loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

 ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )

الإجازات

تمشياً مع مستويات العمل الدولية التي ربطت بين مدة الإجازة الاعتيادية مدفوعة الأجر التي يستحقها العامل وبين مدة خدمته وتقنيناً لما استقر عليه القضاء يتجه المشروع في حساب مدة الخدمة إلى عدم اقتصارها على المدة التي أمضاها العامل لدى صاحب العمل وإنما تضاف إليها المدة التي قضاها في الخدمة لدى أكثر من صاحب عمل، وبحيث تكون مدة الإجازة ثلاثين يوماً متى أمضى العامل في الخدمة عشرة سنوات لدى صاحب عمل أو أكثر، وتحتسب مدة الإجازة من أيام العمل الفعلية، فلا يدخل في حسابها عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية والراحة الأسبوعية (المادة 47 ) ويتمشى هذا الحكم المستحدث مع أحكام قوانين العمل المقارنة، واتفاقيات العمل العربية ومستويات العمل الدولية . 

وتعطي الفقرة الثانية من المادة ذاتها العامل الذي لم يستكمل مدة العمل الموجبة للإجازة السنوية كاملة الحق في الحصول على مدة إجازة تتناسب مع المدة التي قضاها في الخدمة بشرط أن يكون قد أمضى في العمل ستة أشهر على الأقل . 

كذلك تضيف الفقرة الثالثة من المادة ذاتها فئة من يعملون بالأعمال المضرة بالصحة إلى بعض فئات العمال التي يصدر من الوزير المختص قرار بزيادة مدة الإجازة السنوية لها، وذلك بعد أخذ رأي وزير الصحة بالنسبة لتحديد المهن الخطرة والشاقة والضارة بالصحة، وهي إضافة جديدة لم ترد في القوانين السابقة . 

وترخص المادة (48) لصاحب العمل تنظيم الإجازات السنوية حسب مقتضيات العمل وظروفه وبحيث لا يجوز قطعها إلا لأسباب قوية تقتضيها مصلحة العمل مع التزام العامل بالقيام بإجازاته في التاريخ والمدة التي يحددها صاحب العمل وسقوط حقه في اقتضاء مقابل رصيد الإجازات إذا رفض كتابة القيام بالإجازة في التاريخ والمدة المشار إليها . 

ويوجب المشروع في الفقرة الثالثة من تلك المادة أن يحصل العامل على إجازة سنوية مدتها خمسة عشر يوماً منها ستة أيام متصلة على الأقل مع التزام صاحب العمل بتسوية رصيد إجازات العامل أو أجره المقابل له كل ثلاث سنوات على الأكثر، فإذا انتهت علاقة العمل قبل استنفاذ العامل رصيد إجازاته السنوية استحق العامل الأجر المقابل لهذا الرصيد . 

ويأخذ المشروع في المادة (49) بذات الحكم الوارد في القانون القائم والمتعلق بالإجازة التي يحصل عليها العامل لأداء الإمتحان، وذلك إذا كان ملتحقاً بالدراسة بإحدى مراحل التعليم بشرط أن يخطر صاحب العمل قبل قيامه بالإجازة بخمسة عشر يوماً على الأقل مع إجازة حق صاحب العمل في حرمان العامل من أجره عن هذه الإجازة أو استرداد ما قد يكون قد أداه له عنها إذا ثبت اشتغاله خلالها لدی صاحب عمل آخر دون أن يخل ذلك بحق صاحب العمل في الجزاء التأديبي (مادة 50) ودون أن يتقيد تحديد الإجازة بما يملكه صاحب العمل من حق التوفيق بين موعد الإجازة السنوية ومقتضيات العمل . 

وتيسيراً على العامل إذا ما واجهته ظروف عارضة تضطره إلى الغياب دون أن يتمكن من إخطار صاحب العمل وتوفيق بين أحكام قانون العاملين بالقطاع العام وقانون العمل القائم يزيد المشروع مدة الإجازة العارضة إلى ستة أيام خلال السنة وبحد أقصى يومان في المرة الواحدة (المادة 51) . 

ويأخذ المشروع فيما يتعلق بإجازة الأعياد والمناسبات بالأحكام المقررة في نص المادة (48) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم مع تعديل في الصياغة قصد الخلاف حول قيمة مقابل الإجازة التي يحصل عليها العامل في حالة استخدام صاحب العمل الرخصة التي خولته إياها الفقرة الثانية من المادة (52) بتشغيل العامل في هذه الأيام متى اقتضت ظروف العمل ذلك، بحيث يستحق العامل بالإضافة إلى أجره (الذي يستحقه في كل الأحوال حتى ولو لم يعمل مستفيداً من الإجازة المقررة) مقابلاً لتشغيله في هذا اليوم يعادل مثلي الأجر المقرر . 

ويبقى المشروع المبدأ المقرر في المادة (49) من القانون القائم بالنسبة لإجازة أداء فريضة الحج أو زيارة بيت المقدس مع تعديل واضح، حيث يعجل هذه الإجازة حقاً للعامل الذي أمضى في خدمة صاحب العمل خمس سنوات متصلة على أن تكون بأجر کامل ولمرة واحدة طوال مدة خدمته لدى صاحب العمل وتحدد هذه الإجازة وفقاً الظروف العمل . 

وانطلاقاً من فكرة توحيد القواعد التي تحكم حقوق العمال في كافة القطاعات ، يأخذ المشروع بتوحيد حكم الأجازة المرضية بالنسبة لكل العمال الخاضعين لأحكامه مع الإحالة في تنظيم مدد هذه الإجازة والنسب المستحقة من الأجر في حالة مرض العامل إلى قوانين التأمين الاجتماعي . 

ويستحدث المشروع في الحكم الوارد في المادة (55) الذي يتعلق بالأجازات الدراسية مدفوعة الأجر التي تمنح للعمال، حيث تقرر أن يترك لاتفاقيات العمل الجماعية ولوائح تنظيم العمل بالمنشأة تحديد الشروط والأوضاع الخاصة بهذه الأجازات . 

( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )

بالنسبة للإجازة المرضية فقد رئي في هذا الصدد انطلاقاً من فكرة توحيد القواعد التي تحكم حقوق العمال في كافة القطاعات العمل على توحيد حكم الإجازة المرضية بالنسبة لكل العمال الخاضعين لهذا القانون . 

ومنعاً للتعارض بين الأحكام الواردة في القوانين المختلفة (قانون العمل، قوانين التأمين الإجتماعي) رئى الإحالة في تنظيم مسدد هذه الإجازة والنسب المستحقة من الأجر في حالة مرض العامل إلى قوانين التأمين الاجتماعي تحقيقاً لوحدة هذه الأحكام . 

وتيسيراً على العامل المريض، قررت المادة 54 /2 من المشروع أن يقوم صاحب العمل بأداء أجر العامل وفقاً للنسب والمدد المقررة بموجب قوانين التأمين الإجتماعي وصرحت له بإجراء مقاصة بين ما يؤدية تنفيذاً لهذا الإلتزام وبين المستحق للهيئة من اشتراكات . 

ولكن المشروع إذ عمل على تأكيد مبدأ التوحيد في ظل أنظمة تأخذ بالفرقة - بين العمال - القائمة على تعدد الأحكام واختلافها من قطاع إلى آخر في خصوص هذا الموضوع فإنه يهيب بالمشروع التدخل بتعديل تشريعي سابق على تطبيق قانون العمل توحد فيه الأحكام المتعلقة بالإجازة المرضية من حيث المدة والتعويضات المقررة بين كافة العمال الذين سيخضعون لأحكام قانون العمل ، وينبه إلى المشاكل التي قد تقع في هذا النطاق إذا صدر قانون العمل قبل إجراء التعديلات التشريعية المشار إليها . 

وينادي المشروع بضرورة مد نطاق تطبيق أحكام تأمين المرض لتشمل العمال دون سن الثامنة عشرة وغيرهم من غير الخاضعين لأحكام التأمين المشار إليها . 

بل ويذهب المشروع إلى حد القول بأنه إذا لم يكن من الممكن تعديل قوانين التأمين الإجتماعي في هذا المجال على الأخص قبل صدور قانون العمل فإن المشروع يفضل العودة إلى أحكام القانون 137 لسنة 1981 على ما فيها من تضارب ومشاكل في التطبيق ، ولكنها في نظره أخف وطأة من المشاكل التي قد تقع لو صدر القانون دون إجراء التعديلات التشريعية المشار إليها في قانون التأمين الإجتماعي . 

الأحكام

1- إذ كانت المادة 90 من قانون السلطة القضائية - التى تسرى أحكامها على أعضاء النيابة العامة عملاً بالمادة 130 من ذات القانون - بعد أن بينت في فقرتيها الأولى والثانية الإجازات المرضية التى يحصل عليها القاضى نصت في فقرتها الأخيرة على أنه " وذلك كله مع عدم الإخلال بأحكام أى قانون أصلح " بما يدل على أن المشرع أوقف إعمال حكمها على شرط ألا يكون هناك قانون أصلح له فأوجب إعماله دون غيره ولو كان خاصاً تطبيقاً لأصل تتسم به القاعدة القانونية وهو التجرد وعدم التمييز بين المخاطبين بها .

