loading

موسوعة قانون العمل

المذكرة الإيضاحية

      (الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

ولعل من أدق الموضوعات وأكثرها صعوبة موضوع كيفية حل المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون وخاصة في نطاق علاقات العمل الفردية وما قد يثيرها على الأخص فصل العامل أو الإنهاء وقد كان الخيار بين أحد طريقين :

1) إما الأخذ بنظام اللجنة الثلاثية الواردة بالقانون 137 لسنة 1981 ومن قبله القرار الوزاري رقم 16 لسنة 1962 في ظل أحكام القانون 91 لسنة 1959 وهو ما اتجهت إليه أعمال المشروع في بداية الأمر . 

2) ولكن لجنة إنهاء عقد العمل وكذا جلسات الإستماع التي عقدت لمناقشة المشروع من الأطراف الثلاثة حبذت الأخذ بنظام جديد بهدف التغلب على المشاكل العملية التي واجهت عمل اللجنة الثلاثية عند تطبيق النصوص الخاصة بها وعلى الأخص ما ترتب على هذه الأحكام إطالة أمد النزاع بما في ذلك أضرار تصيب العامل وكثرة المنازعات المعروضة على القضاء وهو ما يضر بمصلحة طرف علاقة العمل ، ورغبة من المشروع في أن يواجه هذه المشاكل وأن يضع لها حلولاً عملية استحدث المشروع نظاماً جديداً فصلته أحكام المواد (70 ، 71 ، 72) من المشروع وبموجب هذه النصوص أخذ المشروع بفكرة اللجنة الثلاثية وطورها بحيث أضفى عليها صبغة قضائية وأعطاها اختصاصاً جامعاً مانعاً يمكنها من الفصل في المنازعات التي تثور بين العامل وصاحب العمل في أقصر وقت ، مراعاة لمصلحة الطرفين وتأكيداً على حماية العامل ، وجعل اختصاص هذه اللجنة يشمل كل ما يتعلق بالنزاع بدء بمحاولات التسوية الودية وانتهاء بالحكم بالتعويض عن الأضرار التي أصابت أحد الطرفين من جراء الفصل أو الإنهاء ، وبموجب أحكام هذا التنظيم تقرر أنه إذ نشأ نزاع فردي عن تطبيق أحكام هذا القانون جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع تسويته ودياً فإذا لم يتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منهما اللجوء إلى اللجنة القضائية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون في موعد أقصاه ثلاثين يوماً من تاريخ النزاع وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة .   

وقد حددت المادة (71) المشار إليها تشكيل اللجنة القضائية فجعلته خماسية وراعت فيه وجود العنصر القضائي المتمثل في رئاسة قاض وعضوية قاض آخر يعينهما وزير العدل ، وفقاً للقواعد المقررة بقانون السلطة القضائية ، كما روعي أيضاً مبدأ الثلاثية فأضيف القاضي رئيس اللجنة والقاضي عضو اللجنة الخماسية أعضاء على النحو التالي :

1) مدير مديرية القوى العاملة والتشغيل المختص أو من ينيبه . 

2) عضو من اتحاد نقابات العمال . 

3) عضو من منظمة أصحاب الأعمال المعنية . 

وحددت المادة (71) من المشروع اختصاص هذه اللجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون وعلى الأخص : 

- مشروعية قرار الفصل . 

- الطعن المقدم من العامل في حالة إنهاء العقد طبقاً لأحكام الباب السابع ومن الكتاب الثاني من المشروع . 

- كل ما يتعلق بالمنازعات الناشئة عن الفصل التأديبي وإنهاء عقد العمل وخاصة فيما يتعلق بمستحقات العامل من أجور وتعويضات . 

وتفصل اللجنة في النزاع المعروض عليها خلال تسعين يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها . 

وعلى اللجنة أن تفصل في طلب وقف تنفيذ قرار الفصل أو الإنهاء خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ أول جلسة ويكون قرارها نهائياً ، فإذا أمرت بوقف التنفيذ ألزمت صاحب العمل أن يؤدي إلى العامل مبلغاً يعادل أجره من تاريخ إنهاء عقده ولمدة ثلاثة أشهر على الأكثر ، وعلى هذه اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا طلب العامل ذلك وكان للتعويض مقتضی .

وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذاً لقرار اللجنة بوقف التنفيذ من مبلغ التعويض الذي يحكم له به أو من أية مبالغ أخرى مستحقة له . 

فإذا كان إنهاء عقد العامل بسبب نشاطه النقابي وجب على اللجنة أن تقضي بإعادته إلى عمله إذا طلب ذلك ، ويقع عبء إثبات أن الإنهاء لم يكن لهذا السبب على عاتق صاحب العمل . 

ويتبع فيما لم يرد بشأنه نص خاص أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية .

 والمادة 72/ 1 من المشروع قررت أن يصدر قرار اللجنة بأغلبية الآراء ويكون قرارها مسبباً ويعتبر بمثابة حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من قلم كتاب المحكمة الإبتدائية المختصة . 

وحرصاً من المشروع على عدم المساس بحق التقاضي المكفول دستورياً لصاحب العمل والعامل أعطت الفقرة الثانية من المادة (72) لأي من الطرفين وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الطعن في القرار الصادر من اللجنة أمام المحكمة الإستئنافية المختصة . 

(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)

وقد قررت المادة (73) من المشروع أنه إذا تسبب العامل بخطئه في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته وكان ذلك ناشئاً عن خطئه وجب أن يتحمل المبلغ اللازم نظير ذلك ، ولا يجوز لصاحب العمل أن يستوفي مستحقاته بطريق الإقتطاع وفقاً لحكم هذه المادة إذا بلغ مجموعها أجر شهرين . 

ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ بإقتطاع المبلغ المذكور من أجره على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ويجوز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة (71) من المشروع ووفقاً للمدد والإجراءات الواردة بها فإذا لم يقض لصاحب العمل بالمبلغ الذي قدره أو قضى له بأقل منه وجب عليه رد ما اقتطع دون وجه حق خلال سبعة أيام من تاريخ صدور قرار اللجنة . 

الأحكام

1 ـ مفاد النص في المادة 73 من القانون رقم 12 لسنة 2003 بشأن قانون العمل – الواجب التطبيق على واقعة النزاع – إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 44 من القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن قطاع الأعمال العام على أن العامل ملتزم بأداء قيمة المهمات والآلات والخامات أو المنتجات الى يملكها صاحب العمل إذا كان العامل وبمناسبة عمله قد تسبب في فقدها أو إتلافها متى كانت في عهدته ولصاحب العمل أن يقتطع هذا المبلغ من أجر العامل شريطة ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض على أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ولا يجوز لصاحب العمل أن يستوفى هذه المستحقات بطريق الاقتطاع إذا بلغ مجموعها أجر شهرين إلا بعد اللجوء للقضاء والحصول على حكم بالتعويض وإلا وجب عليه رد ما اقتطعه من راتب العامل.

( الطعن رقم 15257 لسنة 80 ق - جلسة 10 / 1 / 2019 ) 

2 ـ إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بإلغاء قرار الجزاء والتحميل رقم 211 لسنة 2005 لازدواجية الجزاء عن المخالفة الواحدة، إذ جمع القرار بين اقتطاع جزء من راتب المطعون ضده الأول بخصم ثلاثة أيام من راتبه وتحميله بقيمة العجز في عهدته، ولم يعمل أحكام المادة 86 من لائحة العاملين بالطاعنة المشار إليها في شأن إجراءات التحقيق والجزاءات التأديبية التى توقع على العاملين بالطاعنة، كما أنه لم يفطن إلى أن التحميل بقيمة العجز يعتبر تعويضاً عن خطأ المطعون ضده الأول وليس جزاء تأديبيا، الأمر الذى انتظمه نص المادة 73 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 واجب التطبيق لخلو اللائحة من طريقة وكيفية التحميل وحجبه ذلك عن بحث شروط وضوابط إعمال ذلك النص بما يعجز محكمة النقض عن صحة مراقبة تطبيق القانون، فإنه يكون وفضلا عن خطئه في تطبيق القانون مشوبا بقصور معجز.

