مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الأول ، الصفحة : 341
مذكرة المشروع التمهيدي :
1- الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة وبمجرد الوجود أو السكن في مكان لا يجعل منه موطناً ما لم تكن الإقامة مستقرة فيه وإذا كان المشروع قد جعل من الإقامة الفعلية أساساً للتصوير الذي اتبعه إلا أن عنصر الاستقرار ضروري لتوافر معنى التوطن ولا يقصد بالاستقرار اتصال الإقامة دون انقطاع وإنما يقصد استمرارها على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة . ويترتب على ذلك نتیجتان : الأولى أن الشخص قد لا يكون له موطن ما ومن هذا القبيل البدو الرحل الذين لا يقر لهم قرار في مكان معين والثانية أنه يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن و يتحقق ذلك إذا كان الشخص يقيم إقامة معتادة في الريف وإحدى المدن معاً أو كانت له زوجتان يقيم مع كل منهما في مكان منفصل عن مكان الأخرى والموطن هو الذي يوجه فيه إلى الشخص كل إعلان أو إنذار أو صحيفة دعوى أو غير ذلك من الأوراق التي يكون لها أثر قانونی وموطن المدين هو المكان الذي يسعى إليه الدائن لاستيفاء حقه .
2- ويراعى أن المشروع قد اختار في شأن الموطن التصوير الذي اختاره التقنين المدني الألماني دون التصوير الأنجلوسكسوني أو الفرنسي تمشياً مع مقتضيات الحياة العملية ومبادئ الشريعة الإسلامية ذلك أن التصوير الألماني يعتد بالأمر الواقع وبالمألوف في عرف المتعاملين وينتفع من التجربة التي أسفر عنها إعمال نظام الجنسية في تكييف فكرة الموطن فالغالب أن يكون للشخص موطن واحد كما أن الغالب أن ينتمى الشخص إلى جنسية واحدة . ولكن من الأشخاص من لا يكون له موطن ما ومنهم من يتعدد موطنه، كما أن منهم من لا ينتمي إلى أية جنسية ومنهم من تتعدد جنسياته والموطن وفقاً لهذا التصوير حالة واقعية، لا مجرد رباط صناعي يخلقه القانون ويصل به ما بين شخص معين ومكان معين . ولذلك يكون من الميسور أن يتعدد موطن الشخص أو أن ينتفي على وجه الإطلاق.
والأمر يختلف عن ذلك في القانون الإنجليزي والقانون الفرنسي فكلاهما يجعل لكل شخص موطناً، ولا يجعل له أكثر من موطن واحد. فالعبرة في الفقه الإنجليزي بالموطن الأصلي، وقد يفقد الشخص موطنه الأصلي إذا اختار موطناً جديداً، ولكنه يعود فينسب إلى موطنه الأصلى متى فقد الموطن الجديد بصرف النظر عن محل إقامته وفي فرنسا يصرف اصطلاح الموطن إلى المركز الرئيسى للشخص، ولو لم يقم فيه إقامة معتادة فالوطن في تصوير كل من هذين القانونين وضع حكمي يقيمه المشرع ويفترض وجوده دون أن يأبه لحقيقة الواقع، وقد تنبه القضاء الفرنسي إلى فساد هذا التصوير، وإلى ما يترتب على مجانيته للواقع من آثار، أخصها بطلان الإعلانات التي يوجهها المتعامل حسن النية فأنشأ نظرية الموطن الظاهر ليحد من تلك الآثار.
وإذا كان القضاء المصري قد التزم حدود التصوير الفرنسي مستنداً إلى ما جاء في التعليق المدرج عقب المادة 3 من قانون المرافعات من أن الموطن هو المركز المنسوب للإنسان ويعتبر وجوده فيه على وجه الدوام ولو لم يكن حاضراً فيه في بعض الأحيان أو أغلبها، إلا أنه ألجيء إلى تخطي فكرة وحدة الوطن نزولاً عند حكم الضرورات العملية ولذلك قضت محكمة الاستئناف المختلطة في 20 فبراير سنة 1928 ب 40 ص 209 بأن قاعدة وحدة الوطن لا تتعارض مع تعدد موطن التقاضي، وقضت في مناسبة أخرى ( 12 مايو سنة 1936 ب 48 ص 264) بأن ثمة "محل إقامة يمكن أن يشبه الموطن ."
وقد آثر المشروع أن يرفع عن القضاء هذا العنت فصور الموطن تصویراً واقعياً يستجيب للحاجات العملية ويتفق مع المبادئ المقررة في الشريعة الإسلامية فقد جاء في البدائع (ج 1 ص 103 - 105 ) نقلاً عن الفقيه أبي أحمد العياض أنه "يجوز أن يكون الموطن الأصلي واحداً أو أكثر من ذلك بأن كان له أهل ودار في بلدتين أو أكثر ولم يكن من نية أهله الخروج منها وإن كان هو ينتقل من أهل إلى أهل في السنة حتى أنه لو خرج مسافراً من بلدة فيها أهله ودخل في أية بلدة من البلاد التي فيها أهله فيصير مقيما من غير نية الإقامة".
وقد عرفت المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الموطن مستلهمة أحكام الفقه الإسلامي فذكرت أنه "البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة، وما من شك في أن هذا التصوير مختلف اختلافاً بينا عن التصوير الفرنسي الذي تقدمت الإشارة إليه ( استئناف مختلط 31 يناير 1918 ب 30 ص 190) إلا أنه أدني إلى استقرار المعاملات ورعاية حقوق الأفراد. وقد فرع القضاء المصرى على ذلك أن الزوجة المسلمة يجوز أن يكون لها موطن آخر مستقل عن موطن الزوجية ، إذ ليس للزوج أن يجبرها على الانتقال فيما يجاوز مسافة القصر، سواء أكان الانتقال من مصر إلى مصر أو من مصر إلى قرية أو العكس ( أنظر استئناف مختلط 31 يناير سنة 1918 ب 30 ص 190، والمادة 208 من الأحوال الشخصية ).
