إن جريمة سرقة الأوراق والمستندات التي تقع ممن قدمها إلى المحاكم أثناء تحقيق قضية بها هي جريمة من نوع خاص نص عليها قانون العقوبات فى المادة 298 بغية إلزام الخصوم سلوك سبيل الذمة والأمانة فى المخاصمات القضائية والتنبيه إلى أن السندات والأوراق التي يقدمها كل منهم للمحكمة تصبح حقاً شائعاً للفريقين يسوغ للخصم الآخر أن يعتمد عليها فى إثبات حقوقه. فلذلك وما دام نص هذه المادة صريحاً فى عقاب من قدم الورقة ثم سرقها، فإن هذا النص يتناول حتماً صاحب الورقة الذي يسرقها بعد تقديمها.
(الطعن رقم 1586 لسنة 8 جلسة 1938/05/30 س ع ع 4 ص 247 ق 231)
سرقة السندات المسلمة إلى المحكمة :
تمهيد : نصت على هذه الجريمة المادة 343 من قانون العقوبات في قولها كل من قدم أو سلم للمحكمة في أثناء تحقيق قضية بها سنداً أو ورقة ما ثم سرق ذلك بأي طريقة كانت يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ستة شهور تفترض هذه الجريمة أن المتهم سلم مستنداً إلى المحكمة لتستعين به في تحقيق دعوی مطروحة عليها ثم اختلس هذا السند فحال بين المحكمة وبين الاستعانة به في استظهار عناصر الدعوى .
علة التجريم: علة التجريم أن فعل المتهم ينطوي على عرقلة عمل المحكمة في تحقيق الدعوى فهو من هذه الوجهة إخلال بالسير السليم لعمل القضاء في خصوص دعوی مطروحة عليه وينطوي الفعل كذلك على إضرار بالخصم الذي تعلق حقه بالمستند المقدم وصار له أن يحتج به إذا اقتضت مصلحته ذلك وعلى هذا النحو فإن علة التجريم مزدوجة : كفالة السير السليم للعمل القضائي وصيانة حق تولد للخصوم أثناء تحقيق الدعوي .
أركان الجريمة تفترض هذه الجريمة موضوعاً هو السند أو الورقة التي قدمت وسلمت إلى المحكمة وتفترض صفة في المتهم هي أنه مقدم الورقة ومسلمها وتتطلب ركناً مادياً قوامه فعل الاختلاس وتقتضي في النهاية ركناً معنوياً يتخذ صورة القصد الجنائي .
موضوع الجريمة : موضوع الجريمة سند أو ورقة قدم أو سلم للمحكمة في أثناء تحقيق قضية بها .
يتعين أن يكون موضوع الجريمة سنداً أو ورقة وتجمع بين السند والورقة فكرة المحرر على ما سبق تفصيلها في التزوير في المحررات والسند محرر يعتبر دليل إثبات والورقة محرر ليست له قوة الدليل ولكن له أهمية في تحقيق الدعوى وقصر موضوع الجريمة على المحررات يفيد استبعادها إذا كان ما سلم إلى المحكمة ليس محرراً ولو كانت له أهمية في تحقيق الدعوى كسلعة لإثبات تعرضها للغش .
ولا عبرة بأهمية السند أو الورقة في تحقيق الدعوى وتطبيقاً لذلك تتحقق الجريمة إذا كان موضوعها تقرير خبير أو سنداً قدمه المدعي لإثبات حقه أو قدمه المدعى عليه لدفع طلب المدعي و مذكرة تتضمن دفاع خصم ولو ارتكب الفعل الخصم الذي قدم المذكرة كما لو استرد الخصم المذكرة التي قدمها بدفاعه ثم أبدلها بمذكرة أخری .
