loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )

الإجازات

تمشياً مع مستويات العمل الدولية التي ربطت بين مدة الإجازة الاعتيادية مدفوعة الأجر التي يستحقها العامل وبين مدة خدمته وتقنيناً لما استقر عليه القضاء يتجه المشروع في حساب مدة الخدمة إلى عدم اقتصارها على المدة التي أمضاها العامل لدى صاحب العمل وإنما تضاف إليها المدة التي قضاها في الخدمة لدى أكثر من صاحب عمل، وبحيث تكون مدة الإجازة ثلاثين يوماً متى أمضى العامل في الخدمة عشرة سنوات لدى صاحب عمل أو أكثر، وتحتسب مدة الإجازة من أيام العمل الفعلية، فلا يدخل في حسابها عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية والراحة الأسبوعية (المادة 47 ) ويتمشى هذا الحكم المستحدث مع أحكام قوانين العمل المقارنة، واتفاقيات العمل العربية ومستويات العمل الدولية . 

وتعطي الفقرة الثانية من المادة ذاتها العامل الذي لم يستكمل مدة العمل الموجبة للإجازة السنوية كاملة الحق في الحصول على مدة إجازة تتناسب مع المدة التي قضاها في الخدمة بشرط أن يكون قد أمضى في العمل ستة أشهر على الأقل . 

كذلك تضيف الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فئة من يعملون بالأعمال المضرة بالصحة إلى بعض فئات العمال التي يصدر من الوزير المختص قرار بزيادة مدة الإجازة السنوية لها، وذلك بعد أخذ رأي وزير الصحة بالنسبة لتحديد المهن الخطرة والشاقة والضارة بالصحة، وهي إضافة جديدة لم ترد في القوانين السابقة . 

وترخص المادة (48) لصاحب العمل تنظيم الإجازات السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه وبحيث لا يجوز قطعها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل مع التزام العامل بالقيام بإجازاته في التاريخ والمدة التي يحددها صاحب العمل وسقوط حقه في اقتضاء مقابل رصيد الإجازات إذا رفض كتابة القيام بالإجازة في التاريخ والمدة المشار إليها . 

ويوجب المشروع في الفقرة الثالثة من تلك المادة أن يحصل العامل على إجازة سنوية مدتها خمسة عشر يوماً منها ستة أيام متصلة على الأقل مع التزام صاحب العمل بتسوية رصيد إجازات العامل أو أجره المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر، فإذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاذ العامل رصيد إجازاته السنوية استحق العامل الأجر المقابل لهذا الرصيد . 

ويأخذ المشروع في المادة (49) بذات الحكم الوارد في القانون القائم والمتعلق بالإجازة التي يحصل عليها العامل لأداء الإمتحان، وذلك إذا كان ملتحقاً بالدراسة بإحدى مراحل التعليم بشرط أن يخطر صاحب العمل قبل قيامه بالإجازة بخمسة عشر يوماً على الأقل مع إجازة حق صاحب العمل في حرمان العامل من أجره عن هذه الإجازة أو استرداد ما قد يكون قد أداه له عنها إذا ثبت اشتغاله خلالها لدی صاحب عمل آخر دون أن يخل ذلك بحق صاحب العمل في الجزاء التأديبي (مادة 50) ودون أن يتقيد تحديد الإجازة بما يملكه صاحب العمل من حق التوفيق بين موعد الإجازة السنوية ومقتضيات العمل . 

وتيسيراً على العامل إذا ما واجهته ظروف عارضة تضطره إلى الغياب دون أن يتمكن من إخطار صاحب العمل وتوفيق بين أحكام قانون العاملين بالقطاع العام وقانون العمل القائم يزيد المشروع مدة الإجازة العارضة إلى ستة أيام خلال السنة وبحد أقصى يومان في المرة الواحدة (المادة 51) . 

ويأخذ المشروع فيما يتعلق بإجازة الأعياد والمناسبات بالأحكام المقررة في نص المادة (48) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم مع تعديل في الصياغة قصد الخلاف حول قيمة مقابل الإجازة التي يحصل عليها العامل في حالة استخدام صاحب العمل الرخصة التي خولته إياها الفقرة الثانية من المادة (52) بتشغيل العامل في هذه الأيام متى اقتضت ظروف العمل ذلك، بحيث يستحق العامل بالإضافة إلى أجره (الذي يستحقه في كل الأحوال حتى ولو لم يعمل مستفيداً من الإجازة المقررة) مقابلاً لتشغيله في هذا اليوم يعادل مثلي الأجر المقرر . 

