( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
وفيما يتعلق بقواعد أداء الأجر بالعملة المتداولة قانوناً ومكان وزمان الوفاء به ، وحساب متوسط الأجر اليومي لعمال الإنتاج وأحكام نقل العامل من المشاهرة إلى المياومية وحضور العامل إلى مقر عمله دون أن يتمكن من أداء العمل سواء لسبب يرجع لصاحب العمل أو لأسباب قهرية خارجة عن إرادة هذا الأخير وعدم جواز اقتضاء العامل جزء من أجره عيناً مما ينتجه صاحب العمل من سلعة أو خدمات ، فقد رأى أن الأحكام الواردة بالقانون 137 لسنة 1981 شاملة كافية فإستبقاها .
كما استبقى أيضاً الحكم الخاص بعدم جواز اقتطاع أكثر من 10% من أجر العامل وفاء لما يكون قد أقترضه من صاحب العمل وحظر تقاضي أي فائدة على هذا القرض .
1- مفاد نص المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أن المشرع وإن أجاز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل ما يستحقه من تعويض عما يكون قد تسبب بخطئه في فقده أو إتلافه أو تدميره من الآلات أو المهمات أو المنتجات المملوكة له إلا أنه حماية منه لأجر العامل ولعدم إرهاقه في اقتطاع التعويض حظر أن يزيد الاقتطاع عن أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ، فإذا بلغ التعويض أجر شهرين فأكثر لزم صاحب العمل اتخاذ الإجراءات القانونية ثم إيقاع المقاصة بين التعويض والأجر في حدود ما يقبل الحجز عليه طبقاً للمادة 41 من قانون العمل المشار إليه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن انتهى إلى مديونية المطعون ضده في المبالغ التى اقتطعتها الطاعنة منه إلا أنه قضى بردها كاملة إليه استناداً إلى أنه كان يتم اقتطاعها شهرياً بما يجاوز أجر الأيام الخمسة المقررة قانوناً في حين أنه وطبقاً لمنطق الحكم ما كان يجب رد سوى ما تجاوزت به الطاعنة في الاقتطاع هذا القدر وهو مما يعيبه علاوة على ذلك فإنه لما كانت المبالغ التى اقتطعت بالزيادة عما قرره القانون ليست سوى مديونية في ذمة المطعون ضده يحق للطاعنة استيفائها بالطرق القانونية وكان المطعون ضده قد أحيل إلى المعاش فلا تنطبق في شانه أحكام المادة 68 من قانون العمل سالف الذكر كما لم يضع المشرع أية قيود على استيفاء جهة العمل حقوقها قبل العامل بما يحق لها استيفائها مما يكون له من حقوق لديها وإذ استوفت الطاعنة مبالغ التعويض محل الدعوى فعلاً فإنه لا يجوز الحكم بردها للمطعون ضده .
( الطعن رقم 1264 لسنة 73 ق -. جلسة 26/ 9/ 2004 )
2- إذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد إعتمد فى تكييف المبلغ موضوع النزاع بأنه أجر وليس بدل إنتقال على ما قرره من أن الشركة الطاعنة قد إلتزمت بأن ترتب للمطعون ضده - العامل - وسيلة إنتقال إلى مقر عمله كميزة عينية أو أن تؤدى إليه مقابلاً نقدياً لهذه الميزة قدره ثلاثة جنيهات على ثلاثة شهور ، وكان هذا الذى قرره الحكم هو إستخلاص سائغ يتفق مع واقع الدعوى وظروف ومبررات صرف هذا المبلغ ، وكانت الميزة العينية وطبقاً لنص المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تعتبر من قبيل الأجر ويلحق حكمها بما يلتزم رب العمل بأدائة للعامل كمقابل لها وأن الحكم إذ إنتهى على هذا الأساس إلى إعتبار ذلك المبلغ جزءاً من أجر المطعون ضده تعلق به حقه لا يكون قد أخطأ فى التكييف ، ولا يجدى الطاعنة بالتالى التمسك بنص المادة 27 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 66 التى تنظم صرف البدلات لهؤلاء العاملين ، أو بعدم توافر العناصر القانونية التى تخرج بالمنحة إلى إعتبارها أجراً .
( الطعن رقم 646 لسنة 43 - جلسة 1977/05/14 - س 28 ع 1 ص 1193 ق 205 )
3- لما كانت المادة 66 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 سنة 1962 تجيز تعيين العاملين لأعمال مؤقتة أو عرضية وفقاً للقواعد التى يضعها مجلس إدارة الشركة لأعمال ويعتمدها مجلس إدارة المؤسسة المختصة ، وكان المعول عليه فى إعتبار العمل المسند إلى العامل مؤقتاً أو عرضياً هو أن يكون تعيينه قد جاء على غير الوظائف الواردة بالجدول المعتمدة للوحدة الإقتصادية والمرتبة فى الفئات المالية المبينة فى الجدول المرافق للائحة المشار إليها بإعتبارها الوظائف الدائمة فى الوحدة الإقتصادية والمكونة للهيكل التنظيمى لها ولا عبرة هذا الخصوص بمدة عقد العمل مهما طالت حتى ولو كان غير محدد المدة طالما أن العامل لم يعين على إحدى هذه الوظائف الدائمة - لما كان ذلك وكان الثابت فى الدعوى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول عينوا لدى البنك الطاعن فى سنة 1965 بعد العمل باللائحة سالفة الذكر فى وظيفة ملاحظ تسويق بمكافأة شهرية لكل منهم وأن هذه الوظيفة ليست من الوظائف الواردة فى الجداول المعتمدة للطاعن وليس مقرراً لها فئة مالية محددة وكان المطعون ضدهم قد منحوا الأجر المتفق عليه فى العقد المبرم بينهم وبين الطاعن ، الطاعن ، فإنه لا يكون لهم الحق فى الفئة المالية المطالب بها والعلاوات الدورية المقررة لها .
