( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )
الإجازات
تمشياً مع مستويات العمل الدولية التي ربطت بين مدة الإجازة الاعتيادية مدفوعة الأجر التي يستحقها العامل وبين مدة خدمته وتقنيناً لما استقر عليه القضاء يتجه المشروع في حساب مدة الخدمة إلى عدم اقتصارها على المدة التي أمضاها العامل لدى صاحب العمل وإنما تضاف إليها المدة التي قضاها في الخدمة لدى أكثر من صاحب عمل، وبحيث تكون مدة الإجازة ثلاثين يوماً متى أمضى العامل في الخدمة عشرة سنوات لدى صاحب عمل أو أكثر، وتحتسب مدة الإجازة من أيام العمل الفعلية، فلا يدخل في حسابها عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية والراحة الأسبوعية (المادة 47 ) ويتمشى هذا الحكم المستحدث مع أحكام قوانين العمل المقارنة، واتفاقيات العمل العربية ومستويات العمل الدولية .
وتعطي الفقرة الثانية من المادة ذاتها العامل الذي لم يستكمل مدة العمل الموجبة للإجازة السنوية كاملة الحق في الحصول على مدة إجازة تتناسب مع المدة التي قضاها في الخدمة بشرط أن يكون قد أمضى في العمل ستة أشهر على الأقل .
كذلك تضيف الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فئة من يعملون بالأعمال المضرة بالصحة إلى بعض فئات العمال التي يصدر من الوزير المختص قرار بزيادة مدة الإجازة السنوية لها، وذلك بعد أخذ رأي وزير الصحة بالنسبة لتحديد المهن الخطرة والشاقة والضارة بالصحة، وهي إضافة جديدة لم ترد في القوانين السابقة .
وترخص المادة (48) لصاحب العمل تنظيم الإجازات السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه وبحيث لا يجوز قطعها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل مع التزام العامل بالقيام بإجازاته في التاريخ والمدة التي يحددها صاحب العمل وسقوط حقه في اقتضاء مقابل رصيد الإجازات إذا رفض كتابة القيام بالإجازة في التاريخ والمدة المشار إليها .
ويوجب المشروع في الفقرة الثالثة من تلك المادة أن يحصل العامل على إجازة سنوية مدتها خمسة عشر يوماً منها ستة أيام متصلة على الأقل مع التزام صاحب العمل بتسوية رصيد إجازات العامل أو أجره المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر، فإذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاذ العامل رصيد إجازاته السنوية استحق العامل الأجر المقابل لهذا الرصيد .
ويأخذ المشروع في المادة (49) بذات الحكم الوارد في القانون القائم والمتعلق بالإجازة التي يحصل عليها العامل لأداء الإمتحان، وذلك إذا كان ملتحقاً بالدراسة بإحدى مراحل التعليم بشرط أن يخطر صاحب العمل قبل قيامه بالإجازة بخمسة عشر يوماً على الأقل مع إجازة حق صاحب العمل في حرمان العامل من أجره عن هذه الإجازة أو استرداد ما قد يكون قد أداه له عنها إذا ثبت اشتغاله خلالها لدی صاحب عمل آخر دون أن يخل ذلك بحق صاحب العمل في الجزاء التأديبي (مادة 50) ودون أن يتقيد تحديد الإجازة بما يملكه صاحب العمل من حق التوفيق بين موعد الإجازة السنوية ومقتضيات العمل .
وتيسيراً على العامل إذا ما واجهته ظروف عارضة تضطره إلى الغياب دون أن يتمكن من إخطار صاحب العمل وتوفيق بين أحكام قانون العاملين بالقطاع العام وقانون العمل القائم يزيد المشروع مدة الإجازة العارضة إلى ستة أيام خلال السنة وبحد أقصى يومان في المرة الواحدة (المادة 51) .
ويأخذ المشروع فيما يتعلق بإجازة الأعياد والمناسبات بالأحكام المقررة في نص المادة (48) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم مع تعديل في الصياغة قصد الخلاف حول قيمة مقابل الإجازة التي يحصل عليها العامل في حالة استخدام صاحب العمل الرخصة التي خولته إياها الفقرة الثانية من المادة (52) بتشغيل العامل في هذه الأيام متى اقتضت ظروف العمل ذلك، بحيث يستحق العامل بالإضافة إلى أجره (الذي يستحقه في كل الأحوال حتى ولو لم يعمل مستفيداً من الإجازة المقررة) مقابلاً لتشغيله في هذا اليوم يعادل مثلي الأجر المقرر .
ويبقى المشروع المبدأ المقرر في المادة (49) من القانون القائم بالنسبة لإجازة أداء فريضة الحج أو زيارة بيت المقدس مع تعديل واضح، حيث يعجل هذه الإجازة حقاً للعامل الذي أمضى في خدمة صاحب العمل خمس سنوات متصلة على أن تكون بأجر کامل ولمرة واحدة طوال مدة خدمته لدى صاحب العمل وتحدد هذه الإجازة وفقاً الظروف العمل .
وانطلاقاً من فكرة توحيد القواعد التي تحكم حقوق العمال في كافة القطاعات ، يأخذ المشروع بتوحيد حكم الأجازة المرضية بالنسبة لكل العمال الخاضعين لأحكامه مع الإحالة في تنظيم مدد هذه الإجازة والنسب المستحقة من الأجر في حالة مرض العامل إلى قوانين التأمين الاجتماعي .
ويستحدث المشروع في الحكم الوارد في المادة (55) الذي يتعلق بالأجازات الدراسية مدفوعة الأجر التي تمنح للعمال، حيث تقرر أن يترك لاتفاقيات العمل الجماعية ولوائح تنظيم العمل بالمنشأة تحديد الشروط والأوضاع الخاصة بهذه الأجازات .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
وفيما يتعلق بتنظيم الإجازة السنوية أخذ المشروع في مجمل الأحكام المتعلقة بها بما كان يجري عليه العمل في ظل القانون 137 لسنة 1981 مع بعض إضافات مستحدثة .
فقد أدخل على الفقرة الأولى من المادة 48 من المشروع تعديلاً طفيفاً في الصياغة حيث أسقطت عبارة (ولا يجوز تقصيرها أو تأجيلها) الواردة بالمادة 45 من القانون 137 لسنة 1981 لأن التقصير أو التأجيل يدخلان فيما قرره المشروع من سلطة صاحب العمل في تحديده المواعيد الإجازة السنوية إذ يجوز له بموجب هذه السلطة أن يقصر من أجل الأجازة السنوية في الحدود المقررة قانوناً أو أن يؤجلها إلى أجل لاحق دون حاجة للنص على ذلك صراحة .
وكذلك استحدثت بموجب الفقرة الثانية من نفس المادة حكماً جديداً يتعلق بالحد الأدني لمدة الأجازة السنوية التي يجب أن يحصل عليها العامل فقررت أن يكون الحد الأدني لهذه المدة خمسة عشر يوماً منها ستة أيام متصلة .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
وقد استبقى المشروع أحكام المادتين 46، 47 من القانون 137 لسنة 1981 يقابلهما نص المادتين 48، 50 من المشروع دون تعديل على أحكامهما وتتعلق الأولى بحق العامل في الحصول على أجره عن أيام الإجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل استعماله لها ، أما الثانية فتعطي لصاحب العمل الحق في حرمان العامل من أجره عن مدة الإجازة أو استرداد ما أداه من أجر عنها إذا ثبت اشتغال العامل خلالها الحساب صاحب عمل آخر .
ورئي إضافة عبارة مستحدثة مؤداها أن حرمان العامل من أجره في هذه الحالة لا يخل بالجزاء التأديبي ، وهو نفس الحكم الذي يسري في حالة اشتغال المرأة العاملة أثناء إجازة الوضع لدى صاحب عمل آخر (مادة 92 من المشروع) .
1- إذ كان الثابت مما سجله الحكم المطعون فيه بمدوناته أن الثابت من كتاب الشئون الإدارية لدى الشركة الطاعنة أن للمطعون ضده رصيد إجازات غير مستنفد من سنة 2014 مقداره ( 12,5 يوماً ) وكانت الطاعنة لا تبرأ ذمتها من المقابل المستحق عن هذا الرصيد إلا إذا قدمت دليل كتابي يُثبت رفض المطعون ضده القيام بهذه الإجازات إعمالاً للمادة 48 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ، ولما كانت الطاعنة لم تقدم هذا الدليل فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها أن تؤدي إليه مبلغ 2287 جنيه المقابل النقدي المستحق عن هذا الرصيد من الإجازات ، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى هذا النعي على غير أساس.
( الطعن رقم 12687 لسنة 88 ق - جلسة 23 / 10 / 2019 )
2- مؤدى النص في المادتين 47 ، 48 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أن المشرع قد اعتد في تحديده لمدة الإجازة السنوية المستحقة للعامل بسنه وبكامل مدة خدمته سواء كانت في خدمة صاحب عمل واحد أو أكثر بحيث تكون مدة الإجازة السنوية شهراً لمن بلغ عمره خمسين سنة ، ولمن بلغت مدة خدمته عشر سنوات ، 21 يوماً لمن كانت مدة خدمته سنة كاملة .
( الطعن رقم 11375 لسنة 88 - جلسة 2019/6/26 )
3- إذ البين من الأوراق وبما لا خلاف عليه بين الخصوم – أن رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لكهرباء مصر باعتباره رئيس الجمعية العامة للشركة الطاعنة قد أصدر بتاريخ 9 / 2 /2003 القرار رقم 28 لسنة2003 – بالموافقة على إصدار لائحة نظام العاملين بها على أن يعمل بها اعتبارًا من 29 / 1 / 2003 تاريخ اعتمادها من مجلس إدارة الشركة القابضة لكهرباء مصر. وكان المطعون ضده وعلى ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه – قد انتهت خدمته لدى الطاعنة بالإحالة للمعاش بتاريخ 30 / 5 / 2010، فإنه والحال كذلك تكون هذه اللائحة هى الواجبة التطبيق على النزاع إذ انتظمت نصوصها حكماً في خصوص الإجازات الاعتيادية بأن نصت الفقرة الأخيرة من المادة 77 منها على أن ( ... ويصرف للعامل عند انتهاء خدمته لأى سبب من الأسباب مقابل نقدى عن رصيد الإجازات الاعتيادية المستحق عن مدة خدمته بحد أقصى أربعة أشهر ... ) بما مؤداه وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه في أجر الإجازات المستحقة له والتى لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته بما لا يجاوز أربعة أشهر، وأن هذه المدة التي حددت اللائحة أقصاها ينبغى أن يكون سريانها مقصورًا على تلك المدة أيًا كان سبب عدم الحصول عليها، أما باقى الإجازة فيما يجاوزها فليس له أن يتراخى في طلبها ثم يطالب بمقابل عنها، وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهرى من التزاماته التى يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وابتنى قضاءه للمطعون ضده بالمقابل النقدى لرصيد إجازاته فيما جاوز أربعة أشهر على سند من نص المادة 48 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، ودون أن يستظهر ما إذا كان حرمانه من إجازاته تلك لسبب يرجع إلى الطاعنة أم لا، فإنه وفضلًا عن خطئه في تطبيق القانون يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب.
