loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

من المقرر أن جرائم التزوير المعاقب عليها بعقوبات مخففة بمقتضى المواد 217 وما بعدها من قانون العقوبات قد جاءت على سبيل الإستثناء ، فلا يصح التوسع فى تطبيق هذه المواد بإدخال وقائع لا تتناولها نصوصها . ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه حيال تزوير مادى بطريق الإصطناع ، بإنشاء تقرير طبي لم يصدره أى طبيب على الإطلاق وأعطى شكل ورقة رسمية تضمنت بياناً على خلاف الحقيقة هو إدخال الطاعن المستشفى الجامعى الرئيسى لفترة ما للعلاج وقد حرر ذلك التقرير على إحدى مطبوعات المستشفى المذكور وبصم بخاتمه ووضعت عليه إمضاء مزورة منسوبة لمديره ، فإن قول الطاعن بإنطباق المادة 222 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى يكون غير ذى محل .

( الطعن رقم 551 لسنة 42 ق - جلسة 1972/06/19 - س 23 ع 2 ص 940 ق 210 )

شرح خبراء القانون

التزوير التي يرتكبه شخص عادي في شهادة طبية :

نصت على التزوير الذي يرتكبه شخص عادي في شهادة طبية المادة 221 من قانون العقوبات في قولها ، كل شخص صنع بنفسه أو بواسطة شخص آخر شهادة مزورة على ثبوت عاهة لنفسه أو لغيره بإسم طبيب أو جراح بقصد أن يخلص نفسه أو غيره من أية خدمة عمومية يعاقب بالحبس .

وقد حصر الشارع نطاق هذا التزوير في حدود أربعة . فمن ناحية ، يقصره على التزوير المادي بطريقة الإصطناع، ومن ناحية ثانية ، يتطلب أن تكون الشهادة منسوبة زوراً إلى طبيب أو جراح، ومن ناحية ثالثة يشترط أن يكون موضوعها إثبات عاهة . وفي النهاية يتطلب أن يكون القصد من التزوير هو تخليص المتهم نفسه أو غيره من أية خدمة عامة وقد عدلت المادة 223 من قانون العقوبات بذلك حالة ما إذا كانت الشهادة الطبية « معدة لأن تقدم إلى المحاكم »، وغني عن البيان أنه يتعين أن تتوافر إبتداء الأركان العامة للتزوير في المحررات، فإذا جاوزت الواقعة الحدود الأربعة السابقة ، وتوافرت لها أركان التزوير العامة خضعت لنصوصه العامة، ونوضح حدود هذا التزوير المخفف على النحو التالي :

يتعين أن يكون التزوير مادياً ، وأن يكون بطريق الإصطناع دون سواه، ويعني ذلك أنه إذا إستعين فيه بطريقة أخرى ، كتغيير شهادة صحيحة في الأصل يخضع للقواعد العامة في التزوير ووقعت عقوباته العادية .

ويتعين أن تنسب الشهادة المصطنعة زوراً إلى طبيب أو جراح ؛ وسواء في ذلك أن تنسب إلى طبيب أو جراح موجود حقيقة وتحمل توقيعاً مزوراً له ، أو أن تنسب إلى طبيب خيالي لا وجود له ؛ بل ينطبق النص على من يحرر الشهادة بإسمه الخاص ثم يتبعه أو يقدم له بصفة الطبيب . ولكنه لا يتسع لمن ينسب الشهادة المصطنعة إلى صيدلي أو ينسبها إلى شخص عادى ، كجار يشهد بأن المتهم قد كسرت ذراعه .

ويجب أن يكون موضوع الشهادة إثبات عاهة . ويتسع لفظ العاهة للمرض . والأصل أن تكون العاهة غير حقيقية ، ولكن يطبق النص كذلك إذا كانت العاهة حقيقية : فالتزوير متحقق بنسبة الشهادة زوراً إلى الطبيب ، والضرر متحقق كذلك بإضفاء السلطات العامة ثقة خاصة على الشهادة المنسوبة إلى الطبيب .