( الطعن رقم 127 لسنة 50 - جلسة 1983/10/23 - س 34 ع 2 ص 1535 ق 298 )
4- يشمل الأجر بمفهومه كل ما يدخل فى ذمة العامل من مال أياً كان نوعه مقابل قيامه بالعمل موضوع العقد مهما كانت تسميته ، فيدخل فى هذا المفهوم علاوة غلاء المعيشة ، وقد أوضحت المادة 683 من التقنين المدني هذا المعنى ، فنصت فى فقرتها الثانية على أن العلاوات التي تصرف لمستخدمي المحلات التجارية بسبب غلاء المعيشة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الأجر ، وتأسيساً على ذلك يتعين عند احتساب مكافأة نهاية مدة الخدمة الإعتداد بهذه العلاوة وإضافتها إلى الأجر الأصلي، ما لم يرتض العامل الإتفاق مع صاحب العمل على إستبعاد علاوة الغلاء من الأجر وكان ذلك أكثر فائدة له، ومثل هذا الإتفاق يكون صحيحاً وفقاً لمفهوم المخالفة من نص المادة 38 من القانون رقم 41 سنة 1944، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر فإنه يتعين نقضه .
( الطعن رقم 441 لسنة 25 - جلسة 1960/03/24 - س 11 ع 1 ص 246 ق 44 )
5- لما كان الأصل فى إستحقاق الأجر طبقاً لنص المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون 91 لسنة 1959 - الذى يحكم واقعة الدعوى أنه لقاء العمل الذى يقوم به العامل ، ولم يستثن المشرع من هذا الأصل سوى حالات معينة على سبيل الحصر يستحق العامل فيها الأجر رغم عدم أداء العمل . وليس من بينها حالة إستدعاء العامل لآداء الخدمة العسكرية الإلزامية ، وكان النص فى المادة 51 من القانون رقم 505 لسنة 1955 فى شأن الخدمة العسكرية والوطنية على أن [ أولاً ] تحسب مدة إستدعاء أفراد الإحتياط طبقاً لأحكام المادة السابقة من العاملين بالجهات المنصوص عليها بالفقرتين [ ثانياً ، ثالثاً ] من هذه المادة أجازة إستثنائية بمرتب أو بأجر كامل ... " مقصور على مدة الإستدعاء من الإحتياط المنصوص عليها 44 من هذا القانون فلا تقاس عليها مدة الخدمة العسكرية الإلزامية المنصوص عليها فى المادة الثالثة وما بعدها من ذات القانون لإختلاف كل من نوعى الخدمة فى أحكامه ومبناه .
( الطعن رقم 1017 لسنة 47 - جلسة 1982/11/22 - س 33 ع 2 ص 1020 ق 183 )
عند إعداد مشروع القانون المدني، تضمنت نصوصه المنظمة لعقد العمل، الأصول العامة والأحكام التفصيلية لهذا العقد، إذ لم يكن قد بدء في إعداد مشروع قانون عقد العمل الفردي في ذلك الوقت، وإذ أعد المشروع الأخير قبل إصدار القانون المدني، فقد رأى المشرع إضافة المادة 693 إلى مشروع القانون المدني وأحال بموجبها إلى القوانين الخاصة بالعمل فيما تضمنته من الأحكام التفصيلية والتطبيقية المتعلقة بإلتزامات رب العمل، فأصبحت نصوص عقد العمل الواردة في القانون المدني قاصرة على القواعد العامة المتعلقة بهذا العقد .
أما سائر الإلتزامات التي تضمنتها قوانين العمل والتي فرضت على رب العمل، فإنها تكون واجبة التطبيق بالاضافة إلى الإلتزامات التي تضمنها القانون المدني، وبالتالي يلتزم رب العمل بقواعد الإجازات والمساواة بين عماله والتأمين عليهم بإعتبار أن قانون التأمين الإجتماعي من القوانين الخاصة التي أحالت إليها المادة 693 سالفة البيان، وغير ذلك من الإلتزامات التي فرضتها تلك القوانين على رب العمل . ( المطول في شرح القانون المدني ، المستشار/ أنور طلبة ، المكتب الجامعي الحديث ، الجزء/ التاسع ، الصفحة /583 )
إلى جانب إلتزام رب العمل بالإلتزامات المبينة في التقنين المدني، يجب عليه أيضاً أن يقوم بالإلتزامات التي تفرضها القوانين الخاصة، طالما أن هذه القوانين الخاصة تسري على علاقة العمل الذي هو أحد أطرافها .
ومثال ذلك الأحكام التي ينص عليها القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل .
ومثال ذلك :
1- أنه لا يجوز لصاحب العمل إلزام العامل بشراء أغذية أو سلع أو خدمات من محال معينة أو مما ينتجه صاحب العمل من سلع أو يقدمه من خدمات (م42) .
2- أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل أكثر من (10%) وفاء لما يكون قد أقرضه من مال أثناء سريان العقد أو أن يتقاضى أية فائدة عن هذه القروض، ويسري ذلك الحكم على الأجور المدفوعة مقدماً .
