loading

موسوعة قانون العقوبات​

الأحكام

1 ـ من المقرر ان الحكم الصادر بالادانة يجب ان يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به كافة عناصر الجريمة التى دانه بها وان يبين مضمون كل دليل من ادلة الثبوت التى استند اليها وان يذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به ، وكانت جريمة الاضرار بالحيوان المنصوص عليها فى المادة 355 اولا من قانون العقوبات لا تتوافر عناصرها الا اذا نتج عن الفعل ضرر كبير بالحيوان واذا استند الحكم فى قضائه بالادانة الى ما جاء بمحضر الضبط دون ان يورد مضمونه ودون ان يعنى فى مدوناته ببيان مدى الضرر الذى لحق بالدابة من جراء اصابتها مما لا يتيسر معه لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقا صحيحاً على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم . لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله.

(الطعن رقم 9863 لسنة 60 جلسة 1997/10/09 س 48 ع 1 ص 1066 ق 158)

2 ـ الحيوانات المستأنسة المنوه عنها فى المادة 357 عقوبات هى التى تكون فى حوزة الإنسان ، وتعيش فى كنفه ، و يتعهدها بالتغذية و الرعاية . فالقردة ، و هى قابلة لكل ذلك ، تدخل فى عداد هذه الحيوانات عندما تتوافر فيها هذه الصفة . و إذن فالقرد إذا كان فى حوزة صاحب يرعاه و يروضه على ما يبغى من الألعاب ، يكون قتله من غير مقتض معاقباً عليه بهذه المادة .

(الطعن رقم 1285 لسنة 11 جلسة 1941/05/05 س عمر ع 5 ص 455 ق 250)

شرح خبراء القانون

أركان الجريمة :

أركان الجريمة المنصوص عليها بالمادة 357 عقوبات هي : 

1- فعل مادي هو قتل الحيوان أو سمه أو الإضرار به ضرراً كبيراً.

2- نوع الحيوان.

 3- أن يكون الحيوان مملوكاً للغير.

 4- القصد الجنائي.

وفيما يلي تفصيل لازم لكل ركن:

الركن الأول : الفعل المادي :

يعاقب القانون في المادة محل التعليق على قتل الحيوان أو سمه أو الإضرار به ضرراً كبيراً ولكنه لايعاقب على الشروع في هذه الجرائم فيشترط الاستحقاق الجاني للعقاب أن يكون الحيوان قد نفق أو أصابه ضرر كبير أما ضرب الحيوان بقصد قتله أو الشروع في سمه فلا يكون الجريمة المنصوص عليها بالمادة 357 ع مادام أنه لم ينشأ عنه ضرر كبير للحيوان ولذلك فقد قضى بأن الشروع في سم دجاجة بإلقاء قطع من العجين بها زرنيخ لم تتناولها لا عقاب عليها قانوناً بما أن المادة 312 ع القديم (والمقابلة لنص المادة 357 من القانون الحالي) لم تنص على عقاب للشروع في السم.

ويلاحظ هنا أنه يلزم في الركن المادي عنصر سلبي هو عدم وجود السبب المبيح أو كما تقول المادة عدم وجود المقتضي ولذلك فقد قضى بعقاب امرأة تعمدت قتل فرخة لأن الفرخة أكلت بعض الحب من جرنها استناداً إلى أن حماية الملك لاتبرر قتل حيوان من أجل حبوب قليلة منتشرة بالأرض كان في وسع المتهمة المحافظة عليها بدون احتیاج إلى قتل الفرخة.

وعلى العكس لا يرتكب جريمة من يقتل كلباً هاجمه ولو في منزل صاحب الكلب إذا كان دخوله في المنزل مشروعاً أما إذا كان قد دخل المنزل بطريق غير مشروع يكون انتهاكاً لحرمة ملك الغير فإنه يعاقب على قتل الكلب باعتبار أن تعرضه لخطر الكلب راجع إلى خطئه هو ولا يعاقب من يقتل الكلاب التي تدخل في منزله لتفترس دواجنه أو القط الذي يعبث بعش للعصافير أما مجرد دخول الكلب أو القط في منزل للغير دون إحداث ضرر أو تهديد فلا يبرر قتله من جانب المنزل.

الركن الثاني : نوع الحيوان :

الحيوانات المستأنسة المنوه عنها في المادة 357 عقوبات هي التي تكون في حوزة الإنسان وتعيش في كنفه ويتعهدها بالتغذية والرعاية فالقردة وهي قابلة الكل ذلك تدخل في عداد هذه الحيوانات عندما تتوافر فيها هذه الصفة وإذن فالقرد إذا كان في حوزة صاحب يرعاه ويروضه على ما ينبغي من الألعاب يكون قتله من غير مقتض معاقباً عليه بهذه المادة.

وتشمل الحيوانات المستأنسة الطيور الداجنة بجميع أنواعها من ديكة ودجاج وأوز وحمام وقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية الكلاب والقطط والحمام والطيور على العموم ودود القز من الحيوانات المستأنسة بالمعني هنا وقد اختلفت المحاكم الفرنسية فيما يتعلق بالنحل فقضى البعض بأنه ليس من الحيوانات المستأنسة لأنه لا يأنس للإنسان ويحصل على غذائه بنفسه وقضى البعض الآخر بتطبيق المادة 454 فرنسي المقابلة 357 مصري على شخص ألف نحلاً في خلايا موضوعة في أرض المالك ويؤيد الفقيه جارسون القضاء الأخير بل يرى تفسير عبارة الحيوانات المستأنسة تفسيراً واسعاً بحيث يشمل كل حيوان يتملكه ويحوزه الإنسان ولو كان من الحيوانات المتوحشة ذلك أن المادة لم توضع لحماية الحيوانات نفسها بل لحماية حقوق الملك على اعتبار أن قتلها أو الإضرار بها يسبب ضرراً لمالكها وعلى عكس ذلك يرى الفقيه جارو أن النحل ليس من الحيوانات المستأنسة ذلك أن المراد بالحيوانات المستأنسة أنها الحيوانات التي تألف الإنسان فتعيش حوله في مسكنه أو بالقرب منه كالكلاب والقطط والطيور الداجنة من ديكة ودجاج وبط وأوز وحمام.

وقيل في تأييد الرأي الأخير ومعارضة الرأي الأول بأن القول بأن الحيوان المستأنس يشمل كل حيوان يتملكه ويحوزه الإنسان ولو كان من الحيوانات المتوحشة هو قول يخالف صریح نص المادة 357 عقوبات وهي تقضي بعدم سريانه إلا على الحيوانات المستأنسة وسواء كانت كذلك من الأصل أو أصبحت مستأنسة بترويضها أما الحيوان المتوحش الذي بقي على فطرته فلا يعد قتله أو الإضرار به جريمة.

 الركن الثالث : أن يكون الحيوان مملوك للغير :

يلزم لاكتمال الركن المادي في الجريمة أن يكون الحيوان المستأنس محل سلوك القتل أو الإضرار الكبير أو السم مملوكاً لغير الفاعل ولو في جزء شائع منه.

الركن الرابع : القصد الجنائي :

يلزم أن يكون الجاني قد ارتكب الفعل عن إرادة وعلم بكل عناصر الجريمة فيجب أن يكون عالماً بأن الفعل الذي يأتيه من شأنه إحداث الموت أو الإضرار بالحيوان فمن قدم لحيوان بغير قصد مادة سامة وهو يعتقد أنها لا تضره ومن شأنها أن تشفيه من مرض ألم به لايعد مرتكباً للجريمة المنصوص عليها في المادة 357 كذلك يجب أن يكون الجاني عالماً بأن الحيوان مملوك لغيره فمن سم حيواناً مستأنساً على اعتقاد أنه مملوك له لا يكون مرتكباً لجريمة.

