موسوعة القانون المدني

المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 226

مذكرة المشروع التمهيدي :

استثنى المشروع من القاعدة العامة التي قررها في المادة 17 حالة الأدلة المهيأة وهي التي واجهتها المادة 18 إذ قضت بأن الأدلة التي تعد مقدماً تسرى في شأنها النصوص المعمول بها في الوقت الذي يعد فيه الدليل أو في الوقت الذي يستطاع أو ينبغي فيه إعداده وقد جرى القضاء في مصر على إقرار هذا الإستثناء (استئناف مصر 24 فبراير سنة 1930 المحاماة 10 ص 696 رقم 346 واستئناف مختلط 25 یونیه سنة 1913 ب 25 ص 471) باعتبار أن الدليل المهيأ يفترض وجود النص المقرر له قبل أن تتم تهيئته ويكون وثيق الصلة بالناحية الموضوعية في الحق.

الأحكام

1 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص المادة التاسعة من القانون المدنى أنه تسرى فى شأن الأدلة التى تُعد مقدماً النصوص المعمول بها فى الوقت الذى أعد فيه الدليل أو فى الوقت الذى ينبغى إعداده فيه بمعنى أن القانون الذى جلسة 15 من يناير سنة 2004نشأ التصرف فى ظله هو الذى يحكم المراكز العقدية المثبتة فيه دون اعتداد بما إذا كان ثمة قانون جديد يتطلب دليلاً آخر لم يكن يستوجبه القانون القديم .

(الطعن رقم 3651 لسنة 60 جلسة 2004/01/15)

2 ـ صدور قانون لاحق يتضمن تعديلا فى تشريعات إيجار الأماكن من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أوبالتغيير إضافة أو حذفا فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فورى على تلك المراكز والوقائع أما إذا كان التعديل منصبا على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة أو استلزم طريقا خاصا للإثبات فيها لم تكن مقررة من قبل فإن هذا التعديل لا يسرى فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه على الدعاوى التى رفعت فى ظله أما الدعاوى التى رفعت قبل تاريخ العمل به فإن القانون السارى وقت رفعها هو الذى يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها فقد نصت المادة التاسعة من القانون المدنى على ان " تسرى فى شأن الأدلة التى تعد مقدما النصوص المعمول بها فى الوقت الذى أعد فيه الدليل، أو فى الوقت الذى ينبغى فيه إعداده.

(الطعن رقم 1832 لسنة 52 جلسة 1996/05/22 س 47 ع 1 ص 838 ق 157)
(الطعن رقم 99 لسنة 55 جلسة 1990/01/31 س 41 ع 1 ص 379 ق 69)

3 ـ مفاد نص المادتين 36 ، 36 مكرراً "ب" من القانون 178 لسنة 1952 المعدل بالقانون 52 لسنة 1966 و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل إيداع نسخة من عقد الإيجار بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة شرطاً لقبول أية دعوى أو منازعة ناشئة عن الإيجار سواء رفعت الدعوى أو المنازعة أمام القضاء أو أمام لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية قبل إلغائها و هذا الجزاء المستحدث بالقانون 17 لسنة 1963 ثم بالقانون 52 لسنة 1966 إجراء قصد به توفير الحماية للمستأجر و يستهدف منع تحايل الملاك عن طريق إستيقاع المستأجرين على بياض دون أن يعلموا شروط العقد التى أمضوها أو يدركوا ماهيتها أخذاً بأنه متى كان الإيداع متطلباً فإن كتابة العقد لا تكون مقصودة لذاتها و إنما تعتبر ضرورية لكى تمكن من حصول الإيداع . و لما كانت الكتابة المودعة لعقد الإيجار تتعلق بهذه المثابة بالإثبات لبيان الشرط اللازم لقبول الإثبات بمقتضاه و قوة الدليل المستفاد منه " فإنها تخضع لحكم المادة التاسعة من القانون المدنى التى تقضى بأن تسرى فى شأن الأدلة التى تعد مقدماً النصوص المعمول بها فى الوقت الذى أعد فيه الدليل أو فى الوقت الذى ينبغى إعداده فيه . بمعنى أن القانون الذى نشأ التصرف فى ظله هو الذى يحكم المراكز العقدية المثبتة فيه ، دون أعتداد بما إذا كان ثمة قانون جديد يتطلب دليلا آخر لم يكن يستوجبه القانون القديم .. " و يترتب على ذلك أن الإيداع لا يكون مطلوباً بالنسبة لعقود الإيجار المبرمة قبل تاريخ العمل بأى من القانونين رقمى 17 لسنة 1963 ، 52 لسنة 1966 اللذين إستحدثا هذا الإيداع و إن الملتزم بذلك طبقا لهما المؤجر دون المستأجر ، لما كان ذلك و كانت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده و مورث الطاعن نشأت طبقاً لما ثبت للمحكمة فى تقرير الخبير فى سنة 1960 قبل سريان ما إستحدث من تعديلات بالقانونين المشار إليهما إستوجبت كتابة عقود الإيجار و إيداعها الجمعية التعاونية الزراعية ، و كان القانون السارى وقت إبرام العلاقة الإيجارية لا يوجب للتدليل على وجود مثل هذه العلاقة إتخاذ أى من هذه الإجرائين المذكورين و كانت قد ثبتت المراكز القانونية للعاقدين مقدماً منذ نشؤ العلاقة ووضحت إلتزامات و حقوق كل منها بالتطبيق للقواعد العامة السارية وقتذاك ، فإن هذه القواعد التى نشأ التصرف فى ظلها هى التى تحكم المراكز العقدية بموجبها .

