loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1- إن الشارع قد قصد بالمادة 338 من قانون العقوبات حماية القصر من طمع كل من تحدثه نفسه بأن يستغل شهواتهم و هوى أنفسهم و ينتهز فرصة ضعفهم و عدم خبرتهم فيحصل منهم على كتابات أو سندات ضارة بمصالحهم من قبيل ما هو منصوص عليه فى تلك المادة . و بمقتضى عموم النص يجب أن يدخل فى متناول هذه الحماية كل قاصر لم يبلغ الحادية و العشرين سنة أو بلغها و مدت عليه الوصاية ، فلا يخرج عن متناولها القاصر الذى يتسلم أمواله بعد بلوغه الثمانى عشرة سنة ليقوم بإدارتها ، فإنه ليس له أن يباشر إلا أعمال الإدارة الواردة على سبيل الحصر فى المادة 29 من قانون المجالس الحسبية على أن يقدم عنها حساباً للمجلس الحسبى ، و إذ كان الإفتراض غير وارد ضمن ما أجيز لهذا القاصر مباشرته بل كان محظوراً عليه كما هو محظور على الوصى بمقتضى نصوص القانون المذكور فإن المادة 338 من قانون العقوبات تكون منطبقة على من يستغل ضعفه و يحصل منه على سند بدين .

(الطعن رقم 1877 لسنة 12 جلسة 1942/10/19 س ع ع 5 ص 693 ق 444)

 

.

شرح خبراء القانون

انتهاز احتیاج أو ضعف أو هوى نفس القاصر:

نصت على هذه الجريمة المادة 338 من قانون العقوبات في قولها « كل من انتهز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس شخص لم تبلغ سنه الحادية والعشرين سنة كاملة أو حكم بامتداد الوصاية عليه من جهة الاختصاص وتحصل منه إضراراً به على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية يعاقب أياً كانت طريقة الاحتيال التي استعملها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين ويجوز أن تزيد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري وإذا كان الخائن مأموراً بالولاية أو بالوصاية على الشخص المغدور فتكون العقوبة السجن من ثلاث سنين إلى سبع.

وقد ألحق الشارع هذه الجريمة بالنصب لأن مسلك المتهم قد انطوى على غش فقد انتهز الظروف الخاصة بالمجني عليه التي تتمثل في صغر سنه واحتياجه أو ضعفه أو هوى نفسه واستغلها لحمله على تصرف ضار بمصالحه وفي الغالب يحقق المتهم لنفسه نفعاً مالياً غير مشروع وعلى هذا النحو فإن ما يقرب بين هذه الجريمة والنصب أن فعل المتهم هو صورة من الاحتيال على المجني عليه والاستغلال السيء لظروفه ولكن يفرق بينهما أن ما تفترضه هذه الجريمة من احتيال لم يرق إلى مرتبة الطرق الاحتيالية وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الجريمة لا تفترض وقوع المجني عليه في غلط فقد يكون على بينة من الضرر الذي سوف يصيبه بالعمل الذي يحمل عليه ولكنه لا يستطيع تفاديه لخضوعه لضغط الاحتياج أو الضعف أو الهوى .

علة التجريم: هدف الشارع بهذا الجريم إلى حماية القصر من استغلال المرابين ومن شابههم الذين ينتهزون ضعفهم وعدم خبرتهم فيحملونهم على تصرفات ضارة بهم ويحصلون منهم على مزايا لا تتناسب مع ما قدموه لهم وما كان يتاح لهم الحصول عليها لو كان تعاملهم مع أشخاص بالغين وقد لاحظ الشارع أن البطلان الذي يقرره القانون المدني لهذه التصرفات غير كافي فالمطالبة بالبطلان تقتضي دعوى قد لا يرفعها القاصر ضنا بمصاريفها أو بما تقتضيه من وقت وجهد وبالإضافة إلى ذلك فإن التصرف الباطل يتضمن التزاماً طبيعياً وقد يعتقد المجني عليه أن الأخلاق تحتم عليه الوفاء به وقد يكون هذا التصرف أساساً لمحاولات ضغط يمارسها المتعاقد مع القاصر على ذويه أو عليه فيحصل على المزايا المالية التي استهدفها عن طريق الاستغلال .  

أركان الجريمة، تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة : حالة المجني عليه إذ يتعين أن يكون قاصراً والركن المادي الذي يفترض العناصر التالية : الفعل الذي يتمثل في انتهاز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس المجني عليه والنتيجة التي تتمثل في حصول المتهم على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة باقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية ويفترض الركن المادي كذلك الإضرار بالمجني عليه وهذا الإضرار وصف للنتيجة ويتعين أن تتوافر علاقة السببية بين الفعل والنتيجة وتتطلب هذه الجريمة في النهاية ركناً معنوياً يتخذ صورة القصد الجنائي .

حالة المجني عليه : حدد الشارع حالة المجنى عليه بأنه «لم تبلغ سنه الحادية والعشرين سنة كاملة أو حكم بامتداد الوصاية عليه من الجهة ذات الاختصاص » ويعني ذلك أن الشارع يتطلب أن يكون المجني عليه قاصراً ويلحق بالقاصر من بلغ سن الرشد ولكن حكم بامتداد الوصاية عليه تطبيقاً للمادتين 13 و 30 من قانون المحاكم الحسبية ويشمل النص « امتداد الولاية » كذلك ، لاتحاد العلة.

ولا يحول دون قيام الجريمة أن يكون القاصر مأذوناً له بإدارة أمواله وفقاً للمادة الثانية من قانون المحاكم الحسبية ، فالنص عام يسري على كل من لم يبلغ الحادية والعشرين سنة كاملة وبالإضافة إلى ذلك فإن الإذن له بإدارة أمواله لا ينفي نقص أهليته وحاجته إلى الحماية ممن يستغلونه وفي النهاية فإن الإقراض والاقتراض لم يردا ضمن الأعمال القانونية التي يجوز للقاصر المأذون مباشرتها ولكن إذا أذن للقاصر بالتجارة المادة الثالثة من قانون المحاكم الحسبية فهو يعتبر  كامل الأهلية فيما أذن له به ولما كان الإقراض والاقتراض من الأعمال الضرورية لمباشرة التجارة فهذه الجريمة لا يتصور ارتكابها إزاءه في نطاق أعماله التجارية أما ما جاوز هذا النطاق فيعتبر قاصراً ويتصور ارتكاب الجريمة إزاءه.

ولكن لا تقوم الجريمة إذا كان المتعاقد محجوراً عليه قضاء لجنون أو عته أو سفه على الرغم من نقص أهليته وشموله بالقوامة ذلك أن النص اقتصر على الإشارة إلى من لم يبلغ الحادية والعشرين أو حكم بامتداد الولاية عليه ولا يسرى النص - من باب أولى - على حالة المحجور عليه قانوناً للحكم عليه بعقوبة جناية المادة 25 من قانون العقوبات خاصة وأن هذا النوع من الحجر لا يعني نقصان الأهلية . وتخرج من نطاق هذا النص كذلك الشيخوخة أو المرض البدني أو العقلي أو النفسي إذا أضعف من إرادة الشخص وجعله خاضعاً لنزواته .

الركن المادي للجريمة : قوام هذا الركن فعل، هو انتهاز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس المجنى عليه ؛ ونتيجة ، هي تحصل المتهم من المجني عليه على سند أو تنازل مما نص عليه القانون بشرط أن يكون من شأن ذلك الإضرار به؛ وعلاقة سببية تربط بين الفعل والنتيجة .

