1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجرائم هتك عرض طفلة والتقاط صور لها في مكان خاص ونشرها وتهديدها كتابة بإفشاء أمور خادشه للحياء لحملها على القيام بعمل التي دان المطعون ضده بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة، انتهى إلى عقابه طبقاً للمواد 268 ، 309مكرراً / 1 بند ب ، 309 مكرر أ / 2،1، 326 ، 327 / 1 من قانون العقوبات، والمواد 2 / 1 ، 95 / 111 ، 116 مكرراً ، 122 / 2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 ، ثم أوقع عليه عقوبة الحبس مع الشغل لمدة سنتين وذلك بالتطبيق للمادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان البند الأخير من المادة 309 مكرراً من قانون العقوبات التي دين المطعون ضده بها ينص على أنه " ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة أو تحصل عنها، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها ". ولما كانت عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة هي عقوبة تكميلية واجب الحكم بها، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبة الأصلية لما عداها من جرائم مرتبطة بها، إلا أن هذا الجب لا يمتد إلى العقوبات التكميلية المنصوص عليها في هذه الجرائم، ولما كانت عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة هي عقوبة نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما ترتبط به هذه الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة إعمالاً لنص البند الأخير من المادة 309 مكرراً من القانون المشار إليه يكون قد خالف القانون، بما يتعين معه تصحيحه بإضافة عقوبة محو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة إلى العقوبة المقضي بها .
( الطعن رقم 3224 لسنة 90 - جلسة 2021/9/5 )
2- من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن الشارع قصد فى باب العقاب على جريمة هتك العرض حماية المناعة الأدبية التى يصون بها الرجل أو المرأة عرضه من أية ملامسة مخلة بالحياء أياً ما كانت وسيلة الجاني فى ذلك ، مادامت هذه الملامسة قد استطالت إلى جزء من جسم المجنى عليه يُعد عورة ، وأنه لا يلزم لتوافر ركن القوة فى جريمة هتك العرض أن يقتصر الأمر على القوة المادية أو التهديد ، لما هو مقرر من أن ركن القوة يتحقق بكافة صور انعدام الرضاء لدى المجنى عليه ، إذ أنه يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم ، فكما يصح أيضاً أن يكون تعطيل قوة المقاومة بالوسائل المادية التى تقع مباشرة على الجسم ، فإنه يصح أن يكون بوسائل القوة غير المادية ، ومن ثم فإنه يجوز أن يتحقق ولو اقتصرت وسيلة المتهم على مفاجأة المجنى عليه ، أو كان بالتحيل كما لو قدم له مشروباً أفقده الوعى أو أدخل فى روعه قدرته على علاجه بالجن أو شفائه من مرض عضال بالاستعانة بالسحر ، وإذ كان انعدام الرضا هو القاسم المشترك بين الوسائل المشار إليها فيما سلف ، فإن مما يندرج فيها عاهة العقل التى تعدم الرضاء الصحيح . لما كان ما تقدم ، وكان قضاء محكمة النقض – على السياق المتقدم – قد أقيم على أسباب صحيحة ، ويحقق العدالة ، والصالح العام ، ويتفق وصحيح القانون ، وتقره الهيئة ، وترفض بالأغلبية المقررة فى القانون العدول عن هذه الأحكام ، والمبادئ التى قررتها .
( هيئة عامة ) (الطعن رقم 6677 لسنة 80 جلسة 2013/03/23 س 55 ص 57 )
3- لما كان الحكم المطعون فيه انتهى إلى إدانة المطعون ضده بجريمتي هتك عرض صبي لم يبلغ سنه ثماني عشرة سنة بالقوة والتهديد ، وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ ، وأوقع عليه العقوبة بمقتضى نص المادة 268 من قانون العقوبات - المعدل - باعتبارها العقوبة المقررة للجريمة الأشد -عملاً بنص المادة 32 من ذات القانون - وعاقبه بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات . لما كان ذلك ، وكان الحد الأدنى للعقوبة المقررة لتلك الجريمة - عملاً بنصالفقرة الثانية من المادة 268 عقوبات - هو السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة عن الحد الأدنى المقرر قانوناً يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه - جزئياً - وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات .
(الطعن رقم 22124 لسنة 83 جلسة 2014/05/11 س 65 )
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين - والمحكوم عليه الآخر - مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة بالمادة 268 من قانون العقوبات وأوقع عليهم عقوبة تدخل فى نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة المقررة للجريمة المتقدمة مجردة من أي ظرف مشدد سواء تعلق بسن المجني عليه أو بكون الجناة من المتولين تربيته أو لهم سلطة عليه فإن قصور الحكم فى استظهار سن المجني عليه وقت الجريمة يكون غير ذى أثر ولا يعتد به
(الطعن رقم 23432 لسنة 66 جلسة 2006/03/16 س 57 ص 406 ق 46)
5- لا وجه لما تثيره النيابة العامة – لدى محكمة النقض – من قصور الحكم المطعون فيه لعدم استظهاره سن المجنى عليه ، ذلك أن الثابت من الحكم أنه أثبت على الطاعن مقارفة جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة بالمادة 268 من قانون العقوبات ، وأوقع عليه عقوبة تدخل فى نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة المقررة للجريمة المتقدمة مجردة من أى ظرف مشدد سواء تعلق بسن المجنى عليه أو كون الجاني من المتولين تربيته أو سلطة عليه ، ومن ثم فإن مصلحة الطاعن فى هذا الشأن تكون منتفية .
(الطعن رقم 5019 لسنة 66 جلسة 2005/10/23 س 56 ص 519 ق 80)
6- لما كان النص فى المادة 268 من قانون العقوبات على أن "كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع سنين........" يدل فى صريح لفظه وواضح معناه على أن تحقق جريمة هتك العرض تلك رهن بأن يكون الفعل المكون لها قد حصل بغير رضاء المجني عليه وهو ما يقتضي بداهة أن يكون على قيد الحياة, وكان الحكم المطعون فيه - على النحو المار بيانه - قد أورد أن المحكوم عليه بعد أن فرغ من قتل المجني عليه قام بهتك عرضه, وهو ما لا تقوم به الجريمة الأخيرة, وخلص إلى أن قتل المجني عليه عمداً مقترن بجنايتي خطفه بالتحايل وهتك عرضه بالقوة وهو عماده فى إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليه, فإنه يكون فوق قصوره فى التدليل على قيام جريمة خطف المجني عليه قد أخطأ فى تطبيق القانون فيما انتهى إليه من توافر جريمة هتك عرضه بالقوة مع عدم قيامها بأركانها القانونية - على السياق بادي الذكر - الأمر الذي يعيبه بما يبطله.
(الطعن رقم 19015 لسنة 72 جلسة 2002/11/13 س 53 ص 1105 ق 184)
7- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت على الطاعنين مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة بركنيها المادى والمعنوى بما أورده من قيامهم بتجريد المجنى عليه عنوة من ملابسه وكشفوا على الرغم منه عن عورته أمام النظارة ، فإن هذا ما يندرج تحت حكمالمادة 268 من قانون العقوبات ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يكفى لتوافر جريمة هتك العرض أن يقوم الجاني بكشف جزء من جسم المجنى عليه يعد من العورات التى يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادى آخر من أفعال الفحش لما فى هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرض للمجنى عليه من ناحية المساس بتلك العورات التى لايجوز العبث بحرمتها والتى هى جزء داخل فى خلق كل إنسان وكيانه الفطرى ، وكان يكفى لتوافر ركن القوة فى هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجنى عليه وبغير رضائه وهو ما أثبته الحكم فى حق الطاعنين . فإن ما يثيره الطاعنون فى هذا الشأن يكون غير سديد.
(الطعن رقم 11872 لسنة 66 جلسة 1998/06/01 س 49 ص 752 ق 99)
8- لما كان البين من الأوراق ان الدعوى الجنائية اقيمت على الطاعن بتهمة هتك عرض المجنى عليها حال كونه ممن لهم سلطة عليها ، وبعد ان جرت محاكمته على هذا الاساس ، انتهى الحكم المطعون فيه الى ادانته بجريمة هتك عرض المجنى عليها التى لم تبلغ السادسة عشرة من عمرها بالقوة والتهديد حال كونه ممن لهم سلطة عليها ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 من قانون العقوبات تقضى بتغليظ العقاب فى جريمة هتك العرض اذا كان عمر من وقعت عليها الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة او كان يرتكبها ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 حيث يكون الفاعل من اصول المجنى عليها او من المتولين تربيتها او ملاحظتها او ممن لهم سلطة عليها او كان خادما بالاجرة عندها او عند من تقدم ذكرهم . واذ اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالاشغال الشاقة المؤبدة ، وكانت العقوبة المقررة للجريمة التى انتهى الحكم الى ادانة الطاعن بها هى الاشغال الشاقة المؤبدة وكانت المادة 17 فقرة 2 من قانون العقوبات التى اعملها الحكم المطعون فيه فى حق الطاعن تبيح تبديل العقوبة المذكورة الى عقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة او السجن ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن لمدة ثلاث سنوات فانه يكون قد اصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 18295 لسنة 65 جلسة 1997/11/13 س 48 ع 1 ص 1251 ق 188)
9- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن أولياء أمور المجنى عليهن قد عهدوا إلى الطاعن إعطاء المجنى عليهن دروسا خاصة والإشراف عليهن فى هذا الصدد فإن ذلك يجعل له سلطة عليهن بالمعنى الوارد فى الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات تهيىء له فرصة التقرب إليهن وتسهيل إرتكاب الجريمة ، وما دام قد ثبت أنه من المتولين تربية المجنى عليهن وممن له سلطة عليهن فإن ذلك يكفى لتشديد العقاب عليه إذ لا يشترك أن تكون التربية فى مدرسة أو دار تعليم عامة بل يكفى أن تكون فى مكان خاص عن طريق دروس خاصة ومن ثم فإن ما يثيره فى شأن عدم توافر الظروف المشدد المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة 267 والمادة 268 من قانون العقوبات لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا على وجه معين تأدية إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان قاضى الموضوع بالدليل الصحيح مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
(الطعن رقم 16291 لسنة 64 جلسة 1996/09/18 س 47 ع 1 ص 861 ق 125)
10- لما كانت المادة 268 من قانون العقوبات تنص على أن ( كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع . وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة . وإذا اجتمه هذان الشرطان معاً يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة ) وإذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة هتك عرض المجنى عليه الذى لم يبلغ من عمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة والتهديد وقضى بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً طبقاً لنص الفقرة الثانية من هذه المادة محتسباً سن المجنى عليه بالتقويم الميلادى على أساس ما ثبت لدية من بطاقة والده العائلية من أنه مولود بتاريخ 11 من مارس سنة 1978 وأن الطاعنين قد اقترفوا ما أسند إليهم بتاريخ 20 من سبتمبر سنة 1993 لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة 268 سالفة الذكر إذ سكتت عن النص على التقويم الذى يعتد به فى احتساب سن المجنى عليه فيها وهو شرط لازم لايقاع العقوبة المبينة لها فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجرى الذى يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة فى تفسير القانون الجنائي التى تقضى بأنه إذا جاء النص العقابى ناقصاً أو غامضاً فينبغى أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم ويتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ فى قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم لما هو مقرر من أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص .
(الطعن رقم 13590 لسنة 64 جلسة 1996/07/24 س 47 ع 1 ص 812 ق 117)
11- لما كان الثابت من الرجوع إلى التقويم الهجرى أن تاريخ ميلاد المجنى عليه يوافق الثانى من ربيع الأخر لعام 1398 الهجرى وأن تاريخ الواقعة يوافق الثالث من ربيع الأخر لعام 1414 الهجرى ، فإن المجنى عليه يكون وقت ارتكاب الجريمة قد بلغ السادسة عشرة سنة هجرية بما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الأولى منالمادة 268 من قانون العقوبات التى تعاقب كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو التهديد أو شرع فى ذلك بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع . لما كان ذلك وكان الحكم قد أنزل بالطاعنين عقوبة الأشغل الشاقة لمدة خمس عشرة سنة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من هذه المادة على اعتبار أن المجنى عليه لم يكن وقت وقوع الجريمة عليه قد بلغ السادسة من عمره متخذاً من التقويم الميلادى أساساً لتحديد سنه ، مخالفاً بذلك القاعدة القانونية سالفة البيان وهى أصل عام من أصول تأويل النصوص العقابية فإنه يكون قد خالف القانون . لما كان ما تقدم وكانت هذه المحكمة على نحو ما سلف انتهت إلى رفض الطعن المقدم من المحكوم عليهم ، فإن العيب الذى شاب الحكم يكون مقصوراً على الخطأ فى تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها فى المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الإشارة إليه أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ، وذلك دون حاجة إلى إعادة الدعوى إلى محكمة الموضوع مادام أن العوار الذى شاب الحكم لم يرد على بطلانه أو على بطلان فى الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضى العودة إلى النظر فى موضوع الدعوى لما كان ما تقدم ، وكان من المقرر أن لمحكمة النقض عند تصحيحها الحكم المطعون فيه أن تقدر العقوبة ، فإن هذه المحكمة تقضى بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 13590 لسنة 64 جلسة 1996/07/24 س 47 ع 1 ص 812 ق 117)
12- لما كان الحكم قد أثبت على الطاعن مقارفة جريمة هتك العرض بالقوة المؤثمة المادة 268 من قانون العقوبات ، و أوقع عليه عقوبة تدخل فى نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من هذه المادة المقررة للجريمة المتقدمة مجردة من أى ظرف مشدد سواء تعلق بسن المجنى عليه أو بكون الجاني من المتولين تربيته أو له سلطة عليه ، فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم فى احتساب سن المجنى عليهن - بفرض صحته - و من كونه لا شأن له بتعليمهن و لا سلطة له عليهن تكون منتفية .
(الطعن رقم 4474 لسنة 58 جلسة 1989/11/06 س 40 ص 879 ق 145)
13- ركن القوة أو التهديد - الذي يميز جناية هتك العرض المنصوص عليها فى المادة 268 من قانون العقوبات عن الجنحة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 269 من هذا القانون لا يقتصر على استعمال القوة المادية فحسب، بل إنه يتحقق كذلك بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه ومن بين هذه الصور عاهة العقل التي تعدم الرضا الصحيح. ولما كان الحكم رغم تسليمه بأن المجني عليه مريض بمرض عقلي خلقي - قد خلا من بحث خصائص ذلك المرض وأثره فى إرادة المجني عليه، توصلاً للكشف عن توافر رضاه الصحيح - الذي يجب تحققه لانتفاء ركن القوة أو التهديد الذي استبعده الحكم - أو عدم توافره. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون مشوباً بقصور فى التسبيب يوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
(الطعن رقم 188 لسنة 48 جلسة 1978/05/21 س 29 ع 1 ص 524 ق 97)
14- مسألة رضاء المجني عليه أو عدم رضائه فى جريمة هتك عرضه مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها فى هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن خلو الواقعة من عنصر الإكراه وأطرحه فى قوله "جاءت أقوال المجني عليه مؤكدة وقوع الفعل من المتهم كرهاً عنه فقد ألقى به على الأرض وأمسك بيديه وجثم فوقه وكم فاه ليحبس صوته فشل بذلك مقاومته وتمكن بهذا القدر الهائل من الإكراه من هتك عرضه وقد بادر بإبلاغ والدته عن المتهم لما رأت حاله مما لا يسوغ معه القول بوقوع ذلك الفعل برضائه ولا ينال من صحة هذه الأقوال عدم وجود إصابات بالمجني عليه فى موضع آخر من جسمه إذ العنف الذي أتاه المتهم معه لم يكن من شأنه أنه يترك به آثار جروح أو إصابات وإن شل مقاومته فقد كان المجني عليه غض العود واهن البنية مما يتوافر معه عنصر الإكراه اللازم توافره فى حكم المادة 268 من قانون العقوبات". وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه فيما سلف بيانه يتوافر به ركن القوة فى هذه الجريمة وكانت الأدلة التي ساقها للتدليل على ذلك من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن غير سديد.
(الطعن رقم 1469 لسنة 42 جلسة 1973/02/11 س 24 ع 1 ص 158 ق 34)
15- متى كان الحكم قد أثبت على الطاعنين مقارفتهم جريمة هتك العرض بالقوة بركنيها المادى والمعنوى بما أورده من إجترائهم على إخراج المجنى عليه عنوة من الماء الذى كان يسبح فيه عارياً وعدم تمكينه من إرتداء ثيابه وإقتياده وهو عار بالطريق العام وبذلك إستطالوا إلى جسمه بأن كشفوا على الرغم منه عن عورته أمام النظارة فهتكوا بذلك عرضه بالقوة مما يندرج تحت حكمالمادة 268 من قانون العقوبات ، فإن الحكم يكون قد أصاب صحيح القانون .