( الطعن رقم 12330 لسنة 81 - جلسة 2019/5/9 )
4- إذ كان وزير الكهرباء قد أصدر بتاريخ 14 / 6 / 1999 القرار رقم 296 لسنة 1999 ونص فى مادته الأولى على أن تعتمد لائحة نظام العاملين بشركة كهرباء مصر العليا المرفقة ويعمل بها اعتباراً من 1 / 7 / 1999 ، فإنه بمقتضى هذا القرار تكون أحكام هذه اللائحة هى الواجبة التطبيق على طلب المقابل النقدى لرصيد الإجازات التى لم يقم بها مورث المطعون ضدها طوال مدة خدمته باعتبار أن الحق فيه لم ينشأ إلا بانتهاء عقد العمل بوفاته فى 30 / 9 / 1999 بعد تاريخ العمل بأحكام اللائحة ، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القانون رقم 18 لسنة 1998 المشار إليه تقضى بأن يسرى على العاملين بهذه الشركات أحكام القانون رقم 137 لسنة 1981 بإصدار قانون العمل وذلك فيما لم يرد به نص خاص فى اللائحة التى يضعها مجلس إدارة كل شركة ، وكانت لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنةقد انتظمت نصوصها حكماً فى خصوص الإجازات الاعتيادية بأن نصت فى المادة 77 منها على أحقية العامل فى صرف مقابل نقدى عن رصيد الإجازات الاعتيادية المستحقة عن مدة خدمته بالشركة والتى لم يقم بها ، واشترطت لاستحقاقه أن يكون الحرمان من الإجازة راجعاً إلى عدم التصريح له من الرئيس المباشر واعتماد العضو المنتدب المختص بالقيام بها كتابة ، فإنه لا يكون ثمة مجال فى هذا الشأن للرجوع إلى أحكام قانون العمل .
( الطعن رقم 224 لسنة 72 - جلسة 2003/01/19 - س 54 ع 1 ص 201 ق 35 )
5- الإجازة السنوية وإن كانت حقاً أوجبه المشرع سنوياً للعامل لإستعادة نشاطه وقواه المادية والمعنوية تنمية للإنتاج مما يجعل هذا الحق بسبب ذلك متعلقاً بالنظام العام لايجوز التنازل عنه - إلا أن مناط ذلك ألا تكون السنة التى تستحق فيها الأجازة قد مضت قبل حصول العامل على تلك الأجازة فلا يجوز عندئذ التنازل عنها قبل موعد حلولها أما إذا حل ميعاد الأجازة وانقضت السنة التى تستحق فيها دون أن يحصل العامل عليها فقد انقطعت الصلة بين الأجازة المذكورة وإعتبارات النظام العام التى تبررها وانقضت تبعاً لذلك علة هذا الحظر بالنسبة لأجازة السنة المذكورة وأصبحت تلك الأجازة بعد ذلك كسائر حقوق العامل العادية يرد عليه التنازل .
( الطعن رقم 11 لسنة 25 - جلسة 1959/04/23 - س 10 ع 2 ص 350 ق 55 )
6- لما كانت المادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 الذى يحكم واقعة الدعوى تنص على أن " للعامل الحق في الحصول على أجره عن أيام الأجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل استعمال لها وذلك بالنسبة للمدة التى لم يحصل على أجازة عنها " وكانت المحكمة الدستورية العليا إعمالاً لسلطتها في تحديد مضامين النصوص القانونية على ضوء ولايتها في مجال تفسيرها تفسيراً تشريعياً قد أصدرت قرارها في طلب التفسير رقم 1 لسنة 17 ق بأن حق العامل في الحصول على المقابل النقدى بالنسبة للمدة التى لم يحصل على أجازة عنها المبينة بالمادة 47 سالفة البيان لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر وكان هذا القرار يعتبر كاشفاً عن مضمون تلك المادة ومن ثم يكون جزءاً لا ينفصل عنها ولذلك يرتد إلى تاريخ العمل بها ليكون إنفاذها على ضوء هذا المعنى ومنذ سريانها لازماً ، وهو ما مؤداه أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه في أجر الأجازات المستحقة له والتى لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته بما لا يجاوز أجر ثلاثة أشهر ولا يسقط هذا الحق بعدم تقديم طلب عنها ، لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا وبموجب حكمها الصادر بتاريخ 17 / 5 / 1997 في القضية المقيدة بجداولها برقم 47 لسنة 18 ق والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 29 / 5 / 1997 قد خلصت إلى عدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 من ألا تزيد على ثلاثة أشهر مدة الأجازة السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها ولو كان الحرمان من هذه الأجازة فيما جاوز من رصيدها هذا الحد الأقصى عائداً إلى رب العمل وكان من بين ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها أن الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل لا ترخص للعامل بأن يضم من مدة الأجازة السنوية التى قام بتجميعها ما يزيد على ثلاثة أشهر حماية منها للعامل حتى لا يبدد قواه ، وكان أكثر ما يهدد العامل أن تتزرع جهة العمل بواجبها في تنظيمه لتحول دون حصول العامل على أجازة يستحقها إذ يعتبر الحرمان منها وفيما يجاوز الأشهر الثلاثة التى حددتها الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها تفويتاً لحق العامل فيما يقابلها من تعويض يتحدد مداه بقدر الأضرار التى رتبها هذا الحرمان ما كان منها مادياً ومعنوياً ، فإن مقتضى ما تقدم أن حق العامل في الحصول على المقابل النقدى للأجازات التى لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته فيما جاوز من رصيدها ثلاثة أشهر منوط بأن يكون الحرمان من الأجازة راجعاً إلى رب العمل لما كان ذلك وكان الأثر الرجعى للحكم الصادر بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل المشار إليه ينسحب إلى كافة الحقوق والمراكز السابقة على صدوره عدا ما يكون قد استقر منها بحكم بات .
( الطعن رقم 25 لسنة 73 ق - جلسة 16 / 5 / 2004 )
7- مفاد المادة 19 من القانون رقم 120 لسنة 1975 في شأن البنك المركزى المصري والجهاز المصرفى أن مجلس إدارة البنك الطاعن قد أصدر بموجب هذه السلطة لائحة نظام العاملين به وانتظمت نصوصها حكماً في خصوص أجازات العامل بأن حظرت في المادة 62 منها الحصول على المقابل النقدى عن الأجازات السنوية فيما جاوز ثلاثة أشهر فإنه لا يكون ثمة مجال في هذا الشأن لإعمال أحكام أى قانون أخر .
( الطعن رقم 1155 لسنة 72 ق - جلسة 11 / 7 / 2004 )
8- النص في المادة التاسعة من القانون رقم 20 لسنة 1976 في شأن الهيئة المصرية العامة للبترول على أن " مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها وتصريف أمورها وله أن يتخذ ما يراه لازماً من القرارات لمباشرة اختصاص الهيئة لتحقيق الغرض الذى قامت من أجله في إطار الأهداف والخطط والسياسات العامة التى يقررها المجلس الأعلى لقطاع البترول على الوجه المبين في هذا القانون دون التقيد باللوائح والنظم المعمول بها في الحكومة والهيئات العامة والقطاع العام وله على الأخص (١) ٠٠٠٠ (٢) ٠٠٠٠ (٣) وضع اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالهيئة ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة بهم وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج ولا يتقيد مجلس الإدارة فيما يصدره من قرارات في هذا الشأن بالنظم والقواعد المنصوص عليها في القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام وتسرى أحكام هذه اللوائح على غير هؤلاء من العاملين بقطاع البترول فيما تقرره من مزايا أفضل ٠٠٠٠ " وكانت لائحة نظام العاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول والتى أصدرها مجلس إدارتها نفاذاً للقانون رقم 20 لسنة 1976 لتطبق على العاملين في قطاع البترول بهدف الحافظ على الخبرات وتقريب التفاوت في الأجور إلى حد ما بين العاملين بالهيئة وأقرانهم العاملين بشركات البترول المشتركة وربط الأجر بالعمل وعدم الالتزام بتسعيرة محددة للمؤهلات قد وضعت جدولاً أساسياً لدرجات الوظائف وفئات الأجور والعلاوات لزيادة أجور العاملين ونظمت أحكام العلاوات والبدلات والمكافآت التشجيعية وحوافز الإنتاج والأجور الإضافية التى تصرف لهم وكانت الطاعنة قد طبقت في شأن العاملين بها النظم المالية التى تضمنتها اللائحة باعتبار هذه النظم هى الأفضل ومنحت المطعون ضدهم أجر رصيد الأجازات الاعتيادية التى لم يستعملوها عن 120 يوماً الحد الأقصى المصرح به طبقاً لنص المادة 140 من اللائحة فإنه لا يحق لهم من بعد المطالبة بما يجاوز هذا الحد استناداً إلى أحكام قانون العمل وما صدر في شأنه بقضاء المحكمة الدستورية العليا .
( الطعن رقم 1480 لسنة 71 ق - جلسة 6 / 6 / 2004 )
9- إذ كان قانون شركات قطاع الأعمال واللائحة التنفيذية الصادرة نفاذاً لأحكامه لم تتضمنا حكماً ينظم المقابل النقدى لرصيد الأجازات التى لم يستعملها العامل أثناء خدمته كما لم تصدر الطاعنة وبما لا يمارى فيه الخصوم لائحة بنظام العاملين بالإدارات القانوينة بها إعمالاً لحكم المادة 42 / 2 من القانون المشار إليه . وخلت أيضاً نصوص قانون الإدارات القانونية من نص ينظم هذا الأمر ومن ثم تعين الرجوع إلى لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنة الصادرة نفاذاً لحكم الفقرة الأولى من القانون رقم 203لسنة 1991 ، والتى صدرت في 14 / 6 / 1995 بقرار وزير قطاع الأعمال رقم 205 لسنة 1995 - والمنطبقة على واقعة النزاع - لإحالة المطعون ضده إلى المعاش إبان فترة سريانها وانتظمت نصوصها حكماً في خصوص أجازات العامل بأن أطلقت في المادة 70 منها حق العامل في الحصول على المقابل النقدى لرصيد أجازاته الاعتيادية التى لم يقم بها عند انتهاء خدمته بالشركة لأى سبب من الأسباب على أساس الأجر الشامل طبقاً لمفهوم قانون التأمينات ودون أن تستلزم أى شروط أو تفرض قيود على استحقاقه ، ومن ثم يكون للمطعون ضده الحق في اقتضاء المقابل النقدى لرصيد إجازاته كلها والتى لم يستعملها حتى انتهاء خدمته .
( الطعن رقم 457 لسنة 72 ق - جلسة 7 / 12 / 2003 )
10- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تضع تلك اللائحة ( لائحة نظام العاملين بالإدارة القانونية ) حتى تاريخ انتهاء خدمة المطعون ضده كعضو بالإدارة القانونية بها ، وكان قانون الإدارات القانونية سالف الذكر ( ق 47 لسنة 1973) قد سكت عن تنظيم حالة انتهاء خدمة عضو الإدارة القانونية دون استنفاد رصيد إجازاته الاعتيادية بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن لأحكام لائحة نظام العاملين بها الصادرة إعمالاً للفقرة الأولى من المادة 42 من قانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون 203 لسنة 1991 .
( الطعن رقم 38 لسنة 73ق - جلسة 8 / 4 / 2004 )
11- لما كان قانون شركات قطاع الأعمال واللائحة التنفيذية الصادرة نفاذاً لأحكامه لم يتضمنا حكماً ينظم المقابل النقدى لرصيد الأجازات التى لم يستعملها العامل أثناء خدمته كما لم تصدر الطاعنة وبما لا يمارى فيه الخصوم لائحة بنظام العاملين بالإدارات القانونية بها إعمالاً لحكم المادة 42 / 2 من القانون المشار إليه وخلت أيضاً نصوص قانون الإدارات القانونية من نص ينظم هذا الأمر ومن ثم يتعين الرجوع إلى أحكام لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنة الصادرة نفاذاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 42 من القانون رقم 203 لسنة 1991 والتى صدرت في 26 / 9 / 1995 بقرار وزير قطاع الأعمال العام رقم 463 لسنة 1995 والتى انتظمت نصوصها حكماً في خصوص أجازات العامل بأن حظرت في المادة 68 منها الحصول على المقابل النقدى عن الأجازات الاعتيادية التى لم يستعملها حتى نهاية خدمته فيما يجاوز أجر ثلاثة أشهر فإنه لا يكون ثمة مجال لإعمال أحكام قانون العمل .