( الطعن رقم 183 لسنة 81 ق -  جلسة 26/ 2/ 2013 )

2- النص في المواد 66 مكرراً من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 المضافة بالمادة الثانية من القانون رقم 115 لسنة 1983، والمادة الأولى منه، والمادة 78 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975، والمادة 77 مكرر / ٥ من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المضافة بالقانون رقم 142 لسنة 2006 المعمول بها اعتباراً من موازنة سنة 2008 - المنطبق على واقعة النزاع - ومؤدى هذه النصوص مجتمعة وجوب منح القاضى الذى يصاب بأحد الأمراض المذكورة ( الأمراض المزمنة التى يصدر بتحديدها قرار وزير الصحة ) إجازة استثنائية إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من استئناف عمله أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً فيظل في إجازة مرضية حتى يبلغ سن الإحالة إلى المعاش ويستحق خلالها تعويضاً يعادل أجره كاملاً، ولا يجوز إنهاء خدمته طالما بقى في هذه الإجازة ولا مجال لإعمال ما تنص عليه المادة 91 من قانون السلطة القضائية من حق وزير العدل في إحالة القاضى إلى المعاش إذا ظهر في أى وقت أنه لا يستطيع لأسباب صحية القيام بوظيفته على الوجه اللائق ما بقى معاملاً بأحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وقانون التأمين الاجتماعى رقم 79لسنة 1975، وإذ أحالت المادة الأولى من قرار وزير الصحة رقم 259 لسنة 1995 " في شأن تحديد الأمراض المزمنة التى يمنح عنها المريض إجازة استثنائية بأجر كامل " إلى الجدول المرفق به وناطت المادة الرابعة منه باللجان التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحى والمجالس الطبية التابعة لوزارة الصحة وأية لجان طبية عامة تتبع جهات رسمية كل في حدود اختصاصه الكشف عليه لتقرير ما إذا كان مرضه مزمناً، فقد تعين على الجهة الإدارية المختصة أن تجيب القاضى إلى طلبه الحصول على هذه الإجازة متى تحقق موجبها بقيام السبب المبرر لها بتقرير الجهة الطبية المختصة ثبوت إصابته بأحد الأمراض المزمنة الواردة بالجدول المشار إليه، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة سالف الذكر من استهداف غاية أساسية هى تحقيق العون والرعاية الاجتماعية من جانب الدولة للعاملين الذين يصابون بأمراض مزمنة وذلك بوضع نظام خاص للإجازات المرضية التى يستحق عنها العامل أجره وفقاً لتعريفه في قانون التأمين الاجتماعى بمجموع ما يحصل عليه المؤمن عليه من جهة عمله لقاء عمله الأصلى ويشمل الأجر الاساس والأجر المتغير الشامل للحوافز والبدلات والأجور الإضافية بإعتباره موجوداً فعلاً في الخدمة ومشاركاً في العمل مقرراً أحقيته في الحصول على أجره وفقاً للوظيفة التى يشغلها فإذا استُحدِثت زيادات لراتبه الأساس أو تقررت حقوق مالية لأجره المتغير سواء بقوانين أو قرارات أو لوائح تربط تحديد قيمتها بمستوى أداء معين استحق العامل هذه الزيادات .

( الطعن رقم 183 لسنة 81 ق -  جلسة 26/ 2/ 2013 )

3- إذ كان من الأمراض المزمنة الواردة بالجدول المرفق في قرار وزير الصحة ( القرار رقم 259 لسنة 1995 ) في البند الثامن منه " أمراض الجهاز العصبى، الشلل العضوي بالأطراف، الخزل الشديد الرباعي أو النصفي المصحوب بضمور في العضلات الذى يمنع تأدية وظيفة العضو "، وكان الثابت من كتاب الإدارة المركزية للجان الطبية بالهيئة العامة للتأمين الصحى المؤرخ 1 / 12 / 2009 المرفق بالأوراق أن تشخيص حالة الطاعن " خزل شديد بالطرفين العلويين وشلل شبه تام بالطرفين السفليين ما بعد طلق نارى بالعنق، وأجريت له عملية تثبيت للفقرة العنقية السابعة وحالته استقرت بالعجز المرضى الكامل الذى يعوقه عن أداء عمله ويحتاج لمرافق مدى الحياة "، فقد توافر في حقه ضرورة منحه إجازة مرضية اسثنائية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش، ولا يجوز إنهاء خدمته خلالها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على أن إجازته المرضية الاستثنائية تنتهى باستقرار حالته على نحو لا يمكن معه عودته لمباشرة أعمال وظيفته ولجهة عمله طلب إحالته إلى المعاش لأسباب صحية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .

( الطعن رقم 183 لسنة 81 ق -  جلسة 26/ 2/ 2013 )

شرح خبراء القانون

ملحوظة :صدر القانون رقم 148 لسنة 2019 قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 / 8 / 2019 .

وهكذا فإن الأجازة المرضية للعامل تكون لمدة مائة وثمانين يوماً خلال السنة الواحدة بالنسبة لجميع العمال، وتستحق الأجازة كل عام بهذه المدة، وتسقط بانقضاء السنة التي تستحق فيها، وعلى ذلك فلا يجوز للعامل أن يطالب بتجميع مدة الأجازة المرضية عن سنوات متعددة . 

والمقصود بالسنة السنة الميلادية التي تبدأ من أول يناير وتنتهي في آخر ديسمبر وليس السنة التعيينية. وهذا الرأي أخذ به قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1979 في المادة 79 منه، ويلتزم العامل بإخطار جهة العمل بمرضه خلال 24 ساعة والتصريح له بالأجازة المرضية أو اعتماد الأجازة التي قررها الطبيب الخارجي منوط بالجهة الطبية المختصة . 

ولما كان العامل لا يؤدي عملاً خلال أجازته المرضية فإن مقتضى ذلك ألا يتقاضى أجراً عن تلك الأجازة لأن الأجر مقابل العمل، إلا أن المشرع خرج على هذه القاعدة سواء في قانون العمل أو قوانين العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام ، وذلك لاعتبارات إنسانية ورحمة بالعامل فقرر له الحق في نسبة من الأجر تعادل 75 ٪ منه بالنسبة للتسعين يوماً الأولى ، تزداد إلى 85% بالنسبة للتسعين يوماً التالية ، وذلك خلال السنة الواحدة ، وهي نفس النسبة التي كانت سارية في ظل قانون العمل السابق رقم 137 لسنة 1981 م . 

وطبقاً لأحكام المادة (54) الجديدة «موضوع الشرح ، والمادة (79) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 سالفة الإشارة فإنه فيما يتعلق بحكم الأجازة المرضية فإنه يتعين التفرقة بين حالتين : 

  • الأولى :حالة العامل الذي لا يتقاضى المساعدة المالية التي تصرفها هيئة التأمين الإجتماعي بمناسبة مرض العامل ، وذلك لأنه إما أن يكون غير مؤمن عليه في نظام التأمين الصحي وإما لأنه لا يستحق المساعدة لسبب آخر، وفي هذه الحالة ينطبق نص المادة (54) من قانون العمل الجديد على العامل - أي يكون أداء أجره عن أيام المرض التزاماً على صاحب العمل بالنسبة سالفة الذكر، وهي 70 ٪ عن التسعين يوماً الأولى ، و 85 ٪ عن التسعين يوماً التالية خلال السنة الميلادية الواحدة . 
  • الثانية :وهي حالة العامل المؤمن عليه المستفيد من قطاع التأمين الصحي والذي تلتزم بمقتضاه هيئة التأمينات الاجتماعية بصرف الأجر بنفس النسب المشار إليها وفي الحدود المذكورة وتظل الأجازة المرضية متصلة ولا تنقطع إذا تخللتها أجازة من أجازات الأعياد الرسمية المنصوص عليها بالمادة (52) «ثلاثة عشر يوماً في السنة ويستحق العامل المريض بالنسبة لأيام هذه المواسم أجره کاملاً لا على أساس 75 ٪ لأن هذا الحق مقرر له بمقتضى المادة 52 سالفة الذكر والقرار الوزاري المنفذ لها . 

وإذا كان عقد العمل أو لائحة العمل أو اتفاقية العمل الجامعية قد تضمن أي منها نصاً يقضي بإلزام المنشأة بأن تدفع أجر العامل کاملاً في حالة المرض أو تدفع نسبة أكبر من 75٪ و 80٪ فإن مثل هذا النص يلزم المنشأة بدفع الفرق للعامل بين ما تدفعه له الهيئة التأمينية وبين ما تضمنه العقد الفردي أو المشترك أو اللائحة وهذا الرأي يستند إلى المادة (81) من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه والتي تقضي بألا تخل أحكام هذا التأمين بها قد يكون للمصاب أو المريض من حقوق مقررة بمقتضى القوانين أو اللوائح أو النظم الخاصة أو العقود المشتركة أو الإتفاقيات الجامعية أو غيرها فيما يتعلق بتعويض الأجر ومستويات الخدمة وذلك بالنسبة للقدر الزائد عن الحقوق المقررة في هذا التأمين . 

 الأجازات المرضية لعمال المنشآت الصناعية :

تضمنت الفقرة الثانية من المادة (54) الراهنة استثناء من الأحكام المتقدمة وذلك بالنسبة للعامل الذي يثبت مرضه في المنشآت الصناعية التي تسري في شانها أحكام المادتين (1) و (8) من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها ، فهذا العامل يكون له الحق في أجازة مرضية كل ثلاث سنوات قضى في الخدمة على النحو التالي : 

شهر بأجر كامل ثم ثمانية أشهر بأجر يعادل 75 ٪ من أجره ثم ثلاثة أشهر دون أجر إذا قررت الجهة الطبية المختصة احتمال شفائه . 

والمستفاد من الأحكام التي أوردها الاستثناء الذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (54) الجاري شرحها أن هذه الأحكام الاستثنائية لا تنطبق إلا على العاملين بمنشآت القطاع الخاص الصناعية الخاضعة للمواد (1) و (8) و (13) من القانون 21 لسنة 1958 بتنظيم الصناعة وتشجيعها ، أي أن العاملين الخاضعين لقانون العمل - الذين لهم الحق في أجازة مرضية كل ثلاث سنوات على أساس شهر بأجر كامل ثم ثمانية أشهر بأجر 75% ثم ثلاثة أشهر بغير أجر إذا قررت الجهة الطبية احتمال شفاء العامل - هم العاملون الذين يعملون في المنشآت الصناعية القائمة أو التي ستقوم في المستقبل ، والتي لا تقل التكاليف الكلية عن خمسة آلاف جنيه ، أي أن المنشآت الصناعية التي تقل تكاليفها الكلية عن هذا المبلغ لا يستفيد العاملون بها من هذا الحكم الجديد الخاص بالأجازات المرضية وعند تقييم التكاليف الكلية للمنشأة لمعرفة ما إذا كانت تتجاوز خمسة آلاف جنيه أم لا فإن هناك عناصر محددة على سبيل الحصر يقوم على أساسها حساب هذه التكاليف وهذه العناصر هي ثمن الأرض والمباني التي قيمتها إذا كانت مؤجرة وقيمة المعدات والآلات ومصاريف النقل والتركيب والتأسيس والتأثيث وثمن المواد الخام اللازمة للإنتاج لفترة تخزين أو لفترة ثلاثة شهور وأجور العمال لدورة تشغيل أو لمدة ثلاثة شهور أيها أكثر ، والمصاريف العامة اللازمة لدورة التشغيل أو لمدة ثلاثة شهور أيها أكثر . 

