loading
المذكرة الإيضاحية

مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 29

مذكرة المشروع التمهيدي :

الأشخاص الطبيعيون :

من العيوب البارزة في التقنين الحالى أنه تقنين غير كامل . فقد خلا من قانون الأحوال الشخصية و هذا جزء هام في كل تقنين مدني. وقد قضت الظروف أن يستبق المشروع هذا العيب، فلا يزال تقنين الأحوال الشخصية غير مستكمل لكل مسائله، ثم هو لا يزال منفصلاً عن التقنين المدني وقد كان من الضرورى، بعد أن خلا المشروع من قانون الأحوال الشخصية ، أن يشتمل على بعض النصوص التي تتناول الشخص الطبيعي من حيث ابتداء الشخصية وانتهاؤها، ومن حيث الخصائص التي تميز الشخصية الطبيعية، ومن حيث الوسائل التي يتذرع بها القانون لحماية الشخصية وقد استحدث المشروع هذه النصوص، وجدد بنوع خاص في ناحيتين، إذ أوجب أن يتخذ كل شخص لنفسه لقباً يميزه، ونص على حماية الحقوق الملازمة للشخصية حماية كاملة.

وإذا كان لا يمكن في الوقت الحاضر سد ثغرة الأحوال الشخصية كاملة في التقنين المدني المصري، فلا يزال مستطاعاً، أن يقتصر منها على الجزء الخاص بالأهلية والولاية والوصاية والقوامة، وهو الجزء الذي يدخل في اختصاص المجالس الحسبية، فتراجع لائحة هذه المجالس، وتفصل منها النصوص الموضوعية لتندمج في هذا المشروع، أما النصوص الخاصة بالإجراءات فتبقي منفصلة أو تندمج هي الأخرى في تقنين المرافعات ومن اليسير عند تقرير هذه الخطة أن تجد النصوص الموضوعية مكانها في هذا المشروع مع النصوص القليلة التي وردت في الأهلية (م 75 - 79).

ولا يقتضى إنفاذ هذا الأمر كبير عناء، فقد شكلت لجنة لتنقيح لائحة المجالس الحسبية، وفرغت اللجنة من مهمتها، ولا يبقى إلا أن تنقل النصوص الموضوعية التي أقرتها هذه اللجنة إلى المشروع مع شيء من التنسيق إذا اقتضى الأمر ذلك وليس في تقنين قواعد الأهلية وما يتصل بها من المسائل، و في توحيدها حتى تطبق على جميع المصريين من مسلمين وغير مسلمين، بدعة في التشريع المصري، فإن اللائحة الحالية للمجالس الحسبية قد حققت هذا الإصلاح، ولم تعد خطوة إدماج هذه القواعد في التقنين المدني إلا خطوة يراد بها استكمال مسألة شكلية.

مذكرة المشروع التمهيدي للمادة 29 :

1- تبدأ الشخصية الطبيعة للإنسان بتمام ولادته حياً، فيجب إذن أن تكون ولادته تامة، وأن يكون قد ولد حياً، فقبل أن تتم الولادة لا تبدأ الشخصية وإذا تمت الولادة ولكن الجنين ولد ميتاً، فلا تبدأ الشخصية كذلك وتنتهي الشخصية بالموت.

2- وما بين الولادة والموت يوجد الشخص الطبيعي ويتمتع بأهلية الوجوب وهي غير أهلية الأداء، فهي قابلية الشخص لأن تكون له حقوق وعليه واجبات على أن أهلية الوجوب هذه قد توجد قبل الولادة وقد تبقى بعد الموت ، فالجنين يجوز أن يوصى له فيملك بالوصية، ويجوز أن يوقف عليه فيكون مستحقاً في الوقف، ويرث فيملك بالميراث، كذلك الميت تبقى حياته مقدرة حتى تسند إليه ملكية ما تركه من مال إلى أن تسدد ديونه إذ لا تركة إلا بعد سداد الدين.

الأحكام

1 ـ ان شخصية الانسان وهى صلاحيته لوجوب الحقوق له أو عليه - لا تبدأ - كأصل عام وطبقا لما نصت عليه المادة 29 من القانون المدنى - الا بولاته حيا، ومن ثم فان لم يكن موجودا على قيد الحياة عند وفاة اخر لا تكون له ذمة مالية ولا دعوى شخصية يطالب فيها بتعويض عن ضرر لم يصبه - ماديا كان هذا الضرر أو أدبيا، حتى ولو كان من أقاربه الى الدرجة الثانية الذين أجازت المادة 222 من القانون ذاته تعويضهم عما قد يصيبهم من الم من جراء تلك الوفاة. لان المشرع بهذا النص قصر الحق فى التعويض عن الضرر الادبى الشخصى المباشر على من هؤلاء موجودا على قيد الحياة فى تاريخ الوفاة دون أن يوسع من نطاق هذا الحق بحيث يشمل من لم يكن له وجود حين الوفاة، سواء كان لم يولد بعد أو كان قد مات قبل موت المصاب ، فان أياً من هؤلاء يستحيل تصور أن يصيبه ضرر أدبى نتيجة موته.

(الطعن رقم 5462 لسنة 70 جلسة 2002/01/08 س 53 ع 1 ص 125 ق 20)

2 ـ النص فى المادة 29 من القانون المدنى يدل على أن المشرع أحال فى بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون،فليس له من حقوق إلا ما حدده القانون وقد نظم المرسوم بقانون 119لسنة 1952فى شأن الولاية على المال الولاية على الحمل المستكن، وأثبت له قانون الجنسية الحق فى اكتساب جنسية أبيه، وأعترف له قانون المواريث بالحق فى الإرث، كما أعترف له قانون الوصية بالحق فيما يوصى له به،أما حقه فى التعويض عن الضرر الشخصى المباشر الذى يلحق به نتيجة الفعل الضار الذى يصيب مورثه قبل تمام ولادته حياً فلم يعينه القانون، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المجنى عليه الذى أصيب فى الحادث سبب دعوى التعويض الراهنة - قد مات بتاريخ 1981/5/28 قبل ميلاد ابنته القاصرة ___ الحاصل فى 1981/11/1 ومن ثم فإنها كانت فى هذا التاريخ حملاً مستكناً فلا تستحق بعد ولادتها التعويض المطالب به، لأن الحق فى التعويض عن الأضرار الشخصية المباشرة التى تدعى أنها أصيبت بها وقت أن كانت حملاً مستكناً وكما سلف البيان لم يكن من بين الحقوق التى عينها القانون للحمل المستكن وحددها على سبيل الحصر.

(الطعن رقم 1075 لسنة 60 جلسة 1995/06/27 س 46 ع 2 ص 925 ق 181)

3 ـ إن مفاد النص فى المادة 29 من القانون المدنى يدل على أن المشرع أحال فى بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون فليس له حقوق إلا ما حدده القانون ، وقد نظم المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 فى شأن الولاية على المال - الولاية على الحمل المستكن - وأثبت له قانون الجنسية الحق فى اكتساب جنسية أبيه ، واعترف له قانون المواريث بالحق فى الإرث ، أما حقه فى التعويض عن الضرر الشخصى المباشر الذى يلحق به نتيجة الفعل الضار الذى يصيب مورثه قبل تمام ولادته حياً فلم يعينه القانون وترك أمره للقواعد العامة والتى تأبى على الحمل المستكن الذى لم يولد بعد ، وقد انعدم إدراكه أن يكون محلاً لضرر أدبى قوامه الشعور والعاطفة .