(الطعن رقم 218 لسنة 39 جلسة 1969/06/09 س 20 ع 2 ص 853 ق 171)
16- ركن القوة أو التهديد هو الذى يميز جناية هتك العرض المنصوص عليها فى المادة 268 من قانون العقوبات عن الجنحة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 269 من هذا القانون . و ركن القوة أو التهديد فى تلك الجناية لا يقتصر على إستعمال القوة المادية بل يتحقق بكافة صور إنعدام الرضا لدى المجنى عليه فيندرج بينها عاهة العقل التى تعدم الرضا الصحيح .
(الطعن رقم 438 لسنة 36 جلسة 1966/05/23 س 17 ع 2 ص 674 ق 123)
17- إذا كان المتهم قد طرق باب المجنى عليها ليلاً ففتحته معتقدة أنه زوجها ، فسارع المتهم بالدخول و إغلاق الباب من خلفه ، و أمسكها من صدرها و من كتفها ، و جذبها إليه و راودها عن نفسها مهددا إياها بالإيذاء إن رفضت ، فإستغاثت ، فإعتدى عليها بالضرب - فإن هذا الفعل المادى الذى وقع على جسم المجنى عليها بقصد الإعتداء على عرضها هو مما يخدش حياءها و يمس عرضها ، و يجعل الواقعة لذلك هتك عرض بالقوة تنطبق عليها الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات .
(الطعن رقم 962 لسنة 24 جلسة 1954/10/04 س 6 ع 1 ص 12 ق 5)
18- إذا كانت محكمة الموضوع - فى حدود ما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى - قد استظهرت ركن القوة فى جريمة هتك العرض وأثبتت توفره فى حق الطاعن بقولها " إن ركن القوة المنصوص عليه فى المادة 268 من قانون العقوبات متوافر لدى المتهم الأول "الطاعن" مما ثبت من أقوال المجني عليها أمام البوليس والنيابة وقاضي التحقيق، وبجلسة المحاكمة الأخيرة من أن المتهم الأول أتى فعلته الشنعاء معها بغتة الأمر الذي أثار اشمئزازها واستنكارها فى أول مرة ودفعها لصفع المتهم المذكور فى ثاني مرة " فإن ما ذكرته المحكمة من ذلك يكفي للرد على ما أثاره الطاعن من انتفاء ركن استعمال القوة، لأن المجني عليها سكتت عندما وقع عليها الفعل فى المرة الأولى مما يدل على رضاها به.
(الطعن رقم 843 لسنة 23 جلسة 1953/06/15 س 4 ع 3 ص 978 ق 351)
19- إن الفقرة الأولى من المادة 268 من قانون العقوبات صريحة فى أن هتك العرض الذى يعاقب عليه يجب أن يكون قد وقع بالقوة أو التهديد . و قد تواضع القضاء فى تفسير هذا النص على أن الركن يتوافر بصفة عامة كلما كان الفعل المكون للجريمة قد وقع ضد إرادة المجنى عليه سواء أكان ذلك راجعاً إلى إستعمال المتهم وسيلة القوة أو التهديد بالفعل أم إلى إستعمال وسائل أخرى يكون من شأنها التأثير فى المجنى عليه بهدم مقاومته أو فى إرادته بإعدامها بالمباغتة أو إنتهاز فرصة فقد الشعور و الإختيار كما فى أحوال الجنون أو الغيبوبة أو النوم . أما إذا كان هتك العرض قد وقع على المجنى عليه و هو مالك لشعوره و إختياره و لم يبد منه أية مقاومة أو إستنكار فإنه لا يصح بحال تشبيه هذا الإكراه أو التهديد المعدم للرضاء . و ذلك لما ينطوى فيه من الرضاء بجميع مظاهره و كامل معالمه .
(الطعن رقم 1471 لسنة 12 جلسة 1942/06/22 س ع ع 5 ص 688 ق 435)
20- هتك العرض هو كل فعل مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المجنى عليه وعوارتة ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية ولا يشترط لتوافره قانوناً أن يترك الفعل أثرا بجسم المجنى عليه، وإذ كانت الصورة التى إستخلصتها المحكمة من أقوال المجنى عليها وسائر الأدلة التى أشارت إليها فى حكمها لا تخرج عن الإقتناء العقلى والمنطقى فإن ما ينعاه الطاعن علي المحكمة فى هذا الشأن يكون فى غير محله، إذ هو فى حقيقته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الأدلة واستخلاص ما تؤدى إليه مما تستقبل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغا- كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فلا يجوز منازعتها فى شأن أمام محكمة النقض.
(الطعن رقم 104 لسنة 62 جلسة 1993/12/13 س 44 ع 1 ص 1117 ق 175)
21- الركن المادى فى جريمة هتك العرض لا يتحقق إلا بوقوع فعل مخل بالحياء العرضى للمجنى عليه يستطيل إلى جسمه فيصيب عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية إلا أنه متى إرتكب الجاني أفعالا لا تبلغ درجة الجسامة التى تسوغ عدها من قبيل هتك العرض التام فإن ذلك يقتضى تقصى قصد الجاني من إرتكابها فإذا كان قصده قد إنصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج عن دائرة الفعل الفاضح أما إذا كانت تلك الأفعال قد أرتكبت بقصدالتوغل فى أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدءا فى تنفيذ جريمة هتك العرض وفقا للقواعد العامة ولو كانت هذه الأفعال فى ذاتها غير منافيه للآداب وإذا كان لا يشترط لتحقيق المشروع أن يبدأ الفاعل بتنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادى للجريمة بل يكفى لإعتباره شارعا فى إرتكابها أن يأتى فعلا سابقا على تنفيذ الركن المادى لها ومؤديا إليه حالا وكان الثابت فى الحكم المطعون فيه أن الطاعن أمسك بالمجنى عليها من يدها بقصد جذبها إليه وإقترب منها محاولا تقبيلها كرها عنها قاومته وإستخلص من ذلك أنه إنما إرتكب تلك الأفعال بقصد التوغل فى أعمال الفحش وإعتبره بالتالى شارعا فى تنفيذ جريمة هتك عرض بالقوة فإنه لا يكون قد خالف القانون فى شيء وما ساقه الحكم المطعون فيه من ان قصد المتهم التوغل فى أعمال الفحش والعبث بعرض المجنى عليها ليس إلا إستنتاجا من المقدمات التى إستظهرتها المحكمة وهو مما يدخل فى سلطة القاضى وليس فيه إنشاء لواقعة جديدة أو دليل مبتدأ له أصل فى الأوراق ويكون النعى غير سديد.
(الطعن رقم 1739 لسنة 62 جلسة 1993/10/05 س 44 ع 1 ص 773 ق 119)
22- لما كانت مسألة رضاء المجنى عليها أو عدم رضائها فى جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها فى هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التى ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق واقعة الدعوى بما تتوافر به ركن القوة فى جريمة هتك العرض ، فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى أن يرد استقلالاً عن دفاع الطاعن القائم على رضاء المجنى عليها وعدم انصراف قصده إلى تهديدها لكونه قد أعاد الصور والشيكات عند طلبها لأنه لايعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التى لاتلتزم المحكمة بمتابعة المتهم فى مناحيها المختلفة طالما أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله
(الطعن رقم 745 لسنة 66 جلسة 1998/03/21 س 49 ص 472 ق 61)
23- لا يشترط قانوناً لتوافر جريمة هتك العرض العرض أن يترك أثراً فى جسم المجنى عليه ، كما أنه يكفى لتوافر ركن القوة فى هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجنى عليه وبغير رضائه وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التى شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه على المجنى عليه . ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجنى عليه التى اطمأن إليها أن الطاعن اصطحبه عنوة إلى منطقة مهجورة وخلع عنه سرواله واستدبره بحك قضيبه فى دبره حتى أمنى ، كما نقل الحكم عن التقرير الطبى الشرعى إمكان حصول الاحتكاك الخارجى دون تخلف أثر ، وإذ كان هذا الذى أورده الحكم كافياً وسائغاً فى إثبات توافر جريمة هتك العرض بأركانها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن ما ورد بتقرير الطب الشرعى يكون فى غير محله .
(الطعن رقم 9002 لسنة 64 جلسة 1996/04/02 س 47 ع 1 ص 437 ق 62)
24- متى ثبت أن المجنى عليها قد إنخدعت بالمظاهر التى اتخذها المتهم و التى أدخل بها فى روعها بتصرفاته أنه طبيب بالمستشفى فسلمت بوقوع الفعل الذى إستطال إلى موضع العفه منها و خدش حياءها ، فإن هذا مما تتحقق به جريمتى هتك العرض بالقوة و التدخل فى أعمال طبيب المستشفى بغير حق .
(الطعن رقم 904 لسنة 30 جلسة 1960/06/27 س 11 ع 2 ص 627 ق 118)
25- لا يقتصر ركن القوة فى جناية هتك العرض على القوة المادية، بل إن الشارع جعل من التهديد ركناً مماثلاً للقوة و قرنه بها فى النص وبذلك أراد أن يعتبر الفعل جناية كلما ارتكبت ضد إرادة المجني عليه وبغير رضاه، فيندرج تحت معنى القوة أو التهديد الإكراه الأدبي والمباغتة واستعمال الحيلة لأن فى كل من هذه الوسائل ينعدم الرضاء الصحيح .
(الطعن رقم 641 لسنة 28 جلسة 1958/06/16 س 9 ع 2 ص 659 ق 167)
26- لا يشترط فى جريمة هتك العرض بالقوة استعمال القوة المادية، بل يكفي إتيان الفعل الماس أو الخادش للحياء العرضي للمجني عليه بغير رضائه. ولما كان للمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه مع المجني عليه، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن أدخل المجني عليها بالقوة إلى مسكنه وأغلق بابه ثم كم فاها بيده وهددها بذبحها إن استغاثت ثم خلع عنها سروالها ورقد فوقها وحك قضيبه بين فخذيها حتى أمنى، فإن هذا الذي أثبته الحكم يكفي لإثبات توافر ركن القوة فى جريمة هتك العرض - ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
(الطعن رقم 115 لسنة 43 جلسة 1973/03/26 س 24 ع 1 ص 436 ق 90)
27- لمحكمة الموضوع أن تعول فى قضائها على أقوال المتهم ولو كانت واردة فى محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للحقيقة، فإن منعى الطاعن على الحكم اعتباره الواقعة جناية وتعويله على اعترافه بمحضر الضبط يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لركن القوة فى الجريمة واستظهره بما ثبت للمحكمة من ارتكاب الطاعن فعلته بغير رضاء المجني عليه مهدداً إياه بالمدية، وهو ما يكفي للتدليل عليه وأن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح دفاع الطاعن بنفي ركن القوة بقوله أنه مردود "بما هو ثابت بمحضر الضبط بل واعتراف المتهم الماثل فى صراحة ووضوح يبعث على الارتياح والاطمئنان إليه بما مفاده وأنه قارف جناية هتك عرض المجني عليه بتخويفه وتهديده إياه بالمطواة التي كان يحملها أي هذا المتهم - الطاعن قد ارتكب هذا الفعل ضد إرادة المجني عليه وبغير رضاءه الصحيح به. وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً للرد على ما يثيره الطاعن من عدم حمله للسلاح وارتكابه الفعل برضاء المجني عليه فإن منعاه فى شأن ذلك لا يكون له وجه.
(الطعن رقم 1941 لسنة 56 جلسة 1986/10/21 س 37 ع 2 ص 783 ق 150)
28 ـ إنْ المُقَرَّر أَنَّ النعي بِأَنَّ الوَاقِعَّة مُجَرَّد جُنَحة هتك عرض المَجْني عَلْيهِا بغَيْر قوة أَوْ تهديد وَلَيْست جناية مُوَاقَعَّة المَجْني عَلْيهِا التي لَمْ تبلغ سنها ثماني عشرة سَنَة ميلادية كَامِلَّة بغَيْر رضاها حالة كون المَحْكُوم عَلْيهِ مِنْ المتولين تربيتها وَملاحظتها ، لَا يَعدو أَنَّ يَكْون مُنَازعَّة فِي الصُورَّة التي اعتنقتها المَحْكَمَّة للوَاقِعَّة وَجدلاً مَوْضُوعياً فِي سُلطَّة مَحْكَمَّة المَوْضُوع فِي اِسْتخلاص صُورَّة الوَاقِعَّة كما اِرْتَسمت فِي وُجدانها مِمَّا تستقل بالفصل فِيْهِ بغَيْر مُعَقِّبٍ .
(الطعن رقم 18500 لسنة 83 جلسة 2014/05/08)
29 ـ لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله : " ... تتحصل فى أن المجني عليها .... والتي لم تبلغ من العمر ثماني سنوات أبلغت والدتها بأن سروالها عليه بقع من الدماء وإذ استفسرت والدتها من نجلتها عن سبب ذلك أفادتها أن المتهم .... ابن عمها وهو من المتولين أمرها قام باستدراجها إلى مخزن الفراشة الخاص بوالده والذي يعمل به وحسر عنها سروالها وأولج قضيبه فى دبرها بغير رضاها ، وقد أقر المتهم بارتكابه هذا الفعل ، كما ثبت من التحريات السرية التي قام بها الرائد .... معاون مباحث قسم شرطة .... صحة الواقعة ، وثبت من تقريري مصلحة الطب الشرعي ب .... أن الدم الموجود على سروال المجني عليها آدمي وباقي التلوثات بها حيوانات منوية وأنه بالكشف على فتحةالشرج تشير بحصول هتك عرض بإيلاج من دبر المجني عليها " . وأثبت بمدوناته أن المتهم ابن عمها وهو من المتولين تربيتها وله سلطة عليها . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية منالمادة 268 من قانون العقوبات - التي دين المطعون ضده بها - تقضي بتغليظ العقاب فى جريمة هتك العرض إذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة ، أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 منه ، حيث يكون الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالأجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم ، وفي حالة اجتماع هذان الشرطان معاً يحكم بالسجن المؤبد ، ولئن كان تقدير ما إذا كان الجاني من المتولين تربية المجني عليه أو ممن لهم سلطة عليه هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع - فى الأصل - بالفصل فيها ، إلا أنه لما كان من اللازم فى أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم - فوق كفايته - مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج بغير تعسف فى الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق ، ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن الأسباب التي يوردها الحكم أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها ، كما أن من المقرر أن تحديد سن المجني عليه ركن جوهري فى الجريمة موضوع المحاكمة ؛ لما يترتب عليه من أثر فى توقيع العقوبة ، والأصل فى إثبات السن لا يعتد فيه إلا بوثيقة رسمية ، أما إذا ثبت عدم وجودها فتقدر السن بواسطة خبير ، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يكشف عن سنده فى تقدير سن المجني عليها وأطلق القول بأن سنها لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة ولم يعن البتة باستظهار سن المجني عليها وقت وقوع الجريمة من واقع وثيقة رسمية أو الاستعانة بخبير عند عدم وجودها مع أنه ركن جوهري فى الجريمة موضوع المحاكمة ، كما اتخذ من مجرد كون المطعون ضده ابن عم المجني عليها دليلاً على توافر الظرف المشدد ، مع أن هذه الصلة لا تصلح بذاتها سنداً للقول بأن المطعون ضده من المتولين تربية المجني عليها أو ممن له سلطة عليها ، وإنما يتعين على الحكم أن يستظهر توافر هذه الصلة توافراً فعلياً من وقائع الدعوى وظروفها ، وهو ما غفل عنه الحكم المطعون فيه ، الأمر الذي يعيبه بالقصور الذي له وجه الصداره على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون - وهو ما يتسع له وجه الطعن - مما لا يُمَّكن محكمة النقض من إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى وأن تقول كلمتها فى شأن ما تثيره النيابة العامة بوجه الطعن . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
(الطعن رقم 43775 لسنة 77 جلسة 2015/12/05)
30- وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها ، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه .
(الطعن رقم 10896 لسنة 88 ق - جلسة 6 / 2 / 2021 )
لا يجوز لمأموري الضبط أو جهات التحقيق الكشف عن بيانات المجني عليه في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، أو في أي من المادتين (306 مكرراً / أ ، 306/ مكرراً / ب) من ذات القانون، أو في المادة 96 من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، إلا لذوي الشأن.)
مركز الراية للدراسات القانونية
يتطلب القانون في الركن المادي لهذه الجريمة أن يقع هتك العرض بناء على استعمال القوة أو التهديد مع المجني عليه، وهو ما يتحقق بسائر صور انعدام الرضاء لدى المجني عليه، وهو ما يقابل عنصر عدم الرضاء في جريمة الاغتصاب ويطابق مدلوله، فيتعين الرجوع إليه.