(الطعن رقم 1017 لسنة 52 جلسة 1986/01/14 س 37 ع 1 ص 109 ق 27)

4 ـ النص فى المادة التاسعة من القانون المدنى على أنه ‘‘ تسرى فى شأن الأدلة التى تعد مقدماً النصوص المعمول بها فى الوقت الذى أعد فيه الدليل أو فى الوقت الذى كان ينبغى فيه إعداده يدل على أن القانون الذى نشأ التصرف فى ظله هو الذى يجب أن يحكمه من حيث إثباته . ’’ و إذ كان عقد البيع المؤرخ 1964/7/26 الذى إستند إليه المطعون عليه فى شراء حصة الطاعن فى الجرار موضوع النزاع قد أبرم قبل صدور قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 فإنه يخضع فى إثباته للأحكام الواردة فى القانون المدنى .

(الطعن رقم 502 لسنة 42 جلسة 1976/06/28 س 27 ع 1 ص 1444 ق 275)

5 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلاً فى تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه ، أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة - دون مساس بذاتيتها أو حكمها - كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة سواؤ من إجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسري فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التي تنشأ فى ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت فى ظل القانون السابق باعتبار أن القانون الذي رفعت الدعوى فى ظله هو الذي يحكم قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها وقد نصت المادة التاسعة من القانون المدني على أن "تسري فى شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها فى الوقت الذي أعد فيه الدليل أو فى الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده " .

(الطعن رقم 2418 لسنة 69 جلسة 2000/06/14 س 51 ع 2 ص 825 ق 154)

6 ـ المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الحكام طريقهم الحكم لا الشهادة، ولا الوكالة، وإن اتفقوا علي رأي نفذ حكمهم، ووجب علي القاضي إمضاؤه دون تعقيب . ولئن كانت الفقرة الأخيرة من المادة 19 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي فى مسائل الأحوال الشخصية قد نصت علي أنه "وللمحكمة أن تأخذ بما أنتهي إليه الحكمان أو بأقوال أيهما، أو بغير ذلك مما تستقيه من أوراق الدعوى" مما مفاده أن المحكمة لا تلتزم برأي الحكمين فلها أن تأخذ به أو تطرحه اعتماداً علي ما تستخلصه من الأدلة حسبما تطمئن إليه منها بما مؤداه أن رأي الحكمين لم يعد وجوبياً، إلا أنه يسري علي الأدلة وقوتها القانون الذي كان معمولاً به فى الوقت الذي حصل فيه الدليل أو الوقت الذي كان ينبغي أن يحصل منه، إذ تنص المادة التاسعة من القانون المدني علي أنه "تسري فى شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها فى الوقت الذي أعد فيه الدليل، أو فى الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده"، ولم يلغ قانون الإثبات القائم هذا النص، وكانت الدعوى قد رفعت وحكم فيها بحكم نهائي من محكمة الاستئناف قبل صدور القانون رقم 1 لسنة 2000 وسريانه، فإنه لا ينطبق علي الدعوى الماثلة . لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير الحكام الثلاثة أنهم قد خلصوا إلي تطليق المطعون ضدها علي الطاعن مع تنازلها عن حقها فى مؤخر الصداق والنفقة، وإذ قضي الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف الذي قضي بالتطليق دون إسقاط حق المطعون ضدها فى مؤخر الصداق والنفقة وفقاً لما انتهى إليه الحكام الثلاثة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 142 لسنة 69 جلسة 2000/04/24 س 51 ع 1 ص 616 ق 111)