(الطعن رقم 7887 لسنة 74 جلسة 2013/12/23)

4 ـ توقيع الحجز على شخص يعتبر إجراء تحفظياً يستهدف منعه من إساءة التصرف فى أمواله ، فإذا توفى الشخص إستحال أن يتصرف فى تلك الأموال ، و يزول مقتضى الحجر و علة الحكم به ، و طالما كان أمر توقيع الحجر معروضاً على القضاء و لم يصدر به حكم لقوة الأمر المقضى ، فإن الدعوى به تنتهى بوفاة المطلوب الحجر عليه بغير حكم يعرض لأهليته، و هذا ما يستفاد من المادة 65 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 الخاص بأحكامه الولاية على المال ، الذى يشترط للحكم بتوقيع الحجر أن يكون المطلوب الحجر عليه شخصاً بالغاً ، و تعين المحكمة على من يحجر عليه قيماً لإدارة أمواله ، فإذا إنتهت شخصية المطلوب الحجر عليه بموته طبقاً للمادة 1/29 من القانون المدنى إستحال الحكم لصيرورته غير ذى محل فضلاً عن أمواله المطلوب الحجر عليها تورث عنه بموته عملاً بالمادة الأولى من القانون 77 لسنة 1943 الخاص بالمواريث فلا تعود هناك أموال يعهد بها إلى قيم لإدرتها و يصبح توقيع الحجر لغواً ، لما كان ما تقدم ، و كان البين من الأوراق ، أن المطلوب الحجر عليه توفى أثناء نظر المعارضة المقامة منه عن الحكم الغيابى القاضى بتوقيع الحجر عليه ، فإنه يتعين معه الحكم فى تلك المعارضة بإنتهاء دعوى الحجر ، و إذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر و قضى بتأييد الحكم الإبتدائى الصادر بتأييد الحكم المعارض فيه ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 13 لسنة 49 جلسة 1980/01/23 س 31 ع 1 ص 269 ق 56)

شرح خبراء القانون

تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا، وتتم الولادة بخروج المولود إلى الحياة ومتى خرج حياً ولو للحظة واحدة بدأت شخصيته ولا ينال من ذلك موته بعد ذلك، سواء كان الموت طبيعية أو بجرم، فلم يتطلب القانون استمرار الحياة لوقت معلوم أو أن يكون المولود کامل الخلقة، فتبدأ الشخصية ولو لم يكن قابلاً لإستمرار الحياة لنقص في خلقته أو لسبب آخر.

ومتى بدأت الشخصية ثبتت لها كافة الحقوق المقررة للحمل المستكن، وتنص المادة 42 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على أن «يوقف للحمل من تركة المتوفی أوفر النصيبين على تقدير أنه ذكر أو أنثى، فإن توفي المولود بعد تمام ولادته حياً انتقلت الأموال التي استحقها إلى ورثته».

وخروج المولود حياً، واقعة مادية فيجوز إثباتها بكافة الطرق المقررة قانوناً، فيلجأ القاضي إلى شهادة من قام بالتوليد ومن كان حاضراً وقت الولادة، وشواهد الحياة صراخ الطفل وبكاؤه بعد انفصاله، كما يجوز له الاستعانة بالطب الشرعي.

ولا يشترط أن يكون المولود قد قيد بسجلات المواليد فتلك مسألة تنظيمية لا شأن لها بإثبات ولادته حياً.

الحمل المستكن :

هو من كان في بطن أمه وقت وفاة المورث، ومتى ولد حيا ثبت له حكم الحياة منذ تاريخ الوفاة، ومدة التأكد الطبيعي لوجود الحمل في بطن أمه 270 يوماً، بينما مدة التأكد الحكمي هي 365 يوما (م 43 ق 77 لسنة 1943، وقد سوى القانون بين المعدات من طلاق رجعي والمعدات من موت أو طلاق بائن.

ولما كانت الوصية والوقف تصرفان يتمان بالإرادة المنفردة، جاز إبرامهما الصالح الحمل المستكن إذ لا حاجة لصدور قبول بشأنهما.

ومع ذلك، فإن التبرعات أي الهبات المقدمة للحمل، وهي تصرفات تتطلب قبولاً، فإنها جائزة للحمل.

نهاية الشخصية :

تنتهي شخصية الإنسان بموته وفقاً لنص المادة 29 من القانون المدني، وقد يكون الموت حقيقياً بأن يكون واقعاً ملموساً يدركه الأهل وينفقون منه، وهذا هو الأصل، وقد يكون حكمياً وهو ما ينتفى التحقق بالنسبة له. (المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/الأول،  الصفحة/ 584)

الشخصية هي الصلاحية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات. ومن تتوافر فيه هذه الشخصية يسمي شخصاً. فالشخص إذن هو من يصلح لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات. وتثبت الشخصية لكل إنسان بوصفه هذا. ومن ثم كان كل إنسان شخصاً (أي صالحاً لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات).

وإذا تمت الولادة، لم يكن هناك أية أهمية لطريقة حصولها، فسواء تمت طبيعة أم نتيجة عملية جراحية.

ولا يمنع من تمام الولادة ألا يكون الحبل السري الذي يربط المولود بأمه قد قطع.

ويجب أن يكون الوليد متمتعاً بالحياة في الوقت الذي يتم فيه انفصاله عن أمه ولو لأقصر مدة ممكنة بعد الولادة. فإذا انفصل الجنين عن أمه ميتاً فلا يعتبر شخصاً ومن ثم لا تثبت له حقوق ولا تجب عليه التزامات.

أما إذا انفصل الجنين حيا ثم مات فور نزوله تثبت له مع ذلك الشخصية وتثبت له الحقوق في خلال هذه الفترة الوجيزة. يدل على ذلك أن الشارع المصرى لا يشترط أن يولد الطفل قابلاً للحياة، بل اشترط فقط أن يولد حياً. أما شرط القابلية للحياة فليس مطلوباً. ومن ثم إذا ولد المولود حياً ثم مات مباشرة تثبت له حقوقه وتنتقل هذه الحقوق إلى ورثته أي أن الورثة يتلقون هذه الحقوق على أنها تركة للجنين لا على أنها تركة مورثهم (أبيهم مثلاً).

الجنين ( الحمل المستكن) :

القاعدة – كما ذكرنا سلفاً - أن شخصية الإنسان تبدأ بتمام ولادته حياً ولكنها تبدأ قبل ذلك من قبيل الاستثناء بالنسبة إلى الجنين. وقد أشارت إلى ذلك الفقرة الثانية من المادة بقولها: "ومع ذلك فحقوق الحمل المستكن يعينها القانون".

وبالرجوع إلى القانون المصرى نجده أعطى الجنين الحقوق الآتية:

1- الحق في ثبوت نسبه من أبيه.

2- الحق في الميراث، فهو يرث أقرباءه إذا ماتوا وهو في بطن أمه.

وإذا توفي الرجل عن زوجته أو عن معتدته فلا يرثه حملها إلا إذا ولد حياً لخمسة وستين وثلثمائة يوم على الأكثر من تاريخ الوفاة أو الفرقة.

