loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

                              (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

ولعل من أدق الموضوعات وأكثرها صعوبة موضوع كيفية حل المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون وخاصة في نطاق علاقات العمل الفردية وما قد يثيرها على الأخص فصل العامل أو الإنهاء وقد كان الخيار بين أحد طريقين :

1) إما الأخذ بنظام اللجنة الثلاثية الواردة بالقانون 137 لسنة 1981 ومن قبله القرار الوزاري رقم 16 لسنة 1962 في ظل أحكام القانون 91 لسنة 1959 وهو ما اتجهت إليه أعمال المشروع في بداية الأمر . 

2) ولكن لجنة إنهاء عقد العمل وكذا جلسات الإستماع التي عقدت لمناقشة المشروع من الأطراف الثلاثة حبذت الأخذ بنظام جديد بهدف التغلب على المشاكل العملية التي واجهت عمل اللجنة الثلاثية عند تطبيق النصوص الخاصة بها وعلى الأخص ما ترتب على هذه الأحكام إطالة أمد النزاع بما في ذلك أضرار تصيب العامل وكثرة المنازعات المعروضة على القضاء وهو ما يضر بمصلحة طرف علاقة العمل ، ورغبة من المشروع في أن يواجه هذه المشاكل وأن يضع لها حلولاً عملية استحدث المشروع نظاماً جديداً فصلته أحكام المواد (70 ، 71 ، 72) من المشروع وبموجب هذه النصوص أخذ المشروع بفكرة اللجنة الثلاثية وطورها بحيث أضفى عليها صبغة قضائية وأعطاها اختصاصاً جامعاً مانعاً يمكنها من الفصل في المنازعات التي تثور بين العامل وصاحب العمل في أقصر وقت ، مراعاة لمصلحة الطرفين وتأكيداً على حماية العامل ، وجعل اختصاص هذه اللجنة يشمل كل ما يتعلق بالنزاع بدء بمحاولات التسوية الودية وانتهاء بالحكم بالتعويض عن الأضرار التي أصابت أحد الطرفين من جراء الفصل أو الإنهاء ، وبموجب أحكام هذا التنظيم تقرر أنه إذ نشأ نزاع فردي عن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً فإذا لم يتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منهما اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه ثلاثين يوماً من تاريخ النزاع وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة .   

وقد حددت المادة (71) المشار إليها تشكيل اللجنة القضائية فجعلته خماسية وراعت فيه وجود العنصر القضائي المتمثل في رئاسة قاض وعضوية قاض آخر يعينهما وزير العدل ، وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية ، كما روعي أيضاً مبدأ الثلاثية فأضيف القاضي رئيس اللجنة والقاضي عضو اللجنة الخماسية أعضاء على النحو التالي :

1) مدير مديرية القوى العاملة والتشغيل المختص أو من ينيبه . 

2) عضو من اتحاد نقابات العمال . 

3) عضو من منظمة أصحاب الأعمال المعنية . 

وحددت المادة (71) من المشروع اختصاص هذه اللجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون وعلى الأخص : 

- مشروعية قرار الفصل . 

- الطعن المقدم من العامل في حالة إنهاء العقد طبقاً لأحكام الباب السابع ومن الكتاب الثاني من المشروع . 

- كل ما يتعلق بالمنازعات الناشئة عن الفصل التأديبي وإنهاء عقد العمل وخاصة فيما يتعلق بمستحقات العامل من أجور وتعويضات . 

وتفصل اللجنة في النزاع المعروض عليها خلال تسعين يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها . 

وعلى اللجنة أن تفصل في طلب وقف تنفيذ قرار الفصل أو الإنهاء خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة ويكون قرارها نهائياً ، فإذا أمرت بوقف التنفيذ ألزمت صاحب العمل أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ إنهاء عقده ولمدة ثلاثة أشهر على الأكثر ، وعلى هذه اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا طلب العامل ذلك وكان للتعويض مقتضی .

وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذاً لقرار اللجنة بوقف التنفيذ من مبلغ التعويض الذي يحكم له به أو من أية مبالغ أخرى مستحقة له . 

فإذا كان إنهاء عقد العامل بسبب نشاطه النقابي وجب على اللجنة أن تقضي بإعادته إلى عمله إذا طلب ذلك ، ويقع عبء إثبات أن الإنهاء لم يكن لهذا السبب على عاتق صاحب العمل . 

ويتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية .

 والمادة 72/ 1 من المشروع قررت أن يصدر قرار اللجنة بأغلبية الآراء ويكون قرارها مسبباً ويعتبر بمثابة حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم كتاب المحكمة الإبتدائية المختصة . 

وحرصاً من المشروع على عدم المساس بحق التقاضي المكفول دستورياً لصاحب العمل والعامل أعطت الفقرة الثانية من المادة (72) لأي من الطرفين وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الطعن في القرار الصادر من اللجنة أمام المحكمة الإستئنافية المختصة . 

 (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

دليل الإجراءات في مجال علاقات العمل الفردية 

يتبع في بحث الشكاوى الفردية الإجراءات الآتية : 

1) تعرض الشكاوى الفردية التي ترد المكتب يومية على مدير المكتب قبل قيدها بالسجل لتوجيهها، وعليه أن يكف الوقائع موضوع الشكوى فيما إذا كانت مطالب أو فصل.

2) يكتب على الشكوى رقمها المسلسل المبين بالسجل ورقم النشاط بالدليل مع توضيح نوع الشكوى.

3) تسلم الشكاوى إلى المفتش المختص من واقع السجل ويوقع أمام الشكوى باستلامها في الخانة المخصصة لذلك مع إثبات التاريخ ويطلع على الشكوى للإلمام بالموضوع.

4) يقوم المفتش باستدعاء طرفي النزاع بإرسال خطاب مسجل إلى كل من الطرفين على النموذج المعد لذلك (10 علاقات عمل) يوضح فيه تاريخ الحضور وساعته، مع بيان سبب النزاع والتنبيه بإحضار كافة المستندات اللازمة لهذا النزاع، وفي الأحوال التي يتبين فيها بوضوح المفتش أنه سيكون من الصعوبة بمكان بحث الشكوى بصورة متكاملة بالمكتب، فعليه الانتقال إلى مكان العمل موضوع الشكوى لبحثها مع الطرفين وذلك بعد أخذ موافقة مدير المكتب على هذا الإجراء.

5) يحرر المفتش محضراً بما يتم من إجراءات بالنسبة للشكوى، ويوقع عليه الأطراف التي حضرت، ويراعى تحرير هذه المحاضر على أوراق مستقلة ترفق بالشكوى وأن يكون البحث طبقاً لأحكام القانون مع ذكر المواد القانونية التي يستند عليها وعرض نتيجة البحث على مدير المكتب.

6) إذا تم الصلح بين الطرفين والتسوية الودية يحرر المحضر اللازم ويوقع عليه من الطرفين المتنازعين ومن المفتش المختص ويعرض على مدير المكتب للموافقة على الحفظ.

ويقوم المفتش المختص بالتأشير بنتيجة البحث في الخانة المخصصة لذلك بالسجل مع إثبات انتهاء البحث، ثم تسلم الشكوى بمرفقاتها إلى سكرتير المكتب لحفظها بملف المهنة التي يعمل بها العامل.

7) يراعي ما نصت عليه المادة رقم (70) من قانون العمل رقم (12) لسنة 2003 من أن تقدم طلبات التسوية الودية خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع.

8) في حالة تعذر التسوية الودية بمعرفة مكتب العمل خلال المدة المنصوص 

عليها بالمادة رقم (70) من قانون العمل رقم (12) لسنة 2003 عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب تسوية النزاع، خطر الشاكي كتابة بنتيجة بحث شكواه وأنه يمكن تقديم طلب للجوء إلى اللجنة القضائية المختصة المشار إليها في المادة رقم (71) من قانون العمل، ولأي من الطرفين أن يطلب من مكتب العمل المختص إحالة النزاع إلى اللجنة الخماسية المختصة في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ النزاع وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة المشار إليها.

وعلى مكتب العمل المختص اتخاذ إجراءات إحالة الشكوى وجميع مرفقاتها والمستندات وطلب الإحالة.

وتكون الاحالة مشفوعة بمذكرة من خمس نسخ وتحفظ النسخة السادسة بالمكتب ويتضمن الإحالة ملخصاً للنزاع وأسبابه وحجج وأقوال الطرفين وكافة المستندات الدالة وما اتخذ من إجراءات من قبل المكتب للوصول إلى التسوية الودية والاستدعاءات وملاحظات ووجهة نظر المكتب مدعمة بالسند القانوني وفقاً للنموذج المعد لذلك، وذلك بمراعاة المادة (70) المشار إليها. 

ويقوم المكتب بقيد الطلبات بسجل يعد لهذا الغرض يدون به (الرقم المسلسل / تاريخ تقديم الطلب / أسم المنشأة / نوع القطاع عام / خاص / أعمال عام) نوع النشاط الاقتصادي).

9) تحفظ نسخ النموذج المعد بعد ترقيمه بأرقام مسلسلة في ملف مفهرس خاص وترسل نسخة للإدارة العامة العلاقات العمل لاتخاذ ما يلزم .

10) إذا اتضح من بحث الشكوى التي لم يتمكن المكتب من تسويتها؛ أن الشاكي محق في شكواه فيتم اتخاذ الإجراءات الآتية:

(أ) إخطار مكتب التفتيش العمالي. 

(ب) توضيح كافة الإجراءات التي اتخذها مكتب علاقات العمل.

(ج) تحدد المواد القانونية موضوع المخالفة والمطلوب تحرير محضر بشأنها.

11) الشكاوى التي تبين بعد بحثها عدم صحة أقوال الشاكي أو عدم اختصاص المكتب ببحثها يقوم المفتش بعرضها على مدير المكتب طالباً الحفظ. 

يجب مراعاة الأمور الآتية في كافة الحالات:

- إذا تعذر على المفتش بحث النزاع مكتبية فيجب عليه الانتقال إلى مقر عمل المشكو ضده لاستكمال البحث ويترك تقرير الانتقال إلى مدير المكتب.

- مراعاة سرية البيانات الواردة بالشكاوى.

- يراعي سرعة بحث الشكاوى التي ترد للمكتب واستنفاذ كافة الطرق الودية للتسوية بشأنها في مدة لا تجاوز عشرة أيام من تاريخ ورود الشكوى للمكتب.

- يجوز للمكتب حفظ الشكوى المكررة طالما ثبت من السجلات أن الشكوى سبق بحثها من قبل واتخذ في شأنها الإجراءات القانونية اللازمة، وتم الرد على الشاكي نتيجة بحثها.

(هـ) فيما يختص بالشكاوى الواردة عن طريق رئاسة الجمهورية أو الوزارة أو المحافظة أو غيرها فيجب الرد عليها في جميع الأحوال طبقاً للنموذج المرفق (نموذج 7 شكاوى) مع مراعاة الرد على الشاكي. 

تقرير 

بشأن اللجوء إلى اللجنة الخماسية القضائية الفصل في المنازعات الفردية 

طلب رقم:............................................

اسم مقدم الطلب (العامل / صاحب العمل) وعنوانه:..........

اسم الطرف الآخر (العامل / صاحب العمل) وعنوانه:..................... 

تاريخ تقديم الطلب للمكتب:...................................................

تاریخ تعذر التسوية الودية:.......................... 

تاريخ إخطار العامل بالفصل كما هو وارد بالإخطار:........................ 

سبب الفصل كما هو وارد بالإخطار:...

نوع العقد وتاريخه:............................................. (بالكتابة / بغير الكتابة/ محدد المدة / غير محدد المدة).

(لعمل معين / لعمل مستمر / لعمل موسمي / تحت الاختبار)

أجر العامل:................... شهري:.................. أسبوع:................... يومي:...................... بالقطعة:................ نوع العمل أو المهنة:...................................... 

نتيجة البحث ملخص أقوال العامل وأدلته: 

ملخص أقوال صاحب العمل وأدلته: 

رأى المكتب : 

تحريراً في : / / 200م 

المفتش 

مدير المكتب 

السيد رئيس اللجنة القضائية 

تحية طيبة وبعد أتشرف بأن أرفق الأوراق والمستندات الخاصة بالطلب عاليه، وذلك تطبيقاً للمادتين 70، 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 م.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

مدير المكتب

 

(الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009)

ومن أدق الموضوعات التي ينظمها المشروع وسائل فض المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه وخاصة في نطاق علاقات العمل الفردية، وفصل العامل أو إنهاء علاقة العمل، ويستحدث - في هذا الشأن - نظاماً جديداً لفض تلك المنازعات في نطاق علاقات العمل الفردية تتناوله المواد (70، 71، 72) تتولاه اللجنة المنوط بها الفصل في المنازعات التي تثور بين العامل وصاحب العمل مراعاة لمصلحة الطرفين وتأكيداً على حماية العامل، ويجعل اختصاص هذه اللجنة شاملاً كل ما يتعلق بالنزاع بدءا بمحاولات التسوية الودية وانتهاء بالحكم بالتعويض عن الأضرار التي أصابت أحد الطرفين من جراء الفصل أو الإنهاء.

وتجعل المادة (71) تشكيل اللجنة خماسية برئاسة قاضي وعضوية قاضي آخر يتم اختيارهما وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية، كما تراعي في التشكيل مبدأ ثلاثية العلاقة بحيث يكون باقي أعضاء اللجنة:1 

1- مدير مديرية القوى العاملة والهجرة المختص أو من ينيبه.

2- عضو عن اتحاد نقابات العمال. 

3- عضو عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية.

وتحدد المادة ذاتها اختصاصات اللجنة وإجراءات العمل بها ، وتحيل فيما لم يرد بشأنه نص خاص إلى أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية. 

وتنص المادة ( 72 / 1) على أن يصدر قرار اللجنة بأغلبية الآراء وأن يكون مسبباً ويعتبر بمثابة حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم كتاب المحكمة الابتدائية المختصة. 

وحرصاً على عدم المساس بحق التقاضي المكفول دستورية لصاحب العمل والعامل؛ تخول الفقرة الثانية من المادة (72) لأي من الطرفين الطعن في القرار الصادر من اللجنة أمام المحكمة الاستئنافية المختصة وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية. 

وتنص المادة (73) على أنه إذا تسبب العامل بخطئه وبمناسبة قيامه بأداء مهام عمله في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدة العامل، وجب أن يتحمل المبلغ اللازم نظير ذلك، ولا تجيز هذه المادة لصاحب العمل أن يستوفي مستحقاته بطريق الاقتطاع إذا بلغ مجموعها أجر شهرين، وتخول لصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجره على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد، كما تجيز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة (71) ووفقاً للمدد والإجراءات الواردة بها، فإذا لم تقرر اللجنة لصاحب العمل المبلغ الذي قدره أو قررت له أقل منه وجب عليه رد ما اقتطع دون وجه حق خلال سبعة أيام من تاريخ صدور القرار. 

ويحرص في المادة (74) على عدم الإخلال بالضمانات المقررة لأعضاء مجالس إدارة المنظمات النقابية بقانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976م. 

الأحكام

1 ـ النص في المادة الأولى من القانون رقم 180 لسنة  2008 بتعديل بعض أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 يدل على أن المشرع اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في23 / 6 / 2008 جعل المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 71 المشار إليها هي المختصة وحدها دون غيرها بنظر جميع منازعات العمل الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية وقصر هذا الاختصاص النوعى – بصريح نص المادة – على المحاكم الابتدائية فقط دون محاكم الاستئناف ومن ثم فإن تمسك الطاعنة بعدم اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه نوعياً بنظر النزاع لكونها دائرة تعويضات هو دفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.

(الطعن رقم 18660 لسنة 89ق - جلسة 17 / 1 / 2021 ) 

2 ـ إذ كان النص في المادة 40 من لائحة المخالفات والجزاءات التأديبية للشركة المطعون ضدها على أن " تهريب أو محاولة تهريب نقد أو أية مواد أو أصناف أو بضائع من الدائرة الجمركية أو التهرب من دفع الرسوم الجمركية عليها أو المساعدة في ذلك حتى ولو لم يتم إقامة الدعوى العمومية نتيجة التصالح على المصادرة أو دفع الرسوم أو الغرامات ، وسواء تم ذلك في المنافذ الجمركية المصرية أو الأجنبية فأن الجزاء التأديبي المقرر لمرتكبيها هو 1 - خفض الأجر بمقدار علاوة . 2 - الخفض إلي وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة . 3 - الفصل وفقاً لأحكام المادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 " ، بما مفاده أن الجزاءات التي وضعتها المطعون ضدها لهذه المخالفة جزاءات متدرجة بحيث لا يُطبق الجزاء الأشد إلا في حالة تكرار المخالفة ، ولما كان جزاء الفصل على نحو ما سلف هو الجزاء الأشد على المخالفة المنسوبة للطاعن ، وكانت المطعون ضدها لا تُماري في أنه لم يسبق للطاعن اقتراف هذه المخالفة من قبل ، ومن ثم فإن دعواها بتوقيع جزاء الفصل على الطاعن تكون فاقدة لسندها القانوني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى بفصل الطاعن بسبب المخالقة التي نسبتها له المطعون ضدها وهي محاولته تهريب بعض الأدوية وثلاثة أجهزة تليفون محمول من الدائرة الجمركية رغم خلو الأوراق من سبق ارتكاب الطاعن لذات المخالفة ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .

( الطعن رقم 21707 لسنة 88 - جلسة 11 / 12 / 2019 )

3 ـ إذ كانت المادة 71من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ولئن تضمنت مخاطبة المحكمة أن تُخطر ممثلاً عن المنظمة النقابية المعنية وممثلاً عن منظمة أصحاب الأعمال لسماع رأيهما في النزاع . إلا أنها لم تُرتب البطلان جزاء على مخالفة هذا الإجراء وكان إغفاله لا يؤدى إلى تخلف غاية معينة إذ لا يعد المذكوران من عناصر تشكيل المحكمة وليس لهما إن حضرا المشاركة في المداولة مع أعضائها ، فإن خلو أوراق الدعوى والحكم المطعون فيه من دلالة حدوث هذا الإخطار لا يُرتب البطلان يؤيد هذا النظر ما قصده المشرع في ختام نص المادة سالفة البيان أنه وفى حالة تحقق الإخطار وعدم مثول ممثلى المنظمات النقابية مضت المحكمة في نظر الدعوى دون توقف على ضرورة مثولهما أو بيان جزاء على ذلك وبالتالى أفصح المشرع عن حدود هذا الإجراء التنظيمى ومدى تأثيره على سريان تلك الخصومة ويكون ما أثارته الطاعنة في شأن ما شاب الحكم من بطلان على غير سند من الواقع أو القانون .

( الطعن رقم 7154 لسنة 79 - جلسة 4 / 4 / 2010 )

4 ـ إذ كان النص في المادة 70 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه " إذا ‏نشأ نزاع فردي بین صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة ‏العلاقات العمل الفردية فلأي منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ۰۰۰۰ ، ۰۰۰۰ ، ۰۰۰ خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع ‏تسويته ودياً فإذا لم تتم التسوية خلال واحد وعشرين يوماً - من تاريخ تقديم الطلب - جاز لأي منهما أن يطلب من الجهة ‏الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة (71) من هذا القانون أو أن يلجأ إليها في ‏موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم بطلب للجنة التسوية أو لم يتقدم ‏به والا سقط حقه في عرض الأمر على المحكمة " يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن التاريخ الذي ‏يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق اللدائن عند مطالبته به. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا ‏النظر بمقولة أن مدة السقوط تبدأ من تاريخ منع الطاعن من الدخول إلى مقر عمله في 3 / 5 / 2010، ولم يستظهر الحكم ما ‏إذا كانت أوراق الدعوى تضمنت دليلاً على قيام النزاع حول طلبات الطاعن " بأحقيته في راتبه عن شهر مايو، وعمولته عن ‏شهري إبريل ومايو 2010، ومقابل مهلة الإخطار، والمقابل النقدي الرصيد إجازاته، والتعويض في تاريخ سابق على رفع ‏الدعوى من عدمه، فإنه يكون قد شابه قصور يعجز محكمة النقض عن مراقبه صحة تطبيقه لأحكام القانون. ‏

(الطعن رقم 3420 لسنة 82 ق - جلسة 17 / 11 / 2019 ) 
( الطعن رقم 17922 لسنة 81 ق - جلسة 17 / 3 / 2019)

5 ـ إذ كان النص في المادة 70 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه" إذا أنشا نزاع فردي بین صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأي منهما أن يطلب من لجنة تشكل من ٠٠٠٠٠٠ خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً فإذا لم تتم التسوية خلال واحد و عشرين يوماً من تاريخ تقديم الطلب جاز لأي منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة (71) من هذا القانون أو أن يلجأ إليها في موعد أقصاه خمسة وأربعين يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية سواء كان قد تقدم للجنة بطلب التسوية أو لم يتقدم به وإلا سقط حقه في عرض الأمر على المحكمة " يدل على أن المشرع نظم إجراءات رفع الدعاوى الخاصة بالمنازعات الناشئة عن قانون العمل الخاص أو أي من القوانين الأخرى أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية، فأجاز لكل من صاحب العمل أو العامل اللجوء إلى اللجنة المشار إليها بتلك المادة خلال عشر أيام من بداية النزاع لتسويته بالطرق الودية فإذا لم تتم التسوية خلال مدة واحد وعشرين يوما من تاريخ تقديم الطلب إليها، كان لصاحب العمل أو العامل أن يطلب من اللجنة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية وأوجب على كل منهما أن يلجأ إلى المحكمة العمالية مباشرة في موعد أقصاه خمسة وأربعين يوما من تاريخ انتهاء المدة المحددة لتسوية النزاع سواء لجأ إلى تلك اللجنة أو لم يلجأ إليها وإلا سقط حقه في عرض المنازعة على المحكمة. مفاده وجوب لجوء العامل للمحكمة وقيد الأوراق قلم كتابها قبل انتهاء المدة المشار إليها وليس إيداع صحيفة الطلبات الموضوعية، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن شكوى المطعون ضده لمكتب العمل - تاريخ بدء النزاع - كانت بتاريخ 8 / 11 / 2009 وقيدت الأوراق قلم كتاب المحكمة الابتدائية بتاريخ 20 / 1 / 2010 ومن ثم فإن المطعون ضده يكون قد لجأ إلى المحكمة خلال المدة المقررة بالمادة 70 من قانون العمل سالفة البيان ويكون نعيها في هذا الخصوص على غير أساس.

(الطعن رقم 6343 لسنة 81 ق - جلسة 5 / 5 / 2019 ) 

6 ـ وكان قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 الواجب التطبيق – قد خلا من نص يجيز إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل وإعادته إلى عمله مؤداه أن هذا القرار ينهى الرابطة العقدية بين العامل وصاحب العمل ويزيل الالتزامات المترتبة على العقد ولو اتسم هذا الإنهاء بالتعسف، ولا يخضع لرقابة القضاء إلا في خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه إن كان له محل ما لم يكن هذا الإنهاء بسبب النشاط النقابى وعندئذ يجب الحكم بإعادة العامل لعمله وهو ما تقرره المادة 71 من القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان قرار إنهاء خدمة المطعون ضده تأسيساً على أن هذا القرار قد صدر قبل الميعاد المنصوص عليه في المادة 82 من لائحة البنك الطاعن على الرغم من أن إنهاء خدمته ليس مرده النشاط النقابى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه وكذا نقضه بالتبعية فيما قضى به من رفض التعويض والذى أسسه على الجزء المنقوض منه إعمالاً للمادة 271من قانون المرافعات دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.

(الطعن رقم 919 لسنة 81 ق - جلسة 11 / 4 / 2019 ) 

7 ـ المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غیر ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على جميع المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه مادام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 26 لسنة 72 قضائية " دستورية " المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "4 مكرر" بتاريخ 27 / 1 / 2008 بعدم دستورية نص المادتين 71، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم 90 لسنة 2005 اللتين تضمنتا تنظيماً تشريعياً يقضى بإسناد ولاية الفصل في المنازعات العمالية الفردية إلى اللجان المنصوص عليها في المادة 71 منه دون غيرها وأن ما تصدره هذه اللجان من قرارات تعتبر بمثابة أحكام صادرة من المحاكم الابتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها على ما قضت به المادة 72 من القانون ذاته، وبسقوط العبارة الواردة بالمادة 70 منه والتي تنص على أنه " فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب ...... إلى آخر النص " وبسقوط قرار وزير العدل رقم 3539 لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الابتدائية ، ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذه النصوص من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية ، بما مؤداه زوال تلك اللجان المشكلة بقرار وزير العدل إعمالاً لحكم المادة 71 من قانون العمل المشار إليه منذ العمل بأحكام هذه المادة وصيرورة المنازعات العمالية الفردية التي كانت منظورة أمامها من اختصاص القاضي الطبيعي الذي كفله الدستور لكل مواطن. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا السالف البيان قد أدرك الدعوى أمام محكمة النقض قبل أن يصير الحكم الصادر فيها باتاً، ولم تحدد المحكمة الدستورية العليا تاريخاً آخر لسريانه، فإنه يتعين تطبيقه على الطعن الماثل ويصبح نظر الدعوى من اختصاص القضاء العادي كأثر له. وإذ خالف الحكم الصادر في الاستئناف رقم..... لسنة 42 ق هذا النظر، فإنه يكون معيباً.


(الطعن رقم 10117 لسنة 79 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 )

8 ـ إذ كان البين من الأوراق أن دعوى المطعون ضده على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بأحقيته في نسبة ال 10 % من الأرباح عن عام 2009 بواقع اثني عشر شهراً طبقاً للأجر الشامل هي في حقيقتها منازعة عمل فردية تخضع لأحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 - والذي نشأ النزاع في ظل العمل بأحكامه – بما كان يتعين على المحكمة العمالية التي رفعت إليها الدعوى أن تتصدى لنظر موضوعها إلا أنها قضت بعدم اختصاصها نوعياً وباختصاص المحكمة الاقتصادية بنظرها وأيدها الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

 (الطعن رقم 13484 لسنة 86 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 ) 

9 ـ إذ كان النص في المادة الأولى من القانون رقم 180 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أن " يستبدل بنصوص المواد 70 ، 71 ، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 النصوص التالية مادة (70) " إذا نشأ نزاع فردي بین صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأي منهما أن يطلب ۰۰۰۰۰ " مادة (71) " تشكل المحكمة العمالية من دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الابتدائية وتختص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات العمالية الفردية المشار إليها في المادة (70) من هذا القانون ۰۰۰۰". والنص في المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه " على اللجان والمحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت من اختصاص المحاكم العمالية بمقتضى هذا القانون المرفق وذلك بالحالة التي تكون عليها وبدون رسوم ۰۰۰ ولا تسري أحكام الفقرة الأولى على المنازعات والدعاوى المحكوم فيها، وتخضع الأحكام الصادرة فيها للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها " ونصت المادة الرابعة منه على أن " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره .... " يدل على أن المشرع اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في 23 / 6 / 2008 جعل المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 71 المشار إليها هي المختصة وحدها دون غيرها بنظر جميع منازعات العمل الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية، وأوجب على اللجان والمحاكم الأخرى بجميع درجاتها أن تحيل من تلقاء نفسها جميع المنازعات والدعاوى المطروحة عليها والتي أصبحت من اختصاص المحاكم العمالية بالحالة التي عليها وبغير رسوم ، ويستثنى منها ما حُكم فيها بقضاء منه للخصومة كلها أو في جزء منها قبل العمل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 سالف البيان .

