(الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الرابع)
رؤى استبقاء نصوص المواد (54، 55، 56، 57) من القانون 137 لسنة 1981 دون تعديل ، عدا أن استبدل بالعبارة الواردة بنهاية المادة (54) " بشرط عدم المساس بحقوقه المادية " عبارة " بشرط عدم المساس بحقوق العامل"، وهي التي تتفق مع ما جرى عليه التطبيق القضائي (م 76/ 1) ومع إضافة فقرة ثانية لنص المادة، وبمقتضاها يجوز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل يتفق والتطور التقني في المنشأة ، وقد قصد من هذا الحكم المضاف إعطاء الفرصة لصاحب العمل لأن يقوم بتدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل جديد بشرط ألا يمس ذلك بمركز العامل الأدبي أو المادي (م 76/ 2).
1 ـ إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف أن المطعون ضده هو من انقطع عن العمل بمجرد صدور قرار نقله من إدارة شئون العاملين إلى إدارة المخازن وأنذرته بالعودة للعمل دون جدوى، وأن نقله تم طبقاً للمادة 76 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 دون المساس بحقوقه أو الإساءة إليه ، غير أن الحكم الابتدائي المكمل بالحكم المطعون فيه انتهى إلى تعسف الطاعنة في إنهاء خدمة المطعون ضده وقضى له بالتعويض تأسيساً على ما استخلصه من أقوال شاهديه من أن الطاعنة نقلته من وظيفة مراقب شئون عاملين لعامل تحميل " عتال " بالمخازن وأن القرار الصادر بنقله لم يوضح به أنه ينقل إلى المخازن بوظيفة كاتب وهو تغيير جوهرى في وظيفة المطعون ضده يسئ إلى مركزه ويحط من شأنه خاصه وأنه يحمل مؤهل عال حتى وإن كان النقل بذات الراتب والمزايا وهو ما يعد فصلاً تعسفياً، على الرغم من أن الحكم المطعون فيه أثبت في حيثيات أسبابه أن قرار النقل لم يوضح فيه نقل المطعون ضده إلى وظيفة كاتب فإن ذلك يفيد أن الوظيفة المنقول إليها المطعون ضده بإدارة المخازن لم تذكر في قرار النقل، وكان عدم ذكر أنه ينقل إلى المخازن بوظيفة كاتب لا يرتب أو يؤدى بطريق اللزوم – كما ذهب الحكم - إلى أن الوظيفة المنقول إليها هى عامل تحميل في المخازن، ومن ثم وإذ لا يمارى المطعون ضده في أنه لم ينفذ قرار النقل أو يتسلم الوظيفة المنقول إليها ويمارس اختصاصاتها فإن استدلال الحكم واستخلاصه من أقوال الشهود أنه نقل إلى وظيفة عامل تحميل بالمخازن دون أن يبين المصدر الذى استقى منه الشهود علمهم بنوع وطبيعة تلك الوظيفة رغم عدم ذكرها بقرار النقل وعدم ممارسة المطعون ضده لها بالفعل ودون أن يبين كيفية وسبب احتفاظ المطعون ضده براتبه ومزاياه المالية بعد نقله إلى الوظيفة الجديدة، يكون استدلالاً فاسداً واستخلاصاً غير سائغ ليس له مصدر حقيقى بالأوراق فضلاً عنه أنه لم يواجه دفاع الطاعنة من أن النقل لم يمس حقوقه أو يسئ إليها ولا يصلح رداً عليه، وحجبه أيضاً عن بحث دفاعها المؤيد بالمستندات من أنه انقطع عن العمل رغم إنذاره مع أنهما دفاع جوهرى من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأى في الدعوى، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
(الطعن رقم 1071 لسنة 83 ق - جلسة 8 / 3 / 2018 )
2 ـ مؤدى النص في المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أن العامل لا يلتزم إلا بتنفيذ العمل المتفق عليه بعقد العمل ، ولا يجوز لصاحب العمل تكليفه بعمل غيره إلا في حالتين، الأولى: هي حالة الضرورة أو القوة القاهرة، فإذا زالت حالة الضرورة تعين على صاحب العمل إعادته إلى عمله الأصلي، والحالة الثانية : أن يكون النقل إلى العمل الآخر بسبب مصلحة العمل ودواعيه وليس ستراً لجزاء تأديبي وألا يمس حقوق العامل المادية ، فإذا كان قرار النقل صادراً في غير حالة الضرورة أو القوة القاهرة أو لغير مصلحة العمل ودواعيه ماساً بالحقوق المادية للعامل وساتراً لجزاء تأديبى كان باطلاً .