انتهاز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى نفس المجني عليه : يمثل هذا العنصر الفعل الذي تقوم به الجريمة ويعني انتهاز الاحتياج أو الضعف أو هوى النفس « استغلال » المتهم للمجني عليه والاستغلال هو الاستفادة على نحو غير عادل من ظروف خاصة فالفرض أن المتهم ينتهز معاناة المجني احتياجاً أو ضعفاً أو هوى ليستنزف ثروته ويجني بذلك ربحاً لا يستحقه وأهم قرينة على الإستغلال هي انتفاء التناسب بين ما يقدمه المتهم وما يحصل عليه ثم كون ربحه لم يكن متاحا لو تعامل مع شخص ليست له ظروف المجني عليه.

ويفترض استغلال ظروف المجني عليه صدور فعل إيجابي عن المتهم ومن ثم لا تقوم الجريمة بمحض موقف سلبي ولكن لا يشترط أن تتوافر بهذا الفعل عناصر الطرق الاحتيالية وإلا كانت الجريمة نصباً ولا يشترط كذلك أن تكون الخطوة الأولى من جانب المتهم فقد تكون من جانب القاصر ثم يعقبها استغلال المتهم له .

والاحتياج يعني ظروفاً اقتصادية سيئة جعلت المجنى عليه لا يستطيع بالوسائل العادية إشباع متطلبات حياته المشروعة كالطعام أو السكن أو التعليم والضعف تعبير متسع يشمل جميع صور العجز عن الوقوف موقف التعادل إزاء المتعاقد الآخر فهو لظروفه في وضع دونه من حيث استطاعة الحصول على شروط ملائمة لمصلحته وأبرز صور الضعف تتضح في «عدم الخبرة » الذي يعني النقص في المعلومات وقصور المقدرة عن التبصر بالنتائج المحتملة للتصرفات سواء كان ذلك بصفة عامة أو بالنسبة للعمل القانوني الذي يراد الحمل عليه أما « هوى النفس » فيراد به « النزوات » أو في تعبير أعم الرغبات الطاغية التي تسيطر على المجني عليه، فيسعى إلى إشباعها مهما كلفه ذلك كعشقه شخصاً ورغبته في الإنفاق عليه إرضاء له أو شهوة اقتناء الجديد من السيارات أو إيمان الخمر أو المخدرات.

تحصل المتهم من المجني عليه على سند أو تنازل مما نص عليه القانون : عبر الشارع عن هذا العنصر بقوله إن المتهم تحصل من المجني عليه إضراراً به على « كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات التمسكية » وهذا العنصر يمثل النتيجة الإجرامية التي ترتبت على فعل المتهم وتعني هذه العبارة في صياغة مبسطة « تحریر سندات دين أو مخالصة من دين متعلقة بإقراض أو اقتراض نقود أو أشياء منقولة أو تنازل عن أوراق تجارية أو أية سندات أخرى».

وجوهر فكرة الشارع أن المتهم حمل المجني عليه على « عمل قانوني مكتوب » متعلق بقرض أو في تعبير آخر « سببه القانوني » قرض فقد أراد الشارع بهذا النص مكافحة نشاط المرابين الذين يستغلون قصر المجني عليه واحتياجه أو ضعفه أو هواه الإقراضه أو الحصول منه على قرض بشروط ضارة به ويغلب أن تكون محطمة له وقد أراد الشارع بما استعمله من عبارات أن يحيط بكل صور الإقراض والإقتراض ولو أخفيت تحت ستار عمل قانوني مختلف وبناء على ذلك فإن العمل القانوني الذي يحمل القاصر عليه استغلالاً لظروفه ولا تكون له صلة بقرض لا يصلح لتقوم به الجريمة مهما كان اضراره بالمجني عليه وهذا العنصر للجريمة يتطلب ما يلي أن يكون العمل القانوني الصادر عن القاصر مكتوباً وأن يكون تنفيذه مؤجلاً وأن يكون سببه » قرضاً فإذا توافرت هذه الشروط تحقق هذا العنصر ويستوي بعد ذلك أن يكون القرض صريحاً أو أن يستره الطرفان - عن طريق الصورية - تحت رداء قانوني  مختلف .

فلا تتوافر الجريمة إذا لم يكن ثمة عمل قانونی مکتوب كما لو كان ما تحصل عليه المتهم مجرد وعد شفوي أياً كان موضوعه أو سببه ولا تقوم الجريمة إذا كان العمل القانوني قد نفذ على الفور فلم تكن ثمة حاجة إلى تحرير سند به كما لو باع القاصر مالاً له وتسلم ثمنه على الفور أو اشترى مالاً وأدى ثمنه على الفور وإن أصابه غبن فاحش ولا تتوافر الجريمة إذا كان تنفيذ العمل القانوني فورياً ولو حرر في شأنه سند فبيع القاصر ماله بثمن بخس أو شراؤه مالاً بثمن باهظ لا تقوم به الجريمة ولو حرر به سند لإثباته وتحديد شروطه.

وأهم ما يتطلبه هذا العنصر هو أن يكون ما حصل عليه المتهم من تعامله مع القاصر سببه قرض سواء الإنشاء قرض في ذمة القاصر أو ذمة المتهم أو إنهاء قرض سابق في ذمة أحدهما وذلك واضح من قول الشارع أن السندات « متعلقة بإقراض أو اقتراض » والصورة الواضحة للجريمة أن يقرض المتهم القاصر نقوداً أو أن يقترض منه نقوداً وثمة صورة أخرى لهذه الجريمة إذا حصل المتهم من القاصر على سند يتنازل بموجبه عن دين له في ذمة المتهم وقد أشار الشارع إلى هذه الصورة في نصه على « سندات مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض».

وإلى جانب هذه الصورة الواضحة للجريمة حيث يوجد بين القاصر والمتهم عقد قرض صريح (و الغالب الأعم يكون موضوعه نقوداً وإن جاز أن يكون أي مال مثلى آخر) توجد صور يلجأ الأطراف فيها إلى ستر القرض في صورة عقد آخر فقد يسلم المتهم إلى القاصر منقولات (قد تكون قيمية) أو أوراقاً تجارية أو أوراقاً مالية أو يتسلم منه ذلك ويكون في نية الطرفين أن تحول هذه المنقولات أو الأوراق إلى نقود يلتزم من تسلمها برد مثلها في أجل معين وعلى سبيل المثال يسلم المتهم إلى القاصر منقولاً تقدر قيمته بألف جنيه ويكون في نية الطرفين أن يبيعه القاصر على الفور ويستحصل على ثمنه نظير تعهده برد المبلغ السابق أو مبلغاً يزيد عليه عند حلول أجل معين في هذا الفرض يصور المتعاقدان عقد القرض على أنه بيع وأن الثمن فيه مؤجل ومن الجائز أن يكون موضوع البيع ورقة تجارية أو مالية وقد سمي الشارع البيع في هاتين الحالتين « تنازلاً »، وقد عبر الشارع عن القرض الذي يستر في صورة بيع بقوله « إقراض أو اقتراض شيء من المنقولات أو تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية » وعبر عن إرادته الإحاطة بكل صور « القرض » ولو كان مستتراً بقوله « أياً كانت طريقة الاحتيال التي استعملها المتهم » وأعمالاً لعلة التجريم فإن الجريمة تقوم إذا ستر القرض في صورة عقد آخر غير البيع  ويدخل في سلطة القاضي استظهار التكييف الحقيقي للعقد أما إذا ثبت أن العلاقة بين القاصر والمتهم ليست قرضاً فلا تقوم الجريمة ولو كانت شروط التعاقد شديدة الإجحاف بالقاصر فاذا باع المتهم إلى القاصر ما لا بثمن باهظ أو اشترى منه مالاً بثمن بخس واتفق على إرجاء سداد الثمن فلا تقوم الجريمة طالما ثبت للقاضي أن عقد البيع حقيقى وأنه لا يخفي قرضاً وإذا استحصل المتهم من القاصر علی هبة فلا تقوم الجريمة أياً كانت قيمة المال الموهوب ولو كانت هذه القيمة تستغرق أغلب ذمته ولا تقوم الجريمة إذا حرر القاصر على نفسه «سند مجاملة » لمصلحة شخص آخر کي يتيح له بذلك خصم هذا السند والحصول على مبلغه ذلك أن تحرير هذا السند لا ينشىء علاقة قرض ويكفي ارتكاب فعل واحد إزاء قاصر واحد فالجريمة بسيطة وليست جريمة اعتیاد ولا يشترط أن يكون القرض ربوياً فقد رأي الشارع أن استغلال القاصر يتحقق بمجرد إقراضه أو الإقتراض منه انتهازاً لظروفه ولا يتطلب القانون أن يكون من استغل القاصر هو من صدر عنه القرض أو حرر لمصلحته السند فقد يختلفان فإذا استغلت امرأة هوى قاصر وحملته على أن يقدم لها هدايا أو ينفق عليها  وفي ذات الوقت جعلته يحرر سندات المصلحة شخص يمده بالمال اللازم لهذا الغرض قامت الجريمة بذلك.

