّهْنِ. فَكَانَ لَهُ وِلاَيَةُ أَنْ لاَ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ إِلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنَ الْبَائِعِ.

وَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ فِي حَالَةِ التَّفَاسُخِ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِحَبْسِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ؛ لأِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهِ، فَكَذَا يُقَدَّمُ عَلَى تَجْهِيزِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ.

شُرُوطُ الثَّمَنِ:

اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ، وَأَنْ يَكُونَ مَالاً، وَمَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي، وَمَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، وَمَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ، وَإِيضَاحُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:

 

الشَّرْطُ الأْوَّلُ - تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ:

تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ حِينَ الْبَيْعِ لاَزِمَةٌ، فَلَوْ بَاعَ بِدُونِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا؛ لأِنَّ الْبَيْعَ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ بَاطِلٌ، إِذْ لاَ مُبَادَلَةَ حِينَئِذٍ، وَمَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ فَاسِدٌ، كَمَا ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ.

فَإِذَا بِيعَ الْمَالُ وَلَمْ يُذْكَرِ الثَّمَنُ حَقِيقَةً، كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ مَجَّانًا أَوْ بِلاَ بَدَلٍ فَيَقُولَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْتُ، فَهَذَا الْبَيْعُ بَاطِلٌ.

وَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ الثَّمَنُ حُكْمًا، كَأَنْ يَقُولَ إِنْسَانٌ لآِخَرَ: بِعْتُكَ هَذَا الْمَالَ بِالأْلْفِ الَّتِي لَكَ فِي ذِمَّتِي، فَيَقْبَلُ الْمُشْتَرِي، مَعَ كَوْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَعْلَمَانِ أَنْ لاَ دَيْنَ، فَالْبَيْعُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ بَاطِلٌ أَيْضًا، وَيَكُونُ الشَّيْءُ هِبَةً فِي الصُّورَتَيْنِ.

وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ مَسْكُوتًا عَنْهُ حِينَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَيْسَ بِبَاطِلٍ؛ لأِنَّ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ، فَإِذَا سَكَتَ الْبَائِعُ عَنِ الثَّمَنِ كَانَ مَقْصِدُهُ أَخْذَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: بِعْتُ مَا لِي بِقِيمَتِهِ، وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُجْمَلَةً يَجْعَلُ الثَّمَنَ مَجْهُولاً فَيَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا.

وَبَيْعُ التَّعَاطِي صَحِيحٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لأِنَّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ مَعْلُومَانِ فِيهِ، وَالتَّرَاضِي قَائِمٌ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ صِفَةٌ.

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لاَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ إِلاَّ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عِنْدَ الْكَلاَمِ عَلَى الصَّدَاقِ: الصَّدَاقُ نِحْلَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَرَضَهَا لِلزَّوْجَاتِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، لاَ عَنْ عِوَضٍ، وَلِهَذَا لَمْ يَفْتَقِرْ عَقْدُ النِّكَاحِ إِلَى تَسْمِيَةٍ، وَلَوْ كَانَ الصَّدَاقُ ثَمَنًا لِلْبُضْعِ حَقِيقَةً لَمَا صَحَّ النِّكَاحُ دُونَ تَسْمِيَةٍ، كَالْبَيْعِ الَّذِي لاَ يَنْعَقِدُ إِلاَّ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ. وَفِي الْمَجْمُوعِ قَالَ النَّوَوِيُّ: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يَذْكُرَ الثَّمَنَ فِي حَالِ الْعَقْدِ، فَيَقُولَ: بِعْتُكَ كَذَا بِكَذَا، فَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا، فَقَالَ الْمُخَاطَبُ: اشْتَرَيْتُ أَوْ قَبِلْتُ لَمْ يَكُنْ هَذَا بَيْعًا بِلاَ خِلاَفٍ، وَلاَ يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ لِلْقَابِلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي: يَكُونُ هِبَةً.

وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: إِذَا قَالَ: بِعْتُكَ بِلاَ ثَمَنٍ، أَوْ لاَ ثَمَنَ لِي عَلَيْكَ، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ وَقَبَضَهُ فَلَيْسَ بَيْعًا، وَفِي انْعِقَادِهِ هِبَةً قَوْلاَ تَعَارُضِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُكَ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنًا، فَإِنْ رَاعَيْنَا الْمَعْنَى انْعَقَدَ هِبَةً، أَوْ اللَّفْظَ فَهُوَ بَيْعٌ فَاسِدٌ.

وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَقَدْ جَاءَ فِي الإْنْصَافِ: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الأْصْحَابُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ، وَلَهُ ثَمَنُ الْمِثْلِ كَالنِّكَاحِ.

الشَّرْطُ الثَّانِي - كَوْنُ الثَّمَنِ مَالاً:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ لاِنْعِقَادِ الْبَيْعِ: أَنْ يَكُونَ مَالاً مُتَقَوِّمًا.

