loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 295

مذكرة المشروع التمهيدي :

1- تتضمن هذه المادة الأحكام المتعلقة بشكل العقود والتصرفات بوجه عام وهي تبدأ في فقرتها الأولى بوضع القاعدة العامة في هذا الشأن فتنص على أن جميع العقود ما بين الأحياء فيما عدا الهبات تخضع في شكلها القانون البلد الذي تمت فيه وهذه هي القاعدة التقليدية التي جرى العرف بها منذ عهد بعيد و نصت عليها صراحة أكثر التشريعات الأجنبية وأخذ بها القضاء المصري رغم أنها غير مقررة بنص تشریعی وتناول هذه القاعدة التصرفات القانونية سواء منها ما ينعقد بإرادة واحدة وما ينعقد بتلاقي إرادتين ولكن يرد على إطلاقها قيدان : الأول أنها تقتصر على ما ينعقد من تلك التصرفات بين الأحياء وبذلك تخرج الوصية وسائر التصرفات التي تضاف إلى ما بعد الموت و الثاني أنها لا تتناول الهبات و سيأتي فيما بعد بيان علة إيراد هذين القيدين .

2- على أن المشروع أجاز في الفقرة الثانية من المادة نفسها إخضاع التصرفات المتقدم ذكرها من حيث الشكل للقانون الذي يسرى على شروط صحة التصرف وأثاره أو لقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني المشترك وبهذا لم يعد ثمة محل للخلاف في طبيعة اختصاص قانون محل الانعقاد وهل هو اختصاص مقرر بقاعدة آمرة أم مؤسس على اعتبارات علمية (انظر استئناف مختلط 10 ديسمبر سنة 1929 ب 42 ص 86 فيما يتعلق باعتبار القاعدة آمرة ، وانظر عكس ذلك 11 مايو سنة 1939 ب 51 ص 315 ) وإيراد الحكم على هذا الوجه قد روعي فيه أن اختصاص قانون بلد انعقاد التصرف قد بني على الضرورات العملية فإذا كان في وسع من صدر منهم التصرف أن يستوفوا إجراءات الشكل المقررة لهذا التصرف في القانون الذي يسرى عليه من حيث الموضوع أو في قانون جنسيتهم المشتركة أو موطنهم المشترك فلا يجوز أن يمنعوا من ذلك ولا سيما أن اختصاص ثاني هذه القوانين أقرب إلى طبيعة الأشياء وأكفل بتحقيق وحدة القانون الذي يسري على العقد .

ولهذا تبدأ بعض التشريعات الحديثة بالنص على خضوع شكل التصرف للقانون الذي يطبق في شأن أحكامه الموضوعية (م 11 من قانون إصدار التقنين الألماني وم 5 من القانون البولوني الصادر في سنة 1936) و تجيز بعد ذلك الالتجاء إلى قانون محل انعقاد التصرف، وبعضها يجعل قانون محل الانعقاد والقانون الذي يرجع إليه الفصل في موضوع التصرف وقانون الجنسية المشتركة المتعاقدين بمنزلة سواء في المادة 16 من التقنين الإيطالي الجديد )، وقد أضاف المشروع إلى قانون الجنسية المشتركة قانون موطن من صدر منهم التصرف لأن بعض الدول كانجلترا تستبدل بولاية قانون الجنسية ولاية قانون الموطن ، ثم أن في هذه الإضافة تيسيراً يتمشى مع أهمية الموطن في تنفيذ العقود ولا سيما التجاري منها .