الضرر: عبر الشارع عن هذا العنصر بتطلبه أن يكون ما تحصل عليه المتهم من القاصر « إضراراً به ». وتعني هذه الصياغة أن الشارع لا يتطلب ضرراً حالاً بل يكتفي بالضرر المحتمل.

فإذا ترتب على الإقراض أو الإقتراض «ضرر حال » ، فلا شك في قيام الجريمة وأهم أمثلة للضرر الحال أن يكون إقراض القاصر نظير فائدة ربوية وإذا كان الاقراض نظير فائدة غير ربوية فإن الضرر بعد حالاً إذا جاوزت هذه الفائدة الحد الذي يقره عرف المعاملات ويكون الضرر حالاً كذلك إذا اقترض القاصر مالاً لإنفاقه فيما لا يفيده كتعاطي الخمور أو المخدرات أو ارتياد الملاهي فثمة ضرر حال يتمثل في نشوء التزام في ذمته بالسداد دون أن يقابله عوض حقيقي أمثلة الضرر المحتمل أن يقترض القاصر مالاً لينفقه في مشروع غير محقق النتيجة كالمضاربة في البورصة أو القمار وتقوم الجريمة بذلك فكما يحتمل أن يتمخض المشروع عن ربح يحتمل كذلك أن يبوء بخسارة وهذا الاحتمال كاف لقيام الجريمة ولا تنتفي الجريمة إذا حقق المشروع فيما بعد ربحاً وتمخضت نتيجته في كسب محض ذلك أن الضرر يقدر وقت ارتكاب الفعل ولا عبرة بما قد يطرأ بعد ذلك من وقائع تنفي احتماله وتطبيقاً لذلك فإن الجريمة لا تنتفي إذا عوض المتهم المجني عليه فيما بعد عما أصابه من ضرر ولا تنتفي الجريمة كذلك إذا أجاز المجني عليه العمل القانوني بعد بلوغه.

أما إذا لم يكن ثمة احتمال لأن ينال القاصر ضرر فلا تقوم الجريمة كما لو كان القرض بغير فائدة أو كانت الفائدة في حدود ما يجري به عرف المعاملات واستعمل القاصر النقود المقترضة في تحقيق مصلحة حقيقية ولا يحول دون قيام الجريمة بطلان العمل القانوني الذي يثبته السند فالفرض أنه باطل لانعدام أو نقص أهلية المجني عليه فلا يجوز أن يتغير الحكم إذا أضيف إليه سبب ثان للبطلان وبالإضافة إلى ذلك فالضرر المحتمل لا ينتفى بالبطلان فالمجني عليه لا يستطيع تقرير البطلان بغير دعوى يقيمها ويتكبد مصاريفها وجهدها.

الركن المعنوي للجريمة هذه الجريمة عمدية ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي .

ويفترض القصد في هذه الجريمة علم المتهم بسن المجني عليه وأنه دون الحادية والعشرين أو أنه حكم بامتداد الوصاية عليه ويتعين أن يعلم المتهم بالظروف التي يعاني منها المجنى عليه أي احتياجه أو ض عفه أو هوى نفسه وأن يعلم بالتصرف الذي يحمله عليه استغلالاً لهذه الظروف وأن يعلم باحتمال أن يصيبه ضرر من جرائه ويتطلب القصد كذلك اتجاه إرادة المتهم إلى الحصول على سند الالتزام أو المخالصة أو التنازل وإنزال الضرر به ولو في صورته الاحتمالية وقد افترضت محكمة النقض علم المتهم بسن المجني عليه وقررت أنه «لا يسقط هذا الافتراض إلا إذا أثبت المتهم أنه سلك كل سبيل لمعرفة السن الحقيقية وأن أسباباً قهرية أو ظروفاً استثنائية هي التي حالت دون ذلك » ويكفي لتوافر القصد أن يتوقع المتهم أن نتيجة فعله (أي استغلال ظروف المجني عليه) هي تحرير المجني عليه السند ونزول الضرر به فيقبل ذلك إذ يتوافر لديه القصد الاحتمالي وليس من عناصر القصد أن تتجه إرادة المتهم إلى الحصول على فائدة لنفسه أو غيره.

وينتفي القصد إذا أثبت المتهم أن أسباباً قهرية أو ظروفاً استثنائية حالت دون علمه بحقيقة سن المجني عليه وينتفي القصد كذلك إذا لم يثبت علم المتهم بظروف المجني عليه أو لم يثبت علمه باحتمال أن يناله ضرر.

عقوبة الجريمة: حدد الشارع عقوبة هذه الجريمة فجعلها الحبس مدة لا تزيد على سنتين مع جواز أن تضاف إليه الغرامة التي لا تتجاوز مائة جنيه ولا عقاب على الشروع في هذه الجريمة باعتبارها جنحة ولم يرد بالعقاب عليه نص خاص ولما كانت النتيجة في هذه الجريمة هي حصول المتهم على سند فإن كل نشاط يسبق ذلك هو شروع غير معاقب عليه ولكن عدم تحقق الضرر لا يحول دون إتمام الجريمة فالضرر الاحتمالي - على ما قدمنا - كاف .

ولا يعتبر القاصر شريكاً في الجريمة فثمة تناقض بين صفتي المجني عليه بالجريمة والشريك فيها.

الظرف المشدد للجريمة : نص الشارع على ظرف مشدد لهذه الجريمة « إذا كان الخائن مأموراً بالولاية أو الوصاية على الشخص المغدور » فجعل العقوبة السجن من ثلاث سنين إلى سبع وهذا الظرف يقوم على عنصر وحيد مستمد من صفة الجاني وكونه مأموراً بالولاية أو الوصاية ومن ثم كان ذا طبيعة شخصية .

وعلة التشديد أن المتهم مكلف - بحكم القانون أو الواقع – برعاية مصالح القاصر فإذا صدر عنه فعل الاستغلال وما ترتب عليه من إضرار فقد خان الثقة التي وضعت فيه وذلك بالإضافة إلى العلة العامة للتجريم وعبارة « مأموراً بالولاية » يراد بها المكلف بملاحظة القاصر کمربيه أو معلمه أو مدير المعهد أو المدرسة أو المؤسسة التي ألحق بها أما « المأمور بالوصاية » فالمراد به « الوصي ».

