loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

   (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

ولعل من أدق الموضوعات وأكثرها صعوبة موضوع كيفية حل المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون وخاصة في نطاق علاقات العمل الفردية وما قد يثيرها على الأخص فصل العامل أو الإنهاء وقد كان الخيار بين أحد طريقين :

1) إما الأخذ بنظام اللجنة الثلاثية الواردة بالقانون 137 لسنة 1981 ومن قبله القرار الوزاري رقم 16 لسنة 1962 في ظل أحكام القانون 91 لسنة 1959 وهو ما اتجهت إليه أعمال المشروع في بداية الأمر . 

2) ولكن لجنة إنهاء عقد العمل وكذا جلسات الإستماع التي عقدت لمناقشة المشروع من الأطراف الثلاثة حبذت الأخذ بنظام جديد بهدف التغلب على المشاكل العملية التي واجهت عمل اللجنة الثلاثية عند تطبيق النصوص الخاصة بها وعلى الأخص ما ترتب على هذه الأحكام إطالة أمد النزاع بما في ذلك أضرار تصيب العامل وكثرة المنازعات المعروضة على القضاء وهو ما يضر بمصلحة طرف علاقة العمل ، ورغبة من المشروع في أن يواجه هذه المشاكل وأن يضع لها حلولاً عملية استحدث المشروع نظاماً جديداً فصلته أحكام المواد (70 ، 71 ، 72) من المشروع وبموجب هذه النصوص أخذ المشروع بفكرة اللجنة الثلاثية وطورها بحيث أضفى عليها صبغة قضائية وأعطاها اختصاصاً جامعاً مانعاً يمكنها من الفصل في المنازعات التي تثور بين العامل وصاحب العمل في أقصر وقت ، مراعاة لمصلحة الطرفين وتأكيداً على حماية العامل ، وجعل اختصاص هذه اللجنة يشمل كل ما يتعلق بالنزاع بدء بمحاولات التسوية الودية وانتهاء بالحكم بالتعويض عن الأضرار التي أصابت أحد الطرفين من جراء الفصل أو الإنهاء ، وبموجب أحكام هذا التنظيم تقرر أنه إذ نشأ نزاع فردي عن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً فإذا لم يتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منهما اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه ثلاثين يوماً من تاريخ النزاع وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة .   

وقد حددت المادة (71) المشار إليها تشكيل اللجنة القضائية فجعلته خماسية وراعت فيه وجود العنصر القضائي المتمثل في رئاسة قاض وعضوية قاض آخر يعينهما وزير العدل ، وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية ، كما روعي أيضاً مبدأ الثلاثية فأضيف القاضي رئيس اللجنة والقاضي عضو اللجنة الخماسية أعضاء على النحو التالي :

1) مدير مديرية القوى العاملة والتشغيل المختص أو من ينيبه . 

2) عضو من اتحاد نقابات العمال . 

3) عضو من منظمة أصحاب الأعمال المعنية . 

وحددت المادة (71) من المشروع اختصاص هذه اللجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون وعلى الأخص : 

- مشروعية قرار الفصل . 

- الطعن المقدم من العامل في حالة إنهاء العقد طبقاً لأحكام الباب السابع ومن الكتاب الثاني من المشروع . 

- كل ما يتعلق بالمنازعات الناشئة عن الفصل التأديبي وإنهاء عقد العمل وخاصة فيما يتعلق بمستحقات العامل من أجور وتعويضات . 

وتفصل اللجنة في النزاع المعروض عليها خلال تسعين يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها . 

وعلى اللجنة أن تفصل في طلب وقف تنفيذ قرار الفصل أو الإنهاء خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة ويكون قرارها نهائياً ، فإذا أمرت بوقف التنفيذ ألزمت صاحب العمل أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ إنهاء عقده ولمدة ثلاثة أشهر على الأكثر ، وعلى هذه اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا طلب العامل ذلك وكان للتعويض مقتضی .

وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذاً لقرار اللجنة بوقف التنفيذ من مبلغ التعويض الذي يحكم له به أو من أية مبالغ أخرى مستحقة له . 

فإذا كان إنهاء عقد العامل بسبب نشاطه النقابي وجب على اللجنة أن تقضي بإعادته إلى عمله إذا طلب ذلك ، ويقع عبء إثبات أن الإنهاء لم يكن لهذا السبب على عاتق صاحب العمل . 

ويتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية .

 والمادة 72/ 1 من المشروع قررت أن يصدر قرار اللجنة بأغلبية الآراء ويكون قرارها مسبباً ويعتبر بمثابة حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم كتاب المحكمة الإبتدائية المختصة . 

وحرصاً من المشروع على عدم المساس بحق التقاضي المكفول دستورياً لصاحب العمل والعامل أعطت الفقرة الثانية من المادة (72) لأي من الطرفين وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الطعن في القرار الصادر من اللجنة أمام المحكمة الإستئنافية المختصة .

الأحكام

1 ـ المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غیر ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على جميع المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه مادام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 26 لسنة 72 قضائية " دستورية " المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم "4 مكرر" بتاريخ 27 / 1 / 2008 بعدم دستورية نص المادتين 71، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم 90 لسنة 2005 اللتين تضمنتا تنظيماً تشريعياً يقضى بإسناد ولاية الفصل في المنازعات العمالية الفردية إلى اللجان المنصوص عليها في المادة 71 منه دون غيرها وأن ما تصدره هذه اللجان من قرارات تعتبر بمثابة أحكام صادرة من المحاكم الابتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها على ما قضت به المادة 72 من القانون ذاته، وبسقوط العبارة الواردة بالمادة 70 منه والتي تنص على أنه " فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب ...... إلى آخر النص " وبسقوط قرار وزير العدل رقم 3539 لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الابتدائية ، ومن ثم فلا يجوز تطبيق هذه النصوص من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية ، بما مؤداه زوال تلك اللجان المشكلة بقرار وزير العدل إعمالاً لحكم المادة 71 من قانون العمل المشار إليه منذ العمل بأحكام هذه المادة وصيرورة المنازعات العمالية الفردية التي كانت منظورة أمامها من اختصاص القاضي الطبيعي الذي كفله الدستور لكل مواطن. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا السالف البيان قد أدرك الدعوى أمام محكمة النقض قبل أن يصير الحكم الصادر فيها باتاً، ولم تحدد المحكمة الدستورية العليا تاريخاً آخر لسريانه، فإنه يتعين تطبيقه على الطعن الماثل ويصبح نظر الدعوى من اختصاص القضاء العادي كأثر له. وإذ خالف الحكم الصادر في الاستئناف رقم..... لسنة 42 ق هذا النظر، فإنه يكون معيباً.


(الطعن رقم 10117 لسنة 79 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 )

2 ـ إذ كان النص في المادة الأولى من القانون رقم 180 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أن " يستبدل بنصوص المواد 70 ، 71 ، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 النصوص التالية مادة (70) " إذا نشأ نزاع فردي بین صاحب العمل والعامل في شأن تطبيق أحكام هذا القانون أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية فلأي منهما أن يطلب ۰۰۰۰۰ " مادة (71) " تشكل المحكمة العمالية من دائرة أو أكثر من دوائر المحكمة الابتدائية وتختص دون غيرها بالفصل في كافة المنازعات العمالية الفردية المشار إليها في المادة (70) من هذا القانون ۰۰۰۰". والنص في المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2008 على أنه " على اللجان والمحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت من اختصاص المحاكم العمالية بمقتضى هذا القانون المرفق وذلك بالحالة التي تكون عليها وبدون رسوم ۰۰۰ ولا تسري أحكام الفقرة الأولى على المنازعات والدعاوى المحكوم فيها، وتخضع الأحكام الصادرة فيها للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها " ونصت المادة الرابعة منه على أن " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره .... " يدل على أن المشرع اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون المذكور في 23 / 6 / 2008 جعل المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 71 المشار إليها هي المختصة وحدها دون غيرها بنظر جميع منازعات العمل الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل أو أي من القوانين أو اللوائح المنظمة لعلاقات العمل الفردية، وأوجب على اللجان والمحاكم الأخرى بجميع درجاتها أن تحيل من تلقاء نفسها جميع المنازعات والدعاوى المطروحة عليها والتي أصبحت من اختصاص المحاكم العمالية بالحالة التي عليها وبغير رسوم ، ويستثنى منها ما حُكم فيها بقضاء منه للخصومة كلها أو في جزء منها قبل العمل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 سالف البيان .

