مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 233
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- تقضي الفقرة الأولى من هذه المادة بوجوب رجوع المحاكم إلى القانون المصري في تكييف الروابط القانونية تمشياً مع الرأي الذي كاد ينعقد عليه الإجماع في الوقت الحاضر، ويراعي من ناحية أن للنص على هذا الحل أهمية خاصة في مصر بسبب توزيع ولاية القضاء بين محاكم مختلفة وينبغي أن يفهم من وجوب رجوع المحاكم المصرية إلى قانونها في مسائل التكييف إلزامها بالرجوع إلى القانون المصري في جملته - بما يتضمن من قواعد تتعلق بالأشخاص أو بالأموال أياً كان مصدر هذه القواعد - دون أن تقتصر على الأحكام التي تختص بتطبيقها وفقاً لتوزيع ولاية القضاء على الوجه الذي تقدمت الإشارة إليه.
2 - ويراعي من ناحية أخرى أن تطبيق القانون المصرى بوصفه قانوناً للقاضي في مسائل التكييف لا يتناول إلا تحديد طبيعة العلاقات في النزاع المطروح لإدخالها في نطاق طائفة ( نوع ) من طوائف النظم القانونية التي تعين لها قواعد الاسناد اختصاصاً تشريعياً معيناً كطائفة النظم الخاصة بشكل التصرفات أو بحالة الأشخاص أو بالمواريث والوصايا أو بمركز الأموال ومتى تم هذا التحديد انتهت مهمة قانون القاضي إذ يتعين القانون الواجب تطبيقه ولا يكون للقاضي إلا أن يعمل أحكام هذا القانون وقد استرشد المشروع في صياغة القاعدة الواردة في الفقرة الأولى بالمادة 6 من تقنين بوستامنتي والمادة 7 من المجموعة الأمريكية الخاصة بتنازع القوانين.
1 ـ لما كان المرجع فى تكييف ما إذا كانت المسأله المعروضة على المحكمة هى من مسائل الأحوال الشخصية أم هى ليست كذلك هو القانون المصرى وفقاً للمادة 10 من القانون المدنى ، وكان يبين من المادة 13 من القانون المدنى والمادة 13 من القانون رقم 147 لسنة 1947 باصدار قانون نظام القضاء أن المنازعات المتعلقة بالنظام المالى بين الزوجين هى من مسائل الأحوال الشخصية ، و كانت المادة 99 من قانون المرافعات إذ أوجبت على النيابة العامة أن تتدخل فى كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً لم تفرق بين حالة وأخرى بل أطلقت النص ، و من ثم لا تكون المحكمة إذ قضت من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الإبتدائى لعدم تدخل النيابة فى هذه المسأله إستناداً إلى المادة 99 مرافعات قد أخطأت فى تطبيق القانون ، كما يكون فى غير محله إستناد الطاعنين إلى القانون السويسرى فى تكييف النظام المالى بين الزوجين تكييفاً يخرج مسألته عن متناول نص المادة 99 المشار إليها . و لا يغير من هذا النظر أن تكون الدعوى رفعت أصلاً بوصفها دعوى مدنية بطلب ملكية حصة معينة وطلب قسمتها متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية من مسائل الأحوال الشخصية تقتضى تدخل النيابة فى الدعوى . أما القول بأن المسألة تركزت فى عيوب الرضا الخاصة بالإتفاق على النظام المالى بين الزوجين من حيث وجود الرضا أو إنعدامه ومن حيث تقادم دعوى الإبطال فى هذا الخصوص أو عدم تقادمها و بأن الحكم شابه قصور إذ أغفل الواقعة الجوهرية التى أثارها الطاعنون وهى أن نظام إتحاد الأموال قد إستبدل به غيره بمقتضى الإتفاق المشار إليه ، كل هذه الإعتراضات لا تخرج المسأله المتنازع عليها من حيزها القانونى الصحيح وهو أن النظام المالى الذى يخضع له الزوجان هو مسأله أولية متعلقة بصميم الأحوال الشخصية .
