مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 277
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- لم يقرر التشريع المصري صراحة قاعدة خضوع نظام الأموال لقانون موقعها بل كانت تستخلص هذه القاعدة من التشريعات العثمانية القديمة ومن قواعد الاختصاص القضانی ومن الفقرة الأخيرة من المادة 29 من لائحة التنظيم القضائي المحاكم المختلطة وقد رأى المشروع أن يتدارك هذا النقص فنص في المادة 41 على أن مسائل الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى يسرى في شأنها قانون الموقع فيما يختص بالعقار ويسري بالنسبة للمنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت وقوع الأمر الذي ترتب عليه کسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها ، ولهذا النص مقابل في التشريعات الأجنبية ولا سيما الحديث منها كالتقنين الفرنسي (م 3) و التقنين الأسباني (م 10) و تقنين شیلی (م 10) والتقنين المكسیكی (م 12 و 16 ) والتقنين الإيطالي الجديد (م 12).
2 - ويلاحظ أن نص المشروع لا يخص العقار بالذكر وإنما يتناول المنقول أيضا ولكنه يقتصر على ذكر الملكية والحقوق العينية الأخرى . على أن المشروع استرشد فيما يتعلق بالمنقول بأحكام المادة 6 من التشريع البولوني الصادر سنة 1926 وجعل الاختصاص لقانون الجهة التي يوجد فيها وقت وقوع الأمر الذي أفضى إلى ترتيب أو زوال الحق العيني . ويعتبر نص المشروع من هذا الوجه أدق صياغة من نص المادة 12 من التقنين الإيطالي الجديد. وتطلق المادة 12 هذه عبارتها فلا تقصر اختصاص قانون الموقع على الحقوق العينية وهذا تطرف أعرض عنه المشروع لأن الحقوق الشخصية ولو تعلقت بعقار حكماً آخر
3- وتعرض الفقرة الأخيرة من المادة نفسها لحكم التقادم فيما يتعلق بالمنقول فتسند الاختصاص في شأنه إلى قانون الجهة التي يوجد فيها المنقول في الوقت الذي تتم مدة التقادم فيه . وهذا حكم يتمشى مع القواعد العامة ويقتضيه استقرار التعامل وقد استمده المشروع من الفقرة 2 من المادة 6 من التشريع البولوني الصادر في سنة 1926.
المشروع في لجنة المراجعة
تليت المادة واقترح معالي السنهورى باشا حذف الفقرة الثانية لأنها تفصيلية كما اقترح تحوير الفقرة الأولى تحويراً يقصد به أن يظهر بوضوح أن المادة تشتمل على كسب الملكية بالميراث
فوافقت اللجنة على كل ذلك وأصبح نص المادة التهاني ما يأتي :
يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى و بنوع خاص طرق کسب هذه الحقوق بالعقد والميراث والوصية وغيرها قانون الموقع فيما يختص بالعقار . ويسرى بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت وقوع الأمر الذي ترتب عليه کسب أو فقد الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى
ثم قدم المشروع النهائي بتعديل صياغة آخر المادة الآتي :
کسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها .
وأصبح رقم المادة 21 في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 21.
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الخمسين
تليت المادة 21 فلاحظ سعادة الرئيس أن صياغتها قد تحدث ارتباكها لأنها خصصت بعد التعميم .
فرأت اللجنة حذف عبارة وبنوع خاص طرق كسب هذه الحقوق بالعقد والميراث والوصية وغيرها.
وذلك لأن من المفهوم أن إطلاق النص على الحيازة والملكية يجعل طرق اكتسابها يدخل في عموم النص ولدفع وهم أنه يدخل فيها ما يترتب من آثار على بعض أسباب كسب الملكية الميراث والوصية وغيرها التي تكلمت عنها المادة 20 بينما تتكلم هذه المادة عن كيفية اكتساب الملكية.
وكذلك رأت اللجنة استبدال عبارة و تحقق السبب ، بعبارة ووقوع الأمر»..