3- وعلى هذا النحو يوجد إلى جانب الموطن الذي يعينه الشخص باختياره من جراء إقامته المعتادة فيه ثلاثة أنواع من الموطن :
أولاً : موطن أعمال يكون مقصوراً على ناحية معينة من نواحي نشاط الشخص ويعتبر النص الخاص بموطن الأعمال أظهر تطبيق لفكرة تعدد الموطن وقد استرشد المشروع في تقريره بأحكام المادة 23 من التقنين المدني السويسري فالمكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو صناعة أو حرفة يعتبر بالنسبة إلى الغير موطناً له فيها يتعلق بإدارة أعمال هذه التجارة أو الصناعة أو الحرفة وكذلك القاصر إذا بلغ ثماني عشرة سنة ولم يمنع من مباشرة بعض أعمال الإدارة يجوز أن يتخذ موطناً بالنسبة لهذه الأعمال دون غيرها يكون غير موطن وليه أو وصيه و في إيراد النص على هذا الوجه كل التيسير على المتعاملين فضلاً عما فيه من مطابقة للواقع . على أن المكان الذي يباشر فيه الموظف عمله لا يعتبر موطناً له وفقاً لهذا النص ( استئناف مختلط 15 يناير سنة 1931 ب 43 ص 158، 18 يونيه 1931 ب 43 ص 454 .
ثانياً : موطن قانوني ينسبه القانون للشخص ولو لم يقم فيه عادة كما هو الأمر في حالة القاصر والمحجور عليه والمفقود فإن القانون يجعل من موطن وليه أو وصية أو قيمه أو وكيله موطناً له وفي هذه الحدود يحتفظ المشروع لفكرة الموطن بنصيب من طابعها الحكمي ورعاية لمصلحة القاصر والمحجورین بوجه عام . ولا يتحرج أكثر التقنيات تشدداً في الأخذ بالتصوير الواقعي للموطن من إقرار مثل هذا الحكم ( أنظر المواد من 8 - 11 من التقنين المدني الألماني ).
ثالثاً : موطن مختار يتخذه الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين کا إذا اختار موطناً له مكتب محاميه وما يختار الدائن المرتهن موطناً في دائرة محكمة العقار عند قيد الرهن ، وكما إذا اشترى شخص أرضاً بعيداً عن موطنه فيتفق معه البائع على أن يكون له موطن قريب من الأرض بالنسبة لهذا البيع، ولا يثبت هذا الاتفاق إلا بالكتابة، ويكون الموطن في هذه الحالة مقصوراً على الأعمال المتعلقة بتنفيذ البيع كاستيفاء أقساط الثمن ومطالبة المشتري بسائر التزاماته ومقاضاته بشأن البيع واتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري، هذا ما لم يقصر الموطن المختار صراحة على بعض هذه الأعمال دون أخرى وغني عن البيان أن فكرة الموطن المختار تتمشى مع التصوير الحكمي والتصوير الواقعي للموطن على حد سواء.
ويتبين مما تقدم أن الشخص قد يكون له موطنه المعتاد وإلى جانبه موطن لأعمال حرفته وموطن حكمى في حالة الحجر والغيبة وموطن مختار لعمل قانوني معين.
1 ـ أخذ – المشرع - فى تحديد الموطن بحكم المادة 40 من القانون المدنى وبين فى المادة الثالثة من القانون 187 لسنة 1993 أن الشخص الطبيعى يعد مقيماً فى مصر فى أحوال عددها ..... 2 - أن تكون مصر محلاً لإقامته الرئيسية .... أخذاً بمفهوم أن الممول الذى يقيم فى إقليم الدولة ويحمل جنسيتها ويزاول نشاطاً منتجاً للثروة (الدخل) ويستفيد من المزايا العامة والخاصة التى تؤيدها له الدولة ، كما ينتفع أيضاً من المرافق العامة الموجودة بها إلى أقصى حد ولهذا يتعين أن يؤدى واجبه كاملاً نحو الاشتراك فى الأعباء المالية لها بأداء الضرائب المقررة .
(الطعن رقم 814 لسنة 72 جلسة 2014/02/25)
2 ـ الموطن وفقاً لنص المادة 40 من القانون المدنى هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة ويجوز أن يكون للشخص فى وقت واحد أكثر من موطن ، وأن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها فى الموطن من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بإعلان الطاعن بصفته بصحيفة الدعوى أمام محكمة أول درجة بعد أن استظهر بما له من سلطة موضوعية إقامته طرف ابنته واعتبار المكان الذى أعلن فيه الطاعن موطناً قانونياً له ، وكان ذلك بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ، فإن النعى عليه بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى سلطة محكمة الموضوع .
(الطعن رقم 125 لسنة 68 جلسة 2005/06/27 س 56 ص 645 ق 112)
3 ـ تنص المادة 2/40 من القانون المدنى على أنه يجوز أن يكون للشخص فى وقت واحد أكثر من موطن ، و إذ كان الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون عليها أعلنت الطاعنين بصحيفة الدعوى فى محل إقامتهم بمركز المنصورة ، و أن الطاعنين أنفسهم حين إستأنفوا الحكم الصادر من محكمة أول درجة إتخذوا فى صحيفة الإستئناف ذات البلدة موطناً أصلياً لهم ، فإن هذا الموطن يظل قائماً و يصح إعلانهم فيه ، و إذ وجه الخبير الدعوة إليهم فى الموطن المذكور ، فإن هذا الإجراء يكون صحيحاً ، و يكون النعى على الحكم بالبطلان - لمباشرة الخبير المأمورية فى غيابهم دون إخطارهم فى محل إقامتهم - غير سديد .
(الطعن رقم 383 لسنة 40 جلسة 1975/12/30 س 26 ص 1727 ق 323)
4 ـ إذ كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما خلص إليه من أقامه المطعون عليها الأولى وأولادها مع والدتها المستأجرة الأصلية إقامة مستقرة بالعين محل النزاع حتى وفاتها استنادا إلى أنه يجوز للشخص أن يكون له أكثر من موطن طبقا للمادة 2/40 من القانون المدنى وهو مالا يواجه دفاع الطاعنة القائم على أن للمطعون عليها الأولى وأولادها أقامه بمسكن الزوجية الذى أعده زوجها بما ينفى أقامتهم إقامة مستقره فى غير هذا المسكن وهو دفاع جوهرى قد يغير بتحقيقه وجه الرأى فى الدعوى ذلك أن مدلول الموطن فى معنى المادة 40 من القانون المدنى يغاير مدلول الاقامه فى معنى المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وهو ما يشوب الحكم بالقصور فى التسبيب.