ويجب أن تكون المنشأة الصناعية تمارس نشاطاً من الأنشطة المحددة بالجداول المرفقة بقراري وزير الصناعة رقمي 140 و 141 لسنة 1958 المشار إليها في الهامش السابق ؛ وهي صناعة المواد والمنتجات الغذائية والدخان وصناعة الغزل والنسيج بها فيها الألياف الصناعية وصناعة التعدين والبترول وتشمل البحث عن الخامات الكيماوية بها فيها صناعة الزيوت والأدوية والزجاج والجلود والورق والمطاط والمواد العازلة والصناعات المعدنية الأساسية وصناعة الميكانيكيات ووسائل النقل (ماعدا الكهربائية) وصناعات المنتجات المعدنية والصناعات الكهربائية . 

وقد أوردت الفقرة الرابعة من المادة (54) الجاري التعليق عليها حكمين هامين لمصلحة العامل المريض : 

الأول : أن العامل المرخص له بأجازة مرضية لا يجوز حرمانه من أجازته السنوية ، فله الحق في الحصول عليها ولا يجوز أن تحجب أجازة المرض الأجازة السنوية ، لأن لكل أجازة أساسها ودواعيها . 

الثاني : أنه يجوز للعامل أن يطلب خصم أجازة المرض من أجازته السنوية كي يستفيد بالأجر كاملاً وليس بالنسب المشار إليها فيما سبق (75٪ ، و 80٪) وشرط هذا الطلب أن يكون له رصيد من الأجازات السنوية يسمح بذلك . 

ونصت الفقرة الأخيرة من المادة (54) على حكم آخر أكثر أهمية بالنسبة لمصلحة العامل، فقد كانت المادة (81) من قانون العمل الملغي تجيز إنهاء العقد من جانب رب العمل في حالة المرض الطويل ، وقد قيد هذا الحكم تقييداً شديداً بما أورده المشرع في القانون الجديد في المادة 76- بند «رابعاً ، حيث نص على أن تنقضي علاقة العمل بسبب عجز العامل عجزاً كلياً عن أداء عمله الأصلي أو عجزه عجزاً جزئياً مستديماً متى ثبت عدم وجود عمل آخر على أن يثبت عدم وجود العمل الآخر طبقاً لقانون التأمين الإجتماعي». ومعنى ذلك أنه لم يعد يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاد المدد المشار إليها ، ولا أن ينهي خدمة العامل المريض إلا إذا ثبت عجزه عجزاً كلياً عن أداء عمله الأصلي أو عجزه عجزاً جزئياً عن أداء أي عمل آخر بالمنشأة ، ونود الإشارة أن وفقاً لأحكام قانون التأمينات الإجتماعية تتولى مكاتب القوی العاملة ومكاتب التأمين ترشيح العجزة أو المعوقين إلى المهن التي تناسبهم ولو في منشآت أخرى ، وهذا يعني أن المشرع قد ذهب في حماية العامل المريض إلى أبعد مدى ففتح أمامه العديد من الفرص بحيث لم تعد تنقضي علاقة عمل المريض إلا إذا كان لا يصلح لأداء أي عمل ، وهو ما عبر المشرع عنه بالعجز الكلي الدائم . 

فالعامل المريض حتى بعد استنفاد كافة أجازاته الموضحة في الأحكام السابق شرحها ، لا ينتهي عقد عمله تلقائياً ، وإنما ما زالت أمامه فرص العمل الملائم الأخرى ، ولو لم يكن عند نفس صاحب العمل، أو في نفس المنشأة ، هذا مع الأخذ في الإعتبار أن المشرع من جهة أخرى قد وضع حکماً خاصاً بالعمال الذين يمرضون أثناء العمل بأمراض مزمنة أو مستعصية ، وأضفى عليهم حماية خاصة حيث جعل أجازاتهم المرضية بأجر كامل - کما سيجيء - ومع الأخذ في الإعتبار أيضاً أن العامل الذي يعجز كلياً عن العمل يتقرر له معاش عجز وفقاً للمادة 52 من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم (79) لسنة 1975 المعدل بالقانونين رقمي (25) لسنة 1977 و (93) لسنة 1980 م .

استنفاد رصيد الأجازات :

نصت الفقرة قبل الأخيرة من المادة (54) موضوع الشرح ، على أن « للعامل أن يستفيد من متجمد أجازاته السنوية إلى جانب ما يستحقه من أجازة مرضية كاله أن يطلب تحويل الأجازة المرضية إلى أجازة سنوية إذا كان له رصيد يسمح بذلك » .

ومقتضى ذلك أن العامل يستفيد من متجمد الأجازات التي لم يحصل عليها وذلك في حالة المرض وصولاً للحصول على أجره کاملاً ، وقد حرص المشرع على التأكيد في الفقرة الأخيرة من المادة على عدم جواز إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاد المدد المشار إليها . 

المريض بمرض مزمن :

كانت المادة (51) من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 تنص صراحة على أنه «استثناء من حكم المادة السابقة يمنح العامل المريض بالدرن أو الجذام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة أجازة مرضية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله أو يتبين عجزه عجزاً کاملاً عن مزاولة أي مهنة أو عمل . 

ويصدر بتحديد هذه الأمراض قرار من وزير الدولة للصحة بالإتفاق مع وزير الدولة للقوى العاملة والتشغيل . 

وقد أغفل القانون الجديد هذا النص ولم يشر إلى القواعد التي تنطبق على المرضى بأمراض مزمنة ، ويبدو أنه اكتفى من ذلك بالإحالة على قانون التأمين الإجتماعي الموحد على اعتبار أن السلطة الطبية المختصة هي التي تحدد الأجازة المرضية ، وكان الأفضل النص على هذه الأحكام صراحة حتى لا تترك المسألة للاجتهاد خصوصاً وأن القواعد التي تنطبق على المرضى بأمراض مزمنة قد قننها المشرع منذ صدور قانون العمل الموحد الأسبق رقم 91 لسنة 1959 في المادة 63 منه ، كما أشار إلى هذه القواعد في نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1977(مادة 69) . 

كما تتمشى هذه القواعد مع مبادئ التكافل الاجتماعي لأن تعويض العامل الذي يمرض بأحد هذه الأمراض الخطيرة وذلك بصرف أجره کاملاً دون خصم أية نسبة منه يشعر العامل الذي كان قدره أن يقع فريسة لأحد هذه الأمراض - أن الجماعة تشاطره هذا البلاء مما يخفف من نكبته ، ومن أجل ذلك نرى المشرع قد عمم هذا الحكم على كافة العاملين في الدولة بمختلف قطاعات النشاط ، إذ لا يفرق المرض بين قطاع وقطاع ، فالعلة قائمة بالنسبة للجميع وهي الرحمة بالعامل المريض بأحد الأمراض الخطيرة المشار إليها في النص . 

وقد نقلت الفقرة الثانية من المادة 78 من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 ، نفس الحكم ولكنها أجازت في فقرتها الأخيرة للجهة الملتزمة بالأجر أو بتعويض الأجر بحسب الأحوال أن تقرر وقف صرفه عن المدة التي يخالف فيها المؤمن عليه تعليمات العلاج . 

ونص المادة وي بين الأمراض المزمنة التي حددها القرار المشترك من وزيري الصحة والقوى العاملة وبين أمراض الدرن الرئوي والجذام والأمراض العقلية ، فكل هذه الأمراض بمنزلة سواء من حيث حق العامل المصاب بها في الحصول على أجره کاملاً .

ولا يخرج الحال عن أحد افتراضات ثلاثة : 

الأول :أن يشفى العامل من المرض المزمن . 

الثاني : أن يعالج ، فتستقر حالته استقراراً يمكنه من أداء عمله دون مضاعفات أو انتكاسات ، وهو أمر تقدره الجهة الطبية المختصة . 

الثالث : استحالة الشفاء بتحويل المريض إلى عاجز كلياً عن أداء أو مزاولة أي مهنة أو عمل، وهو أمر تقدره الجهة الطبية المختصة . 

ففي الفرضين الأول والثاني يستمر العامل في الحصول على أجره کاملاً دون خصم أية نسبة منه ، أما في الفرض الثالث فإن علاقة عمله تنقضي طبقاً للمادة (124/ 1)، ويستحق معاش العجز في ضوء أحكام قانون التأمين الإجتماعي الموحد سالف الذكر . 

وقد أصدر وزير القوى العاملة في ظل القانون القديم القرار رقم 725 لسنة 1976 بتحديد الأمراض المزمنة، وهو الذي كان سارياً في ظل القانون رقم 137 لسنة 1981 ويظل سارياً في ظل القانون الجديد إلى أن يعدل أو يصدر قرار يحل محله .

 وفيما يلي نص قرار وزير القوى العاملة رقم 72 لسنة 1979 م :

مادة (1) : في تطبيق أحكام المادة (63) مكرراً من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 (المقابلة لنص المادة 51 من قانون رقم 137 لسنة 1981) تعتبر الأمراض المبينة في الجدول المرفق أمراضاً مزمنة، يستحق العامل المريض بإحداها أجازة مرضية بأجر کامل ، وذلك بشرط أن تمنع عند أداء العمل ، وأن تكون قابلة للتحسن أو الشفاء . 