(الطعن رقم 10293 لسنة 82 ق - جلسة 25/ 10 / 2017 )
3 ـ لما كان واقع الدعوى الذى سجله الحكم المطعون فيه ، أن الطاعن قام بتنفيذ القرار الصادر فى 1971/5/31 بنقله من الشركة المطعون ضدها الأولى إلى المطعون ضدها الثانية إلا أن هذه الأخيرة لم تسند إليه عملاً ما ، وأنه إنما نقل إلى وظيفة خارج الربط بقرار الشركة المطعون ضدها الثانية الصادر فى 1971/8/1 الذى لم يحدد له عملاً مناسباً لمستواه الوظيفى بالفئة الخامسة المنقول عليها ، وإمتنعت كلتا المطعون ضدهما عن صرف أجره ، ثم صرفت المطعون ضدها الثانية مبالغ تحت التسوية تقل عن أجره المستحق ، وكانت الفقرة الأولى من المادة 33 من القرار الجمهورى رقم 3309 سنة 1966 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - الذى يحكم واقعة النزاع - نصت على أن "...... " وهو ما مؤداه أن نقال العامل ، وبالحالات التى عددها النص وسواء كان النقل داخل المؤسسة أو الوحدة الإقتصادية التى يعمل بها أو إلى مؤسسة أو وحدة إقتصادية أخرى مشروط أن يكون إلى وظيفة من ذات فئة وظيفته ، وإلا كان النقل إضراراً بالعامل وينطوى على جزاء تأديبى مقنع ، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة فى المادة المذكورة على أن "....." لما كان ذلك وكانت المادة 1/696 من القانون المدنى تنص على أن " ..... " /2 ..... " مما مفاده أن وضع العامل المنقول فى مركز أقل ميزة إنما يتسم بالتعسف ، متى إستهدف منه صاحب العمل الإساءة للعامل مما يخوله الحق فى المطالبة بالتعويض عن الأضرار التى لحقته من جراء ذلك ، كما أنه يحق له الإمتناع عن تنفيذ قرار نقله إلى المركز الأقل ميزة ، طالما لم ينسب إليه خطأ ، ولم تكن مصلحة العمل تقتضيه .
(الطعن رقم 114 لسنة 48 جلسة 1983/01/16 س 34 ع 1 ص 233 ق 54)
4 ـ لرب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تنظيم منشأته وإتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك ، كما أن من سلطته تقدير كفاية العامل ووضعه فى المكان الذى يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج ، وله طبقاً للفقرة الثانية من المادة 57 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1955 والفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدنى أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه ولا يختلف عنه إختلافاً جوهرياً وأن ينقله إلى مركز أقل خبرة أو ملاءمة من المركز الذى كان يشغله متى أقتضت مصلحة العمل ذلك وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قرر أن الشركة أرتأت لحاجة العمل بها تعزيز الفرع التابع لها بموظف آخر مع الطاعن مما أدى الى إنتقاص نصيبه فى العموله مستنداً فى ذلك إلى إسباب سائغة مستمدة من تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى فإنه لا يكون قد خالف القانون .
(الطعن رقم 231 لسنة 43 جلسة 1977/02/20 س 28 ع 1 ص 486 ق 93)
5ـ لرب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة تنظيم منشأته وإتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها ، متى رأى ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك ، كما أن من سلطته تقدير كفاية العامل ووضعه فى المكان الذى يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج ، وله طبقاً للمادة 19 من قانون عقد العمل الفردى رقم 317 لسنة 1952 والفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدنى أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه ، ولا يخلتف عنه إختلافاً جوهرياً ، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذى كان يشغله متى إقتضت مصلحة العمل ذلك ، بحيث إذا رفض العامل النقل وسع صاحب العمل أن ينهى عقد العمل . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قرر تبعا لذلك أن عمولة الطاعن - العامل - على المبيعات تحسب فى المنطقتين اللتين إختص بهما ، طبقا للتنظيم الجديد للعمل ، وخلص الحكم إلى أن الشركة - رب العمل - لم تخل بإلتزاماتها القانونية إزاء الطاعن حتى يجوز له أن يستقل بفسخ العقد ، مستندا فى ذلك إلى أسباب سائغة ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
(الطعن رقم 444 لسنة 35 جلسة 1972/02/02 س 23 ع 1 ص 112 ق 18)
6ـ لا يجوز نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة عن المركز الذى كان يشغله إلا إذا إقتضت مصلحة العمل هذا النقل ولم يكن الغرض منه الإساءة إلى العامل وذلك فى نطاق ما تقضى به المادة 2/696 من القانون المدنى . ولا يقدح فى ذلك أن يكون العامل قد تعهد بالإستمرار فى خدمة رب العمل فى العمل الذى يسنده إليه لمدة سبع سنوات ، إذ يعتبر نوع العمل بموجب هذا العقد غير محدد إتفاقا ، ويتعين لتحديده - وفقا لما تقضى به المادة 2/682 من القانون المدنى - أن يرجع إلى عمل المثل ثم إلى عرف الجهة ، فإن لم يوجد تولى القاضى هذا التحديد وفقاً لمقتضيات العدالة .
(الطعن رقم 264 لسنة 33 جلسة 1967/01/24 س 18 ع 1 ص 198 ق 31)
7ـ من سلطة رب العمل وعلى ماجرى به قضاء محكمة النقض تقدير كفاية العامل ووضعه فى المكان الذى يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج ، ومن سلطته كذلك طبقاً للمادة 19 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 وللفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدنى أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه لا يختلف عنه إختلافا جوهرياً ، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذى كان يشغله متى إقتضت مصلحة العمل ذلك بحيث إذا رفض العامل النقل وسع صاحب العمل ان ينهى علاقة العمل .