(الطعن رقم 13479 لسنة 86 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 ) 
(الطعن رقم 13485 لسنة 86 ق - جلسة 3 / 3 / 2019 )

3 ـ إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمها في القضية رقم 26 لسنة 27 قضائية دستورية" المنشور بالجريدة الرسمية العدد رقم "4" مكرر بتاريخ 27 / 1 / 2008 بعدم دستورية نص المادتين 71، 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 90 لسنة 2005 وبسقوط قرار وزير العدل رقم 3539 لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الابتدائية، بما مؤداه زوال تلك اللجان المشكلة بقرار وزير العدل إعمالاً لحكم المادة 71 من قانون العمل المشار إليه منذ العمل بأحكام هذه المادة وصيرورة المنازعات العمالية الفردية التي كانت منظورة أمامها من اختصاص القاضى الطبيعي الذى كفله الدستور لكل مواطن. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا سالف البيان قد أدرك الدعوى أمام محكمة النقض قبل أن يصير الحكم الصادر فيها باتاً ولم تحدد المحكمة الدستورية تاريخاً آخر لسريانه، فإنه يتعين تطبيقه على الطعن الماثل ويصبح نظر الدعوى من اختصاص القضاء العادي كأثر له، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

(الطعن رقم 1938 لسنة  81 ق - جلسة 14 / 2 / 2019 )

4 ـ النص في المادة 72 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 - المقابلة للمادة 105 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه " إذا كان عقد العمل محدد المدة واستمر الطرفان في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر العقد مجدداً لمدة غير محددة من النص في المادة 680 من القانون المدنى المقابلة للمادة107 من قانون العمل الحالى على أنه " إذ أبرم العقد لتنفيذ عمل معين انتهى بانتهاء العمل المتفق عليه و النص في المادة 109 من ذات القانون على أنه" إذا انتهى عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده بين طرفيه وذلك لعمل أو أعمال أخرى مماثلة " يدل على أن المشرع في ظل قانون العمل السابق والحالى والقانون المدنى فرق في شان تجدد عقد العمل المحدد المدة بين نوعى هذا العقد وهما العقد الذى أبرم لمدة معينة والعقد المبرم لتنفيذ عمل معين فإذا استمر طرفاً عقد العمل المعين المدة في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة أما العقد المبرم لتنفيذ عمل معين فينتهى بانتهاء العمل المتفق عليه حتى لوجدد لأكثر من مرة طالما كان العمل المتفق عليه لم ينته بعد أو كان التجديد لانجاز عمل أو إعمال مماثلة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من عقدى العمل المؤرخين 25 / 7 / 2004 و1 / 3 / 2008 المبرمين بين الطاعنة ومورث المطعون ضدهم ان كل عقد تضمن النص على أنه عقد مؤقت ينتهى بانتهاء أعمال المشروع أو بانتهاء الحاجة إلى عمل المورث بالمشروع وبالتالى فإن إنهاء الطاعنة لعلاقة العمل يكون مبرراً وبمنأى عن التعسف ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر ان هذا الإنهاء غير مبرر ومشوب بالتعسف بمقولة أن العقد غير محدد المدة منذ بدايته في 25 / 7 / 2004 وأنه تجدد بعقد أخر مؤرخ 1 / 7 / 2008 لأداء ذات الأعمال بمشروع آخر تابع للطاعنة وبذات التأمين السابق ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال قد أخطأ في تطبيق القانون.

(الطعن رقم 6197 لسنة  85 ق - جلسة 21 / 5 / 2017 )

5 ـ مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة 698 من القانون المدنى يدل على أن المشرع أخضع لهذا التقادم الحولى الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فقط وذلك لاستقرار الأوضاع المترتبة على هذا العقد والمؤدية إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء . وأن دعوى المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفى تسقط بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكمين الابتدائى والمطعون فيه أن قرار إنهاء خدمة المطعون ضده صدر بتاريخ 27/12/2005 ، وكانت طلباته فى الدعويين رقمى ....، .... لسنة 2006 لجان خماسية بورسعيد قد خلت من طلب التعويض عن الفصل التعسفــى ولم يطالب به إلا أمام محكمة أول درجة فى الدعوى الماثلة المرفوعة بتاريخ 14/5/2009 بعد مرور أكثر من عام على صدور قرار إنهاء خدمته . ومن ثم يكون حقه فى هذا الطلب قد سقط بالتقادم الحولى باعتبار أن طلب التعويض مستقل عن طلب إلغاء قرار الفصل فلا يجب بوجوبه ولا يسقط بسقوطه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً .

(الطعن رقم 17724 لسنة 81 جلسة 2012/10/07 س 63 ص 1050 ق 166)

6 ـ المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن سقوط الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بالتقادم بانقضاء سنة تبدأ من تاريخ انتهاء العقد عملاً بأحكام المادة698 من القانون المدنى إنما راعى الشارع فيه استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة الى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على حد سواء ، وكانت دعوى المطعون ضده الخامس قبل الطاعنة موضوعها رد مبلغ100000 جنيه والتعويض عن الضرر المادى والأدبى والفوائد القانونية نتيجة خروجه الى المعاش المبكر وكان مصدر هذا الحق هو عقد العمل وهى بهذه المثابة تعتبر ناشئة عنه وتخضع للتقادم الحولى المنصوص عليه فى المادة سالفة البيان ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واستند فى قضائه برفض الدفع بالنسبة للمطعون ضده الخامس إلى أن الدعوى ليست مطالبة بحقوق ناشئة عن عقد العمل فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه .

(الطعن رقم 15098 لسنة 78 جلسة 2012/06/28 س 63 ص 968 ق 152)

 مفاد نص المادة 698 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن المشرع وضع قاعدة عامة تقضى بسقوط دعاوى المطالبة بالحقوق الناشئة عن عقد العمل بمضى سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد سواء تلك التى ترتبت على تنفيذه أو انتهائه – فيما عدا ما تعلق منها بالمسائل التى حددتها تلك المادة وأوردت لها أحكاماً خاصة – وذلك لاعتبارات من المصلحة العامة تقضى باستقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل بعد انتهائه والمواثبة على تصفية المراكز القانونية لكل من طرفيه ، وكانت دعوى المطعون ضده الأول بضم المدة من 1938/8/1 حتى 1939/10/31 والمدة من 1944/7/17 حتى 1948/5/31 إلى مدة خدمته لدى الطاعنة من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل تخضع للتقادم المنصوص عليه فى المادة 1/698 من القانون المدنى وكانت خدمته قد انتهت لدى الطاعنة بإحالته إلى المعاش لبلوغه سن التقاعد فى 1978/10/10 وأقام دعواه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الابتدائية فى 1986/2/13 أى بعد مضى أكثر من سنة على انتهاء تلك الخدمة فإنه وفى هذا الخصوص تكون قد سقطت بالتقادم الحولى ، ولا يغير من ذلك القضاء لصالحه فى الاستئناف رقم ...... ق القاهرة بإلغاء قرار إنهاء خدمته إذ الثابت من الأوراق أن محكمة النقض حكمت فى الطعن بالنقض رقم ...... ق فى 1988/2/21 بنقض هذا الحكم وهو ما يترتب عليه إلغاءه واعتباره كأن لم يكن ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بسقوط الدعوى بالتقادم الحولى فى خصوص هذا الطلب بمقولة إن هذا الشق من الدعوى ليس ناشئاً عن عقد العمل وإنما عن قانون التأمين الاجتماعى ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .

(الطعن رقم 234 لسنة 63 جلسة 2007/06/28 س 58 ص 626 ق 108)

4 ـ إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص فى قضائه إلى أن المطعون ضدها استهدفت من دفعها بالتقادم لدين الأجر الذى طالب به الطاعن فى دعواه الفرعية بعد انتهاء علاقة العمل فيما بينهما أن مرماه يدخل فى نطاق المادة 698 من القانون المدنى لأنه تقادم عام ومطلق لم يقيده الشارع بأى إجراء آخر كتوجيه يمين الاستيثاق أو غيرها فإن هذا الذى فعلته المحكمة إن هو إلا إنزال لحكم القانون الصحيح على واقع الدفع ومرماه وهو ما تملكه تلك المحكمة من غير أن تكون ملزمة بتنبيه الخصوم إلى الوصف الصحيح الذى انتهت إليه ويكون النعى على حكمها بهذا السبب (النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون لدفع الشركة المطعون ضدها لدى محكمة الموضوع بسقوط حق الطاعن فى المطالبة بأجره الذى تضمنته صحيفة الدعوى الفرعية بالتقادم مستندة إلى نص المادة 378 من القانون المدنى الخاصة بتقادم أجر العمال بسنة واحدة والتى من شرائطها أن من يتمسك بهذا التقادم عليه أن يحلف يميناً على أنه أدى الدين فعلاً ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يطبق هذه المادة وطبق على الدفع بالتقادم حكم المادة 698 من القانون المدنى على خلاف طلب الشركة)على غير أساس .

(الطعن رقم 11099 لسنة 76 جلسة 2007/05/27 س 58 ص 490 ق 86)

5 ـ بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثالث عشر من يناير سنة 2008 ، الموافق الخامس من المحرم سنة 1429 هـ

برئاسة السيد المستشار / ماهر عبدالواحد ......................... رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين :

وحضور السيد المستشار/ رجب عبدالحكم سلیم................ رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد ناصر إمام محمد حسن .................. ................ أمين السر 

                                   أصدرت الحكم الآتى 

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 27 

                                   قضائية «دستورية» 

المقامة من : شركة الدلتا لحليج الأقطان 

ضــــد :

1) السيد رئيس الجمهورية. 

2) السيد رئيس مجلس الوزراء.

3) السيد رئيس مجلس الشعب.

4) السيد وزير العدل. 

5) السيد عبدالعزيز عواض عبدالعزيز - المحامي.

6) الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج. 

                                   الإجـــراءات 

بتاريخ الثلاثين من يناير سنة 2005 أودعت الشركة المدعية صحيفة الدعوى الماثلة قلم کتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبة الحكم بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (71) من القانون رقم 12 لسنة 2003 في فقرتها الأولى من تشكيل لجان ذات اختصاص قضائی وسقوط قرار وزير العدل رقم 3539 لسنة 2003 الصادر تنفيذاً لهذا النص التشريعي ، وبعدم دستورية ما نصت عليه المادة (72) من القانون ذاته من صدور قرار اللجنة بأغلبية الآراء . 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد و احتياطياً برفضها . 

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها . 

ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، حيث قررت المحكمة بجلستها 

المنعقدة في 13/ 5/ 2007 إعادتها لهيئة المفوضين لبحث دستورية نص المادتين (71) و (72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003 في ضوء التعديل الذي أدخل عليها بالقانون رقم 90 لسنة 2005 ، فأعدت الهيئة تقريراً تكميلياً تضمنته رأيها ، وقررت المحكمة إصدار حكمها في الدعوى بجلسة اليوم : 

                                      المحكمة 

بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .. 

حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الخامس كان قد أقام الدعوى رقم 177 لسنة 2000 عال كلي جنوب القاهرة ضد الشركة المدعية في مواجهة الشركة المدعى عليها الأخيرة بطلب القضاء بأحقيته في صرف بدل التفرغ المقرر له وفقاً للأجر الأساسي المحدد لدرجته الوظيفية ، وما طرأ عليه من زيادات إعمالاً لحكم المادة «35» من لائحة نظام العاملين بالشركة ، وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1995 مع تعويضه بمبلغ خمسة آلاف جنيه وإثر صدور قانون العمل رقم (12) لسنة 2003 أحيلت الدعوى إلى اللجنة الخماسية المشكلة وفقاً لحكم المادة (71) منه وقيدت برقم 2769 لسنة 2003 م، وبجلسة 20/ 4/ 2004 قضت تلك اللجنة بأحقيته في طلباته وتعويضه بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا القضاء فقد طعنت عليه بالإستئناف رقم 923 لسنة 121 قضائية أمام محكمة إستئناف القاهرة ، كما أقامت المدعى عليها الخامسة الإستئناف رقم 937 لسنة 121 قضائية طعناً على ذات القضاء ، وبعد أن ضمت تلك المحكمة الإستئنافين ليصدر في حكم واحد ، دفع الحاضر عن الشركة المدعية بجلسة 12/ 1/ 2005 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (71) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003 من تشكيل لجان ذات اختصاص قضائي وسقوط المادة (72) من القانون ذاته ، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية الدفع قررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 4/ 2005 لإقامة الطعن بعدم الدستورية فأقيمت الدعوى الماثلة . 

وحيث إن المادة (71) من قانون العمل إليصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003  معدلة بالقانون رقم 90 لسنة 2005 تنص على أن : تشكل بقرار من وزير العدل بالإتفاق مع الجهات المعنية لجان ذات اختصاص قضائي من : 

- اثنين من القضاة تكون الرئاسة لأقدمها وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية. 

- مدير مديرية القوى العاملة والهجرة المختص أو من ينيبه.

- ممثل عن الإتحاد العام لنقابات عمال مصر. 

- ممثل عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية. 

ويكون انعقاد اللجنة صحيحاً بحضور أغلبية الأعضاء ، على أن يكون من بينهم القاضيان الممثلان فيها وتختص اللجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون ، وتفصل اللجنة في النزاع المعروض عليها خلال ستين يوماً من تاريخ عرضه عليها . 

وعلى اللجنة أن تفصل في طلب فصل العامل خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة ، فإذا رفضت الطلب الزمت صاحب العمل بإعادة العامل إلى علمه ، وبأن يؤدي إليه ما لم يصرف له من مستحقات .

فإذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ قرار اللجنة بإعادة العامل إلى عمله اعتبر ذلك فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً للمادة «122» من هذا القانون. 

وعلى اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت إذا طلب العامل ذلك. ويكون قرار اللجنة في هذه الحالة واجب النفاذ فوراً ولو طلب إستئنافه . 

وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذاً لقرار اللجنة بوقف التنفيذ من مبلغ التعويض الذي قد يحكم له به أو من أية مبالغ أخرى مستحقة له لدى صاحب العمل. 

وإذا ثبت أن نصل العامل كان بسبب نشاطه النقابي قضت اللجنة بإعادته إلى عمله إذا طلب ذلك. 

ويتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانوني المرافعات والإثبات في المواد المدنية والتجارية . 

وتنص المادة (72) من القانون ذاته على أن : « يصدر قرار اللجنة بأغلبية أعضائها الحاضرين وفي حالة تعادل الأصوات يرجح الجانب الذي منه رئيسها .  

ويكون قرار اللجنة مسبباً ، ويعتبر بمثابة حكم صادر عن المحكمة الابتدائية ، وذلك بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم کتاب المحكمة الإبتدائية المختصة . 

ويجوز الطعن في القرار الصادر من اللجنة أمام المحكمة الإستئنافية المختصة وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية . 

وحيث إنه من الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فإنه مردود ذلك أن الثابت من الاطلاع على محضر الجلسة المودع بأوراق الدعوى المائلة أن الحاضر عن الشركة المدعية قد دفع أمام محكمة إستئناف القاهرة بجلسة 12/ 1/ 2005 بعدم دستورية ما نصت عليه المادة (71) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 في فقرتها الأولى من تشكيل لجان ذات اختصاص قضائي وسقوط المادة (72) من القانون ذاته، فقررت تلك المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 14/ 4/ 2005 ليقدم الحاضر عن الشركة المدعية دليل الطعن بعدم الدستورية . 

وإذ أقيمت الدعوى الماثلة في 30/ 1/ 2005 خلال الأجل الذي ضربته محكمة الموضوع وبما لا يجاوز ثلاثة أشهر ، فإن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة يكون قائماً على غير أساس متعيناً رفضه .  

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع ، ويتحدد مفهوم هذه المصلحة باجتماع شرطين: أولهما : أن يقيم المدعي الدليل على أن ضرراً واقعياً قد لحق به ، وليس ضرراً متوهماً أو نظرياً أو مجهلاً .. ثانيها: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه . 

متى كان ما تقدم ، وكانت الشركة المدعية تبغي من دعواها الموضوعية المطروحة على محكمة الإستئناف إلغاء قرار اللجنة الخماسية الصادر بإجابة المدعى عليه الخامس إلى طلباته ، فمن ثم تضحى لها مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن بعدم دستورية نص المادة (71) من قانون العمل الذي نظم تشكيل هذه اللجان على نحو يغلب فيه العنصر الإداري، وكذلك نص المادة (72) من القانون ذاته والذي أبغ وصف الأحكام على ما تصدره هذه اللجان من قرارات، إذ إن الفصل في أمر دستورية هذين النصين - في ضوء المطاعن الدستورية التي وجهتها الشركة المدعية لهما سيكون له انعكاس على قضاء محكمة الإستئناف في الإستئنافين المقامين أمامها . 

وحيث إن التنظيم التشريعي الذي أتى به المشرع في قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 والذي يقضي بإسناد ولاية الفصل في المنازعات العالية الفردية إلى اللجان المنصوص عليها في المادة (71) منه دون غيرها ، وأن ما تصدره هذه اللجان من قرارات تعتبر بمثابة أحكام صادرة عن المحاكم الابتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليها على ما قضت به المادة (72) من القانون ذاته لم يصبه تعدیل جوهري ينال من بنیان هذه اللجان أو من طبيعة ما تصدره من قرارات بالتعديل الذي أدخله المشرع على النصين المطعون عليها بالقانون رقم 90 لسنة 2005 سوى ما ورد بالقانون الأخير بالنص في المادة (71) على أن يكون انعقاد اللجنة صحيحاً بحضور أغلبية الأعضاء على أن يكون من بينهم القاضيان الممثلان فيها، وما قضت به المادة (72) من أنه في حال تعادل الأصوات يرجح الجانب الذي منه رئيسها ، ومن ثم فإن هذه المحكمة ترى التصدي لهذين النصين معدلين بالقانون رقم 90 لسنة 2005 حسماً لأمر دستوريتها، وبذلك يتحدد نطاق الدعوى الماثلة في نص المادتين (71) و (72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم (12) لسنة 2003 معدلين بالقانون رقم (90) لسنة 2005 م. 

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النصين المطعون عليها مخالفة أحكام المواد (40) و (65) و (67) و (68) و (165) و (168) من الدستور قولاً منها بأن المشرع استحدث بها لجنة ذات تشکیل مزدوج قضائي وغير قضائي ، وجعل للعنصر الأخير الغلبة في التشكيل ومنحها دون غيرها الإختصاص بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن قانون العمل وأسبغ على قراراتها وصف الأحكام بالرغم من أن ثلاثة من أعضائها لا تتوافر فيهم الحيدة والإستقلال الواجب توافرهما في القضاة بإعتبارهما ضمانتين لازمتين للفصل في المنازعات فضلاً عن أنه لا يجوز التذرع بطبيعة المنازعة العالية وما تتطلبه من سرعة الفصل فيها المخالفة أحكام الدستور التي جعلت ولاية القضاء للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها بإعتبار أن القضاة - على ما نص عليه الدستور - مستقلون ولا سلطان عليهم لغير القانون كما لا يجوز لأية سلطة التدخل في شئون العدالة . 

وحيث إن هذا النعي سديد في جوهره ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إسباغ الصفة القضائية على أعمال أية جهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة عهد إليها المشرع بالفصل في نزاع معين يفترض أن يكون اختصاص هذه الجهة محددا بقانون، وأن يغلب على تشكيلها العنصر القضائي الذي يلزم أن تتوافر في أعضائه ضمانات الكفاءة والحيدة والإستقلال ، وأن يعهد إليها المشرع بسلطة الفصل في خصومة بقرارات حاسمة ، دون إخلال بالضمانات القضائية الرئيسية التي لا يجوز النزول عنها والتي تقوم في جوهرها على إتاحة الفرص المتكافئة التحقيق دفاع أطرافها وتمحیص ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص عليها المشرع سلفاً ليكون القرار الصادر في النزاع مؤكداً للحقيقة القانونية مبلوراً لمضمونها في مجال الحقوق المدعى بها أو المتنازع عليها . 