(الطعن رقم 423 لسنة 21 جلسة 1953/03/26 س 4 ع 1 ص 770 ق 114)
2 ـ الإستناد إلى قانون أجنبى لا يعدو أن يكون مجرد واقعة مادية يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها - و إذ خلت الأوراق مما يدل على أن الطاعن قدم إلى محكمة الموضوع القانون المدنى التشيكى الذى تمسك بأنه القانون الواجب التطبيق عملاً بالمادة 17 من القانون المدنى ، فإن النعى فى هذه الخصوصية يكون غير مقبول .
(الطعن رقم 804 لسنة 44 جلسة 1981/04/07 س 32 ع 1 ص 1078 ق 201)
3 ـ إذا كان الحكم المطعون فيه قد إستند فى قضائه إلى أحكام المحكمة النقض والإستئناف الأثينية وإلى فتوى صادرة من المعهد اليونانى للقانون الدولى كعنصر من عناصر البحث التى أستأنس بها لتعرف الرأى السديد فى تأويل نصوص القانون اليونانى وكان لا يجدى الطاعنين التحدى بالفقرة الثانية من المادة 1807 من القانون المدنى اليونانى ، لأن الثابت من تقريرات الحكم أن الموصية قد تصرفت بمقتضى وصيتها فى جميع تركتها وليس فى جزء منها ، ولما كان القانون الأجنبى لا يعدو أن يكون مجرد واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليه ، وكان الطاعنان لم يبينا النص القانونى الذى يحول بين الزوجة وبين إمكان التصرف فى نصيب زوجها - الموصى له به والذى توفى قبل وفاة الموصية - ضمن الوصية ، فإن النعى على الحكم يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 27 لسنة 37 جلسة 1974/12/04 س 25 ع 1 ص 1329 ق 227)
4 ـ بحث إنطباق القانون الذى طلب المدعى تطبيقه أو عدم إنطباقه هو بحث يجب على المحكمة أن تجريه ولو من تلقاء نفسها فى كل دعوى تطرح عليها تمهيدا لإنزال حكم القانون الصحيح على الواقع الذى ثبت لها . ومنازعة الخصم فى انطباق القانون الذى يطلب المدعى تطبيقه لا تتضمن إنكارا منه لإختصاص المحكمة وإنما لإنطباق القانون المطلوب تطبيقه فحسب وبالتالى فإن فصل المحكمة فى مسألة انطباق القانون أو عدم انطباقه لا يعتبر قضاء منها فى مسألة اختصاص مما يجوز إستئنافه دائما .
(الطعن رقم 62 لسنة 34 جلسة 1967/06/29 س 18 ع 2 ص 1397 ق 211)
5 ـ لما كان المرجع فى تكييف ما إذا كانت المسأله المعروضة على المحكمة هى من مسائل الأحوال الشخصية أم هى ليست كذلك هو القانون المصرى وفقاً للمادة 10 من القانون المدنى ، وكان يبين من المادة 13 من القانون المدنى والمادة 13 من القانون رقم 147 لسنة 1947 باصدار قانون نظام القضاء أن المنازعات المتعلقة بالنظام المالى بين الزوجين هى من مسائل الأحوال الشخصية ، و كانت المادة 99 من قانون المرافعات إذ أوجبت على النيابة العامة أن تتدخل فى كل قضية تتعلق بالأحوال الشخصية وإلا كان الحكم باطلاً لم تفرق بين حالة وأخرى بل أطلقت النص ، و من ثم لا تكون المحكمة إذ قضت من تلقاء نفسها ببطلان الحكم الإبتدائى لعدم تدخل النيابة فى هذه المسأله إستناداً إلى المادة 99 مرافعات قد أخطأت فى تطبيق القانون ، كما يكون فى غير محله إستناد الطاعنين إلى القانون السويسرى فى تكييف النظام المالى بين الزوجين تكييفاً يخرج مسألته عن متناول نص المادة 99 المشار إليها . و لا يغير من هذا النظر أن تكون الدعوى رفعت أصلاً بوصفها دعوى مدنية بطلب ملكية حصة معينة وطلب قسمتها متى كانت قد أثيرت فيها مسألة أولية من مسائل الأحوال الشخصية تقتضى تدخل النيابة فى الدعوى . أما القول بأن المسألة تركزت فى عيوب الرضا الخاصة بالإتفاق على النظام المالى بين الزوجين من حيث وجود الرضا أو إنعدامه ومن حيث تقادم دعوى الإبطال فى هذا الخصوص أو عدم تقادمها و بأن الحكم شابه قصور إذ أغفل الواقعة الجوهرية التى أثارها الطاعنون وهى أن نظام إتحاد الأموال قد إستبدل به غيره بمقتضى الإتفاق المشار إليه ، كل هذه الإعتراضات لا تخرج المسأله المتنازع عليها من حيزها القانونى الصحيح وهو أن النظام المالى الذى يخضع له الزوجان هو مسأله أولية متعلقة بصميم الأحوال الشخصية.
