تعليمات النيابة العامة في المسائل الجنائية طبقاً لأخر التعديلات الصادرة بالكتب الدورية حتى سنة 2016 أ/ حسن محمد حسن المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة / طبعة 2017 يونيتد للإصدارات القانونية
مادة 1465 – تنص المادة 35 من قانون العقوبات على أن عقوبة الأشغال الشاقة تجب بمقدار مدتها كل عقوبة أخرى مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة المذكورة، فهي لا تجب إلا عقوبة السجن أو الحبس المحكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بها، ولا تجب عقوبة أشغال شاقة أخرى كما أنها لا تجب من عقوبتي السجن والحبس إلا مدة مساوية لمدتها، بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبالسجن لمدة ثلاث سنوات وبالحبس لمدة ثلاث سنوات لجريمة وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة، فإن عقوبة الأشغال الشاقة تجب عقوبة السجن وحدها وتنفذ عقوبة الحبس كلها، وإذا حكم على شخص بالأشغال الشاقة خمس سنين وبالسجن خمس عشرة سنة لجريمة وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة، تجب الأشغال الشاقة قدر مدتها من عقوبة السجن، وينفذ على المحكوم عليه بعد انقضاء الأشغال الشاقة عشر سنوات سجناً.
ولا تطبق هذه الأحكام إلا على العقوبات المحكوم بها من المحاكم العادية ولذلك فإن عقوبة الأشغال الشاقة المحكوم بها من المحاكم العسكرية لا تجب عقوبة السجن أو الحبس الصادرة من المحاكم العادية إلا إذا كانت عقوبة الأشغال الشاقة المذكورة صادرة عن جريمة من جرائم القانون العام .
1 ـ إن المادة 32 من قانون العقوبات إذا نصت فى فقرتها الأولى على أنه " إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب إعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها " فقد دلت بصريح عبارتها على أنه فى الحالة التى يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف ، يجب إعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف و التى لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد إذ يعتبر الجاني كأن لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة ، و ذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التى إختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر ، إذ لا أثر لإستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها .
(الطعن رقم 3172 لسنة 57 ق - جلسة 1988/02/24 س 39 ع 1 ص 5 )
2 ـ لما كانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من انها تكون العقاب الأصلى أو الأساس المباشر للجريمة التى توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقا على الحكم بعقوبة أخرى ، وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية فى القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم فى الباب الثالث من الكتاب المذكور ويبين من مراجعه هذه النصوص أن الشارع أورد فى المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والإشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة فإذا قضى بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هى الأصلية وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها ويصدق هذا النظر على العقوبات المقيدة للحرية كالحبس التى تعد فى الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالآضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 35 من قانون العقوبات الفرنسى التى نصت على عقوبة الحبس الذى لا يجاوز الخمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجديد المدنى .