( الطعن رقم 619 لسنة 73 ق - جلسة 28 / 8 / 2004 )
12- إذ كان حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 47 لسنة 18 ق بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 والمنطبق على واقعة الدعوى من ألا تزيد على ثلاثة أشهر مدة الإجازة السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها قد تم نشرة بالجريدة الرسمية في 29 / 5 / 1997 فإنه يترتب على ذلك الحكم انفتاح باب المطالبة بالمقابل النقدى لرصيد الإجازات فيما جاوز ثلاثة أشهر وذلك اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشر الحكم ولا يكون الحق في المطالبة به قد سقط بالتقادم باعتبار أن القانون المشار إليه وقد وضع حداً أقصى للمقابل النقدى لرصيد الإجازات كان يحول بين أصحاب الحقوق والمطالبة بما يجاوز هذا المقدار إذا كان ممتنعاً عليهم قانوناً المطالبة بحقوقهم قبل أرباب الأعمال ومن ثم يعتبر مانعاً في حكم المادة 382 من القانون المدنى يتعذر معه على الدائن المطالبة بحقه وبالتالى يكون تقادم الحق فيه موقوفاً منذ تاريخ العمل بالقانون رقم 137 لسنة 1981 فلا تجرى مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه وتعود وتستأنف سيرها بمجرد زوال سبب الوقف بنشر الحكم في الجريدة الرسمية .
( الطعن رقم 720 لسنة 72 ق - جلسة 6 / 6 / 2004 )
13- إذ كانت المحكمة الدستورية العليا وبموجب حكمها الصادر في القضية رقم 47 لسنة 18 ق قد خلصت إلى عدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 من ألا تزيد على ثلاثة أشهر مدة الإجازة السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها ولو كان الحرمان من هذه الإجازة فيما جاوز من رصيدها هذا الحد الأقصى عائداً إلى رب العمل وكان من بين ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها أن الفقرة الثالثة سالفة الذكر لا ترخص للعامل بأن يضم من مدة الإجازة السنوية التى قام بتجميعها ما يزيد على ثلاثة شهور حماية منها للعامل حتى لا يبدد قواه وكان أكثر ما يهدد العامل أن تتذرع جهة العمل بواجبها في تنظيمه لتحول دون حصول العامل على إجازة يستحقها إذ يعتبر الحرمان منها وفيما يجاوز الأشهر الثلاثة التى حددتها الفقرة الثالثة من المادة المشار إليها تفويتاً لحق العامل فيما يقابلها من تعويض يتحدد مداه بقدر الأضرار التى رتبها هذا الحرمان ما كان منها مادياً أو معنوياً فإن مقتضى ما تقدم أن حق العامل في الحصول على المقابل النقدى للإجازات التى لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته - فيما جاوز من رصيدها ثلاثة أشهر - مشروط بأن يكون الحرمان من الإجازة راجعاً إلى رب العمل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بأحقية المطعون ضدهم للمقابل النقدى لرصيد الإجازات على سند من لائحة نظام العاملين بالشركة بالرغم من عدم انطباقها على واقعة الدعوى وتحجب بذلك عن بحث ما إذا كان عدم استعمالهم للإجازات المستحقة - فيما جاوز الثلاثة أشهر - حتى انتهاء خدمته كان لسبب يرجع إلى الطاعنة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب .
( الطعن رقم 720 لسنة 72 ق - جلسة 6 / 6 / 2004 )
14- إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم الأول والثانى ومورث الباقين قد انتهت خدمتهم لدى الطاعنة قبل العمل بلائحة نظام العاملين بالهيئة القومية للإنتاج الحربى وشركاتها في 1 / 7 / 1995 والصادرة بقرار وزير الدولة للإنتاج الحربى رقم 124 لسنة 1995 نفاذاً لنص المادة التاسعة من القانون رقم 6 لسنة 1984 بإنشاء الهيئة القومية للإنتاج الحربى بما لا مجال معه لإعمال أحكامها على طلب المقابل النقدى للمتبقى من رصيد الإجازات المستحقة لهم حتى تاريخ انتهاء خدمتهم وكانت المادة 19من القانون المشار إليه تنص على أن ( تسرى على الهيئة وشركاتها الأحكام المنصوص عليها في قانون هيئات وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 وذلك فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون ) وتنص المادة 16 من القانون الأخير على أن ( يسرى على العاملين بهيئات القطاع العام قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 ) وكان أى من القوانين الثلاثة سالفة الذكر لم يتضمن نصاً بشأن تنظيم المقابل النقدى لرصيد الإجازات السنوية التى لم يستعملها العامل حتى انتهاء خدمته فإنه يتعين الرجوع في هذا الشأن لأحكام قانون العمل إعمالاً لحكم المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1978 والتى تقضى بسريان أحكام قانون العمل على العاملين بالقطاع العام فيما لم يرد به نص في هذا القانون ..
( الطعن رقم 720 لسنة 72 ق - جلسة 6 / 6 / 2004 )
15 ـ المقرر في قضاء محكمة النقض أنه لما كانت المادة 48 من القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل والمعمول به اعتباراً من 7/ 7 / 2003 اشترطت لإبراء ذمة صاحب العمل من المقابل النقدي لرصيد إجازات العامل أن يكون العامل قد رفض كتابة القيام بهذه الإجازات ، فإذا لم يقدم صاحب العمل هذا الدليل أضحى ملتزما بالوفاء به للعامل أياً كان السبب في عدم القيام بها .
(الطعن رقم 5888 لسنة 83 ق - جلسة 18 / 2 / 2018 )
16- المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن لائحة نظام العاملين بالشركة الطاعنة الصادرة إعمالاً لقانون قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون 203 لسنة 1991 والمعتمدة بقرار وزير قطاع الأعمال العام رقم 471 لسنة 1995 قد انتظمت نصوصها حكماً في خصوص الإجازات الاعتيادية بأن نصت المادة 23 منها على أن "... من حق العامل الذي تنتهي خدمته في الحصول على رصيد إجازاته الاعتيادية بحد أقصى ثلاثة أشهر..." بما مؤداه أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه في الحصول على أجره عن أيام الإجازات التي لم يستعملها حتى تاريخ انتهاء خدمته بحد أقصى ثلاثة أشهر وأن هذه المدة التي حددت اللائحة أقصاها ينبغي أن يكون سريانها مقصوراً على تلك المدة أياً كان سبب عدم الحصول عليها أما باقي الإجازة فيما يجاوزها فليس له أن يتراخى في طلبها ثم يطالب بمقابل عنها وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري من التزاماته التي يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، وكان المقرر أن المدعي هو المكلف قانونًا بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التي تؤيد ما يدعيه بما مؤداه أنه يقع على عاتق المطعون ضده الأول عبء إثبات أن حرمانه من الإجازة فيما يجاوز من رصيدها ثلاثة أشهر كان راجعاً إلى الطاعنة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أحقية المطعون ضده الأول في المقابل النقدي لرصيد إجازاته فيما جاوز ثلاثة أشهر استناداً للمادة 48 من القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل مهدراً بذلك لائحة الطاعنة الواجبة التطبيق ودون أن يستظهر ما إذا كان حرمانه من الإجازة فيما جاوز الحد الأقصى كان لسبب يرجع إليها من عدمه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
(الطعن رقم 23250 لسنة 92 ق - جلسة 5 / 11 / 2023 )
17 - مفاد نص المادة 48 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 -المنطبق على الواقعة- أن المشرع أوجب على صاحب العمل أن يحدد مواعيد الإجازة السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه، وألزم العامل بالقيام بالإجازة في التاريخ والمدة التي حددها صاحب العمل إلا إذا رفض كتابياً القيام بها فيسقط حقه في اقتضاء مقابلها، وفي حالة انتهاء علاقة العمل قبل استنفاد العامل رصيد إجازاته السنوية يستحق الأجر المقابل لهذا الرصيد، وكان من المقرر في -قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وعمل الخبير والأخذ بتقريره محمولاً على أسبابه متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بنى عليها رأيه، ولا عليها إن هي لم تتبع الخصوم في شتى مناحي دفاعهم أو الرد استقلالاً على كل حججهم طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني لإطراح كل ما يخالفها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، وأيد الحكم الابتدائي في قضائه بأحقية المطعون ضده في المقابل النقدي لرصيد إجازاته التي لم يحصل عليها أثناء خدمته، على سند من خلو الأوراق من دليل كتابي على رفضه القيام بإجازاته، واطمئنانه إلى ما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى من تقدير رصيد الإجازات وقيمة الأجر، وهي أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وتكفي لحمل قضاء الحكم، فإن النعي عليه، في هذا الشأن، ينحل إلى جدل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية، تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
(الطعن رقم 27250 لسنة 92 ق - جلسة 5 / 11 / 2023 )
18- إذ كان نص المادة 48 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 يدل على أن المشرع قد راعى أن صاحب العمل هو صاحب الحق في تنظيم الإجازات السنوية حسب مقتضيات العمل، وبالتالي إذا انقضت السنة دون أن يحصل العامل على إجازاته أو جزء منها يتم ترحيلها ويلتزم صاحب العمل بأن يؤدي إليه المقابل النقدي عنه، ولا يرفع عنه هذا الالتزام إلا إذا أثبت أنه أخطر العامل كتابةً لشخصه للقيام بإجازاته محدداً له أيامها فرفض العامل كتابةً القيام بها وسقط حقه في اقتضاء مقابلها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب الطاعن المقابل النقدي لهذا الرصيد بمقولة أنه لم يقدم ما يفيد أن المطعون ضدها رفضت التصريح له القيام بإجازاته رغم أن المطعون ضدها هي الملزمة قانوناً - وحسب ما تقدم – بتقديم ما يفيد رفضه القيام بالإجازات -المخطر بها- كتابةً، ناقلاً عبء الإثبات على العامل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
( الطعن رقم 18419 لسنة 84 ق - جلسة 3 / 3 / 2024 )
19- النص في المادة 48 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه "يحدد صاحب العمل مواعيد الإجازة السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه ... ويلتزم العامل بالقيام بالإجازة في التاريخ والمدة التي حددها صاحب العمل، وإذا رفض العامل كتابة القيام بالإجازة سقط حقه في اقتضاء مقابلها ... ويلتزم صاحب العمل بتسوية رصيد الإجازات أو الأجر المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر، فإذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاد العامل رصيد إجازاته السنوية استحق المقابل لهذا الرصيد ..." يدل على أن صاحب العمل ملتزم بتحديد مواعيد قيام العاملين لديه بإجازاتهم السنوية وتمكينهم من استعمالها في هذه المواعيد، فإذا انتهت خدمة العامل دون استنفاد إجازاته السنوية استحق المقابل النقدي عنها والذي يقدر بالأجر الكامل عنها، ولا تبرأ ذمة صاحب العمل من هذا المقابل، إلا إذا قدم سجلات الإجازة موقع عليها من العامل باستنفاده لهذه الإجازات أو ما يثبت أن العامل هو الذي رفض كتابة القيام بها في المواعيد المحددة. ولما كان ذلك، وكان البين على ما ورد بمدونات الحكم المطعون فيه أنه احتسبت الإجازات السنوية المستحقة للمطعون ضده بواقع 293 يوم بمبلغ 40297 جنيه دون احتساب الإجازات الاعتيادية التي قام بها المطعون ضده والتي قدم الطاعن الدليل على قيام المطعون ضده باستنفاذها بواقع 39 يوم، وقضى له بالمقابل النقدي المشار إليه سلفاً، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن بهذا النعي على غير أساس .
( الطعن رقم 10686 لسنة 84 ق - جلسة 24 / 4 / 2024 )
- تحديد مواعيد الأجازات من إطلاقات سلطة صاحب العمل التنظيمية لتنظيم العمل في المنشأة حسب مقتضيات العمل وظروفه .
- لا يجوز قطع الأجازة للعامل إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل .
- يلتزم العامل بالقيام بالأجازة في التاريخ والمدة التي يحددها صاحب العمل، وإذا رفض العامل كتابة سقط حقه في العوض النقدي عنها .
- في جميع الأحوال يجب أن يحصل العامل على أجازة سنوية مدتها خمسة عشر يوماً منها ستة أيام متصلة على الأقل .
- يلتزم صاحب العمل بتسوية رصيد الأجازات أو الأجر المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر .
- إذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاذ الرصيد استحق الأجر مقابل هذا الرصيد .
- لا يجوز تجزئة الأجازة أو ضمها أو تأجيلها للأطفال .
ويثار التساؤل عن حكم المعينين قبل العمل بالقانون رقم (12) لسنة 2003 بخصوص إمكانية صرف الرصيد النقدي للأجازات ، خاصة وأن القانون بدأ العمل به في 7/ 7/ 2003م .
ورداً على ذلك نفيد أن فترة الثلاث سنوات تبدأ من تاريخ التعيين، وعليه فإن كل من أمضى في الخدمة ثلاث سنوات فأكثر قبل 7/ 7/ 2003 وجب على صاحب العمل تسوية رصيده النقدي عن الأجازات فور العمل بالقانون في 7/ 7/ 2003 .
ومن كانت مدة خدمته قبل 7/ 7/ 2003 أقل من ثلاث سنوات ؛ تحسب فترة الثلاث سنوات من بداية خدمته، ويقع على صاحب العمل تسوية رصيده من الأجازات فور استكمال الثلاث سنوات .
عقوبة مخالفة النص :
العقوبة الواردة في نص المادة 247 سالفة الذكر. ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 194 )
النصوص المقابلة :
تقابل المادة (45) من القانون رقم 137/ 81 .
كما تقابل المادة (59) من القانون رقم 91 لسنة 1959 السابق .
الأحكام التي استحدثها النص :
فيما يتعلق بتنظيم الأجازة السنوية أخذ المشرع في مجمل الأحكام المتعلقة بها بما كان يجري عليه العمل في ظل القانون رقم 137 لسنة 1981 مع بعض إضافات مستحدثة .
فقد أدخل على الفقرة الأولى من المادة (48) تعديلاً طفيفاً في الصياغة حيث أسقطت عبارة (ولا يجوز تقصيرها أو تأجيلها) الواردة بالمادة (45) من القانون 137 لسنة 1981 لأن التقصير أو التأجيل يدخلان فيما قرره المشرع من سلطة صاحب العمل في تحديده لمواعيد الأجازة السنوية إذ يجوز له بموجب هذه السلطة أن يقصر من أجل الأجازة السنوية في الحدود المقررة قانوناً أو أن يؤجلها إلى أجل لاحق دون حاجة للنص على ذلك صراحة .
كذلك استحدث بموجب الفقرة الثانية من نفس المادة حكماً جديداً متعلقاً بالحد الأدنى لمدة الأجازة السنوية التي يجب أن يحصل عليها العامل فقررت أن يكون الحد الأدني لهذه المدة خمسة عشر يوماً منها ستة أيام متصلة .
كما استبقى المشرع على الفقرة الثانية من المادة (45) من القانون 137 لسنة 1981 ولكن خصص لها مادة مستقلة (المادة 49) وتتعلق بالأجازة التي يحصل عليها العامل لأداء الإمتحان وذلك إذا كان ملتحقاً بالدراسة بإحدى مراحل التعليم، وهذا الحكم الذي كان قد استحدثه القانون 137 لسنة 1981 وأبقى عليه القانون الجديد يتميز بأنه يعطي للعامل فرصة مواصلة التعليم وهو ما قد يساعده على بلوغ درجة من الكفاءة إن هو استمر في عمله أو السماح له بتدرج السلم الاجتماعي إن هو بدل العمل الذي يقوم به بعد حصوله على المؤهل الذي جد للحصول عليه . ولذلك أتاح المشرع فرصة تحديد أجازاته وقت الامتحان حتى لا تفوته مواعيده وحتى يغلق الباب نهائياً أمام ما قد يثور في ذهن صاحب العمل من حرمان العامل من هذه الفرصة، ولأهمية هذه الميزة بالنسبة للعامل فقد رؤى إفراد نص خاص لهذا الحكم تأكيد على أنه استثناء من المبدأ العام المقرر والذي يعطي لصاحب العمل الحق في تنظيم الأجازات في منشأته، فلولا هذا النص الخاص ما كان هناك محل للنعي على قرار صاحب العمل برفض إعطائه أجازة للعامل خلال فترة الامتحان، وما كان هناك مجال للطعن بالتعسف في هذا القرار لأنه بموجب القاعدة العامة (مادة 48) يملك صاحب العمل التوفيق بين موعد الإجازة السنوية ومقتضيات العمل، وربما رأى أن هذه المقتضيات تستلزم وجود العامل في عمله أثناء فترة الامتحان .
وقد استبقى المشرع على حكم المادة (47) من القانون 137 لسنة 1981 دون تعديل وذلك فيما يتعلق بحق العامل في الحصول على أجره عن أيام الأجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل استعماله لها .
وألزم النص الجديد صاحب العمل بتسوية رصيد الأجازات أو الأجر المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر وهو حكم مستحدث لمصلحة العامل .
مقابل أجازة - إلتزامات جوهرية :
لا يجوز للعامل أن يتراخى بأجازاته ثم يطالب بمقابل عنها وإلا فقدت إعتبارها ولم تحقق الغرض منها. وأما إذا حل ميعاد هذه الإجازات ورفض صاحب العمل الترخيص للعامل بها فإنه يكون قد أخل بإلتزامات جوهري ولزمه تعويض العامل عنها .
( طعن 442 لسنة 73 ق - جلسة 8/ 4/ 2004 )
حق العامل في مقابل الأجازة مهما كان سبب انتهاء العقد :
نصت المادة السادسة من الاتفاقية الدولية رقم 52 لسنة 1936 بشأن الأجازات السنوية بأجر والتي انضمت إليها مصر سنة 1954 على أن لكل شخص يفصل بسبب يرجع لصاحب العمل قبل أن يحصل على الأجازة المستحقة له أن يصرف له عن كل يوم من أيام أجازاته المبينة في هذه الاتفاقية قيمة الأجر المشار إليه في المادة الثالثة. والمستفاد من ذلك أن الاتفاقية تقرر حق العامل في الأجازة إذا فصله صاحب العمل قبل حصوله عليها وقد جاءت صياغة المادة (47) معيبة شأنها شأن صياغة المادة (61) الملغاة لأن النص بصورته الراهنة لا يتمشى مع نصوص الاتفاقية حيث عبر المشرع بعبارة (إذا ترك العمل) وهو تعبير غير دقيق سبق أن انتقدناه ونادينا بتعديله بما يتلاءم مع نصوص الاتفاقية التي صدقت عليها مصر ، فالترك يؤدي إلى الخلط بين الفصل والفسخ والإنهاء والاستقالة .
فهو إجراء يتم بمشيئة العامل ويلحق به الاستقالة أما الفصل فهو عقوبة لا يوقعها العامل على نفسه وإنما يوقعها عليه صاحب العمل .
ويشترط لتطبيق النص أن يكون قد نشأ بالفعل حق للعامل في الأجازة فإذا كانت خمسة عشر يوماً فيجب أن يكون قد أمضى خدمة متصلة قدرها ستة أشهر لدى صاحب العمل وإذا كانت 21 يوماً فلابد أن يكون قد أمضى سنة كاملة لدى صاحب العمل وإذا كانت شهراً فيلزم أن يكون قد أمضي عشر سنوات في خدمة صاحب العمل أو يكون سنه خمسين سنة فأكثر طبقاً لما سبق شرحه تعليقاً على المادة (43) وقد ذهب البعض إلى أنه لا يقاس على حالة ترك العامل للخدمة حالة وفاته لأن المشرع تكلم عن ترك العمل ولم يتكلم عن انتهاء العقد وترك العمل يتطلب وجود الإرادة وهذه لا تأتي إلا بوجود العامل على قيد الحياة، كما أن الموتى غير محتاجين للراحة .
وقد حكم بأن أجازة العامل تتعلق بالنظام العام ولا يجوز استبدالها بمقابل نقدي في غير الأحوال المقررة قانوناً وأن حلول ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص بها هو الذي يترتب عليه استحقاق العامل للتعويض عنها، وحق العامل في الأجازة لا يسقط بعد تقديم طلب عنها .
وبأنه إذا حل ميعاد الأجازة ورفض صاحب العمل الترخيص للعامل بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري فرضه القانون ولزمه تعويض العامل عنه. والرأي الراجح والذي نؤيده أن حق العامل في مقابل الأجازة ينتقل إلى ورثته وإذا كان المشرع يحرص على رعاية العامل حياً فإن هذه الرعاية تكون أولى وأوجب لأسرته بعد وفاته .
سريان هذه القواعد على العاملين بالقطاع العام :
لم يرد في القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن العاملين بالقطاع العام نص يتناول حالة انتهاء خدمة العامل دون استنفاد رصيد أجازاته الاعتيادية وعلى ذلك فإنه طبقاً للمادة الأولى من هذا القانون يتعين الرجوع إلى قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص وبالتالي تطبق هذه القواعد التي نصت عليها المادة (48) على العاملين بالقطاع العام شأنهم في ذلك شأن عمال القطاع الخاص .
تجزئة الأجازة من إطلاقات صاحب العمل :
الأصل أن صاحب العمل هو الذي يستقل بتحديد مواعيد الأجازة لعمال المنشأة بلا معقب عليه في ذلك انطلاقاً من حقه في تنظيم منشأته، ولكن حق تحديد موعد قيام العامل بالأجازة السنوية مقيد بعدم إساءة استعماله طبقاً للقواعد العامة وقد قيده المشرع أيضاً فيما يتعلق بتقصير الأجازة أو تأجيلها أو استدعاء العامل من أجازته إذ لابد أن يكن مدفوعاً في إجراء من هذه الإجراءات بما تمليه عليه أسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل. ومع ذلك فلابد أن يحصل العامل في كافة الأحوال على ستة أيام متصلة في السنة كأجازة فهذا القدر غير جائز إنقاصه أو تأجيله أو قطعه بأي حال من الأحوال حتى ولو تطلبت ظروف العمل ذلك. فتجزئة الأجازة وإن كانت كما قلنا من إطلاقات صاحب العمل بيد أنها مشروطة بثلاثة شروط هي:
1) أن تكون راجعة لحاجة العمل ومقتضياته وهي أمور يقدرها صاحب العمل تحت رقابة مكتب العمل ورقابة القضاء من حيث عدم جواز إساءة استعمال هذا الحق .
2) ألا تكون التجزئة واردة على ستة أيام وإنما ما يزيد عنها من أجازة العامل السنوية المستحقة .
3) ألا يقل سن العامل عن 17 سنة أي لا يكون حدثاً .
شروط تأجيل الأجازة :
أما تأجيل الإجازة السنوية فمقيد بثلاثة شروط :
1) أن يتم بناء على طلب كتابي من العامل .
2) أن يقتصر التأجيل على ما تبقى من الإجازة السنوية بعد حصول العامل على الستة أيام المتصلة .
3) ألا يكون العامل حدثاً .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف أحد الأحكام المشار إليها في المادة (48) سالفة الذكر بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه وتتعدد الغرامة بقدر العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتتضاعف الغرامة في حالة العود مادة 247) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 571 )
كيفية القيام بالإجازة السنوية
- تقرر المادة 48 من قانون العمل أن صاحب العمل يحدد مواعيد الأجازة السنوية، حسب مقتضيات العمل وظروفه ولا يجوز قطعها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل، وفي جميع الأحوال يجب أن يحصل العامل على إجازة سنوية مدتها ستة أيام متصلة على الأقل، ولبيان أحكام منح الأجازة ندرس المسائل الآتية :
طلب الإجازة :
يثور التساؤل عما إذا كان الحصول على الإجازة يستلزم طلب العامل لها .
