1- الرهن الذي قصده الشارع فى خيانة الأمانة المعاقب عليها بالمادة 341 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم المطعون فيه هو الرهن الحيازي دون الرهن الرسمي، والمتعاقد فى عقد الرهن الحيازي كما عرفته المادة 1096 من القانون المدني الذي يتصور ارتكابه خيانة الأمانة هو المرتهن الذي يتسلم الشئ المرهون بناء على عقد الرهن فيصير فى حيازته الناقصة ويلتزم بالمحافظة عليه ورده عيناً إلى الراهن بعد استيفاء حقه، فيستولى عليه مدعياً ملكيته لنفسه منكراً ملكية الراهن له، فلا يتصور وقوع هذه الجريمة من المدين الراهن الذي ظل الشئ المرهون فى حيازته هو ثم تصرف فيه باعتباره مالكاً له. وكانت المادة 323 مكرراً من قانون العقوبات قد اعتبرت فى حكم السرقة اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضماناً لدين عليه أو آخر، يستوي فى ذلك أن يكون الشئ المر هون قد انتقل إلى حيازة الدائن أو ظل الشيء المرهون فى حيازة الراهن وسواء كانت لضمان لدين عليه أو على آخر دون أن يؤثر فى ذلك معنى السرقة كما هو متعارف عليه إذ له فى هذه الجريمة مدلول آخر خاص به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين دون أن يبين سنده فى إدانتهما بالمادة 341 من قانون العقوبات، مع أن الشئ المرهون إلى حيازة الدائن المرتهن البنك كما لم يعرض لدلالة ما انتهى إليه من اختلاس الطاعنين للشئ المرهون من غيرهما فى مدى توافر أركان الجريمة المعاقب عليها بالمادة 323 مكرراً من قانون العقوبات، فإنه يكون فوق فساده فى الاستدلال معيباً بالقصور.
(الطعن رقم 19198 لسنة 64 جلسة 2000/11/23 س 51 ص 769 ق 152)
اختلاس الأشياء المرهونة
علة التجريم :
نص الشارع على جريمة اختلاس الأشياء المرهونة في المادة 323 مكرراً من قانون العقوبات، فقال « ويعتبر في حكم السرقة كذلك اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضماناً لدين عليه أو على آخر . ولا تسري في هذه الحالة أحكام المادة 312 من هذا القانون إذا وقع الاختلاس إضراراً بغير من ذكروا بالمادة المذكورة » وقد أراد الشارع أن يحمي بهذا النص « حق الرهن »، وهو حق عيني تبعي يستمد أهميته من كونه تأميناً للدائن المرتهن، من أجل استيفاء حقه متقدماً على الدائنين العاديين ومتتبعاً المال المرهون في أي يد يكون؛ وللرهن بالإضافة إلى ذلك أهمية اجتماعية باعتباره يتيح ذيوع الائتمان بما يحمله ذلك من ازدهار اقتصادي .
أركان الجريمة :
تقوم الجريمة على أركان ثلاثة : موضوع الجريمة، وهو شيء منقول مرهون؛ ورکن مادی قوامه فعل الاختلاس؛ وركن معنوي يتخذ صورة القصد الخاص.
المنقول المرهون : تطلب الشارع في موضوع هذه الجريمة أمرين : أن يكون منقولا وأن يكون مرهوناً.
اشتراط أن يكون موضوع الجريمة منقولاً: في تحديد مدلول المنقول نحيل إلى القواعد التي سلف تفصيلها في السرقة وتطبيقاً لها يجوز أن يكون موضوعاً للجريمة العقار بالتخصيص وأجزاء العقار بطبيعته إذا فصلت عنه فصارت منقولاً ولما كان الرهن الحيازي قد يرد على العقار المواد 1114 - 1116 من القانون المدني)، فإن راهن العقار الذي يسترد من حيازة مرتهنه العقار بالتخصيص الملحق به أو يستخرج منه أحجاراً أو معادن أو ينتزع أبوابه يرتكب هذه الجريمة .