 عقوبة الجريمة :

يعاقب الجاني في هذه الجريمة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لاتتجاوز مائتي جنيه.(موسوعة هرجة الجنائية، التعليق على قانون العقوبات، المستشار/ مصطفى مجدي هرجة، (دار محمود) المجلد الرابع،  الصفحة: 615)

الفقه الإسلامي

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة، إعداد لجنة تقنين الشريعة الاسلامية بمجلس الشعب المصري، قانون العقوبات، الطبعة الأولى 2013م – 1434هـ، دار ابن رجب، ودار الفوائد، الصفحات: 294 ، 295

(مادة 611) 

 

يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه - كل من قتل عمداً بدون مقتض حيواناً من الحيوانات المستأنسة ، أو الداجنة ، أو الطير ، أو مجموعة من النحل من غير ما ذكر في المادة السابقة ، أو أضر به إضراراً جسيماً ينقص من فائدته ، أو نقل إليه مرضاً معدياً . 

(مادة 612) 

 

يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر ، أو بغرامة لا تجاوز مائتي جنيه - كل من تسبب بخطئه في موت حيوان من الحيوانات المذكورة بالفقرة الأولى من المادة (610) ، أو الإضرار به إضراراً جسيماً . 

(مادة 615) 

يعاقب على الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا الفصل بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة. 

(مادة 616)

 يجوز للمحكمة فضلاً عن العقوبات المتقدمة - الحكم بوضع الجاني تحت مراقبة الشرطة مدة لا تجاوز مدة العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها. 

قتل الحيوان والإضرار به ، وإتلاف النبات 

المواد من (610) - (616) : 

تقابل هذه المواد نصوص المواد (355) ، (356) ، (357) ، (367) من القانون القائم ، وأهم سمات المشروع ما يلي : 

1- المواد (610) ، (611) ، (612) تعرض لجرائم قتل الحيوانات عمداً ، أو الإضرار بها إضراراً جسیماً ينقص فائدتها ، أو ينقل إليها مرضاً معدياً ، أو يقوم بسم أو إتلاف سمكاً في البحر أو مورد أو مجرى ماء أو حوض ، كل ذلك يعاقب عليه المشروع في المادتين (610) ، (611) منه بعقوبة الجنحة مع التدرج فيها من الحبس إلى الحبس الذي لا يزيد على سنتين حسب الأحوال ، وبين الغرامة التي لا تجاوز ثلاثمائة جنيه إلى الغرامة التي لا تجاوز مائتي جنيه على حسب الأحوال ، ومناط العقاب على هذه الجرائم أن يكون بدون مقتض ، وإلا فيحسن تطبيق نص التجريم ، أما المادة (612) فتعرض لجريمة التسبب بالخطأ في موت حيوان مما ورد ذكرها في الفقرة الأولى من المادة (610) من المشروع . 

٢- المادتان (613)، (614) من المشروع تعرضان لجرائم إتلاف النبات ، أو الزرع ، أو الحقول المبذورة ، وتبين الظروف المشددة التي تجعل من الجريمة جناية . 

3- المادة (615) من المشروع تعاقب على الشروع في الجنح المنصوص عليها في هذا الفصل بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة . 

 

4- المادة (616) من المشروع تجيز فضلاً عن العقوبات الواردة في نصوص هذا الفصل بالوضع تحت مراقبة الشرطة ، ويلاحظ ما تنص عليه المادة (51) من المشروع في هذا الخصوص . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني  ، الصفحة /  186

فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، اسْتِدْلاَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ).  

أَوَّلاً: قَتْلُ الصَّيْدِ:

وُجُوبُ الْجَزَاءِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَمَلاً بِنَصِّ الآْيَةِ الْكَرِيمَةِ السَّابِقَةِ.

إِنَّ غَيْرَ الْعَمْدِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْعَمْدِ، يَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ الأْرْبَعَةِ؛ لأِنَّ  الْعُقُوبَةَ هُنَا شُرِعَتْ ضَمَانًا لِلْمُتْلَفِ، وَذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالْجَهْلُ وَالسَّهْوُ وَالنِّسْيَانُ .

- إِنَّ هَذَا الْجَزَاءَ هُوَ كَمَا نَصَّتِ الآْيَةُ:  مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. وَيُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلاَثِ. لَكِنِ اخْتَلَفُوا بَعْدَ هَذَا فِي تَفْسِيرِ هَذَيْنِ الأْمْرَيْنِ:

ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ تُقَدَّرُ قِيمَةُ الصَّيْدِ بِتَقْوِيمِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ لِلصَّيْدِ الْمَقْتُولِ نَظِيرٌ مِنَ النَّعَمِ أَمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي مَوْضِعِ قَتْلِهِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ الْجَانِي بَيْنَ ثَلاَثَةِ أُمُورٍ:

الأْوَّلُ - أَنْ يَشْتَرِيَ هَدْيًا وَيَذْبَحَهُ فِي الْحَرَمِ إِنْ بَلَغَتِ الْقِيمَةُ هَدْيًا. وَيُزَادُ عَلَى الْهَدْيِ فِي مَأْكُولِ اللَّحْمِ إِلَى اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ إِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ، لَكِنَّهُ لاَ يَتَجَاوَزُ هَدْيًا وَاحِدًا فِي غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، حَتَّى لَوْ قَتَلَ فِيلاً لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ شَاةٍ.

الثَّانِي - أَنْ يَشْتَرِيَ بِالْقِيمَةِ طَعَامًا وَيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْمِسْكِينَ أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ، إِلاَّ إِنْ فَضَلَ مِنَ الطَّعَامِ أَقَلُّ مِنْهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ.

وَلاَ يَخْتَصُّ التَّصَدُّقُ بِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ.

الثَّالِثُ - أَنْ يَصُومَ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا، وَعَنْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ - إِذَا فَضَلَ - يَوْمًا أَيْضًا .

وَذَهَبَ الأْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى التَّفْصِيلِ فَقَالُوا: الصَّيْدُ ضَرْبَانِ: مِثْلِيٌّ: وَهُوَ مَا لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، أَيْ مُشَابِهٌ فِي الْخِلْقَةِ مِنَ النَّعَمِ، وَهِيَ الإْبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. وَغَيْرُ مِثْلِيٍّ، وَهُوَ مَا لاَ يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ النَّعَمِ.

أَمَّا الْمِثْلِيُّ: فَجَزَاؤُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّعْدِيلِ، أَيْ أَنَّ الْقَاتِلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى الْوَجْهِ التَّالِي:

الأْوَّلُ - أَنْ يَذْبَحَ الْمِثْلَ الْمُشَابِهَ مِنَ النَّعَمِ فِي الْحَرَمِ، وَيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ.

الثَّانِي - أَنْ يُقَوِّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا، وَيَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ. وَلاَ يَجُوزُ تَفْرِقَةُ الدَّرَاهِمِ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ مَالِكٌ بَلْ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ نَفْسَهُ وَيَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامًا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ مَوْضِعِ الصَّيْدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسَاكِينُ فَعَلَى مَسَاكِينِ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ فِيهِ.

الثَّالِثُ - إِنْ شَاءَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وَفِي أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ يَجِبُ صِيَامُ يَوْمٍ. وَيَجُوزُ الصِّيَامُ فِي الْحَرَمِ وَفِي جَمِيعِ الْبِلاَدِ.

وَأَمَّا غَيْرُ الْمِثْلِيِّ: فَيَجِبُ فِيهِ قِيمَتُهُ وَيَتَخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ أَمْرَيْنِ:

الأْوَّلُ - أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا طَعَامًا يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، وَعِنْدَ مَالِكٍ: عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي مَوْضِعِ الصَّيْدِ.