(الطعن رقم 13479 لسنة 86 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 ) 
(الطعن رقم 13485 لسنة 86 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 )

10 ـ إذ كان انهاء خدمة العامل في ظل قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون 88 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 93 لسنة 2005 وإعمالاً لحكم المادتين 89 ، 91 من هذا القانون تسرى عليه ‏أحكام قانون العمل الخاص الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 ولائحة البنك الخاصة ، وقد خلا كل ‏منهما من نص يجيز إلغاء قرار انهاء خدمته وإعادته إلى عمله ، مما مؤداه أن هذا القرار ينهى الرابطة ‏العقدية بين العامل وصاحب العمل ويزيل الالتزامات المترتبة على العقد ولو اتسم هذا الانهاء بالتعسف ولا ‏يخضع لرقابة القضاء إلا في خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه إن كان له محل ما لم يكن ‏هذا الانهاء بسبب النشاط النقابي فعندئذ يجب الحكم بإعادة العامل إلى عمله طبقاً لنص المادة 71 من ‏القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يثبت أن ‏إنهاء البنك المطعون ضده لعقد عمل الطاعن كان بسبب نشاطه النقابي ، فإن طلب الطاعن إعادته إلى ‏عمله يكون فاقداً لسنده القانوني خليقاً بالرفض .‏

(الطعن رقم 5103 لسنة 87 ق - جلسة 14 / 11 / 2018 )

11 ـ إذ كان مفاد المادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أنه إذا رفضت المحكمة العمالية طلب ‏صاحب العمل فصل العامل ، قضت باستمراره في عمله وإلزام صاحب العمل بأن يؤدي إليه ما لم يصرف ‏من مستحقات . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم الصادر في الدعوى 29 لسنة 2014 عمال جنوب ‏القاهرة الابتدائية بتاريخ 3 / 7 / 2014 أن المحكمة العمالية قضت برفض طلب الطاعنة بفصل المطعون ‏ضده من العمل واستمراره في العمل وإلزام الطاعنة بصرف مالم يصرف من مستحقاته وتأيد هذا القضاء ‏بالحكم الصادر بتاريخ 8 / 1 / 2015 في الاستئناف رقم 2352 لسنة 131 ق ، وخلت الأوراق مما يدل على ‏أن الطاعنة قد طعنت على هذا الحكم بطريق النقض ، فإن ذلك الحكم يكون قد حاز حجية الأمر المقضي في مسألة أحقية المطعون ضده في الحصول على أجره عن الفترة من 1 / 12 / 2013 حتى 30 / 4 / 2015 ‏الفترة السابقة على إبداء رغبتها في تنفيذ هذا الحكم بموجب الإنذار المعلن للمطعون ضده بتاريخ 27 / 4 / 2015 بالعودة واستلام عمله اعتباراً من 2 / 5 / 2015 ومن ثم لا يجوز للطاعنة إثارة النزاع في هذه ‏المسألة ويضحى النعي في خصوص ما قضى به الحكم من أجر عن الفترة سالفة البيان على غير أساس . ‏

(الطعن رقم 565 لسنة 87 ق - جلسة 14 / 11 / 2018 )

12 ـ إذ كان قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 – الواجب التطبيق – قد خلا من نص يجيز إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل وإعادته إلى عمله فإن مؤدى ذلك أن هذا القرار ينهى الرابطة العقدية بين العامل وصاحب العمل ويزيل الالتزامات المرتبة على العقد ولو اتسم هذا الإنهاء بالتعسف ولا يخضع لرقابة القضاء إلا في خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه إن كان له محل ما لم يكن هذا الإنهاء بسبب النشاط النقابى فعندئذ يجب الحكم بإعادة العامل لعمله وهو ما تقرر المادة 71 من القانون رقم 12 لسنة 2003 بإصدار قانون العمل المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008، لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن إنهاء خدمة المطعون ضده لم يكن بسبب النشاط النقابى وإنما كان بسبب مخالفات مالية تحرر عنها المحضر رقم 22697 لسنة 2011 جنح قسم أول طنطا، فإن عقد عمله لدى الطاعنة يكون قد انتهى ولا يجوز له سوى الرجوع عليها بالتعويض إن كان له محل. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان قرار الفصل بما لازمه إعادته لعمله بعد أن خلص إلى أن إنهاء خدمة المطعون ضده هو فصل تعسفى لرفض الطاعنة إعادته للعمل عقب صدور حكم ببراءته من الاتهام الموجه إليه ورتب على ذلك إلزام الطاعنة بأن تؤدى له أجره وملحقاته من 11 / 5 / 2011 وحتى صدور الحكم رغم أن الأصل في استحقاق الأجر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أنه لقاء العمل بما يستلزم أن تكون علاقة العمل مازالت قائمة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن رقم 7344 لسنة 83 ق - جلسة 8 / 11 / 2018 )

13 ـ  المقرر – في قضاء محكمة النقض– أنه يترتب على صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبى أو لائحة ونشره في الجريدة الرسمية – دون تحديد تاريخ معين لسريانه – عدم صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه ، ولتعلق ذلك الأمر بالنظام العام يمتنع على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها ولو كانت سابقة على صدور ذلك الحكم ومؤدى ذلك أن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 26 لسنة 27 قضائية " دستورية " بعدم دستورية نص المادتين 71 ، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم 90٠ لسنة 2005 وسقوط قرار وزير العدل الصادر نفاذاً له بتشكيل اللجان الخماسية في المحاكم الابتدائية يترتب عليه زوال تلك اللجان من تاريخ إنشائها إعمالاً للأثر الكاشف لذلك الحكم وانعدام القرارات الصادرة عنها ما لم يصدر في شأنها حكم بات وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد القرار المستأنف بالرغم من انعدام السند لهذا القرار لصدوره عن لجنة قضى بانعدام وجودها منذ صدور قرار إنشائها - فإنه يكون معيباً.

(الطعن رقم 12480 لسنة 77 ق - جلسة 3 / 7 / 2018 )

14 - مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدنى يدل على أن المشرع أخضع لهذا التقادم الحولى الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فقط وذلك لاستقرار الأوضاع المترتبة على هذا العقد والمؤدية إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء . وأن دعوى المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفى تسقط بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكمين الابتدائى والمطعون فيه أن قرار إنهاء خدمة المطعون ضده صدر بتاريخ 27/12/2005 ، وكانت طلباته فى الدعويين رقمى ....، .... لسنة 2006 لجان خماسية بورسعيد قد خلت من طلب التعويض عن الفصل التعسفــى ولم يطالب به إلا أمام محكمة أول درجة فى الدعوى الماثلة المرفوعة بتاريخ 14/5/2009 بعد مرور أكثر من عام على صدور قرار إنهاء خدمته . ومن ثم يكون حقه فى هذا الطلب قد سقط بالتقادم الحولى باعتبار أن طلب التعويض مستقل عن طلب إلغاء قرار الفصل فلا يجب بوجوبه ولا يسقط بسقوطه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً .

(الطعن رقم 17724 لسنة 81 جلسة 2012/10/07 س 63 ص 1050 ق 166)

15- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد عملاً بأحكام المادة698 من القانون المدنى إنما راعى الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة الى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء ، وكانت دعوى المطعون ضده الخامس قبل الطاعنة موضوعها رد مبلغ100000 جنيه والتعويض عن الضرر المادى والأدبى والفوائد القانونية نتيجة خروجه الى المعاش المبكر وكان مصدر هذا الحق هو عقد العمل وهى بهذه المثابة تعتبر ناشئة عنه وتخضع للتقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة سالفة البيان ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستند فى قضائه برفض الدفع بالنسبة للمطعون ضده الخامس إلى أن الدعوى ليست مطالبة بحقوق ناشئة عن عقد العمل فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 15098 لسنة 78 جلسة 2012/06/28 س 63 ص 968 ق 152)

16- مفاد نص المادة 698 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضى بسقوط دعاوى المطالبة بالحقوق الناشئة عن عقد العمل بمضى سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد سواء تلك التى ترتبت على تنفيذه أو انتهائه – فيما عدا ما تعلق منها بالمسائل التى حددتها تلك المادة وأوردت لها أحكاماً خاصة – وذلك لاعتبارات من المصلحة العامة تقضى باستقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل بعد انتهائه والمواثبة على تصفية المراكز القانونية لكل من طرفيه ، وكانت دعوى المطعون ضده الأول بضم المدة من 1938/8/1 حتى 1939/10/31 والمدة من 1944/7/17 حتى 1948/5/31 إلى مدة خدمته لدى الطاعنة من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل تخضع للتقادم المنصوص عليه فى المادة 1/698 من القانون المدنى وكانت خدمته قد انتهت لدى الطاعنة بإحالته إلى المعاش لبلوغه سن التقاعد فى 1978/10/10 وأقام دعواه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الابتدائية فى 1986/2/13 أى بعد مضى أكثر من سنة على انتهاء تلك الخدمة فإنه وفى هذا الخصوص تكون قد سقطت بالتقادم الحولى ، ولا يغير من ذلك القضاء لصالحه فى الاستئناف رقم ...... ق القاهرة بإلغاء قرار إنهاء خدمته إذ الثابت من الأوراق أن محكمة النقض حكمت فى الطعن بالنقض رقم ...... ق فى 1988/2/21 بنقض هذا الحكم وهو ما يترتب عليه إلغاءه واعتباره كأن لم يكن ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط الدعوى بالتقادم الحولى فى خصوص هذا الطلب بمقولة إن هذا الشق من الدعوى ليس ناشئاً عن عقد العمل وإنما عن قانون التأمين الاجتماعى ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 234 لسنة 63 جلسة 2007/06/28 س 58 ص 626 ق 108)

17- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص فى قضائه إلى أن المطعون ضدها استهدفت من دفعها بالتقادم لدين الأجر الذى طالب به الطاعن فى دعواه الفرعية بعد انتهاء علاقة العمل فيما بينهما أن مرماه يدخل فى نطاق المادة 698 من القانون المدنى لأنه تقادم عام ومطلق لم يقيده الشارع بأى إجراء آخر كتوجيه يمين الاستيثاق أو غيرها فإن هذا الذى فعلته المحكمة إن هو إلا إنزال لحكم القانون الصحيح على واقع الدفع ومرماه وهو ما تملكه تلك المحكمة من غير أن تكون ملزمة بتنبيه الخصوم إلى الوصف الصحيح الذى انتهت إليه ويكون النعى على حكمها بهذا السبب (النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون لدفع الشركة المطعون ضدها لدى محكمة الموضوع بسقوط حق الطاعن فى المطالبة بأجره الذى تضمنته صحيفة الدعوى الفرعية بالتقادم مستندة إلى نص المادة 378 من القانون المدنى الخاصة بتقادم أجر العمال بسنة واحدة والتى من شرائطها أن من يتمسك بهذا التقادم عليه أن يحلف يميناً على أنه أدى الدين فعلاً ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يطبق هذه المادة وطبق على الدفع بالتقادم حكم المادة 698 من القانون المدنى على خلاف طلب الشركة)على غير أساس .

(الطعن رقم 11099 لسنة 76 جلسة 2007/05/27 س 58 ص 490 ق 86)

18- إذ كان سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد عملاً بأحكام المادة 698 من القانون المدنى إنما راعى الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكلٍ من رب العمل والعامل على حد سواء .

(الطعن رقم 1097 لسنة 76 جلسة 2006/12/17 س 57 ص 769 ق 143)

19- مؤدى نص المادة 162 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 – الذى يحكم واقعة الدعوى وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أن حق العامل فى قيمة الزيادة بين أنظمة المعاشات أو المكافآت أو الادخار الأفضل الذى ارتبط بها أصحاب الأعمال حتى آخر يوليو سنة 1961 ومكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل هو حق ناشئ عن عقد العمل وتحكمه قواعده فى عقود العمل ومختلف قوانينه ومالا يتعارض معها من أحكام القانون المدنى ومنها ما نصت عليه المادة 698 بقولها " تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد " وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقد عمل المطعون ضده قد انتهى باستقالته فى 31/8/1978 وأن الدعوى لم ترفع إلا فى 1/3/1983 بعد انقضاء أكثر من سنة من تاريخ انتهاء العقد فإنها تكون قد سقطت بالتقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة 698 من القانون المدنى المشار إليها ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 2495 لسنة 57 جلسة 2005/11/10 س 56 ص 795 ق 139)

20- الثابت فى الدعوى أن المطعون ضده الأول طلب اعتبار المنحة التى كانت تصرف له بواقع شهرين فى السنة عنصراً من عناصر الأجر الذى يحتسب على أساسها المعاش وتعديل معاشه على هذا الاساس وكان منشأ الحق فى هذه الطلبات ليس عقد العمل وكان التقادم المنصوص عليه فى المادة 698 من القانون المدنى إنما يواجه الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فإن الحكم المطعون فيه إذا إنتهى الى رفض الدفع بالسقوط المؤسس على نص المادة 698 من القانون المدنى يكون صحيحاً فى القانون .

(الطعن رقم 522 لسنة 61 جلسة 1997/03/06 س 48 ع 1 ص 436 ق 84)

21- النص فى الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدنى على أنه " تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد ... " يدل على أن المشرع أخضع لهذا التقادم الحولى الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فقط وذلك لاستقرار الأوضاع المترتبة على هذا العقد والمؤدية إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء فلا يسرى هذا التقادم على دعاوى التعويض عن إصابات العمل .

(الطعن رقم 4031 لسنة 65 جلسة 1996/12/24 س 47 ع 2 ص 1629 ق 298)

22- النص فى المادة 124 من قانون المرافعات على أن للمدعى أن يقدم من الطلبات العارضة : 1_ ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلى أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى __.." وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن طلب التنفيذ العينى والتنفيذ بطريق التعويض قسيمان يتقاسمان تنفيذ التزام المدين ويتكافآن قدرا فيجوز للعامل الذى أقام دعواه بطلب التنفيذ العينى بإلغاء قرار إنهاء خدمته وإعادته إلى عمله جبرا عن صاحب العمل أن يطلب التنفيذ بطريق التعويض إن كان له مقتض . لما كان ذلك وكانت الطاعنة لا تجادل فى أن الدعوى المرفوعة من المطعون ضده بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته قد أقيمت قبل انقضاء سنه من تاريخ إنهاء عقد عمله الذى فصل منه فى خلال الميعاد الذى يجرى به نص المادة 698 من القانون المدنى فإن إضافة طلب التعويض عن الأضرار الناجمة عن هذا الإنهاء دون التنازل عن طلباته الأولى فيها يظل قائما أمام المحكمة دوام المطالبة القضائية به دون أن يلحقه السقوط وإذ التزم الحكم المطعون فيه هدا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط طلب التعويض بالتقادم الحولى فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.

(الطعن رقم 642 لسنة 61 جلسة 1994/05/12 س 45 ع 1 ص 840 ق 160)

23- يدل النص فى المادة 698 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة على أن دعوى المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفى . تسقط بالتقادم بإنقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء المدة بإعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل وإذ كان القانون قد أجاز لكل من طرفيه إنهاءه بإرادته المنفردة ، وكان التعبير عن هذه الإرادة لا ينتج أثره إذا أثبت من وجه إليه أنه لم يعلم به وقت وصوله وكان عدم العلم لا يرجع إلى خطأ منه وفقاً لنص المادة 91 من القانون المدنى فإن مؤدى ذلك أن إنهاء رب العمل لعقد العمل بإرادته المنفردة لا ينتج أثره وبالتالى لا يبدأ منه التقادم الحولى المسقط للدعاوى الناشئة عن هذا العقد إلا من وقت إخطار العامل بهذا الإنهاء إخطاراً صحيحاً أو علمه به علماً يقيناً .

(الطعن رقم 499 لسنة 54 جلسة 1990/11/15 س 41 ع 2 ص 675 ق 283)

24- إذ كان مفاد نص المادة 56 من القانون رقم 26 لسنة 1954 بشأن الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم المعدل بالقانون رقم 114 لسنة 1958 - الذى كانت الشركة المؤممة تباشر نشاطها فى ظله - أن مدير شركة التوصية بالأسهم ليس أجنبياً عن الشركة وإنما هو أحد الشركاء المتضامنين فيها و يجب ذكر إسمه فى عقد تأسيس الشركة ونظامها وأنه وكيل عنها وليس عاملاً فيها ، فإن ما يتقاضاه من مكافأه مقابل عمله يعتبر حصة فى الربح مستحقة لشريك نظير هذه الوكالة والإدارة ، ومن ثم يستمد حقه فى هذه الحصة من عقد الوكالة الذى تضمنه عقد الشركة ولا يستمد هذا الحق من عقد عمل وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أعمل فى شأن المكافأة المستحقة للمورث عن المدة السابقة على التأميم قواعد التقادم السنوى الخاصة بالدعوى الناشئة عن عقد العمل - والتى نصت عليها المادة 698 من القانون المدنى - مشترطاً لبدء سريان التقادم أن تكون بإعتبارها رب عمل سلمت هذا المدير بياناً بما يستحقه من مكافأة ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 1678 لسنة 53 جلسة 1985/05/13 س 36 ع 2 ص 758 ق 156)

25- لما كان مؤدى نص المادة 674 من القانون المدنى والمادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل أن التزام صاحب العمل بالأجر يقابل التزام العامل بأداء العمل المتفق عليه ، وأنه يشترط لإستحقاق الأجر أن يكون عقد العمل قائماً ، وأن حق العامل فى الأجر مصدره عقد العمل ، فإن دعوى المطالبة بالأجر أو بأية فروق فيه تكون داخلة فى عداد الدعاوى الناشئة عن عقد العمل التى نصت المادة 1/698 من القانون المدنى على سقوطها بالتقادم بإنقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد .

(الطعن رقم 1462 لسنة 49 جلسة 1985/04/22 س 36 ع 1 ص 639 ق 133)

26- لما كان مفاد المادة 113 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 63 لسنة 1964 بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية - الذى أحيل الطاعن إلى المعاش فى ظله - والمادة الثالثة من مواد إصدار هذا القانون أن حق العامل فى المعاش قبل الهيئة العامة للتأمينات الإجتماعية مصدره القانون وليس عقد العمل ، فإن دعوى المطالبة بالمعاش تكون بمنأى عن نطاق سريان التقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة 1/698 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 1462 لسنة 49 جلسة 1985/04/22 س 36 ع 1 ص 639 ق 133)

27- متى كان مفاد نص المادة 698 من القانون المدنى أن الشارع وضع قاعدة عامة تقضى بسقوط دعاوى المطالبة بالحقوق الناشئة عن عقد العمل بمضى سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد عدا تلك المتعلقة بدعاوى إنتهاك حرمة الأسرار التجارية أو تنفيذ نصوص عقد العمل التى ترمى إلى ضمان إحترام هذه الأسرار وذلك لإعتبارات من المصلحة العامة تقضى بإستقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل بعد إنتهائه والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من طرفيه ، وكانت دعوى المطعون ضدها عن نفسها وبصفتها بإثبات قيام علاقة العمل بين مورثها وبين الطاعنين لا تندرج تحت مدلول عبارة الدعاوى الناشئة عن عقد العمل طبقاً لنص المادة 698 من القانون المدنى وليست دعوى بحق ناشىء عن عقد العمل ، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة التفرقة بين تقادم الحق وتقادم الدعوى فإن دعوى المطعون ضدها لا تكون خاضعة لأحكام التقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة 698 من القانون المدنى .

(الطعن رقم 666 لسنة 49 جلسة 1985/02/11 س 36 ع 1 ص 241 ق 55) 

28- مفاد نص المادة 89 من قانون التأمينات الإجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذى يحكم واقعة الدعوى - أن إلتزام الهيئة العامة للتأمينات الإجتماعية - بمقتضى القانون المشار إليه بأن تصرف المؤمن عليه أو المستحقين عنه قيمة الزيادة بين ما كان يتحمله أصحاب الأعمال فى أنظمة المعاشات أو المكافآت أو الإدخار الأفضل ومكافأة نهاية الخدمة عند إستحقاق صرف المعاش أو التعويض - مترتب أساساً على إلتزام أصحاب الأعمال بقيمة هذه الزيادة بمقتضى رابطة العمل وإلتزامهم بموجب القانون بأدائها إلى الهيئة كاملة دون إجراء تخفيض عند إنتهاء خدمة العامل . ولما كان إلتزام أصحاب الأعمال - وهو الأساس - ناشئاً عن عقد العمل ، فإنه يسرى فى شأنه حكم المادة 698 من القانون المدنى الذى يقضى بسقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإنقضاء سنة من وقت إنتهاء العقد إلا ما استثنى بالنص . مما مؤداه أن إلتزام أصحاب الأعمال بقيمة الزيادة على مكافأة مدة الخدمة القانونية وهو إلتزام لا يتناوله الإستثناء المذكور ينقضى - إذا ما تمسك صاحب العمل فى مواجهة المؤمن عليه أو المستحقين عنه بسقوط المطالبة بالحق الناشئ عن عقد العمل بإنقضاء سنة من وقت إنتهاء العقد وقضت به بذلك - وبالتالى ينقضى إلتزام الهيئة الطاعنة المترتب عليه أساساً وحينئذ لا يكون للمؤمن عليه أو المستحقين عنه الحق فى أية زيادة بمقتضاه ، إذ لم تعد هناك رابطة تلزم صاحب العمل بقيمة الزياة قبل آخر يوليو 1961 ومن ثم فلا حق للعامل المؤمن عليه أو المستحقين عنه فى مطالبة الهيئة العامة للتأمينات الإجتماعية بصرفها .

(الطعن رقم 682 لسنة 46 جلسة 1982/05/15 س 33 ع 1 ص 526 ق 94)

29- إذ كانت المادة 36 من مخالفات وجزاءات الركب الطائر الملحقة بلائحة مخالفات وجزاءات العاملين لدى المطعون ضدها قد نصت على أن "جلب أو تهريب بضائع او أصناف لها صفة الاتجار، يكون الجزاء هو تأجيل موعد استحقاق العلاوة السنوية لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، أو الحرمان من نصف العلاوة السنوية، أو خفض الأجر بمقدار علاوة على الأكثر، أو الخفض إلى الوظيفة الأدنى مباشرة"، وفى المادة 40 على أن "تهريب أو محاولة تهريب نقد أو أية مواد أو أصناف أو بضائع من الدائرة الجمركية أو التهرب من دفع الرسوم الجمركية عليها أو المساعدة فى ذلك حتى ولو لم يتم إقامة الدعوى العمومية نتيجة التصالح على المصادرة أو دفع الرسوم أو الغرامات، وسواء تم ذلك فى المنافذ الجمركية المصرية أو الأجنبية فان الجزاء التأديبى المقرر لمرتكبيها هو خفض الأجر بمقدار علاوة أو الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة أو الفصل وفقاً لأحكام المادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003"، وفى المادة 69 على أن "الإساءة إلى سمعة الشركة فى الداخل او الخارج تكون العقوبة الفصل وفقاً لأحكام المادة 71 من قانون العمل رقم ۱۲ لسنة ۲۰۰۳"، ولما كان لكل جزاء تأديبى أثر مباشر يرتد إلى طبيعته، ويتمثل فى خفض من المستحقات المالية أو المكافآت او خفض الدرجة الوظيفية إلى الدرجة الأدنى مباشرة أو الفصل من الخدمة، والأخير هو أقصى عقوبة تأديبية ممكنه .

( الطعن رقم 19094 لسنة 89 ق - جلسة 5 / 7 / 2020 )

30 ـ بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث عشر من يناير سنة 2008 ، الموافق الخامس من المحرم سنة 1429 هـ

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبدالواحد ......................... رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين :

وحضور السيد المستشار/ رجب عبدالحكم سلیم................ رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد ناصر إمام محمد حسن .................. ................ أمين السر 

                                   أصدرت الحكم الآتى 

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 27 قضائية «دستورية» 

المقامة من : شركة الدلتا لحليج الأقطان 

ضــــد :

1) السيد رئيس الجمهورية. 

2) السيد رئيس مجلس الوزراء.

3) السيد رئيس مجلس الشعب.

4) السيد وزير العدل. 

5) السيد عبدالعزيز عواض عبدالعزيز - المحامي.

6) الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج. 

 الإجـــراءات 

بتاريخ الثلاثين من يناير سنة 2005 أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم کتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبة الحكم بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (71) من القانون رقم 12 لسنة 2003 في فقرتها الأولى من تشكيل لجان ذات اختصاص قضائی وسقوط قرار وزير العدل رقم 3539 لسنة 2003 الصادر تنفيذاً لهذا النص التشريعي ، وبعدم دستورية ما نصت عليه المادة (72) من القانون ذاته من صدور قرار اللجنة بأغلبية الآراء . 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد و احتياطياً برفضها . 

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها . 

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث قررت المحكمة بجلستها 

المنعقدة في 13/ 5/ 2007 إعادتها لهيئة المفوضين لبحث دستورية نص المادتين (71) و (72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003 في ضوء التعديل الذي أدخل عليها بالقانون رقم 90 لسنة 2005 ، فأعدت الهيئة تقريراً تكميلياً تضمنته رأيها ، وقررت المحكمة إصدار حكمها في الدعوى بجلسة اليوم : 

                                      المحكمة 

بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .. 

حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الخامس كان قد أقام الدعوى رقم 177 لسنة 2000 عال كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المدعية في مواجهة الشركة المدعى عليها الأخيرة بطلب القضاء بأحقيته في صرف بدل التفرغ المقرر له وفقاً للأجر الأساسي المحدد لدرجته الوظيفية ، وما طرأ عليه من زيادات إعمالاً لحكم المادة «35» من لائحة نظام العاملين بالشركة ، وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1995 مع تعويضه بمبلغ خمسة آلاف جنيه وإثر صدور قانون العمل رقم (12) لسنة 2003 أحيلت الدعوى إلى اللجنة الخماسية المشكلة وفقاً لحكم المادة (71) منه وقيدت برقم 2769 لسنة 2003 م، وبجلسة 20/ 4/ 2004 قضت تلك اللجنة بأحقيته في طلباته وتعويضه بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا القضاء فقد طعنت عليه بالإستئناف رقم 923 لسنة 121 قضائية أمام محكمة إستئناف القاهرة ، كما أقامت المدعى عليها الخامسة الإستئناف رقم 937 لسنة 121 قضائية طعناً على ذات القضاء ، وبعد أن ضمت تلك المحكمة الإستئنافين ليصدر في حكم واحد ، دفع الحاضر عن الشركة المدعية بجلسة 12/ 1/ 2005 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (71) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003 من تشكيل لجان ذات اختصاص قضائي وسقوط المادة (72) من القانون ذاته ، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية الدفع قررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 4/ 2005 لإقامة الطعن بعدم الدستورية فأقيمت الدعوى الماثلة . 

وحيث إن المادة (71) من قانون العمل إليصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003  معدلة بالقانون رقم 90 لسنة 2005 تنص على أن : تشكل بقرار من وزير العدل بالإتفاق مع الجهات المعنية لجان ذات اختصاص قضائي من : 

- اثنين من القضاة تكون الرئاسة لأقدمها وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية. 

- مدير مديرية القوى العاملة والهجرة المختص أو من ينيبه.

- ممثل عن الإتحاد العام لنقابات عمال مصر. 

- ممثل عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية. 

ويكون انعقاد اللجنة صحيحاً بحضور أغلبية الأعضاء ، على أن يكون من بينهم القاضيان الممثلان فيها وتختص اللجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون ، وتفصل اللجنة في النزاع المعروض عليها خلال ستين يوماً من تاريخ عرضه عليها . 

وعلى اللجنة أن تفصل في طلب فصل العامل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة ، فإذا رفضت الطلب الزمت صاحب العمل بإعادة العامل إلى علمه ، وبأن يؤدي إليه ما لم يصرف له من مستحقات .

فإذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ قرار اللجنة بإعادة العامل إلى عمله اعتبر ذلك فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً للمادة «122» من هذا القانون. 

وعلى اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت إذا طلب العامل ذلك. ويكون قرار اللجنة في هذه الحالة واجب النفاذ فوراً ولو طلب إستئنافه . 

وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذاً لقرار اللجنة بوقف التنفيذ من مبلغ التعويض الذي قد يحكم له به أو من أية مبالغ أخرى مستحقة له لدى صاحب العمل. 

وإذا ثبت أن نصل العامل كان بسبب نشاطه النقابي قضت اللجنة بإعادته إلى عمله إذا طلب ذلك. 

ويتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانوني المرافعات والإثبات في المواد المدنية والتجارية . 

وتنص المادة (72) من القانون ذاته على أن : « يصدر قرار اللجنة بأغلبية أعضائها الحاضرين وفي حالة تعادل الأصوات يرجح الجانب الذي منه رئيسها .  

ويكون قرار اللجنة مسبباً ، ويعتبر بمثابة حكم صادر عن المحكمة الابتدائية ، وذلك بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم کتاب المحكمة الإبتدائية المختصة . 

ويجوز الطعن في القرار الصادر من اللجنة أمام المحكمة الإستئنافية المختصة وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية . 

وحيث إنه من الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فإنه مردود ذلك أن الثابت من الاطلاع على محضر الجلسة المودع بأوراق الدعوى المائلة أن الحاضر عن الشركة المدعية قد دفع أمام محكمة إستئناف القاهرة بجلسة 12/ 1/ 2005 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (71) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 في فقرتها الأولى من تشكيل لجان ذات اختصاص قضائي وسقوط المادة (72) من القانون ذاته، فقررت تلك المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 4/ 2005 ليقدم الحاضر عن الشركة المدعية دليل الطعن بعدم الدستورية . 

وإذ أقيمت الدعوى الماثلة في 30/ 1/ 2005 خلال الأجل الذي ضربته محكمة الموضوع وبما لا يجاوز ثلاثة أشهر ، فإن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه .  

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع ، ويتحدد مفهوم هذه المصلحة باجتماع شرطين: أولهما : أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به ، وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً .. ثانيها: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه . 

متى كان ما تقدم ، وكانت الشركة المدعية تبغي من دعواها الموضوعية المطروحة على محكمة الإستئناف إلغاء قرار اللجنة الخماسية الصادر بإجابة المدعى عليه الخامس إلى طلباته ، فمن ثم تضحى لها مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستورية نص المادة (71) من قانون العمل الذي نظم تشكيل هذه اللجان على نحو يغلب فيه العنصر الإداري، وكذلك نص المادة (72) من القانون ذاته والذي أبغ وصف الأحكام على ما تصدره هذه اللجان من قرارات، إذ إن الفصل في أمر دستورية هذين النصين - في ضوء المطاعن الدستورية التي وجهتها الشركة المدعية لهما سيكون له انعكاس على قضاء محكمة الإستئناف في الإستئنافين المقامين أمامها . 

