( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
استبقى المشروع الحكم الخاص بقواعد إثبات الوفاء بالأجر (المادة 45 من المشروع) كما قررت المادة 46 منه أن تبرأ ذمة صاحب العمل بتسليمه للحدث أجره أو مكافأته أو غير ذلك مما يستحقه وفقاً للقانون ، وهذا النص يقابل نص المادة 150 من القانون 137 لسنة 1981 والتي وردت في الفصل الثاني من الباب الثالث الخاص بتشغيل الأحداث وقد تم نقله إلى باب الأجور حيث رأى أن ذلك أنسب من الناحية الفنية .
1- النص في المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 -المنطبقة على واقعة الدعوى- يدل على أن المشرع ألقى على عاتق صاحب العمل عبء إثبات الوفاء بأجر العامل فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور أو في الإيصال الخاص بما يفيد استلام الأجر. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المطعون ضدها لم تقدم ما يفيد صرفها لأجر الطاعن عن الفترة من 1/3/2020 حتى 28/3/2020 بالرغم من أدائه لعمله خلال تلك الفترة؛ ومن ثم يكون له الحق في اقتضاء أجره المطالب به وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض هذا الطلب؛ فإنه يكون معيباً .
( الطعن رقم 16664 لسنة 93 ق -جلسة 21 / 4 / 2024 )
2- إذ كان النص في المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المنطبقة علي واقعة الدعوى علي أنه " لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور، علي أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر " يدل علي أن المشرع ألقي علي عاتق صاحب العمل عبء إثبات الوفاء بأجر العامل فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا وقع العامل في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور أو في إيصال خاص بما يفيد استلام الأجر.
( الطعن رقم 7492 لسنة 87 ق - جلسة 19/ 3/ 2019 )
3- إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الحولى على قوله " أن الثابت بالأوراق أن المستأنف ضدها - المطعون ضدها - قد طلبت في صحيفة تجديد الدعوى من الشطب المقدمة لمحكمة مركز الإسماعيلية الجزئية والمؤشر عليها من الجدول في 1 / 1 / 2001 الحكم بوقف تنفيذ قرار فصلها الحاصل في 17 /7 / 2000 وفى الدعوى الموضوعية بإلزام الشركة بدفع مبلغ 30000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً مع إحالة هذا الشق للمحكمة المختصة ومن ثم يكون ميعاد التقادم الحولى قد انقطع من تاريخ 1 / 1 / 2001 وتبدأ مدة جديدة وإذ كانت المستأنف ضدها قد أقامت الدعوى المُستأنف حُكمها في 11 / 8 / 2001 أى قبل انقضاء سنة من سريان المدة الجديدة مما يكون الدفع المُشار إليه غير قائم على أساس بما يوجب رفضه ". وإذا كان ما أورده الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضاء الحكم فإن النعى عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
( الطعن رقم 1080 لسنة 74 ق - جلسة 5/ 6/ 2005 )
4- لما كان سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء عقد العمل عملاً بأحكام المادة 698 من القانون المدنى إنما راعى الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء ، وهو يسرى على دعاوى المطالبة بإعانة التهجير وضمها إلى أساس المرتب بإعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل .
( الطعن رقم 1309 لسنة 72 ق - جلسة 15/ 2/ 2004 )
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة ٤٥ من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 – المنطبقة على واقعة الدعوى – على أنه " لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر " يدل على أن المشرع ألقى على عاتق صاحب العمل عبء إثبات الوفاء بأجر العامل فلا تبرأ ذمته منه إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجر أو في الايصال الخاص بما يفيد استلام الأجر.إذا كان قوام التهمة موضوع الطعن ليس إمساك سجل مخالف للنموذج المقرر ، وإنما قوامها عدم إمساك المتهم سجلاً لقيد أجور العاملين لديه وهو ما أوجب قرار وزير العمل رقم 181 لسنة 1964 إمساكه مبيناً مضمونه في حدود التفويض التشريعي ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المتهم من التهمة موضوع الاتهام المسند إليه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مما يوجب نقضه .