(الطعن رقم 759 لسنة 57 جلسة 1992/04/22 س 43 ع 1 ص 644 ق 135)
5 ـ مفاد المادة 40 من القانون المدنى - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الموطن هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة إقامة فعلية على نحو من الإستقرار ، و على وجه يتحقق به شروط الإعتياد ، و كان تقدير قيام عنصر الإستقرار و نية الإستيطان اللازم توافرهما فى الموطن إستهداء بالمعايير السالفة من الأمور الواقعية التى تخضع لسلطان قاضى الموضوع بإعتبارها مسألة تقديرية لا معقب عليه فيها لمحكمة النقض متى كان إستخلاصه سائغا و له مأخذه من الأوراق .
(الطعن رقم 995 لسنة 52 جلسة 1988/05/05 س 39 ع 2 ص 908 ق 147)
(الطعن رقم 223 لسنة 49 جلسة 1983/02/17 س 34 ع 1 ص 491 ق 108)
7 ـ الموطن وفقاً لنص المادة 40 من القانون المدنى هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة . و يجوز أن يكون للشخص فى وقت واحد أكثر من موطن . و أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقدير قيام عنصر الإستقرار و نية الإستيطان اللازم توافرها فى الموطن من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع .
(الطعن رقم 332 لسنة 47 جلسة 1981/06/04 س 32 ع 2 ص 1698 ق 304)
8 ـ نصت المادة 40 من القانون المدنى على أن الموطن هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة فقد دلت على أن المشرع لم يفرق بين الموطن و محل الإقامة العادى و جعل المعول عليه فى تعيينه الإقامة المستقرة بمعنى أنه يشترط فى الموطن أن يقيم فيه الشخص و أن تكون إقامته بصفة مستمرة و على وجه يتحقق فيه شرط الإعتياد و لو لم تكن مستمرة تتخللها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة ، و أن تقدير عنصر الإستقرار و نية الإستيطان اللازم توافرهما فى الموطن من الأمور الواقعية التى يستقل بتقديرها قاضى الموضوع .
(الطعن رقم 103 لسنة 48 جلسة 1979/12/13 س 30 ع 3 ص 261 ق 387)
9 ـ إن ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لنص المادة 214 من قانون المرافعات من أن المقصود بلفظ الموطن - دون وصف فى المادة المذكورة هو الموطن العام للشخص وفقاً لأحكام القانون المدنى و ذلك رغبة فى توحيد المصطلحات فى قانون الموضوع و قانون الإجراءات ، و إذ كان لموطن كما عنت به المادة 40 من القانون المدنى هو المكان الذى يقيم فيه الشخص عادة فإنه يكون بذاته - و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - المقصود بالموطن الذى أوجبت المادة 214 من قانون المرافعات أن يلتزم إعلان الطعن فيه للخصم ، و لما كان مكتب المحامى وفقاً لهذا التعريف لا يعتبر موطناً له فإن إعلانه بالطعن الخاص به فى مكتبه يكون باطلاً .
(الطعن رقم 544 لسنة 44 جلسة 1979/01/20 س 30 ع 1 ص 299 ق 62)
10 ـ الموطن وفق المادة 40 من القانون المدنى أنما يتناول معناه فى نطاق القانون الداخلى بأعتباره رابطة بين الشخص و مكان معين بالذات فى الأقليم الذى يقيم فيه عادة ، دون اعتداد بما إذا كان الشخص الذى يحدد موطنة بمقتضاها ينتمى إلى جنسية الدولة التى توطن فيها أم لا ، و يختلف عن فكرة الموطن فى القانون الدولى الخاص التى تبنى على صلة تقوم بين الشخص و بين أقليم دوله معينة مؤسسة على الجنسية ، تغلب عليها العلاقة الروحية و تخضع لمبدأ السيادة الأقليمية و تراعى فيها الإعتبارات السياسية و يترتب عليها أثرها فى تمتع الأجانب بالحقوق أو بيان القانون الواجب التطبيق عند تنازع القوانين ، و هى أثار مغايرة لما تحققة للأجانب فكرة الموطن فى سائر فروع القانون الداخلى من قبيل إعلان الأوراق القضائية أو تحديد الإختصاص المحلى ، و بالتالى فلا مساغ لما يذهب إليه الطاعن من إنتفاء تقرير موطن للأجانب المقيمين فى بلد لا ينتمون بجنسيتهم إليه .
(الطعن رقم 36 لسنة 45 جلسة 1977/06/01 س 28 ع 1 ص 1354 ق 234)
11 ـ مؤدى ما تقضى به المادتان 875 ، 876 الورادتان بالكتاب الرابع من قانون المرافعات المضاف بالقانون رقم 126 لسنة 1951 أن المشرع قصر ميعاد الإستئناف فى دعاوى الأحوال الشخصية للأجانب فجعله خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم إذا كان حضورياً ، و مد هذا المعياد إلى ستين يوماً لذوى الشأن الغير متوطنين تيسيراً لإتخاذ إجراءات الطعن على أن يقوم هذا المد مقام مواعيد المسافة ، و يقصد بذوى الشأن غير المتوطنين ألا يكون لهم موطن فى معنى المادة 40 من القانون المدنى وإذ إنتهى الحكم إلى أن للطاعن موطناً فى جمهورية مصر العربية و رتب على ذلك قضاءه بسقوط حقة فى الإستئناف بفوات ميعاد الخمسة عشر يوماً طبقاً للمادة 875 من قانون المرافعات فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 36 لسنة 45 جلسة 1977/06/01 س 28 ع 1 ص 1354 ق 234)
12 ـ إذا كان المكان الذى حدده أحد المطعون عليهم فى ورقة إعلان الطاعن بالحكم المستأنف ، هو محل إقامته - ولم يفصح عن إتخاذه موطناً مختاراً - فإنه يعتبر موطناً أصلياً له فى حكم المادة 40 من القانون المدنى . و لا يلزم بأن يخبر الطاعنة بتغيير هذا الموطن ، و إنما يتعين عليها هى عند قيامها بإعلان صحيفة الإستئناف التحرى عن كل تغيير قد يطرأ عليه بإتخاذ الإجراءات اللأزمة لإعلان هذا المطعون عليه فى موطنه الجديد .