لأِنَّ الْبَيْعَ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي.

وَالْمَالُ هُوَ مَا يَمِيلُ إِلَيْهِ الطَّبْعُ وَيُمْكِنُ ادِّخَارُهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَالِيَّةُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِتَمَوُّلِ النَّاسِ كَافَّةً أَوْ بَعْضِهِمْ.

وَالتَّقَوُّمُ يَثْبُتُ بِهَا وَبِإِبَاحَةِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا. فَمَا يَكُونُ مُبَاحَ الاِنْتِفَاعِ بِدُونِ تَمَوُّلِ النَّاسِ لاَ يَكُونُ مَالاً، كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ. وَمَا يَكُونُ مَالاً بَيْنَ النَّاسِ، وَلاَ يَكُونُ مُبَاحَ الاِنْتِفَاعِ لاَ يَكُونُ مُتَقَوِّمًا، كَالْخَمْرِ. وَإِذَا عُدِمَ الأْمْرَانِ لَمْ يَثْبُتْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَالدَّمِ.

فَالْمَالُ أَعَمُّ مِنَ الْمُتَقَوِّمِ؛ لأِنَّ الْمَالَ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُبَاحٍ كَالْخَمْرِ، وَالْمُتَقَوِّمُ مَا يُمْكِنُ ادِّخَارُهُ مَعَ الإْبَاحَةِ. فَالْخَمْرُ مَالٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ، فَلِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ بِجَعْلِهَا ثَمَنًا، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلاً بِجَعْلِهَا مَبِيعًا؛ لأِنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بَلْ وَسِيلَةٌ إِلَى الْمَقْصُودِ، إِذْ الاِنْتِفَاعُ بِالأْعْيَانِ لاَ بِالأْثْمَانِ، وَلِهَذَا اشْتُرِطَ وُجُودُ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ فَبِهَذَا الاِعْتِبَارِ صَارَ الثَّمَنُ مِنْ جُمْلَةِ الشُّرُوطِ بِمَنْزِلَةِ آلاَتِ الصُّنَّاعِ.

وَمِنْ هَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ مَبْنَاهُ عَلَى الْبَدَلَيْنِ، لَكِنَّ الأْصْلَ فِيهِ الْمَبِيعُ دُونَ الثَّمَنِ، وَلِذَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ، وَيَنْفَسِخُ بِهَلاَكِ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ.

وَالتَّقَوُّمُ فِي الثَّمَنِ شَرْطُ صِحَّةٍ، وَفِي الْمَبِيعِ شَرْطُ انْعِقَادٍ.

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الثَّمَنِ:

أَنْ يَكُونَ مَالاً طَاهِرًا، فَلاَ يَصِحُّ مَا نَجَاسَتُهُ أَصْلِيَّةٌ كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَالْخَمْرِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأْصْنَامِ».

وَقِيسَ عَلَيْهَا مَا فِي مَعْنَاهَا. وَلاَ يَصِحُّ مَا هُوَ مُتَنَجِّسٌ لاَ يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَسَمْنٍ وَلَبَنٍ تَنَجَّسَ. وَأَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا وَلَوْ فِي الْمَالِ كَالْبَهِيمَةِ الصَّغِيرَةِ. فَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ مَا لاَ نَفْعَ فِيهِ، لأِنَّهُ لاَ يُعَدُّ مَالاً، كَالْحَشَرَاتِ الَّتِي لاَ نَفْعَ فِيهَا.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَالاً.

وَالْمَالُ شَرْعًا: (مَا يُبَاحُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا، وَيُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ بِلاَ حَاجَةٍ) فَخَرَجَ: مَا لاَ نَفْعَ فِيهِ أَصْلاً كَبَعْضِ الْحَشَرَاتِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِلْحَاجَةِ كَالْكَلْبِ، وَمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ، وَخَمْرٍ لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا.

أَنْوَاعُ الأْمْوَالِ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأْمْوَالَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:

أ - ثَمَنٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَهُوَ النَّقْدَانِ، صَحِبَهُ الْبَاءُ أَوْ لاَ، قُوبِلَ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ؛ لأِنَّ الثَّمَنَ مَا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْعَرَبِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْفَرَّاءُ، وَالنُّقُودُ لاَ تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ إِلاَّ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، فَكَانَتْ ثَمَنًا بِكُلِّ حَالٍ.

ب - مَبِيعٌ بِكُلِّ حَالٍ، كَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهَا مِنَ الأْعْيَانِ غَيْرِ الْمِثْلِيَّةِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ؛ لأِنَّ الْعُرُوضَ لاَ تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ إِلاَّ عَيْنًا فَكَانَتْ مَبِيعَةً.