( الطعن رقم 7131 لسنة 82 ق - جلسة 12 /5 / 2016 ) 

3 ـ مفاد المادة 73 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 أن لصاحب العمل أن يحمل العامل المبلغ الذى تسبب في ضياعه عليه بسبب خطئه، وأن استيفاء صاحب العمل لقيمة ما أتلف أو فقد أو مقابل العجز في البضاعة يعد تعويضاً له عن الخسارة التى نتجت عن ذلك.

( الطعن رقم 7131 لسنة 82 ق - جلسة 12 /5 / 2016 ) 

4 ـ مفاد نص المادة 68 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 أن المشرع وإن أجاز لصاحب العمل أن يقتطع من أجر العامل ما يستحقه من تعويض عما يكون قد تسبب بخطئه في فقده أو إتلافه أو تدميره من الآلات أو المهمات أو المنتجات المملوكة له إلا أنه حماية منه لأجر العامل ولعدم إرهاقه في اقتطاع التعويض حظر أن يزيد الاقتطاع عن أجر خمسة أيام في الشهر الواحد ، فإذا بلغ التعويض أجر شهرين فأكثر لزم صاحب العمل اتخاذ الإجراءات القانونية ثم إيقاع المقاصة بين التعويض والأجر في حدود ما يقبل الحجز عليه طبقاً للمادة 41 من قانون العمل المشار إليه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وإن انتهى إلى مديونية المطعون ضده في المبالغ التى اقتطعتها الطاعنة منه إلا أنه قضى بردها كاملة إليه استناداً إلى أنه كان يتم اقتطاعها شهرياً بما يجاوز أجر الأيام الخمسة المقررة قانوناً في حين أنه وطبقاً لمنطق الحكم ما كان يجب رد سوى ما تجاوزت به الطاعنة في الاقتطاع هذا القدر وهو مما يعيبه علاوة على ذلك فإنه لما كانت المبالغ التى اقتطعت بالزيادة عما قرره القانون ليست سوى مديونية في ذمة المطعون ضده يحق للطاعنة استيفائها بالطرق القانونية وكان المطعون ضده قد أحيل إلى المعاش فلا تنطبق في شانه أحكام المادة 68 من قانون العمل سالف الذكر كما لم يضع المشرع أية قيود على استيفاء جهة العمل حقوقها قبل العامل بما يحق لها استيفائها مما يكون له من حقوق لديها وإذ استوفت الطاعنة مبالغ التعويض محل الدعوى فعلاً فإنه لا يجوز الحكم بردها للمطعون ضده .

( الطعن رقم 2164 لسنة 73 ق - جلسة 26 /9 / 2004 ) 

شرح خبراء القانون

الحد من الاقتطاع مقابل الفقد أو التلف : 

- طبقاً للمادة 73 من قانون العمل إذا تسبب العامل بمناسبة عمله في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات، يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته، وكان ذلك ناشئاً عن خطأ العامل، التزم بأداء قيمة ما فقد أو تلف، ولصاحب العمل بعد إجراء التحقيق وإخطار العامل أن يبدأ باقتطاع المبلغ المذكور من أجر العامل على ألا يزيد ما يقتطع لهذا الغرض عن أجر خمسة أيام في الشهر الواحد. 

ويلاحظ أنه يجب لإعمال هذا النص أن يكون التلف راجعاً إلى خطأ العامل، وأمام إطلاق عبارة الخطأ يسري في الحكم بين الخطأ العمدي والخطأ غير العمدي، كما يجب أن يلحق التلف أدوات أو مهمات أو منتجات لصاحب العمل حتى ولو لم تكن في عهدة العامل، كما تشمل الأدوات التي تكون في عهدة صاحب العمل بصرف النظر عن مالكها فقد تكون أدوات استأجرها صاحب العمل. 

ويقوم صاحب العمل بتقدير قيمة التلف وبالتالي المبلغ الذي يتحمله العامل، ويبدأ صاحب العمل في اقتطاع التعويض من أجر العامل على ألا يزيد ما يقتطع عن أجر خمسة أيام في كل شهر. 