(الطعن رقم 402 لسنة 33 جلسة 1968/02/20 س 19 ع 1 ص 315 ق 49)
(الطعن رقم 4 لسنة 24 جلسة 1954/12/16 س 6 ع 1 ص 336 ق 42)
13 ـ موطن الشخص كما عرفته المادة 40 من القانون المدنى هو المكان الذى يقيم فيه عادة ومن ثم لايعتبر المكان الذى يباشر فيه الموظف عمله موطنا له . و إذن فمتى كان الواقع هو أن المطعون عليه أعلن بتقرير الطعن فى مكان وظيفته بإعتباره مأموراً لإصلاحية الرجال مخاطبا مع أحد الموظفين معه لغيابه مع أن الدعوى أقيمت عليه بصفته الشخصية فإن هذا الإعلان يكون قد وقع باطلا
(الطعن رقم 186 لسنة 19 جلسة 1952/02/07 س 3 ع 2 ص 444 ق 76)
14 ـ الرأى عند فقهاء الشريعة الإسلامية - و طبقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الموطن الأصلى هو موطن الإنسان فى بلدته أو بلدة أخرى إتخذها داراً توطن فيه مع أهله و ولده ، و ليس فى قصده الإرتحال عنها ، و هذا الموطن يحتمل التعدد و لا ينتقص بموطن السكن وفقاً لنص المادة العشرين من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من أن " محل الإقامة هو البلد الذى يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيماً فيه عادة " .
(الطعن رقم 38 لسنة 45 جلسة 1977/01/12 س 28 ع 1 ص 232 ق 51)
15 ـ لما كان الثابت من المستندات المقدمة من الطالب صحة ما أورده فى إستمارة بيان الحالة المحررة فى ..... ، من أن موطن والديه هو.... ، وأن عائلته إتخذت من ..... ، محلاً لإقامتها إستقرت فيه ، فإنه لا يكون قد تجاوز الحقيقة حين دون فى بيان الرغبة المؤرخ .... ، أن موطن العائلة الحالى هو ..... ، حيث أجازت المادة 40 من القانون المدنى تعدد الموطن على النحو سالف الذكر ومن ثم يكون توجيه الملاحظة للطالب مفتقداً للسبب المبرر له ، مما يتعين معه الحكم بإلغائها وإعتبارها كأن لم تكن .
(الطعن رقم 154 لسنة 65 جلسة 1997/05/13 س 48 ع 1 ص 19 ق 5)
16 ـ إن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن المحل المقصود فى المادة السادسة من قانون المرافعات هو المركز الشرعى المنسوب إلى الشخص الذى يفترض أنه عالم بما يجرى فيه مما يتعلق بنفسه و أنه موجود فيه دائماً و لو غاب عنه بعض الأحيان . و المحل بهذا المعنى كما يجوز أن يكون محل سكن الشخص الذى يعيش فيه يجوز أن يكون محل عمله الذى يقوم فيه بإستيفاء ماله و إيفاء ما عليه . و إذا كانت المادة السابعة من قانون المرافعات قد تحدثت عن خادم المعلن إليه أو أقاربه الساكنين معه فإن هذا معناه أن أحكام المادة المذكورة واجبة التطبيق حيث يكون الإعلان قد وجه إلى مسكن المراد إعلانه ، و هو لا يعنى بحال أن الشارع لم يرد بالمحل إلا المسكن ، إذ لو كان ذلك مراد الشارع لنص على وجوب الإعلان فى المسكن بدلاً من أن ينص على وجوبه فى المحل مع الفرق الواضح فى مدلول اللفظين . و على ذلك فلا يقدح فى صحة عمل المحضر كون المحل الذى قصده ليجرى فيه إعلان تقرير الطعن بالنقض هو محل عمل المطعون عليه لا محل سكنه .
(الطعن رقم 134 لسنة 15 جلسة 1947/05/01 س ع ع 5 ص 424 ق 193)
الموطن :
الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة إقامة فعلية على نحو من الاستقرار على وجه يتحقق به شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة.
وبين من التعريف المتقدم أنه يلزم لوجود موطن لشخص معين توافر العناصر التالية:
1- مكان يقيم فيه الشخص، فالموطن يتطلب وجود مأوى للشخص، فلا يتصور وجود موطن لشخص لا مأوى له، ويجب أن يكون المأوى مستقرة ثابتة ولا يشترط أن يكون عقاراً، فالخيمة متى استقرت في مكان معين تعتبر مأوى ولو تنقلت في مجاله، وحينئذ يعتبر هذا المكان موطناً لصاحبها لالتصاقه به.
2 - أن تكون الإقامة معتادة، بأن يكون مكان الإقامة مقرة يقيم به الشخص إقامة عادية لا يبرحه إلا لقضاء حوائجه أينما وجدت، فقد تضطره إلى الابتعاد العارض لفترة من الزمن قد تطول.
3- أن تتوافر نية الاستيطان، بأن يقصد الشخص الاستقرار في المكان الذي تقيم به، واستخلاص ذلك من الأمور الوادمية التي يستقل بها قاضى الموضوع.
انتفاء عنصر الاستقرار :
بإنتفاء عنصر الاستقرار، ينتفي الموطن القانوني للشخص، فيصبح عديم الموطن ولم يعالج المشرع هذه الحالة، ونرى أخذاً بالتصوير الحكمي، إعتبار المكان الذي نشأت به الواقعة حال تواجد الشخص به موطنا له.
والعبرة بما اعتد به المشرع، فإن اعتد بتصوير معين للموطن، فإن الإجراء الذي يتخذ وفقاً لتصوير آخر لا ينتج أثره القانوني، فيقع باطلاً ما لم تتحقق الغاية المرجوة منه، فالإعلان الذي يتم في موطن ناقص الأهلية، يكون باطلاً، غير أن حضور من يمثله يصح هذا البطلان.
تعدد الموطن :
يترتب على أخذ المشرع بالتصوير الواقعي أن الموطن يمكن أن يتعدد، فكل مكان يقيم فيه الشخص عادة، يكون موطنا له متى استوفى العناصر اللازمة لذلك، ومتى تعدد الموطن، صحت الإجراءات التي تتخذ في أي منها، بإعتبار كل منها موطناً عاماً وأصلياً.(المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/الأول، الصفحة/621)
أهمية الموطن:
إذا كانت الحالة تحدد مركز الفرد بالنسبة إلى الدولة والأسرة وأحياناً إلى الدين، والاسم يتيح التعرف على ذاته ومنع اختلاطه بغيره من الأفراد، فإن الموطن يتيح العثور على مقره ومكانه.
وتبدو أهمية وجود موطن للشخص في أنه يصبح المقر الذي يعتد القانون بكل ما يتم أو يوجه إليه فيه خاصاً بعلاقاته ونشاطه القانوني.