3- أنه لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقع العامل بما يفيد إستلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور، على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر".(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع ، المستشار/ محمد عزمي البكري ، الجزء / الثامن ، الصفحة / 673 )
يقابل هذا النص المادة (40) من القانون 137 لسنة 1981 م، ولكي يطبق هذا النص تطبيقاً سليماً يتعين أن يكون القرض ملحوظاً فيه علاقة العمل أي أن یكون القرض من المقرض بوصفه صاحب العمل وللمقترض بوصفه عاملاً لدى صاحب عمل إذ هنا تقوم تبعية المقترض للمقرض بحكم علاقة العمل بينهما حتى تتحقق شروط إعمال هذه المادة ، فإذا كان العامل يعمل في أحد البنوك المصرفية وقد اقترض منها لا بوصفه عاملاً فيها ولكن باعتبار أن هذا القرض يدخل في نشاط البنك المصرفي فالتمييز هنا أمر بالغ الدقة ويرتهن بظروف الواقع وحجم القرض ومدى تناسبه مع الأجر حتى يمكن إعمال حكم المادة (43) .
جزاء المخالفة :
وفقًا لحكم المادة (247) غرامة من مائة جنيه إلى خمسمائة جنيه، وكانت القانون الملغي من خمسة جنيهات إلى عشرة جنيهات . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 183 )
النصوص المقابلة :
تقابل المادة (40) من القانون الملغي رقم 137/ 1981 .
كما تقابل المادة (51) من القانون رقم 51 لسنة 1959 الأسبق .
شروط تطبيق النص :
ويشترط لتطبيق النص ثلاثة شروط :
الأول : « أن يكون الاقتطاع وفاء لدين قرض يكون صاحب العمل قد أقرضه للعامل أما إذا كان مصدر مديونية العامل سبباً قانونياً آخر كتعويض عن فعل ضار مثلاً فلا يسوغ لصاحب العمل أن يقتطع أية نسبة عن الأجر » .
الثاني : « أن تكون النسبة المقتطعة في حدود 10% ولا تتجاوزها من أجر العامل الفعلي » .
الثالث : أن يكون الاقتطاع من الأجر بحسب طريقة دفعه سواء كان مشاهرة أو مياومة أو أسبوعياً وغير ذلك فلا يحق لصاحب العمل أن يقتطع من الأجر دین القرض دفعة واحدة ولو كان ذلك باتفاقه مع العامل لمخالفة ذلك لنص أمر يتعلق بالنظام العام. والأصل أن المقرض حينما يقرض ماله يتوخى تحقيق مصلحة وهي الحصول على فائدة من القرض، وقد خرج المشرع على هذا الأصل حينما منع صاحب العمل من تقاضي أية فائدة على القروض التي يفرضها لعماله وقد أخذ المشرع في ذلك بروح الشريعة الإسلامية السمحاء التي تجرم الفوائد الربوية .
وتثور في العمل مشكلة تتعلق بالبنوك فهل يمتنع على البنك أن يقرض عماله بفائدة مع العلم بأن نظام الاقتراض في معظم البنوك يفترض فيه تقاضي فائدة حددها القانون ، نرى أن العاملين بالبنوك الخاضعين لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام وكذا بنوك الاستثمار الخاضعة لأحكام القانون رقم (8) لسنة 1997 بشأن حوافز وضمانات الاستثمار يستفيدون من الحكم الوارد بالمادة (40) المشار إليها نظراً لخلو هذين القانونين واللوائح الصادرة تنفيذاً لهما من نص شبيه به فيجوز لعمال هذه البنوك الاقتراض من البنوك الذين يعملون بها بدون فائدة ولا يجوز استقطاع أكثر من 10% وفاء لهذه القروض وبالشروط سابقة الذكر. خاصة وأن البنوك تعمل أصلاً في القروض ولا تقدم خدمة خاصة للعمال بها .
ويلاحظ أن المشرع في هذا النص الجديد قد أخذ بالحكم الوارد بالنص الملغي من حيث سريان الأحكام سالفة الذكر على الأجور التي تدفع للعمال مقدماً إذ يحدث في بعض المنشآت أن يؤدي العامل جزء من أجره مقدماً ويسمى «دفعة تحت الحساب» avance لمواجهة النفقات الضرورية الملحة كنفقات الانتقال أو السكن فهذا المبلغ قد أصبح ملحقاً بالقروض ويأخذ حكمها وفقاً للشروط سالفة الذكر .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حكماً من أحكام المادة (43) والقرارات الوزارية المنفذة لها بالغرامة التي لا تقل عن مائة جنيه ولا تتجاوز خمسمائة جنيه وتتعدد الغرامة بقدر عدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتتضاعف الغرامة في حالات العود . (م247) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 525 )
حماية الأجر من اقتطاع صاحب العمل
حرص المشرع على حماية الأجر في مواجهة صاحب العمل. فصاحب العمل يملك سلطة تأديبية تجاه العامل وقد يلجأ إلى توقيع جزاءات تأديبية تتمثل في اقتطاع جزء من الأجر، وكذلك قد تكون هناك علاقات مالية متعددة بين العامل وصاحب العمل مما يجعل صاحب العمل يلجأ إلى إجراء المقاصة مع الأجر للحصول على حقه، أو قد يقترض العامل من صاحب العمل، فكان لابد أيضاً من وضع قواعد تنظم هذا القرض، وأخيراً قد يقتطع صاحب العمل من أجر العامل ما يعوضه عن الفقد والتلف الذي يسببه العامل .