(الطعن رقم 4221 لسنة 61 ق - جلسة 1992/12/21 س 43 ع 1 ص 1192 ق 186)
3 ـ لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن عن جريمتي القتل العمد وإحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بدون ترخيص وانتهى إلى أن الجرائم المسندة إلى الطاعن بينها ارتباط ووقعت لغرض إجرامي واحد ومن ثم فقد أخذه بعقوبة الجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة خمس سنوات وتغريمه عما أسند إليه مع مصادرة السلاح الناري والذخائر المضبوطين . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المنصوص عليها فى المادة 234/1 من قانون العقوبات هي السجن المؤبد أو السجن المؤقت والتي يجوز تبديلهما عملاً بالمادة 17 من القانون السابق بعقوبة السجن أو الحبس الذى لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن بغير ترخيص طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 54 فى شأن الأسلحة والذخائر المعدل هي السجن وغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه ، كما أن عقوبة جريمة إحراز الذخائر مما تستعمل فى الأسلحة سالفة الذكر هي السجن والغرامة التي لا تجاوز خمسين جنيهاً كما جرى بذلك نص الفقرة الخامسة من المادة 26 المذكورة . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل فى طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس والتي هي فى واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساس المباشر للجريمة والتي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية فى القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن عدد أنواع الجرائم فى الباب الثاني من الكتاب المذكور ، ويبين من مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد فى المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والسجن المؤبد والسجن المؤقت والسجن ، أما الغرامة فقد نص عليها فى المادة 46 تخييرية مع السجن أو الحبس كعقوبة أصلية للشروع فى جناية عقوبتها إذا تمت هي السجن ، وفى هذه الحالة وحدها تكون الغرامة فى الجنايات عقوبة أصلية ، أما إذا قضى بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة مكملة لها ، ويصدق هذا النظر أيضاً على العقوبات المقيدة للحرية ( كالحبس ) التي تعد فى الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير أنها قد تكون تكميلية إذ نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 35 من قانون العقوبات التي نصت على عقوبة الحبس الذى لا يجاوز خمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجريد المدني . لما كان ذلك ، فإن عقوبة الغرامة المقررة فى الفقرتين الأولى والخامسة من المادة 26 من القانون 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر والمعدل تعد عقوبة تكميلية ، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها فى الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء ، وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد ، فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة فى عقوبة الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر بدون ترخيص – وهما الجريمتين الأخف بعد إذ قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد – وهو الأشد – عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بحذفها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
(الطعن رقم 34492 لسنة 76 ق - جلسة 2009/02/21)
جب العقوبات
تعريف قرر الشارع مبدأ الجب في المادة 35 من قانون العقوبات التي نصت على أن «تجب عقوبة السجن المشدد بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المشدد المذكور»..
والمراد بالجب أن تنفيذ عقوبة معينة يعد في الوقت نفسه تتفيذاً العقوبة أخرى بحيث يترتب على خضوع المحكوم عليه لتنفيذ العقوبة الأولى إعفاءه من تنفيذ العقوبة الثانية و في هذه الحالة يقال إن العقوبة الأولى قد جبت الثانية: فإذا حكم على شخص بالسجن المشدد خمس سنوات وبالسجن خمس سنوات أخرى - وتوافر شرط الجب - فإن خضوعه لتنفيذ السجن المشدد يدل في الوقت نفسه تنفيذاً للسجن بحيث لا يلتزم - بعد انقضاء تنفيذ السجن المشدد - بتنفيذ شيء من عقوبة السجن، ويعني ذلك أن السجن المشدد قد جب السجن.
العقوبات التي يسري عليها الجب: مجال الجب مقتصر على العقوبات السالبة للحرية. والعقوبة الوحيدة التي تجب غيرها في السجن المشدد، والعقوبتان اللتان يتصور جبهما هما السجن والحبس: فالسجن لا يجب الحبس، وليس للحبس أثر في الجب؛ والسجن المشدد عقوبة لا تجب، فلا تجبها عقوبة من ذات نوعها، ولا تجبها من باب أولى عقوبة بالسجن أو الحبس.
علة الجب: علة الجب أن القدر من الشدة الذي ينطوي عليه تنفيذ السجن المشدد - باعتباره أشد العقوبات السالبة للحرية - يحقق من الأثر الرادع ما يغني عن تنفيذ سائر العقوبات التي حكم بها على المتهم، ولكن الشارع قد حرص على أن يضع الجب في حدود معقولة، فحصره في نطاق معلوم وقيده بشرط. وثمة علة ثانية للجب: فقد التمس الشارع فيه سبيلاً إلى فرض قيد على تعدد العقوبات السالبة للحرية المؤقتة کی لا تتحول إلى عقوبة مؤبدة.