الذي حمله على ذلك، كما إذا لم يقصد من فعله غير مجرد الانتقام، ولا يتوافر القصد إذا مس الجاني جسم المجني عليها عفواً أو التصق بها بغير عمد بسبب ازدحام سيارة النقل التي يركبونها.
العلم بسن المجني عليه :
أن القانون قد اهتم بسن المجني عليه فجعله مناطاً للعقاب في هتك العرض بغير قوة أو شديد و ظرفاً مشدداً في هتك العرض بصورتيه، وطبقاً للقواعد العامة في القصد الجنائي يتعين على الجاني أن يحيط علماً بهذا السن حتى تتقرر مسئوليته عن الجريمة، لكن محكمة النقض ذهبت إلى افتراض علم الجاني في هتك العرض بسن المجني عليه بحيث لا تتجشم سلطة الاتهام عناء إثبات علم المتهم بهذا الأمر، ولا يقبل من المتهم الدفع بانتفاء القصد الجنائي لجهله بالسن لمجرد إثبات ذلك بكافة الأدلة، بل يتعين عليه لقبول هذا الدفع أن يثبت أن جهله كان يرجع لأسباب قهرية أو ظروف استثنائية وأنه لم يكن في مقدوره بحال الوقوف على الحقيقة، واستندت إلى أن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الآداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة قبل أن يقدم على فعلته، فإذا هو أخطأ في التقدير حق عليه العقاب عن الجريمة التي تتكون منها ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة.
وهو قضاء محل نظر، ويخالف القاعدة العامة في القصد الجنائي، فالصحيح هو تطلب إثبات العلم بالسن تمشياً مع طبيعة الجريمة العمدية، هذا مع ملاحظة أنه وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن القانون لا يشترط لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يستعمل الجاني الإكراه المادي مع المجني عليه بل يكفي أن يكون الفعل قد حصل بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بقصد تعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة كالتهديد باستخدام السلاح، أو غير ذلك من الوسائل التي تؤدي إلى سلب الإرادة أو فقد المقاومة، ولا يشترط قانوناً لتوافر القوة أن يترك الفعل أثراً في جسم المجني عليه، إذ يكفي ارتكاب الفعل ضد إرادته وبغير رضائه لتوافر عنصر القوة، ويكفي أن يكون الفعل قد حصل بغير رضاء صحيح ممن وقع عليه كأن يكون بناء على إكراه أدبي أو مباغتة أو استعمال الحيلة، وانتهاز فرصة فقد الشعور والاختيار كما في أحوال عامة العقل أو الجنون، أو تأخر النمو العقلي للمجني عليه، أو الغيبوبة ، أو النوم، وكما لو قدم للمجني عليه مشروباً أفقده الوعي، أو أدخل في روعه قدرته على علاجه بالجن أو شفائه من مرض عضال بالاستعانة بالجن.
ويقتضي بداهة أن يكون المجني عليه على قيد الحياة حتى يدور الحديث عن هتك العرض أو عدم الرضاء به، ولهذا قضي بنقض الحكم الذي يقضي بعقوبة الإعدام لقتل المجني عليه المقترن بهتك عرضه بعد وفاته.
ويتوافر رضاء المجني عليه إذا سكت وتغاضى عن أفعال هتك العرض مع شعوره وعلمه بأنها ترتكز على جسمه لا يمكن أن يتصور معه عدم رضائه بما مهما كان الباعث الذي دعاه إلى السكوت، وقد قضت محكمة النقض أن هتك العرض إذا بدأ الجاني في تنفيذه بالقوة فصادف من المجني عليه قبولاً ورضاء صحيحين فإن ركن القوة يكون منتفياً فيه، استناداً إلى عدم إمكان تجزئة الواقعة المكونة له لارتكابها في ظروف وملابسات واحدة بل في وقت واحد وتنفيذاً لقصد واحد مما لا يمكن معه القول بأن المجني عليه لم يكن راضياً بجزء منها وراضياً بجزء آخر، كما أن العبرة في هذا المقام ليست بالقوة لذاتها بل لأنها مقدمة للرمضاء، فإذا ما تحقق الرضاء دون أن يكون للقوة أي أثر في تحققه فإن محاولة المتهم عنها لا يكون هذا ما يبررها .
ويلاحظ أن إثبات مدى توافر رضاء المجني عليه أو عدم رضاه في جريمة هتك العرض يدخل في إطلاقات محكمة الموضوع مما لا يخضع لرقابة محكمة النقض، ما دامت الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وقد قضي أن تحقيق جريمة هتك العرض بالقوة رهن بأن يكون الفعل المكون لها قد حصل بغير رضاء المجني عليه، وهو ما يقتضي بداهة أن يكون على قيد الحياة.
العقوبة :
ساوى القانون بين عقوبة الجريمة التامة وعقوبة الشروع فيها خلافاً للقواعد العامة، وقد رصد قانون العقوبات في المادة 268 لهذه الجريمة والشروع فيها عقوبة السجن المشدد، ونص القانون في الفقرة الثانية من المادة 268 على تشديد العقوبة إذا توافرت ظروف معينة، بجانب تشدید آخر نص عليه قانون الطفل إذا كان المجني عليه طفلاً.
(أولاً) سن المجني عليه : إذا كان سن المجني عليه دون الثامنة عشر جاز تشديد العقوبة إلى السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات.
والعبرة في السن هي بالسن الحقيقية للمجني عليه ولو كانت مخالفة لما قدره الجاني أو قدره غيره من رجال الفن اعتماداً على مظهر المجني عليه وحالة نمو جسمه أو على أي سبب آخر.
وفي صدد تحديد السن قضت محكمة النقض أنه إذا كانت الفقرة الثانية من المادة 268 عقوبات إذا سكتت عن النص على التقويم الذي يعتد به في احتساب سن المجني - عليه فيها - وهو شرط لإيقاع العقوبة المبينة بها - فإنه يجب الأخذ بالتقويم الهجري الذي يتفق مع صالح المتهم أخذاً بالقاعدة العامة التي تقضي أنه إذا جاء النص العقابي ناقصاً أو غامضاً فينبغي أن يفسر بتوسع لمصلحة المتهم وبتضييق ضد مصلحته وأنه لا يجوز أن يؤخذ في قانون العقوبات بطريق القياس ضد مصلحة المتهم؛ لما هو مقرر من أنه لا جريمة ولا عقوبة بغير نص، وقد تدخل المشرع بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 المشار إليه وأخذ بالتقويم الميلادي.
(ثانياً) صفة الجاني: وهي إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته، أو ملاحظته، أو ممن له سلطة عليه، أو كان خادماً بالأجر عنده أو عند من تقدم ذكرهم، وهي ظروف مذكورة على سبيل الحصر فلا يجوز القياس عليها، ويكفي توافر هذه الصفة عند أحد الفاعلين إذا تعددوا في ارتكاب هذه الجريمة، وهذا ما عنى بالنص عليه صراحة في المادة 268 من قانون العقوبات بعد تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 وفي هذه الحالة يسري الظرف المشدد على سائر الفاعلين مع غيرهم مادام قد توافر عند أحدهم، ويعد هذا النص خروجاً على القواعد العامة، لأن ظرف الصفة في هذه الجريمة من الظروف الشخصية التي تؤثر في العقوبة ولا تؤثر في تكوين الجريمة أو وصفها القانوني.
وبالنسبة إلى من له سلطة على المجني عليه فيكفي توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليه، ومسألة توافرها من عدمه مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض مادامت قد أسست حكمها على أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه في العقل والمنطق.
ومتى توافرت هذه الصفة تشدد العقوبة إلى السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، ولا حاجة للتدليل على أن الجاني استعمل سلطة وقت ارتكاب الجريمة لأن القانون قد افترض قيام السلطة بمقتضى هذه العلاقة، وتقدير توافر السلطة الفعلية للجاني على المجني عليها يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
ثالثاً اجتماع الظرفين المشددين الأول والثاني معاً: إذا اجتمع الظرفان معا يحكم بالسجن المؤبد (المادة 268/ 2 عقوبات)
ويلاحظ أن تشديد العقوبة عند توافر أحد الظرفين الأول والثاني أو عند اجتماع الظرفين معاً لا يخل بسلطة المحكمة في تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات إذا ما اقتضت ذلك رأفة القضاة.(الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة 2016 الكتاب الثاني ، الصفحة : 254)
هتك العرض
هتك العرض هو الإخلال العمدي الجسيم بحياء ۔ المجنى عليه بفعل يرتكب على جسمه ، ويمس في الغالب عورة فيه.
وقد خصص الشارع لهتك العرض نصين : أولهما هو المادة 268 من قانون العقوبات المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011 والتي قضت بأن «كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالسجن المشدد، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نص عنهم في الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذان الظرفان معاً يحكم بالسجن المؤبد، أما النص الثاني فهو المادة 269 من قانون العقوبات ، المستبدلة بالمرسوم بقانون رقم 11 لسنة 2011، التي قررت أن «كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشر سنة ميلادية كاملة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن، وإذا كان سنه لم يجاوز اثنتي عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان من وقعت منه الجريمة ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات».
جريمتا هتك العرض :
ليس هتك العرض جريمة واحدة ذات ظروف مشددة أو ذات عذر قانونی ، وإنما هو جريمتان متميزتان، ولكل منهما أركانها الخاصة بها : الجريمة الأولى ، هي هتك العرض بالقوة أو التهديد، والجريمة الثانية هي هتك العرض دون قوة أو تهديد، فالأولى تتطلب من بين أركانها القوة أو التهديد، والثانية تفترض انتفاء هذا الركن وحلول ركن آخر محله، هو صغر سن المجني عليه وبين الجريمتين ركن مشترك، هو أهم أركانهما ، وهو الركن المادي، وتنال الجريمتان بالاعتداء ذات الحق، وإن اختلفت کيفية هذا الاعتداء.
الحق المعتدى عليه بهتك العرض : هذا الحق هو «الحرية الجنسية»، فعلى الرغم من أن هتك العرض لا يفترض اتصالاً جنسياً بين الجاني والمجنى عليه إلا أنه يفترض «فعلاً جنسياً»، فالفعل المخل بالحياء علی نحو جسيم هو بحسب المجرى العادي للأمور تمهيد لاتصال جنسي أو هو على الأقل يثير في ذهن المجني عليه فكرة الاتصال الجنسي، وهو اتصال لا يرغب فيه، فثمة فعل جنسی ارتكب على جسمه دون إرادته، وبالإضافة إلى ذلك فهذه الجريمة تنطوي على مساس بالشرف وحصانة الجسم والحرية بصفة عامة على نحو ما تبيناه في الاغتصاب وهذه المعاني في الاعتداء واضحة حين يرتكب هتك العرض بالقوة أو التهديد، أي حين يرتكب دون رضاء المجنى عليه، ولكن هذه المعاني واضحة كذلك حين يرتكب هتك العرض دون قوة أو تهديد، فعلى الرغم من رضاء المجنى عليه بالفعل، فإن هذا الرضاء ليست له قيمة قانونية كاملة بالنظر إلى صغر سن المجني عليه.
الركن المادي في هتك العرض
المساس بجسم المجنى عليه : يتميز الفعل الذي يقوم به هناك العرض بمساسه بجسم المجنى عليه، ذلك أن الفكرة الأساسية فيه أنه يمس حصانة الجسم في جانبه العرضي، ومن ثم لا يكفي أنه يسيء إلى أخلاق المجني عليه بأن يعرض على بصره أو سمعه مشاهداً أو صوراً أو أصواتاً بذيئة من الناحية الجنسية ومن ثم يخرج من نطاق هتك العرض الأفعال التي يرتكبها الجاني على جسمه أمام نظر المجني عليه مهما كانت درجة فحشها ومدى أثرها على المجنى عليه ولكن هذا العنصر لا يعني اشتراط أن يكون جسم المجنى عليه هو الموضوع السلبي لفعل الجاني، إنما يكفي أن هذا الجسم قد وضع موضع الاعتبار على أية صورة في الفعل الذي قامت به الجريمة، فمن الجائز أن يكون جسم المجني عليه هو صاحب الدور الإيجابي في الفعل المخل بالحياء وتطبيقاً لذلك فإنه إذا أرغم الجاني المجني عليه على أن يرتكب فعلاً مخلاً بالحياء على جسمه (أي جسم الجاني) قامت الجريمة بذلك، وتقوم الجريمة إذا أرغم الجاني المجنى عليه على أن يرتكب الفعل المخل بالحياء على جسمه (أي جسم المجنى عليه) كما لو أرغمه على أن يتعرى أمامه، وإذا فاجأ الجاني شخصاً عارياً في مكان خاص كمنزله فاطلع على عورات جسمه دون رضاء صحيح منه، أو أرغمه على الخروج من هذا المكان عارياً لكي يطلع الناس على عوراته كان مسئولاً عن هتك عرضه، ونقرر الحكم ذاته لمن فاجأ من كان يستحم عارياً في مجرى ماء وكانت المياه تستر عوراته فأرغمه على الخروج منها واطلع على عوراته أو أطلع الغير عليها.
الإخلال الجسيد بالحياء :
لا يقوم بالفعل هتك العرض إلا إذا كان مخلاً بالحياء ، وكان إخلاله به جسيماً، فإذا كان الفعل لا يخل - فی ذاته - بالحياء فلا يقوم به بداهة هتك العرض، ولو كان صادراً عن باعث جنسي، وإذا كان الفعل يخل بالحياء على نحو غير جسيم فلا يقوم به هتك العرض، وإنما تقوم به جريمة الفعل الفاضح ويعني ذلك أن معیار التمييز بين الإخلال الجسيم بالحياء والإخلال اليسير به هو بذاته ضابط التمييز بين جريمتي هتك العرض والفعل الفاضح.
ضابط جسامة الإخلال بالحياء لدى القضاء ، معيار العورة: اجتهدت محكمة النقض في تحديد هذا المعيار فقالت إن «الفارق الأساسي الذي يميز هتك العرض عن الفعل الفاضح المخل بالحياء والأفعال المنافية للآداب العامة التي من شأنها أيضاً أن تمس عرض الغير حتى في حالة وقوعها من شخص على نفسه هو أن هتك العرض يقع دائماً على جسم الغير ولا يشمل الأفعال التي تقع إخلالاً بالحياء بصفة عامة» وقد ميز هذا الحكم بين الجريمتين في مجال ينفرد فيه الفعل الفاضح دون هتك العرض، وهو حيث يقع الفعل على جسم الجاني نفسه دون أن يمس على أي نحو جسم المجني عليه أو يكون في الاعتبار على أية صورة، إذ لا يقوم هتك العرض بمثل هذا الفعل، ولكن هذا الحكم لم يتعرض لمعيار التمييز بين الجريمتين إذا ما ارتكب الفعل على جسم المجنى عليه، وهو مجال تشتركان فيه، وقد حاولت المحكمة وضع هذا المعيار في حكم لاحق، فقالت إن وضعه يقتضي «بحث معنى الحياء العرضي بالذات بحثاً قائماً على ذاتية الأشياء المختلفة التي يمكن أن تكون موضوعاً لهذا الشعور الخاص»، وأضافت إلى ذلك أن «الحياء العرضي لشخص ما من هذه الناحية يتعلق على الأخص بذات جسمه التي تدعو الفطرة لأن يحميه الإنسان من كل الأفعال الفاحشة مهما كانت جسامتها وسواء أكانت ايجابية أو سلبية مادامت هذه الأفعال موجهة لهذا الجسم الذي لا يدخر المرء وسعاً في صونه عما قل أو جل من الأفعال التي تمس ما فيه ما يعبر عنه بالعورات، تلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري، فكل فعل يخدش العاطفة من هذه الناحية يعتبر في نظر القانون هتكاً للعرض» وحددت دلالة الفعل الفاضح في قولها «إن الحياء العرضي ينفعل أيضاً بما لا يتعلق إلا بجسم الغير بمعنى أنه يربأ بالشخص عن مشهد فيه يظهر الغير عوراته أمامه بدون رضائه مهما تضاءلت جسامة هذا الفعل ومهما يكن في هذا الإظهار من عدم المساس بجسم المجني عليه بالذات، فالأفعال التي تخدش الحياء العرضي على هذا الشكل الأخير وحده هي التي يصفها القانون بأنها فاضحة»، وقد استخلصت المحكمة من ذلك أن «الشخص الأعمى الأصم تماماً يمكن هتك عرضه بكيفيات مختلفة ولكن لا يصح قانوناً أن يكون مجنياً عليه في جريمة فعل فاضح» ، وقد عرفت الفعل الفاضح بأنه «الفعل العمد المخل بالحياء الذي يخدش من المجني عليه حياء العين والإذن ليس إلا» ، أما هتك العرض فهو «بقية الأفعال العمدية المخلة بالحياء والتي تستطيل إلى جسم المرء و عوراته وتخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية»، والذي يستخلص من هذا الحكم أنه يشترط في هتك العرض أن يمس جزءاً من جسم المجني عليه يعد عورة فيه، وذلك واضح من تعريفه بأنه «فعل عمدي مخل بالحياء يستطيل إلى جسم المرء و عوراته»، ويعني ذلك بمفهوم المخالفة أن الفعل المخل بالحياء الذي يقع على جسم المجنى عليه ولكن لا يستطيل إلى عوراته لا يعد هتك عرض و إنما هو فعل فاضح فحسب، ولكن هذا الحكم قد تضمن عبارات تشكك في هذا الفهم ، فقد أصر علی حصر نطاق الفعل الفاضح فيما يرتكبه الجاني على جسمه نفسه، وتعريفها هذا الفعل بأنه «ما يخدش من المجني عليه حياء العين والأذن ليس إلا» في حين أنه كما قدمنا قد يقع على الجسم دون أن يمس عورة فيه، وقولها «أن الشخص الأعمى تماماً يمكن هتك عرضه ولكن لا يصح قانوناً أن يكون مجنياً عليه في جريمة فعل فاضح» في حين أنه من المتصور أن يقع الفعل على جسمه دون أن يمتد إلى عوراته فلا تقوم به غير جريمة الفعل الفاضح.