- ذهب قضاء النقض إلى ضرورة طلب العامل القيام بالإجازة، فإن لم يطلب ذلك فإنه لا يستحق استبدالها بمقابل نقدي، ولا يجوز استبدالها بأيام أخرى في السنة أو السنوات التالية، ولم يلاق هذا القضاء قبولاً من غالبية الفقه، فصاحب العمل يتمتع بسلطة الأمر على العامل، وهو يلتزم بإعطاء العامل أجازته السنوية دون أن يتوقف ذلك على طلب أو موافقة العامل، ومن ثم فإن عدم حصول العامل على أجازته السنوية يعتبر بذاته وفي جميع الأحوال إخلالاً من قبل صاحب العمل بالتزام جوهري من التزاماته وعدم منح العامل أجازة لأنه لم يطلبها يحمل معنى نزول العامل عن الإجازة وهو أمر غير جائز بصريح نص المادة 47 من قانون العمل. وسنرى فيما بعد أهمية هذه المسألة في مدى جواز استبدال الإجازة بمقابل نقدى .
وطبقا للمادة 2/48 يلتزم العامل بالقيام بالإجازة في التاريخ وللمدة التي حددها صاحب العمل، وإذا رفض العامل كتابة القيام بالإجازة سقط حقه في اقتضاء مقابلها .
ويقع على عاتق العامل عبء إثبات طلبه القيام بالإجازة السنوية وأن صاحب العمل قد رفض، أما صاحب العمل فلا يجوز له إثبات رفض العامل القيام بالإجازة إلا بالكتابة وفقاً للمادة 48 .
- الأصل أن يستقل صاحب العمل بتحديد وقت القيام بالإجازة السنوية باعتبار أن ذلك يدخل في نطاق سلطته التنظيمية، وعليه أن يتوخى فيما يتخذه من قرارات مصلحة العمل، ويستوجب حسن النية في تنفيذ الالتزامات أن يخطر صاحب العمل العامل بموعد أجازته السنوية في وقت يسمح له بالاستعداد للقيام بها، ويجوز أن يقرر صاحب العمل إغلاق المنشأة بأكملها وقيام كافة العمال بالأجازة السنوية وذلك توفيراً لنفقات تخفيض العمل وقت الأجازات، ويجوز أن تكون الإجازة بالتناوب بين العمال، وتبدأ الإجازة بالنسبة لمن يعملون في المناطق النائية من لحظة الوصول إلى المكان الذي تصل إليه المواصلات العامة .
- ولكن المشرع خرج على هذه القاعدة ووضع استثناء هاماً، فتقرر المادة 49 أن للعامل الحق في تحديد موعد أجازته السنوية إذا كان متقدماً لأداء الامتحان في إحدى مراحل التعليم بشرط أن يخطر صاحب العمل قبل قيامه بالإجازة بأسبوعين على الأقل .
وهذا الاستثناء يستهدف تشجيع العمال على التعليم وتيسير السبل أمامهم لذلك، ولهذا فقد حرم المشرع صاحب العمل من سلطته في تحديد موعد الأجازة حتى لا تكون عائقاً أمام استمرارهم في التعليم، فتحديد الأجازة في هذه الحالة حق للعامل حتى ولو تعارض موعدها مع مصلحة العمل، فالمشرع لم يقيد حق العامل مما يدل على أنه يعطي الأولوية للتعليم.
ويجب أن يكون العامل متقدماً للامتحان في إحدى مراحل التعليم حتى ولو كان التعليم الجامعي .
وكنا نرى أنه لا يستفيد من هذا النص التقدم لامتحانات الدراسات العليا، فهي وإن كانت تدخل في إطار مرحلة التعليم الجامعي إلا أنها دراسة تخصصية تتعدى مرحلة التكوين اللازم للشخص مما يجعل التقدم لامتحاناتها مرتبطة بمصلحة العمل .
ولكن بإمعان النظر في المادة 49 من قانون العمل فإنه أمام عموم عبارة مراحل التعليم فلا محل لتخصيص عموم النص بلا مخصص، والدراسات العليا مرحلة من مراحل التعليم الجامعي وليست منفصلة عنه، ويضاف لذلك أنه عادة ما يشترط للالتحاق بالدراسات العليا الحصول على موافقة جهة العمل، وتوافر تلك الموافقة يعني أن تلك الدراسة تسهم في تكوين العامل وليست ترفاً بالنسبة للعمل ذاته، ولهذا نرى أن المادة 49 من قانون العمل تسري على التقدم لامتحانات الدراسات العليا .
تأجيل الأجازة أو تقصيرها أو قطعها :
- نصت المادة 48 من قانون العمل على أنه لا يجوز لصاحب العمل قطع الأجازة السنوية إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل، ولم يرد في قانون العمل الحالي ما يخول صاحب العمل سلطة تأجيل الإجازة أو تقصيرها، واقتصر على منح صاحب العمل سلطة قطع الأجازة، ولكن ليس معنى ذلك حرمان صاحب العمل من تأجيل أو تقصير الأجازة، فمن جهة فإن قطع الإجازة يعني بالضرورة تأجيل مدة الإجازة اللاحقة على تاریخ قطع الأجازة، والقطع يعني في نفس الوقت الاستدعاء من الإجازة أي تقصير الإجازة عن المدة السابق تحديدها، فالقطع ينطوي على منح صاحب العمل سلطتي التأجيل والتقصير، ومن جهة أخرى حظرت الفقرة الأخيرة من المادة 48 تجزئة الإجازة أو ضمها أو تأجيلها بالنسبة للأطفال، وهذا يفيد بمفهوم المخالفة جواز ذلك لغير الأطفال من العمال .
فالأصل هو أن يحصل العامل على أجازته السنوية كاملة ودفعة واحدة ولكن المشرع أناط بصاحب العمل تقصير الأجازة، ولا يقصد بالتقصير حرمانه من بعضها والنزول بها إلى مدة أقل، بل يقصد بها تجزئة الإجازة أي عدم السماح بالمدة كلها دفعة واحدة، أو تأجيل الإجازة، ويقصد به أن يكون قد حل موعد الإجازة، كما حدده صاحب العمل ولكن طرأت ظروف تتعلق بمصلحة العمل تستوجب تأجيل القيام بها، أو قطعها، ويقصد بها استدعاء العامل من أجازته بعد قيام بها فعلاً، وسلطة صاحب العمل في التقصير، أو التأجيل أو القطع مقيدة بوجود أسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل، بل وبضرورة أن توجد أسباب قوية وليست عادية أي مصلحة لا تستوجب التأخير .
كما أنها مقيدة أيضاً بضرورة أن يحصل العامل على أجازة سنوية مدتها خمس عشرة يوماً منها ستة أيام متصلة، فإن كان المشرع قد غلب أحياناً المصلحة الضرورية للعمل على الحق في الإجازة، إلا أنه عاد وغلب الحق في الإجازة التي لا تكون مدتها ستة أيام متصلة على مصلحة العمل الضرورية، فالمشرع يجري مفاضلة بين مصلحة العمل الضرورية والمصلحة الإنسانية التي تعود على العامل من الأجازة .
وتقيد أيضاً هذه السلطة بعدم إمكان التجزئة او التأجيل أو الضم بالنسبة للأطفال، فصحة الطفل مقدمة دائماً على مصلحة العمل وضرورة توقف الأخيرة عند أعتاب صحة القاصر وضرورة حمايته، أما بالنسبة للنساء فلا مانع من تجزئة الأجازة .
ولا تقيد هذه السلطة بالحصول على موافقة العامل على التأجيل أو التقصير أو القطع . ( شرح قانون العمل ، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 557 )
قيمة المقابل النقدى للإجازة :
- فإذا طلب العامل أجازته السنوية ولكنه لم يحصل عليها فإنه يستحق المقابل النقدى للإجازة، وهذا المقابل يعادل ضعف الأجر، فلا يسوغ لصاحب العمل التنصل من الوفاء بمقابل الإجازة زعما بأن القانون لم يذكرها في عداد الأحوال التي ضاعف فيها الأجر للعامل. فالعامل يستمد حقه في الأجر الكامل عن مدة الأجازة التي يستحقها من نصوص القانون مباشرة التي نصت على إعطاء العامل الذي يقوم بأجازاته السنوية أجراً کاملاً خلال تلك المدة، وذلك لا يحجب عن العامل حقه في الأجر مقابل اشتغاله في المدة التي كانت مقررة الإجازة لم يحصل عليها، إذ يكون أجره في هذه الحالة مقابلاً لما أداه من عمل أفاد منه صاحب العمل .
ويجب التمييز بين أجر الأجازة أي ما يستحقه العامل خلال مدة الإجازة، وبين الأجر المقابل الرصيد الأجازة، ففي الحالة الأولى يستمر العامل في الحصول على أجره أثناء الأجازة، أما الحالة الثانية فهي المقابل عن عدم الحصول على الإجازة أى العمل في فترة الأجازة، حيث يحصل على الأجر في خلال الأجازة ثم الأجر عن العمل في فترة الأجازة .
النزول عن المقابل النقدي للحرمان من الأجازة السنوية :
- قضت محكمة النقض بأن الأجازة السنوية وإن كانت حقاً أوجبه المشرع سنوياً للعامل لاستعادة نشاطه وقواه المادية والمعنوية تنمية للإنتاج مما يجعل هذا الحق بسبب ذلك متعلقاً بالنظام العام لا يجوز التنازل عنه، إلا أن مناط ذلك ألا تكون السنة التي تستحق فيها الإجازة قد مضت قبل حصول العامل على تلك الأجازة فلا يجوز عندئذ التنازل عن الإجازة قبل ميعاد حلولها، أما إذا حل ميعاد الإجازة وانقضت السنة التي تستحق فيها الإجازة دون أن يحصل العامل عليها فقد انقطعت الصلة بين الأجازة المذكورة واعتبارات النظام العام التي تبررها وانقضت تبعاً لذلك علة هذا الحظر بالنسبة لإجازة السنة المذكورة وأصبحت تلك الأجازة بعد ذلك كسائر حقوق العامل العادية يرد عليها التنازل، وسكوت العامل عن المطالبة بالإجازة التي لم يرخص له بها صاحب العمل رغم مضي مدة على استحقاقه الأجازة هو بمثابة نزول عن حقه فيها .
ونضيف إيضاحاً لذلك أنه إعمالاً لمبدأ سنوية الأجازة فإنه متى انقضت السنة المستحقة عنها الإجازة وكان صاحب العمل لم يرخص للعامل بالإجازة، فإن ما يكون للعامل هو الحق في المقابل النقدي ويخضع هذا المقابل النقدي لنفس أحكام باقي الحقوق المالية للعامل حيث يجوز النزول عنها بعد ثبوت الحق فيها، ولكن يلاحظ أن المشرع عندما أجاز تسوية رصيد الأجازة عيناً أو نقداً كل ثلاث سنوات يكون قد خالف هذا القضاء على الأقل للسنوات الثلاثة اللاحقة لاستحقاق الأجازة والأجر عنها .
ضم مدد الأجازة السنوية في ظل قانون العمل الحالي
- كانت المادة 3/45 من قانون العمل السابق تجيز بناء على طلب كتابي من العامل ضم مدة الإجازة السنوية فيما زاد على ستة أيام بشرط ألا تزيد بأي حال على ثلاثة أشهر .
ولم يرد في قانون العمل الحالي نصاً مباشراً يجيز ضم مدة الإجازة السنوية، ولكن نصت المادة 3/48 على أن صاحب العمل يلتزم بتسوية رصيد الأجازات كل ثلاث سنوات، وهذا يفيد أن المشرع سمح بتراكم الأجازة فالرصيد لا ينتج إلا من الضم .
ولم يسمح المشرع بالضم إلا فيما يزيد على خمسة عشر يوماً، فقد نصت المادة 48 / 3 على أنه في جميع الأحوال يجب أن يحصل العامل على إجازة سنوية مدتها خمسة عشر يوماً، منها ستة أيام متصلة على الأقل، ومن ثم فإن مبدأ الضم معمول به في ظل القانون الجديد فيما زاد على 15 يوماً، وبالتالى يؤجل الجزء المتبقي من الإجازة إلى سنوات لاحقة .
وما هي شروط الضم؟
- لا يجب إغفال أن القيام بالإجازة السنوية أصبح التزاماً على عاتق العامل وصاحب العمل على حد سواء، وعلى صاحب العمل أن يلزم العامل بالقيام بالأجازة وذلك من خلال تحديد مواعيد الأجازة طبقاً للمادة 1/48 وعلى العامل أن يلتزم بالقيام بالإجازة في التاريخ وللمدة التي حددها صاحب العمل .