ويبقى المشروع المبدأ المقرر في المادة (49) من القانون القائم بالنسبة لإجازة أداء فريضة الحج أو زيارة بيت المقدس مع تعديل واضح، حيث يعجل هذه الإجازة حقاً للعامل الذي أمضى في خدمة صاحب العمل خمس سنوات متصلة على أن تكون بأجر کامل ولمرة واحدة طوال مدة خدمته لدى صاحب العمل وتحدد هذه الإجازة وفقاً الظروف العمل . 

وانطلاقاً من فكرة توحيد القواعد التي تحكم حقوق العمال في كافة القطاعات ، يأخذ المشروع بتوحيد حكم الأجازة المرضية بالنسبة لكل العمال الخاضعين لأحكامه مع الإحالة في تنظيم مدد هذه الإجازة والنسب المستحقة من الأجر في حالة مرض العامل إلى قوانين التأمين الاجتماعي . 

ويستحدث المشروع في الحكم الوارد في المادة (55) الذي يتعلق بالأجازات الدراسية مدفوعة الأجر التي تمنح للعمال، حيث تقرر أن يترك لاتفاقيات العمل الجماعية ولوائح تنظيم العمل بالمنشأة تحديد الشروط والأوضاع الخاصة بهذه الأجازات . 

( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )

استبقى المشروع الفقرة الثانية من المادة 45 من القانون 137 لسنة 1981 ولكن خصص لها مادة مستقلة (المادة 49 من المشروع) وتتعلق بالإجازة التي يحصل عليها العامل لأداء الامتحان وذلك إذا كان ملتحقاً بالدراسة بإحدى مراحل التعليم ، وهذا الحكم الذي استحدثه القانون 137 لسنة 1981 يتميز بأنه يعطي للعامل فرصة مواصلة التعليم وهو ما قد يساعده على بلوغ درجة أعلى من الكفاءة إن هو استمر في عمله أو السماح له بتدرج السلم الإجتماعي إن هو بذل العمل الذي يقوم به بعد حصوله على المؤهل الذي جد للحصول عليه ، ولذلك أتاح له المشروع فرصة تحديد إجازته وقت الامتحان حتى لا تفوته مواعيده وحتى يغلق الباب نهائياً أمام ما قد يثور في ذهن صاحب العمل من حرمان العامل من هذه الفرصة ، لذلك رئى إفراد نص خاص لهذا الحكم تأكيدا على أنه استثناء من المبدأ العام المقرر والذي يعطي لصاحب العمل الحق في تنظيم الأجازات في منشأته ، فلولا هذا النص ما كان هناك محل للنعي على قرار صاحب العمل برفض إعطاء إجازة للعامل خلال فترة الإمتحان ، وما كان هناك مجال للطعن بالتعسف في هذا القرار لأنه بموجب القاعدة العامة (مادة 48 من المشروع) يملك صاحب العمل التوفيق بين موعد الإجازة السنوية ومقتضيات العمل ، وربما رأى أن هذه المقتضيات تستلزم وجود العامل في عمله أثناء فترة الإمتحان .  