ولا يرث الحمل غير أبيه إلا في الحالتين الآتيتين:

(الأولى): أن يولد حياً لخمسة وستين وثلثمائة يوم على الأكثر من تاريخ الموت أو الفرقة إن كانت أمه معتدة أو فرقة، ومات المورث أثناء العدة.

(الثانية): أن يولد حياً لسبعين ومائتي يوم على الأكثر من تاريخ وفاة المورث إن كان من زوجية قائمة وقت الوفاة (م43).

ومعنى ذلك أنه يوقف للحمل من تركة المتوفى أوفر النصيبين على تقدير أنه ذكر أم أنثى. فإذا مات شخص وترك زوجته حبلى، أوقف للحمل من تركته نصيب الذكر. فإذا ولد ذكراً استحق ما أوقف له. وإذا ولد أنثى، استحق نصيب الأنثى، وذهب الباقي مما أوقف له الورثة الآخرين.

3- يستحق الحمل الوصية التي تجرى لصالحه وهو في بطن أمه، ولو مات الموصى قبل ولادته.

وفي هذا تنص المادة 35 من القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية على أنه:

"تصح الوصية للحمل في الأحوال الآتية:

1- إذا أقر الموصى وجود الحمل وقت الوصية وولد حياً لخمسة وستين وثلاثمائة يوم ناقل من وقت الوصية.

2- إذا لم يقر الموصي بوجود الحمل وولد حياً لسبعين ومائتي يوم على الأكثر من وقت الوصية ما لم تكن الحامل وقت الوصية معتدة لوفاة أو فرقة بائنة فتصح الوصية إذا ولد حياً لخمسة وستين وثلاثمائة يوماً فأقل من وقت الموت أو الفرقة البائنة.

3-وإذا كانت الوصية الحمل من معين اشترط لصحة الوصية مع ما تقدم ثبوت نسبه من ذلك المعين. وتوقف غلة الموصى به إلى ينفصل الحمل حياً فتكون لة

4- الهبة: فقد نصت المادة (12) من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بأحكام الولاية على المال على أنه: "لا يجوز للولي أن يقبل هبة أو وصية الصغير محملة بالتزامات معينة إلا بإذن المحكمة". ومفهوم المخالفة لهذا النص أنه يجوز للولى قبول هبة للجنين طالما أنها ليست محملة بالتزامات معينة.

5- الحق في غلات الوقف: وقد نص على هذا الحق في قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946. وقد تأثر هذا الحق بصدور قانون إلغاء الوقف على غير جهات البر رقم 180 لسنة 1952.

6- الحق في الاستفادة من الاشتراط الذي يشترطه الغير، كأن يكون مستفيداً من عقد تأمين عقده الغير، أو من تكليف فرضه لصالحه الواهب على الموهوب له.

انتهاء الشخصية :

تنص الفقرة الأولى من المادة على أن: "تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته وتنتهي بموته".

وتثبت الوفاة بواسطة السجلات الرسمية المعدة لذلك (موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/   الأول الصفحة/499)

تعريف - الشخص في نظر القانون هو كل كائن تتوافر فيه القابلية لأن يكون صاحب حق واحد على الأقل أو مكلفاً بالتزام واحد.

والشخصية هي الصفة القانونية التي تثبت لكل كائن بمجرد ملاحيته لأن يكون ذا حق واحد، مهما كان ذلك الحق بسيطاً، وهي صفة غير قابلة للانقسام، فإما أن توجد كاملة، وأما أن لا توجد مطلقاً، تبعاً إلا إذا كان من يراد وصفه بها يصلح أن لا يصلح لأن يكون صاحب حق واحد أياً كان ذلك الحق .

 الشخص الطبيعي هو الإنسان ، وذلك لأن الشخص في نظر القانون لابد أن يكون مخلوقا ذا إرادة ومعترفا له بواحد من الحقوق على الأقل أن هذه الشروط تتوافر في الإنسان وحده دون الحيوان أو الجماد، اذ أن الحيوان والجماد ليس لأي منهما إرادة، ولا له حقوق.

تبدأ شخصية الإنسان بالميلاد أي في الوقت الذي ينفصل فيه عن أمه : لأنه قبل ذلك يعتبر جزءاً منها لا شخصية له، وبدهي أنه يشترط في ذلك أن يولد الإنسان حيا لأنه لو ولد ميتاً لا تثبت له الشخصية أصلاً وقد نصت المادة 29 فقرة أولى مدني على أن تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حياً، أي تمام انفصاله عن أمه حياً، ولو لم يكن قابلاً للحياة . 

وتثبت حياة المولود بثبوت أعراض ظاهرة للحياة اليقينية كالبكاء والصراخ والشهيق فإذا لم يثبت شيء من ذلك كان القاضي الرجوع الى رأي الأطباء الشرعيين للتحقق من أن المولود ولد حياً حياة يقينية.

مركز الجنين الأصل في الجنين ألا يعتبر شخصاً مادام لم يولد غير أنه قد تكون له مصلحة في ثبوت الشخصية له منذ وجوده حتى يمكن توريثه من أبيه مثلاً، أو أفادته من وقف أو وصية يتمان قبل ميلاده لذاك ينظر القانون إلى الجنين في هذه الحالات، باعتبار مآله، ويعده موجوداً من وقت الحمل به، وصالحاً لأن تتعلق به الحقوق التي تؤول إلى الشخص بسبب موت أحد أقاربه ( القانون رقم 77 لسنة 1943 الخاص بالمواريث) أو بسبب وصية ( المادة 35 من قانون الوصية الصادر في 24 يونيو سنة 1946 ) أو وقف ( قبل إلغاء الوقف على الخيرات ) دون غيرها من الحقوق .

على أن هذا الوجود الذي يعترف به القانون للجنين وجود اعتباری (المادة 29 فقرة ثانية مدنی)، معلق على شرط ولادة الجنين حيا ، فان تحقق هذا الشرط - ولو مات المولود بعد لحظة تديرة من ولادته - ثبتت له الشخصية القانونية مستندة إلى وقت الحمل به وخولته في الفترة السابقة على ولادته أهلية وجوب فيما يتعلق بحق الإرث وحق تلقي الوصية وإذا لم يتحقق الشرط وولد الجنين ميتاً لم تثبت له الشخصية، واعتبر كأن لم يكن له وجود في أي وقت من الأوقات.

وفي أثناء مدة الحمل، مادام لا يعلم مصير شخصية الجنين، أهي ستتأكد نهائياً بولادته حياً أم لا فيفرض فيه مؤقتاً أنه سيولد حياً ويحسب في ضمن الورثة أو الموصى لهم ، ويفرض فيه أنه ذكر حيث تكون له مصلحة في ذلك، ويوقف نصيبه على ذمته إلى أن تتم ولادته فان ولد حياً استحق نصيبه الفعلي وارتد باقي الموقوف من أجله الى من يستحقه من الورثة، وآل نصيبه من بعده الى ورثته . وان ولد ميتا لم يستحق ذلك النصيب، وارتد الموقوف من أجله إلى من كانوا يستحقونه لو تحقق من الأصل انعدامه (المادتان 42 و 43 من القانون رقم 77 لسنة 1943 الخاص بالمواريث والمادتان 35 و 36 من قانون الوصية الصادر في 24 یونیه 1946).