7 ـ المقرر فى قوانين إيجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة و الإمتداد القانونى و تعيين أسباب الإخلاء هى قواعد آمره و متعلقة بالنظام العام و من ثم فإنها تسرى بأثر فورى على جميع المركز و الوقائع القائمة و التى لم تستقر نهائياً وقت نفاذها و لو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها و مؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق يتضمن تعديلاً فى تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه إستحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ بدوره حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فورى مباشر على المراكز و الوقائع القائمة وقت نفاذه أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيتها أو حكمها كما لو إستوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو إتخاذ إجراءات معينة سواء من حيث إجراءات التقاضى أو الإثبات لم تكن مطلوبة و لا مقررة من قبل فإن التعديل لا يسرى فى هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه و على الوقائع و المراكز التى تنشأ فى ظله دون أن يكون له أثر على الوقائع التى نشأت فى ظل القانون السابق بإعتبار أن القانون الذى وقعت الدعوى فى ظله هو الذى يحكم شروط - قبولها و إجراءاتها و قواعد إثباتها و قد نصت المادة 2 من قانون المرافعات على أن " كل إجراء تم من إجراءات المرافعات تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً ما لم ينص على غير ذلك

(الطعن رقم 2219 لسنة 53 جلسة 1982/03/25 س 33 ع 1 ص 629 ق 1)

8 ـ القرينة القانونية التى إستحدثتها المادة 917 من القانون المدنى الحالى متصلة بموضوع الحق إتصالاً وثيقاً و لا يجوز - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - إعمالها بأثر رجعى على التصرفات السابقة على تاريخ سريانه .

(الطعن رقم 169 لسنة 33 جلسة 1968/02/13 س19 ع 1 ص 271 ق 40)

شرح خبراء القانون

حددت المادة التاسعة القانون الواجب التطبيق على الأدلة التي تُعد مقدماً في حالة تنازع القوانين من حيث الزمان أي صدور تشريع جديد يلغي أو يعدل التشريع السابق الذي تم إعداد الدليل في ظله أو كان ينبغي إعداده، فنصت على أنه يسري القانون القديم في شأن تلك الأدلة سواء تم إعدادها بالفعل أو لم يتم، ومقتضى ذلك هو وجوب الرجوع إلى القانون القديم لتحديد ماهية هذه الأدلة وشروطها وشكلها وليس القانون المعمول به (الجديد) بغض النظر عن شكل أو مضمون التعديل الذي طال النص السابق أي سواء تضمن التعديل إلغاء الاعتداد بالدليل أصلاً أو تعديل شرائطه من حيث القيمة أو الشكل أو غيرهما.

والأدلة التي تُعد مقدماً هي المحررات عموماً سواء كانت رسمية أو عرفية ومنها الكتابة ومبدأ الثبوت بالكتابة وما يسانده وكذلك الإقرار والبينة والقرائن واليمين، وقد يثير هذا النص إشكالاً في شأن الأدلة ذات الصلة بالتسجيل أو الشهر أو القيد في سجلات معينة والتي لم يتم إعدادها في حينه بل تراخى إعدادها إلى ما بعد سريان القانون الجديد، إذ لا يمكن في هذه الحالة إجراؤها وفقاً للقانون السابق كما تقضي بذلك قواعد التسجيل والقيد، والرأي أن القاضي عليه أن يلتزم نص المادة التاسعة من القانون المدني ويحكم بمقتضى ما ورد في التشريع السابق من أحكام على ما يُعرض عليه من وقائع تتعلق بهذه الأدلة. (مركز الراية للدراسات القانونية).

ينصرف نص المادة التاسعة من القانون المدنى إلى الأدلة القانونية وإلى القرائن القانونية، فهذه وتلك هي التي تتنازع فيها النصوص من حيث الزمان، ولذلك يلزم أن يتناولها كل من القانونين القديم والجديد، بحيث إذا استحدثها القانون الجديد سرت عليها أحكامه.

والأدلة القانونية هي الكتابة، ومبدأ الثبوت بالكتابة معززاً بالبينة والإقرار والبينة والقرائن واليمين.

وقد يتطلب القانون في إثبات وقائع مادية كالولادة والوفاة القيد بدفاتر خاصة فتكون دليلاً لإثبات هذه الوقائع.

