loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- إن المادة 320 من قانون العقوبات تشترط لكى يحكم بعقوبة المراقبة التى نصت عليها أن يكون المحكوم عليه عائداً و حكم عليه بالحبس فى جريمة سرقة تامة . و فضلاً عن أن هذه المادة واضحة فى ذلك فإن القانون بصفة عامة لا يسوى فى العقوبة بين الجريمة التامة و الشروع فيها ، ثم إن النص على عقوبة الشروع فى السرقة إنما جاء فى المادة 321 بعد النص على عقوبة المراقبة المذكورة . و إذن فإذا كان ما وقع من المتهم ليس إلا مجرد شروع فى سرقة فلا يجوز الحكم عليه بهذه المراقبة .

(الطعن رقم 1468 لسنة 12 جلسة 1942/06/22 س 4 ع 5 ص 688 ق 434)

2- إن المادة 320 من قانون العقوبات نصت على أن المحكوم عليهم بالحبس لسرقة يجوز فى حالة العود أن يجعلوا تحت مراقبة البوليس مدة سنة على الأقل أو سنتين على الأكثر. وهذا النص صريح فى أنه يجب، لجواز الحكم بالمراقبة، أن يكون المحكوم عليه أرتكب جريمة سرقة تامة، وأن يحكم عليه من أجل هذه السرقة بالحبس، وأن يكون عائداً. فإذا كانت الجريمة التي أرتكبها المتهم جريمة شروع فى سرقة، فلا يجوز الحكم عليه بالمراقبة لمخالفة ذلك لصريح هذا النص، ولأن القانون فى أحكامه العامة لا يسوي بين الجريمة التامة والشروع فيها من جهة العقوبة، كما أنه فى جرائم السرقات بالذات نص على عقوبة خاصة للشروع فيها.

(الطعن رقم 70 لسنة 9 جلسة 1938/12/12 س ع ع 4 ص 401 ق 308)

شرح خبراء القانون

: صدر القانون رقم 181 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس، وقد تم نشر هذا القانون الجديد في الجريدة الرسمية - العدد رقم 36 مكرر في تاريخ 5/9/2020، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، ونص في مادته الأولى على أن:

يُستبدل بنص المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس، النص الآتي:

مادة 2 : يعين وزير الداخلية محل تنفيذ عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة بديوان القسم أو المركز أو نقطة الشرطة أو بمقر العمودية، أو بأي مكان آخر يُتخذ كمحل إقامة للمراقب خارج دائرة المحافظة أو المديرية التي وقعت فيها الجريمة.

ويجوز لمدير الأمن قبول طلب المحكوم عليه تنفيذ عقوبة المراقبة في الجهة التي يقيم بها، وذلك بعد التحقق من توافر الضمانات الكافية لتنفيذ العقوبة، وعدم وجود خطر على حياة المحكوم عليه.)

وقد نصت المادة 320 عقوبات على أن المحكوم عليه بالحبس لسرقة يجوز في حالة العود أن يوضع تحت مراقبة البوليس مدة سنة على الأقل أو سنتين على الأكثر. والواضح من هذه المادة أنه يشترط للحكم بالوضع تحت المراقبة أن تكون السرقة تامة وليست في حالة شروع، ويؤيد ذلك أن المادة 320 التي نصت على عقوبة الوضع تحت المراقبة قد سبقت المادة 321 التي نصت على عقوبة الشروع. (الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ أحمد فتحي سرور، الطبعة السادسة 2016 الكتاب الثاني ،  الصفحة: 555)

عقوبة السرقة البسيطة التامة :

حددت المادة 318 من قانون العقوبات هذه العقوبة، فجعلتها « الحبس مع الشغل مدة لا تتجاوز سنتين » وبالإضافة إلى هذه العقوبة يقرر الشارع « للمحكوم عليهم بالحبس لسرقة في حالة العود » الوضع تحت مراقبة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر (المادة 320 من قانون العقوبات) . وهذه العقوبة تكميلية جوازية  وقد بين القانون حديها على سبيل الوجوب، وجعل مجال توقيعها أن يكون المتهم في حالة العود ، وهو ما يقتضي توافر شروط العود كما حددتها المادة 49 من قانون العقوبات. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية،  الصفحة: 992)

