1ـ لما كانت العقوبة المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري مششخن " آلي " مما لا يجوز الترخيص فى حيازته أو إحرازه – التي دين بها الطاعن بوصفها الجريمة الأشد – طبقاً لما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون سالف الذكر هي السجن المؤبد والغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ، وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة السجن المؤبد بعقوبتي السجن المشدد أو السجن دون المساس بعقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها ، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها فى مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة . لما كان ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 26 سالفة البيان بالإضافة إلى عقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات المقضي بها ، يكون قد خالف القانون ، مما يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بتغريم المطعون ضده عشرين ألف جنيه بالإضافة إلى عقوبة السجن المشدد المقضي بها .
(الطعن رقم 1390 لسنة 85 ق - جلسة 2017/12/19)
2 ـ لما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة المطعون ضده بجريمة إحداث عاهة ، طبقاً للمادة 240/1 من قانون العقوبات ، وأعمل فى حقه المادة 17 من القانون ذاته ، ثم قضى بمعاقبته بالسجن لمدة سنة 0 لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة إحداث عاهة التي دين المطعون ضده بها هي السجن من ثلاث سنين إلى خمس سنين ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات ، التي أعملها الحكم فى حقه ، تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة أشهر ، وإنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً إلا أنه يَتعيَّن على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومُعاملته طبقاً لنص المادة 17 المذكورة ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فى هذه المادة، باعتبار أنها حَلَّت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة 0 لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت المطعون ضده فى جريمة إحداث عاهة ، وذكرت فى حكمها أنها رأت مُعاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات ، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن لمدة سنة ، فإنها فضلاً عن مُخالفتها لنص المادة 16 من قانون العقوبات التي توجب أن لا تنقص مدة عقوبة السجن عن ثلاث سنين ، تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون ، إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس ، التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة أشهر ، طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، تُخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم، من تلقاء نفسها ، إذا تَبيَّن لها مما هو ثابت به أنه مبني على مُخالفة القانون أو على خطأ فى تطبيقه أو فى تأويله ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه ، وأن يكون مع النقض الإعادة ، لما هو مُقرر من أن تطبيق العقوبة فى حدود النص المُنطبِق من اختصاص محكمة الموضوع .
(الطعن رقم 5601 لسنة 73 ق - جلسة 2010/06/07)
3 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل فى حق الطاعن حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي السرقة بالإكراه الذي ترك أثر جروح والمؤثمة بالمادة (314 / 1 ، 2 ) والمعاقب عليها بالسجن المؤبد أو المشدد ، ثم أعمل فى حقه حكم المادة 17 من قانون العقوباتوأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة خمس سنوات ، وكان من المقرر أن المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم فى حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن تنقص مدته عن ستة أشهر – تزاد إلى الضعف أي سنة عملاً بالمادة 116 مكرر من القانون رقم 12 لسنة 1996 فى شأن الطفل باعتبار أن أحد المجني عليهم طفلاً وأن الجريمة وقعت عليه من بالغ – ، وأنه وإن كان نصالمادة 17 من قانون العقوبات يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً إلا أنه يتعين على المحكمة متي رأت أخذ المتهم بالرأفة وعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليهـا ألا توقــع العقوبة إلا علــى الأساس الوارد فى هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون ، وكان ما شاب الحكم قاصراً على إعمال صحيح القانون مما يوجب على هذه المحكمة – محكمة النقض – عملاً بالحق المخول لها بمقتضي المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تصحيح الحكم باستبدال عقوبة السجن لمدة خمس سنوات بعقوبة السجن المشدد لمدة خمس سنوات المحكوم بها على الطاعن .
(الطعن رقم 42955 لسنة 85 ق - جلسة 2017/11/04)
4 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات بعد أن عامله بالرأفة - على نحو ما تقضى به المادة 17 من قانون العقوبات - باعتبار أن المحكمة قد انتهت إلى إدانة الطاعن بجريمة إحراز سلاحاً نارياً مششخناً بقصد استعماله فى الإخلال بالنظام العام ، وإذ كانت عقوبة هذه الجريمة هي الإعدام وفقاً لنص المادة 26/6 من قانون الأسلحة والذخائر ، فما كان للمحكمة أن تنزل بالعقوبة إلا إلى السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين وفقاً لنص المادة 17 من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق فى الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون فضلاً عن أنه أخطأ فى تطبيق القانون إلا أن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن – المحكوم عليه – بطعنه ، ومن ثم أضحى الحكم لم يدنه بالقانون - أنف الذكر – فلا محل لما يثيره بشأن مخالفته للاتفاقيات الدولية – بفرض صحته – لما كان ما تقدم ، فأن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
(الطعن رقم 46937 لسنة 85 ق - جلسة 2017/10/07)
5 ـ من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد ظنت خطأ أنها عاملت المتهم بالرأفة حسبما تخوله لها المادة 17 من قانون العقوبات ، فإن هذا الخطأ لا يكسب الطاعن حقاً فى تخفيض العقوبة إعمالاً لهذه المادة وفي حدود التطبيق الصحيح للقانون متى كانت أسباب الحكم ليس فيها ما يدل على أن المحكمة كانت لا تزال فى حرج من النزول بالعقوبة عن القدر الذي قضت به على المتهم ، وتكون العقوبة المقضي بها هي التي رأتها مناسبة للواقعة وهي حرة من أي قيد ، ومن ثم فإن ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه بالإشارة إلى إعماله مقتضى المادة 17 من قانون العقوبات لا يكسب الطاعن حقاً فى تخفيض العقوبة إعمالاً لهذه المادة وفي حدود التطبيق الصحيح للقانون ذلك أن أسباب الحكم ليس فيها ما يدل على أن المحكمة كانت لا تزال فى حرج من النزول بالعقوبة عن القدر الذي قضت به على الطاعن ، وتكون العقوبة المقضي بها عليه هــي التي رأتها مناسبة للواقعة .
(الطعن رقم 20528 لسنة 86 ق - جلسة 2017/05/02)
6 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمتى حيازة سلاح نارى غير مششخن وحيازة ذخيرة بغير ترخيص وقال بارتباطهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة وأعمل بشأنهما المادة 32/2 من قانون العقوبات وأوقع عليه عنهما عقوبة واحدة وهى عقوبة مقررة لكل جريمة منهما ولم يعمل مقتضى حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 196 لسنة 35 قضائية دستورية عليا بجلسة 8/11/2014 والذى قضى بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة السابعة والأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر والمستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنه من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية فى 12/11/2014 رغم أنه صدر سابقاً على الحكم المطعون فيه وكان للمحكمة التى أصدرته إعمال حكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان إن أرادت بالنسبة لجريمة حيازة الذخائر بغير ترخيص ، وإذ لم تعمل أثره فإنه لا مجال لإعمال ذلك الأثر أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 17728 لسنة 85 ق - جلسة 2016/10/20)
7ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثاني – طفل تجاوز سنه خمس عشرة سنة – مع آخرين بالغين بجريمة القتل العمد وقضى بمعاقبته بالسجن لمدة عشر سنوات إعمالاً لأحكام المادة 234/1 من قانون العقوبات والمواد 2/1 ، 111/2 ، 122 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008 والمادة 17 من القانون الأول ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 111 من قانون الطفل سالف الذكر تنص على أنه : " ومع عدم الإخلال بحكم المادة 17 من قانون العقوبات إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن ... " ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات تنص على أنه :" يجوز فى مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاء تبديل العقوبة على الوجه الآتي:- ... عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة شهور " ، فإن مفاد ذلك أنه إذا ارتكب الطفل الذي تجاوز سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد تكون العقوبة المقررة له هي السجن ، وفى هذه الحالة تكون عقوبة السجن قد حلت بقوة القانون محل العقوبة الأصلية الواردة بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له – الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد – فإذا رأت محكمة الموضوع أخذه بالرأفة وإعمال المادة 17 من قانون العقوبات فى حقه فيكون إعمالها على عقوبة السجن باعتبارها العقوبة المقررة للطفل وليست على العقوبة الأصلية الواردة بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له ؛ إذ يصح للقاضي أن يأخذ المتهم بظرف قضائي مخفف إضافة إلى الظرف القانوني ، وهو ما يتفق مع مبدأ المسئولية الجنائية المخففة التي قررها القانون للطفل ، وبالتالي تكون العقوبة الواجبة التطبيق هي الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة أشهر . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن الثاني – الطفل - بجريمة القتل العمد وذكرت فى حكمها أنها رأت معاملته بالرأفة طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن وهي العقوبة المقررة لهذه الجريمة إذا ارتكبها طفل جاوز سنه خمس عشرة سنة طبقاً للمادة 111/2 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإنها تكون أخطأت فى تطبيق القانون ؛ إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة أشهر ، ولما كانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ فى تطبيق القانون ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بجعل العقوبة المقضي بها على الطاعن الثاني – الطفل – الحبس لمدة ثلاث سنوات بدلاً من عقوبة السجن .