الأحكام

1- لما كانت المادة 47 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 تنص على أن ( للعامل الحق في الحصول على أجره عن أيام الإجازة المستحقة له في حالة تركه العمل قبل إستعماله لها وذلك بالنسبة إلى المدة التى لم يحصل على إجازة عنها . ) وكانت المحكمة الدستورية العليا بموجب حكمها الصادر في 27 / 5 / 1997 في القضية المقيدة بجداولها برقم 47 لسنة 18 ق والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 29 / 5 / 1997 قد خلصت إلى عدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل سالف الذكر من ألا تزيد على ثلاثة أشهر مدة الإجازة السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها ولو كان الحرمان من هذه الإجازة فيما جاوز من رصيدها الحد الأقصى عائداً إلى رب العمل ، وكان من بين ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها أن الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل لا تُرخص للعامل بأن يضم من مدة الإجازة السنوية التى قام بتجميعها ما يزيد على ثلاثة أشهر حماية منها للعامل حتى لا يُبدد قواه ، وكان أكثر ما يُهدد العامل أن تتذرع جهة العمل بواجبها في تنظيم العمل لتحول دون حصوله على إجازة يستحقها إذ يُعتبر الحرمان منها وفيما يجاوز الأشهر الثلاثة التى حددتها الفقرة الثالثة من المادة المُشار إليها والتى يستحق العامل المقابل النقدى عنها أياً كان سبب عدم حصوله عليها تفويتاً لحقه فيما يُقابلها من تعويض يتحدد مداه بقدر الأضرار التى رتبها هذا الحرمان ما كان منها مادياً أو معنوياً ، فإن مُقتضى ما تقدم أن حق العامل في الحصول على المقابل النقدى للإجازات التى لم يستعملها حتى تاريخ إنتهاء خدمته فيما جاوز من رصيدها ثلاثة أشهر منوط بأن يكون الحرمان من الإجازة لسبب يرجع إلى رب العمل ويقع على العامل عبء إثبات هذا السبب .

( الطعن رقم 231 لسنة 75 - جلسة 16 / 4 / 2006 )

2- المدعى هو المكلف قانوناً بإثبات دعواه وتقديم الأدلة التى تؤيد ما يدعيه فيها ، بما مؤداه أنه يقع على عاتق المطعون ضده عبء إثبات أن حرمانه من الإجازة كان راجعاً إلى الطاعنة ، وكان المطعون ضده لم يقدم ما يدل على أن الطاعنة هى التى تسببت في حرمانه من القيام بإجازاته ، فإن دعواه تكون عارية من الدليل مما يتعين معه القضاء في موضوع الاستئناف رقم ٠٠٠٠٠ بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى .

( الطعن رقم 3562 لسنة 75 - جلسة 1 / 1 / 2006 )

3- لما كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة بمقابل رصيد الإجازات التى لم يستعملها المطعون ضده حتى تاريخ إنتهاء خدمته إستناداً إلى أن الأوراق خلت مما يدل على أن عدم حصوله على الإجازات كان راجعاً إلى الطاعنة ، دون أن يورد ما يُفيد إطلاعه على لائحة نظام العاملين بالشركة وما تضمنته من قواعد في خصوص إجازات العامل رغم لزوم ذلك للفصل في الدعوى ، فإنه يكون قاصر البيان بما يُعجِز محكمة النقض عن مراقبة تطبيقه للقانون (2) .

( الطعن رقم 2151 لسنة 74 - جلسة 1 / 1 / 2006 )

4- حكم المحكمة الدستورية العليا :

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 يناير سنة 2005 م ، الموافق 28 من ذى القعدة سنة 1425 ه .

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح ومحمد عبد العزيز الشناوى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا

برقم 128 لسنة 25 قضائية دستورية المحالة من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 1631 لسنة 9 قضائية .

المقامة من

1-  السيد / عاطف محمد حسين إبراهيم

ضد

1- السيد رئيس مجلس الوزراء

2-  السيد رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون

الإجراءات

بتاريخ الخامس من شهر أبريل سنة 2003 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا

ملف الدعوى رقم 1631 لسنة 9 قضائية من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط ، بعد أن قررت تلك المحكمة وقف الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة للفصل فى دستورية الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بالقرار رقم 590 لسنة 1996

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1631 لسنة 9 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط ضد المدعى عليه الثانى ، طالباً الحكم بإلزامه بأن يؤدى له المقابل النقدى عن رصيده من الإجازات الاعتيادية التى لم يحصل عليها أثناء مدة خدمته ، وبجلسة 29 / 1 / 2003 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بقرار رئيس مجلس الأمناء رقم 590 لسنة 1996 ، فيما تضمنته من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز خمسة أشهر .

وحيث إن المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون المار ذكرها – والتى تحكم واقعة الدعوى – تنص فى فقرتها قبل الأخيرة على أنه : - فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية يستحق عن هذا الرصيد أجره الشامل الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أجر خمسة أشهر .

وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية إنما يتحدد بما يكون لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية وهو ما تتحقق به المصلحة الشخصية للمدعى . لما كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق المدعى فى المقابل النقدى لرصيد إجازاته فيما زاد عن خمسة اشهر ، فإن نطاق الدعوى الماثلة ينحصر فى نص الفقرة قبل الأخيرة من المادة (٥٩) من اللائحة المشار إليها فيما تضمنه من وضع حد أقصى لرصيد الإجازات الذى يستحق مقابلاً عنه .

وحيث إن اتحاد الإذاعة والتليفزيون وفقاً لقانون إنشائه رقم 13 لسنة 1979 ، هو هيئة عامة تتولى إدارة مرفق عام ، وهو الإذاعة المسموعة والمرئية فى جمهورية مصر العربية ، ومن ثم فهو شخص من أشخاص القانون العام ، ويعتبر العاملون فيه موظفين عامين يرتبطون به بعلاقة تنظيمية تحكمها لائحة نظام العاملين الصادرة بقرار رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون ، والتى تتضمن النص المطعون فيه ، وهى بهذه المثابة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعى تمتد إليه الرقابة الدستورية لهذه المحكمة ، ومن ثم يكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى فى غير محله جديراً بالرفض .

وحيث إنه – من المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن لكل حق أوضاعاً يقتضيها وآثاراً يرتبها ، من بينها – فى مجال حق العمل – ضمان الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً وإنسانياً ومواتياً ، فلا ترهق هذه الشروط بفحواها بيئة العمل ذاتها ، أو تناقض بآثارها ضرورات أداء العمل بصورة طبيعية لا تحامل فيها ، ومن ثم لا يجوز أن تنفصل الشروط التى يتطلبها المشرع لمباشرة عمل أو أعمال بذواتها عن متطلبات ممارستها ، وإلا كان تقريرها انحرافاً بها عن غايتها ، يستوى فى ذلك أن يكون سندها علاقة عقدية أو رابطة لائحية .

وحيث إن الدستور وإن خول السلطة التشريعية بنص المادة (13) تنظيم حق العمل ، إلا أنها لا يجوز لها أن تعطل جوهره ، ولا أن تتخذ من حمايتها للعامل موطئاً لإهدار حقوق يملكها ، وعلى الأخص تلك التى تتصل بالأوضاع التى ينبغى أن يمارس العمل فيها ، ويندرج تحتها الحق فى الإجازة السنوية التى لا يجوز لجهة العمل أن تحجبها عن عامل يستحقها ، وإلا كان ذلك منها عدواناً على صحته البدنية والنفسية ، وإخلا لاً بأحد التزاماتها الجوهرية التى لا يجوز للعامل بدوره أن يتسامح فيها ، ونكولاً عن الحدود المنطقية التى ينبغى – وفقاً للدستور – أن تكون إطاراً لحق العامل واستتاراً بتنظيم هذا الحق للحد من مداه .

وحيث إن المشرع قد صاغ فى الإطار السابق بيانه بنص المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين فى الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 – وهو القانون العام بالنسبة للعاملين فى الدولة وهيئاتها العامة – حق العامل فى الإجازة السنوية ، فغدا بذلك حقاً مقرراً له بنص القانون ، يظل قائماً ما بقيت الرابطة الوظيفية قائمة ، وقد نقلت عنه لائحة شئون العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون ، فقد جاء نص المادة (59) منها متضمناً لذات الأحكام .

وحيث إن المشرع تغيا من ضمان حق العامل فى إجازة سنوية بالشروط التى حددها ، أن يستعيد العامل خلالها قواه المادية والمعنوية ، ولا يجوز بالتالى أن ينزل عنها العامل ولو كان هذا النزول ضمنياً بالامتناع عن طلبها ، إذ هى فريضة اقتضاها المشرع من كل من العامل وجهة الإدارة ، فلا يملك أيهما إهدارها كلياً أو جزئياً إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل ، ولا أن يدعى العامل أنه بالخيار بين طلبها أو تركها ، وإلا كان التخلى عنها إنهاكاً لقواه ، وتبديداً لطاقاته ، وإضراراً بمصلحة العمل ذاته التى يتعذر صونها مع الاستمرار فيه دون انقطاع . بل إن المشرع اعتبر حصول العامل على إجازة اعتيادية لمدة ستة أيام متصلة كل سنة أمراً لا يجوز الترخص فيه ، أو التذرع دون تمامه بدواعى مصلحة العمل ، وهو ما يقطع بأن الحق فى الإجازة السنوية يتصل بقيمة العمل وجدواه ، وينعكس بالضرورة على كيان الجماعة ويمس مصالحها العليا بصون قواها الإنتاجية البشرية .