يقرر المشرع للمحكوم عليهم بالحبس لسرقة في حالة العود" الوضع تحت مراقبة البوليس مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، وهذه العقوبة تكميلية جوازية، والصفة الجوازية لهذه العقوبة مستخلصة من إستعمال المشرع لفظ "يجوز" كما هو موضح بالمادة محل التعليق، لكن القانون وضح عقوبة الوضع تحت مراقبة البوليس بالنظر إلى حديها على سبيل الوجوب وهو مدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر، وجعل مجال توقيعها أن يكون المتهم في حالة العود، وهو ما يقتضي توافر شروط العود كما حددتها المادة (49) من قانون العقوبات. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع ، الصفحة : 304)

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 282 ، 283 ، 286

(مادة 576) 

يجوز بالإضافة إلى العقوبات المبينة في المواد السابقة من هذا الفصل - عقاب الجاني بالجلد الذي لا يجاوز أربعين جلدة . 

كما يجوز عند الحكم بالحبس مدة سنة فأكثر لسرقة أو شروع فيها - أن يحكم بالوضع تحت مراقبة الشرطة مدة لا تزيد على المدة المحكوم بها . 

(مادة 576) 

يجوز بالإضافة إلى العقوبات المبينة في المواد السابقة من هذا الفصل - عقاب الجاني بالجلد الذي لا يجاوز أربعين جلدة . 

كما يجوز عند الحكم بالحبس مدة سنة فأكثر لسرقة أو شروع فيها - أن يحكم بالوضع تحت مراقبة الشرطة مدة لا تزيد على المدة المحكوم بها . 

(مادة 590)

 يجوز عند الحكم على العائد بالنسبة للجرائم الواردة في هذا الفصل - أن يحكم عليه بالوضع تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة الأصلية المحكوم بها عليه. 

الجرائم الواقعة على المال  

الفصل الأول

السرقة وما في حكمها، والاغتصاب والابتزاز 

المواد من (567) - (584) : 

تقابل مواد هذا الفصل المواد من (311) - (326) من القانون القائم ، معدلة بالقوانين أرقام (39) لسنة 1939 ، (13) لسنة 1940 ، (64) لسنة 1947 ، (424) لسنة 1954 ، (112) لسنة 1956 ، (136) لسنة 1956 ، (14) لسنة 1973 ، (59) لسنة 1977 ، (90) لسنة 1980 ، وأهم سمات المشروع ما يلي : 

1- المادة (355) من المشروع عرفت السرقة بأنها إختلاس منقول مملوك لغير الجاني بقصد إمتلاكه، ثم عددت الحالات التي يتحقق فيها الإختلاس إضافة لحالات جديدة وتقنيناً لما استقر عليه القضاء المصري، فالفقرة الثانية من المادة تعرض لما يعد إختلاساً، وبأنه كل فعل يخرج به الجاني المال من حوزة غيره دون رضائه ولو عن طريق غلط وقع فيه الغير ، وذلك لإدخاله في حيازة أخرى ، كما نصت الفقرة الثالثة على قيام جريمة السرقة إذا كان الفاعل لا يملك الشيء المسروق وحده بل كان شريكاً على الشيوع فيه. 

كما وأن الفقرة الأخيرة أوضحت أنه يعتبر منقولاً في تطبيق أحكام السرقة ، المنقول حسب المال ، وكذلك القوى الطبيعية كهربائية أو مائية أو ضوئية ، وكل طاقة أو قوة محرزة أخرى ، ليتسع بذلك معنى المنقول ليواكب التقدم العلمي وما قد يأتي به مستقبلاً من مخترعات ما دامت تشکل قوة أو طاقة محرزة . 