(الطعن رقم 23772 لسنة 83 ق - جلسة 2015/06/11)
8 ـ لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من مدوناته - قد جمع فى قضائه بين جريمة القتل العمد بغير سبق إصرار ولا ترصد والظرف المشدد وهو اقتران تلك الجناية بجناية أخرى هي إسقاط امرأة حبلى عمداً ، وأوقع العقوبة على أساس توافر ظرف الاقتران بين الجريمتين ، وهو ما يجعلها الإعدام ، إلا أن المحكمة وقد رأت أن ظروف الواقعة تقتضي إعمال الرأفة وتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات - وهو من إطلاقاتها دون رقابة لمحكمة النقض عليها - ونزلت بالعقوبة درجتين وعاقبت الطاعن بالسجن المشدد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد شابه القصور فى التسبيب ؛ إذ أغفلت المحكمة بيان مدى توافر ظرف الاقتران بين جناية القتل العمد دون سبق الإصرار أو ترصد والجناية الأخرى - إسقاط امرأة حبلى عمداً - التي التفتت المحكمة أيضاً عن بيان أركانها ، فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهى إليه المحكمة فى خصوص العقوبة لو أنها بحثت مدى توافر ظرف الاقتران ومدى توافر أركان الجريمة المقترنة فى حق الطاعن ، سيما وقد أعملت فى حقه المادة 17 من قانون العقوبات ونزلت بالعقوبة درجتين رغم أنها لم تبين أساس الاقتران وشروطه ومدى توافره ، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الموجب لنقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
(الطعن رقم 10540 لسنة 84 ق - جلسة 2015/04/02)
9 ـ لما كانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد تضمنت من بين ما تضمنته أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم .... فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن . لما كان ذلك ، وكان مقتضى قضاء المحكمة الدستورية العليا – السابق الإشارة إليه فى طعن النيابة العامة - بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الاسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 فيما تضمنته من استثناء تطبيق أحكام المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للجريمتين المنصوص عليهما بالفقرتين الثالثة والرابعة من المادة ذاتها ، أن تعود للقاضي سلطة استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات – إن ارتأى ذلك ، ويكون ذلك القضاء قد أنشأ للمتهم مركزاً قانونياً جديداً لم يكن له من قبل وهو ما يتحقق به معنى النص الأصلح للطاعن من بعد استئصال ما عاره من نتوء عدم الدستورية ، مما كان يؤذن لهذه المحكمة - محكمة النقض – وعملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم المطعون فيه من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم ، إلا أنه لما كان البين من ذلك الحكم أنه لم يستند فيما قضى به إلى النص المحكوم بعدم دستوريته ، ولم يلتزم به ، فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح للنص الأصلح بعد أن تطهر بالشرعية الدستورية ، وآية ذلك أنه أشار صراحة إلى استعمال المادة 17 من قانون العقوبات ونزل بالعقوبة إلى القدر الذي ارتأى مناسبته للواقعة التي ثبتت لديه وفقاً للحدود المرسومة فى المادة المار بيانها ، ومن ثم فلا محل والحال كذلك لنقض الحكم لانتفاء العلة .
(الطعن رقم 16607 لسنة 83 ق - جلسة 2015/02/04)
10 ـ لما كانت المحكمة ترى أنه لا مجال لإعمال نص المادة 17 من قانون العقوبات فى حق المتهمة ، ولا يقال فى هذا الشأن إن سبق إعمال محكمة الموضوع تلك المادة فى حق المتهمة يتعلق به حقها عند إعادة محاكمتها بناءً على طعنها حتى لا تضار بطعنها ؛ ذلك أن الحال فى الدعوى الماثلة أن المتهمة عوقبت بعقوبة أخف من العقوبة المقضي بها عليها بالحكم المنقوض , ومن ثم فلا يتصور أن عدم إعمال المادة 17 سالفة الذكر سيضيرها ؛ لأن ذلك يتحقق عند توقيع ذات العقوبة المقضي بها عليها من محكمة الموضوع .
(الطعن رقم 13433 لسنة 82 ق - جلسة 2014/06/07)
11 ـ لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى إدانة المتهم - المطعون ضده - عن الجريمتين المسندتين إليه وإلى وجوب معاقبته بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لأولهما وهي المنصوص عليها فى المواد 1/1 ، 6 ، 26/3 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند " ب " من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المتهم بالسجن المؤبد ، وكانت المحكمة لم تشر فعلاً إلى تطبيقالمادة 17 من قانون العقوبات فى حق المتهم ، إلا أنه لما كان للمحكمة أن تنزل بهذه العقوبة تطبيقاً لحكم المادة 17 من قانون العقوبات إلى الحد الذي نزلت إليه ، وهي إذ نزلت إلى عقوبة السجن المشدد ، فقد دلت على أنها أعملت حكم هذه المادة . ولما كان إنزال المحكمة حكم تلك المادة دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل فى الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير تلك العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 3075 لسنة 83 ق - جلسة 2014/04/07 س 65 )
12 ـ لما كان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالاضافة الى عقوبة الغرامة التى يجب الحكم , لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها فى مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة . لما كان ذلك , فإن الحكم المطعون فيه إذا لم يلتزم - عند توقيع العقوبة - الحد الأدنى لعقوبة الغرامة المقررة لها فى الفقرة (أ) من المادة 34 سالفة البيان بالاضافة الى عقوبتى الأشغال الشاقة والمصادرة المقضى بهما بل قضى بأقل منه , فإنه يكون قد خالف القانون . مما يتعين معه نقضه جزئياً وتصحيحه وفقا للقانون ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضى التعرض لموضوع الدعوى .
(الطعن رقم 29719 لسنة 59 ق - جلسة 1996/11/17 س 47 ع 1 ص 1203 ق 173)
13ـ لا جدوى للطاعن مما يثيره من جدل حول ما يدعيه من خطأ الحكم فى إعتباره فاعلاً أصلياً لا شريكاً فى جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار ما دامت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التى قضى بها عليه مقررة فى القانون للإشتراك فى الجريمة المذكورة ، و لا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد طبقت المادة 17 من قانون العقوبات فى حقه إذ أن تقدير ظروف الرأفة إنما يكون بالنسبة إلى الواقعة الجنائية التى ثبت لدى المحكمة وقوعها لا بالنسبة إلى وصفها القانون و لو أنها رأت أن تلك الظروف كانت تقتضى منها النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه لما منعها من ذلك إعتبارها الطاعن فاعلاً أصلياً فهى إذ لم تفعل ذلك تكون قد رأت تناسب العقوبة التى قضت بها مع الواقعة التى أثبتها الحكم .
(الطعن رقم 170 لسنة 25 ق - جلسة 1955/05/17 س 6 ع 2 ص 1003 ق 300)
14 ـ الظروف المخففة متروكة لتقدير المحكمة . و هى حرة فى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات و عدم تطبيقها حسب ما تمليه عليها عقيدتها من توفر هذه الظروف أو عدم توفرها
(الطعن رقم 54 لسنة 46 ق - جلسة 1928/12/06 س ع ع 1 ص 66 ق 42)
15 ـ تقدير العقوبة و تقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب و دون أن تسأل حساباً عن الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته . و ليس فى القانون ما يلزمها بأن تتقيد بالحد الأدنى الذى يستتبعه تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات إن هى أعملتها .
(الطعن رقم 941 لسنة 36 ق - جلسة 1966/06/20 س 17 ع 2 ص 852 ق 161)
16ـ لمحكمة النقض وهي تقدر العقوبة أن تراعي معنى الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع فتستعمل المادة 17 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 672 لسنة 31 ق - جلسة 1961/11/07 س 12 ع 3 ص 895 ق 179)
17 ـ إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها المحكمة تدخل فى الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
(الطعن رقم 651 لسنة 31 ق - جلسة 1961/10/30 س 12 ع 3 ص 849 ق 168)
18 ـ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها الجاني لا الوصف القانونى الذى تسبغه المحكمة عليها ، وهى إذ تعمل حقها الإختيارى فى إستعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات فإنما تقدر العقوبة التى تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف .
(الطعن رقم 650 لسنة 39 ق - جلسة 1969/05/19 س 20 ع 2 ص 748 ق 152)
19 ـ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التى قارفها الجاني لا الوصف القانونى الذى تسبغه المحكمة عليها ، وهى إذ تعمل حقها الإختيارى فى إستعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات فإنما تقدر العقوبة التى تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف .
(الطعن رقم 650 لسنة 39 ق - جلسة 1969/05/19 س 20 ع 2 ص 748 ق 152)
20 ـ لمحكمة النقض و هى تقدر العقوبة التى توقعها طبقاً للقانون أن تراعى ظروف الواقعة و تعمل المادة 17 من قانون العقوبات - كما تأمر بإيقاف التنفيذ وفقاً للمادة 55 من القانون المذكور .
(الطعن رقم 713 لسنة 37 ق - جلسة 1967/05/29 س 18 ع 2 ص 717 ق 142)
21 ـ إذا كان الواضح من الحكم أن المحكمة مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات قد التزمت الحد الأدنى المقرر لجناية إحراز السلاح مع قيام الظرف المشدد، وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني، فإن تقدير العقوبة بالقدر الذي قضت به المحكمة ودون تمحيص توافر الظرف المشدد للجريمة لا يكون سليماً من ناحية القانون.