ومن المجمع عليه في الفقه والقضاء أن ينسب إلى محكمة النقض أنها أقرت في هذا الحكم معيار العورة، وتطبيقاً لهذا المعيار قضت إحدى المحاكم بأن فعل المتهم الذي قبل بغته فتاة في وجنتيها دون أن يمسك بها أو تمس يده أي جزء من جسمها ليس هتكاً لعرضها وإنما هو فعل فاضح، واستندت في ذلك إلى أنه قد وقع على الوجه، وهو ما لا يعتبر من عورات الجسم وقد أقرت محكمة النقض هذا التكييف، وصرحت - على نحو لا لبس فيه - بإقرارها هذا المعيار فقالت «كل مساس بجزء من جسم الإنسان داخل فيما يعبر عنه بالعورات يجب أن يعد من قبيل هتك العرض، والمرجع في اعتبار ما يعد عورة وما لا يعد كذلك إنما يكون إلى العرف الجاري وأحوال البيئات الاجتماعية، فالفتاة الريفية التي تمشي سافرة بين الرجال لا يخطر ببالها أن تقبيلها في وجنتيها إخلالاً بحيائها العرضي واستطالة على موضع في جسمها تعده هي ومثيلاتها من العورات التي تحرص على سترها، فتقبيلها في وجنتيها لا يخرج عن أن يكون فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء.
ويبدو أن المحكمة قد استشعرت فيما بعد عدم كفاية معيار العورة الحصر نطاق هتك العرض، فقد يكون الفعل غير ماس بعورة في جسم المجني عليه، ولكنه ينطوي مع ذلك على قدر كبير من الفحش والإخلال بالحياء بحيث يتعين أن يعتبر هتكاً لعرضه، فقالت إن هذا المعيار «لم يرد به حصر الحالات التي يصح أن تندرج تحت جريمة هتك العرض والقول بأن ما عداها خارج حتماً عن الجريمة المذكورة ،وإنما هو مبدأ جزئی تناولت فيه المحكمة جريمة هتك العرض من ناحيتها الأكثر وقوعاً، تلك الناحية التي يقع فيها المساس بجزء من جسم المجني عليه يدخل عرفاً في حكم العورات»، وقطعت المحكمة بأن مثل هذا المساس يجب حتماً وفي كل الأحوال أن يعد من قبيل هتك العرض لما فيه من الإخلال بحياء المجني عليه العرضي، وظاهر أن هذا لا يفيد أن أفعال هتك العرض محصورة في هذه الناحية أو أن الجريمة لا يتصور وقوعها إلا على هذا النحو، بل قد يتصور العقل - في أحوال قد تكون في ذاتها نادرة أو قليلة الوقوع – إمكان الإخلال بحياء المجني عليه العرضى بأفعال لا تصيب من جسمه موضعاً يعد عورة، ولا يجوز مع ذلك التردد في اعتبارها من قبيل هتك العرض نظراً المبلغ ما يصاحبها من فحش، ولأنها من ناحية أخرى أصابت جسم المجنى عليه فخدشت حياءه العرضي وإن لم يقع المساس فيها بشيء من عوراته، كما لو وضع الجاني عضوه التناسلي في يد المجنى عليه أو فمه أو في جزء آخر من جسمه لا يعد عورة، فهذه الأعمال ونظائرها لا يمكن أن يشك في أنها من قبيل هتك العرض.
ويعني ذلك أن المحكمة تطبق أساساً معیار العورة، ولكنها لا تكتفي به، فترى أن بعض الأفعال التي لا تمس عورة في جسم المجني عليه تعد مع ذلك هتكاً لعرضه، ولكن المحكمة لم تحدد المعيار التكميلي الذي تأخذ به في تحديد هذا النوع الثاني من الأفعال.
خروج القضاء على معيار العورة : لم تقف محكمة النقض كما قدمنا عند معيار العورة، بل أعطت هتك العرض نطاقاً أوسع مما يقرره هذا المعيار : فاعتبرت المتهم الذي أمسك بيد المجني عليها ووضعها علی عضوه التناسلي مسئولاً عن هتك عرض، واعتبرت هذه الجريمة متحققة كذلك بفعل من التصق بالمجني عليها أثناء جلوسها بسيارة الأتوبيس وأخرج عضوه وحكه في كتفها وأمني على ملابسها وقد وقع الفعل في الحالة الأولى على اليد، وهي ليست عورة ، ووقع في الحالة الثانية على الكتف، وهي وان كانت عورة في جسم المرأة، إلا أن معنى العورة فيها أقل وضوحاً منه في أجزاء أخرى من جسمها، وليست الكتف عورة في جسم الرجل، ومع ذلك فإن تكييف الواقعة ما كان ليتغير لو كان المجني عليه رجلاً، وقد سبق لمحكمة النقض أن رأت في وضع المتهم عضوه التناسلي في فم المجني عليه هتكاً لعرضه.
نقد معيارالعورة : على الرغم من أن هذا المعيار يؤدي في غالب الأحوال إلى نتائج مقبولة، وخاصة حين يقع الفعل على عورة في جسم المجني عليه، إذ يتعين اعتباره هتكاً لعرضه، فإن هذا المعيار موضع للنقد، فهو في ذاته يتطلب ضابطاً، فما المعيار في تحديد ما يعتبر من الجسم عورة : ثمة معايير عديدة في هذا الشأن ، ويتردد الرأي في ترجيح أحدها :
لدينا في المقام الأول المعنى الشرعى للعورة، ووفقاً له يعد جسم المرأة كله عورة عدا وجهها ويديها في حين تنحصر العورة في جسم الرجل فيما بين السرة والركبتين ولكن هذا المعنى صار غير متفق مع عرف المجتمع المصري الحديث، إذ يكشف الناس - وخاصة النساء - عن أجزاء من أجسامهم تعد عورة وفقاً لهذا المعنى دون أن يخطر في أذهانهم أن فی ذلك ما يمس حياءهم، مما يعني أنهم لا يعتبرونها عورة، إذ أن جوهر فكرة العورة أنها جزء من الجسم يحرص صاحبه على حجبه عن الأنظار ويعتبر في اطلاع شخص عليه مساساً جسيما بحيائه، وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا المعيار يجعل معنى العورة في جسم المرأة مختلفاً عنه في جسم الرجل، مما يجعل تكييف الفعل الواحد مختلفاً باختلاف ما إذا كان المجني عليه رجلاً أو امرأة، ويقود هذا المعيار إلى اعتبار أفعال يسيرة في إخلالها بالحياء من قبيل هتك العرض كتربيت شخص على شعر امرأة، وفي النهاية فإن المعنى الشرعي للعورة فقد صيغ ليستهدف أغراضاً مختلفة عن تحديد أركان هذه الجريمة.
ويبدو أن محكمة النقض لا تأخذ بهذا المعنى، وإنما تأخذ بمدلول عرفي للعورة، ولكن الأخذ بهذا المعنى لن يحسم الصعوبات : فليس للعورة مدلول عرفي واحد، وإنما لها مدلولات عديدة تتباين فيما بينها أشد التباين، فلها مدلول في الريف يختلف عن مدلولها في المدينة، ولها على شاطئ البحر أثناء موسم الاصطياف مدلول يختلف عن مدلولها في داخل المدينة أو على شاطئ البحر في غير موسم الاصطياف، ولها في مصر مدلول يختلف عن مدلولها في بلد آخر، ومن بين هذه المدلولات المتباينة يثور التساؤل حول أيها الأجدر بالترجيح؟
وإذا كانت معاني العورة على هذا النحو مختلفة، فيخشى أن تتنوع المعايير التي يأخذ بها القضاء ويختلف حظ المتهم باختلاف المعيار الذي يفضله قاضيه، وحين تختلف بيئتا المتهم والمجني عليه، فإن التساؤل يثور حول تحديد معيار البيئة الذي يكون له الرجحان، وإذا قيل بوجوب الأخذ بالمعيار العصري للعورة بحيث لا تعد كذلك أجزاء الجسم التي جرى العرف على كشفها، فإنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى تضييق في نطاق هتك العرض، وقد سبق أن اعترفت بذلك محكمة النقض فاعتبرت من قبيل هتك العرض أفعالاً تنال من جسم المجني عليه أجزاء لا تعد عورة فيه.
تقدير جسامة الإخلال بالحياء : لا نرى من الملائم وضع معيار شكلي يحدد جسامة الإخلال بالحياء باشتراط وقوع الفعل على جزء معين من جسم المجني عليه، وإنما نرى أن يترك الأمر لتقدير قاضى الموضوع کی يحدد - مستعيناً بجميع الظروف التي ارتكب فيها الفعل - ما إذا كانت درجة إخلاله بالحياء جسيمة فترقی به إلى أن يكون هتك عرض أم يسيرة فتبقيه فعلاً فاضحاً، وللقاضي أن يسترشد بمعيار العورة دون أن يكون ملزماً به : فله أن يعتبر الفعل الماس بالعورة هتك عرض لا لمساسه بالعورة، ولكن لأن مساسه بها يجعل إخلاله بحياء المجني عليه جسيماً، ونعتقد أن الفعل الذي يمس عورة في جسم المجني عليه تقوم به في الغالب جريمة هتك العرض، فإذا ما صادفنا صعوبة تحديد مدلول العورة فنحن نرى الأخذ بمدلولها العرفي، وهذا المدلول في تقديرنا هو دلالتها في البيئة التي ارتكب فيها الفعل بصرف النظر عن البيئة التي ينتمي إليها الجاني أو ينتمي إليها المجني عليه، والضابط في تحديد العورة وفق هذا المدلول أنها أجزاء الجسم التي جرى عرف الشخص المعتاد في هذه البيئة على حجبها عن اطلاع الغير، ولا عبرة في ذلك بعرف شخص متزمت أو شخص منحل : فالأجزاء التي جرى العرف العام على كشفها لا تعد عورة ولو كان شخص متزمت يحرص على سترها، والأجزاء التي جرى العرف العام على حجبها تعد عورة ولو كان شخص منحل لا يجد حرجاً في كشفها.
وإلى جانب ذلك فثمة إرشاد آخر لتقدير جسامة الفعل : فإذا استعمل الجاني عضواً في جسمه يعتبر عورة فمس عن طريقه أي جزء في جسم المجني عليه ولو لم يكن في ذاته عورة فيجب أن يعتبر الفعل هتك عرض، ذلك أن كشف الجاني عن عورته و إنشاءه صلة مادية بينها وبين جسم المجني عليه هو - حسب أي مقياس اجتماعی - مساس جسيم بحيائه، وتطبيقاً لذلك كان وضع الجاني عضوه التناسلي في يد المجنى عليه او فمه أو أي جزء في جسمه هتكاً لعرضه.
ولكنا نرى أنه إذا قدر القاضي أن إخلال الفعل بحياء المجنى عليه جسيم فله أن يعتبره هتك عرض ولو ارتكب على جزء من جسمه لا يعد عورة واستعمل الجاني في ارتكابه عضواً في جسمه لا يعد كذلك عورة، وعلى سبيل المثال فإنه إذا كان القضاء قد استقر على أن مجرد تقبيل امرأة لا يعتبر هتكاً لعرضها، فإن هذا الفعل إذا اقترن بظروف تزيد من درجة جسامة إخلاله بالحياء يعتبر هتك عرض ولو كان موضعه من جسم المجني عليها جزءاً لا يعتبر عورة لأن العرف جرى بكشفه، مثال ذلك تقبيلها في رقبتها أو أعلى صدرها أو فمها إذا تميز ذلك بجسامة خاصة، كما لو طالت مدة التقبيل، والظروف التي يجوز للقاضي أن يعتد بها في تحديد مدى جسامة إخلال الفعل بالحياء عديدة، وتكاد تكون غير قابلة للحصر ، فهی جميع الظروف التي تسهم - حسب رأي القاضي - في تحديد نصيب الفعل من الجسامة، ومن هذه الظروف : جنس الجاني والمجنى عليه ونوع العلاقة بينهما والزمن والمكان اللذين ارتكب فيهما والوقت الذي استغرقه ارتكابه وتكراره ورضاء المجني عليه به.
هتك العرض بالقوة أو التهديد
تمهيد: نص الشارع على هذه الجريمة في المادة 268 من قانون العقوبات في قوله «كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالسجن المشدد، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة 267 تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذا الظرفان معاً يحكم بالسجن المؤبد»، ويتضح من هذا النص أن لهذه الجريمة صورة بسيطة ولها بعد ذلك صور مشددة ، ونرى أن نعرض أولاً لصورتها البسيطة ثم صورها المشددة.
هتك العرض بالقوة أو بالتهديد في صورته البسيطة
أركان هتك العرض بالقوة أو التهديد: تقوم هذه الجريمة على رکن مادي هو الفعل المخل بالحياء على نحو جسيم، وتطلب بالإضافة إليه ركنين : القوة أو التهديد والقصد الجنائي، وقد سلفت دراسة الركن الأول . لذلك نقتصر على الركنين الأخيرين .
القوة أو التهديد، لفظ « القوة » ينصرف إلى الإكراه المادي، ولفظ التهديد « يعني الإكراه المعنوي ، ولكن نطاق الجريمة في إجماع الفقه والقضاء لا يقتصر على حالتي الإكراه المادي والمعنوي، وإنما يتسع لجميع الحالات التي يرتكب فيها الفعل دون رضاء صحيح من المجنى عليه، ويتسق هذا التوسع مع علة التجريم، فهي حماية الحرية الجنسية للمجني عليه، وهذه الحرية تهدر في جميع الحالات التي لا يثبت فيها الرضاء بالفعل، ويعني ذلك أن يكون التعبيري القوة والتهديد ذات دلالة عدم الرضاء الذي اعتبر ركناً في الاغتصاب، ويبرر ذلك أن الجريمتين تنالان بالاعتداء حقاً واحداً، وقد قالت محكمة النقض تعبيراً عن ذلك لا يشترط قانوناً في هتك العرض بالقوة استعمال القوة المادية، بل يكفي إتيان الفعل الماس أو الخادش للحياء العرضي للمجني عليه بدون رضائه.
ونصنف الحالات التي يتحقق فيها هذا الركن على النحو التالي : الإكراه ، عدم تمييز المجني عليه، ارتكاب الفعل عن طريق التدليس ، عجز المجني عليه عن التعبير عن إرادته.
شرط القوة أو التهديد : يشترط في القوة أو التهديد کي يقوم به ركن هذه الجريمة أن يكون من شأنه إعدام رضاء المجنى عليه بالفعل، فليست العبرة به في ذاته ، ولكن بما يترتب عليه من أثر على إرادة المجني عليه، والدليل على ذلك أن الجريمة تقوم إذا ثبت انعدام رضائه بالفعل لسبب آخر غير القوة أو التهديد، وتطبيقاً لذلك فإنه إذا استعمل الجاني الإكراه فعلاً، ولكن ثبت أن المجني عليه كان راضياً بالفعل وتحقق أنه كان يقبله ولو لم يستعمل الإكراه فإن هذا الركن لا يعتبر متوافراً.