( طعن رقم 2004 لسنة 37 ق - جلسة 29/ 1/ 1968 )
عند إعداد مشروع القانون المدني، تضمنت نصوصه المنظمة لعقد العمل، الأصول العامة والأحكام التفصيلية لهذا العقد، إذ لم يكن قد بدء في إعداد مشروع قانون عقد العمل الفردي في ذلك الوقت، وإذ أعد المشروع الأخير قبل إصدار القانون المدني، فقد رأى المشرع إضافة المادة 693 إلى مشروع القانون المدني وأحال بموجبها إلى القوانين الخاصة بالعمل فيما تضمنته من الأحكام التفصيلية والتطبيقية المتعلقة بإلتزامات رب العمل، فأصبحت نصوص عقد العمل الواردة في القانون المدني قاصرة على القواعد العامة المتعلقة بهذا العقد .
أما سائر الإلتزامات التي تضمنتها قوانين العمل والتي فرضت على رب العمل، فإنها تكون واجبة التطبيق بالاضافة إلى الإلتزامات التي تضمنها القانون المدني، وبالتالي يلتزم رب العمل بقواعد الإجازات والمساواة بين عماله والتأمين عليهم بإعتبار أن قانون التأمين الإجتماعي من القوانين الخاصة التي أحالت إليها المادة 693 سالفة البيان، وغير ذلك من الإلتزامات التي فرضتها تلك القوانين على رب العمل . ( المطول في شرح القانون المدني ، المستشار/ أنور طلبة ، المكتب الجامعي الحديث ، الجزء/ التاسع ، الصفحة /583 )
إلى جانب إلتزام رب العمل بالإلتزامات المبينة في التقنين المدني، يجب عليه أيضاً أن يقوم بالإلتزامات التي تفرضها القوانين الخاصة، طالما أن هذه القوانين الخاصة تسري على علاقة العمل الذي هو أحد أطرافها .
ومثال ذلك الأحكام التي ينص عليها القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل .
ومثال ذلك :
1- أنه لا يجوز لصاحب العمل إلزام العامل بشراء أغذية أو سلع أو خدمات من محال معينة أو مما ينتجه صاحب العمل من سلع أو يقدمه من خدمات (م42) .
2- أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل أكثر من (10%) وفاء لما يكون قد أقرضه من مال أثناء سريان العقد أو أن يتقاضى أية فائدة عن هذه القروض، ويسري ذلك الحكم على الأجور المدفوعة مقدماً .
3- أنه لا تبرأ ذمة صاحب العمل من الأجر إلا إذا وقع العامل بما يفيد إستلام الأجر في السجل المعد لذلك أو في كشوف الأجور، على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر".(موسوعة الفقه والقضاء والتشريع ، المستشار/ محمد عزمي البكري ، الجزء / الثامن ، الصفحة / 673 )
هذا النص يقابل المادة 35 من القانون 137 لسنة 1981 الملغي . وقد خرج المشرع في هذا النص على القواعد العامة للإثبات في القانون المدني والتي منها يجوز إثبات الوفاء بالأجرة بكافة طرق الإثبات إذا كانت قيمتها لا تجاوز 20 جنيهاً أما إذا زادت على ذلك فيجب إثباتها بالكتابة ، وعبء الإثبات على صاحب العمل لأنه المدين بالأجر .
أما في قانون العمل وإعمالاً لهذا النص فإن صاحب العمل لا يستطيع الإثبات بإبراء ذمته بالوفاء بالأجر إلا بالكتابة أياً كانت قيمة الأجر ، وقد حدد القانون هذه الكتابة إما في سجل الأجور أو كشوف الأجور أو إيصال معد لهذا الغرض على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر .
وكان يجب على المشرع في إطار هذا النص أن يقنن ما جرى عليه العمل في كثير من الشركات على تحويل مرتبات العاملين منها إلى البنوك بعد موافقة العامل كتابة ، ويا حبذا لو كان النص قد تضمن بجواز دفع الأجور عن طريق البنوك المعتمدة في جمهورية مصر العربية، ويكون سند التحويل لدى الشركة هو ما يثبت سداد الأجر .
جزاء المخالفة :
وفقاً لحكم المادة (247) غرامة من مائة جنيه إلى 500 جنيه ، وتتعدد بعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة ، وكانت في القانون الملغي من خمسة جنيهات إلى عشرة جنيهات. (الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 185 )
النصوص المقابلة :
تقابل المادة (35) من قانون العمل السابق رقم 137/ 81 .
