مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 254
مذكرة المشروع التمهيدي :
تقرر المادة 29 حكم الاختصاص التشريعي بالنسبة إلى علاقات الزوجين، بما في ذلك الانفصال والطلاق وما يترتب على هذه العلاقات من أثر بالنسبة إلى المال فتخضع كل أولئك لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج و هذا هو حكم الفقرة الثالثة من المادة 29 من لائحة التنظيم القضائي المحاكم المختلطة و هو يتفق مع كثير من أحكام التشريعات الحديثة في هذا الشأن (انظر المادتين 8 و 9 من التقنين الإيطالي الجديد والمواد 14 و 15 و 16 من القانون البولوني الصادر في سنة 1926 وقارن المادة 16 من قانون إصدار التقنين الألماني) . على أن ولاية القانون الشخصي للزوج فيما يتعلق بنظام الأموال بين الزوجين (وهو نظام لا تعرفه الشريعة الإسلامية ولا الطوائف غير الإسلامية المصرية) لا تخل باختصاص القانون المصرى بوصفه قانوناً لموقع الأموال وهذا ما عنته الفقرة الأخيرة من المادة 29 من لائحة التنظيم القضائي للحاكم المختلطة في نصها على أن قواعد هذه المادة لا تخل بالأحكام المتعلقة بنظام الملكية العقارية في القطر المصرى ، ويتفرع على هذا التحفظ أنه لا يجوز الحكم في مصر باعتبار البائنة مالاً غير قابل للتصرف فيه وفقاً للقانون الشخصي للزوج لأن هذه الناحية مسألة تتعلق بنظام الأموال ولا يرجع فيها إلا لقانون موقع المال ( وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بغير ذلك في أحكام قليلة منها 22 يونيه 1914 ب 26 ص 179 ثم عدلت عن قضائها هذا في أحكامها الأخيرة .
1ـ نص القانون المدنى فى المادة 13 منه على أن " يسرى قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت إنعقاد الزواج على الأثار التى يرتبها عقد الزواج .. " إلا أنه استثنى من ذلك حالة ما إذا كان أحد الزوجين مصرياً وقت إنعقاد الزواج فنص فى المادة 14 منه على سريان القانون المصرى وحده فى هذه الحالة فيما عدا شرط الأهلية للزواج مما مفاده أن الحضانة باعتبارها من الأثار المترتبة على الزواج يسرى عليها القانون المصرى وحده إذا كان أحد الزوجين مصرياً وقت انعقاده.
( الطعن رقم 75 لسنة 53 ق - جلسة 1985/03/19 - س 36 ع 1 ص 422 ق 91 )
2ـ يبين من نصوص المواد 13 و 26 و 27 من القانون المدنى أن طلب التطليق يطبق عليه قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج بجنسيته وأنه إذا كان الزوج ينتمى وقت رفع الدعوى بالتطليق إلى جنسية دولة أجنبية تتعدد فيها الشرائع تعين أن تكون الشريعة التى تطبق أحكامها هى إحدى الشرائع المشار إليها دون القانون المصرى الذى يمتنع تطبيقه فى هذه الحالة . فإذا كان الثابت أن الزوج مالطى الأصل بريطانى الجنسية ولم يكن له موطن فى مالطة أو فى غيرها من بلاد المملكة المتحدة أو المستعمرات وكان موطنه هو القطر المصرى فإن القانون الواجب التطبيق فى طلب التطليق يكون هو القانون الانجليزى بإعتبار أنه قانون عاصمة الدولة التى ينتمى إليها الزوج بجنسيته .
( الطعن رقم 11 لسنة 25 ق - جلسة 1958/05/01 - س 9 ع 1 ص 425 ق 48 )
3 ـ النص فى المادة 13 من القانون المدنى على أن "يسرى قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار التى يرتبها عقد الزواج بما فى ذلك من أثر بالنسبة إلى المال ، أما الطلاق فيسرى عليه قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت الطلاق ، ويسرى على التطليق والانفصال قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج وقت رفع الدعوى "، وفى المادة 14 على أنه" في الأحوال المنصوص عليها فى المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين مصرياً وقت إنعقاد الزواج ، يسرى القانون المصرى وحده ، فيما عدا شروط الأهلية للزواج "مفادة أنه متى كان الزوج مصرياً وقت رفع الدعوى خضع التطليق والانفصال للقانون المصرى ، وكان من المقرر أن نص المادة 14 المشار إليها نص آمر متعلق بالنظام العام ، وكان عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقا مستقراً لا يتأثر بما قد يطرأ بعد إبرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر فى هذا الخصوص . وكان البين من الأوراق أن الطاعنة والمطعون ضده من المصريين يتمتعان بالجنسية المصرية رغم حصولهما على الجنسية الأمريكية فإنه يتعين تطبيق أحكام القانون المصرى على وقائع النزاع ولو عرض الأمر على محكمة أجنبية بحكم الاختصاص الدولى للمحاكم وإذا ماصدر حكم يخالف ذلك فإنه يمتنع على القاضى المصرى الأمر بتنفيذ لما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا سبيل لاهدار الأحكام بدعوى بطلان أصلية لمساس ذلك بحجيتها إلا إذا تجردت هذه الأحكام من أركانها الأساسية ، وإنه ولئن كان قانون الدولة التى يراد التمسك فيها بالحكم هو القانون الواجب التطبيق لتحديد ماهية الحكم وبيان ما يعتبر حكماً يصدر الأمر بتنفيذه إلا أنه بالنسبة لبنيان الحكم فى مفهوم أحكام القانون الدولى الخاص فإن قانون القاضى الذى أصدره يكون هو وحده الذى يحدد بنيانه مما يجعله مستوفياً الشكل الصحيح ، وإن خالف هذا البنيان ما هو متواضع عليه فى مصر وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الصادر من محكمة كاليفورنيا العليا بمقاطعة لوس أنجليوس الأمريكية فى الدعوى رقم 172 - 808 بتاريخ 1986/12/9 - هو حكم أجنبى فإن قانون القاضى الذى أصدره يكون وحده الذى يحدد بنيانه حتى ولو خالف هذا البنيان ما هو متعارف عليه فى مصر وذلك أخذاً بمفهوم أحكام القانون الدولى ولاسبيل لإهداره بدعوى بطلانه طالما أنه صدر من جهة ذات ولاية بإصداره بحسب قانونها وبحسب قواعد القانون الدولى الخاص ذلك لأنه ليس له أثر إيجابى إلا إذا منح الصيغة التنفيذية وفقا لأوضاع والشروط التى حددها المشرع فى المواد 296 , 297 , 298 من قانون المرافعات فإن تخلفت تلك الشروط التى حددها المشرع لتنفيذ الحكم الأجنبى أو الأمر الأجنبى فإن ولاية القاضى المصرى تقتصر على رفض تذييل الحكم أو الأمر الأجنبى بالصيغة التنفيذية ولا يمتد عمل القاضى إلى الحكم بالبطلان إذ القول بغير ذلك مؤداه ولاية القاضى المصرى على أحكام المحاكم الأجنبية وهو ما لا يجوز .
( الطعن رقم 62 لسنة 61 ق - جلسة 1993/05/25 - س 44 ع 2 ص 528 ق 223)
4ـ المنازعات المتعلقة بالنظام المالى بين الزوجين هى من مسائل الأحوال الشخصية ومن ثم فكل ما اتصل بهذا النظام من قواعد خاصة بتقرير حقوق للزوجين ومدى هذه الحقوق وماهيتها والمواعيد الخاصة ببقائها أو سقوطها يخضع لقواعد الإسناد الواردة بالمادة 13 من القانون المدنى . وما تثيره الزوجة من نزاع حول العقد الذى اختار بموجبه الزوجان نظام فصل الأموال من حيث وجود الرضا أو انعدامه وتقادم دعوى الإبطال أو عدم تقادمها لا يخرج المنازعة عن نطاق النظام المالى الذى يخضع له الزوجان باعتبارها من صميم مسائل الأحوال الشخصية .
( الطعن رقم 45 لسنة 29 ق - جلسة 1963/06/26 - س 14 ص 913 ق 129)
5ـ السبب ركن من أركان العقد فينظر فى توفره وعدم توفره إلى وقت انعقاد العقد فإن انعقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه لا يمكن أن يقال بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده . فإذا كانت الخطبة هى السبب فى هذا النوع من الهبات الشبكة وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدى إلى انعدام هذا السبب بعد أن تحقق .
( الطعن رقم 302 لسنة 28 ق - جلسة 1963/10/24 - س 14 ع 3 ص 967 ق 135 )
6 ـ الهدايا التى يقدمها أحد الخاطبين للآخر أبان الخطبة ومنها الشبكة ، تعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل الهبات فيسرى عليها ما يسرى على الهبة من أحكام فى القانون المدنى ، ولما كان السبب ركناً من أركان العقد وينظر فى توفره أو عدم توفره إلى وقت إنعقاد العقد وكان العقد قد إنعقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه يمكن القول بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده ، ومن ثم فإذا كانت الخطبة هى السبب فى هذا النوع من الهبات وذلك بإعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدى إلى إنعدام هذا السبب بعد أن تحقق وتظل الهبة صحيحة قائمة رغم العدول عن الزواج .