(الطعن رقم 29 لسنة 32 جلسة 1966/02/23 س 17 ع 1 ص 401 ق 56)
8ـ متى كان من سلطة صاحب العمل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تنظيم منشآته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما يدعو إلى ذلك حتى ولو أدى هذا التنظيم إلى إلغاء عمولة العاملين لديه ما دام هذا الإجراء غير مشوب بالعسف وسوء القصد فإن من سلطته تقدير كفاية العامل ووضعه فى المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج وله طبقاً للفقرة الثانية من المادة 57 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 والفقرة الثانية من المادة 696 من القانون المدني أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه ولا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك .
(الطعن رقم 270 لسنة 42 جلسة 1978/01/14 س 29 ع 1 ص 191 ق 42)
الالتزام بأداء العمل
- تقرر المادة 6/685 من القانون المدني أنه يجب على العامل أن يؤدى العمل بنفسه وأن يبذل في تأديته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد .
وتقرر المادة 76 من قانون العمل أنه "لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة في الاتفاق أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة، وله أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إذا كان لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً بشرط عدم المساس بحقوقه المادية".
والعامل يلتزم بصفة أساسية بأن يؤدي العمل، ويجب أن يكون أداء العمل طبقاً لأحكام التي يوضحها القانون. والعمل الذي يلتزم العامل بالقيام به هو العمل المتفق عليه، ويجب أن يؤدي العمل بنفسه، ويبذل في القيام به عناية الشخص المعتاد. وندرس هذه الأمور الثلاثة فيما يلى .
ولكن يجب ملاحظة أنه إذا كان العامل يلتزم بأداء العمل، فإن صاحب العمل يلتزم بتوفير الظروف الملائمة سواء من الناحية الصحية أو الإنسانية لممارسة العمل، ولقد آثرنا دراسة هذه الظروف في التزامات صاحب العمل .
التعديل بالاتفاق
يجوز طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني تعديل العقد باتفاق أطرافه .
وحرصاً على استقرار العمالة ، فقد يقبل العامل التعديل الجوهري الذي تقدم به صاحب العمل أثناء سريان العقد، ويجب على صاحب العمل أن يقوم بتبصير العامل تماماً بفحوى التعديل وآثاره حتى يكون الرضاء بناء على تبصر وإرادة متفهمة للتعديل ومدى ما يعود على العامل من مزايا أو تضحيات من جرائه. ويجب أن يمنحه الوقت الكافي في التفكير قبل إبداء رأيه وعادة ما تكون تلك المدة في إطار مرحلة المفاوضات .
وإذا قبل العامل التعديل الجوهري الذي اقترحه صاحب العمل فإن الالتزام الذي كان محلاً للتعديل الجوهري يتجدد. فالتجديد لا يشمل العقد برمته ، فالعقد الأصلي يظل قائماً ، ولكن الالتزام الذي كان قائماً قبل التجديد ينقضي نهائياً ، ويحل محل الالتزام الجديد ويصبح ملزماً لطرفيه ، فقبول العامل للتعديل الجوهري يحول دون مطالبة أياً من الطرفين بالعودة إلى الوضع السابق على التجديد .
ولما كان التجديد لا يفترض، فإن عبء إثبات التجديد يقع على عاتق من يدعيه ويتمسك به، ويجوز إثبات التجديد بكافة الطرق فلا يلزم صاحب العمل بتقديم دليل كتابي ، كما أن القبول بالتجديد قد يكون صريحاً أو ضمنياً .
ويتخذ القبول الضمني صورة استمرار العامل، دون انقطاع أو تحفظ أو احتجاج ، في تنفيذ الالتزامات العقدية بعد التعديل على نفس النحو الذي كان يقوم به قبل التعديل ، فالإستمرار في العمل لا يفيد بحد ذاته قبول التعديل لأن العامل قد يضطر للاستمرار في العمل لصعوبة حصوله على عمل آخر لو ترك العمل ولحاجته بطبيعة الحال للأجر. فيجب لاستخلاص القبول الضمني أن يصطحب الاستمرار في العمل بظروف تفيد قبوله التعديل ويجب التشدد في استخلاص القبول الضمني بتعديل الأجر. ولا يجوز أن يفرض على العامل القبول، فلا يجوز أن يكون القبول بتعديل الأجر جماعياً في صورة صدور القبول بناء على اتفاق بين النقابات وأصحاب، فالاتفاقات الجماعية لا تسري إلا فيما يحقق مصلحة أو ميزة العامل.
التعديل بالإرادة المنفردة لصاحب العمل :
- طبقاً للمادة 76 من قانون العمل يجوز لصاحب العمل أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه :
1- إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه.
2- في حالة القوة القاهرة، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة .
3- إذا كان العمل المكلف به العامل لا يختلف عن العمل المتفق عليه اختلافاً جوهرياً وبشرط عدم المساس بحقوق العامل.
وقبل أن نتعرض بالدراسة لهذه الحالات يجدر بنا أن نوضح أن قانون العمل قد أقر من حيث المبدأ جواز تعديل العقد بالإرادة المنفردة. ففي مجال العقود غير محددة المدة يحق لكل من الطرفين أن ينهي العقد بإرادته المنفردة، فإذا كان لا يجوز لأحد الطرفين أن يفرض تعديلاً للعقد على الطرف الآخر، إلا أنه يملك التهديد بإنهاء العقد في حالة عدم الموافقة على تعديل العقد الذي أصبحت شروطه غير ملائمة له.
ومن هنا فقد اتجه الفقه والقضاء إلى أن من يملك الكثير يملك الأقل أي من يملك إنهاء العقد يملك تعديله. وعادة ما توضع المشكلة في إطار المسئول عن إنهاء العقد، الطرف الذي عدل العقد أو طلب التعديل، أم الطرف الذي رفضه.
وندرس فيما يلي الحالات الثلاثة للتعديل والتي وردت في المادة 54 من قانون العمل.
أولاً : حالة الضرورة
- حدد المشرع بأن الضرورة تتوافر إذا كان العمل يستهدف منع وقوع حادث أو من أجل إصلاح الأضرار التي نشأت عن الحادث. وواضح في هذه الصورة أن تغيير العمل لابد وأن يكون مؤقتاً لأن الضرورة بطبعها مؤقتة وليست حالة دائمة ومن ثم ينتهي التغيير بانتهاء حالة الضرورة، فالتغيير لا يدوم إلا بالقدر اللازم لمواجهة هذه الضرورة ويزول بزوالها.
ونعتقد أن حالة الضرورة قد تتوافر في غير الحالات التي نص عليها المشرع، فهي حالات جاءت على سبيل المثال باعتبارها الحالات الأكثر وقوعاً فجواز تغيير العمل المتفق عليه يمثل ضرراً خفيفاً للعامل إذا ما قورن بالضرر الذي يتم تفاديه. والضرر يصيب عادة المنشأة، وهناك مصلحة مشتركة لكل من العامل وصاحب العمل على إبقاء المنشأة في حالة طيبة فهي مصدر رزق كل منهما.
ثانياً : القوة القاهرة :
- تبرر تغيير العمل المتفق عليه وهذا ليس إلا مجرد تطبيق القواعد العامة في العقد. ولهذا يجب أن تتوافر القوة القاهرة بشروطها المعروفة فيجب أن تكون هناك ظروف استثنائية لا يمكن توقعها ولا دفعها.
ولا تمثل القوة القاهرة أهمية كبرى من الناحية العملية إذا ما أخذنا الضرورة بالمفهوم السابق الذي أوضحناه. فالضرورة قد تتوافر حتى ولو كان هناك حادثاً يمكن توقعه، أو يمكن دفعه طالما أن الموازنة بين المضار تظهر أن تغيير العمل المتفق عليه الضرر الأخف، والتعديل يكون مؤقتاً لمواجهة القوة القاهرة.
والتغيير في هاتين الحالتين قد يكون جوهرياً، فمن حق صاحب العمل أن يكلف العامل القيام بأي عمل حتى ولو كان يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 454)
الوضع في القانون المصري :
طبقاً للمادة 76 يحق لصاحب العمل أن يعدل بإرادته المنفردة العمل المتفق عليه إذا كان التعديل غير جوهري وبشرط عدم المساس بحقوق العامل، ولم يقتصر على المساس بالحقوق المالية وإنما بالحقوق عامة مادية أو غير مادية.
وندرس فيما يلى كيفية تحديد التغيير غير الجوهري، ثم تأصيل سلطة التعديل بالإرادة المنفردة في القانون المصري.
(أ) معيار تحديد التعديل غير الجوهري :
قد يتم تحديد العناصر الجوهرية وغير الجوهرية بناء على شرط في العقد الفردي، أو عقد العمل الجماعي .
قد يرد في العقد ما يفيد صراحة أن عنصراً ما يعتبر جوهرياً، أو على العكس أن شرطاً ما ليس جوهرياً، وقد يتضمن العقد تحديداً حصرياً للعناصر الجوهرية بحيث يكون غير جوهري ما عداها من العناصر، وقد يكون التحديد العناصر الجوهرية غير حصري أي على سبيل المثال، بحيث تظل قائمة مشكلة تحديد ما إذا كانت العناصر الأخرى جوهرية أو غير جوهرية.
وتحديد العنصر غير الجوهري يرد في صورة الاتفاق على جواز تعدیل أحد الشروط، مثل الاتفاق على أن العامل يقبل العمل في أي فرع من فروع المشروع في أي مدينة من المدن، فيعتبر مكان العمل حينئذ عنصراً غير جوهري ومن ثم لا يعتبر نقل العامل من قبيل تعديل العقد وإنما يعتبر تنفيذا لشروط العقد.