كما تقابل نص المادة الأولى من قرار وزير الشئون الاجتماعية والعمل رقم 141 لسنة 1959.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للنص الجديد أن المشرع استبقى على ما كان منصوصاً عليه في التشريع الملغى بهذا الشأن نظراً لشموله وكفايته .
ويلاحظ أن هذه المادة جاءت تطبيقاً لأحكام المادة (5) من الاتفاقية الدولية رقم (95) والتي تقضي بأن ترفع الأجور للعامل المعني مباشرة وبأن تتخذ عند الضرورة تدابير فعالة لضمان معرفة العمال بطريقة ملائمة وميسورة الفهم بتفصيلات أجورهم .
إثبات تقاضي الأجر :
أحسن المشرع بالنص في صلب القانون على إثبات تقاضي الأجر وكيفية ذلك فقنن ما كان منصوصاً عليه في القرار الوزاري المنفذ للمادة (49) من القانون الأسبق الملغي رقم 91 لسنة 1959 والذي كان قد نقله أيضاً قانون العمل الملغي رقم 137/ 1981 .
وطبيعي أن مفردات الأجر التي أشارت إليها المادة (45) هي نفسها ذات البيانات التي كانت تأخذ بها التشريعات الملغاة والتي أبقى عليها المشرع لكفايتها وشمولها ، لكن يلاحظ أن النص الجديد أسقط عمداً إمكان إثبات تقاضي الأجر بموجب إيصال يوقعه العامل وهو ما أشارت إليه المادة (35) من القانون الملغي ولا ندري لذلك سبباً أو مبرراً حيث أن الإبقاء على هذه الوسيلة في الإثبات أمر مطلوب إذ وجد الكثير من المنشآت صغيرة الحجم وضعيفة النشاط وقد تستخدم عاملاً أو عاملين بما لا تسمح معه ظروف صاحب العمل أن يمسك سجلاً أو كشفاً للأجور وهنا فإن الوسيلة المتبعة عرفاً هي توقيع العامل على إيصال باستلام أجره .
لكن ما دامت أن طرق إثبات تقاضي الأجر لم ترد في النص على سبيل التمثيل وإنما وردت على سبيل الحصر فلا مناص من التسليم بأنه طبقاً لهذا الحكم الجديد فإنه لا يجوز لصاحب العمل أن يثبت أن العامل تقاضى أجره بوسيلة أخرى من وسائل الإثبات غير الكتابة المتمثلة في كشوف الأجور أو سجل الأجور ويكون إبراء ذمة صاحب العمل من أدائه الأجر حتى ولو لم يبين في الإيصال أو الكشوف أو السجل مفردات الأجر ولكن صاحب العمل يتعرض في هذه الحالة للعقوبة الجنائية المنصوص عليها في القانون الحالي .
العقوبة الجنائية :
يعاقب على مخالفة المادة (45) والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً لها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 247) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 537 )
إثبات الوفاء بالأجر :
- طبقاً للقواعد العامة تبرأ ذمة المدين إذا كانت لديه مخالصة من الدائن بتسلم الدين ، أما في علاقات العمل الفردية فلا يكفي تقديم مخالصة بقبض العامل للأجر. فقد حرص المشرع على توفير الوسيلة التي تمكن العامل من التأكد من أن ما يقبضه يمثل كامل أجره ، كما عمل على تيسير مهمة التفتيش على أصحاب الأعمال للتأكد من قيامهم بأداء التزامهم بالأجر. ولتحقيق ذلك كله نصت المادة 45 من قانون العمل على أنه "لا تبرأ ذمة صاحب العمل، من أجر العامل إلا إذا وقع بما يفيد استلام أجره في السجل المعد لقيد الأجور وکشوف الأجور على أن تشمل بيانات هذه المستندات مفردات الأجر".
ويستفاد من النص أن ذمة صاحب العمل لا تبرأ من دين الأجر إلا بتقديم دليل من الأدلة المنصوص عليها وهي جميعاً أدلة كتابية ، فالإثبات يكون بالكتابة .