ويتعين أن يكون موضوع الجريمة أي السند أو الورقة « قدم وسلم إلى المحكمة في أثناء تحقيق قضية ما » وقد رجح في الفقه النص الفرنسي التي اشترط التقديم والتسليم إلى المحكمة على النص العربي الذي اكتفى بالتقديم أو التسليم ذلك أن الشارع عبر عن الفعل بلفظ « سرق » ، وهو ما يفترض صيرورة الشيء في حيازة غير المتهم وتطبيقاً لذلك فإن الجريمة لا ترتكب إذا اقتصر المتهم على تقديم السند أي أبرزه للمحكمة کي تطلع عليه ولكنها لم تتسلمه ثم طالبته بتسليمه أو تقديمه فرفض وتستند فكرة الشارع إلى وجوب صيرورة السند أحد عناصر تحقيق الدعوى وهو ما يفترض ضمه إلى ملفها وبقاءه رهن اطلاع المحكمة ودراستها حتى تصدر الحكم في الدعوى أو تقرر رده لعدم حاجتها إليه ومؤدى ذلك احتمال أن تعتمد المحكمة عليه في حكمها ومن ثم كانت خطورة فعل المتهم أنه يجرد المحكمة من عنصر كان من المحتمل أن تستند إليه في إصدار حكم مطابق للقانون وتطبيقاً لهذه الفكرة فإن الجريمة لا تقوم بفعل من يخفي عن خصمه سنداً بالغ الأهمية في الدعوي أو يرفض تنفيذ أمر المحكمة بتقديم سند له أهمية في تقدير المحكمة .
وقد تطلب النص أن يكون تقديم السند أو الورقة وتسليمه إلى المحكمة في أثناء تحقيق قضية بها وتعبير « محكمة » يتسع لجميع المحاكم فسواء أن تكون محكمة جنائية أو مدنية أو إدارية ويتسع هذا التعبير كذلك للمحاكم العسكرية ولكنه لا يشمل الجهات واللجان الإدارية وسلطات الشرطة والنيابة العامة وقاضي التحقيق .
ولم يتطلب القانون أن يكون تقديم السند وتسليمه إلى المحكمة في قاعة الجلسة أو إلى القاضي نفسه : فيجوز أن يسلم إلى الكاتب أثناء انعقاد الجلسة أو في غير وقت انعقادها ويجوز أن يسلم إلى القاضي في غير وقت الجلسة أو إلى الخبير الذي انتدبته المحكمة ذلك أن مآل السند في جميع هذه الفروض أن يضم إلى ملف الدعوى وأن يصير أحد عناصر تحقيقها.
صفة المتهم : لا يرتكب هذه الجريمة إلا « من قدم الورقة وسلمها للمحكمة »، ومن ثم تندرج هذه الجريمة بين « جرائم ذوي الصفة الخاصة ». أما إذا ارتكب الفعل الذي تقوم به الجريمة شخص سواء طبقت القواعد العامة وقامت بالفعل الجريمة التي تقررها هذه القواعد فإذا ارتكب الفعل خصم مسلم السند قامت جريمة سرقة عادية وإذا ارتكبه الموظف المنوط به حفظه في ملف الدعوى ففعله اختلاس للمال العام يخضع للمادة 112 من قانون العقوبات وإذا اشترك شخص مع مقدم السند في فعله اعتبر شريكاً له في جريمته أما إذا اشترك مقدم الورقة مع شخص آخر في الفعل الذي تقوم به الجريمة كما لو حرضه أو ساعده عليه فمقدم الورقة يعتبر فاعلاً للجريمة التي نصت عليها المادة 343 من قانون العقوبات على الرغم من أن نشاطه لم يجاوز فعل الاشتراك ولا يعتبر الشخص الآخر فاعلاً .
إذ تنقصه الصفة المطلوبة في الفاعل وإذا ارتكب الفعل محامي « من سلم السند » فالأصل أن تطبق عليه المادة 343 من قانون العقوبات باعتباره يمثله ويعمل لمصلحته وفي الغالب يرتكب الفعل بناء على رضائه أو طلبه وينبني على ذلك بمفهوم المخالفة أنه إذا لم يتصرف باعتباره ممثلاً له كما لو ارتكب الفعل لمصلحة خصم موكله أو لمصلحة شخص ليس طرفاً في الدعوى طبقت القواعد العامة واعتبر الفعل سرقة عادية .