وحيث إن التنظيم التشريعي الذي أتى به المشرع في قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 والذي يقضي بإسناد ولاية الفصل في المنازعات العالية الفردية إلى اللجان المنصوص عليها في المادة (71) منه دون غيرها ، وأن ما تصدره هذه اللجان من قرارات تعتبر بمثابة أحكام صادرة عن المحاكم الابتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها على ما قضت به المادة (72) من القانون ذاته لم يصبه تعدیل جوهري ينال من بنیان هذه اللجان أو من طبيعة ما تصدره من قرارات بالتعديل الذي أدخله المشرع على النصين المطعون عليها بالقانون رقم 90 لسنة 2005 سوى ما ورد بالقانون الأخير بالنص في المادة (71) على أن يكون انعقاد اللجنة صحيحاً بحضور أغلبية الأعضاء على أن يكون من بينهم القاضيان الممثلان فيها، وما قضت به المادة (72) من أنه في حال تعادل الأصوات يرجح الجانب الذي منه رئيسها ، ومن ثم فإن هذه المحكمة ترى التصدي لهذين النصين معدلين بالقانون رقم 90 لسنة 2005 حسماً لأمر دستوريتها، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة في نص المادتين (71) و (72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003 معدلين بالقانون رقم (90) لسنة 2005 م. 

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النصين المطعون عليها مخالفة أحكام المواد (40) و (65) و (67) و (68) و (165) و (168) من الدستور قولاً منها بأن المشرع استحدث بها لجنة ذات تشکیل مزدوج قضائي وغير قضائي ، وجعل للعنصر الأخير الغلبة في التشكيل ومنحها دون غيرها الإختصاص بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن قانون العمل وأسبغ على قراراتها وصف الأحكام بالرغم من أن ثلاثة من أعضائها لا تتوافر فيهم الحيدة والإستقلال الواجب توافرهما في القضاة بإعتبارهما ضمانتين لازمتين للفصل في المنازعات فضلاً عن أنه لا يجوز التذرع بطبيعة المنازعة العالية وما تتطلبه من سرعة الفصل فيها المخالفة أحكام الدستور التي جعلت ولاية القضاء للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها بإعتبار أن القضاة - على ما نص عليه الدستور - مستقلون ولا سلطان عليهم لغير القانون كما لا يجوز لأية سلطة التدخل في شئون العدالة . 

وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددا بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاءة والحيدة والإستقلال ، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة ، دون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة التحقيق دفاع أطرافها وتمحیص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها . 

وحيث إنه من المقرر استقلال السلطة القضائية مؤداه أن يكون تقدیر کل قاضي الوقائع النزاع، وفهمه لحكم القانون بشأنها متحرراً من كل قيد، أو تأثير، أو إغواء، أو وعيد، أو تدخل، أو ضغوط أيا كان نوعها أو مداها أو مصدرها، وكان مما يعزز هذه الضمانة ويؤكدها استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وأن تنبسط ولايتها على كل مسألة من طبيعة قضائية . 

وحيث إن استقلال السلطة القضائية واستقلال القضاة وإن كفلتها المادتان (165) و (168) من الدستور، توقيا لأي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي انحرافاً عن ميزان الحق، إلا أن الدستور نص كذلك على أنه لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون. وهذا المبدأ الأخير لا يحمي فقط استقلال القاضي ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة، وهو أمر يقع غالباً إذا فصل القاضي في نزاع سبق أن أبدى فيه رأيا، ومن ثم تكون حيدة القاضي شرطاً لازماً دستورياً لضمان ألا يخضع في عمله لغير سلطان القانون . 

وحيث إن ضمانة المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور بنص المادة (76) منه تعني أن يكون لكل خصومة قضائية قاضيها - ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية .

- وأن تقوم على الفصل فيها محكمة مستقلة ومحايدة ينشئها القانون ، يتمكن الخصم في إطارها من إيضاح دعواه ، وعرض آرائها والرد على ما يعارضها من أقوال غرمائه أو څججهم على ضوء فرص يتكافئون فيها جميعاً ، ليكون تشكيلها وقواعد تنظيمها، وطبيعة النظم المعمول بها أمامها وكيفية تطبيقها عملاً محدداً للعدالة مفهوما تقدميا يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة . 

وحيث إن الدستور بما نص عليه في المادة (68) من أن لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعي قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية ، وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه مباشرته على فئة دون أخرى ، أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها ، كما أن هذا الحق باعتباره من الحقوق العامة التي كفل الدستور بنص المادة (40) المساواة بين المواطنين فيها ، لا يجوز حرمان طائفة منهم من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهو قيام منازعة في حق من الحقوق - وإلا كان ذلك إهدارا لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من الحق ذاته. 

وحيث إن النصين المطعون عليها يخالفان أحكام الدستور من أوجه عدة .. 

أولها: أن اللجنة التي أنشأها المشرع وعهد إليها ولاية الفصل في المنازعات الفردية التي قد تنشأ بين العامل ورب العمل هي لجنة يغلب على تشكيلها العنصر الإداري فهي تتكون من قاضيين وثلاثة أعضاء أحدهما مدير مديرية القوى العاملة المختص أو من ينيبه، والثاني ممثل عن الإتحاد العام لنقابات عمال مصر ، والثالث ممثل عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية، وأعضاء اللجنة من غير القضاة لا يتوافر في شأنهم - في الأغلب الأعم - شرط التأهيل القانوني الذي يمكنهم من تحقيق دفاع الخصوم وتقدير أدلتهم ، وبفرض توافر هذا الشرط في أحدهم أو فيهم جميعاً ، فإنهم يفتقدون لضمانتي الحيدة والإستقلال اللازم لتوافرهما في القاضي ، فضلاً عن أن مدير مديرية القوى العاملة المختص بحسبانه رئيس الجهة الإدارية التي تتولى تسوية النزاع ودياً قبل عرضه على تلك اللجنة ، يكون قد اتصل بالنزاع وأبدى فيه رأياً ، ومن ثم فلا يجوز له أن يجلس في مجلس القضاء بعد ذلك للفصل في النزاع ذاته . 

وثانيها : أن القرارات التي تصدر من هذه اللجان لا يمكن وصفها بالأحكام القضائية - حتى وإن أسبغ عليها المشرع هذا الوصف - ذلك أن الأحكام القضائية لا تصدر إلا من المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، وهذه اللجنة - وكما سبق القول - هي لجنة إدارية ، ومن ثم فإن ما يصدر عنها لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً وليست له من صفة الأحكام القضائية شيء ، ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة (71) المطعون عليها من اشتراط وجود قاضيين كي يكون انعقاد اللجنة صحيحاً ، ذلك أنه بافتراض وجود هذين القاضيين وحضور الأعضاء الثلاثة الباقين يمكن أن يصدر القرار بالأغلبية ، والأغلبية في هذه الحالة للعنصر الإداري ، ومن ثم فلا يمكن أن يوصف القرار الصادر منها بأنه حكم أو قرار قضائي . 

وثالثها : أن نص المادة (72) المطعون فيه وإن اعتبر القرار الصادر من هذه اللجنة بمثابة حکم صادر من المحكمة الإبتدائية يطعن عليه أمام محكمة الإستئناف ، وهو وصف جاوز به المشرع الحقيقة لأن ما يصدر عن هذه اللجنة بحسبانها لجنة إدارية لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً ، إلا أن الطعن على هذه القرارات أمام محكمة الإستئناف ، وعلى ما يقضي به النص ذاته يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي لا يجيز الطعن في الأحكام الصادرة في حدود النصاب الإنتهائي من محاكم الدرجة الأولى في بعض الحالات ، مما يجعل هذه القرارات عندئذ غير قابلة للطعن عليها قضائياً ، الأمر الذي يخالف المادة (68) من الدستور التي تحظر النص على تحصين أي قرار إداري من رقابة القضاء . 

وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن النصين المطعون عليها يكونان قد خالفا أحكام المواد (40) و (64) و (65) و (165) من الدستور، ومن ثم فإن القضاء بعدم دستوريتها يكون متعيناً . 

وحيث إن المادة (70) من القانون ذاته تنص على أنه : « إذا نشأ نزاع فردي في شأن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً ، فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منها اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ النزاع، وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة ، ولأي منها التقدم للجهة الإدارية بطلب لعرض النزاع على اللجنة المذكورة خلال الموعد المشار إليه».  

وحيث إن القضاء بعدم دستورية المادتين (71) و (72) من القانون ذاته بها تضمنته من تشكيل اللجنة والطعن على قراراها يستتبع بحكم اللزوم سقوط الأحكام المتصلة بها، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بسقوط العبارة الواردة بنص المادة (70) من القانون ذاته والتي تبدأ بــ « فإذا لم تتم التسوية ودياً »، إلى آخر نص المادة المذكورة ، وكذلك سقوط قرار وزير العدل رقم (3539) لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الإبتدائية . 

فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة :

أولاً : بعدم دستورية نص المادتين (71) و (72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم (90) لسنة 2005م.

ثانياً : بسقوط العبارة الواردة بالمادة (70) من القانون ذاته والتي تنص على أن «فإذا لم تم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منها اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ النزاع ، وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة ، ولأي منهما التقدم للجهة الإدارية بطلب لعرض النزاع على اللجنة المذكورة خلال الموعد المشار إليه» . 

ثالثاً : سقوط قرار وزير العدل رقم (3539) لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الإبتدائية. 

رابعاً : إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .. 

أمين السر                                                           رئيس المحكمة 

  

( حكم المحكمة الدستورية العليا الدعوى رقم 26 لسنة 27 ق - جلسة 13 / 1 /2008 )

شرح خبراء القانون

قرار اللجنة هو قرار موضوعي - ليس مستعجلاً : 

  • الوضع في ظل القانون الملغي (137) لسنة 1981 م :  

كان نص المادة (66) من القانون (137) لسنة 1981 الملغي ؛ ينظم حالات فصل العمال على النحو التالي :

1- أن هذه المادة كانت تتناول مسألة الفصل من العمل فقط . 

2- أن محكمة العمال المستعجلة كانت تختص بنظر الدعاوى المستعجلة الخاصة بالفصل من العمل والتي تحال إليها من مكتب العمل . 

3- كانت المحكمة المستعجلة تنظر طلب الفصل من العمل وتقضي بإيقاف تنفيذ قرار الفصل وصرف أجر العامل من تاريخ الفصل حتى الفصل في الموضوع وكان العمل هنا يضمن صرف أجره بصفة مستعجلة لحين الفصل الموضوع . 

4- ينتقل النزاع بعد ذلك إلى المرحلة الموضوعية ، وتنظر المحكمة الجزئية أو المحكمة الإبتدائية الدعوى الموضوعية لبحث التعويض عن الفصل التعسفي . 

والخلاصة : 

أن دعاوى الفصل كانت تمر بمرحلتين ؛ الأولى مستعجلة ، والثانية موضوعية.. وكانت المرحلة المستعجلة ضمانة هامة لإغاثة العامل المفصول بأجر يصرف له بصفة مستعجلة . 

  • الوضع في ظل القانون الحالي : 

صدر القانون (12) لسنة 2003 ونص في فقرته الرابعة من المادة (71) على أن قرار اللجنة في مسألة الفصل يعد قراراً نهائياً واستلهم المشرع هنا روح المادة (66) من القانون (137) لسنة 1981 ولكن جاء هذا النص متقاضياً مع ما جاء بالمادة (72) من القانون (12) لسنة 2003 والتي نصت على أن قرار اللجنة يجوز إستئنافه أمام محكمة الإستئناف وحتى يزيل المشرع هذا التناقض لجأ إلى تعديل نص المادة (71) بالقانون 90 لسنة 2005 وحذف عبارة «ويكون قرار اللجنة نهائياً، وبالتالي أصبحت جميع قرارات اللجان لیست نهائية ويجوز إستئنافها حتى في مسألة الفصل ، وترتب على ذلك الآتي:

1- الأصل أن اللجان الخماسية تنظر جميع المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون (12) لسنة 2003 بإعتبارها بمثابة محكمة موضوعية وليس مستعجلة ، وأن ما تصدره من قرارات هي قرارات موضوعية وليست مستعجلة ويترتب على هذا الوضع أمراً خطيراً وهو أن العامل المفصول أو المطلوب فصله يظل وضعه معلقا الحين الفصل في النزاع أمام محكمة الإستئناف، ويظل محروماً من تقاضي أجره إذا كان مستحقاً لذلك لفترة يطول أمدها خاصة وأن القرار يصدر بداية بالعودة إلى العمل ، ولا ينفذه صاحب العمل فيلجأ العامل مرة أخرى إلى اللجنة مطالباً بالتعويض وفقاً للمادة (122) من القانون، وهذا هو الترتيب الملزم الوارد بالمادة (71). 

2- أن قرارات اللجنة على هذا الوضع لا يمكن وضع الصيغة التنفيذية عليها إلا إذا كان القرار الصادر متضمناً شمول القرار بالنفاذ المعجل أو أصبح نهائياً بعدم إستئنافه . 

ولكن يوجد استثناء على هذا الأصل ورد بالفقرة السادسة من المادة (71) : «وعلى اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت إذا طلب العامل ذلك». 

وهذا النص معيب في جزئيتين :

1- أن النص ذكر أن اللجنة تفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت .. وكيف يكون الفصل في التعويض المؤقت فصلاً في الموضوع ، حيث إن الفصل في التعويض المؤقت يكون في شق مستعجل من الطلبات باعتبار أن الحكم في الموضوع یکون حکماً موضوعياً وليس مؤقتاً . 

2- أن النص هنا لم يحدد قواعد إصدار القرار بالتعويض المؤقت ، فالمادة (61) من القانون السابق حددت ما يستحقه العامل بصفة مستعجلة ، وهو صرف أجره من تاريخ الفصل حتى الفصل في الموضوع، فيا هي قواعد تحديد التعويض المؤقت في القانون الحالي؟   

إن تحديد التعويض المؤقت هنا أمر يثير الارتباك واللبس ، خاصة وأن الفقرة الرابعة من المادة (71) نصت على أن اللجنة تلزم صاحب العمل بإعادة العامل إلى عمله مع صرف مستحقاته .. فما هي المستحقات التي تصرف ؟ وما هو التعويض المؤقت ؟ 

إن عدم التحديد وهذا التناقض يجبرنا دائماً على المطالبة بالعودة إلى النص الملغي مع بعض التعديلات 

ووفقاً لهذا النص وعلى وضعه الحالي ؛ فإن اللجنة الموضوعية لها أن تفصل بصفة مستعجلة في طلب التعويض المؤقت إذا طلب العامل ذلك . 

ويكون قرارها هنا قراراً في مسألة مستعجلة ، ويكون قرارها واجب النفاذ دون النص على ذلك . 

وهذا استثناء من الأصل العام، والذي يجعل قرار اللجنة موضوعياً في كافة المسائل التي تفصل فيها اللجنة فيما عدا التعويض المؤقت إذا طلب العامل ذلك ، وحتى إذا طلبه العامل فإن اللجنة لا تفصل فيه إلا بعد الإحالة للخبراء، ونادراً ماتستجيب اللجنة إلى طلب العمل بالتعويض المؤقت حيث إن الأمر جوازي للجنة . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 273)

الآثار المترتبة على اعتبار قرار اللجنة ليس نهائياً : 

إن المشرع حين أصدر التعديل الوارد بالقانون (90) لسنة 2005 كان يبغي إزالة التضارب الوارد بالفقرة الثالثة من المادة (71) وما جاء بالفقرة الثانية من المادة (72)، وهذا يرجع إلى الصياغة المعيبة لنص المادة (71) من الأصل ، حيث استلهم المشرع روح المادة (66) من القانون رقم (137 ) لسنة 1981 الملغي وأدخل عليها تعديلات على مراحل متباعدة، فكان الناتج هذا التضارب الوارد بالمادة (71) . 

وقد ترتب على التعديل الجديد بالقانون (90) لسنة 2005 واعتبار جميع قرارات اللجنة - حتى في مسألة الفصل ليست نهائية - أن مسألة فصل العامل من العمل تظل معلقة حتى يصدر حكمها نهائياً من محكمة الإستئناف، بل ويمتد الأمر أكثر من ذلك حيث يجوز إقامة طعن بالنقض منضماً شقاً مستعجلاً فيطول أمد الفصل في مسألة الفصل إلى أمد بعيد.. ونتساءل هنا كيف تظل علاقة العمل معلقة بين العامل وصاحب العمل حتى يتم الفصل في المرحلة الأولى أمام اللجنة ثم أمام محكمة الإستئناف ثم أمام محكمة النقض حين تنظر الشق المستعجل، بإعتبار أنه وإن كان الحكم الإستئنافي هو حكم نهائي إلا أنه عن طريق الإستشكال في هذا الحكم ثم عمل نقض بشق مستعجل يطول عملاً أمد الفصل حتى الفصل في هذا الشق المستعجل.. ويتضح خطورة الوضع مع ما استجد بنص المادة (68) من القانون والتي جعلت الاختصاص بالفصل من اختصاص اللجان الخماسية.. فصاحب العمل الذي برید فصل أحد العاملين لديه بري أنه ارتكب مخالفة تضر بصالح العمل عليه الإنتظار هذه المراحل الثلاثة حتى يحسم أمر هذا العامل الخارج على إطار الشرعية من وجهة نظر صاحب العمل، ويفترض أن العامل سيطالب صاحب العمل بسداد أجره وسداد حصة التأمينات الاجتماعية عنه، وعن العامل ، طوال هذه الفترة رغم أن هذا العامل قد ارتكب مخالفة تستوجب الفصل وفقا لرؤية صاحب العمل ، ويلاحظ أن الأجر لقاء عمل کما سنوضح . 

ومن الناحية الأخرى فإن العامل يظل وضعه معلقاً هو الآخر فلا هو بعمل لدى صاحب العمل ولا هو مفصول ، وهو ينتظر حكم القضاء لصرف أجره لأن صاحب العمل في غالب الأحيان لا يصرف أجره طوال أمد النزاع انتظاراً لحكم القضاء .. كما أن هذا العامل لا يستطيع الالتحاق بعمل آخر بإعتبار أنه ما زال مؤمناً عليه لدى صاحب العمل المتنازع معه . 

وهكذا يتضح أن التضارب الوارد بنص المادة (71) بصياغتها المعيبة يضر بطرفي في العلاقة العمالية «العامل وصاحب العمل».  

ومن المؤكد أنه يثور التساؤل عن الحل ، وما هو الصحيح لإزالة هذا التضارب ؟ 

قبل أن نعرض الحل لابد وأن نستعرض نص المادة (66) من القانون 137 لسنة 1981 حيث إنه يفترض أن التطور التشريعي يكون إلى الأفضل والمعالجة للسلبيات التي تقررها الممارسة العملية .. فإذا كان النص الأحدث لا يحمل تطوراً بل تدهوراً فإن الأمر يقتضي إعادة النظر . 

  • الوضع في ظل القانون (137) لسنة 1981 م :

المادة (66) : « على القاضي أن يفصل في طلب وقف التنفيذ في مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ، ويكون حكمه نهائياً ، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل في الوقت ذاته أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ فصله، وعلى القاضي أن يحيل القضية إلى المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل أو المحكمة المختصة لنظر شئون العمال في المدن التي توجد بها هذه المحاكم، وعلى هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا كان له محل ، وذلك على وجه السرعة خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة ، وإذا لم يتم الفصل في الدعوى الموضوعية خلال المدة المنصوص عليها في الفترة السابقة جاز لصاحب العمل بدلاً من صرف الأجر للعامل أن يودع مبلغاً يعادل الأجر خزانة المحكمة حتى يفصل في الدعوى ، وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استولى عليها تنفيذاً لحكم قاضي الأمور المستعجلة أو من خزانة المحكمة من مبلغ التعويض الذي يحكم له به ، أو من أية مبالغ أخرى تكون مستحقة له .. ويجب على المحكمة أن تقضي بإعادة العامل المفصول إلى عمله إذا كان فصله بسبب نشاطه النقابي ، ويكون عبء إثبات أن الفصل  لم يكن لذلك السبب على عاتق صاحب العمل، وتطبق القواعد الخاصة بإستئناف الأحكام المنصوص عليها في القوانين المعمول بها على الأحكام الصادرة في الموضوع ، ويكون ميعاد الإستئناف عشرة أيام ، وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة». 

1- واضح أن هذه المادة عالجت حالة الفصل تحديداً وحصراً عکس المادة (71) التي جعلت اختصاص اللجنة بكافة المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون . 

2- أن هذه المادة عالجت أمر الفصل وهو أمر مستعجل بطبيعته، وتقضي مصلحة العامل وصاحب العمل سرعة الفصل في النزاع فيه، فتضمنت المادة ما يفيد معالجة مسألة الفصل على مرحلتين : 

أ) مرحلة الشق المستعجل. 

ب) مرحلة الشق الموضوعي. 

في مرحلة الشق المستعجل كان الوضع كالآتي : 

- أن صاحب العمل هو الذي يصدر قرار الفصل وليس اللجنة الخماسية ، كما هو في الوضع الحالي ، فصاحب العمل يعمل إرادته ويحسم الأمر داخل منشأته . 

- في المقابل كان للعامل الحق في إيقاف تنفيذ قرار الفصل - دون العودة للعمل - ويتقاضى أجره بصفة مستعجلة لحين الفصل في الموضوع . 

- وكان يعيب هذه النقطة أن أمد التقاضي يطول ويضار صاحب العمل من الإستمرار في سداد أجر العامل ، وقد يقضي برفض دعوى العامل ويكون صاحب العمل قد سدد الكثير من المبالغ حتى يقضي في الموضوع .. وهذه النقطة هي التي كانت تحتاج إلى المراجعة فقط .

- أن العامل لا يعود إلى عمله وله الحق في أجره بصفة مستعجلة إذا حكمت المحكمة بإيقاف تنفيذ قرار الفصل ، وله الحكم بالتعويض في الموضوع . 

في مرحلة الشق الموضوعي كان الوضع كالآتي : 

- بعد الفصل في الشق المستعجل يكون هناك فرضان : 

الأول : أن المحكمة تقضي في الشق المستعجل بالقبول فيصدر الحكم بإيقاف تنفيذ قرار الفصل.. الخ ، كما أوضحنا أعلاه . 

الثاني : أن يرفض الطلب المستعجل من العامل وكان العامل له الحق في إقامة دعوى موضوعية خلال سنة للمطالبة بالتعويض عن الفصل دون النظر لما قضى به في الشق الموضوعي . 

- فالواضح هنا أنه كان هناك توازناً بين ضرورة الفصل بصفة مستعجلة في مسألة الفصل ، وبين الفصل بصفة موضوعية في الموضوع . 

- وكان يؤخذ على هذا النظام سلبية وحيدة وهي أن صاحب العمل قد يلتزم بسداد أجر العامل حتى يقضي في الموضوع وقد يقضي فيه بالرفض ويجد صاحب العمل صعوبة كبيرة في استرداد ما تم دفعه دون وجه حق .

  • الوضع في القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 وتعديله بالقانون 90 لسنة 2005 م : 

أصبح الوضع الحالي يضر بصالح العامل، وصاحب العمل ، كما أوضحنا بالتفصيل .. حيث ألغي الشق المستعجل وأصبح قرار اللجنة ليس نهائياً حتى في مسألة الفصل ، وعلى طرفي العلاقة العامل» و «صاحب العمل الإنتظار حتى يتم الفصل في النزاع موضوعياً خلال مراحل التقاضي الثلاثة كما أوضحنا. 

التعويض المؤقت لا يفي بالغرض المقصود به :  

وقد يرد على ما نقول بأن الفقرة السادسة من المادة (71) تضمن النص على القضاء بتعويض مؤقت إذا طلب العامل ذلك ، ونرد على ذلك بالآتي: 

1- أن النص تضمن ذكر عبارة «تعويض مؤقت» دون تحديد لمقدار هذا التعويض ، وكيفية تحديده .  

2- أن النص جاء معيباً- كما أوضحنا - فذكر : ويفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت» .. فالتعويض المؤقت يكون بصفة مستعجلة وليس بحكم في الموضوع.

3- میعاد إستئناف القرار الصادر في التعويض المؤقت : إن عبارة النص توحي بأن القرار الصادر بالتعويض المؤقت هو قرار صادر في الموضوع وعبارة النص واضحة في الموضوع. 

وهنا يثار التساؤل :  

هل إستئناف التعويض المؤقت هنا يكون بإعتبار القرار صادراً في الموضوع ويكون ميعاد الإستئناف أربعون يوماً أم أن ميعاد الإستئناف هو خمسة عشر يوماً بإعتباره فصلاً في مسألة مستعجلة ؟ 

الواضح أننا أمام قرار صادر من لجنة خماسية وهي لجنة موضوعية لا تنظر المسألة بإعتبارها محكمة مستعجلة - كما أوضحنا سابقاً - وبالتالي فهي لجنة موضوعة تنظر مسألة مستعجلة وهو التعويض المؤقت !! 

وقد جاء بنص المادة 227 مرافعات الآتي: «میعاد الإستئناف أربعون يوماً ما لم ينص القانون على غير ذلك .. ويكون الميعاد خمسة عشر يوماً في المواد المستعجلة .. أياً كانت المحكمة التي أصدرته». 

وقد قضي بالآتي: « والمقصود بالمواد المستعجلة وفقاً لما تعنيه الفقرة الثانية من المادة (227) من قانون المرافعات تلك التي يقتصر الفصل فيها على الإجراءات الوقتية أو التحفظية دون المساس بالموضوع ».

(محكمة النقض طعن رقم 59 لسنة 40 ق جلسة 17/ 1/ 1976 -منقض م- 27 -234 - المرافعات الأستاذ كمال عبدالعزيز ، ص 1447) 

فالواضح هنا أن ميعاد إستئناف القرار الصادر في التعويض المؤقت - إذا صدر- هو خمسة عشر يوماً وليس أربعون يوماً . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 276)

وختاماً يمكن إجمال ملاحظتنا على تشكيل اللجنة واختصاصها فيما يأتي :

أولاً : أن الأغلبية من أعضاء اللجنة ليسوا من رجال القضاء ، وبالتالي فإن الأعضاء الثلاثة من غير القضاة وهم : مدير مديرية القوى العاملة ، وعضو اتحاد نقابات العمال وعضو منظمات أصحاب الأعمال قد يوافقون على القرار أو لا يوافقون ، وبالتالي يكون لهم الأغلبية ويصبح قرارهم بمثابة حكم محكمة ابتدائية ، وهو وضع بالغ الخطورة يتعارض مع قانون السلطة القضائية ، بل ويتعارض مع الدستور ، حيث يصدر حكمها بالأغلبية وفقاً لحكم المادة (72).  

ثانياً : إن تشكيل اللجنة بالنسبة للأعضاء من غير العنصر القضائي أتاح أن يحضر ممثلون عنهم ، وبالتالي فإن مدير مديرية القوى العاملة قد يندب بدلاً منه أحد مفتشي العمل أو مدير مكتب العمل كما قد تنتدب منظمة أصحاب الأعمال أي شخص دون المستوى ، وحينئذ يتصدى أمثال هؤلاء لإصدار قرارات اعتبرها النص بمثابة أحكام كلية واجبة النفاذ فعد وضع الصيغة التنفيذية عليها ، فضلاً عن أنه يضع سلطة الحكم في أيدي أناس غير مؤهلين للقضاء . 

ثالثاً : تعميم اختصاص اللجنة بنظر جميع المنازعات الفردية ينطوي على صعوبات بالغة في العمل، فمثلا إذا تظلم عامل من عدم صرف أجره أو تظلم من توقيع جزاء عليه أو تظلم من عدم حصوله على أجازة أو غير ذلك من المنازعات الفردية البسيطة التي كانت مكاتب العمل تقوم بحلها بسرعة ، فمثل هذه النزاعات سوف تعرض على اللجنة الخماسية بها تستغرقه من الوقت والجهد.. وفي ذلك أيضاً سلب لبعض اختصاصات مكاتب العمل بل وشل نشاطها تماماً إذ ما دامت هذه اللجان هي وحدها المختصة دون غيرها بحيث النزاعات الفردية ، فإذا يبقى إذن لمكاتب العمل !! خصوصاً وأن اللجوء إليها اختياري . 

رابعاً : لم يوضح النص دور اللجنة في حال ما إذا اكتشفت أثناء بحث نزاع فردي وجود مخالفة للقانون فهل تقوم هي بتحرير محضر ضد صاحب العمل أم تحيل الأمر إلى مکاتب تفتیش العمل للإنتقال والتأكد من وقوع المخالفة أم تحيل الأوراق للنيابة العامة لإتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالف . 

خامساً: أشار النص إلى نوعيات محددة من النزاعات الفردية حيث قال إن اللجنة تختص ببحث مشروعية قرار الفصل والطعن المقدم من العامل في حالة إنهاء العقد طبقاً لأحكام الباب السابع من القانون ، وهو الباب الذي يتضمن نصوص المواد من (104) إلى (130) والخاصة بإنتهاء عقد العمل محدد المدة وعقود العمل غير محددة المدة . 

کما تختص اللجنة على وجه الخصوص ببحث المنازعات الناشئة عن الفصل التأديبي وإنهاء عقد العمل وخاصة فيما يتعلق بمستحقات العامل من أجور وتعويضات . 