وإذا كان الإيصال أو الدليل المقدم لا يتضمن بيانات بمفردات الأجر فإن ذمة صاحب العمل لا تبرأ من دين الأجر بأكمله ، إلا إذا أثبت أن ما قبضه للعامل يمثل كافة مستحقاته. فالإيصال يبرئ ذمة صاحب العمل من المبلغ الوارد به ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن هذا المبلغ يمثل الأجر بأكمله. وعبء إثبات أن المبلغ المقبوض يمثل كامل الأجر يقع على عاتق صاحب العمل لأن الدليل المقدم لا يتفق مع ما استلزمه القانون ومن ثم لا يبرئ الذمة من دين الأجر .
- والقاعدة أن عبء إثبات الوفاء بالأجر يقع على عاتق صاحب العمل ، وذلك متى أدعي العامل عدم قبضه للأجر ، وإذا كان لدى صاحب العمل إيصالاً معداً طبقاً للمادة 45 من قانون العمل فإن ذمته تبرأ من دين الأجرة ما لم يثبت العامل أنه قد وقع الإيصال دون قبض الأجر .
ويجب عدم الخلط بين الأجر ، وإثبات الوفاء بالأجر ، فإثبات الأجر يدخل في إثبات عناصر عقد العمل ، والأصل أن العامل يقع عليه عبء إثبات الإلتزام أي العقد بعناصره ، ويقع على عاتق صاحب العمل عبء إثبات التخلص من الالتزام أي الوفاء بالأجر .
- وإذا كان الأجر في صورة وهبة فإن إثبات الوفاء بالأجر يرتبط بإثبات قيمة الوهبة التي تم تحصيلها ، وطبقاً للمادة 6 من القرار الوزاري رقم 125 لسنة 2003 يجب على كل أن منشأة من المنشآت الفندقية السياحية أن تعد سجلاً تقيد فيه حصيلة النسبة المئوية لمقابل الخدمة، ويشتمل السجل على بيان بالحصيلة الكلية للنسبة المئوية والنسبة المخصصة للمنشأة، وللحوافز، وللعاملين المتصلين اتصالاً مباشراً بالعملاء وغير المتصلين بالعملاء، وما تم توزيعه من هذه الحصيلة ، فهذا السجل يثبت الأجر المستحق للعامل ، أما إثبات الوفاء بهذا الأجر فإنه يخضع للمادة 45 من قانون العمل .
ويثور التساؤل عما إذا كان يجوز الاتفاق على إثبات الوفاء بالأجر بغير الكتابة ، أم أن تلك القاعدة تتعلق بالنظام العام .
يذهب اتجاه إلى أن اشتراط الإثبات بالكتابة إنما هو لمصلحة العامل فله أن يتنازل باعتبار أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام .
وذهب البعض الآخر إلى أن تلك القاعدة تتعلق بالنظام العام لأن مخالفتها تستوجب توقيع جزاء جنائي. وترتب جزاء جنائي على مخالفة القاعدة يعني تعلق القاعدة بالنظام العام ومن ثم بطلان كل اتفاق مخالف .
ونرى أن الاتفاق الباطل هو ذلك الذي يتم في العقد أو قبل الاستحقاق، أما النزول عن التمسك بقاعدة الإثبات بالكتابة أمام القضاء فهو صحيح إعمالاً للقواعد العامة في الإثبات ولعدم خضوع العامل لأدنى ضغط في تلك المرحلة .
ويجري العمل حالياً على أن الوفاء بالأجر يتم بإيداع المبلغ في حساب - مصرفي للعامل، وإعطاء العامل إلى صاحب العمل اسم البنك ورقم الحساب يعتبر قبولاً من العامل بأن يتم الوفاء عن طريق الإيداع في حساب العامل بالبنك .
والإيصال الذي يحصل عليه صاحب العمل من البنك عند الإيداع يصدر من البنك بصفته وكيلاً عن العامل، وكذلك الحال عند التحويل المصرفي حيث يكون دليل التحويل هو إيصال الإيداع الصادر من وكيل العامل، وإخطار البنك للعامل بالإيداع يقوم مقام الدليل على بيان مفردات الأجر وما تم إيداعه .
والاتجاه إلى تعميم الوفاء عن طريق وسائل الدفع الالكتروني. ولقد أصبح ذلك إلزامياً في المعاملات الحكومية ، ولكن يجب أن يقوم البنك بإخطار العامل بما تم إيداعه ولو بالوسائل الالكترونية المتاحة مثل رسالة تليفونية أو رسالة الكترونية وذلك حتى يتحقق العامل من قيمة المبلغ المودع وأنه يمثل كامل مستحقاته .