بيين من ذلك أنه قد تثبت للجنين في بعض الأحوال شخصية تقديرية معلقة على شرط واقف هو ولادته حياً وأن هذه الشخصية المعلقة تجعل له، في أثناء مدة الحمل أهلية وجوب محدودة، أي بالنسبة إلى الحقوق التي تقدمت الأشارة إليها فحسب ولا نثبت له أهلية الوجوب بالنسبة إلى غير ذلك من الحقوق إلا من تاريخ ولادته حياء أي أن الجنين يكسب ولادته تأييداً لشخصيته التي كانت في أثناء الحمل معلقة على شرط واقف و أتباعاً في أهلية الوجوب التي كانت مقررة له.

نهاية الشخص عادة - تشتهي شخصية الإنسان عادة بموته (المادة 29 فقرة أولى مدنی)، وهذه هي النهاية الطبيعية الشخصية، وكانت في القوانين القديمة تنتهي أيضاً بالرق.

وتمتد شخصية المتوفى امتدادا اعتبار یا طوال المدة التي يستغرقها تصفية تركه أو بعداد ديونه، لأن التركة في الشريعة الاسلامية لا تكون إلا بعد سداد الديون وغش أثناء هذه المدة تعتبر أموال المتوفى المستغرقة بالدين أنها باقية على حكم ملكه ، بحيث لو تعرف الورثة في شيء من تلك الأموال اعتبر تصرفهم وارداً على بلاد الغير وكان غير نافذ في حق الدائنين .

وقد أخذ التقنين المدني الحالى بوجهة نظر الشريعة الإسلامية في ذلك حيث نص في المادة 899 منه على أنه « بعد تنفيذ التزامات التركة يؤول ما بقي من أموالها الى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي، أي أنه اعتبر أن أموال المتوفى تبقى على حكم ملكه طوال المدة اللازمة لتنفيذ التزاماته، وتضمن هذا التقنين فوق ذلك تنظيما لتصفية التركات يدرأ مضار تعليق أموال التركة في أثناء هذه المدة ( أنظر المواد من 875 إلى 913 مدنی).

وتثبت الوفاة كما يثبت الميلاد بشهادة مستخرجة من سجل إثبات الحالة المدنية في السجل المدني المنشأ بالقانون 260 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقم 11 لسنة 1965 ورقم 158 لسنة 1980) .

ومن المهم أن يعين خيها وقت حصول الوفاة تعييناً دقيقاً لما يترتب على تعيينه من آثار قانونية وبخاصة فيما يتعلق بالميراث والوصية. (الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الاول  الصفحة/ 654)

بداية الشخصية القانونية للشخص الطبيعي : 

تكون بصريح النص بولادة الحمل حياً وهو تأكيد لما نصت عليه المادة 43 من قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 حيث اشترطت لثبوت إرث الحمل أن يولد حياً، ولا يعتبر أنه ولد حياً إلا إذا استمرت له الحياة حتى تمام ولادته وهو شرط عام سواء كانت الولادة طبيعية أو جنائية، وذلك على خلاف المذهب الحنفي الذي كان سائداً حتى العمل بقانون المواريث حيث كان يعتبر الحمل قد ولد حياً إذا ظهر أكثره حياً ولو مات قبل انفصاله، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة انفصال الجنين نتيجة الاعتداء على الأم مما ادى الى نزول جنينها ميتاً إذ يكتسب الشخصية القانونية استثناء فيرث.

مركز الجنين : 

أحالت الفقرة الثانية في بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون، وقد نظمت المادتان 28 ، 29 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 في شأن الولاية على المال الولاية على الحمل المستكن، وأثبت له قانون الجنسية الحق في اكتساب جنسية أبيه، واعترف له قانون المواريث بالحق في الإرث، كما اعترف له قانون الوصية بالحق فيما يوصى له به، الأمر الذي نرى معه مع جانب من الفقه أن الجنين له اهلية وجوب كاملة فتجوز له الهبة، وإن كانت هذه الحقوق كلها موقوفة على شرط تمام ولادته حياً.

ولتحديد لحظة الموت أهمية بالغة في إعمال أحكام الإرث خاصة في حالة ما يسمى بأسوات البخته أي الأشخاص الذين يموتون معاً في حادث واحد. (التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة : 409)

لا تبدأ شخصية الإنسان قبل أن تتم الولادة وإذا تمت الولادة ولكن الجنين ولد ميتاً فلا تبدأ الشخصية ... فشخصية الإنسان تبدأ بتمام ولادته حياً، وتنتهي بموته وما بين الولادة والموت يوجد الشخص الطبيعي الذي يتمتع بأهلية الوجوب والمشرع في المادة 29 من القانون المدني أحال في بيان حقوق الحمل المستكن إلى القانون، فليس له من حقوق إلا ما حدده القانون وقد نظم المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 في شأن الولاية على المال الولاية على الحمل المستكن، وأثبت له قانون الجنسية الحق في اكتساب جنسية أبيه، وأعترف له قانون المواريث بالحق في الإرث، كما أعترف له قانون الوصية بالحق فيما يوصى له به، أما حقه في التعويض عن الضرر الشخصي المباشر الذي يلحق به نتيجة الفعل الضار الذي يصيب مورثه قبل تمام ولادته حياً فلم يعينه القانون. (التقنين المدني، شرح أحكام القانون المدني، المستشار/ أحمد محمد عبد الصادق، طبعة 2015، دار القانون للاصدارات القانونية، الجزءالأول صفحة 155)

الفقة الإسلامي

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء /  الثامن عشر ، الصفحة / 142

 

حَمْلٌ

التَّعْرِيفُ:

1 - مِنْ مَعَانِي الْحَمْلِ فِي اللُّغَةِ الرَّفْعُ وَالْعُلُوقُ، يُقَالُ: حَمَلَ الشَّيْءَ عَلَى ظَهْرِهِ اسْتَقَلَّهُ وَرَفَعَهُ، فَهُوَ حَامِلٌ وَهِيَ حَامِلَةٌ. وَالْحِمْلُ بِالْكَسْرِ مَا يُحْمَلُ. وَحَمَلَتِ الْمَرْأَةُ حَمْلاً عَلِقَتْ بِالْحَمْلِ فَهِيَ حَامِلٌ وَحَامِلَةٌ. وَجَمْعُهُ أَحْمَالٌ وَحِمَالٌ. قَالَ تَعَالَى: (وَأُولاَتُ الأَْحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) وَحَمَلَتِ الشَّجَرَةُ: أَخْرَجَتْ ثَمَرَتَهَا.

وَيُطْلَقُ الْحَمْلُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ أَيْضًا أَيْ حَمْلِ الْمَتَاعِ وَمَا فِي بَطْنِ الأُْنْثَى مِنَ الأَْوْلاَدِ.

 الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْحَبَلُ:

2 - الْحَبَلُ بِفَتْحَتَيْنِ الاِمْتِلاَءُ، وَمِنْهُ حَبَلُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ امْتِلاَءُ رَحِمِهَا، فَهِيَ حُبْلَى. وَالْحَبَلُ الْحَمْلُ. وَيَكُونُ الْحَبَلُ مَصْدَرًا وَاسْمًا مِنْ حَبِلَتِ الْمَرْأَةُ حَبَلاً. وَمِنْهُ حَدِيثُ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ». وَهُوَ أَنْ يُبَاعَ مَا فِي بَطْنِ النَّاقَةِ. وَقِيلَ وَلَدُ الْوَلَدِ الَّذِي فِي الْبَطْنِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَبَلُ مَخْصُوصٌ بِالآْدَمِيَّاتِ، أَمَّا الْحَمْلُ فَيَشْمَلُ الآْدَمِيَّاتِ وَالْبَهَائِمَ وَالشَّجَرَ، فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَخَصُّ مِنَ الْحَمْلِ.