اشتراط أن يكون موضوع الجريمة مرهونا : هذا العنصر في موضوع الجريمة هو أهم عنصریه فهو المتصل بعلة التجريم ذلك أن الحق الذي يحميه القانون يتولد عن رهن الشيء ويستوي أن يكون الرهن مدنياً أو تجارياً والرهن التجاري هو الذي يضمن الوفاء بدين تجاري.
ويثور التردد في شأن الرهن الذي لا يقتضي نقل حيازة المال المرهون إلى المرتهن، وإنما يبقيه في حيازة الراهن محملاً بحق المرتهن وهذه الرهون قد ذاعت في الوقت الحاضر لأنها بعدم حرمانها الراهن من حيازة ماله واستغلاله تبقى له نشاطه الاقتصادي، وفي ذات الوقت لا تنقص من الضمان الذي يكفل للمرتهن بالنظر إلى أن إجراءات القيد تتيح له ممارسة حقى التقدم والتتبع في مواجهة الكافة وغني عن البيان أن الحق الذي أراد الشارع حمايته بالعقاب على اختلاس الأشياء المرهونة يتوافر في حالات الرهن غير الحيازي، وقد يكون في صورة أوضح منها في حالات الرهن الحيازي لذلك نرى أن يطبق نص التجريم على اختلاس المال المرهون رهنا غير حیازی وتطبيقاً لذلك ترتكب الجريمة إذا كان الرهن رسمياً وانتزع الراهن أجزاء من العقار فصارت منقولات ثم أخفاها أو تصرف فيها . وإذا اتفق في البيع بالتقسيط على أن يكون للبائع حق رهن على المبيع لحين سداد الأقساط - وهو اتفاق جائز - فإن المشتري الذي يتصرف في المال الذي انتقلت إليه ملكيته وحيازته إضراراً بحق البائع المرتهن يرتكب هذه الجريمة وترتكب هذه الجريمة كذلك في حالة رهن السفينة أو الطائرة، وهو رهن لا يقتضي انتقال الحيازة إلى المرتهن ويستوي أن يكون عقد الرهن صحيحاً أو باطلاً ونقول بهذا الحكم قياساً على ما هو مسلم به في جريمة خيانة الأمانة من أن بطلان عقد الأمانة لا يحول توافر أركان الجريمة، بالإضافة إلى أن الرهن الباطل قد ولد من حيث الواقع ثقة لدى المرتهن وارتبط به نوع من الائتمان، وهو ما يجب أن يحميه القانون .
الاختلاس :
الاختلاس هو « كل فعل من شأنه المساس بحقوق الدائن المرتهن » وتجتمع حقوق الدائن المرتهن في أصل واحد هو حقه في أن يستوفي دينه من ثمن بيع المال المرهون بالأولوية على الدائنين وسائر الدائنين المرتهنين الأدنى منه درجة، ومتتبعاً ذلك المال في أي يد يكون وتطبيقاً لذلك، فإن كل فعل يمس - في صورة ما – هذه الحقوق يعتبر اختلاسا للمال المرهون : فيعد اختلاساً للمال استرداد الراهن له من حيازة مرتهنه ؛ ونقله من مكانه الذي أودعه فيه المرتهن إلى مكان آخر يجهله ؛ وتسليمه إلى دائن آخر؛ ويعتبر اختلاساً كذلك إتلاف المال أو تعييبه إذا كان من شأنه ألا يكفي بعد تعييبه لإيفاء الدائن حقه ولا يمحو الاختلاس أن يحل الراهن مالا محل المال المرهون الذي اختلسه ولو كان يعادله قيمة أو يزيد عليه قيمة، بل ولو كان يماثله، ذلك أن الرهن باعتباره حقاً عينياً يتخصص بمال بالذات، فلا يقبل أن يحل محله مال آخر.
ولا يمحو الاختلاس أن يسدد الراهن كل دينه بعد الاختلاس، أو أن يعرض بعد الاختلاس سبب لانقضاء الدين كالإبراء أو المقاصة، ولا يمحوه كذلك أن ينقضي الرهن بعد الاختلاس.