وإذا ارتأى صاحب العمل أن هناك أسباباً قوية ترتبط بمصلحة العمل تستوجب عدم منح العامل أكثر من خمسة عشر يوماً سواء كان العامل قد طلب مدة أكثر أو لم يطلب، فإن المدة المتبقية والزائدة عن خمسة عشر يوماً تضم إلى أجازات السنوات اللاحقة، أي إلى رصيد أجازاته، فإن انتهت مدة خدمته دون استعمال هذا الرصيد كاملاً فإنه يحق للعامل المطالبة بالمقابل النقدي عن مدة الأجازة المتبقية في رصيده .
والضم يثير مسألتان، المسألة الأولى أثر رفض العامل القيام بالأجازة على حقه في الضم وفي المقابل النقدي، والمسألة الثانية هي ما إذا كانت هناك مدة قصوى لمدد ضم الأجازة أي هل هناك حد أقصى للمدة التي يجوز ضمها؟
- المسألة الأولى، إذا طلب صاحب العمل من العامل القيام بالإجازة السنوية في موعد حدده له، ورفض العامل القيام بالإجازة مفضلاً الاستمرار في العمل والحصول على المقابل النقدى للإجازة، أو طالباً ضم مدة الأجازة إلى رصيد أجازته السنوية، فهل يحق للعامل ضم الأجازة أو الحصول على المقابل النقدي .
ترتبط الإجابة على هذا التساؤل بمسألة هامة وهي هل يجب على العامل أن يقدم طلباً للقيام بالأجازة، أم صاحب العمل هو الذي يحدد الأجازة دون حاجة الطلب من العامل؟
- كان قضاء محكمة النقض - في ظل القانون 91 لسنة 1959 - يذهب إلى ضرورة طلب العامل القيام بالأجازة، فإن لم يطلب ذلك فإنه لا يستحق استبدالها بمقابل نقدي أو بأيام أخرى في السنة أو السنوات التالية .
ولقد تعرض هذا القضاء لانتقادات حادة من جانب الفقه، فصاحب العمل يتمتع بسلطة الأمر على العامل وهو يلتزم بإعطائه إجازته السنوية دون أن يتوقف ذلك على طلب أو موافقة العامل، ومن ثم فإن عدم حصول العامل على أجازته السنوية يعتبر بذاته إخلالاً من جانب صاحب العمل بالتزام جوهري من التزاماته .
- وذهبت محكمة النقض في ظل قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 إلى أن شرط تقديم العامل طلب لجهة العمل للحصول على إجازة وترفضه الأخيرة لم يأت به القانون، وأنه يقع على عاتق رب العمل عبء إثبات أن عدم حصول العامل على أجازته كان بسبب امتناع الأخير عن القيام بها، فضلاً عن مخالفته لقواعد الإثبات القانونية بإلقائه عبء الإثبات على رب العمل.
وإذا كانت اللائحة تستلزم تقديم دليل كتابي على طلب العامل الأجازة ورفض صاحب العمل، إلا أنه طبقاً للقواعد العامة في قانون الإثبات وطبقاً للمادة 63 / 1 من هذا القانون يجوز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد لديه مانع مادي أو أدبي حال بينه وبين الحصول على الدليل الكتابي، فإذا كان العامل قد تقدم بطلب الأجازة في حضور شاهدين وقام صاحب العمل برفض طلب العامل لأن حاجة العمل لا تسمح، فإنه يجوز إثبات تقديم الدليل على طلب الأجازة ورفض صاحب العمل بشهادة الشهود .
- وحرص المشرع في القانون الحالي على تنظيم مسألة إثبات طلب العامل أو رفضه القيام بالإجازة، بما يضع حداً لما ثار من خلاف في هذا الشأن .
فطبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 يستقل صاحب العمل بتحديد تاريخ الأجازة السنوية التي يحصل عليها العامل، بل ويلتزم العامل بالقيام بالأجازة وفقاً لهذا التحديد، فقد أقامت هذه الفقرة التزاماً صريحاً على عاتق العامل بالانصياع للتحديد الذي قام به صاحب العمل سواء من حيث تاريخ أو مدة الأجازة، ولم يكن يتضمن القانون 137 لسنة 1981 مثل هذا الالتزام وإن كان يستفاد من عموم سلطة صاحب العمل في إدارة المنشأة .
- وقطعاً لدابر الخلاف حول إثبات، ما إذا كان صاحب العمل قد حدد للعامل الإجازة ورفض العامل القيام بها، أم صاحب العمل لم يحدد أصلاً الإجازة ووقتها، نصت الفقرة الثانية من المادة 48 على ضرورة إثبات رفض العامل القيام بالأجازة كتابة، وبهذا فإن عبء الإثبات انتقل إلى صاحب العمل حيث يجب أن يقدم كتابه ما يفيد رفض العامل القيام بالأجازة التي حدد صاحب - العمل موعدها ومدتها .
والقانون لا يلزم صاحب العمل بأن يحد كتابة للعامل وقت ومدة الإجازة، وإنما يلزم أن يكون رفض العامل كتابة، وتلك الكتابة قد تكون ردة على التحديد الشفوي الذي قام به صاحب العمل. وإذا كان التحديد كتابياً فإن الرفض الكتابي قد يكون في ورقة مستقلة أو في ذيل قرار صاحب العمل بتحديد الأجازة .
- وإذا لم يقدم العامل طلبا بالإجازة، فلصاحب العمل أن يوجه إنذارا للعامل بضرورة القيام بالأجازة في الموعد المحدد وإلا اعتبر ممتنعاً أو رافضاً القيام بها، ولا يحق للعامل أن يعترض على موعد القيام بالإجازة كمبرر لرفض القيام بها لأن صاحب العمل وحده هو الذي يملك سلطة تحديد موعد ومدة الأجازة .
فالإنذار أو الإعلان يثبت من جهة تصميم صاحب العمل على إلزام العامل بالقيام بالأجازة، ويثبت في نفس الوقت، الامتناع عن القيام بالأجازة، بمجرد عدم قيام العمل بها في الموعد المحدد أي إخلاله بالتزامه القيام بالأجازة ، وقد يتم الإنذار بورقة رسمية أو بالطريقة التي يتفق عليها في عقد العمل بشأن الإعلانات التي توجه للعامل، ويعتبر في حكم الكتابة الوسائل الإلكترونية مثل البريد الالكتروني متى ثبت استلام العامل للبريد، ويجوز الاتفاق في العقد على الإعلانات عن طريق البريد الالكتروني، ويؤخذ في الاعتبار ما يجري عليه العمل في المنشأة من حيث التعامل بالبريد الالكتروني بين العمال وصاحب العمل .
- وإذا كان صاحب العمل يستقل بتحديد وقت ومدة الأجازة فإنه يجب استعمال هذا الحق بحسن نية وفقاً لما تنص عليه المادة 148 من القانون المدني بأن يكون تنفيذ العقد بحسن النية، من جانب طرفيه الدائن والمدين، فيجب إخطار العامل بوقت الأجازة في وقت يسمح له بأن ينظم أجازته السنوية ويحقق الغرض منها .
- ونرى أن إمعان النظر في المادة 48 من قانون العمل، وفي ضوء القواعد العامة في الإثبات، يفيد أن العامل يلتزم بإثبات أنه قد تقدم بطلب القيام بالإجازة ، وله أن يثبت ذلك بكافة الطرق، فالعامل هو المكلف قانونا بإثبات دعواه .
ولا يلزم صاحب العمل بإثبات أن العامل لم يتقدم بطلب القيام بالإجازة، فتلك الواقعة واقعة سلبية يصعب إثباتها، فإذا أثبت العامل طلبه بالقيام بالإجازة انتقل عبء الإثبات إلى صاحب العمل ليثبت أن العامل قد رفض كتابة القيام بالأجازة، وليس على صاحب العمل أن يثبت أنه قد طلب من العامل القيام بالأجازة، وإنما عليه أن يثبت بالدليل الكتابي رفض العامل القيام بالإجازة في ذلك التوقيت، فإن لم يقدم الدليل الكتابي على رفض العامل اعتبر عدم حصول العامل على الإجازة إخلالاً من جانب صاحب العمل بالتزامه بإعطاء العامل الأجازة.
وفي تأصيل آخر يمكن القول بأن المشرع افترض أن عدم قيام العامل بالأجازة ينطوي على إخلال من جانب صاحب العمل بالتزامه مالم يقدم الدليل على رفض العامل القيام بالأجازة، فالرفض الكتابي يعني إخلال العامل بالتزاماته القيام بالأجازة ومن ثم يتحمل هو تبعة ذلك وليس صاحب العمل، والجزاء يتمثل في حرمان العامل من حقه في اقتضاء مقابلها على ما ورد صراحة في الفقرة الثانية من المادة 48 من قانون العمل الجديد، وعدم تقديم الدليل الكتابي على رفض العامل يؤدي لاستحقاق العامل مقابلها النقدي وضم المدة، خصوصاً أنه لا يجوز النزول عن الحق في الأجازة ومن ثم لا يعتبر السكوت نزولاً .
- والمسألة الثانية إذا توافرت شروط ضم الأجازة السنوية، فهل هناك حد أقصى لمدة الضم؟
تضاربت الآراء في ظل القانون القديم، فهناك من ذهب إلى أنه في ظل المادة 3/45 فإن مدة الضم لا تزيد بأية حال على ثلاثة أشهر، وهناك من ذهب إلى أن التراكم لا يتقيد بمدة ثلاثة أشهر.
ولبيان الحل في القانون الحالي يجب البدء بتحديد موقف المحكمة الدستورية العليا، ثم الوضع من خلال نصوص القانون الحالى .
موقف المحكمة الدستورية العليا من ضم مدد الأجازة السنوية :
- كانت المادة 45 من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 تنص على أنه يجوز بناء على طلب كتابي من العامل ضم مدة الأجازة السنوية فيما زاد على الستة أيام الواجب الحصول عليها سنوياً، بشرط ألا تزيد بأية حالة على ثلاثة أشهر، أما المادة 47 فكانت تنص على أن العامل الحق في الحصول على أجر عن أيام الأجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل استعماله لها وذلك بالنسبة إلى المدة التي لم يحصل على أجازة عنها .
واختلف الرأي حول ما إذا كان ضم مدة الأجازة السنوية في حالة انتهاء خدمة العامل يكون حده الأقصى طبقاً لما ورد في المادة 45 أم أن المادة 47 تفيد عدم وجود حد أقصى لضم المدد.
وذهبت محكمة النقض إلى استحقاق العامل مقابل نقدي عن رصيد أجازاته السنوية عند انتهاء خدمته أياً كانت مدة هذا الرصيد، أما الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، فقد قصرت هذا الحق عن رصيد أجازاته التي يستحقها أو التي لم يستعملها بما لا يجاوز ثلاثة شهور .
وإزاء هذا الخلاف طلب وزير العدل من المحكمة الدستورية العليا إصدار تفسير تشريعي للمادة 47 من قانون العمل الملغي .
وانتهت المحكمة الدستورية إلى أن حق العامل في ضم المدة التي لم يحصل على أجازة عنها لا يجاوز ثلاثة أشهر طبقاً للمادة 47، فالمادة 47 يجب أن يتقيد أعمالها بالقيد الوارد في المادة 45.
- ولما كان إصدار تفسير ملزم من المحكمة لا يحول دون الطعن بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 45 فقد قضت المحكمة في حكمها الصادر بجلسة 17 مايو 1997 في القضية رقم 47 لسنة 18ق دستورية بعدم دستورية ما تضمنته المادة 45 من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من ألا تزيد على مدة ثلاثة أشهر مدة الأجازة السنوية التي يجوز للعامل أن يضمها، ولو كان الحرمان من هذه الأجازة – فيما جاوز من رصيدها هذا الحد الأقصى - عائداً إلى رب العمل .