وللتوفيق بين هذه الإعتبارات نصت المادة 43 من قانون العمل على أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل أكثر من 10% وفاء لما يكون قد أقرضه من مال أثناء سريان العقد، ولا أن يتقاضى عن هذه القروض أية فائدة ويسري ذلك الحكم على الأجور المدفوعة مقدماً .
وينطوي هذا النص على مبدأين هامين :
المبدأ الأول ، حظر تقاضي صاحب العمل الفوائد عن القروض التي يمنحها للعامل . ويقصد بعقد القرض ، العقد الذي يلتزم به المقرض (صاحب العمل)، أن ينقل إلى المقترض (العامل) ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض شيئاً مثله في مقداره ونوعه وصفته، واستعمل المشرع في قانون العمل عبارة "مال" مما يفيد قصر الحكم على إقراض مبلغ من النقود .
وهذا الحكم ينطوي على خروج من القواعد العامة في الفرض والقصد منه محاباة العامل أكثر مما يستهدف حمايته .
فالاقتراض بفائدة نظمه القانون بحيث تنتفي شبهة الاستغلال في القرض الذي يتم. ولقد أراد المشرع مراعاة ظروف العامل من حيث ضعفه الاقتصادي وحيث أنه يتعامل مع من يفترض قوته الاقتصادية وهو صاحب العمل، فهذا المبدأ ينطوي على محاباة إنسانية أكثر مما ينطوي على حماية من الاستغلال .
وحظر الفوائد يشمل الفوائد التأخيرية والتعويضية .
المبدأ الثاني : إذا تم القرض فإن سداد القرض يخضع لضوابط، فلا يجوز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل سداداً للقرض عن طريق المقاصة أكثر من 10% من قيمة أجر العامل وقت إجراء المقاصة أي وقت الخصم، ويقصد من ذلك عدم إرهاق العامل في السداد لأن الأجر مصدر رزقه الرئيسي. ويجب لأعمال هذا المبدأ أن نكون بصدد قرض.. قرض بالمعنى الدقيق، كما يجب أن تكون علاقة العمل ملحوظة في القرض، وندرسهما فيما يلي :
الشرط الأول :
لابد من وجود قرض بالمعنى الصحيح أو أجر دفع مقدماً . ولقد حرص المشرع في قانون العمل الجديد على إخضاع الأجر الذي يدفع مقدماً لنفس الضمانات أي أن استرداده لا يكون إلا في حدود نسبة 10% من قيمة الأجر الذي سدده مقدماً كما لا تستحق بطبيعة الحال فوائد لأننا لسنا بصدد قرض .
ولما كان يصعب في كثير من الأحيان التفرقة بين ما إذا كان ما تلقاه العامل يعتبر قرضاً أم أجراً معجلاً، فقد فتح الباب أمام التحايل، ولهذا حرص المشرع على امتداد قيود المقاصة على كل من القرض والأجر المعجل .
ولا يعتبر أجراً معجلاً الدفعات التي يقبضها العامل تحت الحساب عن عمل جاري التنفيذ، إلى حين تسوية الحساب عند الانتهاء من الأعمال ويتمثل الفارق بين الأجر المعجل والدفعة تحت الحساب في أن الأجر المعجل يستحق عن عمل عن مدة قادمة، أما الدفعة فهي تستحق عن عمل جارى التنفيذ وتعتبر الدفعة جزءاً من المقابل .
وهذه القيود لا تسري إلا على المقاصة بين الأجر ودين صاحب العمل الناشئ عن قرض أو أجر معجل. أما المقاصة بين ديون صاحب العمل الأخرى وبين أجر العامل فتخضع للقواعد العامة الواردة في القانون المدني .
الشرط الثاني :
يجب أن تكون علاقة العمل ملحوظة في القرض أي أن يكون المقرض هو صاحب العمل بوصفه وأن يكون المقترض هو العامل بوصفه، فلو لم يكن العامل يعمل لدى صاحب العمل لما قبل الأخير إقراضه، أما إذا كان القرض عادياً بين شخصين بصرف النظر عن علاقة العمل، فإن القرض لا يخضع للقيود السابقة .
ومعيار التفرقة لا يخلو من الدقة، ويرجع إلى قيمة الدين والظروف التي أعطيت فيه لمعرفة طبيعة القرض .
وثارت الصعوبة فيما يتعلق بالقرض الذي يعطيه أحد البنوك إلى موظف من العاملين فيه . وذهبت محكمة النقض إلى أنه إذا أقبل عامل بأحد البنوك على طلب قرض بمحض رغبته من هذا البنك والتزم في العقد بالفائدة التي يتقاضاها البنك من عملائه عن القروض التي هي من صميم أعماله، فإن العامل يكون ملزماً بالفائدة التي تمثل أرباح البنك من نشاطه ولا يمتد إليها الحظر الوارد في قانون العمل .
وليس هناك ما يمنع من سريان قانون العمل على القرض الذي يعطيه البنك إلى أحد موظفيه متى كانت علاقة العمل غير ملحوظة فيه ولا يقترض الموظف باعتباره شخصاً عادياً .
وعلى هذا فإن مهنة صاحب العمل وباقي ظروف كل حالة يمكن أن يستدل منها على طبيعة القرض .