وهذه الجريمة وقتية، وتاريخها هو تاريخ ارتكاب فعل الاختلاس، وليس تاریخ نشوء حق الرهن أو نشوء الدين المضمون به .
القصد الجنائي :
جريمة اختلاس الأشياء المرهونة جريمة عمدية، ويتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الخاص .
يتطلب القصد العام علم المتهم بأن المال مرهون، وان من شأن فعله المساس بحق المرتهن عليه، واتجاه إرادته إلى المساس به ويقوم القصد الخاص بنية المتهم حرمان المرتهن من حقوقه وعرقلة استيفائه حقه عن طريق المال المرهون . وينتفي القصد إذا خلط المتهم بين المال المرهون ومال آخر، أو اعتقد انقضاء الدين أو الرهن أو جهل أن من شأن فعله المساس بحق المرتهن . وينتفي كذلك إذا انتفت لدى المتهم نية حرمان المرتهن من حقوقه، كما لو كان يستهدف بفعله مجرد صيانة المال المرهون من خطر او إصلاح عطب به أو استعماله وكان منتوياً رده إلى مرتهنه وتمكينه من استيفاء حقه.
ولا عبرة بالباعث الذي توافر لدى المتهم، أكان الانتقام من المرتهن او تفضيل دائن آخر عليه أو الحاجة إلى النقود .
عقوبة الجريمة : حدد الشارع لهذه الجريمة ذات عقوبة السرقة، فتوقع من أجلها عقوبة السرقة البسيطة إن تجردت من الظروف المشددة، وتشدد هذه العقوبة إذا توافر أحد هذه الظروف .
ويرد على إخضاع عقوبة جريمة اختلاس الأشياء المرهونة للأحكام التي تخضع لها عقوبة السرقة استثناء : فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 332 مكرراً من قانون العقوبات على أنه «لا تسري في هذه الحالة أحكام المادة 312 من هذا القانون إذا وقع الاختلاس إضراراً بغير من ذكروا بالمادة المذكورة ». ويشير هذا النص إلى عدم تطبيق القواعد المختصة بتعليق تحريك الدعوى الجنائية على شكوى المجنى عليه التي نصت عليها المادة 312 من قانون العقوبات على جريمة اختلاس الأشياء المرهونة إذا ارتكب الاختلاس إضراراً بغير زوج المجني عليه أو أحد أصوله أو فروعه. ويشير هذا النص بذلك إلى حالة تطبق فيها هذه القيود وحالة لا تطبق فيها : أما الحالة التي تطبق فيها، فهي أن يرتكب الاختلاس إضراراً بالزوج أو أحد الأصول أو الفروع، فإذا اختلس المتهم المال المملوك له الذي رهنه المصلحة زوجه أو أصله أو فرعه سری القيد على تحريك الدعوى . وهذا الحكم منطقی، فلا يعقل أن يطبق القيد إذا سرق المتهم المال المملوك لزوجه أو أصله أو فرعه . ولا يطبق إذا اختلس ماله الذي رهنه لواحد من هؤلاء . ويسري القيد كذلك إذا كانت تربط بين المتهم وكل من الراهن والمرتهن الصلة التي حددها القانون . كما لو اختلس الابن المال المملوك لأبيه الذي رهنه لمصلحة أمه أما الحالة التي لا يسري فيها القيد . والتي أشارت إليها الفقرة الثانية من المادة 323 مكرراً من قانون العقوبات، فتفترض أنه لا تربط المتهم بالمرتهن الصلة التي حددها القانون، ولكن تربطه بمالك المال هذه الصلة، ومثالها أن يختلس شخص المال المملوك لزوجه أو أصله أو فرعه الذي رهنه لمصلحة شخص أجنبي عنه، وعلة عدم سريان القيد أن الفعل قد أهدر حق شخص لا تربطه بالمتهم هذه الصلة . ويلاحظ أنه إذا استولى شخص على المال المملوك لزوجه أو أصله أو فرعه المرهون الشخص أجنبي عنه بنية تملكه ففعله سرقة، ومع ذلك لا يسرى القيد رعاية الحقوق المرتهن التي أراد الشارع ألا يمس القيد بها. (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة : 1072 )
ويقتضي تطبيق المادة 323 مكرراً أن يقع الاختلاس علی شیء منقول مرهون، فلا يسرى النص على العقار المرهون، ولا يشترط أن يكون عقد الرهن الحيازي صحيحاً، فمجرد وجود عقد الرهن، ولو كان باطلاً، يكفي لوقوع الجريمة ولكن لا تقع الجريمة إذا لم نكن بصدد عقد رهن، فإذا باع شخص لآخر سيارة بالتقسيط، واشترط البائع في العقد الاحتفاظ بملكية السيارة ضماناً لدفع باقي الأقساط، فإن العقد يعتبر عقد بیع لا عقد رهن، ولذلك فإن تصرف المشتري في السيارة لا تقع به الجريمة .