والأصل أن يوجد الدليل في الوقت الذي تحققت فيه الواقعة التي يستدل به عليها، فالكتابة توجد عند إبرام التصرف والقيد بدفاتر المواليد يتم عند الولادة، فإن لم يوجد الدليل في ذلك الوقت، تعين اعتباره موجودًا فيه وسرت في شأنه الأحكام التي كانت سارية وقت إبرام التصرف أو وقت الولادة.

والأدلة التي يمكن إعدادها مقدمًا هي الكتابة والإقرار غير القضائي والقيد بدفاتر المواليد والوفيات، والقرائن القانونية، على التفصيل الآتي :

أولًا : الكتابة :

الكتابة هى أهم دليل يعد مقدمًا، ولا يلزم لها شكل خاص إلا في بعض التصرفات التي نص عليها القانون في العقود الشكلية وتكون ركنًا فيها كعقد الهبة، أما في غير العقود الشكلية فلا تلزم الكتابة إلا لإثبات العقد. وحينئذ يخضع الاثبات للقواعد العامة المقررة في هذا الصدد.

فإن أبرم العقد في ظل قانون معين، ثم صدر قانون جديد أثير في ظله نزاع حول إثبات هذا العقد، تعين على المحكمة الفصل في هذا النزاع وفقًا لأحكام القانون القديم الذي أبرم التصرف في ظله، فإن كان العقد مكتوبًا كان الدليل معدًا وقت كتابته وإن لم يكن مكتوبًا سرت أيضًا أحكام القانون القديم لأنه في ظله أبرم العقد وكان ينبغى في ذلك الوقت إعداد الدليل عليه.

ووفقًا لما تقدم، إذا أبرم عقد في ظل نصوص القانون المدني التي كانت تجيز الإثبات بالبينة في التصرفات التي لا تجاوز قيمتها عشرة جنيهات وتوجب أن يكون الاثبات بالكتابة إذا تجاوزت قيمة التصرف هذا المبلغ، وكان العقد خاضعًا في إثباته للقواعد العامة، ثم صدر قانون الإثبات الجديد رقم 25 لسنة 1968 فرفع نصاب البينة إلى عشرين جنيهًا، فإن إثبات العقد يظل خاضعًا لأحكام القانون المدني مما يجيز إثباته بالبينة أو بالقرائن إذا كانت قيمته لا تجاوز عشرة جنيهات، فإن كانت تجاوزها وجب أن يكون الاثبات بالكتابة حتى لو كانت هذه القيمة تقل عن عشرين جنيهًا. والعكس أيضًا صحيح، فإن كان القانون القديم يوجب الإثبات بالكتابة بالنسبة للتصرفات التي تجاوز قيمتها عشرين جنيهًا ثم صدر قانون جديد يخفض هذه القيمة إلى عشرة جنيهات، فإن القانون القديم هو الذي يسري على إثبات التصرف.

فالدليل الذي أعد في ظل قانون، تسرى عليه كافة أحكام هذا القانون المتعلقة به حتى لو صدر قانون جديد عدل من شروط هذا الدليل أو أغفل تنظيمه.

وإذا أعد دليل كتابي على نحو ما تقدم، ثم صدر بعد ذلك قانون جديد متعلق بالنظام العام، وتناول تعديل شروط هذا الدليل، ففي هذه الحالة يسرى كل ما قررناه فيما تقدم، ذلك أن القانون الجديد المتعلق بالنظام العام يسري بأثر فوري، فيطبق فقط على الأدلة التي تعد في ظله، أما الأدلة التي أعدت قبل نفاذه، فيظل القانون الذي أعدت في ظله هو الواجب التطبيق دون القانون الجديد.

ثانيًا : الإقرار غير القضائي :

يعتبر الإقرار غير القضائي دليلًا خاضعًا لتقدير قاضي الموضوع، فيكون له الأخذ به أو طرحه، والاقرار غير القضائي هو اعتراف شخص بحق عليه لآخر بحيث لا يكون القصد منه هو إنشاء الحق في ذمته متى تم هذا الاعتراف في غير مجلس القضاء، أو بصدد نزاع آخر غير الصادر في شأنه الإقرار، والاقرار بهذا المعنى يعتبر من الأدلة التي تعد مقدمًا فإن ثبت بمحضر أمكن الاستناد إليه حتى لو صدر قانون جديد يطرح هذا الدليل.