وإذا كانت اللائحة تجيز لصاحب العمل نقل العامل فإنه يترتب على قرار النقل أن يستصحب العامل معه مدة خدمته وأجره فيما عدا ما لا يستحق إلا بتحقق سببه كالحوافز والأجر الإضافي وكذلك المزايا المستقبلية التي لا تستحق إلا بتواجد العامل وقت استحقاقها كمكافأة نهاية الخدمة أو الرعاية الصحية أو منح الزواج أو الوفاة والإنجاب حيث لا يستحق أي منها إلا في الحدود المقررة لها بالنسبة للعامل المنقول.
- وإذا لم يتضمن العقد ما يفيد جواز تعديل مكان أو زمان العمل أو طبيعة العمل أو غير ذلك من العناصر، فتثور مشكلة معيار تحديد العناصر الجوهرية وغير الجوهرية للتوصل إلى ما إذا كان التعديل جوهرياً أم لا.
تحديد ما إذا كان التعديل قد ورد على عنصر جوهري أم لا مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع، وفي ضوء الفقه والقضاء المصري والمقارن يمكن تحديد بعض القواعد التي يسترشد بها للتعرف على الشرط الجوهري من غير الجوهری.
علم تضمن العقد لأي أحكام حول تعديل العقد لا يفيد قبول العامل ضمناً بكل ما يصدره صاحب العمل من قرارات أثناء تنفيذ العقد، ويجب البحث عن نية المتعاقدين للتعرف على ما إذا كان التعديل جوهرياً أم لا.
ويجب البحث عن حقيقة نية المتعاقدين وقت إبرام العقد وليس وقت حدوث التعديل، فلا يجوز الاعتداد بالظروف الشخصية للعامل في وقت لاحق على إبرام العقد لتقدير مدى جوهرية التعديل.
ويجب على القاضي أن يبحث عما إذا كان العنصر محل التعديل من المسائل المؤثرة في رضاء المتعاقدين وقت إبرام العقد، ومن أهم ما يؤخذ في الاعتبار مدى أهمية التعديل إذا ما قورن بالوضع الذي تم الاتفاق عليه بين الطرفين، فإن كان التعديل يدخل تغييرات بسيطة على مركز العامل فإنه يكون غير -جوهري أو ثانوى. فالعبرة ليست بطبيعة التعديل وإنما بمدى ودرجة أهميته، فالدرجة تؤثر في وصف التعديل. وعند تقدير أهمية التعديل في ظروف العمل يقارن ما يسفر عنه التعديل بما كان سارياً منذ الاتفاق والذي يعتبر الأساس الذي تتم المقارنة معه.
ويلاحظ أن الطابع الحمائي لقانون العمل جعل القضاء يهتم بتحديد الشرط الجوهري في ضوء نية العامل الحقيقية وقت إبرام العقد، بدلاً من الاهتمام بالنية المشتركة للمتعاقدين.
ومن أهم العناصر الجوهرية الأجر، فالمادة 76 صريحة في أن التعديل غير الجوهرى يجب ألا يكون من شأنه المساس بالحقوق المادية العامل وفي مقدمتها الأجر، وبمفهوم المخالفة فإن التعديل يكون جوهرياً إذا كان من شأنه المساس بالأجر، وهذا ما سار عليه القضاء قبل قانون العمل الجديد، كما طبقه المشرع في المادة 40 عندما قيدت نقل العمال بالأجر الشهري إلى عمال بالمياومة بعدم المساس بالحقوق التي اكتسبها العامل في المدة التي قضاها بالأجر الشهري.
ولكن لا تعتبر من العناصر الجوهرية الملحقات غير الدائمة للأجر، فتلك الملحقات لها صفة الثبات والاستقرار، ومن ثم لا يستحقها العامل إلا إذا تحقق سببها، فإذا نقل العامل من وظيفة تخوله الحصول على نسبة من العمولات كجزء من الأجر، إلى وظيفة لا تخوله تلك الميزة، فإنه لا يستحق بعد نقله الحصول على متوسط ما كان يتقاضاه من عمولة لأن العمولة من الملحقات غير الدائمة التي لا تستحق إلا بتحقق سببها وهو التوزيع الفعلي، فلا محل لتثبيت ما هو غير مستقر أو غير ثابت وإلا أعطى العامل ميزة لم تكن له.
فيجوز أن يمس النقل بالملحقات غير الدائمة للأجر دون أن يعتبر مساساً بالعناصر الجوهرية للعقد، أما الأجر النقدي الثابت، فلا يجوز خفضه لأنه من العناصر الجوهرية للعقد، هذا كله مع مراعاة المادة السابعة من قانون العمل.
ويجوز من باب أولى الحرمان من المبالغ المالية التي لا تعتبر جزءاً من الأجر مثل بدل الانتقال، ويصدق ذلك على الامتيازات التي تمنح للعامل بالنظر الظروف العمل، مثل الاغتراب، وليس لشخص العامل.