وإذا توافرت هذه الشروط فلا يجوز من جهة تقاضي فوائد عن القرض، ولا يجوز من جهة أخرى إجراء مقاصة بين الأجر والقرض إلا في حدود 10% من الأجر وقت إجراء المقاصة وليس وقت القرض. فالقصد هو توفير الأجر الملائم للحياة الكريمة وقت قبضه .
وتحسب نسبة الـ 10% على كامل الأجر دون الاعتداد بالقدر غير القابل للحجز، ولكن يسقط من الأجر عند حساب ذلك النسبة ما يكون قد اقتطع وفاء للغرامات أو وفاء للتعويض المستحق لصاحب العمل عن إتلاف آلات ومهمات .
ويتم الاقتطاع أو المقاصة من أجر العامل دون إجراءات وبغير حاجة إلى حكم قضائي، بل يقوم به صاحب العمل تحت مسئوليته .
ويثور التساؤل عما إذا كان يجوز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العمل في حدود الـ 10% وفاء لما يكون قد اشتراه العامل منه من بضائع. رأينا أن إعطاء صاحب العمل حق المقاصة في حدود 10% فقط من الأجر يعتبر قيداً وميزة خص بها الشارع صاحب العمل عن غيره من الدائنين. فصاحب العمل يستأثر بالحصول على نسبة الـ 10% دون أن يزاحمه أي دائن آخر للعامل، فهو يتقدم باقي الدائنين في حدود هذه النسبة, وبناء عليه يجب أن تقصر هذه المزية على حدودها التشريعية وهي صاحب العمل الدائن بدين قرض أو معجل أجرة، ولما كان ثمن البضائع التي اشتراها العامل يعتبر بيعاً بالأجل فإنه لا يجوز لصاحب العمل اقتطاع عشر الأجر سداداً له أو كدفعة لسداد الثمن .
- ويضاف القيد الوارد في المادة 43، قيداً آخر على المقاصة حتى ولو كانت في الحدود التي أوردتها المادة المشار إليها .
فلا يجوز إعمال المقاصة إذا كانت تؤدي إلى نقص ما يقبضه العامل عن الحد الأدنى للأجر كما حدده المشرع. ففكرة الحد الأدنى للأجر تستوجب ضرورة حصول العامل على هذا المبلغ لأنه يمثل الحد الأدنى للمعيشة الإنسانية التي يجب توفيرها للعامل، وأحكام الحد الأدنى للأجر تتعلق بالنظام العام ومن ثم لا يجب الخروج عليها حتى ولو عن طريق المقاصة، فالحد الأدنى للأجر لا يقصد به مجرد تحديد مبلغ للأجر وإنما ضرورة حصول العامل أيضاً على هذا المبلغ باعتباره حيوياً لتوفير الحد الأدنى من المعيشة . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 279 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الخامس عشر ، الصفحة / 216
الْجُعْلُ وما يُشْترطُ فيه:
معْلُوميّتُهُ:
-قال الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ والْحنابلةُ: يُشْترطُ لصحّة عقْد الْجعالة أنْ يكُون الْجُعْلُ مالاً معْلُومًا جنْسًا وقدْرًا؛ لأنّ جهالة الْعوض تُفوّتُ الْمقْصُود منْ عقْد الْجعالة، إذْ لا يكادُ أحدٌ يرْغبُ في الْعمل مع جهْله بالْجُعْل، هذا فضْلاً عنْ أنّهُ لا حاجة لجهالته في الْعقْد، بخلاف الْعمل والْعامل حيْثُ تُغْتفرُ جهالتُهُما للْحاجة إلى ذلك.
ومعْلُوميّةُ الْجُعْل تحْصُلُ بمُشاهدته أوْ وصْفه إنْ كان عيْنًا، وبوصْفه إنْ كان ديْنًا. إلاّ أنّ الْمالكيّة قالُوا: لوْ كان الْجُعْلُ عيْنًا مُعيّنةً - ذهبًا أوْ فضّةً مضْرُوبًا عليْها - فإنّهُ لا يصحُّ أنْ تكُون جُعْلاً، وإنْ كان الْعقْدُ صحيحًا، فللْجاعل الانْتفاعُ بها، ويغْرمُ مثْلها إذا أتمّ الْعاملُ الْعمل، وإنْ كان الْجُعْلُ مثْليًّا، أوْ موْزُونًا لا يُخْشى تغيُّرُهُ خلال فتْرة الْعمل الْمُجاعل عليْه، أوْ ثوْبًا فإنّهُ يصحُّ الْعقْدُ والْجُعْلُ، فإنْ كان يُخْشى تغيُّرُهُ، أوْ كان حيوانًا، فإنّهُ لا يصحُّ أنْ يكُون جُعْلاً، والْعقْدُ فاسدٌ على الرّاجح؛ لأنّ الأْصْل في الْمنْهيّ عنْهُ الْفسادُ.
ما لا يُشْترطُ فيه الْمعْلُوميّةُ:
قال الشّافعيّةُ: يُسْتثْنى من اشْتراط الْمعْلُوميّة في الْجُعْل حالتان:
الأُْولى: ما لوْ جعل الإْمامُ أوْ قائدُ الْجيْش لمنْ يدُلُّ على فتْح قلْعةٍ للْكُفّار الْمُحاربين جُعْلاً منْها كفرسٍ ونحْوه، فإنّهُ يجُوزُ مع جهالة الْعوض للْحاجة إلى مثْل ذلك وقْت الْحرْب.