وإذا تعددت الأفعال المخلة بالحياء التي ارتكبها المتهم على جسم المجني عليه فإن جرائم هتك العرض لا تتعدد بذلك، وإنما تقوم بها جريمة واحدة متتابعة الأفعال باعتبارها استهدفت غرضاً واحداً ووقعت اعتداء على حق واحد، ولكن هل يعني ذلك أن رضاء المجنى عليه بأحد هذه الأفعال يعتبر بالضرورة رضاء عن سائرها ؟ ذهبت إلى ذلك محكمة النقض، فقالت إذا كان هتك العرض قد وقع بسلسلة أفعال متتالية، وكان وقوع أولها مباغتة ولكن المجني عليه سكت ولم يعترض على الأفعال التالية التي وقعت عليه فإن ذلك ينسحب على الفعل الأول فيجعله أيضاً حاصلاً بالرضاء وتكون الواقعة لا عقاب عليها، وقالت في عبارة عامة إن عدم تجزئة الواقعة لا يمكن القول معه بأن المجني عليه لم يكن راضياً بجزء منها وراضياً بجزء آخر، ولكننا نرى أن المبدأ الذي قررته المحكمة مطلق، وهو لذلك غير صحيح دائماً، وكل ما يمكن القول به أنه إذا ثبت رضاء المجنى عليه عن الفعل الأول من هذه الأفعال افترض رضاؤه عن الأفعال التالية، ولكن لا يجوز أن يكون هذا الافتراض مطلقاً، فمن الجائز إثبات عدم رضائه عن هذه الأخيرة، ويتصور ذلك إذا كانت مختلفة في جسامتها، فمن الجائز أن يرضى بالفعل الأول اليسير، ويعترض على فعل تال أشد جسامة يريد المتهم ارتكابه، وإذا ثبت أن الفعل الأول ارتكب بغير رضا، كما لو وقع مباغتة قامت المسئولية عنه ، فلا يجوز أن ينهيها ارتكاب أفعال تالية تحقق الرضاء بها، إذ لا يعرف القانون سبباً من هذا القبيل لإنهاء المسئولية، ولكن يجوز القول بأن الرضاء بالفعل الثاني يقيم قرينة على الرضاء بالفعل الأول، وهذه القرينة قابلة لإثبات العكس.
القصد الجنائي في جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد : هذه الجريمة عمدية دائماً ، فلا يعرف القانون جريمة هتك عرض غير عمدية، ويتلازم القصد مع الفعل غالباً: فنادراً ما يتصور ارتكاب الفعل الإرادي المخل بالحياء مقترناً بالفعل المعدم لرضاء المجني عليه دون أن يكونا صادرين عن قصد، ولذلك يكفي أن تثبت النيابة العامة ارتكاب الفعل حتى يفترض توافر القصد، ولكنه افتراض قابل لإثبات العكس.
ويقوم القصد على العلم والإرادة : فيتعين أن يعلم الجاني بصفة فعله من حيث كونه مخلاً بحياء المجني عليه على نحو جسيم، وأن يعلم بصفته غير المشروعة، وبأن المجني عليه غير راض عنه، ويتعين ثبوت اتجاه الإرادة إلى ارتكاب الفعل بصفاته السابقة.
وينتفي القصد إذا جهل المتهم صفة الإخلال بالحياء في فعله ، كمن يحرك يده في مكان مزدحم بالناس فتنال جزءاً في جسم شخص على نحو يخل بحيائه، وينتفي القصد إذا اعتقد الجاني أن فعله مشروع، كمن يأتي فعله على من يربطه بها زواج باطل أو فاسد جاهلاً سبب بطلانه أو فساده، والزوج يأتي على زوجته فعلاً يجاوز به حقوقه عليها جاهلاً ذلك، وينتفي القصد إذا اعتقد المتهم رضاء المجني عليه عن فعله ، كما لو اعتقد أن المقاومة التي يبديها غير جدية.
وينتفي القصد كذلك إذا لم يثبت اتجاه إرادة المتهم إلى الفعل الذي تقوم به الجريمة، فإذا شارك المتهم شخصاً آخر فراشه ثم تقلب نحوه وهو (أي المتهم) نائم حتى لامس بعض عوراته فلا ينسب إليه القصد، وإذا اتجهت إرادته إلى فعل غير مخل بالحياء فإذا به ينال جسم المجني عليه في صورة تخل بحيائه فإن القصد لا يتوافر لديه، مثال ذلك أن يتشاجر شخص مع امرأة بتعمد ضربها في مكان لا يعد عورة في جسمها، فإذا بيده تصيب عورة فيه، أو يترتب على ضربها تمزيق ملابسها فتتكشف عوراتها، وإذا اتجهت إرادة المتهم إلى فعل مخل بالحياء على نحو يسير، فإذا به يؤدي إلى المساس بحياء المجني عليه نحو جسيم فلا يعد القصد المتطلب في هتك العرض متوافراً لديه، مثال ذلك أن يمسك شخص بيد امرأة أو يحاول تقبيلها فإذا بيده تنال - لحركة مفاجئة منها - جزءاً في جسمها يعد عورة، وإنما تقتصر مسئوليته على جريمة الفعل الفاضح، إذ قد توافر لديه القصد المتطلب فيه، على أنه إذا توقع هذا التطور في آثار فعله فقبله توافر لديه القصد الاحتمالي في هتك العرض.
ويخضع القصد الجنائي في هتك العرض للقاعدة العامة القاضية بأنه لا عبرة بالبواعث في تحديد عناصره، وفي الغالب يكون الباعث هو إشباع شهوة، ولكن يتوافر القصد إذا استهدف المتهم غاية سوى ذلك كالانتقام أو الإثراء أو الفضول.
الشروع في هتك العرض بالقوة أو بالتهديد : نص الشارع صراحة على تجريم الشروع في هتك العرض بالقوة أو التهديد وجعل عقوبته معادلة عقوبة الجريمة التامة (المادة 268 من قانون العقوبات)، وليست أهمية هذا النص في إقرار مبدأ العقاب على الشروع، فالجريمة جناية، ومن ثم يعاقب على الشروع فيها بغير نص خاص، ولكن أهميته في جعل عقوبة الشروع معادلة عقوبة الجريمة التامة في حين كانت القواعد العامة تجعلها أقل من ذلك.
أسباب الإباحة وموانع المسئولية في هتك العرض بالقوة أو التهديد : تطبق على هذه الجريمة أسباب الإباحة وموانع المسئولية وفقاً للقواعد العامة، ولا تبرز أهمية ممارسة العمل الطبي كسبب للإباحة في هذه الجريمة، إذ الفرض أن هذا العمل يؤتى بالرضاء، ولذلك كانت أهميته في صدد جريمة هتك العرض دون قوة أو تهديد، ولكن يتصور أن يبيح الدفاع الشرعي هتك العرض بالقوة أو التهديد كما إذا لم يجد المعتدى عليه وسيلة لدرء خطر المعتدي غير أن يمزق ملابسه ولا يتصور أن يعتبر استعمال السلطة سبباً لإباحة هذه الجريمة، ولا يتصور أن يعد الرضاء سبب إباحة، لأن توافره یعنی فقد الجريمة أحد أركانها.
وقد تتوافر شروط حالة الضرورة بصدد هذه الجريمة، وأهم تطبيق لذلك أن يجري غير طبيب أو أن يجري طبيب دون رضاء المريض عملاً يقتضيه إنقاذ حياته أو صحته من خطر جسيم حال، وقد يتوافر الإكراه في هذه الجريمة، كما لو أرغم شخص آخر على أن يأتي الفعل المخل بالحياء على جسم الغير (أو على جسم من يصدر عنه الإكراه) وتنسب الجريمة في هذا الفرض إلى من صدر عنه الإكراه.
عقوبة هتك العرض بالقوة أو التهديد : حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة فجعلها السجن المشدد، ومن بين الاعتبارات التي يستعين بها القاضي في استعماله سلطته التقديرية، بين الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة، درجة فحش الفعل الذي صدر عن المتهم ومقدار جسامة العنف أو التهديد الذي استعان به، وله أن يعتبر سمعة المجني عليه الطيبة سبباً لتشديد العقوبة في حدود سلطته التقديرية، وله أن يعتبر زواج الجاني بالمجني عليها سبباً للهبوط بالعقوبة في الحدود ذاتها، ويجوز للقاضي تطبيق الظروف المخففة وفقاً للقواعد العامة.
هتك العرض بالقوة أو التهديد في صورة المشددة
بيان الظروف المشددة في جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد : حدد الشارع هذه الظروف في الفقرة الثانية من المادة 268 من قانون العقوبات، فنص على ظرفين : صغر السن وكون الجاني «من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم عليه سلطة أو خادماً بالأجرة عنده أو عند من تقدم ذكرهم» ويترتب على كل من هذين الظرفين ذات القدر من التشديد، وينص الشارع بعد ذلك على مزيد من التشديد إذا اجتمع هذان الظرفان.
صغر سن المجني عليه : يشدد الشارع العقاب إذا كان المجني عليه «لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة»، وقوام هذا الظرف عنصر وحید، هو سن المجني عليه ،وكونه دون الثامنة عشرة من عمره، وعلة التشديد هي ضعف المجني عليه الراجع إلى صغر سنه، سواء في ذلك الضعف البدني الذي يحول بينه وبين مقاومة أفعال العنف والتغلب عليها أو الضعف المعنوي الذي يجعله يتأثر بالإكراه المعنوي أو يجبن ابتداء عن مجرد التفكير في المقاومة، ومن ناحية ثانية ، فالجاني يستغل مجنياً عليه ضعيفاً، فيرتكب جريمة سهلة، ويعبر عن خطورة شخصيته ، إذ لم يتردد في استغلال إجرامي لإحدى صور الضعف الإنساني .
والعبرة في تحديد سن المجني عليه هي بوقت ارتكاب الجريمة، ويفترض علم المتهم بحقيقة سن المجني عليه «ولو كانت مخالفة لما قدره أو قدره غيره من رجال الفن اعتماداً على مظهر المجني عليه وحالة نمو جسمه أو على أي سبب آخر، ولا يقبل من المتهم الدفع بجهله هذه السن إلا إذا اعتذر عن ذلك بظروف قهرية أو استثنائية، ويؤخذ بالتقويم الميلادي في حساب سن المجني عليه، وإذا وجدت شهادة ميلاد تثبت سن المجني عليه التزم القاضي بالأخذ بها، ما لم يطعن المتهم بتزويرها وإذا لم توجد هذه الشهادة ساغ للقاضي أن يعتمد على أية ورقة رسمية، أخرى كإفادة من المدرسة التي التحق بها المجني عليه، خاصة وأن هذه الورقة تحدد بالرجوع إلى شهادة الميلاد، وإذا لم توجد أية ورقة رسمية حدد القاضي سن المجني عليه بنفسه أو مستعيناً بالخبير المختص.
والتشديد الذي يترتب على توافر هذا الظرف هو أن تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، وهذا التشديد وجوبي.
صفة الجاني : هذا الظرف هو بذاته الظرف المشدد العقوبة الاغتصاب : وللصفات التي يقوم بها ذات دلالة الصفات التي يقوم بها الظرف المشدد للاغتصاب، وللتشديد في الجريمتين ذات العلة، فيتوافر هذا الظرف إذا كان الجاني مدرساً للمجني عليه، وسواء أن يكون مدرساً في معهد حكومي أو في مدرسة خاصة أو مدرساً خاصاً له ، وسواء أن يحمل مؤهلاً للتدريس أو ألا يحمل، ويتحقق الظرف المشدد إذا كان الجاني والمجني عليه خادمين لدى مخدوم واحد، إذ يصدق على الجاني أنه خادم عند من له على المجنى عليه سلطة.
والتشديد الذي يترتب على توافر هذا الظرف هو بذاته التشديد المترتب على توافر الظرف السابق.
اجتماع الظرفين المشددين : إذا اجتمع الظرفان السابقان : فكان المجني عليه دون الثامنة عشرة وكانت للجاني إحدى الصفات السابقة «يحكم بالسجن المؤبد»، وهذا التشديد وجوبي.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة: 623)
يمكن تعريف هتك العرض بأنه فعل مخل بالحياء يقع على جسم مجني عليه معين ويكون على درجة من الفحش إلى حد مساسه بعورات المجني عليه التي لايدخر وسعاً في صونها وحجبها عن الناس أو إلى حد اتخاذ المجنى عليه أداء للعبث به في المساس بعورات الجاني أو الغير.
والذي يميز هتك العرض عن جريمة الاغتصاب أن الاغتصاب لايقع إلا على أنثى أما هتك العرض فيقع على أي إنسان ذكرا كان أو أنثى وشرط الاغتصاب أن يكون قد حصل الوقاع أما هتك العرض فلا يشترط فيه ذلك بل يشمل ما دون الوقاع من الأفعال المنافية للآداب فإن حصل الوقاع في المحل المعد له وكانت المجني عليها أنثى فالفعل اغتصاب وإلا فهو هتك عرض وعلى هذا يدخل في هتك العرض الفسق بالأنثى في غير المحل المعد لذلك والفسق بالذكور وكل فعل دون الوقاع يقع على أي إنسان ذكراً كان أو أنثى.
أركان الجريمة :
(أ) الركن المادي :
يتحقق الركن المادي في جريمة هتك العرض بقيام الجاني بالكشف عن عورة المجنى عليه أو ملامستها، والمرجع في اعتبار ما يعتبر من جسم الإنسان عورة وما لايعد كذلك إنما يكون العرف الجاري وأحوال البيئات الاجتماعية التي يعيش فيها المجنى عليه.
ولا يشترط في القانون للقول بوقوع جريمة هتك عرض أن تتم ملامسة الجاني لعورة المجنى عليه ذاتها إذ يكفي لتوافر الركن المادي ملامستها وعليها من الملابس أو غيرها ما عليها إذ يكفي لهتك العرض الكشف عن العورة أو ملامستها أو الأمرين معاً من باب أولى ويقع هتك العرض أيضاً حتى ولو تمت الملامسة أو الكشف عن العورة على من لا يصون عرضه وعلى ذلك فالكشف عن عورة عاهرة يعد من قبيل هتك العرض إذا حصل بغير رضاها.
استعمال القوة أو التهديد :
لا يشير ركن القوة والتهديد إلى وجوب حصر أفعال القوة المادية أو الإكراه المادي والتهديد أي الإكراه المعنوي بل أن الفقه يذهب إلى توسيع دائرة القوة والتهديد في هذه الجريمة لتصل إلى الحد الذي ينعدم به رضاء المجنى عليه تماما كما هو الحال في جريمة الاغتصاب فأي فعل يصدر عن الجاني يؤدى إلى عدم رضاء المجني عليه بالفعل يدخل تحت دائرة التجريم.
ويقصد بلفظ القوة - الإكراه المادي أي إثبات أفعال مادية لمنع مقاومة المجني عليه وسلب إرادته منها كما يقصد بالتهديد من ناحية أخرى الإكراه المعنوي أو الإكراه الأدبي وصورة هذا الإكراه من يصوب مسدساً إلى المجني عليه ويهدده بإطلاق النار عليه إن لم يخلع سرواله أو التهديد بإفشاء سر يحرص عليه وعلى إخفائه أو التهديد بإلحاق شر جسيم بالمجنى عليه أو شخص عزيز عليه ويشترط في الوسيلة المتخذة في الإكراه المعنوي أو التهديد أن يكون لها أثر جدي في نفس المجني عليه بحيث ينعدم رضائه.
(ب) الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) :
يتحقق هذا الركن بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل المخدش للحياء العرضي للمجني عليه ونتيجته ولا عبرة بما يكون قد دفع المتهم إلى جريمته كإرضاء لشهوته الجنائية فيصح العقاب ولو كان الجاني عنيناً أو لم يقصد من الجريمة سوى الانتقام من المجني عليه أو ذاویه، ولا يتحقق هذا الركن إذا ما حدث الفعل عرضاً دون قصد من الجاني مثال من تطاولت يداه إلى ملابس أخر يتشاجر معه فتمزقت وكشفت عن عورته ومن لامست يده عورة آخر في إحدى وسائل النقل المزدحمة دون أن يكون ذلك الاعتداء وخدش عاطفة الحياء العرضي من ناحية المساس بعوراته.
ولايعد فعل الأطباء إخلال بالحياء العرضي طالما أن هذه الأفعال لم تتطاول في جسم المريض إلى ما جاوز ضرورة الكشف أو العلاج.