2- جعل المشروع من الإكراه أو التهديد بإستعمال السلاح ، أو إستخدام أية وسيلة تعدم المقاومة أو تنقص منها قسائم متساوية ، بعد أن ثار خلاف بين الفقه والقضاء في إعتبار التهديد بإستعمال السلاح قرين الإكراه ، حيث يغفل الشارع ذكر التهديد بإستعمال السلاح ونزولاً على آراء الفقه ما استقر عليه القضاء من تعريف الإكراه بأنه كل وسيلة قسرية تعدم أو تقلل قوة المقاومة عند المجني عليه أو الغير الذي يقاوم الجاني لصالح المجني عليه ، فقد نص المشروع على إعتبار استخدام أية وسيلة تعدم المقاومة أو تنقص منها ، نوعاً من الإكراه وصورة من صور أعمال القسر ، فمن يستعمل عقاقير أو جواهر مخدرة ليعدم قوة المقاومة لدى المجني عليه أو ينقص منها ؛ ليتمكن بذلك من إختلاس المنقول - يعد مستعملاً لطرق قسرية ، وبداهة أن هذا الحكم يسري في شأن الغير الذي يقاوم الجاني لصالح المجني عليه في السرقة . 

3- المادة (571) من المشروع استحدثت حكماً بمقتضاه تكون العقوبة بالإعدام للجرائم المبينة في المواد الثلاث السابقة عليها ، إذا ترتب على الإكراه أو التهديد أو إستخدام وسيلة مما ذكر في هذه المواد - موت شخص ، وذلك زجراً وردعاً للجناة في هذه الجرائم الخطيرة . 

4 - المادة (573) من المشروع تقابل المادة (317) من القانون القائم ، وقد بين المشروع فيها الظروف المشددة لجنحة السرقة ، وأضاف إليها من تلك الظروف ما تستلزمه المصلحة العامة ، وقد أبانت عنها اثنتا عشرة فقرة تباعاً ، روعي في صياغتها الوضوح والدقة والبعد عن اللبس ، بما لا يحتاج إلى إضافة . 

5- المادة (574) من المشروع تبين حالات السرقة الإعتبارية ، وهي إختلاس مالك المنقول له بعد أن كان قد رهنه لدين عليه أو على غيره ، كذلك من يعثر على شيء أو حيوان مفقود ولم يرده إلى صاحبه ، أو لم يسلمه إلى مقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام إذا إحتبسه بنية تملكه ، وهذه الفقرة الأخيرة تقابل (321) مکرراً من القانون القائم ، مضافة بالقانون رقم (29) لسنة 1982 ، وقد حلت هذه المادة محل دكريتو الأشياء الفاقدة بعد إدخال التعديل عليه حتى يكون النص أكثر إنضباطاً ، ثم سوى المشروع في الحكم بين العثور على الشيء المفقود والإستيلاء على مال ضائع ، أو وقع في حيازته بطريق الغلط أو الصدفة. 

هذا وقد عرضت الفقرة الأخيرة من المادة لسرقة الحاصلات والثمار الزراعية التي لم تنقل من الحقل أو البستان ، فأجاز الحكم بعقوبة الغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه ، ومناط إعمال هذه الإجازة أن لا يبارح الجاني مكان وجود هذه الحاصلات أو الثمار ، فهي قاصرة في الواقع على من يأكل هذه الأشياء في الحقل أو البستان . 

6- المادة (576) من المشروع مستحدثة بما تضمنته من جواز إضافة عقوبة الجلد  أربعين جلدة إلى العقوبات المبينة في المواد السابقة عليها ، وغني عن البيان أن الأربعين جلدة تمثل الحد الأقصى لعقوبة الجلد، ومن ثم جاز للقاضي أن ينزل عن ذلك والعقوبة مستوحاة من عقوبة الجلد في الشريعة . 

7- المادة (577) من المشروع مستحدثة وقصد منها حماية الأحداث من التغرير بهم ودفعهم إلى إرتكاب جرائم السرقة ، وتتحقق الجريمة قبل الجاني بمجرد تحريض الحدث - وهو من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره - فإن أتى التحريض ما قصده الجاني منه عد شریكاً بالتحريض للحدث . 

