1 ـ لما كان الحكم المطعون فيه وفي نطاق اطراحه لدفع الطاعنين بانتفاء أركان المساهمة الجنائية الأصلية فى حقهم ، وأثبت توافرها عملاً بنص المادة 39 من قانون العقوبات فى قوله – بعد أن عدد الأفعال المادية التي قارفها بعض المحكوم عليهم - : " ..... ومن ثم ، يضحى الدفع بانتفاء المساهمة الجنائية طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات دفعاً يفتقد سنده من صحيح القانون والواقع ... " ، ثم عرض فى إطار اطراحه لدفع الطاعنين بانتفاء أركان جريمة التجمهر فى حقهم – وما ترتب عليها – وانتهى - بدوره – إلى رفضه لثبوتها فى قوله : " .... وهو ما يجزم بأن الوقائع كانت نتاج تجمهر إجرامي متفق عليه ، ومقصود به قتل أكبر عدد من أفراد رجال الشرطة انتقاماً من فض اعتصامين إجراميين بـ .... و .... بما يدرأ ما أثاره الدفاع من قول فاسد يفتقد أساسه من الواقع والقانون بإثارة الشك حول مسئولية المتجمهرين التضامنية طبقًا لنص المادتين 2 ، 3 من القانون 10 لسنة 1914 ، واعتبار كل من تواجد من المتهمين بهذا التجمهر مسئولاً عما تم اقترافه من جنايات القتل والشروع فيه .... " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مناط العقاب وفقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات هو الأصل العام المقرر فى التشريعات الجنائية الحديثة ، وهو أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلًا أصلياً أو شريكاً إلا عمَّا يكون لنشاطه دخْل فى وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها ، سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذي يجرِّمه القانون ، وأن مسئوليته تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ، ولا يحاج بما يقع من غيره ، أو يُقضى به عليه ، كما أنه من المُقَرَّر أن مناط العقاب على جريمة التجمهر المؤثمة بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 ، وشرط تضامن المتجمهرين فى المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه ، هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين تنفيذاً لغرض أو قصد خاص به ، فإن الحكم – المطعون فيه – إذ جمع بين المسئوليتين التضامنية والشخصية للطاعنين - واتخاذه لهما معاً سنداً لقضائه بالإدانة ، وما أوقعه من عقابٍ جسيم – يكون قد خلط بين أساسين متناقضين للمسئولية من حيث الأركان والعناصر التي تَطَلَّب القانون توافرها لكل منهما – على نحو ما مَرَّ بيانه – حتى يصح الاستناد إليه كأساس للمسئولية الجنائية فى قضائه بإدانة الطاعنين ، سيما وأن الحكم لم يفارق بين الطاعنين فى أساس المسئولية عن الجرائم التي ضمَّنها وصف الاتهام وفقاً لاختلاف مراكزهم القانونية ، بل جمع بينهما – المسئوليتين – بغير جامع فى إطلاقٍ شمل كافة الطاعنين عن كل الجرائم التي ساءلهم عنها ، وكان ما أورده الحكم – على نحو ما سلف – فوق خطئه فى القانون قد أوقعه فى تناقض فى بيان أساس المسئولية التي عاقب الطاعنين على سند منها ، كان له أثره فيما تردى فيه الحكم من قصور وتناقض واضطراب فى التسبيب فيما انتهى إليه من إدانة ، مما كان له صداه فى خصوص عدد من الجرائم – على النحو الذي سيرد تالياً – فى نطاق معالجة ما عيَّبه به الطاعنون .
(الطعن رقم 15321 لسنة 85 ق - جلسة 2016/02/03)
2 ـ من المقرر وفقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات أنه يعد فاعلا للجريمة أولا: من يرتكبها وحده أو مع غيره - ثانيا: من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها والبين من نص هذه المادة فى صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي المستمدة منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم مع غيره فى ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وأما أن يأتي عمداً عملاً فيها تنفيذا فيها إذا كانت الجريمة تتركب فى جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها وحينئذ يكون فاعلا مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن تتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة وإلا فلا يسأل عن فعله وحده ويتحقق حتما قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة الاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقا لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر فى إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلا بدوره فى تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع ولما كان القصد أمرا باطنيا يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه فإن العبرة بما يستظهره الحكم من الوقائع التي تشهد لقيامه ولما كانت نية تدخل الطاعن فى ارتكاب جريمة قتل المجني عليه مع الطاعن الأول تحقيقا لقصدهما المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما فى الزمان والمكان وصدورهما فى مقارفة الجريمة عن باعث واحد واتجاههما جميعا وجهة واحدة فى تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه وهو ما لم يقصد الحكم فى استظهاره حسبما تقدم بيانه وفوق ذلك. فإنه لما كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن - على النحو المار ذكره - أنه قد اقترف مع الطاعن الأول الأفعال التي أدت إلى وفاته فإنه يعد مسئولا عن جريمة القتل فاعلا أصليا فإن منعاه فى هذا الشأن يكون على غير أساس ومعناه فى شأن تعديل القيد والوصف بالمادتين 280, 281 من قانون العقوبات دفعا قانونيا ظاهر البطلان.
(الطعن رقم 13665 لسنة 70 ق - جلسة 2001/03/22 س 52 ع 1 ص 353 ق 59)
3 ـ لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه " يعد فاعلاً للجريمة " أولاً " من يرتكبها وحده أو مع غيره " ثانياً " من يدخل فى إرتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها " و البين من نص هذه المادة فى صريح لفظه و واضح دلالته و من الأعمال التحضيرية المصاحبة له و من المصدر التشريعي الذى إستمد منه و هو المادة 39 من القانون الهندى أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى إرتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة و إما أن يأتى عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها ، و حينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى إرتكابها ، و لو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف إعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه - على الأقل - ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة و إلا فلا يسأل إلا عن فعله وحده ، و يتحقق حتماً قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لإتفاق بين المساهمين و لو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أى أن يكون كل منهم قصد الآخر فى إيقاع الجريمة المعينة و أسهم فعلاً بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التى وضعت أو تكونت لديهم فجأة - و أن لم يبلغ على مسرحها حد الشروع ، و لما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني و تدل عليه بطريق مباشر الأعمال المادية المحسوسة التى تصدر عنه ، فإن العبرة هى بما يستظهره الحكم من الوقائع التى تشهد لقيامه ، و لما كانت نية تدخل الطاعنين فى إقتراف جريمة قتل المجنى عليه تحقيقاً لقصدهم المشترك تستفاد من نوع الصلة بين المتهمين و المعية بينهم فى الزمان و المكان و صدورهم فى مقارفة الجريمة عن باعث واحد و إتجاههم جميعاً وجهة واحدة فى تنفيذها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه و هو ما لم يقصر الحكم فى إستظهاره حسبما تقدم بيانه ، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد ، و فوق ذلك فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المتهمين الخمسة قد إنهالوا معاً على المجنى عليه ضرباً و طعناً بالسكاكين و المدى بقصد إزهاق روحه و أنهم أحدثوا به جملة إصابات فى رأسه و صدره و ظهره و أن الإصابات مجتمعة بين طعنية و قطعية ساهمت فى إحداث الوفاة بما أحدثته من كسور و نزيف و صدمة عصبية فإن كلا منهم يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد بوصفه فاعلاً أصلياً بغض النظر عن الإصابة التى أحدثها .
(الطعن رقم 2114 لسنة 49 ق - جلسة 1980/03/17 س 31 ع 1 ص 407 ق 75)
4 ـ لما كان الحكم المطعون فيه وقد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار فى حق الطاعنين ، فإن ذلك يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينهم فى المسئولية الجنائية ويكون كل منهم مسئولاً عن جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذي بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي فى هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً أو معيناً من بينهم أو غير معلوم ، فإن منعى الطاعنين فى هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي فى الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر فى إيقاع الجريمة المعنية وأسهم فعلاً بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي فى صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً فى الجريمة التي يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع بعدم توافر سبق الإصرار وانتفاء الاتفاق بين المتهمين وفي بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت فيها كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجريمة ، وكان ما انتهى إليه الحكم فى كل ذلك سديداً فى القانون ، ومن ثم فإن منعاهم فى هذا الصدد يكون غير سديد .
(الطعن رقم 12754 لسنة 82 ق - جلسة 2014/04/02)
5 ـ لما كان مفاد ما أثبته الحكم أن الجناة - بما فيهم الطاعنين - قد اتفقوا على سرقة المجنى عليهما ، وأسهم كل منهم بفعل من الأفعال المكونة للجريمة ، وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فى الجريمة ، إذ تنص المادة 39 من قانون العقوبات على أنه " يُعد فاعلاً للجريمة أولاً: من يرتكبها وحده أو مع غيره ثانياً: من يتدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال ، فيأتي عملاً من الأعمال المكونة لها " ، فالبيِّن من نص هذه المادة فى صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ومن المصدر التشريعي الذي استمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى ارتكابها ، فإذا أسهم ، فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة المقامة ، وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها ، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نيَّة التدخل فى ارتكابها ، ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده ، بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أم لم يعرف ، وليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أم شريكاً ، بل يكفي أن يكون مستفاداً من الوقائع التي أثبتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الخصوص يكون على غير أساس .
(الطعن رقم 15685 لسنة 72 ق - جلسة 2009/01/01 س 60 ص 24 ق 1)
6 ـ من المقرر أن علاقة السببية فى المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه فى ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن عاجل المجني عليه بأن أطلق عليه عياراً نارياً بينما انهال عليه المحكوم عليه الآخر طعناً ببلطة فى أنحاء متفرقة من جسده ثم عاود الطاعن إطلاق عيار ناري ثان على المجني عليه عن قرب فأحدثا إصاباته النارية والرضية والقطعية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، كما أثبت توافر ظرف سبق الإصرار فى حق الطاعن مما يرتب فى صحيح القانون تضامناً فى المسئولية الجنائية بين الطاعن والمحكوم عليه الآخر ويكون كل منهما مسئولاً عن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية وعقدا العزم عليه باعتبارهما فاعلين أصليين معاً طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات ويستوى فى ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهما محددا بالذات أم غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه إذ يكفي ظهورهما معاً على مسرح الجريمة وقت ارتكابها وإسهامهما فى الاعتداء على المجني عليه ، فإذا أخذت المحكمة الطاعن عن النتيجة التي لحقت بالمجني عليه تنفيذاً لهذا القصد والتصميم الذي انتواه دون تحديد لفعله أو فعل المحكوم عليه الآخر ومحدث الإصابات التي أدت إلى الوفاة سواء كانت النارية أو القطعية أو كليهما كما أثبت تقرير الصفة التشريحية واطمأنت إليه المحكمة وذلك بناء على ما اقتنعت به للأسباب السائغة التي أوردتها من أن تدبير الطاعن والمحكوم عليه الآخر قد أنتج النتيجة التي قصدا إحداثها وهي الوفاة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن محدث إصابات المجني عليه التي أدت إلى وفاته وعلاقة السببية لا يكون له محل .
(الطعن رقم 53603 لسنة 75 ق - جلسة 2006/06/11 س 57 ص 726 ق 74)
7 ـ الاتفاق على ارتكاب جريمة لا يقتضي فى الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلا وقانونا أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقا لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلا منهم قصد قصد الآخر فى إيقاع الجريمة وأسهم فعلا بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي فى صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلا أصليا فى الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافيا بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على الجرائم التي دينا بها من معيتهما فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاهما وجهة واحدة فى تنفيذها وأن كلا منهما قصد قصد الآخر من إيقاعها وقارف فعلا من الأفعال المكونة لها ومن ثم يصح طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل منهما فاعلا أصليا فى تلك الجرائم.
(الطعن رقم 26293 لسنة 67 ق - جلسة 2000/03/13 س 51 ص 288 ق 53)
8 ـ إن البين من نص المادة 39 من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره فى ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة ، وإما أن يأتى عمداً عملاً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها ، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل فى ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة فى الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة ، أى أن يكون كل منهم قصد الآخر فى إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التى وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع.
(الطعن رقم 13270 لسنة 66 ق - جلسة 1998/07/11 س 49 ص 881 ق 114)
9 ـ لما كان ظهور كل من المتهمين على مسرح الحادث وإتيانه عملاً من الأعمال المكونه لها مما تدخله فى نطاق الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات يجعله فاعلاً أصلياً فى الجريمة الى دينوا بها وكانت الواقعة الثابتة بالحكم أنه اثر وقوف الطاعن بالسياره قيادته أمام معرض السيارات الخاص بالطاعنين الأول والثانى وحال جلوسه بداخلها قام الطاعنون الثلاثه _ مع آخرين مجهولين _بإنزاله عنوه من سيارته وانهالوا عليه بالضرب ثم اقتادوه قسراً عنه إلى داخل سيارة أخرى وصحب ذلك موالاتهم ضربه ، حيث قام الطاعن الثانى بقيادة هذه السيارة وانطلق بها والطاعن الثالث يجلس بجواره وبداخلها آخرين . مجهولين وقد واصل الجميع الاعتداء عليه بالضرب حتى وصلوا بالسيارة إلى عزبة .......... وأدخلوه حجرة واستمروا فى ضربه ثم أثبت الحكم أن تعذيب المجنى عليه قد صاحب القبض عليه وقد أسفر عن اصابته بكدمات وخدوش أسفل الظهر وكوع الزراع الأيمن والأفق وجروح باليد اليسرى ، فإن الطاعنين الثلاثة يكونون قد توافقوا واتحدت مقاصدهم على القبض على المجنى عليه بواسطه ادخاله السيارة مع علم كل منهم بما يأتيه صاحبه من الأفعال الموصلة إلى هذا الغرض وعمل من جانبة على تحقيقه ، فإن ما أثبته الحكم فى حق كل من الطاعنين تتوافر به أركان جريمة القبض بدون وجه حق المقترن بتعذيبات بدنية المنصوص عليها فى المادتين 280 , 282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ويجعله فاعلاً أصلياً فى هذه الجريمة . ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد.
(الطعن رقم 16258 لسنة 66 ق - جلسة 1998/07/02 س 49 ص 833 ق 107)
10 ـ لما كان الحكم المعروض قد أثبت توافر قصد القتل مع سبق الاصرار فى حق الطاعنين الثلاثة الأوائل بالنسبة لواقعة قتل المجنى عليها الأولى فإن هذين العنصرين يعتبران قائمان فى حقهم كذلك بالنسبة لجريمتى القتل الآخريين اللتين اقترنتا بها زماناً ومكاناً وهما قتل الطفلة ......... وشقيقها الطفل ....... ولو لم يكن أيهما هو المستهدف أصلاً بفعل القتل الذى انتوى الطاعنون ارتكابه وعقدوا عليه تصميمهم وأعدوا له عدته .............. الأمر الذي يترتب وفى صحيح القانون تضامناً بينهم فى المسئولية الجنائية فيكون كل منهم مسئولاً عن جرائم القتل التى وقعت تنفيذاً لقصدهم المشترك الذى بيتوا النية عليه باعتبارهم فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهم أو غير معلوم وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه .
(الطعن رقم 29653 لسنة 67 ق - جلسة 1998/03/10 س 49 ص 388 ق 53)
11 ـ من المقرر أن ظرف الاكراه فى السرقة عينى متعلق بالأركان المادية المكونة للجريمة ، ولذلك فهو يسرى على كل من أسهم فى الجريمة المقترنة به ولو كان وقوعه من أحدهم فقط دون الباقين ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن فى المسئولية بين الطاعنين واعتبارهما فاعلين أصليين لجريمة السرقة بالإكراه طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون سديدا .