(الطعن رقم 1040 لسنة 28 ق - جلسة 1958/10/20 س 9 ع 3 ص 813 ق 199)
22 ـ لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة هتك العرض طبقاً لنص المادة 268/2،1 من قانون العقوبات وأعمل فى حقه المادة 17 من القانون ذاته. ثم قضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة هتك عرض إنسان بالقوة والتهديد حال كونه لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة هي السجن المشدد، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور وأنه وإن كان هذا النص جوازي إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً لنص المادة 17 المذكورة ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فى هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة هتك العرض بالقوة والتهديد وذكرت فى حكمها أنها رأت معاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات فإن حكمها يكون مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى السجن أو الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ستة أشهر، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه وأن يكون مع النقض الإعادة ، لما هو مقرر من أن تطبيق العقوبة فى حدود النص المنطبق هو من اختصاص محكمة الموضوع وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
(الطعن رقم 61413 لسنة 73 ق - جلسة 2010/10/21 س 61 ص 592 ق 72)
23 ـ لما كان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بخصوص جريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر بقصد التعاطي ، طالما أن الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حقه توافر جريمة الرشوة ، وأوقعت عليه بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات عقوبة واحدة عن الجريمتين موضوع الاتهام اللتين دارت عليهما المحاكمة ، وذلك بالتطبيق للمادة 32 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت فى حق الطاعن .
(الطعن رقم 66149 لسنة 75 ق - جلسة 2006/04/04 س 57 ص 493 ق 56)
24 ـ إن محكمة الموضوع إنما تقدر ظروف الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية التي تثبت لديها قبل المتهم لا بالنسبة للوصف القانوني الذي تصفها به. فإذا وصفت المحكمة المتهم فى جناية قتل عمد اقترن بظرف قانوني مشدد بأنه فاعل أصلي فيها، وعاملته بالمادة 17 من قانون العقوباتفأوقعت عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بدلاً من عقوبة الإعدام المقررة قانوناً لهذه الجناية، وكان الوصف الصحيح للفعل الجنائي الذي وقع منه هو مجرد الاشتراك فى هذه الجناية المعاقب عليه قانوناً بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة، فلا يصح طلب نقض هذا الحكم بمقولة إن المحكمة، إذ قضت بالعقوبة التي أوقعتها، كانت تحت تأثير الوصف الجنائي الذي ارتأته، وإن ذلك يستدعي إعادة النظر فى تقدير العقوبة على أساس الوصف الصحيح. ذلك لأن المحكمة كان فى وسعها - لو كانت قد أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه - أن تنزل إلى الأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات، وما دامت هي لم تفعل فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها بصرف النظر عن وصفها القانوني. أما إذا كانت المحكمة قد نزلت فعلاً بالعقوبة إلى أقل حد يسمح لها القانون بالنزول إليه ففي هذه الحالة - وفي هذه الحالة وحدها - يصح القول بإمكان قيام الشك فى وجود الخطأ فى تقدير العقوبة، وتتحقق بذلك مصلحة المحكوم عليه فى التمسك بخطأ الحكم فى وصف الواقعة التي قارفها.
(الطعن رقم 2117 لسنة 8 ق - جلسة 1939/01/23 س ع ع 4 ص 433 ق 338)
25 ـ إذ تنص المادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات و تنظيم إستعمالها و الإتجار فيها على أنه " لا يجوز تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات على أية جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى المواد الثلاث السابقة " فإنه لا يعيب الحكم ما أشار إليه خطأ من أنه يرى أخذ المتهمين بالرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات ، ما دام لم يعمل حكمها عند تطبيق العقوبةعلى المتهمين .
(الطعن رقم 991 لسنة 40 ق - جلسة 1970/10/18 س 21 ع 3 ص 980 ق 233)
26 ـ لما كان من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب الحكم ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل فى الحدود التي رسمها القانون وما دام أن تقدير العقوبة هو من أطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، لما كان ما تقدم وكان الحكم إذ عاقب كل من المحكوم عليهم - عدا الثالث - بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة فإن مفاد ذلك أن المحكمة قد انتهت إلى أخذهم بالرأفة ومعاملتهم بالمادة 17 من قانون العقوبات وإن لم تصرح بذلك فى أسباب حكمها - ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة.
(الطعن رقم 555 لسنة 47 ق - جلسة 1977/10/10 س 28 ع 1 ص 829 ق 172)
27 ـ من المقرر أن إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها، لا يعيب حكمها مادامت العقوبة التي أوقعتها تدخل فى الحدود التي رسمها القانون مادام تقدير تلك العقوبة هو من أطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة المتهم عن الجريمتين المسندتين إليه وإلى وجوب معاقبته بعقوبة الجريمة الأشد المقررة لأولاهما وهي المنصوص عليها فى المواد 230 و231 و232 و234/2 من قانون العقوبات مما كان يتعين معه أصلاً معاقبة المتهم بالإعدام، وكانت المحكمة لم تشر فعلاً إلى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات فى حق المتهم، إلا أنه لما كان للمحكمة أن تنزل بهذه العقوبة تطبيقاً لحكم المادة 17 من قانون العقوبات إلى الحد الذي نزلت إليه، وهي إذ نزلت إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، فقد دلت على أنها أعملت حكم هذه المادة.
(الطعن رقم 1577 لسنة 42 ق - جلسة 1973/02/19 س 24 ع 1 ص 231 ق 51)
28 ـ إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل فى الحدود التي رسمها القانون . ومتى كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة طبقت المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة لجريمة الضرب طبقاً للمادة 241/ 1 من قانون العقوبات وجناية التعدي مع حمل السلاح وعاقبت المطعون ضده بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه مما مفاده أن المحكمة انتهت إلى أخذ المطعون ضده بالرأفة ومعاملته بالمادة 17 من قانون العقوبات ونزلت بالعقوبة إلى حد تسمح به هذه المادة، فإن النعي بخطأ الحكم فى تطبيق القانون يكون غير سديد .
(الطعن رقم 96 لسنة 42 ق - جلسة 1972/03/19 س 23 ع 1 ص 399 ق 88)
الجريمة ذات الظروف
1- الظروف بالركن :
الجريمة ذات الظروف هي شكل من الأشكال التي تظهر عليها الواقعة الإجرامية بعنصرها المادي والمعنوي، بحيث يحيط بها وقائع يعتقد بها المشرع في تحديد جسامتها أو في تغيير قدر العقوبة المقررة لها، ويبنی
على ذلك أن الظروف هي عناصر ثانوية أو تبعية لا تدخل في التكوين القانوني للجريمة وإنما تؤثر فقط على جسامتها أو على مقدار العقوبة المقررة لها، ولذلك فإن انتفاء الظرف لا يؤثر على الوجود القانوني للجريمة على عكس الحال بالنسبة لانتفاء الركن أو العنصر الداخل في تكوينها فالظروف هي عناصر عارضة في الجريمة بينما الركن هو عنصر أساسي وثابت فيها.
ويترتب على ما سبق أن تحديد ما إذا كنا بصدد عنصر عارض بأي ظرف، أو بصدد ركن في الجريمة، لا يتوقف على الطبيعة الذاتية للظرف أو الركن وإنما على الوظيفة التي يباشرها في الوجود القانوني للجريمة فإذا كانت الواقعة محل البحث تميز الجريمة عن الفعل المشروع أو على جريمة أخرى، فأنها تعتبر عنصراً أو ركناً في الجريمة، أما إذا كانت تؤثر فقط على جسامة الجريمة وتحدث أثراً في العقوبة المقررة لها إذا كانت تعتبر ظرفاً ومعنى ذلك أنه لا يمكن الحديث عن الظرف إلا إذا كانت هناك جريمة موجودة فعلاً ومكتملة الأركان ولذلك فأن الظرف من شأنه أن يغير الجريمة من بسيطة إلى جريمة ذات ظروف .
والظروف قد تكون سابقة أو معاصرة أو لاحقة على السلوك الإجرامي والنتيجة المترتبة عليه، كما قد تكون راجعة في وجودها إلى سلوك للجاني أو خارجة عن هذا السلوك .
تنقسم الظروف تقسيمات متعددة أهمها :
1- ظروف مشددة وظروف مخففة معفية :
فالظروف المشددة هي تلك التي تؤثر على جسامة الجريمة بالزيادة وبالتالي تحدث تأثيراً في جسامة العقوبة الواجبة التطبيق، ومثال ذلك ظرف التعدد وحمل السلاح في السرقة وظرف سبق الإصرار والترصد في القتل وظرف العود، أما الظروف المخففة فهي تقلل من جسامة الجريمة وبالتالي تحدث أثرها في تخفيف العقاب ومثالها تفاهة قيمة المسروقات في سرقة المحاصيل الزراعية إذا لم تجاوز قيمتها خمسة وعشرين قرشاً، وتجاوز حدود الدفاع الشرعي بحسن نية، ومفاجأة الزوج وزوجته متلبسة بالزنا في جريمة القتل.
أما الظروف المعفية فهي التي يترتب على وجودها عدم توقيع العقوبة وهي ما يطلق عليه موانع العقاب، ومثالها تزوج الخاطف بمن خطفها في جريمة الخطف، وإخبار السلطات عن جريمة الاتفاق الجنائي، واعتراف الراشي بجريمة الرشوة .
والظروف المخففة قد تكون قانونية وقد تكون قضائية، والأولى هي التي يحددها المشرع صراحة ويترك للقاضي تطبيقها إما بطريق الوجوب وإما بطريق الاختيار، ويطلق على الظروف القانونية الوجوبية اصطلاح الأعذار القانونية المخففة باعتبار أن المشرع هو الذي تولى تقدير الظرف المخفف ولم يتركه للقاضي، أما الظروف القضائية فهي عادة تكون غير محددة من المشرع وإنما يترك للقاضي استخلاصها من وقائع الدعوى وما أحاط ارتكاب الجريمة من ملابسات، وتعتبر أيضاً ظروفاً قضائية تلك المحددة سلفاً من المشرع والتي يترك تطبيقها للسلطة التقديرية للقاضي.