3- ويراعى أن اختصاص القانون الذي يسري على الشكل وفقا لأحكام الفقرتين المتقدمين لا يتناول إلا عناصر الشكل الخارجية أما الأوضاع الجوهرية في الشكل وهي التي تعتبر رکناً في انعقاد التصرف كالرسمية في الرهن التأميني فلا يسرى عليها إلا القانون الذي يرجع إليه للفصل في التصرف من حيث الموضوع ، وقد أفرد المشروع الفقرتين 3 و 4 من المادة نفسها لاستثناءين : الأول يتعلق بالعقود التي يكون من شأنها إنشاء حقوق عينية أو نقلها أو انقضاؤها ويكون من الواجب شهرها و هذه يراعى في شكلها و في إجراءات شهرها قانون موقع المال الذي يرد عليه الحق العينى ( فقرة 3) وقد توسط المشروع في هذا النص بين أحكام المادة 11 من قانون إصدار التقنين الألماني والمادة 16 من التقنين الإيطالي الجديد ولم يخضع لحكمه إلا التصرفات المرتبة لا لتزام بإنشاء حق عيني أو نقله أو تغييره أو زواله على أن تكون هذه التصرفات مما يجب شهره.

4- أما الاستثناء الثاني فقد نصت عليه الفقرة 4 وهي تقضي بسريان قانون الموصي أو الواهب على الوصية أو الهبة من حيث الشكل لأن هذه وتلك من التصرفات التي تحاط عادة بضمانات تکفل حماية المتصرف وحماية حقوق خلفائه من الورثة ومن بين هذه الضمانات ما يكون مجرد وضع عن أوضاع الشكل . ولما كان المشروع قد نص من قبل على أن الحكم في الوصية والهبة يكون وفقا لقانون الموصى أو الواهب (م 38 و 39 من المشروع ) لذلك لم يكن بد من إيراد هذا الاستثناء حتى تحقق وحدة القانون الذي يطبق على هذين النوعين من التصرفات من حيث الموضوع والشكل على السواء، ولم يجز المشروع العدول عن اختصاص قانون الواهب أو الموصى إلى قواعد الشكل المقررة في الجهة التي تم فيها التصرف إلا إذا كان هذا القانون لا يمنع من ذلك في أحكامه الموضوعية ليتسنى بذلك توفير الضمانات التي تقدمت الإشارة إليها على أكمل وجه.

الأحكام

1 ـ مؤدى نص المادة 20 من القانون المدنى أن المشرع أخذ بقاعدة خضوع شكل التصرف لقانون محل إبرامه . و جعلها القاعدة العامة ، على أن للمتعاقدين إختيار أى قانون من القوانين الأخرى الواردة بها ، و إختصاص القانون الذى يسرى على الشكل لا يتناول - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - إلا عناصر الشكل الخارجية ، أما الأوضاع الجوهرية فى الشكل و هى التى تعتبر ركناً فى إنعقاد التصرف كالرسمية فى الرهن التأمينى ، فتخضع للقانون الذى يحكم موضوع التصرف و ليس لقانون محل إبرامه ، و من ثم فإن الشكلية التى تفضى لإثبات التصرف تخضع لقانون محل إبرامه ، و على هذا فإذا إستلزم القانون الذى يحكم موضوع التصرف الكتابة لإثباته و لم يستلزمها قانون محل إبرامه تعين الأخذ بهذا القانون الأخير .

(الطعن رقم 216 لسنة 38 جلسة 1973/05/17 س 24 ع 2 ص 772 ق 137)

2 ـ إشكال العقود و التصرفات تخضع لقانون البلد الذى أبرمت فيه ، لما كان ذلك فإنه لا وجه للتذرع بشأن عقد الوكالة الصادر فى قبرص بأحكام قانون الشهر العقارى المصرى رقم 114 لسنة 1946 .

(الطعن رقم 59 لسنة 39 جلسة 1975/02/12 س 26 ع 1 ص364 ق 77)

3 ـ تخضع أشكال العقود و التصرفات لقانون البلد الذى أبرمت فيه . فإذا كان التوكيل المقدم من الشركة الطاعنة قد وثق بمعرفة السلطة الرسمية بيوغسلافيا و صدقت عليه وزارة الخارجية بها و القنصلية المصرية ببلغراد عملاً بالمادة 14/64 من القانون رقم 166 لسنة 1954 - و إعتمدت السفارة اليوغسلافية بالقاهرة ترجمة التوكيل إلى اللغة العربية بما يطابق اللغتين الأجنبيتين اللتين حرر بهما ثم صدقت وزارة الخارجية المصرية على إمضاء سكرتير السفارة المذكورة ، و كانت المطعون عليها لم تبد أى إعتراض على إجراءات توثيق التوكيل فى الخارج أو على ما يتضمنه هذا التوكيل أو على الترجمة الرسمية المدونة به فإن هذا التوكيل و قد إستكمل شرائطه الشكلية و القانون يكون حجة فى إسباغ صفة الوكالة للمحامى الذى قرر بالطعن .