- وبالرغم من أن المادة 76 تتعلق بتعديل العمل المتفق عليه حيث تجيز تعديل طبيعة العمل بالإرادة المنفردة لصاحب العمل، متى كان التعديل غير جوهري، إلا أننا نرى أن تلك المادة قد وضعت مبدأ جواز التعديل غير الجوهري للعقد، ومن ثم يجوز تعديل مكان العمل متى كان التعديل معتبراً غير جوهري.
والأصل أن مكان العمل ليس من العناصر الجوهرية ما لم ينص أو لم يستفاد من العقد خلاف ذلك لأن مكان العمل يرتبط بكيفية تنفيذ العمل المطلوب، ويملك صاحب العمل سلطة واسعة في هذا المجال، فمتى كانت مصلحة العمل تقتضي نقل العامل، فلصاحب العمل في إطار سلطته في تنظيم منشآته، أن ينقل العامل من مكان إلى آخر، ولا يعتبر ذلك تعديلاً جوهرياً للعقد، متى لم يكن الغرض منه الإساءة إلى العامل.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن من سلطة صاحب العمل تنظيم منشأته وفقا لما يقتضيه صالح العمل. فلجهة العمل نقل العامل في أي وقت طالما اقتضت مصلحة العمل ذلك، وليس للعامل أن يثبت بالبقاء في وظيفة معينة أو بالعمل في مكان معين حرصاً منه على ما يحققه ذلك من مزايا مادية ومعنوية أو أدبية ناشئة عن ظروف خارجة عن العلاقة الوظيفية ليحول دون نقله إلى وظيفة تعادلها في الدرجة والمرتب لما يترتب على ذلك من شل يد صاحب العمل في نقل موظفيه نقلاً مكانياً أو من وظيفة إلى أخرى وتغليب المصلحة الذاتية للعمال على مصالح العمل.
وفي سبيل التوصل إلى نية المتعاقدين يجب التحرى عن كافة الظروف المحيطة بالتعاقد بما في ذلك ظروف وطبيعة المشروع، ففي المصرف متعدد الفروع لا يعتبر العمل في فرع معين عنصراً جوهرياً، كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار ظروف العامل من حيث مدى الاعتداد بقرب مكان العمل من سكن العامل، ومدى أهمية التعديل بالنظر للظروف الاجتماعية والاقتصادية للعامل، بل وظروف المواصلات، فإن لم يتم التوصل إلى تفسير محدد، فالأصل هو أن يكون مكان العمل من العناصر غير الجوهرية.
ويتوافر سوء النية إذا كان المكان الذي نقل إليه العامل غير مرخص له بالعمل.
- ولما كان لصاحب العمل، بمقتضى سلطته في الإدارة والإشراف، أن ينظم وقت العمل اليومي طبقاً لحاجة العمل وظروف العمل، فإن لصاحب العمل أن يعدل في وقت العمل اليومي، ويلزم العامل بأداء العمل وفقاً للتنظيم الذي يضعه صاحب العمل متى كان هذا التنظيم لا يتعارض مع القانون. ويمكن أن يستفاد من ذلك أن وقت العمل اليومي يعتبر من حيث الأصل من العناصر غیر الجوهرية في عقد العمل، وذلك كله ما لم يتضح من العقد صراحة أو ضمناً ما يفيد غير ذلك، فإذا كان العمل قد جرى في المنشأة على تشغيل ساعات أقل من الحد المحدد في القانون ورأى صاحب العمل أن يزيد ساعات العمل اليومي إلى الحد الأقصى المقرر في القانون، ولم يمنعه من ذلك نص في عقد العمل، فلا يجوز إلزامه بالعودة إلى النظام السابق، بل وليس للعمال المطالبة بأجور إضافية عن الساعات الزائدة عن النظام السابق.
ولكن يعتبر وقت العمل من العناصر الجوهرية إذا كان قد أخذ في الاعتبار، عند تحديده في العقد، الظروف الاجتماعية والعائلية للعامل، فمثل هذا الاتفاق يمنع صاحب العمل من تعديل الوقت، ويجب ملاحظة الفارق بين مجرد تحديد وقت العمل في العقد، وبين أن يكون النص العقدي مانعاً للتعديل. ففي الحالة الأولى يجوز تعديل الوقت متى كان غير جوهري، وفي الحالة الثانية نكون بصدد نص يجعل من وقت العمل عنصراً جوهرياً ومن ثم يحظر تعديله بالإرادة المنفردة لصاحب العمل.
- وفيما يتعلق بتغيير طبيعة العمل، فإن النقل إلى مركز مساو لا يقل عن سابقه ملاءمة يعتبر تغييراً غير جوهري، فالعمل في صناعة القمصان لا يختلف عن العمل في صناعة البيجامات، ونقل رئيس قلم قضايا البنك إلى وظيفة مترجم بقسم قضاياه بالمركز الرئيسي لا يعتبر نقلاً إلى وظيفة تختلف اختلافاً جوهرياً عن الوظيفة الأولى، لأن أعمال الترجمة من صميم العمل القضائي ولوازمه، ومن ثم فإن هذا المركز لا يعتبر أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الأول، والنقل من قلم المستخدمين إلى الأرشيف يدخل في سلطة صاحب العمل التنظيمية وأنه قد تم بدافع المصلحة وحسن التنظيم وليس بقصد الإساءة.