ولما كانت الجريمة قد صارت بعد تشديدها جناية فالشروع فيها معاقب عليه . (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية،  الصفحة:   1240)

يتبين من نص المادة 338 أن لهذه الجريمة أربعة أركان :

 الأول : قصر المجني عليه.

الثاني : استغلال الجاني احتياج المجني عليه أو ضعفه أو هوى نفسه للحصول على فائدة. 

الثالث : الإضرار بالمجني عليه.

الرابع : القصد الجنائي.

قصر المجني عليه :

يجب أن يكون المجني عليه قاصراً وقد حدد النص المقصود بالقاصر في هذه الجريمة بأنه كل شخص - ذكراً كان أو أنثى - لم تبلغ سنه الحادية والعشرين سنة كاملة أو بلغ هذه السن وحكم بامتداد الوصاية عليه من الجهة ذات الاختصاص.

والتحديد بهذه الصورة يقوله بأن المشرع قد حصر المجنى عليه في الفئتين المذكورتين ويترتب على ذلك من ناحية أنه لا يجوز أن تمتد الحماية إلى غيرهم ممن هم في حكم القاصر كالمحجور عليهم لجنون أو عته أو سفه ومن ناحية أخرى لا يجوز أن تنحسر الحماية عن القاصر الذي لم يبلغ الحادية والعشرين ولو كان قد بلغ الثامنة عشرة وأذن له في إدارة أمواله.

ولا يحول دون تحقق الجريمة أن يوضع على السند تاریخ مخالف للتاريخ الحقيقي للتصرف ولاحق على بلوغ الحادية والعشرين فالعبرة في وقوع الجريمة بالتاريخ الحقيقي وليس بالتاريخ المكتوب والتاريخ الحقيقي يمكن إثباته بجميع طرق الإثبات .

 استغلال احتیاج القاصر للحصول على فائدة :

يفترض هذا الركن أن يكون القصر في حالة احتياج أي يفتقر إلى مبلغ من المال ليسد به مطالبه أو في حالة ضعف أي خضوع لمؤثر أو استسلام لرغبة أو في حالة هوى كتعلق بشخص أو حب للتظاهر.

ويجب أن يكون الجاني قد استغل هذا الوضع لدى المجني عليه كوسيلة لتحقيق مآربه وسواء كان المجني عليه يعلم بهذا الاستغلال أو لا يعلم.

ويجب فضلاً عن ذلك أن يكون الجاني قد لجأ إلى استغلال وضع المجني عليه تحقيقا لفائدة . وقد حدد المشرع صور الفائدة التي يستهدفها الجاني في المادة 338 بأنها : « الحصول على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملتزمة التمسكية » ويتضح من ذلك أنه يشترط أن يحمل الجاني من المجني عليه على كتابة أو ختم سند وأن يكون السند متضمناً التزاماً يلتزم به القاصر قبل الجاني أو غيره بدفع مبلغ من النقود أو بتقديم شيء من المنقولات أو مخالصة من دين للقاصر في ذمة الجاني أو غيره أو تنازلاً من القاصر اللجاني أو غيره عن أوراق تجارية كالشيكات والسندات الأذنية والكمبيالات  ويعني ذلك أن التنازل الشفهي من الناصر عن حقه لا يعتد به في قيام هذه الجريمة.

ويلاحظ أن المشرع قد اشترط في الأوراق التي يحصل عليها الجاني من القاصر أن يكون موضوعها إثبات قرض بقرضه القاصر للجاني أو غيره أو اقتراض يقترضه منه أو من غيره أو أن يكون موضوعها إثبات الخالصة القاصر للجاني أو غيره من دفع دين في ذمته القاصر أو من رد منقولات استعارها منه ويستوي أن يكون الالتزام أو المخالصة لمصلحة الجاني أو المصلحة غيره وعلى ذلك فإذا كان موضوع الورقة تصرفاً آخر غير الاقتراض أو الإقراض كالبيع أو الإجارة أو الهبة لا تقع الجريمة ويمثل هذا الوضع ثغرة في التشريع إذ لا يوجد ما يبرر التمييز بين الاقتراض أو الإقراض وغيرهما من التصرفات إذ الحكمة في الحالتين متوافرة وهي استغلال ظرف القاصر لفائدة الجاني أو غيره فكان يجدر بالمشرع أن يسوي بينهما في الحكم فيمد حمايته إلى باقي تصرفات القاصر المالية.

والعبرة في القول بتوافر الجريمة أو عدم توافرها بحقيقة التصرف وليس بالشكل الذي اتخذه وقد عبر النص عن ذلك بعبارة : « أياً كانت طريقة الاحتيال التي استعملها » فإذا أقره الجاني القاصر مبلغاً فحرر القاصر سندا يثبت التزامه برد هذا المبلغ لا باعتباره قرضاً وإنما على أساس أنه ثمن أشياء اشتراها فإن الفعل يعتبر جريمة.

الإضرار بالمجني عليه :

يتطلب المشرع لتحقق الجريمة أن يكون الإلتزام أو التخالص الذي تضمنه السند ضاراً بالقاصر المجنى عليه فقد عبر النص عن ذلك بقوله « كل من انتهز ... إلخ وتحصل منه - إضرار به - علی .... إلخ» ويتوافر عنصر الضرر سواء توافر الضرر فعلاً أو كان هناك احتمال لوقوعه.

والعبرة في توافر الضرر أو احتماله بوقت التعاقد فإذا كان الضرر متوافراً أو محتملاً في ذلك الوقت قامت الجريدة ولا يؤثر في قيامها ما قد يحدث بعد ذلك من زوال للضرر الذي نال القاصر كما إذا رد إليه الجاني المبلغ المقترض أو أبرأه من الدين أو من بعضه أو التي تحقق فائدة کاستغلاله المبلغ الذي اقترضه استغلالاً مربحاً.

ويثور التساؤل عن مدى توافر الضرر عند تعائد القاصر طالما أن القانون يجعل من حق القاصر أن يطلب إبطاله الواقع أن إمكان إبطال العقد لا ينفى عنصر الضرر إذ أن القاصر أو ذويه قد يفشلون تنفيذ الإلتزام خشية التشهير بهم فاحتمال عدم المطالبة بإبطال العقد يعني وجود الضرر المحتمل وقت وقوع الجريمة ولا يؤثر في قيام الجريمة إجازة القاصر التزامه بعد بلوغه سن الحادية والعشرين بل إن هذه الإجازة لا تصحح الإلتزام الناشئ عن الجريمة فالبطلان الذي يشوبه متعلق بالنظام العام .

 القصد الجنائي :

هذه الجريمة عمدية صورة الركن المعنوي فيها هي القصد الجنائي وهو يتمثل في علم الجاني بحاجة القاصر أو ضعفه أو هوى نفسه واتجاه إرادته إلى استغلال هذا الوضع لدى القاصر في الحصول على فائدة غير مشروعة.

ويفترض المشرع علم الجاني بقصر المجنى عليه أي بكونه لم يبلغ  الحادية والعشرين بعد ولا يسقط هذا الافتراض كما ذهبت محكمة النقض إلا إذا أثبت المتهم أنه سلك كل سبيل لمعرفة السن الحقيقية وأن أسباباً قهرية أو ظروفاً استثنائية هي التي حالت دون ذلك .

إذا توافر القصد بهذا التحديد فإنه يستوي بعد ذلك أن يكون الجاني قد استهدف تحقيق فائدة له شخصيا أو لشخص آخر.  

العقوبة :

يحدد المشرع عقوبة الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين ويجوز أن يزاد على هذه العقوبة غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري ويقرر اعتبار الجريمة جناية عقوبتها السجن من ثلاث سنين إلى سبع إذا كان الجاني « مأموراً بالولاية أو بالوصاية على الشخص المغدور » .