ج - ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ فَثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ فَأَشْبَهَتِ النَّقْدَ، وَمَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ، نَظَرًا إِلَى الاِنْتِفَاعِ بِأَعْيَانِهَا فَأَشْبَهَتِ الْعُرُوضَ. وَذَلِكَ كَالْمِثْلِيَّاتِ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ مِنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ كَالْبَيْضِ. فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي الْعَقْدِ كَانَ مَبِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَصَحِبَهُ الْبَاءُ، وَقُوبِلَ بِالْمَبِيعِ فَهُوَ ثَمَنٌ. وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهُ حَرْفُ الْبَاءِ وَلَمْ يُقَابِلْهُ ثَمَنٌ فَهُوَ مَبِيعٌ؛ لأِنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ يُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ عَيْنًا تَارَةً، وَدَيْنًا أُخْرَى، فَكَانَ ثَمَنًا فِي حَالٍ، مَبِيعًا فِي حَالٍ

د - ثَمَنٌ بِالاِصْطِلاَحِ، وَهُوَ سِلْعَةٌ فِي الأْصْلِ كَالْفُلُوسِ.

فَإِنْ كَانَ رَائِجًا كَانَ ثَمَنًا، وَإِنْ كَانَ كَاسِدًا فَهُوَ سِلْعَةٌ مُثَمَّنٌ. وَالْحَاصِلُ - كَمَا قَالَ الْحَصْكَفِيُّ وَابْنُ عَابِدِينَ - إِنَّ الْمِثْلِيَّاتِ تَكُونُ ثَمَنًا إِذَا دَخَلَتْهَا الْبَاءُ وَلَمْ تُقَابَلْ بِثَمَنٍ، أَيْ: بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، سَوَاءٌ تَعَيَّنَتْ أَوْ لاَ. وَكَذَا إِذَا لَمْ تَدْخُلْهَا الْبَاءُ، وَلَمْ تُقَابَلْ بِثَمَنٍ وَتَعَيَّنَتْ. وَتَكُونُ مَبِيعًا إِذَا قُوبِلَتْ بِثَمَنٍ مُطْلَقًا، أَيْ: سَوَاءٌ دَخَلَتْهَا الْبَاءُ أَوْ لاَ، تَعَيَّنَتْ أَوْ لاَ. وَكَذَا إِذَا لَمْ تُقَابَلْ بِثَمَنٍ وَلَمْ يَصْحَبْهَا الْبَاءُ وَلَمْ تُعَيَّنْ، كَبِعْتُكَ كُرَّ حِنْطَةٍ بِهَذَا الْعَبْدِ.

وَقَالَ الْكَاسَانِيُّ: الْفُلُوسُ الرَّائِجَةُ إِنْ قُوبِلَتْ بِخِلاَفِ جِنْسِهَا فَهِيَ أَثْمَانٌ، وَكَذَا إِنْ قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا مُتَسَاوِيَةً فِي الْعَدَدِ. وَإِنْ قُوبِلَتْ بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلَةً فِي الْعَدَدِ فَهِيَ مَبِيعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ أَثْمَانٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَقَرِيبٌ مِنْهُ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ الثَّمَنَ النَّقْدُ إِنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ لِلْعُرْفِ، فَإِنْ كَانَ الْعِوَضَانِ نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَالثَّمَنُ مَا الْتَصَقَتْ بِهِ بَاءُ الثَّمَنِيَّةِ وَالْمُثَمَّنُ مَا يُقَابِلُهُ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ كُلًّا مِنَ الْعِوَضَيْنِ ثَمَنٌ لِلآْخَرِ وَمُثَمَّنٌ، وَلاَ مَانِعَ مِنْ كَوْنِ النُّقُودِ مَبِيعَةً؛ لأِنَّ كُلًّا مِنَ الْعِوَضَيْنِ مَبِيعٌ بِالآْخَرِ، لَكِنْ جَرَى الْعُرْفُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَالْعِوَضُ الثَّانِي شَيْئًا مِنَ الْمُثَمَّنَاتِ، عَرَضًا أَوْ نَحْوَهُ، أَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَمَا عَدَاهُمَا مُثَمَّنَاتٌ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الثَّمَنَ يَتَمَيَّزُ عَنِ الْمُثَمَّنِ بِبَاءِ الْبَدَلِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ نَقْدٌ.

فَمَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبَاءُ فَهُوَ ثَمَنٌ، فَدِينَارٌ بِثَوْبٍ: الثَّمَنُ الثَّوْبُ، لِدُخُولِ الْبَاءِ عَلَيْهِ.

تَعَيُّنُ الثَّمَنِ بِالتَّعْيِينِ:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعَيُّنِ الأْثْمَانِ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْلُ الأْوَّلُ: إِنَّ النُّقُودَ لاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَإِذَا اشْتَرَى بِهَذَا الدِّرْهَمِ فَلَهُ دَفْعُ دِرْهَمٍ غَيْرِهِ.

وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ - إِلاَّ زُفَرَ - وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ إِلاَّ إِنْ كَانَ الْعَاقِدُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ.

وَلِلْحَنَفِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي تَعَيُّنِ الأْثْمَانِ.