نطاق الجب: لا يطلق الشارع قاعدة الجب، بل يجعل قوة السجن المشدد في الجب محدودة بحدود مدته، وما زاد من مدة العقوبة الأخرى على مدة السجن المشدد لا يجب: فإذا حكم على شخص بالسجن المشدد ثلاث سنوات وبالسجن خمس عشرة سنة جب السجن المشدد السجن بمقدار مدته، والتزم المحكوم عليه أن ينفذ – بعد انقضاء السجن المشدد - اثنتي عشرة سنة سجناً. وإذا تعددت العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها إلى جانب السجن المشدد جبت هذه الأخيرة بمقدارها مدتها العقوبة الأشد من تلك العقوبات ولا يكون لها تأثير على غير هذه العقوبة، فهي تجب مدة واحدة مساوية لمدتها، ولا تجب مدداً متعددة من كل عقوبة على حدة: فإذا حكم على شخص بالسجن المشدد ثلاث سنوات. وبالسجن ثلاث سنوات، وبالحبس ثلاث سنوات جبت عقوبة السجن المشدد كل عقوبة السجن، واستفدت بذلك قوتها في الجب، فلا يكون لها تأثير على الحبس. وإذا جاوزت عقوبة السجن المشدد مدة السجن جبت عقوبة الحبس في حدود الفرق بين مدتها ومدة السجن، فإذا حكم على شخص بالسجن المشدد خمس سنين وبالسجن ثلاث سنين وبالحبس ثلاث سنين، جبت عقوبة السجن المشدد كل مدة السجن وجبت سنتين من الحبس.
شرط الجب: شرط الجب أن تكون عقوبة السجن أو الحبس محكوما بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المشدد»، أي أن تكون الجريمة التي حكم من أجلها بالسجن أو الحبس قد ارتكبت في تاريخ سابق على تاريخ الحكم بالسجن المشدد؛ أما إذا حكم بالسجن المشدد أولاً ثم ارتكب المحكوم عليه الجريمة التي حكم عليه من أجلها بالسجن أو الحبس، فإن عقوبة السجن المشدد لا تجب هاتين العقوبتين. وعلة هذا الشرط أن تطبيق قاعدة الجب دون التقيد به يعني أن من يحكم عليه بالسجن المشدد لا تنفذ عليه العقوبات التي يحكم بها عليه من أجل الجرائم التي يرتكبها بعد الحكم عليه بالسجن المشدد، ويعادل ذلك من الناحية الفعلية إعفاءه منها، وهذه النتيجة مناقضة للعدالة، فأراد الشارع تجنبها.(شرح قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة: 992)
والمقصود بالجب هنا هو أن تنفيذ عقوبة السجن المؤبد يفيد في نفس الوقت تنفيذاً للعقوبات الأخرى. وقد ورد بتعليقات الحقانية أنه ليس من الحزم تعدد العقوبات كلها بما يخرج عن حد الاعتدال وإن ليس من المستحسن أن المحكوم عليه بعد أن يستوفي الجانب الأشد من عقوبته أي الأشغال الشاقة (قبل تعديلها) ينقل إلى حبس آخر قبل أن يفرج عنه ليستوفي فيه عقوبة أقل شدة.
- مجال الجب مقتصر على العقوبات السالبة للحرية والعقوبة الوحيدة التي يجب غيرها هي الأشغال الشاقة ( أصبحت بعد التعديل السجن المؤبد) والعقوبتان اللتان يتصور جبهما هما السجن والحبس فالسجن لا يجب الحبس وليس للحبس أثر في الجب والأشغال الشاقة عقوبة لا تجب فلا تجبها عقوبة من ذات نوعها ولا تجبها من باب أولى عقوبة السجن أو الحبس") وقد ذهب رأي إلى أن عقوبة الأشغال الشاقة تجب فحسب كل عقوبة أخرى مقيدة للحرية فلا تجب بالتالي الغرامة لكنها في تقديره تجب عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس أيضاً أسوة بالسجن والحبس لأنها في تقديره تجب عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس وذلك فيما خلى مراقبة البوليس التي تكون تبعية لعقوبة الأشغال الشاقة المحكوم بها عن نفس الواقعة.