(الطعن رقم 12752 لسنة 62 ق - جلسة 1994/06/02 س 45 ص 696 ق 106)
12 ـ لما كان ما ساقه الحكم فيما تقدم سائغا ويتحقق به ظرفا سبق الاصرار والترصد كما هما معرفان به فى القانون مما يترتب فى صحيح القانون بينه وبين المتهم الآخر تضامنا فى المسئولية الجنائية ويكون كل منهما مسئولا عن جريمة الضرب المفضى إلى الموت التى وقعت تنفيذا لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين اصليين طبقا لأصل المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الاصابة التى أدت إلى الوفاة معلوما ومعينا من بيتهما أو غير معلوم لما كان ذلك، فان هذا الوجه من النعى يكون غير سديد.
(الطعن رقم 8588 لسنة 61 ق - جلسة 1994/01/13 س 45 ص 85 ق 11)
13 ـ لما كان الحكم قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار فى حق الطاعن ، مما يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينه و بين شقيقه - المحكوم عليه الآخر فى محاكمة سابقة - فى المسئولية الجنائية فإن كلاً منهما يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد التى وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الإصابة التى أدت إلى الوفاة معلوماً و معيناً من بينهما أو غير معلوم فإن ما ينازع فيه الطاعن من شيوع التهمة بينه و بين شقيقه و إغفال الحكم الرد على دفاعه فى هذا الشأن لا يكون له محل .
(الطعن رقم 61333 لسنة 59 ق - جلسة 1991/01/17 س 42 ع 1 ص 104 ق 14)
14 ـ لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً فى الجريمة من يدخل فى إرتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها و لو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد . . قصد الفاعل معه فى إيقاع تلك الجريمة المعينة و أسهم فعلاً بدور فى تنفيذها . و لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى منطق سائغ و تدليل مقبول أن الطاعنين الخمسة قد إتفقت إرادتهم على جلب المواد المخدرة و أن كلاً منهم أسهم - تحقيقاً لذلك - بالدور الذى أعد له فى خطة تنفيذ تلك الجريمة على النحو الذى أورده الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى ، و كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى و ملابساتها كافياً فى الدلالة على أن الطاعنين كانوا يعلمون بأن إطارات الكاوتشوك تحوى مخدراً و كان الطاعنون لا ينازعون فى أن ما عول عليه الحكم من أدلة الثبوت له مأخذه الصحيح من الأوراق و قد إنصبت مجادلتهم على ما إستخلصه الحكم من هذه الأدلة و رتب عليه أن كلاً منهم قد إرتكب جريمة جلب المخدر ، فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل و فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى و إستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 54 لسنة 60 ق - جلسة 1991/01/15 س 42 ع 1 ص 67 ق 12)
15 ـ إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية إذ قضت فى فقرتها الأخيرة على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه قد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعي على اعتبار أنه من البيانات - الجوهرية التي تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات وأما إغفال الإشارة إلى نص - تعريفي - كما هو الشأن فى المادة 39 من قانون العقوبات - فإنه لا يبطل الحكم.
(الطعن رقم 22440 لسنة 59 ق - جلسة 1990/02/15 س 41 ع 1 ص 383 ق 62)
16 ـ من المقرر أن الشارع إذ عاقب فى المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المواد المخدرة و تنظيم استعمالها و الاتجار فيها على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر فى الأصل هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظا فى ذلك طرحه و تداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركى قصدا من الشارع إلى القضاء على إنتشار المخدرات فى المجتمع الدولى ، و إذ كان استيراد المواد المخدرة لا يعدو فى واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضى الجمهورية فهو فى مدلوله القانونى الدقيق ينطوى ضمنا على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها ، و كان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا ماديا لها بل يكفى لإعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها و لو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز شخصا غيره ، و كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلا فى الجريمة من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال فيأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقا لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلا مع غيره فيها و لو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقا لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه فى إيقاع تلك الجريمة المعينة و أسهم فعلا بدور فى تنفيذها .
(الطعن رقم 5522 لسنة 59 ق - جلسة 1989/12/25 س 40 ص 1313 ق 213)
17 ـ لما كان الحكم قد أثبت توافر ظرف سبق الاصرار فى حق الطاعن و المتهم الآخر مما يرتب فى صحيح القانون تضامنا بينهما فى المسئولية الجنائية فإن كلا منهما يكون مسئولا عن جريمة الشروع فى القتل التى وقعت تنفيذا لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه بإعتبارهما فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات ، و من ثم يضحى النعى على الحكم فى هذا الصدد غير سديد .
(الطعن رقم 8989 لسنة 58 ق - جلسة 1989/03/02 س 40 ص 347 ق 55)
18ـ لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت فى البند < ثانياً > على أن يعتبر فاعلاً فى الجريمة من يدخل فى إرتكابها إذا كانت تتكون من عدة أعمال فيأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها ، فقد دلت على أن الجريمة إذا تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخط تنفيذها ، فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها و لو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاً لغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد الفاعل معه فى إيقاع تلك الجريمة المعينة و أسهم فعلاً بدور فى تنفيذها ، و إذ كان مفاد ما أورده الحكم فى بيان صورة الواقعة و أثبته فى حق الطاعن عن أنه قد تلاقت إرادته و الطاعن الأول على جلب الجواهر المخدرة و أن كلاً منهما قد أسهم - تحقيقاً لهذا الغرض المشترك - بدور فى تنفيذ هذه الجريمة على نحو ما بينه الحكم فإنه إذ دان الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً فى جريمة جلب الجواهر المخدرة يكون قد إقترن بالصواب و يضحى النعى عليه فى هذا المقام غير سديد .
(الطعن رقم 3172 لسنة 57 ق - جلسة 1988/02/24 س 39 ع 1 ص 5 )
19 ـ لما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض البتة لمدى قيام نية القتل لدى المطعون ضده كما لم ينف توافر ظرف سبق الإصرار لديه الأمر الذي يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينه وبين المتهم الآخر فى المسئولية الجنائية فيكون كل منهما مسئولاً عن الجريمة التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوباتيستوي فى هذا أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهما محدداً بالذات أو غير محدد وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل فى النتيجة المترتبة عليه.
(الطعن رقم 3272 لسنة 56 ق - جلسة 1986/10/09 س 37 ع 1 ص 736 ق 140)
20 ـ إن الحكم المطعون فيه و قد أثبت توافر ظرفى سبق الإصرار و الترصد فى حق الطاعن ، مما يرتب فى صحيح القانون بينه و بين المتهم الآخر تضامناً فى المسئولية الجنائية و يكون كلا منهما مسئولاً عن جريمة القتل التى وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه بإعتبارهما فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوى فى هذا أن يكون محدث الأصابة التى أدت إلى الوفاة معلوماً و معيناً من بينهما أو غير معلوم .
(الطعن رقم 1595 لسنة 55 ق - جلسة 1985/06/13 س 36 ص 789 ق 139)
21 ـ إن الشارع إذ عاقب فى المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات و تنظيم إستعمالها و الإتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر فى الأصل هو إستيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً فى ذلك طرحه و تداوله بين الناس سواء كان الجالب قد إستورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركى قصداً من الشارع إلى القضاء على إنتشار المخدرات فى المجتمع الدولى ، و إذ كان إستيراد المواد المخدرة لا يعدو فى واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضى الجمهورية فهو فى مدلوله القانونى الدقيق ينطوى ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها . و كان لا يشترط لإعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفى لإعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها و لو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، و كانت المادة 39 من قانون العقوبات إذ نصت على أن يعتبر فاعلاً فى الجريمة من يدخل فى إرتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونه لها فقد دلت على أن الجريمة إذ تركبت من عدة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها فإن كل من تدخل فى هذا التنفيذ بقدر ما يعد فاعلاً مع غيره فيها و لو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها متى وجدت لدى الجاني نية التدخل تحقيقاًلغرض مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة بحيث يكون كل منهم قد قصد قصد الفاعل معه فى إيقاع تلك الجريمة المعنية و أسهم فعلاً بدور فى تنفيذها .
(الطعن رقم 1011 لسنة 54 ق - جلسة 1984/11/26 س 35 ص 829 ق 187)
22 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار فى حق الطاعنين مما يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينهما فى المسئولية الجنائية ، فإن كلا منهما يكون مسئولاً عن جريمة الضرب المفضى إلى الموت التى وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه بإعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 4217 لسنة 52 ق - جلسة 1982/11/01 س 33 ص 830 ق 170)
23 ـ متى توافر ظرف سبق الإصرار فإن القتل يعتبر مقترنا به وملازما له ولو أخطأ الجاني الهدف فأصاب آخر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر قصد القتل مع سبق الإصرار فى حق الطاعنين بالنسبة لواقعة قتل ... ... فإن هذين العنصرين يعتبران قائمين فى حقهما كذلك بالنسبة للواقعتين اللتين اقترنتا بها زمانا ومكانا وهما قتل ... ... والشروع فى قتل ... ... ولو لم يكن أيهما هو المستهدف أصلاً بفعل القتل الذي انتوى الطاعنان ارتكابه وعقدا عليه تصميمهما وأعدا له عدته على نحو ما سلف، الأمر الذي يرتب فى صحيح القانون تضامنا بينهما فى المسئولية الجنائية فيكون كل منهما مسئولا عن جرائم القتل والشروع فيه والتي وقعت تنفيذا لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوباتيستوي فى هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوما ومعينا من بينهما أو غير معلوم.
(الطعن رقم 726 لسنة 48 ق - جلسة 1979/02/12 س 30 ع 1 ص 243 ق 49)
24 ـ متى كان الثابت فى حق المتهمين أنهما كانا على مسرح الجريمة وأعمل المتهم الأول موسه وأعمل المتهم الثاني مطرقته الحديدية .... تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه - فإن فى هذا ما تتحقق به مسئولية المتهمين عن جناية قتل المجني عليهما عمداً كفاعلين أصليين فيها طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات. لما كان ذلك صحيحاً فى القانون، وكان الحكم قد أثبت توافر ظرف سبق الإصرار فى حق المتهمين مما يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينهما فى المسئولية الجنائية فإن كلاً منهما يكون مسئولاً عن جريمة القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 580 لسنة 48 ق - جلسة 1978/12/11 س 29 ع 1 ص 916 ق 190)
25 ـ لما كان الحكم قد أثبت فى تدليل سائغ توافر ظرف سبق الإصرار فى حق الطاعن ووالده مما يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينهما فى المسئولية الجنائية, فإن الحكم إذ انتهى إلى مساءلة الطاعن بوصفه فاعلاً أصلياً طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن غير سديد.
(الطعن رقم 668 لسنة 45 ق - جلسة 1975/05/11 س 26 ص 405 ق 93)
26 ـ إذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد فى حق الطاعنين مما يرتب فى صحيح القانون تضامناً بينهما فى المسئولية الجنائية فإن كلاً منهما يكون مسئولاً عن جريمة القتل التي وقعت تنفيذاً لقصدهما المشترك الذي بيتا النية عليه باعتبارهما فاعلين أصليين طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات يستوي فى هذا أن يكون محدث الإصابة التي أدت إلى الوفاة معلوماً ومعيناً من بينهما أو غير معلوم.
(الطعن رقم 205 لسنة 24 ق - جلسة 1972/04/09 س 23 ع 2 ص 559 ق 123)
27 ـ إن مجرد ظهور الطاعن على مسرح الجريمة وإتيانه عملاً من الأعمال المكونة لها مما يدخله فى نطاق الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات - وهو مظاهرته وباقى المتهمين للمتهم الأول بالإلتفاف حول سيارة المجنى عليه ومطالبته بالنقود - يجعله كما إنتهى إليه الحكم فاعلاً أصلياً فى جريمة السرقة بإكراه التى دين بها .
(الطعن رقم 224 لسنة 39 ق - جلسة 1969/03/24 س 20 ع 1 ص 388 ق 84)
28 ـ متى كان الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى ساقها وجود الطاعن على مسرح الجريمة لشد أزر زميله وقت إطلاقهما النار على المجنى عليهما تنفيذاً لقصدهما المشترك الذى بيتا النية عليه ، فإن فى هذا ما يتحقق به مسئولية المتهمين معاً عن جنايتى قتل أحد المجنى عليهما عمداً و الشروع فى قتل الآخر - كفاعلين أصليين فيهما طبقاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات ، يستوى فى هذا أن يكون مطلق العيار النارى الذى قضى على المجنى عليه الأول معلوماً و معيناً بالذات أو غير معلوم .
(الطعن رقم 750 لسنة 33 ق - جلسة 1963/10/21 س 14 ع 3 ص 649 ق 119)
29 ـ إن المادة 39 من قانون العقوبات يؤخذ من عبارتها و من تعليقات وزارة الحقانية عليها ، خصوصاً الأمثلة التى أوردتها هذه التعليقات شرحاً لها ، أنه يعتبر فاعلاً : " أولاً "من يرتكب الفعل الذى تتكون به الجريمة كلها سواء أكان هو وحده أم كان معه غيره ." ثانياً " من يأتى بقصد إرتكابها عملاً من الأعمال التى إرتكبت فى سبيل تنفيذها متى كان عمله فى حد ذاته يعتبر شروعاً فى إرتكابها و لو كانت الجريمة لم تتم بهذا الفعل و إنما تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها" . فإذا إتفق شخصان أو أكثر على إرتكاب جناية القتل ، ثم إعتدى كل منهم بالضرب على المجنى عليه ، فإنهم يعتبرون فاعلين فى جناية القتل ولو كانت الوفاة لم تنشأ إلا عن فعل واحد منهم فقط عرف بعينه أو لم يعرف . يدل على ذلك المقابلة بين الفقرتين الأولى و الثانية من المادة 39 المذكورة . فالأولى محلها أن يكون المتهم قد إرتكب الفعل المكون لكل الجريمة ، أما الثانية فمحلها أن تكون الجريمة قد إتفق بين عدة أشخاص على إرتكابها بجملة أفعال على أن يقوم كل واحد منهم بمباشرة فعل منها . و هذا هو مفهوم نص المادة 37 من القانون الهندى التى أخذت عنها الفقرة المذكورة .
(الطعن رقم 61 لسنة 11 ق - جلسة 1941/02/03 س عمر ع 5 ص 383 ق 200)
30 ـ إن المادة 39 من قانون العقوبات يؤخذ من عبارتها و من تعليقات وزارة الحقانية عليها ، خصوصاً الأمثلة التى أوردتها هذه التعليقات شرحاً لها ، أنه يعتبر فاعلاً : " أولاً "من يرتكب الفعل الذى تتكون به الجريمة كلها سواء أكان هو وحده أم كان معه غيره ." ثانياً " من يأتى بقصد إرتكابها عملاً من الأعمال التى إرتكبت فى سبيل تنفيذها متى كان عمله فى حد ذاته يعتبر شروعاً فى إرتكابها و لو كانت الجريمة لم تتم بهذا الفعل و إنما تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها" . فإذا إتفق شخصان أو أكثر على إرتكاب جناية القتل ، ثم إعتدى كل منهم بالضرب على المجنى عليه ، فإنهم يعتبرون فاعلين فى جناية القتل ولو كانت الوفاة لم تنشأ إلا عن فعل واحد منهم فقط عرف بعينه أو لم يعرف . يدل على ذلك المقابلة بين الفقرتين الأولى و الثانية من المادة 39 المذكورة . فالأولى محلها أن يكون المتهم قد إرتكب الفعل المكون لكل الجريمة ، أما الثانية فمحلها أن تكون الجريمة قد إتفق بين عدة أشخاص على إرتكابها بجملة أفعال على أن يقوم كل واحد منهم بمباشرة فعل منها . و هذا هو مفهوم نص المادة 37 من القانون الهندى التى أخذت عنها الفقرة المذكورة .
(الطعن رقم 61 لسنة 11 ق - جلسة 1941/02/03 س عمر ع 5 ص 383 ق 200)
31- الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف بذاته فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وفي التدليل على اتفاق المتهمين على القتل من معيتهما فى الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهه واحدة فى تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر فى إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين فى جناية القتل العمد ويرتب بينهم فى صحيح القانون تضامناً فى المسئولية الجنائية عرف محدث الضربات التي أسهمت فى الوفاة أم لم يعرف ، فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل .
(الطعن رقم 3223 لسنة 82 ق - جلسة 2014/05/08 س 65 )
32- لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله " أن المتهمين ..... و..... و..... توجهوا صوب مكان وجود المجنى عليه ..... ونقدوه عشرين جنيهاً لشراء مادة مخدرة يتعاطونها وانصرفوا على أن يعودوا إليه فى الموعد الذى حدده لهم لأخذها وبعد حوالى ساعة حضر ثلاثتهم ..... وتقابلوا معه ..... ولما لم يقدم إليهم المخدر طلبوا منه استرداد ذلك المبلغ النقدى فرفض إعادته إليهم بقصد الاستيلاء عليه وهو ما نجم عنه مشادة كلامية بينهم وبينه ولما استشعروا فى رفضه تحقيراً من شأنهم وتطور النزاع إلى مشاجرة تلاقت فيها إرادتهم على ضربه بالمطاوى والأيدى والأرجل بقصد المساس بسلامة جسمه حيث أخرج عليه المتهم الثانى مطواة قرن غزال كانت بحوزته وأخرج هو مطواة مماثلة ليرد بها اعتداء الجناة لكن تمكن المتهم الأول من انتزاعها منه بعد أن أحدث به وبالثالث إصابات طفيفة , وما أن جردوه من سلاحه الذى يحمله حتى انهالوا عليه ضرباً بأن طعنه الثانى بالمطواة فى الإلية اليسرى طعنه سطحية وضربة الثالث بالأيدى والأرجل وطعنه الأول طعنة غائرة بالمطواة القرن غزال فى ذات الإلية أدت إلى قطع لعموم سمك الجلد والعضلات أسفله والشريان المغذى لهما مما أدى إلى نزيف دموى غزير متخلل العضلات وانسكابات دموية وهو ما أودى بحياته , ولم يقصد المتهمون من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته " ، واستند فى الإدانة إلى أقوال الشهود ونقل عن تقرير الصفة التشريحية " أن بجثة المجنى عليه إصابات حيوية حديثة هى جرح طعنى مستعرض الوضع بأعلى الإلية اليسرى وللأنسية قليلاً , وجرح طعنى مستعرض الوضع أسفل الجرح الطعنى وجد قاطعاً للطبقات السطحية من الجلد وتبين أن الجرح الطفى الأول بالإلية اليسرى قاطعاً لعموم سمك الجلد والعضلات أسفله والشريان المغذى لهما , وأنه يوجد نزيف دموى غزير متخلل العضلات وانسكابات دموية , والعضلات متشربة بالدماء , وأن كلا الإصابتين تنشأ عن نصل مطواة حاد , وتعزى وفاة المجنى عليه إلى إصابته الطعنية الحيوية الحديثة بالإلية اليسرى لما أحدثته من قطع بالأنسجة الرخوة والعضلات والشريان المغذى وما صاحب ذلك من نزيف دموى غزير " . لما كان ذلك , وكان الأصل ألا يسأل شخص بصفته فاعلاً أصلياً فى جريمة الضرب المفضى إلى الموت إلا إذا كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التى سببت الوفاة أو التى ساهمت فى ذلك , أو إذا كان قد اتفق مع آخرين على ضرب المجنى عليه ثم باشر معهم الضرب فعلاً تنفيذاً للغرض الإجرامى الذى اتفق معهم على مقارفته , وفى هذه الحالة الأخيرة يستوى أن يكون هو محدث الضربات التى سببت الوفاة أو أن يكون قد أحدثها غيره ممن اتفقوا معه . وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على أركان الواقعة الجنائية التى تكون محلاً له , وهو غير التوافق الذى لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم فى نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حدة قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا فى الأحوال المبينة فى القانون على سبيل الحصر - كالشأن فيما نصت عليه المادة 234 من قانون العقوبات - أما فى غير تلك الأحوال فإنه يجب لمعاقبه المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً أصلياً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد فى القانون . لما كان ذلك , وكان الثابت من الحكم أنه سواء فيما أورده فى بيانه لواقعة الدعوى - على السياق المتقدم - أو ما أورده من مؤدى الأدلة وإن كان يدل على التوافق فهو لا يفيد الاتفاق , وكان مجرد التوافق لا يرتب فى صحيح القانون تضامناً بين المتهمين فى المسئولية الجنائية بل يجعل كل منهم مسئولاً عن نتيجة فعله الذى ارتكبه . لما كان الحكم قد خلا مما يفيد توفر ظرف سبق الإصرار , ولم ينسب للطاعن أنه خلا من سبق الإصرار ولم يثبت الحكم فى حق الطاعن الثالث أنه ساهم فى إحداث الإصابة أو الإصابات التى تسببت فى وفاة المجنى عليه فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن والطاعنين الآخرين ممن لم يقدما أسباباً لطعنهما لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة .
(الطعن رقم 1044 لسنة 81 ق - جلسة 2012/03/15 س 63 ص 290 ق 45)
33- الاتفاق على ارتكاب الجرائم لا يقتضى فى الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضى وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قد قصد قصّد الآخر فى إيقاع الجريمة المعينة واسهم فعلاً بدور فى تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفى فى صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً أن يساهم فى الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على ارتكاب الجرائم المسندة إليهم ، من صدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة فى تنفيذها ، وأن كل منهم قصد قصّد الآخر فى إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها .
(الطعن رقم 14934 لسنة 83 ق - جلسة 2014/02/04)
34- إذ كان من المقرر أن مجرد إثبات سبق الإصرار على المتهمين يلزم عنه الاشتراك بالاتفاق بالنسبة لمن لم يقارف الجريمة بنفسه من المصرين عليها وليست المحكمة ملزمة ببيان وقائع خاصة لإفادة الاتفاق غير ما تبينته من الوقائع المثبتة لسبق الإصرار ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت تصميم المتهمين على قتل المجني عليه ، فإن ذلك يرتب تضامناً في المسئولية ، يستوي في ذلك أن يكون الفعل الذي قارفه كل منهما محدداً بالذات أم غير محدد ، وبصرف النظر عن مدى مساهمة هذا الفعل في النتيجة المترتبة عليه ، هذا إلى أن ما أثبته الحكم كاف بذاته للتدليل على اتفاق الطاعن مع المتهم الآخر على قتل المجني عليه من معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها ، بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ومن ثم يصح طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة الشروع في القتل العمد التي وقعت تنفيذاً لذلك التصميم أو هذا الاتفاق ، ويكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد في غير محله .
(الطعن رقم 10349 لسنة 88 ق - جلسة 6 / 2 / 2021 )
نص المادة 39 عقوبات يعرض لحالتين في كلتيهما يعتبر الشخص فاعلاً للجريمة.
الحالة الأولى :
من يرتكب الجريمة وحده أو مع غيره.
وفي هذه الحالة يتكلم المشرع عن حالتين يعتبر الجاني فيها فاعلاً.
ـ إذا ارتكب الفاعل بمفرده الفعل المكون للجريمة كما ينص عليه القانون كمن يختلس منقولاً أو من يقتل إنساناً.
ـ إذا ارتكب الجريمة مع غيره وفي هذه الصورة الأخيرة قد يكون الفعل الذي ارتكبه كل منهم يكفى قانوناً في ذاته لوقوع الجريمة كما لو تعاون عدة أشخاص في سرقة أمتعة وحمل كل منهم جانباً منها.
فكلهم فاعل لجريمة السرقة إذ أن ما ارتكبه كل منهم في ذاته مكون لهذه الجريمة وإنما اتحادهم في القصد واتفاقهم على ارتكاب الجريمة هو وحدة الذي يجعل الفعل وقع واحداً مع تعدد فاعلية وقد يكون قارفوا نفس الفعل المكون للجريمة معا كما لو أطلق ثلاثة أشخاص أعيرة نارية على شخص قاصدين قتله فأصابوه جميعاً ونشأ عن الجروح النارية نزيف أودى بحياته أو ضرب شخصان ثالثاً بقصد قتله فمات من الضرب. وهذه واضحة بنفسها بغير حاجة إلى نص وقد ذكرت في القانون حتى يكون بيانه للفاعلين شاملاً.
الحالة الثانية :
وفيها توزع الأعمال المكونة للجريمة على فاعلين فأكثر فكل من يقوم بعمل من هذه الأعمال يعد فاعلاً وإن لم يقم بباقي الأعمال وفي هذه الحالة فقط يتمثل نشاط الجاني في فعل خارج عن الركن المادي للجريمة وتكون له على الرغم من ذلك أهمية كبيرة تبرر وضعه في مصاف الفعل الذي يقوم به هذا الركن مثال ذلك الإمساك بالمجنى عليه لمنعه من المقاومة تمكيناً لأخر من أعمال السلاح في جسده وإيقاف العربة التي يستقلها لتمكين آخر من إطلاق النار عليه بالإمساك بالمجنى عليه لمنعه من المقاومة تمكيناً لآخر من أعمال السلاح في جسده. وإيقاف العربة التي يستقلها لتمكين آخر من إطلاق النار عليه بالإمساك المجنى عليه لتعطيل مقاومته وإيقاف العربة التي يستقلها لتمكين أخر من إطلاق النار عليه فعلان لا يدخلان في الركن المادي لجريمة القتل إذ تقوم هذه الجريمة بفعل الاعتداء على الحياة وقد ارتكبه من أعمل السلاح أو أطلق الرصاص وعلى الرغم من ذلك فإن هذين الفعلين يمثلان أهمية كبيرة في تنفيذ جريمة القتل وتكاد أهميتهما لا تقل عن أهمية فعل الاعتداء على الحياة وقد أشار المشرع إلى هذه الحالة بقوله "يعد فاعلاً للجريمة...... من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها " فهذه الحالة تشترط وقوع عدة أفعال من أشخاص متعددين بقصد تحقيق جريمة معينة ولو أن من الأفعال ما يخرج عن الفعل المكون للجريمة كما عرفها القانون. فلا يشترط إذن لاعتبار الجانى فاعلاً في الجريمة أن يكون عمله هو الذي أحدث النتيجة أو أنه كان كافياً في ذاته لإحداثها بل يكفي أن يكون الجاني قد ارتكب فعلاً في سبيل تنفيذها وبعبارة أخرى يكفي أن يكون هناك أفعال متعددة وقعت تنفيذاً لقصد مشترك فكل من يرتكب فعلاً من هذه الأفعال يعد مرتكباً للجريمة لو كان قد ارتكبها وحده.
ومادام الأمر كذلك فإنه يتعين وضع ضابط لتمييز عمل الفاعل بهذا المعنى من مطلق الأعمال المادية التي ترتكب في سبيل الجريمة وتكون خارجة عن ركنها المادي وخصوصاً أن المادة 40/3 من قانون العقوبات تجعل من حالات الاشتراك المساعدة في الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكاب الجريمة وهي أعمال تتداخل في الأعمال الداخلة في التنفيذ بالمعنى المتقدم والتي يعد مرتكبها فاعلاً. ولقد وضعت تعليقات الحقانية على المادة 39 من قانون العقوبات الضابط الآتي.. وهو أنه يكفي الإعتبار ما وقع داخلاً في الأعمال المكونة للجريمة أن تكون هذا العمل كافياً بذاته لاعتبار مرتكبه قد بدأ في تنفيذ الجريمة بحيث يعد شارعاً فيها وفقاً للمادة 45 من قانون العقوبات على فرض أن الجريمة لم تتم وعلى ذلك ينظر إلى الفعل الذي وقع فإذا كان كافياً لتكوين ركن البدء في التنفيذ في الشروع عد مرتكباً فاعلاً أصلياً للجريمة إذا ما وقعت أما كان هذا العمل لا يخرج عن كونه عملاً تحضيرياً فلا يعد مرتكبه فاعلاً إذا وقعت الجريمة وإنما هو شريك، وفقاً للمادة 45 عقوبات إذا توافرت شروط الاشتراك ويتبين من ذلك أن فيصل التفرقة بين عمل الفاعل وعمل الشريك في الجريمة هو بعينة المميز بين العمل التنفيذي والعمل التحضيري فمن يرتكب عملاً يعد به شارعاً إذا لم تتم الجريمة يعد فاعلاً أصلياً إذا ما وقعت وعلى هذا جمهور الشراح وتطبيقاً لهذا الضابط فإن من يقتصر نشاطه على مجرد إعداد السلاح الذي يستعمل في القتل لا يعد فاعلاً لهذه الجريمة وإنما شريكاً بالمساعدة لأن فعله لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري لهذه الجريمة. ولكن من يمسك بالمجني عليه کی يمكن آخر من قتله يرتكب فعلاً يعد بدءاً في تنفيذ القتل فيعتبر لذلك فاعلاً لهذه الجريمة ومن يمسك العربة التي يستقلها المجنى عليه ليمكن آخر من قتله يعد فاعلاً في الجريمة لأن فعله المذكور يعد بدءاً في تنفيذ القتل وإذا أطلق شخصان النار على المجني عليه بنية قتله فكل منهما فاعلاً للقتل ولو ثبت أن الرصاص الذي أطلقه أحد المتهمين لم يصب المجني عليه وأنه إنما أصيب وقتل برصاص المتهم الآخر وحده وقد استقر النقض على الأخذ بهذا الضابط.
ويلاحظ أن مجرد كون الفعل عملاً تنفيذياً لا يكفي وحده لاعتبار مرتكبه فاعلاً للجريمة بل يتعين أن يأتيه وقت تنفيذها أي أن يعاصر فعله الوقت الذي فيه الجريمة. وكما قالت محكمة النقض فيمن يعد فاعلاً للجريمة " بإتيانه فعلاً يمثل دوراً رئيسياً فيها حسب خطتها وكيفية توزيع الأدوار بين الجناة وأن يظهر به على مسرح الجريمة " ولم تضع محكمة النقض تعريفاً لمسرح الجريمة إلا أنه يمكن تحديده بأنه المكان الذي يتاح فيه للجاني - حسب خطة الجريمة أن يقوم بدوره الرئيسي أثناء تنفيذها ويعني ذلك أن مسرح الجريمة لا يقتصر على مكان ارتكاب الفعل المكون لها فلا يشترط إذن أن يشهد الجاني تنفيذ الجريمة أو أن يلمس ذلك بحاسة من حواسه وإنما يمتد مسرح الجريمة إلى رقعة تختلف مساحتها باختلاف ظروف كل جريمة بحيث يكون في استطاعة من يوجد فيها أن يقوم بدوره الرئيسي الذي عهد إليه.
وخلاصة ما سبق أن العنصر المادي للمساهمة الأصلية في الجريمة يتكون من تعدد الأفعال المساهمين وكل فعل يحقق كاملاً أو في جزء فقط النموذج التشريعي للجريمة أو يبدأ في التنفيذ وفقاً لأحكام الشروع أو يحقق دوراً رئيسياً في التنفيذ تبعاً للخطة الموضوعة من الجناة. وفقاً لاتجاه محكمة النقض متى تواجد على مسرح الجريمة. وجدير بالملاحظة أنه في جميع الأحوال يلزم الاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً أن يباشر سلوك الفاعل ويتواجد وقت التنفيذ على مسرح الجريمة...... وفقاً للفقه السائد.
فلو أن (أ) قام بكسر باب مسكن تمهيداً لسرقته بواسطة (ب) في اليوم التالي وتم ذلك فعلاً دون حضور الأول فإن (أ) يعتبر شريكاً وليس فاعلاً أصلياً على حين يعتبر فاعلاً أصلياً إذا تواجد بمسرح الجريمة وقت ارتكاب (ب) للسرقة.