(الطعن رقم 423 لسنة 21 جلسة 1953/03/26 س 4 ع 1 ص 770 ق 114)
6 ـ التمسك بتشريع أجنبى أمام محكمة النقض لايعدو أن يكون مجرد واقعة يجب إقامة الدليل عليها و لا يغنى فى إثباتها تقديم صورة عرفية تحوى أحكام هذا التشريع.
(الطعن رقم 408 لسنة 21 جلسة 1955/07/07 س 6 ع 3 ص 1347 ق 182)
7- على القاضى أن يطبق القانون الأجنبى الذى تشير بتطبيقه قواعد الإسناد ، سواء كان مصدره التشريع أم غيره من المصادر . و إذ كان الحكم المطعون فيه قد طبق أحكام الزواج الظنى على واقعة الدعوى أخذا بما جرت عليه التقاليد و الأحكام القضائية فى ظل القانون البيزنطى بهذا لخصوص و التى تقضى المادة الأولى من قرار 1835/2/23 - الخاص بالقوانين المدنية اليونانية الذى يحكم واقعة الزواج من حيث شروط صحته و الآثار المترتبة على إبطاله - بإتباعها . لما كان ذلك فإن النعى يكون على غير أساس . (الطعن رقم 33 لسنة 37 جلسة 1972/04/12 س 23 ع 2 ص 698 ق 110
تصدرت المادة العاشرة من القانون المدني المواد المتعلقة بتنازع القوانين من حيث المكان، وهي وجود أكثر من قانون واحد يُطلب تطبيقه على النزاع، فأوجبت على القاضي تطبيق القانون المصري دون سواه على مرحلة تكييف العلاقات ذات الصلة بالمنازعة وصولاً إلى إدخال هذه العلاقات وتلك المنازعة ضمن طائفة مما نص عليه المشرع في المواد التالية وهذه الطوائف هي: الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم، والنظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية، والشروط الموضوعية لصحة الزواج، والآثار التي يرتبها عقد الزواج، ومسائل الطلاق والتطليق والانفصال، والالتزام بالنفقة فيما بين الأقارب، والمسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعية لحماية المحجورين والغائبين، والميراث والوصية وشكلها وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت، ومسائل الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى المتعلقة بالعقار أو بالمنقول، والالتزامات التعاقدية، والعقود المبرمة في شأن العقار، وشكل العقود ما بين الأحياء، والالتزامات غير التعاقدية، والالتزامات الناشئة عن الفعل الضار، وقواعد الاختصاص وجميع المسائل الخاصة بالإجراءات، وما يتعلق بعديمي ومزدوجي الجنسية.