فعلى سبيل المثال:
1- يستلزم قانون المرافعات أن تعلن الأوراق القضائية التي يلزم إعلانها للشخص، كصحيفة الدعوى والتنبيه والإنذار، إلى الشخص في موطنه عن طريق الأشخاص الذين يحددهم القانون، فإن أعلنت إليه في مكان آخر وقع إعلانها باطلاً (م 10 ، 19 مرافعات).
2- يتحدد الاختصاص المحلى بنظر الدعاوى الشخصية للمحكمة الواقع في دائرتها موطن المدعى عليه (م 49 مرافعات).
3- الوفاء بالالتزامات التي ليس محلها شيئاً معيناً بالذات يكون في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء (م 247 مدنی).
4- بعض العقود أو التصرفات تجب مباشرتها في موطن المتصرف أو أحد المتعاقدين، فعقد الزواج يتم أمام المأذون الواقع في دائرته موطن الزوجة، والطلاق يصدر أمام المأذون الواقع في دائرته موطن الزوج.
تعريف الموطن:
تعرف المادة (40) الموطن بأنه المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة. فالقانون المدني يأخذ بالتصوير الواقعي للموطن لا بالتصوير الحكمي.
الذي يلجأ في تحديد الموطن إلى التحكم والافتراض. بل يعتد في ذلك بالأمر الواقع الذي يتمثل في الإقامة.
ويبين من التعريف الوارد بهذه المادة، أن للموطن عنصرين:
الأول: الإقامة الفعلية، أي أن الأمر يتعلق بإقامة حقيقية في مكان معين وليس مجرد افتراض. فالإقامة عنصر أساسي في تحديد الموطن. والقاعدة في هذا الشأن أن المكان لا يعتبر موطناً للشخص، مهما تركزت فيه مصالحه إلا إذا كان مقيماً فيه.
الثاني: الاستقرار أو التعود على الإقامة، ولهذا فإنه يجب أن تكون الإقامة مستقرة أو معتادة، وهذا لا يعني اتصال الإقامة دون انقطاع، وإنما يقصد به استقرارها على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غيبة متقاربة أو متباعدة. والعبرة في تحديد ذلك بالشواهد والدلائل على أن الإقامة تتسم بصفة الاستقرار والاعتياد. ولنية الشخص في الاستقرار في المكان أو عدم الاستقرار أثر هام. وذلك لأن قصد الشخص في الاستقرار في المكان من عدمه يرتد، في الغالب من الأحيان، إلى الإقامة نفسها ويؤدي إلى أن يسبغ عليها مظاهر الثبات والاستقرار، أو مظاهر التوقيت.
ولكن النية هنا ليست بالأمر القاطع الحاسم، ويجب التعويل أساساً على المظهر المادي للإقامة بما تتسم به من مظاهر خارجية.
وقاضي الموضوع هو الذي يقدر بحسب ظروف كل حالة ما إذا كانت الإقامة تتسم بالاستقرار من عدمه. وهو في هذا التقدير لا يخضع لرقابة محكمة النقض، لأنه يدخل في نطاق الواقع.
القانون المصرى يأخذ في تحديد الموطن، بالتصوير الواقعي، فهو يتخذ الإقامة المستقرة أساساً له.
وتترتب على ذلك النتائج الآتية:
1- إمكان وجود أشخاص لا موطن لهم، فالشخص الذي لا يقيم بصفة دائمة ومستقرة في مكان معين لا يوجد له موطن بالمعنى القانوني وذلك مثل البدو الرحل والملاحين الذي يقضون كل أو أغلب وقتهم في البحر. فالموطن يدور وجوداً وعدماً مع الاستقرار على وجه الاعتياد في مكان ما فمتى توافرت تلك الشروط توافر وجود الموطن ومتى انعدمت انعدام الموطن.
2- إمكان تعدد الموطن، فيجوز أن يكون للشخص الواحد أكثر من موطن.
3- إمكان تغير موطن الشخص من مكان إلى مكان بمجرد تغيير الإقامة فإذا استقر المقام بشخص في بلد، كان هذا موطنه. فإذا تركه، مزمعاً الإقامة في بلد آخر، انقطع موطنه في البلد الأول، وثبت في البلد الثاني بمجرد توافر الإقامة المستقرة فيه.
الفرق بين الموطن وبين محل الوجود أو محل السكن:
توافر عنصر الاستقرار في المكان، حتى يعتبر موطناً، هو ما يميز الموطن عن محل الوجود أو محل السكن. ففي حين أن الموطن يعني الإقامة المستقرة في المكان، لا يعني محل الوجود أو محل السكن إلا المكان الذي يوجد الشخص فيه بصفة غير مستقرة.
ومثال ذلك أن يذهب شخص إلى الإسكندرية ليصطاف فيها، فالإسكندرية لا تعتبر موطناً له، مادامت ظروف الحال تنم عن إقامته فيها بغرض الاصطياف، فتبعد عنها لذلك دلائل الاستقرار.
يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن:
تنص الفقرة الثانية من المادة على أن:
ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن ..... الخ".
فقد أجازت هذه الفقرة أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن، وهذه نتيجة لأخذ المشرع المصري في التقنين المدني الجديد بالتصوير الواقعي للموطن، فمادام الموطن يتحدد بالإقامة المستقرة، فهو يتعدد بتعدد الأمكنة التي يتوافر فيها للشخص هذا النوع من الإقامة. ومثال ذلك أن يتعود شخص الإقامة بعض العام في الريف وبعضه الآخر في المدينة، أو أن يكون له في القاهرة منزلان، يقيم في كل منهما فترة من الزمن أو كان للشخص زوجتان يقيم مع كل منهما في مكان منفصل عن مكان الأخرى، فكل من المكانين يعتبر موطناً للشخص ويعتبر كل منهما مركزاً قانونياً له بصرف النظر عن المدة التي يقضيها في كل منزل وقبول فكرة تعدد الموطن ينطوي في الحقيقة على كثير من التيسير للمتقاضين بإتاحة الوصول إلى الشخص المراد إعلانه واختصامه.
كما يجوز ألا يكون له موطناً ما "فمادام الموطن يتحدد بالإقامة المستقرة فمن المتصور أن نجد أشخاصاً ولا موطن لهم. ويحصل ذلك كلما انتفت عن الشخص الإقامة المستقرة في مكان معين. ومثال الأشخاص الذين لا موطن لهم البدو الرحل، الذين لا يقر لهم على أرض قرار.
