loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1 ـ لما كانت المادة 342 من قانون العقوبات - التي دين الطاعن بها - قد نصت على أن ( يحكم بالعقوبات السابقة على المالك المعين حارسا على أشيائه المحجوز عليها قضائيا أو إداريا إذا أختلس شيئا منها ) ومفاد ذلك أن مناط العقاب فى جريمة تبديد المحجوزات رهن بتوافر أركانها ومنها " الركن المفترض " وهو الحجز سواء كان قضائيا أو إداريا , ويشترط لصحة هذا الركن - حتى تقوم جريمة التبديد قانوناً - أن يكون القانون قد منح الجهة الحاجزة الحق فى استيفاء مستحقاتها بطريق الحجز الإداري , فإذا تخلف ذلك , فإن شرط قيام جريمة التبديد يكون غير قائم , وبالتالي يكون الحكم بالإدانة غير سديد لعدم اكتمال البيان القانوني للجريمة.

(الطعن رقم 11551 لسنة 63 جلسة 1999/02/28 س 50 ص 147 ق 33)

2 ـ من المقرر أن جريمة التبديد لا تتحقق إلا بتوافر شروط من بينها أن يكون الشئ المبدد غير مملوك لمرتكب الاختلاس. فلا عقاب على من بدد ماله لأن مناط التأثيم هو المساس والعبث بملكية المال الذى يقع الاعتداء عليه من غير صاحبه، ولم يستثن المشرع من ذلك إلا حالة إختلاس المال المحجوز عليه من مالكه، فاعتبرها جريمة خاصة نص عليها فى المادة 342 من قانون العقوبات وهو إستثناء جاء على خلاف الأصل العام المقرر فلا يمتد حكمه إلى ما يجاوز نطاقه، كما لا يصح القياس عليه إذ لا جريمة ولا عقوبة بغير نص فى القانون

(الطعن رقم 21970 لسنة 62 جلسة 1997/07/21 س 48 ع 1 ص 781 ق 120)

 (الطعن رقم 5374 لسنة 55 جلسة 1987/12/28 س 38 ع 2 ص 1171 ق 212)

3 ـ العقوبة المقضى بها عن جريمة التبديد طبقاً للمادة 342 من قانون العقوبات لا توفر الظرف المنصوص عليه فى المادة 3/26 من القانون 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة والذخائر المعدل ، لأنه لا محل لإعتبار الإختلاس المنصوص عليه فيها فى حكم السرقة ذلك أن الشارع بنصه على السرقة محددة فى المادة 7 فقرة ج من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 يكون قد أفصح عن إرادته فى أنها وحدها ذات الأثر فى قيام هذا الظرف المشدد فى جريمة إحراز السلاح ، دون غيرها من جرائم أخرى لم ينص عليها - بطريق القياس - ولا محل أيضاً لإعتبار هذه الجريمة من جرائم الإعتداء على المال فى حكم المادتين 7/ب و 3/26 من القانون المذكور ، ذلك أن جريمة إختلاس الأشياء المحجوزة عليها المؤثمة بالمادة 342 من قانون العقوبات ، هى من جرائم الإعتداء على أوامر السلطات فالمصلحة المعتدى عليها ليست ملكية الغير وإنما هى أوامر السلطات التى أمرت بالحجز على المال ولا تتحقق هذه الجريمة بمجرد الإستيلاء على المال وإنما بعدم تقديمه بقصد عرقلة التنفيذ عليه .

(الطعن رقم 1345 لسنة 38 جلسة 1969/01/13 س 20 ع 1 ص 49 ق 10)

4 ـ إن المادة 460 من قانون المرافعات التى ألغيت بالقانون رقم 7 لسنة 1904 كانت تنص على أنه : " إذ إختلس المدين المحجوز على أمتعته أو غيره شيئاً من الأمتعة المحجوزة قضائياً أو إدارياً يجازى جزاء السارق " فكانت تتناول بالعقاب كل مدين يعتدى على السلطة العمومية التى أوقعت الحجز بالعمل على عرقلة التنفيذ على ماله المحجوز بإرتكابه أى فعل يؤدى إلى تحقيق هذه الغاية التى رمى إليها . يستوىفى ذلك أن يكون المال مسلماً لغيره فعلاً بمقتضى الحجز ، أو باقياً تحت يده إما بصفته حارساً عليه معيناً من مندوب الحجز أو بإعتباره أميناً عليه مختاراً من قبل الحارس و تحت مسئوليته ، أو بأية صفة أو إعتبار آخر ، و الشارع إذ إستبدل بالمادة المذكورة المادتين 280 و 297 من قانون العقوبات القديم المقابلتين للمادتين 323 و 342 من القانون الحالى لم يقصد - كما هو ظاهر من المذكرة الإيضاحية - أن يضيق دائرة نطاق الأفعال المستوجبة للعقاب فى هذا الخصوص و إنما أراد فقط أن يجعل النصوص التى أوردها ، و التى أوجبتها طبيعة الجريمة بسبب وقوعها من المالك الذى له بحسب الأصل أن يتصرف فى ماله كل تصرف يشاؤه ، متفقة متسقة مع المبادئ التى جرى عليها فقه القانون ، و هى إعتبار فعل الإختلاس خيانة أمانة إذا كان المال فى حيازة المختلس ، أو سرقة إذا كانت الحيازة فيه للغير ، و أن يعاقب على مقتضى هذا الأساس المالك الذى يختلس ماله المحجوز . و إذن فإن نص المادة 342 من قانون العقوبات يتناول المالك الذى يختلس ماله المحجوز أثناء وجوده تحت يده لأى سبب من الأسباب . أما ما جاء بهذه المادة من قولها " المالك المعين حارساً " فإنه لا يقصد به - كما هو المستفاد من المذكرة الإيضاحية - سوى أن يكون المحجوز موضوعاً تحت يد المتهم بأية طريقة من طرق الإئتمان التى تخوله حيازته مع مراعاة مقتضى الحجز الموقع عليه . فالمالك الذى يتسلم ماله المحجوز عليه من الحارس و يتصرف فيه يعتبر مختلساً ، و يحق عليه العقاب بمقتضى المادتين 341 و 342 من قانون العقوبات .

(الطعن رقم 936 لسنة 10 جلسة 1940/04/15 س عمر ع 5 ص 173 ق 98)

5 ـ جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تتحقق باختلاس المحجوزات أو التصرف فيها أو عرقلة التنفيذ عليها بعدم تقديمها يوم البيع بمحل الحجز أو عدم الإرشاد عنها بنية الغش أي بقصد الاعتداء على أوامر السلطة العامة والمساس بحقوق الدائن الحاجز – لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن فى شأن عدم علمه باليوم المحدد للبيع ورد عليه فى قوله: "إن تعمد المتهم استصدار أمر بنقل المحجوزات إلى عنوان لا وجود له على الطبيعة وإعلان المجني عليه يقطع بذاته بتوافر قصد عرقلة التنفيذ فى حقه - وكان ما ذهب إليه الحكم صحيح فى القانون إذ أن جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة التي دين بها الطاعن تتوافر أركانها بمجرد العمل على منع التنفيذ عليها أو وضع العوائق فى سبيل التنفيذ ولو كان ذلك فى شكل إجراء قضائي لم يتخذه المدين المحجوز عليه إلا ليستتر وراء القانون فى اقتراف جريمته إذ استصدر الطاعن الأمر على عريضة رقم 45 لسنة 1974 بنقل المحجوزات إلى منزله وأعلن الدائن الحاجز بهذا العنوان وثبت من الإعلان الذي أجراه المحضر فى يوم 4/12/1974 بأن العنوان - الذي نقلت إليه المحجوزات - لا وجود له على الطبيعة فإن تحايل الطاعن باتخاذ هذا الإجراء لم يكن الغرض منه إلا عرقلة التنفيذ على المحجوزات وضياع حق الدائن الحاجز ويكون ما أثاره الطاعن بشأن عدم علمه باليوم المحدد للبيع غير سديد.