وحيث إنه من المقرر استقلال السلطة القضائية مؤداه أن يكون تقدیر کل قاضي الوقائع النزاع، وفهمه لحكم القانون بشأنها متحرراً من كل قيد، أو تأثير، أو إغواء، أو وعيد، أو تدخل، أو ضغوط أيا كان نوعها أو مداها أو مصدرها، وكان مما يعزز هذه الضمانة ويؤكدها استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ، وأن تنبسط ولايتها على كل مسألة من طبيعة قضائية . 

وحيث إن استقلال السلطة القضائية واستقلال القضاة وإن كفلتها المادتان (165) و (168) من الدستور، توقيا لأي تأثير محتمل قد يميل بالقاضي انحرافاً عن ميزان الحق، إلا أن الدستور نص كذلك على أنه لا سلطان على القضاة في قضائهم لغير القانون. وهذا المبدأ الأخير لا يحمي فقط استقلال القاضي ، بل يحول كذلك دون أن يكون العمل القضائي وليد نزعة شخصية غير متجردة، وهو أمر يقع غالباً إذا فصل القاضي في نزاع سبق أن أبدى فيه رأيا، ومن ثم تكون حيدة القاضي شرطاً لازماً دستورياً لضمان ألا يخضع في عمله لغير سلطان القانون . 

وحيث إن ضمانة المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور بنص المادة (76) منه تعني أن يكون لكل خصومة قضائية قاضيها - ولو كانت الحقوق المثارة فيها من طبيعة مدنية .

- وأن تقوم على الفصل فيها محكمة مستقلة ومحايدة ينشئها القانون ، يتمكن الخصم في إطارها من إيضاح دعواه ، وعرض آرائها والرد على ما يعارضها من أقوال غرمائه أو څججهم على ضوء فرص يتكافئون فيها جميعاً ، ليكون تشكيلها وقواعد تنظيمها، وطبيعة النظم المعمول بها أمامها وكيفية تطبيقها عملاً محدداً للعدالة مفهوما تقدميا يلتئم مع المقاييس المعاصرة للدول المتحضرة . 

وحيث إن الدستور بما نص عليه في المادة (68) من أن لكل مواطن حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعي قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته هو حق للناس كافة، تتكافأ فيه مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعاً عن مصالحهم الذاتية ، وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقرر دستورياً بما لا يجوز معه مباشرته على فئة دون أخرى ، أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها ، كما أن هذا الحق باعتباره من الحقوق العامة التي كفل الدستور بنص المادة (40) المساواة بين المواطنين فيها ، لا يجوز حرمان طائفة منهم من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهو قيام منازعة في حق من الحقوق - وإلا كان ذلك إهدارا لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من الحق ذاته. 

وحيث إن النصين المطعون عليها يخالفان أحكام الدستور من أوجه عدة .. 

أولها: أن اللجنة التي أنشأها المشرع وعهد إليها ولاية الفصل في المنازعات الفردية التي قد تنشأ بين العامل ورب العمل هي لجنة يغلب على تشكيلها العنصر الإداري فهي تتكون من قاضيين وثلاثة أعضاء أحدهما مدير مديرية القوى العاملة المختص أو من ينيبه، والثاني ممثل عن الإتحاد العام لنقابات عمال مصر ، والثالث ممثل عن منظمة أصحاب الأعمال المعنية، وأعضاء اللجنة من غير القضاة لا يتوافر في شأنهم - في الأغلب الأعم - شرط التأهيل القانوني الذي يمكنهم من تحقيق دفاع الخصوم وتقدير أدلتهم ، وبفرض توافر هذا الشرط في أحدهم أو فيهم جميعاً ، فإنهم يفتقدون لضمانتي الحيدة والإستقلال اللازم لتوافرهما في القاضي ، فضلاً عن أن مدير مديرية القوى العاملة المختص بحسبانه رئيس الجهة الإدارية التي تتولى تسوية النزاع ودياً قبل عرضه على تلك اللجنة ، يكون قد اتصل بالنزاع وأبدى فيه رأياً ، ومن ثم فلا يجوز له أن يجلس في مجلس القضاء بعد ذلك للفصل في النزاع ذاته . 

وثانيها : أن القرارات التي تصدر من هذه اللجان لا يمكن وصفها بالأحكام القضائية - حتى وإن أسبغ عليها المشرع هذا الوصف - ذلك أن الأحكام القضائية لا تصدر إلا من المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي ، وهذه اللجنة - وكما سبق القول - هي لجنة إدارية ، ومن ثم فإن ما يصدر عنها لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً وليست له من صفة الأحكام القضائية شيء ، ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة (71) المطعون عليها من اشتراط وجود قاضيين كي يكون انعقاد اللجنة صحيحاً ، ذلك أنه بافتراض وجود هذين القاضيين وحضور الأعضاء الثلاثة الباقين يمكن أن يصدر القرار بالأغلبية ، والأغلبية في هذه الحالة للعنصر الإداري ، ومن ثم فلا يمكن أن يوصف القرار الصادر منها بأنه حكم أو قرار قضائي . 

وثالثها : أن نص المادة (72) المطعون فيه وإن اعتبر القرار الصادر من هذه اللجنة بمثابة حکم صادر من المحكمة الإبتدائية يطعن عليه أمام محكمة الإستئناف ، وهو وصف جاوز به المشرع الحقيقة لأن ما يصدر عن هذه اللجنة بحسبانها لجنة إدارية لا يعدو أن يكون قراراً إدارياً ، إلا أن الطعن على هذه القرارات أمام محكمة الإستئناف ، وعلى ما يقضي به النص ذاته يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي لا يجيز الطعن في الأحكام الصادرة في حدود النصاب الإنتهائي من محاكم الدرجة الأولى في بعض الحالات ، مما يجعل هذه القرارات عندئذ غير قابلة للطعن عليها قضائياً ، الأمر الذي يخالف المادة (68) من الدستور التي تحظر النص على تحصين أي قرار إداري من رقابة القضاء . 

وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن النصين المطعون عليها يكونان قد خالفا أحكام المواد (40) و (64) و (65) و (165) من الدستور، ومن ثم فإن القضاء بعدم دستوريتها يكون متعيناً . 

وحيث إن المادة (70) من القانون ذاته تنص على أنه : « إذا نشأ نزاع فردي في شأن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً ، فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منها اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ النزاع، وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة ، ولأي منها التقدم للجهة الإدارية بطلب لعرض النزاع على اللجنة المذكورة خلال الموعد المشار إليه».  

وحيث إن القضاء بعدم دستورية المادتين (71) و (72) من القانون ذاته بها تضمنته من تشكيل اللجنة والطعن على قراراها يستتبع بحكم اللزوم سقوط الأحكام المتصلة بها، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بسقوط العبارة الواردة بنص المادة (70) من القانون ذاته والتي تبدأ بــ « فإذا لم تتم التسوية ودياً »، إلى آخر نص المادة المذكورة ، وكذلك سقوط قرار وزير العدل رقم (3539) لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الإبتدائية . 

                                     فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة :

أولاً : بعدم دستورية نص المادتين (71) و (72) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 معدلاً بالقانون رقم (90) لسنة 2005 م .

ثانياً : بسقوط العبارة الواردة بالمادة (70) من القانون ذاته والتي تنص على أن «فإذا لم تم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منها اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه خمسة وأربعون يوماً من تاريخ النزاع ، وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة ، ولأي منهما التقدم للجهة الإدارية بطلب لعرض النزاع على اللجنة المذكورة خلال الموعد المشار إليه» . 

ثالثاً : سقوط قرار وزير العدل رقم (3539) لسنة 2003 بتشكيل اللجان الخماسية بالمحاكم الإبتدائية. 

رابعاً : إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .. 

أمين السر                                                           رئيس المحكمة 

( حكم المحكمة الدستورية العليا - دعوى رقم 26 لسنة 27 قضائية - جلسة 13 / 1 / 2008 )

شرح خبراء القانون

الطعن على أحكام المحكمة العمالية : 

أخضع الطعن على أحكام المحكمة العمالية للقواعد العامة في قانون المرافعات فيجوز للصادر ضده الحكم الطعن عليه أمام المحكمة الاستئنافية المختصة وهي محكمة الاستئناف التي تتبعها المحكمة الابتدائية الكائن بها المحكمة العمالية. 

ويكون الطعن بالاستئناف وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ومن ثم تسري عليه كافة القواعد المطبقة على الطعن بالاستئناف في أحكام المحاكم الابتدائية فمن حيث ميعاد الاستئناف يتحدد ميعاد الطعن بميعاد الاستئناف المحدد وفقاً للقواعد العامة في قانون المرافعات وهو أربعون يوماً طبقاً للمادة ( 227/ 1)  من قانون المرافعات ويترتب على عدم مراعاة مواعيد الطعن سقوط الحق في الطعن وتقضي المحكمة بالسقوط من تلقاء نفسها (مادة 215 مرافعات). 

ولا يجوز الطعن في أحكام المحكمة العمالية إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك (مادة 211 مرافعات). 

ولا يجوز الطعن في أحكام المحكمة العمالية التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور القرار المنهي للخصومة كلها، وذلك عدا الأحكام الصادرة بصفة مستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة، وفى الحالة الأخيرة يجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى أن توقفها حتى يفصل في الطعن (مادة 212 مرافعات). 

يسري على الطعن على أحكام المحكمة العمالية القواعد المقررة بشأن نصاب الاستئناف وشروط قبوله وإجراءات نظره والفصل فيه أمام محكمة الاستئناف . 