تقرير اللجنة:
حذفت من صدر المادة عبارة، وبنوع خاص طرق كسب هذه الحقوق بالعقد والميراث والوصية وغيرها، حتى لا يتبادر إلى الذهن أن ثمة تعارضاً بين هذه المادة والمادة التي تسبقها مباشرة ولاسيما أن المقصود من العبارة المحذوفة هو إخضاع الميراث وما إليه بوصفه سبياً من أسباب اكتساب الملك لقانون موقع المال وهذا الغرض مكفول بعموم العبارة ، فإذا كان قانون موقع المال يقضي مثلا بأن الوصية لا تنقل الملك في العقار إلا بالتسجيل فيجب تطبيق هذا القانون، وهذا التطبيق يدخل في عموم عبارة : «يسري على الملكية والحقوق العينية الأخرى قانون الموقع فيما يختص بالعقار .
وأصبح رقم المادة 18 .
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة ما أقرتها اللجنة .
1 ـ مفاد نص المادة 18 من القانون المدنى أنه يدخل فى مجال إعمال قانون موقع العقار بيان طرق كسب الحقوق العينية و إنتقالها و إنقضائها ، سواء كانت خاصة بهذه الحقوق كالإستيلاء و التقادم المكسب أو غير خاصة بها كالعقد و سواء ترتب على العقد نقل الملكية فى الحال أم ترتب عليه الإلتزام بنقل الملكية و إذ إغفل المشرع النص فى المادتين 18 ، 19 من القانون المدنى على خضوع التصرف المترتب عليه كسب الحق العينى أو تغييره أو زواله من حيث الشكل و شروط الصحة لقانون موقع العقار على غرار ما فعل القانون البولونى الذى إستقى منه المشرع نص المادتين المذكورتين ، فإن العقد المتعلق بعقار يخضع لقانون موقعه من كافة الوجوه فيما عدا الأهلية التى تظل خاضعة لسلطان القانون الشخصى ، و الشكل الخارجى للتصرف الذى يظل خاضعاً لقانون محل إبرامه .
(الطعن رقم 216 لسنة 38 جلسة 1973/05/17 س 24 ع 2 ص 772 ق 137)
2 ـ تعتبر المنقولات التى رصدها المالك لخدمة عقاره المستغل استغلالا تجاريا بمعرفته عقاراً بالتخصيص وفقا لنص المادة 18 من القانون المدنى المختلط ، وليس بلازم لاعتبارها كذلك أن تكون مثبتة بالعقار على وجه القرار .
(الطعن رقم 121 لسنة 21 جلسة 1954/01/14 س 5 ع 1 ص 420 ق 62)
3 ـ أدخل المشروع المصري الوصية ضمن نطاق مسائل الأحوال الشخصية ولما كانت قاعدة خضوع العقار لقانون الموقع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تنصرف إلى الأحكام المتعلقة بحيازته وما يمكن أن يكتسب فيه من الحقوق العينية وطبيعة هذه الحقوق ونطاق كل منها وطرق إكتسابها وإنقضائها وغيرها من الأحكام الخاصة بنظام الأموال فى الدولة ، ولا شأن لها بمسائل الأحوال الشخصية ، فإن وجود عقارات التركة التي خلفتها الموصية فى مصر لا علاقة له بتوثيق الوصية فى حد ذاتها .