ويلاحظ أن تنفيذ الغرامة بالإكراه غير جائز متى توافرت شروط الجب لأن الإكراه البدني حبس بسيط مما تجبه الأشغال الشاقة بحسب الأصل وإلا أصبح المحكوم عليه بالسجن أو بالحبس أحسن حالاً من المحكوم عليه بالغرامة والغرض أنها أخف منهما ولذا فإن السبيل الوحيد لتنفيذ الغرامة في هذه الحالة هو التنفيذ الجبري على أموال المحكوم عليه وفقاً للمادة 506 إجراءات. وقد نصت المادة 1510 من التعليمات القضائية للنيابات على أنه " إذا كان المحكوم عليه بالأشغال الشاقة (قبل تعديلها) قد حكم عليه بعقوبة مالية لجريمة وقعت قبل الحكم عليه بالأشغال الشاقة فلا ينفذ عليه بالمبالغ المحكوم بها سالفة البيان بطريق الإكراه البدني وإنما يجري التنفيذ بها بالطرق المقررة في قانون المرافعات وبالطرق الإدارية لتحصيل الأموال الأميرية إذا تبين أن في استطاعته دفع المبالغ المحكوم بها .
وبمقتضى القاعدة التي اتبعت لا تجب عقوبة السجن المؤبد عقوبات الحبس والسجن والسجن إذا كانت تلك العقوبات صادرة بشأن جرائم ارتكبت بعد عقوبة السجن المؤبد ولو جعلت القاعدة العامة لما أمكن معاقبة المحكوم عليهم بالسجن المؤبد إلا بالعقوبات التأديبية عما يرتكبون من الجرائم أثناء وجودهم في الحبس.
ولا يهم أن يكون الحكم بالحبس أو السجن قد صدر قبل الحكم بالأشغال الشاقة (قبل تعديلها ) أو بعده بل كل ما يشترط للجب أن تكون الجريمة المحكوم من أجلها بالحبس أو السجن قد وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة فيحصل الجب متى وقعت الجريمة قبل الحكم بالأشغال الشاقة ولو لم يصدر الحكم فيها بالحبس إلا بعد الحكم بالأشغال الشاقة .
وينبغي أن يشار هنا إلى استثناء القاعدة المقررة في هذه المادة وهو أنه إن كان الحكم في المرة الأولى صادراً بالحبس وأوقف تنفيذه مؤقتاً عملاً بالمادة 52 ثم حكم في المرة الثانية بالسجن المؤبد فإن المادة 53 تقضي بتعدد العقوبتين.
وقد جاء بتعليقات الحقانية على المادة المقابلة وهي 35 أيضاً من قانون 1904 بأنه قد يقال أن عقوبة السجن يجب أن تجب بمقدار مدتها عقوبة الحبس والجواب عن ذلك هو أن عقوبة السجن في الواقع كعقوبة الحبس في التنفيذ ولو كانت تقررت هذه القاعدة لكانت تفضي إلى نتيجة غريبة وهي أن من يحكم عليه بالحبس ثلاث سنوات ثم السجن ثلاث سنوات أخرى لا تنفذ عليه العقوبة الثانية مع أنه أن لم يحكم في المرة الثانية إلا بحبس ثلاث سنوات رأفة به فإن كل العقوبة الثانية تضم إلى الأولى.
وتقضى المادة 35 بأن عقوبة الأشغال تجب بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية ومن ثم فإن عقوبة الأشغال الشاقة تجب من عقوبة السجن أو الحبس بمقدار مدتها فقط. فإذا كانت مدة الأشغال الشاقة أقل من مدد هذه العقوبات فالباقي منها ينفذ بعد انتهاء عقوبة الأشغال الشاقة.
هل يجوز الاستشكال بقصد جب العقوبة؟ والسؤال المثار هو هل يجوز الاستشكال بقصد إعمال النص الخاص يجب العقوبة إذا رفضت النيابة إعماله إذ تبين لها عدم توافر شروط الجب المنصوص عليها بالمادة 35 عقوبات سالفة الذكر بينما يرى المتهم توافر هذه الشروط .