الركن المادي : عبر الشارع عن الفعل الذي تقوم به الجريمة في الصياغة العربية للنص بتعبير « سرق ذلك بأي طريقة كانت » وعبر عنه في صياغته الفرنسية بتعبير « اختلس ذلك بأية طريقة » وترتكب الجريمة بغير شك إذا صدر عن المتهم فعل الاختلاس الذي تقوم به السرقة ولكن السؤال يثور حول ما إذا كان نطاق الجريمة يقتصر على هذا المجال وعلى سبيل المثال فإذا أعيدت الورقة إلى من سلمها كي يطلع عليها أو يستعين بها في الرد على مذكرة قدمها خصمه أو ليحتج بها في دعوى أخرى أو لدى جهة إدارية ثم رفض أن يعيدها فهل تقوم الجريمة بذلك استعمل الشارع في الصياغة الفرنسية للنص لفظ « اختلس » ولما كان الشارع قد استعمل هذا اللفظ في جرائم عديدة للدلالة على أفعال غير الفعل الذي تقوم به السرقة وكانت علة التجريم في المادة 343 من قانون العقوبات تتحقق بكل فعل يمس عن طريقه مسلم السند بحق القضاء وحقوق سائر أطراف الدعوى على السند فإننا نعتقد قيام الجريمة بكل فعل يفقد به المتهم ملف الدعوى السند الذي سبق أن سلمه وضم إليه ولو لم يكن اختلاساً في مدلول السرقة إذ هو اختلاس في المدلول الذي تفترضه هذه الجريمة ويحقق علة تجريمها ويؤيد هذا التفسير أن الشارع أردف لفظ « اختلس » بعبارة : « بأية طريقة »، مما يفهم منه عدم قصره على الاختلاس فی مدلول السرقة بالإضافة إلى أن الاختلاس في هذا المدلول غير متصور باعتباره يفترض صدوره عن غير المالك في حين أن المتهم مازال مالك السند الذي سلمه .
القصد الجنائي : هذه الجريمة عمدية ومن ثم يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي ويفترض القصد علم المتهم بأن السند الذي اختلسه هو الذي سبق له تقديمه وتسليمه للمحكمة وعلمه بأن له صلة بتحقيق الدعوى الذي تجريه المحكمة واتجاه إرادته إلى إبعاده عن ملف الدعوى بحيث لا يصير أحد العناصر التي يمكن أن تعتمد عليها المحكمة في تحقيقها وتطبيقاً لذلك ينتفي القصد إذا اعتقد المتهم أن الورقة التي انصب عليها فعله ليست الورقة التي سبق تسليمها أو اعتقد أنها غير ذات صلة بالدعوى أو غير ذات فائدة في تحقيقها وينتفي القصد كذلك إذا لم تتوافر لدى المتهم إرادة إبعاد السند عن ملف الدعوى كما في حالة رد السند إلى مقدمه ثم عدم إعادته إذا ثبت أن مرجع ذلك إلى فقده الإهمال المتهم أو حادث فجائي أو قوة قاهرة.
عقوبة الجريمة : حدد الشارع عقوبة الجريمة بالحبس مدة لا تتجاوز ستة شهور والشروع في هذه الجريمة متصور ولكن لا عقاب عليه لعدم النص .
ويجوز إثبات جميع أركان الجريمة بكل طرق الإثبات ولو جاوزت قيمة السند خمسمائة جنيه .
ويتعين أن يتضمن حكم الإدانة إثباتاً لتوافر أركان الجريمة فيثبت تقديم السند وتسليمه إلى المحكمة وتعلقه بتحقيق الدعوى المطروحة عليها ويثبت صدور فعل الاختلاس عن المتهم ولكن لا يشترط أن يصرح الحكم بتوافر القصد إذ يستخلص من سياق إثباته البيانات السابقة خاصة وأن فعل الاختلاس يفترضه.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتور/ محمود نجيب حسني، دار النهضة العربية، الصفحة : 1410)
أركان الجريمة :
تقوم جريمة سرقة السندات المقدمة للمحكمة على أركان ثلاثة :
الأول : محل الجريمة ، وهو سند أو ورقة قدم أو سلم للمحكمة في أثناء تحقيق قضية بها.