وقد يفهم من ذلك أن الظرف المشدد بتحقق إذا كان الجاني وليا للمجني عليه كالأب أو الجد أو وصياً عليه والواقع غير ذلك إذ أن للولى الحق في التصرف المطلق في مال الصغير ولذلك لا يتصور أن يسأل جنائياً عن هذا التصرف والمقصود بهذه العبارة هو من يكون له الإشراف على القاصر وملاحظته كالمربي.  (شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة: 972)

وضعت هذه المادة في باب النصب وخيانة الأمانة للصلة التي تربطها بهاتين الجريمتين فالجريمة التي تنص عليها تتم من جهة من غش وخداع وفيها معنى الإخلال بالثقة المودعة لدى الجاني من جهة أخرى وقصد بها حماية القصر من شر المرابين ومن إليهم ممن يستغلون ضعف القصر واحتياجهم إذا رأي المشرع أن بطلان التعاقد من الوجهة المدنية ليس كافياً فضلاً عن أن القاصر قد لايتمسك بهذا البطلان خشية التشهير.

 أركان الجريمة :

 الركن الأول حالة المجنى عليه :

يتطلب الشارع أن يكون المجني عليه قاصراً ويلحق بالقاصر من بلغ سن الرشد ولكن حكم بامتداد الوصاية عليه تطبيقا للمادتين 13 و 30 من قانون المحاكم الحسبية ويشمل النص (امتداد الولاية) كذلك لاتحاد العلة.

ولايحول دون قيام الجريمة أن يكون القاصر مأذوناً له بإدارة أمواله وفقاً المادة الثانية من قانون المحاكم الحسبية فالنص عام يسري على كل من لم يبلغ الحادية والعشرين سنة كاملة وبالإضافة إلى ذلك فإن الإذن له بإدارة أمواله لا ينفي نقص أهليته وحاجته إلى الحماية ممن يستغلونه وفي النهاية فإن الاقراض والاقتراض لم يرد ضمن الأعمال القانونية التي يجوز للقاصر المأذون مباشرتها ولكن إذا إن للقاصر بالتجارة المادة الثالثة من قانون المحاكم الحسبية فهو يعتبر كامل الأهلية فيما أذن له به ولما كان الإقراض والاقتراض من الأعمال الضرورية لمباشرة التجارة فهذه الجريمة لايتصور ارتكابها إزاءه في نطاق أعماله التجارية أما ما جاوز هذا النطاق فيعتبر قاصراً ويتصور ارتكاب الجريمة إزاءه ولكن لاتقوم الجريمة إذا كان المتعاقد محجوزاً عليه قضاء لجنون أو عته أو سفه على الرغم من نقص أهليته وشموله بالقوامة ذلك أن النص اقتصر على الإشارة إلى من يبلغ الحادية والعشرين أو حكم بامتداد الولاية عليه ولا يسري النص من باب أولى على حالة المحجور عليه قانوناً للحكم عليه بعقوبة جنائية (المادة 25 ع) وخاصة أن هذا النص من الحجز لايعني نقصان الأهلية وتخرج من نطاق هذا النص كذلك الشيخوخة أو المرض البدني أو العقلي أو النفسي إذا أضعف من إرادة الشخص وجعله خاضعة لنزواته.

وعلى ذلك فإن نص المادة 338 ع تكون منطبقة على كل من يستغل ضعف القاصر ويحصل منه على سند بدين والعبرة في كون المجني عليه قاصراً أو تحت الوصاية هي بتاريخ ارتكاب الجريمة ولايعتبر من وجه الجريمة أن يتفق على وضع تاريخ لاحق للتصرف بحيث يقع في سن البلوغ وإثبات التاريخ الحقيقي يكون بكافة طرق الإثبات والنص المذكور كما سلف لا يحمي سوى القصر دون غيرهم من العاجزين كالمحجوز عليهم لسفه أو عته أو جنون.

الركن الثاني :

استغلال الجاني احتياج المجنى عليه أو ضعفه أو هوى في نفسه للحصول على الفائدة ويترتب على ذلك أن هذا الركن يتحقق بتوافر شرطين:

1- أن يكون القاصر في حالة احتياج أي يفتقر إلى مبلغ من المال ليسدد به مطالبه أو حالة ضعف أي خضوع لمؤثر أو استسلام لرغبة أو في حالة هوى أي أن يسيطر على القاصر عاطفة معينة كحبه لامرأة أو شهوة انتقام من شخص معين.

2- يجب أن يكون الجاني قد استغل هذا الوضع لدى المجني عليه لتحقيق أهدافه وسواء كان المجني عليه يعلم بهذا الاستغلال أو لايعلم.

 الركن الثالث : الحصول على فائدة :

وقد عبر القانون عن ذلك بقوله " وتحصل منه على كتابة أو ختم سندات تمسك أو في مخالفة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شئ من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملزمة التمسكية فالنص لا يقتصر على سندات الدين التي يحررها المجنى عليه على نفسه للجاني أو لغيره بمبلغ من النقود أو بشئ من المنقولات بل يدخل في السندات التي يقرض بها المجنى عليه الجاني أو غيره النقود أو المنقولات وكذلك السندات التي يحررها القاصر على نفسه بما يفيد التخالص من دين له في ذمة الغير والسندات التي بمقتضاها يحول لغيره ورقة تجارية ككمبيالة أو سند تحت الإذن أوسهم في شركة أو ما إلى ذلك من السندات الملزمة للقاصر والضارة بمصلحته المالية ولكن يشترط أن يكون موضوع الورقة الملزمة أو المبرئة قرضاً أو اقتراضاً ومعنى ذلك أنه يجب أن تكون الورقة التي وقع عليها القاصر أما مثبتة لقرض أقرضه الجاني أو غيره إياه أو مثبتة لتخالص الجاني أو غيره من دفع قرض كل في ذمته للقاصر أو من منقولات استعارها أو كانت الورقة تعهدا من القاصر بإقراض الجاني أو غيره أما إذا كانت ورقة الالتزام التي وقع عليها القاصر تتضمن تصرفاً آخر غير القرض أو الاقتراض كبيع أو أجارة أو هبة فلا تنطبق المادة 338 عقوبات.

 الركن الرابع : الضرر:

عبر الشارع عن هذا العنصر بتطلبه أن يكون ما تحصل عليه المتهم من القاصر (اضراراً به ) وتعني هذه الصياغة أن الشارع لا يتطلب ضرراً حالاً بل يكتفي بالضرر المحتمل.

فإذا ترتب على الإقراض أو الاقتراض ضرر حال فلا شك في قيام الجريمة وأهم أمثلة الضرر الحال أن يكون إقراض القاصر نظير فائدة ربوية أو إذا اقترض القاصر ما لا لإنفاقه فيما لا ينفعه ومن أمثلة الضرر المحتمل أن يقترض القاصر مالا لينفقه في مشروع غير محقق النتيجة كالمضاربة في البورصة فكما يحتمل أن يتمحص المشروع عن ربح يحتمل كذلك أن يبوء بخسارة وهذا الاحتمال كاف لوقوع الجريمة ويقدر الضرر وقت ارتكابه الفعل ومن ثم فإنه إذا لم يكن ثمة احتمال لأن ينال القاصر ضرر فلا تقوم الجريمة.

الركن الخامس القصد الجنائي :

يقوم القصد الجنائي في هذه الجريمة بتوافر عنصرين علم الجاني بحاجة القاصر أو ضعفه أو هوى نفسه واتجاه إرادته إلى استغلال هذا الوضع لدى القاصر في الحصول على فائدة غير مشروعة ومتى توافر القصد فإنه يستوي أن يكون الجاني قد استهدف تحقيق فائدة له شخصياً أو لشخص آخر .