الثَّانِي - أَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا كَمَا ذُكِرَ سَابِقًا. ثُمَّ قَالُوا فِي بَيَانِ الْمِثْلِيِّ: الْمُعْتَبَرُ فِيهِ التَّشَابُهُ فِي الصُّورَةِ وَالْخِلْقَةِ. وَكُلُّ مَا وَرَدَ فِيهِ نَقْلٌ عَنِ السَّلَفِ فَيُتْبَعُ؛ لقوله تعالي : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)، وَمَا لاَ نَقْلَ فِيهِ يَحْكُمُ بِمِثْلِهِ عَدْلاَنِ فَطِنَانِ بِهَذَا الأْمْرِ، عَمَلاً بِالآْيَةِ.

وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بَيْنَ الدَّوَابِّ وَالطُّيُورِ:

أَمَّا الدَّوَابُّ فَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي بَقَرِ الْوَحْشِ وَحِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ إِنْسِيَّةٌ، وَفِي الْغَزَالِ عَنْزٌ، وَفِي الأْرْنَبِ عَنَاقٌ  وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ .

 وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي الأْرْنَبِ وَالْيَرْبُوعِ وَالضَّبِّ الْقِيمَةُ.

وَأَمَّا الطُّيُورُ: فَفِي أَنْوَاعِ الْحَمَامِ شَاةٌ. وَالْمُرَادُ بِالْحَمَامِ كُلُّ مَا عَبَّ فِي الْمَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَشْرَبَهُ جَرْعًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْيَمَامُ اللَّوَاتِي يَأْلَفْنَ الْبُيُوتَ، وَالْقُمْرِيُّ، وَالْقَطَا. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ مُطَوَّقٍ حَمَامًا.

وَإِنْ كَانَ الطَّائِرُ أَصْغَرَ مِنَ الْحَمَامِ جُثَّةً فَفِيهِ الْقِيمَةُ. وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْحَمَامِ، كَالْبَطَّةِ وَالإْوَزَّةِ، فَالأْصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ، إِذْ لاَ مِثْلَ لَهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: تَجِبُ شَاةٌ فِي حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِمَا، وَفِي حَمَامِ وَيَمَامِ غَيْرِهِمَا تَجِبُ الْقِيمَةُ، وَكَذَا فِي سَائِرِ الطُّيُورِ .

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْوَاجِبُ فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالسَّمِينِ وَالْهَزِيلِ وَالْمَرِيضِ مِنَ الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ مِثْلُهُ مِنَ النَّعَمِ؛لقوله تعالي ( فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ) وَهَذَا مِثْلِيٌّ فَيُجْزِئُ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَجِبُ فِيهِ كَبِيرٌ؛ ولقوله تعالي : ( هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ)  وَالصَّغِيرُ لاَ يَكُونُ هَدْيًا، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ مَا يُجْزِئُ فِي الأْضْحِيَّةِ .

ثَانِيًا: إِصَابَةُ الصَّيْدِ:

إِذَا أَصَابَ الصَّيْدَ بِضَرَرٍ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِحَسَبِ تِلْكَ الإْصَابَةِ عِنْدَ الثَّلاَثَةِ: الْحَنَفِيَّةِ  وَالشَّافِعِيَّةِ  وَالْحَنَابِلَةِ . فَإِنْ جَرَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا، أَوْ نَتَفَ شَعْرَهُ. ضَمِنَ قِيمَةَ مَا نَقَصَ مِنْهُ، اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ، فَكَمَا تَجِبُ الْقِيمَةُ بِالْكُلِّ تَجِبُ بِالْجُزْءِ. وَهَذَا الْجَزَاءُ يَجِبُ إِذَا بَرِئَ الْحَيَوَانُ وَظَهَرَ أَثَرُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَلاَ يَضْمَنُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لِزَوَالِ الْمُوجِبِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِنْ جَرَحَ صَيْدًا يَجِبُ عَلَيْهِ قَدْرُ النَّقْصِ مِنْ مِثْلِهِ مِنَ النَّعَمِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَإِلاَّ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِذَا أَحْدَثَ بِهِ عَاهَةً مُسْتَدِيمَةً فَوَجْهَانِ عِنْدَهُمْ، أَصَحُّهُمَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ كَامِلٌ.

أَمَّا إِذَا أَصَابَهُ إِصَابَةً أَزَالَتِ امْتِنَاعَهُ عَمَّنْ يُرِيدُ أَخْذَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ كَامِلاً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأِنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الأْمْنَ بِهَذَا. وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَضْمَنُ النَّقْصَ فَقَطْ.

أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ  فَعِنْدَهُمْ لاَ يَضْمَنُ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سَلاَمَتُهُ مِنَ الصَّيْدِ بِإِصَابَتِهِ بِنَقْصٍ، وَلاَ جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَلاَ يَلْزَمُهُ فَرْقُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَقِيمَتِهِ بَعْدَ إِصَابَتِهِ.

ثَالِثًا: حَلْبُ الصَّيْدِ أَوْ كَسْرُ بَيْضِهِ أَوْ جَزُّ صُوفِهِ:

يَجِبُ فِيهِ قِيمَةُ كُلٍّ مِنَ اللَّبَنِ وَالْبَيْضِ وَالصُّوفِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ  وَالشَّافِعِيَّةِ  وَالْحَنَابِلَةِ  وَيَضْمَنُ أَيْضًا قِيمَةَ مَا يَلْحَقُ الصَّيْدَ نَفْسَهُ مِنْ نَقْصٍ بِسَبَبٍ مِنْ ذَلِكَ.

وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ  عَلَى الْبَيْضِ أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الأْمِّ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فَرْخٌ وَيَسْتَهِلُّ ثُمَّ يَمُوتُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَهَذَا الأْخِيرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

رَابِعًا: التَّسَبُّبُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ:

- يَجِبُ فِي التَّسَبُّبِ بِقَتْلِ الصَّيْدِ الْجَزَاءُ، وَذَلِكَ:

1- بِأَنْ يَصِيحَ بِهِ وَيُنَفِّرَهُ، فَيَتَسَبَّبَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ.

2-بِنَصْبِ شَبَكَةٍ وَقَعَ بِهَا صَيْدٌ فَمَاتَ، أَوْ إِرْسَالِ كَلْبٍ.

3- الْمُشَارَكَةُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ، كَأَنْ يُمْسِكَهُ لِيَقْتُلَهُ آخَرُ، أَوْ يَذْبَحَهُ.

4-  الدَّلاَلَةُ عَلَى الصَّيْدِ، أَوِ الإْشَارَةُ، أَوِ الإْعَانَةُ بِغَيْرِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْيَدِ، كَمُنَاوَلَةِ آلَةٍ أَوْ سِلاَحٍ، يَضْمَنُ فَاعِلُهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ  وَالْحَنَابِلَةِ  وَلاَ يَضْمَنُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ  وَالشَّافِعِيَّةِ .

خَامِسًا: التَّعَدِّي بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّيْدِ:

إِذَا مَاتَ الصَّيْدُ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ؛ لأِنَّهُ تَعَدَّى بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُهُ وَلَوْ كَانَ وَدِيعَةً .

سَادِسًا: أَكْلُ الْمُحْرِمِ مِنْ ذَبِيحَةِ الصَّيْدِ أَوْ قَتِيلِهِ:

إِنْ أَكَلَ الْمُحْرِمُ مِنْ ذَبِيحَةٍ أَوْ صَيْدِ مُحْرِمٍ أَوْ ذَبِيحَةِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلأْكْلِ، وَلَوْ كَانَ هُوَ قَاتِلَ الصَّيْدِ أَيْضًا أَوْ ذَابِحَهُ فَلاَ جَزَاءَ عَلَيْهِ لِلأْكْلِ، إِنَّمَا عَلَيْهِ جَزَاءُ قَتْلِ الصَّيْدِ أَوْ ذَبْحِهِ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ هُوَ، وَذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمُ الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ  كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا أَكَلَ مِنْ صَيْدِ غَيْرِهِ، أَوْ صَيْدِ الْحَرَمِ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ الْحَلاَلُ الَّذِي صَادَهُ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْمُحْرِمِ إِذَا أَكَلَ مِنْ صَيْدِهِ أَوْ ذَبِيحَتِهِ مِنَ الصَّيْدِ الضَّمَانَ سَوَاءٌ أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ الضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ.

اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّهُ صَيْدٌ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ، فَلَمْ يَضْمَنْ ثَانِيًا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِغَيْرِ الأْكْلِ؛ وَلأِنَّ  تَحْرِيمَهُ لِكَوْنِهِ مَيْتَةً، وَالْمَيْتَةُ لاَ تُضْمَنُ بِالْجَزَاءِ.

وَاسْتَدَلَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِأَنَّ «حُرْمَتَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَحْظُورٌ إِحْرَامُهُ؛ لأِنَّ  إِحْرَامَهُ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الصَّيْدَ عَنِ الْمَحَلِّيَّةِ، وَالذَّابِحَ عَنِ الأْهْلِيَّةِ فِي حَقِّ الذَّكَاةِ، فَصَارَتْ حُرْمَةُ التَّنَاوُلِ بِهَذِهِ الْوَسَائِطِ مُضَافَةً إِلَى إِحْرَامِهِ».

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس  ، الصفحة / 119

إِطْعَامُ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَبَسِ

: - يَجُوزُ حَبْسُ حَيَوَانٍ لِنَفْعٍ، كَحِرَاسَةٍ وَسَمَاعِ صَوْتٍ وَزِينَةٍ، وَعَلَى حَابِسِهِ إِطْعَامُهُ وَسَقْيُهُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ التَّخْلِيَةُ لِلْحَيَوَانَاتِ لِتَرْعَى وَتَرِدُ الْمَاءَ إِنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَأْلَفْهُ فُعِلَ بِهَا مَا تَأْلَفُهُ، لِقَوْلِ الرَّسُولِ صلي الله عليه وسلم : «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأْرْضِ» .

فَإِنِ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ عَلَفِهِ أَوْ ذَبْحِ مَا يُذْبَحُ مِنْهُ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَلَى  مَا يَرَاهُ. وَهَذَا رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الرَّأْيُ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَجْرِي فِيهَا دَعْوَى الْحِسْبَةِ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني عشر ، الصفحة / 281

قَتْلُ حَيَوَانٍ غَيْرِ مُؤْذٍ أَوِ الإْضْرَارِ بِهِ :

نَهَى الرَّسُولُ صلي الله عليه وسلم  عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ امْرَأَةً دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، فَلاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، وَلاَ هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ  مِنْ خَشَاشِ  الأْرْضِ»  فَهَذَا الْفِعْلُ مَعْصِيَةٌ، فَيُعَزَّرُ الْفَاعِلُ مَا دَامَ الْفِعْلُ لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ.

وَمِنَ الأْمْثِلَةِ عَلَى الْجَرَائِمِ فِي هَذَا الْمَجَالِ: قَطْعُ ذَنَبِ حَيَوَانٍ، فَقَدْ ذَكَرَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ: مِمَّا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ مَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِيمَنْ قَطَعَ ذَنَبَ بِرْذَوْنٍ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثامن والعشرون ، الصفحة / 263

«جِنَايَةُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ».

 - هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُقْتَبَسَةٌ مِنْ حَدِيثٍ شَرِيفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ»  وَالْعَجْمَاءُ: الْبَهِيمَةُ، لأِنَّهَا لاَ تُفْصِحُ، وَمَعْنَى جُبَارٌ: أَنَّهُ هَدَرٌ وَبَاطِلٌ.

وَالْمُرَادُ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ مُسَيَّبَةً حَيْثُ تُسَيَّبُ الْحَيَوَانَاتُ، وَلاَ يَدَ عَلَيْهَا، أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا رَاكِبٌ فَيَضْمَنُ، فَلَوِ اصْطَادَتْ هِرَّتُهُ طَائِرًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ .

وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يَأْتِي فِي ضَمَانِ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ.

ضَمَانُ الشَّخْصِ فِعْلَ الْحَيَوَانِ:

هُنَاكَ نَوْعَانِ مِنَ الْحَيَوَانِ: أَحَدُهُمَا الْحَيَوَانُ الْعَادِيُّ، وَالآْخَرُ الْحَيَوَانُ الْخَطِرُ، وَفِي تَضْمِينِ جِنَايَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَنُوَضِّحُهُ فِيمَا يَلِي:

أ - ضَمَانُ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ الْعَادِيِّ غَيْرِ الْخَطِرِ:

102 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ضَمَانِ مَا يُتْلِفُهُ الْحَيَوَانُ الْعَادِيُّ، غَيْرُ الْخَطِرِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى ضَمَانِ مَا تُفْسِدُهُ الدَّابَّةُ مِنَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ، إِذَا وَقَعَ فِي اللَّيْلِ، وَكَانَتْ وَحْدَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ يَدٌ  لأِحَدٍ  عَلَيْهَا.

وَأَمَّا إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ، وَلَمْ تَكُنْ يَدٌ  لأِحَدٍ  عَلَيْهَا - أَيِ الدَّابَّةِ - فَلاَ ضَمَانَ فِيهِ.

وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: «الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله تعالي عنه - أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ نَاقَةٌ ضَارِيَةٌ فَدَخَلَتْ حَائِطًا، فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ مَا أَصَابَتِ الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ فَهُوَ عَلَى أَهْلِهَا» .

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَلأِنَّ  الْعَادَةَ مِنْ أَهْلِ الْمَوَاشِي إِرْسَالُهَا فِي النَّهَارِ لِلرَّعْيِ، وَحِفْظُهَا لَيْلاً، وَعَادَةُ أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظُهَا نَهَارًا دُونَ اللَّيْلِ، فَإِذَا ذَهَبَتْ لَيْلاً كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِهَا، بِتَرْكِهِمْ حِفْظَهَا فِي وَقْتِ عَادَةِ الْحِفْظِ.

وَإِنْ أَتْلَفَتْ نَهَارًا، كَانَ التَّفْرِيطُ مِنْ أَهْلِ الزَّرْعِ، فَكَانَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم  بَيْنَهُمَا، وَقَضَى عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِالْحِفْظِ فِي وَقْتِ عَادَتِهِ.

وَقَالَ - أَيْضًا -: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّمَا يَضْمَنُ مَالِكُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلاً، إِذَا فَرَّطَ بِإِرْسَالِهَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا أَوْ لَمْ يَضُمَّهَا بِاللَّيْلِ، أَوْ ضَمَّهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ، أَمَّا لَوْ ضَمَّهَا فَأَخْرَجَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ فَتَحَ عَلَيْهَا بَابَهَا، فَالضَّمَانُ عَلَى مُخْرِجِهَا، أَوْ فَاتِحِ بَابِهَا، لأِنَّهُ الْمُتْلِفُ .

وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ ضَمَانِ الإْتْلاَفِ نَهَارًا بِشَرْطَيْنِ:

أَوَّلُهُمَا: أَنْ لاَ يَكُونَ مَعَهَا رَاعٍ.

وَالآْخَرُ: أَنْ تَسْرَحَ بَعِيدًا عَنِ الْمَزَارِعِ، وَإِلاَّ فَعَلَى الرَّاعِي الضَّمَانُ .