فَالأْثْمَانُ النَّقْدِيَّةُ الرَّائِجَةُ لاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَالإْجَارَةِ.

أَمَّا فِي غَيْرِ الْمُعَاوَضَاتِ كَالأْمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لأِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَسَائِلَ لِغَيْرِهَا بَلْ تَكُونُ مَقْصُودَةً بِالذَّاتِ، فَإِذَا هَلَكَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْخَلْطِ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ.

أَمَّا إِذَا كَانَتِ الأْثْمَانُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ، فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لأِنَّهَا إِذَا عُيِّنَتْ تَكُونُ مَبِيعَةً مِنْ وَجْهٍ وَمَقْصُودَةً بِالذَّاتِ.

أَمَّا الْفُلُوسُ وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي غَالِبُهَا الْغِشُّ:

فَإِنْ كَانَتْ رَائِجَةً فَلاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، لِكَوْنِهَا أَثْمَانًا بِالاِصْطِلاَحِ، فَمَا دَامَ ذَلِكَ الاِصْطِلاَحُ مَوْجُودًا لاَ تَبْطُلُ الثَّمَنِيَّةُ، لِقِيَامِ الْمُقْتَضِي. وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَائِجَةٍ فَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ؛ لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِلثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الاِصْطِلاَحُ، وَهَذَا لأِنَّهَا فِي الأْصْلِ سِلْعَةٌ، وَإِنَّمَا صَارَتْ أَثْمَانًا بِالاِصْطِلاَحِ، فَإِذَا تَرَكُوا الْمُعَامَلَةَ بِهَا رَجَعَتْ إِلَى أَصْلِهَا.

كَمَا أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اسْتَثْنَوُا الصَّرْفَ وَالْكِرَاءَ فَفِيهِمَا تَتَعَيَّنُ النُّقُودُ بِالتَّعْيِينِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الأْثْمَانَ النَّقْدِيَّةَ وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الأْصْلِ اسْمٌ لِمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَالثَّمَنَ فِي الأْصْلِ مَا لاَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ. فَالْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مِنَ الأْسْمَاءِ الْمُتَبَايِنَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ.

فَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ عَلَى هَذَا الأْصْلِ أَثْمَانٌ لاَ تَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فِي حَقِّ الاِسْتِحْقَاقِ وَإِنْ عُيِّنَتْ، حَتَّى لَوْ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُمْسِكَ الْمُشَارَ إِلَيْهِ وَيَرُدَّ مِثْلَهُ.

وَلَكِنَّهَا تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ ضَمَانِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، حَتَّى يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَلَوْ هَلَكَ الْمُشَارُ إِلَيْهِ لاَ يَبْطُلُ الْعَقْدُ.

وَالثَّمَنُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا فِي الذِّمَّةِ، هَكَذَا نُقِلَ عَنِ الْفَرَّاءِ، وَهُوَ إِمَامٌ فِي اللُّغَةِ، وَلأِنَّ أَحَدَهُمَا يُسَمَّى ثَمَنًا، وَالآْخَرَ مَبِيعًا فِي عُرْفِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ، وَاخْتِلاَفُ الأْسَامِي دَلِيلُ اخْتِلاَفِ الْمَعَانِي فِي الأْصْلِ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ أَحَدُهُمَا مَكَانَ صَاحِبِهِ تَوَسُّعًا؛ لأِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَابِلُ صَاحِبَهُ، فَيُطْلَقُ اسْمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْمُقَابَلَةِ، كَمَا يُسَمَّى جَزَاءُ السَّيِّئَةِ سَيِّئَةً، وَجَزَاءُ الاِعْتِدَاءِ اعْتِدَاءً.

وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ اسْمًا لِمَا فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلاً لِلتَّعْيِينِ بِالإْشَارَةِ، فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ حَقِيقَةً فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ، فَجُعِلَ كِنَايَةً عَنْ بَيَانِ الْجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ، تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الإْمْكَانِ. وَلأِنَّ التَّعْيِينَ غَيْرُ مُفِيدٍ؛ لأِنَّ كُلَّ عِوَضٍ يُطْلَبُ مِنَ الْمُعَيَّنِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ مِثْلِهِ، فَلَمْ يَكُنِ التَّعْيِينُ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ مُفِيدًا فَيَلْغُو فِي حَقِّهِ، وَيُعْتَبَرُ فِي بَيَانِ حَقِّ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ، وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ؛ لأِنَّ التَّعْيِينَ فِي حَقِّهِ مُفِيدٌ.

وَلأِنَّهُ يَجُوزُ إِطْلاَقُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي الْعَقْدِ، فَلاَ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِيهِ، كَالْمِكْيَالِ وَالصَّنْجَةِ.