(الطعن رقم 1164 لسنة 49 جلسة 1979/12/13 س 30 ع 1 ص 947 ق 202)

6 ـ من المقرر قانوناً أن جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تتم بمجرد عدم تقديم هذه الأشياء ممن هي فى عهدته إلى المكلف ببيعها فى اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ لأن هذا الامتناع ينطوي على الإضرار بالدائن الحاجز وعلى الإخلال بواجب الاحترام لأوامر السلطة التي أوقعته، وكان لا يعفي الحارس من العقاب احتجاجه بأنه غير مدين بالمبلغ المحجوز من أجله أو بوقوع مخالفة للإجراءات المقررة لبيع المحجوزات، فإن ذلك كله لا يبرر الاعتداء على أوامر السلطة التي أوقعته أو العمل على عرقلة التنفيذ، إذ أن توقيع الحجز يقتضي احترامه قانوناً ويظل منتجا لآثاره ولو كان مشوبا بالبطلان ما دام لم يصدر حكم من جهة الاختصاص ببطلانه، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن فى هذا الشأن. لما كان ذلك وكان لا يعفي الحارس من العقاب احتجاجه بأن محصول القطن المحجوز عليه مطلوب لنظام التسويق التعاوني إذ كان يجب عليه بعد توقيع الحجز أن يمتنع عن تسليمه حتى يصدر أمر بذلك أو يقضى بإلغاء الحجز، وكان السداد اللاحق لوقوع جريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها - بفرض حصوله - لا يؤثر فى قيامها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

(الطعن رقم 481 لسنة 48 جلسة 1979/01/29 س 30 ع 1 ص 182 ق 35

7 ـ من المقرر قانوناً أن جريمة تبديد المحجوزات تقع من الحارس متى قصد إخفاء المنقولات المحجوزة عن أصحاب الحقوق فيها و هم الدائن الحاجز و المدين المحجوز عليه و مالك المنقولات إذا حكم له بأحقيتها .

(الطعن رقم 886 لسنة 36 جلسة 1966/06/14 س 17 ع 2 ص 812 ق 153)

8 ـ إن جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة تتم بمجرد عدم تقديم الأشياء ممن هي فى عهدته للمكلف ببيعها فى اليوم المحدد للبيع بقصد عرقلة التنفيذ. فإذا كانت المحكمة قد أثبتت أن المتهم عين حارساً على الأشياء المحجوزة وعلم باليوم المحدد لبيعها، وبدلاً من أن يترقب حضور المحضر فى ذلك اليوم ليقدمها له تعمد الغياب فى يوم البيع عن محل الحجز حتى لا يجده المحضر ولا يجد من يقدم له الأشياء المحجوزة لبيعها، فهذا يكفي لسلامة حكمها بالإدانة.

(الطعن رقم 832 لسنة 21 جلسة 1951/10/08 س 3 ع 1 ص 16 ق 8)

9 ـ لا يشترط القانون لقيام جريمة إختلاس الأشياء المحجوزة أن يبددها الحارس أو يتصرف فيها بل يكفى أن يمتنع عن تقديمها يوم البيع أو الإرشاد عنها بقصد عرقلة التنفيذ إضرارا بالدائن الحاجز - فإذا أثبت الحكم أن الصراف انتقل إلى مكان الحجز و بحث عن المحجوزات فلم يجدها و تقابل مع الحارس و طلب منه تقديمها فلم يرشده عنها ، فإن هذا يكفى لإعتباره مبددا لأن كل فعل من هذا القبيل يكون الغرض منه وضع العراقيل فى سبيل التنفيذ على الشىء المحجوز عليه يأخذ حكم التبديد سواء بسواء .

(الطعن رقم 2046 لسنة 29 جلسة 1960/01/25 س 11 ع 1 ص 106 ق 20) 

10 ـ تقدير عذر الحارس فى عدم تقديم المحجوزات للمحضر فى اليوم المحدد للبيع أمر يخضع لسلطة قاضى الموضوع دون معقب إلا إذا كانت الأسباب التى يبديها لرفض العذر يستحيل التسليم بها فى العقل و المنطق .

(الطعن رقم 752 لسنة 25 جلسة 1955/12/05 س 6 ع 2 ص 1407 ق 416) 

11 ـ عدم إخبار الطاعنة الأولى - وهي زوجة الطاعن الثاني - المحضر الذي باشر إجراءات المزاد الذي رسا عليها بأن ثمة حجزين آخرين أوقعهما المدعي المدني على الأشياء نفسها التي تناولها البيع، لا يؤدي فى ذاته إلى أنها أتفقت مع الطاعن الثاني على عرقلة التنفيذ أو أنها ساهمت معه فى التواطؤ على تسخيرها لإعاقة التنفيذ فى شكل إجراءات صورية.

(الطعن رقم 1181 لسنة 28 جلسة 1958/12/30 س 9 ع 3 ص 1134 ق 275)

12 ـ إذا كان المتهم باختلاس أشياء محجوزة قد دفع التهمة عن نفسه بأن المحضر لم يعلنه باليوم المحدد للبيع، وكانت المحكمة قد اكتفت فى قولها بثبوت علمه بيوم البيع بما قاله المحضر فى محضر التبديد من أن إجراءات البيع قد استوفيت قانوناً ولم تحقق ثبوت هذا العلم بالرجوع إلى أوراق الحجز أو بغير ذلك من طرق التحقيق فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه، إذ يشترط للعقاب على جريمة اختلاس المحجوز أن يكون المتهم عالماً علماً حقيقياً باليوم المحدد للبيع تم بتعمد عدم تقديم المحجوزات فى هذا اليوم .

(الطعن رقم 1444 لسنة 21 جلسة 1952/02/25 س 3 ع 2 ص 722 ق 269)

13 ـ إستخلاص الحكم علم المتهم بالحجز من مجرد قوله بأن الحارس أبلغه به بعد عودته من الخارج دون أن يحدد تاريخ هذا العلم ، أو أن يستجلى تاريخ وقوع التبديد و هل وقع قبل إبلاغه بالحجز أو بعده ، غير سائغ و لا يؤدى إلى ما رتبه الحكم عليه .

(الطعن رقم 1801 لسنة 29 جلسة 1960/05/24 س 11 ع 2 ص 493 ق 93)

14ـ إستناد الحكم إلى إعلان المتهم بالحجز فى مواجهة كاتب دائرته بمقر الدائرة دون التدليل على ثبوت علم المتهم بحصول الحجز عن طريق اليقين يعيب إستدلال الحكم بالفساد ، إذ مثل هذه الإعتبارات إن صح التمسك بها ضد المتهم من الوجهة المدنية فإنه لا يصح فى المواد الجنائية مؤاخذته بمقتضاها .

(الطعن رقم 1801 لسنة 29 جلسة 1960/05/24 س 11 ع 2 ص 493 ق 93)

15 ـ متى دفع المتهم بتبديد محجوزات أمام محكمة ثانى درجة بأن الحجز توقع ببلدة القصير و أنه تحدد للبيع بلدة القوصية مشيراً بذلك إلى أنه غير مكلف بنقل المحجوزات إلى المكان الذى تحدد للبيع الأمر الذى يجعله غير مسئول عن عدم تقديمها بهذا المكان و لم تعن المحكمة بتحقيق هذا الدفاع و لم ترد عليه مع أهميته و وجوب تمحيصه و الرد عليه ، فإن حكمها يكون قاصراً .

(الطعن رقم 1050 لسنة 26 جلسة 1956/11/26 س 7 ع 3 ص 1180 ق 327)

16 ـ توقيع الحجز يقتضى إحترامه قانوناً و يظل منتجاً لآثاره و لو كان مشوباً بالبطلان ، ما دام لم يصدر حكم ببطلانه من جهة الإختصاص . كما أن من المقرر أن السداد الذى يحصل فى تاريخ لاحق لوقوع جريمة إختلاس الأشياء المحجوزة لا يؤثر فى قيامها .

(الطعن رقم 2789 لسنة 32 جلسة 1963/01/08 س 14 ع 1 ص 16 ق 2)

(الطعن رقم 1809 لسنة 28 جلسة 1959/10/06 س 10 ع 3 ص 758 ق 162)

17 ـ الدفع بأن الحجز شكلى و صورى لا يبرر الاعتداء على الحجز ما دام لم يقض من جهة الاختصاص ببطلانه .