8- المادة (578) من المشروع تقابل المادة (323) مکرراً أولاً من القانون القائم مضافة بالقانون رقم (90) لسنة 1980 ، واتسع حكمها ليشمل إلى جانب السيارة الدراجة ، أو أية آلة ميكانيكية ، أو دابة من دواب الجر، أو الركوب أو العمل ، متى تم الإستعمال أو الإستخدام بغير موافقة المالك ، وهذه الجريمة سرقة إعتبارية؛ لأنها ترد على المنفعة وليس ملكية الشيء ، كما أنها مجردة من نية التملك، فإن لابستها هذه النية كانت الجريمة سرقة حقيقية لا مراء فيها . 

9- المادة (581) من المشروع تقرر ظرفاً مشدداً للجنح المنصوص عليها في هذا الفصل ، يترتب على توافره تغليظ العقوبة برفعها إلى ضعف المقررة لها ، وذلك متى وقعت الجريمة المعنية بإنتهاز الجاني حدوث هياج أو فتنة أو حريق أو أية كارثة أخرى ، فإن لم يكن الجاني قد إنتهز ظرفاً مما ذكر ، كان عاقداً العزم على السرقة ، ثم تصادف حدوث شيء مما ذکر - فلا يعد ذلك ظرفاً مشدداً قبله ، بمعنى أنه يجب أن تقوم في ذهن الجاني فكرة الجريمة بالنظر إلى حادث مما ذكر ، وأنه ما كان يفعل لولا هذا الحادث . 

10 - المادة (582) من المشروع صيغت بوضوح لتشمل مطلق السند وعمومه دون تمثيل بأنواع تدخل في عمومه كما يفعل التشريع القائم في المادة (325) منه ، ويأخذ ذات الحكم تعديل السند أو إلغاؤه أو إتلافه أو توقيعه لإتحاد الحكمة من التجريم في جميع هذه الحالات ، على أن مناط العقاب هو الحصول على شيء مما عدده النص بالقوة أو التهدید آیاً كان نوعه مادياً أم أدبياً ، أم بإستخدام أية وسيلة قهرية ، فالعبرة إذن في هذه الوسائل أن تؤثر أو يكون من شأنها أن تؤثر في رضاء المجني عليه ، فيذعن لمطالب الجاني ، وما كان ليذعن لولا إستخدامها قبله ، أو أن تسلبه إرادته . 

واستحدثت الفقرة الثانية من المادة ظرفاً مشدداً برفع العقوبة إلى السجن المؤبد أو المؤقت إذا نشأ عن الفعل جروح ، فإن نشأ عن الفعل موت شخص كانت العقوبة الإعدام ، وعلى هذا نصت الفقرة الأخيرة من المادة . 

11 - المادة (583) من المشروع تعاقب على إبتزاز مال الغير بالتهديد ، ويستوي في حكمها أن يكون هذا المال غير مملوك بالكامل للجاني ، فإن كان المال مملوكاً له بالكامل انحسر تطبيق النص عليه ، وقد عرضت الفقرة الثانية من المادة إلى ظرف مشدد يترتب عليه مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة ، هذا ويعاقب المشروع على الشروع في الجريمة بعقوبة الجريمة التامة . 

12 - المادة (584) من المشروع تعرض لقيود رفع الدعوى الجنائية في جرائم هذا الفصل وقد رئي أخذا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنت ومالك لأبيك» عدم جواز إقامة الدعوى الجنائية في جريمة من جرائم هذا الفصل قبل الأب، وإن علا، وسار المشروع على هذا النهج بالنسبة لجرائم الأموال التي أفصح عنها فيما بعد ، على أنه من المفهوم إذا صاحبت الجريمة أفعال يؤثمها القانون فإن الحظر يقتصر على جريمة السرقة دون غيرها من الأفعال . 