الثّانيةُ: ما لوْ قال شخْصٌ لآخر: حُجّ عنّي بنفقتك، فإنّهُ يجُوزُ مع جهالة النّفقة، وقال الْماورْديُّ: هي جعالةٌ فاسدةٌ، وصرّح بذلك الشّافعيُّ في الأْمّ.
وقال الْحنابلةُ: يُحْتملُ أنْ تجُوز الْجعالةُ مع جهالة الْجُعْل إذا كانت الْجهالةُ لا تمْنعُ التّسْليم، نحْوُ أنْ يقُول الْجاعلُ: منْ ردّ ضالّتي فلهُ ثُلُثُها، أوْ قال الْقائدُ للْجيْش في الْغزْو: منْ جاء بعشرة رُءُوسٍ فلهُ رأْسٌ، أوْ جعل جُعْلاً لمنْ يدُلُّهُ على قلْعةٍ أوْ طريقٍ سهْلٍ مثلاً، وكان الْجُعْلُ منْ مال الأْعْداء، فيجُوزُ أنْ يكُون مجْهُولاً كفرسٍ يُعيّنُها الْعاملُ.
أمّا الْمالكيّةُ فقد اسْتثْنوْا حالاتٍ أُخْرى:
الأْولى: أنْ يُجاعل غيْرهُ على أنْ يغْرس لهُ أُصُولاً حتّى تبْلُغ حدًّا مُعيّنًا فتكُونُ هي (أي الزّيادةُ) والأْصْلُ بيْنهُما، فإنّهُ يجُوزُ.
الثّانيةُ: أنْ يُجاعلهُ على تحْصيل الدّيْن بجُزْءٍ (أيْ معْلُومٍ كثُلُثٍ أوْ رُبُعٍ ممّا يُحصّلُهُ)، فإنّهُ جائزٌ على الأْظْهر عنْد الْمالكيّة، وإنْ كان الْمرْويُّ عنْ مالكٍ أنّهُ لا يجُوزُ.
الثّالثةُ: أنْ يُجاعلهُ على حصاد الزّرْع، أوْ جذّ النّخْل على جُزْءٍ منْهُ يُسمّيه، فإنّهُ لا خلاف في جواز الْمُجاعلة فيه على هذا؛ لأنّهُ لا يلْزمُ واحدًا منْهُما .
اشْتراطُ كوْن الْجُعْل حلالاً، ومقْدُورًا على تسْليمه:
-قال الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ والْحنابلةُ: يُشْترطُ في الْجُعْل أنْ يكُون طاهرًا، مقْدُورًا على تسْليمه، ممْلُوكًا للْجاعل، فما كان منْهُ نجسًا، أوْ غيْر مقْدُورٍ على تسْليمه لأيّ سببٍ كان، أوْ غيْر ممْلُوكٍ للْجاعل يُفْسدُ الْعقْد .
تعْجيلُ الْجُعْل قبْل تمام الْعمل:
-قال الْمالكيّةُ والشّافعيّةُ: يُشْترطُ لصحّة الْجعالة عدمُ اشْتراط تعْجيل الْجُعْل، فلوْ شرط تعْجيلهُ قبْل الْعمل فسد الْعقْدُ بهذا الشّرْط، فإنْ سلّمهُ الْجاعلُ للْعامل بلا شرْطٍ، فلا يجُوزُ أنْ يتصرّف فيه قبْل الْفراغ من الْعمل على الرّاجح؛ لأنّهُ لا يسْتحقُّهُ ولا يمْلكُهُ إلاّ بعْد تمام الْعمل.
قال الْمالكيّةُ: وسواءٌ أحصل نقْدٌ وتسْليمٌ للْجُعْل بالْفعْل أمْ لا، وذلك لدوران الْجُعْل بيْن الْمُعاوضة - إنْ وجد الْعاملُ الضّالّة مثلاً وأوْصلها إلى الْجاعل - وبيْن الْقرْض إنْ لمْ يُوصلْها لهُ بأنْ لمْ يجدْها أصْلاً، أوْ وجدها وأفْلتتْ منْهُ في الطّريق، والدّورانُ بيْنهُما منْ أبْواب الرّبا؛ لأنّهُ قرْضٌ جرّ نفْعًا احْتمالاً، وأمّا النّقْدُ والتّسْليمُ للْجُعْل تطوُّعًا بغيْر شرْطٍ فيجُوزُ، والْعقْدُ صحيحٌ، إذْ لا محْذُور فيه .
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الرابع والعشرون ، الصفحة / 273
سُخْرَةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 - السُّخْرَةُ لُغَةً: مَا سَخَّرْتَهُ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ رَجُلٍ بِلاَ أَجْرٍ وَلاَ ثَمَنٍ، وَيُقَالُ: لِلْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ. يُقَالُ سَخَّرَهُ سُخْرًا أَوْ سُخْرِيًّا: أَيْ كَلَّفَهُ مَا لاَ يُرِيدُ وَقَهَرَهُ، وَالسُّخْرَةُ أَيْضًا: مَنْ يَسْخَرُ مِنْهُ النَّاسُ .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِلسُّخْرَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإْجَارَةُ:
2 - الإْجَارَةُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى تَمْلِيكِ مَنْفَعَةٍ بِعِوَضٍ. وَالأْجْرَةُ مَا يَلْتَزِمُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ قَبْلَ الْمُؤَجِّرِ عِوَضًا عَنِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَتَمَلَّكُهَا. وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِجَارَةٍ) لِبَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَبِالأْجْرَةِ مِنَ الأْحْكَامِ.