فيتعين على القاضي إذن الرجوع إلى القانون المصري لدى تكييفه القانوني اللازم للعلاقات محل المنازعة لإلحاقها ضمن هذه الطوائف المشار إليها، فإذا ما انتهى القاضي إلى أن العلاقة المطروحة مثلاً هي علاقة زواج وأن المنازعة تتعلق بشروط صحة هذا الزواج فإن عليه أن ينتقل إلى قاعدة الإسناد المتعلقة بالشروط الموضوعية لصحة الزواج وهي الواردة في المادة (12 مدني) ليطبق القانون الأجنبي الذي حددته تلك القاعدة وهو هنا قانون كل من الزوجين، أما إن انتهى تكييفه إلى أن المنازعة تتعلق بالآثار التي يرتبها عقد الزواج فإن عليه أن ينتقل إلى قاعدة الإسناد الواردة في المادة (13 مدني) ليطبق القانون الأجنبي المحدد فيها وهو قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج وهكذا. (مركز الراية للدراسات القانونية).
وفيما يلي شرح الفقهاء والخبراء لهذا النص:
يخضع تكييف العلاقة بين الخصوم لأحكام القانون المصري وهو سبيل القاضي للوقوف على قاعدة الإسناد أي القانون الواجب تطبيقه على النزاع، ومتى توصل إلى ذلك، بدأ في تطبيق القانون الأجنبي وحده فيلتزم بالتفسير المستقر في شأنه ويخضع في تطبيقه له لرقابة محكمة النقض.
فيقتصر تطبيق القانون المصري على تحديد قاعدة الإسناد، ومتى توصل القاضي إليها أخذ في تطبيقها، فإن وجدها تحيل بدورها إلى قانون آخر تعين عليه إتباع ما نصت عليه المادة 27 من القانون المدني المصري.
متى توصل القاضي من تكييف الواقعة إلى تحديد القانون الواجب التطبيق تعين عليه تطبيقه كما لو كان يطبق قانونًا مصريًا، ويلتزم بذلك من تلقاء نفسه لما ألزمه به قانونه من وجوب إعمال القواعد الخاصة بتنازع القوانين من حيث المكان، فلا يلزم أن يتمسك الخصوم بذلك، ومفاد ذلك أن يسعى القاضى المصري إلى القانون الذي دلت عليه قاعدة الإسناد لتطبيقه على النزاع فلا يكلف الخصوم بإثباته ولكن استقرت أحكام النقض على اعتبار القانون الأجنبي واقعة مادية يجب على الخصوم إثباته وأن سبب الطعن القائم على سند من القانون الأجنبي يجب التمسك به أمام محكمة الموضوع قبل اثارته أمام محكمة النقض، وإن الدليل على القانون الأجنبي يجب تقديمه إلى محكمة الموضوع حتى يمكن إثارته أمام محكمة النقض ذلك لأن المستندات المؤدية للنزاع يجب عرضها أولًا على محكمة الموضوع حتى لو كانت متعلقة بقانون أجنبي. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/ 345).
متى تعرض مسألة تنازع القوانين ؟
لا تثور مسألة تنازع القوانين إذا كانت العلاقة القانونية وطنية في جميع عناصرها، بأن نشأت في داخل الدولة وبين مواطنين، وما يتصل بموضوعها موجوداً في الدولة أيضاً، فالقانون الوطني هو الواجب التطبيق في هذه الصورة، سواء كان هو القانون المدني أو القانون التجاري أو قوانين الأحوال الشخصية، كبيع تم في مصر بين مصريين بخصوص عقار موجود في مصر، أو كزواج انعقد في مصر بين مصريين .
ولمعرفة كيف يدخل العنصر الأجنبي رابطة من روابط القانون الخاص، نقرر أن الرابطة القانونية تتكون من عناصر ثلاثة هي:
أولاً: سبب منشئ أي مصدر الرابطة أو الواقعة القانونية التي أنشأتها، سواء كان هذا السبب المنشئ تصرفاً قانونياً كالعقد أو الوصية، أو واقعة مادية كعمل ضار، أو نصاً في القانون. ويتعين هذا السبب المنشئ بالزمان والمكان، أي أن له زماناً يتم فيه ومكاناً يقع به، ولهذا التعيين أهمية في تحديد القانون الذي يحكم الرابطة القانونية.