وعليه فظرف صغر السن يعتبر عذراً قانونياً مخففاً، وظرف مفاجأة الزوج زوجته بالزنا يعتبر عذراً قانونياً مخففاً، أما تجاوز الدفاع الشرعي فقد رأينا أنه اختلف في شأنه والراجح اعتباره عذراً مخففاً من نوع خاص، وعموماً فإن هذا الخلاف لا قيمة له قانوناً باعتبار أن الأعذار المخففة هي في طبيعتها وجوهرها تندرج تحت مفهوم الظروف.
وعموماً فإن السمة المميزة للظروف القضائية هي خضوعها للسلطة التقديرية للقاضي، والتي وضع لها المشرع ضوابط بالمادة 17 تتعلق بالنزول عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للجريمة، ولذلك فلا قيمة للظروف القانوني المخفف الجوازي إلا إذا كان المشرع أراد أن يخفف العقوبة بما يخالف الضوابط التي نص عليها بالمادة 17ع سالفة الذكر، وذلك في مواد الجنايات.
2- ظروف موضوعية وظروف شخصية :
والظروف الموضوعية هي المتعلقة بالجريمة وكيفية ارتكابها وما اكتنفها من ملابسات، ولذلك يندرج تحتها طبيعة الوسائل المستخدمة ونوعيتها كالسم مثلاً في القتل، الموضوع المادي للجريمة، زمان ومكان ارتكابها أو غير ذلك من طرق ارتكاب الفعل الإجرامي، كما يندرج تحتها أيضاً درجة جسامة الضرر أو الخطأ الناشئ عن الفعل الإجرامي، وكذلك الصفات التي تتوافر في المجني عليه.
أما الظروف الشخصية فهي المتعلقة بالجاني وتشمل درجة جسامة القصد الجنائي والعلم بعناصر الجريمة وكيفية ارتكابها وكذلك درجة جسامة الخطأ غير العمدي، كما تشمل أيضا الحالة أو الصفة الشخصية للجاني، وأخيراً العلاقة بين الجاني والمجني عليه.
3- ظروف عامة وظروف خاصة :
يقصد بالظروف العامة تلك التي يمكن أن تتصرف إلى عدد غير محدد من الجرائم، ومثال ذلك ظرف صغر السن أو تجاوز الدفاع الشرعي بحسن نيه، وذلك في محيط الظروف المخففة، وظرف العود بالنسبة للظروف المشددة.
أما الظروف الخاصة فهي التي تتعلق بجريمة أو جرائم محددة، ومثال ذلك تفاهة المسروقات في سرقة المحاصيل الزراعية، وظرف الليل بالنسبة للسرقة وإتلاف المزروعات.
4- ظروف قضائية وظروف قانونية :
ويستند هذا التقسيم إلى معيار النص صراحة عليها من قبل المشرع من عدمه، فالظروف القانونية هي تلك المنصوص عليها قانوناً، أما الظروف القضائية فهي التي يترك تحديدها للسلطة التقديرية للقاضي استناداً إلى ظروف كل واقعة.
وهذا التقسيم في التشريع المصري لا ينصرف إلا إلى الظروف المخففة أما الظروف المشددة فهي دائماً قانونية أي منصوص عليها صراحة من المشرع سواء بالنسبة لعدد غير محدود من الجرائم، كما هو الشأن في العود أو بالنسبة لكل جريمة بعينها.
والظروف القانونية المخففة يطلق عليها الأعذار القانونية وهي في القانون المصري ثلاثة، عذر صغر السن، وتجاوز الدفاع الشرعي بحسن نية، وأخيراً مفاجأة الزوج زوجته متلبسة بالزنا وهو خاص بجريمة القتل العمد، وقد سبق لنا دراسة العذر الأول والثاني في موضعهما، أما العذر الثالث فموضعه عند دراسة جريمة القتل.
أما الظروف القضائية فهي عامة وتنصرف إلى كل الجرائم المعتبرة
جناية إلا ما استثني بنص خاص.
الظروف موضوع الدراسة :
سنقتصر في دراستنا للظروف هنا على دراسة الظروف العامة المخففة والمشددة، والظروف العامة المخففة هي الظروف القضائية، والظروف العامة المشددة في القانون المصري تتمثل في ظروف العود.
أولاً : الظروف القضائية المخففة :
التعريف بالظروف القضائية المخففة وتحديد نطاقها :
الظروف هي عناصر عارضة للواقعة الإجرامية لا تتعلق بالتكوين القانوني للجريمة وإنما تؤثر على جسامة العقوبة، وهي بذلك تنقسم إلى ظروف مشددة أو مخففة، وطبيعي أن يتكفل المشرع بالنص صراحة على تلك الظروف والتي قد تكون عامة، أي تسري على جميع الجرائم أو على عدد غير محدد منها، كما قد تكون خاصة بجرائم معينة، والظروف المنصوص عليها هي الظروف القانونية.
والظروف القانونية المخففة قد تكون جوازية، أي يترك المشرع للقاضي السلطة التقديرية في تطبيقها وإعمال أثرها القانوني على العقوبة، كما قد تكون وجوبية أي يتولى المشرع تقدير الواقعة التي أحاطت بها تلك الظروف ويلزم القاضي بالتخفيف إذا ما توافرت، وبالنسبة للظروف القانونية المخففة الوجوبية يتحدث الفقه المصري والفرنسي عنها بوصفها أعذاراً قانونية مخففة نظراً لانعدام السلطة التقديرية في تطبيقها من قبل القاضي.
غير أن المشرع المصري، متبعاً في ذلك عدداً من التشريعات المعاصرة أجاز للقاضي أن يخفف العقوبة عن الحد الأدنى المقرر لها إذا قدر أن هناك ظروفاً تستوجب معاملة المتهم بالرأفة من غير الظروف المنصوص عليها للتخفيف سواء بطريق الوجوب أو الاختيار، وهنا نجد أن ظروف التخفيف غير محددة سلفاً من المشرع وإنما ترك تحديدها والاعتداد بها للقاضي وتكفل المشرع فقط بوضع الحدود التي يجوز للقاضي أن ينزل إليها بالعقوبة ولا يتجاوزها ومن أجل ذلك يطلق الفقه على تلك الظروف القضائية المخففة.
وعلى ذلك فالظروف القضائية المخففة هي وقائع عارضة يتولى تحديدها القاضي في كل جريمة على حدة وبقدر أثرها القانوني على العقوبة الواجب تطبيقها، ولذلك فهي تمثل أعلى درجات السلطة التقديرية للقاضي في إطار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، ذلك أن العناصر أو الوقائع المؤثرة في العقوبة كأثر قانوني للجريمة تدخل في تكوين الواقعة القانونية بالمفهوم الواسع، ومعنى ذلك أن السلطة التقديرية تنصب على تلك الواقعة في مجموعها بعناصرها المادية وأيضاً ما يتصل بمرتكبها من ظروف ولذلك فأن الواقعة القانونية في هذا المفهوم تكون غير محددة في بعض عناصرها ويترك المشرع للقاضي هذا التحديد.
وإذا كانت الظروف القضائية المخففة تشكل صورة من صور السلطة التقديرية للقاضي هي أقصى ما يمكن أن يمنحه المشرع له في نطاق مبدأ الشرعية إلا أنها لا يجب أن تختلط بالصور الأخرى والتي تعتبر أدني درجة في اتساع تلك السلطة، ونقصد بذلك سلطة القاضي في تقدير العقوبة بين الحدين الأقصى والأدنى، وسلطته في إعمال الظروف القانونية المخففة الجوازية حقاً أن هذه الصور جميعها تشترك في أن الواقعة القانونية المستوجبة للعقوبة لا يستطيع المشرع تقديرها سلفاً من جانبه عند النص على الواقعة النموذجية وبالتالي يترك للقاضي تفريد النص بحسب المتغيرات والأشكال التي يمكن أن تأخذها الواقعة النموذجية في الواقع التطبيقي ولكن هناك اختلاف بين تلك الصور يتمثل في أن المشرع يضع حداً أدني للمتغيرات الخاصة بالواقعة بالنسبة لتقدير العقوبة بين الحدين الأقصى والأدنى، وبالنسبة للظروف القانونية المخففة، وبالتالي فإن تقدير القاضي يتعلق فقط بمكنة توقيع العقوبة في حدها الأدنى المقرر قانوناً للجريمة.
أما بالنسبة للظروف القضائية المخففة فإن التقدير يكون مزدوجاً، فالقاضي يقدر أولاً ما إذا كان المتهم يستحق العقوبة في حدها الأدنى المقرر قانوناً للجريمة، فإذا ما انتهى إلى ذلك فإنه يقدر وفقاً للظروف التي أحاطت بارتكاب الجريمة وبمرتكبها أن الحد الأدنى غير متناسب وجسامة الواقعة في مجموعها بعناصرها المادية وما أحاط بفاعلها وبالتالي فهو ينزل عن هذا الحد الأدني، ولذلك فإن ازدواج التقدير يتعلق بسلطة القاضي وليس بالموضوع الذي تنصب عليه تلك السلطة التقديرية، ومن أجل ذلك لا يجوز أن يؤخذ في الاعتبار ظرف واحد مرة للنزول بالعقوبة إلى حدها الأدنى ومرة أخرى في النزول بالعقوبة إلى ما يجاوز هذا الحد، كذلك أيضاً لا يجوز أن يعتد القاضي بظرف قانوني مخفف، سواء بطريق الوجوب أو الجواز، في النزول بالعقوبة عن حدها الأدنى، فمثل تلك الظروف تجد حدوداً تخفيها فيما نص عليه المشرع من حد ادني للجريمة، أما النزول عن هذا الحد فيجب أن يكون لظروف أخرى غير منصوص علها يستخلصها القاضي من ماديات الواقعة المرتكبة ومن أحوال وظروف مرتكبها فمثلاً إذا كان المشرع يعد بصغر السن في تخفيف العقوبة فلا يجوز أن يكون هذا الظرف في حد ذاته سبباً لاستعمال الرأفة والنزول بالعقوبة عن حدها الأدنى، وإنما يتعين على القاضي أن يبحث عن ظروف أخرى تستوجب، وفقاً لتقديره، الرأفة بالمتهم.