أما الاقرار القضائي، فلا يعتبر دليلًا إلا في وقت صدوره عند نظر النزاع ومن ثم لا يتصور إعداده مقدمًا فيسرى عليه القانون الذي تم الإقرار في ظله ولو كان عن واقعة تمت في ظل قانون سابق.

ومثل الإقرار القضائي اليمين التي توجه للخصم، والعبرة بالحلف وليس بالتوجيه، فإذا صدر، قبل الحلف، قانون يمنع اليمين، كان هو الواجب التطبيق رغم أن القانون الذي تمت في ظله الواقعة أو وجهت اليمين كان يجيز الحلف.

ثالثًا : القيد بدفاتر المواليد والوفيات

الولادة والوفاة واقعتان ماديتان حدد المشرع دليل الإثبات في كل منها بالقيد في دفاتر معدة لذلك، فإن كان الإثبات قبل صدور القانون الذي حدد هذا الدليل جائزًا بكافة الطرق، فإن وقائع الميلاد والوفاة التي تمت قبل صدوره تظل قابلة لذلك رغم صدور القانون الجديد وهو القانون رقم 260 لسنة 1960.

رابعًا : القرائن القانونية :

وهي أدلة نص القانون عليها من شأنها نقل عبء الاثبات ممن تشهد له إلى خصمه، فتسرى على الوقائع التي تمت في ظل القانون الذي نص على القرينة، ولا ينال من ذلك صدور قانون جديد يعدل في شروطها أو يغفل النص عليها.

فالقرينة القانونية التي نصت عليها المادة 917 من القانون المدني لا تسرى إلا على التصرفات التي تمت في ظل هذا القانون ذلك لأن القانون القديم لم يرد به نص مماثل للمادة 917. (أولاً: المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/ 340). 

يقصد بالأدلة التي تعد مقدما نوع معين من الإثبات هو "الإثبات أو الدليل المهيأ "أي الدليل المعد أو الواجب الإعداد قبل أي خصومة قضائية، مما يفترض أن إعداده وتهيئته أو وجوب ذلك ينبغي تحققه وقت صدور الفعل أو التصرف الذي يتصدى لإثباته، فهو إذن يصحب هذا الفعل أو التصرف، وهذه الأدلة تشمل الكتابة والقرائن.

تنص المادة على أن تسرى في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده.

فسواء كان الدليل معداً أو لم يعد وكان يجب إعداده، فإنه يخضع لأحكام القانون الذي كان معمولاً به في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده. ذلك أن المشرع افترض أن إعداد الدليل أو وجوب ذلك ينبغي تحققه وقت صدور الفعل أو التصرف الذي يتصدى لإثباته. فهو إذن يصحب هذا الفعل أو التصرف، مما يجيز - في شأن تكوين المركز القانوني تقريب عناصر إثباته من عناصر تكوينه، والقول بأن القانون الذي يتم في ظله تكوين المركز القانوني هو الذي يجب أن يحكم إثباته بالدليل المهيأ.

من الأمثلة على الأدلة التي تعد مقدما أو التي كان يجب إعدادها والتي تخضع للقانون الساري وقت إعدادها أو الوقت الذي كان يجب إعدادها فيه ما يأتي:

1- كانت المادة (400) مدني تنص على أنه في غير المواد التجارية، إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على عشرة جنيهات، أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البينة في إثبات وجوده أو انقضائه، ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك، وبعد صدور قانون الإثبات الجديد رقم 20 لسنة 1998 رفعت المادة 60 منه (معدلة بالقوانين رقم 23 لسنة 1992، لسنة 1999، 76 لسنة 2007) نصاب الإثبات بالكتابة إلى أكثر من ألف جنيه.

فإذا كان التصرف الذي عقد في ظل المادة (400) مدني قيمته خمسة عشر جنيها فإنه يظل واجب الإثبات بالكتابة حتى بعد صدور قانون الإثبات (المعدل).

2- تنص المادة 917 مدني على أنه: "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام توصية ما لم يقم دليل على ما يخالف ذلك.

 فهذه المادة قد استحدثت قرينة قانونية على نية الإيصاء من تصرف الشخص إلى أحد ورثته ولكن مع احتفاظه بحيازة العين المتصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، ومن ثم فهي لا تسري على التصرفات السابقة على نفاذ التقنين المدني الجديد وإلا كان سريانها رجعياً. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/  283 ).