وحيث إن المشرع قد دل بنص الفقرة المطعون فيها من اللائحة سالفة الذكر ، على أن العامل لا يجوز أن يتخذ من الإجازة السنوية وعاءً ادخارياً من خلال ترحيل مددها التى تراخى فى استعمالها ، ثم تجميعها ليحصل بعد انتهاء خدمته على ما يقابلها من الأجر ، وكان ضمان المشرع لمصلحة العمل ذاتها قد اقتضاه أن يرد على العامل سوء قصده ، فلم يجز له أن يحصل على ما يساوى أجر هذا الرصيد إلا عن مدة لا تجاوز خمسة أشهر ، وهى مدة قدر المشرع أن قصرها يعتبر كافلاً للإجازة السنوية غايتها ، فلا تفقد مقوماتها أو تتعطل وظائفها ، إلا أن هذا الحكم لا ينبغى أن يسرى على إطلاقه ، بما مؤداه أنه كلما كان فوات الإجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه دون أن يكون لإرادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ – وكأصل عام – أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة ، إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عيناً ، وإلا كان التعويض النقدى عنها واجباً ، تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الإجازة مردها إلى جهة العمل ، فكان لازماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك .

وحيث إن الحق فى هذا التعويض لا يعدو أن يكون من العناصر الإيجابية للذمة المالية للعامل ، مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان ( 32 و34 ) من الدستور اللتان صان بهما حق الملكية الخاصة ، والتى جرى قضاء هذه المحكمة على اتساعها للأموال بوجه عام ، وانصرافها بالتالى إلى الحقوق الشخصية والعينية جميعها . متى كان ذلك ، فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة .

فلهذه الأسباب :

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة قبل الأخيرة من المادة (59) من لائحة نظام العاملين باتحاد الإذاعة والتليفزيون الصادرة بقرار رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون رقم ٥٩٠ لسنة ١٩٩٦ ، وذلك فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز أجر خمسة أشهر ، متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل .

( الدعوى  رقم 128 لسنة 25 - جلسة 9 / 1 / 2005 - دستورية )

شرح خبراء القانون

خروجاً على القاعدة العامة وسلطة صاحب العمل التنظيمية في تحديد مواعيد الأجازات قرر المشرع للعامل الحق في تحديد أجازته السنوية إذا كان متقدماً لأداء الامتحان في إحدى مراحل التعليم بشرط أن يخطر صاحب العمل قبل قيامه بالأجازة بخمسة عشر يوماً على الأقل . 

جزاء المخالفة : 

العقوبة الواردة بالمادة 247 سالفة الذكر . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 195 )

النصوص المقابلة : 

تقابل الفقرة الثانية من المادة (45) من القانون الملغي رقم 137/ 81 .

وقد أحسن المشرع بإفراد هذا الحكم في نص مستقل نظراً لأهمية الأجازة لأداء الامتحان وتشجيعاً للعمال على الارتقاء بمستواهم التعليمي وأخذاً بالمبادئ المقررة في اتفاقيات وتوصيات العمل الدولية والعربية . 

 مدى حق العامل في تحديد أجازته في حالة التقدم لأداء الامتحان : 

أجاز النص للعامل أن يحدد هو موعد أجازته السنوية إذا كان متقدماً لأداء الامتحان في إحدى مراحل التعليم فيشترط إذن ما يلي : 

1) أن يكون العامل منخرطاً في إحدى مراحل التعليم، والمقصود هنا التعليم العام الصناعي والتجاري والزراعي وكذا التعليم الجامعي. ويثور التساؤل هل ينطبق هذا الشرط على العمال المنخرطين في معاهد الثقافة ومراكزها التابعة للمؤسسة العامة للثقافة العمالية وهل ينطبق أيضاً على العمال المنتمين للجامعة العمالية؟ 

الذي نراه من ظاهر النص أن هؤلاء العمال وإن كان لا ينطبق عليهم هذا الشرط لأن النص صريح في قوله (لأداء الامتحان في إحدى مراحل التعليم) وليس من بين مراحل التعليم المؤسسات سالفة الذكر وبالتالي لا يستفيدون من هذا الحكم إلا أن هذا الموضوع لا يشكل مشكلة في العمل لأن الذي يجري عليه العمل أن العمال الذين يلتحقون بمعاهد الثقافة العمالية يكون ذلك في ساعات عملهم ويتقاضون أجورهم عنها وكذلك الحال بالنسبة لأداء الامتحانات وبالتالي فهم ليسوا في حاجة لإجازة لدخول الامتحان . 