فهذا النص ينطوي على تيسير على صاحب العمل وقيد عليه في نفس الوقت، والتيسير يتمثل في أنه يستقل بداءة بتقدير قيمة التلف والتعويض أي يقدرها بإرادته المنفردة، والقيد يتمثل في أن الخصم لا يزيد على أجر خمسة أيام في الشهر، وأن كان القانون يستوجب إجراء تحقيق إلا أن التحقيق لا يمنع حق صاحب العمل في تحديد القيمة بداءة، فإجراء التحقيق وإخطار العامل يستهدف مراعاة حقوق الدفاع فقط . 

ولما كان انفراد صاحب العمل بتقدير التعويض، يعرض العامل لمخاطر المغالاة فيه ، فقد نصت المادة 73 / 3 على أنه يجوز للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 71 وفقاً للمدد والإجراءات الواردة بها، فإذا لم يقض لصاحب العمل بالمبلغ الذي قدره للإتلاف أو قضى له بأقل منه وجب عليه رد ما اقتطع دون وجه حق خلال سبعة أيام من تاريخ الحكم، ولا يجوز لصاحب العمل أن يستوفي مستحقاته بطريق الاقتطاع وفقاً لهذه المادة إذا بلغ مجموعها أجر شهرين . 

- ولقد قضت محكمة النقض أنه ولئن كان الشارع قد نص في المادتين 51، 54 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 على حالتين تقع فيهما المقاصة القانونية بين أجر العامل وبين دين رب العمل الناشئ عن قرض أو تعويض الإتلاف وجعل لكل منهما حكماً خاصاً إلا أنه فيما عدا هاتين الحالتين تظل تلك المقاصة وفقاً للقاعدة العامة المقررة بالمادة 364 من القانون المدني جائزة بين ديون رب العمل الأخرى وبين أجر العامل بالقدر القابل للحجز من هذا الأجر، وبناء عليه يجوز لرب العمل أن يقتطع من أجر العامل استيفاء للدين المترتب على إلغاء التسوية مع التقيد فقط بما جاء في المادة 52 (حالياً المادة 44) من قانون العمل والتي تجيز الحجز فيما لا يجاوز الربع . 

ولا تسري هذه المادة إذا أحيل العامل إلى التقاعد فيجوز لصاحب العمل أن يستوفي حقوقه عن طريق المقاصة. (شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 284)

 - ويثور التساؤل عما إذا كان يكفي لإنعقاد مسئولية العامل توافر أي خطأ في جانبه، أم يجب أن يكون الخطأ جسيماً.

استقر القضاء الفرنسي على أنه لا يجوز إلزام العامل بالتعويض إلا إذا كان قد ارتكب خطأ جسيماً، فقد قضى بأن العامل لا يسأل عن النتائج المعيبة لعمله إلا إذا كانت طريقة مباشرته للعمل تنم بالمقارنة بغيره من العمال الذين يتميزون عادة بالحرص ، عن خطأ جسيم . 

وبهذا فإن القضاء الفرنسي قد خرج على ما تستلزمه القواعد العامة التي تقضي بأنه متى كان التزام العامل ببذل العناية المعتادة فإنه يعتبر مخطئاً متى لم يبذل العناية المعتادة أي بمجرد ارتكاب خطأ أياً كانت درجته . 

ويمكن تبرير قضاء النقض الفرنسي، الذي لا سند له في النصوص، بعدة اعتبارات . 

اتجه البعض إلى تأسيس ذلك القضاء على فكرة المخاطر، فصاحب العمل يحصل على ربحه نتيجة عمل العامل، وعليه مقابل ذلك أن يتحمل بالمخاطر، والأخطاء العادية يجب أن تدخل في إطار المخاطر، كما أن الأخطاء قد ترجع إلى أدوات العمل التي يضعها صاحب العمل تحت تصرف العامل . 