قصد التداخل في الجريمة :
لكى يعد الجاني فاعلاً أصلياً للجريمة بالمعنى الوارد بالمادة 39 (ثانياً) يجب أن يكون قد ارتكب الفعل "عمداً" كما جاء بالنص وهو لفظ يقصد به أن يكون عند الجاني نية التداخل في الجريمة وأنه ارتكب ما ارتكبه من الأفعال في سبيلها تنفيذاً لهذه النية وهو شرط لازم بالضرورة في هذه الصورة لإمكان مسألته عن النتيجة التي أحدثها غيره لأن فعله هو لم يصل إلى درجة الفعل المنفذ للجريمة في ذاتها، وفي ذلك فقد جاء بتعليقات الحقانية أنه لكي يعتبر شخص فاعلاً ينبغي أن يكون عنده نية التدخل في ارتكاب الجريمة وأن يكون اشترك فعلاً في جزء منها فالسارق الذي يكسر قفل بيت ولكن لا يدخل فيه والذي يدخل فيه ويعد كلاهما فاعلاً للسرقة بكسر ولو أن الثاني لم يشترك في كسر الباب وكذلك إذا أوقف زید مثلاً عربة عمرو ثم قتل بكر عمداً فزيد هو فاعل للقتل إذا كان أوقف العربة بقصد القتل وكما لو شرع زید مثلاً فی قتل عمرو وتركه على أنه مات ثم أتي بكر بعد ذلك وقتل عمداً فحيث أن زيداً لم يدخل في ارتكاب جريمة القتل فهو لا يكون مديناً إلا بجريمة الشروع في القتل. وقصد التداخل في الجريمة ليس من خصوصيات الحالة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات بل أنه شرط لازم في كل أحوال تعدد الجناة في الجريمة الواحدة لأنه هو الذي يحقق الرابطة الذهنية التي تربط الجناة المتعددين بالقياس إلى الفعل الذي وقع بحيث يجعلهم جميعاً مسئولين عنه بوصفه جريمة واحدة فإن وحدة الجريمة لا يقصد بها وحدة النتيجة المادية التي وقعت فذلك يكون فقط عند انفراد الجاني فإذا تعدد الجناة وجب أن يقوم مع وحدة النتيجة وحدة في القصد تربط ما بين أعمال الجناه المتعددين وهذه الرابطة هي التي تقوم بها الوحدة المعنوية للجريمة وجوهر هذه الرابطة أن عناصر الركن المعنوي لدى كل فاعل يتعين أن تشتمل كل ماديات الجريمة ما كان منها ثمرة النشاطه وما كان ثمرة لنشاط سائر الفاعلين معه فإذا كانت الجريمة عمدية تعين أن يعلم كل فاعل بماهية فعله ويتوقع نتيجته المباشرة وتتجه أرادته إليهما معاً بالإضافة إلى ذلك فإنه يتعين أن يعلم بالأفعال التي يرتكبها الفاعلون الآخرون وأن يتوقع النتيجة الأخيرة التي تترتب على فعله متضامناً مع هذه الأفعال وتتجه أرادته إليها وإلى النتيجة.
ومن أجل ذلك يكفي لاعتبار الشخص فاعلاً مع غيره أن يكون قاصداً الدخول في الجريمة التي يرتكبها هذا الغير ويعمل على ذلك بعمل من قبيل ما تقدم بيانه وسيان بعد ذلك أن يكون الفاعل الآخر عالماً بدخوله وقابلاً له أو غير عالم وكذلك الشأن في الاشتراك بالمساعدة.
وقد تضمنت هذه المادة قاعدة مؤداها أن الفاعل لا يتأثر بالظروف الخاصة بغيره من الفاعلين والمقصود بالظروف هي الظروف الشخصية المتعلقة بالفاعلين وليست الظروف المادية المتعلقة بالجريمة نفسها وهذا النص يشمل أربع صور.
1- تغيير وصف الجريمة لوجود أحوال خاصة بأحد الفاعلين والأحوال المقصودة هي التي تغير من نوع الجريمة ومثالها إذا ماعذب موظف أو مستخدم عمومی متهما لحملة على الاعتراف فإنه يعاقب بمقتضى المادة 126 بعقوبة جناية فإذا ارتكب الجريمة معه أخر غير موظف بصفة فاعل أصلي فإن الآخر يعاقب بعقوبة الجنحة إذا لم يتجاوز الضرب في جسامته حد المرض أو العجز عن الأشغال. وكذلك إذا تعاون شخص بفعل أصلي مع الطبيب في إسقاط امرأة حبلي بإعطائها أدوية مثلاً فإنه يؤاخذ على جنحة بمقتضى المادة 261 بينما يؤاخذ الطبيب على جناية وفقاً للمادة 263 .
2- تغيير العقوبة بسبب وجود ظروف خاصة بأحد الفاعلين :
والظروف التي من هذا القبيل قد تكون مشددة للعقاب كظرف العود (المادة 50 من قانون العقوبات) وقد تكون مخففة له كما هو الشأن في المجرمين الأحداث وفي الذي يقتل زوجته أثناء تلبسها بالزنا (المادة 237) وقد تكون معفية من العقاب كلية كصلة الزوجية أو الأبوة أو البنوة فی إخفاء الفارين (المادة 144) وفي إعانة الجناة على الفرار من وجه القضاء (المادة 145) فلا يضار بالظرف أو يستفيد منه إلا من توافر فيه من الفاعلين.
3- تغيير وصف الجريمة بالنظر إلى قصد الفاعل :
كما لو ارتكب شخصان جناية قتل عمد وكان أحدهما فقط مصراً على القتل من قبل ولم يكن لدي الثاني سبق إصرار فإن الأول يعاقب بالمادة 230 من قانون العقوبات و الثاني بالمادة 134 /1 منه.
4- تغيير وصف الجريمة بالنظر لكيفية علم الفاعل بها :
فإذا ارتكب شخصان جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة وكان أحدهما يعلم أنها تحصلت من جريمة ذات عقوبة أشد مما تقرره المادة 44 مكرر من قانون العقوبات في حين لا يعلم الثاني بذلك فإن وصف الجريمة يتغير بالنسبة للأول فتشدد عقوبته في حين يظل للجريمة وصفها وعقابها بالنسبة للمتهم الثاني .
الظروف المتصلة بالجريمة :
وهي الظروف المادية التي تتصل بذات الجريمة وتؤثر فيها كالكسر في السرقة والتسلق وظرف الليل وحمل السلاح ولم تذكر المادة 39 /2 الجريمة فهي تسري على كل من يساهم فيها بوصفه فاعلاً أو شريكاً علم بها أو لم يعلم لأنها بحكم اتصالها بالفعل الذي أراده المتهمون وعملوا والظروف التي من هذا القبيل مشددة للجريمة في الغالب كالتي أشير إليها ولكنها قد تكون مخففة كما هو الشأن في سرقة الغل والمحصولات المنصوص عليها في المادة 319 من قانون العقوبات وهذه أيضاً تسري على جميع الفاعلين في الجريمة ويستفيدون من حكمها .(موسوعة هرجة الجنائية، للمستشار/ مصطفى مجدي هرجه، المجلد / الأول، دار محمود الصفحة / 345).
المساهمة الأصلية هي القيام بدور رئيسي في تنفيذ الجريمة، ويطلق الشارع على المساهم الأصلي في الجريمة تعبير «الفاعل»، وقد وضع له تعريفاً ضمنه المادة 39 من قانون العقوبات التي نصت على أن « يعلا فاعلاً للجريمة : (أولاً) من يرتكبها وحده أو مع غيره .
(ثانيا) من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها»
أركان المساهمة الأصلية :
تحديد أركان المساهمة الأصلية :
للمساهمة الأصلية ذات الأركان التي تقوم عليها الجريمة، وتفسير ذلك أن المساهم يسأل عن الجريمة بصفة أصلية، فيتعين أن تتوافر بالنسبة له جميع أركانها . ولكن الركن الشرعي في المساهمة الأصلية لا يتميز بأحكام خاصة مختلفة عن أحكامه العامة التي يخضع لها، ولذلك لن نعرض له بالدراسة، وإنما نقتصر على دراسة الركنين المادي والمعنوي للمساهمة الأصلية.
الركن المادي للمساهمة الأصلية :
نفترض جميع حالات المساهمة الأصلية في الجريمة ارتكاب الجاني فعلاً أو أفعالاً أتاحت له أن يقوم بدور رئيسي في تنفيذها والصورة العادية للمساهمة الأصلية تفترض تعدد الجناة الذين قاموا بأدوار رئيسية في الجريمة، سواء أكان إلى جانبهم جناة آخرون قاموا بأدوار ثانوية فيها أم انفردوا دون سواهم بارتكابها ولكن للمساهمة الأصلية صورة أخرى، هي حالة ما إذا انفرد شخص بالدور الرئيسي في تنفيذ الجريمة، فاقترف وحده الفعل الذي يقوم عليه ركنها المادى.
ونرى التمييز بين هاتين الصورتين؛ ونختتم هذه الدراسة بالبحث في نظرية «الفاعل المعنوی»، لنرى ما إذا كان يعد مساهماً أصلياً في الجريمة أم مجرد مساهم تبعي فيها.
(أ) انفراد شخص بالدور الرئيسي في الجريمة :
الضابط في انفراد الجانى بالدور الرئيسي في الجريمة :
يعد الجاني منفرداً بالدور الرئيسي في الجريمة إذا اقترف كل الفعل الذي يقوم عليه ركنها المادي، فتحققت النتيجة على النحو الذي يحدده القانون .
ويعني ذلك أنه يرجع إلى نشاط الجاني تحقق جميع عناصر الجريمة، فكلها ثمرة لسلوكه الإجرامي، وليس من بينها ما يعد ثمرة لمسلك شخص آخر، وإذا كان الركن المادي يقوم على جملة أفعال، فإن هذه الصورة من المساهمة الأصلية تفترض ارتكاب الجاني جميع هذه الأفعال وتحقيقه بذلك كل العناصر المتطلبة لقيام هذا الركن، فإذا كانت الجريمة قتلاً فالجاني هو الذي أطلق الرصاص على المجنى عليه أو أعمل خنجره في جسده أو وضع المادة السامة في طعامه فحدثت بذلك وفاته؛ وإذا كانت الجريمة سرقة فالجاني هو الذي وضع يده على المنقول المملوك لغيره فأخرجه من حيازته وجعله في حيازة أخرى، وقد أشار الشارع إلى هذه الصورة في قوله « يعد فاعلاً للجريمة .. من يرتكبها وحده » .
تطبيق هذا الضابط على طوائف معينة من الجرائم :
لا يثير تطبيق هذا الضابط صعوبة لبساطته، ولكنه قد يحتاج إلى بعض التوضيح فی طوائف محدودة من الجرائم، فإذا كان الركن المادي للجريمة يقوم على عدد من الأعمال كالجريمة المتتابعة أو جريمة الاعتياد، فالفاعل هو من يأتي جميع هذه الأعمال وإذا كانت الجريمة من تلك التي يتطلب القانون توافر صفة خاصة في مرتكبها، فلا يعد فاعلاً لها غير من تتوافر فيه هذه الصفة وإذا كانت جريمة امتناع، فلا يعتبر فاعلاً لها غير من يلقي القانون على عاتقه الالتزام بالعمل الإيجابي الذي تقوم الجريمة بالإحجام عنه.
(ب) تعدد الجناة الذين قاموا بأدوار رئيسية في الجريمة :
تقسيم : تنظم هذه الصورة حالتين : في الحالة الأولى يساهم الجناة المتعددون في ارتكاب الفعل أو الأفعال التي يقوم عليها الركن المادي للجريمة وفي الحالة الثانية يرتكب احدهم او بعضهم هذا الفعل أو الأفعال في حين يأتي الآخرون أفعالاً خارجة عن الركن المادي ولكنها ذات أهمية كبيرة في تنفيذ الجريمة بحيث يعد مرتكب كل منها قائماً بدور رئيسي فيها يبرر وضعه في مركز من يقترف الفعل الذى يقوم عليه ذلك الركن وقد أشار الشارع الى الحالة الاولى بقوله ( يعد فاعلاً للجريمة .. من يركتبها مع غيره ) وأشار إلى الحالة الثانية في الجريمة بقوله ( يعد فاعلاً للجريمة .. من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً من الأعمال المكونة لها).
تعدد الجناة الذين ساهموا في الفعل الذى يقوم عليه الركن المادي :
ماهية النشاط الإجرامي للجناة : لكل جريمة ركنها المادي، وأهم عناصر هذا الركن الفعل الذي يجرمه الشارع ويتكفل بتحديده بالنسبة لكل جريمة، وحين يساهم في اتيان هذا الفعل شخصان أو اكثر، فكل منهم يقوم في تنفيذ الجريمة بدور رئيسي : فإذا أنهال عدد من الجناة ضرباً على غريمهم قاصدين إزهاق روحه فمات نتيجة لذلك أو حملوه بين ايديهم وقذفوا به من أعلى بناء فارتطم الأرض ومات، أو دخل عدد من الجناة مسكن المجنى عليه لسرقته وحمل كل منهم بعض متاعه أو أدلى أحد الجناة في جريمة النصب بأقوال كاذبة ثم تولى الآخرون تأييد هذه الأقوال وتدعيمها بأساليب احتيالية، فالجميع أدوارهم في الجريمة رئيسية وإذا كانت الجريمة تقوم على عدة أفعال، كضرب ارتكب بجملة صفعات أو سرقة تمت على دفعات، فإن كل جان اقترف أحد هذه الأفعال أو بعضها يعد قائماً بدور رئيسي في الجريمة .
ويصادفنا وضعان : وضع نجد فيه الفعل الذي ارتكبه كل جان على حده كافياً لكي يسأل عن الجريمة مسئولية تامة، مثال ذلك أن يدخل عدد من الجناة مسكن المجني عليه لسرقته ويحمل كل مهم بعض الامتعة ويغادر بها المسكن، ووضع نجد فيه الفعل الذى ارتكبه كل جان غير كاف كي يسأل عن الجريمة، لان ركنها المادي لم يتحقق بفعله وحده، ولكنه تحقق نتيجة للأفعال التى ارتكبها الجناة المتعددون بحيث لو نظرنا الى فعله وحده وصرفنا النظر عن أفعال غيره لوجدنا الجريمة لم تتم به، مثال ذلك أن يريد عدد من الجناة قتل المجنى عليه فينهالوا عليه بالضرب حتى يموت ويثبت أن وفاته له تكن راجعة إلى فعل واحد منهم، وإنما كانت راجعة إلى أفعالهم في مجموعها . وليس بين الوضعين فارق في حكم القانون، فالجناة يقومون فيهما بدور رئيسي في الجريمة.
الدور الرئيسي الذي لا يتخذ صورة ارتكاب الفعل الذي يقوم عليه الركن المادي للجريمة :
قد يتمثل نشاط الجاني في فعل خارج عن الركن المادي للجريمة وتكون له على الرغم من ذلك أهمية كبيرة تبرر وضعه في مصاف الفعل الذي يقوم به هذا الركن، مثال ذلك الإمساك بالمجني عليه لمنعه من المقاومة تمكيناً لآخر من إعمال السلاح في جسده، وإيقاف العربة التي يستقلها تمكينا لأخر من إطلاق الرصاص عليه، وكسر باب مسكن تمكينا لآخر من الدخول فيه وارتكاب السرقة في هذه الأمثلة نلاحظ أن الإمساك بالمجنى عليه لتعطيل مقاومته و إيقاف العربة التي يستقلها لتمكين آخر من إطلاق النار عليه فعلان لا يدخلان في الركن المادي لجريمة القتل، إذ تقوم هذه الجريمة بفعل الاعتداء على الحياة، وقد ارتكبه من أعمل السلاح أو أطلق الرصاص وعلى الرغم من ذلك، فإن هذين الفعلين يمثلان أهمية كبيرة في تنفيذ جريمة القتل، وتكاد أهميتهما لا تقل عن أهمية فعل الاعتداء على الحياة . وكسر باب المسكن لتمكين آخر من الدخول فيه ليس في ذاته الفعل الذي تقوم به جريمة السرقة، إذ أن قوام هذه الجريمة فعل الاختلاس، وقد ارتكبه من دخل المسكن واستولى على المال، وعلى الرغم من ذلك فإن فعل الكسر ذو أهمية كبيرة في تنفيذ الجريمة تبرر وضعه في مرتبة فعل الاختلاس نفسه . وقد عبر الشارع عن هذه الصورة بقوله إن فاعل الجريمة « يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها » . وهذا النص في حاجة إلى التوضيح .