ب - الْجَنِينُ:

3 - الْجَنِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ جَنَّ الشَّيْءَ بِمَعْنَى سَتَرَ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْوَلَدِ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، لاِسْتِتَارِهِ فِيهِ، وَجَمْعُهُ أَجِنَّةٌ. أَمَّا الْحَمْلُ فَيُطْلَقُ عَلَى حَمْلِ الْمَتَاعِ، وَعَلَى ثَمَرَةِ الشَّجَرِ، وَعَلَى مَا فِي بَطْنِ الأُْنْثَى. وَكُلُّ وَلَدٍ فِي بَطْنِ الأُْمِّ فَهُوَ جَنِينٌ، أَمَّا الْحَمْلُ فَيَشْمَلُ كُلَّ مَا فِي بَطْنِهَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَر مِنْ جَنِينٍ.

 أَحْكَامُ الْحَمْلِ:

4 - تَقَدَّمَ أَنَّ لَفْظَ الْحَمْلِ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُرْفَعُ بِالْيَدِ، أَوْ عَلَى الظَّهْرِ مِنَ الْمَتَاعِ، وَمَا تَحْمِلُهُ الأُْنْثَى فِي رَحِمِهَا مِنَ الْجَنِينِ. وَفِيمَا يَلِي الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِكِلاَ الْقِسْمَيْنِ:

أَوَّلاً: الْحَمْلُ بِمَعْنَى مَا تَحْمِلُهُ الأُْنْثَى مِنْ وَلَدٍ:

5 - يَمُرُّ الْحَمْلُ فِي تَكْوِينِهِ وَنُمُوِّهِ بِمَرَاحِلَ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النُّطْفَةِ إِلَى الْعَلَقَةِ، وَمِنْهَا إِلَى الْمُضْغَةِ فَإِلَى الْعِظَامِ، فَتُكْسَى الْعِظَامُ لَحْمًا، ثُمَّ تُنَشَّأُ خَلْقًا آخَرَ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.

وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ بَعْضِ هَذِهِ الأَْدْوَارِ فِي مُصْطَلَحِ: (جَنِينٌ) وَفِيمَا يَلِي الأَْحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِمُدَّةِ الْحَمْلِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ الآْثَارِ، وَمَا يَثْبُتُ لِلْحَمْلِ مِنْ حُقُوقٍ كَالنَّسَبِ وَالإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ، وَمَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَعَنْ وَضْعِهِ مِنَ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأُمِّهِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلاَتِ وَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهَا، مَعَ إِحَالَةِ بَعْضِ هَذِهِ الأَْحْكَامِ إِلَى مُصْطَلَحَاتِهَا الأَْصْلِيَّةِ.

مُدَّةُ الْحَمْلِ وَأَثَرُهَا فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ:

أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ:

6 - أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَمَّ عُثْمَانُ  بِرَجْمِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ خَاصَمَتْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ لَخَصَمَتْكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا)، وَقَالَ: (وَالْوَالِدَاتُ يَرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) فَالآْيَةُ الأُْولَى حَدَّدَتْ مُدَّةَ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ أَيِ الْفِطَامِ بِثَلاَثِينَ شَهْرًا، وَالثَّانِيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُدَّةَ الْفِطَامِ عَامَانِ فَبَقِيَ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.

وَهَذِهِ الْمُدَّةُ تُحْسَبُ مِنْ وَقْتِ الزَّوَاجِ وَإِمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَمِنْ وَقْتِ عَقْدِ الزَّوَاجِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْ وَقْتِ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

وَلِتَعْيِينِ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ آثَارٌ فِقْهِيَّةٌ، مِنْهَا:

أ - إِذَا وَلَدَتِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَكَانَ بَيْنَ وَضْعِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يُعْتَبَرُ الْوَلَدَانِ تَوْأَمَيْنِ، فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الثَّانِي لاَ بِالأَْوَّلِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ الدَّمُ بَيْنَهُمَا حَيْضًا أَوْ نِفَاسًا؟ فِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْهِمَا.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَيْنَ وَضْعِهِمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَانَا بَطْنَيْنِ تَنْقَضِي عِدَّتُهُمَا بِوَضْعِ الأَْوَّلِ.

 ب - إِذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لأَِقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ اتِّفَاقًا. لأَِنَّهُ ظَهَرَ عَكْسُهُ بِتَعْيِينٍ، فَصَارَتْ كَأَنَّهَا لَمْ تَقْرَبْهُ. وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لاَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَكْسُهُ فَيَكُونُ مِنْ حَمْلٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ كَمَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ، وَلأَِنَّهَا أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَضَاءِ عِدَّتِهَا وَحِلِّ النِّكَاحِ لَهَا بِمُدَّةِ الْحَمْلِ فَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ، كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا لِمُدَّةِ الْحَمْلِ، كَمَا يُعَلِّلُهُ الْحَنَابِلَةُ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ مَا لَمْ. تَتَزَوَّجْ أَوْ يَبْلُغْ أَرْبَعَ سِنِينَ، لأَِنَّهُ وَلَدٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهِيَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَلَيْسَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ.

هَذَا، وَلِتَحْدِيدِ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ آثَارٌ أُخْرَى فِي اللِّعَانِ، وَالاِسْتِلْحَاقِ وَالنَّسَبِ، وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْعِدَّةِ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَاتِهَا

أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ:

7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ، فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ، لِقَوْلِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ: «هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ امْرَأَةُ صِدْقٍ، وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ حَمَلَتْ ثَلاَثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كُلُّ بَطْنٍ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ» وَمَا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْوُجُودِ، وَقَدْ حَكَى أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهَكَذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَجِيحٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَإِذَا تَقَرَّرَ وُجُودُهُ وَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ. وَلأَِنَّ عُمَرَ ضَرَبَ لاِمْرَأَةِ الْمَفْقُودِ أَرْبَعَ سِنِينَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلاَّ لأَِنَّهُ غَايَةُ الْحَمْلِ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا.

وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَمْلِ عَلَى سَنَتَيْنِ وَلاَ قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ عُودِ الْمِغْزَلِ وَذَلِكَ لاَ يُعْرَفُ إِلاَّ تَوْقِيفًا، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ فِيهِ مَجَالٌ، فَكَأَنَّهَا رَوَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم .

 وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ خَمْسُ سِنِينَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إِنَّ أَقْصَى الْحَمْلِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ.

8 - وَثَمَرَةُ هَذَا الْخِلاَفِ تَظْهَرُ فِيمَا يَأْتِي: الْمُطَلَّقَةِ طَلاَقًا بَائِنًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا جَاءَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِوَلَدٍ لِسَنَتَيْنِ فَأَقَلَّ ثَبَتَ نَسَبُهُ اتِّفَاقًا، لأَِنَّ الْوَضْعَ تَمَّ ضِمْنَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ عِنْدَ الْجَمِيعِ.

أَمَّا إِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لأَِكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ ضِمْنَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ عِنْدَهُمْ، وَلاَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ.