الثاني : فعل الاختلاس.
الثالث : القصد الجنائي.
محل الجريمة
يجب أن يكون موضوع الجريمة سنداً أو ورقة فيدخل في هذا النطاق جميع الأوراق التي يتداولها الخصوم في القضية كالمذكرات وتقارير الخبراء الاستشاريين وتصلح الورقة محلاً للجريمة ولو كانت تتضمن دفاع الخصم عن نفسه ثم اختلسها ليستبدل بها غيرها ويشترط لذلك أن تكون الورقة ذات فائدة ولو كانت ضئيلة فإذا انتفى عن محل الجريمة وصف الورقة بأن كان شيئاً آخر لا تقع الجريمة.
ويجب أن تكون الورقة قد قدمت وسلمت للمحكمة .
ويجب أن يكون تسليم الورقة للمحكمة أثناء تحقيق قضية بها سواء تم ذلك القاضي يداً بيد أثناء الجلسة أو في غير الجلسة أو تم التسليم لقلم الكتاب بالمحكمة ، وسواء كانت المحكمة جنائية أو مدنية أو تجارية أو محكمة أحوال شخصية ولكن لا يتحقق هذا الركن إذا سلمت الورقة إلی غير المحكمة كتسليم الورقة إلى لجنة إدارية أو إذا كان التحقيق أمام النيابة أو قاضي التحقيق أو الشرطة إذ أن النص صريح في أن يكون التحقيق الذي تقدم الورقة أثناءه أمام محكمة.
فعل الاختلاس :
عبر المشرع عن الفعل المادي المكون للجريمة بقوله « ثم سرق ذلك بأي طريقة كانت ».
إذ يعتبر الفعل عندئذٍ سرقة عادية متى توافرت شروطها أما إذا أتى فعل الاختلاس الموظف المعهود إليه حفظ أوراق القضية فإنه يعاقب وفقاً لنص المادة 112 من قانون العقوبات.
ويثور التساؤل في حالة وقوع فعل الاختلاس من محامي مقدم الورقة أو وكيله يذهب الفقه إلى تطبيق المادة 343 في هذه الحالة ، بشرط أن يكون الاختلاس قد تم برضاء مقدم الورقة الصريح أو الضمني أما إذا لم يتحقق هذا الشرط فإن الفعل يعتبر سرقة عادية.
القصد الجنائي :
يتحقق القصد الجنائي باتجاه إرادة الجاني إلى إبعاد الورقة من ملف القضية لحرمان الخصم من الإفادة منها فإذا لم يتحقق ذلك بأن كان المتهم يعتقد أنه لا فائدة من هذه الورقة أو كان قد استولى عليها للإطلاع عليها ثم إعادتها انتفى القصد الجنائي.
العقوبة :
يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز ستة شهور.(شرح قانون العقوبات، القسم الخاص، الدكتورة/ فوزية عبد الستار، الطبعة الرابعة 2017 دار النهضة العربية، الصفحة: 1060)
ألغيت عقوبة الغرامة بالقانون رقم 29 لسنة 1982 الصادر في 14/4/1982 والمنشور في22/4/1982 وكانت العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز ستة شهور أو بغرامة لا تزيد على ثلاثين جنيهاً مصرياً.
أركان الجريمة :
توجد هذه الجريمة إذا توافرت الأركان الآتية :
1- محل الجريمة :
يجب أن يكون محل الجريمة أو موضوعها سنداً أو ورقة ويشمل ذلك جميع الأوراق التي يتداولها الخصوم أثناء نظر القضية كالمذكرات وتقارير الخبراء الاستشارين وقد قضى بانطباق المادة 343 ع على الخصم الذي يودع ملف الدعوى مذكرة كتابية بدفاعه ثم يختلسها بعد ذلك ليبدلها بغيرها ويجب أن يكون للورقة فائدة والنص ينطبق مهما كانت ضالة هذه الفائدة.