ولكن التغيير يكون جوهرياً إذا كان يغاير في طبيعته الوظيفة السابقة، فلقضي بأن نقلل المراسل الصحفي الخارجي وهو المركز المتفق عليه أصلا يختلف اختلافاً جوهرياً عن مندوب الاعلانات.
ويمارس القضاء رقابته على تحديد ما إذا كان التغيير جوهرياً أم ثانوياً، ويجب على المحكمة أن تبين مقتضيات التعديل التي استبانت لها من الوقائع.
ب) تأصيل سلطة صاحب العمل في التعديل غير الجوهري :
- تنبثق تلك السلطة من سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته واتخاذ ما يراه من الوسائل لإعادة تنظيمها متى رأى من ظروف العمل ما يدعو لذلك، فلا يجوز أن يفرض عليه بقاء العامل في وظيفة معينة أو في مكان معين الأن ذلك من شأنه أن يعوق ممارسة سلطته في تنظيم المنشأة، وهذا ما عبرت عنه محكمة النقض بقولها أنه لا وجه للحد من سلطة رب العمل في تنظيم منشأته بما يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة العمل متى كانت ممارسته لها مجردة من قصد الإساءة، كما أن من سلطته تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج.
كما يجب ألا نغفل أن عقد العمل يضع العامل تحت سلطة صاحب العمل، ومن ثم فليس للعامل أن يتضرر من التعليمات الجديدة التي تؤدي إلى التعديل في بعض ظروف أو أوجه تنفيذ العمل. فالتعديل في شروط وظروف العمل لا ينطوي في الواقع على تعديل عقد العمل، وإنما هو تطبيق لأحكام العقد نفسه، فالعامل بقبوله الخضوع لسلطة صاحب العمل يقبل مقدماً انفراد صاحب العمل بتعديل أحكام وشروط تنفيذ العمل، ورفض العامل لهذه التعديلات ينطوي على إخلال بالتزاماته العقدية.
ولهذا فإن التغيير غير الجوهري يعتبر من قبيل ممارسة صاحب العمل لسلطته التنظيمية أكثر من اعتباره تعديلاً للعقد، فالمسائل المتصلة بالتنظيم الفني للعمل لا تدخل في المجال العقد إلا بصورة جزئية وعلى سبيل الاستثناء ولتخرج مسألة تنظيمية من إطار سلطة صاحب العمل يجب أن تكون وفقاً للعقد وملحقاته من المسائل الجوهرية في مفهوم المتعاقدين.
أما حظر تعديل العناصر الجوهرية فيرجع إلى أن مثل هذا التعديل ينطوي على تجاوز الحدود السلطة التنظيمية، وحينئذ لا مفر من احترام مبدأ القوة الملزمة للعقد، فخارج إطار السلطة التنظيمية لابد من إعمال أحكام العقد والتعديل الجوهري ينطوي على إخلال صاحب العمل بالتزاماته العقدية.
ولكن إذا كان التعديل الجوهري يتجاوز حدود السلطة التنظيمية، إلا أن القواعد العامة في عقد العمل تخول صاحب العمل حق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة، ومن هنا يتداخل التعديل الجوهري مع إنهاء العقد. ولقد قضت محكمه النقض بأنه إذا استبان لرب العمل عدم كفاية العامل، اعتبر ذلك مأخذا مشروعاً التعديل عقد العمل أو إنهائه، وعلى من يدعي عدم صحة هذا المأخذ والتعسف في إنهاء العقد عبء إثباته.
ومفاد ذلك أن التعديل الذي يمس العناصر الجوهرية لا يعتبر مخالفة للالتزامات العقدية وإنما ينطوي على ممارسة من جانب صاحب العمل لحقه في إنهاء العقد، ما لم يقبل العامل التعديل. فالعامل لا يملك اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالإبقاء على الشروط العقدية السابقة على التعديل فرفض التعديل يؤدي إلى إنهاء العقد، وتنتقل المشكلة للبحث عما إذا كان الإنهاء بمبرر أم تم بصورة تعسفية.
وبناء عليه فإن رفض كل من التعديل غير الجوهري، والجوهري يؤدي إلى إنهاء العقد، ولكن الفارق بينهما يتمثل في أن رفض العامل للتعديل غير الجوهري ينطوي على إخلال بالتزامه بتنفيذ العقد، ومن ثم يتوافر المبرر المشروع لإنهاء العقد. أما في التعديل الجوهري وحيث لا يلزم العامل بقبوله فإن الإنهاء يرجع إلى فعل صاحب العمل.
النقل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة وفقاً للمادة 696 من القانون المدني :
- تنص المادة 696 من القانون المدني على أن النقل العامل إلى مركز اقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله لغير ما ذنب جناه لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحة العمل، ولكن يعد كذلك إذا كان الغرض منه إساءة العامل.
ويثور البحث عما إذا كانت المادة 696 تعتنق نفس التفرقة التي جاءت في المادة 76 بين التعديل الجوهري والتعديل غير الجوهري، أم أنها جاءت بحكم جديد.