(الطعن رقم 27 لسنة 37 جلسة 1974/12/04 س 25 ع 1 ص 1329 ق 227)
4 ـ إذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر المبدأ الصحيح فى خصوص مجال إعمال قانون موقع المال وذلك بقوله إن هذا المجال لا يتعدى بيان كل ما يعتبر من نظام الأموال وتحديد الحقوق العينية وما يعتبر منها أصلياً وما يعتبر تبعياً وحدود كل منها وآثاره وبيان طرق كسب هذه الحقوق وإنقضائها وإنتقالها، إلا أنه عند تطبيقه هذا المبدأ على واقعة الدعوى التي يتناول النزاع فيها تكييف حق الإنتفاع فى العقار وتقويمه وهل يعتبر قيداً على حق الملكية أم حقاً مالياً قائماً بذاته يجوز تقويمه والإيصاء به - قرر أن حق الإنتفاع الموصى به يعتبر قيداً على حق الملكية إعمالاً لنصوص القانون اليوناني فى حين أنه كان يتعين الرجوع إلى قانون موقع المال وهو القانون المدني المصري، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 27 لسنة 27 جلسة 1960/05/26 س 11 ع 2 ص 421 ق 66)
5 ـ إذا صدر أمر استيلاء على بضاعة مسعرة تسعيرة جبرية وجب تقدير قيمتها على حسب التسعير الجبرى حتى لو كان من حصل الاستيلاء على بضائعه يمتهن مهنة التوريد للسفن ذلك لأن الواقعة لا تقوم على تقدير ثمن بيع تم على ظهر سفينة راسية فى المياة الاقليمية مما لا محل معه للخوض فى بحث ما إذا كان عقد البيع فى هذه الحالة يخضع لقانون المحل أو لقانون علم السفينة . وإنما تقوم على تصرف لاجدال فى أنه وقع فى الأراضى المصرية و هو الاستيلاء ، و هذا التصرف يحكمة القانون المصرى الذى حدد سعرا جبريا لنوع البضاعة المذكورة دون ما نظر لأى اعتبار آخر مثل ثمن الشراء أو احتمال بيع البضاعة خارج الأراضى المصرية.
(الطعن رقم 60 لسنة 23 جلسة 1957/10/24 س 8 ع 3 ص 733 ق 78)
حددت المادة 18 مدني قاعدة الإسناد الخاصة بمسائل الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى التي تترتب على كل من العقار والمنقول، فنصت على تطبيق قانون الدولة التي يقع فيها العقار، أما بالنسبة للمنقول ولأنه قابل للانتقال من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى فإن الضابط في تحديد القانون الواجب التطبيق بشأنه هو موقع المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب حيازته أو ملكيته أو الحقوق العينية الأخرى المترتبة عليه أو فقدها، فيكون القانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي يقع فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب المنشئ للحيازة أو الملكية أو أي تصرف عيني آخر عليه بصرف النظر عن جنسية المتصرف أو المتصرف إليه وبصرف النظر أيضاً عن مكان المنقول وقت رفع الدعوى أو مكان وجوده وقت الحكم فيها، غير أنه بشأن السفن والطائرات والتي تنتقل بطبيعتها من دولة إلى دولة ويكون من المتعذر تحديد الدولة التي تقع فيها وقت نشوء السبب المتعلق بالحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى عليها كما أنها قد تكون وقت تحقق هذا السبب في المياه الدولية أو أجوائها مما لا يستحيل معه تحديد دولة المقر، والرأي هو تطبيق قانون الدولة التي تحمل تلك السفن أو هذه الطائرات علمها.
وغني عن البيان أن تكييف المال ووصفه بالعقار أو بالمنقول إنما يعود إلى القانون الوطني للقاضي عملاً بالمادة 10 مدني. (مركز الراية للدراسات القانونية).
فيما يتعلق بالأحوال العينية أي بنظم الأموال، فكل شيء غير خارج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلًا للحقوق المالية، والأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هى التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها، وأما الخارجة بحكم القانون فهى التي لا يجيز القانون أن تكون محلًا للحقوق المالية.
وتنقسم الأشياء المادية إلى عقار ومنقول، كما تنقسم الأموال إلى حق عيني وحق شخصي، والحق العيني هو سلطة لشخص على شيء، أما الحق الشخصي فهو علاقة دائنة بين صاحب هذا الحق وبين المدين به.