أما إذا وقعت الجريمة من أحد الزوجين على مال الآخر ، أو من أحد الفروع على مال الأصول - فإن الدعوى لا تقام إلا بناء على شكوى من المجني عليه الذي يملك التنازل عن الشكوى فتنقضي الدعوى الجنائية بهذا التنازل متى لم يكن قد صدر في الدعوى حكم بات ، فإن كان قد صدر كان للمجني عليه أن يمنع تنفيذه أو الإستمرار في تنفيذه إن كان قد بدء في تنفيذه . 

13- اقتضى المنهج الذي سلكه المشروع تبويب أحكام هذا الفصل ، ونقل الأحكام المقررة لإختلاس الأشياء المحجوزة قضائياً أو إدارياً ، والتهديد الكتابي والشفهي بواسطة شخص آخر إلى مواضعها الطبيعية المناسبة في المشروع . 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / السادس والثلاثون ، الصفحة / 231

مَحْكُومٌ عَلَيْهِ

التَّعْرِيفُ :

الْمَحْكُومُ فِي اللُّغَةِ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْقَضَاءُ، وَأَصْلُهُ الْمَنْعُ يُقَالُ: حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِكَذَا: إِذَا مَنَعْتَهُ مِنْ خِلاَفِهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ، وَحَكَمْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ: فَصَلْتُ بَيْنَهُمْ فَأَنَا حَاكِمٌ وَحَكَمٌ.

وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يُقْضَى عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ.

وَفِي اصْطِلاَحِ الأْصُولِيِّينَ هُوَ الْمُكَلَّفُ: وَهُوَ مَنْ تَعَلَّقَ بِفِعْلِهِ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى بِالاِقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ.

الأْحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ :

تَتَعَلَّقُ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ فِقْهِيَّةٌ مِنْهَا:

أ - لُزُومُ إِصْدَارِ الْقَاضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ

إِذَا قَامَتِ الْحُجَّةُ وَتَوَفَّرَتْ أَسِبَابُ الْحُكْمِ لَزِمَ الْقَاضِيَ إِصْدَارُ الْحُكْمِ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إِذَا طَلَبَ الْمَحْكُومُ لَهُ ذَلِكَ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي (قَضَاءٌ ف 75 وَمَا بَعْدَهَا).

ب - طَلَبُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَسْخَ الْحُكْمِ

الأْصْلُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: أَنْ لاَ يُتَتَبَّعَ أَحْكَامُ الْقُضَاةِ، وَلاَ _يُمَكَّنَ الْعَامَّةُ مِنْ خُصُومَةِ قُضَاتِهِمْ لأِقْضِيَةِ حَكَمُوا بِهَا، وَلاَ تُسْمَعَ عَلَيْهِمْ دَعْوَاهُمْ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ، لأِنَّ فِي ذَلِكَ امْتِهَانًا لِمَنْصِبِ الْقَضَاءِ، وَإِهَانَةً لِلْقُضَاةِ وَاتِّهَامًا لِنَزَاهَتِهِمْ، وَلأِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى رَغْبَةِ الْعُلَمَاءِ عَنِ الْقَضَاءِ، وَلأِنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ أَحْكَامِهِمْ وَكَوْنُهَا صَوَابًا، لأِنَّهُ لاَ يُوَلَّى إِلاَّ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلْوِلاَيَةِ، وَتَتَبُّعُ أَحْكَامِ الْقُضَاةِ تَشْكِيكٌ فِي نَزَاهَتِهِمْ، وَاتِّهَامٌ لَهُمْ فِي عَدَالَتِهِمْ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي (نَقْضٌ).

الأْحْكَامُ الأْصُولِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ :

لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ - وَهُوَ الْمُكَلَّفُ عِنْدَ الأْصُولِيِّينَ - شُرُوطٌ مِنْهَا: أَحَدُهَا: الْحَيَاةُ، فَالْمَيِّتُ لاَ يُكَلَّفُ، وَلِهَذَا لَوْ وَصَلَ عَظْمُهُ بِنَجَسٍ لَمْ يُنْزَعْ عَلَى الصَّحِيحِ.