ويستثنى من ذلك أي شئ يودعه الخصم أويقدمه للمحكمة كدليل بخلاف الأوراق والسندات فإن اختلاسه من جانبه لايخضع لحكم المادة ولايعد جريمة مثال ذلك من يقدم للمحكمة مرجعاً أو كتاباً في القانون استدل في مذكرته ببعض ما جاء به فلا يعاقب إذا سرقة وكذلك لاينطبق النص على الإحراز أو النقود.
2- تقديم الورقة للمحكمة :
يجب أن يكون الجاني قد قدم الورقة أو سلمها للمحكمة وإذا قدمت الورقة ثم ردت إلى مقدمها فإن امتناعه عن تقديمها بعد ذلك لا جريمة فيه ويجب أن تسلم الورقة للمحكمة في أثناء تحقيق قضية بها ولكن لا يشترط تقديم الورقة أثناء الجلسة للقاضي يداً بيد فيصبح تقديمها لقلم الكتاب أو للقاضي في غير الجلسة وسيان كانت المحكمة جنائية أو مدنية أو تجارية أو محكمة أحوال شخصية ولكن النص لايسري إلا على اختلاس الورقة التي تسلم لمحكمة فلا يطبق إذا كانت الخصومة أمام لجنة إدارية كذلك لايسرى النص على اختلاس الأوراق التي تسلم للبوليس أو للنيابة أو قاضي التحقيق فالنص صريح في وجوب تقديم الورقة وتسليمها لمحكمة على أن التفرقة بين هذه الجهات لا مبرر لها من الوجهة التشريعية.
3- الفعل المادي (الاختلاس) :
عبر المشرع عن هذه الركن بلفظ (سرق) والمقصود بذلك استيلاء الجاني على الورقة بعد خروجها من حيازته ودخولها في حوزة المحكمة ويشترط أن تقع السرقة من مقدم الورقة نفسه فلا يسري النص في الأحوال الآتية :
(أ) إذا وقعت السرقة من الخصم الآخر أو من شخص أجنبي ويطبق جريمة السرقة العادية.
ب) إذا وقعت السرقة من الموظف المكلف بحفظ أوراق القضية (يطبق نص المادة 112 ع).
القصد الجنائي :
لاتقوم هذه الجريمة إلا بتوافر القصد الجنائي أي إنصراف إرادة مقدم الورقة إلى أخذها من ملف القضية بغير ترخيص من المحكمة وحرمان خصمه من الاستفادة بها وتطبيقاً لذلك لاتتحقق الجريمة لانتفاء القصد الجنائي إذا أعتقد أنه أخذ الورقة بتصريح أو إذن من المحكمة التي لم تأذن له بالإطلاع فقط كذلك ينتفي القصد الجنائي إذا اعتقد المتهم أن الورقة لا فائدة منها كان يكون قد سلم مذكرة دفاعه من أصل وصورة ثم اختلس الصورة باعتبارها زيادة كذلك ينتفي القصد إذا كان قد تسلم الورقة لتصويرها على أن يردها ولكنها فقدت منه لظرف قهري خارج عن إرادته أو حتى لمجرد إهمال منه لأنه حسن النية.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع، الصفحة: 578)
أراد المشروع بهذا النص أن يلزم المتخاصمون طريق الأمانة في مخاصماتهم القضائية إظهاراً للحق وإبتغاء تحقيق العدالة كما أراد التنبيه على تعبير محكمة النقض إلى أن السندات والأوراق التي يقدمها كل من الخصوم للمحكمة تصبح حقاً شائعاً للفريقين يسوغ للخصم الأخر أن يعتمد عليها في إثبات حقوقه ولذلك قرر بمقتضى هذا النص معاقبة كل من يختلس سنداً أو ورقة قدمها أو سلمها للمحكمة أثناء تحقيق قضية بها إذ قد يثبت عن هذه الجريمة إضرار جسيم بشئون العدالة.
ومن الواضح أنه لولا النص على هذه الجريمة لما أمكن توقيع العقاب على مقدم السند أو الورقة لأنه ملك له والقاعدة ألا يعاقب المالك على التصرف في ملكه.