وفي ذلك ذهب الدكتور رؤوف عبيد إلى أن نظام الجب متعلق بالتنفيذ فلا شأن للمحاكم به. واستشهد في ذلك بأحد أحكام النقض القديمة والتي جاء بها " أن تنفيذ مقتضى القانون في الأحوال التي يقضي فيها بأن تجب عقوبة غيرها من العقوبات متروك للسلطة المنوط بها تنفيذ الأحكام ولا شأن للمحاكم به فإذا حكم على متهم بإرساله إلى المحل الخاص بالمجرمين المعتادين على الإجرام وبعد الإفراج عنه صدر عليه حكم في جريمة تزوير ارتكبها قبل الحكم عليه بإرساله إلى المحل الخاص فلا يقبل منه أن يطعن في هذا الحكم الصادر في جريمة التزوير بمقولة أن تأخير صدوره قد فوت عليه عدم تنفيذ عقوبة الحبس المحكوم بها عليه فيه لأن عقوبة الإجرام تجبها قانوناً.
وفي تقديرنا أنه وبالرغم فعلاً من أن النيابة العامة هي السلطة المنوط بها تنفيذ الأحكام وهي التي يتعين عليها بداءة إعمال أحكام الجب. ولكن ماذا لو صممت على رأيها برفض أعمال أحكام الجب بينما يرى الطرف الآخر المستفيد من أعمال هذه الأحكام توافر شروطه في هذه الحالة ولاشك تتولد منازعة في التنفيذ بين طالب الجب والنيابة. ويحق لطالب الجب عرضها على محكمة الاستشكال بالطريق القانوني المقرر لرفع إشكالات التنفيذ ويحق لمحكمة الاستشكال إذا رأت أن أمر النيابة برفض أعمال أحكام الجب قد صادف صحيح القانون فإنها تقضى بقبول الاستشكال شكلاً ورفضه موضوعاً. أما إذا رأى أن الحق مع المستشكل فإنها تقضي بالتنفيذ وفقاً لصحيح حكم القانون ولا يوجد ثمة سند قانوني لحجب المستشكل عن الالتجاء إلى محكمة الإشكال.(موسوعة هرجة الجنائية، للمستشار / مصطفى مجدي هرجه، المجلد / الأول، دار محمود الصفحة / 330)
من القيود الواردة على قاعدة تعدد العقوبات قيد تجب العقوبات"ولقد نص على ذلك المشرع المصري في المادة (35) عقوبات والتي نحن بصددها.
ويقصد بجب العقوبات : أن تنفيذ عقوبة يعتبر في نفس الوقت تنفيذاً للعقوبات الأخرى. أي استغراق أو استيعاب عقوبة لعقوبة أخرى، بحيث يكون تنفيذ إحداها تنفيذاً في الوقت نفسه للأخرى.
العقوبات التي يسري عليها الجب:
مجال الجب مقتصر على العقوبات السالبة للحرية، والعقوبة الوحيدة التي تجب غيرها هي الأشغال الشاقة، والعقوبتان اللتان يتصور جبهما هما السجن والحبس، فالسجن لا يجب الحبس، وليس للحبس أثر في الجب، والأشغال الشاقة عقوبة لا تجب، فلا تجبها عقوبة من ذات نوعها، ولا تجبها من باب أولى عقوبة بالسجن أو الحبس.
علة الجب:
علة الجب أن القدر من الشدة الذي ينطوي عليه تنفيذ الأشغال الشاقة باعتبارها أشد العقوبات السالبة للحرية - يحقق من الأثر الرادع ما يغني عن تنفيذ سائر العقوبات التي حكم بها على المتهم. كما أن الجب يعد قيداً على تعدد العقوبات السالبة للحرية المؤقتة حتى لا تتحول إلى عقوبة مؤبدة.