(الطعن رقم 383 لسنة 27 جلسة 1963/02/07 س 14 ع 1 ص 226 ق 31)

4 ـ المحررات الرسمية التى تقوم بتوثيقها الجهات القنصلية فى مصر وفقاً لقوانين الدول التى تتبعها تلك الجهات ، تعتبر محررات رسمية أجنبية فيكون لها بهذه المثابة حجيتها فى الإثبات ولكنها لا تتمتع بالقوة التنفيذية إلا بعد شمولها بالأمر بالتنفيذ وفق المادة 496 من قانون المرافعات السابق .

(الطعن رقم 27 لسنة 37 جلسة 1974/12/04 س 25 ع 1 ص 1329 ق 227)

5 ـ من المقرر طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها أن أحكام القوانين لا تجرى إلا على ما يقع من تاريخ نفاذها و لا تنعطف آثارها على ما وقع قبلها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، و الأصل أن للقانون الجديد أثراً مباشراً تخضع لسلطانه الآثار المستقبلة للمراكز القانونية الخاصة ، إلا فى العقود فتخضع للقانون القديم الذى أبرمت فى ظله ما لم يكن القانون الجديد من النظام العام فيسترد سلطانه المباشر على الآثار المترتبة على هذه العقود ، طالما بقيت سارية عند العمل بالقانون الجديد دون أن يكون ثمت تعارض بين هذا المبدأ و بين قاعدة عدم رجعية القوانين ، و المراد بالقانون - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القانون بمعناه الأعم ، فتدخل فيه كافة التشريعات سواء كانت صادرة من السلطة التشريعية أم من السلطة التنفيذية عملاً بالتفويض الصادر إليها و إذ كانت أحكام قوانين إيجار الأماكن الإستثنائية المتتابعة آمره و متعلقة بالنظام العام فإنها تسرى بأثر مباشر فورى من تاريخ العمل بها على جميع الآثار المترتبة على عقود الإيجار حتى و لو كانت مبرمة قبل العمل بها .

(الطعن رقم 47 لسنة 44 جلسة 1978/01/11 س 29 ع 1 ص 159 ق 37)

6 ـ متى كان عقد البيع فى القانون المدنى المصرى - على ما أفصحت عنه المادة 418 منه - عقداً رضائياً ، إذ لم يشترط القانون لإنعقاده شكلاً خاصاً بل ينعقد بمجرد تراضى المتبايعين ، و سواء كان فى حقيقته بيعاً أو يسترهبه ، فإن الوكالة فى البيع تكون بدورها رضائية ، و لا تستوجب شكلاً خاصاً لإنعقادها عملاً بالمادة 700 منه ، و بالتالى فإن الوكالة فى البيع تخضع فى شكلها الخارجى لقانون محل إبرامها .

(الطعن رقم 216 لسنة 38 جلسة 1973/05/17 س 24 ع 2 ص 772 ق 137)

شرح خبراء القانون

فيما يلي شرح بعض الفقهاء والخبراء لهذه المادة:

التصرف القانوني سواء كان من جانبين أو من جانب واحد، يقوم أساساً على الإرادة، والإرادة يجب الإفصاح عنها وإظهارها حتى يعلم الغير بالأثر القانوني الذى رتبته، والإفصاح عن الإرادة وإظهارها، هو ما يسمى بالشكل الخارجي للتصرف، لأن الإرادة بعد أن بدأت كامنة أعلن المتصرف عنها فأخرجها إلى الغير بأية وسيلة، قد تكون الكتابة فيكون التصرف الذي إتجهت إليه الإرادة مكتوبًا، من صورة أو أكثر، موقع عليه من شاهد أو أكثر، مصدق على التوقيعات الخاصة بالمتعاقدين أو غير مصدق عليها، ثابت التاريخ أو غير ثابت اكتفاء بالتاريخ العرفي رسمياً أو عرفياً، يلزم التوقيع عليه من محام أو لا يلزم ذلك، يلزم له إجراء طقوس دينية كما في الزواج أو لا يلزم.