الطبيعة القانونية للظروف القضائية :
اختلف الفقه الحديث حول طبيعة الظروف القضائية المخففة وما إذا كانت تندرج تحت المفهوم القانوني للظروف من عدمه، وقد اتجه الراجح من الفقه إلى أن تلك الظروف ليست ظروفاً بالمعنى الدقيق بينما ظهرت في الفقه آراء حديثة تري في تلك الظروف تطبيقاً للقواعد العامة للظروف القانونية بالرغم من الاختلاف الظاهري في أن الأولى مسماة بينما الثانية غير مسماة.
وإذا كان الفقه الراجح لا يعترف للظروف القضائية بالطبيعة القانونية للظروف المخففة المسماة أو القانونية فأن ذلك يرجع إلى عدم النص عليها من المشرع في مضمونها أو في العناصر التي تستقي منها، ومن ناحية أخرى فأن الظروف القانونية أو المسماة تقوم على وقائع تدخل في الشكل القانوني للواقعة الإجرامية ذات الظروف على عكس الوضع بالنسبة للظروف القضائية، ولذلك فأن قيمة الظروف القضائية في التخفيف ليست في تفريد بعض عناصر الجريمة العارضة والتي تساهم في التقييم القانوني لها، وإنما يأتي التخفيف نتيجة تقدير مركب راجع إلى الواقعة في مجموعها ومدى جسامتها وما أحاط مرتكبها من ظروف، وهذا ما دعا الفقه إلى الربط بين تلك الظروف وبين مساند أو ضوابط تقدير العقوبة بين الحد الأدنى والأقصى، بمعنى أن الواقعة في مجموعها المتعلق بجسامتها وظروف مرتكبها تكون مزدوجة التقدير، فتقدر أولاً للنزول بالعقوبة إلى حدها الأدنى ثانياً النزول بالعقوبة عن الحد الأدني المقرر لها.
ومن أجل ذلك يذهب الراجح من الفقه إلى أن الظروف القضائية تجد مبرراتها التشريعية في التوفيق بين اعتبارات التهديد المجرد بعقوبة مشددة للجريمة وبين الاعتبارات الإنسانية وتفريد العقوبة وخاصة حينما تكون تلك العقوبة في حدها الأدني غير مناسبة مع الواقعة المادية، ولذلك فاز مقتضيات التناسب هذه هي التي دعت المشرع إلى إجازة الظروف القضائية المخففة دون أن يخالف مقتضيات التشديد في العقوبة تحقيقاً للردع العام، وهذا ما يفسر سياسة المشرع في النص صراحة على عدم جواز استعمال تلك الظروف القضائية للتخفيف بصدد بعض جرائم معينة كما هو الشأن في جرائم المخدرات.
ومعني ذلك أو المشرع لم يكن في استطاعته عند النص على الواقعة والعقوبة المقررة لها أن يتناول جميع الفروض التي يمكن أن تتشكل عليها الجريمة في جسامتها وظروف مرتكبها، ولهذا فقد ترك القاضي السلطة التقديرية لكي يحقق التناسب اللازم بين الجريمة المتحققة والعقوبة الواجبة التطبيق على مرتكبها، وأيضاً لكي يمكن للقاضي معاملة الجاني بالرأفة إذا كأن تطبيق العقوبة في حدها الأدني يتعارض والاعتبارات الإنسانية.
والواقع أن الظروف القضائية ليست ظروفاً للجريمة بالمعنى الدقيق فظروف الجريمة هي عناصر عارضة تدخل في تكوين الشكل القانوني للواقعة محل التجريم وبالتالي تكون محددة من قبل المشرع في مضمونها وأيضاً في قيمتها القانونية المخففة للعقوبة المقررة أصلاً لتلك الجريمة ومع ذلك فأن الظروف القضائية وأن اقتضتها السياسية الجنائية في تفريد العقوبة إلا أنها تتساوى مع الظروف القانونية المسماة في الأحكام العامة التي تخضع لها، فإذا تعددت الظروف القضائية المخففة وظروف قانونية مشددة ورأي القاضي رجحان أو تساوي الأولى مع الثانية فأنه يمكنه إعمال الظروف المخففة واستبعاد المشددة إذا كانت جوازية، ولهذا فأنه يجوز أخذ المتهم بالرأفة بالرغم من كونه عائداً وفقاً للمادة 49 عقوبات ومن ناحية أخرى لا يكفي لإنكار الظروف المخففة في واقعة الحال أن تكون سوابق المتهم أو ماضية يستفاد منه أو منه خطورة إجرامية ماضية ما دامت واقعة الحال لا تعبر عن تلك الخطورة وتستوجب معاملته بالرأفة ويلاحظ أن الظروف القضائية المخففة هي في جوهرها القانوني تشكل ظرفاً مخففاً واحداً مهما تعددت العناصر التي تستقي منها الرأفة بالمتهم، ومعنى ذلك أن القاضي ينزل بالعقوبة عن حدها الأدنى استناداً إلى مجموع العناصر المكونة لظرفي الرأفة وبالتالي فلا يجوز النزول بالعقوبة بقدر كل عنصر يأخذه القاضي في الاعتبار وإنما بحسب مجموع العناصر.
ويترتب على مساواة الظروف المخففة القضائية بأحكام الظروف القانونية واعتبارها ظرف واحداً مخففاً أنه لا يجوز الاعتداد بالظرف الواحد أكثر من مرة للتخفيف، فإذا كان المشرع يعد ظرف مخفف في تحديد الحد الأدنى المقرر قانوناً للجريمة فلا يجوز للقاضي الاعتداد بذات الظرف النزول بالعقوبة عن هذا الأدنى استعمالاً لسلطته التقديرية بالنسبة للظروف القضائية المخففة.
ولقد سلكت التشريعات المختلفة سبلاً متعددة في تحديد نطاق السلطة التقديرية للقاضي بالنسبة للظروف المخففة، ونطاق السلطة التقديرية يتحدد أولاً بالجرائم التي يجوز للقاضي بصددها النزول عن الحد الأدنى المقرر قانوناً لها وثانياً بالقواعد التي يجب مراعاتها في ذلك، وثالثاً بالعناصر التي يستند إليها القاضي في النزول عن الحد الأدنى المقرر للعقوبة.
أولاً - الجرائم التي يجوز للقاضي بصددها استعمال الظروف القضائية المخففة :
اتبع المشرع المصري خطة إطلاق السلطة التقديرية للقاضي في الظروف المخففة بالنسبة لجميع الجرائم ذات وصف الجناية فالمادة 17 من قانون العقوبات قاصرة في تطبيقها على مواد الجنايات دون الجنح والمخالفات والواقع أن هذا التحديد إنما جاء نتيجة لخطة المشرع في العقاب على الجنح والمخالفات، والتي تعرضت للتبديل دون تعديل في المادة 17 فلا شك أن قصر الظروف المخففة القضائية على الجنايات دون الجنح هو أمر يتنافى والسياسة الجنائية السلعية، وعذر التشريع في ذلك هو أنه حينما استخدمت المادة 17 في قانون 1883 و 1904 كانت الجنح محددة عقوبتها فقط في حدها الأقصى أما الحد الأدنى فكأن متروكاً للحد الأدنى العام للحبس وهو 24 ساعة، وبالتالي لم يكن هناك مبرر لإدراج الجنح في هذه الحالة، إذ يعتبر غير سليم من ناحية الفن التشريعي، ولكن المشرع في قانون العقوبات الصادر سنة 1937 أبقى على المادة 17 دون تغيير وعدل في قواعد الحد الأدنى بالنسبة للجنح لعقوبة الحبس، وبذلك أصبح الوضع التشريعي الراهن يجيز للقاضي فقط في مواد الجنايات دون الجنح أن يستعمل الظروف القضائية المخففة، ولا يخفى ما في هذا الوضع من تناقض، إذ بينما يمكن للمحكمة أن تنزل ببعض عقوبات الجناية إلى الحبس الذي لا يقل عن ثلاثة أشهر نجد أنه بالنسبة لبعض الجنح التي تزيد في حدها الأدنى عن ذلك لا يمكن للقاضي إلا أن يحكم بالحد الأدنى المقرر قانوناً لها وذلك إذا ما اقتضت ظروف الدعوى اخذ المتهم بالرأفة، وهذا التناقض لا سبيل لتفادية إلا بالتدخل التشريعي، وأن كان القاضي يملك في مثل تلك الفروض وقف تنفيذ العقوبة إذا توافرت الشروط الخاصة بذلك.