الشروع في هتك العرض :
يسوى القانون في العقاب بين هتك العرض وبين مجرد الشروع فيه المادة 268 عقوبات) وهذه التسوية لا يصح تحمل إلا على أساس أن المشرع قصد أحكام الحماية الجنائية للعرض ولذلك شدد العقاب على مجرد البدء في الاعتداء عليه وجعله مساوياً في تكوين الجريمة للتنفيذ التام خروجاً على القاعدة العامة ولكن ذلك لايمنع من أن نصادف في ضوء المذهب الشخصي المطبق في تحديد البدء في التنفيذ حالات تتميز عن الفعل التام ومن ذلك استخدام القوة أو التهديد بنية هتك العرض ولكن الجاني لايتوصل من ذلك إلى مقصده لسبب لادخل لإرادته فيه وهذه الصورة من الشروع لاتتحقق إلا في هتك العرض بالقوة أو بالتهديد أو ما إليه ومن الجائز أن يتحقق بفعل مخل بالحياء لا يبلغ من الجسامة حد اعتباره هتك عرض ويكون مقصد الجاني في ارتكاب هتك العرض ذاته واضحاً ولكنه يمنع من إتمام غرضه لسبب خارج عن إرادته كقدوم أحد الأشخاص بالمصادفة أو لمقاومة المجني عليه واستغاثته وهذه صورة تتحقق في هتك العرض بالقوة وما إليها أو بدون ذلك.
ومن البديهي أن تحديد الشروع يكون وفقاً للقواعد العامة في المادة 45 عقوبات غير أن التسوية بينه وبين تحقق الجريمة تامة بارتكاب أحد أعمال الفحش تعني أن القانون قد جعله مكوناً لذات الجريمة وبالتالي فإن عدول الجاني عن إتمام ما شرع فيه لا يمحو جريمته ولا يحول دون عقابه.
الظروف المشددة :
يستفاد من نص الفقرة الثانية من المادة 268 عقوبات أن هناك نوعان من الظروف المشددة هما سن المجني عليه وصفة الجاني.
أولاً : سن المجني عليه :
شدد المشرع العقوبة فأجاز إبلاغها إلى أقصى الحد المقرر للسجن المشدد وهي خمسة عشر عاماً إذا كان سن المجني عليه لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة وعلة التشديد تقوم في استغلال الجاني لضعف المجني عليه وسهولة ارتكاب الجريمة بأي قدر من القوة والعبرة السن في جريمة هتك العرض هي بالسن الحقيقية للمجنى عليه ولو كانت مخالفة لما قدره الجاني أو قدره غيره من رجال الفن اعتماداً على مظهر المجني عليه وحالة نمو جسمه أو على أي سبب آخر والقانون يفترض في الجاني أنه وقت مقارفته الجريمة على من هو دون السن المحددة في القانون يعلم بسنه الحقيقي.
ذلك بأن كل من يقدم على مقارفة فعل من الأفعال الشائنة في ذاتها أو التي تؤثمها قواعد الأداب وحسن الأخلاق يجب عليه أن يتحرى بكل الوسائل الممكنة حقيقة جميع الظروف المحيطة به قبل أن يقدم على فعلته فإذا هو أخطأ التقدير حق عليه العقاب عن الجريمة التي تتكون منها ما لم يقم الدليل على أنه لم يكن في مقدوره بحال أن يقف على الحقيقة.
ثانياً : صفة الجاني :
شدد المشرع عقوبة هتك العرض بالقوة أو التهديد إذا كان الجاني ممن ذكرتهم الفقرة الثانية من المادة 267 عقوبات بأن يكون الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالأجرة عند من تقدم ذكرهم وقد ذكر المشرع الظروف السابقة على سبيل الحصر فلا يجوز القياس عليها فإذا توافر أي منها كان ذلك سبباً لتشديد العقاب بإبلاغه إلى الحد الأقصى للسجن المشدد وهو خمسة عشر عاماً أما إذا اجتمعا ظروفاً صغر السن والظروف الخاص بصفة الجاني فإن المشرع شدد العقاب بإبلاغه إلى السجن المؤبد.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الثالث، الصفحة : 612)
الركن المادي :
فعل مخل بالحياء العرضي للمجني عليه يستطيل إلى جسمه :
المساس بالحياء العرضي بالمجني عليه في هتك العرض يلزم أن يتم بفعل يستطيل إلى جسمه، وعلى ذلك فإنه إذا كان الثابت أن ما باشره الجاني من أفعال قد جاءت قاصرة على جسمه هو (أي جسم الجاني) دون أن تمتد إلى جسم المجني عليه، عن طريق حاسة البصر أو السمع، فلا يسأل عن هتك عرض من يكشف عن عضوه التناسلي لشخص آخر، أو يكرهه على رؤيته وهو يمارس الجنس مع غيره، وإن كان الجاني يسأل في هذه الأحوال عن جريمة الفعل الفاضح.
المساس الجسيم بالحياء العرضي ( معيار العورة):
لا قيام لجريمة هتك العرض ما لم يكن فعل الجاني الذي استطال إلى جسم المجني عليه قد بلغ درجة من الفحش يمكنه أن يوصف معها بأنه قد مس بالحياء العرضي للمجني عليه وكان مساسه به على قدر من الجسامة، فالمساس اليسير بالحياء العرضي لا يوفر به هتك العرض وإن جاز أن يشكل جريمة الفعل الفاضح.
وفي محاولة منها لوضع ضابط لماهية المساس الجسيم بالحياء العرضى الذي يميز هتك العرض عن جريمة الفعل الفاضح في الأحوال التي ترتكب فيها هذه الأخيرة بأفعال تستطيل إلى جسم المجني عليه - فقد تبنت محكمة النقض معيار " العورة " إذ جرى قضاؤها على أنه " يتحقق الركن المادي في جريمة هتك العرض بوقوع أي فعل مخل بالحياء العرضي بالمجني عليه ويستطيل إلى الجسم ويقع على عورة من عوراته ويخدش عاطفة الحياء عنده من هذه الناحية، وعلى ذلك فأنه إذا كان الفعل الذي أتاه الجاني - وعلى ما تبين مما جرى عليه قضاء النقض - لا يعد جسيماً في معنى المساس بالحياء العرضي للمجني عليه، ومن ثم لا تقوم به جريمة هتك العرض وإن جاز أن يتحقق به الفعل الفاضح.
ويقصد بعورات الجسم الأجزاء الداخلة في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري والتي لا يجوز العبث بحريتها ويحرص الفرد على صونها وحجبها عن الأنظار، والمرجع في تحديد ما يعد من العورات وما لا يعد كذلك إلى العرف الاجتماعي السائد في البيئة التي ارتكب فيها الفعل، وقد اعتبر قضاء النقض أن كل عورة يشكل المساس بها إخلاء جسيماً بالحياء العرض بالمجني عليه بما تقوم به جريمة هتك العرض، ومن أمثلة ذلك:
(1) وضع الجاني إصبعه في دبر المجنى عليه.
(2) وضع الجاني يده على إلية المجني عليه واحتضانه ووضع قلبه في يده.
(3) قرص المجنى عليها في عجزها أو في فخذها.
(4) استلقاء المتهم فوق المجني عليها بعد أن طرحها أرضاً.
بينما لا يعتبر مساساً بعورة، مما لا تقوم به جريمة هتك العرض التامة، مجرد التحسيس على شعر الفتاة أو التقبيل من الوجنتين، أو الإمساك باليد وتقبيلها أو ملامسة القدم حتى ولو كانت هذه الأفعال قد ارتكبت بدافع من الشهوة الجنسية.
وتبنى محكمة النقض لمعيار العورة كضابط لما يعد مساساً جسيماً بالحياء العرضي للمجني عليه، بما يقوم به الركن المادي في هتك العرض، لا يعني وجوب ملامسة الجاني لعورة المجنى عليه ملامسة مخلة بالحياء وإنما يكفي أن يكون الجاني قد كشف عن هذه العورة ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش، فالجريمة تتوافر بالكشف عن عورة الغير أو ملامستها دون كشف عنها أو بالأمرين معاً.
وعلى ذلك يعد هتكاً للعرض مجرد قيام الجاني بخلع سروال المجني عليها والكشف عن عورتها ولو لم يأتي بأي فعل آخر يأكل مساساً بها، وإجبار الجاني المجني عليهم بخلع ملابسهم بما كشف عن عوراتهم ولو لم يكن قاصداً المساس بأجسامهم بل قصد مجرد تعذيبهم بتعريضهم للبرد، وكذلك قيام الجاني بتمزيق ملابس المجني عليها بما يكشف عن ثديها ولو لم يلامسها.
الإخلال الجسيم بالحياء العرضي دون مساس بالعورة:
ظاهر مما تقدم أن قضاء النقض قد جرى على الأخذ بمعيار العورة كضابط لما يعد مساساً جسيماً بالحياء العرضي للمجني عليه بما يتحقق به الركن المادي في جريمة هتك العرض.
إلا أنه قد تبين للمحكمة أن الإقتصار على الأخذ بهذا المعيار يؤدي إلى إخراج أفعال من دائرة هتك العرض على الرغم من بلوغها درجة من الفحش تنطوي لا محالة على إخلال جسيم بالحياء العرضي ولو أنها لا تمس ما يعد من العورات في جسم المجنى عليه، وقد حدا هذا بالمحكمة إلى أن تقرر أنها لم ترد بمعيار العورة حصر الحالات التي يصح أن تندرج تحت جريمة هتك العرض والقول بأن ما عداها خارج تماماً عن الجريمة المذكورة وإنما هو مبدأ جنائي تناولت فيه المحكمة جريمة هتك العرض من ناحيتها الأكثر وقوعاً، تلك الناحية التي يقع فيها المساس بجزء من جسم المجني عليه يدخل عرفة في حكم العورات وقطعت المحكمة بأن مثل هذا المساس يجب حتماً وفي كل الأحوال أن يعد من قبيل هتك العرض لما فيه من الإخلال بحياء المجني عليه العرضي، وظاهر أن هذا لا يفيد أن أفعال هتك العرض محصوراً في هذه الناحية أو أن الجريمة لا يتصور وقوعها إلا على هذا النحو، بل قد يتصور العقل في أحوال قد تكون في ذاتها نادرة أو قليلة الوقوع إن كان الإخلال بحياء المجني عليه العرضي بأفعال لا تصيب من جسمه موضعاً يعد عورة ولا يجوز مع ذلك التردد في اعتبارها من قبيل هتك العرض نظراً لمبلغ ما يصاحبها من فحش، ولأنها من ناحية أخرى أصابت جسم المجني عليه فخدشت حيائه العرضي وإن لم يقع المساس فيها بشيء من عوراته، كما لو وضع الجاني عضوه التناسلي في يد المجني عليه أو في فمه أو في جزء أخر من جسمه لا يعد عورة، فهذه الأفعال ونظائرها لا يمكن أن يشك في أنها من قبيل هتك العرض وكل ذلك مما ينبغي أن يبقى خاصاً لتقدير المحكمة، إذ من المتعذر إن لم يكن من المستحيل حصره في نطاق واحد وإخضاعه لقاعدة واحدة.
وهكذا تكون محكمة النقض – وقد تبين لها قصور معیار العورة وعجزه عن شمول كافة صور أفعال الفحش الماسة بالحياء العرضي - قد أفسحت المجال لمحكمة الموضوع في تقدير ما يعد من الأفعال ماساً بالحياء العرضي بالمجني عليه ولو لم يستطيل إلى ما يعد عورة من جسمه مع ملاحظة أن المساس بالعورة - على النحو سالف البيان - يبقى إخلالاً بالحياء العرضي في جميع أحواله وصوره دون تقدير في ذلك لمحكمة الموضوع متى انتهت إلى اعتبار الجزء من الجسم الذي مسه فعل الفحش من العورات.
ما لا يؤثر في الركن المادي في هتك العرض:
يتوفر الركن المادي في جريمة هتك العرض متى ثبت في حق الجاني إتيانه سلوكاً يمثل إخلالاً جسيماً بالحياء العرضي للمجني عليه، بالمفهوم المتقدم، دون أن ينال من ذلك أي من الاعتبارات الآتية :
(1) جنس الجاني أو المجني عليه :
خلافاً لجريمة الإغتصاب التي لا يتصور وقوعها إلا من ذكر على أنثى، فإن هتك العرض لا عبرة فيه بجنس الجاني أو المجني عليه، وكما يكون متصور حصول الفعل المخل بالحياء العرضي من رجل على أنثى، فاتحاد الجاني والمجني عليه جنساً أو اختلافهما لا أثر لهما في توافر الركن المادي أو تخلفه.
(ب) ألا تتم المباشرة الجنسية:
خلافاً لجريمة الإغتصاب كذلك فإنه لا يشترط لتوافر الركن المادي في جريمة هتك العرض قانوناً أن يتم إيلاجاً كلياً أو جزئياً، فقد بينا وقوع الجريمة من أنثى على ذكر أو من أنثى على أنثى أو من ذكر على ذكر بما يستبعد معه تصور حصول إيلاج بمفهومه الذي عرضنا لها، وحتى عندما يرتكب هتك العرض من ذكر على أنثى - حيث يكون وقوع الإيلاج متصوراً - فإن وقوع المباشرة الجنسية ليس بشرط لازم، ومن ثم فإنه لا يجدي المتهم دفعة بكونه عنيناً، فمن الممكن أن يقع هتك العرض من عنين بفرض ثبوت عنته.
(ج) ألا يترك الفعل أثراً بجسم المجنى عليه :
لا يشترط لتوافر الركن المادي قانوناً في جريمة هتك العرض أن يترك الفعل أثراً بجسم المجنى عليه، فليس بلازم ثبوت استمناء الجاني على المجني عليها أو فض غشاء بكارتها أو وجود سحجات أو آثار احتكاك أو جروح بجسم المجنى عليه أحدثها الفعل المخل بالحياء، وعلى ذلك فإنه لا يصلح دفاعاً للمتهم قوله أن ملابس المجني عليها وجسمها خاليتان تماماً من أي أثر لسائل منوي، أو أنها لا تزال بكراً أو أن التقرير الطبي قد أثبت عدم تخلف آثار من الفعل المنسوب إليه.
(د) وقوع الفعل سراً أو علانية:
ليس بلازم في الركن المادي لجريمة هتك العرض أن يتم فعل الإخلال بالحياء العرضي علانية، فالعلانية والسر سواء في هذا الخصوص، وإن كان ارتكاب الفعل بطريق العلانية تحقق به أيضاً جريمة الفعل الفاضح العلني فنكون أمام حالة تعدد معنوي للجرائم.
(هـ) ألا تقع ملامسة لعورة المجنى عليه:
أوضحنا سلفاً أنه لا يشترط لتوافر الركن المادي في هتك العرض وقوع ملامسة من الجاني بعورة من عورات المجني عليه ملامسة مخلة بالحياء، وإنما يكفي مجرد الكشف عن العورة ولو لم يصحبه ذلك أي فعل مادی آخر من أفعال الفحش.
الشروع في هتك العرض :
هتك العرض بالقوة أو بالتهديد هو من الجنايات، ومن ثم فقد كان إعمال القواعد العامة في العقاب على الشروع في الجنايات (مادة 46 عقوبات) يقضي بأنه ينزل بمن شرع في هتك العرض دون أن يتمه عقاب أخف من العقاب المقرر قانوناً للجريمة التامة، إلا أن الشارع - وعلى ما بين من نص المادة محل التعليق قد ساوى بين فعل الشروع من حيث العقاب الواجب في كلتا الحالتين.
ومساواة المشرع في العقاب بين الشروع في هتك العرض وبين تمامه لا ينبغي أن يقود إلى القول بعدم جدوى بحث ما يعد شروعاً في الجريمة، ذلك أن الفعل المادي الواحد يصح في بعض الحالات ألا يبلغ درجة الجسامة التي تسوغ عدة من قبيل هتك العرض التام، ومن ثم يكون من الجائز أن يوصف تارة بكونه شروعاً في هتك عرض (وهو من الجنايات) وتارة أخرى بكونه فعلاً فاضحاً (وهو من الجنح) وهنا تكمن القيمة الحقيقة لوضع معيار يحدد متى يعتبر الفعل شروعاً في جناية هتك عرض ومتى يعتبر جنحة فعل فاضح.
ومن أمثلة الحالات التي تدق فيها التفرقة بين الشروع في هتك العرض وبين الفعل الفاضح أن يقف نشاط الجاني عند حد ملامسة يد المجني عليها، أو جذب سروال المجني عليه عنوه بقصد خلعه وتقبيله من وجهه، أو الإمساك بملابس المجني عليها وجذبها، والمرجع في هذه الحالات وما شابهها إلى تقصي قصد الجاني من ارتكاب فعلته، فإذا كان قصده قد انصرف إلى ما وقع منه فقط فالفعل قد لا يخرج من دائرة الفعل الفاضح، أما إذا كانت تلك الأفعال قد ارتكبت بقصد التوغل في أعمال الفحش فإن ما وقع منه يعد بدء في تنفيذ جريمة هتك العرض ولو كانت هذه الأفعال في ذاتها غير منافية للآداب، لأنه لا يشترط لتحقيق الشروع - حسبما تقضي القواعد العامة أن يبدأ الفاعل تنفيذ جزء من الأعمال المكونة للركن المادي للجريمة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يأتي فعلاً سابقة على تنفيذ الركن المادي لها متى كان من شأن هذا الفعل أن يؤدي إليها حالاً وبطريق مباشر إذا و ترك وشأنه.