ويتعين أن يكون القصد الخاص من التزوير هو التخلص من خدمة عامة ، كأداء الخدمة العسكرية أو واجب الشهادة أمام القضاء ؛ فلا ينطبق النص إذا كان القصد من التزوير التخلص من خدمة خاصة ، كمستخدم في مشروع خاص يصطنع الشهادة الطبية لتبرير تغيبه عن عمله ، أو للحصول من السلطات العامة على مزایا ويطبق النص - وفقاً للمادة 223 من قانون العقوبات – إذا كانت الشهادة معدة لأن تقدم إلى المحاكم في شأن مما تختص بالفصل فيه ، كتأييد طلب بالتأجيل  أو بالتعويض عن إصابة وغني عن البيان أن الشهادة ينبغي أن تكون طبية ، فتزوير شهادة غير طبية وإعدادها لتقدم إلى القضاء ، كشهادة بحسن السلوك يتقدم بها متهم إلى القضاء لا يخضع لهذا النص . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، الطبعة السابعة 2012 دار النهضة العربية،  الصفحة : 338 )

يتضح من ذلك أن الجريمة لا تقوم إلا إذا توافرت الشروط الآتية : 

 أولاً : إصطناع شهادة بإسم طبيب أو جراح :

 فالمشرع لا يقرر التخفيف في هذه الحالة إلا إذا تم التزوير عن طريق إصطناع شهادة برمتها، وعلى ذلك فإذا وقع التزوير في شهادة صحيحة موجودة بتغيير تاريخها أو نوع المرض المثبت فيها أو إسم المريض المحرر بإسمه فإنه يخضع للقواعد العامة في التزوير .

ويستوي أن يصطنع الجاني الشهادة بنفسه أو أن يتم ذلك بواسطة شخص آخر ، فالنص يعتبر الجاني فاعلاً أصلياً في الحالتين .

ويجب أن تنسب الشهادة المصطنعة إلى طبيب أو جراح ، سواء كان معلوماً أو شخصاً خيالياً لا وجود له بل إن الجريمة تقع إذا حرر الجاني الشهادة بإسمه الشخصي طالما أنه ألحق به صفة الطبيب أو الجراح وعلى ذلك لا تقع الجريمة إذا نسب الجاني الشهادة إلى غير الطبيب أو الجراح كما لو نسبها إلى ممرض أو صيدلي أو شخص عادى .

ثانياً : أن يكون موضوع الشهادة ثبوت عاهة :

يجب أن يكون موضوع الشهادة ثبوت عاهة ، ويتسع معنى العاهة ليشمل المرض ، فإذا كان موضوعها ثبوت أمر آخر کالوفاة لا يطبق النص ويستوي في ثبوت العاهة أن تكون موجودة فعلاً أو غير موجودة ، ولا يجوز الإعتراض على ذلك في حالة ما إذا كان للعاهة وجود حقیقی حیث لا يكون هناك تغيير للحقيقة بالنسبة للعاهة ، إذ أن تغيير الحقيقة - على الرغم من وجود العاهة حقيقة - ظل قائماً ومتمثلاً في نسبة الشهادة زوراً إلى طبيب أو جراح كذلك لا يجوز الإعتراض بعدم توافر عنصر الضرر في حالة وجود العاهة حقيقة ، ذلك أن الضرر قائم بالنسبة للطبيب الذي وقع بإسمه زوراً ، وبالنسبة للمصلحة العامة حيث تضع السلطات العامة ثقة خاصة في الشهادة التي تنسب إلى طبيب .

ثالثاً : أن يستهدف الجاني بالتزوير تخليص نفسه أو غيره من خدمة عمومية أو تقديم الشهادة المزورة إلى المحاكم :

 

يجب أن يكون الغرض من إصطناع الشهادة تخليص الجاني نفسه أو غيره من خدمة عامة كالخدمة العسكرية أو تقديمها للمحاكم لتعزيز طلب التأجيل مثلاً فإذا كان الغرض من إصطناع الشهادة التخلص من خدمة خاصة ، أو الحصول على مزايا من السلطات العامة لا يطبق النص، وإنما يخضع الفعل للقواعد العامة في التزوير ، مثال ذلك أن يصطنع سجين شهادة طبية لينقل من السجن إلى المستشفى أو أن يصطنع طالب شهادة طبية لتبرير تخلفه عن الإمتحان حتى يتجنب آثار التخلف عن الإمتحان دون عذر مرضي . ( شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة :  335 )

اصطناع شهادة طبية مزورة :

نصت المادة 221 عقوبات على أنه ( كل شخص صنع بنفسه أو بواسطة شخص آخر شهادة مزورة على ثبوت عاهة لنفسه أو لغيره بإسم طبيب أو جراح بقصد أنه يخلص نفسه أو غيره من أي خدمة عمومية يعاقب عليها بالحبس ) . كما نصت المادة 223 على أن يحكم بتلك العقوبة أيضاً إذا كانت الشهادة معدة لأن تقدم إلى المحاكم .

والركن المادي للجريمة يقوم على الإصطناع للشهادة الطبية، وقد ثار خلاف حول ما إذا كان يندرج تحت حكم المادة 221، 223 التزوير المادي بطرق أخرى غير الإصطناع والذي ينصب على شهادة طبية صحيحة في الأصل أم أن النص قاصراً فقط على الإصطناع ؟

ذهب الغالب من الفقه إلى أن الجريمة لا تتوافر إلا في حالة الإصطناع الكامل للشهادة ولا تتوافر في حالة التزوير المادي المنصب على شهادة كانت في الأصل صحيحة ، ذلك أن سكوت الشارع عن الغرض الأخير لابد أن يكون مقصوداً وهذا القصور التشريعي لا يعالج إلا بنص تشريعي وليس على سبيل الإجتهاد .

بينما يذهب البعض الآخر إلى أن النص يشمل الإصطناع كما يشمل التزوير المادي الواقع على شهادة طبية صحيحة .

والواقع أن الإصطناع يستغرق كل التزوير المادي الأخرى بإعتباره السلوك الأعم والأشمل الذي ينطوي بالضرورة على كل الطرق المادية ، ولعل ذلك هو الذي دعا البعض إلى القول بأن النص يتسع ليشمل الإصطناع وغيره من طرق التزوير المادي التي تنصب على شهادة طبية صحيحة غير أن هناك إعتبارين أساسين في تحديد مضمون النص .

الأول : أن النص على الإصطناع يستبعد طرق التزوير المادي الأخرى الأقل جسامة بينما النص على تلك الطرق يشمل الإصطناع من باب أولى، وهذا فعلاً ما إنتهى إليه الفقه والقضاء بالنسبة للمادة 211 عقوبات التي حددت طرق التزوير المادي ، فإشترط السلوك الأشد جسامة يفيد بمفهوم المخالفة إستبعاد غيره من أنماط السلوك الأقل جسامة .

الثاني : أن المشرع في المادة 221 جرم تغيير الحقيقة المنصب على واقعتين هما واقعة العاهة أو المرض وواقعة نسبة الشهادة إلى طبيب أو جراح .

ولذلك فإن الشهادة الصحية في الأصل من حيث مصدرها ينصب التزوير فيها على واقعة المرض أو العاهة فقط ولاشك أن الإصطناع الكامل للشهادة من شأنه أن يعبر عن خطورة إجرامية أكبر من مجرد التزوير المادي المنصب على شهادة صحيحة ولعل هذا هو الذي دعا المشرع إلى تجريم الإصطناع من غيره من طرق التزوير الأخرى .

ويجب أن تكون الشهادة المصطنعة منسوبة إلى طبيب أو جراح ولكن لا يلزم أن تنسب إليه معلومات ، بل أن الجريمة تقوم في ركنها المادي ولو كان إسم الطبيب أو الجراح موظفاً عاماً ، ومن ثم فإن الشهادة المنسوبة إليه تأخذ الشكل الرسمي ، أو كان طبيباً عادياً ذلك أن المشرع أخرج الشهادات الطبية الرسمية منها والعرفية من نطاق المحررات الخاضعة للقواعد الخاصة الواردة في المواد 221 وما بعدها .

وإذا وقع المزور على الشهادة بإسمه على أنه طبيب أو جراح فإن الجريمة تتوافر أيضاً في ركنها المادي ، ومع ذلك فهناك بعض الفقه يذهب إلى نفي الجريمة كلية في هذا الفرض لإنتفاء التزوير .

ويلزم أن تكون الشهادة المصطنعة مثبتة لمرض أو عاهة لنفس المزور أو لغيره فالمشرع يسوي بين صنع الشهادة بمعرفة المستفيد منها أو بواسطة شخص آخر وفي هذا الفرض الأخير يكون المستفيد شريكاً في الجريمة سواء كان الفاعل معلوماً أو مجهولاً .

ويلاحظ أن المشرع لم يذكر بالمادة 221 سوى العاهة ، إلا أن الفقه مستقر على المساواة بين العاهة وبين الأمراض الأخرى التي تتساوى معها في الأثر القانوني المتمثل في الإعفاء من الخدمة العمومية أو في الإستناد إليها في نظر الدعاوى أمام المحاكم .

وقد ثار خلاف حول ما إذا كان المرض أو العاهة حقيقياً فذهب البعض إلى نفي التزوير . بإعتبار أن الشهادة تهدف أساساً إلى إثبات المرض أو العاهة ، فإذا كانت تتطابق مع الحقيقة في هذا الصدد فلا تزوير لإنعدام الضرر ، بينما يذهب البعض الآخر إلى قيام الجريمة نظراً لأن هناك تزويراً في مصدر الشهادة وهو ما يمكن أن يتحقق عنه ضرر لا يمكن تجاهله والرأي الثاني هو الأولى بالإتباع بإعتبار أن المشرع في التزوير لا يحمي الحقيقة المطلقة وإنما تلك التي يعبر عنها المحرر في ذاته وليس في الواقع .

ويلاحظ أن الجريمة تتم بمجرد الإصطناع للشهادة ولو لم يستعملها الجاني فعلاً كما يلاحظ أن المشرع لم يجرم إستعمال الشهادة المصطنعة بإعتبار أن الإستعمال مستغرق بالتزوير ، وهذا المسلك من المشرع أن كان مقبولاً في الأحوال التي يكون فيها مستعمل الشهادة شريكاً أو فاعلاً للتزوير ، إلا أنه من المتصور أن يكون مستعمل الشهادة لم يشترك في التزوير ومن ثم فلا يمكن عقابه وفقاً لنص الحالي وهذا قصور يتعين تدارکه .

القصد الجنائى :

يلزم توافر القصد الجنائي العام والذي يتحقق بإتجاه الإرادة إلی الإصطناع مع العلم بتغيير الحقيقة المتعلقة بواقعة العاهة أو المرض وبصفة مصدر الشهادة كما يلزم توافر قصد خاص يتمثل في الإحتجاج بالشهادة أمام السلطات المختصة للإعفاء من خدمة عمومية أو لتقديم الشهادة إلى المحاكم ولو لطلب التأجيل .

وإذا كان الهدف من إصطناع الشهادة غير التخلص من الخدمة العمومية أو تقديمها إلى المحاكم فقد ذهب البعض إلى وجوب تطبيق القواعد العامة في التزوير والتي تقرر عقوبة أشد تبعاً لما إذا كانت الشهادة رسمية أو عرفية .

غير أننا نرى عكس ذلك، فالذي يستفاد من نص المادة 221 والمادة 223 أن المشرع أراد إستخراج الشهادات الطبية من نطاق الأوراق والمحررات الخاضعة لحكم المواد 211 وما بعدها وعالج التزوير فيها بمقتضى تلك النصوص الأولى ومؤدى ذلك وفقاً لقواعد التفسير والتنازع الظاهري بين النصوص أن الأفعال التي تخضع للتجريم تحت وصف التزوير في الشهادات الطبية هي تلك المنصوص عليها وبالشروط : المقررة في النصوص الخاصة . وقد قصر المشرع إعمال حكم المادتين 221، 223 على إصطناع الشهادات الطبية بقصد معين ، مما مؤداه إستبعاد التجريم بالنسبة لغير ذلك من البواعث والأهداف والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتائج شاذة، فالسجين الذي يصطنع شهادة طبية منسوبة إلى طبيب السجن لنقله إلى المستشفى يرتكب جناية تزوير ، بينما لو كان هدفه من إصطناعها هو أن يتقدم بها إلى المحكمة ولتخليص نفسه من خدمة عمومية عقب خروجه من السجن يعاقب بوصف الجنحة .

العقوبة :

العقوبة المقررة للجريمة هي الحبس من أربع وعشرون ساعة إلى ثلاث سنوات .  ( قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ مأمون محمد سلامة، الطبعة الأولى 2017 الجزء الأول،  الصفحة : 519 )

أركان هذه الجريمة كالآتي :

 أولاً : فعل تزوير باصطناع شهادة طبية كاذبة مع نسبتها إلى طبيب أو جراح أو بصدور شهادة من أحدهما مثبتة كذباً لمرض أو عاهة .

ثانياً : الضرر .

 ثالثاً : القصد الجنائي .

 أولاً : فعل التزوير :

التزوير في الجريمة الحالية إما مادي باصطناع شهادة مزورة ونسبتها إلى طبيب أو جراح كما هو الحال في جريمة (221)، وإما معنوي بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة هي أن يثبت الطبيب أو الجراح كذباً وجود مرض أو عاهة بصاحب الشأن، كما هو الحال في جريمة المادة (222)، ومنها أمثلة تحقق صورة جريمة المادة (223) ما قضت به محكمة النقض من انطباقها على واقعة تقديم شهادة طبية مزورة إلى المحكمة لتعزيز طلب تأجيل قضية .

ثانياً : الضرر :

الضرر المباشر الذي يعاقب عليه القانون هنا هو محاولة التأثير في سير العدالة بشهادة طبية مزورة .

ثالثاً : القصد الجنائي :

ينبغي أن يتوافر لدى الجاني القصد الجنائي العام، وكذلك قصد خاص وهو نية تقديم الشهادة الطبية المزورة إلى المحاكم، فإذا جهل مرتكب التزوير الغرض الذي أعدت له الشهادة فلا تنطبق المادة . ( الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 263 )

التزوير فى شهادة طبية معدة لأن تقدم إلى المحاكم :

 أركان هذه الجريمة هي أركان الجريمتين المنصوص عليها في المادتين السابقتين فيجب أن تكون الشهادة المزورة مثبتة لمرض أو عاهة وأن يصطنعها أحد الأفراد بإسم طبيب أو جراح (م 221) أو يحررها طبيب أو جراح (م222) وأن يتوفر القصد الجنائي غير أن الغرض من تحرير الشهادة يختلف في المادة 223 عقوبات فهو هنا ليس الإعفاء من الخدمة العامة وإنما تقديم الشهادة لإحدى المحاكم للاستناد إليها استناداً يؤثر في حسن سير العدالة كالشاهد الذي يزور شهادة مرضية أو يزورها له طبيب بقصد التخلص من غرامة حكم بها عليه تخلفه عن الحضور أمام القضاء، ولابد أن تكون الشهادة مثبتة لمرض أو عاهة إذا كانت مثبتة لأمر آخر على خلاف الحقيقة فلا تنطبق المادة 223 عقوبات .  ( موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث،  الصفحة : 149 )

الفقه الإسلامي
تزوير المحررات 
المواد من (465) - (474) : 
تقابل نصوص المشروع بصفة عامة المواد من (206) - (227) من القانون القائم ، مع إضافة ما ارتأى المشروع إضافة إليها من حالات ، فضلاً عن ضبط صياغة النصوص ، وأهم سمات المشروع ما يلي : 
1- المادة (465) من المشروع : حسماً لما قام من خلاف فقهي وقضائي ، ونزولاً على مبدأ شرعية الجريمة ، فقد ارتأى المشروع بیان عناصر جريمة التزوير ، وبيان الأفعال المكونة لها والقصد الملابس لهذه الأفعال ، متى كان من شأن ذلك إحداث ضرر ، وهذا لا يتأتى إلا إذا كان المحرر صالحاً للإستعمال فيها أعد له ، فإن كان ظاهر البطلان ولا ينخدع به الناس عامة ، فقد انحسرت عنه هذه الصلاحية ، ومن هذا المنطلق فقد عرفت المادة (465) من المشروع سالفة البيان ، جريمة التزوير عن طريق بيان أركانها على النحو الذي استقر عليه القضاء والفقه في عمومه ، ثم حددت صور التزوير على نحو قصد به منع اللبس ، ولعل أهم إضافة عني النص بإبرازها وضع الجاني صورته الشمسية على محرر لا يخصه كأوراق المرور وجوازات السفر ورخص القيادة ، وأوراق إثبات الشخصية، وذلك بإستبدال الصورة الأصلية للصادر بإسمه المحرر ووضع صورته بدلاً منها ، وكان القضاء يرفض إعتبار هذه الصور من صور التزوير ، كما أوضح النص أن التعديل فيها تضمنه المحرر من كتابة أو أرقام أو معلومات حذفاً أو إضافة أو غيرهما - يعد من صور التزوير . 
 
كما أن المشروع أفصح عن أن إساءة إستعمال إمضاء أو ختم أو بصمة تدخل في عداد جرائم التزوير ، إذا ما وقعت في محرر ، وذلك قد يكون بتعمد التوقيع بإمضاء تخالف في طريقة الكتابة الإمضاء المعتادة ، أو محاولة تغيير السمات الخطية في الإمضاء ، أو إستعمال خاتم صحيح دون علم صاحبه أو رضائه ، أو إستعمال خاتم ألغي إستعماله ، أو نزع بصمة أو إمضاء من موقعها الصحيح ولصقها على محرر آخر غير ذلك المنزوعة منه ، بغير علم ورضاء صاحب الشأن في ذلك . 
 
كذلك أوضح النص أن الحصول غشاً أو مباغتة على إمضاء أو ختم أو بصمة لشخص لا يعلم حقيقة المحرر ، بأن صور له أن محرراً من نوع معين حال أنه محرر مخالف - كمن يستوقع على ورقة بوصف أنها سند دین أو كمبيالة ، حال أنها شيك أو من يحصل على الإمضاء أو الختم بطريق المباغتة أو التغافل . 
 
والفقرة السادسة من النص تتضمن تغيير الحقيقة في محرر حال تحرير هذا المحرر فيها أعد لتدوينه ، وهي صورة التزوير المعني بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة أو واقعة غير معترف بها ، ورئي من حسن الصياغة أن تكون على النحو الوارد بالمشروع ؛ لأنها تتسع لهاتين الصورتين وكل صورة التزوير المعنى . 
 
2- المادة (466) من المشروع : جمعت في فقرتيها التزوير في المحرر عرفياً كان أم رسمياً،  مع جعل عقوبة التزوير في المحرر العرفي عقوبة الجنحة،  وكان القانون القائم يفرد نصاً لكل حالة . 
 
3- المادة (467) من المشروع : ارتأى المشروع بغية توضيح معنى المحرر الرسمي والمحرر العرفي أن ينص على تعريف لكل ، والقانون القائم لا يتضمن هذا التعريف ، مما ساعد على إشاعة الإضطراب في هذا الصدد ، وحسماً للأمور ووضعها في موضعها الصحيح ، فقد عرف المشروع المحرر الرسمي بأنه الذي يحرره موظف عام مختص بتحريره ، أو بالتدخل في تحريره على أية صورة، أو بإعطائه الصفة الرسمية ، وذلك كله بمقتضى إختصاصه الوظيفي، ومنعاً للبس أيضاً بين المشروع من هو الموظف العام في حكم هذا الفصل؟ فأحال في بيانه إلى الفقرات الأربع الأولى من المادة (394) من المشروع دون باقی فقراتها ؛ لأن من عدا من نصت عليهم هذه الفقرات لا يعد موظفاً عاماً حقيقة،  بل حكماً ، أما عدا ذلك من المحررات فهي عرفية وقعت ممن نسب إليه المحرر، يستوي في ذلك أن يكون التوقيع بالإمضاء أو بالبصمة أو بالختم . 
 
4 - المادة (261) من المشروع جمعت في نصها حكم المادتين (226)، (227) من القانون القائم،  واتسع حكمها ليشمل إبداء أو تقرير أقوال أو بيانات جوهرية ، يعلم بعدم صحتها ، أو تقديم أوراق بذلك إلى جهة تقرير مساعدات أو تأمينات إجتماعية ، بعد أن كانت نصوص القانون الحالي لا تواجه مثل هذه الصور . 
 