ويشترط أن تقع الجريمة من الراهن سواء أكان هو المدين أو كان شخصا غير المدين رهن الشيء ضماناً لدين على شخص آخر.
ويحمل الاختلاس في هذه الجريمة ذات المعنى الذي حددناه لجريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها فيمتد ليشمل، فضلاً عن نزع حيازة الشيء، إخفاءه وإتلافه.
ويجب أن يتوافر لدي الراهن قصد تفويت حق الدائن المرتهن في الشيء المرهون.
العقوبة :
جعلت المادة 323 مكرراً جريمة اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها في حكم السرقة ويترتب على ذلك أن توقع على هذا الاختلاس عقوبة السرقة وهي الحبس مع الشغل لمدة لا تتجاوز سنتين (م 318)، وإذا اقترن بالظروف المشددة المذكورة في المواد من 313 إلى 317 انطبقت عليه العقوبات المبينة في المواد المذكورة، كما تطبق على هذا الاختلاس الأحكام الخاصة بمراقبة البوليس (م 320) والشروع (م 321).
غير أن المشرع استثنى من خضوع جريمة اختلاس الأشياء المرهونة لأحكام جريمة السرقة الحكم الوارد في المادة 312 وذلك بنصه في الفقرة الثانية من المادة 323 مكرراً على أن : «لا تسري في هذه الحالة أحكام المادة 312 من هذا القانون إذا وقع الاختلاس إضرارا بغير من ذكروا بالمادة المذكورة »
وقد جاء بالمذكرة التفسيرية لمشروع القانون الذي أضاف المادة 323 مكرراً أنه قد قصد بذلك عدم تطبيق المادة 312 إذا كان المختلس قد اختلس أشياء مرهونة من زوجه أو أحد أصوله أو فروعه لشخص ثالث، لأن الاختلاس في هذه الصورة، وإن كان واقعاً على مال مملوك للزوج أو الأصل أو الفرع، إلا أنه يضر بهذا الدائن المرتهن الذي وضع النص الجديد لحمايته، وعلى العكس ينطبق الإعفاء (القيد) إذا كان المختلس قد اختلس أشياء مرهونة لزوجه أو أحد أصوله أو فروعه.
ويلاحظ أن جريمة اختلاس الأشياء المرهونة تختلف من هذه الوجهة عن جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها، فالجريمة الأخيرة يستبعد بالنسبة لها تطبيق المادة 312 ولو وقعت إضرارا بالزوج أو أحد الأصول أو الفروع، ويفسر ذلك أن جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها تقع بالإضافة إلى الإضرار بحق الدائن الحاجز اعتداء على أوامر السلطة العامة. أما جريمة اختلاس الأشياء المرهونة ممن رهنها فهي تقع إضراراً بحق الدائن المرتهن فحسب.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 834)
تقوم هذه الجريمة على أركان ثقة هي :
أولاً: موضوع الجريمة :
تطلب الشارع في موضوع الجريمة أمرين أن يكون منقولاً وأن يكون مرهوناً.
