loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 313

مذكرة المشروع التمهيدي :

تواجه المادة 56 حالة تعدد الشرائع التي يتكون منها القانون الواجب تطبيقه في دولة معينة ( لتعدد القوانين التي تطبق على المصريين في شأن الزواج بسبب تطبيق نظام الطوائف غير الإسلامية ) وتقضى في هذه الحالة بأن القانون الداخلي لهذه الدولة هو الذي يعين الشريعة التي يجب تطبيقها من بين هذه الشرائع وقد استمد المشروع الحكم الوارد في هذه المبادىء من التشريع البولوني الصادر في سنة 1926 (م 37 ) وما استقر عليه الرأي في الفقه والقضاء بوجه عام .

ويراعى أن هذا الحكم يختلف عن حكم الإحالة، ولو أن بعض الفقهاء يطلق على هذه الصورة الأخيرة اسم "الإحالة الداخلية"، والواقع أن الإحالة بمعناها العام تثبت فيها الولاية لقانون دولة معينة، ولكن هذا القانون يتخلى عن ولايته هذه لقانون آخر ، أما الإحالة الداخلية فلا يتخلى فيها قانون الدولة عن ولايته ، و إنما هذه الولاية تكون موزعة بين شرائع متعددة ويكون من المتعين أن يرجع إلى القانون الداخلى في هذه الدولة لتعيين الشريعة الواجب تطبيقها من بين تلك الشرائع . وبعبارة أخرى يتخلى قانون الدولة عن اختصاصه في الإحالة ويرد هذا الاختصاص إلى دولة أخرى بمقتضى قاعدة من قواعد الإسناد الخاصة بتنظيم التنازع الدولي ما بين القوانين أما في الإحالة الداخلية فلا يتخلى قانون الدولة عن اختصاصه وإنما هو يعين من بين الشرائع المطبقة فيها شريعة يوجب تطبيقها بمقتضى قاعدة من قواعد تنظيم التنازع الداخلي ما بين القوانين.

الأحكام

1 ـ يبين من نصوص المواد 13 و 26 و 27 من القانون المدنى أن طلب التطليق يطبق عليه قانون الدولة التى ينتمى إليها الزوج بجنسيته و أنه إذا كان الزوج ينتمى وقت رفع الدعوى بالتطليق إلى جنسية دولة أجنبية تتعدد فيها الشرائع تعين أن تكون الشريعة التى تطبق أحكامها هى إحدى الشرائع المشار إليها دون القانون المصرى الذى يمتنع تطبيقه فى هذه الحالة . فإذا كان الثابت أن الزوج مالطى الأصل بريطانى الجنسية و لم يكن له موطن فى مالطة أو فى غيرها من بلاد المملكة المتحدة أو المستعمرات و كان موطنه هو القطر المصرى فإن القانون الواجب التطبيق فى طلب التطليق يكون هو القانون الانجليزى بإعتبار أنه قانون عاصمة الدولة التى ينتمى إليها الزوج بجنسيته .

(الطعن رقم 11 لسنة 25 جلسة 1958/05/01 س 9 ع 1 ص 425 ق 48)

2 ـ إذا كان النزاع المطروح دائرا بين زوج إيطالى وزوجة مصرية فتحكمه المادة 14 من القانون المدنى و يكون القانون المصرى هو الواجب التطبيق ، فإذا كان الزوج يهودى الديانة و كانت الزوجة مسيحية كاثوليكية فإن القانون المصرى الواجب التطبيق هو القانون الذى كانت تطبقه المحاكم الشرعية صاحبة الإختصاص العام فى مسائل الأحوال الشخصية . و هذا القانون هو ما بينته المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التى نصت على أنه " تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة ما عدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد " ، و لما كانت المادة 99 من اللائحة قد نصت فى فقرتها الأخيرة على حكم من الأحكام الواجبة التطبيق يقضى بأن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق ، و كان الثابت فى الدعوى أن الزوجة مسيحية كاثوليكية لا تدين بوقوع الطلاق فإن دعوى طلاق زوجها إياها تكون غير مسموعة و لا يترتب على الطلاق آثاره ، و يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك و ذهب إلى أن المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية غير منطبقة قد خالف القانون بما يستوجب نقضه .

(الطعن رقم 17 لسنة 28 جلسة 1960/11/17 س 11 ع 3 ص 583 ق 91)

3 ـ متى كان النزاع فى الدعوى يدور حول صحة زواج تم بين زوج مصرى و زوجة يونانية ينتمى كلاهما إلى طائفة الروم الأرثوذكس فإن شريعة هذه الطائفة هى الواجبة التطبيق على هذا النزاع عملاً بأحكام المواد 12 ، 14 ، 26 من القانون المدنى والمادة 2/6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 .

(الطعن رقم 15 لسنة 38 جلسة 1972/11/15 س 23 ع 3 ص 1242 ق 196)

شرح خبراء القانون

تحديد قاعدة الإسناد لقانون دولة تتعدد فيها الشرائع

إذا أشارت قاعدة الإسناد الى تطبيق قانون دولة، تتعدد فيها الشرائع تعين على القاضي تحديد أي منها يكون الواجب التطبيق على النزاع المطروح عليه، وقد ألزمته المادة 26 من القانون المدني بإعمال قاعدة الإسناد الواردة بقانون هذه الدولة لمعرفة الشريعة الواجبة التطبيق، وحينئذ يطبق القاضي أحكام هذه الشريعة باعتبارها القانون الواجب التطبيق، ويطلق على ذلك والإحالة الداخلية» أو «التفويض).