وَإِنْ أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ غَيْرَ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مِنَ الأْنْفُسِ وَالأْمْوَالِ ، لَمْ يَضْمَنْهُ مَالِكُهَا، لَيْلاً كَانَ أَوْ نَهَارًا، مَا لَمْ تَكُنْ يَدُهُ عَلَيْهَا  وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله تعالي عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم  قَالَ: «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» وَيُرْوَى «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ » وَمَعْنَى جُبَارٌ: هَدْرٌ.

وَقَيَّدَ الْمَالِكِيَّةُ، عَدَمَ ضَمَانِ ذَلِكَ لَيْلاً، بِمَا إِذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِهَا، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَعَهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَ الْبَعِيرُ، فِي أَوَّلِ الْقِطَارِ أَوْ آخِرِهِ، وَإِنْ نَفَحَتْ رَجُلاً بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، لَمْ يَضْمَنِ الْقَائِدُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا .

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ إِذَا أَتْلَفَ مَالاً أَوْ نَفْسًا، فَلاَ ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَوَقَعَ ذَلِكَ فِي لَيْلٍ أَمْ فِي نَهَارٍ .

وَذَلِكَ لِحَدِيثِ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا.

لَكِنْ قَيَّدَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، بِالْمُنْفَلِتَةِ الْمُسَيَّبَةِ حَيْثُ تُسَيَّبُ الأْنْعَامُ، كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْبَرَارِيِ، فَهَذِهِ الَّتِي جُرْحُهَا هَدْرٌ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ فَيَضْمَنُ، وَبَيْنَ مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَافِظٌ، فَلاَ يَضْمَنُ، وَرَوَى فِي ذَلِكَ آثَارًا .

وَلأِنَّهُ لاَ صُنْعَ لَهُ فِي نِفَارِهَا وَانْفِلاَتِهَا، وَلاَ يُمْكِنُهُ الاِحْتِرَازُ عَنْ فِعْلِهَا، فَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُ لاَ يَكُونُ مَضْمُونًا .

وَأَثَارَ الْمَالِكِيَّةُ - هُنَا - مَسْأَلَةَ مَا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، وَلاَ حِرَاسَتُهُ كَحَمَامٍ، وَنَحْلٍ، وَدَجَاجٍ يَطِيرُ.

فَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ - وَهُوَ رَوِايَةُ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ - إِلَى أَنَّهُ يُمْنَعُ أَرْبَابُهَا مِنِ اتِّخَاذِهِ، إِنْ آذَى النَّاسَ.

وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَصْبَغُ إِلَى أَنَّهُمْ لاَ يُمْنَعُونَ مِنِ اتِّخَاذِهِ، وَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتْلَفَتْهُ مِنَ الزَّرْعِ، عَلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ حِفْظُهَا.

وَصَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ الأْوَّلَ، لإِمْكَانِ اسْتِغْنَاءِ رَبِّهَا عَنْهَا، وَضَرُورَةِ النَّاسِ لِلزَّرْعِ وَالشَّجَرِ.

وَيُؤَيِّدُهُ - كَمَا قَالَ الدُّسُوقِيُّ - قَاعِدَةُ ارْتِكَابِ، أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُلِ، لَكِنْ قَالَ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - قَوْلُ ابْنِ قَاسِمٍ.

وَالاِتِّجَاهَانِ كَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ .

شُرُوطُ ضَمَانِ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ:

بَدَا مِمَّا تَقَدَّمَ اتِّفَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى تَضْمِينِ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ، كُلَّمَا كَانَ مَعَهَا رَاكِبٌ أَوْ حَافِظٌ، أَوْ ذُو يَدٍ، وَلاَ بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ تَوَفُّرِ شُرُوطِ الضَّمَانِ الْعَامَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: مِنَ الضَّرَرِ وَالتَّعَدِّي وَالإْفْضَاءِ.

103 - فَالضَّرَرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاقِعُ عَلَى النُّفُوسِ أَوِ الأْمْوَالِ   وَصَرَّحَ الْعَيْنِيُّ بِأَنَّ حَدِيثَ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» الْمُتَقَدِّمَ، مُحْتَمِلٌ لأَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَى الأْبْدَانِ أَوِ الأْمْوَالِ ، وَذَكَرَ أَنَّ الأْوَّلَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ  لِمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ ».

104 - وَالتَّعَدِّي بِمُجَاوَزَةِ ذِي الْيَدِ فِي اسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ، فَحَيْثُ اسْتَعْمَلَهَا فِي حُدُودِ حَقِّهِ، فِي مِلْكِهِ، أَوِ الْمَحَلِّ الْمُعَدِّ لِلدَّوَابِّ أَوْ أَدْخَلَهَا مِلْكَ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، فَأَتْلَفَتْ نَفْسًا أَوْ مَالاً، لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ إِذْ لاَ ضَمَانَ مَعَ الإْذْنِ  بِخِلاَفِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ أَوْقَفَهَا فِي مَحَلٍّ لَمْ يُعَدَّ لِوُقُوفِ الْحَيَوَانَاتِ، أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِمَا تُتْلِفُهُ حِينَئِذٍ إِذْ كُلُّ مَنْ فَعَلَ فِعْلاً لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ .

وَالأْصْلُ  فِي هَذَا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله تعالي عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : «مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ، فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ، فَهُوَ ضَامِنٌ» .

وَنَصَّتْ الْمَجَلَّةُ فِي الْمَادَّةِ 930 عَلَى أَنَّهُ «لاَ يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ الَّتِي أَضَرَّتْ بِيَدِهَا أَوْ ذَيْلِهَا أَوْ رِجْلِهَا، حَالَ كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ، رَاكِبًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ»، كَمَا نَصَّتْ (الْمَادَّةُ: 931) عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ أَحَدٌ دَابَّتَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، لاَ يَضْمَنُ جِنَايَتَهَا، فِي الصُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ آنِفًا حَيْثُ إِنَّهَا تُعَدُّ كَالْكَائِنَةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ أَدْخَلَهَا بِدُونِ إِذْنِ صَاحِبِهِ يَضْمَنُ ضَرَرَ تِلْكَ الدَّابَّةِ وَخَسَارَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ.

كَمَا نَصَّتْ فِي (الْمَادَّةِ: 939) عَلَى أَنَّهُ إِذَا رَبَطَ شَخْصَانِ دَابَّتَيْهِمَا فِي مَحَلٍّ لَهُمَا حَقُّ الرَّبْطِ فِيهِ، فَأَتْلَفَتْ إِحْدَى الدَّابَّتَيْنِ الأْخْرَى، لاَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ.

وَفِي النُّصُوصِ: «لَوْ أَوْقَفَهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ الأْعْظَمِ، أَوْ مَسْجِدٍ آخَرَ ، يَضْمَنُ إِلاَّ إِذَا جَعَلَ الإْمَامُ لِلْمُسْلِمِينَ مَوْضِعًا يُوقِفُونَ دَوَابَّهُمْ فَلاَ يَضْمَنُ ».

وَلَوْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي مَكَان، ثُمَّ رَبَطَ آخَرُ فِيهِ دَابَّتَهُ، فَعَضَّتْ إِحْدَاهُمَا الأْخْرَى، لاَ ضَمَانَ لَوْ كَانَ لَهُمَا فِي الْمَرْبِطِ وِلاَيَةُ الرَّبْطِ .

وَعَلَّلَهُ الرَّمْلِيُّ، نَقْلاً عَنِ الْقَاضِي، بِأَنَّ الرَّبْطَ جِنَايَةٌ، فَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ ضَمِنَهُ .

105 - وَأَمَّا الإْفْضَاءُ، وَهُوَ وُصُولُ الضَّرَرِ مُبَاشَرَةً أَوْ تَسَبُّبًا، فَإِنَّ فِعْلَ الْحَيَوَانِ لاَ يُوصَفُ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ تَسْبِيبٍ، لأِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَصِحُّ إِضَافَةُ الْحُكْمِ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ، فَتُطَبَّقُ الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ: أَنَّ الْمُبَاشِرَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ، وَالْمُتَسَبِّبُ لاَ يَضْمَنُ إِلاَّ بِالتَّعَدِّي .