( الطعن رقم 62 لسنة 39 ق - جلسة 1974/05/26 - س 25 ع 1 ص 948 ق 156 )
7 ـ متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أشار بصدد بيان الضرر المطالب بالتعويض عنه إلى ما تكبدته المدعيه قبل العدول عن خطبتها من نفقات ومصاريف تجهيز ، دون أن يعنى بإيضاح نوع تلك النفقات ومقدارها والدليل على ثبوتها أو بتقصى الضرر الذى أصابها فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور مما يستوجب نقضه .
( الطعن رقم 174 لسنة 27 ق - جلسة 1962/11/15 - س 13 ع 2 ص 1038 ق 160 )
8 ـ يتعين للحكم بالتعويض بسبب العدول عن الخطبة أن تتوافر شرائط المسئولية التقصيرية بأن يكون هذا العدول قد لازمته أفعال خاطئة فى ذاتها ومستقلة عنه استقلالاً تاماً ومنسوبه لأحد الطرفين وأن ينتج عنه ضرر مادي أو أدبي للطرف الآخر . فإذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالتعويض للمطعون عليها عن فسخ الخطبة على ما ورد فيه من أن الطاعن أقدم على فسخ الخطبة لغير ما سبب سوى طمعه فى مال والد خطيبته لرفضه أن يخص ابنته بنصيبها فى ماله حال حياته، واعتبرت المحكمة عدول الطاعن لهذا السبب عدولاً طائشاً ليس له مسوغ يقتضيه ورتبت عليه الحكم للمطعون عليها بالتعويض ، وكان سبب العدول على هذا النحو لاصقاً بالعدول ذاته ومجرداً عن أي فعل خاطئ مستقل عنه ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى القانون إذ قضى للمطعون عليها بالتعويض .
( الطعن رقم 438 لسنة 25 ق - جلسة 1960/04/28 - س 11 ع 2 ص359 ق 55 )
9ـ اذا كان النزاع المطروح دائرا بين زوج إيطالى وزوجة مصرية فتحكمه المادة 14 من القانون المدنى ويكون القانون المصرى هو الواجب التطبيق ، فإذا كان الزوج يهودى الديانة وكانت الزوجة مسيحية كاثوليكية فإن القانون المصرى الواجب التطبيق هو القانون الذى كانت تطبقه المحاكم الشرعية صاحبة الإختصاص العام فى مسائل الأحوال الشخصية . وهذا القانون هو ما بينته المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التى نصت على أنه " تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد " ، ولما كانت المادة 99 من اللائحة قد نصت فى فقرتها الأخيرة على حكم من الأحكام الواجبة التطبيق يقضى بأن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق ، وكان الثابت فى الدعوى أن الزوجة مسيحية كاثوليكية لا تدين بوقوع الطلاق فإن دعوى طلاق زوجها إياها تكون غير مسموعة ولا يترتب على الطلاق آثاره ، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك وذهب إلى أن المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية غير منطبقة قد خالف القانون بما يستوجب نقضه .
( الطعن رقم 17 لسنة 28 ق - جلسة 1960/11/17 - س 11 ع 3 ص 583 ق 91 )
10 ـ الإجماع أخذاً بروح الإنجيل وفكرة الجسد الواحد وعفة الزواج المسيحى على أن الوحدة فى الزواج تعتبر من المبادئ التى تمسكت بها المسيحية من مستهل بزوغها ، ومن خصائص الزواج المسيحى أنه علاقة فردية لا يمكن أن تنشأ إلا بين رجل واحد وإمرأة واحدة فلا يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من أمرأة واحدة فى نفس الوقت ، ولا يجوز للمرأة أن تجمع أكثر من زوج فى وقت واحد ، وحظر تعدد الزوجات وتعدد الأزواج على سواء يعد من المبادئ التى سادت المسيحية طوال العشرين قرناً الماضية ولم تكن إطلاقاً موضع خلاف على الرغم من إنقسام الكنيسة إلى شرقية وغربية وإلى أرثوذكسية وكاثوليكية وبروتستانتية ، حتى أصبحت شريعة الزوجة الواحدة لها سمة وعليها علماً ، مما مؤداه أن هذا المبدأ - وإن لم يرق إلى مرتبة النظام العام على ما سبق بيانه - يعتبر من القواعد الأصيلة فى المسيحية على إختلاف مللها ونحلها وطوائفها ومذاهبها المتعلقة بصميم العقيدة الدينية والواجبة الإحترام والخليقة بالإنصياع فيما بين المسيحيين ، بحيث أنه فى نطاق التعدد المعاصر للزيجات - بخلاف الزيجات المتعاقبة - يعتبر الزواج الثانى المعقود حال قيام الزوجية الأولى باطلاً ولو رضى به الزوجان ويكون لهما و لكل ذلك شأن حق الطعن فيه .
( الطعن رقم 16 لسنة 48 ق - جلسة 1979/01/17 - س 30 ع 1 ص 276 ق 60 )
تنص المادة الثانية من التقنين المدني على أنه:
"لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء، أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع."
يظل النص التشريعي قائماً ونافذاً وملزماً ما لم يتقرر إلغاؤه بنص تشريعي يصدر عن السلطة المختصة بالتشريع أو من سلطة تشريعية أعلى منها في سلم التدرج التشريعي أو من المحكمة الدستورية العليا لدى نظرها للطعن في عدم دستورية هذا النص، وتلك هي القاعدة التي لا محيد عنها، مهما طال الزمان على وجود النص التشريعي ومهما قلت أو انعدمت فرص تطبيقه لأي سبب، ليس هذا فحسب بل إن النص التشريعي الجديد يجب أن يكون صريحاً في إلغائه لهذا النص أو أن يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع السابق فيُعمل به باعتباره ناسخاً للنص القديم، أو أن ينظم التشريع الجديد الموضوع الذي تضمنه النص السابق على النحو الذي يبتغيه المشرع وهاتين الحالتين الأخيرتين هما الإلغاء الضمني. (مركز الراية للدراسات القانونية)
وفيما يلي أقوال الفقهاء والخبراء في شرح هذا النص:
وإلغاء التشريع أو نسخه هو وقف العمل به نهائياً أو تجريده من القوة الملزمة له بالنسبة الى المستقبل، سواء أكان ذلك للاستغناء عنه نهائيا أم كان لاستبدال غيره به ولا يلغي التشريع إلا بتشريع لاحق مماثل له أو أقوى منه والقاعدة أن السلطة التي سنت التشريع هي التي تملك إلغاءه .
والتشريع الأساسي لا تملك إلغاء شيء منه الا الهيئة التي نص عليها الدستور وطبقاً للإجراءات التي قررها، والتشريع الرئيسي أو العادي تلغيه السلطة التشريعية العادية بتشريع رئيسي أو عادي مثله، واللوائح والقرارات تلغيها السلطة التي وضعتها بلوائح وقرارات مثلها، وقد تقدم أنه يترتب على تدرج التشريع أن التشريع الأدني يتقيد بالأعلى والعكس غير صحيح ، وكذلك يترتب عليه أن التشريع الأعلى يملك الغاء الأدنى، والعكس غير صحيح أيضاً ، فاللوائح والقرارات مثلاً لا تلغي التشريع الرئيسي ولكن التشريع الرئيسي يلغيها.
والإلغاء إما أن يكون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً:
والإلغاء الصريح يتم غالباً بصدور تشريع جديد يتضمن نصاً خاصاً يقضى بإلغاء تشريع سابق كالنص الذي ورد في المادة الأولى من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدني الحالي حيث قضى صراحة بإلغاء القانون المدني المعمول به أمام المحاكم الوطنية والصادر في 28 أكتوبر 1883 والقانون المدني المعمول به أمام المحاكم المختلطة والصادر في 28 یونیه 1875 والاستعاضة عنهما بالقانون المدني الحالى وكذلك نص المادة الأولى من القانون رقم 13 لسنة 1968 بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية حيث قضت صراحة بإلغاء قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 عدا الباب السابع من الكتاب الأول الخاص بإجراءات الإثبات والفصل الثاني من الباب الثاني عشر من الكتاب الأول الخاص بالمعارضة والمواد من 868 الي 1022 من الكتاب الرابع الخاص بالإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية، كما قضت تلك المادة بإلغاء الباب الأول من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ويعتبر إلغاءً صريحاً توقيت التشريع بزمن معين من وقت صدوره، فينتهي العمل به بمجرد انقضاء الزمن المعين فيه، كالقوانين التي تصدر في أثناء الحرب مثلاً وينص فيها على أن يعمل بها مدة قيام الحرب فقط، وكالأوامر العسكرية التي تستند إلى قانون الأحكام العرفية شأنها تلغي تبعاً لإلغاء الأحكام العرفية والأمر كذلك أيضاً في رأينا بالنسبة إلى القانون رقم 76 لسنة 1969 المعدل بالقانون رقم 48 لسنة 1970 بإيقاف إجراءات التنفيذ أو الإجراءات المترتبة على التنازل عن عقود الإيجار والتأجير من الباطن للمهجرين من محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء حتى إزالة آثار العدوان.
والإلغاء الضمني يكون بصدور تشريع جديد يتضمن حكماً يتضارب مع حكم تشريع سابق . فيعتبر الحكم الجديد ناسخاً ضمناً للحكم القديم، لاستحالة إعمال الحكمين المتضاربين في وقت واحد، وتغليها الإرادة المشرع الحديثة على إرادته السابقة .
