1 ـ لما كان الحكمِ المطعون فيه قد ساءل المُتَهم عن جناية الشروع فى سرقة مهمات مُعَدَّة للاستعمال فى توصيل التيار الكهربائي المنصوص عليها فى المادة 316 مكرر ثانياً ( أ ) من قانون العقوبات ، إلا أنهُ قد أنزَلَ عليه عقوبة السجن المُشَدد لمدة خمس سنوات وغرامة مائة ألف جنيه ، وهي عقوبة غير مُقَررة فى القانون لتلك الجناية، وإنما تدخل فى نطاق عقوبة جناية سرقة المهمات المُعَدَّة للاستعمال فى شبكة الاتصالات والمنصوص عليها فى المادة 316 مكرر ثانياً ( ب ) من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المُقَررة للجريمة المُسنَدَة للطاعن والمنصوص عليها فى المادة 316 مكرر ثانياً ( أ ) من قانون العقوبات هي السجن ، وكان المُشَرِع إذ نص فى المادة 46 من قانون العقوبات على أنه : " يُعَاقب على الشروع فى الجنايةِ بالعقوبات الآتية إلا إذا نُصَ قانوناً على خلاف ذلك : .... بالسجن مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المُقَرر قانوناً أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن ." وفي المادة 47 من القانون ذاته على أنه " تُعَيَّنْ قانوناً الجنح التي يُعاقب على الشروع فيها ، وكذلك عقوبة هذا الشروع ." فقد أعلن صراحة أنهُ يرى العقاب على الشروع فى الجريمة بعقوبة أقل من عقوبة الجريمة التامة ، ذلك لأن الشروع لا ينال بالاعتداءِ الحق الذي يحميه القانون ، وإنما يقتصر على مُجرد تَهدِيده بالخطر ، فالشروع أقل ضرراً من الجريمةِ التامة ، والعقاب عليه يُعَدُّ نوعاً من التوسع فى المسئولية الجنائية ، ولذلك اختط المُشَرِع خطة مؤداها أن الأصل عدم العقاب على الشروع فى الجنح إلا بنص خاص ، وأنه لا عقاب على الشروع فى المخالفاتِ عامة ، وفَرَّقَ بين العقوبة المُقررة للشروع فى الجناية وبين تلك المُقَررة للجريمة التامة ، فجَعَلَ الأولى أخف من الأخيرة ، ومن ثم يتعين على المحكمة ألا تُوَقِع العقوبة على الشروع فى الجناية ، إلا على الأساس الوارد فى المادة 46 سالفة الذكر ، وأن تنزل بالعقوبة على الشروع إلى الحد الوارد فيها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقَبَ الطاعن بالسجن المُشدد لمدة خمس سنوات وتغريمه مائة ألف جُنَيه وهي عقوبة أشد من العقوبة المُقَررة للجريمة التامة المنصوص عليها فى المادة 316 مكرر ثانياً ( أ ) من قانون العقوبات ، والتي تنطبق على الواقعة ، ولم ينزل بالعقوبة إلى الحد الوارد فى المادة 46 سالفة الذكر ، فإنه يكون مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه وتصحيحه . إلا أنه وقد جعل الشارع لهذه الجريمة وهي الشروع المُعَاقب عليها بالسجن عقوبتين تخييريتين ، وهما السجن مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المُقرر قانوناً أو الحبس ، وكان تطبيق العقوبة فى حدود النص المُنطَبِق ، هو من خصائص قاضي الموضوع ، فإنه يتعين أن يكون النقض مقروناً بالإعادة .
(الطعن رقم 7934 لسنة 83 ق - جلسة 2014/02/12 س 65 )
2 ـ لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وهى إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التامة المنصوص عليها فى المادة315/1 من قانون العقوبات دون النزول بها إلى الحد الوارد فى المادة 46 من قانون العقوبات فإنه يكون مشوباً بالخطأ فى تطبيق القانون بتجاوزه نصف الحد الأقصى المقرر لعقوبة السجن المشدد ، مما يقتضى هذه المحكمة لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون بالنسبة للطاعن ولو لم يرد ذلك فى أسباب طعنه والقضاء باستبدال عقوبة السجن المشدد لمدة سبع سنوات بعقوبة السجن المشدد لمدة عشر سنوات المقضي بها .
(الطعن رقم 1310 لسنة 82 ق - جلسة 2014/02/06 س 65 )
3 ـ من المقرر أن شرعية العقاب تقضي بأن لا عقوبة بغير نص ، ولم تنص المادة 46 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التي يحكم بها فى حالة الجريمة التامة فى جرائم الاختلاس والاستيلاء ، والحكمة من ذلك ظاهرة وهي أن تلك الغرامة يمكن تحديدها فى الجريمة التامة على أساس ما اختلسه الجاني أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات ، أما فى حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة ، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بالغرامة النسبية عن جريمة الشروع فى الاستيلاء بغير حق على مال عام يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بإلغاء الغرامة النسبية المقضي بها وقدرها ثلاثمائة وخمسة وتسعون ألف جنيه .