ويلاحظ على الصياغة التهاتر والتكرار والغموض والتعميم، وكلها عيوب تؤدي إلى عرقلة تطبيق هذه النصوص ويبدو أن واضعي هذا النص ليس لديهم فكرة أو دراية كاملة عها يجري فعلاً في العمل ، فقد جاءت القواعد التي تضمنها النص نظرية بحتة ، آية ذلك أن اللجنة الخماسية التي يناط بها نظر هذه المنازعات لن يكون بوسعها تغطية كل هذه النزاعات ، فكيف تقوم لجنة خماسية بأعمال العديد من مكاتب العمل والقوى العاملة ، وتفتيش العمل .. خصوصاً وأن قراراتها بمثابة أحكام محكمة ابتدائية ، أي أنها تشكل في عاصم المحافظات ، وليس في المراكز - كما هو الحال بالنسبة لمكاتب العمل ومحاكم شئون العمال الجزئية . 

سادساً : حددت المادة للجنة موعدا أقصاه خمسة عشر يوماً لنظر قرار الفصل والبت فيه ، وهذا الميعاد تنظيمي بلا شك ولا يترتب على مخالفته ثمة بطلان ، فيجوز التأجيل أكثر من مرة وهذا عيب آخر في النص . 

سابعاً : أن اللجنة لا تملك إلزام رب العمل بإعادة العامل إلى عمله حتى مع وجود هذا النص الملزم لأن علاقة العمل علاقة مدنية تقوم على الإعتبارات الشخصية ، ولا يمكن إرغام صاحب العمل على تشغيل عامل لا يرغب في التعامل معه ، كما أن العقد إذا فسخ أو أنهي بمعرفة صاحب العمل فلا تملك اللجنة إعادته إلى الحياة ، فهذا يتعارض مع القواعد العامة فضلاً عن أنه غير دستوري . 

ثامناً : إن إسناد الحكم بالتعويض للعامل المفصول إلى اللجنة الخماسية ينطوي على صعوبات بالغة ، ذلك أن التعويض وتقديره يحتاج إلى أهل الخبرة ، كما يحتاج إلى بحث موضوعي ، وتحقيق لا يمكن للجنة أن تؤديه على أكمل وجه مع ما هو ملقى على عاتقها من بحث هذا الكم الهائل من النزاعات الفردية . 

وإذا كان النص قد أجاز للجنة إصدار قرار بوقف تنفيذ الفصل ، والفصل في التعويض المؤقت، فإذا عن التعويض النهائي، وهو يحتاج إلى تحديده بمعرفة أهل الخبرة ، كما أن النص لم يحدد الجهة التي تحكم بالتعويض النهائي ، فهل هي اللجنة أم جهة قضائية أخرى . 

تاسعاً : إذا كان النزاع المطروح بشأن فصل عامل بسبب نشاطه النقابي فإن اللجنة يجوز أن تصدر قرارها بإعادته إذا ثبت لها ذلك، وقد جعل النص عبء الإثبات على صاحب العمل بأن يثبت أن الفصل لم يكن بسبب هذا النشاط ، وتلك مسائل في غاية التعقيد ، ويصعب البت فيها بدون الإستعانة بالخبراء وإجراء التحقيق وسماع الشهود . 

عاشراً : هذه اللجنة ذات اختصاص قضائي وهي خماسية تتكون من اثنين من القضاة تكون الرئاسة لأقدمها وفقاً لأحكام قانون السلطة القضائية . 

ويضاف إلى هذين العضويين القضائيين ثلاثة أعضاء ، هم : مدير مديرية القوى العاملة والهجرة - الذي يقع في دائرته مقر العمل أو من ينيبه ، وعضو من الإتحاد العام لنقابات عمال مصر ، وعضو من منظمة أصحاب الأعمال المختصة أي التي لها صلة بالنزاع. 

ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من وزير العدل بالإتفاق مع الإتحاد العام لنقابات عمال مصر واتحاد منظمات أصحاب الأعمال . 

ويلاحظ أن النص اشترط من بين الأعضاء عضو من الإتحاد العام لنقابات عمال مصر والنص في هذا ينطوي على غموض ويفتح باب الاجتهاد ذلك أنه إذا كان المقصود هو عضو من مجلس إدارة اتحاد نقابات العمال، وهو مجلس يتألف من خمسة وعشرين عضواً فمعنى ذلك أن اللجان الخماسية لن تجد من هؤلاء الأعضاء من يمثلون الأتحاد أما إذا كان المقصود هو أن يختار الإتحاد أحد أعضاء المنظمات النقابية ، فإن ذلك لابد أن يكون له ضوابط و شروط حتى لا يعطي اتحاد نقابات العمال صلاحيات في الإختيار دون حدود لأفراد يصدرون قرارات تعتبر أحكاماً نهائية وهو وضع بالغ الخطر والغرابة في آن . 

كذلك بالنسبة لمنظمة أصحاب الأعمال لم يحدد النص ضوابط و شروط اختيار العضو الممثل لأصحاب الأعمال في اللجنة الخماسية ولم يشر النص إلى قرار وزاري بصدر بتنظيم هذه المسائل . 

                                       وعليـــه 

حفاظاً على حقوق العمال ، واستقرار لعلاقات العمل ، نهيب بالسيدة/ وزيرة القوى العاملة والهجرة أن تدعو المجلس الإستشاري الأعلى للعمل لمراجعة هذا النظام المستحدث وأن يدعى إليه كافة الخبراء المتخصصين من أصحاب الرأي والفكر والذين عايشوا مشاكل التطبيق ، ولديهم رؤية قانونية واضحة مستمدة من ممارسة فعلية ، وليست رؤية نظرية مكتسبة ، لم تطلع على الممارسة الفعلية . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 280)

- بموجب هذا النص عدل المشرع عن فكرة اللجنة الخماسية وعاد مرة أخرى إلى نظام الدوائر العمالية الذي كان معمولاً به قبل 7/ 7/ 2003 ومن حيث الإختصاص جاء النص ليعطي للدوائر العمالية كافة الإختصاص المتعلق بالمنازعات العمالية أياً كان القانون أو اللائحة التي تنظم العلاقات التعاقدية ، وهو أمر محمود ، إلا أنه المثير للدهشة هو إصرار المشرع للاستماع إلى رأي كل من ممثل المنظمة النقابية المعنية أو منظمة أصحاب الأعمال، وهم كانوا فيما سبق ضمن أعضاء تشكيل اللجنة الخماسية ولم يكن لهم أي دور يذكر ، وقد شاهدنا ذلك . 

- هذا فضلاً أنه تم ضمهم إلى عضوية اللجنة الإدارية والتي ستبحث النزاع ، فما هو جدوى الاستماع إلى رأيهم مرة ثانية حتى لا يطول الفصل في النزاع حيث إن الإخطار يتطلب أجلاً للحضور .

- بموجب هذا النص يلزم لقيام صاحب العمل بتوقيع عقوبة الفصل على أحد عماله کأحد الجزاءات التأديبية أن يلجأ إلى المحكمة العمالية والتي عليها أن تفصل على وجه السرعة وخلال خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة ، وبحكم واجب النفاذ حتى ولو تم استئنافه - في طلب صاحب العمل ، فإذا رفضت الطلب قضت بإستمرار العامل في عمله وبإلزام صاحب العمل بأن يؤدي للعامل ما لم يصرف له من مستحقات.. وهنا يكون الحكم كما لو كان صادراً من محكمة مستعجلة ويكون موعد استئنافه خمسة عشر يوماً .. ويكون حكم المحكمة واجب النفاذ ولم تم استئنافه ، ووجب على صاحب العمل إعادة العامل إلى عمله وصرف أية مستحقات له يكون متوقف صرفها وفي ذمة صاحب العمل.. وهذا مبدأ لم نجد له مثيل في أي من القوانين العمالية ، حتى في ظل الأنظمة الشمولية.. فكيف تستقيم علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل إذا رفضت المحكمة طلب صاحب العمل!! 

- إذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ الحكم السابق المشار إليه اعتبر ذلك فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً لنص المادة (122) من قانون العمل والتي ألزمت القاضي بأن يكون التعويض بحد أدنى بواقع شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة بواقع الأجر الشامل إلا أن هذا التعويض يكون بالفصل النهائي في الموضوع ، ولكن النص قد أعطى المحكمة أن تقضي مرة أخرى - وبصفة مستعجلة - وبحكم واجب النفاذ بتعويض مؤقت للعامل يعادل أجره الشامل لمدة اثني عشر شهراً إذا جاوزت مدة خدمته سنة كاملة ، فإن كانت أقل من سنة ، كان التعويض المؤقت بقدر أجره عن مدة عمله بشرط أن يطلب العامل ذلك ، ومن ثم يكون الحكم بالتعويض المؤقت واجب النفاذ وبلا كفالة ، وعلى العامل بعد ذلك إعلان صاحب العمل بطلباته الموضوعية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور هذا الحكم حيث تقضي المحكمة بالتعويض النهائي وفي باقي طلباته بعد أن تخصم ما سبق صرفه نفاذاً لحكم التعويض المؤقت وفي إطار هذا المفهوم يمكن أن يكون التعويض المؤقت أكثر من التعويض النهائي ولا يكون أمام صاحب العمل إلا الرجوع على العامل مدنياً لإستيفاء ما صرف بالزيادة . 

مثال 1 : عامل معين بعقد دائم ومدة خدمته سنتين فقط، تقاضى راتب قدره عشرة آلاف جنيه شهرياً بأجر شامل . 

بموجب هذا النص يكون التعويض المؤقت له 120000 (مائة وعشرون ألف جنيه) ، بينما التعويض النهائي لحده الأدنى 40000 جنيه (أربعون ألف جنيه) . 

مثال 2 : عامل معين بعقد محدد المدة لمدة عام ، ويتقاضى عشرة آلاف جنيه شهرياً ، وتم فصله بعد قضاء عشرة شهور في العمل . 

التعويض المؤقت يكون بقدر أجرة عن مدة علمه ، ومن ثم يستحق 100000 جنيه (مائة ألف جنيه) ، بينما في أغلب الأحيان لا يستحق إلا بمقدار أجره عن المدة المتبقية .

وقد يتساءل بعض القراء : ما العيب في هذا النص ، حيث كان القانون 137 لسنة 1981 يعطي لقاضي الأمور المستعجلة سلطة الحكم بصرف راتب العامل حتى يتم الفصل في الموضوع ، وكان الفصل في الموضوع قد يصل إلى ثلاث سنوات أو أكثر .. بينما النص الحالي يضع حدا لذلك بجعله راتب سنة إذا كانت مدة الخدمة تزيد عن سنة ، أو راتب المدة التي عملها إذا كان أقل من سنة .

ورداً على ذلك نفيد بأن ذلك كان العيب في القانون 137 لسنة 1981 والذي نادی الكثير من الخبراء وأصحاب الأعمال بتعديله ، لذا راعت اللجنة المشار إليها - والتي شكلتها وزيرة القوى العاملة - في التعديل الذي اقترحته حق العامل في الحصول على تعويض مؤقت ، وكذلك مصلحة صاحب العمل بأن تركت للمحكمة العمالية حرية تقدير التعويض المؤقت على ضوء مدة خدمة العامل وأسباب النزاع ومدى الضرر الذي لحق به بحد أقصى ستة شهور بواقع الأجر الشامل .. أما ما ورد في النص المعروض ففيه إخلال بالتوازن المقصود والمراد تحقيقه في علاقات العمل، حيث إن الإفراط في حماية العامل، فيكون ذلك على حساب الإستثمار وتوفير فرص العمل والإفراط في حماية أصحاب الأعمال يكون ذلك على حساب ظلم العاملين . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 302)

المحكمة العمالية محكمة منازعات العمل الفردية 

استحدث المشرع بهذا النص المحكمة العمالية وأسند إليها الاختصاص بمنازعات العمل الفردية. وقبل حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره والذي تلاه صدور القانون رقم 180 لسنة 2008 كان الاختصاص بتلك المنازعات منعقدا للجان الخماسية أو اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي. 

وقد نظم المشرع في المادة (71) تشكيل المحكمة العمالية كما نظم اختصاصها وإجراءات نظر النزاع أمامها ووضع أحكاماً مفصلة لتوقيع جزاء فصل العامل.

وسوف نعرض فيما يلي تلك المسائل مع المقارنة بين حكم النص قبل التعديل وحكمه بعد التعديل. 

أولاً : تشكيل المحكمة العمالية 

نعرض ابتداء تشكيل اللجنة الخماسية طبقاً للمادة (71) قبل تعديلها بالقانون رقم 180 لسنة 2008 ثم ننتقل لبيان تشكيل المحكمة العمالية طبقاً للمادة (71) مستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008. 

أ- تشكيل اللجنة الخماسية طبقاً للمادة (71) قبل تعديلها بالقانون رقم 180 لسنة 2008: 

أسند المشرع تشكيل اللجنة الخماسية إلى قرار يصدر من وزير العدل بالاتفاق مع الجهات المعنية على أن يكون التشكيل من: 

1) اثنين من القضاة تكون الرئاسة لأقدمهما وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية ولا يشترط أن تكون درجة العضوين القضائيين هي درجة قاض وفقاً لمفهوم قانون السلطة القضائية الحالي فيصبح أن يكونا أحدهما أو كلاهما بدرجة رئيس محكمة. 

2) مدير مديرية القوى العاملة والهجرة المختص أو من ينيبه ولم يحدد المشرع درجة وظيفية معينة لمن يجوز لمدير مديرية القوى العاملة والهجرة المختص أن ينيبه عنه في عضوية المحكمة العمالية ومع ذلك يجب أن يراعى أن يكون عضو المحكمة العمالية الذي ينيبه المدير المذكور على درجة تتناسب مع عضوية لجنة تضم اثنين من القضاة وتفصل في خصومة قضائية ويعتبر قرارها حكماً من المحكمة الإبتدائية. 

 3) عضو عن اتحاد نقابات عمال مصر ولم يشترط المشرع فيه سوى صفته النقابية فلا يشترط أن يكون من أعضاء مجلس إدارة الاتحاد البالغ عددهم خمساً وعشرين وقد ترك المشرع تحديد العضو لترشيح الاتحاد ولم يضع أي ضوابط بشأنه لكن يسري عليه ما ذكرناه سلفا بشأن العضو المعين عن مديرية القوى العاملة والهجرة.

4) عضو عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية . 

ب - تشكيل المحكمة العمالية طبقاً للمادة (71) بعد تعديلها بالقانون رقم 180 لسنة 2008 . 

تشكل المحكمة العمالية من دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الإبتدائية وبالتالي تتولى الجمعية العمومية للمحكمة الإبتدائية في بداية العام القضائي توزيع العمل على دوائر المحكمة فتسند إلى دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة عمل المحكمة العمالية . 

وليس هناك قيد قانوني على عدد قضاة الدائرة التي تتشكل منها المحكمة العمالية فيصح أن تكون الدائرة رباعية أو خماسية ويصح أن يشترك جميع الأعضاء في سماع المرافعة في الدعاوي العمالية المطروحة على المحكمة العمالية إلا أنه وعملاً بالمادة التاسعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 يتعين أن تصدر أحكامها من ثلاثة فحسب من قضاة المحكمة الإبتدائية فلا يشترط في المداولة وإصدار الأحكام إلا ثلاثة من قضاة المحكمة العمالية . 

ثانياً : اختصاص المحكمة العمالية دون غيرها بالمنازعات العمالية 

نعرض ابتداء اختصاص اللجنة الخماسية طبقاً للمادة (71) قبل تعديلها بالقانون رقم 180 لسنة 2008 ثم ننتقل لبيان اختصاص المحكمة العمالية طبقاً للمادة (71) مستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 .

أ- اختصاص اللجنة الخماسية طبقاً للمادة (71) قبل تعديلها بالقانون رقم 180 لسنة 2008 وطبيعتها القانونية : 

كانت المادة (71) قبل التعديل تنص على أنه "... وتختص اللجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون..." وتنص المادة (15) من قانون السلطة القضائية على أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص". 

والأصل أنه إذا نص المشرع على أن سلطة الفصل في المنازعة تكون لهيئة أو الجنة فإن الاختصاص يثبت لهذه الهيئة ويكون هذا الإختصاص وظيفياً ويكون محصوراً فيما ورد النص بشأنه متى توافرت شروطه ويثبت الإختصاص الوظيفي للهيئة أو للمحكمة العمالية بالمنازعات الوارد بشأنها النص على سبيل الإنفراد سواء نص المشرع على هذا صراحة أو لم ينص عليه وتفريعاً على هذا يثبت الإختصاص بالمنازعة الوارد بشأنها النص الخاص للهيئة أو اللجنة المختصة دون المحاكم العادية بشرط أن تكون المنازعة من المنازعات الواردة في النصوص المانحة لهذا الإختصاص . 

. وتعتبر اللجنة الخماسية لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي وقد عرف القانون المصري صوراً عديدة للجان الإدارية ذات الإختصاص القضائي ومنها : 

- اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي التي نصت عليها المادة (13) مكرر من قانون الإصلاح الزراعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 والتي تشكل من مستشار من المحاكم يختاره وزير العدل تكون له الرئاسة ومن عضو بمجلس الدولة يختاره رئيس المجلس وثلاثة أعضاء يمثلون كلاً من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ومصلحة الشهر العقاري والتوثيق ومصلحة المساحة وقد جعل المشرع الطعن في قرارات اللجان القضائية للإصلاح الزراعي أمام المحكمة الإدارية العليا . 

- اللجنة القضائية المنشأة بالمادة (5) من القانون رقم 43 لسنة 1982 بإنهاء الأحكار على الأعيان الموقوفة والتي تشكل في كل منطقة ويرأسها رئيس محكمة ويمثل أعضاءها موظفون عن الجهات الإدارية التي عينتها الفقرة الأولى من المادة المشار إليها واختصها بالفصل في كافة المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون ولم يجعل ذلك القانون انعقادها إلا بحضور رئيسها وثلاثة من أعضائها على الأقل وقد أجاز الطعن في قراراتها أمام المحكمة الإبتدائية الكائن في دائرتها العقار خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدورها . 

اللجنة المختصة بالفصل في منازعات التعويضات المنصوص عليها بالمادة (102) من قانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984 والتي تشكل بدائرة كل محافظة برئاسة قاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية في المحافظة وعضوية وكيل الإدارة العامة للري ووكيل تفتيش المساحة وكيل مديرية الزراعة بالمحافظة أو من يقوم مقامهم وممثل عن المحافظ يختاره المحافظ المختص ولا يكون إنعقادها صحيحاً إلا بحضور رئيسها وعضوين من أعضائها على الأقل ويصدر القرار بأغلبية الأصوات وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي منه الرئيس ويكون قرار اللجنة قابلاً للطعن فيه أمام المحكمة الإبتدائية المختصة . 

وقد سبق وأن عرضنا الخلاف الفقهي والقضائي حول تحديد نطاق اختصاص اللجان الخماسية ومدلول المنازعات العمالية الفردية وما انتهت إليه محكمة النقض في ظل النصوص قبل التعديل الأخير بالقانون رقم 180 لسنة 2008 حيث استقر قضاؤها على أن مناط الإختصاص الإنفرادي للجان المنصوص عليها في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أن تكون المنازعة فردية والفصل فيها يقتضي تطبيق قانون العمل فإذا لم تكن المنازعة ناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فإنها تخرج عن اختصاص اللجنة وتندرج في اختصاص المحكمة الإبتدائية صاحبة الولاية العامة . 

ب- اختصاص المحكمة العمالية طبقاً للمادة (71) مستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 : 

يتعين اختصاص أي محكمة وفقاً لقواعد قانون المرافعات بثلاث أنواع من الإختصاص أولها ذلك الذي يتعلق بولاية جهة القضاء التي تنتمي إليها المحكمة وهو الإختصاص الولائي وثانيها الإختصاص بحسب نوع الدعوى أو قيمتها وآخرها الإختصاص المحلي . 

الإختصاص الدولي للمحكمة العمالية : 

تخضع الدعوى العمالية إلى أحكام الاختصاص الدولي للمحاكم المصرية الواردة في قانون المرافعات والتي تتضمن اختصاص محاكم جمهورية مصر العربية بنظر الدعاوى التي ترفع على المصري ولو لم يكن له موطن أو محل إقامة في الجمهورية وتلك التي ترفع على الأجنبي إذا كان له محل إقامة أو موطن بها فإن لم يكن له ذلك تختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى في حالات منها : أن تكون متعلقة بإلتزام نشأ أو نفذ أو كان واجباً تنفيذه فيها أو كان للأجنبي موطن مختار في الجمهورية أو إذا كان الأحد المدعى عليهم موطن أو محل إقامة في الجمهورية يكون التعدد حقيقياً وليس صورياً بأن توجه إليهم طلبات في الدعوى وهو يكون غير حقيقي إذا ما كان اختصام لخاضع لولاية القضاء المصري حاصلاً لمجرد مد هذه الولاية إلى من لا يخضعون لها بأن يكون اختصامهم ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها أو إذا قبل الخصم ولاية محاكم الجمهورية بالفصل في الدعوى التي لا تختص بها قانوناً وفقاً لقواعد الإختصاص في الدولة صراحة أو ضمناً . 

وتطبيقاً لقواعد الإختصاص الدولي للمحاكم المصرية قضت محكمة النقض بأنه لا يجوز الخروج عن اختصاص المحاكم المصرية وفقاً للقانون المصري لأن الدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها مقدرة في ذلك أن أداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحققها إلا بواسطة محاكمها التي ترى أنها دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية .

الإختصاص الولائي للمحكمة العمالية : 

أخرجت المادة الرابعة من قانون العمل من نطاق تطبيقه العاملين بأجهزة الدولة بما في ذلك وحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ومن ثم فإن الإختصاص بنظر المنازعات الوظيفية لهذه الفئات ينعقد لمحاكم مجلس الدولة بإعتباره الجهة صاحبة الولاية العامة بالمنازعات الإدارية عملاً بالمادة (172) من الدستور والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 . 

وعلى ذلك فإذا رفع أحد العاملين بإحدى تلك الجهات دعواه إلى المحكمة العمالية وجب عليها أن تقضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وإحالتها إلى المحكمة المختصة بمجلس الدولة سواء محكمة القضاء الإداري أو المحكمة الإدارية بحسب المستوى الوظيفي للعامل المدعى أو المحاكم التأديبية إذا كان النزاع يتعلق بالتأديب وذلك كله وفقاً للمواد (13 ، 14 ، 15) من قانون مجلس الدولة المشار إليه . 

وإذا رفعت إلى احدى محاكم مجلس الدولة أو دعوی تندرج في مدلول المنازعات العمالية الفردية وجب عليها أن تقضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وإحالتها بحالتها إلى المحكمة العمالية بالمحكمة الإبتدائية . 

العبرة بالصفة الوظيفية وقت نشوء الحق محل التداعي : 

أكدت محكمة النقض أن العبرة في تحديد الجهة القضائية المختصة هي بتحقيق الصفة الوظيفية وقت وبالتالي فإذا كان المدعي في توقيت رفع الدعوى يعمل في منشأة تربطه بها علاقة عمل تابع مما تختص به المحكمة العمالية إلا أن الحق المطالب به عن فترة كان يعمل فيها بجهة تربطه بها علاقة تنظيمية فإن الإختصاص بالمنازعة يكون معقوداً لجهة القضاء الإداري . 

الإختصاص النوعي للمحكمة العمالية : 

نصت المادة (71) من قانون العمل مستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه: "... وتختص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات العمالية الفردية المشار إليها في المادة (70) من هذا القانون..." وقد نصت المادة (70) من قانون العمل مستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه إذا نشأ نزاع فردي بين صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية..." ويستفاد من ذلك أن اختصاص المحكمة العمالية يشمل جميع المنازعات العمالية الفردية سواء كانت ناشئة عن قانون العمل أو أي قانون عمالي أو لائحة نظام عاملين فقد جمع المشرع شتات مختلف المنازعات العمالية الفردية أياً كان مصدر القاعدة الموضوعية المنطبقة عليها وأسند الإختصاص بها إلى المحكمة العمالية . 

ومؤدى ذلك أن المشرع استحدث اختصاصاً نوعياً جديداً للمحكمة الإبتدائية بالدعاوي العمالية وبذلك فلا مجال لتطبيق قواعد توزيع الإختصاص بين المحاكم الجزئية والمحكمة الابتدائية بحسب قيمة الدعوى أي أنه لا مجال للتطرق إلى اختصاص قيمي للمحكمة العمالية .  

ويعتبر هذا النص تعديلاً ضمنياً لنص الفقرة الرابعة من المادة (43) من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 والذي أدرج في الإختصاص النوعي للمحكمة الجزئية الدعاوى المتعلقة بالمطالبة بالأجور والمرتبات وتحديدها وذلك بإعتبار أن نص المادة (71) من قانون العمل يعتبر نصاً خاصاً ونص قانون المرافعات نص عام والخاص يقيد العام . 

وعلى ذلك فإذا رفعت أمام محكمة جزئية أي دعوى تتدرج في مدلول المنازعات العمالية الفردية وجب عليها أن تقضي بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها وإحالتها بحالتها إلى المحكمة العمالية بالمحكمة الإبتدائية إعمالاً لحكم المادتين (110 ، 113) من قانون المرافعات. 

وقد حدد المشرع اختصاصات المحكمة العمالية بمعيارين : 

الأول : هو وضع قاعدة عامة مؤداها اختصاص المحكمة العمالية دون غيرها بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية (م 71). 

الثاني : هو تحديد الاختصاص بنصوص معينة وقد تناولنا سلفا مدلول المنازعات العمالية الفردية التي تختص بها المحكمة العمالية ونعرض فيما يلي حالات اختصاص المحكمة العمالية بنصوص في القانون : 

1) تقدير أجر العامل في الأحوال التي يخلو فيها عقد العمل الفردي أو اتفاقية العمل الجماعية أو لائحة المنشأة من تحديد الأجر وعدم وجود عرف في الجهة التي يؤدي فيها العمل يحدد الأجر (م 36). 

2) الاختصاص بنظر وقف العامل الموقوف احتياطياً لإتهامه بجرائم مما حددها النص (م 67). 

3) الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة (م 68). 

4) الإختصاص بنظر نظام العامل من تقدير صاحب العمل لقيمة تعويض الإتلاف أو الفقد (م 73). 

5) الاختصاص بطلب العامل تعويضه عن إنهاء صاحب العمل لعقد العمل دون مبرر (م 122). 

إلغاء محاکم شئون العمال الجزئية : 

بموجب نص المادة (71) ألغيت ضمنا المحاكم العمالية الجزئية التي أنشأها وزير العدل بقرارات منه في بعض المدن كالقاهرة والإسكندرية وبورسعيد تأسيساً على المادة (13) من قانون السلطة القضائية . 

الإختصاص المحلي للمحكمة العمالية : 

نصت الفقرة الأخيرة من المادة (71) من قانون العمل على أنه "يتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون أحكام قانوني المرافعات والإثبات في المواد المدنية والتجارية" وإذ خلا قانون العمل من نص خاص بالإختصاص المحلي للمحكمة العمالية فإن مؤدى ذلك تطبيق القواعد العامة في قانون المرافعات. 

نصت المادة (49) من قانون المرافعات على أن: "يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. 

فإن لم يكن للمدعي عليه موطن في الجمهورية يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته . 

وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم". 

ومؤدى ذلك أن الإختصاص المحلي للمحكمة العمالية يتعين بموطن المدعى عليه في الدعوى العمالية ولما كانت المحكمة العمالية على مستوى كل محكمة ابتدائية فيرتبط الإختصاص المحلي للمحكمة العمالية بإختصاص المحكمة الإبتدائية ويتعين بدائرة المحكمة الإبتدائية الكائن بها موطن المدعى عليه وإذا تعدد المدعي عليهم تعدداً حقيقياً لا صوراً كان الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم ويقصد بالموطن مفهومه التقليدي في القانون المدني مع ملاحظة أنه إذا كانت الدعوى مقامة قبل صاحب العمل الذي يكتسب صفة التاجر وفقاً لقواعد قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 فيصح رفع الدعوى أمام المحكمة الكائن بها محل تجارته في الأعمال المتعلقة بها ومنها حقوق عمالة وفقاً لعقود العمل إذ تجيز المادة (41) من القانون المدني اعتبار محل التجارة - بالنسبة للأعمال المتعلقة بها - موطناً للتاجر بجانب موطنه الأصلي للمحكمة التي أفصح عنها الشارع من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين ، ويعتبر موطن الأعمال قائماً ما بقي النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي الذي يدل عليه. 

فإذا كان المدعى عليه شخصاً اعتباراً فقد تكلفت المادة (52) من قانون المرافعات بتحديد الإختصاص المحلي في تلك الحالات إذ نصت على أنه : "في الدعاوي المتعلقة بالشركات أو الجمعيات القائمة أو التي في دور التصفية أو المؤسسات الخاصة يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها مركز إدارتها سواء أكانت الدعوى على الشركة أو الجمعية أو المؤسسة أم من الشركة أو الجمعية أو المؤسسة على أحد الشركاء أو الأعضاء أو من شريك أو عضو على آخر ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي يقع في دائرتها فرع الشركة - أو الجمعية أو المؤسسة وذلك المسائل المتصلة بهذا الفرع". 

وقد نصت المادة (56) مرافعات على أنه في المنازعات المتعلقة بالتوريدات والمقاولات وأجرة المساكن وأجور العمال والصناع والأجراء يكون الإختصاص لمحكمة موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الإتفاق أو نفذ في دائرتها متى كان فيها موطن المدعي” وبالتالي فإنه إذا كانت الدعوى متعلقة بأجور العمال يكون الإختصاص فيها لمحكمة موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم إبرام عقد العمل أو نفذ في دائرتها متى كان فيها موطن المدعي . 