وقد كانت المادة 4 من لائحة ترتيب المحاكم الوطنية التي ألغاها قانون نظام القضاء تقضي بأن «لا يحلل نص من القوانين والأوامر إلا بنص قانون أو أمر جديد يتقرر به بطلان الأول، فكان نصها مقصوراً على الإلغاء الصريح دون الإلغاء الضمني غير أن الفقه والقضاء سلما بالإلغاء الضمني باعتباره نتيجة لازمة لوقوع التضارب بين القوانين الجديدة والقوانين السابقة ولضرورة تطبيق أحد النصين المتضاربين دون الآخر، وعلى المشرع بالنص على ذلك في التقنين المدني الحالي : فقضى في المادة الثانية منه بأنه لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع .
ويبين من ذلك أن الإلغاء الضمني له صورتان :
1- الأولى أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع السابق وفي هذه الحالة يقتصر إلغاء التشريع السابق إلغاء ضمنياً على القدر اللازم لرفع التضارب بينه وبين التشريع الجديد، وفيما عدا هذا القدر يستمر العمل بالتشريع السابق مع العمل بالتشريع الجديد.
ومثل ذلك في التقنين المدني الحالي أن المادة 172 منه تنص على تقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع . فلما صدر دستور 1971 نصت المادة 57 منه على عدم سقوط الدعوى الجنائية والمدنية الناشئة عن جريمة الاعتداء على الحرية الشخصية بالتقادم وقد أصبح هذا النص الأخير متعارضاً مع نص المادة 172 من القانون المدني، ومن ثم اعتبر حكم هذه المادة الأخيرة ملغى ضمناً بالنسبة لدعوى التعويض الناشئة عن الجريمة المشار إليها، وذلك بقوة نفاذ الدستور ودون حاجة الى تدخل من المشرع .
ويقع الإلغاء الضمني في هذه الصورة بمجرد حصول التضارب بين التشريع الجديد والتشريع القديم، وقد يتضمن التشريع الجديد نصاً على إلغاء كل نص سابق يخالف أحكامه، ويعتبر هذا النص في التشريع الجديد مقرراً فقط للأمر الواقع .
ومحل الإلغاء الضمنى أن يكون التشريع الجديد متضمناً حكماً عاماً يناقض حكماً عاماً سابقاً، أو حكماً خاصاً يناقض حكماً خاصاً سابقاً ، ففي هاتين الحالتين ينسخ الجديد القديم، وإذا كان الجديد حكماً خاصاً يناقض حكماً عاماً سابقاً، يعتبر الجديد ناسخاً للقديم بالنسبة إلى الحالة الخاصة التي نص عليها فقط، ويستمر العمل بالقديم فيما عدا هذه الحالة.
و أما إذا كان الجديد حكماً عاماً والقديم حكماً خاصاً، فيعمل بالجديد على أنه القاعدة العامة ويبقى العمل بالقديم على حاله ولكنه يعتبر استثناء لأن النص العام لا يمكن أن يلغى النص الخاص السابق إلغاء ضمنياً ولابد له في إلغائه من النص على ذلك صراحةً، ومثل الحالة الأخيرة نص المادة 204 من التقنين المدني الحالى الصادر بعد قانون سنة 1946 الخاص بالشهر العقارى فقد نصت هذه المادة على أن « الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عینی آخر ينقل من تلقاء نفسه هذا الحق، إذا كان محل الالتزام شیئاً معيناً بالذات يملكه الملتزم، وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل» إذ يعتبر حكمها حكماً عاماً شاملاً العقار والمنقول ومتعارضاً مع الحكم الخاص الوارد في قانون الشهر العقاري والذي يعلق انتقال الحقوق العينية المتعلقة بالعقارات فقط على تسجيل العقود المنشئة لهذه الحقوق، فلا ينسخ هذا الحكم العام الحكم الخاص السابق وروده في قانون الشهر العقاري، وكان المشرع في غنى عن النص على ذلك ولكنه آثر أن ينبه إليه بالتحفظ الذي أورده في نهاية المادة 204 بقوله :وذلك دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالتسجيل.
2 - والصورة الثانية للإلغاء الضمني أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق؛ وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوصه ونصوص التشريع الجديد، وذلك دون حاجة إلى النص في التشريع الجديد على هذا النسخ.
ويشترط في ذلك أن يتعلق التعارض بين التشريع السابق والتشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق، وإلا فلا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض تعارضاً مطلقاً مع نصوص التشريع الجديد.
ومن أمثلة ذلك تنظيم الشهر العقارى بقانون سنة 1946 فإنه يعتبر ناسخاً قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 ونصوص التقنين المدني القديم المتعلقة بقيد الحقوق العينية ولو لم يكن قد نص فيه صراحة على إلغائها، وكذلك قانون المحاكم الحسابية الصادر في سنة 1947 بالنسبة إلى قانون المجالس الحسبية الصادر في سنة 1925، وقانون نظام القضاء الصادر في سنة 1949 بالنسبة إلى لائحة ترتيب المحاكم الأهلية الصادرة في سنة 1883 والی قانون المحاكم الحسبية الصادر في سنة 1946 فان هذه القوانين الجديدة كان صدورها كافياً لإلغاء القوانين السابقة إلغاء ضمنياً لو أنه لم ينص فيها على الإلغاء الصريح .
واذا ألغي التشريع الجديد صراحة أو ضمناً مبدأ أو نظاماً قانونياً معيناً فان النصوص التي تشمل في أحكامها وجود هذا النظام تصبح ملغاة إلغاء ضمنياً.
ومثل ذلك قانون سنة 1816 الذي ألغى الطلاق في فرنسا قد ترتب عليه إلغاء جميع نصوص قانون نابليون التي كانت تنظم أحكام الطلاق، وقد ظلت هذه النصوص ملغاة حتى بعد صدور قانون سنة 1884 الذي أعاد الطلاق واقتضى الأمر وضع أحكام جديدة للطلاق.
ومن هذا القبيل في مصر الأمر العالي الصادر في 3 سبتمبر 1896 بإزالة التفرقة بين الأطيان الخراجية والأطيان العشورية واعتبار جميع الأطيان عشورية ، فقد ترتب على صدوره نسخ المادة 553 مدني قديم التي كانت تنظم رهن الغاروقة للأطيان الخراجية.
ومع ذلك فإن إلغاء نظام قانوني معين ليستبدل به نظام قانوني جديد وأن ترتب عليه نسخ القواعد القديمة حتى تلك التي تتعارض مع النظام القانوني الجديد إلا أن ما صدر من لوائح الإدارة العامة تنفيذاً للقانون القديم وبالنسبة للنصوص الواردة فيها التي تتوافق مع القانون الجديد فإنها تبقى نافذة المفعول إلى ما بعد صدور القانون الجديد ما لم ينص صراحة على إلغاء مثل هذه اللوائح.
ويسري التشريع من وقت اصداره أو بعبارة أدق بمجرد نشره في الجريدة الرسمية في الأحوال العادية . ويستمر العمل به إلى وقت إلغائه أي إلى تاريخ نشر التشريع التالي له الذي يتضمن إلغاءه صراحة أو ضمناً.
فاليوم الذي يصبح فيه التشريع الجديد واجب التطبيق هو الحد الفاصل بين مدة سريان التشريع القديم ومدة سريان التشريع الجديد، فتنتهى به الأولى وتبدأ الثانية فلا يسري التشريع القديم على ما يقع بعده ولا التشريع الجديد يسري على ما سبقه.
فإذا كان التشريع القديم مثلاً يرتب انتقال الملكية بالبيع على مجرد العقد ( المادة 45 من التقنين المدني القديم ) ثم صدر تشريع جديد يجعل البيع لا ينقل ملكية العقار المبيع الا بتسجيل العقد ( المادة الأولى من القانون رقم 18 لسنة 1923)، البيوع التي انعقدت قبل صدور التشريع الجديد يسري عليها التشريع القديم دون الجديد، فتنتقل بها الملكية دون حاجة الى تسجيلها، ويستمر انتقال الملكية معتبراً حتى بعد صدور التشريع الجديد أما العقود التي تبرم بعد صدور التشريع الجديد، فيسري عليها هذا التشريع دون القديم، ولا تنتقل بها الملكية إلا بعد تسجيلها. فالقاعدة إذن في تحديد سريان التشريع من حيث الزمن هي أن التشريع الجديد يسري على الوقائع التي تحدث فيما بين بدء العمل به وتاريخ الغائه وأنه يسري في الحال وفي المستقبل القريب الذي ينتهي بإلغائه، ولا يسري في الماضي ولا في المستقبل البعيد الذي يبدأ بهذا الإلغاء. وتسمى هذه القاعدة قاعدة عدم سريان القوانين على الماضي أو مبدأ عدم رجعية التشريع. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الاول الصفحة/ 224 ).
إلغاء النص التشريعي قد يكون صريحاً وقد يستفاد ضمناً بصدور تشريع جديد يتضمن نصاً يتعارض مع تشريع قائم تعارضاً يستحيل معه إعمالهما معًا، وإما بصدور تشريع جديد يتناول بالتنظيم ذات المسائل التي كان ينظمها قانون أخر, ونتناول هذه الفروض مع كافة الآثار التى قد تترتب على الإلغاء.