(الطعن رقم 1668 لسنة 28 جلسة 1959/01/12 س 10 ع 1 ص 30 ق 8)

18 ـ لا يشترط فى إثبات جريمة إختلاس المحجوز أن يحرر المحضر أو الصراف محضرا يثبت فيه واقعة الاختلاس فى يوم حصولها ، بل يكفى كما هو الحال فى سائر الجرائم أن تقتنع المحكمة بثبوت الواقعة من أى دليل أو قرينة تقدم إليها ، ومادامت المحكمة قد أثبتت على المتهم مفارقته لجريمة التبديد ، وأنه قد قطع البرسيم المحجوز عليه أكثر من مرة ، وذكرت الأدلة التى استخلصت منها ذلك وهى أدلة يستقيم معها ما انتهت إليه من إدانة المتهم فإن عدم تحرير محضر التبديد ، أو عدم ذكر مكان الحجز فى محضر التأجيل لا يجدى المتهم ولا يؤثر فى سلامة الحكم .

(الطعن رقم 727 لسنة 29 جلسة 1959/06/08 س 10 ع 2 ص 623 ق 138)

19 ـلا تقوم جريمة إختلاس الأشياء المحجوز عليها إذا زال قيد الحجز عن المحجوز عليه قبل حصول التبديد ، و لما كانت إقالة المتهم من الغرامة السابق الحكم بها عليه هى تصرف قانونى تم به إبراء ذمته من الإلتزام بالوفاء بمبلغ الغرامة المنفذ بها قبل ثبوت التبديد .

(الطعن رقم 1599 لسنة 29 جلسة 1960/03/14 س 11 ع 1 ص 233 ق 49)

20 ـ إن منازعة الطاعن فى أصل الدين المحجوز من أجله لا تأثير لها فى مسؤوليته المترتبة على توقيع الحجز الذي دين بالاشتراك مع الحارس فى عرقلة تنفيذه.

(الطعن رقم 643 لسنة 23 جلسة 1953/05/25 س 4 ع 3 ص 881 ق 320)

شرح خبراء القانون

الجرائم الملحقة بخيانة الأمانة :

تقسيم: ألحق الشارع بخيانة الأمانة جرائم ثلاث : هی اختلاس الأشياء المحجوز عليها من مالكها المعين حارساً عليها (المادة 342 من قانون العقوبات) وخيانة الائتمان في ورقة موقعة على بياض (المادة 340 من قانون العقوبات) وسرقة السندات أو الأوراق المقدمة إلی المحكمة في أثناء تحقيق قضية بها (المادة 343 من قانون العقوبات) .

اختلاس الأشياء المحجوز عليها : 

تمهيد: نصت على هذه الجريمة المادة 34 من قانون العقوبات في قولها يحكم بالعقوبات السابقة (أي عقوبات خيانة الأمانة) على المالك المعين حارساً على أشيائه المحجوز عليها قضائياً أو إدارياً إذا اختلس شيئاً منها  وعلة إلحاق هذه الجريمة بخيانة الأمانة أن لها ذات أركانها عدا اشتراط ملكية الغير للمال الذي وقعت عليه  فالفرض أن المال المحجوز محمل بحق السلطة العامة وحق الحاجز وقد سلم إلى مالكه الذي عين حارساً عليه لكي يحفظ هذه الحقوق وصار بناء على ذلك ملتزماً بالتزامات تفرضها عليه صفته  ولكنه اختلس هذا المال أي صدر عنه فعل من شأنه عرقلة التنفيذ عليه والإخلال بحقوق السلطة العامة والحاجز وبغير هذا النص ما كان ممكناً عقاب المتهم وفقاً لنص خيانة الأمانة إذ أن حقه كمالك ينفي أحد أركانها والصلة بين هذه الجريمة والجريمة التي نصت عليها المادة 323 من قانون العقوبات وتحمل ذات الاسم وثيقة فموضوع الجريمتين أشياء محجوز عليها والفعل الذي تقومان به  اختلاس والجريمتان يرتكبهما مالك هذه الأشياء وإنما الفارق بينهما أن جريمة المادة 342 تفترض أن المتهم هو الحارس على الشيء المحجوز عليه ومن ثم كان في حيازته فكان فعله أشبه بالفعل الذي تقوم به خيانة الأمانة أما الجريمة التي نصت عليها المادة 323 من قانون العقوبات فتفترض أن المتهم لم يعين حارساً على الشيء ومن ثم كانت حيازته لغيره فاستيلاؤه عليه أشبه بالفعل الذي تقوم به السرقة . ويفسر ذلك إلحاق الشارع جريمة المادة 342 بخيانة الأمانة وجريمة المادة 323 بالسرقة وخضوع كل منهما لأحكام الجريمة التي ألحقت بها وبصفة خاصة عقوبتها.

علة التجريم : علة تجريم اختلاس الأشياء المحجوز عليها هي كفالة الاحترام للحجز باعتباره عملاً قضائياً أو إدارياً واحترام السلطة التي أوقعته ولكن الشارع لا يحمي الحجز لذاته وإنما يحميه باعتباره وسيلة إلى اقتضاء الدائن الحاجز حقه ويمكن القول بأن علة التجريم مزدوجة.

حماية حق السلطة العامة وحماية حق مالي لفرد بل يمكن القول بأن الشارع يحمي حق السلطة العامة في الحدود التي يكفل فيها صيانة حق الحاجز.

 أركان الجريمة تتطلب الجريمة موضوعاً هو الشيء المحجوز عليه وتتطلب صفة في المتهم هي أن يكون مالكاً لهذا الشيء وحارساً عليه وتقتضي ركناً مادياً هو الاختلاس وتتطلب هذه الجريمة في النهاية ركناً معنوياً يتخذ صورة القصد الجنائي .

المال المحجوز عليه: تتطلب هذه الجريمة أن يكون موضوعها  مالاً محجوزاً عليه أي وقع عليه حجز سواء كان حجزاً قضائياً أو حجزاً إدارياً وسواء كان حجزاً تنفيذياً أو حجزاً تحفظياً فالحجز في جميع أنواعه  عمل صادر عن سلطة عامة   ومن ثم فهو واجب الاحترام وقد سلف في دراسة الجريمة التي نصت عليها المادة 323 من قانون العقوبات تعريف الحجز بأنه  وضع المال تحت يد السلطة العامة بقصد منع صاحبه من التصرف فيه بما يضر حقوق من أوقع الحجز عليه من الدائنين كما سلف بيان أركانه وشروط صحته وأسباب انقضائه  ونحيل إلى ما تقدم تفصيله في هذا الشأن إذ لا يختلف مدلول الحجز في الجريمتين ونشير بصفة خاصة إلى أن ثبوت بطلان الحجز أي انتفاء أحد شروط صحته طالما ثبت وجوده بتوافر أركانه لا يحول دون قيام الجريمة فالحجز الباطل واجب الاحترام طالما لم تقرر بطلانه السلطة المختصة ويرتبط بذلك أن مجرد اعتقاد المتهم بطلان الحجز لا ينفي القصد لديه ولا يحول دون قيام الجريمة كذلك أن يكون المحجوز عليه غير مدين للحاجز أو أن يعتقد ذلك ولا يعفي الحارس من المسئولية أن يكون بعض ما وقع الحجز عليه غير مملوك له فيرده إلى مالكه فی جميع هذه الفروض يتعين اتخاذ الإجراءات القانونية لتقرير بطلان الحجز أو انقضائه أو استرداد المالك ماله الذي وقع الحجز عليه دون مقتضي وغني عن البيان أنه إذا صدر حكم بتقرير بطلان الحجز أو انقضائه أو استرداد المالك ماله بعد ارتكاب المتهم فعله فإن الجريمة تبقى مع ذلك قائمة ولكن إذا تقرر ذلك قبل الفعل فلا تقوم الجريمة لانتفاء أحد أركانها .

صفة المتهم :

يتعين أن يكون المتهم مالكاً للشيء المحجوز عليه وأن يكون حارساً عليه  ويعني ذلك أن صفته تقوم على عنصرين :

ملكيته للمال وكونه حارساً عليه ويتضح ذلك من قول الشارع « المالك المعين حارساً على أشيائه المحجوز عليها وهذه الصفة بعنصریها متطلبة لرسم حدود هذه الجريمة والتمييز بينها وبين ما عداها من بعض جرائم الاعتداء على الأموال فإذا كان المتهم غير مالك للمال المحجوز عليه ولم يكن حارساً عليه واستولى عليه من يد حارسه فقد ارتكب سرقة أما إذا كان حارساً عليه فهو مودع عنده فإن استولى عليه ارتكب خيانة الأمانة إذ قد توافرت جميع أركانها وإذا كان المتهم مالكاً للمال ولكنه لم يعين حارساً عليه فاستولى عليه من يد حارسه فقد ارتكب الجريمة التي نصت عليها المادة 323 من قانون العقوبات .