وجدير بالذكر أن استعمال الظروف القضائية المخففة في مواد الجنايات قاصر فقط على العقوبات السالبة للحرية وعقوبة الإعدام، أما عقوبة الغرامة فتخرج عن هذا النطاق، ويلتزم القاضي بالعقوبة المقررة لها في حديها الأقصى والأدنى، وإذا كانت الغرامة مقررة إلى جانب العقوبة المقيدة للحرية فأن استعمال المادة 17 لا يقتضي عدم الحكم بالغرامة.
وكذلك أيضاً تخرج عن نطاق التقدير في الظروف القضائية العقوبات التبعية والتكميلية المرتبطة بالجريمة، فلا يجوز للقاضي استعمال السلطة التقديرية في تطبيق المصادرة الوجوبية بإعفاء الجاني من مصادرة بعض المواد مثلاً، وحتى إذا كانت المصادرة جوازية فالقاضي أما أن يحكم بها أو لا يحكم، أما تجزئتها فهي أمر يتعارض وطبيعة المصادرة والتي هي عقوبة تكميلية من حد واحد لا يحتمل التدرج حتى ولو كانت جوازية.
ثانياً - حدود سلطة القاضي التقديرية في النزول عن الحد الأدنى :
وضع المشرع المصري ضوابط نزول القاضي عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للجريمة تتمثل في مكنة النزول درجتين عدا عقوبة السجن فتنزل درجة واحدة، فعقوبة الإعدام يمكن أن تنزل من الأشغال الشاقة المؤبدة إلى المؤقتة ومعنى ذلك أنه يمكن الحكم بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات أي في حدها الأدنى العام المقرر قانوناً، فالمحكمة حينما تنزل بالعقوبة المقررة قانوناً للجريمة إلى درجة أقل فإنها تملك الحكم بالحد الأقصى أو الحد الأدنى المقرر للعقوبة وفقاً لدرجتها القانونية طالما أن المشرع لم يقيده صراحة في ذلك، أما عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة فتنزل أيضاً درجتين أي إلى الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وبذلك يمكن الحكم بثلاث سنوات سجن أي الحد الأدنى العام لعقوبة السجن، وإذا كانت العقوبة المقررة أصلاً للجريمة هي الأشغال الشاقة المؤقتة يمكن أن تستبدل بعقوبة السجن أو الحبس الذي لا يقل عن سنة أشهر، ومفاد ذلك أيضاً أن العقوبة تنزل درجتين إلا أن المشرع وضع حداً أدني لعقوبة الحبس في هذه الحالة وهو ستة أشهر، أما إذا كانت العقوبة المقررة أصلاً هي السجن فتنزل درجة واحدة أي إلى الحبس الذي لا يقل عن ثلاثة أشهر.
وجدير بالذكر أن المناط في تحديد العقوبة المقررة للجناية والتي على أساسها تستخدم الضوابط السابقة هي بالعقوبة المقررة للجريمة في حدها الأقصى، ولا عبرة في ذلك بالحد الأدنى، فإذا كانت العقوبة المقررة أصلاً للجريمة هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، فأن المحكمة إذا رأت استخدام الرأفة، فلا يجوز لها أن تنزل عن الأشغال الشاقة المؤقتة في حدها الأدنى أي ثلاث سنوات، فإن هي حكمت بالسجن يكون مخالفة قانون.
ثالثاً - سلطة القاضي في تحديد العناصر المكونة لظروف التخفيف :
لم يحدد المشرع صراحة العناصر التي تتكون منها موجبات الرأفة أو الظروف القضائية وأن ترك ذلك لتقدير القاضي، ومن أجل ذلك رأينا أن الظروف القضائية ليست ظروفاً للجريمة بالمعنى الدقيق باعتبار أن مضمونها لا يتحدد سلفاً من المشرع وإنما يتحدد بتقدير القاضي.
وعموماً يمكن القول بأن هناك اتجاهين أساسيين في تحديد مضمون تلك الظروف : الأول هو اتجاه الموضوعي والثاني هو الاتجاه الشخصي .
والاتجاه الموضوعي يركز على جسامة الواقعة المرتكبة، بمعنى أن القاضي في تحديده للظروف القضائية عليه أن يستخلصها من الظروف الموضوعية التي أحاطت بارتكاب الجريمة والتي تؤثر على جسامة الواقعة المادية بحيث تبدو العقوبة المقررة أصلاً في حدها الأدنى أشد جسامة، فإذا كانت العقوبة تقدر من المشرع بالتناسب مع جسامة الضرر الذي يترتب على الجريمة بالنسبة للحقوق والمصالح محل الحماية، فإن النزول بالعقوبة من الحد الأدني يجب أن يستند إلى اعتبارات تتعلق بدرجة جسامة الضرر الناتج عن الواقعة المرتكبة في مادياتها، وقد يجد هذا الرأي في ظاهر نص المادة 17 عقوبات ما يؤيده، حيث ينص المشرع على أنه «يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى رأفة القضاة . ..» ومؤدي ذلك أن الظروف التي يلزم الاستناد إليها للنزول بالعقوبة من الحد الأدني يجب أن تكون مؤثرة على جسامة الواقعة في حد ذاتها بعيداً عن شخصية مرتكبها .
أما الإتجاه الشخصي فهو يركز على اعتبارات شخصية لا تتعلق بجسامة الواقعة المادية التي يتكفل المشرع بتحديدها بالتناسب مع درجة جسامة الضرر الناشئ عنها، غير أن الاعتبارات الشخصية التي تستند إليها تلك الظروف اختلف الفقه في تحديدها، فذهب البعض إلى أن العبرة هي بظروف الجاني الشخصية ومدى دلالتها على توافر الخطورة الإجرامية بالنسبة للمستقبل بمعنى أن النزول عن الحد الأدنى استعمالاً لسلطة القاضي يجب أن يكون استناداً إلى عناصر يستفاد منها أنه ارتكب الجريمة لأسباب لا تشكل قدراً كافياً من احتمال جرائم مستقبلة.
بينما يذهب فريق آخر إلى أن الظروف القضائية هي عناصر تؤثر على درجة جسامة الإثم أو الركن المعنوي للجريمة، ومؤدي ذلك أنها تستفاد من الأحوال المتعلقة بالجاني والتي بتوافرها تكون العقوبة المقررة للجريمة في حدها الأدني غير متناسبة ودرجة جسامة القصد الجنائي أو الخطأ غير
العمدي.
على حين يذهب رأي ثالث إلى أن العبرة هي بما يستشعره القاضي في حواسه وشعوره بحيث يرى الرحمة بالجاني والرأفة به، ولما كانت الرأفة هي شعور باطني تثيره في نفس القاضي علل مختلفة لا يستطيع أحياناً أن يحددها ويصورها بالمقام أو اللسان، فأن القانون لم يكلف القاضي وما كان ليستطيع تكليفه بيانها بل يقبل منه مجرد قوله بقيام هذا الشعور في نفسه ولا يسأله عليه دليلاً، على حد تعبير محكمة النقض.
والحقيقة هي أن العناصر التي يمكن الاستناد إليها في التخفيف ليست مادية بحتة كما أنها ليست شخصية بحتة وإنما هي مادية وشخصية في الوقت ذاته، ذلك أن الجريمة بصفة عامة هي مزيج من ماديات تتعلق بجسامة الضرر ومعنويات تعكس الخطورة الإجرامية وجسامة الإثم أو الركن المعنوي، ولا شك أن المشرع عند تحديده للعقوبة المقررة أصلاً للجريمة يأخذ في حسبانه الضرر وأيضاً الحالة النفسية للجاني بدليل أن جرائم الخطأ يعاقب عليها بعقوبة أخف بكثير من الجرائم العمدية بالرغم من وحدة جسامة الضرر المادي، وإذا كان المشرع قد ترك القاضي سلطة في تقدير العقوبة بالنزول عن الحد الأدني فإن ذلك راجع لعدم إمكان حصر جميع الفروض والأشكال التي يمكن أن تتشكل عليها الجريمة باختلاف شخصيات مرتكبيها، ولذلك فإن المحكمة لها أن تستند في الظروف القضائية إلى عناصر ترجع إلى ماديات الجريمة المتحققة فعلاً كما لها أن تستند إلى عناصر ترجع إلى شخص الجاني، ولا يلزم أن تكون تلك العناصر هي ذاتها التي تستعين بها في تحديد العقوبة بين حديها الأقصى والأدنى، بل يمكنها الاستناد إلى عناصر أخرى ترى أنها كافية لأخذ المتهم بالرأفة، وهذه العناصر لا تقدر في حد ذاتها استقلالاً وإنما في محيط النظرة الشاملة لماديات الجريمة وشخصية الجاني، ومن أجل ذلك لم يلزم القانون المحكمة بإظهار عناصر الرأفة في الحكم واكتفي بتقرير المحكمة لاستعمال الرأفة بالمتهم، فالعنصر الذي يدعو المحكمة إلى استعمال الرأفة في واقعة معينة قد لا يبرر الرأفة في واقعة أخرى ومن ذات المتهم، فالعبرة هي بتفاعل تلك العناصر مع بقية الوقائع والظروف الأخرى التي أحاطت بالجريمة في مدياتها ومعنوياتها.
وتطبيقاً لذلك فأن السوابق الجنائية للمتهم ليست عناصر حاسمة لإنكار أو تقرير الظروف القضائية المخففة، كما أن العود ليس بالضرورة أن يكون سبباً كافياً لعدم استعمال الرأفة، وإذا كان السكر الاختياري لا يعدم أو يخفف المسئولية الجنائية إلا أنه يمكن أن يشكل عنصراً من عناصر استعمال الرأفة مع المتهم كما قد يكون عنصراً من عناصر تقدير العقوبة في حدها الأقصى.