ويكون حكم محكمة الاستئناف في الطعن قابلاً للطعن بالنقض أمام محكمة النقض طبقاً للقواعد العامة في الطعن بالنقض .  

منازعة تنفيذ أحكام المحكمة العمالية : حرص المشرع على أن ينص في المادة ( 190/ 1) عمل على اختصاص هيئة التحكيم المختصة بمنازعات العمل الجماعية بإشكالات تنفيذ الأحكام الصادرة عنها أما بالنسبة للمحكمة العمالية المختصة بمنازعات العمل الفردية فلم يرد نص مماثل ومن ثم تخضع منازعات تنفيذ أحكام المحكمة العمالية للقواعد العامة في منازعات التنفيذ حيث يختص بها قاضي التنفيذ طبقاً للمادة (275) من قانون المرافعات بحسبان أن حكم المحكمة العمالية هو سند تنفيذي من مفهوم المادة (280) من قانون المرافعات متى كان مشمولاً بالنفاذ المعجل أو متى أضحى نهائياً. ومن ثم ترفع لقاضي التنفيذ جميع إشكالات التنفيذ ومنازعاته الوقتية والموضوعية المتعلقة بتنفيذ أحكام المحكمة العمالية ويتحدد الاختصاص المحلي طبقاً للقواعد العامة في الاختصاص المحلي لقاضي التنفيذي . 

ويجري التنفيذ تحت إشراف إدارة التنفيذ المستحدثة بالمادة (274) من قانون المرافعات مستبدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 ووفقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن. (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 224)

الآثار المترتبة على اعتبار قرار اللجنة ليس نهائياً : 

إن المشرع حين أصدر التعديل الوارد بالقانون (90) لسنة 2005 كان يبغي إزالة التضارب الوارد بالفقرة الثالثة من المادة (71) وما جاء بالفقرة الثانية من المادة (72)، وهذا يرجع إلى الصياغة المعيبة لنص المادة (71) من الأصل ، حيث استلهم المشرع روح المادة (66) من القانون رقم (137 ) لسنة 1981 الملغي وأدخل عليها تعديلات على مراحل متباعدة، فكان الناتج هذا التضارب الوارد بالمادة (71) . 

وقد ترتب على التعديل الجديد بالقانون (90) لسنة 2005 واعتبار جميع قرارات اللجنة - حتى في مسألة الفصل ليست نهائية - أن مسألة فصل العامل من العمل تظل معلقة حتى يصدر حكمها نهائياً من محكمة الإستئناف، بل ويمتد الأمر أكثر من ذلك حيث يجوز إقامة طعن بالنقض منضماً شقاً مستعجلاً فيطول أمد الفصل في مسألة الفصل إلى أمد بعيد.. ونتساءل هنا كيف تظل علاقة العمل معلقة بين العامل وصاحب العمل حتى يتم الفصل في المرحلة الأولى أمام اللجنة ثم أمام محكمة الإستئناف ثم أمام محكمة النقض حين تنظر الشق المستعجل، بإعتبار أنه وإن كان الحكم الإستئنافي هو حكم نهائي إلا أنه عن طريق الإستشكال في هذا الحكم ثم عمل نقض بشق مستعجل يطول عملاً أمد الفصل حتى الفصل في هذا الشق المستعجل.. ويتضح خطورة الوضع مع ما استجد بنص المادة (68) من القانون والتي جعلت الاختصاص بالفصل من اختصاص اللجان الخماسية.. فصاحب العمل الذي برید فصل أحد العاملين لديه بري أنه ارتكب مخالفة تضر بصالح العمل عليه الإنتظار هذه المراحل الثلاثة حتى يحسم أمر هذا العامل الخارج على إطار الشرعية من وجهة نظر صاحب العمل، ويفترض أن العامل سيطالب صاحب العمل بسداد أجره وسداد حصة التأمينات الاجتماعية عنه، وعن العامل ، طوال هذه الفترة رغم أن هذا العامل قد ارتكب مخالفة تستوجب الفصل وفقا لرؤية صاحب العمل ، ويلاحظ أن الأجر لقاء عمل کما سنوضح . 

ومن الناحية الأخرى فإن العامل يظل وضعه معلقا هو الآخر فلا هو بعمل لدى صاحب العمل ولا هو مفصول ، وهو ينتظر حكم القضاء لصرف أجره لأن صاحب العمل في غالب الأحيان لا يصرف أجره طوال أمد النزاع انتظاراً لحكم القضاء .. كما أن هذا العامل لا يستطيع الالتحاق بعمل آخر بإعتبار أنه ما زال مؤمناً عليه لدى صاحب العمل المتنازع معه . 

وهكذا يتضح أن التضارب الوارد بنص المادة (71) بصياغتها المعيبة يضر بطرفي في العلاقة العالية «العامل وصاحب العمل».  

ومن المؤكد أنه يثور التساؤل عن الحل ، وما هو الصحيح لإزالة هذا التضارب ؟ 

قبل أن نعرض الحل لابد وأن نستعرض نص المادة (66) من القانون 137 لسنة 1981 حيث إنه يفترض أن التطور التشريعي يكون إلى الأفضل والمعالجة السلبيات التي تقررها الممارسة العملية .. فإذا كان النص الأحدث لا يحمل تطوراً بل تدهوراً فإن الأمر يقتضي إعادة النظر . 

  • الوضع في ظل القانون (137) لسنة 1981 م :

المادة (66) : « على القاضي أن يفصل في طلب وقف التنفيذ في مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ، ويكون حكمه نهائيا، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل في الوقت ذاته أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ فصله، وعلى القاضي أن يحيل القضية إلى المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل أو المحكمة المختصة لنظر شئون العمال في المدن التي توجد بها هذه المحاكم، وعلى هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا كان له محل ، وذلك على وجه السرعة خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة ، وإذا لم يتم الفصل في الدعوى الموضوعية خلال المدة المنصوص عليها في الفترة السابقة جاز لصاحب العمل بدلاً من صرف الأجر للعامل أن يودع مبلغاً يعادل الأجر خزانة المحكمة حتى يفصل في الدعوى ، وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استولى عليها تنفيذاً لحكم قاضي الأمور المستعجلة أو من خزانة المحكمة من مبلغ التعويض الذي يحكم له به ، أو من أية مبالغ أخرى تكون مستحقة له .. ويجب على المحكمة أن تقضي بإعادة العامل المفصول إلى عمله إذا كان فصله بسبب نشاطه النقابي ، ويكون عبء إثبات أن الفصل ل لم يكن لذلك السبب على عاتق صاحب العمل، وتطبق القواعد الخاصة بإستئناف الأحكام المنصوص عليها في القوانين المعمول بها على الأحكام الصادرة في الموضوع ، ويكون ميعاد الإستئناف عشرة أيام ، وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة». 

1- واضح أن هذه المادة عالجت حالة الفصل تحديدا وحصراً عکس المادة (71) التي جعلت اختصاص اللجنة بكافة المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام القانون . 

2- أن هذه المادة عالجت أمر الفصل وهو أمر مستعجل بطبيعته، وتقضي مصلحة العامل وصاحب العمل سرعة الفصل في النزاع فيه، فتضمنت المادة ما يفيد معالجة مسألة الفصل على مرحلتين: 

أ) مرحلة الشق المستعجل. 

ب) مرحلة الشق الموضوعي. 

في مرحلة الشق المستعجل كان الوضع كالآتي: 

- أن صاحب العمل هو الذي يصدر قرار الفصل وليس اللجنة الخماسية ، كما هو في الوضع الحالي ، فصاحب العمل يعمل إرادته ويحسم الأمر داخل منشأته. 

- في المقابل كان للعامل الحق في إيقاف تنفيذ قرار الفصل - دون العودة للعمل - ويتقاضى أجره بصفة مستعجلة لحين الفصل في الموضوع. 

- وكان يعيب هذه النقطة أن أمد التقاضي يطول ويضار صاحب العمل من الإستمرار في سداد أجر العامل ، وقد يقضي برفض دعوى العامل ويكون صاحب العمل قد سدد الكثير من المبالغ حتى يقضي في الموضوع .. وهذه النقطة هي التي كانت تحتاج إلى المراجعة فقط .

- أن العامل لا يعود إلى عمله وله الحق في أجره بصفة مستعجلة إذا حكمت المحكمة بإيقاف تنفيذ قرار الفصل ، وله الحكم بالتعويض في الموضوع . 

في مرحلة الشق الموضوعي كان الوضع كالآتي : 

- بعد الفصل في الشق المستعجل يكون هناك فرضان: 

الأول : أن المحكمة تقضي في الشق المستعجل بالقبول فيصدر الحكم بإيقاف تنفيذ قرار الفصل.. الخ ، كما أوضحنا أعلاه . 

الثاني : أن يرفض الطلب المستعجل من العامل وكان العامل له الحق في إقامة دعوى موضوعية خلال سنة للمطالبة بالتعويض عن الفصل دون النظر لما قضى به في الشق الموضوعي . 

- فالواضح هنا أنه كان هناك توازناً بين ضرورة الفصل بصفة مستعجلة في مسألة الفصل ، وبين الفصل بصفة موضوعية في الموضوع . 

- وكان يؤخذ على هذا النظام سلبية وحيدة وهي أن صاحب العمل قد يلتزم بسداد أجر العامل حتى يقضي في الموضوع وقد يقضي فيه بالرفض ويجد صاحب العمل صعوبة كبيرة في استرداد ما تم دفعه دون وجه حق .