وَيَسْتَثْنِي الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الصَّرْفَ فَتَتَعَيَّنُ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ بِالتَّعْيِينِ فِيهِ لاِشْتِرَاطِ الْقَبْضِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَيْضًا الْكِرَاءَ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: الأْثْمَانُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ:

فَيَتَعَيَّنُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ، حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا، كَمَا فِي سَائِرِ الأْعْيَانِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا، وَلَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ، كَمَا لَوْ هَلَكَ سَائِرُ الأْعْيَانِ، وَلاَ يَجُوزُ اسْتِبْدَالُهُ.

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ وَالأْظْهَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ

وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ:

أَنَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ يُسْتَعْمَلاَنِ اسْتِعْمَالاً وَاحِدًا - فَهُمَا مِنَ الأْسْمَاءِ الْمُتَرَادِفَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى مُسَمًّى وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنِ الآْخَرِ فِي الأْحْكَامِ بِحَرْفِ الْبَاءِ - قَالَ تَعَالَى ( وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً) سَمَّى تَعَالَى الْمُشْتَرَى وَهُوَ الْمَبِيعُ ثَمَنًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَبِيعٌ، وَالْمَبِيعَ ثَمَنٌ.

وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يُذَكَّرَ الشِّرَاءُ بِمَعْنَى الْبَيْعِ، يُقَالُ: شَرَيْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى بِعْتُهُ، قَالَ تَعَالَى( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ) أَيْ: وَبَاعُوهُ؛

وَلأِنَّ ثَمَنَ الشَّيْءِ قِيمَتُهُ، وَقِيمَةَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ. وَلِهَذَا سُمِّيَ قِيمَةً لِقِيَامِهِ مَقَامَ غَيْرِهِ. وَالثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهِ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا وَمَبِيعًا. دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ فِي اللُّغَةِ.

وَالْمَبِيعُ يَحْتَمِلُ التَّعَيُّنَ بِالتَّعْيِينِ فَكَذَا الثَّمَنُ، إِذْ هُوَ مَبِيعٌ.

وَلأِنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ فِي عَقْدٍ، فَيَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَسَائِرِ الأْعْوَاضِ.

مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْيِينُ:

يَحْصُلُ التَّعْيِينُ بِالإِْشَارَةِ، سَوَاءٌ أَضَمَّ إِلَيْهَا الاِسْمَ أَمْ لاَ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ بِهَذِهِ فَقَطْ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ.

أَوْ بِعْتُكَ هَذَا بِهَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ الْعِوَضَيْنِ.

وَيَحْصُلُ التَّعْيِينُ أَيْضًا بِالاِسْمِ كَبِعْتُكَ دَارِي بِمَوْضِعِ كَذَا، أَوْ بِمَا فِي يَدِي أَوْ كِيسِي مِنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ، وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي:

يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي. وَهَذَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي يَكُونُ وَقْتَ الْعَقْدِ مِلْكًا تَامًّا، لاَ حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ. لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: «لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ»، وَهُوَ يُفِيدُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ. وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مِثْلُ الْمَبِيعِ فِي هَذَا الْحُكْمِ.

الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ:

يُشْتَرَطُ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ؛ لأَنَّ مَا لاَ يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ شَبِيهٌ بِالْمَعْدُومِ، وَالْمَعْدُومُ لاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا. فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الطَّيْرُ فِي الْهَوَاءِ ثَمَنًا، وَكَذَا الْجَمَلُ الشَّارِدُ الَّذِي لاَ يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ مُتَضَادَّيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا. وَقِيلَ: مَا انْطَوَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ... وَالْمَبِيعُ وَمِثْلُهُ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ إِذَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَسْلِيمِهِ دَاخِلٌ فِي الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

الشَّرْطُ الْخَامِسُ: مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ فِي الثَّمَنِ:

قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الثَّمَنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُشَارًا إِلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مُشَارٍ إِلَيْهِ.

فَإِنْ كَانَ مُشَارًا إِلَيْهِ فَلاَ حَاجَةَ إِلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ وَصِفَتِهِ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ.

(وَالْقَدْرُ: كَخَمْسَةِ أَوْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْرَارُ حِنْطَةٍ. وَالصِّفَةُ: كَعَشْرَةِ دَنَانِيرَ كُوَيْتِيَّةٍ أَوْ أُرْدُنِيَّةٍ، وَكَذَا حِنْطَةٌ بُحَيْرِيَّةٌ أَوْ صَعِيدِيَّةٌ).

فَإِذَا قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنَ الْحِنْطَةِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي يَدِكَ وَهِيَ مَرْئِيَّةٌ لَهُ فَقَبِلَ جَازَ وَلَزِمَ؛ لأِنَّ الإْشَارَةَ أَبْلَغُ طُرُقِ التَّعْرِيفِ، وَجَهَالَةُ وَصْفِهِ وَقَدْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ الْمَانِعَةِ مِنَ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا عَقْدُ الْبَيْعِ فَلاَ يَمْنَعُ الْجَوَازَ؛ لأِنَّ الْعِوَضَيْنِ حَاضِرَانِ.