ب - الْعُمَالَةُ:
3 - الْعُمَالَةُ - بِضَمِّ الْعَيْنِ - هِيَ أُجْرَةُ الْعَامِلِ، يُقَالُ اسْتَعْمَلْتُهُ: أَيْ جَعَلْتُهُ عَامِلاً .
ج - الْجَعَالَةُ:
4 - الْجَعَالَةُ الْتِزَامُ عِوَضٍ مَعْلُومٍ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ، وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ: (جَعَالَةٍ).
الْحُكْمُ الإْجْمَالِيُّ:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ تَسْخِيرِ الْعَامِلِ دُونَ أَجْرٍ، وَلاَ يَجُوزُ إِجْبَارُهُ أَوْ إِكْرَاهُهُ عَلَى قَبُولِ عَمَلٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. وَاعْتَبَرَهُ الْفُقَهَاءُ مِنَ التَّعَدِّي الْمُوجِبِ لِلضَّمَانِ. فَمَنْ قَهَرَ عَامِلاً وَسَخَّرَهُ فِي عَمَلٍ ضَمِنَ أُجْرَتَهُ لاِسْتِيفَائِهِ مَنَافِعَهُ الْمُتَقَوِّمَةَ؛ لأِنَّ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ مَالٌ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ فَضُمِنَتْ بِالتَّعَدِّي، وَالأْجْرَةُ فِي مُقَابِلِ الْعَمَلِ مِنْ مُقَوِّمَاتِ عَقْدِ الإْجَارَةِ، وَمَعْلُومِيَّتُهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، فَإِنْ خَلاَ مِنْهَا، أَوْ فَسَدَ الْعَقْدُ، أَوْ سَمَّى مَا لاَ يَصِحُّ أُجْرَةً وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى أَجْرِ الْمِثْلِ. هَذَا فِي الْجُمْلَةِ وَتَفْصِيلُهُ فِي (إِجَارَةٍ).
6 - وَالأْصْلُ أَنَّ الاِنْتِفَاعَ بِعَمَلِ الإْنْسَانِ أَنْ يَكُونَ بِرِضَاهُ، سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ كَالإْجَارَةِ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَأَنْ يَتَطَوَّعَ بِمَعُونَةِ شَخْصٍ أَوْ خِدْمَتِهِ، وَمَا يَنْطَبِقُ عَلَى الأْفْرَادِ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَنْطَبِقُ عَلَى الدَّوْلَةِ فِيمَنْ تَسْتَعْمِلُهُمْ مِنْ عُمَّالٍ، إِلاَّ أَنَّ لِلإْمَامِ أَنْ يُسَخِّرَ بَعْضَ النَّاسِ فِي أَحْوَالٍ خَاصَّةٍ تَقْتَضِيهَا مَصْلَحَةُ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ يَجُوزُ تَسْخِيرُهُمْ بِدُونِ أَجْرٍ، وَتُلْزَمُ الدَّوْلَةُ بِإِجْرَاءِ أُجُورِهِمْ فِي مُقَابِلِ مَا يَعْمَلُونَ مِنْ أَعْمَالٍ.
7 - وَيَشْهَدُ لِهَذَا الأْصْلِ جُمْلَةٌ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ:
مِنْهَا: أَنَّ لِلْعَامِلِ فِي الدَّوْلَةِ أَجْرًا يُجْرِيهِ لَهُ وَلِيُّ الأَْمْرِ، وَلاَ يَخْلُو هَذَا الأَْجْرُ مِنْ ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ:
الْحَالُ الأْوَّلُ: أَنْ يُسَمِّيَ الْوَالِي لِلْعَامِلِ أَجْرًا مَعْلُومًا: يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ الأَْجْرَ إِذَا وَفَّى الْعِمَالَةَ حَقَّهَا، فَإِنْ قَصَّرَ رُوعِيَ تَقْصِيرُهُ، فَإِنْ كَانَ التَّقْصِيرُ فِي تَرْكِ بَعْضِ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَارِي مَا قَابَلَهُ، وَإِنْ كَانَ خِيَانَةً مَعَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ اسْتَكْمَلَ جَارِيهِ وَاسْتَرْجَعَ مِنْهُ مَا خَانَ فِيهِ، وَإِنْ زَادَ فِي الْعَمَلِ رُوعِيَتِ الزِّيَادَةُ فِي الأْجْرِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يُسَمِّيَ لِلْعَامِلِ أَجْرًا مَجْهُولاً: فَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ أَجْرَ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، فَإِنْ كَانَ جَارِي الْعَمَلِ مُقَدَّرًا فِي الدِّيوَانِ وَعَمِلَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُمَّالِ صَارَ ذَلِكَ الْقَدْرُ هُوَ جَارِي الْمِثْلِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ لاَ يُسَمِّيَ لَهُ أَجْرًا مَعْلُومًا وَلاَ مَجْهُولاً.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لاَ جَارِيَ لَهُ عَلَى عَمَلِهِ، وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِهِ؛ لِخُلُوِّ عَمَلِهِ مِنْ عِوَضٍ. وَذَهَبَ الْمُزَنِيُّ إِلَى أَنَّ لَهُ جَارِيَ مِثْلِهِ لاِسْتِيفَاءِ عَمَلِهِ عَنْ إِذْنِهِ. وَذَهَبَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَخْذِ الْجَارِي عَلَى عَمَلِهِ فَلَهُ جَارِي مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَهَرْ فَلاَ جَارِيَ لَهُ.
وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ إِلَى أَنَّهُ إِنْ دُعِيَ إِلَى الْعَمَلِ فِي الاِبْتِدَاءِ أَوْ أُمِرَ بِهِ فَلَهُ جَارِي مِثْلِهِ فَإِنِ ابْتَدَأَ بِالطَّلَبِ فَأَذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ فَلاَ جَارِيَ لَهُ .
وَنَظِيرُ هَذَا الْخِلاَفِ مَا تَقَدَّمَ فِي مُصْطَلَحِ (جَعَالَةٍ) فِي مَسْأَلَةِ الْخِلاَفِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ الْجُعْلَ فِي حَالَةِ الإْذْنِ لَهُ بِالْعَمَلِ أَوْ عَدَمِ الإْذْنِ حَيْثُ اسْتُوفِيَتِ الْمَذَاهِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ. فَلْتُرَاجَعْ فِي مُصْطَلَحِ: (جَعَالَةٍ ف 31 - 34)
8 - وَمِنَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِاسْتِعْمَالِ الدَّوْلَةِ لِلْعُمَّالِ بِأَجْرٍ، مَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى صِنَاعَةٍ مِنَ الصِّنَاعَاتِ كَالْفِلاَحَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْبِنَاءِ فَلِوَلِيِّ الأْمْرِ أَنْ يُلْزِمَهُمْ بِالْعَمَلِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِمْ مُرَاعَاةً لِمَصَالِحِ النَّاسِ حَيْثُ صَارَتْ هَذِهِ الأْعْمَالُ مُسْتَحَقَّةً عَلَيْهِمْ وَلاَ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ مُطَالَبَةِ النَّاسِ بِزِيَادَةٍ عَنْ عِوَضِ الْمِثْلِ، وَلاَ يُمَكِّنُ النَّاسَ مِنْ ظُلْمِهِمْ بِأَنْ يُعْطُوهُمْ دُونَ حَقِّهِمْ. كَمَا إِذَا احْتَاجَ الْجُنْدُ الْمُرْصِدُونَ لِلْجِهَادِ إِلَى فِلاَحَةِ أَرْضِهِمْ، وَأَلْزَمَ مَنْ صِنَاعَتُهُ الْفِلاَحَةَ أَنْ يَقُومَ بِهَا: أُلْزِمَ الْجُنْدُ بِأَلاَّ يَظْلِمُوا الْفَلاَّحَ، كَمَا يُلْزِمُ الْفَلاَّحَ بِأَنْ يُفَلِّحَ.
9 - وَمِنَ الْمَسَائِلِ كَذَلِكَ: أَنَّ أَوْجُهَ اخْتِصَاصِ وَالِي الْمَظَالِمِ أَنْ يَنْظُرَ فِي تَظَلُّمِ الْمُسْتَرْزِقَةِ مِنْ نَقْصِ أَرْزَاقِهِمْ أَوْ تَأَخُّرِهَا عَنْهُمْ، أَوْ إِجْحَافِ النَّظَرِ بِهِمْ فَيَرُدُّ إِلَيْهِمْ أَرْزَاقَهُمْ وَيَضْبِطُ هَذَا فِي دِيوَانِهِ .
وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ عَلَى وُجُوبِ وَفَاءِ الدَّوْلَةِ بِأُجُورِ عُمَّالِهَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ» .
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّعْدِيِّ قَالَ: «اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ فَقُلْتُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ وَأَجْرِي عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: خُذْ مَا أُعْطِيتَ فَإِنِّي عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَعَمِلَنِي» .
وَعَمِلَنِي: أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَةَ عَمَلِي. وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ صلي الله عليه وسلم : «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَإِلاَّ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» .
___________________________________________________________
مجلة الأحكام العدلية
مادة (473)
إعتبار شرط تعجيل أو تأجيل الأجرة
يعتبر ويراعى كل ما اشترطه العاقدان في تعجيل الأجرة، وتأجيلها.
مادة (474)
شرط تأجيل البدل
إذا شرط تأجيل البدل، يلزم على الآجر أولاً تسليم المأجور وعلى الأجير إيفاء العمل، والأجرة، لا تلزم إلا بعد إنقضاء المدة التي شرطت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له ( محمد قدرى باشا ) ( الطبعة الثانية ) بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
(مادة 477)
يجوز للأجير أن يمتنع من العمل إلى أن يستوفى أجرته المشروط تعجيلها وله فسخ الإجارة إن لم يوفه المؤجر الأجرة.
( مادة 498 )
يستحق الخادم الاجرة بتسليم نفسه للخدمة وتمكنه منها سواء خدم أو لم يخدم وكذلك الأستاذ إذا استؤجر لتعليم علم أو فن أو صنعة وعينت المدة يستحق الاجرة بتسليمه نفسه وتمكنه من التعليم سواء علم التلميذ أو لم يعلم فان كانت المدة غير معينة فلا يستحق الاجرة الا اذا علم التلميذ.
( مادة 499 )
إذا كانت مدة الخدمة معينة في العقد وفسخ المخدوم الإجارة قبل انقضاء المدة بلا عذر ولا عيب في الخادم يوجب فسخه أوجب على المخدوم أن یؤديه الأجرة إلى تمام المدة إذا سلم نفسه للخدمة فيها .