  • الوضع في القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 وتعديله بالقانون 90 لسنة 2005 م : 

أصبح الوضع الحالي يضر بصالح العامل، وصاحب العمل ، كما أوضحنا بالتفصيل .. حيث ألغي الشق المستعجل وأصبح قرار اللجنة ليس نهائياً حتى في مسألة الفصل ، وعلى طرفي العلاقة العامل» و «صاحب العمل الإنتظار حتى يتم الفصل في النزاع موضوعياً خلال مراحل التقاضي الثلاثة كما أوضحنا. 

التعويض المؤقت لا يفي بالغرض المقصود به :  

وقد يرد على ما نقول بأن الفقرة السادسة من المادة (71) تضمن النص على القضاء بتعويض مؤقت إذا طلب العامل ذلك ، ونرد على ذلك بالآتي: 

1- أن النص تضمن ذكر عبارة «تعويض مؤقت» دون تحديد لمقدار هذا التعويض ، وكيفية تحديده .  

2- أن النص جاء معيباً- كما أوضحنا - فذكر : ويفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت» .. فالتعويض المؤقت يكون بصفة مستعجلة وليس بحكم في الموضوع.

3- میعاد إستئناف القرار الصادر في التعويض المؤقت: إن عبارة النص توحي بأن القرار الصادر بالتعويض المؤقت هو قرار صادر في الموضوع وعبارة النص واضحة في الموضوع. 

وهنا يثار التساؤل :  

هل إستئناف التعويض المؤقت هنا يكون بإعتبار القرار صادراً في الموضوع ويكون ميعاد الإستئناف أربعون يوماً أم أن ميعاد الإستئناف هو خمسة عشر يوماً بإعتباره فصلاً في مسألة مستعجلة ؟ 

الواضح أننا أمام قرار صادر من لجنة خماسية وهي لجنة موضوعية لا تنظر المسألة بإعتبارها محكمة مستعجلة - كما أوضحنا سابقاً - وبالتالي فهي لجنة موضوعة تنظر مسألة مستعجلة وهو التعويض المؤقت !! 

وقد جاء بنص المادة 227 مرافعات الآتي: «میعاد الإستئناف أربعون يوماً ما لم ينص القانون على غير ذلك .. ويكون الميعاد خمسة عشر يوماً في المواد المستعجلة .. أياً كانت المحكمة التي أصدرته». 

وقد قضي بالآتي: « والمقصود بالمواد المستعجلة وفقاً لما تعنيه الفقرة الثانية من المادة (227) من قانون المرافعات تلك التي يقتصر الفصل فيها على الإجراءات الوقتية أو التحفظية دون المساس بالموضوع ».

(محكمة النقض طعن رقم 59 لسنة 40 ق جلسة 17/ 1/ 1976 -منقض م- 27 -234 - المرافعات الأستاذ كمال عبدالعزيز ، ص 1447) 

فالواضح هنا أن ميعاد إستئناف القرار الصادر في التعويض المؤقت - إذا صدر- هو خمسة عشر يوماً وليس أربعون يوماً . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 276)

وختاماً يمكن إجمال ملاحظتنا على تشكيل اللجنة واختصاصها فيما يأتي :

أولاً : أن الأغلبية من أعضاء اللجنة ليسوا من رجال القضاء ، وبالتالي فإن الأعضاء الثلاثة من غير القضاة وهم : مدير مديرية القوى العاملة ، وعضو اتحاد نقابات العمال وعضو منظمات أصحاب الأعمال قد يوافقون على القرار أو لا يوافقون ، وبالتالي يكون لهم الأغلبية ويصبح قرارهم بمثابة حكم محكمة ابتدائية ، وهو وضع بالغ الخطورة يتعارض مع قانون السلطة القضائية ، بل ويتعارض مع الدستور ، حيث يصدر حكمها بالأغلبية وفقاً لحكم المادة (72).  

ثانياً : إن تشكيل اللجنة بالنسبة للأعضاء من غير العنصر القضائي أتاح أن يحضر ممثلون عنهم ، وبالتالي فإن مدير مديرية القوى العاملة قد يندب بدلاً منه أحد مفتشي العمل أو مدير مكتب العمل كما قد تنتدب منظمة أصحاب الأعمال أي شخص دون المستوى ، وحينئذ يتصدى أمثال هؤلاء لإصدار قرارات اعتبرها النص بمثابة أحكام كلية واجبة النفاذ فعد وضع الصيغة التنفيذية عليها ، فضلاً عن أنه يضع سلطة الحكم في أيدي أناس غير مؤهلين للقضاء . 

ثالثاً : تعميم اختصاص اللجنة بنظر جميع المنازعات الفردية ينطوي على صعوبات بالغة في العمل، فمثلا إذا تظلم عامل من عدم صرف أجره أو تظلم من توقيع جزاء عليه أو تظلم من عدم حصوله على أجازة أو غير ذلك من المنازعات الفردية البسيطة التي كانت مكاتب العمل تقوم بحلها بسرعة ، فمثل هذه النزاعات سوف تعرض على اللجنة الخماسية بها تستغرقه من الوقت والجهد.. وفي ذلك أيضاً سلب لبعض اختصاصات مكاتب العمل بل وشل نشاطها تماماً إذ ما دامت هذه اللجان هي وحدها المختصة دون غيرها بحيث النزاعات الفردية ، فإذا يبقى إذن لمكاتب العمل !! خصوصاً وأن اللجوء إليها اختياري . 

رابعاً : لم يوضح النص دور اللجنة في حال ما إذا اكتشفت أثناء بحث نزاع فردي وجود مخالفة للقانون فهل تقوم هي بتحرير محضر ضد صاحب العمل أم تحيل الأمر إلى مکاتب تفتیش العمل للإنتقال والتأكد من وقوع المخالفة أم تحيل الأوراق للنيابة العامة لإتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالف . 

خامساً : أشار النص إلى نوعيات محددة من النزاعات الفردية حيث قال إن اللجنة تختص ببحث مشروعية قرار الفصل والطعن المقدم من العامل في حالة إنهاء العقد طبقاً لأحكام الباب السابع من القانون ، وهو الباب الذي يتضمن نصوص المواد من (104) إلى (130) والخاصة بإنتهاء عقد العمل محدد المدة وعقود العمل غير محددة المدة . 

کما تختص اللجنة على وجه الخصوص ببحث المنازعات الناشئة عن الفصل التأديبي وإنهاء عقد العمل وخاصة فيما يتعلق بمستحقات العامل من أجور وتعويضات . 

ويلاحظ على الصياغة التهاتر والتكرار والغموض والتعميم، وكلها عيوب تؤدي إلى عرقلة تطبيق هذه النصوص ويبدو أن واضعي هذا النص ليس لديهم فكرة أو دراية كاملة عها يجري فعلاً في العمل ، فقد جاءت القواعد التي تضمنها النص نظرية بحتة ، آية ذلك أن اللجنة الخماسية التي يناط بها نظر هذه المنازعات لن يكون بوسعها تغطية كل هذه النزاعات ، فكيف تقوم لجنة خماسية بأعمال العديد من مكاتب العمل والقوى العاملة ، وتفتيش العمل .. خصوصاً وأن قراراتها بمثابة أحكام محكمة ابتدائية ، أي أنها تشكل في عاصم المحافظات ، وليس في المراكز - كما هو الحال بالنسبة لمكاتب العمل ومحاكم شئون العمال الجزئية . 

سادساً : حددت المادة للجنة موعدا أقصاه خمسة عشر يوماً لنظر قرار الفصل والبت فيه ، وهذا الميعاد تنظيمي بلا شك ولا يترتب على مخالفته ثمة بطلان ، فيجوز التأجيل أكثر من مرة وهذا عيب آخر في النص . 

سابعاً : أن اللجنة لا تملك إلزام رب العمل بإعادة العامل إلى عمله حتى مع وجود هذا النص الملزم لأن علاقة العمل علاقة مدنية تقوم على الإعتبارات الشخصية ، ولا يمكن إرغام صاحب العمل على تشغيل عامل لا يرغب في التعامل معه ، كما أن العقد إذا فسخ أو أنهي بمعرفة صاحب العمل فلا تملك اللجنة إعادته إلى الحياة ، فهذا يتعارض مع القواعد العامة فضلاً عن أنه غير دستوري . 

ثامناً : إن إسناد الحكم بالتعويض للعامل المفصول إلى اللجنة الخماسية ينطوي على صعوبات بالغة ، ذلك أن التعويض وتقديره يحتاج إلى أهل الخبرة ، كما يحتاج إلى بحث موضوعي ، وتحقيق لا يمكن للجنة أن تؤديه على أكمل وجه مع ما هو ملقى على عاتقها من بحث هذا الكم الهائل من النزاعات الفردية . 

وإذا كان النص قد أجاز للجنة إصدار قرار بوقف تنفيذ الفصل ، والفصل في التعويض المؤقت، فإذا عن التعويض النهائي، وهو يحتاج إلى تحديده بمعرفة أهل الخبرة ، كما أن النص لم يحدد الجهة التي تحكم بالتعويض النهائي ، فهل هي اللجنة أم جهة قضائية أخرى . 

تاسعاً : إذا كان النزاع المطروح بشأن فصل عامل بسبب نشاطه النقابي فإن اللجنة يجوز أن تصدر قرارها بإعادته إذا ثبت لها ذلك، وقد جعل النص عبء الإثبات على صاحب العمل بأن يثبت أن الفصل لم يكن بسبب هذا النشاط ، وتلك مسائل في غاية التعقيد ، ويصعب البت فيها بدون الإستعانة بالخبراء وإجراء التحقيق وسماع الشهود . 