واستندت المحكمة إلى أن الفقرة الثالثة من المادة 45 إذ تحرم العامل من حقه فيما يقابل الأجازة من تعويض فيما يزيد على ثلاثة أشهر تكون قد اعتدت على العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل وهذا الحق يندرج في إطار الحقوق التي كفلتها المادتان 32، 34 من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة، والملكية تتسع لتشمل الحقوق العينية والشخصية وحقوق الملكية الأدبية والفنية والصناعية، وعدم الدستورية ينسحب على الفقرة المذكورة بأثر رجعي أي منذ العمل بالقانون 137 لسنة 1981.
وبناء على هذا فقد أصبح من حق العامل ضم مدة الإجازة السنوية دون أن يتقيد بمدة ثلاثة أشهر، وذلك متى توافرت شروط ضم الأجازة .
- وإعمالاً لهذا المبدأ الدستوري فقد نصت المادة 48 من قانون العمل الجديد في فقرتها الثالثة على أنه إذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاد العامل رصيده استحق المقابل النقدى للرصيد. فلم يضع المشرع أي مدة قصوى لضم الأجازة وبالتالي للمقابل المادي المستحق عن رصيد الأجازة .
وبهذا يستحق العامل مقابل رصيد الأجازة دون حد أقصى وأياً كان وقت ضم المدة أى أثناء العمل بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أو بعد العمل بقانون العمل الجديد، وخلال فترة العمل بالقانون 91 لسنة 1959 الذي لم يتضمن اصلاً قيد مدة الثلاثة شهور .
الإلزام بتسوية رصيد الأجازات أو مقابلها كل ثلاث سنوات على الأكثر
– فقد ألزمت الفقرة الثالثة من المادة 48 صاحب العمل بتسوية رصيد الأجازات أو الأجر المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر. وتسوية الرصيد تفيد بطريق اللزوم جواز ضم مدة الأجازة من حيث المبدأ. ويستهدف المشرع أن يرفع عن كاهل صاحب العمل مقابل الأجازة المتراكم، ومصلحة العامل بالتعجيل بالحصول على حقوقه .
فمن حق صاحب العمل أن يلزم العامل بإجراء تلك التسوية وليس للعامل أن يعترض على ذلك .
وجاءت مدة الثلاث سنوات كحد اقصى، بمعنى أنه يجوز أن تتم تلك التسوية سنويا ودون أدنى ترحيل للأعوام التالية .
- وعدم قيام صاحب العمل بإجراء تلك التسوية كل ثلاث سنوات على الأكثر لا يؤثر ولا يحول دون تراكم حقوق العامل متى توافرت شروط استحقاقه للإجازة أو مقابلها .
ولا يجب أن يفهم من هذا النص أن ضم الأجازة السنوية يتقيد بالأجازة المستحقة عن ثلاث سنوات فقط. فيجوز ضم أي مدة متى توافرت شروط الضم على النحو السابق بيانه. كما لا يستفاد منها أن أقصى حد لمدة الضم هو ثلاثة شهور باعتبار أن الأجازة السنوية الشهرية حدها الأقصى التشريعي 30 يوماً. ومن ثم فإنه لا شأن للتسوية بقيام الحق ذاته وإنما هي وفاء بالالتزام من جانب صاحب العمل ويمكن أن يتم ذلك طبقاً للقواعد العامة في الوفاء والحق لا ينشأ إلا إذا لم يقدم صاحب العمل كتابة رفض العامل القيام بالأجازة .
- والمقصود بتسوية الرصيد منح العامل أجازة تعادل متجمد الأجازة، أو أن يؤدى للعامل الأجر المقابل لرصيد الأجازة، أي التسوية العينية أو النقدية .
والالتزام بالتسوية يقع على صاحب العمل، ما لم يطلب العامل تلك التسوية قبل ذلك. فمن حق العامل أن يطلب التسوية واقتضاء حقوقه. والخيار بين منح أجازة من الرصيد أو أداء المقابل النقدي مقرر لصاحب العمل وفقاً لما تقتضيه مصلحة العمل .
فإن أختار صاحب العمل إلزام العامل باستنفاد متجمد الأجازة، فيجب على العامل القيام بالأجازة ويلزمه بها صاحب العمل. أما إذا أختار صاحب العمل أداء مقابل متجمد الأجازة فلا يجوز للعامل التمسك بالحصول على أجازة استنزالاً من رصيد الأجازة، فالخيار مقرر لصاحب العمل بما له من سلطة تنظيم المنشأة. وعلى صاحب العمل أن يؤدى للعامل الأجر المقابل للرصيد طبقاً للقواعد العامة في الوفاء. فرفض العامل قبض الأجر المذكور لا يعفى صاحب العمل من الوفاء المبرئ لذمته طبقاً للقواعد العامة كاللجوء على إجراءات العرض والإيداع.
وتسوية الرصيد لا يلزم أن يكون بمنح العامل أجازة بكامل متجمد الأجازة دفعة واحدة، فقد يتم ذلك على فترات متعددة وفقاً لمصلحة العمل. ويبدو من النص أنه يجب إنهاء مسألة الرصيد المتجمد كل ثلاث سنوات على الأكثر أى ألا يتبقى أي رصيد في نهاية كل ثلاث سنوات .
- ويستهدف هذا النص مواجهة إصرار العامل على الاحتفاظ برصيد إجازته حتى نهاية خدمته للحصول على مقابل نقدي كبير، استناداً إلى أنه بانقضاء السنة التي تستحق عنها الأجازة لا محل للتنفيذ العيني، كما أن الحق في المقابل النقدي لا ينشأ إلا بعد انتهاء عقد العمل إذا لم يكن العامل قد استنفذ رصيده قبل ذلك .
ومن هنا تبدو الأهمية القصوى لما جاء في القانون من إلزام صاحب العمل بتسوية رصيد الإجازات أو المقابل النقدي عنه. فيجب إجراء تسوية للمتجمد من الإجازات السنوية كل ثلاث سنوات على الأكثر. ولقد أوضح المشرع أن تلك التسوية تشمل رصيد الأجازة أى منح العامل أجازته السنوية المتراكمة بالرغم من انقضاء السنة المستحقة عنها الإجازة، أو تسوية التعويض عن المقابل النقدى للرصيد كل ثلاث سنوات على الأكثر أي أن المقابل النقدي يستحق في نهاية كل ثلاث سنوات عن المدة التي تدخل فيها دون انتظار انقضاء علاقة العمل .
ولما كان المشرع قد فرض على صاحب العمل إجراء التسوية على النحو المشار إليه، فإن العامل لا يحق له الاعتراض على ذلك متحصناً بالقضاء السابق بيانه، إذ أن النص الجديد يواجه هذا القضاء حيث يضع حداً له في الحدود الواردة في النص أي أنه يجوز الحصول على رصيد الإجازة بالرغم من انقضاء السنة المستحقة الإجازة عنها أي التنفيذ العيني .
وفي جميع الأحوال إذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاد العامل رصيد أجازاته السنوية استحق الأجر المقابل لهذا الرصيد فلا محل للقيام بالأجازة بعد انتهاء علاقة العمل، فالاستحالة التي تمنع التنفيذ العيني هي فقط انتهاء علاقة العمل .
- وقضت الهيئة العامة للمواد المدنية بمحكمة النقض بأن دعوى العامل بطلب الحكم له بمقابل رصيد الإجازات هي في حقيقتها دعوى بطلب تعويض العامل عن حقه فيها، ومن ثم يجوز للعامل - كأصل عام - أن يطلبها جملة أياً كان مقدارها إذا كان اقتضاء ما تجمع منها ممكناً عيناً، وإلا تعين أن يكون التعويض عنها مساوياً - على الأقل - لأجره عن هذا الرصيد أيا كان مقداره، تقديراً بأن المدة التي امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الأجازة سببها إجراء اتخذه صاحب العمل .
ومن المقرر أن التعويض مقياسة الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ، ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته، هذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضي بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعاً كان هذا الضرر أم غير متوقع متى تخلف عن المسئولية التقصيرية .
وتقدر قيمة الدعوى بقيمة ذلك التعويض وهي على هذا النحو تكون قابلة للتقدير حتى لو لم يحدد العامل مبلغ التعويض إذ يتعين أن يكون التعويض مساوياً على الأقل لأجره عن الرصيد أياً كان مقداره، وإذا كان كل من أجر العامل وعدد أيام أجازاته التي لم يستنفذها ثابتة بسجلات ودفاتر جهة العمل، فإنها تعتبر الأسس الحسابية التي يمكن على أساسها حساب قيمة الدعوى يوم رفعها، ودعوى المطالبة بالمقابل النقدي لرصيد الإجازات فيما جاوز الحد الأقصى الذي يقرره القانون أو اللائحة هي دعوى تعويض يمكن تقدير قيمتها إذا لم يحدد العامل مقدار التعويض، فهي دعوى مقدرة القيمة .
وتخضع دعاوى المطالبة بالمقابل النقدي عن رصيد الإجازات للتقادم الحولي باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل .
والأصل أن مدة التقادم كانت تبدأ من تاريخ انتهاء عقد العمل فالحق في المقابل النقدي لرصيد الأجازات لا ينشأ إلا بعد انتهاء خدمة العامل .
ولما كان التقادم لا يتعلق بالنظام العام فيجب أن يتمسك به صاحب الشأن .
أجر الإجازة السنوية
من المبادئ الهامة التي نص عليها القانون أن الإجازة السنوية تكون بأجر كامل. فالإجازة لا تؤتي ثمارها من حيث الاسترخاء واستعادة النشاط إلا إذا كان العامل يحصل خلالها على نفس الدخل الذي يحصل عليه أثناء العمل، وحرمانه من الأجر يؤدي إلى الإضرار بالعامل لا إلى نفعه.
والقانون صريح في أن الأجر يجب أن يكون كاملاً، ولا صعوبة في الأجر الثابت فالعامل يقبض خلال الإجازة نفس الأجر الذي يقبضه أثناء العمل .
ولكن الصعوبة ثارت بالنسبة للعمال الذين يتقاضون أجوراً ثابتة مضافاً إليها عمولة أو نسبة مئوية، فهل تدخل العمولة أو النسبة في حساب أجر الإجارة .
استقر قضاء محكمة النقض في ظل القانون رقم 91 لسنة 1959 على أن الأجر الذي يحسب علي أساسه مقابل الأجازة هو ذلك الأجر الثابت الذي تقاضاه العامل أو المستخدم مقابل ما يؤديه من عمل، هذا العمل هو الذي يأخذ العامل في حالة قيامه بالأجازة مقابله كأنه أداة .
- وملحقات الأجر لا تدخل في الاعتبار عند حساب مقابل الأجازة، وأن مقابل الأجازة لا يحتسب إلا على أساس الأجر الثابت الذي يتقاضاه دون اعتبار لما تكون له من ملحقات .
كما قررت المحكمة أن العمولة لا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها وهو التوزيع الفعلي، فإذا باشره العامل استحق العمولة وبمقدار هذا التوزيع، أما إذا لم يباشرة العمل أو لم يعمل أصلاً فلا يستحق هذه العمولة، وبالتالى فلا يشملها الأجر الكامل الذي يؤدي للعامل عن فترات الأجازات .
ولقد عارض الفقه التعميم الوارد في هذا القضاء فهناك من الملحقات التي قد تتسم بصفة الثبات والاستقرار، وكان من المفروض أن تؤخذ في الحسبان متي اكتسبت هذه الصفة .
ولقد أخذ المشرع في قانون العمل برأي الفقه ووضع حداً بذلك لقضاء النقض. فتقرر المادة 39 من القانون بأن يكون حساب متوسط الأجر اليومي للعمال الذين يتقاضون أجوراً ثابتة مضافاً إليها عمولة أو نسبة مئوية على أساس متوسط ما تناوله العامل عن أيام العمل الفعلية في السنة الأخيرة أو عن المدة التي اشتغلها أن قلت عن ذلك مقسومة على أيام العمل الفعلية في ذات الفترة .