2) أن يخطر العامل صاحب العمل برغبته في القيام بالأجازة في موعد الامتحان الذي يحدده في الطلب وأن يقدم هذا الطلب قبل قيامه بالأجازة بأسبوعين على الأقل . 

أما الغرض من عدم سريان الاستثناءات الخاصة بتجزئة الأجازة أو ضمها أو تأجيلها فيما يجاوز الستة أيام على الأحداث فهو رعاية الحدث وتحقيق الصالح العام في آن واحد . 

 العقوبة الجنائية : 

ويعاقب على مخالفة المادة (49) بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تتجاوز خمسمائة جنيه وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 247) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 579 )

- الأصل أن يستقل صاحب العمل بتحديد وقت القيام بالإجازة السنوية باعتبار أن ذلك يدخل في نطاق سلطته التنظيمية، وعليه أن يتوخى فيما يتخذه من قرارات مصلحة العمل، ويستوجب حسن النية في تنفيذ الالتزامات أن يخطر صاحب العمل العامل بموعد أجازته السنوية في وقت يسمح له بالاستعداد للقيام بها، ويجوز أن يقرر صاحب العمل إغلاق المنشأة بأكملها وقيام كافة العمال بالأجازة السنوية وذلك توفيراً لنفقات تخفيض العمل وقت الأجازات، ويجوز أن تكون الإجازة بالتناوب بين العمال، وتبدأ الإجازة بالنسبة لمن يعملون في المناطق النائية من لحظة الوصول إلى المكان الذي تصل إليه المواصلات العامة . 

- ولكن المشرع خرج على هذه القاعدة ووضع استثناء هاماً، فتقرر المادة 49 أن للعامل الحق في تحديد موعد أجازته السنوية إذا كان متقدماً لأداء الامتحان في إحدى مراحل التعليم بشرط أن يخطر صاحب العمل قبل قيامه بالإجازة بأسبوعين على الأقل . 

وهذا الاستثناء يستهدف تشجيع العمال على التعليم وتيسير السبل أمامهم لذلك، ولهذا فقد حرم المشرع صاحب العمل من سلطته في تحديد موعد الأجازة حتى لا تكون عائقاً أمام استمرارهم في التعليم، فتحديد الأجازة في هذه الحالة حق للعامل حتى ولو تعارض موعدها مع مصلحة العمل، فالمشرع لم يقيد حق العامل مما يدل على أنه يعطي الأولوية للتعليم. 

ويجب أن يكون العامل متقدماً للامتحان في إحدى مراحل التعليم حتى ولو كان التعليم الجامعي . 

وكنا نرى أنه لا يستفيد من هذا النص التقدم لامتحانات الدراسات العليا، فهي وإن كانت تدخل في إطار مرحلة التعليم الجامعي إلا أنها دراسة تخصصية تتعدى مرحلة التكوين اللازم للشخص مما يجعل التقدم لامتحاناتها مرتبطة بمصلحة العمل . 

ولكن بإمعان النظر في المادة 49 من قانون العمل فإنه أمام عموم عبارة مراحل التعليم فلا محل لتخصيص عموم النص بلا مخصص، والدراسات العليا مرحلة من مراحل التعليم الجامعي وليست منفصلة عنه، ويضاف لذلك أنه عادة ما يشترط للالتحاق بالدراسات العليا الحصول على موافقة جهة العمل، وتوافر تلك الموافقة يعني أن تلك الدراسة تسهم في تكوين العامل وليست ترفاً بالنسبة للعمل ذاته، ولهذا نرى أن المادة 49 من قانون العمل تسري على التقدم لامتحانات الدراسات العليا . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 558 )