 عقوبة الجريمة :

يعاقب على الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين ويجوز أن يزاد على المحكوم عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصرى وإذا كان الخائن مأموراً بالولاية أو بالوصاية على الشخص المعذور فتكون العقوبة السجن من ثلاث سنين إلى سبع أي تعتبر الجريمة في الحالة الأخيرة جناية وقد تحمل عبارة النص عليه القول بأن الظرف المشدد يتوافر إذا كان الجاني ولياً للمجنى عليه أو وصية عليه ولكن الحقيقة أن المشرع يقصد بالمأمور بالولاية الشخص الذي يوضع القاصر تحت ملاحظته كالمربي من في حكمه.  (موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع،  الصفحة: 508)

أراد المشرع بهذا النص حماية القاصر من الأشخاص الذين يستغلون ما قد يصحب صغر السن من الاحتياج أو الضعف أو الهوى لتحقيق فائدة لهم إضرارا بالمجني عليه وقد أسبغ المشرع الحماية الجنائية على القصر في هذه المرحلة إيماناً منه بعدم كفاية الحماية المدنية التي تتمثل في بطلان التصرف الصادر من القاصر لاسيما وأن القاصر قد لا يتمسك بهذا البطلان فلا يحقق الغاية المستهدفة بهذه الحماية.

وقد ألحق المشرع هذه الجريمة بجريمة النصب التشابه القائم بينهما من حيث ما يتوافر في فعل الجاني من غش وخداع.

أركان الجريمة :

يتبين من نص المادة محل التعليق أن لهذه الجريمة أربعة أركان

الأول : قصر المجني عليه.

الثاني: استغلال الجاني احتياج المجني عليه أو ضعفه أو هوي نفسه للحصول على فائدة.

الثالث: الإضرار بالمجني عليه.

الرابع: القصد الجنائي.

أولاً: قصر المجني عليه :

يجب أن يكون المجني عليه قاصراً وقد حدد النص المقصود بالقاصر في هذه الجريمة بأنه كل شخص ذكر أو أنثي لم تبلغ سنة الحادية والعشرين سنة كاملة أو بلغ هذه السن وحكم بإمتداد الوصاية عليه من الجهة ذات الإختصاص.

والتحديد بهذه الورقة يقطع بأن المشرع قد حصر المجني عليه في الفئتين المذكورتين ويترتب على ذلك من ناحية أنه لا يجوز أن تمتد الحماية إلى غيرهم ممن هم في حكم القاصر كالمحجور عليهم لجنون أو عنه أو سفه ومن ناحية أخرى لا يجوز أن تتحسر الحماية عن القاصر الذي لم يبلغ الحادية والعشرين ولو كان قد بلغ الثامنة عشرة وأذن له في إدارة أمواله.

ولا يحول دون تحقق الجريمة أن يوضع على السند تاریخ مخالف للتاريخ الحقيقي للتصرف ولا حق على بلوغ الحادية والعشرين فالعبرة في وقوع الجريمة بالتاريخ الحقيقي وليس بالتاريخ المكتوب والتاريخ الحقيقي يمكن إثباته بجميع طرق الإثبات.

ثانياً: استغلال احتياج القاصر للحصول على فائدة :

يفترض هذا الركن أن يكون القاصر في حالة احتياج أي يفتقر إلي مبلغ من المال ليسد به مطالبه أو في حالة ضعف أي خضوع لمؤثر أو أستسلام لرغبة أو في حالة هوي كتعلق بشخص أو حب للتظاهر.

ويجب أن يكون الجاني قد استغل هذا الوضع لدى المجني عليه كوسيلة لتحقيق مآربه وسواء كان المجني عليه يعلم بهذا الاستغلال أو لا يعلم.

ويجب فضلاً عن ذلك أن يكون الجاني قد لجأ إلى استغلال وضع المجني عليه تحقيقاً لفائدة وقد حدد المشرع صور الفائدة التي يستهدفها الجاني في المادة محل التعليق بأنها الحصول على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة بإقراض أو اقتراض مبلغ من النقود أو شئ من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات الملتزمة التمسكية ويتضح من ذلك أنه يشترط أن يحصل الجاني من المجني عليه على كتابة أو ختم سند وأن يكون السند متضمنة إلتزاماً يلتزم به القاصر قبل الجاني أو غيره بدفع مبلغ من النقود أو بتقديم شئ من المنقولات أو مخالصة من دين للقاصر في ذمة الجاني أو غيره أو تنازلا من القاصر للجاني أو غيره عن أوراق تجارية كالشيكات والسندات الأذنية والكمبيالات ويعني ذلك أن التنازل الشفهي من القاصر عن حق لا يعتد به في قيام هذه الجريمة.

ويلاحظ أن المشرع قد اشترط في الأوراق التي يحصل عليها الجاني من القاصر أو يكون موضوعها إثبات قرض يقرضه القاصر للجاني أو غيره أو اقتراض يقترضه منه أو من غيره أو أن يكون موضوعها إثبات مخالصة القاصر للجاني أو غيره من نفع دين في ذمته للقاصر أو من رد منقولات استعارها منه ويستوي أن يكون الالتزام أو المخالصة لمصلحة الجاني أو لمصلحة غيره وعلى ذلك فإذا كان موضوع الورقة تصرفاً آخر غير الاقتراض أو الإقراض كالبيع أو الإجارة أو الهبة لا تقع الجريمة ويمثل هذا الوضع ثغرة في التشريع إذ لا يوجد ما يبرر التمييز بين الاقتراض أو الإقراض وغيرهما من التصرفات إذ الحكمة في الحالتين متوافرة وهي استغلال ظرف القاصر لفائدة الجاني أو غيره فكان يجدر بالمشرع أن يسوي بينهما في الحكم فيمد حمايته إلى باقي تصرفات القاصر المالية.

والعبرة في القول بتوافر الجريمة أو عدم توافرها بحقيقة التصرف وليس بالشكل الذي اتخذه وقد عبر النص عن ذلك بعبارة أياً كانت طريقة الاحتيال التي استعملها فإذا أقرض الجاني القاصر مبلغاً فحرر القاصر سنداً يثبت التزامه برد هذا المبلغ لا باعتباره قرضاً وإنما على أساس أنه من أشياء اشتراها فإن الفعل يعتبر جريمة.

ثالثاً : الإضرار بالمجني عليه :  

يتطلب المشرع لتحقيق الجريمة أن يكون الالتزام أو التخالص الذي تضمنه السند ضارة بالقاصر المجني عليه فقد عبر النص عن ذلك بقوله كل من انتهز ..... إلخ وتحصل منه إضرارا به على ..... إلخ ويتوافر عنصر الضرر سواء توافر الضرر فعلاً أو كان هناك احتمال لوقوعه.

والعبرة في توافر الضرر أو إحتماله بوقت التعاقد فإذا كان الضرر متوافراً أو محتملاً في ذلك الوقت قامت الجريمة ولا يؤثر في قيامها ما قد يحدث بعد ذلك من زوال للضرر الذي نال القاصر كما إذا رد إليه الجاني المبلغ المقترض أو أبراه من الدين أو من بعض أو حتى تحقق فائدة كاستغلاله المبلغ الذي اقترضه استغلالاً مربحاً .

رابعاً: القصد الجنائي :

هذه جريمة عمدية صورة الركن المعنوي فيها هي القصد الجنائي وهو يتمثل في علم الجاني بحاجة القاصر أو ضعفه أو هوى نفسه واتجاه إرادته إلي استغلال هذا الوضع لدى القاصر في الحصول على فائدة غير مشروعة.