مادة (2) : يلغى القرار رقم 2 لسنة 1966 المشار إليه . 

مادة (3) : ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ، ويعمل به من تاريخ نشره . 

« جدول تحديد الأمراض المزمنة »

1- الأورام الخبيثة : بجميع أجزاء الجسم إذا ثبت تشخيصها بصفة قاطعة . 

2- أمراض الدم : 

- مرض تزايد كرات الدم الحمراء. 

- الليوكيميا : الأنيميا المزمنة إذا كانت نسبة الهيموجلوبين أقل من 50٪ .

- الأنيميا الخبيثة: إذا كانت الحالة نشطة أو مصحوبة بمضاعفات.  

- الهيوفيليا : نقص صفائح الدم عن أربعة آلاف. 

3- أمراض الجهاز الدوري : 

- الإرتفاع الشديد في ضغط الدم أكثر من 200 على 120 أو الصحوب بمضاعفات هبوط القلب المزمن إلى أن يصبح القلب متكافئاً . 

- المضاعفات الناشئة عن أمراض الشرايين التاجية إلى أن تستقر الحالة : أمراض الأوعية الدموية - مرض رینولدز - مرض برجيرز - التهاب وانسداد الأوعية الدموية لأسباب مختلفة ومضاعفاتها. 

4- أمراض الجهاز الهضمي : 

- المضاعفات الناشئة عن تعدد الأوردة بالمريء - الالتهابات البريتونية لأسباب مختلفة - تليف الكبد المصحوب باستسقاء - اليرقان بأنواعه - الإلتهاب المزمن بالبنكرياس . 

5- أمراض الجهاز البولي التناسلي : 

- هبوط كفاءة الكليتين الصديدي المزمن المصحوب بمضاعفات - النزيف الرحمي الشديد المزمن .

6- أمراض الجهاز الحركي : 

- مرض روماتويد - تییس مفاصل العمود الفقري المصحوب بتغيرات عصبية شديدة – أمراض ضمور العضلات - الانزلاق الغضروفي المصحوب بتغيرات عصبية شديدة - أمراض العظام المزمنة . 

7- أمراض الجهاز العصبي :

- الشلل العضوي بالأطراف - أمراض الجهاز العصبي العضوية المزمنة . 

8- أمراض الجهاز التنفسي :

- نوبات الربو الشعبي المتعددة التي تمنع من تأدية العمل - تسدد الشعب الهوائية وتكيسات الرئة المصحوبة بالتهابات صديدية - خراج الرئة - الإنسكابات البلورية بأنواعها .

9- أمراض الغدد الصماء والتمثيل الغذائي والجهاز الليمفاوي :   

- التسمم الدرقي - هبوط نشاط الغدة الدرقية الشديد - مرض هورکن - داء الفيل - مرض باديسون . 

10- الأمراض الجلدية المزمنة المنتشرة أو النشطة : والتي تمنع من تأدية العمل مثل الأكزيما والصدفية . 

11- أمراض العيون : 

- انفصال الشبكية - الالتهابات والانزلاق داخلية - الكتاركتا - الأجلوكوما - الإلتهاب القرحي الهيدي المزمن - انسداد الأوعية الدموية - قرحة القرنية المزمنة . 

12 - يعتبر في حكم الأمراض المزمنة الحالات الآتية : 

- الإصابات الشديدة والعمليات الجراحية الكبرى التي تتطلب علاجاً طويلاً أو التي تنتج عنها مضاعفات تمنع من تأدية العمل مثل الإلتهاب البريتوني أو تختر الأوردة أو التقيح الشديد – الحميات الشديدة مثل التيفود وحمي البحر الأبيض والحمى المخية والإلتهاب الكبدي الوبائي . 

- المخالطون لمريض بمرض معدي ، وترى الجهة الطبية المختصة منعهم من مزاولة أعماله حرصاً على الصحة العامة المدة التي تراها .  

وبالنسبة لإحتساب أجر العامل المريض بأحد الأمراض المزمنة فإنه إذا لم يكن العامل المريض مشتركاً في نظام التأمين الصحي الترم صاحب العمل بأن يصرف له أجره کام إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة العمل أو يثبت عجزه عجزاً کاملاً عن مزاولة أي مهنة أو عمل ، أما إذا كان العامل المريض بمرض مزمن مشتركاً في التأمين الصحي فإن الهيئة العامة للتأمينات الإجتماعية تلتزم بأن تصرف له معونة مالية تعادل أجره کاملاً طوال مدة مرضه ، وذلك دون أي التزام على صاحب العمل بمنحه أي أجر آخر وتظل الهيئة تصرف له هذا الأجر إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة العمل أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً ، وحينئذ يستحق معاش العجز الكامل (انظر المادة 78 من قانون التأمين الاجتماعي الموحد سالفة الإشارة) ويجوز للهيئة أن توقف صرف الأجر عن المدة التي يخالف فيها العامل تعلیمات العلاج .

لا يجوز لصاحب العمل إنهاء العقد غير محدد المدة بالنسبة للعامل المريض بأحد الأمراض المزمنة إلا إذا ثبت عجزه عجزاً کاملاً عن مزاولة أية مهنة أو عمل وذلك بقرار يصدر من الجهة الطبية المختصة ، ويستمر حق العامل في الحصول على كامل أجره طوال أجازاته المرضية . 

أما إذا كان العقد محدد المدة أو مؤقتاً بعملية معينة ثم أصيب العامل بأحد الأمراض المزمنة خلال مدة العقد ، فإنه لا ينقلب بهذا المرض إلى عقد عمل غير محدد المدة ، وبالتالي يستمر التزام صاحب العمل بدفع أجر العامل کاملاً طوال مدة المرض في حدود المدة المتبقية من العقد أو لحين الإنتهاء من العملية المعينة . 

نظام التحكيم الطبي :

لم يرد في الباب الخاص بالأجازات في القانون الجديد أي نص خاص بنظام التحكيم الطبي ، وإثبات اللياقة الصحية للعامل وذلك اكتفاء بالإحالة إلى قانون التأمين الإجتماعي، وهو قصور يفتح الباب أمام الجدل وإثارة المشاكل في العمل ، سيما وأن نظام إثبات اللياقة والتحكيم الطبي كان منصوصاً عليه بوضوح في المادة 52 من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 م التي جرها نصها بما يلي :  

مع عدم الإخلال بأحكام قانون التأمين الإجتماعي تثبت عدم اللياقة للخدمة صحياً بقرار من الجهة الطبية المختصة ، وللعامل أن يثبت عكس ذلك بشهادة طبية ، وفي هذه الحالة يجوز لأي من الطرفين أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة الموضوع إلى لجنة تحكيم طبي ، ينظم تشكيلها وإجراءات عرض النزاع عليها وتقدير الرسوم المستحقة التي لا يزيد حدها الأقصى على مائة قرش ؛ قرار من وزير الدولة للقوى العاملة بالإتفاق مع الوزير المختص .

وعلى الجهة الإدارية المختصة إخطار كل من العامل وصاحب العمل أو المنشاة بنتيجة التحكيم الطبي فور وصوله إليها ، وعلى كل من الطرفين تنفيذ ما يترتب على قرار التحكيم من التزامات .

وفي جميع الأحوال لا يجوز فصل العامل أو إنهاء عقده لعدم اللياقة الصحية إلا طبقاً لما ينص عليه قانون التأمين الإجتماعي المعمول بها .  

تشكيل لجنة التحكيم الطبي :

1- طبيب الصحة المهنية بمديرية القوى العاملة الواقع في دائرة اختصاصها مكان العمل -رئيساً . 

2- طبيب وحدة التأمين الصحي أو طبيب من وزارة الصحة يختاره مدير المنطقة الصحية في الجهات التي ليس بها وحدات للتأمين الصحي . 

3- طبيب مختاره رئيس اللجنة ، على أن يكون أخصائياً في فرع الطب الخاص بالحالة المعروضة . 

ويقدم طلب التحكيم الطبي - سواء من العامل أو من صاحب العمل - إلى مديرية القوى العاملة المختصة (إدارة السلامة والصحة المهنية) ويرفق به الشهادة الطبية المطعون عليها والرسم المحدد ، وتقوم إدارة السلامة والصحة المهنية بالمديرية بإستيفاء الموضوع، وإحالة الأوراق إلى رئيس لجنة التحكيم الطبي في ظرف أسبوع على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب، ويخطر كل من العامل وصاحب العمل بموعد ومكان انعقاد اللجنة ويقدم كل منهما مستنداته ، ويتم توقيع الكشف الطبي على العامل المريض بمقر اللجنة أو في المكان الذي يحدده العامل في طلبه إذا أثبت بالدليل أنه لا يستطيع الإنتقال لمقر اللجنة . 

ويصدر قرار اللجنة مسبباً وبأغلبية الآراء ويثبت في محضر اللجنة الرأي المخالف وأسانیده ويتحمل من يخسر التحكيم رسومه ومصاريف الإنتقال وما يتطلبه الكشف الطبي من نفقات تحليل أو أشعة أو غير ذلك ، ويرسل رئيس اللجنة نتيجة التحكيم إلى مديرية القوى العاملة خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدور قرار اللجنة ، وتقوم المديرية بإبلاغ العامل وصاحب العمل بالنتيجة وبالإلتزامات القانونية المترتبة على عاتق أي منها ، ويكون الإخطار في خلال ثلاثة أيام من تاريخ تلقيها الطلب من اللجنة . 

وفي جميع الأحوال لا يجوز فصل العامل أو إنهاء عقده لعدم اللياقة الصحية إلا طبقا لما ينص عليه قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 من أحكام ، وهذه الأحكام تتلخص في المبادئ الآتية :

1- يجب أن يثبت العجز الكامل للعامل واستحالة الشفاء ، وذلك من واقع تقارير الجهة الطبية ولجنة التحكيم الطبي وذلك بالنسبة للأمراض العادية . 