الإلغاء الصريح والإلغاء الضمني :
يكون إلغاء النص التشريعي صريحًا عندما يتضمن التشريع الجديد نصًا يقضي بإلغاء القانون السابق رقم .. لسنة ... أو بإلغاء أحد أبوابه أو بعض نصوصه.
مثال ذلك ما نصت عليه المادة التاسعة من قانون إصدار قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 مع أنه (مع عدم الإخلال بأحكام المادة الثانية من قانون الإصدار، يلغي قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 وقانون الإجراءات والرسوم أمامها الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1970 والقانون رقم 79 لسنة 1976 ببعض الأحكام الخاصة بالمحكمة العليا، كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق وذلك فور تشكيل المحكمة الدستورية العليا).
وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية من أن (يلغى الباب السادس من الكتاب الأول من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 ويستعاض عن النصوص الملغاة بنصوص القانون المرافق كما يلغى كل نص أخر يخالف أحكامه).
وما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين، على أنه (وتلغى المادة 61 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والمادة 13 من القانون رقم 78 لسنة 1974 وذلك إعتبارًا من تاريخ العمل بهذا القانون).
فيتضمن الإلغاء الصريح النصوص التي أراد المشرع إلغاءها بالنص على ذلك صراحة، أما إن لم يوضح المشرع تلك النصوص كما لو نص على أن ( ويلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون) فإن الإلغاء في هذه الحالة يكون ضمنيًا، وذلك لتعارض النص الجديد مع النص القديم وفقًا لما تنص عليه المادة الثانية من القانون المدني، ومتى كان النص الجديد عامًا فإنه لا يلغى ضمنًا نصًا خاصًا ولكن للنص الخاص أن يلغى ضمنًا نصًا خاصًا مثله أو نصًا عامًا فيما تعارض فيه مع النص الخاص، ومتى ألغى النص، زالت قوته ولا تعود له حتى لو ألغى القانون الذي ألغاه ما لم ينص القانون الجديد على غير ذلك.
مفاد ما تقدم أن عبارة ( ويلغى كل نص يتعارض مع أحكام هذا القانون ) لا تقرر سوى مبدأ الإلغاء الضمني، ومتى وردت في قانون عام فإنها لا تؤدي إلى إلغاء نص ورد في قانون خاص، ولا ينال من ذلك ما تضمنه حكم النقض التالي إذ استدلت محكمة النقض بتقرير اللجنة التشريعية لمجلس الشيوخ للفصل في النص المنصرف إلى اعتبار قانون إيجار الأماكن رقم 121 لسنة 1947 ملغى بصدور القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 وخلصت إلى أن مفاد المادة الثانية من القانون الأخير إنما قصد بها إحلال القانون المدني المشار إليه محل القانون المدني القديم الصادر في سنة 1883 دون أن يمتد الى القوانين الخاصة، لأن التشريعات الخاصة لا تلغى ضمنًا بتشريع عام، إذا قضت بأن: يعتبر التقنين المدني الشريعة العامة فتسود أحكامه سائر معاملات الناس على سبيل الدوام والاستقرار، بحيث تعتبر النصوص المنظمة لعقد الإيجار هى الواجبة التطبيق أصلًا ما لم تطرأ ظروف معينة يرى المشرع معها تعطيل بعض أحكامه أو أحلال تشريعات خاصة بديلًا عنها، ويعتبر القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين تشريعًا خاصًا في طبيعته ونطاقه إذ خرج به المشرع عن الأحكام العام لعقد الإيجار ووضع لها أحكامًا خاصة، فرض بمقتضاها التزامات معينة على كل من المؤجر والمستأجر قصد بها الحد من حرية المؤجر في تحديد الأجرة وفي طلب الإخلاء، وقصر تطبيقه على الأماكن المشار إليها فيه وكان القانون الخاص لا يلغيه إلا قانون خاص مثله ولا ينسخ بقانون عام ما لم يكن التشريع الجديد الذى أورد الحكم العام قد أشار بعبارة صريحة إلى الحالة التي كان يحكمها القانون الخاص وجاءت عباراته واضحة في سريان حكمه في جميع الأحوال ومن ثم فإن القانون رقم 121 لسنة 1947 يظل نافذاً وقائمًا حتى بعد صدور القانون رقم 131 لسنة 1948 بشأن القانون المدني، ولا يسوغ القول بأن القانون المدني قد نظم أحكام عقد الإيجار من جديد فيعتبر وفقًا للمادة الثانية ملغيًا لكل ما سبقه من قوانين متعلقة بعقد الإيجار وبالعلاقة التي بين المؤجرين والمستأجرين، لأن الأعمال التحضيرية لهذا القانون صريحة في الإبقاء على نصوص قانون إيجار الأماكن بدليل حذف اللجنة التشريعية لمجلس الشيوخ الفقرة الثانية من المادة الثانية سالفة البيان والتي كانت تقضي بإلغاء كل نص يخالف أحكام القانون المدني، وبررت اللجنة هذا الحذف بأن (المقصود هو الإبقاء على التشريعات الخاصة التي صدرت استثناء من القانون المدني منشئة أوضاعًا دائمة أو موقوتة حتى لا ينصرف النص في عمومه إلى الغاء هذه الأوضاع الأمر الذي لا يدخل في قصد المشرع ) مما مفاده أن المادة الثانية سالفة الذكر إنما قصد بها مجرد إحلال القانون المدني الحالي محل نصوص القانون المدني القديم الصادر في سنة 1883 دون أن يستطيل إلى إبطال القوانين الخاصة ومن بينها القانون رقم 121 لسنة 1947 إذ لكل من القانونين مجاله. نقض 7/6/1978 س 29 ص 1428 وننوه إلى أن عبارة ( في عمومه إلى إلغاء هذه الأوضاع ) الواردة بتقرير اللجنة التشريعية لا تنصرف إلى إعتبار الفقرة المحذوفة تتضمن إلغاء صريحًا لما يتعارض مع أحكام القانون المدني، إلى أن عموم هذه الفقرة يؤدي إلى إلغاء النصوص الخاصة التي تتعارض مع هذه الأحكام، وقد رأينا أن العام لا يلغي الخاص.
فالنص الوارد في قانون عام لا يلغى نصًا في قانون خاص، إلا إذا ذكر المشرع ذلك صراحة بأن ينوه إلى النص الخاص أو إلى الحالة التي كان ينظمه هذا النص إذ يعتبر الإلغاء في هذه الحالة صريحًا، ولكن النص العام يلغى بنص عام مماثل.
ويشترط للإلغاء الضمني :(1) وحدة المحل : بأن يكون المحل الوارد عليه النص الجديد هو ذات المحل الذي ورد عليه النص السابق، وينحصر الإلغاء على نطاق المحل الذى حدده النص الجديد، فيظل النص السابق ساريًا خارج هذا النطاق، مثال ذلك، أن ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية كان ثمانية عشر يومًا وفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات التي ألغيت صراحة بالقانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض ونص على جعل ميعاد الطعن بالنقض في كافة المسائل ستين يومًا ولما صدر القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية قرر العودة إلى الأحكام المنظمة للطعن بالنقض ومن بينها الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات، وقد صاحب هذا القانون رقم 43 لسنة 1965 القانون رقم 4 لسنة 1967 والذي نص على إعتبار ميعاد الطعن بالنقض ستين يومًا منذ العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1965 ومفاد ذلك أن ظلت الفقرة الأولى من المادة 881 من قانون المرافعات منسوخة ضمنًا إعتبار بأن محلها وهو ميعاد الطعن يتعارض مع محل النص الجديد وهو ذات الميعاد.
وأيضًا إذا كان القانون يجيز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أجر المستأجر العين أو جزء منها من الباطن بدون إذن كتابي من المؤجر، ثم صدر قانون خاص بعد ذلك يجيز للمستأجر التأجير من الباطن بدون موافقة المؤجر في حالات معينة، فإن النص الجديد يلغي النص السابق ضمنًا في نطاق هذه الحالات التى تعتبر محلًا اتحد فيه النصان، أما في غيرها فيظل للنص السابق قوته لأن المحل لا يكون واحدًا في النصين.
وقضت محكمة النقض بأنه لامحل للاحتجاج بأن النص الأول - الوارد في القانون القديم - قد ألغى ضمنًا بالنص الثاني - الوارد في القانون الجديد - لأن هذا الإلغاء لا يكون إلا إذا توارد النصان في القانون الجديد وفي القانون القديم على محل واحد يستحيل مع أعمالهما معًا. نقض 29/3/1972 س 23 ص 564.
وبأن إلغاء التشريع لا يكون إلا بتشريع لاحق ينص على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الوضع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. وإذ كان القانون رقم 325 لسنة 1953 لم ينص على إلغاء القاعدة الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 25/2/1953 بأن يخصم من إعانة الغلاء ما يعادل نصف علاوة الترقية أو العلاوة الدورية عند استحقاق أيهما ولم يشتمل القانون سالف الذكر على نص يتعارض مع أحكام القرار المذكور وإنما قصد إلى تنظيم جديد من حيث كيفية الخصم لا من حيث مبدئه، فجعل هذا الخصم يلحق العلاوة ذاتها راسًا بمقدار النص بدلًا من أن يلحق الخصم إعانة الغلاء بمقدار نص العلاوة وذلك بالنسبة للعلاوات التي استحقت منذ نفاذه، فإن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر يبقى مطبقًا من حيث طريقته في الخصم بالنسبة للعلاوات التي استحقت في مدة سريانه. نقض 7/7/1964 س 15 ص .482
ويستدل على وحدة المحل، باستحالة تطبيق النصين، الجديد والقديم، على الواقعة المطروحة إذا اعتبرناهما ساريين معًا، وأن لا سبيل للفصل في الواقعة إلا باستبعاد أحدهما، وإعمالًا لإرادة المشرع الضمنية يتعين استبعاد النص القديم.