دخول الجاني في ارتكاب الجريمة بإتيانه عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها : قدمنا أن الشارع يعني بهذا النص حالة ارتكاب الجاني فعلاً خارجاً عن الركن المادي للجريمة ويقتضي تطبيق هذا النص البحث عن ضابط يحدد الفعل الذي يضعه القانون على قدم المساواة مع الفعل الذي يقوم عليه الركن المادي للجريمة بحيث يعد مرتكب كل منهما فاعلاً للجريمة.
أشارت تعليقات الحقانية على المادة 39 من قانون العقوبات إلى ضابط يقوم على التفرقة بين العمل التحضيري للجريمة والعمل التنفيذي لها، وهو الضابط الذي ذهب إلى القول به بعض أنصار النظرية الموضوعية، كما ذهب إلى القول به بعض الآراء في الفقه الفرنسي. وتطبيق هذا الضابط يقتضي النظر إلى الفعل الذي ارتكبه الجاني ثم التساؤل، مفترضين أنه لم يرتكب غيره، وأن الجريمة لم تتم، عما إذا كان يعد بدءا في تنفيذها أم أنه لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيرى لها : فإن تبين أنه بدء فى تنفيذها فالجانى فاعل للجريمة، أما إذا تبين أنه لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري لها فهو شريك فيها والاستعانة بالتمييز بين البدء في التنفيذ والعمل التحضيري لتحديد الدور الرئيسي في تنفيذ الجريمة هو استعارة ضابط من إحدى نظريات القانون الجنائي لتطبيقه على نظرية أخرى من نظرياته، ولذلك يتطلب تطبيقه أن نتصور - خلافاً للواقع – أننا بصدد حالة شروع فلا نضع في اعتبارنا غیر فعل واحد، ونفترض أن الجريمة لم تتم .
وتطبيقاً لهذا الضابط، فإن من يقتصر نشاطه على مجرد إعداد السلاح الذي يستعمل في القتل لا يعد فاعلاً لهذه الجريمة، لأنه إذا نظرنا إلى فعله مجرداً، فإنه لا يعدو أن يكون مجرد عمل تحضيري لهذه الجريمة، ولكنه يعد شريكاً بالمساعدة . والمثل يقال بالنسبة لمن يقتصر نشاطه على إعداد المفاتيح التي سوف تستعمل في فتح باب المسكن المراد ارتكاب السرقة فيه، أو على إعداد السلم الذي سوف يستخدم في تسلق سور هذا المسكن . ولكن من يمسك بالمجني عليه کی يمكن آخر من قتله يرتكب فعلا يعد بدءاً في تنفيذ القتل، فيعتبر لذلك فاعلا لهذه الجريمة؛ والمثل يقال بالنسبة لمن يوقف العربة التي يستقلها المجنى عليه ليمكن آخر من قتله؛ وبالنسبة لمن يكسر باب مسكن كي يمكن لآخر من الدخول والاستيلاء على أشياء فيه .
وتطبيقاً لهذا الضابط، فإنه إذا أطلق شخصان النار على المجنى عليه بنية قتله فكل منهما فاعل للقتل، ولو ثبت أن المجني عليه لم يمت إلا برصاص أحد المتهمين بالذات؛ بل يعد كل منهما فاعلاً ولو ثبت أن الرصاص الذي أطلقه أحد المتهمين لم يصب المجنى عليه، وأنه إنما أصيب وقتل برصاص المتهم الآخر وحده .
موقف القضاء من هذا الضابط : استقرت محكمة النقض - بعد تردد - على الأخذ بهذا الضابط، فقررت أنه يعد فعلاً للجريمة « من تكون لديه نية التدخل في ارتكابها فيأتي عمداً عملاً من الأعمال التى ارتكبت في سبيل تنفيذها متى كان هذا العمل في حد ذاته يعتبر شروعاً في ارتكابها ولو كانت الجريمة لم تتم به بل تمت بفعل واحد او اكثر ممن تدخلوا معه فيها وقضت تطبيقا لذلك بأنه إذا اتفق شخصان على ارتكاب جريمة قتل ثم اعتدى كل منهما على المجنى عليه تنفيذاً لما اتفقاً عليه، فإن كلاً منهما يعتبر فاعلاً لا شريكاً، ولو كانت وفاة المجنى عليه لم تنشأ إلا عن فعل واحد منهما عرف يعينه أو لم يعرف، ولكن المحكمة لم تقف عند هذا الضابط، فقدرت أن فكرة «فاعل الجريمة» في حاجة إلى مزيد من التوسع .
توسع القضاء في تحديد معنى الفاعل : لم يقتصر القضاء على تعريف «فاعل الجريمة» بأنه من يرتكب كل أو بعض الفعل الذي يقوم به الركن المادي للجريمة، أو يأتي فعلاً يعد - وفقاً لضوابط الشروع - بدءاً في تنفيذها، وإنما قدر أن هذا التعبير يتعين أن يكون له مدلول أوسع. ويعني هذا التوسع أن الفاعل قد لا ينسب إليه غير فعل لا يعدو - إذا ما نظرنا إليه في ذاته، وافترضناً أن الجريمة لم تتم – سوى أن يكون مجرد عمل تحضيري لها، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الفعل يمثل دوراً رئيسيا فيها، ويعد عملاً من الأعمال المكونة لها، فتشمله الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات، وتطبيقاً لذلك، قضت محكمة النقض بأنه إذا كان المتهم قد وقف ليراقب الطريق بينما كان زملاؤه يجمعون القطن لسرقته فإنه - مثل زملائه - يكون فاعلاً أصلياً في السرقة لأن هذا الذي فعله هو من الأعمال المكونة لها، وقضت بأن يعد فاعلاً لا شريكاً في جريمة الإتلاف المتهم الذي يقف حاملاً سلاحاً إلى جانب زملائه ليحرسهم وهم يتلفون الزراعة لأن فعله هذا هو من الأعمال المكونة للجريمة، وقضت بأنه إذا كان المتهمون في سرقة قد قام بعضهم بتلهية سكان المنزل وبعضهم بدخوله والاستيلاء على المسروقات وتمت الجريمة بناء على ذلك، فإنهم جميعاً يكونون فاعلين أصليين للسرقة وذهبت إلى أن جلوس أحد المتهمين بالسرقة يتكلم مع حارس الشيء الذي سرق لكي يسهل لزميله السرقة يعد عملاً من الأعمال المكونة للجريمة، فيكون مرتكبه فاعلاً فيها متى تمت الجريمة بأخذ المسروق وإخراجه من حيازة صاحبه وقضت بأنه إذا اتفق متهم مع زملائه على السرقة، وذلك بأن يدخل الزملاء المنزل لأخذ المسروق ويبقى هو على مقربة منه يحرسهم ليتمكنوا من تنفيذ مقصدهم المتفق عليه، فإنه يكون فاعلاً في السرقة لا مجرد شريك فيها وقضت بأن اتفاق المتهم مع زملائه على قتل المجني عليهم وشده أزر أحدهم وقت مقارفة الجرائم وإعداد الحفر لدفن الضحايا وإهالة التراب عليهم يجعل منه فاعلاً أصلياً لا مجرد شريك.
والشرط الأساسي الذي يتطلبه القضاء للتوسع في تحديد معنى «فاعل الجريمة» على النحو السابق هو أن يثبت أن الدور الذي قام به المتهم في الجريمة هو دور رئيسي يدخل في تنفيذها، ولوصف دور المتهم بذلك يتعين الرجوع إلى خطة الجريمة التي وضعها الجناة وتبين الكيفية التي وزعوا بها الأدوار فيما بينهم؛ فإن استطعنا أن نستخلص من ذلك أهمية دور الجاني ودخوله في تنفيذ الجريمة فهو فاعل لها، ولو كان نشاطه لا يعدو في ذاته مجرد العمل التحضيري وبالإضافة إلى هذا الشرط، يتعين ظهور الجاني بفعله على مسرح الجريمة، ويعني ذلك وجوب أن يعاصر نشاطه الوقت الذي تنفذ فيه، ويرتبط بذلك وجوب حضوره في المكان الذي يعد مسرحاً لها . ولم تضع محكمة النقض تعريفاً لمسرح الجريمة، ونستطيع أن نحدده بأنه « المكان الذي يتاح فيه للجاني - حسب خطة الجريمة - أن يقوم بدوره الرئيسي أثناء تنفيذها ». ويعني ذلك أن مسرح الجريمة لا يقتصر على مكان ارتكاب الفعل المكون لها، فلا يشترط أن يشهد الجاني تنفيذ الجريمة أو أن يلمس ذلك بحاسة من حواسه؛ وإنما يمتد مسرح الجريمة إلى رقعة تختلف مساحتها باختلاف ظروف كل جريمة بحيث يكون في استطاعة من يوجد فيها أن يقوم بدوره الرئيسي الذي عهد به إليه : فحديقة المسكن الذي سوف تنفذ السرقة في إحدى حجراته، وبداية الطريق الزراعي الذي يوجد على جانبه الحقل الذي سوف ترتكب فيه جريمة إتلاف المزروعات يعتبران مسرحين للسرقة والإتلاف، إذا ثبت أنهما مكانان ملائمان ليقوم الجاني فيهما بالدور الرئيسي المعهود به إليه.
وقد دعمت محكمة النقض قضاءها بقولها إن فعل الجاني في الحالات السابقة هو من « الأفعال المكونة للجريمة » التي يعنيها الشارع في الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات، فيعد فاعلاً لها.
ونعتقد أن المحكمة - في هذا القضاء - لم تقف عند عبارة النص، وإنما تعمقت حتى بلغت علته، وأقامت عليها قاعدة قانونية إلى جانب القاعدة التي قررتها عبارته ، فالتمييز بين الفاعل والشريك أساسه أن الأول يقوم في الجريمة بدور رئيسي في حين يقوم الثاني بدور ثانوي وقد رأت المحكمة أنها تستطيع أن تدخل في مدلول الفاعل كل شخص يكون دوره في الجريمة رئيسياً، واعتمدت في تحديد أهمية الدور على دراسة خطة الجريمة وكيفية توزيع الأدوار بين الجناة والمقارنة بينها، والقول بأن أحدها أو بعضها قد بلغ مرتبة الدور الرئيسي فيها وقد وسعت المحكمة بذلك إلى تكملة عبارة النص عن طريق الاستعانة بعلته وخطة المحكمة تنطوي على ميل إلى النظرية الشخصية في التمييز بين المساهمة الأصلية والمساهمة التبعية في الجريمة.
القيد الذي يرد على فكرة الفاعل : قدمنا أن الفاعل يقوم بدور رئيسي في الجريمة، ويستمد الدور الإجرامي أهميته من كونه تنفيذاً للجريمة أو مساهمة في هذا التنفيذ أو من اتصاله به على نحو وثيق، ذلك أن تنفيذ الجريمة هو أهم مراحل المشروع الإجرامي، وبمقدار ما تتوثق الصلة بينه وبين فعل الجاني بمقدار ما تزداد أهمية هذا الفعل ولتنفيذ الجريمة وقت محدد يجري خله، هو الوقت الذي تتحقق فيه مادياتها منذ أن يبدأ الجاني في الفعل الذي تقوم به حتى تتحقق نتيجتها . وبذلك يثور السؤال التالي : هل يشترط لقيام العلاقة بين المساهمة الأصلية وتنفيذ الجريمة أن يأتي المساهم الأصلي فعله أثناء الوقت الذي تنفذ فيه أم يتصور قيام هذه العلاقة لو ارتكب الفعل في غير هذا الوقت ؟ للإجابة على هذا السؤال نقرر أن توافر هذه الصلة مظهر لتلك العلاقة، وهي لذلك قرينة عليها، وفی أغلب الأحوال تقتضيها طبيعة الأشياء : فمن يأت عملاً تنفيذياً في الجريمة يعد فاعلاً لها، إذ يصدق عليه أنه دخل في ارتكابها « إذا كانت تتكون من جملة أعمال فأتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها » (الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات). ويعد الفعل عملاً تنفيذياً إذا كان بدءاً فی تنفيذ الجريمة طبقاً لقواعد الشروع ، ولكن مجرد كونه بدءاً في التنفيذ لا يكفي لاعتبار مرتكبه فاعلاً للجريمة، بل يتعين أن يأتيه وقت تنفيذها .
فمن يكسر باب مسكن ومن يدخل فيه في نفس الفترة الزمنية يعدان فاعلين للسرقة، ولكن إذا كسر المتهم الأول باب مسكن المجنى عليه في وقت ثم دخل المتهم الثاني فيه في وقت آخر وارتكب السرقة، فالأخير وحده هو فاعل الجريمة، أما الأول فمجرد شريك بالمساعدة، وإذا ضرب شخص المجنى عليه على ذراعه فأصابه بجروح کی يمكن لزميله الذي كان مشتبكاً في عراك مع المجنى عليه من أن يعمل السلاح في جسمه فكلاهما فاعل للقتل، ولكن إذا ضرب المتهم الأول المجني عليه کی يقلل من مقدرته على مقاومة من عزم على قتله في اليوم التالي، فالمتهم الأول مجرد شريك بالمساعدة في القتل والثانى فاعل لهذه الجريمة وتتطلب محكمة النقض فيمن يعد فاعلاً للجدريمة بإتيانه فعلاً يمثل دوراً رئيسياً فيها حسب خطتها وكيفية توزيع الأدوار بين الجناة أن يظهر به على مسرح الجريمة، ويقتضي ذلك بطبيعة الحال أن يعاصر بفعله الوقت الذي تنفذ فيه .
المقصود بالفاعل المعنوي للجريمة الفاعل المعنوي للجريمة هو من يسخر غيره في تنفيذها فيكون في يده بمثابة أداة يستعين بها في تحقيق العناصر التي تقوم عليها : فالفاعل المعنوي قد نفذ الجريمة ولكن بواسطة غيره وأهم أمثلة للفاعل المعنوي من يحرض على الجريمة شخصاً غير أهل للمسئولية الجنائية، كمن يغري مجنوناً بقتل ثالث فتقع الجريمة نتيجة لذلك ؛ ومن يزين لطفل غير مميز وضع النار في مسكن فترتكب بذلك جريمة الحريق، ويعد كذلك فاعلاً معنوياً من يدفع إلى ارتكاب الفعل الإجرامي شخصاً حسن النية لا يعلم بالصفة غير المشروعة لفعله، وإنما يعتقد أنه يقدم على فعل مشروع، مثال ذلك من يسلم شخصاً طعاماً خالطته مادة سامة مخفياً عنه وجود هذه المادة ويسأله أن يقدمه للمجنى عليه فيفعل ذلك وتقع جريمة التسميم؛ ومن يطلب من خادم أن يسلمه معطفاً مملوكاً للغير فيجيبه إلى ذلك معتقداً أن المعطف له .
ونلاحظ الفارق بين الفاعل المعنوي والفاعل مع غيره، فالأول يستعين بمن لا يعدو غير أن يكون أداة مسخرة في يده، في حين يتعاون الثاني مع شخص له في نظر القانون وجوده ومسئوليته : فالفاعلان ندان، أما منفذ الجريمة فمركزه دون مركز فاعلها المعنوي.
تطبيق فكرة الفاعل المعنوي : تطبق هذه الفكرة في مجالين : حيث يكون منفذ الجريمة غير أهل للمسئولية وحيث يكون حسن النية، ففي الحالين يسخر لحساب من يدفعه إلى الجريمة .
ويتخذ نشاط الفاعل المعنوي إحدى صورتين : الدفع كما في الأمثلة السابقة، والمساعدة كمن يعلم أن مجنوناً قد عزم على قتل شخص فيعوق فراره ليمكن المجنون من قتله.