(الطعن رقم 4953 لسنة 80 ق - جلسة 2010/10/20 س 61 ص 579 ق 70)
4 ـ لما كانت عقوبة السجن من بين العقوبات المقررة لجريمة الشروع فى السرقة باكراه طبقاً لما نصت عليه المادة 46 من قانون العقوبات ، وكانت المادة 17 من ذلك القانون التى أعملها الحكم فى حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس التى لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور ، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التى أباح النزول إليها جوازياً ، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المذكورة ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فى هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الشروع فى سرقة بإكراه وذكرت فى حكمها أنها رأت معاملته بالرأفة طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن وهى إحدى العقوبات التخييرية المقررة لهذه الجريمة طبقاً للمادتين 46 ، 315 من قانون العقوبات ، فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس ، مما يؤذن لهذه المحكمة لمصلحة الطاعن وإعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون ولو لم يرد ذلك فى أسباب الطعن .
(الطعن رقم 6951 لسنة 63 ق - جلسة 1995/04/12 س 46 ص 719 ق 105)
5 ـ من المقرر أن شرعية العقاب تقضى بأنه لا عقوبة بغير نص ولم تقضى المادة 46 من قانون العقوبات التى طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التى يحكم بها فى حالة الجريمة التامة فى جرائم الإختلاس الإستيلاء والحكمة من ذلك ظاهرة وهى أن تلك الغرامة يمكن تحديدها فى الجريمة التامة على أساس ما أختلسه الجاني أو استولى عليه من ماله أو منفعة . أو ربح وفقا لنص المادة 118 من قانون العقوبات أما فى حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتيه الجريمة .
(الطعن رقم 5343 لسنة 59 ق - جلسة 1992/01/07 س 43 ع 1 ص 88 ق 2)
6 ـ من المقرر أن شرعية العقاب تقضى بأن لا عقوبة بغير نص و لم تنص المادة 46 من قانون العقوبات التى طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التى يحكم بها فى حالة الجريمة التامة فى جرائم الإختلاس و الإستيلاء و الحكمة من ذلك ظاهرة و هى تلك الغرامة يمكن تحديدها فى الجريمة التامة على أساس ما إختلسه الجاني أو إستولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات أما فى حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالغرامة النسبية عن جريمة الشروع فى الإستيلاء بغير حق على مال عام يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بإلغاء الغرامة النسبية المقضى بها عن جريمة الشروع فى الإستيلاء و قدرها خمسمائة و سبعون جنيهاً .
(الطعن رقم 8406 لسنة 60 ق - جلسة 1991/10/01 س 42 ع 1 ص 948 ق 132)
7 ـ لما كانت المادة 46 من قانون العقوبات قد نصت على أن عقوبة الشروع فى الجناية التى عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقته هى الأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن ، و كانت عقوبة جناية السرقة بالإكراه فى الطرق العامة أو فى إحدى وسائل النقل طبقاً لنص المادة 315 من قانون العقوبات هى الأشغال الشاقة المؤقتة ، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع فى السرقة بالإكراه فى الطريق العام و فى إحدى وسائل النقل البرية و أعمل فى حقه المواد 45,46، 3/315 من قانون العقوبات و قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً يكون قد خالف القانون بتجاوزه نصف الحد القصى المقرر لعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة مما يقتضى هذه المحكمة - لمصلحة الطاعن و إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 إن تتدخل لتصلح ما وقعت فيه محكمة الموضوع من مخالفة للقانون ولو لم يرد ذلك بأسباب الطعن .
(الطعن رقم 5146 لسنة 54 ق - جلسة 1985/02/06 س 36 ص 214 ق 34)
8 ـ شرعية العقاب تقضى بأن لا عقوبة بغير نص - و لم تنص المادة 46 من قانون العقوبات التى طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التى يحكم بها فى حالة الجريمة التامة فى جرائم الإختلاس و الحكمة من ذلك ظاهرة و هى أن تلك الغرامة يمكن تحديدها فى الجريمة التامة على أساس ما إختلسه الجاني أو إستولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات - أما فى حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة .
(الطعن رقم 368 لسنة 35 ق - جلسة 1965/10/05 س 16 ع 3 ص 672 ق 128)
9 ـ أعلن المشرع صراحة بإيراده المادة 46 من قانون العقوبات أنه يرى عقاب الشروع فى الجريمة بعقوبة غير عقوبة الجريمة التامة - و لو شاء أن يلحق المحكوم عليه فى الجريمة المشروع فيها عقوبة الغرامة النسبية التى يقضى بها فى حالة الجريمة التامة لنص على ذلك صراحة فى المادة 46 سالفة الذكر - يؤيد هذا النظر أن الغرامة النسبية يمكن تحديدها على أساس قيمة ما إختلسه المتهم أو إستولى عليه من مال أو منفعة أو ربح فى حالة الجريمة التامة طبقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات - أما فى حالة الشروع فتحديد تلك الغرامة غير ممكن - و هو ما يتعين معه نقض الحكم نقضاً جزئياً و تصحيحه باستبعاد الغرامة النسبية المقضى بها على كل من الطاعنين مادام العيب القانونى الذى لحق الحكم بالنسبة إلى الطاعن الأول يتصل بالطاعن الثانى الذى لم يقبل طعنه شكلاً و ذلك عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 .