واشتراط أن يحمل المتهم هذه الصفة بعنصريها يعني إدراج هذه الجريمة بين « جرائم ذوي الصفة الخاصة ». ومؤدي ذلك أن تعتبر هذه الصفة عنصراً في فكرة الفاعل للجريمة فلا يعتبر المتهم فاعلاً أياً كان مدى نشاطه إذا لم تتوافر هذه الصفة فيه.

فإذا ارتكب الاختلاس المالك الحارس فهو فاعل للجريمة فإذا كان له شريك بإحدى وسائل الاشتراك التي حددها القانون فهو شريك له وفقاً لقواعد العامة وإذا ارتكب الاختلاس شخص غير مالك لحسابه الخاص سئل عن سرقة وإذا أسهم مع المالك الحارس شخص آخر في ارتكاب الجريمة وصدر عن كل منهما الفعل الذي يكفي لاعتبار مرتكبه فاعلاً فإن المالك الحارس هو وحده الذي يعتبر فاعلاً أما المتهم الآخر فشريك له إذ لا تتوافر له صفة الفاعل وإذا ارتكب فعل الاختلاس شخص غير المالك الحارس بناء على تحريض الأخير له أو اتفاقه أو مساعدته له فالمالك هو فاعل الجريمة في حين أن مرتكب الفعل شريك له يعتبر المالك فاعلاً للجريمة لتوافر الصفة لديه في حين يعتبر الشخص الآخر مجرد شريك على الرغم من ارتكابه الفعل المكون للجريمة لانتفاء هذه الصفة لديه ولا يعترض على ذلك بأن نشاط المالك اقتصر على وسيلة اشتراك ذلك أن هذا النشاط يوفر عناصر الاختلاس باعتباره ينطوي على عرقلة التنفيذ بما يحقق معنى الاختلاس.

الاختلاس :

الاختلاس هو الفعل الذي يقوم به الركن المادي للجريمة ويختلف مدلول الاختلاس في هذه الجريمة بداهة عن مدلوله فی السرقة وخيانة الأمانة ولا يفترض هذا الفعل اعتداء على الملكية فالفرض أن المتهم مالك المال وتوقيع الحجز عليه لا يزيل ملكيته وفي ذلك يختلف عن مدلوله في خيانة الأمانة ولا يفترض كذلك اعتداء على الحيازة فالفرض أن المتهم يحوز المال باعتباره حارساً عليه وفي ذلك يختلف عن مدلوله في السرقة .

يحدد مدلول الاختلاس في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة من مالكها المعين حارساً عليها في ضوء العلة من تجريمها أي باعتباره اعتداء على الحقوق التي أراد الشارع حمايتها بالعقاب عليه وهذه الحقوق على ما تقدم هي حق السلطة في أن يحترم الحجز وحق الدائن الحاجز في التنفيذ على المحجوزات وتطبيقاً لذلك يعرف الاختلاس بأنه «كل فعل من شأنه الاعتداء على هذين الحقين ». ويمكن إجمال ذلك بالقول إنه « كل فعل من شأنه عرقلة التنفيذ » فمثل هذا الفعل يخل بالضرورة بالحقين السابقين ويقترب مدلول الاختلاس وفق هذا التحديد من مدلوله في الجريمة التي نصت عليها المادة 323 من قانون العقوبات ولكنه يختلف عنه من حيث أن صفة المتهم كحارس على المحجوزات تضع على عاتقه التزامات وقد يكون من شأن الإخلال بهذه الإلتزامات عرقلة التنفيذ فيحقق بذلك مدلول الاختلاس ويعني ذلك توسعاً في مدلوله عما حددته له المادة 323 من قانون العقوبات حيث لا يحمل المتهم هذه الالتزامات باعتباره ليس الحارس على المال المحجوز عليه .

وقد قالت محكمة النقض في تعريف الاختلاس في هذه الجريمة إنه : « ليس معناه الاستحواذ على ذلك الشيء خفية بنية امتلاكه بل معناه إزالة المالك لصفة الحجز عن ملكه المحجوز الموضوع تحت حراسته وذلك باخفائه إياه وعدم تقديمه للمحضر يوم البيع إضراراً بالدائن الحاجز » وقالت كذلك إن هذه الجريمة « لا تتحقق إلا باختلاس المحجوزات أو بالتصرف فيها أو عرقلة التنفيذ عليها بعدم تقديمها يوم البيع بنية الغش أي بقصد الاعتداء على أوامر السلطة العامة والمساس بحقوق الدائن الحاجز  .

وأوضح صورة يتحقق فيها الاختلاس في مدلول هذه الجريمة أن يبدد المتهم المال المحجوز عليه سواء في معنى التصرف القانوني كما لو باع هذا المال أو قايض عليه أو وهبه أو رهنه لمصلحة دائن آخر أو في معنى التصرف المادي كما لو أتلفه اتلافاً كلياً أو جزئياً أو تخلى عنه وتطبيقاً لذلك يتحقق الاختلاس بقتل الحصان المحجوز عليه أو اتلاف الزراعة المحجوز عليها .

ولكن الاختلاس لا يقتضي أفعالاً تذهب إلى هذا المدى وإنما يتحقق بكل فعل من شأنه عرقلة التنفيذ فيعتبر اختلاس نقل الشيء من مكانه الذي وقع فيه الحجز إلى مكان آخر بحيث لا يستطيع المحضر العثور عليه في اليوم المحدد للبيع والتنفيذ عليه كما لو نقله إلى مسكن آخر له أو إلى مسكن قريب أو صديق ويتحقق الاختلاس كذلك بإخفاء الشيء في المكان الذي وقع الحجز فيه بحيث لم يستطع المحضر العثور عليه يوم البيع.

ولما كان المتهم حارساً على ماله المحجوز عليه فإنه تتفرع عن صفته التزامات تقتضيها المحافظة على المال وتمكين السلطة العامة والدائن الحاجز من اتخاذ الإجراءات التي يقتضيها الحجز فإذا أخل بهذه الإلتزامات فكان من شأن ذلك عرقلة التنفيذ تحقق الاختلاس بذلك وفي هذه الحالات تتحقق الجريمة بمحض الامتناع فالمتهم يلتزم بتقديم المال إلى المحضر في محل حجزه في اليوم المحدد لبيعه فإذا امتنع عمداً عن تقديمه أو عن الإرشاد إلى مكانه فلم يستطع المحضر اتخاذ إجراءات التنفيذ عليه تحقق الاختلاس بذلك ويلتزم المتهم بالمحافظة على ماله المحجوز عليه کي يتمكن الحاجز من التنفيذ عليه فإذا تعمد الإخلال بهذا الإلتزام تحقق الاختلاس بذلك فإذا عاين المتهم شخصاً يحاول إتلاف المال المحجوز عليه وكان في استطاعته أن يحول بينه وبين ذلك ولكنه امتنع عمداً قاصداً عرقلة التنفيذ على المال تحقق الاختلاس بهذا الامتناع   .

وقد يتحقق الاختلاس عن طريق إجراء قضائي كما لو وقع المتهم حجزاً صورياً على المحجوزات  لمنع بيعها تنفيذاً لمقتضي الحجز ويتحقق الاختلاس كذلك  بتعمد المتهم استصدار أمر بنقل المحجوزات إلى عنوان لا وجود له .