ثانياً: أشخاص العلاقة القانونية أي أطرافها، فهناك مثلاً البائع والمشتري، والمقرض والمقترض، والزوج والزوجة، والمتسبب في الضرر والشخص المضرور، وهكذا.
ثالثاً: موضوع الرابطة القانونية، وهو متنوع مختلف بحسب الغايات المقصودة، فقد يكون التزاماً بعمل أو بامتناع، وقد يكون نقل حق عيني فإذا كانت العلاقة أجنبية في أحد عناصرها، بأن كان سببها المنشئ قد وقع في الخارج، أو كان أحد طرفيها أجنبياً، أو كان الشيء محل الرابطة في الخارج، فيقال عندئذ أن عنصراً أجنبياً قد دخل في رابطة، ومثالها، تعاقد مصريين مقيمين في فرنسا على عقار موجود في مصر، فهنا دخل العنصر الأجنبي على سبب الرابطة، إذ أن التعاقد قد وقع في مكان أجنبي.
أو أن يتعاقد مصريان في مصر على عقار أو منقولات موجودة في الخارج فهنا دخل العنصر الأجنبي بسبب وجود الموضوع خارج الدولة.
أو يزوج مصرى بأجنبية في مصر، وهنا دخل العنصر الأجنبي على طرف في الرابطة القانونية.
وأخيراً قد يدخل التأثير الأجنبي كل عناصر الرابطة، كأن يتعاقد مصری مع أمريكي في فرنسا على عقار موجود في إيطاليا، ويقوم نزاع بينهما.
وأهم ما تثيره الروابط ذات العنصر الأجنبي مسألتان: معرفة القانون الذي يحكم الرابطة هل هو القانون الوطني أو قانون أجنبي معين، ومعرفة ما إذا كان القاضي مختصاً أو غير مختص.
وتحديد الوصف القانوني لمسائل تنازع القوانين أمر من الأهمية بمكان لأنه بغير ذلك لا يمكن تطبيق القواعد المتعلقة بها.
إذا خلص القاضي من تكييفه للعلاقة القانونية المعروضة عليه، ورأى أن القانون الأجنبي هو واجب التطبيق، تعين عليه تطبيقه دون أن يتمسك الخصوم بذلك.
فالقانون الأجنبي واقعة مادية، يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها. ولا يغني في إثباته تقديم صورة عرفية تحوي أحكام التشريع.
وإنما يمكن إثباته بتقديم صورة رسمية من القانون الأجنبي ويكفي اعتمادها من القنصلية الأجنبية، أو صورة رسمية للأحكام القضائية الأجنبية متى كانت معتمدة أو كتب الفقه وتخضع كافة الأدلة لتقدير قاضي الموضوع.
وللقاضي أن يبحث من تلقاء نفسه عن القانون الأجنبي لتطبيقه وله في سبيل ذلك الاستعانة بوزارة الخارجية وعموما يجوز إثبات القانون الأجنبي بكافة الطرق عدا اليمين والإقرار.
يلتزم القاضي بتفسير القانون الأجنبي، مهتديا في ذلك بالتفسير الذي استقر عليه الرأي في البلد الأجنبي. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 288).