وَفِي الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لاِحْتِمَالِ الْوَطْءِ وَالْعُلُوقِ فِي الْعِدَّةِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ.

وَفِي الْمَوْضُوعِ فُرُوعٌ أُخْرَى تُنْظَرُ أَحْكَامُهَا فِي مُصْطَلَحِ: (نَسَبٌ).

أَثَرُ الْحَمْلِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَامِلِ:

9 - الْحَمْلُ لاَ يُؤَثِّرُ فِي تَصَرُّفَاتِ الْحَامِلِ قَبْلَ سِتَّةِ 

أَشْهُرٍ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَا لَمْ يَأْتِ لَهَا الطَّلْقُ (وَجَعُ الْوِلاَدَةِ) عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ)، فَتَصِحُّ تَبَرُّعَاتُهَا كَسَائِرِ الْمُعَامَلاَتِ. وَفِي حَالَةِ الطَّلْقِ تُعْتَبَرُ الْحَامِلُ كَالْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْحَمْلَ مِنَ الأَْمْرَاضِ الْمُخَوِّفَةِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لأَِنَّ الْحَامِلَ تَتَوَقَّعُ الْوِلاَدَةَ بَعْدَهَا كُلَّ سَاعَةٍ، تَنْطَبِقُ عَلَيْهَا أَحْكَامُ مَرَضِ الْمَوْتِ. (ر: حَامِلٌ، وَمَرَضُ الْمَوْتِ).

أَهْلِيَّةُ الْحَمْلِ:

10 - الْحَمْلُ لَهُ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ نَاقِصَةٌ فَتَثْبُتُ لَهُ الْحُقُوقُ الَّتِي لاَ تَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ كَالإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ وَالنَّسَبِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَالنَّفَقَةِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِمَا، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْحَمْلَ مِنْ جِهَةٍ جُزْءٌ مِنْ أُمِّهِ حِسًّا، لِقَرَارِهِ بِقَرَارِهَا وَانْتِقَالِهِ بِانْتِقَالِهَا، وَحُكْمًا، لِعِتْقِهِ وَرِقِّهِ وَدُخُولِهِ فِي الْبَيْعِ بِعِتْقِهَا وَرِقِّهَا وَبَيْعِهَا. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى هُوَ نَفْسٌ تَنْفَرِدُ بِالْحَيَاةِ وَهُوَ مُعَدٌّ لِلاِنْفِصَالِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذِمَّةٌ كَامِلَةٌ بَلْ نَاقِصَةٌ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْوُجُوبِ لَهُ لاَ عَلَيْهِ، كَمَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ وَفِيمَا يَلِي الْحُقُوقُ الَّتِي تَثْبُتُ لِلْحَمْلِ.

أ - النَّسَبُ:

11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْحَمْلِ لِلْفِرَاشِ إِذَا كَانَ فِي مُدَّةٍ يَحْتَمِلُهَا، إِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ، أَوْ وَقْتِ إِمْكَانِ الدُّخُولِ إِلَى سَنَتَيْنِ، أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَفَاةِ الزَّوْجِ أَوْ طَلاَقِ الْحَامِلِ بَائِنًا حَسَبَ مَا ذُكِرَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَعَلَى تَفْصِيلٍ يُذْكَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (نَسَبٌ).

ب - الإِْرْثُ:

12 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاء ِ فِي أَنَّ الْحَمْلَ يَرِثُ، وَلَهُ نَصِيبٌ فِي مَالِ مُورَثِهِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ، لَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِ.

فَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ إِذَا طَالَبُوا بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ انْتِظَارٍ لِلْوِلاَدَةِ، وَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ لاَ يَنْقُصُهُ الْحَمْلُ كَمَالُ مِيرَاثِهِ، وَإِلَى مَنْ يَنْقُصُهُ أَقَلُّ مَا يُصِيبُهُ، وَلاَ يُدْفَعُ شَيْءٌ مِنَ الْمِيرَاثِ إِلَى مَنْ يُسْقِطُهُ الْحَمْلُ وَيُوقَفُ لِلْحَمْلِ نَصِيبٌ.

وَيُقَدَّرُ عَدَدُ الْحَمْلِ وَاحِدًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّهُ هُوَ الْغَالِبُ الْمُعْتَادُ، فَيُوقَفُ لَهُ نَصِيبُ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَيِّهِمَا كَانَ أَكْثَرَ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُوقَفُ لَهُ نَصِيبُ اثْنَيْنِ.

 وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْحَمْلَ سَبَبٌ لِتَأْخِيرِ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ، فَيُوقَفُ التَّقْسِيمُ كُلُّهُ حَتَّى تَضَعَ الْحَامِلُ، أَوْ يَظْهَرَ عَدَمُ حَمْلِهَا بِانْتِفَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَيْسَ بِهَا حَمْلٌ ظَاهِرٌ.

وَإِنْ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي أُخِّرَ الإِْرْثُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنْ لاَ حَمْلَ فِيهَا بِأَنْ تَحِيضَ حَيْضَةً، أَوْ يَمْضِيَ أَمَدُ الْعِدَّةِ وَلاَ رِيبَةَ حَمْلٍ بِهَا.

هَذَا، وَاشْتَرَطَ الْجَمِيعُ لإِِرْثِ الْحَمْلِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَ وَفَاةِ مُورَثِهِ وَأَنْ تَضَعَهُ حَيًّا بِأَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا فَيَرِثَ وَيُورَثَ، لِقَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم : «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ».

وَفِيمَا سِوَى الاِسْتِهْلاَلِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِرْثٌ).

ج - الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ

13 - تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا اسْتِخْلاَفٌ مِنْ وَجْهٍ، لأَِنَّ الْمُوصِي يَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ، وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الإِْرْثِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ، وَقَيَّدَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ بِالْعِلْمِ بِوُجُودِهِ حِينَ الْوَصِيَّةِ، بِأَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا لأَِقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، إِذْ لَوْ وُلِدَ لأَِكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ احْتُمِلَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ فَلاَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ، وَهِيَ تَمْلِيكٌ لاَ يَصِحُّ لِلْمَعْدُومِ.

وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِحَمْلٍ ثَابِتٍ أَوْ مَا سَيُوجَدُ، فَيُوقَفُ إِلَى وَضْعِهِ، فَيَسْتَحِقُّ إِنِ اسْتَهَلَّ عَقِبَ وِلاَدَتِهِ، فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ قَارَّةٍ فَلاَ يَسْتَحِقُّهَا، وَتُرَدُّ الْوَصِيَّةُ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (وَصِيَّةٌ).

د - الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْلِ:

14 - قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ، أَيِ الْحَمْلِ، لأَِنَّ الْوَقْفَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ لِلْحَمْلِ اسْتِقْلاَلاً كَمَا يَصِحُّ تَبَعًا.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ إِمْكَانُ تَمْلِيكِهِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَقْفِ فِي الْخَارِجِ أَهْلاً لِلْمِلْكِ، فَلاَ يَصِحُّ عَلَى جَنِينٍ اسْتِقْلاَلاً، كَمَا لاَ يَصِحُّ تَبَعًا كَأَنْ يَقُولَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي وَحَمْلِ زَوْجَتِي. لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ، وَلاَ يَدْخُلُ فِيمَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُ عَلَى الأَْوْلاَدِ، لأَِنَّهُ لاَ يُسَمَّى وَلَدًا قَبْلَ انْفِصَالِهِ.

وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى حَمْلٍ أَصَالَةً، كَوَقَفْتُ دَارِي عَلَى مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ، لأَِنَّهُ تَمْلِيكٌ إِذَنْ، وَالْحَمْلُ لاَ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ بِغَيْرِ الإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ.

وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْحَمْلِ تَبَعًا، كَأَنْ يَقُولَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلاَدِي وَأَوْلاَدِ فُلاَنٍ وَفِيهِمْ حَمْلٌ، فَيَشْمَلُ الْحَمْلَ. (ر: وَقْفٌ).

هـ - الإِْقْرَارُ لِلْحَمْلِ وَالْهِبَةُ لَهُ:

15 - يَصِحُّ الإِْقْرَارُ لِلْحَمْلِ إِنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا صَالِحًا يُتَصَوَّرُ لِلْحَمْلِ، كَالإِْرْثِ وَالْوَصِيَّةِ، كَأَنْ يَقُولَ: عَلَيَّ كَذَا أَوْ عِنْدِي كَذَا لِهَذَا الْحَمْلِ بِإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ.

وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ إِذَا كَانَ الْحَمْلُ مُحْتَمَلَ الْوُجُودِ وَقْتَ الإِْقْرَارِ، بِأَنْ لاَ يُولَدَ لأَِكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ.

وَفِي صِحَّةِ الإِْقْرَارِ لِلْحَمْلِ فِي حَالَةِ الإِْطْلاَقِ وَعَدَمِ بَيَانِ السَّبَبِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِقْرَارٌ).

هَذَا. وَلاَ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِلْحَمْلِ، لأَِنَّهَا تَمْلِيكٌ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبْضِ، وَالْحَمْلُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَبْضِ وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (هِبَةٌ).

أَثَرُ نُقْصَانِ أَهْلِيَّةِ الْحَمْلِ:

16 - تَقَدَّمَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْحَمْلَ لَهُ أَهْلِيَّةُ وُجُوبٍ نَاقِصَةٌ، لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لاَ يَجِبُ فِي مَالِ الْحَمْلِ نَفَقَةُ الأَْقَارِبِ، وَلاَ يَجِبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الَّذِي اشْتَرَى لَهُ وَلِيُّهُ، وَنَحْوُهُمَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ. (ر: جَنِينٌ).

نَفْيُ الْحَمْلِ:

17 - لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لاِمْرَأَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ لَيْسَ هَذَا الْحَمْلُ - الْجَنِينُ - مِنِّي لَمْ يَجِبِ اللِّعَانُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَيَقَّنِ الْوُجُودِ فَقَدْ يَكُونُ انْتِفَاخًا.

وَقَالَ الصَّاحِبَانِ: إِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لأَِقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ - الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ - مِنْ وَقْتِ الْقَذْفِ وَجَبَ اللِّعَانُ لِلتَّأَكُّدِ مِنْ وُجُودِ الْحَمْلِ فَكَانَ مُحْتَمِلاً لِلنَّفْيِ إِذِ الْحَمْلُ تَتَعَلَّقُ بِهِ الأَْحْكَامُ.

وَيَقُولُ الْكَاسَانِيُّ: (وَلاَ يُقْطَعُ نَسَبُ حَمْلٍ قَبْلَ الْوِلاَدَةِ بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرٌ، لأَِنَّهُ لاَ يُجِيزُ نَفْيَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ. وَأَمَّا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ، فَلأَِنَّ الأَْحْكَامَ إِنَّمَا تَثْبُتُ لِلْوَلَدِ لاَ لِلْحَمْلِ وَالْجَنِينِ، إِنَّمَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الْوَلَدِ بِالْوِلاَدَةِ. وَيَقُولُ: إِنَّ الْقَذْفَ إِذَا لَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلِّعَانِ لاَ يَنْقَطِعُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَيَكُونُ ابْنَهُمَا وَلاَ يُصَدَّقَانِ عَلَى نَفْيِهِ، لأَِنَّ النَّسَبَ قَدْ ثَبَتَ، وَالنَّسَبُ الثَّابِتُ بِالنِّكَاحِ لاَ يَنْقَطِعُ إِلاَّ بِاللِّعَانِ وَاللِّعَانُ لَمْ يُوجَدْ).

وَيُصَرِّحُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَشَارِحُهُ: إِنْ قَالَ الرَّجُلُ لاِمْرَأَتِهِ زَنَيْتِ وَهَذَا الْحَمْلُ - الْجَنِينُ - مِنَ الزِّنَى تَلاَعَنَا، لِوُجُودِ الْقَذْفِ الصَّرِيحِ وَلَكِنْ لاَ يَنْتَفِي الْحَمْلُ لِعَدَمِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوِلاَدَةِ. وَيُصَرِّحُ ابْنُ مَوْدُودٍ بِأَنَّهُ لاَ يَنْتَفِي نَسَبُ الْحَمْلِ قَبْلَ الْوِلاَدَةِ.

وَيُجِيزُ مَالِكٌ فِي قَوْلٍ نَسَبَ إِلَيْهِ اللِّعَانَ أَثْنَاءَ الْحَمْلِ لِنَفْيِهِ وَالْحُكْمُ بِنَفْيِهِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  أَنَّهُ «لاَعَنَ بَيْنَ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ. وَنَفَى النَّسَبَ عَنِ الزَّوْجِ»: يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ بِهِ اللِّعَانُ. وَيَقُولُ الْخَطِيبُ الشَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ مَا دَامَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، لأَِنَّ تَرْكَ النَّفْيِ يَتَضَمَّنُ الاِسْتِلْحَاقَ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ. وَإِنَّمَا يُعْلَمُ إِذَا لَمْ يَطَأْ أَوْ وَطِئَهَا وَلَكِنْ وَلَدَتْهُ لأَِقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ، أَوْ لِزِيَادَةٍ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ - الَّتِي هِيَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ عِنْدَهُمْ - فَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتَمَلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنَ الزِّنَى. حَرُمَ النَّفْيُ لِرِعَايَةِ الْفِرَاشِ.

وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ يَنْقُلُ ابْنُ قُدَامَةَ خِلاَفًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَنَقَلَ عَنِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْحَمْلَ لاَ يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَلاَ يَنْتَفِي حَتَّى يُلاَعِنَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِزَوَالِ الْفِرَاشِ بِاللِّعَانِ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى نَفْيِ الْحَمْلِ فِي اللِّعَانِ وَقِيلَ: يَصِحُّ لَعْنُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ قُدَامَةَ وَغَيْرُهُ. وَنَقَلَ ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ الْقَوْلَ بِجَوَازِ نَفْيِ الْحَمْلِ، وَأَنَّهُ يُنْفَى بِذَلِكَ، وَأَنَّ الآْثَارَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ كَثِيرَةٌ. وَلأَِنَّ الْحَمْلَ مَظْنُونٌ بِأَمَارَاتٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ. وَصَحَّحَ ابْنُ قُدَامَةَ هَذَا الْقَوْلَ. 

وَتَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (لِعَانٌ).