2- وبالنسبة للأمراض المزمنة وأمراض الدرن والجذام لابد أن يثبت استحالة استقرار الحالة أو الشفاء ، وبالتالي يصبح في حكم العجز الكامل . 

وفي الحالتين يستحق العامل معاش العجز الكامل ويلاحظ أن الأمراض المزمنة والمستعصية نص عليها قرار وزير التأمينات رقم 82 لسنة 1976 الصادر بتاريخ 29/ 2/ 1976 في شأن تحديد الأمراض المزمنة والمستعصية التي تعتبر في حكم العجز الكامل . 

جزاء مخالفة نص المادة (54) : 

يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه ، إذا خالفت ایا من أحكام المادة (54) والقرارات الوزارية المنفذة لها .

وتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة ، وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 247 من القانون) . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 212 )

 النصوص المقابلة : 

تقابل المادة (50، 51، 52، 53) من قانون العمل رقم 137/ 1981، 36 مكرر (3) و 36 مكرر (4) من القانون رقم 91 لسنة 59 الموحد الأسبق .

 اتجاه المشرع نحو توحيد قواعد الأجازات المرضية :

انطلاقاً من فكرة توحيد القواعد التي تحكم حقوق العمال في كافة القطاعات والعمل على توحيد حكم الأجازة المرضية بالنسبة لكل العمال الخاضعين لهذا القانون ومنعاً للتعارض بين الأحكام الواردة في القوانين المختلفة (قانون العمل، قوانين التأمين الاجتماعي) رؤى الإحالة في تنظيم مدد هذه الأجازة والنسب المستحقة من الأجر في حالة مرض العامل إلى قوانين التأمين الاجتماعي تحقيقاً لوحدة هذه الأحكام وتيسيراً على العامل المريض، قررت المادة ( 54/ 2) من المشروع أن يقوم صاحب العمل بأداء أجر العامل وفقاً للنسب والمدد المقررة بموجب قوانين التأمين الاجتماعي وصرحت له بإجراء مقاصة بين ما يؤديه تنفيذاً لهذا الالتزام وبين المستحق للهيئة من اشتراكات . 

 التكييف القانوني للإجازة المرضية : 

الأجازة المرضية حق لكل عامل سواء كان يعمل بعقد عمل محدد المدة أو غير محدد المدة كما يتمتع بها العامل خلال فترة الاختبار ولا عبرة بنشاط صاحب العمل ولا بعدد عماله. ويقع عبء إثبات المرض على عاتق العامل فقد يثبته بشهادة طبية أو بإقرار بالمرض ولصاحب العمل أن يأخذ بهذه الشهادة أو يعرض العامل على طبيبه الخاص أو يحيله على طبيب التأمين الصحي إذا كان مشتركاً في هذا التأمين ويكون انقطاع العامل عن العمل لمرضه بمثابة غياب مشروع . 

ولكن يؤخذ على النص الجديد أنه لا ينطبق على العمال دون سن الثامنة عشرة وغيرهم من غير الخاضعين لأحكام التأمين الاجتماعي . 

مدة الإجازة المرضية : 

كانت الأجازة المرضية في القانون الملغي لمدة مائة وثمانين يوماً خلال السنة الواحدة وذلك بالنسبة لجميع العمال سواء من كانوا يصرفون أجورهم شهرياً أو بالأسبوع أو باليوم أو بالساعة أو بالإنتاج أو بالقطعة، وقد أحال النص الجديد على قانون التأمين الاجتماعي الموحد وهو القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 وبالقانون رقم 93 لسنة 1980 وبالقانون رقم 61 لسنة 1981 وبالقانون رقم 47 لسنة 1984 وبالقانون رقم 9 لسنة 1998 .

 

وقد نصت المادة (78) من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 سالف الذكر على أنه إذا حال المرض بين المؤمن عليه وبين أداء عمله تلتزم الجهة المختصة بصرف تعويض الأجر أن تؤدي له خلال فترة مرضه تعويضاً يعادل 75% من أجره اليومي المسدد عنه الاشتراكات لمدة تسعين يوماً وتزاد بعدها إلى ما يعادل 85% من الأجر المذكور ويشترط ألا يقل التعويض في جميع الأحوال عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للأجر . 

ويستمر صرف ذلك التعويض طوال مدة مرضه أو حتى ثبوت العجز الكامل أو حدوث الوفاة بحيث لا تجاوز مدة 180 يوماً في السنة الميلادية الواحدة .

 

واستثناء من الأحكام المتقدمة يمنح المريض بالدرن أو بالجزام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة تعويضاً يعادل أجره کاملاً طوال مدة مرضه إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله إلى أن يتبين عجزه عجزاً كاملاً. 

وتحدد الأمراض المزمنة المشار إليها في الفترة السابقة بقرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير القوى العاملة .

وهكذا فإن الإجازة المرضية للعامل تكون لمدة مائة وثمانين يوماً خلال السنة الواحدة بالنسبة لجميع العمال سواء كانت أجورهم تصرف مشاهرة أو بالأسبوع أو باليوم أو بالساعة أو بالقطعة وتستحق الأجازة كل عام بهذه المدة وتسقط بإنقضاء السنة التي تستحق فيها وعلى ذلك فلا يجوز للعامل أن يطالب بتجميع مدة الأجازة المرضية عن سنوات متعددة . 

والمقصود بالسنة من وجهة نظرنا هي السنة الميلادية التي تبدأ من أول يناير وتنتهي في آخر ديسمبر وليس السنة التعينية (أي التي تبدأ من تاريخ تعيين العامل) ولا السنة الاعتبارية (أي 365) يوماً وهذا الرأي أخذ به قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 في المادة (79 منه)، ويلتزم العامل بإخطار جهة العمل بمرضه خلال 24 ساعة والتصريح له بالأجازة المرضية أو اعتماد الأجازة التي قررها الطبيب الخارجي منوط بالجهة الطبية المختصة . 

ولما كان العامل لا يؤدي عملاً خلال أجازته المرضية فإن مقتضى ذلك ألا يتقاضى أجراً عن تلك الأجازة لأن الأجر مقابل العمل، إلا أن المشرع خرج على هذه القاعدة سواء في قانون العمل أو قوانين العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام وذلك لإعتبارات إنسانية ورحمة بالعامل فقرر له الحق في نسبة من الأجر تعادل 75% منه بالنسبة للتسعين يوماً الأولى تزداد إلى 85% بالنسبة للتسعين يوماً التالية وذلك خلال السنة الواحدة، وهي نفس النسبة التي كانت سارية في ظل قانون العمل السابق رقم 137/ 81 وكانت هذه النسبة في قانون العمل الأسبق رقم 91/ 59 هي 70% عن التسعين يوماً الأولى و 80% عن التسعين يوماً التالية . 

وطبقاً لأحكام المادة (54) الجديدة (موضوع الشرح) والمادة (79) من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79/ 75 سالفة الإشارة فإنه فيما يتعلق بحكم الأجازة المرضية فإنه يتعين التفرقة بين حالتين: 

الحالة الأولى : حالة العامل الذي لا يتقاضى المساعدة المالية التي تصرفها هيئة التأمين الاجتماعي بمناسبة مرض العامل وذلك لأنه إما أن يكون غير مؤمن عليه في نظام التأمين الصحي وإما لأنه لا يستحق المساعدة لسبب آخر وفي هذه الحالة ينطبق نص المادة (54) من قانون العمل الجديد على العامل أي يكون أداء أجره عن أيام المرض التزاماً على صاحب العمل بالنسبة سالفة الذكر وهي 75% عن التسعين يوماً الأولى و 85% عن التسعين يوماً التالية خلال السنة الميلادية الواحدة . 

الحالة الثانية : وهي حالة العامل المؤمن عليه المستفيد من قطاع التأمين الصحي والذي تلتزم بمقتضاه هيئة التأمينات الاجتماعية بصرف الأجر بنفس النسب المشار إليها وفي الحدود المذكورة وتظل الأجازة المرضية متصلة ولا تنقطع إذا تخللتها أجازة من أجازات الأعياد الرسمية المنصوص عليها بالمادة (52) (12 يوماً في السنة) ويستحق العامل المريض بالنسبة لأيام هذه المواسم أجره کاملاً لا على أساس 75% لأن هذا الحق مقرر له بمقتضى المادة (52) سالفة الذكر والقرار الوزاري المنفذ لها . 

وإذا كان عقد العمل أو لائحة العمل أو اتفاقية العمل الجماعية قد تضمن أي منها نصاً يقضي بإلزام المنشأة بأن تدفع أجر العامل کاملاً في حالة المرض أو تدفع نسبة أكبر من 75% و 85% فإن مثل هذا النص يلزم المنشأة بدفع الفرق للعامل بين ما تدفعه له الهيئة التأمينية وبين ما تضمنه العقد الفردي أو المشترك أو اللائحة وهذا الرأي يستند إلى المادة (81) من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه والتي تقضي بألا تخل أحكام هذا التأمين بما قد يكون للمصاب أو المريض من حقوق مقررة بمقتضى القوانين أو اللوائح أو النظم الخاصة أو العقود المشتركة أو الاتفاقيات الجماعية أو غيرها فيما يتعلق بتعويض الأجر ومستويات الخدمة وذلك بالنسبة للقدر الزائد عن الحقوق المقررة في هذا التأمين .

 الأجازات المرضية لعمال المنشآت الصناعية : 

تضمنت الفقرة الثانية من المادة (54) الراهنة استثناء من الأحكام المتقدمة وذلك بالنسبة للعامل الذي يثبت مرضه في المنشآت الصناعية التي تسري في شأنها أحكام المادتين (1، 8) من القانون رقم 21 لسنة 1958) في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها. فهذا العامل يكون له الحق في أجازة مرضية كل ثلاث سنوات تقضى في الخدمة على النحو التالي: شهر بأجر كامل ثم ثمانية أشهر بأجر يعادل 75% من أجره ثم ثلاثة أشهر دون أجر إذا قررت الجهة الطبية المختصة احتمال شفائه . 