وَيُعْتَبَرُ ذُو الْيَدِ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَصَاحِبُهُ مُبَاشِرًا إِذَا كَانَ رَاكِبًا فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، فَيَضْمَنُ مَا يُحْدِثُهُ بِتَلَفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ.

فَرَاكِبُ الدَّابَّةِ يَضْمَنُ مَا وَطِئَتْهُ بِرِجْلِهَا، أَوْ يَدِهَا - كَمَا يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ - أَيْ وَمَاتَ لِوُجُودِ الْخَطَأِ فِي هَذَا الْقَتْلِ، وَحُصُولُهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَاشَرَةِ لأِنَّ  ثِقَلَ الرَّاكِبِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ آلَةٌ لَهُ، فَكَانَ الْقَتْلُ الْحَاصِلُ بِثِقَلِهَا مُضَافًا إِلَى الرَّاكِبِ، وَالرَّدِيفُ وَالرَّاكِبُ سَوَاءٌ، وَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ، وَيُحْرَمَانِ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةِ، لأِنَّ  ثِقَلَهُمَا عَلَى الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ آلَةٌ لَهُمَا، فَكَانَا قَاتِلَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْمُبَاشَرَةِ .

وَلَوْ كَدَمَتْ أَوْ صَدَمَتْ، فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلاَ كَفَّارَةَ وَلاَ حِرْمَانَ، لأِنَّهُ قَتْلٌ بِسَبَبٍ.

وَلَوْ أَصَابَتْ وَمَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ ، فَلاَ كَفَّارَةَ وَلاَ حِرْمَانَ، لأِنَّهُ قَتْلٌ تَسْبِيبًا لاَ مُبَاشَرَةً، بِخِلاَفِ الرَّاكِبِ وَالرَّدِيفِ .

وَهَذَا خِلاَفُ مَا فِي مَجْمَعِ الأْنْهُرِ، حَيْثُ نَصَّ عَلَى أَنَّ الرَّاكِبَ فِي مِلْكِهِ لاَ يَضْمَنُ شَيْئًا، لأِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، فَيَضْمَنُ لِلتَّعَدِّي .

وَمِثَالُ مَا لَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا بِتَسْبِيبِ صَاحِبِهَا: مَا لَوْ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَجَالَتْ فِي رِبَاطِهَا، حَيْثُ طَالَ الرَّسَنُ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، ضَمِنَ، لأِنَّهُ مُمْسِكُهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ ذَهَبَتْ، مَا دَامَتْ فِي مَوْضِعِ رِبَاطِهَا .

فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ بِالتَّسْبِيبِ بِالتَّعَدِّي، وَهُوَ الرَّبْطُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ.

وَمِثَالُ اجْتِمَاعِ الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسْبِيبِ، حَيْثُ تُقَدَّمُ الْمُبَاشَرَةُ، مَا لَوْ رَبَطَ بَعِيرًا إِلَى قِطَارٍ، وَالْقَائِدُ لاَ يَعْلَمُ، فَوَطِئَ الْبَعِيرُ الْمَرْبُوطُ إِنْسَانًا، فَقَتَلَهُ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَائِدِ الدِّيَةُ، لِعَدَمِ صِيَانَةِ الْقِطَارِ عَنْ رَبْطِ غَيْرِهِ، فَكَانَ مُتَعَدِّيًا (مُقَصِّرًا) لَكِنْ يُرْجَعُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّابِطِ، لأِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي هَذِهِ الْعُهْدَةِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبِ الضَّمَانُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُتَسَبِّبٌ، لأِنَّ  الرَّبْطَ، مِنَ الْقَوَدِ، بِمَنْزِلَةِ التَّسْبِيبِ مِنَ الْمُبَاشَرَةِ، لاِتِّصَالِ التَّلَفِ بِالْقَوَدِ دُونَ الرَّبْطِ .

وَمِثَالُ مَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَاشِرًا وَلاَ مُتَسَبِّبًا، حَيْثُ لاَ يَضْمَنُ، مَا إِذَا قَتَلَ سِنَّوْرُهُ حَمَامَةً فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ، لِحَدِيثِ: «الْعَجْمَاءُ جُرْحُهَا جُبَارٌ» الْمُتَقَدِّمِ آنِفًا .

وَالأْصَحُّ  عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْهِرَّةَ إِنْ أَتْلَفَتْ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا لَيْلاً أَوَنَهَارًا ضَمِنَ مَالِكُهَا إِنْ عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَإِلاَّ فَلاَ يَضْمَنُ فِي الأْصَحِّ  .

106 - وَمِنْ مَشْمُولاَتِ الإْفْضَاءِ: التَّعَمُّدُ، كَمَا لَوْ أَلْقَى هِرَّةً عَلَى حَمَامَةٍ أَوْ دَجَاجَةٍ، فَأَكَلَتْهَا ضَمِنَ لَوْ أَخَذَتْهَا بِرَمْيِهِ وَإِلْقَائِهِ، لاَ لَوْ بَعْدَهُ. وَيَضْمَنُ بِإِشْلاَءِ كَلْبِهِ، لأِنَّهُ بِإِغْرَائِهِ يَصِيرُ آلَةً لِعَقْرِهِ، فَكَأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِسَيْفِهِ .

وَمِنْ مَشْمُولاَتِهِ التَّسَبُّبُ بِعَدَمِ الاِحْتِرَازِ: فَالأْصْلُ : أَنَّ الْمُرُورَ بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مُبَاحٌ، بِشَرْطِ السَّلاَمَةِ، فِيمَا يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، لاَ فِيمَا لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ  

فَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا نَفَحَتْهُ، لأِنَّ  بِإِمْكَانِهِ الاِحْتِرَازَ مِنَ الإْيقَافِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الاِحْتِرَازُ مِنَ النَّفْحَةِ، فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِالإْيقَافِ وَشَغْلِ الطَّرِيقِ بِهِ .

بِخِلاَفِ مَا لَوْ أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا حَصَاةً، أَوْ أَثَارَتْ غُبَارًا، فَفَقَأَتْ الْحَصَاةُ عَيْنَ إِنْسَانٍ، أَوْ أَفْسَدَ الْغُبَارُ ثَوْبَ إِنْسَانٍ فَإِنَّهُ لاَ يَضْمَنُ لأِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ، لأِنَّ  سَيْرَ الدَّوَابِّ لاَ يَخْلُو عَنْهُ .

وَلِلْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ .

وَجَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (الْمَادَّةِ: 934): لَيْسَ  لأِحَدٍ  حَقُّ تَوْقِيفِ دَابَّتِهِ أَوْ رَبْطِهَا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ.

وَمِنْ مَشْمُولاَتِهِ التَّسَبُّبُ بِالتَّقْصِيرِ، وَمِنَ الْفُرُوعِ: مَا لَوْ رَأَى دَابَّتَهُ تَأْكُلُ حِنْطَةَ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَمْنَعْهَا، حَتَّى أَكَلَتْهَا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ .

وَبِهَذَا أَخَذَتْ الْمَجَلَّةُ، حَيْثُ نَصَّتْ عَلَى أَنَّهُ «لَوْ اسْتَهْلَكَ حَيَوَانٌ مَالَ أَحَدٍ، وَرَآهُ صَاحِبُهُ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ يَضْمَنُ». (الْمَادَّةُ: 929).