ولكن لا يلتزم الحارس بنقل الشيء المحجوز عليه من المكان الذي وقع فيه الحجز إلى المكان الذي يحدد لبيعه إذ كل ما يلتزم به هو  تقديم الأشياء للمحضر بمحل حجزها في اليوم المحدد لبيعها فإذا قرر الحارس أن الأشياء المحجوزة موجودة ولكنه امتنع عن نقلها من محلها إلى محل آخر إجابة لطلب المحضر فهذا الامتناع لا يمكن اعتباره تبديداً  إذا لا اختلاس فيه مادامت الأشياء موجودة ، ولا عرقلة للتنفيذ لأن امتناعه عن نقل تلك الأشياء من حقه  ولا يحمل الحارس هذا الالتزام ولو كان نقل الشيء على الوجه السابق لا يكلفه مصاريف فانتفاء هذا الالتزام مرده إلى أنه لا يدخل في نطاق واجبات الحارس ولا يلتزم الحارس بتقديم المبيع في تاريخ سابق على اليوم المحدد للبيع فإذا بحث الحاجز أو المحضر عن الشيء في ذلك التاريخ فلم يعثر عليه فلا تقوم الجريمة طالما أنه موجود ويمكن تقديمه حينما يحل التاريخ المحدد لبيعه  ولا يلتزم الحارس بتقديم الشيئ المحجوز إلا إلى المحضر باعتباره الموظف العام المختص بإجراءات التنفيذ التي يقتضيها الحجز أما إذا امتنع عن تقديمه إلى شخص سواه طالبه بذلك فلا يتحقق الاختلاس بهذا الامتناع ولا يغير من هذا الحكم أن يكون الحارس قد تعهد بذلك فإن مثل هذا التعهد لا يصح في القانون اعتبار عدم احترامه مكوناً لجريمة لأنه إخلال باتفاق لا بواجب فرضه القانون،.

وغني عن البيان أنه اذا ثبت أن الشئ المحجوز عليه قد هلك بقوة قاهرة أو أتلفه أو سرقه شخص لا صلة له بالحارس فلا محل للاختلاس إذ لم يصدر عن الحارس النشاط الذي يتحقق به .

ما لا ينفي الاختلاس : إذا ثبت أن المتهم امتنع عن تقديم الشئ المحجوز عليه إلى المحضر في اليوم المحدد للبيع أو عن الإرشاد اليه تحقق الاختلاس بسلوكه فلا تنفيه وقائع أو اعتبارات لا تزيل عن الاختلاس عناصره .

فإذا عثر على المحجوزات بعد ذلك أو أظهرها الحارس دون أن ينالها تصرف أو إتلاف فلا ينفي ذلك الاختلاس ولو أمكن التنفيذ عليها فيما بعد أو أمكن توقيع حجز تال عليها ولا ينفي الاختلاس أن يتبين للحارس أن بعض الأشياء التي وقع الحجز عليها غير مملوكة له فيردها إلى مالكها إذ يتنافى ذلك مع الاحترام الواجب للحجز وقد كان يتعين على الحارس المحافظة على المحجوز  ريثما يقضي للمالك بحقه بناء على دعوى استرداد يقيمها  ولا ينفي الاختلاس أن يكون المتهم غير مدين للحاجز (أو أن يعتقد ذلك) إذ كان يجب عليه أن يحترم الحجز ويتخذ في ذات الوقت الاجراءات التي يرفعه بها عن ماله والقول بغير ذلك معناه أن يصرح للمالك بأخذ حقه بنفسه  واذا تعددت الحجوز على المال وعين المتهم حارساً عليها جميعاً فإنه يلتزم بالمحافظة عليها لمصلحة جميع الحاجزين وترتيباً على ذلك فإنه إذا سلم المال إلى أحد الحاجزين ارتكب الاختلاس إذ يعني ذلك الإضرار بمن سواه من الحاجزين وحرمانهم من التنفيذ على المال بناء على الحجز وواجب الحارس في هذا الوضع  يقتضي تقديم المحجوز يوم البيع للمأمور المكلف ببيعه ثم تركه يتصرف بما يراه تحت مسئوليته وحده .

ولا ينفي الاختلاس سداد المتهم دينه بعد ارتكابه فعله أو صدور حكم ببطلان الحجز ولكن إذا تحقق ذلك قبل ارتكاب الفعل انتفت الجريمة إذ يعني ذلك انتفاء أحد أركانها وهو الحجز سواء انقضى في ذاته أو تبعاً لانقضاء الدين ولا ينفي الجريمة أن يكون للمتهم شركاء في الدين المحجوز من أجله طالما أنه الحارس على ما حجز عليه .

وليس من عناصر الاختلاس أن ينال الحاجز ضرر يتمثل في عدم حصوله على حقه أو عدم استطاعته التنفيذ على المال ذلك أن الضرر لازم عن الاختلاس فمجرد إخفاء الشئ المحجوز عليه وما يترتب عليه من تأخير في بيعه واستيفاء الدائن حقه من ثمنه ضرر في ذاته.

القصد الجنائي :

هذه الجريمة عمدية ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي فإذا لم يتوافر القصد فلا تقوم الجريمة ولو توافر الخطأ وتطبيقاً لذلك فإذا لم يقدم الحارس للأشياء المحجوز عليها الى المحضر في اليوم المحدد للبيع وثبت أن مرجع ذلك إلى مرضه أو عدم علمه بيوم البيع أو هلك الشئ المحجوز عليه لقوة قاهرة أو إهمال الحارس في المحافظة عليه فإن القصد لا يتوافر لديه .

ويتطلب القصد علم المتهم بتوقيع الحجز على الشئ وأنه عين حارساً عليه ويفترض كذلك علمه باليوم المحدد للبيع والعلم المطلوب بهذه الوقائع يتعين وفقاً للقواعد العامة  أن يكون علماً يقينياً وأن يتوافر لحظة ارتكاب فعل الاختلاس ويتطلب القصد اتجاه إرادة المتهم إلى الاختلاس في مدلوله الذي سلف تحديده واتجاه نيته (أى إردته إلى عرقلة التنفيذ إخلالاً بالاحترام الواجب للحجز وإضراراً بالحاجز ولما كانت نية الإضرار على هذا النحو عنصراً في القصد على الرغم من أن الضرر في ذاته ليس من عناصر الركن المادي فمؤدى ذلك أن القصد المتطلب في هذه الجريمة « قصد خاص».

يتطلب القصد علم المتهم بالحجز وتعيينه حارساً على ماله الذي وقع الحجز عليه والأصل علم المتهم بذلك إذ يجري الحجز في مواجهته ويصدر عنه قبول بتعيينه حارساً يثبت في محضر الحجز فإذا ثبت جهله بذلك كما لو وقع الحجز في غيابه عن محله أو رفض أن يعين حارساً فإن القصد لا يتوافر لديه وتستوي وسائل علمه بالحجز فلا يشترط أن يكون هذا العلم قد حصل بإعلان رسمي ويتعين أن يكون هذا العلم يقينياً .

ويتطلب القصد علم المتهم باليوم المحدد لبيع الأشياء المحجوز عليها ويجب أن يكون هذا العلم يقينياً ولكن لا يشترط أن يكون بطريق رسمي وتطبيقاً لذلك فإذا أعلن المتهم باليوم المحدد للبيع بالطريق الرسمي ولكن الإعلان لم يسلم إلى شخصه وإنما سلم الى تابع له أو إلى الجهة الإدارية وثبت للمحكمة أنه لم يعلم به شخصياً فإن القصد لا يعد متوافراً لديه فالعلم المفترض من واقعه الإعلان لا يحل محل العلم الشخصي اليقيني الذي تقتضيه القواعد العامة في تحديد عناصر القصد الجنائي واذا لم يعلم المتهم باليوم المحدد للبيع بالطريق الرسمي ولكن ثبت للمحكمة أنه علم به بأي طريق آخر اعتبر القصد متوافراً لديه فالقواعد العامة تكتفي بعلم أياً كان مصدره طالما ثبت له الصفة اليقينية .

ويتطلب القصد الجنائي إتجاه إراداة المتهم إلى فعل الاختلاس ويتطلب كذلك إتجاه إرادته إلى عرقلة التنفيذ على المال المحجوز عليه فإذا لم يثبت اتجاه إراداة المتهم إلى الاختلاس كما لو اختفى المال أو هلك بحادث فجائي أو بفعل شخص آخر أو بإهمال المتهم نفسه فإن القصد لا يتوافر لديه وإذا انتفت لدى المتهم نية عرقلة التنفيذ كما لو كان عدم وجود المال في محل الحجز يوم البيع راجعاً إلى نقله إلى مكان آخر وإبقائه فيه محافظة عليه من ضرر يتهدده أو أودع المتهم مبلغ الدین بخزانة المحكمة قبيل يوم البيع فإن القصد لا يتوافر لديه .