(الطعن رقم 1237 لسنة 30 ق - جلسة 1960/10/31 س 11 ع 3 ص 736 ق 140)
10 ـ إذا كان الحكم المطعون فيه قد دان المتهم فى الجرائم الثلاث المنسوبة إليه و هى جريمة إحراز السلاح النارى الوارد ذكره فى القسم الثانى من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون رقم 94 لسنة 1954 ، و جريمة إحراز الذخيرة ، و جريمة الشروع فى القتل العمد ، و طبق المادة 2/32 من قانون العقوبات و قضى بعقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة المقررة لجريمة إحراز السلاح المسندة إلى المتهم طبقا للمادة 26 من قانون الأسلحة و الذخائر المعدلة بالقانون 546 لسنة 1954 ، - و هى عقوبة مفردة ليس للقاضى أن يستبدل بها غيرها إلا فى حالة المادة 17 من قانون العقوبات - و لم تر المحكمة تطبيقها - و هو إذ أوقعها فى حدها الأقصى يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحاً ، و تكون هذه العقوبة هى العقوبة الأشد باعتبار الرخصة التى خولها القانون للمحكمة عند ثبوت جريمة الشروع فى القتل العمد من إمكان النزول بعقوبتها إلى نصف الحد الأقصى أو النزول منها إلى العقوبة التالية و هى السجن - عملاً بالمادة 46 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 1354 لسنة 29 ق - جلسة 1960/01/11 س 11 ع 1 ص 29 ق 5)
11 ـ من المسلم به فى منطق القانون أنه لاعقوبة بغير نص، ولم تنص المادة 46 من قانون العقوبات - التى طبقتها المحكمة - على عقوبة الغرامة النسبية التي يحكم بها فى حالة الجريمة التامة فى جرائم الاختلاس، والحكمة فى ذلك ظاهرة، وهي أن تلك الغرامة يمكن تحديدها فى الجريمة التامة على أساس ما اختلسه الجاني أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات. أما فى حالة الشروع، فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة.
(الطعن رقم 1167 لسنة 28 ق - جلسة 1958/12/02 س 9 ع 3 ص 1020 ق 247)
12 ـ أعلن المشرع صراحة بإيراده المادة 46 من قانون العقوبات أنه يرى عقاب الشروع فى الجريمة بعقوبة غير عقوبة الجريمة الأصلية، ولو شاء أن يلحق بالمحكوم عليه فى الجريمة المشروع فيها عقوبة الغرامة النسبية التي يقضي بها فى حالة الجريمة التامة لنص على ذلك صراحة فى المادة 46 سالفة الذكر، ومن ثم فإن جريمة الشروع فى الاختلاس لا تقتضي توقيع عقوبة الغرامة على مرتكبها.
(الطعن رقم 914 لسنة 28 ق - جلسة 1958/06/24 س 9 ع 2 ص 743 ق 182)
13 ـ لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه "إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها" فقد دلت بصريح عبارتها على أنه فى الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف، يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد إذ يعتبر الجاني كأنه لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة، وذلك على خلاف التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة ارتباطا لا يقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة 32 سالفة الذكر إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف فى وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها يؤكد هذا النظر تباين صياغة الفقرتين إذ أردف الشارع عبارة "الحكم بعقوبة الجريمة الأشد" "بعبارة" "دون غيرها" فى الفقرة الأولى الخاصة بالتعدد المعنوي بينما أسقط تلك العبارة فى الفقرة الثانية الخاصة بالتعدد الحقيقي، ولو كان مراده التسوية بينهما فى الحكم لجرت صياغتها بعبارة واحدة وعلى نسق واحد، ولما كانت ثمة حاجة إلى إفراد فقرة لكليهما. لما كان ذلك، وكان الفعل الذي قارفه المطعون ضده يتداوله وصفان قانونيان: الشروع فى تصدير جوهر مخدر دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة والشروع فى تهريب هذا المخدر بمحاولة إخراجه من البلاد بالمخالفة للنظم المعمول بها، مما يقتضي - إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات - اعتبار الجريمة التي تتمخض عنها الوصف الأشد - وهي جريمة الشروع فى تصدير جوهر مخدر - والحكم بعقوبتها المنصوص عليها فى المادتين 45، 46 من قانون العقوبات والمادتين 33/1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها دون عقوبة الشروع فى التهريب الجمركي المنصوص عليها فى المادة 122 من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، أصلية كانت أو تكميلية.
(الطعن رقم 7079 لسنة 55 ق - جلسة 1986/03/13 س 37 ع 1 ص 412 ق 85)
ومحل تطبيق العقوبات المقررة بالمادة 46 من قانون العقوبات الا يكون هناك نص في القانون قضى على خلاف ذلك كما هو الشأن في المادة 264 من قانون العقوبات التي تنص على أنه "لا عقاب على الشروع في الإسقاط" وكما هو الشأن في المادة 268 من قانون العقوبات التي تعاقب على "الشروع في هتك العرض بالقوة المقررة للجريمة التامة.
وإذا كانت العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التامة هي تخييرية بين نوعين من العقوبات كالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن فتكون العبرة في تحديد عقوبة الشروع هي بالعقوبة الأشد جسامة بوصفها الحد الأقصى المقرر قانوناً للجريمة.