عاشراً : هذه اللجنة ذات اختصاص قضائي وهي خماسية تتكون من اثنين من القضاة تكون الرئاسة لأقدمها وفقاً لأحكام قانون السلطة القضائية . 

ويضاف إلى هذين العضويين القضائيين ثلاثة أعضاء ، هم : مدير مديرية القوى العاملة والهجرة - الذي يقع في دائرته مقر العمل أو من ينيبه ، وعضو من الإتحاد العام لنقابات عمال مصر ، وعضو من منظمة أصحاب الأعمال المختصة أي التي لها صلة بالنزاع. 

ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من وزير العدل بالإتفاق مع الإتحاد العام لنقابات عمال مصر واتحاد منظمات أصحاب الأعمال . 

ويلاحظ أن النص اشترط من بين الأعضاء عضو من الإتحاد العام لنقابات عمال مصر والنص في هذا ينطوي على غموض ويفتح باب الاجتهاد ذلك أنه إذا كان المقصود هو عضو من مجلس إدارة اتحاد نقابات العمال، وهو مجلس يتألف من خمسة وعشرين عضواً فمعنى ذلك أن اللجان الخماسية لن تجد من هؤلاء الأعضاء من يمثلون الأتحاد أما إذا كان المقصود هو أن يختار الإتحاد أحد أعضاء المنظمات النقابية ، فإن ذلك لابد أن يكون له ضوابط و شروط حتى لا يعطي اتحاد نقابات العمال صلاحيات في الإختيار دون حدود لأفراد يصدرون قرارات تعتبر أحكاماً نهائية وهو وضع بالغ الخطر والغرابة في آن . 

كذلك بالنسبة لمنظمة أصحاب الأعمال لم يحدد النص ضوابط و شروط اختيار العضو الممثل لأصحاب الأعمال في اللجنة الخماسية ولم يشر النص إلى قرار وزاري بصدر بتنظيم هذه المسائل . 

                                       وعليـــه 

حفاظاً على حقوق العمال ، واستقرار لعلاقات العمل ، نهيب بالسيدة/ وزيرة القوى العاملة والهجرة أن تدعو المجلس الإستشاري الأعلى للعمل لمراجعة هذا النظام المستحدث وأن يدعى إليه كافة الخبراء المتخصصين من أصحاب الرأي والفكر والذين عايشوا مشاكل التطبيق ، ولديهم رؤية قانونية واضحة مستمدة من ممارسة فعلية ، وليست رؤية نظرية مكتسبة ، لم تطلع على الممارسة الفعلية . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 280)

يحيل هذا النص إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية في طرق ومواعيد الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم العالية حيث يكون الطعن في الأحكام المستعجلة خلال خمسة عشر يوماً ، أما غير ذلك فيكون خلال أربعين يوماً . (الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 304)

تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإنقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد عملاً بالمادة 698 من القانون المدني، وتنحصر تلك الدعاوى في المنازعات التي تستند إلى إخلال أحد المتعاقدين بالتزاماته التي تضمنها عقد العمل أو التي تضمنتها نصوص القانون المنظمة لهذا العقد بإعتبارها مقررة لإرادة طرفيه، يستوي أن تستند الدعوى إلى قواعد المسئولية العقدية أو المسئولية التقصيرية، بإعتبار أن التقادم الحولي المنصوص عليه بالمادة سالفة البيان، هو إستثناء من التقادم الذي قررته القواعد العامة، سواء في المسئولية العقدية أو التقصيرية، وبالتالي تتقادم دعوى الرجوع بالأجر بإنقضاء سنة من وقت إنتهاء العقد بإعتبار أن إلتزام رب العمل بدفع الأجر من الإلتزامات الناشئة عن عقد العمل رغم أن الإخلال بهذا الإلتزام يرتب مسئولية رب العمل الجنائية وبالتالي يرتب مسئوليته التقصيرية، وأيضاً دعوى رجوع العامل على رب العمل بالتعويض المتسبب الأخير في إنهاء العمل بالحيلة والغش وفقاً للفقرة الأولى من المادة 696 من القانون المدني، وأيضاً دعوى رجوع العامل على رب العمل بالتعويض عن الفصل التعسفي وهی دعوی تستند إلى المسئولية التقصيرية .

وتبدأ مدة التقادم من وقت إنتهاء عقد العمل، بأي سبب من أسباب الإنتهاء ، کفسخ العقد أو تفاسخه أو إنفساخه أو بطلانه ، إذ يرتبط التقادم الحولى بإنحلال الرابطة العقدية، سواء تم ذلك رضاء أو قضاء، طالما إنحصر الحكم الصادر في المنازعة بفسخ العقد أو إبطاله دون أن يلزم المدعى عليه بشئ وإلا كان الحكم ذاته هو محل التقادم، والمقرر أن الأحكام تتقادم بإنقضاء خمس عشرة سنة تبدأ بالنسبة للحكم الإنتهائي من وقت صدوره، فان كان ابتدائياً ولم يطعن فيه بدأ تقادمه أيضاً من وقت صدوره وليس من وقت إنتهاء مواعيد الطعن فيه.

فإن لم تكن الدعوى ناشئة عن عقد العمل بأن إستندت إلى سبب غيره فلا تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 698 وإنما للنص القانونی المنظم لها.

رغبة من المشرع في سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد العمل بعد إنحلال الرابطة العقدية، قرر سقوط الدعاوى المتعلقة بذلك في أجل قصير حدده بسنة واحدة من وقت إنتهاء العقد.

فإن كان العقد مازال نافذاً، فإن تقادم الحقوق وسقوط الدعاوى الناشئة عنه ، تخضع للقواعد العامة، فالأجر الذي يستحقه العامل يخضع للتقادم الخمسى بإعتباره من الحقوق الدورية المتجددة .

التنازع بين التقادم الحولي والتقادم الخمسي للحقوق الناشئة عن عقد العمل :

مؤدی نص المادة 698 من القانون المدني، أن تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بإنقضاء سنة تبدأ من وقت إنتهاء العقد، وبالتالي لا يتحقق التقادم الحولي المنصوص عليه بتلك المادة إلا عندما ينتهي عقد العمل، ويكون هذا الإنتهاء هو مناط التقادم الحولي الذي نصت عليه المادة سالفة البيان، وهو تقادم خاص بالدعاوى الناشئة عن عقد العمل يحول دون إخضاعها للقواعد العامة في التقادم.

ويترتب على ذلك أن الحقوق التي تستحق أثناء سريان العقد، تخضع للتقادم الذي تقرره القواعد العامة دون التقادم الحولي الذي تقرره المادة 698 سالفة البيان، وپسری کل من نوعى التقادم في النطاق المقرر له، فإذا تنازعا، وجب تطبيق التقادم الخاص وهو التقادم الحولى دون التقادم الذي تقرره القواعد العامة باعتبار أن الخاص يقيد العام، فيزول التقادم الذي قررته القواعد العامة ويحل محله التقادم الحولى دون إعتداد بالمدة الباقية لإكتمال التقادم الذي قررته القواعد العامة سواء كانت أقل أو أكثر من سنة وهي مدة التقادم الحولی.

مثال ذلك، أن يستحق العامل أجره دون أن يدفع له، ويستمر عقد العمل نافذاً، وحينئذ يبدأ التقادم الخمسى من وقت إستحقاق الأجر بإعتباره من الحقوق الدورية المتجددة التي تتقادم بإنقضاء خمس سنوات، وبعد إنقضاء أربع سنوات ونصف على بدء هذا التقادم، ينتهي عقد العمل، وحينئذ تسقط دعوى الرجوع بالأجر الذي كان مستحقاً للعامل بإنقضاء سنة من وقت إنتهاء عقد العمل، وليس بإنقضاء ستة أشهر المكملة للتقادم الخمسي، وكذلك الحال إذا كانت المدة المكملة للتقادم الخمسى متجاوز السنة، ذلك أن سريان التقادم الذي تقرره القواعد العامة رهين بقاء العقد، فإذا إنتهى العقد زال هذا التقادم لتنازعه مع تقادم خاص أوجبته المادة 698 سالفة البيان.

ومؤدى القواعد العامة في التقادم، أن التقادم إذ إنقطع بدأ تقادم جديد مماثل للتقادم الذي إنقطع، ومناط ذلك، في عقد العمل، إستمرار نفاذ هذا العقد، فإن انتهى زال التقادم الذي كان سارياً، وحل محله التقادم الحولي على نحو ما تقدم كما يوجد تقادم حولى آخر لأجور العمال تضمنته الفقرة الثانية من المادة 378 من القانون المدني، وبالتالي فإن تلك الأجور تخضع لثلاثة أنواع من التقادم، يختلف كل منها عن الآخر طبيعة وحكمة، مما يوجب على من يتمسك بالتقادم أن يبين نوع التقادم الذي يتمسك به حتى تتصدى له المحكمة، فإن لم يبين ذلك، كان دفعه مجهلاً تلتفت عنه المحكمة إذ أنها غير ملزمة بالبحث عن التقادم المنطبق لتقضي به .

ويحكم هذه الأنواع المواد المواد 698 ، 378، 1/375 من القانون المدني، فيخضع أجر العامل للتقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 عندما ينتهي عقد العمل لأي سبب من الأسباب، والقصد من هذا التقادم هو تصفية الحقوق التي ترتبت على العقد الذي انحل وبالتالي فلم يؤسس التقادم على قرينة الوفاء، ولذلك لم يتطلب المشرع في هذا النص توجيه يمين الإستيثاق إلى من يتمسك بهذا التقادم بأن يخلف بأنه أدى الأجر فعلاً. 