نطاق الجب:
لا يطلق الشارع قاعدة الجب، بل يجعل قوة الأشغال الشاقة في الجب محدودة بحدود مدتها، وما زاد من مدة العقوبة الأخرى على مدة الأشغال الشاقة لا يجب. فإذا حكم على شخص بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وبالسجن خمس عشرة سنة جبت الأشغال الشاقة السجن بمقدار مدتها والتزام المحكوم عليه أن ينفذ – بعد انقضاء الأشغال الشاقة - اثنتي عشرة سنة سجناً.
وإذا تعددت العقوبات السالبة للحرية المحكوم بها إلى جانب الأشغال الشاقة جبت هذه الأخيرة بمقدار مدتها العقوبة الأشد من تلك العقوبات ولا يكون لها تأثير على غير هذه العقوبة، فهي تجب مدة واحدة مساوية لمدتها ولا تجب مدداً متعددة من كل عقوبة على حدة.
فإذا حكم على شخص بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات، وبالسجن ثلاث سنوات، وبالحبس ثلاث جبت الأشغال الشاقة كل عقوبة السجن واستنفذت بذلك قوتها في الجب فلا يكون لها تأثير على الحبس.
وإذا جاوزت الأشغال الشاقة مدة السجن جبت عقوبة الحبس في حدود الفرق بين مدتها ومدة السجن.
فإذا حكم على شخص بالأشغال الشاقة خمس سنين وبالسجن ثلاث سنين وبالحبس ثلاث سنين جبت الأشغال الشاقة كل مدة السجن وجبت سنتين من الحبس.
شرط الجب:
شرط الجب أن تكون عقوبة السجن أو الحبس محکوماً بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالأشغال الشاقة، أي أن تكون الجريمة التي حكم من أجلها بالسجن أو بالحبس قد ارتكبت في تاريخ سابق على تاريخ الحكم بالأشغال الشاقة، أما إذا حكم بالأشغال الشاقة أولا ثم ارتكب المحكوم عليه الجريمة التي حكم عليه من أجله بالسجن أو الحبس فإن الأشغال الشاقة لا تجب هاتين العقوبتين.
وعلة هذا الشرط أن تطبيق قاعدة الجب دون التقيد به يعني أن من يحكم عليه بالأشغال الشاقة لا تنفذ عليه العقوبات التي يحكم بها عليه من أجل الجرائم التي يرتكبها بعد الحكم عليه بالأشغال الشاقة.
ولا شك أن ذلك يشكل خطراً كبيراً على موظفي السجون بصفة خاصة. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول، الصفحة : 335)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 55 .
(مادة 73)
تجب عقوبة السجن بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المذكور.
ويسري هذا الحكم على عقوبة السجن المؤبد بمقدار ما نفذ منها.
تنفيذ العقوبة
نص هذا الباب في المواد من (70) إلى (74) على أحكام تنفيذ العقوبة، مشتملاً على وجوب استنزال مدة الحبس الاحتياطي من مدة العقوبة (المادة (70))، وحق المحكوم عليه في طلب تشغيله خارج السجن، إذا كانت العقوبة المحكوم بها هي الحبس مدة لا تتجاوز ستة شهور، ما لم ينص الحكم على حرمانه من هذا الخيار (المادة (71))، وترتیب تنفيذ العقوبات عند تعددها (المادة (72))، وجب العقوبات المادة (73))، ونظام استنزال ما يقابل مدة الحبس الاحتياطي عند الحكم بالغرامة (المادة 75)، ويلاحظ أن الشريعة قد عرفت نظرية الجب إلا أنها تضع نظاماً خالها لتطبيقه، وهو أن تجتمع عقوبة الإعدام مع عقوبات أخرى مع خلاف بين الفقهاء حول التفاصيل إلا أن الشريعة لا تتعارض مع الأخذ بنظرية الجب بالنسبة إلى العقوبات السالبة للحرية؛ لأن هذا النوع من العقوبات في الشريعة متروك للقاضي، وليس له أن يعاقب بها إلا إذا قدر فائدتها.