واستخلاص وحدة المحل، مسألة قانونية، لتعلقها بتطبيق القانون يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض، وهي مسألة قانونية صرفة فيجوز التمسك بها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، ولكن لا يجوز لمحكمة النقض التصدي للإلغاء من تلقاء نفسها، ولا لنيابة النقض اثارة ذلك، إلا إذا كان النص الجديد متعلقًا بالنظام العام، فإن تبين أن قاضى الموضوع قال بانتفاء شرط وحدة المحل رغم تحققه، وكان حكمه مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون. أما إذا تبين انتفاء هذا الشرط، فإن النص السابق تظل له قوته، ومن ثم لا يجوز لمحكمة النقض التصدي من تلقاء نفسها له إلا إذا تعلق سبب النعي بالنظام العام وكانت عناصر الواقعية مطروحة على محكمة الموضوع اما اذا تمسك الطاعن بالإلغاء كان نعيه في غير محله لتخلف شرط وحدة المحل.
(2) أن يكون للنص الجديد قوة إلغاء النص القديم : فلا يكفى وحده المحل في النصين، الجديد والقديم، بل يجب أن تكون للنص الجديد القوة التي تمكنه من إلغاء النص القديم الذي تعارض معه.
فإن كان النص الجديد خاصًا, وانصرف إلى ذات المحل الذي تضمنه نص عام فإن نسخ النص القديم يقتصر على النطاق الذي نظمه النص الجديد، فيظل النص القديم ساريًا فيما جاوز هذا النطاق. مثال ذلك، أن المادة 230 من قانون المرافعات تنص على أن يرفع الاستئناف بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة المرفوع إليها الاستئناف, وهذا نص عام. ثم صدر بعد ذلك قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 ونص المادة 113 منه على أن يكون استئناف القرارات التى يصدرها مجلس النقابة الفرعية في طلبات التقدير بتكليف بالحضور خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان القرار وهذا نص خاص، مفاد ذلك، أن نص المادة 230 من قانون المرافعات يكون قد نسخ في النطاق الذي نص المادة 113 من قانون المحاماة أما خارج هذا النطاق فيظل النص العام ساريًا.
وكانت الملكية في ظل القانون المدني القديم تنتقل بالعقد العرفي، فلما صدر قانون التسجيل في 26/6/1923 اشترط التسجيل لإنتقال الملكية في العقار، وباعتبار قانون التسجيل خاصًا، فقد نسخ حكم القانون المدني القديم فيما يتعلق بانتقال الملكية، ذلك أن المحل في النصين هو انتقال الملكية، ولما كان بمكنة النص الخاص إلغاء النص العام فإن انتقال الملكية في العقار بعد العمل بقانون التسجيل لا يتم إلا بالتسجيل، أما العقد العرفى فلا يرتب إلا التزامات شخصية ولا تنتقل الملكية إلا بتسجيله.
فإن كان النص الجديد عامًا, وانصرف إلى ذات المحل الذي تضمنه نص عام مثله، فإن النص الجديد يلغى النص القديم في حدود التعارض بينهما، فإن كان التعارض شاملًا، فإن الإلغاء يكون كاملًا.
أما ان كان النص الجديد عامًا، وانصرف إلى ذات المحل الذي تضمنه نص خاص، فإن النص الجديد العام لا تكون له القوة على إلغاء النص القديم الخاص الذي يظل قائمًا ونافذًا باعتباره استثناء من القاعدة التي أوردها النص الجديد العام، فلا يلزم أن يكون الاستثناء لاحقًا على القاعدة العامة إنما يجوز أن يكون سابقًا عليها، فيسرى الخاص كاستثناء وتبقى للعام قوته بعيدًا عن هذا الاستثناء.
وتكون للنص الجديد العام القوة على إلغاء النص الخاص في حالتين، الأولى عندما ينص صراحة على هذا الإلغاء، والثانية عندما تجئ عبارته قاطعة على سريان حكمه على الحالة التي انتظمها من قبل النص الخاص.
(3) أن يصدر النص الجديد من سلطة تملك الإلغاء : ويتعلق هذا الشرط بالمبادئ المقررة فيما يتعلق بتدرج التشريع، يتصل بها اتصالًا مباشرًا، ومفاد ذلك، أنه لا يكفي لإلغاء نص في التشريع أن يتحدد المحل في النص الجديد والنص القديم وأن تتوافر القوة للنص الجديد بل يلزم فوق ذلك، أن يصدر النص الجديد من سلطة دستورية تملك حق إلغاء النص السابق.
إلغاء القانون لا يستتبع إلغاء لائحته التنفيذية :
تستمد اللائحة التنفيذية قوتها من القانون المنفذة لأحكامه، وهو مصدرها وأساس وجودها التشريع، ويعتبر أصلًا بالنسبة، ولما كان الفرع يتبع الأصل وجودًا وعدمًا، فكان مفاد ذلك أن إلغاء الأصل يستتبع حتمًا إلغاء الفرع، إلا أن هذه القاعدة يرد عليها استثناء فيما يتعلق بالقانون ولائحته التنفيذية مؤداه أن إلغاء القانون لا يستتبع إلغاء لائحته التنفيذية إلا في حالتين، الأولى أن ينص القانون الجديد على ذلك، والثانية أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون الجديد وقت العمل بأحكامه.
أما إن لم ينص القانون الجديد - الذي ألغى القانون السابق - على إلغاء اللائحة التنفيذية، ولم تصدر معه لائحته التنفيذية، فإن لائحة القانون السابق تظل سارية ومنفذة للقانون الجديد في الحدود التي لا تتعارض فيها مع أحكامه، إذ تعتبر نصوصها المتعارضة مع أحكام القانون الجديد منسوخة ضمنًا. فإن كانت متعارضة معها ظلت على قوتها، وقد يحيل القانون الجديد - كما كان القانون القديم يفعل- بالنسبة لحكم معين إلى الشروط التي تتضمنها اللائحة فيتخذ إجراء وفقًا لهذه الشروط، وقبل الفصل في النزاع المتعلق به تصدر اللائحة التنفيذية للقانون الجديد وتتطلب شروطًا أخرى، وحينئذ يفصل في النزاع على أساس التشريع الذي اتخذ الإجراء في ظله وهو اللائحة السابقة.
مثال ذلك أن قانون إيجار الأماكن كان يحيل إلى لائحة التنفيذية في بيان شروط تبادل الوحدات السكنية بعد أن قرر مبدأ التبادل، فإن ألغى بقانون لاحق لم ينص على إلغاء تلك اللائحة، فإن الشروط الواردة بها تظل سارية في ظل القانون الجديد الذي أورد بدوره مبدأ التبادل وأحال بالنسبة لشروط التبادل إلى لائحته التنفيذية التي تراخت إلى ما بعد العمل به. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/ 220).
إلغاء التشريع إما أن يكون صريحاً وإما أن يكون ضمنياً:
والإلغاء الصريح يتم غالباً بصدور تشريع جديد يتضمن نصًا خاصًا يقضي بإلغاء تشريع سابق، كالنص الذي ورد في المادة الأولى من القانون رقم 131 لسنة 1948 بإصدار القانون المدني الجديد حيث قضى صراحة بإلغاء القانون المدني القديم إذ نص صراحة على إلغاء القانون المدني المعمول به أمام المحاكم الوطنية والصادر في 28 أكتوبر 1983 والقانون المدني المعمول به أمام المحاكم المختلطة والصادر في 28 يونيو 1875 والاستعاضة عنها بالقانون المدني الجديد.
فالإلغاء الضمني له حالتان:
الحالة الأولى: صدور تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض مع نص قديم:
قد يصدر تشريع جديد يتضمن نصاً يتعارض مع نص في تشريع سابق قديم. فإذا لم يكن في الإمكان التوفيق بين النصين، فإن المفهوم ضمناً - وتطبيق النصين معاً مستحيل - أن النص الأحدث منهما قد نسخ وألغى النص الأقدم.
الحالة الثانية : صدور تشريع جديد ينظم الموضوع الذي سبق أن نظمه تشريع قدیم:
الحالة الثانية للإلغاء الضمنى أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظیماً کاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق، وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوصه ونصوص التشريع الجديد، وذلك دون حاجة إلى النص في التشريع الجديد على هذا النسخ. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 190 ).
إلغاء القاعدة القانونية هو رفع حكمها القانوني بموجب قاعدة قانونية أخرى متأخرة عنها وأعلى منها أو مساوية لها في مدارج التشريع، وهو لا يتم إلا بأحد الوسائل التي تضمنها النص، ويترتب عليه إبطال العمل بالقاعدة الأولى وتجريدها من قوتها الملزمة، بالنسبة للمستقبل أي اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون الناسخ، وفي ذلك يختلف إلغاء التشريع عن إبطاله سواء لتعارضه مع نص اعلى في مدارج التشريع كما لو كان النص التشريعي مخالفة لنص في الدستور واجب الاعمال دون حاجة الى صدور تشريع آخر أو يكون قد صدر من المحكمة الدستورية العليا حكم بعدم دستوريته.