نظرية الفاعل المعنوي في القضاء : نعتقد أن خطة القضاء في تحديد معنى « فاعل الجريمة » تتضمن تدعيما لهذه النظرية : فمحكمة النقض تميل إلى نظرية شخصية، فتعتبر فاعلاً من لم يأت غير عمل تحضيري ولكنه قام عن طريقه بدور رئيسي في الجريمة وفقاً لخطتها وكيفية توزيع الأدوار بين الجناة، وأهمية دور الجاني هي قرينة على توافر نية الفاعل لديه وعلى اتجاهه إلى السيطرة على المشروع الإجرامي؛ وتطبيقاً لذلك فقد اعتبرت من يقتصر دوره على مجرد مراقبة الطريق أو تلهية المجنى عليه أو حراسة زميله فاعلاً للجريمة، وغني عن البيان أن من يسخر غيره لارتكاب الجريمة مستغلا عدم أهليته أو حسن نيته إنما يقوم بالدور الرئيسي فيها، والمقارنة بين أهمية دوره وأهمية دور من ينفذ الجريمة تكشف عن الاختلاف الكبير بينهما، وتتوافر لدى الفاعل المعنوي دون شك إرادة السيطرة على المشروع الإجرامي، فهو ينظر إلى الجريمة على أنها مشروعه الإجرامي الخاص ويرى في عمل من ينفذها أنه نشاط يأتيه لحسابه . وإذا كانت محكمة النقض تتطلب ظهور الفاعل بنشاطه على مسرح الجريمة، فلا يعدو ذلك غير أن يكون مجرد قرينة على أهمية دوره، وهي قرينة لم ينص القانون عليها وليست في ذاتها من عناصر المساهمة الأصلية في الجريمة، فمن السائغ إغفالها إذا قامت قرينة أخرى تكشف عن أهمية دور الجاني وإذا كان الفاعل المعنوي لا يظهر بدوره على مسرح الجريمة، فإن ذلك لا يقلل من أهمية هذا الدور، إذ تقوم عليها قرينة أخرى مستمدة من كونه واضع خطة الجريمة ومنفذها الفعلي عن طريق أداة سخرها لذلك.
وقد أقر القضاء في بعض أحكامه نظرية الفاعل المعنوي، فاعتبر من يضع السم في حلوى ويوصلها إلى المجنى عليه بواسطة شخص سليم النية فاعلاً لقتل بالسم، وقضى بأن من يقدم بلاغاً كاذباً بوساطة شخص لم يكن إلا آلة له يعد فاعلاً لهذه الجريمة، وقضى بأن يسأل عن تزوير كفاعل له من ارتكبه بواسطة غيره؛ وقضى بأن من استولى مقابل قرش على محفظة نقود عثرت عليها فتاة صغيرة يعد فاعلاً للسرقة لأن الفتاة البريئة لم تكن إلا مجرد أداة ؛ وقضى بأنه إذا ضاعت حافظة نقود من أحد ركاب سيارة الأتوبيس، فعثر عليها غلام من الركاب فالتقطها ظناً منه أنها لأحد اصدقائه الراكبين معه، فلم يكن من المحصل بمجرد أن شاهده في لحظة عثوره عليها إلا أن أخذها منه، وكان ذلك بقصد اختلاسها لنفسه فإن المحصل يعد سارقاً، ولا يكون الغلام غير مجرداً واسطة بريئة.
عدم تأثر الفاعل بالظروف التي تتوافر لدى غيره من الفاعلين : أقر الشارع هذه القاعدة في الفقرة الأخيرة من المادة 39 من قانون العقوبات، فنص على أنه « إذا وجدت أحوال خاصة بأحد الفاعلين تقتضي تغيير وصف الجريمة أو العقوبة بالنسبة له فلا تتعدى أثرها إلى غيره منهم وكذلك الحال إذا تغير الوصف باعتبار قصد مرتكب الجريمة، أو كيفية علمه بها » والقاعدة التي يقررها القانون واضحة وسهلة التطبيق، وترد إلى فكرة استقلال كل فاعل بظروفه : فهو وحده الذي يتأثر بها، وغيره من الفاعلين النفس الجريمة لا يتأثرون بها؛ ويعد ذلك نتيجة منطقية للقول بأن كل فاعل يسأل عن الجريمة كما لو كان قد ارتكبها بمفرده .
ولهذه القاعدة حدودها، فهي مقتصرة على الظروف الشخصية دون المادية، والحجة في استبعاد الأخير مستمدة من وصف الشارع الظروف التي قرر في شأنها القاعدة السابقة بأنها « أحوال خاصة بأحد الفاعلين »، ولا يصدق ذلك على الظروف المادية، إذ ليست خاصة بأحد المساهمين، وإنما هي متعلقة بالجريمة نفسها . وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الظروف يمتد تأثيرها إلى جميع المساهمين لأنهم يسألون عن الجريمة كما تحققت :
فإذا كان المساهمون قد قبلوا الدخول في المشروع الإجرامي، فإن قبولهم يتعين أن ينصرف إلى كل الوسائل التي قد يستعان بها على تنفيذه وإلى الآثار التي تترتب على الأفعال المرتكبة في سبيله، وسريان هذه الظروف على الفاعلين لا يتوقف على علمهم بها، فهم يضارون بها إذا كانت مشددة ويستفيدون منها إذا كانت مخففة، ولو ثبت جهلهم بتوافرها. فإذا استعمل السم في القتل (المادة 233 من قانون العقوبات) أو استعمل الإكراه أو حمل السلاح في السرقة شدد العقاب على كل الفاعلين، وإذا كانت قيمة المال موضوع إحدى جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه أو الضرر الناجم عنه لا يجاوز خمسمائة جنيه خفف العقاب عن جميع الفاعلين.
وقد أشار الشارع إلى أربعة أنواع من الظروف الشخصية :
1-ظروف تُغَير من وصف الجريمة .
2- ظروف تُغَير من العقوبة . 3- ظروف تُغَير من وصف الجريمة باعتبار قصد مرتكبها. 4- ظروف تُغَير من وصف الجريمة باعتبار كيفية علم مرتكبها بها ولهذه الظروف جميعاً ذات الحكم، فإذا توافرت لدى فاعل اقتصر. أثرها عليه، ولا فرق في ذلك بين الظروف المخففة والظروف المشددة، وسواء العلم بتوافر الظروف والجهل بذلك .
1- الظروف التي تغير من وصف الجريمة :
مثال ذلك كون السارق خادماً لدى المجنى عليه المادة 317 من قانون العقوبات، الفقرة السابعة : فإذا كان أحد الفاعلين في جريمة السرقة خادماً لدى المجنى عليه في حين لم تكن الزميله هذه الصلة به، فإن الأول يشدد عليه العقاب ولا يتأثر الثاني بذلك . ومثال ذلك أيضاً كون الفاعل زوجا فاجأ زوجته متلبسة بالزنا (المادتان 237 من قانون العقوبات)، فإذا كان أحد الفاعلين للقتل زوجاً للمجني عليها فهو وحده الذي يستفيد من تخفيف العقاب، أما زميله فتوقع عليه عقوبة القتل غير المخففة .
2- الظروف التي تغير من العقوبة :
ولا يختلف حكم هذه الظروف عن حكم الظروف التي تغير من وصف الجريمة، فإن توافرت لدى أحد الفاعلين اقتصر أثرها عليه دون زملائه وقد يكون هذا النوع من الظروف مشددا للعقاب، ومثاله العود (المواد 49 وما بعدها من قانون العقوبات) ؛ وقد يكون مخففاً أو مقتضياً أن يستبدل بالعقوبة تدبير، ومثاله صغر السن (المادة 111 من قانون الطفل؛ وقد يكون معفياً من العقاب، ومثاله صفة الأبوة أو البنوة أو الزوجية في جريمة إخفاء الفارين (المادة 144 من قانون العقوبات) .
3- ظروف تغير من وصف الجريمة باعتبار قصد مرتكبها :
يفترض الشارع أن نوع القصد الذي توافر لدى أحد الفاعلين يختلف عن نوع القصد الذي توافر لدى فاعل آخر، ويقرر أن كل فاعل يعاقب حسب نوع القصد الذي توافر لديه فإذا ارتكب فاعلان القتل وتوافر لدى أحدهما سبق الإصرار في حين لم يتوافر ذلك لدى الآخر عوقب الأول بالعقوبة المشددة التي تقررها المادة 230 من قانون العقوبات، في حين يعاقب الثاني بالعقوبة غير المشددة التي تقررها المادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الأولى.
4-ظروف تغير من وصف الجريمة باعتبار كيفية علم مرتكبها بها :
يفترض الشارع أن الجريمة المرتكبة يتغير وصفها إذا كان فاعلها يعلم بأمر معين، فمن كان عالماً به تغير وصف الجريمة بالنسبة له وتغيرت تبعا لذلك العقوبة المقررة له، في حين يظل وصف الجريمة وتظل العقوبة دون تعديل بالنسبة للفاعلين الآخرين الذين لم يعلموا به، فإذا ارتكب شخصان جريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية أو جنحة، وكان أحدهما يعلم أنها تحصلت من جريمة ذات عقوبة أشد مما تقرره المادة 44 مكرراً من قانون العقوبات في حين لا يعلم الثاني بذلك، فإن وصف الجريمة يتغير بالنسبة للأول، فتشدد عقوبته في حين يظل للجريمة وصفها وعقابها بالنسبة للمتهم الثاني .(شرح قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة:450)
من المادة يمكن استخلاص أحوال خمسة للفاعل الأصلي اثنتين منها ينتميان إلي الفقرة أولاً وثلاثاً إلى الفقرة ثانياً.
الحالة الأولى : التنفيذ الفردي للجريمة:
حالة من يرتكب الجريمة وحده وهي الصورة البسيطة التي فيها يقوم شخص واحد بجميع الأعمال التنفيذية للجريمة إذا ارتكبها تامة أو يكون قد بدأ في تنفيذها ثم أوقف لسبب خارج عن إرادته إذا كانت في حالة شروع، وقد يستخدم للوصول إلى النتيجة النهائية "كالقتل مثلاً" أعضاؤه الجسمية بأن يخنق بيديه، أو يستعمل قوة طبيعية كالنار أو الحيوان أو يهيئ الظروف التي تؤدي إلى ارتكاب الجريمة بأن يضع ثعباناً ساماً في فراش آخر لقتله. وعلى أي حال لا يمكنه أن يستخدم أداه إنسانية الوصول إلى تلك النتيجة وإلا أعتبر شريكاً. فمن يستخدم مجنوناً أو سكراناً لا يعتبر فاعلاً أصلياً طبقاً لنصوص القانون المصري الحالية، وإنما يعتبر شريكاً.
ويلاحظ أن ارتكاب الشخص السلوك الخاطئ المؤدي إلى النتيجة الإجرامية يجعل منه فاعلاً في الجريمة الغير عمدي.
الحالة الثانية : حالة من يرتكب الجريمة مع غيره وهذه إحدى حالات تعدد الفاعلين:
ويجب أن يكون الفاعلون في هذه الحالة قد ارتكبوا الأعمال التنفيذية معاً وساهموا في إحداث النتيجة بأفعالهم مجتمعة. فلا يكفي أن يدخل الشخص في ارتكاب الجريمة لكي تتحقق هذه الحالة، وإنما يجب أن يساهم في ارتكاب الجريمة ذاتها. أو أن يكون فعله بذاته كافياً وحده لإحداث النتيجة المعاقب عليها.
ومن أمثلة هذه الحالة،أن يذهب زيد وعمرو لقتل خالد فيطلقا عليه عيارين ناريين يصباه في القلب فيموت من النزيف المتخلف عنهما معاً، أو يشنقاه بحبل يجذبه كل منهما طرف، أو أن يذهب زيد وعمرو لسرقة دولاب فيحملانه معاً ويخرجا به، أو أن يذهبا لسرقة منزل فيحمل كل منهما بعض الأشياء.
ويلاحظ أن كلاً من الفاعلين في الأمثلة السابقة قد حققا بنشاطه عناصر الجريمة المراد ارتكابها. ويدخل في هذه الحالة أيضاً كل المساهمين في الخطأ الذي نشأت عنه النتيجة الإجرامية في الجرائم غير العمدية. لأن الفقرة الثانية من المادة (39) عقوبات مقصورة على الأحوال التي يتدخل فيها الشخص في ارتكاب الجريمة فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها وهذا لا يأتي إلا في الجرائم العمدية.
أحوال الفقرة ثانياً، وهي الأحوال الثالثة والرابعة والخامسة للفاعل:
تنص الفقرة ثانياً من المادة (39) على أنه يعد فاعلاً للجريمة أيضاً من يدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها.
فالفرض هنا أن هناك عدة أشخاص ارتكبوا عدة أعمال کي تؤدي مجتمعة إلى ارتكاب الجريمة وقد يكون فعل أحدهم أو عدد منهم لا يمكن أن يؤدي وحده إلي ارتكاب الجريمة.والجريمة إما أن تكون بطبيعتها وطبقاً للقانون مكونة من عدة أعمال في ركنها المادي. أي قابلة للتجزئة فيأتي كل من الجناة عمداً عملاً من تلك الأعمال المكونة لركنها المادي فتقوم الجريمة بناءاً على ذلك. وإما أن تكون مكونة من فعل واحد غير قابل للتجزئة فيدخل الجاني في ارتكابها بأن يأتي عمداً عملاً من الأعمال الداخلة في تنفيذها.
وعلى ذلك فإننا نري أن للفاعل الأصلي طبقاً لهذه الفقرة ثلاث حالات وهی الحالات الثالثة والرابعة والخامسة للفاعل.
الحالة الثالثة: حالة الجريمة القابلة للتجزئة في ركنها المادي طبقاً للقانون أو تبعاً لكيفية تنفيذ الجناة لها:
وفي هذه الحالة يعتبر فاعلاً أصلياً كل من ارتكب جزءاً من هذا الركن المادي بمفرده أو بالاتحاد مع غيره من الجناة فأدت أفعالهم مجتمعة إلى جريمة تامة أو في حالة شروع. ومثال ذلك: "جريمة التزوير" إذا زور بعض الجناة صلب العقد وقلد البعض الآخر الإمضاءات المزيل بها العقد فكل منهم يعتبر فاعلاً أصلياً فيها.
وفي كل جريمة مكررة الأفعال يتفق عدة أشخاص على إتيانها فيأتي كل منهم عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها. فيعتبر كل منهم فاعلاً أصلياً فيها كالسرقة على عدة دفعات.
وفي كل جريمة مركبة كالسرقة بإكراه. فمن يرتكب الإكراه ومن يرتكب السرقة يعتبر كل منهما فاعلاً أصلياً في السرقة بإكراه.
الحالة الرابعة: حالة الجريمة التي تتكون في ركنها المادي من فعل واحد غير قابل للتجزئة في طبيعته أو تبعاً للكيفية التي ارتكبت به :
ومعیار اعتبار الشخص فاعلاً أصلية هو كون عمله مما يدخل في معنى بدء التنفيذ في الشروع إذا لم تتم الجريمة. فما يعتبر الشخص به بادئاً في التنفيذ - أي شارعا إذا لم تتم الجريمة افتراضاً - يعتبر به فاعلاً أصلياً إذا ما تمت بفعل غيره المتدخل معه في ارتكابها. ففي جريمة السرقة يعتبر فاعلاً أصلياً كل من عدة أشخاص تعاونوا في سرقة منزل بأن فتح أحدهم بابه بكسر قفله ووقف عنده ودخل اثنان المنزل لأخذ الأموال.
وفي الحريق يعتبر فاعلاً أصلياً كل من اثنين اقتصر عمل أحدهما على صب الغاز على المحصول وأشعل الأخر النار فيه.
الحالة الخامسة: حالة الجريمة التي تتكون في ركنها المادي من فعل قابل للتجزئة أو غير قابل للتجزئة ولكن الجناة يقسمون كيفية ارتكاب الجريمة إلي عدة أدوار تنفيذية يرون لزومها لارتكاب الجريمة وتمامها بصرف النظر عن الأفعال الداخلة في الركن المادي للجريمة وبصرف النظر عما يعتبر منها بدءاً في التنفيذ أو من الأعمال التحضيرية طبقاً لنظرية الشروع:
فتقسيم الجناة الجريمة إلى عدة أدوار يقوم كل منهم بدور منها فترتكب الجريمة بناءاً على هذه الأدوار مجتمعة يجعل من كل شخص ساهم في تلك الأدوار التنفيذية التي ترتب عليها قيام الجريمة فاعلاً أصلياً. ولا يعتبر الدور تنفيذياً إلا إذا مارسه الجاني على مسرح الجريمة في وقت ارتكابها وعلى نية تنفيذها. لا على نية المساعدة على ارتكابها فقط. فإن كانت لديه هذه النية الأخيرة فإنه يعتبر شريكاً فيها بالمساعدة وليس فاعلاً أصلياً. فالجاني في هذه الصورة يضع نفسه تحت إمرة زملائه من الجناة في وقت ارتكاب الجريمة وفي مكان ارتكابها فيسندون إليه الدور الذي يرونه جميعاً لازماً لقيامها بتسانده مع غيره من الأدوار وبذلك يعتبر أنه تداخل في ارتكاب الجريمة فأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها متى كانت تتكون من جملة أعمال.