وَهَذَا بِخِلاَفِ الرِّبَوِيِّ إِذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ، حَيْثُ لاَ يَجُوزُ جُزَافًا؛ لاِحْتِمَالِ الرِّبَا لأِنَّ عَدَمَ تَحَقُّقِ التَّمَاثُلِ يُعْتَبَرُ بِمَثَابَةِ الْعِلْمِ بِالتَّفَاضُلِ، وَبِخِلاَفِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، حَيْثُ لاَ يَجُوزُ إِذَا كَانَ مِنَ الْمُقَدَّرَاتِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ الْقَدْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَوَافَقَ الْحَنَابِلَةُ الْحَنَفِيَّةَ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: (وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الأْثْمَانِ وَالْمُثَمَّنَاتِ فِي صِحَّةِ بَيْعِهَا جُزَافًا)

فَذَهَبُوا إِلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ إِذَا عُقِدَ عَلَى ثَمَنٍ بِوَزْنِ صَنْجَةٍ وَمِلْءِ كَيْلٍ مَجْهُولَيْنِ عُرْفًا، وَعَرَفَهُمَا الْمُتَعَاقِدَانِ بِالْمُشَاهَدَةِ، كَبِعْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ فِضَّةً، أَوْ بِمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ أَوْ الْكِيسِ دَرَاهِمَ.

وَذَهَبُوا أَيْضًا إِلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ بِصُبْرَةٍ مُشَاهَدَةٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمَا كَيْلَهَا وَلاَ وَزْنَهَا وَلاَ عَدَّهَا.

وَنَحْوُ هَذَا الْقَوْلِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، قَالَ الشِّيرَازِيُّ: إِنْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا جَازَ لأِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لأِنَّهُ يُجْهَلُ قَدْرُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ النَّقْدِ أَيِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ جُزَافًا إِذَا كَانَ مَسْكُوكًا، وَكَانَ التَّعَامُلُ بِهِ بَيْنَ النَّاسِ بِالْعَدَدِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْوَزْنِ، لِقَصْدِ أَفْرَادِهِ.

أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ النَّقْدُ مَسْكُوكًا سَوَاءٌ تَعَامَلُوا بِهِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا، لِعَدَمِ قَصْدِ آحَادِهِ.

أَمَّا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُشَارٍ إِلَيْهِ فَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ بِهِ الْعَقْدُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ؛ لأِنَّ جَهَالَتَهُ تُفْضِي إِلَى النِّزَاعِ الْمَانِعِ مِنَ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، فَيَخْلُو الْعَقْدُ عَنِ الْفَائِدَةِ، وَكُلُّ جَهَالَةٍ تُفْضِي إِلَيْهِ يَكُونُ مُفْسِدًا.

وَالصِّفَةُ إِذَا كَانَتْ مَجْهُولَةً تَتَحَقَّقُ الْمُنَازَعَةُ فِي وَصْفِهَا، فَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ دَفْعَ الأْدْوَنِ، وَالْبَائِعُ يَطْلُبُ الأْرْفَعَ. فَلاَ يَحْصُلُ مَقْصُودُ شَرْعِيَّةِ الْعَقْدِ، وَهُوَ دَفْعُ الْحَاجَةِ بِلاَ مُنَازَعَةٍ.

فَالْعِلْمُ بِالثَّمَنِ عِلْمًا مَانِعًا مِنَ الْمُنَازَعَةِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ عِنْدَهُمْ.

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ.

أ - لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ. فَإِذَا بَاعَهُ بِقِيمَتِهِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لأِنَّهُ جَعَلَ ثَمَنَهُ قِيمَتَهُ، وَالْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، فَكَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولاً.

ب - وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِمَا حَلَّ بِهِ، أَوْ بِمَا تُرِيدُ، أَوْ تُحِبُّ، أَوْ بِرَأْسِ مَالِهِ، أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ، أَوْ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى فُلاَنٌ. فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْقَدْرِ فِي الْمَجْلِسِ فَرَضِيَهُ انْقَلَبَ جَائِزًا.

وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إِلاَّ دِينَارًا، أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلاَّ دِرْهَمًا.

وَكَذَا لاَ يَجُوزُ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا لاَ يَتَفَاوَتُ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ.

وَكَذَا إِذَا بَاعَ بِحُكْمِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بِحُكْمِ فُلاَنٍ؛ لأِنَّهُ لاَ يَدْرِي بِمَاذَا يَحْكُمُ فُلاَنٌ فَكَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولاً.

جـ - وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا بِأَنَّهُ وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا يَنْقَطِعُ السِّعْرُ بِهِ، أَوْ بِمِثْلِ مَا بَاعَ بِهِ فُلاَنٌ، وَهُمَا لاَ يَعْلَمَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَصِحَّ؛ لأِنَّهُ مَجْهُولٌ.

د - وَإِنْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً لَمْ يَصِحَّ؛ لأِنَّهُ مَجْهُولٌ، لأِنَّ مِقْدَارَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الأْلْفِ مَجْهُولٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ بِمِائَةٍ بَعْضُهَا ذَهَبٌ؛ وَلأِنَّهُ بَيْعُ غَرَرٍ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.

هـ - وَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِرَقْمِهِ، وَالْمُرَادُ الثَّمَنُ لاَ يَعْلَمُ بِهِ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْظُرَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ.

وَهَذَا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.

وَالرَّقْمُ: عَلاَمَةٌ يُعْلَمُ بِهَا مِقْدَارُ مَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ مِنَ الثَّمَنِ.

وَالْبَيْعُ بِالرَّقْمِ فَاسِدٌ؛ لأِنَّ فِيهِ زِيَادَةَ جَهَالَةٍ تَمَكَّنَتْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَهِيَ جَهَالَةُ الثَّمَنِ؛ لأِنَّهَا بِرَقْمٍ لاَ يَعْلَمُهُ الْمُشْتَرِي، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْقِمَارِ، لِلْخَطَرِ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ كَذَا وَكَذَا.

وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ الْعَقْدُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ.

وَكَانَ الإْمَامُ شَمْسُ الأْئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يَقُولُ: وَإِنْ عَلِمَ بِالرَّقْمِ فِي الْمَجْلِسِ لاَ يَنْقَلِبُ ذَلِكَ الْعَقْدُ جَائِزًا، وَلَكِنْ إِنْ كَانَ الْبَائِعُ دَائِمًا عَلَى ذَلِكَ الرِّضَا وَرَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَقْدَ ابْتِدَاءٍ بِالتَّرَاضِي.

وَوَرَدَ فِي الْمُغْنِي لاِبْنِ قُدَامَةَ: (قَالَ أَحْمَدُ: وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ بِالرَّقْمِ. وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَقُولَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِرَقْمِهِ، وَهُوَ الثَّمَنُ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا لَهُمَا حَالَ الْعَقْدِ. وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَكَرِهَهُ طَاوُسٌ .

وَلَنَا أَنَّهُ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ ذَكَرَ مِقْدَارَهُ، أَوْ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا بِمَا اشْتَرَيْتُهُ بِهِ وَقَدْ عَلِمَا قَدْرَهُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَهُمَا أَوْ لأِحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ؛ لأَنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ).

إِذَنْ فَالْحُكْمُ بِجَوَازِهِ هُنَا بِنَاءٌ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الَّذِي يُفِيدُ أَنَّ الثَّمَنَ مَعْلُومٌ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا حَسَبَ التَّفْسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَلاَ خِلاَفَ عِنْدَئِذٍ.

و - بَيْعُ صُبْرَةِ طَعَامٍ، كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ:

اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:

الْقَوْلُ الأْوَّلُ: لاَ يَصِحُّ الْبَيْعُ. وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ؛ بِحُجَّةِ: أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ مَبْلَغَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ حَالَ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْكَيْلِ.

الْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ، إِلاَّ أَنْ يُسَمِّيَ جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا. وَهُوَ قَوْلُ الإْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، بِحُجَّةِ: أَنَّ صَرْفَ اللَّفْظِ إِلَى الْكُلِّ مُتَعَذِّرٌ؛ لِجَهَالَةِ الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ جَهَالَةً تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ؛ لأِنَّ الْبَائِعَ يَطْلُبُ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ أَوَّلاً، وَالثَّمَنُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، فَيَقَعُ النِّزَاعُ. وَإِذَا تَعَذَّرَ الصَّرْفُ إِلَى الْكُلِّ صُرِفَ إِلَى الأَقَلِّ، وَهُوَ مَعْلُومٌ، إِلاَّ أَنْ تَزُولَ الْجَهَالَةُ فِي الْمَجْلِسِ بِتَسْمِيَةِ جَمِيعِ الْقُفْزَانِ أَوْ بِالْكَيْلِ فِي الْمَجْلِسِ فَيَجُوزُ، لأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ بِمَنْزِلَةِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.

الْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ قُفْزَانِهَا حَالَ الْعَقْدِ.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَجُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ.

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا يَلِي:

1أَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَالثَّمَنَ مَعْلُومٌ لإِشَارَتِهِ إِلَى مَا يُعْرَفُ مَبْلَغُهُ بِجِهَةٍ لاَ تَتَعَلَّقُ بِالْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَهُوَ كَيْلُ الصُّبْرَةِ، فَجَازَ كَمَا لَوْ بَاعَ مَا رَأْسُ مَالِهِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ، لِكُلِّ ثَلاَثَةَ عَشَرَ دِرْهَمٌ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْلَمُ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِالْحِسَابِ، كَذَا هَاهُنَا