وهذا الحكم منقول من نظم العاملين بالقطاعين الحكومي والعام مع تعديل جوهري في الصياغة تؤدي إلى اختلاف المعاملة بين هؤلاء العاملين من جهة وبين العاملين بالقطاع الخاص من جهة أخرى فيما يتعلق بالأجازة المرضية للعاملين في المنشآت الصناعية سالفة الذكر . 

وكنا نأمل أن توحد النظم والقواعد لسائر العاملين في القطاعات العام والخاص والحكومي تمشياً مع سياسة المشرع في إذابة الفوارق وإقامة المساواة . 

والمستفاد من الأحكام التي أوردها الاستثناء الذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (54) الجاري شرحها أن هذه الأحكام الاستثنائية لا تنطبق إلا على العاملين بمنشآت القطاع الخاص الصناعية الخاضعة للمواد (1 و8 و13) من القانون 21 لسنة 1958 بتنظيم الصناعة وتشجيعها أي أن العاملين الخاضعين لقانون العمل الذين لهم الحق في أجازة مرضية كل ثلاث سنوات على أساس شهر بأجر كامل ثم ثمانية أشهر بأجر 75% ثم ثلاثة أشهر بغير أجر إذا قررت الجهة الطبية احتمال شفاء العامل هم العاملون الذين يعملون في المنشآت الصناعية القائمة أو التي ستقوم في المستقبل والتي لا تقل التكاليف الكلية عن خمسة آلاف جنيه أي أن المنشآت الصناعية التي تقل تكاليفها الكلية عن هذا المبلغ لا يستفيد العاملون بها من هذا الحكم الجديد الخاص بالأجازات المرضية وعند تقييم التكاليف الكلية للمنشأة لمعرفة ما إذا كانت تتجاوز خمسة آلاف جنيه أي أن المنشآت الصناعية التي تقل تكاليفها الكلية عن هذا المبلغ لا يستفيد العاملون بها من هذا الحكم الجديد الخاص بالأجازات المرضية وعند تقييم التكاليف الكلية للمنشأة لمعرفة ما إذا كانت تتجاوز خمسة آلاف جنيه أم لا فإن هناك عناصر محددة على سبيل الحصر يقوم على أساسها حساب هذه التكاليف وهذه العناصر هي ثمن الأرض والمباني أو قيمتها إذا كانت مؤجرة وقيمة المعدات والآلات ومصاريف النقل والتركيب والتأسيس والتأثيث وثمن المواد الخام اللازمة للإنتاج لفترة تخزين أو لفترة ثلاثة شهور وأجور العمال الدورة تشغيل أو لمدة ثلاثة شهور أيهما أكثر والمصاريف العامة اللازمة لدورة التشغيل أو لمدة ثلاثة شهور أيهما أكثر . 

ويجب أن تكون المنشأة الصناعية تمارس نشاطاً من الأنشطة المحصورة المحددة بالجداول المرفقة بقراري وزير الصناعة رقمي 140 و 141 لسنة 1958 المشار إليهما في الهامش السابق . 

وقد أوردت الفقرة الرابعة من المادة (54) الجاري التعليق عليها حكمين هامين لمصلحة العامل المريض . 

الأول : أن العامل المرخص له بأجازة مرضية لا يجوز حرمانه من أجازته السنوية فله الحق في الحصول عليها ولا يجوز أن تجب أجازة المرض الأجازة السنوية لأن لكل أجازة أساسها ودواعيها . 

الثاني : أنه يجوز العامل أن يطلب خصم أجازة المرض من أجازته السنوية كي يستفيد بالأجر كاملاً وليس بالنسب المشار إليها فيما سبق (75% و85%) وشرط هذا الطلب أن يكون له رصيد من الأجازات السنوية يسمح بذلك . 

ونصت الفقرة الأخيرة من المادة (54) على حكم آخر أكثر أهمية بالنسبة لمصلحة العامل، فقد كانت المادة (81) من قانون العمل الملغي تجيز إنهاء العقد من جانب رب العمل في حالة المرض الطويل وقد قيد هذا الحكم تقييداً شديداً بما أورده المشرع في القانون الجديد في المادة (76) بند رابعاً حيث نص على أن تنقضي علاقة العمل بسبب عجز العامل عجزاً كلياً عن أداء عمله الأصلي أو عجزه عجزاً جزئياً مستديماً متى ثبت عدم وجود عمل آخر على أن يثبت عدم وجود العمل الآخر طبقاً لقانون التأمين الاجتماعي. ومعنى ذلك أنه لم يعد يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاد المدد المشار إليها، ولا أن ينهي خدمة العامل المريض إلا إذا ثبت عجزه عجزاً كلياً عن أداء عمله الأصلي أو عجزه عجزاً جزئياً عن أداء أي عمل آخر بالمنشأة ونود الإشارة أنه وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي تتولى مكاتب القوى العاملة ومكاتب التأمين ترشيح العجزة أو المعوقين إلى المهن التي تناسبهم ولو في منشآت أخرى وهذا يعني أن المشرع قد ذهب في حماية العامل المريض إلى أبعد مدى ففتح أمامه العديد من الفرص بحيث لم تعد تنقضي علاقة عمل المريض إلا إذا كان لا يصلح لأداء أي عمل وهو ما عبر المشرع عنه بالعجز الكلي الدائم .

فالعامل المريض حتى بعد استنفاد كافة أجازاته الموضحة في الأحكام السابق شرحها لا ينتهي عقد عمله تلقائياً وإنما ما زالت أمامه فرص العمل الملائم الأخرى ولو لم يكن عند نفس صاحب العمل أو في نفس المنشأة هذا مع الأخذ في الاعتبار أن المشرع من جهة أخرى قد وضع حكماً خاصاً بالعمال الذين يمرضون أثناء العمل بأمراض مزمنة أو مستعصية وأضفى عليهم حماية خاصة حيث جعل أجازتهم المرضية بأجر كامل كما سيجيء. ومع الأخذ في الاعتبار أيضاً أن العامل الذي يعجز كلياً عن العمل يتقرر له معاش عجز وفقاً للمادة (52) من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانونين رقمي 25 لسنة 1977 و 93 لسنة 1980 .

استنفاد رصيد الاجازات : 

نصت الفقرة قبل الأخيرة من المادة (54) (موضوع الشرح) على أن للعامل أن يستفيد من متجمد أجازاته السنوية إلى جانب ما يستحقه من أجازة مرضية كما له أن يطلب تحويل الأجازة المرضية إلى أجازة سنوية إذا كان له رصيد يسمح بذلك . 

ومقتضى ذلك أن العامل يستفيد من متجمد الأجازات التي لم يحصل عليها وذلك في حالة المرض وصولاً إلى الحصول على أجره كاملاً وقد حرص المشرع على التأكيد في الفقرة الأخيرة من المادة على عدم جواز إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاد المدد المشار إليها . 

ويكون الحصول على مقابل رصيد الأجازات الاعتيادية على أساس الأجر الشامل طبقاً لمفهوم قانون التأمينات الاجتماعية وبحد أقصى ثلاثة أشهر وتسري هذه القواعد على العاملين بقطاع الأعمال العام .

 المريض بمرض مزمن :

كانت المادة (51) من قانون العمل الملغي رقم 137 / 1981 تنص صراحة على أنه استثناء من حكم المادة السابقة يمنح العامل المريض بالدرن أو الجذام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة أجازة مرضية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله أو يتبين عجزه عجزاً کاملاً عن مزاولة أي مهنة أو عمل . 

ويصدر بتحديد هذه الأمراض قرار من وزير الدولة للصحة بالاتفاق مع وزير الدولة القوى العاملة والتشغيل . 

وقد أغفل القانون الجديد هذا النص ولم يشر إلى القواعد التي تنطبق على المرضى بأمراض مزمنة ويبدو أنه اكتفى في ذلك بالإحالة على قانون التأمين الاجتماعي الموحد على اعتبار أن السلطة الطبية المختصة هي التي تحدد الأجازة المرضية وكان الأفضل النص على هذه الأحكام صراحة حتى لا تترك المسألة للاجتهاد خصوصاً وأن القواعد التي تنطبق على المرضى بأمراض مزمنة قد قننها المشرع منذ صدور قانون العمل الموحد الأسبق رقم 91 لسنة 1959 في المادة (63 منه) كما أشار إلى هذه القواعد في نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1977 (مادة 69)  .

كما تتمشى هذه القواعد مع مبادئ التكافل الاجتماعي لأن تعويض العامل الذي يمرض بأحد هذه الأمراض الخطيرة وذلك بصرف أجره کاملاً دون خصم أية نسبة منه يشعر العامل الذي كان قدره أن يقع فريسة لأحد هذه الأمراض أن الجماعة تشاطره هذا البلاء مما يخفف من نكبته، ومن أجل ذلك نرى أن المشرع قد عمم هذا الحكم على كافة العاملين في الدولة بمختلف قطاعات النشاط إذ لا يفرق المرض بين قطاع وقطاع فالعلة قائمة بالنسبة للجميع وهي الرحمة بالعامل المريض بأحد الأمراض الخطيرة المشار إليها في النص . 

وقد نقلت الفقرة الثانية من المادة (78) من قانون التأمين الاجتماعي الموحد رقم 79 لسنة 1975 نفس الحكم ولكنها أجازت في فقرتها الأخيرة للجهة الملتزمة بالأجر أو بتعويض الأجر بحسب الأحوال أن تقرر وقف صرفه عن المدة التي يخالف فيها المؤمن عليه تعليمات العلاج . 

ونص المادة سوى بين الأمراض المزمنة التي حددها القرار المشترك من وزيري الصحة والقوى العاملة وبين أمراض الدرن الرئوي والجذام والأمراض العقلية، فكل هذه الأمراض بمنزلة واحدة سواء من حيث حق العامل المصاب بها في الحصول على أجره كاملاً . 