وللغلط تأثيره على القصد وفقاً للقواعد العامة : فالغلط في الوقائع ينفي القصد : فإذا جهل المتهم وجود الحجز أو تعيينه حارساً أو لم يعلم باليوم المحدد للبيع أو جهل أن من شأن فعله عرقلة التنفيذ انتفى القصد لديه والغلط في القانون غير العقابي ينفي القصد كذلك فإذا كان المتهم حين تصرف في المحجوزات يعتقد زوال الحجز بعد إلغاء أمر الأداء الذي وقع الحجز نفاذاً له فإن القصد ينتفي لديه أما الغلط في قانون العقوبات فلا ينفي القصد : فإذا اعتقد المتهم بطلان الحجز أو اعتقد أنه غير مدين للحاجز أو اعتقد أنه يحق له التصرف في المال المحجوز عليه نظير سداد الدين فيما بعد اعتبر القصد متوافراً لديه فكل ذلك غلط في عناصر أو نطاق النهي الذي يقرره نص التجريم ومن ثم لم يكن من شأنه نفي القصد.

فإذا ثبت توافر القصد فلا عبرة بالبواعث إلى ارتكاب الجريمة : فقد يكون الباعث هو الإضرار بالدائن الحاجز وقد يكون مجرد الظن بالشئ وإبقائه لاستعمال أو استغلال شخصي أو تفضيل دائن آخر بتسليم المال له.

تمام الجريمة لتحديد لحظة تمام الجريمة أهمية كبيرة : فسداد الدين وتقرير بطلان الحجز قبل تمام الجريمة يزيل أحد أركانها أما إذا تحقق بعد ذلك فلا تأثير له على أركانها وإذا لم تتم الجريمة فلا عقاب عليها إذ لا شروع فيها ولحظة تمام الجريمة هي بداية التقادم المنهي للدعوى الجنائية .

والقاعدة أن الجريمة تتم بتمام فعل الاختلاس والصورة المعتادة لتمام هذا الفعل هي ألا تقدم الأشياء المحجوز عليها إلى المحضر في محل الحجز في اليوم المحدد للبيع ولذلك ساغ القول بأن تاريخ الجريمة هو التاريخ المحدد للبيع أي تاريخ محضر البيع وأن هذا التاريخ هو بداية سريان التقادم المنهي للدعوى الجنائية ولكن هذا القول ليس قاعدة مطلقة فإذا ثبت أن المتهم قد بدد الشيء المحجوز عليه (بأن تصرف فيه تصرفاً قانونياً أو مادياً) قبل التاريخ المحدد للبيع فإن تاريخ التبديد يعتبر تاریخ الجريمة ومن ثم تاريخ بداية التقادم المنهي للدعوى الجنائية  ولا محل في تطبيق هذه القاعدة للتفرقة بين الأموال المثلية والأموال القيمية وحصرها في الأموال القيمية والقول في شأن المثليات بأن تاریخ تمام الجريمة هو تاريخ المطالبة بتسليم المال إلى المحضر وثبوت عجز المتهم عن ذلك وإنما يعتبر تاريخ التصرف في الأموال المثلية هو تاریخ تمام الجريمة باعتبار أن الحجز على المال المثلي يعينه بذاته ويجعل مصلحة السلطة العامة والحاجز متعلقة بعينه ومن ثم كان تاريخ التصرف فيه هو تاریخ تمام الجريمة ولو لم يطالب المتهم بتسليمه وكان لديه من أمثاله ما يستطيع تسليمه بدلاً منه .

عقوبة الجريمة، حدد الشارع لهذه الجريمة ذات العقوبة المقررة لخيانة الأمانة أي الحبس ويجوز أن تزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه .

والشروع في هذه الجريمة غير متصور للتقارب بينها وبين خيانة الأمانة من حيث طبيعة النشاط الإجرامي .

وتعتبر هذه الجريمة مماثلة لخيانة الأمانة وبالتالي مماثلة لجريمتي السرقة والنصب في تطبيق أحكام العود . 

وإذا ربطت بين المتهم وبين الدائن الحاجز صلة الزوجية أو الأبوة أو البنوة فلا محل لأعمال القيد الذي نصت عليه المادة 312 من قانون العقوبات ذلك أن عدوان الفعل لم يقتصر على حق الحاجز وإنما تعداه إلى حق السلطة العامة التي أوقعت الحجز.

بيانات حكم الإدانة يجب أن يتضمن حكم الإدانة إثباتاً لتوافر أركان الجريمة : فيحدد الأشياء المحجوز عليها ويثبت توقيع الحجز عليها وتعيين المتهم حارساً عليها وتاريخ اليوم المحدد للبيع وصدور فعل الاختلاس وماهيته وتوافر القصد والأصل أن الحكم لا يلتزم بإثبات توافر القصد صراحة إذا كان سياق عبارته يدل على توافره كما لو ذكر أن المتهم « امتنع عن تقديم الشيء المحجوز عليه للمحضر يوم البيع دون إبداء أي عذر » أو ذكر أنه «لم يقدم الشيء المحجوز عليه يوم البيع مع علمه بالحجز »ويجوز إثبات توافر أركان الجريمة بجميع طرق الإثبات تطبيقاً للقواعد العامة ولا يشد على هذه القواعد إثبات العلم بالحجز واليوم المحدد للبيع أي لا يشترط ثبوت هذا العلم بطريق رسمي ولا ينفي ثبوت الجريمة عدم تحرير محضر بواقعة الاختلاس طالما ثبت ارتكاب هذا الفعل بأي دليل.

والقول بتوافر القصد الجنائي هو فصل في مسألة موضوعية ومن ثم لا يخضع قضاء قاضي الموضوع فيه لرقابة محكمة النقض ما لم يوجد « تضارب صریح بين الوقائع الثابتة في الحكم والنتائج التي استخلصتها المحكمة منها » ويعتبر كذلك فصلاً في مسائل موضوعة تحديد تاریخ الحجز وكون المتهم حارساً والتاريخ المحدد للبيع وماهية فعل الاختلاس وعلم المتهم بيوم البيع وتقدير عذره في عدم تقديم المحجوزات في اليوم المحدد للبيع وتحديد تاريخ الجريمة.

ويعتبر دفعاً جوهرياً دفع المتهم بأنه لم يوقع حجز أو أنه لم يعين حارساً أو أنه لم يعلم بيوم البيع أو أن الأشياء المحجوز عليها لم تختلس أو أنه سدد الدين قبل اليوم المحدد للبيع أو بإنعدام سند الحجز أو إنعدام محضر الحجز أو محضر الاختلاس أو تزویر محضر الحجز أو اعتبار الحجز كأن لم يكن لعدم إجراء البيع في خلال المدة التي اشترطها القانون.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية،  الصفحة:    1374)

 

خلاصة الوضع التشريعي أن الاختلاس الواقع على الأشياء المحجوز عليها من المالك غير الحارس يعتبر في حكم السرقة بينما الاختلاس الواقع من المالك الحارس يعتبر في حكم خيانة الأمانة.

 أركان الجريمة :

تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة :

محل الجريمة وهو الأشياء المحجوز عليها وفعل الاختلاس والقصد الجنائي.

 المال المحجوز عليه :

يجب أن يكون محل الجريمة منقولاً محجوزاً عليه فلا تقع الجريمة على عقار محجوز عليه ويستوي أن يكون الحجز قضائياً أو إدارياً صحيحاً أو باطلاً طالما لم يصدر حكم ببطلانه وذلك على التفصيل الذي سبق بيانه بصدد الجريمة المنصوص عليها في المادة 323 ولذلك نكتفي هنا بالإحالة إليها.

 فعل الاختلاس :

يهدف المشرع بتجريم الاختلاس في هذه الجريمة إلى ضمان تحقيق الهدف من الحجز وهو التنفيذ على المال المحجوز عليه ولذلك نجد للاختلاس هذا معنى يتسق مع هذا الهدف وبديهي ألا يكون للاختلاس فی هذه الجريمة نفس المعنى المحدد له في جريمة خيانة الأمانة وهو تغيير الحيازة من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك إذ الفرض هنا أن المختلس هو المالك المعين حارساً وإنما يقصد بالاختلاس في هذه الحالة كل فعل يرمي به المالك الحارس إلى منع التنفيذ أو عرقلته.

ولكن الجريمة لا تقع إذا كان عدم تقديم الأشياء المحجوزة راجعاً إلى كل أسباب خارجة عن إرادة المتهم كما لو كان الشيء المحجوز قد سرق أو هلك بقوة قاهرة أو حادث فجائي .