والظروف القضائية المخففة هي ذات طبيعة شخصية، بمعنى أنها لا تمتد إلى غير من توافرت في حقه من المساهمين.
ويلاحظ أنه إذا كانت المحكمة غير ملزمة ببيان العناصر التي استندت إليها في تطبيق الظروف القضائية المخففة، فهي أيضاً غير ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها تم تطبيق المادة 17 عقوبات وتعامل المتهم بالرأفة.
(قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الثالث، الصفحة : 667)
الظروف المخففة هي أسباب متروكة لتقدير القاضي تخوله حق تخفيض العقوبة في الحدود التي عينها القانون، وهي تتناول كل ما يتعلق بمادية العمل الإجرامي في ذاته بشخص المجرم الذي ارتكب هذا العمل وبمن وقعت عليه الجريمة وكذلك كل ما أحاط ذلك العمل ومرتكبه والمجنى عليه من الملابسات والظروف بلا استثناء، وهو ما اصطلح على تسميته بالظروف المادية والظروف الشخصية هذه المجموعة المكونة من تلك الملابسات والظروف والتي ليس في الإستطاعة بيانها ولا حصرها هي التي ترك لمطلق تقدير القاضي أن يأخذ منها ما يراه هو موجباً للرأفة وهي تشبه الأعذار المخففة لأنها تؤدي مثلها إلى تخفيض العقوبة وإنزالها عن الحد الأدنى الذي حدده القانون للجريمة مجردة عنها، ولكنها تختلف عن الأعذار المخففة في أن الأعذار قد تولى القانون بيانها وألزم القاضي بإتباعها، أما الظروف المخففة فهى غير مبينة ولا محددة وقد تركها القانون لمطلق تقدير القاضى.
- وإذا كان الشارع قد نص على أعذار مخففة فإن نصوصه في هذا الشأن غير كافية إذ قد تعرض للقاضى إعتبارات تستوجب التخفيف لم يتوقعها الشارع فلم يدرجها بين هذه الأعذار فلتكن الوسيلة إلى التحقيق بناءً عليها هي الظروف المخففة ولهذه الأسباب دور قانونی هام هو تمكين القاضي من تطوير القانون وفقاً للمشاعر الاجتماعية أو النظريات العلمية إذا أوضحت تقدر شدة العقوبة المقررة لبعض الجرائم فيستطيع القاضي الإستجابة لها مع الإبقاء في الوقت ذاته على العقوبة الشديدة المقررة في القانون تحقيقاً للردع العام.
- أسباب التخفيف :
ومضمون ما سلف هو أن أسباب التخفيف في الجنايات نوعان : أسباب حصرها الشارع وبينها في القانون وتسمى أعذار قانونية وهي عذر صغر السن من 15- 18 وبمقتضاه يلتزم القاضي في الجنايات بتوقيع العقوبات المخففة المنصوص عليها في المادة 15 من قانون الأحداث، وعذر تجاوز حدود الدفاع الشرعي وبمقتضاه يستطيع القاضي أن ينزل إلى حدود المادة 17 أو إلى الحد الأدنى للحبس إذا لم تسعفه المادة 17 بأن كان التجاوز في ظروف تقتضي النزول بالعقوبة إلى ما دون حدود هذه المادة.
أما النوع الآخر فهو الظروف القضائية المخففة وقد ترك المشرع للمحكمة استظهارها واقتصر في المادة 17 عقوبات على بيان الحدود التي يصح لمحكمة الجنايات أن تنزل إليها عند قيام تلك الظروف ونظام الظروف القضائية المخففة لا تقتصر فائدته على إمكان إبدال عقوبتي السجن المؤبد والمؤقت والسجن بالحبس وإنما يجيز النزول بعقوبتي الإعدام والسجن المؤبد وهما من العقوبات ذات الحد الواحد إلى ما دونها من العقوبات.
- وبنص المادة 17 عقوبات تقوم خطة الشارع على تخويل القاضي سلطة أن يهبط بالعقوبة درجة أو درجتين حسب تقديره إلا إذا كانت عقوبة الجريمة السجن فلا يهبط بها إلا درجة واحدة ولم يضع الشارع حد أدنى للعقوبة التي يهبط القاضي إليها إلا إذا كانت هذه العقوبة هي الحبس فقد وضع لها حداً أدني هو ستة أشهر أو ثلاثة أشهر حسبما إذا كانت العقوبة في الحبس فقد وضع لها حداً أدنى هو ستة أشهر أو ثلاثة أشهر حسبما إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة أصلاً هي السجن المشدد أو السجن وعلة السماح بالهبوط بالعقاب درجة أو درجتين هو توسیع سلطة القاضی کی يواجه جميع الحالات التي تقتضي التخفيف حتى الشاذة منها، أما علة وضع حد أدنى للحبس فهي حرص الشارع على أن يقف تخفيف عقوبات الجنايات عند حدود معقولة ويقتصر التخفيف على العقوبات السالبة للحرية دون عقوبة الغرامة، وغني عن البيان أن تقدير المحكمة تطبيق الظروف المخففة لايعنى إلتزامها الحكم الأمني الذي تنص عليه المادة من قانون العقوبات بل يكون لها أن تقضي بأية عقوبة تدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يخولها لها هذا النص .
- المناط في تحديد العقوبة أعمالاً لنص المادة 17 عقوبات :
من المقرر أنه لا يجوز للقاضي بدعوى التخفيف أن يقضي على الجاني بأي عقوبة مخففة يراها بل يجب أن تكون العقوبة المقضي بها داخلة في نطاق العقوبات التي رخص القانون في توقيعها وقد أجيز للقاضي بوجه عام أن ينزل بالعقوبة درجة أو درجتين على نحو ما بينته المادة 17 عقوبات، وقد ذهب رأى في الفقه إلى أن مناط تحديد العقوبة المقررة للجناية والتي على أساسها تستخدم ضوابط المادة 17 عقوبات هي بالعقوبة المقررة في حدها الأقصى ولا عبرة في ذلك بالحد الأدنى فإذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة (قبل إلغائها) فإن المحكمة إذا رأت استخدام الرأفة فلا يجوز لها أن تنزل عن الأشغال الشاقة المؤقتة (قبل إلغائها) في حدها الأدني أي ثلاث سنوات فإن هي حكمت بالسجن يكون حكمها مخالفاً للقانون .
- ولكن الرأي الغالب هو أنه إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة أصلاً هي الإعدام جاز له - إن جنح إلى التصفيف - أن يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة (أصبحت الآن السجن المؤبد أو المشدد) وإن كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة المؤبدة جاز له أن يحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن وإن كانت العقوبة هي الأشغال الشاقة المؤقتة جاز له أن يحكم بالسجن أو بالحبس مدة لا تقل عن ستة شهور أما إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن فلا يجوز القاضي عند التخفيف أن ينزل بها إلا درجة واحدة فيحكم بالحبس وبشرط ألا تقل مدته عن ثلاثة شهور، وإذا جعل القانون الجريمة عقوبتين على وجه التخيير كالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن، أي أن العبرة في ذلك هي بالنظر إلى الحد الأدنى ويكون النزول بالعقوبة منه وليس من الحد الأقصى. ويلاحظ هنا أن عقوبة الأشغال الشاقة قد ألغيت بموجب القانون رقم 95 لسنة 2003 .
- قد ينص القانون على عدم جواز تطبيق المادة 17 في بعض الجنايات وقبل ذلك ما نصت عليه المادة 77 (د) من قانون العقوبات في فقرتها الأخيرة من أنه " لا يجوز تطبيق المادة 17 من هذا القانون بأية حال على جريمة من هذه الجرائم إذا وقعت من موظف عام أو شخص ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة وقد ينص القانون على عدم جواز النزول بالعقوبة أعمالاً لنص المادة 17 عقوبات إلا درجة واحدة فقط ومثل ذلك ما نصت عليه المادة 102 (هـ) عقوبات من أنه (استثناء من أحكام المادة مالا يجوز في تطبيق المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة، وأيضاً ما تنص عليه المادة 36 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 40 لسنة 1966 من أنه " استثناء من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة" كما قد ينص القانون استثناء بعدم النزول بعقوبة الحبس التي يحكم بها في حالة أعمال المحكمة لنص المادة 17 عن حد أدنى معين للحبس، ومثل ذلك ما نصت عليه المادة 37 من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 في فقرتها الثالثة المعدلة بالقانون رقم 16 لسنة 1973 من أنه " لا يجوز أن تنقص مدة الحبس عن ستة أشهر في حالة تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات المصري"، ففي مثل هذه الحالات جميعاً يتعين تطبيق النص الخاص دون النص العام الوارد في المادة 17 عقوبات .
- الظروف المخففة متروكة لتقدير المحكمة وقد تكتفي بتخفيض العقوبة بين الحدين المقررين فإذا لم يسعفها ذلك يكون لها أن تلجأ إلى المادة 17 تنزل بمقتضاها درجة أو درجتين غير مقيدة في ذلك بطلبات المتهم أو النيابة العامة وليست المحكمة ملزمة ببيان موجبات الرأفة بل يكفي أن تقول في حكمها أن هناك ظروفاً مخففة وأن تشير إلى النص الذي تستند إليه في تقدير العقوبة وهو المادة 17 من عقوبات، ومن ناحية أخرى فنص هذه المادة وإن كان يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة جوازياً إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المذكورة ألا توقع العقوبة إلا على أساس الوارد في هذه المادة بإعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة.