تلك هي بعض الأشكال التي تدل على وجود التصرف، أي هي الأشكال الخارجية للتصرف، وتجئ بعد تكوينه مستوفيًا كافة أركانه التي يتطلبها القانون، فهي ليست ركنًا فيه وإنما شرطًا للاحتجاج به على الغير أو فيما بين المتعاقدين في بعض الحالات.

ولذلك، فلا يعد شكلاً خارجياً للتصرف :

1 - الشكل الذي يتطلبه القانون للانعقاد، إذ يعتبر ركنا في التصرف، مثال ذلك، الرسمية، في عقد الهبة وفي عقد الرهن الرسمي، فإن إبرام العقد في الشكل الرسمي الذي يقرره القانون، يعتبر ركناً في العقد إلى جانب أركانه الأخرى، فإذا تخلف وقع العقد باطلاً.

2 - الشكل المتمم للأهلية، إذ تعتبر الزوجة ناقصة الأهلية في بعض التشريعات بالنسبة لأنواع من التصرفات مما يلزم لها موافقة الزوج، ومثله أيضاً الحصول على إذن مجلس العائلة في بعض تصرفات الشخص أو الحصول على إذن المحكمة في حالة وجود ناقصي أهلية.

3- الشكل المتعلق بالعلانية، وينصرف الى تسجيل التصرف أو قيده حتى يمكن الاحتجاج به على النحو الذي يقرره القانون الواجب التطبيق وهو قانون موقع العقار، أو قانون العلم بالنسبة للسفن والطائرات، أما غيرها من المنقولات فتخضع لقانون الموقع الفعلي، وبالنسبة للخوالة ورهن الدين قانون موطن المدين باعتبار أن الدين منقولاً معنوياً يحدد موقعه الفعلي بموطن المدين.

4 - الشكل المتعلق بتنفيذ التصرف، مما يتصل بإجراءات التقاضي والحكم في الدعوى وتنفيذه وما يثار من إشكالات، ويخضع لقانون محل التنفيذ وهو قانون القاضي.

ويتحدد هذا القانون بموجب قاعدة الإسناد المنصوص عليها بالمادة 20 من القانون المدني سالفة البيان، فيخضع شكل التصرف الذي يعقد بين الأحياء في شكله الخارجي لقانون البلد الذي تم فيه أو الذي يسري على موضوعه أو لقانون موطن المتعاقدين أو لقانونهما الوطني المشترك وهو قانون جنسيتهما المشتركة.

عندما يتطلب الشكل تدخل موظف عام، كما في التوثيق أو الشهر، فإن هذا الموظف يلتزم بالشكل الذي حدده قانونه، فيحدد هذا القانون البيانات اللازمة وكيفية الصياغة والتوقيع وعدد الصور وما إذا كان يلزم توقيع محام على التصرف أم لا. ولما كان القنصل موظفًا عامًا، فإنه يلتزم بالشكل المقرر في قانونه متى كانت الدولة التي سوف ينفذ التصرف بها تقر هذا الشكل.

من المقرر أن إثبات التصرف القانوني يخضع للقانون الذي يحكم شكله، فإن تطلب هذا القانون الكتابة للاثبات بينما كان قانون القاضي أو القانون الذي يحكم الموضوع لا يتطلبها، تعين الأخذ بالأول، والعكس صحيح. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ الأول، الصفحة/471 ).