وإذا كان المالك الحارس ملتزماً بتقديم الشيء المحجوز يوم البيع فإنه غير ملتزم بنقله من محل الحجز إلى محل البيع إذا كان قد حدد لبيعه مكان آخر ولذلك لا تقع الجريمة بامتناعه عن هذا الفعل حتى ولو كان قد تعهد بذلك فالإخلال بمثل هذا التعهد لا يصح اعتباره مكوناً للجريمة لأنه إخلال باتفاق لا بواجب فرضه القانون ولكن يلاحظ أنه لا يجدي المتهم تمسكه بأنه غير مكلف بنقل الأشياء المحجوزة إلى محل البيع إلا إذا كانت هذه الأشياء موجودة في محل الحجز أما إذا كان قد تصرف فيها فإن الجريمة تكون قد وقعت فلا يكون هناك محل للدفع بعدم الإلتزام بالنقل.

كذلك لا يلتزم الحارس بتقديم الأشياء المحجوز عليها قبل التاريخ المحدد للبيع وعلى ذلك فإن عدم العثور عليها في تاريخ سابق إذا كان لا يفيد التصرف فيها أو قصد عرقلة التنفيذ عليها لا يصح عده اختلاساً لها.

القصد الجنائي :

يتمثل القصد الجنائي في جريمة اختلاس المحجوزات في قصد منع التنفيذ أو وضع العراقيل في سبيل التنفيذ و يقتضي توافر القصد بهذا المعنى أن يتحقق عنصران : الأول: العلم بالحجز وباليوم المحدد للبيع أو اليوم الذي تأجل إليه البيع والثاني: اتجاه الإرادة إلى عرقلة التنفيذ على الشيء المحجوز.

وعلى ذلك فإذا أثبت المتهم عدم علمه بالحجز أو بيوم البيع وجب الحكم ببراعته فالقضاء بالبراءة تأسيساً على عدم توافر علم المتهم بيوم البيع يكون صحيحاً ولكن يجب أن يلاحظ أن الدفع بعدم العلم بيوم البيع لا يكون له محل إلا إذا كانت الأشياء المحجوز عليها موجودة ولم تبدد وعلى ذلك فإذا كان الحكم قد قضى بالبراءة لعدم علم المتهم باليوم المحدد لبيع المحجوزات مع اعترافه بتصرفه فيها فإنه يكون قد أخطأ في القانون.

والدفع بعدم العلم بيوم البيع دفع موضوعي لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض .

 الإرادة :

لا يكفي العلم بقيام الحجز وباليوم المحدد للبيع وإنما يجب التحقق القصد أن يتوافر فضلاً عن ذلك إرادة عرقلة تنفيذ الحجز فيتوافر القصد بنقل المحجوزات بنية إخفائها عن الدائن الحاجز.

ويعتبر عدم تقديم الأشياء المحجوز عليها للمحضر يوم البيع قرينة على توافر القصد الجنائي لدى المتهم ولكنه يستطيع أن يثبت حسن نيته فيحكم بالبراءة لعدم قيام الجريمة فينتفي القصد الجنائي إذا كان المتهم قد نقل الأشياء المحجوزة بقصد المحافظة عليها أو كان المتهم يجهل أو يخطىء في فهم قواعد قانون آخر غير قانون العقوبات كما لو تصرف في المحجوزات وهو يعتقد زوال الحجز بعد إلغاء أمر الأداء الذي وقع الحجز نفاذاً له.

ولكن لا ينفى توافر القصد أن يكون الجاني معتقداً ولو بحق براءة ذمته من الدين المحجوز من أجله أو ادعاؤه بأنه غير مدين إذا أن ذلك لا يبرر الاعتداء على أوامر السلطة التي أوقعت الحجز.

وإذا كان القصد يتمثل في إرادة عرقلة تنفيذ الحجز فإنه لا يكون هناك محل للبحث في توافر القصد إذا كان الحجز قد سقط بالتنازل عنه أو بالوفاء بالدين أو بقيمة المحجوزات أو بإيداع الدين في خزينة المحكمة على ذمة الدائن وقد قضى بأن الدفع بزوال قيد الحجز قبل التبديد يعتبر نفعاً جوهرياً فإغفال تحقيقه أو الرد عليه يعتبر إخلالاً بحق الدفاع. 

ويعتبر توافر القصد الجنائي مسألة موضوعية يفصل فيها قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض طالما لم يكن هناك تضارب صریح بين الوقائع الثابتة في الحكم والنتائج التي استخلصتها المحكمة.

ولا يشترط أن يذكر توافر القصد الجنائي لدى المختلس صراحة في الحكم وإنما يكفي أن يكون في عبارته ما يدل على توافره كأن يذكر الحكم أن مندوب الحجز قد ذهب إلى المتهم وطلب منه الشيء المحجوز فقرر له أنه غیر موجود.

 تمام الجريمة :

إذا توافرت الأركان السابق بيانها وقعت جريمة اختلاس المحجوزات من المالك المعين حارساً عليها وهي جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع فعل الاختلاس الذي تبدأ منه فترة سقوط الدعوى العمومية ويعتبر تاریخ وقوع الجريمة هو تاريخ واقعة الاختلاس كالتصرف في الأشياء المحجوزة بالبيع مثلاً أما إذا لم يكن هذا التاريخ معروفاً فيعتبر تاریخ محضر التبديد تاريخاً للجريمة إلا إذا قام الدليل على وقوع الاختلاس فی تاریخ سابق.

وإذا قامت الجريمة فإنه لا يؤثر في ذلك أن يقوم الجاني بسداد الدين فالسداد اللاحق لا يؤثر في قيام الجريمة أو أن يصدر بعد وقوعها حكم بإلغاء الحجز وبأحقية المحجوز عليه للمحجوزات.

الاشتراك في الجريمة :

بينا فيما تقدم أن المشرع قد أورد نص المادة 342 لكي يدخل تحت طائلة العقاب المالك المعين حارساً على أشيائه المحجوز عليها حيث لا يصلح نص المادة 341 الخاص بخيانة الأمانة لمعاقبته أما إذا كان المختلس هو الحارس غير المالك فإنه تطبق عليه المادة 341 فإذا كان له شريك عوقب عن اشتراکه وفقاً للقواعد العامة في الاشتراك ويثور التساؤل في حالة ما إذا كان شريك الحارس هو مالك الأشياء المحجوزة ذهب جانب من الفقه إلى القول بأن المالك يعتبر شريكاً للحارس في جريمته ولا تطبق عليه المادة 323 الملحقة بالسرقة لأنه لم يستول على الشيء خلسة ممن هو في حيازته بينما رفض بعض الفقهاء هذا الحل استناداً إلى أن قواعد خيانة الأمانة لا تؤدي إليه ويرى أن المادة 341 لا تنطبق في هذه الصورة فهي لا تنطبق على الحارس لأنه ارتكب الفعل برضاء المالك ف لا يعتبر مختلساً أو مبدداً كما أنها لا تنطبق على المالك لأنه لا يعتبر في حكم الأمين إلا إذا كان حارساً طبقاً للمادة 342. 

أما محكمة النقض فقد مالت في أول الأمر إلى الرأي الأول فقضت بأنه إذا تواطأ المالك مع الحارس على اختلاس الأشياء المحجوز عليها فإن الواقعة تنطبق على المواد 266 (وهي المادة 341 الحالية) ، 40، 41 عقوبات بالنسبة للمالك الذي يعتبر شريكاً للحارس في اختلاس الأشياء التي سلمت إليه على سبيل الوديعة وقد بدأ تردد محكمة النقض حول هذا الحل في حكم لاحق بصدد واقعة تتلخص في أن مالك الأشياء المحجوزة اتفق مع الحارس وهو إبنه فجنياً القطن وذرياً القمح والشعير وتصرفا فيها فحكم باعتباره شريكاً في تبديد هذه الأشياء فقضت محكمة النقض بأنه حتى مع الافتراض الجدلي بأن هناك محلاً للشك في مسئولية المالك طبقاً للمواد 266 (341  الحالية) ، 40 ، 41 عقوبات فهو مسئول على كل حال وفقاً للمادة 278 ع (وهي 323 الحالية).

ويبدو لنا أن علاج هذا الوضع يكون بتعديل تشريعي للمادة 342 بحيث يسري حكمها على الحارس سواء أكان مالك أو غير مالك نظراً لاختلاف معنى الاختلاس فيها عنه في خيانة الأمانة إذ لا شيء يمنع في ظل هذا الوضع من مساءلة المالك باعتباره شريكاً للحارس في جريمة اختلاس المحجوزات المنصوص عليها في المادة 342.