اختلف الرأي حول تعريف التكييف تبعاً للاختلاف حول ما إذا كان ينصب على وقائع النزاع أم على القاعدة القانونية، إلا أنه يمكن القول بأن المقصود بالتكييف في نطاق القانون الدولي الخاص هو تحديد طبيعة المسألة محل النزاع وردها الى نطاق طائفة من المسائل القانونية التي خصها المشرع بقاعدة إسناد، وإذا كان المشرع المصرى قد أخضع التكييف لقانون القاضي فإن المقصود بالتكييف في هذا الصدد هو التكييف الأولى أو السابق وهو التكييف اللازم لاعمال قاعدة الاستاد دون التكييف القانوني أو اللاحق اي التكييف الذي قد يعرض بمناسبة تطبيق القانون المختص وفقاً لقاعدة الإسناد إذ يخضع هذا التكييف القانون الذي يحكم الواقعة . فالقاضى يرجع إلى قانونه في تكييف الرابطة القانونية المطروحة عليه فإن انتهى إلى أنها رابطة عقدية واسندها وفقا لقاعدة الاسناد الوطنية الى قانون اجنبی وجب الرجوع إلى هذا القانون الأخير لتكييف وصف العقد محل الرابطة موضوع النزاع لبيان إن كان عقد بيع أو صلح او غيره فهذا التكييف الأخير هو ما يعرف بالتكييف اللاحق أو القانوني . ومن جهة أخرى فإن المقصود بقانون القاضي الذي يرجع اليه في التكييف الأولى أو السابق هو القانون المصري في جملته أياً كان مصدر القواعد القانونية فإذا تضمنت النصوص التشريعية تكييفاً للمسألة المطروحة ألتزم القاضي بهذا التكييف وإذا لم يتضمن كان عليه أن يلجأ في التكييف إلى المبادىء العامة السائدة وعلى القاضي أن يستأنس بالقانون الأجنبي الذي يتمسك الخصوم بتطبيقه ليكشف عن المعالم الأساسية للعلاقة المطروحة حتى إذا ما تحددت هذه المعالم أمكن ردها إلى طائفة من المسائل القانونية التي خصها المشرع المصرى بقاعدة إسناد.
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
(مادة11)
يرجع الى القانون المصرى في التكييف اللازم لتطبيق قواعد تنازع القوانين بما في ذلك وصف العقار والمنقول
يقابل هذا النص المادة 10 من التقنين الحالي ، وهي تجري على النحو الأتي :: القانون المصري هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها .
وكانت هذه المادة في المشروع التمهيدي للتقنين الحالي تنص على ما يأتي :
و في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ أضيفت إلى الفقرة الأولى عبارة "لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها" ، لتعيين الحدود التي يقف عندها اختصاص قانون القاضي في التكييف ، وحذفت الفترة الثانية لانها تتناول مسالة تفصيلية يحسن أن تترك للاجتهاد .
وهذا النص يبقى على قاعدة خضوع التكييف اللازم لاعمال قواعد الاسناد لقانون القاضي ، وهي القاعدة المسلمة تشريعاً وقضاءً في مختلف البلاد ولدى جمهور الفقه . غير أنه على خلاف نصي التقنين الحالي ، يطلق تلك القاعدة في خضوع التكييف للقانون المصرى بحيث يتناول حكمها وصف العقار والمنقول بدل اخضاع هذا الوصف لقانون موقع المال ، وذلك لحسم الخلاف القائم في الفقه في هذا الشأن ومراعاة لما لهذا الوصف من أثر في تعيين قاعدة الاسناد الواجبة التطبيق.
كذلك أسقط من هذا النص عبارة تكييف العلاقات الواردة في نص التقنين الحالي ، لأن التكييف كما ينصب على علاقة ، قد ينصب على واقعة أو قاعدة قانونية او مال والمادة المقترحة بالتعديل الذي تضمنته يتفق مع الأصل المقرر فی الشريعة الاسلامية من أنها المرجع في تحديد الوصف الشرعي لما يعرض له القاضي.
نطاق تطبيق القانون من حيث المكان
تأتي تحت هذا العنوان المواد المتعلقة بتنازع القوانين من حيث المكان :
وجدير بالذكر أن هذه المواد تقنن عرفاً دولياً جرى عليه العمل في مصر ، وهو عرف شرعی بمعنى أنه لا يخالف حكماً قطعياً في الشريعة و تقتضيه المصلحة العامة . ويقطع في ذلك ما نص عليه المادة 35 من المشروع من أنه لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي اذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو الآداب . ومعلوم أنه طبقا للمادة 3 من المشروع تعتبر من النظام العام أحكام الشريعة الاسلامية القطعية .
وفي ضوء هذين الأصلين الشرعيين ، وهو العرف والمصلحة ، يتضع السند الشرعي لتطبيق أحكام هذه المواد ، حيث أن لولي الأمر أن يختار من بين الأحكام الاجتهادية ما يراه محققاً للمصلحة .