أركان الجريمة:
تقوم جريمة سرقة السندات المقدمة للمحكمة على أركان ثلاثة:
أولاً: محل الجريمة، وهو سند أو ورقة قدم أو سلم للمحكمة في أثناء تحقيق قضية بها.
الثاني: فعل الإختلاس.
الثالث: القصد الجنائي.
محل الجريمة :
يجب أن يكون موضوع الجريمة سنداً أو ورقة فيدخل في هذا النطاق جميع الأوراق التي يتداولها الخصوم في القضية كالمذكرات وتقارير الخبراء الإستشاريين وتصبح الورقة محلاً للجريمة ولو كانت تتضمن دفاع الخصم عن نفسه ثم إختلسها ليستبدل بها غيرها ويشترط لذلك أن تكون الورقة ذات فائدة ولو كانت ضئيلة فإذا انتفى عن محل الجريمة وصف الورقة بأن كان شيئاً أخر لا تقع الجريمة.
ويجب أن تكون الورقة قد قدمت وسلمت للمحكمة وبناء على ذلك فإنه إذا قدم المتهم الورقة للمحكمة في الجلسة ثم أخذها مقدمها وظلت في حيازته وامتنع بعد ذلك عن تقديمها فلا تقع بذلك الجريمة أما إذا كان قد سلمها بحيث أودعت في ملف القضية فخرجت من حيازة الجاني ثم عاد فاختلسها فإن الجريمة تقع بهذا الفعل.
ويجب أن يكون تسليم الورقة للمحكمة أثناء تحقيق قضية بها سواء تم ذلك القاضي يداً بيد أثناء الجلسة أو في غير الجلسة أو تم التسليم بقلم الكتاب بالمحكمة وسواء أكانت المحكمة جنائية أو مدنية أو تجارية أو محكمة أحوال شخصية ولكن لا يتحقق هذا الركن إذا سلمت الورقة إلى غير المحكمة كتسليم الورقة إلى لجنة إدارية أو إذا كان التحقيق أمام النيابة العامة أو قاضي التحقيق أو الشرطة إذ أن النص صريح في أن يكون التحقيق الذي تقدم الورقة أثناءه أمام محكمة.
فعل الإختلاس :
عبر المشرع عن الفعل المادي المكون الجريمة بقوله ثم سرق ذلك بأي طريقة كانت والمقصود بذلك أن يستولي الجاني على الورقة بعد إيداعها أي بعد خروجها من حيازته ويجب أن يقع الإختلاس من الخصم الذي سلم الورقة فلا تقع الجريمة إذا قام بالإختلاس الخصم الآخر أو شخص أجنبي إذ يعتبر الفعل عندئذٍ سرقة عادية متى توافرت شروطها أما إذا أتى فعل الإختلاس الموظفي المعهود إليه حفظ أوراق القضية فإنه يعاقب وفقاً لنص المادة (112) من قانون العقوبات.
ويثور التساؤل في حالة وقوع فعل الإختلاس من محامي مقدم الورقة أو وكيله يذهب الفقه إلى تطبيق المادة محل التعليق في هذه الحالة بشرط أن يكون الإختلاس قد تم برضاء مقدم الورقة الصريح أو الضمني أما إذا لم يتحقق هذا الشرط فإن الفعل يعتبر سرقة عادية.
القصد الجنائي :
يتحقق القصد الجنائي بإتجاه إرادة الجاني إلى إبعاد الورقة من ملف القضية الحرمان الخصم من الإفادة منها فإذا لم يتحقق ذلك بأن كان المتهم يعتقد أنه لا فائدة من هذه الورقة أو كان قد إستولى عليها للإطلاع عليها ثم إعادتها إنتفی القصد الجنائي.
العقوبة: يقرر المشرع لهذه الجريمة عقوبة الحبس مدة لا تتجاوز ستة شهور.(الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح قانون العقوبات، المستشار/ إيهاب عبد المطلب، الطبعة العاشرة 2016 المجلد الرابع، الصفحة : 742 )