ولا تقتصر عقوبة الشروع على العقوبة الأصلية وحدها بل تشمل كذلك العقوبات التبعة والتكميلية وإن كانت المادة 46 لم تشر إليها وذلك ما لم يتضح أن هذه العقوبات لا تسري إلا على الجريمة التامة وحدها وعليه انطباق هذه العقوبات في حالة الشروع أنها ترتبط إما بنوع الجناية أو بنوع العقوبة المحكوم بها لأمرين معاً (م 24/1 ع) . ( موسوعة هرجة الجنائية ، للمستشار / مصطفى مجدي هرجه ، المجلد / الأول ، دار محمود الصفحة / 501)
مقدار العقاب على الشروع في الجنايات : إذا كان الشروع في في الجنايات معاقبا عليه دون حاجة إلى نص خاص يقرر ذلك بالنسبة إلى كل جناية على حدة لم يكن بد من وضع قاعدة تحدد عقوبة الشروع في الجنايات وقد ضمن الشارع المادة 46 من قانون العقوبات هذه القاعدة ، وقرر بها ارتباطاً بين عقوبة الجناية التامة و عقوبة الشروع فيها، فالثانية أقل درجة، وقد تكون هي نفسها مع تخفيض حدها الأقصى، وقد نصت المادة 46 من قانون العقوبات على أنه «يعاقب على الشروع في الجنايات بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجناية الإعدام . بالسجن المشدد إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد . بالسجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية السجن المشدد . بالسجن مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المحدد قانوناً أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن » .
وقد يخرج الشارع على القاعدة السابقة بنص صريح فيحدد عقوبة الشروع في جناية معينة غير متقيد بهذه القاعدة، ومثال ذلك الشروع في جناية هتك العرض بالقوة أو التهديد الذي يقرر له القانون نفس عقوبة الجناية التامة (المادة 268 من قانون العقوبات) .
والقاعدة السابقة قد وردت في شأن العقوبات الأصلية، أما العقوبات التبعية والتكميلية فمن المتعين توقيعها دون تغيير، إذ لا يجوز استبعادها أو تخفيفها ما لم يقرر الشارع ذلك بالنسبة لجريمة أو عقوبة معينة .
والشروع في الجناية هو بدوره جناية، إذ يقرر له القانون عقوبة الجناية، سواء أقررها وحدها أم قررها إلى جانب عقوبة جنحة : فإذا وقع القاضي عقوبة الحبس من أجل شروع في جناية ، فهذا الشروع جناية على الرغم من ذلك، لأن القانون يقرر له عقوبة السجن إلى جانب عقوبة الحبس، والعبرة في تحديد نوع الجريمة بأشد العقوبات المقررة لها.
مقدار العقاب على الشروع في الجنح : لا عقاب على الشروع في جنحة إلا بناء على نص خاص ، ويحدد الشارع في هذا النص مبدأ العقاب على الشروع في هذه الجنحة ومقداره ولم يضع الشارع قاعدة عامة في هذا الشأن ولا يجرى على خطة واحدة في ذلك والغالب أن يقرر للشروع عقوبة تقل عن عقوبة الجنحة التامة، مثال ذلك السرقة ( المادة 321 من قانون العقوبات ) والنصب ( المادة 336 من قانون العقوبات ) والغصب بالتهديد ( المادة 326 من قانون العقوبات ) ولكنه قد يوحد عقوبة الشروع القطارات والمركبات ( المادة 170 من قانون العقوبات ) وإدخال البضائع الممنوع دخولها في البلاد ( المادة 228 من قانون العقوبات). (شرح قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية، الصفحة:430)
ومفاد النص السابق هو أن الشروع في الجنايات معاقب عليه كقاعدة وبعقوبة أخف من تلك المقررة قانوناً للجريمة التامة. وهذه القاعدة العامة أورد المشرع عليها تحفظة خاصة بالأحوال التي يقضي فيها القانون بخلاف ذلك. ففي بعض الجنايات ينص المشرع صراحة على عدم العقاب على الشروع فيها، ومثال ذلك ما نصت عليه المادة 264 عقوبات من عدم العقاب على الشروع في الإسقاط. وفي جنايات أخرى يسوي المشرع في العقوبة بين الجريمة التامة والشروع في هتك العرض بالقوة بالعقوبة المقررة للجريمة التامة، كما ساوى بين عقوبة الشروع و عقوبة الجريمة التامة في بعض القوانين الخاصة مثل قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966.
ويلاحظ على نص المادة 46 أن المشرع نزل بالعقوبة المقررة للشروع درجة واحدة إذا كانت العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التامة هي الإعدام أو إذا كانت بالأشغال الشاقة المؤبدة أما إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة التامة هي الأشغال الشاقة المؤقتة فتكون عقوبة الشروع هي الأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن. فإذا كانت العقوبة المقررة في السجن فإن عقوبة الشروع تكون السجن الذي لا تزيد مدته على نصف الحد الأقصى المقرر قانون أو الحبس أو غرامة لا تزيد على خمسين جنيها.
وإذا كانت العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التامة تخييرية بين نوعين من العقوبات كالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو الأشغال الشاقة المؤقتة والسجن فتكون العبرة في تحديد عقوبة الشروع وهي بالعقوبة الأشد جسامة بوصفها الحد الأقصى المقرر قانوناً للجريمة .
ويلاحظ أن تخفيف عقوبة الشروع بالنسبة للجريمة التامة لا يتعلق بالعقوبات التبعية والتكميلية. فهي تطبق أيضاً على جريمة الشروع إلا ما كان منها متعارضا وطبيعة جريمة الشروع كما هو الشأن في الغرامة النسبية التي لا يمكن الحكم بها إلا بصدد جريمة تامة، إذ أنها تقاس بقدر الضرر الذي لحق المصلحة محل الحماية. وجريمة الشروع هي جريمة خطر وليست جريمة ضرر.