(أ) أن يكون منقولاً: وفي تحديد مدلول المنقول يرجع إلى القواعد الخاصة به في السرقة وتطبيقاً لها يجوز أن يكون موضوعاً للجريمة العقار بالتخصيص وأجزاء العقار بطبيعته إذا فصلت عنه فصارت منقولا ولما كان الرهن الحيازي قد يرد على العقار (المواد 1114-1116 من القانون المدني) فإن راهن العقار الذي يسترد من حيازة مرتهنة العقار بالتخصيص الملحق به أو ينتزع أبوابه يرتكب هذه الجريمة.
(ب) أن يكون محل الاختلاس أشياء منقولة: رهنها الجاني إلى الدائن المرتهن بموجب عقد رهن حيازي وفقاً لأحكام القانون المدني والتجاري وقد ثار خلاف بين الفقهاء حول ما إذا كان من الضروري أن يكون الرهن صحيحاً لقيام الجريمة من عدمه والرأي الراجح أن اختلاس الشئ المرهون معاقب عليه حتى ولو كان عقد الرهن مشوباً بالبطلان مادام لم يكن منعدماً ويلاحظ أنه يلزم أن يكون الشئ المرهون في حيازة الدائن المرتهن أو الغير لكي تتحقق الجريمة أما إذا كان في حيازة الراهن فإن اختلاسه له يكون جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها في المادة 431.
ثانياً : فعل الاختلاس :
يقصد بالاختلاس كل فعل يسلب تأمين الدائن المرتهن أو يضيعه ويكون ذلك بانتزاع حيازة الشيء المرهن منه أو بإخفائه أو ما إليه فالاختلاس في هذه الجريمة تتميز صوره الفعلية على النحو الذي يقع به في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة ولايتطلب القانون أن يكون المرهون قد نقلت حيازته المادية من الراهن إلى الدائن فالنص كما ينطبق في حالة الرهن مع نقل الحيازة ينطبق في حالة بقاء الحيازة للراهن .
ثالثا : القصد الجنائي :
جريمة اختلاس الأشياء المرهونة جريمة عمدية ويتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الخاص ويتطلب القصد العام على المتهم بأن المال مرهون وأن من شأن فعله المساس بحق المرتهن عليه واتجاه إرادته إلى المساس به ويقوم القصد الخاص بنية المتهم حرمان المرتهن من حقوقه وعرقلة استيفائه حقه عن طريق المال المرهون وينتفي القصد إذا خلط المتهم بين المال المرهون ومال آخر أو اعتقد انقضاء الدين أو الرهن أو جهل أن من شأن فعله المساس بحق المرتهن وينتفي كذلك إذا انتفت لدى المتهم نية حرمان المتهم من حقوقه كما لو كان يستهدف بفعله مجرد صيانة المال المرهون من خطر أو اصلاح عطب به أو استعماله كان منتویاً رده إلى مرتهنه وتمكينه من استيفاء حقه. ولا عبرة بالباعث الذي توافر لدى المتهم أكان الانتقام من المرتهن أو تفضيل دائن آخر عليه أو الحاجة إلى النقود.
وهذا النص يقضي بأنه يعتبر في حكم السرقة اختلاس الأشياء المنقولة الواقع ممن رهنها ضماناً لدين عليه أو على آخر وينبني على أن هذا الاختلاس يعتبر في حكم السرقة أن تنطبق عليه العقوبة المقررة في المادة 318 وأنه إذا اقترن بالظروف المشددة المذكورة في المواد من 313 إلى 317 انطبقت عليه العقوبات المبينة في المواد المذكورة كما ينبني على ذلك أن تنطبق على هذا الاختلاس أحكام المادتين 321، 322 الخاصتين بالشروع والإخفاء. وتقضي الفقرة الثانية من المادة 323 مكرراً بعدم سريان أحكام المادة 312 إذا وقع الاختلاس أضراراً بغير من ذكروا بالمادة المذكورة.