ويفترض المشرع علم الجاني بقصر المجني عليه أي بكونه لم يبلغ الحادية والعشرين بعد ولا يسقط هذا الاقتراض كما ذهبت محكمة النقض - إلا إذا أثبت المتهم أنه سلك كل سيبل لمعرفة السن الحقيقي وأن أسباباً قهرية أو ظروفاً استثنائياً هي التي حالت دون ذلك.

إذا توافر القصد بهذا التحديد فإنه يستوي بعد ذلك أن يكون الجاني قد استهدف تحقيق فائدة له شخصية أو لشخص آخر.

العقوبة:

يحدد المشرع عقوبة الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين ويجوز أن يزاد على هذه العقوبة غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري ويقرر اعتبار الجريمة جنائية عقوبتها السجن من ثلاث سنين إلى سبع إذا كان الجاني مأموراً بالولاية أو بالوصاية على الشخص المغرور.

وقد يفهم من ذلك أن الظرف المشدد يتحقق إذا كان الحاني ولياً للمجني عليه كالأب أو الجد أو وصية عليه والواقع غير ذلك إذ أن للولي الحق في التصرف المطلق في مال الصغير ولذلك لا يتصور أن يسأل جنائياً عن هذا التصرف والمقصود بهذه العبارة هو من يكون له الإشراف على القاصر وملاحظة كالمربي. (الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 586)

 

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 285 ، 289

(مادة 586)

 يعاقب بالحبس كل من انتهز حاجة قاصر ، أو محجور عليه ، أو من حكم بإستمرار الوصاية عليه ، أو استغل هواء ، أو عدم خبرته وحصل منه إضرار بمصلحته أو مصلحة غيره على مال أو سند ، أو على إلغاء سند أو تعديله . 

 

وتضاعف العقوبة إذا كان الجاني هو وليه ، أو وصيه ، أو القيم عليه ، أو من ذي سلطة عليه ، ويفترض علم الجاني بقصر المجني عليه ، أو إستمرار الولاية أو الوصاية علي ه، ما لم يثبت من جانبه أنه لم يكن في مقدوره معرفة الحقيقة . 

(مادة 598) 

يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين كل من أقرض نقوداً بفائدة ، ظاهرة كانت أو خفية . 

(مادة 599) 

يعاقب بالحبس على الإقراض في الحالتين الآتيتين : 

1- كل من إعتاد إقراض النقود بفائدة ظاهرة أو خفية . 

ويعد إعتياداً الإقراض بالفائدة المذكورة أكثر من مرة خلال الثلاث السنوات السابقة على القرض الأخير ، ولو تغاير المقترض . 

2- كل من أقرض نقوداً بفائدة ظاهرة أو خفية منتهزاً فرصة حاجة المقترض ، أو ضعفه ، أو هواه ، أو كونه قاصراً ، أو غير مكتمل الأهلية . 

ويفترض علم الجاني بسن المقترض ، ما لم يثبت أنه لم يكن يعلم ، أو في مقدوره أن يعلم حقيقة سنه . 

(مادة 600)

 

 يسري حكم المادة (584) من هذا القانون على الجرائم المبينة في هذا الفصل . 

الإحتيال وما في حكمه 

المواد من (585) إلى (592) : 

تقابل مواد المشروع بصفة عامة المواد (336) ، (337) ، (338) ، (339) من القانون القائم ، وقد لوحظ في وضعها ما يلي : 

1- المادة (585) من المشروع جمعت صور الإحتيال الواردة في المادة (336) من القانون القائم ، وأفصحت عن أن مناط التأثيم في سلب المنقول هو ألا يكون مملوكاً للجاني وحده ، فإن كان شريكاً فيه عوقب ، وإن كان ملكاً خالصاً للجاني انحسر حكم النص ، وقد ألحق المشروع بجريمة النصب - لإتحاد الحكمة - الحصول من الغير بإحدى الطرق الواردة في النص على توقيع بإمضاء ، أو ختم ، أو بصمة على سند منشئ ، أو ناقل ، أو مسقط لحق أو إتلاف هذا السند ، أو على تحرير سند بالحق أو إحداث تعديل فيه أو تحريره بصورة تتضمن مزايا ما كان يحصل عليها بغير الإحتيال . 

ونصت الفقرة الأخيرة من المادة على مضاعفة العقوبة الواردة بالفقرة الأولى إذا كان محل الجريمة مالاً أو سنداً للدولة، أو إحدى الجهات المبينة بالمادة (393) من المشروع . 

2- بالنظر لما تطورت إليه جريمة إصدار شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب ، وإذ صار الشيك عنصراً مهاً وشائعاً في المعاملات التجارية والمدنية على حد سواء ، فقد وسعت المادة (587) من المشروع الحماية القانونية لهذه الأداة التي تقوم بمثابة النقود في الوفاء سواء بسواء ، فامتد التأثيم ليشمل ليس فحسب جريمة إصدار شيك ليس له مقابل وفاء كاف وقائم وقابل للصرف ، أو إسترداد مقابل الوفاء بعد إصدار الشيك كله أو ربعه أو بعضه ، بحيث لا يفي الباقي بقيمته أو أمر المسحوب عليه بعدم صرفه ، بل يشمل أيضاً عمد تحرير الشيك أو توقيعه بصورة تمنع المسحوب عليه من صرفه وتظهير الشيك ، أو تسليمه مع العلم بعدم وجود مقابل وفاء يفي بقيمته ، أو أن يعلم بأن الشيك غير قابل اللصرف . كذلك تناول المشروع بالتجريم من يحمل غيره على أن يعطيه أو يظهر له أو يسلمه شیكاً وهو يعلم بعدم وجود مقابل له يفي بقيمته ، أو أنه غير قابل للصرف ، وفي هذه الحالة يعاقب أيضاً مصدر الشيك أو مظهره أو مسلمه ما لم يكن في حالة من حالات إمتناع العقاب ، فإن لم تتوافر في حقه هذه الحالة ، فقد أجاز المشروع للمحكمة أن تعفيه من العقاب إن رأت محلاً لذلك وهو رخصة من المشرع للمحكمة ليست ملزمة بإستعمالها. 

3- المادة (588) من المشروع استحدثت حكماً جديداً يؤثم المسحوب عليه الشيك إذا قرر عمداً على خلاف الحقيقة عدم وجود رصيد قابل للصرف ، أو قرر بوجود رصيد أقل من القائم لديه فعلاً ، أو استهدف النص منع العبث في هذا المجال ؛ إمعاناً منه في إسباغ الحماية الجنائية للشيك . 

4 - المادة (589) من المشروع تنص بسريان أحكام المادتين السابقتين على الشيكات البريدية . 

5- المادة (591) من المشروع تعاقب على الشروع في الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة .

 

6- المادة (592) من المشروع تعرض لقيود رفع الدعوى الجنائية، فتقضي بسريان حكم المادة (584) من المشروع على الجرائم المنصوص عليها في المادتين (585)، (587) من هذا الفصل . 

المراباة والإستغلال 

المواد من (598) - (600):

1- المادة (598) من المشروع يعاقب كل من أقرض نقداً بفائدة ظاهرة كانت أم خفية . 

2- المادة (599) تعاقب بعقوبة أكثر شدة من العقوبة المقررة في المادة السابقة ، من إعفاء الإقراض بفائدة ظاهرة أم خفية ، وحددت متى تحقق حالة الإعتياد هذه على نحو ما استقر عليه القضاء کما اعتبرت المادة ظرفاً مشدداً إنتهاز فرصة حاجة المقترض ، أو ضعفه ، أو هواه ، أو کونه قاصراً ، أو غير مكتمل الأهلية ، فألحقت عقوبة من يقرضه بفائدة ظاهرة أم خفية بعقوبة الفقرة الأولى المغلظة ، وأفصحت الفقرة أنه يفترض علم الجاني بسن المقترض ما لم يثبت أنه لم يكن يعلم أو في مقدوره أن يعلم حقيقتها ، فألقت عبء نفي هذا الإفتراض عليه . 