وغني عن البيان أنه إذا كانت القاعدة هي العقاب على الشروع في الجنايات ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك، فإن هذه القاعدة تجد حدودها في مكنة تصور الشروع بالنسبة للجريمة. (قانون العقوبات، القسم العام، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الثالث، الصفحة : 504
يضع المشرع المصري للشروع في الجنايات عقوبة أقل من العقوبة المقررة للجريمة التامة، تأسيساً على أن الحق محل الحماية لم يصبه الاعتداء .
ويتضح من نص المادة (46) عقوبات أن الشروع في الجناية هو ذاته دائماً جناية ، طالما أن أدني عقوبة له هي السجن لمدة معينة أو الحبس.
كما أن المبدأ العام هو العقاب علي الشروع في الجنايات بالعقوبات المخففة التي ينص عليها. ولكن يمكن الخروج علي هذا المبدأ العام إذا وجد نص خاص يقضي بغير ذلك. ففي بعض الجنايات ينص المشرع صراحة على عدم العقاب على الشروع فيها، مثال ذلك المادة (264) عقوبات التي تنص على أنه: "لا عقاب على الشروع في الإسقاط"، فالشروع في الإسقاط سواء أكان جناية أم جنحة غير معاقب عليه.
وفي جنايات أخري يسوي المشرع في العقوبة بين الجريمة التامة والشروع مثل جناية هتك العرض بالقوة أو بالتهديد (المادة 268 عقوبات) وكذلك الجنايات التي نص عليها قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966. فإذا لم يوجد مثل هذا النص الخاص تكون عقوبة الشروع في جناية كما هي محددة في المادة (46) عقوبات.
ويلاحظ على هذه العقوبة أن المشرع ينزل بها درجة واحدة عن تلك المقررة للجريمة التامة بالنسبة لبعض العقوبات كما يترك القاضي حرية الإختيار بين النزول إلى تلك الدرجة الواحدة أو إنقاص. مدة العقوبة دون إنزال درجتها بالنسبة البعض العقوبات الأخرى.
هذا يلاحظ أنه إذا كانت العقوبة المقررة للجناية التامة تخييرية بين نوعين من العقوبات فإن العبرة في تحديد عقوبة الشروع هي بالعقوبة الأشد جسامة بوصفها الحد الأقصى المقرر قانوناً للجريمة. فإذا كانت الجريمة غير معاقب على الشروع فيها ثم اقترنت بظرف مشدد ترتب عليه تغيير وصفها إلى جناية فإن الشروع في هذه الجناية يعاقب عليه.
والشروع في جناية له وصف الجناية حتى و لو نص المشرع على عقوبتين على سبيل التخيير أحدهما عقوبة جناية والأخرى عقوبة جنحة، إذا أن تحديد وصف الجريمة يكون على أساس الحد الأقصى للعقوبة المقررة.
ويستفاد من نص المادة (46) من قانون العقوبات أن تخفيف عقوبة الشروع في جناية بالنسبة لعقوبة الجناية التامة إنما ورد بشأن العقوبات الأصلية فقط. ولهذا فإن العقوبات التبعية أو التكميلية المقررة للجريمة التامة تطبق بكاملها دون إستبعاد أو تخفيف إلا إذا وجد نص يقضي بخلاف ذلك. وتستبعد هذه العقوبات كذلك إذا كان تحديدها غير ممكن وذلك بالنظر إلى ذاتية وطبيعة جريمة الشروع كما هو الشأن في الغرامة النسبية في جرائم اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر والتي لا يمكن الحكم بها إلا بصدد جريمة تامة إذ أنها تحدد على أساس ما اختلسه الجاني أو ما استولى عليه أو ما حصله أو طلبه من مال أو منفعة أو ربح.
ويلاحظ أن النزول بالعقوبة في جرائم الشروع في الجنايات طبقاً للمادة (46) من قانون العقوبات لا يمنع من النزول بها أيضا طبقاً للمادة (17) من قانون العقوبات المتعلقة بالظروف القضائية المخففة . فمثلاً عقوبة جناية الاستيلاء بغير حق على المال للدولة إذا تمت هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن فتكون عقوبة الشروع فيها طبقاً للمادة (46) من قانون العقوبات هي الأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن. ولكن الذي لا يمنع من أن ينزل القضاة بالعقوبة إلى حد الحبس الذي لا يقل عن ستة أشهر إذا رأوا أخذ المذنب بالرأفة طبقاً للمادة (17) من قانون العقوبات. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الأول، الصفحة : 547 )
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 32 .
(مادة 22)
يعاقب على الشروع في الجنايات بالعقوبات الآتية، إلا إذا نص قانوناً على خلاف ذلك:
بالسجن المؤبد إذا كانت عقوبة الجناية الإعدام.
بالسجن المؤقت إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤبد.
بالسجن المؤقت مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو الحبس، إذا كانت عقوبة الجناية السجن المؤقت.
وقد نص الفصل الرابع على الشروع في الجريمة (المواد (21) - (24))، فعرف الشروع (المادة (21))، وحدد عقوبته في الجنايات المادة (22))، ونص على عدم العقاب على الشروع في الجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك المادة (23))، ونص على عدم العقاب في حالة العدول عن إتمام الجريمة التي شرع الجاني في ارتكابها، متى توقف من تلقاء نفسه عن المضي في تنفيذها (المادة (24)).