ركن القوة أو التهديد:
القوة أو التهديد تشمل كافة صور إنعدام الرضاء:
استلزم المشرع لقيام جناية هتك العرض المنصوص عليها في المادة محل التعليق أن يكون الفعل المخل بالحياء العرضي للمجني عليه قد وقع بالقوة أو بالتهديد.
ومفاد ذلك أن المشرع لم يقصر ركن القوة في جناية هتك العرض على القوة المادية، بل جعل من التهديد ركناً مماثلاً للقوة وقرنه بها في النص ولما كان لفظ القوة يشير إلى الإكراه في صورته المادية، ولفظ التهديد ينصرف مدلوله إلى الإكراه المعنوي فإن الركن الذي نحن بصدده يتحقق كلما ارتكب الفعل المخل بالحياء العرضي ضد إرادة المجني عليه وبغير رضاه الصحيح، فتندرج تحت معنى القوة أو التهديد كافة صور إنعدام الرضاء لدى المجنى عليه والتي تشمل فضلاً عن حالة الإكراه المادي والإكراه المعنوي - حالات الرضاء : غير المعتبر قانون - مثل الإكراه المادي والمعنوي أو إذا كانت المجني عليها فاقدة الشعور وقت صدور الرضاء عنها أو صدر الرضاء تحت تأثير غلط أو تدليس.
الركن المعنوي : القصد الجنائي :
هتك العرض جريمة عمدية، وبالتالي فإنه لا قيام لجريمة هتك العرض ما لم يثبت توافر القصد الجنائي في حق الجاني بعنصرية، أي العلم والإرادة، فيتحقق هذا القصد الجنائي متى كان الجاني عالماً بحقيقة فعله وأن من شأنه الإخلال بالحياء العرضي للمجني عليه بدون رضاء صحيح منه وانصراف إرادته إلى الفعل ونتيجته.
عقوبة الجريمة بغير ظروفها المشددة :
أوضحت المادة محل التعليق في فقرتها الأولى عقوبة جناية هتك العرض بالقوة والتهديد متى وقعت مكتملة الأركان - بالسجن المشدد أن المشرع قد ساوى في العقاب بين حالة ارتكاب الجريمة في صورتها التامة وحالة وقوف الجاني عند حد الشروع المعاقب فيها، خارجاً بذلك عن القواعد في الشروع في الجنايات والتي تقضي بإنزال عقوبة مخففة في أحوال الشروع عنها في الحالات التي تقع فيها الجناية تامة (مادة 46 عقوبات) وسواء وقعت جناية هتك العرض بالقوة تامة أو في صورة شروع فإن أخذ الجاني بعقوبة السجن المشدد، بحديها سالف الذكر يفترض أن الجريمة قد ارتكبت غير مصحوبة من الظروف المشددة للعقاب عليها والتي نص عليها المشرع في الفقرة الثانية من المادة محل التعليق.
عقوبة الجريمة بظروفها المشددة :
تضمنت المادة محل التعليق في فقرتها الثانية النص على ظرفين مشددين يترتب على إقتران هتك العرض بأيهما أو كليهما تشديد العقوبة على نحو معين، ويكون هذا التشديد إما جوازياً للقاضي وإما وجوباً عليه بحسب الأحوال.
وهذان الظرفان المشددان هما:
أولاً: أن يكون عمر من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة.
ثانياً: أن تقوم صفة بالجاني تجعله ممن نص عنهم في الفقرة الثانية من المادة (267 عقوبات) أي بأن يكون من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادماً بالأجر عند من تقدم ذكرهم، وقد رتب المشرع على توفر أحد هذين الظرفين _ دون اجتماعهما - تغليظة (جوازياً) للعقاب - فيكون للقاضي أن يصل بعقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات، كما يكون له ألا يأخذ المتهم بالأثر المشدد لأي من هذين الطرفين ويكتفي بتوقيع العقاب المقرر لجريمة بغير ظروفها المشددة والمبين بالمادة محل التعليق في فقرتها الأولى، وتقدير ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع بغير رقابة عليها من محكمة النقض، ولما كان الظرف المشدد الخاص بصفة الجاني" قد وردت في شأن التشديد في جناية الإغتصاب وكنا قد تناولنا بالإيضاح الأحوال التي يتحقق فيها هذا الظرف عند التعرض للمادة (267) عقوبات، فإننا نكتفي في هذا المقام بالإحالة إلى ما سبق قوله في هذا الخصوص وبالتالي فإن التعليق على الظرفين المشددين لتهتك العرض سيكون قاصراً على الظرف الأول فحسب وهو:
ظرف صغر سن المجني عليه:
أشرنا إلى أن المشرع قد جعل من بلوغ المجنى عليه ثماني عشرة سنة كاملة جوازياً للقاضي في تشديد العقاب في جناية هتك العرض على النحو السابق ويتحقق هذا الظرف متى كان المجنى عليه دون الثامنة عشرة من عمره وقت ارتكاب الجريمة، وعلة التشديد هنا ليست بخافية، فصغر سن المجني عليه دون السادسة عشر تسهل للجاني ارتكاب جريمته عن طريق بث الرعب في نفس المجني عليه إذا هو لم يستحب لنزوات الجاني الشيطانية، كما أن الجاني يستطيع أن يتغلب بيسر على أية مقاومة قد يبديها المجني عليه، ولا يلزم لأخذ الجاني بالظرف المشدد أن يثبت علمه بحقيقة سن المجني عليه فهذا العلم مفترض في جانبه.
والعبرة في احتساب عمر المجني عليه بالتقويم الميلادي والأصل أن المرجع في تقدير سن المجني عليه إلى الأوراق الرسمية المثبتة لذلك، فإذا لم توجد ورقة من هذا القبيل كان للقاضي أن يلجأ في تقدير السن إلى أهل الخبرة أو إلى ما يراه بنفسه، وتلتزم المحكمة إن هي أخذت المتهم بالتشدد استناداً إلى ظرف صغر سن المجني عليه أن تبين الأساس الذي استندت إليه في تحديد السن، فإن هي أطلقت القول بأن سن المجني عليه لم يبلغ سن السادسة عشرة وقت ارتكاب الجريمة دون بیان سندها في ذلك كان حكمها معيباً بالقصور في البيان مستوجب نقضه.
أثر اجتماع الظرفين المشددين :بينا سلفاً الأثر المشدد للعقاب في جريمة هتك العرض بالقوة بسبب توافر (أحد) الظرفين المنصوص عليهما في الفقرة الثانية من المادة محل التعليق وقد جعل المشرع من (اجتماع) الظرفين معا سبباً في مزيد من التشدد في العقاب وجوباً، أي بغير سلطة تقدير للقاضي، فقد نصت الفقرة الثالثة من المادة محل التعليق على أنه "وإذا إجتمع هذان الشرطان معاً يحكم بالسجن المؤبد".(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الثالث، الصفحة : 753)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة 88 ، 89 .
(مادة 130)
من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب كل منهما بالحبس، وفي حالة الإحصان تكون العقوبة السجن المؤقت.
وإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثالثة من المادة السابقة - تكون العقوبة
السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات.
(مادة 131) كل من هتك عرض إنسان بغير رضاه يعاقب بالسجن المؤقت.
فإذا ارتكب الجاني الجريمة بالقوة أو التهديد، أو شرع في ذلك، أو كان من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثالثة من المادة (129) - تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذا الشرطان معاً أو كان المجني عليه لم يبلغ سبع سنين كاملة، أو كان مجنوناً أو به عاهة في العقل - يحكم بالسجن المؤبد.
(مادة 132)
من أتى إنساناً في الدبر بالرضا، يعاقب كل منهما تعزيراً بالحبس وبالجلد أربعين جلدة.
وفي الحالات المبينة في المادة السابقة يحكم بالعقوبة التعزيرية المقررة فيها، وبالجلد تعزیراً ثمانين جلدة.
مادة (130): من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب كل منهما بالحبس، وفي حالة
الإحصان تكون العقوبة السجن المؤقت.
وإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثالثة من المادة السابقة - تكون العقوبة
السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات.
مادة (131): كل من هتك عرض إنسان بغير رضاه يعاقب بالسجن المؤقت.
فإذا ارتكب الجاني الجريمة بالقوة، أو التهديد، أو شرع في ذلك، أو كان من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ثماني عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نص عليهم في الفقرة الثالثة من المادة (129) - تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، وإذا اجتمع هذان الشرطان مقا، أو كان المجني عليه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان مجنونا او به عاهة في العقل - يحكم بالسجن المؤبد.
(مادة 132): من أتى إنسانا في الدبر بالرضا يعاقب كل منهما تعزيراً بالحبس وبالجلد أربعين جلدة.
وفي الحالات المبينة في المادة السابقة يحكم بالعقوبة التعزيرية المقررة لها فيها، وبالجلد. تعزيراً ثمانين جلدة.
الإيضاح
أجمع أهل العلم على تحريم اللواط، وأنه من الكبائر، وذمة الله تعالى في كتابه، وذمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَآءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)
[الأعراف: 80، 81]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط».
واختلف الفقهاء في حكم مقترف جريمة اللواط، والعقوبة التي يجب أن تنزل به، فروي عن الشافعي في أصح قوليه أنه يحد حد الزنا؛ لأنه يعد زنا بجامع إيلاج محرم في فرج محرم لا ملك له فيه ولا شبهة ملك، فكان زنا كالإيلاج في فرج المرأة، وإذا ثبت كونه زنا دخل في عموم الآية: (الزانية والزاني). والأخبار فيه، ولأنه فاحشة فكان زنا کالفاحشة بين الرجل والمرأة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان». .
وهذا القول أيضا للهادوية وجماعة من السلف والخلف منهم سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وقتادة والنخعي والثوري والأوزاعي، وهذا القول ليس بسديد؛ لأنه يصدم العرف واللغة، ألا ترى أنه لو حلف لا يزني فلاط أو بالعکس، لا يحنث، وأبو حنيفة رضي الله عنه يقول: هذا الفعل ليس بزنا لغة، ألا ترى أنه ينفي عنه هذا الاسم بإثبات غيره، فقال: لاط وما زنا. وكذلك أهل اللغة فصلوا بينهما.
وكيف يكون اللواط زنا وقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في حكمه وهم أعلم باللغة وموارد اللسان. وقال بعض آخر من الشافعية: اللواط غير الزنا، إلا أنه يقاس عليه بجامع كون الطبع داعياً إليه فيناسب الزاجر، وهذا أيضاً ليس بسديد؛ لأنه بعد تسليم أن الطبع يدعو إلى اللواط فإن الزنا أكثر وقوعاً، وأعظم ضررا لما يترتب عليه من فساد الأنساب، فكان الاحتياج فيه إلى الزاجر أشد وأقوى، ولعل حديث: «إذا أتي الرجل الرجل فهما زانيان». هو أقوى أدلة الشافعي، وهو مروي عن أبي موسى الأشعري، فإن هذا الخبر إن لم يدل على اشتراك اللواط والزنا في الإثم فلا أقل من اشتراكهما في الحكم، ويرى أبو يوسف و محمد من الحنفية مثل الشافعي، ويرى أبو حنيفة أن نسبة الزنا للرجلين في الحديث السابق مجاز لا حقيقة لغوية، والمراد في حق الإثم، وأما تسمية اللواط بالفاحشة فقد سمى الله تعالى كل كبيرة فاحشة، فقال: (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ [الأنعام: 151].
وروي عن الشافعي في أحد قوليه غير المشهور أن حد اللواط قتل اللائط إما بحز الرقبة (بالسيف) كالمرتد، وإما بالرجم، وهو مروي عن ابن عباس، وقول أحمد وإسحاق ورواية عن مالك، وإما بالهدم أو بالتحريق، ويروى عن أبي بكر الصديق وهو قول ابن الزبير لما روى صفوان بن سليم عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض ضواحي العرب رجلا ينكح کا تنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر رضي الله عنه، فاستشار أبو بكر الصحابة فيه، فكان علي كرم الله وجهه أشدهم قولا فيه، فقال: ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة، وقد علمتم ما فعل الله بهما أرى أن يحرق بالنار فكتب أبو بكر إلى خالد بذلك فحرقه وقال الحافظ المنذري: حرق اللوطية بالنار أربعة من الخلفاء أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وهشام بن عبد الملك.
وقيل: يرمى به من أعلى بناء في القرية منکا، ثم يتبع بالحجارة رواه البيهقي عن علي، وروي عن ابن عباس رضي الله عنها.
ونقل بعض الحنابلة إجماع الصحابة على أن حد اللواط القتل، وإنما اختلفوا في كيفيته، فمنهم من قال: يرمى من شاهق. وقال عمر وعثمان: يهدم عليه حائط. ومنهم من قال يرجم بالحجارة بكراً كان أم ثيباً. والأخير قال به أيضا علي، وابن عباس، وجابر بن زید، وعبد الله بن معمر، والزهري، وأبو حبيب، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وأبو يوسف، و محمد، وأحد قولي الشافعي، وأبو ثور.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: ليس في اللواط حد بل فيه تعزير. جاء في ابن عابدين 3/ 160 ، ولا يحد لوطء دبر. وقالا إن فعل في الأجانب حد، وإن فعل في عبده، أو أمته أو زوجته، فلا حد إجماعاً بل يعزر، قال في الدر: يكون بالإحراق، وهدم الجدار، والتنكيس من محل مرتفع بإتباع الأحجار. وفي الحاوي: والجلد أصح. وفي الفتح: يعزر ويسجن حتى يموت أو يتوب. ولو اعتاد اللواطة قتله الإمام سياسة، وفي الحاشية: (قال في الزيادات والرأي إلى الإمام إن شاء قتله، وإن شاء ضربه وحبسه) انتهى.
وقول أبي حنيفة له وجاهته، ذلك لأن اللواط وطء لا يتعلق به المهر فلا يتعلق به الحد، ولأنه لا يساوي الزنا في الحاجة إلى شرع الحد؛ لأن اللواط لا يرغب فيه المفعول به طبعاً، وليس فيه إضاعة النسب. وأيضاً فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، وكفر بعد إيمان، وقتل نفس بغير نفس». قد حظر قتل المسلم إلا بإحدى هذه الثلاث، وفاعل ذلك خارج عن ذلك؛ لأنه لا يسمى زانياً، والمعلوم أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قضى في اللواط بشيء؛ لأن هذا المنكر لم تكن تعرفه العرب، ولم يرفع إليه صلى الله عليه وسلم حادثة منه. ولكن يثبت عنه أنه قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» رواه الخمسة إلا النسائي، وهو مروي عن عكرمة عن ابن عباس، وقد قال فيه الحافظ: رجاله موثقون، إلا أن فيه اختلافاً.
وروى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو، فقال: «ملعون من عمل عمل قوم لوط». ولم يذكر القتل. وقال يحيى بن معين: عمرو بن أبي عمرو ثقة، وهو مولى المطلب، واستنكر النسائي هذا الحديث (رواية عكرمة).
وهذا الذي قال به أبو حنيفة من تعزير اللائط هو أيضاً قول المرتضى والمؤيد بالله تعالى، وأحد الأقوال المروية عن الشافعي رضي الله عنه (المغني لابن قدامة 8/ 187 وما بعدها، سبل السلام لابن حجر 4/ 1887، نيل الأوطار للشوكاني 7/ 97 و98 و 99 تفسیر آیات الأحكام ص 15 و 17، والمبسوط 9/ 78).
وقد رأت اللجنة أن تأخذ بقول الإمام أبي حنيفة؛ للأدلة الوجيهة التي تؤيده، وفي هذا الصدد أخذت بالجلد تعزيراً، وحتى تكون عقوبة اللائط فاعلاً أو مفعولاً به تتناسب مع فحشها وبشاعتها، فقد رأت اللجنة أن ترتفع بها في عدد الجلدات بما لا يبلغ حد الزنا الذي فرضه الله من الجلد.
کما نص المشروع في الفقرة الثانية على تشديد العقوبة في الحالات المنصوص عليها في المادة (131) فرئي توقيع عقوبة الجلد تعزیراً ثمانين جلدة، فضلاً عن العقوبة المقررة في المادة المذكورة.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / السادس عشر ، الصفحة / 304
حَالاَتُ الْحَبْسِ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى الأْخْلاَقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ :
أ - حَبْسُ الْبِكْرِ الزَّانِي بَعْدَ جَلْدِهِ :
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْبِكْرِ الزَّانِي مِائَةُ جَلْدَةٍ لِلآْيَةِ: ) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ). وَاخْتَلَفُوا فِي نَفْيِهِ الْوَارِدِ فِي «قَوْلِهِ صلي الله عليه وسلم لِرَجُلٍ زَنَى ابْنُهُ: وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ».
وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الأْوَّلُ: أَنَّ التَّغْرِيبَ جُزْءٌ مِنْ حَدِّ الزِّنَى، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، فَيُبْعَدَانِ عَنْ بَلَدِ الْجَرِيمَةِ إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ إِذَا خِيفَ إِفْسَادُ الْمُغَرَّبِ غَيْرَهُ قُيِّدَ وَحُبِسَ فِي مَنْفَاهُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ التَّغْرِيبَ جُزْءٌ مِنْ حَدِّ الزِّنَى أَيْضًا، وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ فَلاَ تُغَرَّبُ خَشْيَةً عَلَيْهَا. وَيَنْبَغِي حَبْسُ الرَّجُلِ وُجُوبًا فِي مَنْفَاهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالأْوْزَاعِيِّ لِلْمَنْقُولِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ: إِذَا تَعَذَّرَ تَغْرِيبُ الْمَرْأَةِ سُجِنَتْ بِمَوْضِعِهَا عَامًا، لَكِنِ الْمُعْتَمَدُ الأْوَّلُ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: إِنَّ التَّغْرِيبَ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ حَدِّ الزِّنَى، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ السِّيَاسَةِ وَالتَّعْزِيرِ، وَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إِلَى الْحَاكِمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه بَعْدَ أَنْ نَفَى رَجُلاً وَلَحِقَ بِالرُّومِ: لاَ أَنْفِي بَعْدَهَا أَبَدًا. وَبِقَوْلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه : كَفَى بِالنَّفْيِ فِتْنَةً. وَقَالُوا: إِنَّ الْمُغَرَّبَ يَفْقِدُ حَيَاءَهُ بِابْتِعَادِهِ عَنْ بَلَدِهِ وَمَعَارِفِهِ فَيَقَعُ فِي الْمَحْظُورِ. لَكِنْ إِذَا رَأَى الْحَاكِمُ حَبْسَهُ فِي بَلَدِهِ مَخَافَةَ فَسَادِهِ فَعَلَ.
ب - حَبْسُ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ :
- لِلْفُقَهَاءِ عِدَّةُ أَقْوَالٍ فِي عُقُوبَةِ اللِّوَاطِ مِنْهَا قَوْلٌ بِحَبْسِهِمَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (زِنًى، وَلِوَاطٌ).
ج - حَبْسُ الْمُتَّهَمِ بِالْقَذْفِ :
- مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى قَذْفِهِ حُبِسَ قَاذِفُهُ لاِسْتِكْمَالِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ. وَمَنِ ادَّعَى عَلَى آخَرَ قَذْفَهُ وَبَيِّنَتُهُ فِي الْمِصْرِ يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُحْضِرَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ حَتَّى قِيَامِ الْحَاكِمِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَإِلاَّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ بِغَيْرِ كَفِيلٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِخِلاَفِ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِالْقَذْفِ: لاَ يُجْلَدُ بَلْ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْقَذْفَ بَلِ الشَّتْمَ وَالسَّبَّ وَالْفُحْشَ فِي الْكَلاَمِ. وَقِيلَ: يُسْجَنُ سَنَةً لِيَحْلِفَ، وَقِيلَ: يُحَدُّ.
د - حَبْسُ الْمُدْمِنِ عَلَى السُّكْرِ تَعْزِيرًا بَعْدَ حَدِّهِ :
- رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ أَنْ يَلْزَمَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ السِّجْنَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَلَدَ أَبَا مِحْجَنٍ الثَّقَفِيَّ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِيَ مَرَّاتٍ، وَأَمَرَ بِحَبْسِهِ، فَأُوثِقَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ، ثُمَّ أُطْلِقَ بَعْدَ تَوْبَتِهِ.
هـ - الْحَبْسُ لِلدِّعَارَةِ وَالْفَسَادِ الْخُلُقِيِّ :
- نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ تَتَبُّعِ أَهْلِ الْفَسَادِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يُعَاقَبُونَ بِالسَّجْنِ حَتَّى يَتُوبُوا. فَمَنْ قَبَّلَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ عَانَقَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ بَاشَرَهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ يُحْبَسُ إِلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِ. وَمَنْ خَدَعَ الْبَنَاتِ وَأَخْرَجَهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَأَفْسَدَهُنَّ عَلَى آبَائِهِنَّ حُبِسَ.
وَتُحْبَسُ الْمَرْأَةُ الدَّاعِرَةُ وَالْقَوَّادَةُ وَتُضْرَبُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهَا.
و - الْحَبْسُ لِلتَّخَنُّثِ :
- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى حَبْسِ الْمُخَنَّثِ تَعْزِيرًا لَهُ حَتَّى يَتُوبَ، وَنُقِلَ عَنِ الإْمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُ يُحْبَسُ إِذَا خِيفَ بِهِ فَسَادُ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِذَا نُفِيَ الْمُخَنَّثُ وَخِيفَ فَسَادُهُ يُحْبَسُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ.
ز - الْحَبْسُ لِلتَّرَجُّلِ :
- ذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَشَبِّهَةَ بِالرِّجَالِ تُحْبَسُ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؛ لأِنَّ جِنْسَ هَذَا الْحَبْسِ مَشْرُوعٌ فِي جِنْسِ الْفَاحِشَةِ وَهُوَ الزِّنَى. وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ حَبْسُهَا عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ فَتُحْبَسُ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي دَارٍ وَتُمْنَعُ مِنَ الْخُرُوجِ.
ح - الْحَبْسُ لِكَشْفِ الْعَوْرَاتِ فِي الْحَمَّامَاتِ :
- نَصَّ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْقَاضِي الأْنْدَلُسِيُّ عَلَى سَجْنِ صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَغَلْقِ حَمَّامِهِ إِذَا سَهَّلَ لِلنَّاسِ كَشْفَ عَوْرَاتِهِمْ وَرَضِيَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنَ الدُّخُولِ مَكْشُوفِي الْعَوْرَاتِ.
ط - الْحَبْسُ لاِتِّخَاذِ الْغِنَاءِ صَنْعَةً :
نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى حَبْسِ الْمُغَنِّي حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً لِتَسَبُّبِهِ فِي الْفِتْنَةِ وَالْفَسَادِ غَالِبًا.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس والثلاثون ، الصفحة / 339
لِوَاطٌ
التَّعْرِيفُ:
اللِّوَاطُ لُغَةً: مَصْدَرُ لاَطَ، يُقَالُ: لاَطَ الرَّجُلُ وَلاَوَطَ: أَيْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ.
وَاصْطِلاَحًا: إِيلاَجُ ذَكَرٍ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الزِّنَا:
الزِّنَا فِي اللُّغَةِ: الْفُجُورُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهُ الْفُقَهَاءُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهَا تَعْرِيفُ الْحَنَفِيَّةِ لِلزِّنَا بِالْمَعْنَى الأْعَمِّ وَهُوَ يَشْمَلُ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لاَ يُوجِبُهُ بِأَنَّهُ: وَطْءُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ فِي الْقُبُلِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ.
وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: إِيلاَجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنِ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى طَبْعًا.
وَيَتَّفِقُ اللِّوَاطُ وَالزِّنَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، لَكِنِ اللِّوَاطُ وَطْءٌ فِي الدُّبُرِ، وَالزِّنَا وَطْءٌ فِي الْقُبُلِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ لأِنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ.
وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ وَعَابَ عَلَى فِعْلِهِ فَقَالَ تَعَالَى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) وَقَالَ تَعَالَى: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ).
وَقَدْ ذَمَّهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ».
عُقُوبَةُ اللاَّئِطِ
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عُقُوبَةَ اللاَّئِطِ هِيَ عُقُوبَةُ الزَّانِي، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ لأِنَّهُ زِنًا بِدَلِيلِ قوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) وَقَالَ تَعَالَى: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ) وَعَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ».
هَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلِمُخَالِفِيهِمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ تَفْصِيلٌ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْحَدُّ لِوَطْءِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ قُبُلِهَا وَلاَ بِاللِّوَاطَةِ بَلْ يُعَزَّرُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اللِّوَاطُ كَالزِّنَا فَيُحَدُّ جَلْدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ وَرَجْمًا إِنْ أُحْصِنَ.
وَمَنْ تَكَرَّرَ اللِّوَاطُ مِنْهُ يُقْتَلُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَمَنْ فَعَلَ اللِّوَاطَ فِي عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَنْكُوحَتِهِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِهِ الْمَحْظُورَ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ رُجِمَ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَا مُحْصَنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإْسْلاَمُ وَلاَ الْحُرِّيَّةُ. وَأَمَّا إِتْيَانُ الرَّجُلِ حَلِيلَتَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلاَ حَدَّ بَلْ يُؤَدَّبُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ بِاللِّوَاطِ حَدُّ الزِّنَا، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ».
وَقِيلَ: إِنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ كَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ.
وَشَمَلَ ذَلِكَ دُبُرَ عَبْدِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ هَذَا حُكْمُ الْفَاعِلِ.
وَأَمَّا الْمَفْعُولُ بِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً لأِنَّ الْمَحَلَّ لاَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الإْحْصَانُ، وَقِيلَ تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ الْمُحْصَنَةُ.
وَأَمَّا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبْرِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ إِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَلاَ تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالزَّوْجَةُ وَالأَْمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ سَوَاءً.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ كَزَانٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابِقِ، وَلأِنَّهُ فَرْجٌ مَقْصُودٌ بِالاِسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ كَفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللِّوَاطُ فِي مَمْلُوكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لأِنَّ الذَّكَرَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ فِي دُبُرِ أَجْنَبِيَّةٍ لأِنَّهُ فَرْجٌ أَصْلِيٌّ كَالْقُبُلِ، فَإِنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَهُوَ مُحَرَّمٌ وَلاَ حَدَّ فِيهِ لأِنَّهَا مَحَلٌّ لِلْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ بَلْ يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ.
مَا يَثْبُتُ بِهِ اللِّوَاطُ
يَثْبُتُ اللِّوَاطُ بِالإْقْرَارِ أَوِ الشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا عَدَدُ الشُّهُودِ، فَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ بِعَدَدِ شُهُودِ الزِّنَا أَيْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ.
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والأربعون ، الصفحة / 23
الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ
لِلْوَطْءِ الْمَحْظُورِ صُوَرٌ: مِنْهَا الزِّنَا، وَاللِّوَاطَةُ، وَوَطْءُ الْحَلِيلَةِ وَالأْجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا، وَوَطْءُ الْمَيْتَةِ، وَوَطْءُ الْبَهِيمَةِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً: الزِّنَا:
الزِّنَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَكَبِيرَةٌ مِنْ أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً).
(ر: زِنًا ف 5)
ثَانِيًا: اللِّوَاطُ:
أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ مُغَلَّظُ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاللِّوَاطُ أَغْلَظُ الْفَوَاحِشِ تَحْرِيمًا.
(ر: لِوَاط ف 3).
وَجَرِيمَةُ اللِّوَاطِ لَمْ يَعْمَلْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ قَبْلَ قَوْمِ لُوطٍ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ ( أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ).
عُقُوبَةُ اللِّوَاطِ:
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي عُقُوبَةِ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ قَوْمِ لُوطٍ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الأْوَّلُ: لِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالأْوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ - الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ - كَالزِّنَا، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ، وَيُجْلَدُ الْبِكْرُ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَتَادَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ» وَلأِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ مُشْتَهًى طَبْعًا
مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الْحَدِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْحَدِّ، لأِنَّهُ إِتْيَانٌ فِي مَحَلٍّ لاَ يُبَاحُ الْوَطْءُ فِيهِ بِحَالٍ، وَالْوَطْءُ فِي الْقُبُلِ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالزِّنَا.
الثَّانِي: لأِبِي حَنِيفَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْحَكَمِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُودَعُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ. وَلَوِ اعْتَادَ اللِّوَاطَةَ أَوْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ، قَتَلَهُ الإْمَامُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ، سِيَاسَةً.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدُّ الزِّنَا، لأِنَّهُ لَمْ يَنْطَلِقْ عَلَيْهِ اسْمُهُ، فَكَانَ كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَلأِنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ لاَ يُسْتَبَاحُ بِعَقْدٍ، فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ حَدٌّ، كَالاِسْتِمْتَاعِ بِمِثْلِهِ مِنَ الزَّوْجَةِ، وَلأِنَّ أُصُولَ الْحُدُودِ لاَ تَثْبُتُ قِيَاسًا. وَأَيْضًا: فَلأِنَّهُ وَطْءٌ فِي مَحَلٍّ لاَ تَشْتَهِيهِ الطِّبَاعُ، بَلْ رَكَّبَهَا اللَّهُ عَلَى النَّفْرَةِ مِنْهُ، فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَزْجُرَ الشَّارِعُ عَنْهُ بِالْحَدِّ، كَأَكْلِ الْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَشُرْبِ الْبَوْلِ... غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَعْصِيَةً مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي لَمْ يُقَدِّرِ
الشَّارِعُ فِيهَا حَدًّا مُقَدَّرًا، كَانَ فِيهِ التَّعْزِيرُ.
الثَّالِثُ: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الرَّجْمُ مُطْلَقًا، فَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَا مُحْصَنَيْنِ أَمْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَرَبِيعَةَ وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ».
وَبِأَنَّهُ إِيلاَجٌ فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ يُقْصَدُ الاِلْتِذَاذُ بِهِ غَالِبًا كَالْقُبُلِ، فَكَانَ الرَّجْمُ مُتَعَلِّقًا بِهِ كَالْمَرْأَةِ، وَلأِنَّ الْحَدَّ فِي الزِّنَا إِنَّمَا وُضِعَ زَجْرًا وَرَدْعًا لِئَلاَّ يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَوَجَدْنَا الطِّبَاعَ تَمِيلُ إِلَى الاِلْتِذَاذِ بِإِصَابَةِ هَذَا الْفَرْجِ كَمَيْلِهَا إِلَى الْقُبُلِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مِنَ الرَّدْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقُبُلِ، بَلْ إِنَّ هَذَا أَشَدُّ وَأَغْلَظُ، وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الإْحْصَانُ كَمَا اعْتُبِرَ الزِّنَا، إِذِ الْمَزْنِيُّ بِهَا جِنْسٌ مُبَاحٌ وَطْؤُهَا، وَإِنَّمَا أُتِيَتْ عَلَى خِلاَفِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالذَّكَرُ لَيْسَ بِمُبَاحٍ وَطْؤُهُ، فَكَانَتْ عُقُوبَتُهُ أَغْلَظَ مِنْ عُقُوبَةِ الزِّنَا.
الرَّابِعُ: لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُقْتَلُ اللُّوطِيُّ بِالسَّيْفِ كَالْمُرْتَدِّ، مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ. وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إِنَّ هَذَا سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ». حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقْ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بَيْنَ مُحْصَنٍ وَغَيْرِ مُحْصَنٍ. وَلأِنَّ الْمُحَرَّمَاتِ كُلَّمَا تَغَلَّظَتْ، تَغَلَّظَتْ عُقُوبَتُهَا، وَوَطْءُ مَنْ لاَ يُبَاحُ بِحَالٍ أَعْظَمُ جُرْمًا مِنْ وَطْءِ مَنْ يُبَاحُ فِي بَعْضِ الأْحْوَالِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ حَدُّهُ أَغْلَظَ مِنْ حَدِّ الزِّنَا.
الْخَامِسُ: يُحْرَقُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ بِالنَّارِ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وابْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم، فَقَدْ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ سَلِيمٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ ضَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلاً يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَكَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَشَارَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه الصَّحَابَةَ فِيهِ، فَكَانَ عَلِيٌّ أَشَدَّهُمْ قَوْلاً فِيهِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا إِلاَّ أُمَّةٌ مِنَ الأْمَمِ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِهَا، أَرَى أَنْ يُحْرَقَ بِالنَّارِ. فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ بِذَلِكَ فَحَرَقَهُ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْقَيِّمِ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: لَوْ رَأَى الإْمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ فَلَهُ ذَلِكَ.
السَّادِسُ: يُعْلَى اللُّوطِيُّ أَعْلَى الأَْمَاكِنِ مِنَ الْقَرْيَةِ ثُمَّ يُلْقَى مَنْكُوسًا فَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً).
وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.