وليس هناك ما يمنع من الاتفاق على اختصاص محكمة معينة إذ تنص المادة (62) من قانون المرافعات على أنه "إذا اتفق على اختصاص محكمة معينة يكون الإختصاص لهذه المحكمة أو للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه . 

على أنه في الحالات التي ينص فيها القانون على تخويل الإختصاص لمحكمة على خلاف حکم المادة (49) لا يجوز الاتفاق مقدماً على ما يخالف هذا الإختصاص. 

ويتعين مراعاة أن قواعد الاختصاص المحلي ليست من النظام العام فليس للمحكمة العمالية أن تثير من تلقاء نفسها مسألة الإختصاص المحلي في الدعوى المرفوعة إليها وإنما يتعين أن يتمسك الخصم بالدفع قبل التكلم في الموضوع عملاً بالمادة (108) من قانون المرافعات وإلا فإنها تمضي في نظر النزاع دون بحث الإختصاص المحلي . 

المحكمة العمالية تختص دون غيرها بالمنازعات العمالية الفردية :  

نصت المادة محل التعليق في صدرها على أن المحكمة العمالية تختص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات العمالية الفردية المشار إليها في المادة (70) من هذا القانون... "ويثور التساؤل حول مدى جواز نظر إحدى الدوائر المدنية بالمحكمة الإبتدائية أي دعوى تندرج في مدلول المنازعات العمالية الفردية . 

الأصل حسبما هو مقرر في قضاء محكمة النقض أن تشكيل دوائر مختلفة بالمحكمة الإبتدائية وتخصيص بعضها لنظر أنواع معينة من المنازعات يدخل في نطاق التنظيم الداخلي للمحكمة مما تختص به الجمعية العمومية بها ولا يتعلق بالإختصاص النوعي الذي تتولى قواعده توزيع العمل فيما بين طبقات المحاكم فإن القرار الذي تصدره دائرة بمحكمة معينة بإحالة نزاع مطروح عليها إلى دائرة أخرى بذات المحكمة لتخصيصها بنظر هذا النوع من المنازعات لا يعتبر قضاء بعدم الإختصاص . 

ولئن كانت المحكمة العمالية هي دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الإبتدائية وكان تحديد الدوائر التي تتشكل منها المحكمة العمالية منوطاً بالجمعية العمومية للمحكمة إلا أنه متى تحددت الدوائر التي تتشكل منها المحكمة العمالية فلا يكون الأمر متعلقاً بتنظيم داخلي بالمحكمة الإبتدائية وإنما بمحكمة ذات اختصاص نوعي استثماري ومن ثم فإنها تختص دون غيرها بنظر جميع الدعاوى التي تتدرج في مدول المنازعات العمالية الفردية وليس لأي دائرة بالمحكمة الإبتدائية أن تتولى نظر دعوى مما تختص به المحكمة العمالية . 

وإذا قدم الكتاب احدى تلك القضايا لدائرة غير الدائرة التي تتشكل منها المحكمة العمالية خطأ وجب عليها أن تقرر إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية بقضاء تصدره بعدم الإختصاص النوعي والإحالة إلى المحكمة العمالية مع تحديد جلسة لحضور الخصوم أمامها عملا بالمادتين (110 ، 113) من قانون المرافعات . 

القواعد الموضوعية التي تطبقها المحكمة العمالية على النزاع : 

نشير ابتداء إلى نطاق تطبيق قانون العمل والتشريعات واللوائح العمالية ثم ننتقل إلى مسألة شديدة الدقة وهي علاقات العمل ذات العنصر الأجنبي التي يثور بشأنها تنازع القوانين وقد أصبحت تلك النوعية من علاقات العمل ذائعة في التطبيق العمل في ظل تيارات العولمة الكاسحة وانتشار الشركات متعدية الجنسية.

أ- قانون العمل والتشريعات واللوائح العمالية الخاصة : 

الأصل أن تطبق المحكمة العمالية على النزاع قواعد قانون العمل بإعتباره التشريع العام المنظم لعلاقات العمل التابع وأحكامه آمرة . 

إلا أن هناك طوائف من العمال – سوى تلك التي نصت عليها المادة الرابعة من قانون العمل - لم يستثنهم المشرع من الخضوع لأحكام قانون العمل وإنما خصهم بتشريعات خاصة يخضعون لها أو لا فإن لم يوجد نص فيها بحكم شأناً من شئونهم العمالية كان قانون العمل هو الواجب التطبيق بإعتبار أنه يمثل القانون العام لعلاقات العمل وقد استقر قضاء محكمة النقض على تطبيق تلك التشريعات بحسب الأصل ولا تطبق قواعد قانون العمل بشأن المنازعات العمالية الفردية لذلك القطاعات إلا فيما لم يرد به نص في التشريع الخاص . 

ويسري ذلك على العاملين في شركات القطاع العام التي يحكمها القانون رقم 48 لسنة 1978 والعاملين بشركات قطاع الأعمال العام التي يحكمها القانون رقم 203 لسنة 1991 والعاملين بشركات الاستثمار الذين يحكمهم القانون رقم 8 لسنة 1997 بضمانات وحوافز الإستثمار والعاملين في المنظمات النقابية العمالية التي يحكمها القانون رقم 35 لسنة 1976 متى كانت تربطهم بها عقود عمل فردية والعاملين في الأحزاب السياسية التي يحكمها القانون رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته والعاملون بدور الحضانة التي يحكم كل منها لائحة داخلية معتمدة من الجهة الإدارية وفقاً القانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والعاملين في المنشآت الفندقية والسياحية الخاصة وعمال البحر الذين يحكمهم قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1990 والعاملون بالمدارس الخاصة الخاضعون لقانون التعليم رقم 139 لسنة 1981 . 

ففي شأن شركات قطاع الأعمال العام استقر قضاء محكمة النقض على أن لوائح العاملين الصادرة وفقاً لقانون قطاع الأعمال العام هي الأساس في تنظيم علاقات العاملين بشركات القطاع الأعمال العام تطبق أحكامها ولو تعارضت مع أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر ذلك أن مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الثانية عشرة من مواد إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام والفقرة الأولى من المادة (42) والفقرة الثانية من المادة (48) من ذلك القانون - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن أحكام قانون شركات الأعمال العام المشار إليه ولائحته التنفيذية الصادرة بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 وكذلك ما تصدره تلك الشركات من لوائح متعلقة بنظام العاملين بها ، هي الأساس في تنظيم علاقات العاملين بهذه الشركات بحيث تطبق عليهم أحكامها ولو تعارضت مع أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر وأن الرجوع إلى أحكام قانون العمل لا يكون إلا فيما لم يرد به نص خاص في هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذاً له ومن ثم فإن المحكمة العمالية مطالبة بتطبيق أحكام لائحة نظام العاملين شركة قطاع الأعمال بإعتبار أن نص اللائحة هو القانون واجب التطبيق على النزاع ولا يرجع إلى قانون العمل إلا في حالة خلو لائحة شركة قطاع الأعمال العام من نص ينظم موضوع النزاع . 

وجوب تضمين الأحكام اطلاع المحكمة على لائحة الشركة : 

استوجبت محكمة النقض أن يورد الحكم ما يفيد الاطلاع على لائحة نظام العاملين بالشركة بإعتباره لازماً للفصل في الدعوى واعتبرت أن خلو الحكم من ذلك رغم قضائه للمدعي بطلباته يعيب الحكم بالقصور .

ب - علاقات العمل ذات العنصر الأجنبي التي يثور بشأنها تنازع القوانين :   

هناك منازعات عمالية فردية ذات عنصر أجنبي قد تطرح على المحكمة العمالية مما يثير التساؤل حول القانون واجب التطبيق ؟ 

تنص الفقرة الأولى من المادة (19) من القانون المدني على أنه "يسري على الإلتزامات التعاقدية ، قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحداً موطناً ، فإن اختلفا موطناً سرى قانون الدولة التي تم فيها العقد هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قانون آخر هو الذي يراد تطبيقه ويدل هذا النص على أن المشرع اعتد أساساً بالإرادة الصريحة أو الضمنية للمتعاقدين كضابط للإسداد في الإلتزامات التعاقدية ، فإذا سكت المتعاقدان عن إعلان رغبتهما الصريحة في تطبيق قانون معين أو إذا لم تتحد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها التعاقد .

والمقصود بقانون الإرادة هو القانون الذي يفصح المتعاقدان عن إرادتهم في إخضاع تعاقدهم لأحكامه سواء كانت الإرادة صريحة أو ضمنية ويكشف القاضي عن هذه الإرادة الضمنية من ظروف وملابسات التعاقد وقد يستخلص هذه الإرادة من النص على اختصاص محاكم دولة معينة بالفصل في المنازعة ومن الإشارة إلى نصوص قانون معين أو استخدام اصطلاحاته أو تحرير العقد بلغته أو بواسطة موثق تابع لدولة معينة أو من اتصال العقد بقانون دولتين يتضمن أحدهما دون الآخر تنظيماً لهذا النوع من العقود أو يعترف به أحدهما دون الآخر أو من الإتفاق على تنفيذ العقد في بلد معين فإذا لم تتحدد الإرادة الصريحة أو الضمنية وجب تطبيق قانون الموطن المشترك وإلا فقانون الدولة التي تم فيها العقد . 

ويشترط لإعمال قانون الإرادة ثلاثة شروط أولها أن يكون القانون الذي اختاره المتعاقدان على صلة بالعقد سواء وثانيها - انتفاء الغش نحو القانون الذي يتوافر كلما استهدف المتعاقدان من اختيار قانون بعينه التهرب من الأحكام الآمرة في قانون آخر يرتبط بالعقد كما يتحقق ذلك في حالة اصطناع صلة بين العقد وبين القانون المختار لأغراض غير مشروعة وثالثها - عدم تعارض القانون المختار مع النظام العام في بلد القاضي . 

وبالنسبة إلى قانون العمل وبالنظر إلى حرص التشريعات المختلفة على التدخل في تنظيم علاقة العمل بنصوص آمرة تستهدف في تحقيق السياسة الإقتصادية والإجتماعية للدولة فقد أجمع على عدم صلاحية قاعدة الإسناد الخاصة بالإلتزامات التعاقدية لتحكم عقد العمل وذهب البعض إلى إخضاعه لقانون دولة إبرام العقد في حين ذهب البعض الأخر إلى تطبيق قانون الجنسية المشتركة على حين قال البعض بإخضاعه لقانون الدولة التي يوجد بها مركز إدارة الأعمال وهي التي بها مقر المشروع أو المنشأة . 

وقد ذهب جانب من الفقه إلى أن تطبيق قانون إرادة المتعاقدين إنما يكون بالنسبة إلى القواعد غير التنظيمية في عقد العمل أما القواعد التنظيمية كتحديد الأجور وساعات العمل فهي قواعد آمرة يجب أن تخضع لقانون الدولة التي يتم فيها تنفيذ العقد إذا لم يتفق الطرفان على تطبيق قانون محل التنفيذ . 

وكان المشروع التمهيدي للقانون المدني قد تضمن نصاً في المادة (44) منه على أن "يسري على العقود التي يبرمها أصحاب المصانع والمتاجر والمزارع مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به في الجهة التي يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال فإذا كان المركز الرئيسي لهذه الأعمال في الخارج وكانت فروعها في مصر هي التي أبرمت هذه العقود فإن القانون المصري هو الواجب التطبيق غير أن هذا النص قد حذف حتى يترك الأمر لاجتهاد القضاء والفقه . 

وقد ذهبت محكمة النقض إلى أنه يسري على العقود التي يبرمها أصحاب الأعمال مع عمالهم ومستخدميهم القانون المعمول به في الجهة التي يوجد بها مركز إدارة هذه الأعمال ، فإذا كان المركز الرئيسي في الخارج وكانت فروعها في مصر هي التي أبرمت هذه العقود فإن القانون المصري يكون الواجب التطبيق . 

وبالنسبة للإلتزامات غير التعاقدية تنص المادة (21) من القانون المدني على أنه ، يسري على الإلتزامات غير التعاقدية قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للإلتزام على أنه فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن الفعل الضار ، لا تسري أحكام الفقرة السابقة على الوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في مصر وإن كانت تعد غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه. 

ووفقاً للمادة (28) من القانون المدني لا يجوز استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجبة التطبيق إلا أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للأداب في مصر بأن تمس كيان الدولة أو تتعلق بمصلحة عامة وأساسية للجماعة ، ولا يدخل في هذا النطاق مجرد اختلاف أحكام القانون الأجنبي عن أحكام القانون الوطني أو مجرد التفضيل بينهما وكون القانون الوطني أكثر فائدة . 

ثالثاً : الإجراءات أمام المحكمة العمالية 

استعاضة عن عضوية ممثل عن المنظمة النقابية المعنية ، وممثل عن منظمة أصحاب العمال في اللجنة الخماسية أوجب المشرع إخطارهما للحضور وإبداء الرأي كما اختص المشرع المنازعة المتعلقة بطلب فصل العامل بقواعد إجرائية خاصة تختلف عن باقي المنازعات سوف نبدأ بالإخطار المشار إليه ثم بإجراءات نظر طلب الفصل من الخدمة وإصدار القرار فيه وتعقب بإجراءات باقي المنازعات.

أ- وجوب إخطار ممثل عن المنظمة النقابية المعنية وممثل عن منظمة أصحاب الأعمال :

أوجبت المادة (71) أن "... تخطر المحكمة ممثلا عن المنظمة النقابية المعنية وممثلاً عن منظمة أصحاب الأعمال لسماع رأيهما في النزاع في أول جلسة..." وواضح أن المشرع قد عدل عن نهجه السالف فلم يعد كل من مثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال عضوين يتعين أن يندرجا في التشكيل وإنما أصبح كل منهما محض ممثل للمنظمة التي ينتمي إليها و يعبر عن مصالحها ووجهة نظرها في النزاع ويكفي أن تقوم المحكمة العمالية بإخطارهما. 

حكم عدم إخطار ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال : 

يستفاد من صياغة النص أن إخطار ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب العمال أمر وجوبي إلا أن النص قد خلا من جزاء على التخلف هذا الإجراء فإذا فصلت المحكمة العمالية في الدعوى العمالية دون إخطار ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب العمال فإن حكمها يكون معيباً بمخالفة القانون . 

القيمة القانونية للرأي الذي يبديه ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال :

يدعى ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال لإبداء الرأي في النزاع دون أن يكون لأي منهم صوت معدود في المداولة ودون أن يكون للرأي الذي يبينه أي منهما قوة إلزامية للمحكمة في فصلها في النزاع لأن رأى كل منهما كما أشرنا ينبع من كون كل منهما ممثلاً للمنظمة التي ينتمي إليها ومعبراً عن مصالحها ووجهة نظرها في النزاع. وحتى إذا اعتبر كل منهما خبيرا في الدعوى فمن المقرر أن رأى الخبير لا يقيد المحكمة عملا بالمادة (156) من قانون الإثبات.

 ويثور التساؤل عن المقصود بأول جلسة التي يدعي ممثل المنظمة القانونية النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال لحضورها . 

قد يرى البعض أن المقصود هو أول جلسة لنظر النزاع بعد انعقاد الخصومة بتمام إعلان طرفيها إلا أننا نرى أن المقصود هو أول جلسة لنظر النزاع ابتداء أمام المحكمة لأن الغاية من سماع رأيهما لا تعدو تمكين المنظمة التي ينتمي إليها كل منهم من الإدلاء بدلوها في النزاع اتساقاً مع الاتجاه العالمي إلى مراعاة التمثيل الثلاثي الأطراف علاقات العمل ولا يعد أي منهم طرفاً في الخصومة وليس جزءاً من تشكيل المحكمة وانعقادها صحيح بغير حضورهما كما أن سماع رأي كل منهم ليس إجراءاً من إجراءات الإثبات في الدعوى مما يتعين اتخاذه في مواجهة الخصوم ودليلاً على ما ذهبنا إليه أن المشرع اكتفى بإخطارهما مرة واحدة لحضور أول جلسة وسماع رأيهما فيها وأطلق اصطلاح أول جلسة بما لا يدع مجالاً لتقييدها بأي قيد ولم يستوجب حضورهما أي جلسة تالية. 

أثر تغيب ممثل المنظمة النقابية المعنية أو ممثل منظمة أصحاب الأعمال : 

لا يترتب على تخلف أي من الممثلين سالفي الذكر تأجيل الدعوى إذا حرص المشرع على التأكيد على أنه "... فإذا تخلف أي منهما عن الحضور استمرت المحكمة في نظر الدعوى..." وبذلك فقد حال دون أن يتسبب تغيب الممثلين المذكورين أحدهما أو كلاهما في تأخير الفصل في الدعوى العمالية . 

كيفية الإخطار : لم يحدد النص كيفية الإخطار إلا أنه ولما كان النص لم يستخدم اصطلاح الإعلان فإن مؤدى ذلك أن الإخطار يمكن أن يتم بخطاب مسجل مصحوب بعلم الوصول كما يمكن أن يتم بورقة من أوراق المحضرين. 

كيفية تحديد شخص كل من ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال : 

لم يبين النص كيفية تحديد شخص كل من ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال والذين تلتزم المحكمة بإخطارهما لحضور أول جلسة ومن ثم فإن الأمر يقتضي التنسيق مع الجهة الإدارية المختصة وهي مديرية القوى العاملة وقد يكون ذلك بتكليفها بالإخطار وموافاة المحكمة رسميا بما يفيد الإخطار قبل الجلسة . 

ويثور التساؤل عما إذا كان يجوز قانوناً أن يكون كل من ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال اللذين يتعين أن تخطرهما المحكمة العمالية السماع رأيهما في النزاع ذات ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال اللذين كانا عضوين في اللجنة الثلاثية التي تولدت التسوية الودية للنزاع وفقاً للمادة (70) من قانون العمل . 

الرأي عندنا أنه ليس هناك ما يمنع قانوناً من ذلك بل ربما كان ذلك أكثر اتفاقاً مع الغاية من النص بحسبان أن كلا من ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال الذين كانا عضوين في اللجنة الثلاثية التي تولت التسوية الودية للنزاع يكونان قد خبر النزاع عن قرب واستمعا وجهات نظر طرفيه فيكون میسوراً لهما إبداء الرأي فيه. 

وقد يحتج في ذلك بأنهما أبديا رأيا في النزاع عند إجراء التسوية الودية حالة عضويتهما اللجنة الثلاثية سيما وأن المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بجلسة 13/ 1/ 2008 قد جرحت عدالة مدير مديرية القوى العاملة أو من ينيبه كعوض في اللجنة الخماسية إلا أن من اليسير الرد على تلك الحجة بحسبان أن كلا من ممثل المنظمة النقابية المعنية وممثل منظمة أصحاب الأعمال ليسا يجلسان مجلس الحكم خلافاً لما كان عليه الحال بالنسبة لأعضاء اللجان الخماسية وإنما يقتصر دورهما أمام المحكمة على محض إبداء الرأي. 

ب - إجراءات نظر طلب الفصل من الخدمة وإصدار الحكم فيه : 

يعرض طلب فصل العام على المحكمة العمالية بالطريق الأصلي وهو رفع الطلب إلى المحكمة العمالية بالطريق المعتاد في قانون المرافعات لرفع الدعاوي حيث لم يحدد النص طريقاً خاصاً لعرض طلب الفصل على المحكمة العمالية ويمكن أن يطرح على المحكمة بطريق الإحالة من اللجنة الثلاثية إذا كان أي من الطرفين قد لجأ إليها لتسوية النزاع ودياً . 

وقد أوجب المشرع على المحكمة العمالية أن تفصل في طلب فصل العامل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة وهو بلا ريب ميعاد تنظيمي الغرض منه حث المحكمة العمالية على سرعة البت في طلب الفصل فلم يرتب المشرع على مجاوزته أي بطلان .  

وتفصل المحكمة العمالية في جميع الطلبات التي تطرح عليها بحكم وليس بقرار خلافاً لما كان عليه الحال في ظل وجود اللجنة الخماسية والتي كانت لجنة إدارية ذات اختصاص قضائي وكانت تفصل فيما يطرح عليها بقرارات. 

مدي نهائية الحكم الصادر في طلب فصل العامل : 

كانت الفقرة الثالثة من المادة (71) قبل تعديلها بالقانون رقم 90 لسنة 2005 وقبل التعديل الأخير تنص على أنه يكون قرار اللجنة في شأن طلب الفصل نهائياً".

وقد رتبت محكمة النقض على هذا النص أن الطعن بالإستئناف على قرار اللجنة الخماسية في طلب الفصل غير مقبول باعتبار أن القرار التي تصدره اللجنة في شأن طلب فصل العامل سواء بقبول الطلب أو رفضه هو قرار نهائي لا يجوز الطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن إلا أن المحكمة اشترطت لنهائية القرار الصادر من اللجنة في طلب الفصل أن تكون المنازعة في شأنه مما يقتضي تطبيق حكم من أحكام قانون العمل المشار إليه دون ما عداه من قوانين عمالية أخرى فإذا تصدت لواقعة فصل عامل مما لا ينطبق بشأنها أحكام قانون العمل فإن قرارها لا يكون نهائياً طبقاً للمادة (71) من قانون العمل سالف الذكر ومن ثم يقبل الطعن فيه بالإستئناف وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات وقد صحح المشرع هذا الوضع بالقانون رقم 90 لسنة 2005 وأجاز الطعن في قرارات اللجان الخماسية أمام المحكمة الاستئنافية وبذلك فإن كل قرار صدر من اللجنة بعد تاريخ العمل بالقانون المذكور يكون قابلا للاستئناف متى استوفى الشروط العامة لجواز الإستئناف . 

وفي ظل المادة (71) من قانون العمل مستبدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 فإن حكم المحكمة العمالية في طلب فصل العامل لا يتصف بالنهائية ويخضع للقواعد العامة في الطعن على أحكام المحكمة العمالية كما سنشير لاحقاً . 

قضاء المحكمة العمالية في طلب فصل العامل : 

لا يخرج قضاء المحكمة العمالية في الطلب عن أحد احتمالين: 

1) أن تقضي المحكمة العمالية بإجابة صاحب العمل إلى طلبه بفصل العامل وفي هذه الحالة تنتهي خدمة العامل من تاريخ حكم المحكمة العمالية لا من تاريخ تقديم طلب الفصل لأن حكم المحكمة العمالية منشئ لا كاشف . 

2) أن تقضي المحكمة العمالية برفض طلب صاحب العمل بفصل العامل وفي هذه الحالة تكون خدمة العامل مستمرة لم تنقطع ولو كان صاحب العمل قد منعه من العمل لحين صدور قرار المحكمة العمالية في طلب الفصل ويجب على المحكمة العمالية أن تقرن قضاءها برفض الطلب بقضاء بإستمرار العامل في عمله وأن يؤدي إليه ما لم يصرف له من مستحقات . 

وبذلك فقد تطور التشريع المصري تطوراً كبيراً في هذا الشأن حي أوجب اعتبار العامل مستمراً في عمله في حالة القضاء برفض طلب الفصل خلافاً لما كان عليه الوضع في القانون الملغي إلا أن النص قد جاء خلواً من تحديد كيفية إلزام صاحب العمل اعتبار العامل مستمراً في عمله ومن ثم لا يكون هناك من سبيل سوى اعتبار الفصل تعسفياً . 

الحكم في طلب الفصل واجب النفاذ : 

نصت المادة محل التعليق على أن تفصل المحكمة العمالية في طلب الفصل بحكم واجب النفاذ ولما كانت المحكمة العمالية احدى دوائر المحكمة الإبتدائية فإن حكمها يكون من أحكام أول درجة وهو قابل للطعن بالإستئناف إذا ما جاوز قيمة الدعوى النصاب الإنتهائي للمحكمة الإبتدائية على ما سنوضحه في شرح المادة (72) فإن المشرع قد جعل كمها واجب النفاذ وبذلك فقد أضاف النص حالة من حالات النفاذ المعجل القانوني إلى جانب الحالات التي أوردها قانون المرافعات في المادة (288) منه وهو نفاذ معجل قانوني لا يخضع لتقدير المحكمة كشأن النفاذ المعجل الجوازي الذي نصت عليه المادة السادسة من قانون العمل الجديد وإنما يكون الحكم في طلب الفصل مشمولاً بالنفاذ المعجل بقوة القانون. 

اثر امتناع صاحب العمل عن تنفيذ الحكم باستمرار العامل في عمله : 

إذا امتنع صاحب العمل عن تنفيذ حكم المحكمة العمالية برفض طلب الفصل وباستمرار العامل في عمله فقد أقام المشرع قرينة قانونية تقيد القاضي مؤداها اعتبار امتناع صاحب العمل عن تنفيذ حكم المحكمة العمالية فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً للمادة (122) من قانون العمل. والتي تنص فقرتاها الثانية والثالثة على أنه: "... فإذا كان الإنهاء بدون مبرر صادراً من جانب صاحب العمل للعامل أن يلجأ إلى المحكمة العمالية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون بطلب التعويض ولا يجوز أن يقل التعويض الذي تقرره المحكمة العمالية عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة. 

ولا يخل ذلك بحق العامل في باقي استحقاقاته المقررة قانوناً. 

ويثور التساؤل عن سلطة المحكمة العمالية في حالة إقدام صاحب العمل على فصل العامل دون اللجوء أصلاً إلى المحكمة. 

نرى أنه من باب أولى يجوز للمحكمة أن تقضي باستمرار العامل في عمله وإذا امتنع صاحب العمل عن تنفيذ حكم المحكمة العمالية باستمرار العامل في عمله فقد أقام المشرع قرينة قانونية تقيد القاضي مؤداها اعتبار امتناع صاحب العمل عن تنفيذ حكم المحكمة العمالية فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً للمادة (122) من قانون العمل. 

التعويض عن الفصل التعسفي: 

فرق المشرع بين التعويض المؤقت الذي تقضي به المحكمة العمالية بصفة مستعجلة بناء على طلب العامل وبين التعويض النهائي الذي تقضي به على ضوء الطلبات النهائية للعامل وبعد بحث موضوعي للنزاع وذلك على النحو الآتي: 

التعويض المؤقت : 

أوجب المشرع أن تقضي المحكمة العمالية - بصفة مستعجلة - وبحكم واجب النفاذ بتعويض مؤقت للعامل بناء على طلب العامل من المحكمة. 

وقد اعتبر المشرع أن الحكم الصادر بالتعويض حكم صادر في احدى المواد المستعجلة تفصل فيها المحكمة وفقاً للضوابط المقررة في المادة (45) من قانون المرافعات و التي تحدد اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بضرورة توافر ركنين هما الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق. 

فالمحكمة العمالية تفصل في التعويض المؤقت من ظاهر الأوراق ودون مساس بأصل الحق أما ركن الاستعجال فقد اقترضه المشرع بما يغني المحكمة العمالية عن بحثه حال فصلها في طلب التعويض المؤقت. 

وبعد ذلك النهج الجديد اقتراباً من النهج الذي اتبعته المادة (66) من قانون العمل الملغي في شأن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بطلب وقف تنفيذ قرار الفصل والحكم بالتعويض المؤقت إلا أن النهج الحديث للمشرع أفضل إذ جمع أمام محكمة واحدة كافة أوجه النزاع ومختلف نوعيات النزاعات العمالية.. 

ولاشك أنه لم تكن هناك ثمة حاجة بالمشرع إلى النص على أن الحكم بالتعويض المؤقت واجب النفاذ بعد أن نص على أن الحكم يصدر بصفة مستعجلة وذلك بحسبان أن الأحكام الصادرة في المواد المستعجلة نافذة نفاذاً معجلاً قانونياً بنص المادة (288) من قانون المرافعات. 

مقدار التعويض المؤقت : 

في مجال احتساب المحكمة العمالية مقدار التعويض المؤقت فرق النص بين فرضين: 

الفرض الأول : إذا جاوزت مدة عمل العامل سنة كاملة فإن التعويض المؤقت يتعين أن يعادل أجرة الشامل لمدة اثني عشر شهراً. 

الفرض الثاني : إذا كانت مدة عمل العامل أقل من سنة كاملة كان التعويض المؤقت بقدر أجرة الشامل عن مدة عمله. 

التعويض النهائي : 

أوجب المشرع على العامل إعلان صاحب العمل بطلباته النهائية خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم بالتعويض المؤقت إذا لم يكن قد سبق له إبداؤها وبذلك فإن للعامل الخيار بين طريقين: 

- أولهما أن يطلب التعويض المؤقت ويقرنه بتحديد مقدراً التعويض النهائي المطالب به في الدعوى وكذلك سائر المستحقات المطالب به. 

- وثانيهما أن يتراخى في إبداء طلباته الختامية في الدعوى إلى حين قيام المحكمة العمالية بالفصل في طلب التعويض المؤقت وفي هذه الحالة يتعين عليه أن يعلن صاحب العمل بطلباته النهائية خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم بالتعويض المؤقت. 

وتقضي المحكمة العمالية للعامل بمبلغ التعويض النهائي وتفصل في باقي طلباته وهي في هذا الصدد محكمة موضوع وليست محكمة أمور مستعجلة فيكون لها أن تبحث موضوع النزاع وأن تتخذ جميع إجراءات الإثبات التي تتراءى لها توصلاً لوجه الحق في الدعوى. 