- الظروف القضائية المخففة هي ذات طبيعة شخصية بمعنى أنها لا تمتد إلى غير من توافرت في حقه من المساهمين.
- تأثير هذه الظروف على العقوبات التكميلية والتبعية :
ليس لتطبيق المادة 17 عقوبات تأثيرا إلا على العقوبات الأصلية كما هو ظاهر من نصها فإذا كانت هناك عقوبة تكميلية من الواجب الحكم بها في حالة الإدانة في الجريمة فإنه يجب الحكم بها وتنفيذها لأنها عقوبات عينية تتبع الجريمة ولا تتبع العقوبة ولا الظروف الشخصية. ولكن يلاحظ أن العقوبات التبعية كالحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة 25 عقوبات والمراقبة كعقوبة تبعية في المادة 28 عقوبات لاتتبع إلا عقوبة الجناية و علی ذلك إذا حكم على الجاني بعقوبة الحبس طبقاً للمادة 17 فإن تلك العقوبات لاتسرى عليه ولذلك نصت المادة 27 عقوبات الخاصة بعقوبة العزل من الوظائف العمومية على أن العزل يجب الحكم به كعقوبة تكميلية وجوبية في حالة الجنايات المنصوص عليها فيها إذا ما عومل المتهم بالرأفة فحكم عليه بالحبس لأنه إذا لم يعامل بالرأفة طبقت عليه الفقرة الأولى من المادة 25 عقوبات وكانت عقوبة العزل تبعية.
(موسوعة هرجة الجنائية ، للمستشار / مصطفى مجدي هرجه ، المجلد / الأول ، دار محمود الصفحة / 160)
لقد تعرض المشرع وهو بصدد المادة (17) عقوبات إلى الظروف القضائية المخففة، ويمكن تعريفها بأنها هي الظروف والأحوال التي ترك المشرع أمر تحديدها لفطنة القاضي وخبرته.
فلقد قدر المشرع أنه قد يرى القاضي في بعض الحالات أن في ظروف الجريمة وأحوال المجرم ما يقتضي تخفيف العقوبة عليه، ولما كان من غير المستطاع الإحاطة بكل هذه الظروف وحصرها مقدماً فلقد اقتصر المشرع على منح القاضي سلطة تخفيف العقوبة تاركاً له تقدير الظروف التي تبرر هذا التخفيف بحسب ما يظهر له من وقائع كل دعوى، وضوابط إعمال الظروف القضائية المخففة تتمثل في أن حرية القاضي ليست مطلقة في تحديد العقوبة فلقد وضع له المشرع ضوابط معينة يتعين مراعاتها.
أن نطاق الظروف القضائية المخففة كنطاق الأعذار القانونية المخففة - يقتصر على الجنايات فقط إلا ما أستبعد منها بنص خاص، فقد يقيد القانون على القاضي إستعمال المادة (17) عقوبات فيقرر إقتصار أثرها في صدد بعض الجرائم على النزول فقط إلى الدرجة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة أصلاً (راجع المادة 102/هـ عقوبات).
أن تقدير هذه الظروف من حيث توفرها من عدمة أمر متروك لسلطة القاضي التقديرية وهذا ما عبرت عنه المادة (17) عقوبات حين نصت على أنه: "يجوز إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة .
وينص المادة (17) عقوبات تقوم خطة الشارع على تخويل القاضي سلطة أن يهبط بالعقوبة درجة أو درجتين حسب تقديره إلا إذا كانت عقوبة الجريمة السجن فلا يهبط إلا درجة واحدة.
ولم يضع الشارع حد أدنى للعقوبة التي يهبط القاضي إليها إلا إذا كانت هذه العقوبة هي الحبس فقد وضع لها حد أدني هي ستة أشهر أو ثلاثة أشهر حسبما إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة أصلاً هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
وعلة السماح بالهبوط بالعقاب درجة أو درجتين هو توسيع سلطة القاضي كي يواجه جميع الحالات التي تقتضي التخفيف حتى الشاذة منها.
أما علة وضع حد أدنى للحبس فهي حرص الشارع على أن لا تخفف، عقوبات الجنايات إلا في حدود معقولة.
وغني عن البيان أن تقرير المحكمة تطبيق الظروف المخففة لا يعني إلتزامها الحد الأدني الذي تنص عليه المادة (17) من قانون العقوبات بل يكون لها أن تقضي بأية عقوبة تدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يخولها لها هذا النص.
ومن أمثلة الظروف القضائية المخففة نبل الباعث لدى الجاني وخلو صحيفة سوابقه مما يشينه وفقره المدقع في السرقة وإستفزاز المجني عليه وتحرشه به، ومثل وقوعه تحت تأثير شخص أخر له سلطان عليه كوالده أو وليه، ومثل عدم جسامة الفعل ذاته أو ما قد يتخلف عنه من ضرر أو ندم الجاني، وإصلاح الضرر أو صفح المجني عليه وتصالحه مع الجاني أو قرابته له، وهي ظروف تختلف بطبيعة الحال من جريمة إلى أخرى حسبما يتراءى للقاضي .
أثر الظروف المخففة على العقوبات التبعية والتكميلية :
الأصل أن الظروف المخففة ليس لها أثر إلا على العقوبات الأصلية، فهي التي يجوز تخفيضها كما نصت على ذلك المادة (17).
ومع ذلك فقد يكون لها أثر غير مباشر على العقوبات التبعية التي تترتب على العقوبات الأصلية بقوة القانون كالحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة (25) عقوبات .
أما العقوبة التكميلية - وجوبية كانت أو جوازيه - فلا تأثير للظروف المخففة عليها .
الفرق بين الأعذار القانونية المخففة والظروف القضائية المخففة :
يتفق هذان النوعان من الظروف في أن من شأن كل منهما تخفيف العقوبة في مسائل الجنايات دون أن يمتد تأثير أي منهما إلى العقوبة التكميلية، إلا أنه يوجد فوارق تميز كل منهما عن الأخر :
فالأعذار القانونية مبينة في القانون على سبيل الحصر فلا يجوز القياس عليها أو تجاوزها والتخفيف بشأنها وجوبي في الحدود التي يبينها النص الذي يقررها.
أما الظروف القضائية المخففة فهي متروكة لتقدير القاضي وبالتالي لا تقع تحت حصر والتخفيف فيها جوازي.
ومن الفوارق بين الأعذار القانونية المخففة والظروف القضائية المخففة أن تطبيق العذر القانوني قد يحول الجناية إلى جنحة بحسب العقوبة التي يقضي بها فإذا كانت الحبس تحولت الجناية إلى جنحة.
ولكن تطبيق الظروف القضائية المخففة لا يترتب عليه تغيير وصف الجريمة بل تبقى كما هي جناية.
مدى رقابة محكمة النقض :
القول بتوافر الظروف القضائية المخففة من شأن قاضي الموضوع ولا يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض، فله أن يقضي بتطبيقها على المتهم ولو لم يدفع بها أو حتى ولو كان غائباً وسواء أكان عائداً أو مبتدئاً.
كما أن لقاضي الموضوع أن يطبق هذه الظروف على أحد المتهمين دون الآخرين، وهو غير ملزم ببيان هذه الظروف على أحد بل يكفي أن يقول في حكمه أن هناك ظروف مخففة أو يشير إلى النص الذي يستند إليه في تقدير العقوبة وهو المادة (17) من قانون العقوبات، وأكثر من هذا لا يلتزم قاضي الموضوع بالإشارة إلى المادة (17) صراحة، فبمجرد نطقه بعقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر قانون يعني أنه إعتبر هذه الظروف متوافرة وأجرى التخفيف بناءً عليها.
على أنه إذا أشار القاضي في حكمه إلى المادة (17) وبين أنه يرغب في إعمال حكمها ثم قضى بالعقوبة العادية للجريمة ولو في حدها الأدنى ولم يعمل أحكام المادة المذكورة في التخفيف فإنه قد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما تملك محكمة النقض مراقبته وتصحيحه.
كما يكون الحكم معيباً أيضاً إذا جاوز تخفيف العقاب الحدود التي وضعها القانون و بينتها المادة (17).
(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول، الصفحة : 188)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 47 .
الفصل الثاني
تطبيق العقوبات
(مادة 55)
يجوز في مواد الجنايات التعزيرية، إذا اقتضت ظروف الجريمة المرفوعة من أجلها الدعوى الجنائية رافة القضاة - استبدال العقوبة على الوجه الآتي:
عقوبة السجن المؤبد أو المؤقت بعقوبة الإعدام.
عقوبة السجن المؤقت أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة شهور بعقوبة السجن المؤبد.
عقوبة الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة شهور بعقوبة السجن المؤقت.
وأما الفصل الثاني الخاص بتطبيق العقوبات المواد من (55) - (69)):
فقد عني المشروع بتحدید حدود السلطة التقديرية للمحكمة في الجنايات التعزيرية، إذا اقتضت ظروف الجريمة رأفة القضاء المادة (55)، ونصت المادة (56) على جواز إيقاف عقوبة الغرامة أو الحبس مدة لا تزيد على سنة، إذا رأت المحكمة أن من شخصية المجرم وظروف جريمته ما يبعث على الاعتقاد أنه لن يعود إلى ارتكاب الجرائم، وبينت في المادتين (57) و (58) حكم نظام وقف التنفيذ.