ولا يشترط بعد ذلك أن يكون العمل الذي أوكل إلي الجاني في دوره مما يعتبر بدءاً في التنفيذ بمعناه في نظرية الشروع أو لا يعتبر كذلك، ما دام هذا العمل لازماً في نظرية الجناة لقيام الجريمة مع غيره من الأعمال.
ولذلك فإن نطاق التنفيذ في نظرية الفعل الأصلي أوسع منه في نظرية الشروع، فليس كل ما يعتبر به الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة إذا ما تمت بفعل الغير يعتبر به بادئاً في التنفيذ وشارعاً إذا لم تتم افتراضاً، فإن الدور التنفيذي كما رأينا في نظرية الفعل الأصلي أوسع نطاقاً.
وهذه الصورة الثالثة من صور الفاعل الأصلي تطبيقاً للفقرة الثانية من المادة (39) عقوبات هي التي اعتنقتها محكمة النقض وقد استقرت أحكامها الحديثة عليها.
عدم تأثر الفاعل بالظروف الشخصية التي تتوافر لدى غيره من الفاعلين:
يقتصر أثره الظروف الشخصية على من توافرت فيه فقط من الفاعلين سواء كانت تلك الظروف مشددة أم مخففة، فلا يضار بها ولا يستفيد منها غير من توافرت فيه.
فالقاعدة هي استقلال كل فاعل بظروفه الشخصية بحيث لا يمتد أثرها إلي غير من توافرت فيه من الفاعلين، علم بها أو لم يعلم.
وقد أشارت الفقرة الأخيرة من المادة (39) عقوبات إلي أربعة ظروف شخصية هي:
أ) ظروف تغير من وصف الجريمة.
ب) ظروف تغير من العقوبة.
ج) ظروف تغير من وصف الجريمة باعتبار قصد مرتكبها.
د) ظروف تغير من وصف الجريمة باعتبار كيفية علم مرتكبها بها.
أ- ظروف تغير من وصف الجريمة:
من أمثلة هذه الظروف صفة الطبيب في جريمة الإجهاض، وصفه الزوج في جريمة قتل الزوجة أثناء تلبسها بالزنا. فإذا تعدد الفاعلون في جريمة الإجهاض وكان من بينهم طبيباً شددت عقوبة الطبيب فقط (المادة 263 عقوبات) دون غيره من الفاعلين (المادة 261 عقوبات) وإذا ساهم مع الزوج بالنسبة في قتل الزوجة فاعل آخر، يطبق عذر التخفيف بالنسبة للزوج فقط وتخفف عقوبته (المادة 231 عقوبات) ولا تخفف عقوبة الفاعل الآخر (يعاقب وفقاً للمادة 234 أو المادة 236 عقوبات حسب الأحوال).
ويلاحظ أن تشديد العقوبة في المثال الأول اقتصر علي من توافرت فيه صفة الطبيب فقط. وان تخفيف العقوبة في المثال الثاني اقتصر على ما توافرت فيه صفة الزوج فقط دون الفاعلين الآخرين. فلا يمتد فلا يمتد إليهم أثر الظرف الشخصي الذي لم يتوافر فيهم حتى ولو علموا به.
ب- ظروف تغير من العقوبة:
ومن أمثلة هذه الظروف صفة الخادم في جريمة السرقة وظرف العود وصفة الأبوة أو البنوة أو الزوجية في جريمة إخفاء الفار من وجه العدالة. فإذا ساهم مع الخادم فاعل آخر في جريمة سرقة مال المخدوم شددت العقوبة على الخادم فقط المادة 317 سابعا عقوبات) دون الفاعل الآخر.وإذا كان أحد الفاعلين في جريمة عائداً طبقاً للمادة (49) عقوبات شددت عقوبته فقط دون الباقين. وإذا تعدد الفاعلون في جريمة إخفاء شخص فار من وجه العدالة وكان من بينهم زوجته أو ابنه مثلاً أعفيت الزوجة أو الإبن فقط من العقاب (المادة 144 عقوبات) دون الآخرين.
وواضح أن الظرف الشخص الذي يؤثر في العقوبة تشديداً أو تخفيفاً يقتصر أثره علي من توافر فيه فقط من الفاعلين ولا يمتد إلى غيره حتى ولو علم بهذا الظرف.
ج- ظروف تغير من وصف الجريمة باعتبار قصد مرتكبها :
مثال ذلك ...... ظرف سبق الإصرار في القتل والضرب بقصد الإجهاض. فإذا تعدد الفاعلون في جريمة القتل وكان يتوافر لدى بعضهم ظرف سبق إصرار شددت عقوبة من توافر فيه منهم هذا الظرف فقط (المادة 230 عقوبات)، بينما تطبق عقوبة القتل البسيط على الباقين (المادة عقوبات 234).
د- ظروف تغير من وصف الجريمة باعتبار كيفية العلم بها:
مثال ذلك أنه يعاقب علي جريمة إخفاء أشياء مسروقة أو متحصلة من جناية أم جنحة مع العلم بذلك بالحبس مع الشغل مدة لا تزيد على سنتين، فإذا كان الجاني يعلم أن الأشياء التي يخفيها متحصلة من جريمة ذات عقوبة أشد مما تقرره المادة (44 مكرراً عقوبات) في حين لا يعلم الثاني بذلك، وشددت عقوبة الأول فقط دون الثاني. فإذا أخفي شخصان شيئاً مسروقاً وكان أحدهما يعلم أنه متحصل من سرقة بإكراه وكان الأخر لا يعلم ذلك عوقب الأول بعقوبة السرقة بالإكراه طبقاً للمادة (314) عقوبات وهي جناية ذات عقوبة أشد وذلك لتوافر العلم بالإكراه لديه فقط، بينما يعاقب الثاني بالعقوبة المقررة في المادة (44) مكرر وهي عقوبة جنحة لعدم توافر العلم بالإكراه لديه.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول، الصفحة : 347 )
وواضح من النص السابق أن المشرع المصري يعتنق المذهب الموضوعي في تحديد معنى الفاعل. فالسلوك المرتكب من المساهم هو المناط في تعريف الفاعل إذا كان هذا السلوك يملك مقومات المطابقة النموذجية سواء تحت نطاق النص الأصلي أو تحت نطاق النص التكميلي للشروع، كما سنرى تفصيلاً.
ونص المادة 39 عقوبات يعرض لحالتين في كل منهما يعتبر الشخص فاعلاً للجريمة.
الحالة الأولى : من يرتكب الجريمة وحده أو مع غيره.
ومناط اعتبار الشخص فاعلاً للجريمة في هذه الحالة هو مطابقة سلوكه للواقعة المادية المكونة للجريمة وفقاً للنص التجريمي الخاص بها. ويبدو ذلك واضحاً في أحوال ارتكاب الشخص الجريمة وحده. إذ في هذه الحالة يحقق بسلوكه الواقعة المادية المكونة للجريمة بمفرده وبالتالي يعتبر هو الفاعل لها.
كذلك يعتبر الشخص فاعلاً للجريمة، وفقاً للحالة محل البحث، إذا ارتكبها مع غيره بحيث يتطابق سلوك كل منهم والسلوك محل التجريم بالواقعة النموذجية. ومثال ذلك قيام أكثر من شخص بطعن المجني عليه طعنات متعددة في مقتل، وقيام أكثر من شخص بسرقة منقولات المجني عليه كل منهم يحمل شيئاً منها، أو قيامهم بإتلاف مزروعات المجني عليه وكل منهم باشر جزءاً من الإتلاف. ففي تلك الأمثلة نكون بصدد نتيجة إجرامية واحدة تحققت بسلوك أكثر من شخص، وكل سلوك كاف وحده المعاقبة فاعله على الجريمة وفقاً لنموذجها التشريعي.
الحالة الثانية: من يدخل في ارتكاب الجريمة إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها. بطبيعة الحال يخرج عن نطاق تلك الحالة الفروض التي يكون فيها سلوك الشخص مطابقا للنموذج التشريعي للواقعة الإجرامية وفقا للنص التجريمي الأصلي. لأن تلك الفروض تندرج تحت الحالة الأولى كما سبق وأن بيناً. ومعنى ذلك أن المشرع قصد بالحالة الثانية فروضاً لا يكون فيها السلوك المرتكب مطابقا للواقعة المجرمة قانوناً، وإلا كان في ذلك ترديداً للحالة الأولى لا مبرر له.. وما دام الأمر كذلك فينبغي حصر نطاق تلك الأفعال في محيط الأفعال الخارجة عن التكوين المادي للجريمة. غير أن هذه الأفعال الخارجة عن نطاق الركن المادي للجريمة متعددة ومتنوعة حيث تبدأ من أفعال تعتبر أعمالاً تحضيرية وتنتهي عند الأفعال المكونة للشروع. ولما كان المشرع يأخذ بالتفرقة بين الفاعل والشريك فمن غير المتصور أن تحيط الحالة الثانية في تعريف الفاعل جميع الأعمال الخارجة عن إطار الركن المادي، وإنما تقتصر تلك الحالة على جزء منها فقط. فما هو المعيار لتحديد ذلك الجزء الذي يعتبر مرتكبه فاعلاً في الجريمة؟. قد يبدو للوهلة الأولى أن التحديد السابق ينصرف إلى الأفعال المتعلقة بتنفيذ الجريمة والتي لا تدخل في الركن المادي للجريمة لانعدام المطابقة. غير أنه يلاحظ من ناحية أخرى أن المشرع ينص صراحة في المادة 40 من قانون العقوبات على اعتبار المساعدة أثناء التنفيذ وسيلة من وسائل الاشتراك وليست شكلاً من أشكال السلوك الذي يضفي على صاحبه صفة الفاعل. ومعنى ذلك أنه ينبغي وضع معيار للتفرقة بين الفاعل الذي يدخل في نطاق الحالة الثانية محل البحث وبين الشريك بالمساعدة أثناء التنفيذ. ذلك أنه في نطاق المساهمة في التنفيذ فقط يتحدد نطاق الحالة الثانية في تعريف الفاعل. أما المساهمة في المرحلة السابقة على التنفيذ فلا خلاف في اعتبار المساهم شريكاً في الجريمة كما سنرى.
والمعيار الذي يتعين إتباعه لتحديد نطاق الحالة الثانية في تعريف الفاعل عن نطاق الاشتراك بالمساعدة أثناء التنفيذ هو معيار الشروع.
فإذا كان سلوك المساهم أثناء التنفيذ يعتبر بدءا في التنفيذ وفقا لقواعد الشروع، منظوراً إليه مجردا عن غيره من الأفعال الأخرى للمساهمين، فيكون مرتكبه فاعلاً وفقاً للحالة الثانية. أما إذا كان هذا السلوك لا يرقى إلى البدء في التنفيذ وإنما يعتبر عملاً تحضيرياً كان صاحبه شريكاً بالمساعدة.
وعلى ذلك فمن يدخل في ارتكاب الجريمة إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها يعتبر فاعلاً نظراً لأن سلوكه يعتبر مطابقاً استناداً إلى قواعد الشروع. ذلك أن ((ارتكاب الجريمة)) الذي قصده المشرع لا ينصرف إلا إلى تنفيذها. أما عبارة ((إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها)) فقد قصد المشرع بذلك الإشارة إلى معيار القابلية للتجزئة أو التبعيض والذي هو مناط تصور الشروع بالنسبة للجرائم المختلفة، كما رأينا في موضعه.
ومفاد ما سبق أنه يعتبر فاعلاً في جريمة القتل من يقوم بالإمساك بالمجني عليه ويعطل مقاومته حتى يتمكن آخر من طعنه وإزهاق روحه، ويعتبر فاعلاً في السرقة من يفتح باب مسكن المجني عليه بينما يتولى آخرون اختلاس منقولاته وحملها. ولو أطلق ثلاثة أشخاص ثلاثة أعيرة نارية على شخص بقصد قتله فأصابه عیاران فقط، فإنهم جميعاً فاعلون للقتل، حتى صاحب العيار الذي لم يصب.
موقف قضاء النقض المصري:
أخذت محكمة النقض في مرحلة بالمعيار الموضوعي المتمثل في اعتبار الشخص فاعلاً إذا ما حقق سلوكاً يعتبر على الأقل بدءاً في التنفيذ ولو لم يكن داخلاً في ذات الفعل المكون للركن المادي للجريمة، ولكنها عادت بعد ذلك وعدلت عن معيار الشروع وضيقت من معنى الفاعل بحيث لا ينصرف إلا إلى المساهم الذي يحقق بسلوكه الركن المادي المكون الجريمة أو جزءا منه. فإذا أطلق أكثر من شخص النار على المجني عليه بقصد قتله ولم يصبه سوي عياراً واحدا أدى إلى وفاته، فإن مطلق هذا العيار الناري هو الذي يعتبر فاعلاً في القتل. أما الآخرون فهم مجرد شركاء في الجريمة، حتى ولو أصيب المجني عليه فعلا من الأعيرة التي أطلقوها طالما أن الوفاة لم تحدث نتيجة لها، وطبيعي أن الاتجاه الثاني المحكمة النقص يخالف روح نص المادة 39 ومضمونة الوارد بالفقرة الثانية. ذلك أنها بقضائها السابق تعتبر قد قصرت صفة الفاعل على من توافرت فيه شروط الحالة الأولى من المادة سالفة الذكر.
ولذلك سرعان ما عدلت محكمة النقض عن قضائها السابق واتبعت اتجاهها الأول في تعريف الفاعل بالمعيار السابق.
غير أن قضاء النقض توسع في بعض أحكامه في مفهوم الفاعل بحيث ينصرف إلى جميع من ساهم في التنفيذ ولو لم تمرق مساهمته إلى مرتبه الشروع طالما توافر لديه قصد الفاعل.
ويلاحظ أن المساهمة في التنفيذ التي عنتها محكمة النقض تستفاد من أمرين: الأول هو التواجد أثناء التنفيذ على مسرح الجريمة. والثاني أن يقوم بدور رئيسي في التنفيذ وفقا للخطة التي وضعها الجناة في ارتكاب الجريمة.
وعليه، إذا كان المتهم قد تواجد بمسرح الجريمة وأخذ يطلق النار على كل من يحاول الاقتراب منه وقت ارتكابها يكون بحسب ظروف ارتكاب الجريمة وتوزيع الأعمال المكونة لها بين المتهمين له دور مباشر في تنفيذها اقتضي وجوده على مسرحها للقيام به وقت ارتكابها من المتهمين الآخرين، فهو بهذا يعتبر فاعلاً أصلياً وفقاً للفقرة الثانية من المادة 39 عقوبات.
واضح من هذا الاتجاه الأخير لمحكمة النقض أنها تأخذ بالمذهب الموضوعي مع الاعتداد بقصد المساهم في تعريف الفاعل، والذي مؤداه اعتبار الشخص فاعلاً أصلياً ولو كان سلوكه لا يرقى إلى مرتبة السلوك المطابق ولو في شكل الشروع طالما توافرت لديه نية الفاعل. ومع ذلك فقد انتقد، اتجاه محكمة النقض على أساس أنه يعطي للحالة الثانية من المادة 39 مفهوماً أكبر بكثير مما تحتمله. كما أنه يؤدي إلى إلغاء صورة الاشتراك بالمساعدة أثناء التنفيذ في معظم فروضها. هذا بالإضافة إلى أن التركيز على العنصر النفسي كمناط لتحديد الفاعل من الشريك بالمساعدة أثناء التنفيذ يخلق نوعاً من عدم الثبات القانوني والذي يتطلب الاعتماد بالفعل أساساً في تحديد الصور الإجرامية للسلوك، وخاصة في محيط قانون العقوبات. فالسلوك المكون للمشروع هو أدنى درجات المطابقة وفقاً للنص التجريمي. أما الأفعال السابقة على تلك المرحلة فتكون تابعة للفعل المعاقب عليه بوصف الشروع على الأقل، أي يكون عقابها على أساس قواعد الاشتراك وليس على أساس القواعد التجريمية الأصلية.