ويتعين على المحكمة العمالية وهي تصدر حكمها في طلب التعويض النهائي وباقي طلبات العامل أن تراعي خصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذاً للحكم الصادر بالتعويض المؤقت وأن تضمن منطوق حكمها تحديد الصافي المستحق للعمل بعد خصم المبالغ المشار إليها. 

- فصل العامل النقابي : نصت المادة على أنه "فإذا كان طلب فصل العامل بسبب نشاطه النقابي قضت المحكمة العمالية باستمرار العامل في عمله إذا طلب ذلك ما لم يثبت صاحب العمل أن طلب الفصل لم يكن بسبب هذا النشاط "ومعنى ذلك أن المادة فرقت بين فرضين: 

الفرض الأول : أن يثبت للمحكمة العمالية أن طلب الفصل كان بسبب النشاط النقابي للعامل المطلوب فصله وهنا فإن المحكمة العمالية - متى رفضت طلب الفصل - تقضي باستمرار العامل في عمله طالما طلب العامل النقابي ذلك منهما. 

الفرض الثاني : أن ينجح صاحب العمل في أن يثبت للمحكمة العمالية أن طلب الفصل لم يكن بسبب النشاط النقابي فلا تملك المحكمة العمالية بمفهوم المخالفة أن تقضي باستمرار العامل النقابي في عمله. ولما كانت الفقرة الثالثة من المادة قد تضمنت حكماً عاماً مؤداه أنه إذا رفضت المحكمة العمالية طلب الفصل ألزمت صاحب العمل باستمرار أن العامل في عمله وكانت هذه الفقرة تقرر بالنسبة للعامل النقابي أن المحكمة العمالية تقضي باستمراره في عمله إذا كان طلب الفصل بسبب النشاط النقابي فإذا أثبت صاحب العمل أن طلب الفصل لم يكن بسبب هذا النشاط لم يكن للمحكمة العمالية أن تقضي باستمراره في عمله لمحض إدعائه بأن طلب الفصل بسبب نشاطه النقابي دون أن تغل يدها عن بحث أسس طلب توقيع جزاء الفصل ولها أن تقضي به إذا تبين لها سلامة مبرراته أو أن تقضي برفضه إذا تبين لها عدم سلامة تلك المبررات. 

ج- إجراءات نظر المحكمة العمالية باقي المنازعات العمالية الفردية 

وضعت الفقرة الأخيرة من المادة محل التعليق القاعدة العامة في الإجراءات أمام المحكمة العمالية وهي أنه يتبع فيما لم يرد نص خاص أحكام قانوني المرافعات والإثبات في المواد المدنية والتجارية وعلى ذلك فإن المحكمة العمالية في كافة إجراءات نظر النزاع تتقيد بقواعد قانون المرافعات من حيث شروط قبول الدعوى من حيث الصفة والمصلحة (م 3 مرافعات) كما تتقيد بضوابط إعلان أوراق المحضرين المواد من 6 إلى 13 مرافعات) وتتقيد بقواعد الاختصاص المحلي إذا تمسك به المدعي عليه في المنازعة (المادة 49 مرافعات) وتطبق المحكمة العمالية قواعد حضور الخصوم وغيابهم من حيث الحضور والتوكيل بالخصومة (المواد من 72 إلى 81 مرافعات) ومن حيث الغياب وأحكامه (المواد من 82 إلى 86 مرافعات) وتنظر الدعوى في الجلسات وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات عدا ما ورد بشأنه نص خاص المواد من 97 إلى 107 مرافعات) وتسري أحكام الدفوع والإدخال والطلبات العارضة والتدخل بما يتفق مع طبيعة المحكمة العمالية واختصاصها (المواد 108 إلی 127 مرافعات) وتسري أحكام وقف الخصومة وانقطاعها وسقوطها وانقضاؤها بمضي المدة وتركها (المواد من 128 إلى 145 مرافعات). 

وبالنسبة لإجراءات الإثبات فتسري أمام المحكمة العمالية قواعد قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 سواء من حيث عبء الإثبات أو الواقعة المراد إثباتها أو طرق الإثبات بالمحررات أو بالشهادة أو بالخبرة أو بغيرها على التفصيل الوارد بقانون الإثبات.

عدم جواز تكليف المحكمة العمالية للخبير ببحث مسألة قانونية وإبداء الرأي فيها : 

مما يلاحظ في العمل كثيراً ندب خبير في المنازعة العمالية لبحث مسألة قانونية وإبداء الرأي فيها فتقضي المحكمة في الدعوى وفقاً لما انتهى إليه الخبير ولا تبني قضاءها إلا على اطمئنانها لتقرير الخبير في هذه الحالة يكون الحكم معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ولو كان قد انتهى إلى نتيجة صحيحة وتعليل ذلك أنه ترك للخبير أمر الفصل في مسألة قانونية وحجب بذلك نفسه عن بحثها وتخلي عن سلطة الفصل فيها للخبير الذي تقتصر مهمته على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء رأيه في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها. 

موقف الدعاوي العمالية المتداولة في تاريخ العمل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 

كان الحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/ 1/ 2008 أثر هائل في شأن الدعاوي والمنازعات العمالية الفردية المتداولة أمام اللجان الخماسية وقد انقضى نحو خمسة أشهر إلى أن صدر القانون رقم 180 لسنة 2008 هادفاً إلى مجابهة الأوضاع الناشئة عن الحكم الدستوري المذكور مما يستوجب منا أن نقف على أثر حكم المحكمة الدستورية العليا على الدعاوي العمالية ثم نستعرض كيفية معالجة القانون رقم 180 لسنة 2008 الدعاوى الناشئة عن ذلك القانون. 

1- أثر حكم المحكمة الدستورية العليا على الدعاوي العمالية : 

قضت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 13/ 1/ 2008 في القضية رقم 26 لسنة 27 ق دستورية بعدم نص المادتين (71، 72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم 90 لسنة 2005 وبسقوط العبارة الواردة بالمادة (70) من القانون ذاته والتي تنص على أن "فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منهما اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ النزاع وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة، ولأي منهما التقدم للجهة الإدارية بطلب لعرض منهما التقدم للجهة الإدارية بطلب لعرض النزاع على اللجنة المذكورة خلال الموعد المشار إليه وسقوط قرار وزير العدل رقم (3539) لسنة 2003 بتشكيل اللجنة الخماسية بالمحكمة الابتدائية.

 النطاق الزمني لأثر حكم المحكمة الدستورية العليا: 

يدل النص فى المادة (175) من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية. وذلك كله على الوجه المبين في القانون...“ والنص في المادة (178) منه على أنه تنتشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادر بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار والنص في المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه أحكام المحكمة في الدعوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر..." . على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على جميع المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص. 

. وقد ذهبت المحكمة الدستورية العليا ومحكمة النقض في مرحلة إلى أن يستثنى من الأثر الرجعي لحكم المحكمة الدستورية العليا المراكز القانونية التي استقرت بأحكام حائزة قوة الأمر المقضي. 

وقوة الأمر المقضي هي المرتبة التي يصل إليها الحكم إذا أصبح نهائياً غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن العادية ويكون له هذا الوصف حتى ولو كان قابلاً للطعن عليه بطرق الطعن غير العادية فالحكم الذي حاز قوة الأمر المقضي هو الحكم النهائي وليس البات بالنسبة للأحكام المدنية لا يجوز المساس به ولا يجوز أن تمس المراكز القانونية والحقوق المستقرة بمقتضاه عن طريق سريان الأثر الرجعي للحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا. 

ثم تحولت المحكمة الدستورية العليا عن هذا النهج بدءاً من عام 1996 واستلزمت أن يكون الحكم القضائي الذي تتحصن به المراكز من سريان الأثر الرجعي قد صار باتاً وقد تابعتها في ذلك محكمة النقض حيث قضت المحكمة الدستورية العليا أن قانون المحكمة الدستورية العليا - ضماناً لصون الحرية الشخصية التي كفلها الدستور واعتبرها من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز الإخلال بها عدوانا - قد نص في المادة (49) منه، على أنه إذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي، فإن أحكام الإدانة الصادرة استناداً إليه، تعتبر كأن لم تكن. وهو ما يعني سقوطها بكل أثارها، ولو صار الطعن فيها ممتنعاً، لتفارقها قوة الأمر المقضي التي قارنتها. وتلك هي الرجعية الكاملة التي أثبتها قانون المحكمة الدستورية العليا لأحكامها الصادرة بإبطال النصوص العقابية. وهي بعد رجعية لا قيد عليها ولا عاصم منها، بل يكون اثرها جارفاً لكل عاتق على خلافها، ولو كان حكماً باتاً، فإذا كان قضاء المحكمة مبطلاً لنص غير جنائي، فإن أثره الرجعي يظل جارياً ومنسحباً إلى الأوضاع والعلائق التي تصل بها مؤثراً فيها، حتى ما كان منها سابقاً على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم تكن الحقوق والمراكز التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي توافر فيه شرطان: أولهما: أن يكون باتاً وذلك باستنفاده لطرق الطعن جميعها: ثانيهما: أن يكون صادراً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا، ومحمولاً على النصوص القانونية عينها التي قضت ببطلانها وسارت على ذلك أحكام محكمة النقض. 

قضاء محكمة النقض في النطاق الزمني لأثر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 26 لسنة 27 قضائية (دستورية): 

قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 26 لسنة 27 قضائية (دستورية) المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (4 مكرر) بتاريخ 27/ 1/ 2008 بعدم دستورية نص المادتين (71) و(72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم 90 لسنة 2005 اللتين تضمنتا تنظيماً تشريعياً يقضي بإسناد ولاية الفصل في المنازعات العمالية الفردية إلى اللجان المنصوص عليها في المادة (71) من دون غيرها، وأن ما تصدره هذه اللجان من قرارات تعتبر بمثابة أحكام صادرة من المحاكم الابتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها على ما قضت به المادة (72) من القانون ذاته، وبسقوط العبارة الواردة بالمادة (70) منه والتي تنص على أنه "فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب... إلى آخر النص“ وبسقوط قرار وزير العدل رقم (3539) لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الابتدائية ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذه النصوص من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية، بما مؤداه زوال تلك اللجان المشكلة بقرار وزير العدل إعمالاً لحكم المادة (71) من قانون العمل المشار إليه منذ العمل بأحكام هذه المادة وسيرورة المنازعات العمالية الفردية التي كانت منظورة أمامها من اختصاص القاضي الطبيعي الذي كفله الدستور لكل مواطن وهو ما نص عليه المشرع الدستوري في المادة (68) من أن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا السالف البيان قد أدرك الدعوى أمام محكمة النقض قبل أن يعتبر الحكم الصادر فيها باتاً ولم تحدد المحكمة الدستورية تاريخاً آخر لسريانه فإنه يتعين تطبيقه على الطعن الماثل ويصبح نظر الدعوى من اختصاص القضاء العادي كأثر له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يوجب نقضه لهذا السبب المتعلق بالنظام العام دون حاجة لبحث سببي الطعن. ولما تقدم بتعين الحكم في الاستئناف رقم 221 لسنة 24 ق قنا - مأمورية أسوان - بإلغاء القرار المستأنف وبإحالة الأوراق إلى محكمة ادفو - الدائرة الكلية - للفصل في الدعوى). 

وعلى ذلك فلما كان المقرر أن الأحكام الصادر في مسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية بل تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من اليوم التالي لنشر الأحكام بشأنها في الجريدة الرسمية ولا يعني هذا أن لهذه الأحكام أثراً مباشراً لا تتعداه خاصة إذا كان قضاؤها مبطلاً لنص غير جنائي بل أن أثره الرجعي يظل جارياً ومنسحباً إلى الأوضاع والعلائق التي اتصل بها مؤثراً ابتداء لا انتهاء إذ أن تلك الأحكام كاشفة وليست منشئة فلا يكون النص قابلاً للتطبيق أصلاً منذ أن نشأ معيباً ما لم تكن الحقوق والمراكز التي ترتبط بها قد استقر أمرها بناء على حكم قضائي أضحى باتاً قبل قضاء المحكمة الدستورية العليا .... فإن الأثر المترتب على القضاء بعدم دستورية هذه النصوص هو زوال اللجان الخماسية من الوجود القانوني لا من تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا وإنما تزول ابتداءاً من تاريخ إقرار النصوص المقضي بعدم دستوريتها فالحكم المذكور كاشف عن عوار لحق التنظيم التشريعي لتلك اللجان منذ نشأتها ومن ثم فإن ولايتها تزول بالنسبة لسائر الأنزعة التي كانت تندرج في اختصاصها ويصبح متعيباً كل قرار صادر منها إذا لم يكن قد صار باتاً قبل نشر حكم المحكمة الدستورية العليا ويرتد الأمر إلى الأصل العام في اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة. 

وترتبياً على ذلك فإن كل دعوى عمالية لم يفصل فيها بحكم بات في تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا يتعين إحالتها إلى المحكمة التي تختص بها نوعياً وقيمياً وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات. 

أما المراكز القانونية التي استقر أمرها بحكم بات استنفد سائر طرق الطعن قبل نشر حكم المحكمة الدستورية العليا فلا يمتد إليها أثر ذلك الحكم من أي و جه. 

وترتيباً على ذلك فإن كل دعوى عمالية لم يفصل فيها بحكم بات في تاريخ نشر حكم المحكمة الدستورية العليا يتعين إحالتها إلى المحكمة التي تختص بها نوعياً وقيمياً وفقاً للقواعد المقررة في قانون المرافعات. 

وقد طبقت محكمة النقض هذا النظر على الطعون المقامة أمامها عن أحكام محاكم الاستئناف الصادرة في استئنافات قرارات اللجان الخماسية سنداً منها على أنه طالما أدرك حكم المحكمة الدستورية العليا الطعن أمام محكمة النقض قبل أن يعتبر الحكم الصادر فيها باتاً ولم تحدد المحكمة الدستورية العليا تاريخاً آخر لسريانه فإنه يتعين تطبيقه على الطعن ويصبح نظر الدعوى من اختصاص القضاء العادي كأثر له. 

وإعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا أصبح الاختصاص بالدعاوي العمالية الفردية يخضع للقواعد العامة في توزيع الاختصاص بين المحاكم الابتدائية والمحاكم الجزئية نوعياً وقيمياً ويخضع الطعن في الأحكام التي تصدر في الدعاوى العمالية سواء من المحكمة الجزئية أو المحكمة الابتدائية للقواعد العامة. 

وبالنسبة للدعاوي المتداولة أمام اللجان حالياً فاعتباراً من اليوم التالي لنشر حكم المحكمة الدستورية العليا بالجريدة الرسمية يتعين أن تحال فوراً جميع الدعاوي المتداولة بالجلسات أمام اللجان إلى المحاكم التي أصبحت مختصة نوعياً وقيمياً ومحلياً بنظرها مع تحديد جلسات لنظرها يخطر الخصوم بها بمعرفة قلم الكتاب. 

وبالنسبة للدعاوي العمالية المحجوزة للقرار أمام اللجان حالياً فاعتبار من اليوم التالي النشر حكم المحكمة الدستورية العليا بالجريدة الرسمية يتعين أن تحال فوراً جميع الدعاوي المتداولة بالجلسات أمام اللجان إلى المحاكم التي أصبحت مختصة نوعياً وقيمياً ومحلياً بنظرها مع تحديد جلسات لنظرها يخطر الخصوم بها بمعرفة قلم الكتاب. 

وبالنسبة للدعاوي العمالية المحجوزة للقرار أمام اللجان يتعين على اللجان إعمالاً لأثر حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه أن تعيد للمرافعة جميع الدعوي العمالية المحجوزة أمامها تمهيداً لإحالتها إلى المحكمة المختصة قيمياً ونوعياً ومحلياً على التفصيل الوارد فيما تقدم مع تحديد جلسات لنظرها يخطر الخصوم بها بمعرفة قلم الكتاب. 

وحرصاً على سرعة تصفية الأوضاع الناشئة عن القضاء بعدم دستورية النصوص المنشئة للجان الخماسية - إلى أن يصدر التعديل التشريعي المرتقب في هذا الشأن - يصبح تعجيل النطق بالقرار إذا كان محدداً للنطق به جلسة بعيدة بحيث تتم في أقرب وقت إعادة جميع الدعاوي العمالية المحجوزة للقرار أمام اللجان الخماسية للمرافعة وإحالتها إلى المحكمة المختصة وتحديد جلسات لنظرها وإخطار الخصوم بها واستئناف نظرها». 

وقد طبقت اللجان العمالية هذا النظر وأحالت المنازعات العمالية المتداولة أمامه إلى المحاكم بحسب الاختصاص النوعي والقيمي وتوزعت الدعاوي العمالية بين المحاكم الجزئية والابتدائية. 

2- أثر القانون رقم 180 لسنة 2008 على الدعاوي العمالية : 

من القواعد الأصولية أن القانون الجديد لا تسري أحكامه إلا على ما يقع من تاريخ نفاذه وبالتالي فإن الوقائع التي نشأت قبل نفاذ القانون الجديد تظل خاضعة للقانون القديم ولا يكون للقانون الجديد بأثر رجعي عليها.

وفي شأن القوانين الإجرائية ومنها قانون المرافعات لا خلاف على سريان القانون الجديد على الوقائع اللاحقة لنفاذه فإذا صدر قانون يعدل قانون الاختصاص مثلاً فإنه يسري بداهة على كافة الدعاوي التي ترفع بعد نفاذه إلا أن الصعوبة تثور في شأن الدعاوى المتداولة وقت نفاذ القانون الجديد فالخصومة قد تنشأ في ظل قانون وتستمر قائمة ومتداولة أمام المحكم حتى ينفذ قانون جديد يعدل في القواعد الإجرائية فيثور التساؤل حول مدى سريان القانون الجديد عليها. 

نصت المادة (1/1) من قانون المرافعات على أن "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى أو ما لم يكن تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ويستثنى من ذلك: 1- القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى“. 

ومؤدى ذلك أن القانون الجديد المعدل للاختصاص يسري على كافة الدعاوى المتداولة التي لم يقفل باب المرافعة فيها ويجب على المحاكم التي تنظرها أن تحيل الدعاوي التي خرجت من اختصاصها إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها طبقاً للقانون الجديد أما الدعاوي التي أقبل المرافعة فيها قبل نفاذ القانون الجديد فلا يسري عليها حكمه. 

وقد نشر القانون رقم 180 لسنة 2008 بالجريدة الرسمية في 22 يونيو 2008 وطبقاً للمادة الرابعة منه يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ومن ثم فقد أضحى معمولاً به منذ 23/ 6/ 2008 . 

وقد نصت المادة الثالثة من ذلك القانون على أنه "على اللجان والمحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات الدعاوى أصبحت من اختصاص المحاكم العمالية بمقتضى هذا القانون المرفق، وذلك بالحالة التي تكون عليها وبدون رسوم، وفي حالة غياب أحد الخصوم يقوم قلم الكتاب بإعلانه بأمر الإحالة مع تكليفه بالحضور في الميعاد أمام المحكمة العمالية التي تحال إليها الدعوى. " 

ولا تسري أحكام الفقرة الأولى على المنازعات و الدعاوى المحكوم فيها وتخضع الأحكام الصادرة فيها للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها. 

ويتضح من هذا النص أن المشرع فرق بين طائفتين من الدعاوى والمنازعات العمالية الفردية. 

الطائفة الأولى : الدعاوى والمنازعات العمالية الفردية المتداولة أمام المحاكم واللجان: 

مقتضى هذا النص أن القانون رقم 180 لسنة 2008 هو من القوانين المعدلة للاختصاص وفقاً للمادة الأولى من قانون المرافعات يسري على كافة الدعاوى المتداولة التي لم يقفل باب المرافعة فيها ويجب على المحاكم التي تنظرها أن تحيل الدعاوي العمالية التي خرجت من اختصاصها إلى المحكمة التي أصبحت مختصة بها طبقاً للقانون الجديد. 

وقد أوجب المشرع على اللجان والمحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت بمقتضى القانون 180 لسنة 2008 من اختصاص المحاكم العمالية وذلك بالحالة التي تكون عليها وبدون رسوم وتكون الإحالة بالنسبة الدعاوى والمنازعات المتداولة بالجلسات بقرار تصدره المحكمة أو اللجنة باعتبار أن النص يخاطب المحاكم واللجان. 

وأوجب على قلم الكتاب في حالة غياب أحد الخصوم إعلان الخصم الغائب بأمر الإحالة مع تكليفه بالحضور في الميعاد أمام المحكمة العمالية التي تحال إليها الدعوى. 

موقف الدعاوى المحالة من مكاتب القوى العاملة : 

وفقا لنص المادة (70) من قانون العمل معدلة بالقانون رقم 90 لسنة 2005 أضحى مكتب القوى العاملة المختص مخولاً إحالة النزاع إلى اللجنة الخماسية بناءاً على طلب أي من طرفي النزاع خلال الميعاد المشار إليه بالنص وهو خمسة وأربعون يوما من تاريخ النزاع وبذلك أضحى صحيحاً قانونا اتصال اللجنة الخماسية بالنزاع بطريق جديد هو طريق الإحالة من مكتب القوى العاملة المختص. 

وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره ثار التساؤل بقوة حول موقف الدعاوى المحالة من مكاتب القوى العاملة إلى اللجان الخماسية في ظل النصوص قبل القضاء بعدم دستوريتها والتي كانت متداولة أمام اللجان وقت صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، إذ أحيلت تلك الدعاوي بعد نشر حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه إلى المحاكم المختصة قيمياً ونوعياً بنظرها وأثارت تلك المحاكم من تلقاء نفسها أو دفع أمامها المدعى عليهم ببطلان إجراءات رفع الدعوى وبطلان اتصال المحكمة بالدعوى بحسبان أن بداية طرح الدعوى أمام القضاء كانت الإحالة من مكتب القوى العاملة وليس الطرق المعتاد لرفع الدعوى في قانون المرافعات وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في حكمها المشار إليه بسقوط الفقرة الواردة في المادة (70) من قانون العمل التي كانت تجيز تلك الإحالة فقد رتب البعض على ذلك بطلان اتصال المحاكم بجميع الدعاوى المحالة من مكاتب القوى العاملة إذ لم تنعقد الخصومة فيها قانوناً وبالتالي ذهب أصحاب هذا الرأي إلى وجوب القضاء في تلك الدعاوى بانعدام الخصومة. 

وفي تقديرنا أن هذا المذهب غير صحيح جملة وتفصيلاً ذلك أن الدعوى وقد أحيلت إلى المحكمة بموجب نص المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2008 فقد أصبح اتصالها بالدعوى مستنداً إلى القانون ذاته ثم أن القانون رقم 180 لسنة 2008 قد قنن اتصال المحكمة العمالية بالدعوى بطريق الإحالة من الجهة الإدارية المختصة وهي مكتب القوى العاملة إذ جاء بنص المادة (70) مستبدلة بالقانون المشار إليه "جاز لأي منهما أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية.. وجعله طريقاً مساوياً لطريق إقامة الدعوى بالإجراءات المعتادة في قانون المرافعات هذا إلى أن محكمة النقض إذ تعرض للطعون على الأحكام الصادرة في استئنافات قرارات اللجان الخماسية في منازعات محالة من مكاتب القوى العاملة لم تثر تلك المسألة رغم تعلقها بالنظام العام وكونها مقدمة على مسألة الاختصاص لتعلقها بصحة انعقاد الخصومة في الدعوى واكتفت بالقضاء بنقض الحكم وبعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة مما يفيد اعتدادها بإجراءات اتصال المحكمة بالدعوى. 

القيمة القانونية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعاوي العمالية المحالة إلى المحاكم العمالية : 

في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النصوص المنشئة للجان الخماسية أثيرت أمام المحاكم العمالية مسألة القيمة القانونية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعاوي العمالية بموجب قرارات ندب الخبراء الصادرة من اللجان الخماسية. ومثار الخلاف في المسألة هو أن مؤدي حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النصوص المنشئة للجان الخماسية بالمحاكم الابتدائية أنه لا يجوز تطبيق هذه النصوص من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية. بما مؤداه زوال تلك اللجان المشكلة بقرار وزير العدل إعمالاً لحكم المادة (71) من قانون العمل المشار إليه منذ العمل بأحكام هذه المادة وترتيبا على ذلك تغدو قرارات تلك اللجان ولا وجود لها قانوناً بما يبطل تقارير الخبراء المودعة في الدعاوى العمالية بموجب قرارات اللجان الخماسية. 

الحق أن هذه المسألة الشائكة تستوجب التوقف عندها لا لحسم القيمة القانونية لتقارير الخبراء المودعة في الدعاوى العمالية بموجب قرارات اللجان الخماسية قبل حكم المحكمة الدستورية العليا وإنما لإيجاد سبيل موافق للقانون يمنع من إطالة أمد التقاضي في الدعاوى العمالية بغير طائل مع إبعاد قالة البطلان عن أحكام المحكمة العمالية. 

والرأي عندنا ينحصر في وجوب التفرقة بين فرضين :

الفرض الأول : إذا كان الفصل في الدعوى غير متوقف على مسألة فنية دقيقة لا سبيل للفصل في الدعوى بغير حسمها بالخبرة الفنية فليس هناك ما يمنع المحكمة العمالية - إذا وقر في يقينها بطلان تقرير الخبير السابق ندبه بقرار اللجنة الخماسية - من الاستناد إلى ما أثبته هذا الخبير في محاضر أعماله متعلقاً بأوراق الخصوم وأن تبنى قضاءها لا على نتيجة عمل الخبير وإنما على تحصيلها للواقع في الدعوى مستخلصاً من جماع أوراقها بما في ذلك ما جاء بمحاضر أعمال الخبير متعلقاً بأوراق الخصوم وأن تطبق على الواقعة القاعدة القانونية المنطبقة عليها.

الفرض الثاني: إذا كان الفصل في الدعوى العمالية متوقفاً على مسألة فنية دقيقة لا سبيل للفصل في الدعوى بغير حسمها بالخبرة الفنية فلا مناص من إعادة ندب خبير في الدعوى ويمكن أن يكون الخبير المعين بمقر المحكمة الابتدائية حرصاً على سرعة موافاة المحكمة بالتقرير. 

الطائفة الثانية : الدعاوى والمنازعات العمالية الفردية المحكوم فيها :  

لا تسري أحكام الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2008 على المنازعات و الدعاوى المحكوم فيها بالنسبة للمنازعات والدعاوي التي حكم فيها ومن ثم فإنها تخرج عن تطبيق القانون الجديد ولا مجال لإحالتها إلى المحكمة العمالية المستحدثة لأنها قد قضي فيها أصلاً بحكم من احدى المحاكم أو بقرار من احدى اللجان الخماسية. 

ومؤدى ذلك أن المشرع قد اعتد بقرارات اللجان الخماسية الصادرة قبل العمل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 ولو لم تكن قد أصبحت باتة باستنفاد طرق الطعن فيها وبالتالي فلا مجال لإهدار تلك القرارات استناداً إلى الأثر القانوني المقرر لحكم المحكمة الدستورية العليا لأن نص المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2008 يعد قيداً تشريعياً على أثر حكم المحكمة الدستورية العليا فيما يخص تلك القرارات. 

وتخضع الأحكام الصادرة في تلك الطائفة من الدعاوى والمنازعات للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها عملاً بالمادة الأولى من قانون المرافعات وبالتالي فإن أحكام المحاكم الجزائية فيما أحيل إليها من دعاوى عمالية بعد حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه تستأنف أمام المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية وأحكام الدوائر العمالية بالمحاكم الابتدائية فيما أحيل إليها من دعاوى عمالية بعد حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه تستأنف أمام محكمة الاستئناف وفقاً للمادة (72) من قانون العمل قبل استبدالها بالقانون رقم 180 لسنة 2008 وتسري على الطعن بالنقض في أحكام محاكم الاستئناف القواعد العامة المقررة للطعون بالنقض في قانون المرافعات في المواد من (248 ) إلى (273) منه. (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 180)

النفاذ المعجل

ويخول القانون المحكمة في شأن الدعاوى العمالية أن تشمل الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وذلك ضماناً لسرعة حصول العامل على حقه ودون انتظار الفصل في النزاع أمام المحكمة الاستئنافية. والمسألة جوازية للقاضي فله ألا بأمر النفاذ المعجل وقد يشترط للنفاذ تقديم كفالة، ومما يدخل في الاعتبار في هذا الشأن الوضع الاقتصادي للعامل سواء من حيث ظروف معيشته أم مقدرته على رد ما يكون قد قبضه إذا ما خسر الدعوى أمام محكمة ثاني درجة، وفيما عدا هذه المسائل فإن الدعاوى العمالية تخضع للقواعد العامة في قانون المرافعات.

وطبقاً للمادة 71 من قانون العمل تفصل المحكمة على وجه السرعة في طلب صاحب العمل بفصل العامل خلال 15 يوماً من تاريخ أول جلسة. فالفصل على وجه السرعة يقتصر على هذه الحال، وتؤجل دراستها إلى موضعها وهو انقضاء عقد العمل. (شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 98)

الرقابة القضائية لاستعمال السلطة التأديبية :

- رأينا أن هناك ضمانات عدة عند وضع اللائحة من حيث الحصول على موافقة الجهة الإدارية المختصة، كما أن المشرع قد أناط بوزير العمل إصدار القرارات التي تحدد العقوبات التأديبية والضوابط المختلفة لتوقيعها. 