الاِسْتِلْحَاقُ

18 - قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ فِي بَابِ الاِسْتِيلاَدِ: لَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ أَنَّ أَمَتَهُ حَامِلٌ مِنْهُ فَجَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الإِْقْرَارِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، لِلتَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الإِْقْرَارِ.

وَيُعَلِّلُ الْكَاسَانِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَمْلَ - الْجَنِينَ - عِبَارَةٌ عَنِ الْوَلَدِ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ النَّسَبُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الدَّعْوَى. لَكِنَّهُ إِنْ قَالَ فِي إِقْرَارِهِ: مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ مِنِّي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إِنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلاً وَإِنَّمَا كَانَ رِيحًا وَلَوْ صَدَّقَتْهُ. وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ جَارِيَةٌ حَامِلٌ فَأَقَرَّ أَنَّ حَمْلَهَا مِنْ زَوْجٍ قَدْ مَاتَ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْهُ فَوَلَدَتْ لأَِقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ وَلاَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَوْ مَكَثَ الْمَوْلَى بَعْدَ إِقْرَارِهِ الأَْوَّلِ سَنَةً ثُمَّ قَالَ: هِيَ حَامِلٌ مِنِّي فَوَلَدَتْ وَلَدًا لأَِقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الإِْقْرَارِ فَهُوَ ابْنٌ لِلْمَوْلَى ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْحَمْلِ - الْجَنِينِ - وَلاَ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى الْوِلاَدَةِ فِي الظَّاهِرِ. وَفِي مَتْنِ خَلِيلٍ وَحَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ إِنَّ الزَّوْجَ إِنْ لاَعَنَ لِرُؤْيَةِ الزِّنَى وَقَالَ: وَطَأْتُهَا قَبْلَ هَذِهِ الرُّؤْيَةِ فِي يَوْمِهَا، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ زِنَى الرُّؤْيَةِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْهُ، بِأَنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، فَلِلإِْمَامِ مَالِكٍ فِي إِلْزَامِ الزَّوْجِ بِالْوَلَدِ وَالْحَمْلِ وَعَدَمِهِ أَقْوَالٌ: قِيلَ: بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ وَلاَ يَنْتَفِي عَنْهُ أَصْلاً بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ إِنَّمَا شُرِعَ لِنَفْيِ الْحَدِّ فَقَطْ، وَإِنَّ عُدُولَهُ عَنْ دَعْوَى الاِسْتِبْرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِالاِسْتِلْحَاقِ. وَقِيلَ: بِعَدَمِ الإِْلْزَامِ فَهُوَ لاَحِقٌ بِهِ وَيَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ. وَقِيلَ: يُنْفَى بِاللِّعَانِ الأَْوَّلِ. فَإِنِ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الرَّاجِحُ.

كَمَا يُصَرِّحُ الشَّافِعِيَّةُ كَمَا فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ أَنَّ مَنِ اسْتَلْحَقَ حَمْلاً تَعَذَّرَ عَلَيْهِ نَفْيُهُ.

وَيَقُولُ الرَّمْلِيُّ: إِنَّ مَنْ سَكَتَ عَلَى حَمْلٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ يَكُونُ بِسُكُوتِهِ مُسْتَلْحِقًا لِمَنْ لَيْسَ مِنْهُ.

وَيَقُولُ ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّ الزَّوْجَ إِنِ اسْتَلْحَقَ الْحَمْلَ فَمَنْ قَالَ لاَ يَصِحُّ نَفْيُهُ قَالَ: لاَ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَنْ أَجَازَ نَفْيَهُ قَالَ: يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَإِذَا اسْتَلْحَقَهُ لَمْ يَمْلِكْ نَفْيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ: لاَ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ قَالَ: لَوْ صَحَّ اسْتِلْحَاقُهُ لَزِمَهُ بِتَرْكِ نَفْيِهِ. وَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِالإِْجْمَاعِ.

___________________________________________________________

 

المذكرة الايضاحية للاقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية

( مادة 38 )

1-تبدا شخصية الانسان من وقت الحمل بشرط تمام ولادته حياً ، وتنتهي بموته •

٢- ويعين القانون حقوق الحمل المستكن

هذه المادة تقابل المادة ۲۹ من التقنين الحالي التي تنص على ما يأتي :

1- تبدا شخصية الانسان بتمام ولادته حياً ، وتنتهي بموته .

2- ومع ذلك فحقوق الحمل المستكن يعينها القانون .

 وقد عدلت الفترة الأولى من هذه المادة بما مفاده أن شخصية الانسان تبدأ من وقت الحمل بشرط تمام ولادته حياً . وأساس هذا التعديل أن الجنين تكون له أهلية وجوب قاصرة على صلاحيته لكسب الحقوق النافعة تفعاً محضاً و تحمل الالتزامات التي تنشأ عن ادارة أمواله او بسبها ، ومن ثم تثبت الشخصية للانسان من وقت الحمل بما يشترط لذلك أن تتم ولادته حياً. فثبوت الشخصية للانسان من وقت الحمل بكون متوقفا على ولادته حياً . فاذا ولد الانسان حیاً اعتبر شخصاً من وقت الحمل ، واذا ولد ميتاً اعتبر كأنه لم يكن .

ويتفرع على ذاك أن ما يكتسبه الجنين من حقوق يكون موقوفاً على شرط تمام ولادته : فاذا ولد حياً استقرت له هذه الحقوق من وقت الحمل لا من وقت الميلاد : واذا ولد ميتاً اعتبر أنه لم يكن ، وبالتالي لا يعتبر أنه قد استحق شيئاً مما تقرر له من حقوق .

وادخل تعديل لفظى على الفقرة الثانية .

ويتفق حكم الفقرة الأولى مع الرأي السائد في الفقه الاسلامی و هو مذهب الأئمة الثلاثة : مالك والشافعي وأحمد ، و به أخذ قانون المواريث (م 43) وقانون الوصية (م35). وهو يخالف مذهب الإمام أبي حنيفة الذي جرى عليه العمل قبل ذلك ، وفيه تثبت الشخصية للمولود فيرث اذا خرج أكثره حيا ولو مات قبل أن يتم خروج باقيه .

ويتفق حكم الفقرة الثانية مع ما تقرره الشريعة الاسلامية من حقوق للحمل المستكن ، كالحق في ثبوت نسبه من أبيه ، وفي الميراث من مورثه (م 24من قانون المواريث) ، وفي استحقاقه من غلة الوقف الذي هو من مستحقيه ، وقد يضيف القانون الى هذه الحقوق حقوقاً أخرى، كاقامة وصي يقبل الهبة أو التبرع للجنين ( م۲۸ و ۲۹ من القانون رقم ۱۱۹ لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال وم ۲۰ من قانون الوصية )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

- متى تبدأ شخصية الإنسان ؟

تبدأ الشخصية الطبيعة للإنسان بتمام ولادته حيا، فيجب إذ أن تكون ولادته تامة بمعنى أن ينفصل الوليد انفصالا كاملا عن أمه. فإذا خرج بعض أعضاء الوليد أو حتى معظمها إلى الحياة، ولكن مات قبل أن يخرج الباقی، فلا تثبت له الشخصية.

وفي هذا يتفق حكم القانون مع قول الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد بن حنبل. ولكنه يخالف ما جاء به الإمام أبو حنيفة، حيث اكتفى لثبوت الشخصية للإنسان، بخروج معظمه حيآ. موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول