1- لما كان غير مجد قول الطاعن أنه كان يجهل حالة المجني عليها العقلية، ذلك بأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة فى ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعله، فإن هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن فى مقدوره بحال أن يعرف الحقيقة.
(الطعن رقم 15870 لسنة 68 جلسة 2001/01/22 س 52 ع 1 ص 157 ق 24)
2- ركن القوة فى جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها، سواء باستعمال المتهم فى سبيل تنفيذ مقصده وسائل القوة والتهديد أو غير ذلك مما يؤثر فى المجني عليها فيعدمها الإرادة ويفقدها عن المقاومة أو بمجرد مباغته إياها أو بانتهاز فرصة فقدانها شعورها واختيارها لجنون أو عاهة فى العقل أو استغراق النوم وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذا بأقوال شهود الإثبات وتقريري دار .......... للصحة النفسية والطب الشرعي أن الطاعن خطف المجني عليها وواقعها بغير رضائها لانعدام إرادتها لكونها مصابة بآفة عقلية فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات جريمة خطف المجني عليها بالإكراه المقترن بمواقعتها بغير رضاها.
(الطعن رقم 15870 لسنة 68 جلسة 2001/01/22 س 52 ع 1 ص 157 ق 24)
3- لما كان ذلك ، وكان النص فى المادة 267 من قانون العقوبات على أن " من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالأشغال المؤبدة أو المؤقتة " يدل على أن تحقق جريمة مواقعة أنثى تلك رهن بأن يكون الفعل المكون لها قد حصل بغير رضاء المجني عليها سواء باستعمال المتهم فى سبيل تنفيذ مقصده وسائل للقوة أو غير ذلك مما يؤثر فى المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة أو بمجرد مباغتته إياها أو بانتهاز فرصة فقدانها شعورها واختيارها لجنون أو عاهة فى العقل أو استغراق فى النوم ، وكان الحكم المطعون فيه على النحو المار بيانه قد أورد أن الطاعن دفع المجني عليها على أحد الأسرة وحسر عنها سروالها وأولج قضيبه فى فرجها قاصداً الاعتداء عليها جنسياً ، وكان مجرد دفع الطاعن للمجني عليها على السرير دون أن يبين الحكم أثر هذا الفعل فى المجني عليها وفى التعبير عن إرادتها برفض اتصال الطاعن بها جنسياً وفى قدرتها على الاعتراض والمقاومة لا يوفر ركن الإكراه وعدم الرضا فى جريمة الوقاع ولا يكفى لإثباتها فإن الحكم يكون معيباً بالقصور فى التسبيب .
(الطعن رقم 3667 لسنة 77 جلسة 2011/01/03)
4- لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه - ورد به على دفاع الطاعن فى هذا الشأن - من أن الطاعن إنما توصل إلى مواقعة المجنى عليها بالمباغتة والاحتيال والغش والتدليس بأن أوهمها إنها زوجته بعقد صحيح يتفق وأحكام الشريعة، فإذا كانت قد سكتت تحت هذا الظن الخاطئ وهى فى مثل هذه الظروف، فلا تأثير لذلك على توافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 267 من قانون العقوبات. ولا يغير من ذلك تلك العبارة التى نطقت بها المجنى عليها للطاعن - زوجتك نفسى - إذ لابس النطق بها ذلك الظن الخاطئ بعد أن أوهمها الطاعن - بالاحتيال والخداع - إن فيها الحل والحل والعودة إلى زوجها وأولادها - دون أن يتصرف قصدها إلى إنشاء العقد وترتيب أحكامه وآثاره، وهو ما يمثل إكراهاً معنوياً لا يتوافر معه الرضاء الصحيح، ذلك أن الرضا وإن كان لا يتحقق من غير إختيار، فإن مجرد الاختيار لا يتوافر به الرضاء الصحيح ما دامت القرائن والدلائل المتعلقة به تدل على ذلك - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بشأن توافر رضاء المجنى عليها بما يدحضه وينفيه، فإن النعى على الحكم بهذا الوجه من الطعن لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التى إرتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض.
(الطعن رقم 6276 لسنة 65 جلسة 1997/05/06 س 48 ع 1 ص 511 ق 74)
5- توافر السلطة الفعلية للجانى على المجنى عليها أو عدم توافرها مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائى ، وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها فى هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التى ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إلأيه الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن أنه كان يستغل صداقة إبنة زوجته "....." للمجنى عليهن ويقوم بإصطحابهن معه إلى فندق ..... للإستحمام بحمام السباحة بالفندق المذكور ، وأن أسرهن كانت توافق على اصطحابه لبناتهم ثقة فى ملاحظته لهن ، ولكنه خان هذه الثقة وكان استلام الطاعن للمجنى عليهن واصطحابة لهن بعيدا عن مسكنهن ورقابة اهلهن مع حداثة سنهن مفاده أن سلطة الرقابة والملاحظة على المجنى عليهن كانت تنتقل من الأهل إليه خلال مدة اصطحابه لهاتيك الفتيات ، لما هو مقرر من أن متولى الملاحظة هو كل من اوكل إليه أمر الاشراف على المجنى عليها سواء طالت المدة أم قصرت - ما دامت الجريمة قد وقعت خلال فترة الاشراف أو الملاحظة - وسواء كان من أقاربها أو غيرهم ، أو كان هذا الاشراف أداء لواجب شرعى أو قانونى أم أنه تم تطوعا واختيارا ، إذ لا يقتصر إعمال الظروف المشدد المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات على من يستمدون سلطتهم على المجنى عليها من صفتهم القانونية ، بل يتناول ايضا من لهم على المجنى عليها سلطة فعليه لأن العبرة هنا بالواقع لا بالصفة القانونية ، لأن العلة من التشديد فى جميع هذه الأحوال ترجع إلى ما لهؤلاء الاشخاص من قوة التأثير الأدبية على المجنى عليها ، وهو ما استظهر الحكم توافرة لدى الطاعن وممارسته له مع المجنى عليهن إذ اثبت الحكم أن الطاعن كان يمارس سلطته عليهن خلال فترة إصطحابه لهن ، وكن ينصعن لأوامره بحسبانه متولى ملاحظتهن فى الفترة التى يصاحبهن فيها ، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه كاف للتدليل على توافر السلطة الفعلية للطاعن على المجنى عليهن فإن ما يثيره الطاعن فى خصوص إعمال الظروف المشدد سالف الاشارة إليه فى حقه غير مقبول .
(الطعن رقم 9077 لسنة 62 جلسة 1994/06/06 س 45 ص 714 ق 109)
6- تكليف المتهم للمجنى عليه بحمل متاعه من محطة سيارات مدينة حتى مكان الحادث لا يجعل له سلطة عليه بالمعنى الوارد فى الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 2002 لسنة 28 جلسة 1959/02/23 س 10 ع 1 ص 226 ق 49)
7- متى كان المتهم قد باغت المجني عليها وهي مريضة ومستلقية فى فراشها وكم فاها بيده وإنتزع سروالها ثم اتصل بها اتصالاً جنسياً بإيلاج قضيبه فيها بغير رضاها منتهزاً فرصة عجزها بسبب المرض عن المقاومة أو إتيان أية حركة، فإن ذلك يكفي لتكوين جريمة الوقاع المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 267 من قانون العقوبات، أما الآثار التى تنتج عن هذا الفعل فلا تأثير لها على وقوع الجريمة.
(الطعن رقم 1743 لسنة 27 جلسة 1958/01/27 س 9 ع 1 ص 102 ق 28)
8- متى كان يبين من الأمر المطعون فيه أن المجنى عليها قررت أنها ولدت فى 21 من مارس سنة 1933 و عملت فى الفترة من أول سنة 1949 حتى أكتوبر سنة 1951 كسكرتيرة للمتهم و أنه إرتكب الجريمة إبان إشتغالها طرفه ، و كانت غرفة الإتهام قد قصرت بحثها على أساس أن الواقعة - على ما روته المجنى عليها - هى وقاع بالإكراه المنصوص عليه فى المادة 267 من قانون العقوبات و لما تكشف لها أن ركن الإكراه لم يتوفر إستبعدته و إعتبرت أن الفعل بعد إستبعاد هذا الركن لا يتحقق به الجريمة المذكورة و لم تبحث الموضوع على أساس أن الواقعة لو صحت و كان الفعل قد وقع من المتهم على المجنى عليها بغير قوة أو تهديد لكانت الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون العقوبات واجبة التطبيق متى كانت شروطها قد توافرت - فإن إغفالها هذا البحث يجعل الأمر الصادر منها مخطئاً فى تطبيق القانون .
(الطعن رقم 237 لسنة 24 جلسة 1954/04/13 س 5 ع 3 ص 525 ق 177)
9- لما كان الحكم المطعون فيه لدى بيانه واقعة الدعوى و عند تحصيله مؤدى أقوال المجنى عليها قد أورد أن المتهم الرابع " الطاعن " جذبها من ذراعها و كتفها و أدخلها إلى غرفة النوم حيث قام بمواقعتها كرهاً عنها و كان يبين من مطالعة المفردات - التى أمرت المحكمة بضمها - أن ما حصله الحكم من أقوال المجنى عليها سواء بمحضر الشرطة أو تحقيق النيابة له صداه و أصله الثابت فى الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ فى الإسناد فى هذا الشأن لا يكون له محل بما تنحل معه منازعته فى سلامة استخلاص الحكم لأدلة الادانة فى الدعوى إلى جدل موضوعى حول تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى و مصادرتها فى عقيدتها و هو ما لا يقبل اثارته لدى محكمة النقض .
(الطعن رقم 2420 لسنة 50 جلسة 1981/05/25 س 32 ص 546 ق 96)
10- ركن القوة فى جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها سواء باستعمال المتهم فى سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر فى المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقصدها من المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه، ومتى أثبت الحكم أخذاً بأقوال المجني عليها التي اطمأنت إليها أنها لم تقبل مواقعة الطاعن لها إلا تحت التهديد بعدم تمكينها من مغادرة المسكن إلا بعد أن يقوم بمواقعتها، فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة ومن ثم فإن النعي على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد.
(الطعن رقم 89 لسنة 49 جلسة 1979/05/07 س 30 ع 1 ص 538 ق 115)
11- إذا كان الحكم - فى جريمة الوقاع - قد دلل على الإكراه بأدلة سائغة فى قوله " أن الطاعن أمسك بالمجنى عليها من ذراعيها ، و أدخلها عنوة زراعة القطن فقاومته إلا أنه تمكن بقوته العضلية من التغلب عليها و ألقاها على الأرض و هددها بمطواة كان يحملها و ضربها برأسه فى جبهتها عند مقاومتها له " فإن هذا الذى ورد بالحكم لا يتعارض مع تقرير الطبيب الشرعى الذى أثبت وجود كدم بجبهة المجنى عليها و أن بنيان المتهم الجسمانى فوق المتوسط و أنه يمكنه مواقعة المجنى عليها بغير رضاها بقوته العضلية . أما ما ورد بالتقرير بعد ذلك من أن خلو جسم المجنى عليها و خاصة منطقة الفخذ من الإصابات و خلو جسم المتهم من علامات المقاومة يشير إلى أن المجنى عليها لم تبد مقاومة جسمانية فعلية فى درء المتهم عنها ، هذا الذى ورد بالتقرير لا ينفى أن المجنى عليها استسلمت تحت تأثير الإكراه بالسلاح و هذا الفعل يكون الجريمة التى دان الحكم بها المتهم و بتوافر به ركن الإكراه و عدم الرضاء فى جريمة الوقاع .
(الطعن رقم 1683 لسنة 28 جلسة 1959/01/19 س 10 ع 1 ص 47 ق 13)
12- لما كان ما أورده الحكم فى بيانه لصورة الواقعة وما أثبته فى حق الطاعنين أنه قد تلاقت إرداتهم جميعا على خطف المجنى عليها بالإكراه ومواقعتها بدون رضاها وأن كلاً منهم قد - أسهم تحقيقا لغرضهم المشترك - بدور فى تنفيذ هذه الجريمة ومن ثم يصح طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبار كل من الطاعنين الرابع والخامس فاعلا أصليا فى جريمتى الخطف والاغتصاب ويضحى منعى الطاعنين فى هذا الشأن غير سديد .
(الطعن رقم 9285 لسنة 64 جلسة 1996/04/08 س 47 ع 1 ص 479 ق 67)
13- لما كان الحكم قد أورد من أقوال المجنى عليها أن الطاعن الأول بعد أن أدخلها مسكنا مجهورا وأغلق بابه عليها راح يضربها وواقعها كرها عنها وفض غشاء بكارتها ، ولما تركها حضر إليها الطاعنان الأخران اللذان استكملا حجزها بذلك المكان وأماكن أخرى نقلاها إليها ملثمة واستمر حجزها حوالى أربعة أشهر عذباها خلالها ثم أعاداها مرة أخرى إلى مدينة الإسماعلية ، ونقل عن التقرير الطبى الشرعى أن المجنى عليها كانت فى حالة إعياء شديد من جراء إصابتها والاعتداء عليها بالأيدى والعصى وبها إصابات متعددة بأجزاء متفرقة من جسدها من بينها الفخذان والشفر الغليظ والظهر والإليتان والثدى وأن بغشاء بكارتها عدة قطوع قديمة وملتئمة الحواف وواصلة لجدار المبهل والقناة المهبلية وأن بعض تلك الإصابات نشأت من ملامسة الجسم بلهب النار وأن الكشف الموضعى عليها أظهر أنها ثبت من قدم ولا يوجد فنيا ما ينفى حدوثة فى تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة على النحو الذى أبلغت به المجنى عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم لصحة الحكم بالإدانه أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية منه بل يكفى - كما هو الحال فى الدعوى الماثلة - أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع جوهر الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان ما حصله الحكم من أقوال المجنى عليها لا يتناقض وما نقله عن تقرير الطب الشرعى فإن قالة التناقض بين الدليلين لا يكون لها .
(الطعن رقم 18953 لسنة 64 جلسة 1996/10/09 س 47 ع 1 ص 951 ق 137)
14- الخطأ فى الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة فإنه لا يجدى الطاعن الأول ما ينعاه على الحكم أنه أسند إليه ضرب المجنى عليها محدثا إصابات بها فى حين أن أقوالها لن تنسب إليه سوى تهديده إياها بسكين ومواقعتها كرها عنها إذ أن ذلك بفرض صحته لم يكن قوام جوهر الواقعة وليس بذى أثر فى منطق الحكم ولا فى النتيجة التى انتهى إليها .
(الطعن رقم 18953 لسنة 64 جلسة 1996/10/09 س 47 ع 1 ص 951 ق 137)
15- لما كان ما يثيره الطاعنان الأول والثالث من التفات الحكم عن دفاع الأول القائم على أن فض غشاء بكارة المجنى عليها كان مفتعلا وسابقا على تاريخ الواقعة وإغفاله ما قرره الشهود من أن المجنى عليها اعتادت الركوب معه فى سيارته وما قرره ضابط المباحث من أنها ركبت السيارة معه برضاها دون أن تحتسى مشروبا يفقدها الوعى وما ثبت من التقرير الطبى الشرعى من أنها يثبت من قدم ودلالة ذلك فى نفى الاتهام عنه والتفات الحكم عن دفع الطاعن الثالث بعدم صحة الواقعة وعدم صحة إسنادها إليه وإغفاله ما ساقة من شواهد وقرائن تأييد لهذا الدفع . فلا يعدو كل ذلك أن يكون دفاعا موضوعيا مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته فى مناحيه المختلفة والرد على شبهة يثيرها المتهم على استقلال إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التى ساقها الحكم .
(الطعن رقم 18953 لسنة 64 جلسة 1996/10/09 س 47 ع 1 ص 951 ق 137)
16- إن المحكمة قياما بواجبها فى تمحيص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وتطبيق نصوص القانون عليها تطبيقا صحيحاً ، قد عدلت الوصف الذى أسبغته النيابة العامة على الفعل المسند إلى الطاعن بالنسبة للمجنى عليها الأولى من مواقعة إلى هتك عرض استنادا إلى ما استظهرته من عدم حدوث ايلاج .
(الطعن رقم 9077 لسنة 62 جلسة 1994/06/06 س 45 ص 714 ق 109)
17- متى كان الدفاع قد تمسك بطلب إستكمال التحليل لتعيين فصيلة الحيوانات المنوية و معرفة ما إذا كانت من فصيلة مادة الطاعن أم لا ، و كانت الحقائق العلمية المسلم بها فى الطب الشرعى الحديث تفيد إمكان تعيين فصيلة الحيوان المنوى ، فقد كان متعيناً على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهرى عن طريق المختص فنياً و هو الطبيب الشرعى ، أما و هى لم تفعل و إلتفتت عن تحقيق ما أثاره الطاعن و هو دفاع له أهميته فى خصوصية الواقعة المطروحة لما قد يترتب عليه من أثر فى إثباتها ، و لم تناقش هذا الطلب أو ترد عليه ، فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه و الإحالة .
(الطعن رقم 43 لسنة 41 جلسة 1971/04/04 س 22 ع 1 ص 333 ق 81)
18- الملاحظة المقصودة كظرف مشدد فى جريمة هتك العرض التى عناها المشرع فى المادتين 267/2 ، 268/1 من قانون العقوبات هى أن يتولى الجاني مراعاة سلوك المجنى عليه ورقابته وملاحظة شئونه وتهذيب وتوجيه سلوكه ، ملحوظاً فى ذلك حاجة المجنى عليه إلى تلك الملاحظة مع قيام مسئولية المكلف بها عند التقصير فى مباشرة مهام مسئوليته فى الملاحظة ، فلا تتحقق الملاحظة بمجرد الرعاية أو العناية العابرة أو المؤقتة التى يفرضها على المتهم دون أن يتحقق بها الاشراف على سلوك المجنى عليه ومراقبته . لما كان ذلك ، وكان مجرد قيام الطاعن كفنى أشعة بالتقاط صور أشعة للمجنى عليها حسبما تقتضيه طبيعة عمله لا يتحقق به معنى الملاحظة التى عناها المشرع كظرف مشدد فى جريمة هتك العرض خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد عابه الخطأ فى تطبيق القانون الذى أسلسه إلى الفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه .
(الطعن رقم 3874 لسنة 63 جلسة 1995/06/05 س 46 ص893 ق 136)
19 ـ لَمَّا كَاْنَ الثَابِتُ مِنْ مُدَونَات الحُكْم المَطْعُون فِيْهِ أَنَّ ولى أمر المَجْني عَلْيهِا قد عَهِدَ إلى الطَّاْعِن القيام بتحفيظ المَجْني عَلْيهِا القرآن الكريم وَالإِشراف عَلْيهِا فِي هذا الصَدَّد ، فَإِنَّ ذَلِك يجعل لَهُ سُلطَّة عَلْيهِا بالمعنى الوارد فِي الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات تهيئ لَهُ فُرصَّة التقرب إليها وَتَسهيل اِرْتكاب الجَريمَّة ، وَمَا دَام قد ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ المُتولين تَربية المَجْني عَلْيهِا وَمِمَّنْ لَهم سُلْطَّة عَلْيهِا ، فَإِنَّ ذَلِك يكفى لتشديد العقاب عَلْيهِ ، إِذْ لَا يُشترط أَنَّ تَكْون التَربية فِي مَدرسة أَوْ دار تعليم عامة ، بَل يَكْفي أَنَّ تَكْون فِي مَكَاْنٍ خَاصٍ عَنْ طَرْيق دروس خاصة ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّ مَا يُثيرَهُ فِي شأن عدم توافر الظرف المُشَدِّد المَنْصوص عَلْيهِ فِي الفقرة الثانية مِنْ المَادَّة 267 مِنْ قَانْون العُقوبَات لَا يعدو أَنَّ يكون جدلاً مَوْضُوعياً عَلْى وَجْه مُعيِّن تأدية إلى مناقضة الصورة التي اِرتَسَمت فِي وجدان قاضي المَوْضُوع بالدليل الصحيح مِمَّا لَا يَجْوز إِثَارته أَمَام مَحْكَمَّة النَّقْض .
(الطعن رقم 18500 لسنة 83 جلسة 2014/05/08)
استحدث المشرع نص المادة 113 مكرراً في قانون الإجراءات الجنائية وذلك بموجب القانون رقم 177 لسنة 2020 المنشور في الجريدة الرسمية العدد 36 مكرر في 5/9/2020 بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر برقم 150 لسنة 1950 ، والذي نص على أنه :
لا يجوز لمأموري الضبط أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، أو في أي من المادتين (306 مكرراً / أ ، 306/ مكرراً / ب) من ذات القانون، أو في المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، إلا لذوي الشأن.
مركز الراية للدراسات القانونية
وتقتضي هذه الجريمة توافر ركنين :
1- رکن مادي هو مواقعة أنثى بغير رضاها.
2- رکن معنوي هو القصد الجنائي .
الركن المادي :
يتحقق هذا الركن بتوافر عنصرين، هما : المواقعة وعدم الرضاء.
أولاً : المواقعة
تتحقق المواقعة بالاتصال الجنسي التام الطبيعي بين رجل وامرأة، فلا يعد مواقعة دون ذلك من الأفعال كالمساس بالعضو التناسلي للمرأة أو وضع شيء آخر فيه أو إزالة بكارتها بالأصبع هذا دون إخلال باعتبار هذا الفعل هتك عرض أو شروعاً في اغتصاب حسبما يكون عليه القصد الجنائي للمتهم .
ومتى حدث الاتصال الجنسي التام فلا أهمية لما إذا كان الجاني قد حقق شهوته الجنسية بقذف المواد المنوية أو لم يتمكن من ذلك و يتعين في المواقعة أن تكون طبيعية، فإتيان الأنثى من الخلف لا يعد مواقعة وإن اعتبر هتك عرض .
ويشترط أيضاً أن تحدث المواقعة بين رجل وامرأة، فالفاعل الأصلي في هذه الجريمة لا بد أن يكون رجلاً، مع ملاحظة أن المرأة قد تكون شريكة في هذه الجريمة، كما إذا حرضت الجاني أو اتفقت معه أو ساعدته على مواقعة أنثى بغير رضائها.
ويشترط في الفاعل الأصلي أن يكون قادراً على الإتصال الجنسي، فتتوافر الإستحالة المادية للجريمة ممن ليست لديه هذه القدرة إما لصغر سنه أو لمرض فيه.
ولابد أن يكون المجني عليه في هذه الجريمة أنثى، فلا مواقعة من رجل لرجل وكذلك إذا حدث الاعتداء على طفلة صغيرة قرر الطبيب الشرعي استحالة حصول الإيلاج في عضوها التناسلي، على أنه لا يقدح في قيام المواقعة أن تتم بإيلاج غير کامل لصغر سن المجني عليها وغني عن البيان أنه يشترط لحصول المواقعة أن تقع على أنثى على قيد الحياة، فلا تقع الجريمة بالفسق بجثة امرأة متوفاة هذا دون الإخلال بالعقاب على جريمة انتهاك حرمة القبور إذا توافرت أركانها.
ولا عبرة بما إذا كانت المرأة شريفة أو ساقطة، لأن الجريمة تقع بالاعتداء على حريتها الجنسية لا على شرفها".. مع ملاحظة أن سوء سلوك المجني عليها قد يعد قرينة على رضاها في ظروف معينة.
ويشترط في المواقعة أن تكون غير مشروعة، فالزوج الذي يواقع زوجته كرها لا تقع منه جريمة الاغتصاب لأنها حل له بمقتضى عقد الزواج إلا إذا كان الزوج مصاباً بأحد الأمراض السرية المعدية، إذ لا يجوز له معاشرة زوجته في هذه الحالة من واقعها رغم إرادتها يعد فعله اغتصاباً لأنه لا يملك الحق في مواقعتها.
الشروع :
تقف الجريمة عند مرحلة الشروع إذا لم يحدث الإيلاج التام الطبيعي، وكان الجاني قد ارتكب فعلاً من شأنه أن يؤدي حالاً ومباشرة إلى وقوع الاغتصاب إذا توافرت أركانه هذا ويلاحظ أنه عند البدء في التنفيذ تقع جريمة هتك العرض إذا توافرت أركانها كما أنه من ناحية أخرى في هذه الحالة يكون المميز الفاصل بين الشروع في الإغتصاب وهتك العرض هو القصد الجنائي لدى الجاني.
عدم الرضاء :
يتحقق عدم رضاء المجني عليها إذا لم تتجه إرادتها إلى قبول الاتصال الجنسي، وذلك باستعمال الإكراه معها أو بسبب عوامل أخرى في حكم الإكراه لسلب إرادتها ويشترط أن تتوافر علاقة السببية بين هذا الإكراه وما في حكمه وبين الواقع.
أما الإكراه، فإنه قد يكون مادياً أو أدبياً ويتحقق الإكراه المادي بارتكاب فعل من أفعال القوة والعنف على جسم المرأة مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة ولا يشترط في القوة أن تصل إلى حد معين من الجسامة أو تترك أثر جروح في المجني عليها، إذ العبرة بالقدر اللازم لشل مقاومة المجني عليها، وهو أمر يتوقف على ظروفها الشخصية ومدى احتمالها الصحي أما الإكراه الأدبي فيقع بطريق التهديد بإلحاق شر مستطير بجسم المجني عليها أو مالها أو سمعتها أو بشخص عزيز عليها، وغير ذلك مما من شأنه أن يشل إرادتها و يخضعها لرغبة الجاني، وتقدير تأثير هذا الإكراه بنوعيه أمر متروك لمحكمة الموضوع تقدره في حدود سلطتها الموضوعية.
أما العوامل الأخرى التي تعد في حكم الإكراه، فإنها تشترك معه في أثرها على المجني عليها وهو إعدام إرادتها وإن اختلفت عنه في طبيعتها، ومثالها المباغتة، والخداع وغيره من سبل الغش ، وانتهاز فرصة فقد المجني عليها شعورها في أثناء النوم، أو الإغماء، أو خضوعها لتنويم مغناطيسي أو إنعدام الشعور بسبب السكر، أو الجنون وما في حكمه، مما يعدم الإرادة .
الركن المعنوي القصد الجنائي
هذه الجريمة عمدية يتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي العام. فيجب أن تتجه إرادة الجاني إلى مواقعة المجني عليها بغير رضاها مع علمه بذلك ولا يحول دون توافر هذا القصد حسن الباعث، فمثلاً لا يصلح دفاعاً أن يدعي الجاني الذي واقع زوجته بعد أن طلقها طلاقا بائنا أنه قد حرص من معاشرة زوجته على أن يبقى على أسرته كما لا يؤثر في القصد غير ذلك من البواعث، كالانتقام وينتفي القصد الجنائي إذا كان الجاني جاهلاً بأن المرأة التي واقعها مجنونة أو فاقدة للشعور.
القاعدة : يعاقب على اغتصاب الأنثى بالسجن المؤبد أو المشدد (المادة 267/ 1 عقوبات).
الظروف المشددة : نصت المادة 267 عقوبات المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 على بعض الظروف المشددة التي من شأنها رفع العقوبة إلى الإعدام، وهي :
1- إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة : وقد استحدث المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 هذا الظرف المشدد ولم يكن منصوصاً عليه من قبل وقد عني المشرع بالأخذ بالتقويم الميلادي في احتساب السن.
2- أن يكون الجاني من أصول المجني عليها: وهم من تناسلت منهم تناسلاً حقيقياً، كالأب والجد، فلا يدخل في عداد هؤلاء الأب بالتبني.
3- أن يكون الجاني من المتولين تربية المجني عليها أو ملاحظتها : ويقصد بهم كل من وكل إليهم أمر الإشراف عليها وتهذيبها، سواء كان ذلك بحكم القانون (كالولي أو الوصي أو القيم أو المدرس في المدرسة) أو بحكم الاتفاق (كالمدرس الخصوصي) أو بحكم الواقع كزوج الأم وزوج الأخت والعم والأخ الأكبر .
4- أن يكون الجاني ممن له سلطة على المجني عليها : ويستوي في السلطة أن تكون قانونية أو فعلية، وقوامها ما للشخص من مقدرة على إنفاذ أوامره على المجني عليها والسيطرة على تصرفاتها.
ومثال السلطة القانونية سلطة المخدوم على خادمته ورب العمل على عاملاته، أما السلطة الفعلية (وهي التي ترجع إلى واقع الأمر لا بناء على صفة قانونية) ، فمثالها سلطة أحد أقارب المجني عليها إذا لم يكن من المتولين تربيتها، وكأن يسخر الجاني بعض الفتيات للتسول لحسابه ويفرض عليهن إتاوة معينة وإلا تعرضن للأذى، ففي هذه الحالة تكون له سيطرة فعلية عليهن بلا جدال.
5- أن يكون الجاني خادما بالأجرة عند المجني عليها أو أحد ممن ذكروا فيما تقدم : لا يشترط أن يكون خادماً عند المجني عليها ذاتها، بل يستوي أن يكون خادماً عند أحد من أصولها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو له سلطة عليها، وعلى ذلك يتوافر الظرف المشدد إذا واقع خادم خادمة أخرى تعمل معه في منزل واحد، إذ هو في هذه الحالة يعد خادماً عند من له على المجني عليها سلطة.
6- تعدد الفاعلين للجريمة: وقد استحدث المرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 هذا الظرف المشدد، ويستوي في كل من الفاعلين المتعددين أن يكون قد ارتكب فعل الوقاع أو أن يكون فاعلاً مع غيره ممن ارتكب هذا الفعل، إذا كان قد أتى عمداً عملاً من الأعمال المكونة للجريمة طبقاً للمادة 39 (ثانياً) من قانون العقوبات بأن قام بعمل بعد بدءاً في التنفيذ، أو كان على مسرح الجريمة وأدى دوراً لازماً لوقوعها وقت ارتكابها وفقاً للخطة التي رسمها الجناة. (الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة 2016 الكتاب الثاني ، الصفحة: 235)
الاغتصاب
تعريف الاغتصاب هو اتصال رجل بامرأة اتصالاً جنسياً کاملاً دون رضاء صحيح منها بذلك وقد نصت على هذه الجريمة المادة 267 من قانون العقوبات المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 في قولها من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد، ويعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة ، أو كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلون في الجريمة .
علة التجريم : علة التجريم هي الاعتداء على العرض في أجسم صوره ، فالجاني يكره المجني عليها على سلوك جنسي لم تتجه إليه إرادتها فيصادر بذلك حريتها الجنسية ، ومن ثم كان الاغتصاب أشد جرائم الاعتداء على العرض جسامة وبالإضافة إلى ذلك فثمة حقوق أخرى ينالها الاعتداء بهذه الجريمة : فهي اعتداء على الحرية العامة للمجني عليها ؛ وهی اعتداء على حصانة جسمها ، وقد يكون من شأنها الإضرار بصحتها النفسية أو العقلية ؛ وهي اعتداء على شرفها ، وقد يكون من شأنها أن تقلل من فرص الزواج أمامها أو تمس استقرارها العائلي إن كانت متزوجة ؛ وقد تفرض عليها أمومة غير شرعية ، فتضر بها من الوجهتين المعنوية والمادية على السواء.
وتقتضي دراسة جريمة الاغتصاب البحث في موضوعين : بيان أركانها وتحديد عقوبتها .
أركان الاغتصاب
بيان أركان الاغتصاب : تقوم جريمة الاغتصاب على أركان ثلاثة : رکن مادی ، هو الاتصال الجنسي الكامل ؛ وانتفاء الرضا به ؛ والقصد الجنائي.
المطلب الأول
الاتصال الجنسي الكامل
عناصر الركن المادي في الاغتصاب : الفعل الذي يقوم به الركن المادي لجريمة الاغتصاب هو الاتصال الجنسي الكامل الذي يمثل الرجل طرفه الإيجابي وتحمل المرأة على الاستسلام له ، وتندمج النتيجة – وهی حالة الاتصال - في الفعل، واعتبار الاتصال الجنسي الفعل الذي تقوم به الجريمة يفترض أنه غير مشروع .
دلالة الاتصال الجنسي : يعني الاتصال الجنسي الكامل التقاء الأعضاء التناسلية للجاني والمجني عليها التقاء طبيعياً فإذا تحقق كان ذلك الاتصال كافياً لتمام الجريمة، فسواء أن يكون كلياً أو جزئياً ، وسواء أن يبلغ المتهم شهوته أو ألا يبلغ ذلك، وليس بشرط أن يترتب على الفعل تمزيق غشاء البكارة.
وتحديد الفعل الذي تقوم به الجريمة وفق هذا المدلول يعني أن تستبعد من نطاقها جميع الأفعال الماسة بالحرية الجنسية للمرأة التي لم تبلغ مبلغ الاتصال الجنسي الكامل ، وذلك أياً كانت درجة الفحش التي تنطوي عليها : فعبث يد الجاني كرهاً بالأعضاء التناسلية للمرأة لا يعد اغتصاباً ومن باب أولى فإنه لا يرتكب هذه الجريمة من عبث بعضو في جسم المرأة يعتبر عورة كالثدي مثلاً ، وإنما تقوم بذلك جريمة هتك العرض، ولا تقوم هذه الجريمة بتلقيح امرأة صناعياً ضد إرادتها ، ولو أفضى إلى حملها ، إذ لا يصدق علی هذا الفعل أنه اتصال جنسی .
طرفا الاتصال الجنسية للاتصال الجنسي طرفاه : رجل وامرأة، وتفترض الجريمة أن الرجل هو الجاني ، وأن المرأة هي المجني عليها، وتترتب على هذا التحديد للفعل الذي تقوم به الجريمة نتائج هامة تحد من نطاقها : فلا تتصور الجريمة إذا اتحد جنس الجاني والمجنى عليه ، كما لو كانا رجلين أو امرأتين، وحين يختلف طرفا الاتصال فإن الجريمة تفترض أن الرجل هو الجاني ، فهو الذي يصدر عنه فعل الحمل على الاتصال ، وأن المرأة هي المجني عليها التي تحمل على الخضوع له : فلا قيام للجريمة إذا كانت المرأة هي التي حملت الرجل على الاتصال بها؛ وهذا الفرض متصور ، فليس من أركان الجريمة الإكراه ، وإنما تقوم إذا كان الإتصال بغير رضاء صحيح من المجني عليه كما لو كان حصل بالخداع أو كان المجني عليه غير صالح للتعبير عن إرادة صحيحة ، ومن ثم يتصور أن تحمل امرأة رجلاً على الإتصال بها دون رضاء صحيح منه ، كما لو حلت محل امرأة أخرى فظنها مخدوعاً أنها المرأة التي يقبل الاتصال بها أو كان الرجل مجنوناً أو سكراناً فلم تكن الرضائه قيمة و إنما تسأل المرأة في هذه الفروض عن هتك عرض ، باعتبار أنها مست دون رضاء صحيح من الرجل بأعضاء في جسمه تعد عورة .
ويتعين أن تكون المجني عليها امرأة حية ، إذ هي التي تكون لها الحرية الجنسية ، ومن ثم يخرج من نطاق الاغتصاب فسق الرجل بجثة امرأة.
عدم شرعية الاتصال الجنسي : إذا كان الاتصال الجنسي الذي أكره الرجل المرأة عليه مشروعا فإنه لا يصلح ابتداء ليقوم به الركن المادي للإغتصاب، ويكون هذا الاتصال مشروعاً إذا كان في نطاق نظام اجتماعی يعترف للرجل بالحق في هذا الاتصال ويفرض على المرأة الالتزام بقبوله ، وهذا النظام في القانون الحالي هو الزواج فقط ، وقد اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على أن الاتصال الجنسي حق للزوج وواجب على الزوجة ، ومنهم من أضاف إلى ذلك أنه كذلك حق للزوجة وواجب على الزوج وتطبيقاً لذلك لا يرتكب الزوج جريمة الاغتصاب إذا أكره زوجته على الصلة الجنسية ، ولكن إذا كانت أفعال الإكراه في ذاتها جريمة كالضرب فيما يجاوز به الزوج حدود حقه في التأديب كان مسئولاً عن هذه الجريمة فقط ولكن الزواج لا ينتج هذا الأثر إلا إذا كان صحيحاً کی ينتج حكمه الشرعي من حيث « حل متعة كل من الزوجين بزوجه » ، أما إذا كان الزواج باطلاً أو فاسداً فهو لا يخلع على الصلة بين طرفيه الصفة المشروعة، و إن كان جهل الزوج بسبب البطلان أو الفساد ينفي القصد لديه .
وشرعية الصلة الجنسية بما يمنع من قيام الاغتصاب موقوتة بالوقت الذي يقوم خلاله الزواج : فإن كانت قبله كما لو أكره الخطيب خطيبته عليها قامت بها الجريمة ولو عقد الزواج بعد ذلك بوقت يسير ؛ وإن كانت بعد إنحلاله كما لو باشرها المطلق بائناً على مطلقته أو المطلق رجعيا بعد أن بانت عنه مطلقته بانتهاء عدتها قامت الجريمة كذلك أما إذا باشرها المطلق رجعياً قبل انتهاء العدة فلا جريمة ، لأن هذا الطلاق، لا يرفع قيد الزوجية ولا يزيل ملكاً ولا حلاً طالما لم تنقض العدة ، بل إن هذه الصلة تعد مراجعة فتستأنف بها الحياة الزوجية .
الشروع في الاغتصاب : اتجه قضاء محكمة النقض في أول الأمر إلى الأخذ بالمذهب الموضوعي في تحديد البدء في تنفيذ هذه الجريمة : فقضت محكمة النقض بأن مجرد طلب الفحشاء من امرأة وجذبها من يدها وملابسها ليس مما يعد بدءاً في تنفيذ الجريمة ، وإنما هو مجرد عمل تحضيري لها ولكن القضاء الحديث لمحكمة النقض يجنح إلى المذهب الشخصي ، ووفقاً لهذا المذهب يتحقق البدء في التنفيذ بأي فعل يؤدي حالاً ومباشراً إلى إتمام هذه الجريمة، باعتباره ينطوى بذلك على خطر يهدد الحرية الجنسية للمجنی عليها في صورة الاغتصاب وتطبيقاً لذلك كان البدء في التنفيذ متحققاً بارتكاب فعل عنف أياً كان لحمل المرأة على الاستسلام أو صدور تهديد إليها في سبيل ذلك أو إعطائها مادة مسكرة أو مخدرة أو تنويمها من أجل هذا الغرض أو محاولة خلع ملابسها أو اركابها في عربة ولو بالخداع أو مجرد اصطحابها إلى المكان الذي ينوى الجاني ارتكاب الجريمة فيه ويفترض الشروع أنه قد أعقب البدء في التنفيذ عدم إتمام الجريمة لأسباب لا ترجع إلى إرادة الجاني ، وأبرز تطبيقات لذلك أن تقاوم المرأة فتتغلب عليه أو أن يخف لنجدتها أحد .
المساهمة الجنائية في الإغتصاب : تخضع جريمة الإغتصاب للقواعد العامة في المساهمة الجنائية ، فيتصور تعدد الفاعلين ، ويتصور أن يوجد إلى جانب الفاعل شريك أو أكثر .
والفرض الخاص بتعدد الفاعلين عسير على التصور ، ولكن إذا لاحظنا أن الركن المادي يقوم في هذه الجريمة على عنصرين : الاتصال الجنسي ، والفعل الذي يكون من شأنه إعدام رضاء المرأة كالعنف مثلاً ، فإن كل من يصدر عنه أحد هذين الفعلين يعتبر - تطبيقاً للقواعد العامة - فاعلاً مع غيره وبناءً على ذلك فإن من أمسك بجسم المرأة كي يشل مقاومتها في حين اغتصبها زميله كان فاعلاً معه للجريمة ؛ ومن باب أولى يعد فاعلاً من ضرب المرأة أو هددها بالسلاح کی ترضخ لرغبة زميله .
ويذهب الرأي السائد في الفقه إلى أنه لا يتصور أن يكون فاعلاً لهذه الجريمة إلا رجل ، وبناءً على ذلك يدرجها في عداد « جرائم ذوي الصفة الخاصة »، وحجته حصره ركنها المادي في فعل الإتصال الجنسي الذي لا يتصور أن يصدر عن امرأة ؛ ولكن إذا لاحظنا أن الفعل المعلم للرضا هو كذلك عنصر في هذا الركن ، وكان من المتصور أن تأتي هذا الفعل امرأة ، فإن هذه المرأة تعد فاعلة مع غيرها لهذه الجريمة، وتطبيقاً لذلك فإنه إذا أمسكت امرأة بجسم أخرى لكي تشل مقاومتها تمكينا لرجل من اغتصابها ، فكلاهما فاعل للجريمة، ولم ينكر هذا الرأي أن تكون المرأة شريكة في هذه الجريمة ويتصور أن تكون امرأة فاعلة معنوية لهذه الجريمة ، كما لو أغرت مجنوناً باغتصاب امرأة أخرى.
ومن صور الاشتراك بالمساعدة في هذه الجريمة إعارة أو تأجير المكان الذي ترتكب الجريمة فيه أو تجهيز المادة المخدرة أو تسليم السلاح الذي يستعين به الجاني في ارتكاب الجريمة .
الإكراه المادي :
يعني الإكراه المادي أفعال العنف التي ترتكب على جسم المرأة وتستهدف إحباط المقاومة التي تعترض بها فعل الجاني ، ويشمل كذلك العنف الذي يستهدف إرهاب المجني عليها ابتداء کی لا تبدي مقاومة والأصل أن يتخذ العنف صورة الضرب أو الجرح ، ولكنه قد يتخذ صورة فعل قسري أياً كان يعدم - أو يضعف على نحو ملموس - القدرة على المقاومة : فيعد إكراهاً مادياً الإمساك بأعضاء المرأة التي قد تستعملها في المقاومة أو تقييدها بالحبال وقد قيل إن من العسير تصور أن يرتكب الجاني في ذات الوقت فعلى العنف والوقاع موزعاً جهوده بينهما ، ولكن هذا الاعتراض في غير محله، فقد يصدر الإكراه عن شخص آخر يقدم معونته إلى الجانی؛ وقد تكون المجني عليها صغيرة السن أو ضعيفة أو مريضة بحيث يكفي عنف قليل الإحباط مقاومتها أو إرهابها ؛ وقد يصدر العنف أولاً فيكون من شأنه إعياء المجني عليها فتستسلم لرغبات الجاني وهي عاجزة عن إبداء أية مقاومة.
ويشترط في العنف الذي يقوم به الإكراه المادي شرطان : أن يرتكب على شخص المرأة ، وأن يكون من شأنه إعدام رضائها بالفعل وينبني على الشرط الأول استبعاد أفعال العنف التي تقع على الأشياء ، كما إذا حطم المتهم سوراً أو باباً أو قتل كلباً إذا أعقب ذلك أن استقبلته المرأة راضية بالفعل الذي يريد ارتكابه وتستبعد كذلك أفعال العنف التي ترتكب ضد أشخاص آخرين كخادم المرأة أو أحد أقاربها إذا رضيت بعد ذلك بفعل المتهم ويعنى الشرط الثاني أن يكون العنف كافياً لإحباط مقاومة المرأة أو إرهابها ويقتضي ذلك أن يكون على قدر من الجسامة يختص بتقديرها قاضي الموضوع ومؤدى ذلك أن العنف اليسير الذي لا يعدم الإرادة ، ولكن ينهى تردد المرأة أو يتغلب على تمنعها ويكون عاملاً في إقناعها بأن ترضى بالصلة الجنسية لا يكفي لتحقيق الإكراه .
وإذا اعتقد المتهم أن مقاومة المرأة غير جدية في حين أنها كانت كذلك ، انتقى القصد لديه .
ولا يتطلب القانون أن يستمر الإكراه طيلة الاتصال الجنسي ، وإنما يكفي أن يكون الوسيلة إلى ابتدائه : فإذا قاومت المرأة أفعال العنف ثم انهارت مقاومتها فاستسلمت عجزاً عن المقاومة أو يأسا من جدواها فلم ير الجاني حاجة إلى الاستمرار في العنف فإن الإكراه يتحقق مع ذلك وليس بشرط أن يترك الإكراه أثراً بجسم المجني عليها أو بجسم الجانی .
الإكراه المعنوي :
يعني الإكراه المعنوي التهديد بشر، ويتعين أن يكون هذا الشر جسيماً وحالاً ، وأن يربط الجاني في ذهن المجني عليها - صراحة أو ضمناً - بين نزوله ورفض الصلة الجنسية التي يريدها والعبرة بتأثير التهديد على إرادة المجنى عليها على نحو يثبت به أنها لم تتجه إلى قبول هذه الصلة ، ويرتهن تحديد هذا التأثير بالظروف التي صدر فيها التهديد ، ومن ثم كان قاضى الموضوع هو المختص بتقديره ، وسواء أن يهدد الشر نفس المرأة أو مالها ، وسواء كذلك أن يهددها أو يهدد شخصاً عزيزاً عليها كتهديدها بقتل إبنها إن لم تقبل الصلة، ويستوي في النهاية أن يكون موضوع التهديد فعلاً إجرامياً أو أن تنتفى عنه هذه الصفة ، بل قد يكون أمراً مشروعاً ، كتهديد امرأة بالإبلاغ عن جريمة ارتكبتها فعلاً إن لم تقبل الصلة .
الرضاء الصادر عن غير المميزة : لا صعوبة في تعليل عدم اعتداد القانون بهذا الرضاء ، فإذا كان الرضاء في ذاته تعبيراً عن إرادة ، وكانت إرادة غير المميزة مجردة من القيمة القانونية ، استتبع ذلك تجريد قبولها من هذه القيمة، وحالات انعدام التمييز عديدة، فتشمل الجنون والسكر وصغر السن .
فإذا اتصل المتهم بمجنونة لم تبد على فعله أي اعتراض فإنه يرتكب بذلك جريمة اغتصاب ، ولكن يجب التحقق من أن جنونها قد أفقدها القدرة على فهم ماهية الفعل وقت إتيانه ، وإلا كان لقبولها قيمته وحال دون قيام الجريمة، وتطبيقاً لذلك فلا قيام للجريمة إذا كان جنون المجني عليها متقطعاً واتصل بها المتهم في فترة الإفاقة ، أو كان جنونها من النوع المتخصص أو كان يسيراً فلم تفقد القدرة على إدراك ماهية الفعل .
وإذا كانت المجني عليها سكرانة أو مخدرة على نحو فقدت معه القدرة على فهم ماهية الفعل قامت بواقعها جريمة الاغتصاب ، وسواء أكان الجاني هو الذي أسكرها من أجل هذا الغرض أو لغرض آخر، أو كان شخص سواه هو الذي أسكرها ، أو كانت قد سكرت من تلقاء نفسها فاستغل الجاني حالة فقد التمييز التي صارت فيها، ويعني ذلك أن رضاء السكرانة ينفي الجريمة إذا لم يفقدها سكرها التمييز سواء لقلة المادة التي تعاطتها أو الاحتمالها تأثيرها، ويلحق بالسكر إعطاء المجني عليها حبوباً منومة وإن كانت لم تؤد إلى نومها فعلاً ولكن أضعفت من إرادتها ، وحرق بخور أحدث دواراً و إن لم تفقد المجنى عليها الصواب تماماً .
وإذا كانت المجنى عليها صغيرة السن ورضيت بفعل الجاني ، فإن بعض الآراء تخرجه من نطاق الاغتصاب لتجعل منه هتك عرض دون قوة أو تهديد ، وسندها فيما يبدو أن هذا الرضاء ينفي الإكراه ، فينفي تبعاً لذلك الاغتصاب وعيب هذه الاراء أنها اعتبرت الإكراه ركنا في الاغتصاب ، وذلك – كما قدمنا - ليس صواباً ، فركن هذه الجريمة « انتفاء الرضاء الصحيح » أياً كان مصدره ، ولذلك كان هذا الركن متوافراً إذا رضيت المجني عليها بالفعل ، ولكن كان رضاؤها غير معتبر قانوناً ، إذ لا يعد رضاء صحيحاً وحين تكون المجني عليها صغيرة فإنه يصعب القول بأن رضاها ذو قيمة قانونية كاملة بحيث يكون من شأنه نفي الجريمة، ونرى التفرقة بين الصغيرة غير المميزة والصغيرة المميزة، فإن كانت غير مميزة فلا شك في قيام الجريمة على الرغم من رضاها بالفعل ، ذلك أن إرادتها متجردة من القيمة القانونية ، فلا يمكن أن يقوم بها رضاء صحيح ، أما إذا كانت الصغيرة مميزة ، فإن الرأي المجمع عليه يذهب إلى أن رضاها ينفي الاغتصاب ، فتقتصر مسئولية الجاني على هتك العرض دون قوة أو تهدید بشرط ألا تكون قد أتمت الثامنة عشرة من عمرها، وحجة هذا الرأي أن الرضاء الصادر عن وعي بطبيعة الفعل يحول دون القول بتوافر رکن الجريمة المتمثل في « عدم الرضاء »، ولكننا نعتقد أن خطة الشارع هي أن يستبعد من نطاق الاغتصاب الحالات التي يمكن القول فيها بأن المرأة قد اتجهت إرادتها اتجاهاً صحيحاً إلى قبول الصلة الجنسية ، ويفترض ذلك أن تكون هذه الإرادة معتبرة قانونا حتى يكون اتجاهها بدوره معتبراً من القانون، وإذا كانت المجني عليها مميزة ، ولكنها لصغر سنها ما تزال قليلة الخبرة بالحياة سهلة الإغراء وليس في وسعها أن تقدر خطورة الفعل على سمعتها ومستقبلها ، فمن السائغ القول بأن إرادتها - وان كان لها بعض القيمة القانونية بالنظر إلى ما توافر لها من تمييز - فإنه ليست لها هذه القيمة كاملة ، ومن ثم لا يمكن أن يقوم بها رضاء صحيح ينفي جريمة الاغتصاب وندعم هذا الرأي بملاحظة أنه من غير السائغ أن يسوى في المسئولية والعقاب بين من واقع الصغيرة برضائها ومن اقتصر على الإخلال بحيائها في الصورة التي يقوم بها هتك العرض على الرغم مما بين فعليهما من فارق كبير من حيث الجسامة والدلالة على خطورة مرتكبه ؛ ومن غير السائغ كذلك أن يعتبر الوقاع مجرد هتك عرض ، إذ تنصرف دلالة هذا الأخير إلى أفعال أقل من الوقاع فحشاً ، بالإضافة إلى ما قدمناه من أن الصغيرة لا تتوافر لها إرادة مكتملة القيمة على النحو الذي يقوم به الرضاء الصحيح ، وقد يكون من الملائم تشريعياً أن ينص الشارع على صورة مخففة من الاغتصاب في حالة رضاء المجني عليها الصغيرة المميزة بالفعل.
الرضاء الصادر تحت تاثير التدليس أو الغلط : إذا كان الشارع يستبعد من نطاق الاغتصاب حالات الرضاء بالفعل ، فهو يعني بذلك أن هذا الرضاء يعبر عن إرادة صحيحة اتجهت - وهي على بينة - إلى قبول الصلة الجنسية ، أما إذا كانت معيبة للتدليس فهي غير ذات قيمة قانونية، وتبعاً لذلك فهي ملحقة بحالات عدم الرضاء، وأهمية التدليس أنه يفضى إلى وقوع المرأة في غلط موضوعه الظروف التي يؤتى فيها بالفعل ، فيصوره لها على نحو ترضى به في حين لو أنها علمت بحقيقة ظروفه لما رضيت به، وللتدليس صورتان : صورة يكون موضوعه فيها شخص الجاني ، وصورة يكون موضوعه فيها صفته في إتيان الفعل :
فالصورة الأولى تعنى إيهام المرأة أن الجاني شخص آخر كانت المرأة ترضى بالصلة الجنسية به، وأبرز تطبيق لذلك أن يدخل الجاني في فراش امرأة نائمة فتعتقد وهي بين اليقظة والنوم أنه زوجها فتسمح له بأن يتصل بها، وقد يستفيد الجاني من ظرف آخر غير النوم كأن تكون المرأة ضريرة، والصورة الثانية تعني إيهام المرأة أن من حق الجاني أن يباشر الصلة الجنسية معها ، ويعني ذلك أن التدليس لم يتناول حقيقة شخصيته ، وإنما تعلق بصفته وما يتفرع عنها من حقوق على المرأة، وأبرز تطبيق لذلك أن يرتب الجاني مظاهر يوهم بها ضحيته أنه قد عقد بها زواجاً صحيحاً فترضى بصلته بها معتقدة أنها زوجة له - ومن تطبيقات ذلك أن يخفي شخص - لا يجوز له طبقاً لقانون أحواله الشخصية أن يعدد زوجاته - عن المجني عليها أنه متزوج ، فيحملها بذلك على قبول الزواج منه ثم يمارس الصلة الجنسية معها، أو يخفي الزوج عن زوجته أنه طلقها على نحو أنهى علاقة الزوجية بينهما ثم يتصل بها وهي راضية لإعتقادها أنها ما تزال زوجته.
عجز المرأة عن التعبير عن إرادتها : إذا كانت المرأة - وقت ارتكاب الفعل - عاجزة عن التعبير عن إرادتها بالقبول أو الاعتراض فإن الجريمة تتوافر بذلك أركانها ، فخطة الشارع انه لا يستبعد من نطاقها سوی الحالات التي يتوافر فيها القبول الصحيح بالفعل، وحالات العجز غير محصورة ، وقاضي الموضوع هو المنوط باستخلاصها ، وأهم هذه الحالات النوم أو الإغماء والإعياء الذي يبلغ درجة تعطيل الإرادة و إتيان الفعل بغتة .
فإذا أتى الجاني فعله أثناء نوم المجني عليها فلم تنتبه إلا بعد بدء الصلة الجنسية ، فإن الاغتصاب تتوافر بذلك أركانه ، ويستوي أن يكون النوم طبيعياً أو مغناطیسیاً وإذا أتى الجاني فعله على امرأة مغمى عليها توافرت أركان الاغتصاب وإذا ارتكب المتهم الفعل على امرأة تعرضت لإعياء شديد عطل إحساسها وإرادتها فإن الجريمة تقوم إذا ثبت بصورة قاطعة أنها كانت عاجزة عن التعبير عن إرادتها برفض الفعل وتتحقق الجريمة كذلك إذا ارتكب الجاني فعله بغتة ، فلم تكن لدى المجني عليها الفرصة في أن تبدي اعتراضها عليها ، مثال ذلك طبيب يباغت مريضته - وقت الكشف عليها أو إجراء عمل طبي على جسمها – فيتصل بها جنسياً .
القصد الجنائي
تمهيد : الاغتصاب جريمة عمدية ، ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي، ولا يثير التحقق من توافر القصد صعوبة : فالأفعال التي تصدر عن الجاني - وخاصة الإكراه - تكشف في وضوح عن القصد، والقصد المتطلب في هذه الجريمة قصد عام ، إذ يقوم بانصراف العلم والإرادة إلى الوقائع التي تقوم عليها الجريمة ، وهي الفعل الذي تقوم به الصلة الجنسية .
ويخضع القصد الجنائي للقاعدة العامة التي تقصي بأنه لا عبرة بالبواعث في تحديد عناصره : فإذا كان الباعث عادة هو « الشهوة الجنسية »، فإن من المتصور أن يحرك الجاني إلى فعله باعث أبعد من ذلك مدى : فقد يهدف إلى الانتقام من المرأة أو ذويها بإنزال العار بهم ، أو ارضاء عقيدة فاسدة سيطرت عليه ، ولكن تحقيق هذه الغايات يفترض إرضاء للرغبة الجنسية.
ويقوم القصد - تطبيقاً للقواعد العامة - على عنصري العلم والإرادة، ولا يثير التحقق من الإرادة صعوبة ، إذ أن « فعل الوقاع » بطبيعته عمل إرادي ، فهو يصدر عن رغبة ويستهدف إشباع شهوة ، ومن ثم كانت صفته الإرادية واضحة ، وتصير هذه الصفة أكثر وضوحاً حين يقترن به الفعل المعدم للرضاء كالإكراه ، ونفصل فيما يلي ما يتعين أن يحيط العلم به .
ما يتعين أن يحيط العلبه ، يتعين أن يعلم الجاني أنه يمارس صلة جنسية غير مشروعة وبدون رضاء صحيح من المرأة ، ويترتب على اشتراط العلم بهذه العناصر أنه إذا وقع الجاني في غلط في شأن أحدها انتفى القصد لديه .
فإذا اعتقد الجاني أن الصلة التي يمارسها مشروعة فلا يتوافر لديه القصد ، ولا تفرقة بين ما إذا كان غلطة متعلقاً بالوقائع أو بالقانون ، فالفرض أن القاعدة القانونية التي تعلق بها غلطه لا تنتمي إلى قانون العقوبات، فإذا أكره الأعمى على الصلة الجنسية امرأة ظن أنها زوجته فلا يعد القصد متوافراً لديه، وإذا كان ما يربط الرجل بالمرأة التي مارس الصلة الجنسية معها عقد زواج باطل أو فاسد ، ولكنه كان يجهل سبب البطلان أو الفساد ، فإن القصد لا يتوافر لديه ، سواء تعلق غلطه بالوقائع كما لو تزوج أخته من الرضاع وهو جاهل أنها كذلك ، أو تعلق بالقانون كما لو كان عالماً بذلك ، ولكنه يجهل القاعدة الشرعية التي تحرم هذا الزواج ، ومثال ذلك أن يجمع إلى زوجته خالتها أو ابنة أختها وهو جاهل القاعدة التي تحرم هذا الجمع، وينتفي القصد كذلك لدى شخص اتصل كرها بمطلقته رجعياً بعد انقضاء عدتها إذا كان يعتقد - لخطأ في الحساب – أنها لم تنقض بعد .
ويتعين أن يعلم بعدم رضاء المرأة بالصلة الجنسية ، فإن اعتقد أنها راضية وأن ما تبديه من رفض أو مقاومة هو في حقيقته تمنع أو حياء طبيعي ، فإن القصد لا يتوافر لديه ، ولو كان اعتقاده مستنداً إلى تقدير خاطئ ولكن ارتكاب العنف تقوم به قرينة على العلم بعدم الرضاء ، وهذه القرينة يجوز مع ذلك إثبات عكسها.
عقوبة الاغتصاب
عقوبة الاغتصاب في صورته البسيطة : حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة في صورتها البسيطة فجعلها الإعدام أو السجن المؤبد، (المادة 267 من قانون العقوبات) ، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 وللقاضي أن يطبق الظروف المخففة ، وله أن يعتبر الزواج اللاحق بين الجاني و المجني عليها أحد هذه الظروف .
الظروف المشددة للاغتصاب : حدد الشارع هذه الظروف في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011، التي نصت على أنه «يعاقب الفاعل بالإعدام إذا كانت المجني عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلون للجريمة »، وهذه الظروف ثلاثة هي :
1- توافر سن معينة للمجني عليها بأن تكون دون الثامنة عشرة .
2- توافر صفة لدى الجاني تعني أن له صلة بالمجني عليها، ويكفى توافر صفة واحدة مما نص عليه القانون .
3- تعدد الفاعلين للجريمة .
علة التشديد : تختلف علة التشديد باختلاف الظروف الثلاثة المشددة للعقوبة : ففيما يتعلق بسن المجني عليها وكونه دون الثامنة عشرة فإن علة التشديد تتمثل في ضعف المجني عليها الراجع إلى صغر السن ، سواء في ذلك الضعف البدني الذي يحول بين المجني عليها وبين مقاومة الفاعل أو الضعف المعنوي الذي قد يجعلها تجبن عن مجرد التفكير في المقاومة وفيما يتعلق بصفة الجاني ، فإن هذه الصفة تعني أن الجاني على المجني عليها سلطة فيسيء استعمالها ، ويكشف ذلك عن علتين للتشديد : فمن ناحية يسهل عليه ارتكاب الجريمة باعتباره قريباً من المجني عليها ، وبينهما نوع من الألفة يجعلها لا تخشاه ولا تحتاط إزاءه ، بل وتثق فيه ؛ ومن ناحية ثانية فهذه الصفة تحمله بواجبات تجاه عرض المجني عليها ، فعليه أن يحميه من اعتداء الغير ، فإذا صدر عنه الاعتداء ، فقد أهدر هذه الواجبات وخان الثقة التي وضعت فيه، أما علة التشديد في حالة تعدد الفاعلين فترجع إلى أن تعدد الجناة يزيد من قدرتهم في الوقت الذي تضعف فيه مقاومة المجني عليها.
أصول المجني عليها : يراد بأصول المجني عليها من تناسلت منهم تناسلاً حقيقياً ، فيصدق ذلك على الأب والجد الصحيح وإن علا والجد غير الصحيح وإن علا ولا يعد من الأصول الأب أو الجد بالتبني لأن الشريعة الإسلامية لا تعترف بهذا النظام ويجب أن تكون صلة البنوة شرعية ، فلا ينطبق التشديد على الأب غير الشرعي ولكن الصلة بين المجني عليها وأمها غير الشرعية هي صلة طبيعية ولذلك لم تنكرها الشريعة ، ومن ثم يتوافر الظرف المشدد إذا كان الجاني هو الأب الشرعي لهذه الأم .
المتولون تربية المجني عليها أو ملاحظتها : يراد بالمتولين تربية المجني عليها أو ملاحظتها جميع الأشخاص الذين يقومون فعلاً بتهذيبها ومراقبة سلوكها وتوجيهها ، سواء استمد المتهم هذه الصفة من القانون أو من قرار القاضي أو من عقد يربط بينه وبين المجني عليها أو من يحق لهم التعاقد عنها أو من مركز واقعی خلع عليه هذه الصفة ، فيدخل في ذلك الولی و الوصي والقيم وملقن الحرفة والمدرس وزوج الأم إذا كان يتولى تربية ابنة زوجته وأقارب الأبوين كالعم أو الخال إذا تولى أحدهم ذلك ، ومن التقط لقيطة أو عثر على فتاة ضالة فآواها لديه و تولى تربيتها أو ملاحظتها.
من لهم سلطة على المجني عليها : استعمل الشارع لفظ « سلطة » مطلقاً ، ومن ثم يتوافر الظرف المشدد أياً كان نوع أو صفة هذه السلطة : فسواء أن تكون السلطة قانونية أو فعلية وسواء أن تكون دائمة ، أي غير مقيدة بأجل ما ، أو تكون محدودة الأجل كما لو عهد بفتاة إلى شخص کی يرعاها خلال الفترة التي يتغيب فيها أبوها ، وسواء في النهاية أن تكون السلطة مشروعة أو غير مشروعة : فمن خطف فتاة ثم اغتصبها يتوافر له الظرف المشدد.
وللتفرقة بين السلطة القانونية والسلطة الفعلية أهميتها : فإذا كانت السلطة قانونية كسلطة الوصي أو القيم فيكفي إثبات الصفة التي تتفرع عنها هذه السلطة ، فثمة قرينة غير قابلة لإثبات العكس على أن صاحب هذه الصفة له السلطة على المجني عليها أما إذا كانت السلطة فعلية كسلطة زوج الأم ، فيتعين إثبات مجموعة الظروف التي تستخلص منها هذه السلطة ، ولا تعدو قيمة هذه الظروف أن تكون قرينة على وجود السلطة ، ولكنها قرينة تقبل إثبات العكس ، ومن ثم كان للمتهم نفيها .
ومن تطبيقات هذا الظرف أن يصدر الفعل من مخدوم على خادمته أو من رب العمل على عاملة أو موظفة لديه ، أو من رئيس مصلحة حكومية أو مرفق عام أيا كان على موظفة أو عاملة في هذه المصلحة أو المرفق ، أو من طبيب على مريضته فهو صاحب سلطة فعلية عليها وإن تكن موقوتة ، وخاصة إذا كانت تنزل في مستشفى يديره أو يعمل فيه، ومن أهم تطبيقاته أن يكون الجاني مدرساً للمجني عليها ، إذ للمدرس سلطة على تلميذته وتنشأ بينهما صلة من الألفة والثقة ، وسواء أن يكون مدرساً في معهد حكومي أو في مدرسة خاصة ، ويتوافر الظرف بصفة خاصة إذا كان الجاني مدرساً خاصاً للمجني عليها ، إذ تكون الصلة بينهما أوثق ، وسهولة ارتكاب الجريمة أكبر .
الخادم بالأجر عند المجني عليها أو عند من تقدم ذكرهم : يراد بالخادم من ينقطع نظير أجر – نقدي أو عيني - للقيام بالأعمال المادية التي تحتاج إليها المجني عليها في حياتها اليومية ؛ وفي الغالب يقيم الخادم في مسكن المجني عليها أو تكون له - إذا كان لا يقيم فيه - حرية الدخول فيه والتجول في أنحائه والانقطاع للخدمة واستطاعة الدخول في المسكن يولدان ألفة ويتيحان فرصاً للجريمة فيسهل ذلك ارتكابها ؛ وفي ذلك تكمن علة التشديد وبناءً على ذلك لا يتوافر الظرف المشدد إذا ارتكب الفعل من يتردد على عدد من المساكن للقيام بأعمال الخدمة فيها ، أو من تطوع للخدمة دون أجر ، أو من يقوم بعمل غیر مادی كمحاسب أو سكرتير خاص يعمل لدى المجني عليها .
ولا يقتصر نطاق التشديد على حالة ما إذا كان الجاني خادماً لدى المجني عليها ، بل يتسع لحالات ما إذا كان خادماً لدى من سبق أن ذكرهم النص ، وهم الأصول والمتولون التربية أو الملاحظة وأصحاب السلطة بل يتوافر الظرف المشدد إذا كان الجاني والمجني عليها يعملان معاً خدمة شخص واحد ، إذ يصدق عليه أنه خادم عند من له على المجني عليها خدمة شخص سلطة .
عقوبة الاغتصاب المشدد :
إذا توافر أحد الظروف المشددة السابقة كانت العقوبة الإعدام وغني عن البيان أنه يجوز للقاضی تطبيق الظروف المخففة إذا رأى لذلك محلاً. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة: 602)
المواقعة كما وردت بنص المادة 1/ 267 عقوبات هي المعنى المرادف الكلمة اغتصاب الأنثى والتعبير الأخير هو الشائع عملاً ولا خلاف بين أن يكون الفعل مواقعة الأنثى بغير رضاها أو أن يكون اغتصابها لأن كل التعبيرين يعبر عن صاحبه.
ويتفق معظم الفقهاء على أن المواقعة كما هي واردة في المادة 1/ 267 عقوبات إنما تعني اتصال رجل بامرأة اتصالاً جنسياً كاملاً دون رضاء صحيح منها بذلك.
ويبين من هذا التعريف أن هذه الجريمة لاتنهض إلا بتوافر ركنيها المادي والمعنوي فأما الركن المادي فهو فعل المواقعة بدون رضاء الأنثى وأما الركن المعنوي فهو القصد الجنائي لدى الجاني وذلك على التفصيل الأتي :
أولاً : الركن المادي :
الوقاع أو الجماع هو إيلاج الرجل عضو التذكير في فرج الأنثى والجماع لايقع إلا بين رجل وامرأة وعلى ذلك فما يقع بين رجل وأخر من أفعال الفجور وما يقع من أنثي وأخرى من أفعال الفسق لا يعتبر جماعاً بالمعنى المعرف به قانوناً.
والاغتصاب هو الجماع غير المشروع الذي تجبر الأنثى عليه والاغتصاب بهذا المفهوم لا يقع إلا من رجل على امرأة أما إذا أكرهت أنثى رجلاً علی مواقعته فلا تعتبر أنها اغتصبته وإنما تكون قد هتكت عرضه.
والاغتصاب لايمكن إلا بإتيان الأنثى في فرجها أما مواقعة الأثني في دبرها فلا يعد اغتصاباً وإنما هتك عرض ولا يكون إلا بإيلاج عضو تذكير الرجل أما إيلاج ما دون ذلك في فرج المرأة فلا يعد اغتصاباً و إنما من قبيل هتك العرض.
ولا يتحقق الركن المادي إذا اجتمع رجل بامرأة كرها عنها وكان اجتماعه بها مشروعاً فالزوج الذي يواقع زوجته رغما عنها لا يعد مغتصبا لها ذلك أن له أن يواقعها بحكم عقد الزواج ولو رفضت ذلك وقاومت ممتنعة عن تسليم نفسها له إلا أن ذلك مناطه أن يكون بينهما عقد زواج صحيح لا بطلان فيه ولا فساد .
كذلك لا يتحقق الركن المادي إذا ما واقع رجل زوجته التي طلقها طلاقاً رجعياً وكانت مواقعته لها في فترة العدة إذ تعتبر هذه المواقعة مراجعة لها .
وتمام هذه الجريمة يفترض أن يكون الجاني قادراً على الوقاع وأن تكون المرأة صالحة لذلك فإذا كان الجاني غير قادر أو كانت الأنثى غير صالحة عد فعله جناية هتك عرض.
عدم رضاء الأنثى :
يتأتی عدم رضاء الأنثى إذا كانت معدومة الإرادة أو فاقدة القدرة على المقاومة أو إذا كان رضاؤها نتيجة لمكر أو خديعة أوقعها فيه الجاني فأصبح رضاؤها مشوبا بالغش والتدليس وتكون الأنثى معدومة الإرادة أو فاقدة القدرة على المقاومة إذا وقع عليها من الجاني إكراه سواء أكان إكراها مادياً أو أدبياً فكلاهما يفقد الأنثى رضاءها إذ أنه وكما أن الإكراه المادي الواقع على الأنثى يعلمها إرادتها ويفيد تحقق ركن عدم الرضاء فإن الإكراه الأدبي له نفس الأثر مادام يثبت من ظروف الدعوى وملابساتها أنه لولا وقوع هذا الإكراه الأدبي لما سلمت الأنثى نفسها للجاني وقيل بأن انسياق المرأة التي تعتقد باتصال بعض الدجالين والمشعوذين بالجان وراء تلبية طلبات هؤلاء الأشخاص واستسلامها لهم بعد أن يكونوا قد هيأوا الجو المناسب لذلك بإظلام المكان وإطلاق البخور وذكر بعض العبارات - ليس مرده إرادة حرة بل إرادة مشوبة بالمكر والخديعة ويتحقق في حق هؤلاء الأشخاص رکن انعدام الرضاء .
ومما يعدم الرضاء كذلك استعمال المواد المخدرة أو المنومة وقد حكم بأن هذا الركن يتوافر باستعمال البخور الذي يحدث دواراً وإن لم يصل إلى حد فقد الصواب إذا كان من شأنه فقدان قوة المجني عليها وسلب رضاها وكذلك يعتبر الرضاء منعدما إذا حصل الوقاع خلال نوم المجني عليها أو هي في حالة إغماء أو صرع أو غيبوبة بفعل مسكر أو مخدر أو بسبب تنويم مغناطيسي وكذلك في حالة الجنون وعدم التمييز فمن يواقع مجنونة أو صغيرة غير مميزة يعد مغتصباً لها أما الأنثى المميزة فما دام الوقاع قد حصل برضاها فلا يؤاخذ الفاعل على اغتصاب وإنما قد يؤاخذ على هتك عرض بغير قوة ولا تهديد إذا كانت سن الأنثى لم تبلغ ثماني عشر سنة كاملة وفقا للمادة 269 من قانون العقوبات.
تعدد المتهمين في جريمة الاغتصاب :
ذهب رأى في الفقه إلى أن الركن المادي لجريمة الاغتصاب يقوم على عنصرين الاتصال الجنسي والفعل الذي يكون من شأنه إعدام رضاء المرأة كالعنف مثلاً فإن كل من يصير عنه أحد هذين الفعلين يعتبر تطبيقاً للقواعد العامة فاعلاً مع غيره وبناء على ذلك فإن من أمسك بجسم المرأة كي يشل مقاومتها في حين اغتصبها زميله كان فاعلاً معه للجريمة ومن باب أولى يعد فاعلاً من ضرب المرأة أو هددها بالسلاح کی ترضخ لرغبة زميله وانتهى هذا الرأي إلى أنه من المتصور أن تأتي هذا الفعل امرأة وتعد المرأة فاعلة مع غيرها لهذه الجريمة وتطبيقاً لذلك فإنه إذا أمسكت امرأة بجسم أخرى لكي تشل مقاومتها تمكيناً لرجل من اغتصابها فكلاهما فاعل للجريمة ولكن يرد على ذلك بأن جريمة الاغتصاب لا تقع إلا من رجل على امرأة ويشترط لتوافر ركنها المادي حدوث إيلاج من جانب الرجل في فرج المرأة ومن ثم فإن الشخص الذي يقوم بمواقعتها يعتبر فاعلاً أصلياً للجريمة أما من عداد ممن يشل مقاومة المرأة بيده أو يقدم المادة المخدرة المفقدة للوعي إنما يعتبر شريكاً بالمساعدة.
الشروع في جريمة الاغتصاب :
الشروع في جريمة الاغتصاب حسب تعريف المشرع للشروع ذاته يكون بأن يبدأ الجاني في تنفيذ الفعل المادي أو الركن المادي للجريمة ثم يوقف هذا التنفيذ أو يخيب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الجاني فيها، ولما كانت جريمة الاغتصاب لا تتحقق إلا بإتيان الجانى فعل المواقعة أي بتمامه مع اتجاه إرادة الجاني إلى إثبات هذه المواقعة وأنه يقصدها فإنه لاشروع في هذه الجريمة يتحقق في كل حالة لايتم فيها فعل الإيلاج سواء كلياً أو جزئياً بسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه كحصول مقاومة من المجني عليها منعته من إتمام الجريمة ويتعين أن يكون عدم إتمام فعل الإيلاج أو فشله راجعا إلى سبب أجنبي عن الجاني نفسه ولا دخل لإرادته فيه فيعد سببا راجعا إلى فعل أجنبي عن الجاني لا دخل لإرادته فيه استغاثة المرأة المجني عليها وتجمع الناس على صوت هذه الاستغاثة.
اشت ويثير البحث في الشروع في جريمة الاغتصاب تساؤلاً حول مسئولية المتهم في حالة استحالة وقوع جريمة الاغتصاب لعيب عضوي في المتهم أو في المجني عليها كأن يكون الجاني عنيناً أو أن تكون المجني عليها ضيقة الفرج مما يستحيل معه إيلاج الجاني بها وجرياً على ما ذهبت إليه محكمة النقض من الأخذ بالتفرقة بين الاستحالة المطلقة والنسبية فإن تعذر وقوع جريمة الاغتصاب لكون الجاني عنيناً فإن ذلك يعتبر من قبيل الاستحالة المطلقة التي يعاقب القانون بسببها عن شروع في اغتصاب ولكنه يقتصر عقابه عن جريمة هتك عرض أما إذا كان وقوع جريمة الاغتصاب مستحيلاً بسبب ضيق فرج الأنثى فإن ذلك يعد من قبيل الاستحالة النسبية ومن ثم يمكن معاقبة المتهم عن شروع في الاغتصاب.
ثانياً : الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) :
الاغتصاب من الجرائم التي لا تقع إلا عمداً والسائد في الفقه أن القصد اللازم توفره لدى الجاني في هذه الجريمة هو القصد الخاص بمعنى أنه لابد وأن تكون نية الجاني أو غايته " مواقعة الأنثى" دون ما عدا ذلك من الأفعال المنافية للأداب أو المخلة بالحياء وبهذه النية يتميز الشروع في الاغتصاب عن هتك العرض والتوصل إلى القول بوجود الشروع إنما يكون بعد التحقق من دلالة الأفعال على غرض مواقعة الأنثى دون التباس ولكن القصد الجنائي يتطلب لوجوده فضلاً عن غرض مواقعة الأنثى أن يكون الجاني وقت ارتكاب الفعل عالماً بجانب الواقع في الجريمة أي أن يكون عالماً بأن المواقعة غير مشروعة وأنه يقترفها بدون رضاء الأنثى ولا تلازم بين ارتكاب الفعل وقيام العلم لدى الجاني بعناصر الواقع إذ لا يستبعد أن يكون معتقداً أن المقاومة هي من قبيل التمتع غير الجدى وأن الفعل يقع بالرضاء خاصة إذا كان سلوك الأنثى معه في ظروف الواقعة يبرر هذا الاعتقاد ومن الجائز أن يعتقد الجاني لغلطه أو جهله في مشروعية المواقعة كما لو كان قد طلق زوجته رجعياً وأراد الاستمتاع بها بعد ذلك على اعتبار أن له الحق في مراجعتها في حين أن طلاقه قد صار بائناً بمضي العدة وفي هذه الأحوال التي يدفع الجاني فيها بالغلط في الواقع مؤيداً دفعه بما يبرر جديته يجب لإدانته إثبات علمه وبالتالي قيام القصد الجنائي.
ومتی ثبت علم الجاني ووضحت نيته أو قام الدليل عليها فقد تحقق القصد لديه واستحق للعقاب ولا يعتد بعد ذلك بالبواعث الدافعة إلى ارتكاب الجريمة فسواء أن يكون مقارفها مدفوعاً بباعث الشهوة البهيمية أو أن يكون مدفوعاً يباعث الانتقام من المجني عليها أو ذويها أو بغير ذلك من البواعث.
عقوبة الاغتصاب
عقوبة الاغتصاب في صورته البسيطة :
حدد الشارع عقوبة الاغتصاب في صورته البسيطة بالسجن المؤبد أو المشدد وهو الاغتصاب الذي تتوافر أركانه المطلوبة قانوناً دون أن تقترن بظرف مشدد من الظروف التي ذكرتها الفقرة الثانية من المادة 267 عقوبات فإذا ثبت للقاضي توافر أركان الجريمة وقام الدليل على إسنادها لمتهم معين كان له أن يختار بين عقوبتين السجن المؤبد أو المشدد حسبما يتراءى له على ضوء ما هو ثابت بالأوراق من جسامة العنف و السمعة الأخلاقية للمجني عليها وسنها وكونها متزوجة أم لا ومقدار مقاومتها للجاني قبيل اغتصابها ولايمنع النص على العقوبة التخييرية بين السجن المؤبد أو المشدد من أن يطبق القاضي الظروف المخففة كالزواج اللاحق بالمجني عليها إعمالاً للمادة 17 عقوبات فيهبط بالعقوبة إلى ما دون ذلك .
الظروف المشددة للاغتصاب :
نصت المادة 267/2 عقوبات على أنه فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادماً بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم يعاقب بالسجن المؤبد و إعمالاً لهذا النص فإن الظروف المشددة هي :
1- أصول المجني عليها :
يراد بأصول المجني عليها من تناسلت منهم تناسلاً حقيقياً فيصدق ذلك على الأب والجد الصحيح وأن علا ولا يعد من الأصول الأب أو الجد بالتبني لأن الشريعة الإسلامية لاتعترف بهذا النظام ويجب أن تكون صلة البنوة شرعية فلا ينطبق التشديد على الأب غير الشرعى، وقد ذهب البعض إلى القول بأن صراحة النص تمنع من تطبيق الظرف المشدد على الأب لأم لأن الأصل عندهم هو كل ذكر أعلى تنتسب إليهم المجني عليها ولذا لم يدرجوا الأب لأم ضمن الخاضعين للظرف المشدد ولكن رد على هذا الرأي بوجوب المساواة بين أصول المجني عليها جميعاً سواء من تنتسب إليهم عن طريق الأم كأب الأم مثلاً أو من تنتسب إليهم بطريق الأب كأب الأب وعلى ذلك فإنه يتعين فهم صيغة أصول المجني عليها بمعناها الواسع الذي يشمل أصولها من أبيها ومن أمها اللذان يشكلان نسب الإنسان أصلاً .
2- المتولون تربية المجني عليها أو ملاحظتها :
وهم كل من له الإشراف على المجنى عليها سواء كان ذلك بحكم القانون أو بحكم الواقع كالعم والوصي والأخ وزوج الأم والمخدوم بالنسبة لخادمته وصاحب العمل بالنسبة للعمال عنده والمدرس بالنسبة لتلميذته في مدرسة يعمل بها أو يقدم لها درساً خاصاً .
3- من له سلطة على المجني عليها :
ويستوي في السلطة أن تكون قانونية أو فعلية وقوام هذه السلطة ما الشخص من مقدره على تنفيذ أوامره على المجني عليها والسيطرة على تصرفاتها ومثال السلطة القانونية سلطة المخدوم على خادمته ورب العمل على عاملاته أما السلطة الفعلية وهي التي ترجع إلى واقع الأمر لابتنائه على صفة قانونية فمثالها سلطة أحد أقارب المجني عليها إذا لم يكن من المتولين تربيتها وكان يسخر الجاني بعض الفتيات لجمع الأعقاب أو الشحاذة لحسابه ويفرض عليهن إتاوة معينة وإلا تعرضن للأذى ففي هذه الحالة تكون له سيطرة فعلية عليهن بلا جدال.
4- الخادم بالأجر عند المجنى عليها أو عند من تقدم ذكرهم :
يراد بالخادم كل شخص ينقطع لخدمة المجني عليها فيقوم بما كلفه به من أعمال مادية تحتاجها في حياتها اليومية وذلك نظير أجر يتقاضاه منها ويقتضي عمله على هذا النحو التجول في أنحاء البيت والاختلاط المستمر بمخدومته ومحاولة من جانبه لإرضائها فتنشأ بينهما ألفة ومودة تزين له ارتكاب جريمة الإغتصاب على مخدومته ومن ثم يخرج من مفهوم الخدمة من يتردد على عدد من المساكن أداء لعمله كمحصل الكهرباء أو قارئ العدادات كما يخرج من هذا المفهوم من يقوم بعمل ذهنی کالمحاسب والسكرتير الخاص ومن ثم لا يتوافر في حقها الظرف المشدد الخاص بالخدمة لقاء أجر كما يتوافر الظرف المشدد إذا وقع فعل الاغتصاب من خادم عند من تقدم ذكرهم من أصول المجني عليها والمتولين تربيتها وملاحظتها وأصحاب السلطة عليها كأن يكون الجاني خادمة بالأجر لدى الوصي على المجنى عليها أو لدى رئيسها في العمل أو لدى مرؤوسيه. (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 612)
يمكن تعريف الإغتصاب بأنه إتصال الرجل جنسية بالمرأة كرها عنها.
وتقتضي هذه الجريمة توافر ركنين :
1) رکن مادي هو مواقعة أنثى بغير رضاها.
2) ركن معنوي هو القصد الجنائي. الركن المادي : مواقعة أنثى بغير رضاها :
يتحقق هذا الركن بتوافر عنصرين هما :
(أ) الوقاع .
(ب) عدم الرضا.
(أ) الوقاع :
يتحقق الوقاع بالاتصال الجنسي التام الطبيعي بين رجل وامرأة، فلا يعد وقاعة دون ذلك من الأفعال كالمساس بالعضو التناسلي للمرأة أو وضع شيء آخر فيه أو إزالة بكارتها بأصبعه، هذا دون إخلال بإعتبار هذا الفعل هتك عرض أو شروعاً في إغتصاب حسبما يكون عليه القصد الجنائي للمتهم، ومتى تم الإتصال الجنسي التام فلا أهمية لما إذا كان الجاني قد حقق شهوته الجنسية بقذف المواد المنوية أو لم يتمكن من ذلك، ويتعين في الواقع أن يكون طبيعياً فإتيان الأنثى من الخلف لا يعد وقاعة وإن اعتبر هتك عرض .
ويشترط أيضاً أن يحدث الوقاع بين رجل وامرأة فالفاعل الأصلي في هذه الجريمة لابد أن يكون رجلاً مع ملاحظة أن المرأة قد تكون شريكة في هذه الجريمة كما إذا حرضت الجاني أو اتفقت معه أو ساعدته على مواقعه أنثى بغير رضاها، ويشترط في الفاعل الأصلي أن يكون قادراً على القيام بالإتصال الجنسي، فلا تقع الجريمة أو الشروع فيها ممن ليست لديه هذه القدرة إما لصغر سنه أو المرض فيه، والمجني عليه في هذه الجريمة لابد أن يكون امرأة، فلا وقاع من رجل على رجل، وكذلك إذا حدث الإعتداء على طفلة صغيرة قرر الطبيب الشرعي استحالة حصول الإيلاج في عضوها التناسلي، وغني عن البيان أنه يشترط لحصول الوقاع أن يقع على امرأة على قيد الحياة، فلا تقع الجريمة بالفسق بجثة امرأة متوفاة، هذا دون الإخلال بالعقاب على جريمة انتهاك حرمة القبور إذا توافرت أركانها.
ولا عبرة بما إذا كانت المرأة شريفة أو ساقطة، لأن الجريمة تقع بالإعتداء على حريتها الجنسية لا على شرفها مع ملاحظة أن سوء سلوك المجني عليها قد يعتبر قرينة على رضائها.
ويشترط في الوقاع أن يكون غير مشروع، فالزوج الذي يواقع زوجته كرها لا تقع منه جريمة الاغتصاب لأنها حل له بمقتضى عقد الزواج، هذا إلا إذا كان الزوج مريضاً بأحد الأمراض السرية المعدية إذ لا يجوز معاشرة زوجته في هذه الحالة وإن واقعها رغم إرادتها يعد فعله إغتصاب .
الشروع :
تقف الجريمة عند مرحلة الشروع إذا لم يحدث الإيلاج التام الطبيعي، وكان الجاني قد ارتكب فعلاً من شأنه أن يؤدي حالاً ومباشرة إلى وقوع الإغتصاب إذا توافرت أركانه، هذا ويلاحظ أنه عند البدء في التنفيذ تقع جريمة هتك العرض إذا توافرت أركانها كما أنه من ناحية أخرى في هذه الحالة يكون المميز الفاصل بين الشروع في الإغتصاب وهتك العرض هو القصد الجنائي لدى الجاني.
(ب) عدم الرضاء :
يتحقق عدم رضاء المجني عليها إذا لم تتجه إرادتها إلى قبول الإتصال الجنسي، وذلك بإستعمال الإكراه معها أو بسبب عوامل أخرى في حكم الإكراه کسلب إرادتها. ويشترط أن تتوافر علاقة السببية بين هذا الإكراه وما في حكمه وبين الوقاع.
الإكراه :
الإكراه إما أن يكون مادية أو أدبية، ويتحقق الإكراه المادي بارتكاب فعل من أفعال القوة والعنف على جسم المرأة مما يؤثر في المجني عليها فيعد مها الإرادة ويقعدها عن المقاومة ولا يشترط في القوة أن تصل إلى حد معين من الجسامة أو تترك أثر جروح في المجني عليها إذا العبرة بالقدر اللازم لشل مقاومة المجني عليها وهو أمر يتوقف على ظروفها الشخصية ومدى احتمالها الصحي، أما الإكراه الأدبي فيقع بطريقة التهديد بإلحاق شر خطير جدا بجسم المجني عليها أو مالها أو سمعتها أو بشخص عزيز عليها وغير ذلك مما من شأنه أن يشل إرادتها ويخضعها إلى رغبة الجاني، وتقدير تأثير هذا الإكراه بنوعيه أمر متروك لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها الموضوعية.
الركن المعنوي : القصد الجنائي :
هذه جريمة عمدية يتطلب لقيامها توافر القصد الجنائي العام، فيجب أن تتجه إرادة الجاني إلى وقاع المجني عليها بغير رضاها مع علمه بذلك، ولا يحول دون توافر هذا القصد حسن الباعث .
العقوبة :
يعاقب على إغتصاب الأنثى بالإعدام أو السجن المؤبد (الفقرة الأولى من المادة).
الظروف المشددة :
نصت المادة محل التعليق في فقرتها الثانية على بعض الظروف المشددة التي من شأنها رفع العقوبة إلى السجن المؤبد وهي :
(1) أن يكون الجاني من أصول المجني عليها : وهم من تناسلت منهم تناسلاً حقيقية كالأب والجد.
(2) أن تكون المجني عليها لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة.
(3) أن يكون الجاني من المتولين تربية المجني عليها أو ملاحظتها، ويقصد بهم كل من وكل إليهم أمر الإشراف عليها وتهذيبها، سواء كان ذلك بحكم القانون، كالولي أو الوصي أو القيم، أو كان بحكم الواقع كزوج الأم وزوج الأخت والعم والأخ الأكبر.
(4) أن يكون الجاني ممن له سلطة على المجني عليها ويستوي في السلطة أن تكون قانونية أو فعلية.
وقوام هذه السلطة ما للشخص من مقدرة على تنفيذ أوامره على المجني عليها والسيطرة على تصرفاتها، ومثال السلطة القانونية سلطة المخدوم على خادمته ورب العمل على عاملاته أما السلطة الفعلية وهي التي ترجع إلى واقع الأمر لا بناء على صفة قانونية، فمثالها سلطة أحد أقارب المجني عليها إذا لم يكن من المتولين تربيتها، وكان يسخر الجاني بعض الفتيات لجمع أعقاب السجاير أو الشحاذة لحسابه ويفرض عليهن إتاوة معينة، وإلا تعرضن للأذى ففي هذه الحالة تكون له السيطرة الفعلية عليهن بلا جدال.
(5) أن يكون الجاني خادمة بالأجر عند المجني عليها أو ممن ذكروا فيما تقدم : لا يشترط أن يكون خادمة عند المجني عليها ذاتها بل يستوي أن يكون خادماً عند أحد من أصولها أو من المتولين تربيتها. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 739)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 88 .
(مادة 129) من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات.
فإذا وقعت الجريمة بالقوة أو التهديد أو كانت المجني عليها لم تبلغ سبع سنين كاملة، أو كانت مجنونة أو بها عاهة في العقل - تكون العقوبة السجن المؤبد.
وإذا كان الجاني من محارم المجني عليها، أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها، أو من لهم سلطة عليها، أو كان خادماً بالأجرة، عندها أو عند من تقدم ذكرهم - فيعاقب بالعقوبة المبينة بالفقرة السابقة.
مادة (129): من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت.
فإذا وقعت الجريمة بالقوة أو التهديد، أو كان المجني عليها لم تبلغ سبع سنين كاملة أو كانت مجنونة أو بها عاهة في العقل - تكون العقوبة السجن المؤبد.
وإذا كان الجاني من محارم المجني عليها، أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها، أو من لهم سلطة عليها، أو كان خادما بالأجرة عندها أو عند من تقدم ذكرهم - فيعاقب بالعقوبة المبينة بالفقرة السابقة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 304
حَالاَتُ الْحَبْسِ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى الأْخْلاَقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ :
أ - حَبْسُ الْبِكْرِ الزَّانِي بَعْدَ جَلْدِهِ :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ الزَّانِي مِائَةُ جَلْدَةٍ لِلآْيَةِ: ) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ). وَاخْتَلَفُوا فِي نَفْيِهِ الْوَارِدِ فِي «قَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم لِرَجُلٍ زَنَى ابْنُهُ: وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ».
وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: أَنَّ التَّغْرِيبَ جُزْءٌ مِنْ حَدِّ الزِّنَى، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَيُبْعَدَانِ عَنْ بَلَدِ الْجَرِيمَةِ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ إِذَا خِيفَ إِفْسَادُ الْمُغَرَّبِ غَيْرَهُ قُيِّدَ وَحُبِسَ فِي مَنْفَاهُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ التَّغْرِيبَ جُزْءٌ مِنْ حَدِّ الزِّنَى أَيْضًا، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَلاَ تُغَرَّبُ خَشْيَةً عَلَيْهَا. وَيَنْبَغِي حَبْسُ الرَّجُلِ وُجُوبًا فِي مَنْفَاهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالأْوْزَاعِيِّ لِلْمَنْقُولِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إِذَا تَعَذَّرَ تَغْرِيبُ الْمَرْأَةِ سُجِنَتْ بِمَوْضِعِهَا عَامًا، لَكِنِ الْمُعْتَمَدُ الأْوَّلُ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ التَّغْرِيبَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ حَدِّ الزِّنَى، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ السِّيَاسَةِ وَالتَّعْزِيرِ، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إِلَى الْحَاكِمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه بَعْدَ أَنْ نَفَى رَجُلاً وَلَحِقَ بِالرُّومِ: لاَ أَنْفِي بَعْدَهَا أَبَدًا. وَبِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه : كَفَى بِالنَّفْيِ فِتْنَةً. وَقَالُوا: إِنَّ الْمُغَرَّبَ يَفْقِدُ حَيَاءَهُ بِابْتِعَادِهِ عَنْ بَلَدِهِ وَمَعَارِفِهِ فَيَقَعُ فِي الْمَحْظُورِ. لَكِنْ إِذَا رَأَى الْحَاكِمُ حَبْسَهُ فِي بَلَدِهِ مَخَافَةَ فَسَادِهِ فَعَلَ.
ب - حَبْسُ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ :
- لِلْفُقَهَاءِ عِدَّةُ أَقْوَالٍ فِي عُقُوبَةِ اللِّوَاطِ مِنْهَا قَوْلٌ بِحَبْسِهِمَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (زِنًى، وَلِوَاطٌ).
ج - حَبْسُ الْمُتَّهَمِ بِالْقَذْفِ :
- مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى قَذْفِهِ حُبِسَ قَاذِفُهُ لاِسْتِكْمَالِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ. وَمَنِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ قَذْفَهُ وَبَيِّنَتُهُ فِي الْمِصْرِ يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُحْضِرَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ حَتَّى قِيَامِ الْحَاكِمِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَإِلاَّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِخِلاَفِ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِالْقَذْفِ: لاَ يُجْلَدُ بَلْ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْقَذْفَ بَلِ الشَّتْمَ وَالسَّبَّ وَالْفُحْشَ فِي الْكَلاَمِ. وَقِيلَ: يُسْجَنُ سَنَةً لِيَحْلِفَ، وَقِيلَ: يُحَدُّ.
د - حَبْسُ الْمُدْمِنِ عَلَى السُّكْرِ تَعْزِيرًا بَعْدَ حَدِّهِ :
- رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ أَنْ يَلْزَمَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ السِّجْنَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَلَدَ أَبَا مِحْجَنٍ الثَّقَفِيَّ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ، وَأَمَرَ بِحَبْسِهِ، فَأُوثِقَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، ثُمَّ أُطْلِقَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ.
هـ - الْحَبْسُ لِلدِّعَارَةِ وَالْفَسَادِ الْخُلُقِيِّ :
- نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ تَتَبُّعِ أَهْلِ الْفَسَادِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يُعَاقَبُونَ بِالسَّجْنِ حَتَّى يَتُوبُوا. فَمَنْ قَبَّلَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ عَانَقَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ بَاشَرَهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ يُحْبَسُ إِلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِ. وَمَنْ خَدَعَ الْبَنَاتِ وَأَخْرَجَهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَأَفْسَدَهُنَّ عَلَى آبَائِهِنَّ حُبِسَ.
وَتُحْبَسُ الْمَرْأَةُ الدَّاعِرَةُ وَالْقَوَّادَةُ وَتُضْرَبُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهَا.
و - الْحَبْسُ لِلتَّخَنُّثِ :
- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى حَبْسِ الْمُخَنَّثِ تَعْزِيرًا لَهُ حَتَّى يَتُوبَ، وَنُقِلَ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُ يُحْبَسُ إِذَا خِيفَ بِهِ فَسَادُ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِذَا نُفِيَ الْمُخَنَّثُ وَخِيفَ فَسَادُهُ يُحْبَسُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ.
ز - الْحَبْسُ لِلتَّرَجُّلِ :
- ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَشَبِّهَةَ بِالرِّجَالِ تُحْبَسُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؛ لأِنَّ جِنْسَ هَذَا الْحَبْسِ مَشْرُوعٌ فِي جِنْسِ الْفَاحِشَةِ وَهُوَ الزِّنَى. وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ حَبْسُهَا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ فَتُحْبَسُ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي دَارٍ وَتُمْنَعُ مِنَ الْخُرُوجِ.
ح - الْحَبْسُ لِكَشْفِ الْعَوْرَاتِ فِي الْحَمَّامَاتِ :
- نَصَّ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْقَاضِي الأْنْدَلُسِيُّ عَلَى سَجْنِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَغَلْقِ حَمَّامِهِ إِذَا سَهَّلَ لِلنَّاسِ كَشْفَ عَوْرَاتِهِمْ وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنَ الدُّخُولِ مَكْشُوفِي الْعَوْرَاتِ.
ط - الْحَبْسُ لاِتِّخَاذِ الْغِنَاءِ صَنْعَةً :
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى حَبْسِ الْمُغَنِّي حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً لِتَسَبُّبِهِ فِي الْفِتْنَةِ وَالْفَسَادِ غَالِبًا.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 23
الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ
لِلْوَطْءِ الْمَحْظُورِ صُوَرٌ: مِنْهَا الزِّنَا، وَاللِّوَاطَةُ، وَوَطْءُ الْحَلِيلَةِ وَالأْجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا، وَوَطْءُ الْمَيْتَةِ، وَوَطْءُ الْبَهِيمَةِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: الزِّنَا:
الزِّنَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَكَبِيرَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً).
(ر: زِنًا ف 5)
ثَانِيًا: اللِّوَاطُ:
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ مُغَلَّظُ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاللِّوَاطُ أَغْلَظُ الْفَوَاحِشِ تَحْرِيمًا.
(ر: لِوَاط ف 3).
وَجَرِيمَةُ اللِّوَاطِ لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْلَ قَوْمِ لُوطٍ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).
عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ:
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُقُوبَةِ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الأْوَّلُ: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالأْوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ - الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ - كَالزِّنَا، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ، وَيُجْلَدُ الْبِكْرُ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ» وَلأِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ مُشْتَهًى طَبْعًا
مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْحَدِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْحَدِّ، لأِنَّهُ إِتْيَانٌ فِي مَحَلٍّ لاَ يُبَاحُ الْوَطْءُ فِيهِ بِحَالٍ، وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالزِّنَا.
الثَّانِي: لأِبِي حَنِيفَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْحَكَمِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُودَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ. وَلَوِ اعْتَادَ اللِّوَاطَةَ أَوْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ، قَتَلَهُ الإْمَامُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، سِيَاسَةً.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا، لأِنَّهُ لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُهُ، فَكَانَ كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلأِنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لاَ يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ، كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمِثْلِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ، وَلأِنَّ أُصُولَ الْحُدُودِ لاَ تَثْبُتُ قِيَاسًا. وَأَيْضًا: فَلأِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لاَ تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ، بَلْ رَكَّبَهَا اللَّهُ عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَزْجُرَ الشَّارِعُ عَنْهُ بِالْحَدِّ، كَأَكْلِ الْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَشُرْبِ الْبَوْلِ... غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْصِيَةً مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَمْ يُقَدِّرِ
الشَّارِعُ فِيهَا حَدًّا مُقَدَّرًا، كَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ.
الثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الرَّجْمُ مُطْلَقًا، فَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَا مُحْصَنَيْنِ أَمْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ».
وَبِأَنَّهُ إِيلاَجٌ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ يُقْصَدُ الاِلْتِذَاذُ بِهِ غَالِبًا كَالْقُبُلِ، فَكَانَ الرَّجْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَلأِنَّ الْحَدَّ فِي الزِّنَا إِنَّمَا وُضِعَ زَجْرًا وَرَدْعًا لِئَلاَّ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَوَجَدْنَا الطِّبَاعَ تَمِيلُ إِلَى الاِلْتِذَاذِ بِإِصَابَةِ هَذَا الْفَرْجِ كَمَيْلِهَا إِلَى الْقُبُلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الرَّدْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُبُلِ، بَلْ إِنَّ هَذَا أَشَدُّ وَأَغْلَظُ، وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الإْحْصَانُ كَمَا اعْتُبِرَ الزِّنَا، إِذِ الْمَزْنِيُّ بِهَا جِنْسٌ مُبَاحٌ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا أُتِيَتْ عَلَى خِلاَفِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالذَّكَرُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ وَطْؤُهُ، فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ أَغْلَظَ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَا.
الرَّابِعُ: لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُقْتَلُ اللُّوطِيُّ بِالسَّيْفِ كَالْمُرْتَدِّ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ هَذَا سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ». حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بَيْنَ مُحْصَنٍ وَغَيْرِ مُحْصَنٍ. وَلأِنَّ الْمُحَرَّمَاتِ كُلَّمَا تَغَلَّظَتْ، تَغَلَّظَتْ عُقُوبَتُهَا، وَوَطْءُ مَنْ لاَ يُبَاحُ بِحَالٍ أَعْظَمُ جُرْمًا مِنْ وَطْءِ مَنْ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ حَدُّهُ أَغْلَظَ مِنْ حَدِّ الزِّنَا.
الْخَامِسُ: يُحْرَقُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ بِالنَّارِ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم، فَقَدْ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ سَلِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلاً يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الصَّحَابَةَ فِيهِ، فَكَانَ عَلِيٌّ أَشَدَّهُمْ قَوْلاً فِيهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا إِلاَّ أُمَّةٌ مِنَ الأْمَمِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا، أَرَى أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ بِذَلِكَ فَحَرَقَهُ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: لَوْ رَأَى الإْمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ.
السَّادِسُ: يُعْلَى اللُّوطِيُّ أَعْلَى الأَْمَاكِنِ مِنَ الْقَرْيَةِ ثُمَّ يُلْقَى مَنْكُوسًا فَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً).
وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.