5- المادة (471) من المشروع تقابل المادة (340) من القانون القائم ، وكانت ضمن مواد الباب العاشر من الكتاب الثالث ضمن مواد جريمة النصب وخيانة الأمانة ، وقد ارتأى المشروع أن مكانها الصحيح بين مواد جريمة التزوير ؛ لأنها إليها أقرب وبها ألصق ، إذ تعالج صورة خاصة من التزوير في محرر وقع على بياض ، ثم حرر في البياض بیانات خلافاً للمتفق عليه ، وجعلت المادة ظرفاً مشدداً يترتب عليه مضاعفة العقوبة، إذا كان الجاني غير من اؤتمن على الورقة متى حصل عليها بوسيلة غير مشروعة . 
 
6- المادة (472) من المشروع : تعرض لجريمة إستعمال المحرر المزور رسمياً كان أم غير رسمي ، فنصت الفقرة الأولى منها على عقاب المستعمل للمحرر المزور بذات العقوبة المقررة لجريمة التزوير، متى كان عالماً بالتزوير وبالظروف المشددة للجريمة، فإن كان يجهل هذه الظروف عوقب ، كما لو كان قد وقع التزوير بغير توافرها . 
 
واستحدثت الفقرة الثانية منها حكماً جديداً يعاقب كل من استعمل محرراً فقد قوته القانونية ، أياً كان سبب ذلك الفقدان، عالماً بذلك، متى قصد من هذا الإستعمال الإيهام بأن المحرر لا يزال يحتفظ بقوته القانونية ، فمن يستعمل عقد بیع قضي بفسخه أو إبطاله مع العلم بذلك ، قاصداً الإيهام بأنه لا يزال قائماً لم يفسخ أو يقضي بإبطاله - يسري عليه الحكم المستحدث ، وهو إلى جانب سريان هذا النص عليه ، قد يتحقق قبله جريمة النصب أو الشروع فيها على حسب الأحوال . 
 
كذلك أثم المشروع في الفقرة الثالثة من المادة إستعمال محرر صحيح بإسم الغير فانتفع به بغير حق ، وعلى سبيل المثال إستعمال جوازات السفر أو أوراق المرور أو الرخص . 
 
7- المادة (473) من المشروع ، رأى المشرع أن إنتحال شخص إسم غيره أو إعطاءه بيانات كاذبة عن محل إقامة في مرحلة الإستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو النهائي - يدخل في نطاق التجريم ، ولأن محكمة النقض ذهبت إلى أن حق المتهم في الدفاع يبرر له أن يتسمى بإسم خيالي في إعتقاده ، فلا يعد فعله ضرباً من ضروب التزوير ، ومنعاً لأي لبس وضع المشروع النص سالف البيان ليؤثم بعقوبة الجنحة كل من إنتحل إسم غيره ، أعطى بياناً كاذباً عن محل إقامته في مرحلة الإستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو النهائي ، والنص من العموم بحيث يشمل إلى جانب المتهم غيره ممن يسأل في تحقيق مما ذكر ، وبذلك يكون البيان في الإسم ومحل الإقامة من البيانات الجوهرية التي يتحتم أن يراعي فيها الشخص الصدق والأمانة ؛ حتى يسهل الإهتداء إليه إذا ما تطلب الأمر ذلك .
 
هذا وقد استتبع تنظيم المشروع لجريمة التزوير أن يسقط بعض النصوص التي تعالج صوراً خاصة من صور التزوير الواردة في المواد (216)، (217)، (218)، (220)، (221)، (223)، (224) من القانون القائم، إكتفاء بما تضمنه المشروع من نصوص ، على أن هذا لا يمنع الشارع في قانون خاص أن يقرر من العقوبات ما يراه ملائماً لصورة خاصة من التزوير . 
 
كما لم يورد المشروع نصاً مقابلاً للمادة (225) من القانون القائم التي تساوي بين التوقيع بالإمضاء والختم وبصمة الإصبع ؛ لأن بيان المشروع لطرق التزوير قد غنى عن ذلك ؛ إذ تضمنها هذا البيان .