ولا يترتب على إلغاء القانون إلغاء لوائح الإدارة العامة الصادرة تنفيذا له ما دامت تتوافق مع القانون الجديد إلا إذا نص هذا القانون على إلغائها.
والالغاء الصريح يكون بافصاح التشريع الجديد عن نسخ تشريع معين سابق، وفي هذه الحالة لا يلزم أن يتضمن التشريع الناسخ تنظيماً بديلاً عن التشريع المنسوخ، كما يكون إلغاء صريحاً للتشريع توقيته بزمن معين من وقت صدوره فينتهي العمل به بمجرد انقضاء الزمن المعين فيه كالاوامر العسكرية التي تستند إلى قانون الطوارئ فإنها تعتبر ملغاة بإنهاء حالة الطوارئ.
ولا يعتبر التشريع ملغياً بعدم استعماله مدة طويلة إلى المستقر أن التشريع لا يلغي بالعرف عملاً بصريح نص المادة التي تنص على أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع لاحق.
وقد يكون الالغاء الصريح بالنص في التشريع اللاحق على إلغاء كل ما يخالفه من نصوص ، فيترتب على ذلك الغاء الاحكام القانونية السابقة المخالفة ولو كان التشريع اللاحق تشريعاً عاماً وكانت الأحكام المخالفة السابقة وردت في تشريع خاص، إذ أن القاعدة التي تقضي بان التشريع العام اللاحق لا يلغي التشريع الخاص السابق يقتصر مجال أعمالها على حالة الإلغاء الضمني دون الإلغاء الصريح.
ويتم الالغاء الضمني بتصدي القانون اللاحق لتنظيم الموضوع نفسه:
والإلغاء الضمني لا يكون إلا حيث يرد كل من النص القديم والنص الجديد على محل واحد يستحيل معه إعمالهما فيه ، وفي هذه الحالة يفهم ضمناً أن التشريع الجديد الغي التشريع القديم، على أنه يلاحظ أن هذا الإلغاء الضمني يتحدد بدواعيه، فيقتصر على ما يقوم فيه التعارض بين التشريعين بصورة يستحيل معها الجمع بينهما، فإن قام التعارض على هذه الصورة بين التشريعين تاماً کاملاً اعتبر التشريع الجديد ناسخاً للتشريع القديم كله، أما إذا كان التعارض جزئياً بأن وقع بين بعض أحكام التشريعين فقط تحدد الإلغاء بالأحكام المتعارضة فقط وذلك كله مرهون بأن تكون قواعد التشريع القديم عامة وقواعد التشريع الجديد عامة، أو أن تكون قواعد التشريع القديم خاصة وقواعد التشريع الجديد خاصة، أما إذا كان التشريع الجديد تشريعاً خاصاً والتشريع القديم عاماً أو العكس فالأمر يختلف : 1- فعند التعارض بينهما لا يستخلص أن الجديد نسخ القديم بل يبقى التشريع القديم العام والجديد الخاص سارياً ويعتبر التشريع الجديد استثناء من حكمه ناسخاً لما جاء بتخصيصه فقط. 2- عند قيام التعارض بين القديم الخاص والجديد العام لا يستخلص كذلك أن الجديد نسخ القديم بل يعتبر مجرد استثناء من أحكامه إذ الحكم الخاص لا يلغيه إلا حكم خاص مثله.
فيشترط في التعارض بين النص الجديد والنص القديم أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معا.
ويقتصر إلغاء التشريع بصدور تشريع جديد ينظم الوضع الذي تناوله التشريع السابق، على نطاق التنظيم الجديد، غير أنه لا يشترط أن يكون هناك تعارض بين التشريعين .
كما يلغي التشريع ضمنياً بزوال المركز القانوني الذي كان ينظمه كالشأن بالنسبة إلى زوال الملكية في مصر الذي استتبع إلغاء كل القواعد القانونية التي كانت تنظم كيفية ولاية العرش ومزايا الملك، وكالشأن بالنسبة إلى إلغاء الوحدة بين مصر وسوريا الذي استتبع إلغاء القوانين المتعلقة بالوحدة كقانون محاكمة الوزراء في الإقليمين المصري والسوري. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة : 194 ).
إلغاء النص التشريعي يتضمن قاعدة عامة لا يتم وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدنى إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشمل على نص يتعارض مع بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع ، والمقصود بالتعارض في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد يستحيل إعمالهما فيه معاً . والمادة الثانية من القانون المدني إنما قصدت - على ضوء المذكرة التفسيرية للقانون المدني - إلى تقرير صورتين للنسخ التشريعي، وهما النسخ الصريح، والنسخ الضمني، وأن النسخ الضمني بدوره صورتين: فإما أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع القديم، وفي هذه الحالة يقتصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيها التعارض، وإما أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع أفرد له تشريع سابق، وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً إذا تعلق التعارض بين التشريع السابق والتشريع اللاحق بالمبدأ الذي أسس عليه التشريع السابق، وفي غير هذه الحالة لا يتناول النسخ إلا النصوص التي تتعارض تعارضاً مطلقاً مع نصوص التشريع الجديد. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول)
حدد المشرع في قاعدة الإسناد الواردة في المادة 13 مدني القانون الواجب التطبيق على المسائل المتعلقة بآثار الزواج، ومسائل الطلاق والتطليق والانفصال، فنص على أنه يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته دون سواه، ولكن اختلف تاريخ الاعتداد بهذه الجنسية حال تغيرها، وذلك كما يلي:
ففيما يتعلق بآثار الزواج جميعها سواء كانت آثاراً مالية كالحقوق المالية للزوجة أو آثاراً غير مالية كنسب الأولاد وحضانتهم فيُطبق بشأنها قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته وقت انعقاد عقد الزواج، أما في مسائل الطلاق فيُطبق عليها أيضاً قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج بجنسيته ولكن يعتد بهذه الجنسية وقت وقوع الطلاق وليس بوقت انعقاد الزواج إن اختلفتا، أما التطليق والانفصال الجسماني فيُعتد بجنسية الزوج وقت رفع الدعوى دون اعتداد بجنسيته وقت انعقاد الزواج أو وقت إصدار الحكم بالتطليق أو الانفصال، وهذا كله ما لم تكن الأحكام الواردة في قانون جنسية الزوج مخالفة للنظام العام أو الآداب في مصر عملاً بنص المادة 28 مدني.
وغني عن البيان أن ما تقدم من قواعد إسناد في هذه المادة تسري أياً كانت صفة الزوج في الدعوى أي سواء كان مدعياً أو مدعى عليه.
(مركز الراية للدراسات القانونية).
وفيما يلي شرح بعض الفقهاء والخبراء لهذه المادة:
يجب حتى يمكن التمسك بأثر من آثار الزواج، أن نكون بصدد علاقة بين رجل وإمرأة تتوفر فيها الشروط اللازمة، أولًا لاعتبار هذه العلاقة زواجًا وثانيًا أن تكون هذه العلاقة بعد الإنتهاء من اعتبارها زواجًا ،مستوفية للشروط الموضوعية والشكلية المتعلقة بالزواج.
ومتى انعقد الزواج صحيحًا مستوفيًا شرائطه، ترتبت عليه آثاره القانونية، وهي إما شخصية وإما مالية.
وتتعلق الآثار الشخصية بالعلاقة ما بين الزوجين من ناحية، وبينهم وأولادهم من ناحية أخرى. ففيما بين الزوجين، يكون هناك صداق ونفقة زوجية، وطاعة ومساكنة، وقد يكون للزوجة حمل اسم زوجها، وقد تصبح ناقصة الأهلية بالزواج فلا يكون لها الحق في إبرام التصرفات أو التقاضي، ويرجع في كل ذلك إلى القانون الواجب التطبيق لأعمال الأحكام الواردة به، فإن كان يجعل الزوجة ناقصة الأهلية في تصرفات معينة فلا تسلب ولايتها في غيرها، وحينئذ تسري بالنسبة للتصرفات التى تعتبر الزوجة ناقصة الأهلية فيما يتعلق بها القانون الواجب التطبيق الذي تشير إليه قاعدة الاسناد الخاصة بآثار الزواج وهو هنا قانون جنسية الزوج وقت الزواج، أما التصرفات الأخرى فتخضع للقانون الذي يحكم العلاقة الناشئة عن هذه التصرفات.
والنظام المالي للزواج غير معروف لا في الشريعة الاسلامية ولا في تشريعات المصريين غير المسلمين، إذ يظل لكل زوج أمواله بعد الزواج وحده حق التصرف فيها وإدارتها.
يعتبر النظام المالى للزوجين من مسائل الأحوال الشخصية وفقًا للقانون المصرى ومن ثم فإن المنازعات المتعلقة بهذه الآثار تخضع لقانون جنسية الزوج وقت الزواج وفقًا لنص الفقرة الاولى من المادة 13 ما لم يكن أحد الزوجين مصريًا فيسرى القانون المصري عملًا بالمادة 14.