وينحصر نطاق المادة 18 سالفة الذكر في الأشياء المادية سواء كانت عقارًا أو منقولًا ومن ثم يخرج من نطاقها المنقول المعنوي كحق المؤلف وحق المخترع.
وتخضع الأشياء للتكييف لمعرفة طبيعتها وما إذا كانت عقارًا أم منقولًا تمهيًدا لإخضاعها للقانون الواجب التطبيق، وإذ تنص المادة العاشرة من القانون المدني على أن القانون المصري هو المرجع في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها.
ولئن كانت هذه المادة تتضمن القاعدة العامة في التكييف، إلا أنه يرد عليها استثناء فيما يتعلق بإخضاع تكييف الأموال لقانون موقعها باعتباره القانون الذي ينطبق عليها لمعرفة ما إذا كان الشيء عقارًا أم منقولًا فلا يعتد القاضى بقانونه في هذا الصدد.
فالعقار الموجود في مصر، هو وفقًا للقانون المصري كل شئ مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف، ويعتبر عقارًا بالتخصيص المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار أو استغلاله، أما المنقول فهو كل ما عدا ذلك (مادة 82 مدني).
فإن كان العقار موجودا خارج مصر، ورفعت الدعوى في شأنه أمام القاضي المصري، أجرى التكييف وفقًا لقانون موقعه فإن انتهى إلى اعتباره عقارًا أعمل قاعدة الاسناد المنصوص عليها بالمادة 18 أو بالفقرة الثانية من المادة 19 حسب الأحوال، وتشيران بتطبيق قانون موقع العقار، وحينئذ يبدأ في تطبيق أحكام هذا القانون على النزاع المعروض عليه، وليس له أن يرجع في ذلك إلى نصوص قانونية فتلك قد انتهت ولايتها بمجرد تحديد قاعدة الاسناد، ويشترط لذلك ألا يطبق نصًا في القانون الأجنبي يخالف النظام العام في مجتمعه إذ تنص المادة 28 على استبعاد مثل هذا النص.
فإن تعلق النزاع بحيازة العقار، رجع القاضي لقانون موقع العقار للوقوف على الشروط اللازمة لصحة الحيازة والآثار المترتبة على توافر هذه الشروط وما إذا كان من مؤداها اكتساب حق عيني على العقار.
وقد يتعلق النزاع بحق من الحقوق العينية الأصلية، كحق الملكية وحق الانتفاع وحق الارتفاق، فيتم الفصل فيه وفقًا لنصوص القانون الواجب التطبيق وهو قانون موقع العقار الذي يبين عناصر حق الملكية من استعمال واستغلال وتصرف وأثر الشوط المانع من التصرف ومدى صحته وطبيعة بطلانه إن لم يستوف الشروط اللازمة، ونطاق هذا الحق ووسائل حمايته، ومثل ذلك بالنسبة للحقوق العينية الأصلية الأخرى.
وتنحصر الحقوق العينية التبعية وفقًا للقانون المصري في الرهن الرسمي والرهن الحيازي والاختصاص والامتياز، فلا يرد سواها على العقار الموجود في مصر، فالرهن القانوني المترتب بموجب قانون أجنبي، على عقار الزوج لصالحه زوجته أو على عقار الوصى لصالح المشمول بوصايته، لا أثر له في مصر فمن يرغب في ترتيب حق عيني تبعي على عقار موجود في مصر أن يتخذ الشكل المقرر له فيها. لكن إذا كان العقار موجودًا في بلد أجنبي يقر قانونه هذا الرهن، تعين على القاضي المصري إعمال أحكام هذا القانون وأن يرتب على هذا الرهن كافة آثاره.
تناولنا تعريف المنقول بصدد تعريف العقار بالبند السابق، ويراعى أن التكييف يخضع لقانون الجهة التي يوجد فيها المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية على نحو ما أوضحناه فيما يتعلق بالتكييف بالنسبة للعقار.