ولما كان أمر توقيع الجزاءات التأديبية عدا الفصل في يد صاحب العمل بحسب الأصل، فإن أي تضرر من جانب العامل يكون اللجوء في شأنه إلى القضاء. والرقابة القضائية تأخذ إما صورة رقابة مشروعية الجزاء، وأما رقابة مدى التناسب بين الجزاء والمخالفة.

أولاً : الرقابة على مشروعية الجزاء :

- من حق العامل أن يلجأ للقضاء ليطعن بعدم مشروعية الجزاء المتخذ قبله، ويؤسس الطعن أما على مخالفة صاحب العمل القانون أو اللوائح المكملة له أو نصوص اللائحة الداخلية لتنظيم العمل والجزاءات، وقد تنصب المخالفة في عدم توقيعها ممن يملك، ذلك أو في حرمانه من حق الدفاع أو غير ذلك. 

فمن حق القضاء أن يتحقق من احترام القانون واللوائح، وأن يتحقق من الوجود المادي للمخالفة والخطأ المنسوب للعامل ومن عدم وجود انحراف في استعمال السلطة التأديبية التي يجب أن تمارس من أجل حسن سير العمل في المنشأة. 

- وإذا كان صاحب العمل قد استعمل سلطته في حدود لائحة الجزاءات، فلا يجوز أن ينسب له التفرقة في الجزاء بين العمال، فإذا نسب فعل، يبرر الفصل إلى عدة عمال، فلا يوجد ما يمنع صاحب العمل من اتخاذ إجراءات الفصل على أحد العمال، والاكتفاء بالوقف لعامل آخر إذا كان وجوده في العمل ضروري لمصلحة العمل أو أن يأخذ في اعتباره مدى أقدمية العامل وظروفه للمغايرة في الجزاء بين العمال الذين ارتكبوا المخالفة، ويجب مراعاة وجود مبررات للتمييز تحقيقاً لمبدأ المساواة. 

وتختلط في مجال الفصل السلطات التأديبية بالحقوق العقدية وذلك ما ستراه عند دراستنا لأحكام فصل العمال وإنهاء عقد العمل. 

505 - من المستقر أن القضاء يملك إلغاء أو إبطال الجزاء، ولا يملك أن يعدل في الجزاء لأن المحكمة ليست سلطة تأديب ولا يحق لها أن تحل محل صاحب العمل في سلطته. 

وإذا قضى ببطلان الجزاء التأديبي، فهل يجوز لصاحب العمل أن يوقع جزاء جديد على العامل؟

لا جدال في أنه لا يجوز لصاحب العمل توقيع جزاء جديد إذا كان بطلان أو إلغاء الجزاء السابق يرجع إلى عدم ثبوت نسبة الخطأ التأديبي للعامل أو عدم ارتكاب أي خطة تأديبي، فالحكم الصادر من المحكمة يجوز حجية الشيء المقضي ولا يحق لصاحب العمل توقيع جزاء عن فعل ثبت قضاء عدم اعتباره خطأً تأديبياً، ولا يجوز كذلك توقيع جزاء جديد إذا كان البطلان يرجع إلى مخالفة المادة 59 أي لمرور المدة التي كان يجب خلالها توقيع الجزاء، ففوات المدة يعني استحالة توقيع جزاء جديد بعد الحكم بالبطلان. 

ولكن إذا كان البطلان راجعاً إلى عدم التناسب بين العقوبة والخطأ ومخالفة الإجراءات التي يمكن إعادتها أو لصدور الجزاء من غير المختص، فلا يوجد ما يمنع صاحب العمل من توقيع جزاء جديد بإجراءات صحيحة، وبتوقيع جزاء يتناسب مع الخطأ وذلك في الحالات التي يجوز فيها رقابة التناسب. 

ثانياً: مدى الرقابة القضائية على التناسب بين الخطأ والجزاء التأديبي : 

- ونعتقد أن رقابة التناسب بين الخطأ والعقوبة التأديبية، مشكلة غير قائمة في ظل قانون العمل المصري سواء بما أورد فيه من نصوص أو ما صدر من لوائح مكملة. 

ووجود تلك المشكلة في القانون الفرنسي وفي القانون الإداري المصري أو قوانين العاملين بالقطاع العام يرجع لاختلاف النصوص والمبادئ السارية في تلك التشريعات عن أحكام قانون العمل المصري. 

ولإيضاح وجهة نظرنا، نرى ضرورة التفرقة بين جزاء الفصل من جهة، وباقي الجزاءات من جهة أخرى، فالفصل يخضع لأحكام خاصة وبحكم القضاء ونؤجل دراسته عند دراسة أسباب انقضاء عقد العمل. 

مدى رقابة التناسب في غير حالة الفصل :

- يجب التفرقة بين حالة وجود لائحة للجزاءات، وحالة عدم وجودها. 

في حالة وجود لائحة للجزاءات، نرجح عدم جواز رقابة التناسب. فصاحب العمل لا يتمتع بسلطة تحكمية، لأن الخطأ والعقوبة قد ورداً في اللائحة. فالعقوبات قد وردت على سبيل الحصر في القانون، والمخالفات يجب أن ترد في اللائحة. ورقابة التناسب قد تمت بصورة مسبقة عند إصدار اللائحة حيث تخضع لتصديق الجهة الإدارية التي تسترشد قبل اتخاذ قرارها برای النقابة العمالية المختصة. ولا يجوز إهدار أهمية الترخيص، بحجة أنه في مجال مضار الجوار لا يحول الترخيص الإداري دون استخلاص القضاء لتوافر التعسف. 

فجهة الإدارة مكلفة بدراسة اللائحة من كافة جوانبها بما فيها التناسب وهو ينصب على مسألة تتعلق مباشرة بعلاقة العامل بصاحب العمل. فتحديد الخطأ والجزاء لم يتم بمعزل عن رقابة الإدارة ونقابات العمال، والمادة 59 تستلزم التناسب بين المخالفة والجزاء. 

وإضافة رقابة القضاء اللاحقة بعد ذلك كله يشل السلطة التنظيمية والتأديبية لصاحب العمل. 

ولا يخفى أن اللائحة ملزمة سواء لصاحب العمل، أو للعامل، وللقاضي كذلك وباعتبارها جزءاً متمماً للعقد. وبعبارة أخرى فقد تم التحقق من التناسب عند إصدار اللائحة إعمالاً للمادة 59 من القانون. 

والخلاصة أن الاقتراب الكبير من قاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في مجال التأديب في قانون العمل المصرى، يستوجب سلب القاضي سلطة تقدير التناسب، ويكفي الرقابة الإدارية والعمالية عند وضع اللائحة، فلا يجب التوسع في الرقابة القضائية على التناسب، ويكفي الرقابة الإدارية والعمالية عند وضع اللائحة، حفاظاً على مصلحة المشروع، التي يقدرها صاحب العمل عند تحديده الجزاء الذي يكفل حسن سير المشروع وانتظامه. 

أما إذا لم تكن هناك لائحة الجزاءات، فإن السلطة المطلقة لصاحب العمل تستوجب خضوعها لرقابة التناسب بين الخطأ والجزاء.

وعبء الإثبات، سواء في حالة عدم المشروعية أو عدم التناسب يقع على عاتق العامل. (شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 447)

اختصاص المحكمة العمالية اختصاصاتها بالفصل في كافة منازعات العمل الفردية

- نصت المادة 71 والمعدلة بالقانون 180 لسنة 2008 على أن تشكل المحكمة العمالية من دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الابتدائية، وتختص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات العمالية الفردية. 

فقد استخدم المشرع عبارة المحكمة العمالية ثم أوضح أنها دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية، ولهذا ثار التساؤل عما إذا كانت المحكمة العمالية قضاء نوعياً متخصصاً أم أنه دائرة من دوائر المحكمة المدنية. 

قضت محكمة النقض بأن منازعات العمل الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل أو أي قانون آخر من القوانين المنظمة لعلاقات العمل الفردية ينعقد الاختصاص فيها للمحكمة العمالية ويتعين على المحكمة المدنية التي رفعت إليها الدعوى أن تقضي بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها وأن تحيلها إلى المحكمة العمالية المختصة عملاً بنص المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2008.

وبهذا فقد اعتبرت المحكمة أن المحكمة العمالية ليست مجرد دائرة من دوائر المحكمة المدنية وإنما هي قضاء نوعي متخصص (عالي) شأنه شأن محاكم الأسرة والمحاكم الاقتصادية، والمحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 71 هي المحكمة المختصة وحدها دون غيرها بنظر جميع منازعات العمل الفردية.

اتصال المحكمة بالنزاع: 

وتتصل المحكمة بالنزاع عن أحد الطريقين الآتيين: 

- الطريق الأول : يجوز لأي من الطرفين أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية، فالذي يختص بالإحالة هو الجهة الإدارية المختصة أى مكتب العمل، وليس اللجنة الثلاثية المختصة بالتسوية الودية، وذلك مع مراعاة أن مقرر اللجنة الثلاثية هو ممثل الجهة الإدارية المختصة. 

ومن حيث مواعيد إحالة النزاع إلى المحكمة، فإن المشرع لم يحدد موعداً مباشراً. فلأي من الطرفين أن يطلب، إذا لم تتم التسوية خلال ۲۱ يوماً، من الجهة الإدارية إحالة النزاع إلى المحكمة.

وهذا الطريق يفترض سبق اللجوء إلى اللجنة الثلاثية لطلب تسوية النزاع ودية. فالنزاع لا يتصل إلى اللجنة إلا باللجوء إليها خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع، ونظراً لأن الموضوع معروض عليها فإنها تختص بإحالة النزاع إلى المحكمة بناء على طلب أي طرف، ولا يجوز للجهة الإدارية أن تتولى من تلقاء نفسها إحالة النزاع إلى المحكمة الفصل فيه . 

- ونرى أن ظاهر المادة 70 يفيد أن صاحب الشأن عليه أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال 45 يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية إحالة النزاع إلى القضاء، فهذه المدة محددة للجوء إلى القضاء سواء بطلب ذلك  مباشرة بتقديم صحيفة الدعوى أو بتقديم الطلب إلى الجهة الإدارية المختصة التي يقتصر دورها على إحالة ما يرد إليها من طلبات إلى المحكمة. 

- الطريق الثاني : أن يلجأ صاحب الشأن مباشرة إلى القضاء سواء كانت هناك مساع للتسوية الودية، أو لم يتم التقدم أصلاً بطلب التسوية الودية، ويجب أن يتم اللجوء إلى القضاء أي رفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة في موعد أقصاه 45 يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية. 

ومتى رفعت الدعوى خلال المدة المشار إليها، أو تم تقديم الطلب للجهة الإدارية خلال تلك المدة لإحالة النزاع إلى المحكمة فإن النزاع يتصل بالمحكمة لتتولى الفصل فيه.

 

- أما إذا لم تراع تلك المدة فأن الجزاء الذي حددته المادة 70 هو سقوط حق صاحب الشأن - العامل أو صاحب العمل، في عرض الأمر على المحكمة. 

وهذا جزاء قاس يضرب عرض الحائط بمدد التقادم القانونية، فسقوط الحق في عرض الأمر على المحكمة هو سقوط إجرائي، ومدة السقوط لا تقبل الوقف أو الانقطاع. 

وهذا السقوط يعيبه عدم انضباط التاريخ الذي يبدأ منه احتساب المدة، فإذا كان النص يجعلها تبدأ من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية، فإن المدة المحددة التسوية وهي 21 يوماً تبدأ من تاريخ تقديم طلب التسوية. وطلب التسوية يكون خلال عشرة أيام من تاريخ النزاع، وهكذا نعود مرة أخرى إلى تاريخ بدء النزاع وهو التاريخ غير المنضبط، ومن الغريب أن المشرع يحدد بداية مدة ال 45 يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة للتسوية حتى لو لم يتقدم المدعى بطلب التسوية، فكيف تبدأ مدة ال 45 يوماً من تاريخ لا وجود له ويستحيل معرفته، فإن لم يكن هناك طلب للتسوية الودية من جانب أي من الطرفين فلا محل أصلاً سواء للتسوية أو الانتهاء المحددة للتسوية، فإن كان لا يوجد تاريخ الانتهاء مهلة التسوية فكيف تبدأ مدة اللجوء للقضاء اعتباراً من تاريخ غير موجود ولا يوجد أي أساس حتى لافتراضه. 

وسقوط الحق في عرض الأمر على المحكمة يعني سقوط الحق في اللجوء إلى القضاء لتجاوز مواعيد إجرائية. 

- ولما كان تاريخ بدء النزاع يقوم بدور في مجال طلب تسوية النزاع وفي مجال اللجوء إلى القضاء خلال 45 يوماً، فقد ذهب بعض الفقه إلى أن التعديل الذي أدخل على المادة 70 بموجب القانون 180 لسنة 2008 لا يخلو من النقد، وكان يفضله النص السابق الذي كان يحدد موعد سقوط الحق في الدعاوی بال 45 يوماً من تاريخ نشوء النزاع فكان حكمه واضحاً أما الصياغة الحالية للمادة 70 فإنها تجعل موعد السقوط يختلف عن شخص إلى آخر، فصاحب الشأن قد يلجأ إلى اللجنة الثلاثية من اليوم الثاني للنزاع أو في اليوم الأخير، ومنذ تقديمه الطلبة يبدأ احتساب مدة ال 21 يوماً ويضاف إليها عند انتهاء هذه المهلة 45 يوماً الحمل النزاع إلى المحكمة العمالية المختصة، فإذا لم تحترم المهلة المحددة لحمل النزاع في المحكمة العمالية المختصة، سقط الحق في عرض الأمر على المحكمة العمالية.

وهذا النقد صحيح، وإن كانت المغايرة في التاريخ من حالة إلى أخرى تتفق مع طبيعة المنازعة ومع ضرورة تحديد مدة ممتدة لتقديم الطلب وهي عشرة أيام، ويمكن تفاديه باعتبار أن يوم تقديم الطلب هو يوم بدء النزاع. 

- وتلزم المادة 71 المحكمة بأن تخطر المنظمة النقابية المعنية وممثلاً عن منظمة أصحاب الأعمال لسماع رأيهما في النزاع في أول جلسة، فإن تخلف أي منهما عن الحضور استمرت المحكمة في نظر الدعوى، ومفاد ذلك أنه إذا تم الإخطار صحيحة فلا محل لتأجيل نظر الدعوى لإعادة إعلان من تخلف منهما، وهذا إجراء لن تكون له أي أثر فعلي بل وغالباً ما يتخلف أحدهما، وأن حضرا فإن رأيهما استشاري، بحت ولا يرقى بأي حال إلى مرتبة عمل من أعمال الخبرة. 

والمشكلة التي مازالت قائمة هي تحديد بدء النزاع بالنسبة لطلب التسوية الودية وهو عشرة أيام ، وما الصلة بينه وبين ضرورة رفع الدعوى خلال 45 يوماً. 

ونظراً لغموض المادة 70 وتداخل المدد والتي تبدأ في الأساس من تاريخ بدء النزاع فمن الأهمية بمكان معرفة ما يجري عليه العمل فعلاً وفقاً لما استقر عليه قضاء النقض.

قضاء محكمة النقض بشأن تحديد تاريخ بدء النزاع : 

- لما كانت المادة 70 من قانون العمل تحدد مدداً للتسوية الودية وما قد يعقبها من اللجوء للقضاء خلال مدة 45 يوماً، فإن حجر الزاوية في ذلك كله هو تحديد تاريخ بدء النزاع، وكان ذلك أكثر وضوحاً في المادة 70 قبل تعديلها بالقانون رقم 180 لسنة 2008 حيث كان اللجوء للقضاء خلال مدة 45 يوماً من بدء النزاع، ولهذا كان من الضرورة حسم مسألة تاريخ بدء النزاع لمعرفة ما إذا كان الحق في اللجوء للقضاء قد سقط من عدمه. 

- استقر قضاء محكمة النقض على أن التاريخ الذي يبدأ منه النزاع يتحدد بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بالحق للدائن عند مطالبه به، ويعتبر تاریخ إيداع صحيفة الدعوى هو تاريخ بدء النزاع، ما لم يقدم الخصم دليلاً على قيام النزاع في تاريخ سابق على رفع الدعوى فمن يدعي عكس ذلك يقع عليه عبءالإثبات. 

ولم تفرق المحكمة بين ما إذا كان يتم اللجوء إلى التسوية الودية من عدمه قبل رفع الدعوى، وسنحاول أن نوضح أسانيد أو مبررات قضاء النقض أولاً في حالة ما لم يسبق رفع الدعوى اللجوء إلى التسوية الودية وثانياً في حالة اللجوء إلى تلك التسوية. 

- سبق لنا بيان أن محكمة النقض إعمالاً لصریح نص المادة 70 أعتبرت اللجوء إلى التسوية الودية أمراً اختيارياً، فمن لم يلجأ إلى التسوية لا يثور بالنسبة له - قبل اللجوء إلى القضاء – أي حاجة أو أي مجال للإدعاء بسبق قيام النزاع، فتاريخ بدء النزاع لم تتعرض له المادة 70 إلا بصدد تقديم طلب التسوية الودية حيث يجب تقديمه خلال عشرة أيام من بدء النزاع. 

ولا ينال من ذلك ما جاء في المادة 70 من أنه يجب طلب اللجوء للقضاء خلال 45 يوماً من انقضاء مدة 21 يوماً على نظر طلب التسوية حتى لو لم يلجأ الأطراف إلى التسوية الودية، فهذا الموعد يصل إلى حد اللغو، فلم يثر أي طرف بأن نزاعاً قد نشب بينهما، ولم يدخلا أصلا في أي إجراءات أو مطالبات ومن ثم لا محل لافتراض وجود نزاع بين من لم يدخلا في نزاع بل ولم يحاولا التسوية الودية، ولهذا فإن محكمة النقض أصابت عين الحقيقة ولم تغفل بديهيات المنطق عندما اعتبرت تاريخ بدء النزاع هو تاريخ رفع الدعوى فلا يوجد فعلاً أي تاريخ آخر لبدء النزاع، ويستحيل افتراض أي موعد لرفع الدعوى خلال مدة لا تعرف لها بداية.

- أما الصعوبة الحقيقية في اعتبار تاريخ رفع الدعوى هو تاريخ بدء النزاع تتمثل في حالة اللجوء على التسوية الودية، فهل طلب التسوية الودية يقطع ببدء النزاع وكيف يمكن تبرير قضاء النقض في هذه الحالة. 

يتبادر إلى الذهن أن النزاع يبدأ من تاريخ تقديم طلب التسوية، ولكن يبدو أن محكمة النقض قد اعتبرت أن اللجوء إلى طلب التسوية لا يعني إطلاقاً أن نزاعاً قد دب فعلاً بين الطرفين، فقد تكون هناك مطالبات ومفاوضات لتفادي النزاع، وتصل نية تفادي النزاع مداها بالاستعانة بوساطة اللجنة الثلاثية، فهي فترة تفاوضية يظل خلالها الأمل معقوداً للتوصل إلى تسوية. 

كما أن انتهاء مدة التسوية دون اتفاق لا يعني أيضاً بالضرورة أن النزاع قد بدأ فلا يجوز أن تحيل الجهة الإدارية من تلقاء نفسها الأمر إلى القضاء، فالمادة 70 تستلزم أن يطلب ذلك أحد أصحاب الشأن، بل وأن الإحالة للقضاء حددت لها مدة معقولة تتيح فرصة أخرى للتراجع في طلب رفع الأمر القضاء.

فبالرغم من فشل التسوية إلا أنه هناك فرصة أخرى للتفكير لتفادي الدخول في منازعة قضائية قد تطول مدتها مع احتمال الخسارة، ولن يحسم الأمر ببدء المنازعة القانونية إلا برفع الدعوی.

- وهذا الاتجاه في تفسير قضاء النقض يؤدي إلى تجاوز مدة ال 45 يوماً فإذا كان النزاع يبدأ يوم رفع الدعوى فلا محل لأى سقوط لأنه في اليوم الذي يبدأ فيه النزاع تكون الدعوى قد رفعت فعلاً، ولكن احتراماً للقانون وأن إعمال النص خير من إهماله فإنه يمكن القول بأن قيد مدة ال 45 يوماً يظل قائماً في حالة إثبات بدء النزاع قبل رفع الدعوى، فالمقصود بهذا القيد هو النزاع الذي يثبت قيامه قبل رفع الدعوى، ولهذا فتحت محكمة النقض الباب لإثبات بدء النزاع في تاريخ سابق على رفع الدعوى.

- ويجب التأكيد على أن محكمة النقض لم تغلق باب إثبات قيام النزاع في تاريخ سابق على تاريخ رفع الدعوى أي إثبات عكس الأصل الثابت فعلاً بأن النزاع يبدأ من تاريخ رفع الدعوى، وإثبات العكس يستلزم إثبات أمرين معاً.

الأول: أن نزاعاً قد نشأ قانوناً قبل رفع الدعوى، ولا يكفي لإثبات ذلك إثبات اللجوء إلى التسوية الودية لأن ذلك يتم في إطار مرحلة ما قبل النزاع.

الثاني: إثبات أن النزاع قد بدأ منذ أكثر من 45 يوماً حتى يتوصل إلى جزاء السقوط. فقيد ال 45 يوماً لا يسري إلا في حالة إثبات بدء النزاع قبل رفع الدعوى. 

كما يلاحظ أن محكمة النقض حددت تاريخ بدء النزاع ليس من مجرد مطالبة الدائن للمدين، بل بتاريخ امتناع المدين عن الوفاء بما تمت المطالبة به، ولهذا يجب إثبات عدم الوفاء بالرغم من المطالبة، ويمكن القول بأن هذا كله يغلق عملاً باب إثبات قيام النزاع في تاريخ سابق على رفع الدعوى. 

والخلاصة أن الأصل وفقاً لقضاء محكمة النقض أن بدء النزاع وتاريخه هو تاريخ رفع الدعوى بإيداع صحيفتها سواء كان قد تم اللجوء إلى التسوية الودية أو لم يتم ذلك. (شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 645)

 إجراءات الفصل التأديبي 

- لجوء صاحب العمل إلى القضاء طالباً فصل العامل تأديبياً يعني أن العامل يستمر في عمله ويتقاضى کامل مستحقاته حتى يتم الفصل في الدعوى. 

وإذ يطلب صاحب العمل فصل العامل فإنه يجب أن يثبت الخطأ الجسيم على عاتق العامل وإثبات ذلك يتم بكافة طرق الإثبات. ونعتقد أن الإجراءات التي رسمها المشرع ليمارس صاحب العمل سلطته التأديبية لا محل لسريانها من حيث المبدأ عند طلب الفصل من القضاء. فإن كان المشرع يستلزم في المواد من 58 إلى 68 إجراءات معينة للتحقيق مع العمال ومساءلتهم، إلا أن تلك الإجراءات تفترض أننا بصدد توقيع صاحب العمل لجزاء على العامل بنفسه أو ممن يفوضه في ذلك، فهذه الإجراءات يجب أن تسبق توقيع الجزاء على العامل حتى يتمكن الأخير من تقديم دفاعه وكذلك لتوفير الحماية له في مواجهة سلطة صاحب العمل. والتحقيق والجزاء يتولاه صاحب العمل، ولا محل لتدخل القضاء إلا لاحقاً أي نكون بصدد رقابة قضائية لاحقة. والرقابة اللاحقة تستوجب إتباع الإجراءات الواردة في القانون حتى يتمكن صاحب العمل من إثبات صحة الإجراءات وما وقعه من جزاء. فالضمانات تقدم للعامل بصورة مسبقة على توقيع الجزاء حماية له، ومخالفتها تؤثر في صحة القرار الذي اتخذه صاحب العمل. 

أما بالنسبة للفصل التأديبي فإن إجراءات التقاضي والإثبات أمام المحكمة من شأنها أن توفر للعامل كافة الضمانات اللازمة، وتقوم المحكمة بتحقيق ما يقدمه صاحب العمل من أدلة الإثبات كما تحقق دفاع العامل. 

وإمعان النظر في نصوص قانون العمل بشأن التحقيق مع العامل وتأديبية يفيد أن الخطاب في النصوص موجه لصاحب العمل بوصفة المخول قانوناً سلطة توقيع الجزاء. أما باقي المواد خصوصاً المادة 59 فإن القاضي يطبق أحكامها عند تقديره لطلب الفصل. 

فهذه النصوص وما ورد بها من ضمانات وضوابط تخاطب صاحب العمل لتقييد ووضع ضوابط على سلطته في توقيع الجزاء. فإذا كان القاضي هو الذي يوقع الجزاء فهو ليس بحاجة لهذه الضوابط لأنها جميعاً تدخل في حقوق الدفاع. 

- ومع هذا فإن صاحب العمل عندما يطلب من المحكمة توقيع جزاء الفصل يجب أن يكون طلبه مدعما بالأدلة والمستندات اللازمة، وفي مقدمة تلك الأوراق محاضر التحقيق مع العامل وما تم إثباته بها من أقوال أو شهادة، وما انتهي إليه المحقق يكون في الغالب أساس الخطأ الجسيم الذي يستند إليه صاحب العمل لطلب الفصل. فعدم إتباع الإجراءات لن يحول دون إثبات الخطأ الجسيم على عاتق العامل، ولكن إتباعها قد يسهل على صاحب العمل إثبات الخطأ مما يدعم دعواه. 

ولصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة في حالة فشل التسوية الودية إحالة الدعوى إلى القضاء، أو أن يقوم بنفسه برفع الدعوى مباشرة أمام القضاء . 

الحكم في طلب الفصل التأديبي 

- ومن حيث إجراءات نظر الدعوى فقد أوجبت المادة 71 من قانون العمل والمعدلة بالقانون رقم 180 لسنة 2008 على المحكمة أن تخطر ممثلاً عن المنظمة النقابية المعنية وممثلاً عن أصحاب الأعمال. لسماع رأيهما في النزاع في أول جلسة، فإذا تخلف أي منهما عن الحضور استمرت المحكمة في نظر الدعوى.

وإخطارهما أمر وجوبي وليس مسألة جوازية للمحكمة ولكن عدم حضورهما لا يحول دون الاستمرار في الدعوى.  

ونصت تلك المادة على أن المحكمة يجب أن تفصل على وجه السرعة وبحكم واجب النفاذ ولو تم استئنافه في طلب صاحب العمل بفصل العامل خلال 15 يوماً من تاريخ أول جلسة، وهذا الميعاد ميعاد تنظيمي لا يترتب جزاء على تفويته، ولهذا فإن تحديد المدة وتقرير أن يكون الفصل على وجه السرعة أمور تنظيمية لا تأثير لها عملاً بالحكم الصادر في طلب الفصل يكون مشمولاً بالنفاذ المعجل، فإن كان الحكم بفصل العامل فإن تاريخ الفصل يكون وقت صدور الحكم، ويحرم العامل من مستحقاته اعتباراً من هذا التاريخ. ولا يحول استئناف العامل للحكم دون انقضاء علاقة العمل بموجب الحكم الصادر من محكمة أول درجة، وإذا ألغى الحكم من قبل محكمة الاستئناف فإن حكم محكمة أول درجة يعتبر كأن لم يكن طبقا للقواعد العامة في قانون المرافعات، وإذا كان الحكم برفض طلب الفصل فإن مؤدى ذلك استمرار العامل في عمله ويحق له الحصول على كافة مستحقاته. 

- وإذا كان الحكم برفض طلب الفصل فإن العامل يجب أن يستمر في العمل. وكان المفروض أن ينفذ الحكم طبقاً للقواعد العامة ولكن المشرع راعى ظروف المشروع وطبيعة علاقات العمل، ولهذا فإن المشرع لم يسمح بالتنفيذ العيني للحكم باستمرار العامل في العمل. 

فالحكم وفقاً لنص المادة 71 يجب أن يقضي بأمرين، الأمر الأول استمرار العامل في عمله، والأمر الثاني بإلزام صاحب العمل بأن يؤدى للعامل ما لم يصرف له من مستحقات. فإذا صدر حكم المحكمة العمالية برفض طلب صاحب العمل فصل العامل يلزم استمرار العامل في عمله وصرف ما لم يصرف له من مستحقات.

فإن أصر صاحب العمل على عدم تمكين العامل من العمل على خلاف ما قضى به فإن المشرع حرص على عدم إلزام صاحب العمل بتنفيذ الحكم عیناً وجبراً، وإنما لجأ إلى التنفيذ بمقابل.فإذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ الحكم باستمرار العامل في عمله أعتبر ذلك فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً لنص المادة 122 من قانون العمل. 

فالحكم ينفذ بمقابل أي عن طريق التعويض ولا يجوز تنفيذه عينا وذلك تفادياً لعدم انضباط العمل في المشروع إذا وجد فيه عامل رغم أنف صاحب العمل. فذلك يقلل من هيبة صاحب العمل ويضعف من سلطته في إدارة المشروع. 