107 - وَالضَّامِنُ لِجِنَايَةِ الْحَيَوَانِ، لَمْ يُقَيَّدْ فِي النُّصُوصِ الْفِقْهِيَّةِ، بِكَوْنِهِ مَالِكًا أَوْ غَيْرَهُ، بَلْ هُوَ ذُو الْيَدِ، الْقَابِضُ عَلَى زِمَامِهِ، الْقَائِمُ عَلَى تَصْرِيفِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا، وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ، وَيَشْمَلُ هَذَا السَّائِسَ وَالْخَادِمَ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: إِنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ فِي مَالِ الَّذِي هُوَ مَعَهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا، أَوْ غَاصِبًا أَوْ مُودِعًا، أَوْ وَكِيلاً أَوْ غَيْرَهُ .

وَيَقُولُ الشَّرْقَاوِيُّ فِي جِنَايَةِ الدَّابَّةِ: لاَ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، بَلْ بِذِي الْيَدِ عَلَيْهَا .

108 - وَلَوْ تَعَدَّدَ وَاضِعُو الْيَدِ عَلَى الْحَيَوَانِ، فَالضَّمَانُ - فِيمَا يَبْدُو مِنَ النُّصُوصِ - عَلَى الأْقْوَى  يَدًا، وَالأْكْثَرِ قُدْرَةً عَلَى التَّصَرُّفِ، وَعِنْدَ الاِسْتِوَاءِ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا.

قَالَ الْكَاسَانِيُّ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَائِقًا، وَالآْخَرُ قَائِدًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا لأِنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي التَّسْبِيبِ، فَيَشْتَرِكَانِ فِي الضَّمَانِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا سَائِقًا وَالآْخَرُ رَاكِبًا أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَائِدًا وَالآْخَرُ رَاكِبًا، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، إِلاَّ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ عَلَى الرَّاكِبِ وَحْدَهُ، فِيمَا لَوْ وَطِئَتْ دَابَّتُهُ إِنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ، لِوُجُودِ الْقَتْلِ مِنْهُ وَحْدَهُ مُبَاشَرَةً  وَإِنْ كَانَ الْحَصْكَفِيُّ صَحَّحَ عَدَمَ تَضْمِينِ السَّائِقِ، لأِنَّ  الإْضَافَةَ  إِلَى الْمُبَاشِرِ أَوْلَى، لَكِنَّ السَّبَبَ - هُنَا - مِمَّا يَعْمَلُ بِانْفِرَادِهِ، فَيَشْتَرِكَانِ كَمَا حَقَّقَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَابِدِينَ .

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ رَاكِبَانِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الأْوَّلِ مِنْهُمَا، لأِنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا، الْقَادِرُ عَلَى كَفِّهَا، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الأْوَّلُ مِنْهُمَا صَغِيرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُمَا، وَيَكُونُ الثَّانِي الْمُتَوَلِّي لِتَدْبِيرِهَا، فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ.

وَإِنْ كَانَ مَعَ الدَّابَّةِ قَائِدٌ وَسَائِقٌ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، لأِنَّ  كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوِ انْفَرَدَ ضَمِنَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا ضَمِنَا: وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا رَاكِبٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، لِذَلِكَ.

وَالآْخَرُ: أَنَّهُ عَلَى الرَّاكِبِ، لأِنَّهُ أَقْوَى يَدًا وَتَصَرُّفًا.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْقَائِدِ لأِنَّهُ لاَ حُكْمَ لِلرَّاكِبِ عَلَى الْقَائِدِ .

ب - ضَمَانُ جِنَايَةِ الْحَيَوَانِ الْخَطِرِ:

109 - وَيَتَمَثَّلُ فِي الْكَبْشِ النَّطُوحِ، وَالْجَمَلِ الْعَضُوضِ، وَالْفَرَسِ الْكَدُومِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، كَمَا يَتَمَثَّلُ فِي الْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ، وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَالْحَيَوَانَاتِ الْوَحْشِيَّةِ الْمُفْتَرِسَةِ، وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، كَالأْسَدِ وَالذِّئْبِ، وَسِبَاعِ الطَّيْرِ كَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ، وَفِيهَا مَذَاهِبُ لِلْفُقَهَاءِ

مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ ضَمَانُ مَا يُتْلِفُهُ الْحَيَوَانُ الْخَطِرُ، مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ إِذَا وُجِدَ مِنْ مَالِكِهِ إِشْلاَءٌ أَوْ إِغْرَاءٌ أَوْ إِرْسَالٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، الَّذِي أَوْجَبَ الضَّمَانَ فِي هَذَا كُلِّهِ، احْتِيَاطًا لأِمْوَالِ النَّاسِ  خِلاَفًا لأِبِي  حَنِيفَةَ  وَالَّذِي أَفْتَوْا بِهِ هُوَ: الضَّمَانُ بَعْدَ الإْشْلاَءِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ، فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ  كَمَا فِي الإْغْرَاءِ .

وَعَلَّلَ الضَّمَانَ بِالإْشْلاَءِ، بِأَنَّهُ بِالإْغْرَاءِ. يَصِيرُ الْكَلْبُ آلَةً لِعَقْرِهِ، فَكَأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِحَدِّ سَيْفِهِ .

وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الدُّسُوقِيُّ، وَهُوَ:

إِذَا اتَّخَذَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ، بِقَصْدِ قَتْلِ إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ وَقَتَلَهُ فَالْقَوَدُ، أُنْذِرَ عَنِ اتِّخَاذِهِ أَوْ لاَ.

وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ فَالدِّيَةُ، وَكَذَلِكَ إِنِ اتَّخَذَهُ لِقَتْلِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَقَتَلَ شَخْصًا فَالدِّيَةُ، أُنْذِرَ أَمْ لاَ.

وَإِنِ اتَّخَذَهُ لِوَجْهٍ جَائِزٍ فَالدِّيَةُ إِنْ تَقَدَّمَ لَهُ إِنْذَارٌ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَإِنِ اتَّخَذَهُ لاَ لِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ، تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إِنْذَارٌ أَمْ لاَ، حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلاَّ لَمْ يَضْمَنْ، لأِنَّ  فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ الْخَطِرَ يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ، كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَكَالسِّنَّوْرِ إِذَا عُهِدَ مِنْهُ إِتْلاَفُ الطَّيْرِ أَوِ الطَّعَامِ، فَإِذَا أَطْلَقَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ أَوِ السِّنَّوْرَ، فَعَقَرَ إِنْسَانًا، أَوْ أَتْلَفَ طَعَامًا أَوْ ثَوْبًا، لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ، لأِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِاقْتِنَائِهِ وَإِطْلاَقِهِ إِلاَّ إِذَا دَخَلَ دَارَهُ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَعَقَرَهُ ، فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأِنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالدُّخُولِ، مُتَسَبِّبٌ بِعَدَمِ الاِسْتِئْذَانِ لِعَقْرِ الْكَلْبِ لَهُ، فَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، لأِنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى إِتْلاَفِهِ.

وَكَذَلِكَ إِذَا اقْتَنَى سِنَّوْرًا، يَأْكُلُ أَفْرَاخَ النَّاسِ، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ  وَهَذَا - هُوَ الأْصَحُّ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كُلَّمَا عَهِدَ ذَلِكَ مِنْهُ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا، قَالَ الْمَحَلِّيُّ: لأِنَّ  هَذِه (الْهِرَّةَ) يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا .

أَمَّا مَا يُتْلِفُهُ الْكَلْبُ الْعَقُورُ لِغَيْرِ الْعَقْرِ، كَمَا لَوْ وَلَغَ فِي إِنَاءٍ، أَوْ بَالَ، فَلاَ يُضْمَنُ، لأِنَّ  هَذَا لاَ يَخْتَصُّ بِهِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ .

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الخامس والثلاثون ، الصفحة /  132

قَتْلُ الْكَلْبِ:

قَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَجِبُ قَتْلُ كُلِّ كَلْبٍ أَضَرَّ وَمَا عَدَاهُ جَائِزٌ قَتْلُهُ لأِنَّهُ لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ، وَلاَ اخْتِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قَتْلُ كِلاَبِ الْمَاشِيَةِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ.