وعلى هذا فقد حسم المشرع المشكلة بالنسبة للعمولة والنسبة المئوية فهذه الملحقات أصبح من الممكن اعتبارها من ضمن أجر الإجازة بشرط أن تتوافر لها الشروط العامة اللازمة لاعتبارها جزء من الأجر والتي سبق لنا دراستها .
- وإذا كان يدخل في معنى الأجر الكامل الذي يقرره القانون ملحقات الأجر، إلا أنه يخرج عن مدلوله في مجال أجر الأجازة السنوية ما يستحقه العامل من منحة سنوية أو نسبة من الأرباح النهائية، اعتباراً بأن العامل يعطى حقه من ذلك في موعد استحقاقه السنوي بما يمنع من احتسابه ضمن أجره مرة أخرى عن فترة أجازته، فنظراً لأن هذه الملحقات تقدر بالنظر للسنة كلها، بما في ذلك فترة الإجازة، حيث لا ينتقص مما يستحقه العامل سنوياً من الأرباح أي مبلغ مقابل الأيام التي لم يعمل فيها لقيامه بأجازته السنوية، فإن إدخالها في أجر الإجارة يؤدى إلى حصول العامل عليها أكثر من مرة .
- وفيما يتعلق بالمزايا العينية والبدلات، مثل السكن، فإن مقابل السكن يجب أن يستبعد من أجر الأجازة مادام أنه كان منتفعاً به ومحبوساً على ذمته وقت استحقاقه للإجازة والقول بغير ذلك يترتب عليه أن يتقاضى العامل هذه الميزة العينية أكثر من مرة، مرة أثناء سريان العقد منذ بدايته وحتى نهايته، إذ ينتفع عينا بالسكن الذي خصص له، ومرة أخرى عند إلحاق مقابلها بالأجر لاحتساب مقابل الأجازة .
-أما إذا كانت الميزة العينية تعتبر جزءاً من الأجر وكان احتسابها في أجر الإجازة لا ينطوي على مضاعفة الأجر فإنها تؤخذ في الاعتبار عند احتساب أجر الأجازة، فلو كانت السيارة تعتبر ميزة عينية وحرم منها العامل أثناء الإجازة فيجب أن يضاف المقابل النقدي لتلك الميزة إلى أجر الأجازة، وبالنسبة لوجبات الطعام التي تعتبر ميزة عينية فإنها يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقرير أجر الأجازة، وبقدر مقابلها النقدي على أساس سعر التكلفة الفعلي للوجبة، ولا يستحق كذلك بدل الانتقال متى كان مقابل النفقات الفعلية للانتقال .
- وفيما يتعلق ببدل طبيعة العمل فقد ذهب رأي إلى أنه لا يدخل في أجر الإجازة لأنه مقابل مخاطر العمل وهي تتوقف خلال الإجازة، ونرجح الرأي الذي يذهب إلى احتساب بدل طبيعة العمل ضمن أجر الأجازة فهو لا يستهدف رد نفقات معينة للعامل وإنما هو جزء لا يتجزأ من الأجر، والعامل يظل على قوة نفس العمل خلال الإجازة .
- وبالنسبة لبدل التمثيل : فبالرغم من أنه مقابل نفقات الوظيفة إلا أنه في جانب كبير منه يتقرر لمواجهة مظاهر الوظيفة التي يشغلها العامل، ويجب المحافظة على هذا المظهر طوال فترة سريان العقد، ولهذا نرى استحقاق بدل التمثيل عند احتساب مقابل الأجازة فبدل التمثيل لا يرتهن كلية بالوجود في مكان العمل .
وتدخل علاوة غلاء المعيشة في حساب مقابل الإجازة .
ويثور التساؤل أخيراً عن حساب أجر الإجازة إذا كان الأجر في صورة وهبة . تفرق المادة الأولى من قانون العمل بين الوهبة بالمعنى الدقيق والنسبة المئوية التي يدفعها العملاء. وعلى هذا فيما يتعلق بالنسبة المئوية فإنها تدخل في أجر الأجازة على أساس أن عبارة المادة 39 من القانون تتسع لتشمل كل ما يتقاضاه العامل في صورة نسبة مئوية، وهذه النسبة تكون على المبيعات أو الإيراد أو على ما يقدم من خدمات. أما الوهبة في غير صورة النسبة المئوية فلا تدخل في حساب الأجر إلا إذا توافرت لها شروط الانضباط .
ولكن يثور التساؤل عن المصدر الذي تدفع منه الوهبة خلال الإجازة، فالأصل أن الوهيبة يدفعها العملاء وليس صاحب العمل .
يذهب الفقه إلى أن صاحب العمل يلتزم بدفع مقابل الوهبة من ماله الخاص خلال الأجازة ولا يجوز له أن يقتطعه من حصيلة الهبات التي يحصل عليها العمال القائمين بالعمل فعلاً أثناء أجازة زميلهم لأن هذا الاقتطاع معناه تحمل هؤلاء العمال لأجر زميلهم أثناء الأجازة في حين أن القانون يلزم صاحب العمل بهذا الأجر .
ونعتقد أن هذا الرأي يجافي طبيعة الوهبة وضرورة انضباطها حتى تؤخذ أصلاً في الاعتبار. فالوهبة المنضبطة تختلف عن التبرع الشخصي الذي يعطي للعامل. وعندما يعمل العامل فإنه لا يحصل لنفسه على كل الوهبة التي يحصل عليها مقابل ما قدمه من خدمات بل تؤول إلى صدوق وذلك يصدق أيضاً فيما يتعلق بالنسبة المئوية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى المشرع لم يلزم صاحب العمل شخصياً بسداد أجر الإجازة وإنما أوجب استمرار صرف أجره کاملاً طبقاً لنفس قواعد صرف أجر العمل. وأخيراً فإن من يعمل من العمال لن يدفع في حقيقة الأمر لمن في أجازة، لأن الإجازة السنوية حق للجميع فهی دورية بينهم. ولهذا نرى أن تقتطع الوهبة من مجموع ما يتحصل عليه من أموال للوهبة وليس من مال صاحب العمل. فاستحقاق الوهبة أو النسبة المئوية خلال الإجازة لا يعني أكثر من استمرار الوضع السائد أثناء العمل وامتداده إلى حال الأجازة، أما إذا أغلقت المنشأة بأكملها للأجازة السنوية فإن صاحب العمل هو الذي يتحمل أجور العمال ويتحدد الأجر حينئذ وفقاً للمادة 39 .
- ويثور التساؤل عما إذا كان الأجر الإضافي الذي كان يتقاضاه - العامل في أيام العمل لاشتغاله ساعات إضافية تزيد على الحد الأقصى، يدخل في حساب أجر الأجازة. استقر قضاء محكمة النقض على عدم احتساب الأجر الإضافي ضمن مقابل الأجازة. فالأجر الإضافي غير ثابت ولا مستقر ومن ثم لا يدخل ضمن الأجر الكامل للأجازة .
ويرجع ذلك إلى أن الأجر الإضافي في ظل القانون المصري الذي يجعل من العمل ساعات إضافية أمراً استثنائياً، وفي ظل قضاء النقض الذي يرى عدم استحقاق العامل أي أجر في حالة مخالفة هذه الأحكام، يستحيل أن يكتسب صفة الدوام والثبات. فالمادة 85 تواجه حالات طارئة أو استثنائية ولا يمكن أن ينشأ عنها وضع ثابت مستقر يسمح بجعلها جزءاً من مقابل الإجازة .
أثر انتهاء عقد العمل على الحق في الإجازة السنوية
وإذا لم يكن العامل قد حصل على أجازته السنوية وتصادف أن أبدى صاحب العمل رغبته في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة، فهل يحق لصاحب العمل أن يلزم العامل بالقيام بأجازته السنوية خلال فترة الإخطار بحيث تنتهي الأجازة السنوية مع نهاية فترة الإخطار. وتبدو أهمية هذه المسألة في حالة ما إذا كان العامل يفضل البقاء في العمل حتى يحصل على أجر مضاعف عن رصيد أجازاته السنوية المتراكمة، ويرغب صاحب العمل بطبيعة الحال في التخلص من ذلك العبء المالي ومن وجود العامل .
قد يذهب اتجاه إلى جواز إلزام العامل بالقيام بالأجازة السنوية خلال فترة الأخطار. فمهلة الأخطار تدخل في مدة العقد، ويسري عليها كافة القواعد العامة بما فيها من حق صاحب العمل في تحديد وقت القيام بالأجازة .
ولكن نذهب إلى أن المشكلة لا تقوم إلا في حالة عدم رغبة صاحب العمل في استبقاء العامل خلال مهلة الإخطار. وطبقاً للقواعد العامة يلتزم صاحب العمل بدفع مقابل المهلة، وإلزام العامل بالقيام بالأجازة السنوية يعني حرمانه من مهلة الأخطار مما ينطوي على تعديل لتكييف مدة عدم العمل على خلاف قواعد مهلة الإخطار، وفي حالة إلزام العامل بالقيام بالأجازة السنوية فإن مدة الإخطار لا تسرى إلا منذ انتهاء الإجازة، وإذا لم يرغب صاحب العمل في عودة العامل بعد الإجازة فإنه يلتزم بدفع مقابل الأخطار بالإضافة إلى أجر الأجازة، فلكل أجازة هدفها المتميز .
- وإذا كان العقد محدد المدة فلا تثور المشكلة أصلاً لأن العقد ينتهي بانتهاء مدته دون حاجة لإخطار ولا يوجد ما يمنع من أن تكون الأجازة السنوية سابقة مباشرة لانتهاء العقد .
- ويجوز إنهاء العقد خلال الأجازة السنوية، وذلك بعكس الأجازة المرضية فالعقد يوقف خلال الإجازة المرضية ولا يجوز إنهاء العقد استناداً إلى نفس سبب الوقف، ولكن مدة الأخطار لا تبدأ في السريان إلا من تاريخ انتهاء الأجازة السنوية .
- للعامل الحق في الحصول على أجره عن أيام الأجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل استعماله لها وذلك بالنسبة إلى المدة التي لم يحصل على أجازة عنها، وقضت محكمة النقض بأن مؤدى ذلك أن انتهاء خدمة العامل لا يؤثر على حقه في أجازة السنة الأخيرة من خدمته، وأنه يستحق مقابلاً لما لم يحصل عليه منها، وأنه إذا لم يقضي سنة كاملة في الخدمة يكون له الحق في مقابل الأجازة بنسبة المدة التي قضاها أيا كان سبب انتهاء الخدمة، ولا يجوز أن يقضي له بالمقابل النقدي للأجازة السنوية عن كامل هذه السنة، فإذا انتهى العقد فلا يمكن منح العامل الإجازة عينا، ولا يجوز امتداد العقد للمدة اللازمة للحصول على الأجازة ، ولهذا يجب أن يستحق المقابل النقدي لعدم الحصول على الأجازة .
الطبيعة القانونية لأجر الأجازة
- نلاحظ مبدئياً أن المشرع يسميه الأجر المقابل، أما قضاء النقض فيحرص على استعمال عبارة مقابل الأجازة .
استقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على أن الحق في الأجازة بأجر كامل يكتسبه العامل شهراً بشهر ويعتبر عنصراً من الأجر مؤجل السداد، ويدخل في حساب سعر التكلفة ويعتبر حقاً مكتسباً للعامل أياً كانت حالته .
وعلى هذا فإن مقابل الأجازة يعتبر أجراً ويتمتع بكافة خصائص الأجر. فقد لوحظ في هذا المقابل العمل السابق الذي قام به العامل قبل قيامه بأجازته، فلا يجوز الحجز على هذا المقابل إلا في الحدود التي يجوز فيها الحجز على الأجر .
فأجر الأجاز هو مقابل العمل الذي قام به العامل خلال السنة السابقة على الأجازة ويستحقها شهراً بشهر بحيث يستحق الأجازة بنسبة الفترة التي عمل فيها من السنة. فالمقابل يستحق عن عمل سابق وليس عن عمل قام به العامل أثناء الأجازة . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 566 )