أما إذا لم توجد قاعدة إسناد داخلية في القانون الأجنبي، أو كانت هذه القاعدة تشير بتطبيق قانون دولة أخرى، ففي الحالة الأخيرة نكون بصدد إحالة لا يقرها القانون المصرى وفقاً لنص المادة 27 التالية.

فإن كان تعدد الشرائع تعددة شخصية، بأن توجد عدة شرائع تختص كل شريعة منها بطائفة معينة، كالشأن في مصر إذ توجد الشريعة الإسلامية وتنطبق كأصل عام على المسلمين، كما توجد شرائع غير المسلمين، فإن القاضي يطبق الشريعة الغالبة باعتبارها القانون الواجب التطبيق، ففي مصر تعتبر الشريعة الاسلامية هي الشريعة الغالبة في مسائل الأحوال الشخصية (أنظر نقض 17/11/1960 فيما يلي).

أما إن كان تعدد الشرائع إقليمية، بأن توجد عدة مقاطعات أو ولايات وتخضع كل ولاية لقانون خاص بها، كما في الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة البريطانية، تعين تطبيق الشريعة الرئيسية وهي قانون عاصمة الدولة التي ينتمي إليها الشخص بجنسيته. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/الأول، الصفحة/ 563)

 إذا أشارت قاعدة الإسناد إلى تطبيق قانون الجنسية بالنسبة لنزاع معين، وكان هذا القانون غير موحد أي تتعدد فيه التشريعات وهو ما يطلق عليه الدول ذات النظم المركبة، وذلك سواء أكان هذا التعدد إقليمياً بأن تختص كل شريعة بنطاق إقليمي معين كما هو الشأن في الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا أم كان شخصياً بأن تختص كل شريعة بطائفة من المتمتعين بجنسية الدولة كما هو الشأن في مصر ومعظم دول الشرق الأوسط – ففي هذه الحالة يكون أمر تحديد الشريعة الواجبة التطبيق متروكاً لقانون هذه الدولة، وبعبارة أخرى متروكاً لقواعد الإسناد الداخلي في هذه الدولة ومن ثم فلا محل لإخضاعه لقانون القاضي.

أما إذا لم توجد قاعدة إسناد في القانون غير الموحد تفيد تطبيق هذا القانون الداخلي أو ذاك بحيث يكون لكل من القوانين الداخلية قواعده الخاصة بالإسناد الداخلي فإنه يتعين التفرقة بين حالتين:

(الأولى): أن تتطابق قواعد الإسناد الداخلية في هذه القوانين، كما هي الحال في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، حيث تنص قواعد تنازع القوانين في قوانينها على الأخذ بقانون الموطن، فإن المشكلة تعد محلولة، فالقاضي الأجنبي في جمهورية مصر) الذي أشارت قاعدة الإسناد في قانونه تطبيق القانون الإنجليزي أو الأمريكى سيطبق في النهاية القانون السائد في الدويلة أو المقاطعة أو الإقليم المتوطن فيه الشخص ويحل النزاع نهائياً وفقاً للقواعد الموضوعية في هذا القانون الأخير.

لكن الصعوبة تقوم إذا اختلفت قواعد الإسناد الداخلية المذكورة، بحيث لا نستطيع ترجيح قاعدة على أخرى.

أو إذا تبين أن الشخص، في حالة تطابق هذه القواعد متوطن في الخارج، إذ لا نستطيع الأخذ بالقانون السائد في هذا الموطن وإلا نكون قد أخذنا بفكرة الإحالة، ذلك لأنه إذا كانت هذه الإحالة جائزة في بعض التشريعات فإنها ممنوعة في تشريعات أخرى كالتشريع المصري في المادة 27 من القانون المدني والتشريع السوري في المادة 29 من القانون المدني والقانون الإيطالي في المادة 20 من القانون المدني الايطالي الجديد. (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/   الأول الصفحة/481)

إذا كان القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة معينة تتعدد فيها الشرائع ، يجب على القاضي تطبيق القانون الداخلي لتلك الدولة والذي يقرر الشريعة الواجبة التطبيق. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول صفحة 145)

الفقة الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية 

 ( مادة 34)

اذا كان القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة تتعدد فيها الشرائع ، فان هذا القانون هو الذي يقرر أية شريعة منها يجب تطبيقها .

يطابق هذا النص المادة 26 من التقنين الحال مع تعديل في الصياغة اذ تنص هذه المادة على ما يأتي :« متى ظهر من الأحكام الواردة في المواد المتقدمة أن القانون الواجب التطبيق هو قانون دولة معينه تتعدد فيها الشرائع ، فان القانون الداخلى لتلك الدولة هو الذي يقرر أية شريعة من هذه يجب تطبيقها ، وقد حذفت عبارة « الأحكام الواردة في المواد المتقدمة ، لأن قاعدة الاسناد قد لا تكون واردة في المواد السابقة ويكون مصدرها معاهدة او عرف او مبادىء القانون الدولي الخاص .

وغني عن البيان أن الحكم الوارد في هذه المادة يسرى سواء كان تعدد الشرانع المشار اليه في النص تعدداً اقليمياً أو شخصياً .