قَالَ الْحَطَّابِ: ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَلُ مِنَ الْكِلاَبِ أَسْوَدُ وَلاَ غَيْرُهُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَقُورًا، مُؤْذِيًا، وَقَالُوا: الأْمْرُ بِقَتْلِ الْكِلاَبِ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَتَّخِذُوا شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ كَلْبًا مِنْ غَيْرِهِ.

وَاحْتَجُّوا - كَذَلِكَ - بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي الْكَلْبِ الَّذِي كَانَ يَلْهَثُ عَطَشًا، فَسَقَاهُ الرَّجُلُ، فَشَكَرَ اللَّهَ لَهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَقَالَ: قَالَ صلى الله عليه وسلم : «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الأْجْرُ فِي الإْحْسَانِ إِلَيْهِ، فَالْوِزْرُ فِي الإْسَاءَةِ إِلَيْهِ، وَلاَ إِسَاءَةَ إِلَيْهِ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ.

وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «الْكَلْبُ الأْسْوَدُ شَيْطَانٌ» مَا يَدُلُّ عَلَى قَتْلِهِ، لأِنَّ شَيَاطِينَ الإْنْسِ وَالْجِنِّ كَثِيرٌ، وَلاَ يَجِبُ قَتْلُهُمْ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَا لاَ يَظْهَرُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلاَ ضَرَرٌ - كَالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ - يُكْرَهُ قَتْلُهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، وَمُقْتَضَى كَلاَمِ بَعْضِهِمُ التَّحْرِيمُ.

وَالْمُرَادُ الْكَلْبُ الَّذِي لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً، فَأَمَّا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ، فَلاَ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِلاَ شَكٍّ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الأْسْوَدُ وَغَيْرُهُ.

وَالأْمْرُ بِقَتْلِ الْكِلاَبِ مَنْسُوخٌ.

وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ: يَحْرُمُ قَتْلُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ. وَقَاتِلُهُ مُسِيءٌ ظَالِمٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَلْبٍ مُبَاحٌ إِمْسَاكُهُ، لأِنَّهُ مَحَلٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ، يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ، فَحَرُمَ إِتْلاَفُهُ، كَالشَّاةِ.

قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَلاَ نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلاَفًا، وَلاَ غُرْمَ عَلَى قَاتِلِهِ.

قَالَ الرَّحِيبَانِيُّ لاَ يُبَاحُ قَتْلُ شَيْءٍ مِنَ الْكِلاَبِ سِوَى الأْسْوَدِ وَالْعَقُورِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : بِقَتْلِ الْكِلاَبِ ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلاَبِ؟» وَيُبَاحُ قَتْلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ.

فَكُلُّ مَا آذَى النَّاسَ وَضَرَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يُبَاحُ قَتْلُهُ، لأِنَّهُ يُؤْذِي بِلاَ نَفْعٍ، أَشْبَهَ الذِّئْبَ، وَمَا لاَ مَضَرَّةَ فِيهِ لاَ يُبَاحُ قَتْلُهُ وَقَالَ الرَّحِيبَانِيُّ: يَجِبُ قَتْلُهُ.

وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي الْحَرَمِ لِلْحَدِيثِ: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ».

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى وُجُوبِ قَتْلِهِ، عَمَلاً بِنَصِّ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ.

الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي  1433 هـ - 2012 م   الجزء / الثاني والأربعون ، الصفحة / 268

قَتْلُ الْهِرَّةِ الصَّائِلَةِ:

نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ هَلَكَتِ الْهِرَّةُ فِي الدَّفْعِ عَنْ حَمَامٍ وَنَحْوِهِ فَهَدَرٌ؛ لِصِيَالِهَا، وَذَلِكَ إِذَا تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا، وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِدُونِهِ كَالصَّائِلِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا بِأَنْ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِضَرْبٍ أَوْ زَجْرٍ فَلاَ يَجُوزُ قَتْلُهَا، بَلْ يَدْفَعُهَا بِالأَْخَفِّ فَالأَْخَفِّ كَدَفْعِ الصَّائِلِ، فَلَوْ كَانَتِ الْهِرَّةُ صَغِيرَةً مَثَلاً وَلاَ يُفِيدُ مَعَهَا الدَّفْعُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ، وَلَكِنْ يُمْكِنُ دَفْعُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنَ الْبَيْتِ وَيُغْلِقَهُ دُونَهَا، أَوْ بِأَنْ يُكَرِّرَ دَفْعَهَا عَنْهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَلاَ يَجُوزُ قَتْلُهَا وَلاَ ضَرْبُهَا ضَرْبًا شَدِيدًا.

وَيَشْمَلُ حُكْمُ وُجُوبِ دَفْعِ الْهِرَّةِ بِالأْخَفِّ فَالأْخَفِّ كَالصَّائِلِ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ هَذِهِ الْعَادَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِيهِ الْخِلاَفُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً، كَمَا فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ.

وَلَوْ صَارَتِ الْهِرَّةُ ضَارِيَةً مُفْسِدَةً فَهَلْ يَجُوزُ قَتْلُهَا فِي حَالِ سُكُونِهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا - وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ - لاَ يَجُوزُ؛ لأِنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ وَالتَّحَرُّزَ عَنْهَا سَهْلٌ، وَجَوَّزَ الْقَاضِي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَتْلَهَا مُطْلَقًا؛ أَيْ سَوَاءٌ فِي حَالِ صِيَالِهَا أَوْ حَالِ سُكُونِهَا، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِدُونِ الْقَتْلِ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ؛ لأِنَّهَا قَدْ تَعُودُ وَتُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهَا مَعَ التَّغَافُلِ عَنْهُ؛ وَلأِنَّهَا - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - لاَ يُكَفُّ شَرُّهَا إِلاَّ بِالْقَتْلِ.

وَاعْتَمَدَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ حَيْثُ أَفْتَى بِقَتْلِ الْهِرِّ إِذَا خَرَجَ أَذَاهُ عَنِ الْعَادَةِ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ وَاخْتَارَهُ الأْذْرَعِيُّ: فِي هِرٍّ مُهْمَلٍ لاَ مَالِكَ لَهُ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَأَلْحَقَهُ الْقَاضِي بِالْفَوَاسِقِ الْخَمْسَةِ.

وَالْوَجْهُ جَوَازُ الدَّفْعِ كَذَلِكَ فِي الْهِرَّةِ الْحَامِلِ، بَلْ وُجُوبُهُ وَلاَ نَظَرَ لِكَوْنِهَا حَامِلاً أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؛ لأِنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ، وَتَيَقَّنَّا إِضْرَارَهَا لَوْ لَمْ يَدْفَعْهَا فَرُوعِيَ.

وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ عَمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ وِلاَدَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأْلَفُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إِلَيْهِ لِلإْيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلَفَهَا؟ وَأَجَابَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ وَإِلاَّ ضَمِنَ ذُو الْيَدِ.

وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ ذَبْحَ الْهِرَّةِ إِذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً بِسِكِّينٍ حَادٍّ وَيُكْرَهُ ضَرْبُهَا وَفَرْكُ أُذُنِهَا، وَفِي الْقُنْيَةِ: يَجُوزُ ذَبْحُ الْهِرَّةِ لِنَفْعٍ مَا وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْهِرِّ إِذَا خَرَجَتْ إِذَايَتُهُ عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَتْ إِذَايَتُهُ، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ إِذَايَتُهُ عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ، وَوَقَعَتِ الإْذَايَةُ مِنْهُ فَلْتَةً فَلاَ يُقْتَلُ.

وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (صِيَال ف 5).