 

3- المادة (600) من المشروع نصت على سريان حكم المادة (584) منه الخاصة بقيود رفع الدعوى الجنائية في جريمة السرقة على الجرائم المبينة في مواد هذا الفصل . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / التاسع عشر ، الصفحة / 32

خَدِيعَةٌ

التَّعْرِيفُ :

الْخَدِيعَةُ وَالْخُدْعَةُ مَصْدَرُ خَدَعَ يَخْدَعُ إِظْهَارُ الإِْنْسَانِ خِلاَفَ مَا يُخْفِيهِ. أَوْ هُوَ بِمَعْنَى الْخَتْلِ وَإِرَادَةِ الْمَكْرُوهِ. وَالْفَاعِلُ: الْخَادِعُ، وَخَدَّاعٌ وَخَدُوعٌ مُبَالَغَةٌ، وَالْخُدْعَةُ - بِالضَّمِّ - مَا يُخْدَعُ بِهِ الإِْنْسَانُ مِثْلُ اللُّعْبَةِ لِمَا يُلْعَبُ بِهِ وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ - مُثَلَّثَةُ الْخَاءِ - وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. قَالَ ثَعْلَبٌ: بَلَغَنَا أَنَّهَا لُغَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .

وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ هَذَا.

الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :

أ - الْغَدْرُ :

الْغَدْرُ، هُوَ تَرْكُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، أَوْ نَقْضُهُ. قَالَ: غَدَرَهُ وَغَدَرَ بِهِ غَدْرًا: أَيْ خَانَهُ، وَنَقَضَ عَهْدَهُ.

ب - الْغَبْنُ :

هُوَ مِنْ غَبَنَهُ يَغْبِنُهُ غَبْنًا - بِتَسْكِينِ الْبَاءِ - فِي الْبَيْعِ أَيْ: خَدَعَهُ، وَغُبِنَ الرَّأْيَ وَغُبِنَ فِيهِ غَبْنًا

وَغَبَنًا - بِفَتْحِ الْبَاءِ - غَلِطَ فِيهِ وَنَسِيَهُ وَأَغْفَلَهُ. وَالْغَبْنُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ يَكُونُ فِي الْبَيْعِ خَاصَّةً.

فَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْخَدِيعَةِ.

ج - الْخِيَانَةُ :

الْخِيَانَةُ: التَّفْرِيطُ فِي الْعَهْدِ وَالأْمَانَةِ وَتَرْكُ النُّصْحِ فِيهَا. وَالْخَدِيعَةُ قَدْ تَكُونُ مَعَ خِيَانَةِ الأْمَانَةِ وَقَدْ لاَ تَكُونُ.

د - الْغُرُورُ، وَالتَّغْرِيرُ:

الْغُرُورُ مَصْدَرُ غَرَّهُ يَغُرُّهُ غُرُورًا، إِذَا خَدَعَهُ وَأَطْمَعَهُ بِالْبَاطِلِ.

وَالتَّغْرِيرُ إِيقَاعُ الشَّخْصِ فِي الْغَرَرِ.

وَالْغَرَرُ مَا انْطَوَتْ عَنْكَ عَاقِبَتُهُ، أَوْ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا.

هـ - الْغِشُّ :

وَهُوَ مَصْدَرُ غَشَّهُ يَغُشُّهُ - بِالضَّمِّ - غِشًّا لَمْ يُمَحِّضْهُ النُّصْحَ، أَوْ أَظْهَرَ لَهُ خِلاَفَ مَا يُبْطِنُهُ، يُقَالُ: شَيْءٌ مَغْشُوشٌ.

و - التَّدْلِيسُ :

التَّدْلِيسُ، كِتْمَانُ عَيْبِ الشَّيْءِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْبَيْعِ.

فَالتَّدْلِيسُ نَوْعٌ مِنَ الْخَدِيعَةِ.

ز - التَّوْرِيَةُ :

وَهِيَ مِنْ وَرَّى الْخَبَرَ تَوْرِيَةً: أَيْ سَتَرَهُ، وَأَظْهَرَ غَيْرَهُ

فَهِيَ أَيْضًا نَوْعٌ مِنَ الْخَدِيعَةِ.

ح - التَّزْوِيرُ :

هُوَ تَحْسِينُ الشَّيْءِ، وَوَصْفُهُ بِخِلاَفِ صِفَتِهِ حَتَّى يُخَيَّلَ إِلَى مَنْ يَسْمَعُهُ أَوْ يَرَاهُ أَنَّهُ بِخِلاَفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ تَمْوِيهُ الْبَاطِلِ بِمَا يُوهِمُ أَنَّهُ حَقٌّ. وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِي الْمُسْتَنَدَاتِ مِنَ الْوَثَائِقِ وَالشَّهَادَاتِ

 ط - الْحِيلَةُ :

هِيَ فِي اللُّغَةِ الْحِذْقُ وَجَوْدَةُ النَّظَرِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي تَدْبِيرِ الأْمُورِ.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّهُ غَلَبَ فِي الْعُرْفِ عَلَى الْحِيلَةِ اسْتِعْمَالُهَا فِي سُلُوكِ الطُّرُقِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا الرَّجُلُ إِلَى حُصُولِ غَرَضِهِ، بِحَيْثُ لاَ يَتَفَطَّنُ لَهُ إِلاَّ بِنَوْعٍ مِنَ الذَّكَاءِ وَالْفِطْنَةِ.

وَقَالَ الرَّاغِبُ: وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا فِي تَعَاطِيهِ خَبَثٌ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا فِي اسْتِعْمَالِهِ حِكْمَةٌ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ :

الْخَدِيعَةُ بِمَعْنَى - إِظْهَارِ الإِْنْسَانِ خِلاَفَ مَا يُخْفِيهِ - حَرَامٌ إِذَا كَانَ فِيهَا خِيَانَةُ أَمَانَةٍ، أَوْ نَقْضُ عَهْدٍ. وَهَذَا لاَ يُعْلَمُ فِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ الأْمَّةِ، وَتَوَاتَرَتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ فِي النَّهْيِ عَنْهَا.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وَقَوْلُهُ: ( فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ)

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: « يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلاَلِ كُلِّهَا إِلاَّ الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ ». وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  : « إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الأْعْيُنِ »

وَعَدَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  مِنْ عَلاَمَاتِ النِّفَاقِ فَقَالَ: « آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ ».

وَقَالَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام: « إِنِّي لاَ أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلاَ أَحْبِسُ الْبُرُدَ ».

قَالَ الصَّنْعَانِيُّ فِي سُبُلِ السَّلاَمِ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى حِفْظِ الْعَهْدِ، وَالْوَفَاءِ بِهِ. وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  : عَنْ عُقُودٍ مُعَيَّنَةٍ تَدْخُلُ فِيهَا الْخَدِيعَةُ مِنَ النَّجْشِ، وَالتَّصْرِيَةِ، وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ. وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْمَخْدُوعِ فِيهَا حَقَّ خِيَارِ الْفَسْخِ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ  رضي الله عنه  : قَالَ: « إِنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم  أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ: إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لاَ خِلاَبَةَ » أَيْ لاَ خَدِيعَةَ.

(ر: نَجْشٌ، وَتَصْرِيَةٌ، وَتَدْلِيسٌ).