وذهب البعض الآخر، على أنه يجب تأصيل القضاء بالنظر إلى مركز العامل وليس صاحب العمل، فعقد العمل يضع العامل تحت إمره وإشراف صاحب العمل، ولهذا فإن سوء تنفيذ العقد لا يمكن أن ينسب إلى العامل وحده، بل لابد من أن يعود ولو جزئياً إلى سوء الإشراف والإدارة، هذه المشاركة في المسئولية تستوجب مسئولية العامل عن الخطأ الجسيم فقط، ويضاف لذلك أن عقد العمل باعتباره من عقود المدة يجعل من العسير استلزام الإتقان المستمر من العامل طوال مدة العقد . 

- ويثور التساؤل عن موقف القانون المصري.

 تعرض المشرع في المادة 73 من قانون العمل الحالة تسبب العامل بخطئه وبمناسبة عمله في فقد أو إتلاف مهمات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته وكان الضرر ناشئاً عن خطأ العامل حيث يلزم العامل بأداء قيمة ما فقد أو تلف، ويلاحظ أن المشرع يكتفي المسئولية العامل أن يكون الضرر ناشئاً عن خطأ العامل، وجاء اصطلاح الخطأ خالياً من أي وصف مما يستلزم فهمه بالخطأ بالمعنى العام، فلا يلزم أن يكون على درجة معينة من الجسامة . 

ونص المادة 73 لا يسرى إلا إذا كان الضرر متمثلاً في المساس المهمات أو الآلات أو المنتجات بالفقد أو الإتلاف أو التدمير، والضرر الذي ينشأ في غير هذه الحالات فيخضع كذلك للقواعد العامة في القانون المدني، وتتمثل القواعد العامة من القانون المدني، ولا محل لاشتراط درجة معينة من الجسامة في الخطأ لانعقاد المسئولية، ولكن القواعد العامة في تقدير الخطأ تستوجب أن يؤخذ في الاعتبار الظروف الخارجية المحيطة وفي مقدمتها أن العمل يتم تحت إمره صاحب العمل، فالإنتاج المعيب أو المصروفات التي لا محل لها قد ترجع إلى تعليمات صاحب العمل أو إلى سوء تنظيم المنشأة وليس بالضرورة إلى خطأ العمل، ومن ثم فإن التشدد في توافر الخطا لا يرجع إلى ضرورة أن يكون على درجة من الجسامة، وإنما إلى دقة استخلاص وقوع الضرر بخطأ يسأل عنه العامل ده، ولا محل للتفرقة، في جميع الأحوال أي في إطار المادة 73 أو خارجها، بين الخطأ العمدي والخطأ غير العمدي .

ويجب الربط بين المادتين 56/د، 73 فالمادة 56/د تلزم العامل بأن يحافظ على ما يسلمه إليه صاحب العمل من أدوات أو أجهزة أو مستندات أو أي أشياء أخرى، وأن يقوم بجميع الأعمال اللازمة لسلامتها وبأن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد، والمادة 73 تنص على أنه إذا تسبب العامل في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو كانت في عهدته التزم بأداء قيمة ما فقد و أتلف، والمادة 3/56 تلقى على عاتق العامل الالتزام بالمحافظة على المهمات والآلات أو أي أشياء أخرى وأن يبذل في المحافظة عناية الشخص المعتاد، أما المادة 73 فهي تحدد مسئولية العامل عن الإخلال بالالتزام الوارد في المادة 73 وهو الالتزام بأداء قيمة ما فقد أو أتلف أي التعويض . 

ويستفاد من الربط بين المادتين أن الالتزام ببذل عناية الرجل المعتاد یعنی أنه لا يشترط أن يكون الخطأ جسيماً وإنما خطأ طبقاً للقواعد العامة، ولكن إجراءات انعقاد المسئولية حددت لها المادة 73 إجراءات خاصة نظراً لأن تنفيذ الالتزام بالتعويض بيد صاحب العمل . (شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 477)

من التزامات العامل الضرورية تجاه صاحب العمل أن يؤدي العمل المنوط به على أكمل وجه وأن يبذل فيه عناية الشخص المعتاد سواء في أداء عمله أو في المحافظة على وسائل الإنتاج . 