شكل التصرفات هو المظهر الخارجي للإرادة فمن المعلوم أن الإرادة هي قوام التصرفات القانونية فهي التي تتحرك نحو إنتاج أثر قانونی. غير أن الإرادة يجب إظهارها في شكل ما حتى تصبح معلنة للكافة أو للغير على الأقل نظراً لما يترتب على ذلك من نتائج هامة كالإثبات وحجية التصرف القانوني بالنسبة للغير وغير ذلك.

فمن اللازم إذن أن نفرق دائماً بين العملية القانونية وبين مظهرها الخارجي الذي يأخذ شكل الكتابة أحياناً أو الكتابة وبعض العناصر الخارجية ومن أمثلة ذلك، إذا كان يجب أن يحرر العقد من أكثر من صورة أو يكون ثابت التاريخ أو يكون رسمياً.

التمييز بين شكل التصرفات وبعض صور الأشكال الأخرى: 

1- الأشكال المكملة للأهلية:

يطلق اصطلاح الأشكال المكملة للأهلية على ما يلزم اتخاذه حتى يتمكن ناقص الأهلية أو نائبه من مباشرة التصرف الإرادى. كالإذن للقاصر بمزاولة التجارة والإذن للوصي بالتصرف في مال القاصر تصرفاً ناقلاً للملكية أو مرتباً الحق عيني.

2- الأشكال المتعلقة بذات التصرف:

وتشمل الأشكال الجوهرية والتي تعتبر ركنا في انعقاد التصرف كالرسمية في الرهن التأميني (الرسمي) وفي هبه العقار فتخضع للقانون الذي يرجع إليه الفصل في التصرف من حيث الموضوع.

3- الأشكال اللازمة للإشهار:

يراد بالأشكال اللازمة لإشهار التصرف الأوضاع التي يحددها القانون ويوجب مراعاتها الإعلام الغير بالتصرف والاحتجاج به عليه. والقانون يوجب مراعاة هذه الأشكال ليس بناء على اعتبار عملي يحقق مصلحة خاصة للمتعاقدين - هذا الاعتبار الذي تقوم عليه قاعدة خضوع شكل التصرف لقانون محل إبرامه - وإنما بناء على اعتبار تحقق مصلحة عامة هي سلامة المعاملات مما يدخل في نطاق الأمن المدني.

ولذلك فإن هذا الشكل يخضع لقانون موقع العقار أو قانون العلم بالنسبة للسفن والطائرات، أما غيرها من المنقولات فتخضع لقانون الموقع الفعلي، وبالنسبة للحوالة ورهن الدين قانون موطن المدين باعتبار أن الدين منقول معنوى يحدد موقعه الفعلي بموطن المدين.

4- الأشكال المتعلقة بالتنفيذ:

تشمل هذه الأشكال الإجراءات المرافعات والأحكام وطرق التنفيذ وتخضع لقانون المكان الذي ينفذ فيه التصرف وهو في الغالب قانون القاضي.

والمادة (20) تحدد القانون الذي يخضع له شكل التصرفات القانونية طبقاً لثلاثة قوانين هي:

1- قانون البلد الذي تمت فيه العقود. وهو الأصل.

2- القانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية.

3- قانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني المشترك.

والمقصود بقانون البلد الذي تمت فيه العقود، هو قانون الجهة التي تمت فيها العقود بحيث إذا تمت وفقاً لأحكام هذا القانون فإنه يكون صحيحاً لا في هذه الجهة فحسب بل وفي سائر الدول الأخرى أيضاً.

غير أن نطاق هذه القاعدة ليس مطلقاً وإنما يخضع لقيدين:

(القيد الأولى): بالنسبة للعقود المتعلقة بالعقارات، إذ يجب أن تخضع للشكل المقرر في قانون موقع هذه العقارات وبخاصة إذا كانت ترمي إلى إنشاء حقوق عينية عليها أو نقل هذه الحقوق أو انقضائها، وهذا القيد يقره غالبية الكتاب كما تنص عليه صراحة بعض التشريعات كالتشريع الألماني والعراقي.

وهذا القيد يجب العمل به في مصر بالرغم من عدم النص عليه وذلك لاعتبارات عملية ونظرية في آن واحد. فالعقود الخاصة بإنشاء حقوق عينية على عقارات في مصر أو نقلها.