ويفضل أن يتضمن عقد العمل أو لائحة نظام العمل نصاً بشأن وسائل الوفاء المصرفي أو الالكتروني بحيث تتوافر كافة الضمانات التي قصدها المشرع من تنظيم إثبات الوفاء بالأجر، ويمكن أن يخطر صاحب العمل العامل بالأجر وعناصره والتي تم تحويلها إلى حسابه المصرفي. فالتحويل المصرفي لا يحول دون التزام صاحب العمل بإخطار العامل بعناصر أجره. فالأجر قد لا يكون ثابتاً ويتضمن ساعات عمل إضافية أو ملحقات غير دائمة، ولهذا من الأهمية بمكان أخطار العامل بتفاصيل المبلغ الذي أودع .
- وصدر القانون رقم 18 لسنة 2019 بشأن استخدام وسائل الدفع غير النقدي. وحددت المادة الأولى المقصود بوسيلة الدفع غير النقدي بأنها كل وسيلة دفع ينتج عنها إضافة في أحد الحسابات المصرفية للمستفيد مثل أوامر الإيداع والتحويل والخصم وبطاقات الائتمان والخصم والدفع بأستخدام الهاتف المحمول أو غيرها من الوسائل التي يقرها محافظ البنك المركزي .
وطبقاً للمادة الثانية تلتزم الأشخاص الاعتبارية الخاصة والمنشآت بمختلف أنواعها بسداد مستحقات العاملين بها بوسائل الدفع غير النقدي وذلك متى جاوز عدد العاملين بها أو إجمالي قيمة أجورهم الشهرية الحدود التي تبينها اللائحة التنفيذية للقانون. ومخالفة ذلك تستتبع توقيع جزاء جنائي .
ونرى أن كل صاحب عمل خاضع لأحكام هذا القانون يجب عليه الوفاء بالأجور إلى عماله عن طريق وسائل الدفع غير النقدي وتبرأ ذمته بإثبات الوفاء بواسطة ذلك .
وبالرغم من أن هذا القانون قد جاء بحكم عام إلا أنه يتعلق بالمصلحة الاقتصادية العليا بحيث تسري أحكامه على العمال الخاضعين لقانون العمل. ولقد نصت المادة الأولى من قانون الإصدار على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه. وعلى صاحب العمل أن يخطر العامل بمفردات المبالغ التي تم الوفاء بها حتى يتحقق العامل من الحصول على كافة مستحقاته .
تقادم الحق في الأجر :
- لم يتضمن قانون العمل قواعد خاصة تتعلق بتقادم الحق في الأجر ولكن جاءت هذه القواعد في القانون المدني .
تقرر المادة 375 /1 أنه يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو أقر به المدين، كأجرة المباني والأراضي الزراعية ومقابل الحكر كالفوائد والإيرادات المرتبة والمهايا والأجور والمعاشات .
أما المادة 378/ب فتقرر أنه تتقادم بسنة واحدة حقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات .
ويبدو لأول وهلة وجود تعارض بين النصين فالأول يحدد مدة التقادم للأجور بخمس سنوات، أما الثاني فيحددها بسنة واحدة، ولرفع هذا التعرض ذهب الشراح إلى مذهبين ندرسها فيما يلي:
الاتجاه الأول : التفرقة بين النصين على أساس اختلاف المخاطب بكل منهما :
- يذهب أنصار هذا الاتجاه إلى أن المادة 375/ تتعلق بتقادم أجور الموظفين والمستخدمين أي من يقوم بعمل تغلب عليه الصفة الذهنية. أما المادة 378/ب فهي تتعلق بتقادم حقوق العمال أى من يغلب على عمله الصفة اليدوية. فأساس التفرقة يكمن في التفرقة بين الموظف والمستخدم من جهة والعمال من جهة أخرى .