وكذلك الشخص الذي ترك موطنه بأن قطع إقامته فيه وقصد عدم الرجوع إليه، وخرج ساعياً وراء موطن جديد ولم يهتد بعد إلى ذلك الموطن الجديد.
وكذلك المشردين الذين ليست لهم حرفة ثابتة وليس لهم قرار في مكان معين.
عدم انطباق وصف الموطن على منزل العائلة:
لا ينطبق وصف الموطن على منزل العائلة، إلا إذا ثبت إقامة الشخص بهذا المنزل على وجه الاعتياد والاستقرار.
مكتب المحامي لا يعد موطناً عاماً.(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الأول الصفحة/584)
أخذ المشرع المصري في التقنين المدني الحالي بالتصوير الواقعي الذي عرفته الشريعة الإسلامية وذهب إليه القانون الألماني ونصت عليه لائحة المحاكم الشرعية ورجح الأخذ به في قضاء المحاكم المصرية، فعرف الموطن في المادة 40 فقرة أولي مدني بأنه « المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة»، وهذا التعريف يجعل المعول عليه في تعيين الموطن الإقامة الفعلية المستقرة أي أنه يشترط في الموطن أن يتم فيه الشخص فعلاً وأن تكون إقامته فيه بصفة مستقرة ولو لم تكن مستمرة، فلا يعتبر المكان الذي يباشر فيه الموظف عمله موطناً له مادام لا يقيم فيه بصفة مستقرة.
ويلاحظ أن استقرار الإقامة لا يقتضي استمرارها ولا امتدادها مدة معينة، فتعتبر الإقامة مستقرة في مكان معين ولو كان الشخص يقيم في هذا المكان نصف الشهر أو السنة ويقيم النصف الآخر في مكان غيره، وكذلك يعتبر الشخص الذي ينقل سكنه من جهة إلى أخرى أنه قد اتخذ له في هذه الجهة الأخرى موطناً جديداً بمجرد نقل سكنه إليها ودون حاجة الى مضى زمن معين عليه فيها، أما إذا جرت عادة الشخص على قضاء فصل الصيف في مكان يختلف كل عام عن الآخر، فإن إقامته في هذه الأمكنة لا تعتبر مستقرة ولا تجعل منها موطناً له.
وظاهر من ذلك أن استقرار الإقامة في مكان معين مرده إلى نية الشخص الاستيطان في هذا المكان، وأن هذه النية يمكن الاستدلال عليها من الظروف المادية .
ويترتب على ذلك أنه إذا كان الشخص يقيم بصفة مستقرة في أكثر من مكان واحد، اعتبر له موطن عام في كل من هذه الأمكنة، وأنه بالعكس من ذلك إذا كان المكان الذي يقيم فيه لا تعتبر إقامته فيه بصفة مستقرة، فإن هذا المكان لا يعد موطناً له . وقد نص القانون على ذلك في المادة 40 فقرة ثانية حيث قرر «أنه يجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن، كما يجوز ألا يكون له موطن ما ». وبناء على ذلك يجوز أن يكون للشخص الواحد موطن عام في كل جهة يقيم فيها وتكون عنده نية الاستيطان فيها، أي أنه يجوز في القانون المصرى - كما في القانون الألماني وخلافاً للقانونين الفرنسي والانجليزي - تعدد الموطن العام في بعض الأحوال كحالة المزارعين الذين يكون لهم محل يقيمون فيه في المدن غير المحل الذي يقيمون فيه وسط مزارعهم، والشخص المتزوج بأكثر من واحدة إذا خصص لكل من زوجاته مكناً خاصاً يقيم فيه معها بعض الوقت، وكذلك يجوز أن لا يكون الشخص موطن ما إذا كان ممن لا يقيمون في أي جهة بصفة مستمرة كالبدو الرحل.
تغيير الموطن يخلص مما تقدم أنه يشترط في اعتبار مكان معين موطناً للشخص شرطان :1- أن يقيم الشخص فعلاً في هذا المكان بصفة مستقرة. 2- وأن تكون عنده نية الاستيطان فيه فإذا توافر هذان الشرطان في مكان معين، ثم فقد أحدهما بأن أصبح الشخص لا يقيم في هذا المكان، أو صرف النظر عن أن يستوطن فيه، زالت عن هذا المكان صفة الموطن.
وإذا أقام الشخص في مكان جديد وقصد أن يستوطن فيه ثبت له في هذا المكان موطن جديد فرق موطنه القديم، ولا يعتبر أنه غير موطنه القديم بالموطن الجديد إلا إذا ترك الإقامة في الموطن القديم أو صرف النظر عن الاستيطان فيه .
ويعتبر التحقق من نية الاستيطان أو عدمها مسألة موضوعية متروك تقديرها القاضى يستنتجها من الظروف (قارن المادة 105 مدني فرنسي ) ولا معقب عليه فيها من محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً وله ماخذه من الأوراق.