ويلاحظ أن الشروع في الجرائم يقتصر على الجرائم التعزيرية دون الجرائم الحدية،
وقواعد الشريعة الموضوعة للعقاب على التعازير تمكن من وضع قواعد خاصة للشروع في الجرائم، وتكفي لحكم جرائم الشروع؛ لأن قواعد الحدود والقصاص تعالج جرائم تامة وقائمة بذاتها، أما إذا شرع في ارتكاب حد أو جريمة قصاص فإنه يمكن أن توقع العقوبة تعزيراً لعدم اكتمال جريمة الحد أو القصاص ويكون العقاب هنا على السلوك الإجرامي جائزا طبقا لقواعد التعزير في الشريعة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس والعشرون ، الصفحة / 93
الشُّرُوعُ فِي الْجِنَايَاتِ:
يَتَحَقَّقُ الشُّرُوعُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالْحُدُودِ: بِالْفِعْلِ لاَ بِالْقَوْلِ، وَلاَ بِالنِّيَّةِ.
مَا يَجِبُ إِتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ:
مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَى الْمُكَلَّفِ، إِذَا شَرَعَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهُ أَوِ الاِنْصِرَافُ عَنْهُ إِلاَّ بَعْدَ إِتْمَامِهِ.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ حَالَةُ الضَّرُورَةِ الَّتِي تَمْنَعُ مِنْ إِتْمَامِهِ، كَأَنْ يُنْتَقَضَ وُضُوءُ الْمُصَلِّي، أَوْ يُغْمَى عَلَيْهِ، أَوْ تَحِيضَ الْمَرْأَةُ أَثْنَاءَ الصَّلاَةِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَعُوقُ الْمُكَلَّفَ عَنِ الإْتْمَامِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (اسْتِئْنَافٌ - حَيْضٌ - صَلاَةٌ).
وَمِثْلُ الصَّلاَةِ كُلُّ مَفْرُوضٍ مِنْ: صِيَامٍ أَوْ زَكَاةٍ، أَوْ حَجٍّ، إِذَا شَرَعَ فِيهِ وَجَبَ إِتْمَامُهُ، وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، وَقَدْ يَجْلِبُ عَلَيْهِ الْعِقَابَ فِي الدُّنْيَا، كَالْكَفَّارَةِ لِمَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ بِدُونِ عُذْرٍ، وَلُزُومِ الْهَدْيِ لِمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ عُمْرَتَهُ، وَإِعَادَتُهُمَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ أَمْرٌ لاَزِمٌ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَمَّا الشَّارِعُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ، إِذَا أَرَادَ قَطْعَهُ فَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِهِ بُطْلاَنُ مَا مَضَى مِنَ الْفِعْلِ حَرُمَ كَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَإِلاَّ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ بِقَطْعِهِ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ لِلشَّارِعِ، بَلْ حَصَلَتْ بِتَمَامِهَا، كَمَا إِذَا شَرَعَ فِي إِنْقَاذِ غَرِيقٍ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ لإِنْقَاذِهِ جَازَ قَطْعًا.
نَعَمْ ذَكَرُوا فِي اللَّقِيطِ أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، لَكِنْ لاَ عَلَى التَّمَامِ، وَالأْصَحُّ أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ أَيْضًا، كَالْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ يَنْفَرِدُ، وَإِنْ قُلْنَا الْجَمَاعَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالشَّارِعُ فِي الْعِلْمِ فَإِنَّ قَطْعَهُ لَهُ لاَ يَجِبُ بِهِ بُطْلاَنُ مَا عَرَفَهُ أَوَّلاً؛ لأِنَّ بَعْضَهُ لاَ يَرْتَبِطُ بِبَعْضٍ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، فَالصُّوَرُ ثَلاَثَةٌ:
قَطْعٌ يُبْطِلُ الْمَاضِيَ فَيَبْطُلُ قَطْعًا، وَقَطْعٌ لاَ يُبْطِلُهُ وَلاَ يُفَوِّتُ الشَّاهِدَ فَيَجُوزُ قَطْعًا، وَقَطْعٌ لاَ يُبْطِلُ أَصْلَ الْمَقْصُودِ، وَلَكِنْ يُبْطِلُ أَمْرًا مَقْصُودًا عَلَى الْجُمْلَةِ، فَفِيهِ خِلاَفٌ.
قَالَ الْفَتُوحِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَيَجِبُ إِتْمَامُهُ عَلَى الأْظْهَرِ وَيُؤْخَذُ لُزُومُهُ بِالشُّرُوعِ مِنْ مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَرْكُ الْحِفْظِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَفِي وَجْهٍ يُكْرَهُ.
أَمَّا مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّارِعُ مِنَ السُّنَنِ فَإِنْ كَانَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَشَرَعَ فِيهِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الإْتْمَامُ بِاتِّفَاقٍ، لقوله تعالى :(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَإِتْمَامُهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ مَحَلُّ خِلاَفٍ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي نَفْلٍ لَزِمَهُ إِتْمَامُهُ لقوله تعالى :(وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) فَمَا أَدَّاهُ وَجَبَ صِيَانَتُهُ وَحِفْظُهُ عَنِ الإْبْطَالِ؛ لأِنَّ الْعَمَلَ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ، وَلاَ سَبِيلَ إِلَى حِفْظِهِ إِلاَّ بِالْتِزَامِ الْبَاقِي، فَوَجَبَ الإْتْمَامُ ضَرُورَةً.
فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بِدُونِ عُذْرٍ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، وَعَلَيْهِ الإْثْمُ، وَالْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لِعُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ. فَأَصْبَحَتِ النَّافِلَةُ عِنْدَهُمْ وَاجِبًا بَعْدَ الشُّرُوعِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنَ النَّفْلِ بِعُذْرٍ، فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا شَرَعَ فِي النَّفْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمُضِيُّ فِيهِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ إِذَا لَمْ يُتِمَّهُ؛ لأِنَّ النَّفَلَ لَمَّا شُرِعَ غَيْرَ لاَزِمٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ، وَجَبَ أَنْ يَبْقَى كَذَلِكَ بَعْدَ الشُّرُوعِ؛ لأِنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْعِ لاَ تَتَغَيَّرُ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ أَتَمَّهُ صَارَ مُؤَدِّيًا لِلنَّفْلِ، لاَ مُسْقِطًا لِلْوُجُوبِ. أَمَّا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ نَفْلٍ فَنَذَرَ إِتْمَامَهُ، لَزِمَهُ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي النَّفْلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْبَقَاءُ فِيهِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ لاَ إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.
أَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: إِذَا شَرَعَ الْمُكَلَّفُ فِيهَا، فَيُكْرَهُ قَطْعُهَا لِمُكَالَمَةِ النَّاسِ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثِرَ كَلاَمَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما: أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ.
وَأَمَّا الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ فَإِنَّهُمَا إِذَا شَرَعَتَا فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، نَاسِيَةً إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا حَائِضٌ، وَالأْخْرَى أَنَّهَا نُفَسَاءُ، فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الاِسْتِمْرَارُ فِي الْقِرَاءَةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْقَطْعُ.
أَمَّا الْمُسْتَحَاضَةُ، وَمَنْ بِهِ عُذْرٌ، كَسَلَسِ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُهُمَا لِلصَّلاَةِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ، فَإِذَا شَرَعَ فِي قِرَاءَةٍ مُتَوَضِّئًا، فَلاَ يَقْطَعُ نَدْبًا، وَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُ السُّورَةِ أَوِ الْحِزْبِ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
أَمَّا إِذَا شَرَعَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لاَ يَمْنَعُهُ مَانِعٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، ثُمَّ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ لِضَرُورَةٍ طَرَأَتْ عَلَيْهِ - كَخُرُوجِ رِيحٍ، أَوْ حَصْرِ بَوْلٍ، فَلَهُ عَدَمُ إِتْمَامِ مَا قَرَأَ وَيَنْتَهِي إِلَى حَيْثُ يَقِفُ، وَإِذَا تَرَكَهُ لاَ لِضَرُورَةٍ، فَلاَ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْوَقْفَ، بِانْتِهَاءِ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يَقْرَأُ، فَلَوْ كَانَ يَقْرَأُ فِي قِصَّةِ مُوسَى، أَوْ هُودٍ أَوْ أَهْلِ الْكَهْفِ، فَلْيُتِمَّهَا نَدْبًا حَتَّى لاَ يَكُونُ كَلاَمُهُ مَبْتُورًا، وَحَتَّى تَكْتَمِلَ فِي رَأْسِهِ الْمَوْعِظَةُ.
أَمَّا إِذَا شَرَعَ فِي غَيْرِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ - كَوِرْدٍ مِنَ الأْوْرَادِ، أَوْ مَا يُسَمَّى بِالذِّكْرِ الْجَمَاعِيِّ أَوِ الْفَرْدِيِّ - فَلاَ يُطَالَبُ بِإِتْمَامِهِ؛ لأِنَّهُ غَيْرُ مُلْزَمٍ بِهِ.
وَأَمَّا الْمُبَاحُ: إِذَا شَرَعَ فِيهِ الْمُكَلَّفُ فَإِتْمَامُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ؛ لأِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - خَيَّرَ الْمُكَلَّفَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ.
الشُّرُوعُ فِي الْعُقُودِ:
أَوَّلاً: عَقْدُ الْبَيْعِ:
الْبَيْعُ إِيجَابٌ وَقَبُولٌ، فَإِنْ حَصَلَ الإِْيجَابُ كَانَ شُرُوعًا فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ وَافَقَهُ الْقَبُولُ كَانَ إِتْمَامًا لِلْبَيْعِ. فَإِنْ رَجَعَ الْمُوجِبُ فِي إِيجَابِهِ، قَبْلَ صُدُورِ الْقَبُولِ، يَكُونُ رُجُوعًا عَنِ الشُّرُوعِ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ صَدَرَ الْقَبُولُ قَبْلَ عَوْدِ الْمُوجِبِ تَمَّ الْبَيْعُ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِيجَابٌ) (وَبَيْعٌ)
ثَانِيًا: الْهِبَةُ:
يَكُونُ الشُّرُوعُ فِي الْهِبَةِ بِلَفْظِ: وَهَبْتُ، وَأَعْطَيْتُ، وَنَحَلْتُ، وَلاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِالْقَبْضِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلاَ تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ.
وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (هِبَةٌ).
ثَالِثًا: الْوَقْفُ:
الشُّرُوعُ فِي الْوَقْفِ يَكُونُ بِلَفْظِ: وَقَفْتُ، وَحَبَسْتُ، فَمَنْ أَتَى بِكَلِمَةٍ مِنْهُمَا، كَانَ شَارِعًا فِي الْوَقْفِ، وَلَزِمَهُ لِعَدَمِ احْتِمَالِ غَيْرِهِمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِلَى أَنَّ الْوَقْفَ لاَ يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِهِ، وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ، إِلاَّ أَنْ يُوصِيَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَلْزَمَ، أَوْ يَحْكُمَ بِلُزُومِهِ حَاكِمٌ.
وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، فَقَالاَ بِلُزُومِهِ، وَأَنَّهُ يَنْقُلُ الْمِلْكَ، وَلاَ يَقِفُ لُزُومُهُ عَلَى الْقَبْضِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّهُ لاَ يَلْزَمُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ، وَإِخْرَاجِ الْوَقْفِ لَهُ عَنْ يَدِهِ.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَقْفٌ).
رَابِعًا: الْوَصِيَّةُ:
الشُّرُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ يَقَعُ بِالْقَوْلِ أَوِ الْكِتَابَةِ، كَأَنْ يُوصِيَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَتَتِمَّ وَيَلْزَمَ بِقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي.
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَصِيَّةٌ).
خَامِسًا: الْعَارِيَّةُ:
يَكُونُ الشُّرُوعُ فِيهَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ الْمُنْضَبِطَةِ بِالإْيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَيَكُونُ الإْيجَابُ بِقَوْلِهِ: أَعَرْتُكَ كَذَا شُرُوعًا فِي الإْعَارَةِ، وَيَكُونُ الْقَبُولُ فِيهَا إِتْمَامًا لِعَقْدِ الْعَارِيَّةُ، فَبِهِ يَتِمُّ الْعَقْدُ، وَلِكُلٍّ مِنَ الْمُعِيرِ وَالْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ قَبْلَ صُدُورِ الْقَبُولِ، وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا بِرَفْضِ أَخْذِهَا، وَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَِنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. (ر: إِعَارَةٌ).
الشُّرُوعُ بِدُونِ إِذْنٍ فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ:
الشُّرُوعُ فِي الْعِبَادَاتِ الْمَفْرُوضَةِ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ، إِذْ إِنَّ فَرْضِيَّتَهَا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ لاَ يَقْتَضِي إِذْنًا مِنْ أَحَدٍ.
أَمَّا الْعِبَادَاتُ غَيْرُ الْمَفْرُوضَةِ، وَالْمُعَامَلاَتُ، فَقَدْ أَوْجَبَ الشَّارِعُ الإْذْنَ فِيهَا لِحَقِّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ عَلَى الْمُكَلَّفِ، كَحَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَحَقِّ الْوَلِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ.
فَأَعْطَى لِلزَّوْجِ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ زَوْجَتُهُ فِي فِعْلِ بَعْضِ النَّوَافِلِ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا، وَلَمْ تُطِعْهُ، كَانَ لَهُ مَنْعُهَا، فَإِذَا شَرَعَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْحَجِّ تَطَوُّعًا، بِدُونِ إِذْنِ زَوْجِهَا، فَلِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ.
وَكَذَا إِذَا شَرَعَتْ فِي صِيَامِ نَفْلٍ بِدُونِ إِذْنِهِ، لَهُ أَنْ يُفَطِّرَهَا، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ».
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الثالث والثلاثون ، الصفحة / 275
الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ.
الْقِصَاصُ حَقٌّ لأِوْلِيَاءِ الدَّمِ، فَإِذَا عَفَوْا عَنِ الْقِصَاصِ عَفْوًا مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ سَقَطَ الْقِصَاصُ بِالاِتِّفَاقِ؛ لأِنَّهُ حَقٌّ لَهُمْ فَيَسْقُطُ بِعَفْوِهِمْ، وَالْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ شَرْعًا لقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) وَلِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضى الله تعالى عنه قَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إِلَيْهِ شَيْءٌ فِيهِ قِصَاصٌ إِلاَّ أَمَرَ فِيهِ بِالْعَفْوِ».
وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (عَفْو ف 18 - 30).
ج - الصُّلْحُ عَنِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ:
- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَوَلِيِّ الْقِصَاصِ عَلَى إِسْقَاطِ الْقِصَاصِ بِمُقَابِلِ بَدَلٍ يَدْفَعُهُ الْقَاتِلُ لِلْوَلِيِّ مِنْ مَالِهِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لأِنَّ الْعَاقِلَةَ لاَ تَعْقِلُ الْعَمْدَ، وَيُسَمَّى هَذَا الْبَدَلُ بَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، ثُمَّ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ أَوِ الأْوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ عَاقِلِينَ بَالِغِينَ جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ هُوَ الدِّيَةُ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، مِنْ جِنْسِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلاً عَلَى سَوَاءٍ، لأِنَّ الصُّلْحَ مُعَاوَضَةٌ، فَيَكُونُ عَلَى بَدَلٍ يَتَّفِقُ عَلَيْهِ الطَّرَفَانِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَا دَامَا عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ. وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (صُلْح ف 31).