وقد قصد بذلك عدم الإعفاء من العقاب إذا كان المختلس قد اختلس أشياء مرهونة من زوجه أو أحد أصوله أو فروعه لشخص ثالث لأن الاختلاس فی هذا الصورة وأن كان واقعا على مال مملوك للزوج أو الأصل أو الفرع ألا أنه يضر بهذا الدائن المرتهن الذي وضع النص الجديد لحمايته وعلى العكس ينطبق لإعفاء إذا كان المختلس قد اختلس أشياء مرهونة منه لزوجه أو أحد أصوله أو فروعه.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع، الصفحة : 181)
تقع الجريمة من الراهن على منقول مملوك له، سواء كان الراهن هو المدين أو غير المدين الذي رهن منقولاً مملوكاً له ضماناً لدين على شخص آخر. ويتطلب قيام هذه الجريمة توافر ثلاثة أركان هي:
أولاً : محل الجريمة :
هو المنقول المرهون، فيلزم أن تقع الجريمة على شيء منقول رهن ض مانا الدين. وقد سبق تحديد المقصود بالمنقول عند التعرض لجريمة السرقة، وهو ذات المدلول في جريمة اختلاس الأشياء المرهونة. ومن ثم فإن العقار بالتخصيص يمكن أن يكون محلا لهذه الجريمة، وكذلك أجزاء العقار بطبيعته إذا انتزعت منه فصارت منقولا.
ويلزم أن تقع الجريمة على منقول مرهون، سواء الرهن مدنياً أو تجارياً، وسواء كان الرهن حيازياً، تنتقل بمقتضاه حيازة المرهون إلى الدائن المرتهن، أو غير حيازي، تظل الحيازة فيه للمدين الراهن. وتطبيقاً لذلك يرتكب جريمة إختلاس الأشياء المرهونة المشتري لمنقول محمل بحق رهن لمصلحة البائع لحين سداد باقي الثمن، إذا تصرف في المبيع إضراراً بحق البائع المرتهن.
ولا يشترط لقيام جريمة اختلاس الأشياء المرهونة أن يكون عقد الرهن صحيحاً وفقاً لقواعد القانون المدني، فالجريمة تتحقق باختلاس الشيء المرهون ولو كان عقد الرهن باطلاً، لأن الرهن الباطل إذا اتخذ مظهر الرهن الصحيح يكون رهناً فعلياً، ومن ثم يولد ثقة لدى المرتهن الذي قد يجهل سبب البطلان، ولذا وجب أن يسبغ القانون عليه حمايته.
ثانياً : فعل الاختلاس:
الاختلاس يقع من راهن الشيء المنقول، سواء كان هو المدين أو المقترض أو كان شخصا آخر رهن المنقول المملوك له ضمانا لدين غيره. والإختلاس هو كل فعل من شأنه الإضرار بحقوق الدائن المرتهن. ويشمل ذلك إسترداد الراهن للمال المرهون من حيازة المرتهن، ونقله إلى مكان يجهله المرتهن، وتسليمه إلى دائن آخر ضماناً لدين جديد، وإتلاف المال اتلافاً كلياً أو جزئياً إذا كان ما تبقى منه لا يكفي للوفاء بحق الدائن المرتهن. ويتحقق الإختلاس ولو قدم الراهن ما ليحل محل المال المرهون الذي اختلسه، كما تقوم الجريمة ولو سدد الراهن دينه بعد أن اختلس المال المرهون، أو انقضى الرهن أو الدين لأي سبب بعد إتيان فعل الاختلاس.