ولا يخرج الحال عن أحد افتراضات ثلاثة : 

الأول : أن يشفى العامل من المرض المزمن . 

الثاني : أن يعالج فتستقر حالته استقراراً يمكنه من أداء عمله دون مضاعفات أو انتكاسات وهو أمر تقدره الجهة الطبية المختصة . 

الثالث : استحالة الشفاء بتحويل المريض إلى عاجز كلياً عن أداء أو مزاولة أي مهنة أو عمل وهو أمر تقدره الجهة الطبية المختصة . 

ففي الفرضين الأول والثاني يستمر العامل في الحصول على أجره کاملاً دون خصم أية نسبة منه أما في الفرض الثالث فإن علاقة عمله تنقضي طبقاً لمادة (124/ 1) ويستحق معاش العجز في ضوء أحكام قانون التأمين الاجتماعي الموحد سالف الذكر . 

 فصل العامل أثناء مرضه : 

الأصل أنه لا يجوز فصل العامل أثناء أجازته المرضية ولكن يجب التفرقة بين ما إذا كان سبب الفصل سابقاً على المرض أو حادثة العمل أو كان لاحقاً له ففي الحالة الأولى يجوز، ويعتبر تغيب العامل عن عمله بسبب المرض من قبيل الأعذار المشروعة فإذا قام رب العمل بفسخ العقد يكون هذا الفسخ تعسفياً بلا مبرر وللمحكمة أن تستعمل حقها في اتخاذ ما تراه من إجراءات كفيلة بتحقيق العجز عن العمل وتقديره ومنها ندب أهل الخبرة . 

والمبادئ العامة في تأثير عجز العامل عن تأدية عمله تؤدي إلى انفساخ عقد العمل (انتهاء عقد العمل) في حالة عجز العامل عن تأدية عمله المتفق عليه بصفة دائمة على وجه مرض ولو كان قادراً على أداء عمله أو أعمال أخرى من نوع مغاير، وتعويض الأجر في حالات المرض مثل تعويض الأجر في حالات إصابات العمل لا يعتبر أجراً بل هو تعويض العامل عن عجزه المؤقت عن أداء العمل خلال مدة الإجازة المرضية لذلك فهو يعفي من الضرائب والرسوم ولا تخصم منه اشتراكات تأمين ويوقف صرف هذا التأمين عند انتهاء علاقة العمل أو بلوغ سن التقاعد في الحكومة والقطاع العام .

العقوبة الجنائية : 

يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه إذا خالفت أياً من أحكام المادة (54) والقرارات الوزارية المنفذة لها . 

وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 247 من القانون) . 

 أنواع أخرى من الأجازات : 

مثل الأجازات الخاصة كأجازة التفرغ للدراسة والأجازة الدراسية بدون أجر أو الأجازة لموافقة الزوج أو الزوجة وأجازة الوضع والتي سندرسها في باب تشغيل النساء وكذلك أجازة السنة الأخيرة من الخدمة وقد قضت محكمة النقض بحق العامل في هذه الأجازة إذا ترك العمل قبل قيامه بها سواء تمسك بها أو لم يتمسك بها ومهما كان زمن استحقاقها وأياً كان سبب انتهاء الخدمة. وأن إنهاء خدمة العامل لا أثر له على حقه في أجازة السنة الأخيرة من خدمته وحقه في المقابل بالنسبة لما لم يحصل عليه منها . 

وقد تقضي اتفاقيات وعقود العمل الجماعية بحق العمال في أجازة غير تلك التي وردت في القانون وحينئذ يتعين منحهم إياها متى توافرت شروط استحقاقها وتعتبر من الحقوق المكتسبة وفقاً للعقد الجماعي أو بالنص عليها في لائحة المنشأة .

وفي بعض المشروعات ذات الأهمية الحيوية تقرر أجازات قصيرة مدفوعة الأجر لممثلي العمال لممارسة مسئولياتهم النقابية . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الأول ، صفحة : 604 )

الأجازة المرضية :

- لما كان كل إنسان معرض للمرض في أي لحظة، فمن الطبيعي أن يسمح للعامل بالتغيب خلال فترة المرض .

ولكن فترة المرض قد تطول بحيث يؤدي تغيب العامل، وعدم إمكان تعيين غيره لعدم معرفة وقت شفاء العامل، إلى شيوع الاضطراب في العمل بحيث يصعب إلزام صاحب العمل بالإبقاء على علاقة العمل إلى ما لا نهاية. ولا يكفي السماح بالتغيب، بل لابد من مواجهة مشكلة الأجر. فالأصل أن التغيب يؤدي إلى وقف العقد، ومن هنا كان لابد من تنظيم مسألة الأجر خلال فترة الإجازة المرضية، فإلى أي مدى يلتزم صاحب العمل بمراعاة الظروف الإنسانية، وما هو الحد بين الإنسانية الواجب مراعاتها، وعدم الإضرار بصاحب العمل، هذا ما سندرسه فيما - يلی. 

 

مدة الإجازة المرضية : 

طبقاً للمادة 54 للعامل الذي يثبت مرضه الحق في أجازة مرضية تحددها الجهة الطبية المختصة . 

ويلاحظ أن المشرع لم يحدد مدداً للأجازة المرضية في السنة الواحدة. فقد ترك تحديد مدة الأجازة أياً كانت للسلطة الطبية المختصة، فالباب أصبح مفتوحاً لمدة الأجازة المرضية وفقاً لما تستلزمه الحالة المرضية للعامل .

أما ما جاء في نفس المادة من أن العامل يستحق خلالها تعويضاً وفقاً لما يحدده قانون التأمين الاجتماعي فهو يتعلق فقط بتعويض الأجر وليس بمدة الأجازة المرضية . 

ونرى أن مدة الإجازة المرضية تكون مفتوحة ولا يحدها إلا أن يصبح المرض طويلاً يتعذر مع استمرار عقد العمل أى أن نكون بصدد إنهاء العقد بسبب مرض العامل . 

- ويبدو أن المشرع لم ينتبه إلى أنه قد منح مدة الإجازة المرضية دون حد أقصى، ولهذا فإنه ورد في المادة 54 ذاتها أحكاماً لا تستقيم مع أن مدة الأجازة المرضية مفتوحة وتحديدها بيد الجهة الطبية المختصة . 

فمن جهة قرر المشرع الحكم الخاص بأن العامل أن يستفيد من متجمد أجازاته السنوية إلى جانب ما يستحقه من أجازة مرضية كما له أن يطلب تحويل الأجازة المرضية إلى أجازة سنوية إذا كان له رصيد يسمح بذلك. فهذا الحكم تبدو أهميته إذا كان المشرع يحدد مدة قصوى للإجازة المرضية حيث يكون من مصلحة العامل أن يستفيد من مدة أجازته السنوية لمواجهة استطالة مدة المرض مما يؤثر على حقوقه المالية. ولقد أصبحت أهمية هذا الحكم تتمثل في تعويض أجر الإجازة حيث لا يعطيه قانون التأمينات الاجتماعية تعويضاً كاملاً عن الأجر دون مدد معينة كما سنرى . 

ومن جهة أخرى وضع المشرع حكماً خاصاً بعمال المنشآت الصناعية رقم 21 لسنة 1958 حيث للعامل الحق في أجازة مرضية كل ثلاث سنوات تقضي في الخدمة على أساس شهر بأجر كامل ثم ثمانية أشهر بأجر يعادل 75% من أجره ثم ثلاثة أشهر بدون أجر وذلك إذا قررت الجهة الطبية المختصة احتمال شفائه . 

فأهمية هذا النص كانت تتمثل في أن هؤلاء العمال يتمتعون بمدد أفضل وبتعويض أجر أفضل مما يرد في القواعد العامة الواردة في قانون العمل .

أما وأن المشرع قد فتح في المادة 54 مدد الأجازة المرضية فإن أهمية هذه المادة أصبحت تتمثل في المعاملة الأفضل بشأن تعويض الأجر . 

ونرى أن هذا التناقض في الصياغة يرجع إلى طول مدة إعداد قانون العمل وكثرة التعديلات التي أدخلت على المشروع . 

- ومع هذا فقد حاول بعض الفقه تفادي هذا الوضع الغريب بأن فسر ما جاء في صدر المادة 54 فيما يتعلق بالإحالة في تعويض الأجر إلى قانون التأمين الاجتماعي، بأن تلك الإحالة تتعلق بمدة الأجازة وتعويض الأجر وليس فقط بتعويض الأجر .

واستند في ذلك إلى ما جاء في المذكرة الإيضاحية من أن المشرع قصد الإحالة في تنظيم الإجازة ومددها إلى قانون التأمين الاجتماعي منعاً للتعارض بين قانون العمل وقانون التأمين الاجتماعي .

ولكن هذا الرأي مردود بصريح النص من أن الحق في الإجازة المرضية تحددها الجهة الطبية المختصة دون أن يعتد ذلك بمدة، ويستحق العامل خلالها تعويضاً عن الأجر وفقاً لما يحدده قانون التأمين الاجتماعي، فالإحالة إلى قانون التأمين الاجتماعي تقتصر على التعويض عن أجر الأجازة، أم المدة فلم يرد بشأنها أي إحالة إلى قانون التأمين الاجتماعي .

وأن كان المشرع يقصد فعلاً الإحالة إلى قانون التأمين الاجتماعي سواء في مدة الأجازة المرضية والتعويض عنها إلا أنه قد خانه التوفيق في الصياغة وأصبح النص غريباً . 

وبطبيعة الحال فإن باقي نص المادة 54 فيما يتعلق بضم الأجازة السنوية والتنظيم الخاص بعمال الصناعة يؤكد اتجاه المشرع إلى الإحالة الكاملة بشأن المدة وتعويض الأجر على حد سواء إلى قانون التأمين الاجتماعي، وما ورد بشأن عمال الصناعة حكم استثنائی خاص، والقول بغير ذلك من شأنه أن يكون عمال الصناعة في وضع أسوأ من القواعد العامة وعلى خلاف ما قصده المشرع . 