مشارطة الزواج عقد ينظم به الزوجان النظام المالي الذي يتفقان عليه فهو مترتب على الزواج ونتيجة مباشرة له وفقًا للقوانين التي تقر هذه الأنظمة، لذلك تعتبر من آثار الزواج، فتخضع لقانون جنسية الزوج وقت الزواج.
لكن قد يبرم الزوجان، بعد الانتهاء من مشارطة الزواج، عقودًا فيما بينهما أو بالاشتراك مع آخرين، كعقود القرض أو الهبة أو الشركة، وهي عقود لا صلة للزواج بها وليست نتيجة مباشرة له، ولذلك فإنها لا تخضع لقانون جنسية الزوج وإنما للقانون الذي يحكم العلاقة الناشئة عن هذه التصرفات.
أوضحنا فيما تقدم آثار الزواج الصحيح، لكن إن وقع الزواج باطلًا لتخلف شرط من شروطه الموضوعية أو الشكلية وفقًا لما يدل عليه القانون الواجب التطبيق والذى حددته قاعدة الإسناد على نحو ما سلف، تعين تحديد القانون الذي يحكم آثار هذا الزواج الباطل، وعرفنا فيما تقدم أن البطلان ذاته يخضع إما للقانون الذى يطبق بالنسبة للشروط الموضوعية وإما للقانون الذي يطبق بالنسبة للشروط الشكلية للزواج، لأن كل منهما هو الذي يقرر البطلان جزاء على مخالفة أحكامه متى كانت هذه الأحكام لا تخالف النظام العام في دولة القاضى.
ويطلق على الزواج الباطل إسم (الزواج الظنى) لما لابسه من حسن نية لدى الزوجين أو لدى أحدهما جعلهما يظنان صحته، ولا تعرف الشريعة الاسلامية الزواج الظنى، وإنما الزواج أن تخلفت بعض شروطه، كان باطلًا إذا فقد أحد أركانه أو أحد شروط انعقاده، وكان فاسدًا إذا فقد شرطًا من شروط صحته، وكان موقوفًا أن وقف منه ولى النفس موقفًا سلبيًا فلم يبطله ولم يجزه.
وتعددت الآراء حول تحديد القانون الواجب التطبيق على آثار الزواج الباطل، فيرى البعض إخضاعها للقانون الذي خولفت أحكامه، بينما يخضعها البعض الآخر لقانون كل من الزوجين، ويقول رأي بتطبيق القانون الذى يحكم الزواج الصحيح، والراجح تطبيق القانون الشخصي للزوجين وهو قانون جنسيتها فإن اختلفا جنسية، كان قانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى هو الواجب التطبيق، لأن تقرير البطلان لا يتم بالارادة المنفردة كالطلاق، وإنما بحكم القاضي.
وتنحصر الآثار في ثبوت النسب ثبوتًا شرعيًا ويكون للأولاد الحق في الميراث وهناك آثار تتعلق بالتوارث بين الزوجين وبالعدة والمصاهرة والمهر، وتختلف من قانون لآخر.
حددت قاعدة الإسناد التي أوردها المشرع بالفقرة الثانية من المادة 13 من القانون المدني القانون الواجب تطبيقه بالنسبة للطلاق بأنه قانون جنسية الزوج وقت الطلاق، استنادًا إلى أن الطلاق يقع بالارادة المنفردة دون أية شروط ومن ثم يسري على الطلاق قانون جنسية الزوج وقت استعمال هذا الحق، خلافًا للتطليق والانفصال الجسدى، فهما لا يكونان إلا بحكم من القضاء، لذلك كان قانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى هو الواجب التطبيق، سواء كان الزوج هو رافع الدعوى أو كانت الزوجة، والعبرة في تحديد هذا الوقت هو لأن الأحكام ترتد إلى الوقت الذي رفعت فيه الدعوى فإن قضى بإعتبار الدعوى كأن لم تكن أو بعدم قبولها، ترتب على ذلك إلغاء كافة الآثار التي ترتبت عليها، فإن أقام المدعي دعوى جديدة، كان القانون الواجب التطبيق هو قانون جنسية الزوج وقت رفع الدعوى الجديدة.
فإن كان الزوج غير جنسيته بطريق الغش، وكان قانون القاضى يبطل أي عمل لجأ فيه المدين إلى الغش، وهى قاعدة أصيلة في القانون المصري، كان للقاضي ألا يعتد بتغيير الجنسية ويطبق القانون الذي أراد الزوج التهرب من أحكامه.
ومتى عرف القانون الواجب التطبيق، سرت أحكامه المتعلقة بالشروط اللازم توافرها لوقوع الطلاق أو للقضاء بالتطليق أو بالانفصال الجسماني والأسباب المؤدية لذلك، كما تخضع له القواعد الموضوعية المتعلقة بالإثبات أما اجراءات الاثبات فتخضع لقانون القاضي كما تخضع له الإجراءات المتعلقة بالتطليق والانفصال.
ويسري ذات القانون على الآثار المترتبة على الطلاق أو التطليق أو الانفصال على العلاقة ما بين الطرفين كالنفقة والحضانة أما النظام المالي الذي اتفقا عليه إن وجد فيخضع لقانون جنسية الزواج, وما يخص كل منهما على انفراد كمدة العدة والزواج فيخضع لقانون جنسية كل طرف.
يقتصر تطبيق القواعد المتقدمة فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق على الطلاق والتطليق والانفصال وكذلك على الآثار المترتبة على ذلك عندما يكون الزوجان أجنبيين، أما ان كان أحدهما مصريًا فيطبق القانون المصرى وحده، ويكفى أن يتحقق هذا الانتماء وقت إنعقاد الزواج، حتى لو انتمى لجنسية أخرى بعد ذلك أي وقت الطلاق أو وقت رفع الدعوى التطليق والانفصال وفقًا لما تنص عليه المادة 14 من القانون المدني.
فإن كان الزوجان أجنبيين وقت انعقاد ويصبحان مصريين أو يصبح الزوج مصريًا وقت الطلاق أو وقت رفع دعوى التطليق أو الانفصال، فإن القانون المصري يكون هو الواجب التطبيق وفقًا لقاعدة الاسناد التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 13.
وان كان الزوجان مصريين وقت انعقاد الزواج، وأصبحا أجنبيين أو أصبح الزوج وحده أجنبيًا وقت الطلاق أو وقت رفع دعوى التطليق أو الانفصال، كان القانون المصري هو الواجب التطبيق في الحالتين، في الأولى التي أصبح الزوجان فيها أجنبيين لأنهما كانا مصريين وقت انعقاد الزواج وذلك وفقًا لقاعدة الاسناد المنصوص عليها بالمادة 14، وفي الثانية عندما يصبح الزوج وحده أجنبيًا، لأنه كان مصريًا وقت انعقاد الزواج وكذلك الحال بالنسبة للزوجة، ويسري ذات الحكم حتى لو أصبح الزوجان أجنبيين وقت الطلاق أو وقت رفع دعوى التطليق أو الانفصال حتى يوجد ما يبرر تطبيق القانون الأجنبي، فإننا لا نسلم بهذا الرأي لأنه متى كان النص واضحًا صريحًا جليًا قاطعًا في الدلالة على المراد منه فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالمراحل التشريعية التي سبقته أو بالحكمة التي أملته وقصد الشارع منه، لأن محل هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/ 373).
فضابط الإسناد في شأن آثار الزواج هو جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج، وبهذا آمن المشرع - بحق - بضرورة تطبيق قانون واحد على آثار للزواج، إذ يتعذر إخضاع آثار الزواج لأكثر من قانون واحد، كقانون جنسية الزوجين مثلاً، إذ لا يمكن في هذه الحالة تطبيق أيهما عندما يختلفان، ذلك آن الآثار تقتضي الوحدة في النظام القانوني الذي يحكمها وتنفر بالضرورة من التعدد.
وإذا كان من المتعين أن نختار بين قانون جنسية كل من الزوجين، فإن الأولى بحكم آثار الزواج هو قانون الزوج بوصفه رب العائلة. فضلا عن أن الزوجة تكسب عادة جنسية زوجها، ولا يؤثر في الإسناد تغيير جنسية الزوج بعد الزواج، لأن العبرة بقانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج.
غير أن سريان قانون جنسية الزوج وقت الزواج يعتد بنص المادة 14 من القانون المدني التي توجب تطبيق القانون المصرى وحده إذا كان أحد الزوجين مصريا وقت انعقاد الزواج.
المقصود بآثار الزواج:
(أ) الآثار الشخصية للزواج
يرتب عقد الزواج لكل من الزوجين حقوقاً معينة، كما يقرر بعض الالتزامات على كل منهما. ومجموع الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الزوجين على هذا النحو هو الذي يطلق عليه تعبير آثار الزواج.
ومثل ذلك حق الزوج على زوجته في الطاعة والقرار في المنزل، والتأديب، وواجب الإخلاص المتبادل بينهما والمساكنة وحق الزوجة في الصداق والنفقة، وفي حمل اسم زوجها - في بعض التشريعات - أما النفقة الوقتية التي تطلبها الزوجة أثناء رفع دعوى الطلاق، فتخضع لقانون القاضي. فالنفقة الوقتية لا تعد أثراً من آثار الزواج، وإنما هي إجراء من الإجراءات التي يقصد بها المحافظة على السلام والسكينة في الدولة. فهي تهدف إلى درء الضرر البالغ الذي قد يلحق بمن كان في حالة عوز واشتدت به الحاجة إلى القوت، وتلك اعتبارات تتعلق بالأمن المدني.