- ولكن المشرع أوجب التنفيذ العيني أي ضرورة تمكين العامل من الاستمرار في العمل جبراً وعيناً في حالة ما إذا كان فصل العامل قد تم بسبب نشاطه النقابي. ولقد اشترط المشرع أن يطلب العامل تمكينه من الاستمرار في العمل. فقد يفضل العامل الحصول على التعويض. ومن الغريب أنه قد ورد في النص أن لصاحب العمل أن يثبت أن طلب الفصل لم يكن بسبب هذا النشاط فهذه الإضافة لا محل لها لأن الفصل يصدر من المحكمة. وما يوجد في النص هو من أثار مشروع القانون الذي كان يجعل الفصل من سلطة صاحب العمل. فدعوى الفصل أمام المحكمة موضوعها اثبات الخطأ الجسيم، وهذا يتسع لبحث أسباب الفصل وحيث يقدم كل طرف أدلته، والمحكمة عندما ترفض الفصل فهي تحدد طلبات صاحب العمل وأسانيده ثم تفحص تلك المبررات توصلاً لرفض الطلب، وما جاء في النص تزيد لا مبرر له فالحكم في طلب الفصل يحدد سبب الفصل. 

التعويض المؤقت في حالة رفض استمرار العامل في عمله

طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني يجوز الحكم بتعويض مؤقت يرسی دین التعويض في أصله ومبناه وتستقر به المسالة وتتأكد الدينونة إيجاباً وسلباً، ومتى قضى للمضرور بالتعويض المؤقت فإنه يحق له المطالبة بتكملة التعويض بعد أن يتبين له مدى الأضرار التي لحقته من الفعل الذي يطلب التعويض بسببه، ويتمثل التعويض المؤقت عادة في مبلغ رمزي ولكن لا يقتصر الدين على ما جرى به المنطوق رمزاً له ودلالة عليه بل يمتد إلى كل ما يتسع له الدين من عناصر تقديره ولو بدعوى لاحقة يرفعها المضرور بذات الدين استكمالاً له وتعييناً لمقداره.

ولقد جاءت المادة 71 من قانون العمل والمعدلة بالقانون 180 لسنة 2008 بحكم خاص في شأن التعويض المؤقت للعامل عند رفض استمراره في العمل، ونقصد بالحكم الخاص أنة لم يرد تطبيقاً كاملاً لما جرت عليه القواعد العامة، وتتمثل أحكام المادة 71 بشأن التعويض المؤقت فيما يلى: 

1- لا تسري هذه المادة إلا في حالة رفض صاحب العمل تنفيذ حكم المحكمة باستمرار العامل في عمله. فقد اعتبر المشرع أن ذلك الرفض يؤدي إلى أن يصبح الفصل تعسفياً بقوة القانون، يستوجب تعويض العامل طبقاً للمادة 122 أي يعتبر إنهاء تعسفياً من جانب صاحب العمل، وبهذا فإن المشرع قد حسم هذه المسألة ولا محل بعد ذلك لتقدير القاضي بحثاً عن توافر الخطأ كعنصر المسئولية فالإنهاء يكون بدون مبرر بنص القانون. 

2- حدد المشرع مقدار التعويض المؤقت تحديداً جامداً، فإن كانت مدة عمل العامل تزيد على سنة كاملة وجب الحكم له بتعويض مؤقت يعادل أجره الشامل لمدة اثنتي عشر شهراً. أما إذا كانت مدة عملة أقل من ذلك كان التعويض المؤقت بقدر أجره الشامل عن مدة عمله إذا طلب منها ذلك. 

ونوضح إنه في الحالتين يجب أن يطلب العامل التعويض المؤقت سواء زادت مدة عمله عن سنة أو قلت عن ذلك. فالقاضي لا يفصل إلا فيما يطلبه الخصوم، وعبارة إذا طلب منها ذلك الواردة في النص تشمل الحالتين فإن طلب العامل التعويض المؤقت وفقاً للأحكام السابقة وجب على المحكمة أن تقضي بالمبالغ المنصوص عليها فيما سبق. 

3- يجب على العامل إعلان طلباته النهائية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الحكم بالتعويض المؤقت إذا لم يكن قد سبق له إبداؤها. 

4- عند الحكم بالتعويض النهائي يجب أن تخصم منه المبالغ التي يكون العامل و قد استوفاها تنفيذا للحكم الصادر بالتعويض المؤقت، وهذا يتفق مع القواعد العامة في التعويض المؤقت من حيث أن التعويض المؤقت جزء معجل من التعويض النهائي.

5- تحديد المشرع للتعويض المؤقت واستنزاله من التعويض النهائي يفيد أن المبالغ الواردة في المادة 71 تعتبر الحد الأدنى للتعويض النهائي، فاستنزالها من التعويض النهائي يعني أنها تمثل بالضرورة الحد الأدنى للتعويض وإن من التعويض النهائي سيكون أكثر منها، وهذا بدوره ما يعنيه أن التعويض المؤقت جزء معجل من التعويض النهائي. 

6- التعويض المؤقت يقابل في حقيقته ما كان يعرف في القانون القديم بوقف التنفيذ الذي لم يعد له محل لأن الفصل أصبح من سلطة المحكمة. ولهذا فإن التعويض المؤقت هو في حقيقته تعويض معجل للعامل مراعاة لظروفه الإنسانية ونظراً لتعنت صاحب العمل برفض استمرار العامل في العمل. 

7- الحكم بالتعويض المؤقت ينفذ نفاذاً معجلاً بنص القانون من جهة ولصدوره في مادة مستعجلة من جهة أخرى، أما خارج إطار المادة 71 أي في غير حالة رفض استمرار العامل في العمل فلا يوجد ما يمنع من أن يطلب العامل تعويضاً مؤقتاً انتظار للحكم في الموضوع، ولكن تقدر المحكمة مدى توافر شروط استحقاق التعويض فقد لا ترى توافر التعسف. كما أن المحكمة غير مقيدة إطلاقاً بالمبالغ الواردة في المادة 71 وإنما تقدر التعويض المؤقت وفقاً لظروف الدعوى. 

وهذه الأحكام تتعلق بالفصل القضائي التأديبي، أما إذا أنهى صاحب العمل العقد وفقاً للمادة 122 أي بالإرادة المنفردة فإن القواعد العامة تكون واجبة التطبيق، فأحكام المادة 71 تتعلق بصاحب عمل تعسف في استعمال حقه أي ثبت ارتكابه الخطأ المؤدي للتعويض، ولهذا فإن العامل أصبح له الحق في التعويض ولكن لم يتم بعد تحديد قيمة التعويض. (شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 718)

تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإنقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد عملاً بالمادة 698 من القانون المدني، وتنحصر تلك الدعاوى في المنازعات التي تستند إلى إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التي تضمنها عقد العمل أو التي تضمنتها نصوص القانون المنظمة لهذا العقد بإعتبارها مقررة لإرادة طرفيه، يستوي أن تستند الدعوى إلى قواعد المسئولية العقدية أو المسئولية التقصيرية، بإعتبار أن التقادم الحولي المنصوص عليه بالمادة سالفة البيان، هو إستثناء من التقادم الذي قررته القواعد العامة، سواء في المسئولية العقدية أو التقصيرية، وبالتالي تتقادم دعوى الرجوع بالأجر بإنقضاء سنة من وقت إنتهاء العقد بإعتبار أن إلتزام رب العمل بدفع الأجر من الإلتزامات الناشئة عن عقد العمل رغم أن الإخلال بهذا الإلتزام يرتب مسئولية رب العمل الجنائية وبالتالي يرتب مسئوليته التقصيرية، وأيضاً دعوى رجوع العامل على رب العمل بالتعويض المتسبب الأخير في إنهاء العمل بالحيلة والغش وفقاً للفقرة الأولى من المادة 696 من القانون المدني، وأيضاً دعوى رجوع العامل على رب العمل بالتعويض عن الفصل التعسفي وهی دعوی تستند إلى المسئولية التقصيرية .

وتبدأ مدة التقادم من وقت إنتهاء عقد العمل، بأي سبب من أسباب الإنتهاء ، کفسخ العقد أو تفاسخه أو إنفساخه أو بطلانه ، إذ يرتبط التقادم الحولى بإنحلال الرابطة العقدية، سواء تم ذلك رضاء أو قضاء، طالما إنحصر الحكم الصادر في المنازعة بفسخ العقد أو إبطاله دون أن يلزم المدعى عليه بشئ وإلا كان الحكم ذاته هو محل التقادم، والمقرر أن الأحكام تتقادم بإنقضاء خمس عشرة سنة تبدأ بالنسبة للحكم الإنتهائي من وقت صدوره، فان كان ابتدائياً ولم يطعن فيه بدأ تقادمه أيضاً من وقت صدوره وليس من وقت إنتهاء مواعيد الطعن فيه.

فإن لم تكن الدعوى ناشئة عن عقد العمل بأن إستندت إلى سبب غيره فلا تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 698 وإنما للنص القانونی المنظم لها.

رغبة من المشرع في سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد العمل بعد إنحلال الرابطة العقدية، قرر سقوط الدعاوى المتعلقة بذلك في أجل قصير حدده بسنة واحدة من وقت إنتهاء العقد.

فإن كان العقد مازال نافذاً، فإن تقادم الحقوق وسقوط الدعاوى الناشئة عنه ، تخضع للقواعد العامة، فالأجر الذي يستحقه العامل يخضع للتقادم الخمسى بإعتباره من الحقوق الدورية المتجددة .

التنازع بين التقادم الحولي والتقادم الخمسي للحقوق الناشئة عن عقد العمل :

مؤدی نص المادة 698 من القانون المدني، أن تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإنقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد، وبالتالي لا يتحقق التقادم الحولي المنصوص عليه بتلك المادة إلا عندما ينتهي عقد العمل، ويكون هذا الإنتهاء هو مناط التقادم الحولي الذي نصت عليه المادة سالفة البيان، وهو تقادم خاص بالدعاوى الناشئة عن عقد العمل يحول دون إخضاعها للقواعد العامة في التقادم.

ويترتب على ذلك أن الحقوق التي تستحق أثناء سريان العقد، تخضع للتقادم الذي تقرره القواعد العامة دون التقادم الحولي الذي تقرره المادة 698 سالفة البيان، وپسری کل من نوعى التقادم في النطاق المقرر له، فإذا تنازعا، وجب تطبيق التقادم الخاص وهو التقادم الحولى دون التقادم الذي تقرره القواعد العامة باعتبار أن الخاص يقيد العام، فيزول التقادم الذي قررته القواعد العامة ويحل محله التقادم الحولى دون إعتداد بالمدة الباقية لإكتمال التقادم الذي قررته القواعد العامة سواء كانت أقل أو أكثر من سنة وهي مدة التقادم الحولی.

مثال ذلك، أن يستحق العامل أجره دون أن يدفع له، ويستمر عقد العمل نافذاً، وحينئذ يبدأ التقادم الخمسى من وقت إستحقاق الأجر بإعتباره من الحقوق الدورية المتجددة التي تتقادم بإنقضاء خمس سنوات، وبعد إنقضاء أربع سنوات ونصف على بدء هذا التقادم، ينتهي عقد العمل، وحينئذ تسقط دعوى الرجوع بالأجر الذي كان مستحقاً للعامل بإنقضاء سنة من وقت إنتهاء عقد العمل، وليس بإنقضاء ستة أشهر المكملة للتقادم الخمسي، وكذلك الحال إذا كانت المدة المكملة للتقادم الخمسى متجاوز السنة، ذلك أن سريان التقادم الذي تقرره القواعد العامة رهين بقاء العقد، فإذا إنتهى العقد زال هذا التقادم لتنازعه مع تقادم خاص أوجبته المادة 698 سالفة البيان.

ومؤدى القواعد العامة في التقادم، أن التقادم إذ إنقطع بدأ تقادم جديد مماثل للتقادم الذي إنقطع، ومناط ذلك، في عقد العمل، إستمرار نفاذ هذا العقد، فإن انتهى زال التقادم الذي كان سارياً، وحل محله التقادم الحولي على نحو ما تقدم كما يوجد تقادم حولى آخر لأجور العمال تضمنته الفقرة الثانية من المادة 378 من القانون المدني، وبالتالي فإن تلك الأجور تخضع لثلاثة أنواع من التقادم، يختلف كل منها عن الآخر طبيعة وحكمة، مما يوجب على من يتمسك بالتقادم أن يبين نوع التقادم الذي يتمسك به حتى تتصدى له المحكمة، فإن لم يبين ذلك، كان دفعه مجهلاً تلتفت عنه المحكمة إذ أنها غير ملزمة بالبحث عن التقادم المنطبق لتقضي به .

ويحكم هذه الأنواع المواد المواد 698 ، 378، 1/375 من القانون المدني، فيخضع أجر العامل للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 عندما ينتهي عقد العمل لأي سبب من الأسباب، والقصد من هذا التقادم هو تصفية الحقوق التي ترتبت على العقد الذي انحل وبالتالي فلم يؤسس التقادم على قرينة الوفاء، ولذلك لم يتطلب المشرع في هذا النص توجيه يمين الإستيثاق إلى من يتمسك بهذا التقادم بأن يخلف بأنه أدى الأجر فعلاً. 

فإن لم يكن عقد العمل قد انتهى، فإن الأجر المستحق للعامل يتقادم، إما بإنقضاء سنة وإما بإنقضاء خمس سنوات. فيتقادم بسنة عملاً بالمادة 378 إذا استند رب العمل في هذا التقادم إلى أنه أدى للعامل أجره، وطالما تمسك بهذا التقادم، قامت قرينة بسيطة على وفائه بالأجر، وحينئذ يجب على المحكمة ومن تلقاء نفسها أن توجه إليه يميناً بأنه أدى الأجر محل الدفع، فإن حلفها، تکاملت عناصر القرينة، ومن ثم تفضی بسقوط الحق في المطالبة بالأجر بالتقادم الحولي۔ أما إذا نکل رب العمل عن حلف اليمين، نقضت القرينة، فلا يسري التقادم الحولى، ولا يبقى أمام رب العمل إلا التمسك بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 1/375  بإعتبار الأجر من الحقوق الدورية المتجددة، إذا كانت شروط هذا التقادم قد توافرت لديه بإكتمال مدته قبل رفع الدعوى، وهذا التقادم لا يقوم على قرينة الوفاء وإنما يستند الى تصفية الحقوق المترتبة على عقد العمل .

عدم تقادم دعاوی حرمة أسرار العمل :

مؤدی نص الفقرة الثانية من المادة 698 من القانون المدني، أن التقادم الحولى المنصوص عليه بالفقرة الأولى لا يسري على الدعاوى المتعلقة بإنتهاك حرمة الأسرار التجارية والصناعية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان إحترام هذه الأسرار.

مفاده، أنه إذا إنتهى عقد العمل، إلتزم العامل بعدم إفشاء الأسرار التي أحاط بها أثناء عمله، سواء تعلقت بكيفية الإنتاج أو الخامات وتكوينها أو أسلوب التعامل أو غير ذلك مما كان رب العمل يحرص على ألا يعلمه الغير حفاظاً على رواج تجارته أو صناعته ومنافستها التجارة وصناعة الغير، فإن تضمن عقد العمل شيئاً من ذلك، التزم به العامل رغم إنتهاء العقد .

وقف وانقطاع تقادم الحقوق الناشئة عن عقد العمل :

لم تتضمن المادة 698 من القانون المدني قواعد خاصة متعلقة بوقف وانقطاع التقادم، ولذلك فإن وقف وإنقطاع تقادم الحقوق الناشئة عن عقد العمل يخضع للقواعد العامة المقررة في المادة 382 وما بعدها من القانون المدني . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/  616 )

الحكمة من التقادم الحولي المنصوص عليه بالمادة هو مراعاة المصلحة العامة التي تتمثل في ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء.

  يسرى هذا التقادم على كافة الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. وسواء كان الحق قد نشأ بين الطرفين أثناء سريان العقد، أو كان مترتباً على إنهاء العقد.

ومن أمثلة الدعاوى المتعلقة بالحقوق التي تنشأ أثناء تنفيذ العقد، ألحق في الأجر ومن أمثلة الدعاوى المتعلقة بالحقوق التي تترتب على إنهاء العقد، التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار في العقد غير محدد المدة أو مكافأة نهاية الخدمة أو شهادة الخدمة.

 ولا يسري هذا التقادم على فروق الأجر المترتبة على القضاء بإرجاع أقدمية العامل في الترقية .

ويستوي أن تكون الدعوى مرفوعة من العامل أو صاحب العمل.

ولا تعتبر دعوى ثبوت علاقة العمل من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل ومن ثم لا تخضع للتقادم الحولي، ذلك أن محل هذه الدعوى هو إثبات علاقة العمل ذاتها .

والتقادم المذكور تحكمه شروطه المنصوص عليها بالمادة 698 مدني، دون إعتبار لتوافر أو عدم توافر شروط التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 378/ب  والتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 فإذا كان العامل يطالب أجر له عن مدة سنتين سابقتين على إنتهاء عقد العمل مثلاً فإن التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 مدني هو الذي يسري، دون التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 مدنی .

يسرى هذا التقادم على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي بإعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، فهي دعاوی تقوم على المنازعة في مشروعية  إستعمال صاحب العمل لحقه في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة وهو حق ناشئ عن عقد العمل  .

 ولكن لا يسرى هذا التقادم على دعاوى التعويض عن إصابات العمل.

وبذلك تظل هذه الدعاوی خاضعة للتقادم الطويل وهو خمس عشرة سنة.

ومرد هذا الإستثناء أن الإلتزام بإحترام أسرار العمل التزام يقيد العامل حتى بعد إنقضاء العقد وطالما بقي لهذه الأسرار وصف السر، فتنتفى الحكمة من إخضاعه للتقادم الحولي الذي يرمي أساساً إلى تصفية المنازعات الناشئة أثناء سريان العقد أو فور إنتهائه   فضلاً عن طبيعة الفعل المنشئ لهذه الدعاوى إذ يرتكب في الغالب خفية ولا يعلم صاحب العمل به إلا بعد وقوعة بمدة طويلة، قد تزيد على سنة، ولذلك لا يكون في جعل وقت المخالفة بداية للتقادم القصير حماية كافية لصاحب العمل  .

ورغم اقتصار النص على الدعاوى المتعلقة بإنتهاك حرمة الأسرار التجارية، إلا أنه يجب مد الإستثناء كذلك إلى غير الأسرار التجارية ومن أهمها الأسرار الصناعية لعدم وجود وجه لتخصيص الأسرار التجارية وحدها بالإستثناء، وليس هناك ما يمنع من إجراء القياس هنا لأن مدة التقادم الحولي تمثل استثناء، أما مدة التقادم الطويل فتتضمن المبدأ العام لتقادم الدعاوى، مما يسمح بالتفسير الواسع لإتساع نطاقه   .

ويدخل في نطاق الإستثناء على ما تقدم الدعاوى المتعلقة بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان إحترام هذه الأسرار، ومن أهمها الدعاوى المتعلقة بتنفيذ شرط منع المنافسة، فهذا الشرط إنما يفرض "إذا كان العمل الموكول إلى العامل يسمح له بمعرفة عملاء رب العمل أو بالإطلاع على سر أعماله" (م 686 مدنی) .

عدم خضوع الدعاوى الناشئة عن القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بإصدار قانون التأمين الاجتماعي لهذا التقادم :

يخضع لهذا التقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فقط، دون الدعاوى التي تنشأ عن القانون رقم 79 لسنة 1975 (المعدل) بإصدار قانون التأمين الاجتماعي.

تبدأ مدة التقادم من وقت إنتهاء عقد العمل. ويتوقف تحديد وقت إنتهاء عقد العمل على السبب الذي أدى إلى هذا الإنتهاء فإذا كان الإنتهاء بالوفاة، تحدد وقت الإنتهاء بتاريخ الوفاة.

وإذا كان الإنتهاء بالمرض الطويل، تحدد تاريخ الإنتهاء بتاريخ إعلان صاحب العمل إنهاء العقد.

وإذا كان العقد محدد المدة، فيكون تاريخ انتهائه في الأصل هو تاريخ إنتهاء مدته أو إتمام العمل المبرم العقد من أجل إنجازه أو من تاريخ الإنهاء المبتسر له إذا حصل قبل إنتهاء مدته أو قبل إتمام العمل.

ويبدأ الميعاد من وقت إخطار العامل بإنهاء العقد أو علمه به علماً يقينياً. 

وإذا كانت مدة العقد غير محددة فينتهي بنهاية مهلة الإخطار في الأصل، ولكن إذا كان الإخطار لم يراع فيكون وقت إنتهاء العقد هو تاريخ طرد العامل أو فصله فعلاً من الخدمة .

وقد استثنى النص من هذه القاعدة - كما رأينا سلفاً - الدعاوى المتعلقة بالعمالة والمشاركة في الأرباح، والنسب المئوية في جملة الإيراد، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد.

هذا النوع من التقادم لا يقوم على مظنة وفاء الدين - علی خلاف التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وإنما يقوم على إعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل، والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الإستيثاق لإختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها. أي أن توجيه يمين الإستيثاق غير لازم في هذا النوع من التقادم .

مدة تقادم. وليست مدة سقوط ومدة التقادم المنصوص عليها بالمادة 698 مدني مدة تقادم وليست مدة سقوط وينبني على ذلك أن هذا التقادم الحولي يخضع للقواعد العامة في التقادم المسقط، فيرد عليه الإنقطاع طبقاً لأحكام المواد 383 وما بعدها من التقنين المدني، كما يرد عليه الوقف لغير نقص الأهلية وفقاً للمادة 382 منه.

طبقاً للمادة 387 مدني لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل  يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة في ذلك ولو لم يتمسك به المدين.

ذلك أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام.

ويجوز التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف، إنما لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع يخالطه الواقع . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثامن ، الصفحة/ 772 )

وإذ أخضع المشرع لهذا التقادم الحولى الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فإنه قصد بذلك قصره على هذه الدعوى فقط ، ومن ثم لا يسري هذا التقادم على دعاوى التعويض عن إصابات العمل كما لا يسري على الدعاوى الناشئة عن قانون التأمينات الاجتماعية . ( الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 863 )

الفقه الإسلامي

المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لاحكام الشريعة الإسلامية

مادة 688

1- يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل التعسفي ولو لم يصدر هذا الفصل من صاحب العمل ، إذا كان هذا الأخير قد دفع العامل بتصرفاته ، وعلى الأخص بمعاملته الجائرة أو مخالفته شروط العقد إلى أن يكون هو في الظاهر التي انهى العقد.

2- ونقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله لغير ما ذنب جناه ، لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا إقتضته مصلحة العمل ، ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه الإساءة إلى العامل .

3- ويراعى القاضي في تقدير التعويض عن الفصل التعسفي العرف الجاري وطبيعة الأعمال التي تم التعاقد عليها ، ومدة خدمة العامل أو المستخدم مع مقارنتها بسنه ، وما استقطع منه أو دفعه من مبالغ لحساب التقاعد، وبوجه عام جميع الظروف التي قد يتحقق معها وقوع الضرر ويتحدد مداه .

الفقرتان الأولى والثانية من هذه المادة تطابقان المادة 696 من التقنين الحالي. والفقرة الثالثة منها مستمدة من المادة 962 من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي ( تقابل المادة 696 من التقنين الحالي ) التي تنص على ما ياتي : على القاضي أن يراعي في جواز الحكم بالتعويض عن الفصل التعسفي ، وفي تقدير هذا التعويض العرف الجاري وطبيعة الأعمال التي تم التعاقد عليها ، ومدة خدمة العامل أو المستخدم مع مقارنتها بسنه ، وما استقطع منه أو دفعه من مبالغ لحساب المعاش ، وبوجه عام جميع الظروف التي قد يتحقق معها وقوع الضرر ويتحدد مداه .

وقد نصت المادة 37 من قانون العمل على ما ياتي : (( لايجوز لصاحب العمل أن ينقل عاملاً بالأجر الشهري إلى فئة عمال المياومة أو العمال المعينين بالأجر الأسبوعي أو بالساعة او بالقطعة إلا بموافقة العامل كتابة ، ويكون للعامل في حالة الموافقة على نقله جميع الحقوق التي كسبها في المدة التي قضاها بالأجر الشهري  ((

ونصت المادة 54 من هذا القانون على ما يأتي « لايجوز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة في الإتفاق أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة الى ذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة ، وله أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان لا يختلف عنه إختلافاً جوهرياً بشرط عدم المساس بحقوقه المادية .

ونصت المادة 66 من هذا القانون على ما يأتي  للعامل الذي يفصل من العمل بغير مبرر يطلب وقف تنفيذ هذا الفصل ، ويقدم الطلب إلى الجهة الإدارية المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل خلال مدة لا تجاوز أسبوعاً من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بذلك بكتاب مسجل ، وتتخذ هذه الجهة الإجراءات اللازمة لتسوية النزاع ودیاً فإذا لم تتم التسوية تعين عليها أن تحيل الطلب خلال مدة لا تتجاوز أسيوعاً من تاريخ تقديمه إلى قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة التي يقع في دائرتها محل العمل أو قاضي المحكمة الجزئية المختص بشئون العمل بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة في المدن التي أنشئت أو تنشأ بها هذه المحاكم ، وتكون الإحالة مشفوعة بمذكرة من خمس نسخ تتضمن ملخصاً للنزاع وحجج الطرفين وملاحظات الجهة الإدارية المختصة .

وعلى قلم كتاب المحكمة أن يقوم في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ إحالة الطلب إلى المحكمة بتحديد جلسة لنظر طلب وقف التتفيد في ميعاد لايتجاوز أسبوعين من تاريخ تلك الإحالة ويخطر بها العامل وصاحب العمل والجهة الادارية المختصة ويرافق الإخطار صورة من مذكرة هذه الجهة ، ويكون الإخطار بكتاب مسجل ..

وعلى القاضي أن يفصل في طلب وقف التنفيد في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ويكون حكمة نهائياً ، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل في الوقت ذاته أن يؤدي إلى العامل مبلغاًُ يعادل أجره من تاريخ فصله ، وعلى القاضي أن يحيل القضية إلي المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل أو المحكمة المختصة لنظر شئون العمال في المدن التي توجد بها هذه المحاكم أو على هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا كان له محل وذلك على وجه السرعة خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ اول جلسة ، وإذا لم يتم الفصل في الدعوى الموضوعية خلال المدة المنصوص عليها في الفقرة السابقة جاز لصاحب العمل بدلاً من صرف الأجر للعامل أن يودع مبلغاً يعادل الأجر خزانة المحكمة حتى يفصل في الدعوى .

وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استولى عليها تنفيداً لحكم قاضي الأمور المستعجلة أو من خزانة المحكمة من مبلغ التعويض الذي يحكم له به أو من أية مبالغ اخرى تكون مستحقة له ويجب على المحكمة أن تقضى بإعادة العامل المفصول إلى عمله إذا كان فصله بسبب نشاطه النقابی .

ويكون عبء اثبات أن الفصل لم يكن لذلك السبب على عاتق صاحب العمل .

وتطبق القواعد الخاصة بإستئناف الأحكام المنصوص عليها في القوانين المعمول بها على الأحكام الصادرة في الموضوع ، ويكون ميعاد الإستئناف عشرة أيام ، وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة .

ونصت المادة 67 من هذا القانون على ما يأتى : إذا نسب إلي العامل ارتکاب جناية او جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الأداب العامة أو أی جنحة داخل دائرة العمل ، جاز لصاحب العمل وقفه إحتياطياً وعليه أن يعرض الأمر على اللجنة المشار اليها في المادة 62 خلال ثلاثة ايام من تاريخ الوقف .

وعلى هذه اللجنة أن تبت في الحالة المعروضة خلال أسبوع من تاريخ تقديم الطلب اليها ، فإذا وافقت على الوقف يصرف للعامل نصف أجره ، أما في حالة عدم الموافقة على الوقف يصرف أجر العامل کاملاً .

فإذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضی ببراءته ، وجب إعادته إلى عمله ، وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً.

وإذا ثبت أن اتهام العامل كان بتدبير صاحب العمل أو وكيله المسئول ، وجب أداء باقي أجره عن مدة الوقف ، ويجب على السلطة المختصة أو المحكمة إذا ما تبين لها هذا التدبير أن تشير إليه في قرارها أو حكمها .

وكذلك يستحق العامل باقي أجره عن مدة الوقف إذا حكم ببراءته .

وفي هذه الحالة تعين صرف نصف أجره لحين صدور قرار اللجنة  .

فإذا صدر قرار اللجنة بعدم الموافقة على الفصل أو الإنهاء » وجب أداء النصف الآخر من الأجر العامل فور عودته ، ولا يترتب على الوقف المساس بحقوق العامل التي يقررها له القانون والعقد .

ولا يعتبر الوقف في هذه الحالة عقوبة تأديبية سواء وافقت اللجنة على الفصل أو الانهاء أو لم توافق عليه ))

والمادة المقترحة تتفق مع المادتين 919 و 921 من التقنين العراقي .

والسند الشرعي للفقرة الأولى من المادة المقترحة أن الأمور تضاف إلى أسبابها الحقيقية دون الظاهرة . فإذا كان صاحب العمل سلوكه قد دفع العامل إلى إنهاء العقد ، فإن هذا الإنهاء ينسب إلى صاحب العمل

أما الفقرة الثانية فسندها أن الأمور تؤخذ بحسب القصد منها .

وأما الفقرة الثالثة فسندها أن التعويض يكون بقدر الضرر  .