نظم المشرع بمقتضى هذا النص حالة خروج العامل عن هذا الإلتزام وتسببه في حدوث إتلاف أو تدمير مهات لصاحب العمل حيث أوجب عليه المشرع التعويض ونظم النص أسلوب تمكين صاحب العمل من اقتضاء حقه في التعويض مباشرة من العامل بالإقتطاع من أجر العمل ولكن بشروط معينة على النحو التالي : 

أ) أن يجري صاحب العمل تحقيقاً كتابياً مع العامل لإثبات الخطأ والمهمات والآلات التي أتلفها ورابطة السببية بين الخطأ والضرر الذي أصاب ممتلكات صاحب العمل أي أن يكون الإتلاف والتدمير راجعاً إلى خطأ من العامل وليس قوة قاهرة أو فعل خارجي ، فلا يسأل عن خطأ الغير .

ب) إذا ثبتت علاقة السببية فلا يجوز لصاحب العمل أن يخصم أكثر من أجر خمسة أيام في الشهر كتعويض لإقتضاء حقه حتى ولو كان التعويض يعادل أجر شهر کامل . 

إذا رفض العامل تقدير صاحب العمل وبدأ صاحب العمل في الخصم من راتب العامل جاز للعامل أن يتظلم أمام المحكمة المنصوص عليها في المادة 71 وفقاً للمدد والإجراءات الواردة بها . 

وإذا قضي لصاحب العمل بالمبلغ الذي قدره للإتلاف أو قضي له بأقل منه وجب عليه رد ما اقتطع دون وجه حق للعامل خلال سبعة أيام من تاريخ صدور قرار اللجنة ولا يجوز لصاحب العمل أن يستوفي مستحقاته بطريق الإقتطاع وفقاً لحكم هذه المادة إذا بلغ مجموعها شهرين . (راجع الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 305)

حق صاحب العمل في اقتطاع تعويض الفقد أو الإتلاف من أجر العامل 

من واجبات العامل بموجب المادة (56) من قانون العمل الجديد أن يحافظ على ما يسلمه إليه صاحب العمل من أدوات أو أجهزة أو مستندات أو أشياء أخرى وأن يقوم بجميع الأعمال اللازمة لسلامتها ويلزم بأن يبذل في ذلك عناية الشخص المعتاد ومن ثم فإن تسبب العمل بخطئه في فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو تكون في عهدته يعد إخلالاً من العامل بأحد التزاماته الناشئة عن عقد العمل بموجب قانون العمل. 

وطبقاً للقواعد العامة في القانون المدني بأنه حين يكون واجباً على العامل تعويض ما فقد أو أتلف بخطئه من الأشياء الموضحة بالنص يكون لصاحب العمل أن يتمسك بالمقاصة بين ما يستحق له في ذمة العامل من تعويض الإتلاف أو الفقد وما يستحق للعامل من أجر في ذمته على أن تلك المقاصة مشروطة بأن يكون حق صاحب العمل خالياً من النزاع طبقاً للمادة ( 362 / 1) من القانون المدني وبشرط أن يكون التعويض بالقدر الجائز الحجز عليه طبقاً للمادة (44) من قانون العمل الجديد والتي تحظر الاستقطاع أو الحجز أو النزول عن الأجر المستحق للعامل لأداء أي دين إلا في حدود 25% من هذا الأجر. 

وخروجاً على هذه القواعد أجازت المادة (73) لصاحب العمل بعد إجراء التحقيق اللازم وثبوت خطأ العامل وإخطاره أن يبادر باقتطاع تعويض ما فقد أو أتلف من أجر العامل رغم أن دينه ليس خلواً من النزاع بحسبان أن النص أجاز للعامل التظلم من تقدير صاحب العمل لتعويض الفقد أو الإتلاف . 

الشروط الواجب توافرها لاقتطاع تعويض الفقد أو الإتلاف من أجر العامل : 

يشترط لتطبيق حكم هذا النص توافر الشروط التالية :

الشرط الأول : حدوث فقد أو إتلاف مهمات أو آلات أو خامات أو منتجات يملكها صاحب العمل أو تكون في عهدته . 