العقوبة :

يقرر المشرع الجريمة اختلاس المحجوزات من المالك المعين حارساً عليها عقوبة جريمة خيانة الأمانة وعلى الرغم من أن المشرع لم يستعمل في نص المادة 342 عبارة تفيد اعتبار هذه الجريمة في حكم خيانة الأمانة كما فعل في المادة 323 التي ألحقت اختلاس المحجوزات من غير الحارس بجريمة السرقة فإن الفقه مجمع على إلحاقها بها في الحكم فتعتبر مماثلة لجريمة خيانة الأمانة وبالتالي لجريمتي السرقة والنصب وتطبق عليها أحكام المواد من 49 إلى 51 الخاصة بالعود متى توافرت شروطها ويستند الفقه في ذلك إلى أنه ليس من المنطقي أن تشدد عقوبة المختلس العائد إذا كانت الأشياء المحجوزة في حيازة غيره (م 323) ولا تشدد إذا كانت في حيازته هو (م 342 ).

ويلاحظ أن المشرع لم يجد بنفسه حاجة إلى أن ينص في المادة 342 على عدم سريان قيد الشكوى على هذه الجريمة كما فعل في المادة 323 ذلك أن القيد يكون له محل إذا كان المجني عليه هو زوج أو أصل أو فرع الجاني وفي الجريمة محل البحث تجتمع صفتا الجاني والمجني عليه في شخص واحد لأن المختلس فيها هو نفسه المالك المعين حارسا على أمواله المحجوزة ، هذا فضلا عن أن الاعتداء ينال أوامر السلطة العامة التي أوقعت الحجز.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية،  الصفحة:  1042)

وقد استثنى المشرع الصورة التي يكون فيها المال مملوكاً للفاعل وقد توقع عليه حجز وعين هو أي المالك حارساً عليه فإنه قد عد اغتياله للمال جريمة خاصة نص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات وألحقها بجريمة خيانة الأمانة.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع،  الصفحة: 536)

تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاثة :

محل الجريمة وهو الأشياء المحجوز عليها وفعل الإختلاس والقصد الجنائي.

المال المحجوز عليه:

يجب أن يكون محل الجريمة منقولاً محجوزاً عليه فلا تقع الجريمة على عقار محجوز عليه ويستوي أن يكون الحجز قضائياً أو إدارياً صحيحاً أو باطلاً طالما لم يصدر حكم ببطلانه.

فعل الإختلاس :

يهدف المشرع بتجريم الإختلاس في هذه الجريمة إلى ضمان تحقيق الهدف من الحجز وهو التنفيذ علي المال المحجوز عليه ولذلك نجد للإختلاس هنا معني يتسق مع هذا الهدف.

وبديهي ألا يكون للإختلاس في هذه الجريمة نفس المعنى المحدد له في جريمة خيانة الأمانة وهو تغير الحيازة من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك إذ الفرض هنا أن المختلس هو المالك المعين حارساً وإنما يقصد بالإختلاس في هذه الحالة كل فعل يرمي به المالك الحارس إلى منع التنفيذ أو عرقلته.

وعلى ذلك يتحقق الإختلاس بالتصرف في الأشياء المحجوزة للبيع أو بالمقايضة أو بإتلافها أو بإستهلاكها أو بإعدامها كما يتحقق بمجرد إخفائها لمنع التنفيذ عليها أو نقلها إلى جهة يجهلها الدائن الحاجز دون أن يخطره بهذا النقل ودون أن يستأذن فيه الجهة القضائية المختصة حتى إذا جاء المحضر في يوم البيع لم يجدها في مكانها فإذا كان النقل قد تم التحقق أمر معين فإنه يجب علي الحارس أن يرشد المحضر إلى مكان وجوده إن لم يستطع إحضاره إلى المكان الذي كان فيه فإذا إمتنع عن تقديم الشيء يوم البيع أو الإرشاد عنه إعتبر مبدداً لأن كل فعل من هذا القبيل يكون الغرض منه وضع العراقيل في سبيل التنفيذ على الشيء المحجوز عليه يأخذ حكم التبديد.

ولكن الجريمة لا تقع إذا كان عدم تقديم الأشياء المحجوزة راجعة إلى أسباب خارجة عن إرادة المتهم كما لو كان الشيء المحجوز قد سرق أو هلك بقوة قاهرة أو حادث فجائي.

ولا يلتزم الحارس بتقديم الأشياء المحجوز عليها قبل التاريخ المحدد للبيع وعلى ذلك فإن عدم العثور عليها في تاريخ سابق إذا كان لا يفيد التصرف فيها أو قصد عرقلة التنفيذ عليها لا يصح إختلاساً لها.

القصد الجنائي:

يتمثل القصد الجنائي في جريمة إختلاس المحجوزات في قصد منع التنفيذ أو وضع العراقيل في سبيل التنفيذ.

ويقتضي توافر القصد بهذا المعنى أن يتحقق عنصران.

الأول: العلم بالحجز وباليوم المحدد للبيع أو اليوم الذي تأجل إليه البيع والثاني إتجاه الإرادة إلى عرقلة التنفيذ على الشيء المحجوز.

تمام الجريمة :

إذا توافرت الأركان السابقة بيانها وقعت جريمة اختلاس المحجوزات من المالك المعين حارساً عليها وهي جريمة وقتية تقع وتنتهي بمجرد وقوع فعل الإختلاس الذي تبدأ منه فترة سقوط الدعوى العمومية ويعتبر تاريخ الجريمة هو تاریخ واقعة الاختلاس كالتصرف في الأشياء المحجوزة بالبيع مثلاً أما إذا لم يكن هذا التاريخ معروفاً فيعتبر تاریخ محضر التبديد تاريخاً للجريمة إلا إذا قام الدليل على وقوع الاختلاس في تاريخ سابق.

وإذا قامت الجريمة فإنه لا يؤثر في ذلك أن يقوم الجاني بسداد الدين فالسداد اللاحق لا يؤثر في قيام الجريمة.

العقوبة:

يقرر المشرع لجريمة إختلاس المحجوزات من المالك المعين حارساً عليها عقوبة جريمة خيانة الأمانة وهي الحبس ويجوز أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 684) 

الفقه الإسلامي
قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 209  ، 210    
(مادة 420) 
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر ، أو بغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه - الحارس الذي يتسبب بإهماله في وقوع إحدى الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة . 
(مادة 421)
 يعاقب بالحبس كل من أتلف أو أخفى أو إستولى على أشياء محجوز عليها قضائياً أو إدارياً ، أو عرقل التنفيذ عليها بغير حق ، مالكاً كان أو حارساً أو غير ذلك . 
ويعاقب بذات العقوبة من شرع في شيء مما تقدم . 
المساس بالأختام والأشياء المحفوظة أو المحجوز عليها 
المواد من (418) - (421): 
تقابل نصوص المشروع المواد : (147)، (148)، (149)، (151)، (153)، (323)، (342) من القانون القائم . 
وقد رأى المشروع أن يتضمن هذا الفصل أحكام المادتين (323)، (342) من أحكام القانون القائم ، مع إضافة بعض الأفعال المؤثمة إلى ما كان يؤثمهما النصان المذكوران ، وقد تكفل بيان كل ذلك نص المادة (421) من المشروع ، إذ نص على عقاب كل من أتلف أو أخفى أو استولى على أشياء محجوز عليها قضائياً أو إدارياً ، أو عرقل التنفيذ عليها بغير حق ، يستوي في ذلك أن يكون مالكاً أم غير مالك ، حارساً أم غير حارس ، واستحدث النص العقاب على الشروع في الجريمة ، كما ألغي من نص المادة (323) حالة الإعفاء التي كانت تنص على إستبعادها ، بإعتبار أن ذلك لا يحتاج إلى نص ، إذ الأمر أمر إعتداء على الجهة الآمرة بالحجز ، قضائياً كانت أم إدارياً ، فالجريمة ليست من جرائم الأموال ، إنما من جرائم المساس بالحجز . 
وقد صيغت نصوص هذا الفصل بإحكام ووضوح ، وتشمل الحالات الواردة بها دون لبس أو غموض .