(ب) الآثار المالية للزواج
المقصود بالآثار المالية للزواج نظام الأموال بين الزوجين والذي تعرفه بعض التشريعات الأجنبية مثل التشريع الفرنسي. وهو نظام غريب عن الشريعة الإسلامية وعن النظم التي تحكم الطوائف غير الإسلامية في مصر.
ولعل عدم معرفة القانون المصرى بالنظم المالية للزواج هو الذي دفع المشرع المصري إلى أن يضع لها تكييفاً تشريعياً ويلحقها بأثار الزواج. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 312 ).
المقصود بآثار الزواج :
يشمل الأثار الشخصية للزواج ، ومنها ما يتسم بطابع مالي كالنفقة ، كما يشمل الآثار المالية البحتة بالمعنى الدقيق كالنظام المالى بین الزوجين في التشريع الفرنسي ، ولا تعرف الشريعة الاسلامية ولا النظم التي تحكم الطوائف غير الإسلامية في مصر مثل هذه الاثار المالية بالمعنى الدقيق ( هشام صادق بند 138 - عز الدين عبد الله بند 97) . وتتمثل الآثار الشخصية للزواج في الشريعة الإسلامية في حل العشرة بين الزوجين ، والطاعة والقرار في البيت والقيام على شئونه ورعايته باعتبارها حقوقا للزوج على زوجته، والعدل والمهر والنفقة باعتبارها حقوقا للزوجة على زوجها، واعتبرت بعض الأحكام الحضانة من آثار الزواج و عارضها جانب من الفقه ويتضح من ذلك أن نفقة الزوجية تعتبر أثراً من الآثار الشخصية للزواج فتخضع لقاعدة الاستاد الواردة في المادة دون القاعدة الواردة في المادة 15 الخاصة بنفقة الأقارب .
المسئولية المترتبة على اخلال احد الزوجين بالتزاماته الزوجية :
ذهب البعض إلى إخضاعها للقانون المحلي بوصفه الذي يحكم المسئولية التقصيرية ، ولكن البعض الآخر يرى إخضاعها لقانون جنسية الزوج متى كان الضرر الذي يطالب أحد الزوجين الزوج الآخر بالتعويض عنه ناشئا نتيجة إخلال الأخير بالالتزامات التي يفرضها نظام الزواج كالشأن في دعوى التعويض عن الخيانة الزوجية ( هشام صادق بند 138).
النفقة الوقتية : لا شبهة في اعتبار نفقة الزوجية من آثار الزواج، أما النفقة الوقتية التي تطلبها الزوجة أثناء نظر دعوى التطليق فقد أخضعها البعض للقانون الذي بحكم التطليق وهو قانون الزوج وقت رفع الدعوى، في حين أخضعها البعض القانون الذي يحكم آثار الزواج، بينما ذهب رأي ثالث إلى إخضاعها لقانون الماضي باعتبار أنها من مسائل الأمن المدني وتعتبر من قبيل الإجراءات الوقتية (عز الدين عبد الله هامش ص 295 والأحكام المشار إليها فيه - هشام صادق بند 138).
أثر الزواج على اهلية الزوجة : تجعل بعض التشريعات من الزواج سبباً لتنقيص أهلية الزوجة وقد رأى البعض إخضاع أهلية الزوجة إلى قانون جنسيتها باعتباره قانون الشخص المراد حمايته، في حين اعتبر البعض ذلك من آثار الزواج فأخضعه لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج، بينما يذهب فريق ثالث إلى أن نقص الأهلية في هذه الحالة إذا لم يكن عاماً وإنما اقتصر على بعض التصرفات فإنه يعتبر حالة من حالات الأهلية الخاصة ( موانع التصرف ) فيخضع للقانون الذي يحكم العلاقة ( عز الدين عبد الله بند 96).
أثر قانون موقع المال وقانون العقد : أوضحنا أن الاثار المالية للزواج بالمعنى الدقيق تخضع لقاعدة الإسناد الواردة في المادة أي لقانون جنسية الزوج وقت الزواج ، ومن أهم صور تلك الآثار المالية هو النظام المالى للزوجين حيث يترتب على الزواج - قانوناً او اتفاقاً - سریان مجموعة من الحقوق والالتزامات من حيث ملكية كل من الزوجين و إيرادات أمواله وإدارتها وديونه وإذا كان هذا النظام قد يرجع الى العقد، كما أن المال قد يكون عقاراً يقع في غير دولة صاحبه من الزوجين فانه يثور التساؤل في هذه الحالة عن مدى تطبيق قانون العقد أو قانون موقع المال والراجح هو خضوع النظام المالى لقانون جنسية الزوج مقيداً بمراعاة قانون موقع المال وأما الشروط الموضوعية لمشارطة الزواج بما قد تشمله عن النظام المالي فإنها تخضع لقانون جنسية الزوج وقت انعقاد الزواج ولو تناولت عقارات في مصر.
بطلان الزواج وآثاره : من المتفق عليه أن يخضع بطلان الزواج للقانون الذي خولفت الشروط الشكلية أو الموضوعية التي يتطلبها لانعقاد الزواج، أما بالنسبة للآثار المترتبة على الزواج الباطل أي الزواج الظني فقد ذهب البعض الى خضوعها القانون الذي يحكم البطلان، في حين ذهب رأي آخر إلى أن أعمال هذا الرأي يجد صعوبة في التطبيق في الحالة التي يكون الزواج باطلاً طبقاً للقانون الذي يخضع له شكله ، كما يكون باطلاً طبقاً للقانون الآخر الذي تخضع له شروطه الموضوعية بما يجعل آثار البطلان طبقاً لذلك الرأي تخضع لقانونين مختلفين قد يختلفان في تحديد آثار البطلان، ومن ثم يرى أصحاب هذا الرأي الأخير إخضاع آثار بطلان الزواج القانون الذي يحكم آثار الزواج وهو قانون جنسية الزوج عند إبرام العقد.
تحديد المقصود بالطلاق والتطليق والانفصال : هو مسألة تكييف فتخضع القانون القاضي وفقاً للمادة العاشرة وهو في مصر أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة .. فإذا رجع القاضي إلى قانونه التكييف المسألة المعروضة علية فوجدها تدخل في مفهومه في نطاق المقصود بالتطليق أخضعها لقانون الزوج وقت رفع الدعوى .. ويرجع الى هذا القانون لتحديد الأسباب التي تبرر التطليق أو الانفصال الجسماني، وفي شأن القواعد الموضوعية في الإثبات كتحديد من عليه عبء الإثبات والأدلة التي يجوز قبولها ومدى قوة هذه الأدلة.
ومتى كان الزوج مصريا وقت رفع الدعوى خضع التطليق والانفصال للقانون المصرى ويتعين تطبيقه ولو عرض الأمر على محكمة أجنبية بحكم الاختصاص الدولى فإذا صدر حكمها مخالفة للقانون المصرى امتنع على المحاكم المصرية الأمر بتنفيذه ولكنها لا تملك الحكم ببطلانه.
الآثار المترتبة على انقضاء الزواج والانفصال الجسماني : يخضع لقانون جنسية الزوج، ومن هذه الآثار في راى البعض التزام الطرف المخطىء بالتعويض، في حين يرى البعض الآخر أن هذا الالتزام يرجع الى المسئولية التقصيرية فيخضع القانون القاضي.
إجراءات التطليق والانفصال : قد تستلزم بعض التشريعات لإمكان التطليق اجراءات بواسطة دينية أو الحصول على إذن به من السلطة التشريعية وليس من شك في أن اعتبار مثل هذا الشرط من الشروط الإجرائية فيرجع فيه الى قانون القاضی ام من الشروط الموضوعية فيرجع فيه القانون جنسية الزوج هو مسألة تكييف تخضع القانون القاضي . ويذهب الرأي الغالب في الفقه إلى اعتبار شرط تدخل السلطة الدينية أو التشريعية هو مسألة إجراءات فتخضع للقانون المصري عملاً بالمادة 22 فيجوز القاضي المصري أن يحكم بالتطليق متى توافرت شروطه الموضوعية طبقا لقانون جنسية الزوج حتى لو كان هذا القانون يشترط إيقاع التطليق بواسطة سلطة دينية معينة أو الحصول على إذن السلطة التشريعية .
وتؤدي فكرة النظام العام الى استبعاد تطبيق القانون الأجنبي واجب التطبيق طبقاً لقاعدة الإسناد ، متى كانت أحكامه تتعارض مع الحقوق المقررة للزوج المسلم ولو كان أجنبيا ، كما لو كان يحرم الزوج من حق الطلاق أو يحرم الزوجة التي تعتنق الإسلام عن طلب التطليق لهذا السبب .
النسب : لم يعرض له المشرع ، ومن ثم يرجع في شأنه إلى أحكام القانون رقم 1 لسنة 2000 الصادر في شأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وعند عدم كفايتها يرجع الى المبادئ العامة في القانون الدولي الخاص، مع ملاحظة أن الاتجاه العام في التشريع المصرى يفيد اعتبار العلاقات الخاصة بالنسبة من المسائل اللصيقة بالأشخاص فتخضع لقانون الجنسية". (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 338).