يشترط لسريان حكم النص أن يتسبب العامل في فقد أو إتلاف أي من الأشياء المذكورة مع كونها مملوكة لصاحب العمل أو تكون مملوكة لسواه لكنها في عهدته أما إذا كانت الأشياء موجودة بالمنشأة دون أن تكون مملوكة لصاحب العمل أو في عهدته كما لو كانت مملوكة لأحد العمال فلا مجال لتطبيق حكم هذا النص. وكذلك إذا كانت الأضرار التي لحقت بصاحب العمل ويطالب بالتعويض عنها تخرج عن الصور التي أوردها النص فلا يكون له أن يقتطع قيمة التعويض من أجر العامل .

الشرط الثاني: أن يحدث الفقد أو الإتلاف بخطأ العامل وبمناسبة عمله : 

يتعين أن يكون فقد أو إتلاف أي من الأشياء الموضحة بالنص ناتجاً عن خطأ العامل والمقصود هو الخطأ غير العمدي أما الفعل العمدي فلا تمتد إليه حماية النص. 

وقد اشترط المشرع أن يكون وقوع الفقد أو الإتلاف بخطأ العامل وبمناسبة عمله ومفاد ذلك أنه إذا وقع الفقد أو الإتلاف بخطأ من العامل دون أن يكون ذلك بمناسبة عمله فلا يكون هناك مجال لانطباق حكم هذا النص. 

ويشترط أن يكون الخطأ من العامل فلا ينطبق حكم النص إذا كان التلف نتيجة خطأ الغير أو القوة القاهرة.

الشرط الثالث : التحقيق مع العامل وإخطاره : 

يتعين أن يسبق تقدير تعويض الإتلاف واقتطاعه من الأجر أن يتم التحقيق مع العامل في واقعة الإتلاف أو الفقد سواء بمعرفة صاحب العمل أو من ينيبه من عماله أو من ينيبه من وكلائه لهذا الغرض وأن يسفر التحقيق عن ثبوت مسئولية العامل عن الإتلاف أو الفقد وأن يتم بعد ذلك إخطار العامل بنتيجة التحقيق قبل بدء الاقتطاع من أجره وفقاً للنص . 

 

الشرط الرابع : ألا يجاوز مجموع قيمة تعويض الإتلاف أو الفقد أجر شهرين : 

يتعين لكي يكون لصاحب العمل اقتطاع قيمة تعويض الإتلاف أو الفقد من أجر العامل ألا يكون مجموع تعويضات الإتلاف أو الفقد مجاوزاً أجر شهرين من أجر العامل المعني فإن جاوز هذا المقدار لم يكن أمام صاحب العمل سوى التقاضي بالطريق العادي ضد العامل بطلب إلزامه بالتعويض عما اتلف فإذا حصل على حكم نهائي بالتعويض وقعت المقاصة بين التعويض المستحق لصاحب العمل وبين أجر العامل في حدود القدر الجائز الحجز عليه وفقا للمادة (44) من قانون العمل . 

والمقصود بالأجر في هذا الصدد هو الأجر الثابت بعناصره الدائمة وليس الأجر المتغير ومن ثم يجوز خصم تعويض الإتلاف أو الفقد من العناصر غير الدائمة في أجر العامل ولو جاوز أجر شهرين . 

الشرط الخامس : إلا يجاوز ما يقتطع من أجر العامل شهرياً أجر خمسة أيام في الشهر الواحد حدد المشرع نسبة الأجر شهرياً لا يجوز لصاحب العمل أن يتعداها في اقتطاع تعويض الإتلاف أو الفقد وهي سدس الأجر شهرياً سواء كان الأجر مشاهرة أو مياومة أو بالإنتاج أو بغير ذلك . 

والعبرة في حساب النسبة الجائز اقتطاعها هي بالأجر الفعلي للعامل وليس بأجره الاسمي الذي قد يقل عن الأجر الفعلي بسبب الغياب عن العمل مثلاً . 