فإن لم يكن عقد العمل قد انتهى، فإن الأجر المستحق للعامل يتقادم، إما بإنقضاء سنة وإما بإنقضاء خمس سنوات. فيتقادم بسنة عملاً بالمادة 378 إذا استند رب العمل في هذا التقادم إلى أنه أدى للعامل أجره، وطالما تمسك بهذا التقادم، قامت قرينة بسيطة على وفائه بالأجر، وحينئذ يجب على المحكمة ومن تلقاء نفسها أن توجه إليه يميناً بأنه أدى الأجر محل الدفع، فإن حلفها، تکاملت عناصر القرينة، ومن ثم تفضی بسقوط الحق في المطالبة بالأجر بالتقادم الحولي۔ أما إذا نکل رب العمل عن حلف اليمين، نقضت القرينة، فلا يسري التقادم الحولى، ولا يبقى أمام رب العمل إلا التمسك بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 1/375  بإعتبار الأجر من الحقوق الدورية المتجددة، إذا كانت شروط هذا التقادم قد توافرت لديه بإكتمال مدته قبل رفع الدعوى، وهذا التقادم لا يقوم على قرينة الوفاء وإنما يستند الى تصفية الحقوق المترتبة على عقد العمل .

عدم تقادم دعاوی حرمة أسرار العمل :

مؤدی نص الفقرة الثانية من المادة 698 من القانون المدني، أن التقادم الحولى المنصوص عليه بالفقرة الأولى لا يسري على الدعاوى المتعلقة بإنتهاك حرمة الأسرار التجارية والصناعية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان إحترام هذه الأسرار.

مفاده، أنه إذا إنتهى عقد العمل، إلتزم العامل بعدم إفشاء الأسرار التي أحاط بها أثناء عمله، سواء تعلقت بكيفية الإنتاج أو الخامات وتكوينها أو أسلوب التعامل أو غير ذلك مما كان رب العمل يحرص على ألا يعلمه الغير حفاظاً على رواج تجارته أو صناعته ومنافستها التجارة وصناعة الغير، فإن تضمن عقد العمل شيئاً من ذلك، التزم به العامل رغم إنتهاء العقد .

وقف وانقطاع تقادم الحقوق الناشئة عن عقد العمل :

لم تتضمن المادة 698 من القانون المدني قواعد خاصة متعلقة بوقف وانقطاع التقادم، ولذلك فإن وقف وإنقطاع تقادم الحقوق الناشئة عن عقد العمل يخضع للقواعد العامة المقررة في المادة 382 وما بعدها من القانون المدني . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/  616 )

الحكمة من التقادم الحولي المنصوص عليه بالمادة هو مراعاة المصلحة العامة التي تتمثل في ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء.

  يسرى هذا التقادم على كافة الدعاوى الناشئة عن عقد العمل. وسواء كان الحق قد نشأ بين الطرفين أثناء سريان العقد، أو كان مترتباً على إنهاء العقد.

ومن أمثلة الدعاوى المتعلقة بالحقوق التي تنشأ أثناء تنفيذ العقد، ألحق في الأجر ومن أمثلة الدعاوى المتعلقة بالحقوق التي تترتب على إنهاء العقد، التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار في العقد غير محدد المدة أو مكافأة نهاية الخدمة أو شهادة الخدمة.

 ولا يسري هذا التقادم على فروق الأجر المترتبة على القضاء بإرجاع أقدمية العامل في الترقية .

ويستوي أن تكون الدعوى مرفوعة من العامل أو صاحب العمل.

ولا تعتبر دعوى ثبوت علاقة العمل من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل ومن ثم لا تخضع للتقادم الحولي، ذلك أن محل هذه الدعوى هو إثبات علاقة العمل ذاتها .

والتقادم المذكور تحكمه شروطه المنصوص عليها بالمادة 698 مدني، دون إعتبار لتوافر أو عدم توافر شروط التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 378/ب  والتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 فإذا كان العامل يطالب أجر له عن مدة سنتين سابقتين على إنتهاء عقد العمل مثلاً فإن التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 698 مدني هو الذي يسري، دون التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 مدنی .

يسرى هذا التقادم على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي بإعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، فهي دعاوی تقوم على المنازعة في مشروعية  إستعمال صاحب العمل لحقه في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة وهو حق ناشئ عن عقد العمل  .

 ولكن لا يسرى هذا التقادم على دعاوى التعويض عن إصابات العمل.

وبذلك تظل هذه الدعاوی خاضعة للتقادم الطويل وهو خمس عشرة سنة.

ومرد هذا الإستثناء أن الإلتزام بإحترام أسرار العمل التزام يقيد العامل حتى بعد إنقضاء العقد وطالما بقي لهذه الأسرار وصف السر، فتنتفى الحكمة من إخضاعه للتقادم الحولي الذي يرمي أساساً إلى تصفية المنازعات الناشئة أثناء سريان العقد أو فور إنتهائه   فضلاً عن طبيعة الفعل المنشئ لهذه الدعاوى إذ يرتكب في الغالب خفية ولا يعلم صاحب العمل به إلا بعد وقوعة بمدة طويلة، قد تزيد على سنة، ولذلك لا يكون في جعل وقت المخالفة بداية للتقادم القصير حماية كافية لصاحب العمل  .

ورغم اقتصار النص على الدعاوى المتعلقة بإنتهاك حرمة الأسرار التجارية، إلا أنه يجب مد الإستثناء كذلك إلى غير الأسرار التجارية ومن أهمها الأسرار الصناعية لعدم وجود وجه لتخصيص الأسرار التجارية وحدها بالإستثناء، وليس هناك ما يمنع من إجراء القياس هنا لأن مدة التقادم الحولي تمثل استثناء، أما مدة التقادم الطويل فتتضمن المبدأ العام لتقادم الدعاوى، مما يسمح بالتفسير الواسع لإتساع نطاقه   .

ويدخل في نطاق الإستثناء على ما تقدم الدعاوى المتعلقة بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان إحترام هذه الأسرار، ومن أهمها الدعاوى المتعلقة بتنفيذ شرط منع المنافسة، فهذا الشرط إنما يفرض "إذا كان العمل الموكول إلى العامل يسمح له بمعرفة عملاء رب العمل أو بالإطلاع على سر أعماله" (م 686 مدنی) .

عدم خضوع الدعاوى الناشئة عن القانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بإصدار قانون التأمين الاجتماعي لهذا التقادم :

يخضع لهذا التقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فقط، دون الدعاوى التي تنشأ عن القانون رقم 79 لسنة 1975 (المعدل) بإصدار قانون التأمين الاجتماعي.

تبدأ مدة التقادم من وقت إنتهاء عقد العمل. ويتوقف تحديد وقت إنتهاء عقد العمل على السبب الذي أدى إلى هذا الإنتهاء فإذا كان الإنتهاء بالوفاة، تحدد وقت الإنتهاء بتاريخ الوفاة.

وإذا كان الإنتهاء بالمرض الطويل، تحدد تاريخ الإنتهاء بتاريخ إعلان صاحب العمل إنهاء العقد.

وإذا كان العقد محدد المدة، فيكون تاريخ انتهائه في الأصل هو تاريخ إنتهاء مدته أو إتمام العمل المبرم العقد من أجل إنجازه أو من تاريخ الإنهاء المبتسر له إذا حصل قبل إنتهاء مدته أو قبل إتمام العمل.

ويبدأ الميعاد من وقت إخطار العامل بإنهاء العقد أو علمه به علماً يقينياً. 

وإذا كانت مدة العقد غير محددة فينتهي بنهاية مهلة الإخطار في الأصل، ولكن إذا كان الإخطار لم يراع فيكون وقت إنتهاء العقد هو تاريخ طرد العامل أو فصله فعلاً من الخدمة .

وقد استثنى النص من هذه القاعدة - كما رأينا سلفاً - الدعاوى المتعلقة بالعمالة والمشاركة في الأرباح، والنسب المئوية في جملة الإيراد، فإن المدة فيها لا تبدأ إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد.

هذا النوع من التقادم لا يقوم على مظنة وفاء الدين - علی خلاف التقادم الحولي المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني - وإنما يقوم على إعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل، والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الإستيثاق لإختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها. أي أن توجيه يمين الإستيثاق غير لازم في هذا النوع من التقادم .

مدة تقادم. وليست مدة سقوط ومدة التقادم المنصوص عليها بالمادة 698 مدني مدة تقادم وليست مدة سقوط وينبني على ذلك أن هذا التقادم الحولي يخضع للقواعد العامة في التقادم المسقط، فيرد عليه الإنقطاع طبقاً لأحكام المواد 383 وما بعدها من التقنين المدني، كما يرد عليه الوقف لغير نقص الأهلية وفقاً للمادة 382 منه.

طبقاً للمادة 387 مدني لا يجوز للمحكمة أن تقضى بالتقادم من تلقاء نفسها بل  يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو بناء على طلب دائنيه أو أي شخص له مصلحة في ذلك ولو لم يتمسك به المدين.

ذلك أن التقادم لا يتعلق بالنظام العام.

ويجوز التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف، إنما لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه دفاع يخالطه الواقع . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/  الثامن ، الصفحة/ 772 )

وإذ أخضع المشرع لهذا التقادم الحولى الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فإنه قصد بذلك قصره على هذه الدعوى فقط ، ومن ثم لا يسري هذا التقادم على دعاوى التعويض عن إصابات العمل كما لا يسري على الدعاوى الناشئة عن قانون التأمينات الاجتماعية . ( الوافي في شرح القانون المدني، الدكتور/ سليمان مرقس، الطبعة الرابعة 1986 الجزء/ السادس الصفحة/ 863 )