- واستكمالاً للفائدة في العرض ومع تمسكنا بتفسيرنا للنص نوضح أحكام الأجازة المرضية طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد رقم 148 لسنة 2019 .

تنص المادة 76 على أنه " إذا حال المرض بين المؤمن عليه وبين أداء عمله تلتزم الجهة المختصة بصرف تعويض الأجر أن تؤدي له خلال فترة مرضه تعويضاً يعادل 75% من أجره اليومي المسدد عنه الاشتراكات لمدة 90 يوماً ويزاد بعدها إلى ما يعادل 85% من الأجر المذكور، ويشترط ألا يقل التعويض عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للأجر، ويستمر صرف التعويض طوال مدة مرضه أو حتى ثبوت العجز الكامل أو الوفاة بحيث لا تجاوز مدة 180 يوما في السنة الميلادية الواحدة . 

واستثناء من الأحكام المتقدمة يمنح المريض بأحد الأمراض المزمنة تعويضاً يعادل أجر الاشتراك طوال مدة مرضه إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً . 

ومن الواضح أن هذا النص يتعلق بتعويض الأجر وهو لا يرتبط بالضرورة بمدة الأجازة المرضية، فلا يوجد ما يمنع من استمرار علاقة العمل دون أجر لفترة معينة قبل أن يتوافر المرض الطويل الذي يؤدي إلى إنهاء عقد العمل .

فالمشرع يحيل في قانون العمل لقانون التأمين الاجتماعي والقانون الأخير لا يحدد مدداً قصوى للأجازة المرضية، وإنما يواجه تعويض الأجر لمدة معينة ولا يلزم بالضرورة أن تكون تلك المدة هي المدة القصوى للإجازة المرضية، فقانون التأمينات الاجتماعية يهتم بالأعباء التأمينية ولا شأن له بمدد الأجازات .

وإذا ربطنا بين تعويض الأجر ومدته فإن مدة الإجازة المرضية تكون 90 يوماً بتعويض يعادل 75% من الأجر، ثم 90 يوماً أخرى بتعويض يعادل 85 % من الأجر، والزيادة في المدة الثانية ترجع إلى موارد العامل تتضاءل بعدم عمله، ولهذا كلما زادت مدة المرض يزداد التعويض . 

أما عن الصلة بين الأجازة السنوية والأجازة المرضية فيجوز للعامل بدلاً من طلب أجازة مرضية أن يستنفذ متجمد أجازاته السنوية وذلك حتى يستفيد بالحصول على كامل الأجر خلال الأجازة بدلاً من الخضوع لأحكام الأجر خلال الأجازة المرضية، وأن استنفذ أجازته المرضية له أن يستنفذ متجمد أجازته السنوية، كما له أن يطلب تحويل الأجازات المرضية إلى أجازة سنوية إذا كان له رصيد من الأجازات السنوية يسمح بذلك .

وأورد المشرع استثناءات على تلك المدد : 

- الاستثناء الأول : يمنح العامل المريض بأحد الأمراض المزمنة أجازة مرضية بأجر إلى أن يشفى أو تستقيم حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله ، ويستحق تعويضاً يعادل أجر الاشتراك طوال مدة مرضه .

تبدو خطورة هذا النص ليس فقط فيما يمنحه للعامل من حقوق تتمثل في أجازة استثنائية غير محددة المدة من جهة، وبأجر من جهة أخرى، وإنما في أنه لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاذ مدة الأجازة المرضية، ولما كانت تلك الأمراض تؤدي إلى منح العامل أجازة غير محددة المدة، فإن صاحب العمل لا يمكنه إطلاقاً إنهاء العقد طوال فترة المرض المزمن، وتبدو أهمية سريان تأمين المرض حيث يلقي عبء الأجر أو بعبارة أدق تعويض الأجر على عاتق جهة التأمين الاجتماعي . 

ويظل حق العامل في الأجازة قائماً حتى تتحقق أقرب الآجال الآتية :

أولاً : إما شفاء العامل ومن ثم عودته إلى عمله السابق .

ثانياً : استقرار حالته أي عدم تدهورها بما يمكنه من العودة إلى عمله سواء لعمله السابق أو لعمل آخر يتلائم مع حالته الصحية الجديدة، فالعجز لا يتحقق إذا كان للعامل عملاً بديلاً لدى صاحب العمل .

ثالثاً : عدم شفاء العامل وثبوت عجزه عجزاً كاملاً وفقاً لقانون العمل وقانون التأمين الاجتماعي .

رابعاً : إذا كان العقد محدد المدة فإن العقد ينتهي بانتهاء مدته ولا ينقلب إلى عقد غير محدد المدة، ومن ثم ينتهي التزام صاحب العمل بالأجر بانتهاء مدة العقد . 

- والاستثناء الثاني : تقرر المادة 54  أن يكون للعامل الذي يثبت مرضه في المنشآت الصناعية التي تسري في شأنها أحكام المادتين 1، 8 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها الحق في أجازة مرضية كل ثلاث سنوات تقضى في الخدمة على النحو التالي، شهراً بأجر كامل ثم ثمانية أشهر بأجر يعادل 75% من أجره ثم ثلاثة أشهر بدون أجر إذا قررت الجهة الطبية المختصة احتمال شفائه، أي أن مجموع مدة الإجازة المرضية لهذه الفئة هو 12 شهراً كل ثلاث سنوات . 

ولا يمكن الجزم بأن هذا الوضع أفضل للعامل من الأصل العام ، فالمرض غير معروف أنواعه أو مواعيده، وبالتالي فإن الواقع هو الذي يتحكم في كل حالة على حدة لمعرفة المزايا التي يحصل عليها العامل . 

الأجر خلال الإجازة المرضية :

- الأصل هو أن العامل لا يحصل على أجره کاملاً خلال الأجازة المرضية. فالمفروض أن العقد يوقف خلال هذه الفترة، ولكن نظراً للطابع الحيوي للأجر وشدة الحاجة إلى المال خلال المرض وفي ظل عدم تعميم نظام التأمين الصحى بعد، فقد حرص المشرع على عدم حرمان العامل من الأجر . 

ولهذا فالأصل هو أنه في خلال ال 180 يوماً الأولى يحصل العامل على أجر يعادل 75% من أجره، تزاد على 85% عن ال 90 يوماً التالية .

فالعامل يقبض جزء من الأجر وليس كله، ويلاحظ أن النسبة تتزايد بطول مدة المرض، وهذا مبدأ هام وضعه المشرع في قانون العمل حماية للعامل، فكلما طال المرض كلما ضاقت الحال واستنفذت المدخرات وزادت الحاجة إلى المال، ولهذا تتزايد نسبة الأجر المقررة للعامل ولا تتناقص . 

أما بالنسبة للأمراض المزمنة والمستعصية يحصل العامل على أجره كاملاً . 

وبالنسبة للعمال الخاضعين للقانون رقم 21 لسنة 1958 فالأجازة تكون خلال الشهر الأول بأجر كامل، وخلال ثمانية أشهر بما يعادل 75% من الأجر، وخلال ثلاثة أشهر بدون أجر . 

- وتجدر الإشارة إلى أن تعميم نظام تأمين المرض ترتب عليه قيام الجهة القائمة على التأمين الاجتماعي بدفع مقابل الأجر وليس صاحب العمل . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 593 )

التداخل بين الإجازة المرضية وغيرها من الإجازات : 

- لم تواجه المادة 47 إلا عطلات الأعياد والمناسبات الرسمية والراحة الأسبوعية، فلم تتعرض للأجازة المرضية .

وفقاً للمادة الخامسة من قرار وزير الصحة رقم 179 لسنة 1985 بشأن قواعد تنفيذ تأمين المرض تحتسب أيام العطلات الرسمية أو الراحة الأسبوعية ضمن الأجازات المرضية إذا وقعت خلالها، وبناء عليه فإن كانت الإجازة المرضية قد أعطيت في ظل تأمين المرض فإن مدة الإجازة لا تمتد بقدر ما يتخللها من عطلات رسمية وأيام الراحة الأسبوعية، فالحكمة من الإجازة المرضية هي الراحة والخضوع لعلاج وهو ما يتحقق طالما أن العامل في إجازة من العمل، والراحة الأسبوعية وأجازة الأعياد تعفي العامل من التوجه للعمل بما يمكنه من الراحة والخضوع للعلاج، ولكن يستحق العامل أجره کاملاً عن أيام العطلة وأجازة الأعياد التي تدخل في إطار الإجازة المرضية . 

ولهذا فإن الخلاف الذي ثار في مجال التداخل بين الأجازة السنوية والراحة الأسبوعية والعطلة الرسمية يجد صداه مرة أخرى، فذهب اتجاه إلى أن الأجازة السنوية مستقلة عن الإجازة المرضية، فلا يؤثر في استحقاق العامل للإجازة السنوية أن يكون قد حصل على إجازة مرضية، وإذا مرض العامل أثناء الإجازة السنوية فإن مدة الإجازة السنوية تمتد بما وقع خلاله من إجازة مرضية، وهذا الرأي هو الأكثر اتفاقاً مع اتجاه قانون العمل الحالي، وعلى العكس يذهب اتجاه آخر إلى أنه لا أثر لمرض العامل على مدة الإجازة السنوية فلا تمتد، ولو بغير أجر، بقدر فترة المرض الذي ينتابه في أثنائها ويجب عليه العودة إلى العمل بانتهاء الإجازة السنوية .

وإذا حال المرض دون حصول العامل على أجازته السنوية وانقضت السنة التي يستحق عنها الإجازة السنوية فإن العامل يستحق العوض النقدي عنها . 

وحرص المشرع في قانون العمل على تنظيم العلاقة بين الإجازة السنوية والإجازة المرضية في غير حالات التداخل بما يكفل تحقيق مصلحة العامل على ما سندرسه فيما بعد . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 555 )