وينصرف نص المادة 18 إلى توالي التصرفات الواردة على منقول موجود في دولة لم ينقل منها، إذ تقضي بتطبيق قانون الدولة التي يوجد بها وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو فقدها. لكن قد يتم التصرف في المنقول أو ينشأ الحق المتعلق به في بلد، ثم ينقل إلى بلد آخر فيعاد التصرف فيه، وحينئذ يكون المنقول قد ورد عليه تصرفان تم كل منهما في الجهة التي كان يوجد بها، والرأي الراجح في الفصل هذا التنازع، هو وجوب تطبيق قانون البلد الأول الذي كان به المنقول وقت أن ترتب الحق عليه، فإن كانت الملكية قد انتقلت إلى المتصرف إليه الثاني استنادًا إلى حقه المكتسب أي بموجب النفاذ الدولي للحقوق، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت الملكية قد انتقلت فعلًا إليه بموجب قانون البلد الذى تم فيه نشأة الحق.
رأينا أن المنقول يخضع لقانون موقعه، وأوضحنا حكم المنقول الذي ينقل من بلد إلى آخر ونتناول في هذا البند حكم المنقول الذي خصص للانتقال من بلد إلى آخر، كالسفن والطائرات والقطارات والسيارات، ثم نبين حكم البضائع المنقولة بواسطة هذه الوسائل.
(أ)السفن والطائرات :
ليس للسفن والطائرات مستقر في بلد واحد، بل هي مخصصة للانتقال من دولة إلى أخرى على وجه الدوام، ولذلك فهى تخضع لقانون علمها في أي بلد تتواجد فيه، كما تخضع لهذا القانون عندما تكون في المياه الدولية أو المجال الدولي، فلا عبرة بقانون مكان وجودها الفعلي، ويستوي في ذلك السفن البحرية والنهرية التي تسير في أنهار مشتركة بين أكثر من دولة. أما السفن التى تسير في الأنهار الداخلية فتأخذ حكم المنقول المستقر وتخضع لقانون الموقع الفعلي. ويخضع رهن السفينة لقانون علمها أي للقانون الذي سجلت وفقًا له، فالسفينة الايطالية الراسية بميناء مصري تخضع في رهنها للقانون الإيطالي. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/ 435).
أن المادة تنص على خضوع الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى لقانون الموقع بالنسبة للعقار.
لا يثير تحديد موقع العقار أدنى صعوبة. كل ما في الأمر هو أن التساؤل قد يشار فيما لو وقع العقار على الحدود الفاصلة بين دولتين مختلفتين. وقد اتفق الفقه على ضرورة تجزئة العقار وإخضاع كل جزء منه لقانون الدولة التي يوجد بها هذا الجزء من العقار على إقليمها، على الأقل ما لم توجد اتفاقية دولية لتنظيم هذه المسألة.
تنص المادة (18) على أن: "... ويسرى بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها". فالقاعدة إذن هي خضوع المنقول لقانون موقعه وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها، وهذه القاعدة سائدة ومسلمة فقها وقضاء وتشريعاً في مختلف بلاد العالم.
ويثور التساؤل عن القانون الواجب التطبيق على الحيازة والحقوق العينية المترتبة على منقول فيما لو تغير موقع هذا المنقول.
وقد انقسم الرأي في هذا الشأن إلى رأيين:
الرأي الأول :
يرى وجوب تطبيق قانون الموقع الجديد بأثر فوري أو مباشر.
الرأي الثاني :
يذهب هذا الرأي إلى أن مبدأ الاحترام الدولى للحقوق يقتضي مراعاة أحكام قانون الموقع القديم.
(ويرى مركز الراية للدراسات القانونية أنه لا محل لإعمال الاجتهاد هنا مع صراحة النص الوارد في المادة 18 مدني، فلا عبرة لتغير موقع المنقول من دولة إلى أخرى بعد تحقق السبب المنشىء للحيازة أو الملكية أو سائر الحقوق العينية الأخرى المترتبة عليه، فيتعين تطبيق قانون الدولة التي كان يقع فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب).