نخلص مما سبق جميعه إلى أن العنصر المادي للمساهمة الأصلية في الجريمة يتكون من تعدد الأفعال المساهمين وكل فعل يحقق كاملاً أو في جزء فقط النموذج التشريعي للجريمة أو يبدأ في التنفيذ وفقا لأحكام الشروع، أو يحقق دوراً رئيسياً في التنفيذ، تبعاً للخطة الموضوعة من الجناة، وفقاً لاتجاه محكمة النقض، متى تواجد على مسرح الجريمة.
وجدير بالملاحظة أنه في جميع الأحوال يلزم لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً أن يباشر سلوك الفاعل ويتواجد وقت التنفيذ على مسرح الجريمة، وفقاً للفقه السائد، فلو أن
(أ) قام بكسر الباب مسكن غير أن المجني عليه تمهيداً لسرقته بواسطة (ب) في اليوم التالي وتم ذلك فعلاً دون حضور الأول فإن (أ) يعتبر شريكاً وليس فاعلاً أصلياً، على حين يعتبر فاعلاً أصلياً إذا تواجد بمسرح الجريمة وقت ارتكاب (ب) للسرقة.(قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الثالث، الصفحة : 537).
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 35 .
(مادة 25)
يكون فاعلاً للجريمة:
1- من يرتكب وحده أو مع غيره عمدا السلوك المكون لها، أو عملاً من الأعمال المكونة لها.
2- من يقوم عمداً أثناء ارتكابها بدور فعال في تنفيذها.
3- إذا كان مكلفا شخصاً بمراعاة واجب قانوني تعد مخالفته جريمة متى خالفه شخص يخضع لسلطته.
4- يعد فاعلاً بالوساطة من يحمل على تنفيذ الجريمة شخصاً غير مسئول عنها.
فقد حددت المادة (25) الأحوال التي يعتبر فيها الجاني فاعلاً أصلياً للجريمة، ويعبر الفقه الإسلامي عن الفاعل الأصلي بالمباشر وتتفق الفقرة الأولى من المادة (25) من المشروع مع المادة ((39)/ (1)، (2)) من قانون العقوبات.
أما الفقرة الثانية فإنها تقنين لما استقر عليه قضاء محكمة النقض بشأن تحديد الفاعل الأصلي، وهو من يرتكب الجريمة وحده أو مع غيره، أو يأتي فعلاً من الأفعال المكونة لها إذا كانت تتكون من جملة أفعال، وينطبق هذا المعيار على وجهة نظر الشريعة الإسلامية في المباشر للجريمة، مثل حالة القتل الواقع من جماعة، فقد أجمع الفقهاء على جواز القصاص من كل من باشر القتل أو أتى فعلاً من أفعاله، ولا يعتبر التساوي في سبب القتل. فلو جرح واحد جرحاً عميقاً أو بسيطاً ، أو جرحه آخرون عدة جروح، اقتضى ذلك أن يكونوا سواء في القتل (يراجع المغني جـ - (7) ص (671)، (672) الفتاوى الكبرى ص (222) (223) جـ (4)). والفقه الإسلامي يشترط وجود الفاعل على مسرح الجريمة حتى يعد مباشراً حتى لو لم يرتكب الفعل الإجرامي، ومثل ذلك المعين في جريمة الحرابة أو السرقة الذي ينتظر لحماية الفاعلين، فهؤلاء ذهب بعض العلماء إلى إعتبارهم فاعلين أصليين مباشرين) في جريمة الحرابة، وما يقع فيها من قتل أو سرقة، وإن لم يباشروا بأنفسهم أفعال القتل أو السرقة، ولكن كان لهم دور في تنفيذ المشروع الإجرامي المتعدد الأدوار.
والفقرة الثالثة تحسم خلافاً حول المسئولية الشخصية عن فعل الغير، مثال ذلك المادة (58) من المرسوم بقانون رقم (95) لسنة 1945 الخاص بشئون التموين التي نصت على أن: «یكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون، ويعاقب بالعقوبات المقررة لها».
كما أن المادة (15) من المرسوم بقانون رقم (162) لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح - نصت على أن (يكون صاحب المحل مسئولاً مع مديره أو القائم على إدارته عن كل ما يقع في المحل من مخالفات لأحكام هذا المرسوم بقانون، ويعاقب بالعقوبات المقررة لها). ففي هذين المثالين ألقى المشروع واجباً على صاحب المحل، واعتبره مسئولاً عن مخالفة هذا الواجب، ولو صدرت المخالفات من شخص يخضع لسلطته.
على أن حسم الأمر من حيث المساهمة الجنائية لا يحول دون توافر المسئولية الجنائية، ووفقاً لمبدأ المسئولية الشخصية فإن مسئولية الفاعل تنبني إما على أساس العمد أو على أساس الخطأ في مراقبة من يعمل تحت سلطته، وكل من العمد والخطأ معتمد كأساس للعقوبة في الشرع الإسلامي، ولما كانت الجرائم التي يؤخذ فيها بالمسئولية الشخصية عن قتل الغير هي من باب الجرائم التعزيرية - فإن الأمر لا يتعارض مع حكم الشريعة في صدد هذه المسئولية.
وقد أخذ المشروع في الحالة الرابعة من حالات المادة (25) بنظرية الفاعل المعنوي الفاعل بالواسطة). وقد عرفتها الشريعة الإسلامية إذ لا خلاف بين الفقهاء على أن يعتبر الشخص مباشراً للجريمة إذا كان من يرتكب الفعل المادي آلة في يده يحركه كيف شاء، وقد انحصر الخلاف بين الفقهاء حول مجرد تطبيق هذا المبدأ فمن يأمر شخصاً غير مميز أو شخصاً حسن النية بقتل آخر فيقتله، فإن الأمر يعتبر فاعلاً مباشراً للجريمه عند مالك والشافعي وأحمد، ولو أنه لم يباشر الفعل المادي ؛ لأن المأمور كان أداة في يد الأمر يحركه كيف يشاء، أما أبو حنيفة فلا يعتبر الآمر إلا إذا كان أمره إكراها للمأمور فإن لم يبلغ الأمر درجة الإكراه، فهو شريك بالتسبب فقط وليس مباشراً ، والقاري يظهر أثره في جواز توقيع الحد أو القصاص على الشريك.
تعدد الجناة
مادة (246):
1- إذا تعدد الجناة في جريمة موجبة للقصاص فللمجني عليه الحق في طلب القصاص منهم متى توافرت شرائطه في حق كل منهم، كما له الحق في العفو عنهم أو عن بعضهم على دية أو بدونها.
2- فإذا عفا عنهم على الدية قسمت عليهم بالتساوي، وإن عفا عن بعضهم فعلى
المعفو عنه قسطه من الدية.
مادة (247): إذا لم يكن الاشتراك بالمباشرة في الجريمة الموجبة للقصاص - يكتفى
بتوقيع العقوبة التعزيرية على الشريك وفقا لأحكام الاشتراك المقررة في هذا القانون.
مادة (248): إذا ارتكبت جريمة موجبة للقصاص بطريق الأمر وكان المأمور صبياً لم يتم السابعة من عمره، أو مجنوناً، أو به عاهة في العقل - اقتص من الآمر وحده .
مادة (249): لا أثر للظروف الخاصة بأحد الفاعلين من حيث امتناع القصاص أو
المسئولية أو تخفيفها أو القصد الجنائي على بقية الجناة.
الإيضاح
انتهج المشروع في أحكام تعدد الجناة ذات الأسس التي سبق إقرارها في باب الجناية على النفس، إذ إن القصاص فيها دون النفس يقوم - في أغلب أحكامه الأساسية - على ذات الأحكام التي يقوم عليها القصاص في النفس، فالمادة (246) تناولت أحكام تعدد الجناة في جريمة الاعتداء على ما دون النفس الموجبة للقصاص، وهذا التعدد هو من قبيل ما يطلق عليه تعدد الفاعلين المنصوص عليه في المادة (26) من هذا القانون ويعبر عنه في الشريعة الإسلامية عادة «بالاشتراك بالمباشرة»، وقد أخذ المشروع بالرأي القائل بالقصاص من الجماعة بالواحد، وذلك متى توافرت شروط القصاص بالنسبة إلى كل منهم، على غرار ما تم الأخذ به في مشروع الجناية على النفس، نزولا على قاعدة: «قتل الجماعة بالواحدة؛ لأن كل جناية على ما دون النفس وجب بها القصاص على الواحد وجب - بها على الجماعة کالنفس (نهاية المحتاج ج (7) ص (249) وما بعدها، المغني جـ (8) ص (271))، وغني عن البيان أن تعدد الفاعلين في ارتكاب الجريمة يقتضي بطبيعته الاتفاق عليها، وهو ما يعرف في الشريعة الإسلامية بالتمالؤ» وخاصة بمفهومه عند المالكية. هذا ويلاحظ أن المذهب الحنفي وإن أخذ بقاعدة قتل الجماعة بالواحد (بدائع الصنائع ج (7) ص (238))، إلا أنه لم يأخذ بالقاعدة المقابلة لها في جرائم الاعتداء على ما دون النفس وهي القصاص من الجماعة بالواحد؛ إذ يرى الأحناف أن المماثلة فيها دون النفس معتبرة، ولا مماثلة بين طرف وأطراف ومن ثم يمتنع - فيها دون النفس - القصاص من الجماعة بالواحد، وإنما يجب الأرش (المرجع السابق ص (299)، على أن الذين رأوا القصاص من الجماعة بالواحد فيما دون النفس، استندوا إلى أن شاهدين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل بالسرقة فقطع يده، ثم جاءا بآخر فقالا: هذا هو السارق وأخطأنا في الأول. فرد شهادتها على الثاني، وغرمها دية الأول، وقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما. فأخبر بذلك أن القصاص على كل واحد منهما لو تعمدا قطع يد واحدة، ولأنه أحد نوعي القصاص (أي القصاص في النفس والقصاص فيها دون النفس)، فتؤخذ الجماعة بالواحد کالأنفس. ولذلك وجب القصاص على المشتركين في الظرف على وجه لا يتميز فعل أحدهم عن فعل الآخر كأن يشهدوا عليه عمدا بغير حق با یوجب قطعه فيقطع، ثم يرجعوا عن الشهادة أو يكرهوا إنساناً على قطع طرف، أو يلقوا صخرة على طرف إنسان فتقطعه، أو يقطعوا أيد أو يقلعوا علينا بضربة واحدة، أو يضعوا حديدة على مفصل ويتحاملوا عليها جميعا، أو يمدوها فتبين اليد، بخلاف ما إذا قطع كل واحد منهم من جانب، أو قطع أحدهم بعد المفصل وأتمه غيره أو ضرب كل واحد ضربة، أو وضعوا منشارا على مفصله ثم مده كل واحد إليه مرة حتى بانت اليد، فلا قصاص فيه؛ لأن كل واحد منهم لم يقطع اليد ولم يشارك في قطع جميعها.
وفي مذهب مالك أنه إذا تعدد العضو المجني عليه بأن قلع واحد عينه، وواحد قطع رجله وكانا متمالئين على قلع عينه وقطع رجله - تقلع عين كل واحد منهما وتقطع رجله، وإذا اتحد العضو المجني عليه كما إذا تمالأت جماعة على قطع شخص - فإنه يقطع كل واحد، والتمالؤ عند المالكية هو الاتفاق على ارتكاب الجريمة.
هذا وقد آثرت اللجنة الأخذ برأي الذين قالوا بالقصاص من الجماعة بالواحد کما سبق القول، وهي القاعدة التي التقى عليها الجمهور الأعظم من الفقهاء، ولا وجه للمغايرة بين القصاص في النفس وبين القصاص فيما دون النفس، وما أخذت به اللجنة هو الذي يتفق مع مذهب مالك والشافعي والظاهرة في مذهب أحمد وإسحاق وأبي ثور.
حاشية الدسوقي ج (4) ص (245) و(250) و(251)، نهاية المحتاج ج- (7) ص (275)، المغني ج (8) ص (268) وما بعدها).
كذلك فإن المشروع أخذ في أحكام الاشتراك في جريمة الاعتداء على ما دون النفس، إذا تم هذا الاشتراك بالتسبب لا بالمباشرة - بذات النهج الذي سبق إقراره في صدد أحكام حد السرقة، فنص المشروع في المادة (247) على حكم من مقتضاه أنه إذا لم يكن الاشتراك في الجريمة الموجبة للقصاص اشتراگا بالمباشرة - كما إذا اقتصر الأمر على مجرد التحريض أو الاتفاق أو المساعدة دون ارتكاب الأفعال التنفيذية - فلا قصاص، وإنما يعاقب الشريك بالعقوبة التعزيرية التي تتحدد وفقا لأحكام هذا القانون وبحسب وصف الجريمة فيه.
وعالج المشروع في المادة (248) حالة الأمر بجريمة اعتداء على ما دون النفس موجبة للقصاص، فنص فيها على أنه إذا ارتكبت جريمة موجبة للقصاص بطريق الأمر وكان المأمور صبياً لم يتم السابعة من عمره، أو مجنوناً، أو به عاهة في العقل - اقتص من الآمر وحده (المغني ج (8) ص (350)).
وهنا نجد الآمر مسئولا، والمأمور ليس أهلاً للمسئولية الجنائية، فلا يؤاخذ بفعله، والمسئولية كلها على الأمر، والحنابلة والمالكية وبعض الشافعية يرون أن الأمر هو الذي يقتص
منه، إذ إن غير المسئول کالآلة في يد الآمر، ولا يذهب الدم هدراً (العقوبة ص (548)).
كما نص المشروع في المادة (249) على أنه لا أثر للظروف الخاصة بأحد الفاعلين من حيث امتناع القصاص، أو المسئولية، أو تخفيفها، أو القصد الجنائي على بقية الجناة. وقد استخلصت أحكام هذه المادة من اتجاهات بعض المذاهب والفقهاء في صدد الفروض التي تندرج تحت حكم هذه المادة وخاصة في جرائم القتل، ومثال ذلك أنه إذا وقعت الجريمة من أب على ابنه واشترك مع الأب غيره - فإن امتناع القصاص بالنسبة إلى الأب لا يؤثر على وجوب القصاص من شريكه إذا توافرت شروط القصاص، وكذلك الشأن بالنسبة إلى اشتراك المكلف مع غير المكلف.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 298
ج - حَبْسُ الْمُتَسَبِّبِ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ دُونَ مُبَاشَرَتِهِ :
- مِنَ الأْمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا: أَنَّ مَنْ أَمْسَكَ رَجُلاً لآِخَرَ لِيَقْتُلَهُ يُقْتَصُّ مِنَ الْقَاتِلِ وَيُحْبَسُ الْمُمْسِكُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَرَبِيعَةُ لِحَدِيثِ: «يُصْبَرُ الصَّابِرُ وَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ».
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْقَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُمْسِكِ لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقَتْلِ، إِلاَّ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ الْمُمْسِكُ أَنَّ صَاحِبَهُ سَيَقْتُلُ فَيُحْبَسُ سَنَةً وَيُضْرَبُ مِائَةً. وَمَنْ كَتَّفَ إِنْسَانًا وَطَرَحَهُ فِي أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ أَوْ ذَاتِ حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ يُحْبَسُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: حَتَّى يَمُوتَ.
وَمَنْ تَبِعَ رَجُلاً لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ فَأَدْرَكَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الأْوَّلُ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَ قَصْدُ الْقَاطِعِ حَبْسَهُ بِالْقَطْعِ لِيَقْتُلَهُ الأْوَّلُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ، وَيُحْبَسُ؛ لأِنَّهُ كَالْمُمْسِكِ بِسَبَبِ قَطْعِ رِجْلِ الْمَقْتُولِ.