فإذا كانت الظروف توحى إلى الغير بأن إقامة الشخص في مكان معين إقامة مستقرة، وجب اعتبار هذا المكان موطناً له، وإلا فلا يعتبر ويعتبر المكان الذى يقيم فيه الشخص بصفة مستقرة موطناً ظاهراً له ولو زالت عنده نيه الاستيطان فيه طالما أنه لم يعلن المتعاملين معه بزوالها (211 مكرر).(الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقص، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ الأول، الصفحة/ 809)
غير أن نص الفقرة الأولى حسم في أخذه بالتصوير الواقعي وهو ما يتسق مع الفقه الإسلامي، ويربط هذا التصوير بين الموطن وبين محل الإقامة فيتعين الاعتبار المكان موطناً للشخص أن يتوافر فيه شرطان أولهما مادي وهو الاقامة الفعلية وثانيهما معنوي وهو نية الإستقرار ولا يقصد بذلك اتصال الإقامة بلا انقطاع . وأنما يقصد استمرار الإقامة على نحو يتحقق معه شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غياب متباعدة أو متقاربة.(التقنين المدني في ضوء القضاء والفقه، الأستاذ/ محمد كمال عبد العزيز، طبعة 2003 الصفحة : 432 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 56
وَطَن
التَّعْرِيفُ:
الْوَطَنُ- بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالطَّاءِ- فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الإْقَامَةِ، أَوْ مَكَانُ الإْنْسَانِ وَمَقَرُّهُ، وَيُقَالُ لِمَرْبِضِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالإْبِلِ: وَطَنٌ، وَهُوَ مُفْرَدٌ، جَمْعُهُ أَوْطَانٌ، وَمِثْلُ الْوَطَنِ الْمَوْطِنُ، وَجَمْعُهُ مَوَاطِنُ، وَأَوْطَنَ: أَقَامَ، وَأَوْطَنَهُ وَوَطَّنَهُ وَاسْتَوْطَنَهُ: اتَّخَذَهُ وَطَنًا، وَمَوَاطِنُ مَكَّةَ: مَوَاقِفُهَا.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْوَطَنُ: هُوَ مَنْزِلُ إِقَامَةِ الإِْنْسَانِ وَمَقَرُّهُ، وُلِدَ بِهِ أَوْ لَمْ يُولَدْ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْمَحَلَّةُ:
الْمَحَلَّةُ فِي اللُّغَةِ: مَنْزِلُ الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ مَحَالُّ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هِيَ مَنْزِلُ قَوْمِ إِنْسَانٍ وَلَوْ تَفَرَّقَتْ بُيُوتُهُمْ حَيْثُ جَمَعَهُمُ اسْمُ الْحَيِّ وَالدَّارِ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَحَلَّةِ وَالْوَطَنِ أَنَّ الْوَطَنَ أَعَمُّ مِنَ الْمَحَلَّةِ.
أَنْوَاعُ الْوَطَنِ:
يُقَسِّمُ الْفُقَهَاءُ الْوَطَنَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الأْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِهِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: وَطَنٌ أَصْلِيٌّ، وَوَطَنُ إِقَامَةٍ، وَوَطَنُ سُكْنَى، كَمَا يَلِي:
أ- الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ هُوَ: مَوْطِنُ وِلاَدَةِ الإْنْسَانِ أَوْ تَأَهُّلِهِ أَوْ تَوَطُّنِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ، وَيُسَمَّى بِالأْهْلِيِّ، وَوَطَنُ الْفِطْرَةِ، وَالْقَرَارِ، وَمَعْنَى تَأَهُّلِهِ أَيْ تَزَوُّجِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِبَلْدَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا صَارَ مُقِيمًا، فَإِنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ فِي إِحْدَاهُمَا وَبَقِيَ لَهُ فِيهَا دُورٌ وَعَقَارٌ، قِيلَ: لاَ يَبْقَى وَطَنًا، إِذِ الْمُعْتَبَرُ الأْهْلُ دُونَ الدَّارِ، وَقِيلَ: تَبْقَى، وَمَعْنَى تَوَطُّنِهِ أَيْ عَزْمِهِ عَلَى الْقَرَارِ فِيهِ وَعَدَمِ الاِرْتِحَالِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَتَأَهَّلْ فِيهِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْوَطَنُ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الشَّخْصُ لاَ يَرْحَلُ عَنْهُ صَيْفًا وَلاَ شِتَاءً إِلاَّ لِحَاجَةٍ كَتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ.
وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَرْيَةُ الْخَرِبَةُ الَّتِي انْهَدَمَتْ دُورُهَا وَعَزَمَ أَهْلُهَا عَلَى إِصْلاَحِهَا وَالإْقَامَةِ بِهَا صَيْفًا وَشِتَاءً.
كَمَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ امْرَأَةٌ لَهُ أَوْ تَزَوَّجَ فِيهِ، لِحَدِيثِ عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ تَأَهَّلَ فِي بَلَدٍ فَلْيُصَلِّ صَلاَةَ الْمُقِيمِ».
قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الزَّوْجَةِ.
وَيُؤْخَذُ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالْوَطَنِ الْبَلَدُ الَّذِي لِلشَّخْصِ فِيهِ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: الْوَطَنُ هُوَ مَحَلُّ سُكْنَى الشَّخْصِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ، وَمَوْضِعُ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ سُكْنَاهُ عِنْدَهَا، فَمَنْ كَانَ لَهُ بِقَرْيَةٍ وَلَدٌ فَقَطْ أَوْ مَالٌ فَإِنَّهَا لاَ تَكُونُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ.
ب- وَطَنُ الإْقَامَةِ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ الإْقَامَةِ هُوَ مَا خَرَجَ إِلَيْهِ الإْنْسَانُ بِنِيَّةِ إِقَامَةِ مُدَّةٍ قَاطِعَةٍ لِحُكْمِ السَّفَرِ، وَيُسَمَّى بِالْوَطَنِ الْمُسْتَعَارِ أَوْ بِالْوَطَنِ الْحَادِثِ.
وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ يَتَّفِقُونَ مَعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِحُكْمِ السَّفَرِ.
ج- وَطَنُ السُّكْنَى:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَطَنُ السُّكْنَى هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْصِدُ الإْنْسَانُ الْمُقَامَ بِهِ أَقَلَّ مِنَ الْمُدَّةِ الْقَاطِعَةِ لِلسَّفَرِ.
(ر: صَلاَةِ الْمُسَافِرِ ف3 – 8)
شُرُوطُ الْوَطَنِ:
لاَ يُسَمَّى الْمَكَانُ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الإْنْسَانُ وَطَنًا لَهُ تُنَاطُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطَنِ إِلاَّ إِذَا تَوَفَّرَتْ فِيهِ شُرُوطٌ.
وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ كَوْنِهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا، أَوْ وَطَنَ إِقَامَةٍ، أَوْ وَطَنَ سُكْنَى.
ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ هَذِهِ الشُّرُوطِ مِمَّا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَبَعْضَهَا مِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
شُرُوطُ الْوَطَنِ الأْصْلِيِّ:
أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا بِنَاءً مُسْتَقِرًّا بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالْبِنَاءِ بِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ حَيْثُ عَرَّفُوا الْوَطَنَ فِي مَعْرِضِ الْكَلاَمِ عَنْ شُرُوطِ إِقَامَةِ صَلاَةِ الْجُمْعَةِ بِأَنَّهَا الْقَرْيَةُ الْمَبْنِيَّةُ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِبِنَائِهَا بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طِينٍ أَوْ لَبِنٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ شَجَرٍ وَنَحْوِهِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَنْ تَكُونَ مُجْتَمِعَةَ الْبِنَاءِ بِمَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِي الْقَرْيَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَالْحَنَفِيَّةُ كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ يَعْتَبِرُونَ الْمَكَانَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الشَّخْصُ أَوْ تَأَهَّلَ فِيهِ أَوْ تَوَطَّنَ فِيهِ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ.