المنقولات المتحركة:
(أ) القانون الواجب التطبيق على السفن والطائرات:
ترجع الصعوبة في تحديد موقع كل من السفينة والطائرة إلى أنها دائمة الحركة. ومن جهة أخرى فهي كثيراً ما توجد في مكان لا يخضع للسيادة الإقليمية لدولة ما، كما هو الشأن بالنسبة للسفن في أعالي البحار والطائرات في الفضاء الجوي الذي يعلو البحار العامة.
والرأي السائد لدى الفقه هو إخضاع كل من السفينة والطائرة لقانون العلم، أي قانون الدولة التي تسجل أو تقيد فيها. فليست العبرة إذن بمكان وجودها الفعلي، وإنما ينطبق قانون العلم على كل ما يتعلق بحيازة السفن والطائرات وما يترتب على أي منها من حقوق عينية بصرف النظر عن مكان وجودها الطبيعي.
وكذلك يقرر الفقه ولنفس الأسباب السابقة، إخضاع السفن النهرية التي تقوم بالملاحة في الأنهار الدولية لقانون ميناء التسجيل.
أما السفن التي تقوم بالملاحة الداخلية فهي تخضع لقانون موقعها الفعلي أي قانون الدولة التي تقوم بالملاحة في أنهارها.
(ب) القانون الواجب التطبيق على البضائع أثناء نقلها :
تبدو الصعوبة في هذا الفرض لكون البضائع قد تجتاز حدود أكثر من دولة خلال نقلها. بل وقد تمر البضائع في إقليم لا يخضع للسيادة الإقليمية لأي دولة مما يثير التساؤل عن القانون الواجب التطبيق على ما قد يكتسب من حقوق عينية عليها.
والرأي المعول عليه هو اعتبار موقع البضائع أثناء النقل هو في البلد المصدرة إليه ومن ثم فهي تخضع لقانون هذا البلد.
غير أن الفقهاء قد اختلفوا في نطاق تطبيقهم فرأى بعضهم أن قانون البلد المصدرة إليها البضاعة يحكم البضائع وهي في طريقها إلى بلد التصدير سواء أكانت مرسلة بالطرق البرية أم بالطرق البحرية، وذلك فيما عدا الأشياء التي يحملها المسافر معه على باخرة إذ تخضع لقانون العلم.
ويثور التساؤل عما إذا كانت القاعدة الواردة في المادة 18 مدنی التي تقضي بخضوع المنقول لقانون موقعه وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه کسب الحق فيه أو فقده منه، تنصرف إلى المنقول المادي وحده أم إلى المنقول المعنوي.
وظاهر من هذا أن القاعدة الواردة في المادة 18 فيما يتعلق بالمنقول، مقصورة على المنقول المادي، وهو ما يتعين معه البحث عن قاعدة الإسناد الخاصة بالمنقول المعنوي في ظل القواعد العامة. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 359).
المقصود بالأموال التي تخضع لحكم النص : هو الأموال المادية، أما الأموال غير المادية مثل الحقوق الذهنية كحق المؤلف أو حق المخترع أو حق صاحب الرسوم أو النماذج الصناعية فلا يتناولها حكم النص، فقد سكت عنه النص كما سكت عن الحقوق الشخصية عند التصرف فيها بوصفها مالا معنويا عن طريق الحوالة ومن ثم يرجع في شأن تلك الأموال غير المادية وهذه الحقوق الشخصية الى المبادئ العامة في القانون الدولي الخاص.
المقصود بقانون موقع العقار : لا يثير ذلك صعوبة إلا حيث يقع العقار على حدود إقليمي دولتين فيخضع كل جزء لقانون الدولة التي يقع فيها، أو في حالة حقوق الارتفاق والراجح خضوعها لقانون الدولة التي يقع على إقليمها العقار الخادم.