(القيد الثاني): أنه لا محل للتمسك بهذه القاعدة إذا كان الشكل مخالفاً للنظام العام في مصر. أو إذا تبين أن إعمال هذه القاعدة قد تحقق على سبيل الغش نحو القانون.

حق المتعاقدين في اختيار أي من القوانين المنصوص عليها بالمادة :

مؤدى نص المادة 20 أن المشرع أخذ بقاعدة خضوع شكل التصرف القانون محل إبرامه وجعلها القاعدة العامة، إلا أنه للمتعاقدين اختيار أى قانون من القوانين الأخرى الواردة بها، وهي القانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية وقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني المشترك.

إثبات التصرف القانوني يخضع للقانون الذي يحكم شكله، فإن تطلب هذا القانون الكتابة للإثبات بينما كان قانون القاضي أو القانون الذي يحكم الموضوع لا يتطلبها، تعين الأخذ بالأول والعكس صحيح. ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/ 397).

المقصود بشكل التصرف : تتعدد الأشكال تبعاً لوظيفتها، فمنها ما يتعلق بإجراءات التقاضي وينظمها قانون المرافعات، ومنها ما يتعلق بعلانية التصرف وهي الوسائل التي يستلزمها المشرع الشهر التصرف سواء لنشأة الحق أو للاحتجاج به على الغير كالتسجيل والقيد ومنها ما يلزم توافره لوجود التصرف ومنها ما يلزم لاثباته وواضح أن النوعين الأولين لا يتصلان بحكم النص فيتعين أن يستبعد من دائرة البحث الأشكال التي تتعلق بالإجراءات القضائية فهي تخضع لقانون القاضي، كما يتعين استبعاد الاشكال الخاصة بشهر التصرف كالتسجيل والقيد فهي تخضع لقانون موقع المال . ( هشام صادق بند 103 - عز الدين عبد الله بند 138 وراجع فيه تفصيل شرط نفاذ رهن المنقول في حق الغير، ونفاذ حوالة الحق ورهن المدين والأشكال المكملة للأهلية .

أما الشكل اللازم لانعقاد التصرف كالرسمية في هبة العقار أو الرهن الرسمي فتقيد الأعمال التحضيرية خضوعه للقانون الذي يخضع له موضوع التصرف دون قانون بلد إبرام العقد، فإذا كان القانون الذي يحكم موضوع التصرف يستلزم لانعقاده الفراغه في الشكل الرسمي على خلاف قانون البلد الذي ابرم فيه التصرف والذي قد يكتفي بالشكل العرفي لم ينعقد التصرف إلا بإفراغه في الشكل الرسمي وإن كانت كيفية تنفيذ هذا الشكل الرسمي تخضع لقانون بلد الإبرام فهو الذي يبين الأوضاع التي يتعين مراعاتها في الشكل الرسمي.

القانون الذي يحكم شكل التصرف : واضح من النص أن المشرع جعل القاعدة خضوع شكل التصرف لقانون بلد إبرامه طابعاً اختيارياً إذ أجاز للمتعاقدين اتباع هذا الشكل أو الشكل المقرر في القانون الذي يحكم موضوع التصرف، او قانون موطنهما المشترك أو قانون جنسيتهما المشتركة.

خضوع الشكل القانون من أجراه : بعد أن يتحدد القانون الذي يحكم الشكل اللازم إفراغ التصرف فيه سواء كان ذلك شرطا لانعقاد التصرف او لاثباته على ما التفصيل السالف تخضع اوضاع الشكل لقانون من أجراه فهو الذي يبين الأوضاع الواجب مراعاتها في المحرر الرسمي أو العرفي كالبيانات الالزامية أو ضرورة كتابته بخط الشخص أو توقيعه عليه بالامضاء أو الختم أو البصمة وبيان عدد الصور إلى غير ذلك من الأوضاع. ويتصل بذلك أنه إذا استلزم قانون الشكل إفراغ التصرف في محرر رسمي فإن الأوضاع اللازمة في تحرير هذا المحرر تخضع لقانون الموظف الذي أجرى المحرر، وللأجنبى أجراء المحرر الرسمي أمام السلطة الوطنية المختصة أو أمام قنصل دولته إذا كان هذا الاختصاص معترفا به من الدولة المعتمد لديها أو ثابتاً بمعاهدة دولية أو بموجب العرف الدولى وفي الحالة الثانية تخضع هذه الأوضاع القانون الدولة التي يتبعها القنصل. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة/ 375).