2 - أَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَالثَّمَنَ مَعْلُومٌ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْمَبِيعِ فَصَحَّ كَالأْصْلِ الْمَذْكُورِ، وَالْغَرَرَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالِ؛ لأِنَّ مَا يُقَابِلُ كُلَّ صَاعٍ مَعْلُومُ الْقَدْرِ حِينَئِذٍ. فَغَرَرُ الْجَهَالَةِ يَنْتَفِي بِالْعِلْمِ بِالتَّفْصِيلِ. كَمَا يَنْتَفِي بِالْعِلْمِ بِالْجُمْلَةِ، فَإِذَا جَازَ بِالْعِلْمِ بِالْجُمْلَةِ جَازَ بِالْعِلْمِ بِالتَّفْصِيلِ أَيْ: لاَ يَضُرُّ الْجَهْلُ بِحَمَلَةِ الثَّمَنَ لأِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَالْغَرَرُ مُرْتَفِعٌ بِهِ، كَمَا إِذَا بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا.

3 - لأِنَّ إِزَالَةَ الْجَهَالَةِ بِيَدِهِمَا، فَتَرْتَفِعُ بِكَيْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ.

وَانْظُرْ أَيْضًا (بَيْعُ الْجُزَافِ).

 

- لاَ يَجُوزُ الْبَيْعُ إِلاَّ بِثَمَنٍ مَعْلُومِ الصِّفَةِ:

لِذَلِكَ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ:

مَنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ عَنْ ذِكْرِ الصِّفَةِ دُونَ الْقَدْرِ، كَأَنْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ، وَلَمْ يَقُلْ بُخَارِيَّةً أَوْ سَمَرْقَنْدِيَّةً، وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، أَيْ يَنْصَرِفُ إِلَى الْمُتَعَامَلِ بِهِ فِي بَلَدِهِ.

وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ:

أَنَّ الْمَعْلُومَ بِالْعُرْفِ كَالْمَعْلُومِ بِالنَّصِّ، لاَ سِيَّمَا إِذَا كَانَ فِيهِ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِهِ.

وَيَبْنِي الْحَنَفِيَّةُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً فِي الْمَالِيَّةِ كَالذَّهَبِ الْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ، فَإِنَّ الْمِصْرِيَّ أَفْضَلُ فِي الْمَالِيَّةِ مِنَ الْمَغْرِبِيِّ، وَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي الرَّوَاجِ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، لأِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ مُفْضِيَةٌ إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ دَفْعَ الأْنْقَصِ مَالِيَّةً، وَالْبَائِعُ يُرِيدُ أَخْذَ الأْعْلَى، فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ إِلاَّ أَنْ تُرْفَعَ الْجَهَالَةُ بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ وَيَرْضَى الآْخَرُ؛ لاِرْتِفَاعِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ.

وَإِذَا كَانَتِ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ صَحَّ الْبَيْعُ وَانْصَرَفَ إِلَى الأْرْوَجِ.

وَإِذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فِي الرَّوَاجِ مُسْتَوِيَةً فِي الْمَالِيَّةِ صَحَّ الْبَيْعُ وَانْصَرَفَ إِلَى الأْرْوَجِ أَيْضًا تَحَرِّيًا لِلْجَوَازِ.

أَمَّا إِذَا اسْتَوَتْ فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ، وَإِنَّمَا الاِخْتِلاَفُ فِي الاِسْمِ كَالْمِصْرِيِّ وَالدِّمَشْقِيِّ، فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي أَنْ يُؤَدِّيَ أَيَّهُمَا شَاءَ؛ لأِنَّهُ لاَ مُنَازَعَةَ فِيهَا.

فَالْحَاصِلُ:

أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لأِنَّ النُّقُودَ إِمَّا أَنْ تَسْتَوِيَ فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ مَعًا، أَوْ تَخْتَلِفَ فِيهِمَا، أَوْ يَسْتَوِيَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ.

وَالْفَسَادُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهِيَ: الاِسْتِوَاءُ فِي الرَّوَاجِ وَالاِخْتِلاَفُ فِي الْمَالِيَّةِ، وَالصِّحَّةُ فِي الثَّلاَثِ الْبَاقِيَةِ.

وَهَذِهِ الصُّورَةُ الْفَاسِدَةُ ذَكَرَهَا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ تَعَدَّدَتِ السِّكَكُ فِي الْبَلَدِ وَلَمْ يُبَيِّنْ، فَإِنْ اتَّحَدَتْ رَوَاجًا قَضَاهُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قَضَاهُ مِنَ الْغَالِبِ إِنْ كَانَ، وَإِلاَّ فَسَدَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ الْبَيَانِ.

وَعِبَارَةُ الشِّرْبِينِيِّ الشَّافِعِيِّ: إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ اشْتُرِطَ التَّعْيِينُ لَفْظًا لاِخْتِلاَفِ الْغَرَضِ بِاخْتِلاَفِهِمَا.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ بَاعَ بِدِينَارٍ مُطْلَقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلاَ مَوْصُوفٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنَ الدَّنَانِيرِ كُلُّهَا رَائِجَةٌ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ.

التعليقات معطلة.