الثَّانِي: كَوْنُهُ مِنَ الثَّقَلَيْنِ: الإْنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلاَئِكَةِ.

الثَّالِثُ: الْعَقْلُ، فَلاَ تَكْلِيفَ لِمَجْنُونٍ وَلاَ صَبِيٍّ لاَ يَعْقِلُ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمُلْحَقِ الأْصُولِيِّ.

مُرَاقَبَةٌ

التَّعْرِيفُ :

الْمُرَاقَبَةُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ رَاقَبَ، وَيُقَالُ: رَاقَبَهُ مُرَاقَبَةً وَرِقَابًا: رَقَبَهُ: أَيْ حَرَسَهُ وَلاَحَظَهُ، وَيُقَالُ: رَاقَبَ اللَّهَ أَوْ ضَمِيرَهُ فِي عَمَلِهِ أَوْ أَمْرَهُ: خَافَهُ وَخَشِيَهُ، وَفُلاَنٌ لاَ يُرَاقِبُ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ: لاَ يَنْظُرُ إِلَى عِقَابِهِ فَيَرْكَبُ رَأْسَهُ فِي الْمَعْصِيَةِ.

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ :

تَتَعَلَّقُ بِالْمُرَاقَبَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى

- يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ مَا يَأْتِي وَمَا يَدَعُ مِنَ الأْمُورِ، لأِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ وَمُحَاسَبٌ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلأِنَّ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مُسَجَّلٌ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:  ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) وَقَالَ: ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ).

وَمُرَاقَبَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ، قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ مُرَاقَبَةُ الْحَقِّ عَلَى دَوَامِ الأْوْقَاتِ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه أَنَّ جِبْرِيلَ رضى الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الإْحْسَانِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» قَالَ الزُّبَيْدِيُّ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : «فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ» إِشَارَةٌ إِلَى حَالِ الْمُرَاقَبَةِ، لأِنَّ الْمُرَاقَبَةَ عِلْمُ الْعَبْدِ بِاطِّلاَعِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِ، وَاسْتِدَامَتُهُ لِهَذَا الْعِلْمِ مُرَاقَبَةٌ لِرَبِّهِ، وَهَذَا أَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ.

دَوَامُ الْمُرَاقَبَةِ لِتَحَقُّقِ الْحِرْزِ

- قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمَسْرُوقِ لِوُجُوبِ الْقَطْعِ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ أُمُورٌ مِنْهَا:

أَنْ يَكُونَ مُحْرَزًا بِمُلاَحَظَةِ أَوْ حَصَانَةِ مَوْضِعِهِ، وَشَرْطُ الْمُلاَحِظِ قُدْرَتُهُ عَلَى مَنْعِ سَارِقٍ بِقُوَّةٍ أَوِ اسْتِغَاثَةٍ، وَالدَّارُ الْمُنْفَصِلَةُ عَنِ الْعِمَارَةِ إِنْ كَانَ بِهَا قَوِيٌّ يَقْظَانُ حِرْزٌ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ وَإِغْلاَقِهِ، وَإِلاَّ فَلاَ، وَالدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْعُمْرَانِ حِرْزٌ مَعَ إِغْلاَقِهِ وَمَعَ حَافِظٍ وَلَوْ نَائِمٍ، وَمَعَ فَتْحِهِ وَنَوْمِهِ غَيْرُ حِرْزٍ لَيْلاً وَكَذَا نَهَارًا فِي الأْصَحِّ، وَكَذَا يَقْظَانُ فِي دَارٍ تَغَفَّلَهُ سَارِقٌ وَسَرَقَ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ فِي الأْصَحِّ، لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِ الْمُرَاقَبَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، وَالثَّانِي مُقَابِلُ الأْصَحِّ: أَنَّهَا حِرْزٌ لِعُسْرِ الْمُرَاقَبَةِ دَائِمًا.

وَأَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ الآْخَرُونَ الْحُكْمَ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا لَفْظَ الْمُرَاقَبَةِ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي (سَرِقَةٌ ف 37 - 41).