مؤدى نص المادة 20 من القانون المدني أن المشرع أخذ بقاعدة خضوع شكل التصرف لقانون محل إبرامه وجعلها القاعدة العامة، على أن للمتعاقدين إختيار أي قانون من القوانين الأخرى الواردة بها، واختصاص القانون الذي يسري على الشكل لا يتناول - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - إلا عناصر الشكل الخارجية، أما الأوضاع الجوهرية في الشكل و هي التي تعتبر ركناً في إنعقاد التصرف كالرسمية في الرهن التأميني مثلاً، فتخضع للقانون الذي يحكم موضوع التصرف و ليس لقانون محل إبرامه، ومن ثم فإن الشكلية التي تقضي لإثبات التصرف تخضع لقانون محل إبرامه، وعلى هذا فإذا استلزم القانون الذي يحكم موضوع التصرف الكتابة لإثباته ولم يستلزمها قانون محل إبرامه تعين الأخذ بهذا القانون الأخير. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول صفحة 122).

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية 

 ( مادة ۲۷)

  1. يخضح شكل التصرف القانوني لقانون البلد الذي تم فيه أو للقانون الذي يسري على شروطه الموضوعية .
  2. أما شهر التصرف فيخضع لقانون موقع الشيء الذي يتعلق به التصرف .

يقابل هذا النص المادة 20 من التقنين الحالي ، وهي تنص على ما يأتي :

( العقود ما بين الاحياء تخضع في شكلها لقانون البلد الذي تمت فيه . ويجوز أيضا أن تخضع للقانون الذي يسري على أحكامها الموضوعية ، كما يجوز أن تخضع لقانون موطن المتعاقدين أو قانونهما الوطني المشترك )

وتبين الفقرة الأولى من النص المقترح القانون الواجب التطبيق على شكل التصرفات القانونية عموماً ، بحيث لا يقتصر حكمها على العقود ما بين الاحياء ، وبذلك أمكن الاستغناء عن وضع قواعد اسناد خاصة بشكل الزواج وشكل الوصية اكتفاء بالقاعدة العامة الواردة في هذه الفقرة . وقد اكتفي النص بذکر قانون محل ابرام التصرف ، وجعل له مكان الصدارة ، والقانون الذي يحكم الشروط الموضوعية للتصرف متفقا بذلك مع التيار الغالب في التشريع. ذلك أن قانون موطن المتعاقدين يغلب أن يكون هو قانون محل ابرام التصرف ، كما أنه قد يكون هو القانون الذي يحكم الشروط الموضوعية للتصرف إعمالا لقاعدة خضوع التصرف لقانون الارادة ، وكذلك الشأن بالنسبة إلى قانون الجنسية المشتركة للمتعاقدين.

ويلاحظ أن المقصود بالشكل في هذه الفقرة هو الشكل الخارجي اللازم لاثبات التصرف : أما الشكل الجوهرى للتصرف ، وهو الذي  يعتبر ركن انعقاد ، فياخذ حكم الشروط الموضوعية ويخضع بالتالي للقانون الذي تخضع له هذه الشروط .

 

وتتضمن الفقرة الثانية من النص المقترح قاعدة الإسناد الخاصة بشهر التصرف، حيث يخضع هذا الشهر لقانون موقع الشيء الذي يتعلق به التصرف سواء ورد هذا التصرف على حق عيني أم على حق شخصي ، وبذلك يسد هذا النص نقصاً في التشريع الحالى .