القاعدة العامة : القوانين المتعلقة بالإثبات - وبالتطبيق للقاعدة العامة في تنازع القوانين من حيث الزمان - تسري بأثر فوري من تاريخ نفاذها، ولا يستثنى من ذلك سوى الأثر المستمر للقانون القديم بالنسبة إلى آثار العقود ما لم يكن القانون الجديد متعلقاً بالنظام العام. ومن ثم تسري في إثبات التصرفات القانونية القوانين التي كان معمولاً بها وقت إبرامها، فان كان القانون القديم يستلزم الكتابة في إثبات العقد ثم صدر قانون جديد يبيح إثباته بالبينة خضع إثبات التصرف الذي ابرم في ظل القانون القديم لهذا القانون أما إذا كان القانون الجديد يتعلق بالنظام العام. كما لو إلغي الإثبات عن طريق اليمين لاعتبارات تتعلق بصيانة الأخلاق فإن هذا الإلغاء يسري بأثر فوري على التصرفات التي أبرمت قبل العمل بالقانون الجديد بحيث يمتنع في ظله الاستناد في الاثبات إلى تلك اليمين .

والمقصود بالأدلة التي تعد مقدماً الأدلة التي تعد لإثبات التصرفات القانونية وهي المحررات سواء كانت رسمية أو عرفية ويلحق بها المحررات الأخرى التي تعد الاثبات وقائع مادية كالقيد في سجلات المواليد والوفيات ومحاضر التحقيق أمام الشرطة والنيابة ومحاضر المعاينة وغيرها. والجوهري هو أن يوجب القانون النافذ إثبات التصرف أو الواقعة في محرر يعترف له بقوة في الإثبات ويكون هذا القانون الذي أجرى التصرف أو وقعت الواقعة في ظله هو الواجب الاتباع في شأن إثبات هذه الواقعة أو ذلك التصرف فاذا كان هذا القانون يجيز إثبات التصرف بالبينة أو العكس أو كان لم ينظم إثبات واقعة الميلاد أو الوفاة معولاً في ذلك على الشهرة أو شهادة الشهود ظل هذا القانون يحكم ما أبرم في ظله من تصرفات أو وقع في ظله من وقائع الميلاد أو الوفيات ولو صدر بعد ذلك قانون قضى بغير ما كان يقضي به القانون الملغي في شأن إثبات التصرف أو نظم إثبات وقائع الميلاد والوفاة. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة 311).

النص في المادة التاسعة من القانون المدني على أن تسرى في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي ينبغي فيه إعداده، فمن الثابت أنه إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلاً في تشريع سابق كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية القواعد الموضوعية الآمرة الواردة فيه سواء – بالإلغاء أو بالتغيير إضافة أو حذفاً وهذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فورى على تلك المراكز والوقائع، أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة كما لو استوجبت لتطبيقها توافر شروط خاصة أو إتخاذ إجراءات معينة أو إستلزم طريقاً خاصاً للإثبات فيها لم تكن مقررة من قبل فإن هذا التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه على الدعاوى التي رفعت في ظله أما الدعاوى التي رفعت قبل تاريخ العمل به فإن القانون الساري وقت رفعها هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول، صفحة 80).

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية

(مادة 10)

  1. تسرى في شأن الادلة التى تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذى أُعد فيه الدليل أو في الوقت الذى كان ينبغى في اعداده.
  2. وتسرى في شأن القرائن القانونية النصوص المعمول بها في الوقت الذى تم فيه العمل او الحادث الواجب توافره لقيام القرينة.

الفقرة الأولى من هذه المادة تطابق المادة 9 من التقنين الحالي .

أما الفقرة الثانية فهي فقرة مستحدثة . وقد وردت في المادة ۱۹ من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي ، ولكنها حذفت في لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليها . غير أنه من المفيد إضافة هذه الفقرة لأن وظيفة القرينة القانونية في تخفيف عبء الاثبات على من يتمسك بها وذلك بتغيير محل الاثبات ، حيث ينتقل الاثبات من الواقعة التي يراد إقامة الدليل عليها الى واقعة أخرى أسهل في الاثبات فیكون ثبوت هذه الأخيرة دليلاً على ثبوت الأولى . ومن ثم فان القرينة القانونية لا تختلف في الجوهر عن الأدلة المهيأة التي تناولتها الفقرة الأولى .

وتتفق هذه المادة مع القاعدة الشرعية التي تقضي بأن الشخص انما يكلف طبقاً للخطاب القائم وقت العمل أو التصرف الصادر منه .

التعليقات معطلة.