ثالثاً : الركن المعنوي:
جريمة اختلاس الأشياء المرهونة عمدية، لذلك يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي. والقصد المتطلب لقيامها هو القصد الخاص. ويتوافر القصد بعلم المتهم بأن المال مرهون وأن من شأن فعله المساس بحق المتهم، واتجاه إرادته إلى فعل الاختلاس. ويتطلب القصد نية خاصة هي نية الإضرار بالمرتهن، عن طريق حرمانه من استيفاء حقه من المال المرهون. فإذا انتفت هذه النية، انتفى القصد الجنائي لدى المتهم، مثال ذلك أن يستهدف من فعله مجرد إستعمال المال المرهون أو إصلاحه ثم رده إلى حيازة المرتهن. ولا عبرة بالبواعث التي حركت المتهم، فقد يكون الإنتقام من المرتهن أو الحاجة إلى ثمن الشيء المرهون أو غير ذلك.
العقوبة :
اعتبر المشرع اختلاس الأشياء المرهونة في حكم السرقة من حيث العقوبة، وهو ما يعني أن تطبق على هذه الجريمة جميع أحكام عقوبة السرقة، سواء البسيطة أو المشددة. كما يعاقب على الشروع فيها بعقاب الشروع في السرقة، إذا كانت جنحة طبقاً لنص المادة (321) من قانون العقوبات.
وقد استبعد المشرع من أحكام العقاب على السرقة الحكم الخاص بتعليق تحريك الدعوى الجنائية على شكوى المجني عليه، فلا يسري هذا الحكم على جريمة إختلاس الأشياء المرهونة، إذا كان المجني عليه فيها غير ما ذكروا في المادة (312) من قانون العقوبات. ويعني ذلك أنه إذا كان الإختلاس قد وقع إضراراً بغير الزوج أو أحد الأصول أو الفروع، كما لو إختلس المتهم مالاً مملوكاً له رهناً لمصلحة زوجه أو أبيه إضراراً بحق أي منهما على المال المرهون.
وهذه التفرقة في سريان القيد على حق النيابة العامة لها ما يبررها، فإذا كان المرتهن أجنبيا عن المتهم، فاختلاس الشيء المرهون يقع إضراراً بشخص لا تربطه بالمتهم صلة قرابة أو زوجية، ومن ثم لا يكون هناك مبرر لتقييد حق النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية عن الجريمة. أما حين يكون المرتهن المجني عليه في جريمة اختلاس الأشياء المرهونة زوجاً أو قريباً، فإن الجريمة تقع إضرار بحقوقه، ومن ثم وجب أن يتقيد حق النيابة العامة بصددها بما يتقيد به إذا كان المتهم قد سرق المال المملوك لزوجه أو قريبه. وتختلف جريمة اختلاس الأشياء المرهونة في هذه الخصوصية عن جريمة إختلاس الأشياء المحجوز عليها، ومرد هذا الإختلاف إلى أنه في الجريمة الأخيرة يشكل الاختلاس مساساً بالاحترام الواجب للحجز واعتداء على السلطة العامة التي أمرت به.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة: 330)
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحة: 282
(مادة 574)
يعاقب بالحبس على السرقة إذا لم يتوافر فيها أحد الظروف أو الحالات المبينة في المواد السابقة من هذا الفصل .
ويعد سارقاً ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من اختلس منقولاً مملوكاً له كان قد رهنه ضماناً لدين عليه أو على غيره .
ويعد سارقاً كذلك ويعاقب بذات العقوبة كل من عثر على شيء أو حيوان مفقود ، ولم يرده إلى صاحبه متى تيسر ذلك ، أو لم يسلمه إلى مقر الشرطة أو جهة الإدارة خلال ثلاثة أيام إذا احتبسه بنية تملكه ، أما إذا احتبسه بعد إنقضاء تلك الفترة بغير نية التملك ، فتكون العقوبة الغرامة التي لا تجاوز مائة جنيه .
كما يعد سارقاً ويعاقب بذات العقوبة كل من يستولي بغير حق وبنية التملك على مال ضائع ، أو وقع في حيازته بطريق الغلط أو الصدفة .
ويجوز أن تبدل بالعقوبة المنصوص عليها في هذه المادة الغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه ، إذا كان المسروق حاصلات أو ثمار زراعية لم تنقل من الحقل أو البستان