ولقد وجهت انتقادات إلى هذا الرأي تتلخص في عدة أوجه، فلا يجوز أن تستمد الحجج من ألفاظ غير دقيقة في مدلولها، فليس الموظف وحده الذي يتقاضى المهايا أو الأجور بل أن ما يتقاضاه العامل يسمى أجراً أيضاً وبالتالي يمكن أن يدخل العامل في إطار المادة 375/أ. واللغة الدارجة في مصر تستخدم عبارة الأجير كل من يقوم بعمل مأجور ولا تقتصر على العامل. ويضاف إلى ذلك أن هذا الرأي يستند إلى تفرقة منتقدة مهجورة وهي التفرقة بين الموظف أو المستخدم والعامل . فعبارة المهايا والأجور وردت بصيغة عامة بحيث تشمل أجور جميع العاملين سواء كانوا من العمال أو الموظفين والمستخدمين، ولا محل لقصره على أجور الأخيرين تخصيصاً لعموم النص بلا مخصص .
الاتجاه الثاني : التفرقة بين النصين على أساس الخلاف في الشروط والتأصيل :
يذهب هذا الاتجاه إلى أن إمعان النظر في كل نص يؤدي إلى أن أساس التقادم في كل نص يختلف عن الآخر، ومن ثم فإن شروط التقادم تختلف ويخضع العمال والموظفين للنصين معاً .
فأساس التقادم في المادة 375/أ ليس قرينة الوفاء لأن النص صريح في أن الحق يتقادم ولو اقر به المدين، فيقوم التقادم الخمسي على أساس الرغبة في تجنيب المدين عبء تراكم الديون عليه، ولهذا فله أن يتمسك بالتقادم مع إقراره بعدم الوفاء .
أما التقادم الحولي فهو يقوم على أساس قرينة الوفاء. فالأصل أن العامل يعيش من أجره ولهذا يقبضه أولاً بأول، فإذا مضت مدة السنة فإنه يفترض قبضه الأجره وبناء عليه إذا أثبت العامل أنه لم يقبض أجره فإن التقادم لا يسرى، ويمكن إثبات ذلك بإقرار صاحب العمل مثلاً، كما أنه يجب على من يتمسك بالتقادم الحولي أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً فإذا نكل، سقطت قرينة الوفاء وظلت ذمته مشغولة بدين الأجر .
ولقد أخذت محكمة النقض بالاتجاه الأخير حيث أوضحت أن التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني يقوم على قرينة الوفاء وهی مظنة رأي الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه هي يمين الاستيثاق وأوجب على من يتمسك بأن الحق تقادم بمرور سنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، بينما لا يقوم التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 على تلك القرينة، وإنما يرجع في اساسه إلى تجنيب المدين عبء الوفاء بما تراكم من تلك الديون لو تركت بغير مطالبة مدة تزيد على خمس سنوات .
ويستخلص من هذا أنه إذا أراد رب العمل التمسك بالتقادم الحولي فلابد من توافر شروط ذلك من حلف يمين الاستيثاق وأن تكون قرينة الوفاء مازالت قائمة. أما إذا تمسك بالتقادم الخمسى فلا يطلب إلا إثبات مدة التقادم، فالتقادم لا يقوم على قرينة الوفاء .
والدفع بالتقادم دفع موضوعی يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولأول مرة أمام محكمة الاستئناف .
والضابط في الخضوع للتقادم الخمسي أن يكون الالتزام مما يتكرر ويستحق الأداء في مواعيد دورية، وأن يكون الحق بطبيعته مستمراً لا ينقطع، مما ينوء الملتزم بحمله لو ترك بغير مطالبة تزيد على خمس سنوات. وبدل التمثيل يتصف بالدورية والتجدد ومن ثم تتقادم المطالبة به بخمس سنوات، وكذلك مكافأة الإنتاج باعتبارها تتصف بالدورية والتجدد، والعلاوات الدورية .
ويجب التمييز بين تقادم الحق في الأجر والذي سبق لنا عرض أحكامه وتقادم دعوى المطالبة بالأجر، فطبقاً للمادة 698 /1 من القانون المدني تتقادم بسنة تبدأ من وقت انتهاء عقد العمل الدعاوى الناشئة عن عقد العمل.
فيجب المطالبة بالأجر أو بفروق الأجر خلال سنة تبدأ من وقت انتهاء عقد العمل، فقد قضى بأن حق العامل في الأجر مصدره عقد العمل ومن ثم فإن دعوى المطالبة بالأجر أو بأية فروق تكون داخلة في عداد الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. ولا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. ولا يقوم على مظنة الوفاء ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من العامل وصاحب العمل، ومن ثم فهو لا يتسع التوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها . ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 268 )