اقتطاع تعويض الإتلاف أو الفقد ليس عقوبة تأديبية 

ساد في الفقه في ظل قانون العمل الملغي أن اقتطاع تعويض الإتلاف أو الفقد من أجر العامل ليس عقوبة تأديبية للعامل وإنما هو تعویض مدني عن خطأ العامل وكان سندهم في ذلك عدم ورود هذا الاقتطاع ضمن العقوبات التأديبية التي بينها على سبيل الحصر قرار وزير الدولة للقوى العاملة رقم 24 لسنة 1982 الصادر استناداً للمادة (60) من قانون العمل الملغي التي أحالت إليه في تحديد العقوبات التأديبية وإن كان القرار قد نص في المادة الرابعة منه على أنه لا يجوز لصاحب العمل الجمع بين الاقتطاع للتلف وبين توقيع عقوبة تأديبية تخفيفياً على العامل بعدم الجمع بين الاقتطاع للتلف وهو جزاء مدني والجزاء التأديبي .

ويبدو أن الوضع لم يختلف في ظل قانون العمل الجديد وإن كانت المادة (60) منه قد تولت تحديد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العامل حيث أنها لم تورد من بينها اقتطاع الفقد أو الإتلاف من الأجر .

 التظلم من تقدير صاحب العمل لتعويض الإتلاف أو الفقد :

أجازت المادة (73) من قانون العمل الجديد للعامل أن يتظلم من تقدير صاحب العمل أمام المحكمة العمالية التي استحدثتها المادة 71 من قانون العمل وأناطت بها دون غيرها الاختصاص بالفصل في جميع المنازعات الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام قانون العمل وتنظر المحكمة العمالية في تظلم العامل وفقاً للإجراءات والمدد المتبعة أمامها بموجب النص المذكور. وطبقاً للفقرة الرابعة من المادة (73) يتصور أن تنتهي المحكمة العمالية إلى عدم استحقاق صاحب العمل المبلغ الذي قدره للإتلاف كأن يتبين للمحكمة العمالية عدم مسئولية العامل عن الإتلاف أصلاً كما يتصور أن تنتهي المحكمة العمالية إلى أن المبلغ الذي قدره صاحب العمل كتعويض للإتلاف أو الفقد يجاوز ما يستحق فعلاً وهنا يكون لها أن تقضي له بمبلغ يقل عن المبلغ الذي قدره . 

فإذا انتهت المحكمة العمالية إلى القضاء بمبلغ يقل عما قدره صاحب العمل أو إذا قضت بعدم استحقاقه لتعويض أصلاً يتعين على صاحب العمل أن يرد للعامل ما اقتطعه منه بدون وجه حق في ميعاد لا يجاوز سبعة أيام من تاريخ صدور حکم المحكمة العمالية آنفة البيان ويعتبر ذلك نفاذاً معجلاً قانونياً لحكم المحكمة العمالية الذي يلتزم صاحب العمل بتنفيذه ولو طعن عليه دون أن يتربص لحين الفصل في طعنه . 

وفي ظل قانون العمل الملغي المقابل يجعل التظلم من قرار صاحب العمل بتقرير تعويض الإتلاف أمام اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة (62) من القانون الملغي أو أمام اللجنة المنصوص عليها في المادة (77) من ذلك القانون إذا جاوز عدد العمال لدى صاحب العمل خمسين عاملاً ثم يكون الطعن في قرار المحكمة العمالية أمام المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها محل العمل، أما في ظل قانون العمل الجديد فإن المحكمة العمالية التي استحدثتها المادة (71) منه تختص دون غيرها بجميع المنازعات العمالية الفردية بما مفاده أنه لا سبيل للعامل سوى اللجوء إليها للتظلم من تقدير صاحب العمل لتعويض الإتلاف أو الفقد . 

وطبقاً للمادة (72) من قانون العمل الجديد يجوز الطعن على حكم المحكمة العمالية أمام المحكمة الاستئنافية المختصة طبقاً لقانون المرافعات وهي محكمة الاستئناف التي درج العمل على تسميتها بمحاكم الإستئناف العالي ويسري ذلك على حكم المحكمة العمالية في التظلم من تقدير صاحب العمل لمبلغ تعويض الإتلاف أو الفقد فيكون للطرفين الطعن فيه أمام محكمة الإستئناف وفقا لقواعد قانون المرافعات . 

التجريم والعقاب : 

عاقبت المادة (248) صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه على مخالفة أحكام الفقرة الثانية من المادة (73) وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعفت العقوبة في حالة العود . (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 228)