شُرُوطُ وَطَنِ الإْقَامَةِ:
تُشْتَرَطُ لاِتِّخَاذِ مَكَانٍ وَطَنًا لِلإْقَامَةِ شُرُوطٌ، مِنْهَا: نِيَّةُ الإْقَامَةِ، وَمُدَّةُ الإْقَامَةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَاتِّخَاذُ مَكَانِ الإْقَامَةِ، وَصَلاَحِيَّةُ الْمَكَانِ لِلإْقَامَةِ، وَأَلاَّ يَكُونَ الْمَكَانُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ.
وَلِلتَّفْصِيلِ فِي هَذِهِ الشُّرُوطِ وَمَعْرِفَةِ آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِيهَا (ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف26 - 29)
شُرُوطُ وَطَنِ السُّكْنَى:
لَيْسَ لِوَطَنِ السُّكْنَى إِلاَّ شَرْطَانِ، وَهُمَا: عَدَمُ نِيَّةِ الإْقَامَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ الإْقَامَةِ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ- بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ- وَأَنْ لاَ يَكُونَ وَطَنًا أَصْلِيًّا لِلْمُقِيمِ فِيهِ.
(ر: صَلاَة الْمُسَافِرِ ف8)
مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْوَطَنُ:
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ لاَ يَنْتَقِضُ إِلاَّ بِالاِنْتِقَالِ مِنْهُ إِلَى مِثْلِهِ، بِشَرْطِ نَقْلِ الأْهْلِ مِنْهُ، وَتَرْكِ السُّكْنَى فِيهِ، فَإِذَا هَجَرَ الإْنْسَانُ وَطَنَهُ الأْصْلِيَّ، وَانْتَقَلَ عَنْهُ بِأَهْلِهِ إِلَى وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ، بِشُرُوطِهِ لَمْ يَبْقَ الْمَكَانُ الأْوَّلُ وَطَنًا أَصْلِيًّا لَهُ، فَإِذَا دَخَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسَافِرًا، بَقِيَ مُسَافِرًا عَلَى حَالِهِ، مَا لَمْ يَنْوِ فِيهِ الإْقَامَةَ، أَوْ مَا لَمْ يُقِمْ فِيهِ فِعْلاً الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِيمًا، وَيَكُونُ الْمَكَانُ لَهُ وَطَنَ إِقَامَةٍ بِحَسَبِ مَا تَقَدَّمَ.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْوَطَنَ الأْصْلِيَّ لاَ يَنْتَقِضُ بِاتِّخَاذِ وَطَنٍ أَصْلِيٍّ آخَرَ. قَالَ الرُّحَيْبَانِيُّ: لاَ يَقْصُرُ مَنْ مَرَّ بِوَطَنِهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَاضِي، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ غَيْرَ أَنَّهُ طَرِيقُهُ إِلَى بَلَدٍ يَطْلُبُهُ.
وَمَنِ اسْتَوْطَنَ وَطَنًا آخَرَ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ وَطَنِهِ الأْوَّلِ، كَأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ مَثَلاً: الأْولَى فِي وَطَنِهِ الأْوَّلِ، وَالثَّانِيَةُ فِي وَطَنٍ آخَرَ جَدِيدٍ، كَانَ الْمَكَانُ الآْخَرُ وَطَنًا لَهُ بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَنْتَقِضِ الْوَطَنُ الأْوَّلُ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ التَّحَوُّلِ عَنْهُ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لِلإْنْسَانِ زَوْجَتَانِ فِي بَلَدَيْنِ، فَإِنَّهُمَا يُعَدَّانِ وَطَنَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ لَهُ، فَأَيُّهُمَا دَخَلَهَا عُدَّ مُقِيمًا فِيهَا مُنْذُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا يَقُولُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَلاَ يَنْتَقِضُ الْوَطَنُ الأْصْلِيُّ بِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَلاَ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأِنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمَا، فَلاَ يَنْتَقِضُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ وَطَنِهِ الأْصْلِيِّ مُسَافِرًا إِلَى بَلَدٍ، وَأَقَامَ فِيهَا الْمُدَّةَ الْقَاطِعَةَ لِلسَّفَرِ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، لَمْ يَنْتَقِضْ بِذَلِكَ وَطَنُهُ الأْصْلِيُّ، فَلَوْ عَادَ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ عُدَّ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ إِلَيْهِ مُطْلَقًا.
أَمَّا وَطَنُ الإْقَامَةِ، فَيَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ؛ لأِنَّهُ فَوْقَهُ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ أَيْضًا؛ لأِنَّهُ مِثْلُهُ، كَمَا يَنْتَقِضُ بِالسَّفَرِ، وَلاَ يَنْتَقِضُ وَطَنُ الإْقَامَةِ بِوَطَنِ السُّكْنَى؛ لأِنَّهُ دُونَهُ.
أَمَّا وَطَنُ السُّكْنَى، فَإِنَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْوَطَنِ الأْصْلِيِّ، وَبِوَطَنِ الإْقَامَةِ، وَبِوَطَنِ السُّكْنَى أَيْضًا، أَمَّا الأْوَّلاَنِ فَلأِنَّهُمَا فَوْقَهُ، وَأَمَّا الآْخِرُ فَلأِنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِهِ وَبِمَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقا لاحكام الشريعة الإسلامية
( مادة 55)
1- الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة .
2- ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن ، كما يجوز ألا يكون له موطن ما .
تطابق هذا النص المادة 40 من التقنين الحالي ويتفق حكمه مع ما تقرره الشريعة الاسلامية . فقد جاء في البدائع (ج 1 ص 103- 105) أنه يجوز أن يكون الموطن الأصلى واحداً أو أكثر من ذلك بأن كان له أهل ودار في بلدتين أو أكثر ولم يكن من نية اهله الخروج منها ، وقد عرفت المادة 20 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الوطن في ضوء أحكام الفقه الإسلامي بأنه "البلد الذي يقطنه الشخص على وجه يعتبر مقيما فيه عادة" ( انظر المذكرة الايضاحية لمشروع التقنين الحالي ).