والمقصود بقانون موقع المنقول : هو قانون موقعه الفعلي أو الحقيقي وهو ما لا يثير صعوبة إلا بالنسبة الى السفن والطائرات والبضائع أثناء نقلها وحالة تغيير موقع المنقول بصفة عامة أما بالنسبة الى السفن والطائرات فتخضع لقانون العلم أي قانون الدولة التي تسجل أو تقيد فيها بغض النظر عن قانون الموقع الفعلي إلا إذا كانت من السفن التي تقوم بالملاحة الداخلية فتخضع لقانون الموقع الفعلي، وأما بالنسبة إلى البضائع أثناء نقلها فالراجح خضوعها لقانون الدولة التي تتجه اليها وان قصر البعض هذا الحكم على البضائع المشحونة برا دون البضائع المشحونة على السفن حيث أخضعها لقانون المالك الشخصي لها. أما عن تغير موقع المنقول بصفة عامة فلا يثير مشكلة الا في حالة ما إذا تحقق سبب کسب أو فقد الحق العيني على المنقول في موقع قديم ثم نقل المنقول إلى موقع جديد وقد ذهب رأي إلى تطبيق قانون الموقع الجديد بأثر فورى مباشر غير أن الرأي الراجح يرى أنه في ظل القانون المصري يتعين إعمال قانون الموقع القديم على الحقوق التي ترد على المنقول ولو تغير موقعه، فإذا اكتملت عناصر اكتساب الحق وفقا لقانون الموقع القديم وجب الاعتراف بهذا الحق ولو انتقل المنقول إلى موقع لا يكتفي قانونه بما كان قد توافر من عناصر ف اذا حاز شخص منقولا بسبب صحيح وبحسن نية في بلد يرتب على ذلك كسب ملكيته بقيت له الملكية ولو انتقل المنقول الى بلد لا يعترف للحيازة بهذا الأثر مع ملاحظة أن نفاذ الحق الذي اكتسب صحيحاً وفقاً لقانون الموقع القديم في الموقع الجديد الذي انتقل إليه المنقول تقتضي أن يكون الحق من الحقوق التي يقرها قانون الموقع الجديد لانه من غير المقبول أن يفرض عليه الاعتراف بحق يجهله نظامه القانوني.. أما عما يخوله الحق من سلطات فهو يخضع لقانون الموقع الفعلي وهو قانون الموقع الجديد.
ويختص قانون الموقع بكل ما يتصل بالحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى وهو ما يسمى في فقه القانون الدولي الخاص بمركز الأموال ويشمل تحديد ما يصح أن يكون محلا للحقوق المالية من الأشياء وتقسيمها إلى عقار ومنقول، وبيان الحقوق العينية التي يمكن أن ترد عليها سواء كانت اصلية أو تبعية ونطاق كل منها وآثاره ، وبيان طرق کسب تلك الحقوق وانتقالها وانقضائها ما لم يخضعه المشرع لقانون آخر، وبيان أحكام الحيازة وكسبها وانتقالها وزوالها وحمايتها وآثارها. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 360).
مفاد نص المادة 18 من القانون المدني أنه يدخل في مجال إعمال قانون موقع العقار بيان طرق كسب الحقوق العينية وانتقالها وانقضائها ، سواء كانت خاصة بهذه الحقوق كالإستيلاء و التقادم المكسب أو غير خاصة بها كالعقد و سواء ترتب على العقد نقل الملكية في الحال أم ترتب عليه الالتزام بنقل الملكية. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزء الأول).
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 25)
يسري على الحيازة والحقوق العينية في العقار قانون موقع .
ویسری بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه کسب الحيازة أو الحق العيني أو فقده .
يطابق هذا النص المادة 18 من التقنين الحالي ، فيما عدا بعض تعديلات لفظية . حيث تنهي هذه المادة على ما يأتي : (يسرى على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون الموقع فيما يختص بالعقار . ویسرى بالنسبة إلى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق الدينية الأخرى أو فقدها).