تعدد الجرائم إذا كان بينها جرائم اعتداء على ما دون النفس
موجبة للقصاص
اجتماع جريمة اعتداء على ما دون النفس موجبة للقصاص مع جريمة أخرى:
مادة (245):
1- إذا ارتكب الجاني جريمة اعتداء على ما دون النفس، مما فيه قصاص، وأخرى معاقبا عليها بالإعدام حداً، أو قصاصاً، أو تعزيراً - فإن عقوبة الإعدام تجب عقوبة القصاص إذا طلبه المجني عليه، أما إذا طلب الدية فلا تخل عقوبة الإعدام بحقه فيها.
2- وإذا ارتكب الجاني جريمة اعتداء على ما دون النفس مما فيه قصاص، وأخرى فيها الدية أو معاقبا عليها بغير الإعدام، فلا تخل العقوبات عن الجرائم الأخرى بعقوبة القصاص التي تقدم على غيرها عند اتحاد المحل.
3- وتكون عقوبة القصاص أسبق في الترتيب من العقوبات المبينة في المادة (72)
من هذا القانون.
الإيضاح
واجهت الفقرة الأولى من هذه المادة حالة اجتماع جريمة اعتداء على ما دون النفس موجبة للقصاص، مع جريمة أخرى معاقب عليها بالإعدام سواء أكانت عقوبة الإعدام موقعة في جريمة من جرائم الحدود، أم في جريمة قتل موجبة للقصاص، أم في جريمة تعزيرية (كالو قطع الجاني يد شخص وارتكب جريمة حرابة يعاقب عليها بالإعدام حدا، أو جريمة قتل موجبة للقصاص، أو جريمة تعزيرية عقوبتها الإعدام). وقد نص المشروع على الحكم الذي سبق النص عليه في الفقرة الرابعة من المادة (79)، غير أن مجال إعمال هذا الحكم في جرائم الاعتداء على ما دون النفس أن يكون المجني عليه قد طلب القصاص، كأن طلب قطع يد الجاني، فإن إعدام الجاني للجريمة الموجبة للإعدام يجب قطع يده في هذه الحالة بحسبان أن قتل الجاني يستغرق قطع يده، ويكون الرأي القائل بعدم الاجتماع أولى بالاتباع. أما إذا كان المجني عليه قد اختار الدية دون القصاص، فإن إعدام الجاني لا يخل بحق المجني عليه في الدية عما قطع منه؛ لأن الدية حق مالي للمجني عليه لا تجبه عقوبة الإعدام على خلاف عقوبة القصاص.
أما الفقرة الثانية من المادة فتواجه حالة اجتماع جريمة اعتداء على ما دون النفس موجبة للقصاص مع جريمة أخرى فيها الدية أو معاقب عليها بغير الإعدام، وفي هذه الصورة فإن العقوبة المقررة للجريمة الأخرى لا تخل بتوقيع عقوبة القصاص، ومثال ذلك أن يقطع الجاني يد شخص ويجرحه جائفة، ففي القطع قصاص وفي الجائفة الدية، ولا تخل إحداهما بالأخرى، أو أن يقطع الجاني يد شخص ويسرق، فمعاقبته عن السرقة لا تخل بعقوبة القصاص عن قطع اليد، وإذا كانت السرقة مما يعاقب عليها حدا يقطع يمني السارق، فلا تخل بحق المجني عليه، فله أن يطلب قطع يمناه قصاصا إذا كانت اليمني هي التي قطعت من المجني عليه، وفي هذه الحالة تقدم عقوبة القصاص على عقوبة السرقة، وهذا هو المقصود مما ورد في نهاية الفقرة الثانية من أن عقوبة القصاص تقدم على غيرها عند اتحاد المحل.
(يراجع في تعدد الجرائم وتداخلها واتجاهات المذاهب فيها - على وجه الخصوص -
المغني ج (8) ص (296) وما بعدها).
وينص المشروع في الفقرة الثانية من المادة على أن تكون عقوبة القصاص الترتيب من العقوبات المبينة في المادة (72) من هذا القانون.