- يذهب جانب من الفقه إلى أن نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة قد ينطوي على تغيير جوهري في العمل المتفق عليه، وفي هذه الحالة يكون جائزاً وليس عملاً تعسفياً وذلك وفقاً لكل من القانون المدني وقانون العمل، وقد ينطوى النقل على تغيير جوهري، وفي هذه الحالة يكون عملاً تعسفياً ولا يكون جائزاً وفقاً للقانون، فالمادة 696 ترد نفس المبدأ الذي ورد في المادة 76.
ومما يلفت النظر أن قضاء النقض يجمع في حيثياته بين نص المادتين 54 من القانون السابق، والمادة 696 وكأنهما يرددان حكماً متماثلاً، وهو ما يؤيده بعض الفقه.
ولكننا نرى أن نص المادة 696 ينظم حالة من حالات التغيير الجوهري للعقد. فالنقل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة لا يمكن أن يكون تعديلاً غير جوهری، بل هو من صميم التعديل الجوهري. فالتغيير غير الجوهري هو الذي يكون لمركز مساو سواء من حيث المزايا أو الملاءمة. أما العمل الأقل ملاعمة لابد وأن يختلف عن العمل الأكثر ملاءمة، ويؤخذ في الاعتبار عند تقدير مدى الملاءمة الأوضاع المستقبلية لكل من العمل السابق والعمل الجديد. ويكون التغيير جوهريا إذا كان أقل ملائمة بصفة عامة، كما لو كان أقل من الناحية الأدبية البحتة أو كان يقتضى جهدا يزيد عن الجهد اللازم في العمل الأصلي)، ومما يؤكد أن النقل إلى مركز أقل ميزة يعتبر تعديلاً جوهرياً، ما جاء في المادة 76 من قانون العمل من أن التعديل غير الجوهرى يجب ألا يمس بالحقوق المادية للعامل أي يبقي عليها ولا ينقصها.
وتحليل أحكام القضاء التي أجازت النقل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة يلقي الضوء على المقصود بتلك الفكرة ومجال أعمالها.
- لاحظنا أن قضاء النقض يقر نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة إذا كان العامل قد ارتكب تقصيراً لا يصل إلى مرتبة الخطأ التأديبي، وحيث يكون النقل مستهدفاً صالح العمل أي يمكن تغطيته بستار السلطة التنظيمية للعمل.
فقد قضت بأنه لا تثريب على رب العمل إذا نقل المدعي من رئيس القسم الطبي إلى طبيب نظراً لعدم الكفاية التي استبانها صاحب العمل، بل جاء في حيثيات الحكم تفصيل أوجه عدم كفاءة العامل وتقصيره في عمله. كما قضت بأن نقل الموظف إلى محافظة الجيزة في مركز ولو أنه أقل ميزة من الذي كان يشغله قبل النقل لا يعد عملاً تعسفياً من جانب الشركة إذ اقتضت مصلحة العمل ذلك بأن رأت الشركة إبعاد الموظف عن محل عمله بالقاهرة والذي ارتكب فيه الفعل الذي جوزی عليه بتنزيل وظيفته إلى الوظيفة الأدنى، وعندما ألغي جزاء التنزيل أعيد الموظف إلى القاهرة .
- ومما يؤكد تلك الملاحظة أن قضاء النقض صريح في أن من سلطة صاحب العمل تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج، ويضاف لذلك أن عدم كفاية العامل لا تعتبر في حد ذاتها خطأ تأديبياً، فالعامل غير الكفء لا يمكن أن يترك في مكانه لأن ذلك يضر بمصلحة العامل، كما أنه من غير المنطقي أن ينقل إلى مركز مساو تماماً للمركز الذي ثبت عدم صلاحيته له، بل أن المنطق يقتضي نقله إلى مركز أقل ملاءمة أي يتفق مع كفايته المتدنية، بل وذهبت محكمة النقض إلى حد القول بأن عدم الكفاية يعتبر مأخذاً مشروعاً لتعديل شروط العقد أو إنهائه.
وغني عن البيان أن التعديل في مثل هذه الظروف يستوجب النزول بمركز العامل ووضعه في مركز أدنى من سابقه المتفق عليه، فعدم الكفاية ليس خطأ تأديبياً ومن ثم لا محل لتوقيع جزاء تأدیبی، ولكن لا يعني ذلك ترك العامل في مركزه المتفق عليه لأن ذلك يضر بصالح العمل، ومن هنا فإن وضع العامل في المركز الذي يتناسب مع قدراته وأن كان يقل عن المركز المتفق عليه يدخل في إطار التنظيمية لصاحب العمل بالرغم من أنه ينطوي لا جدال على تعديل جوهري الشروط العقدية.
- وعبارات نص المادة 696 تؤكد التفسير الذي انتهينا إليه، من أن رأى المادة تنظم التعديل بالنقل لعدم الكفاية، فالمادة صريحة في أن النقل لمركز أقل ميزة أو ملاءمة يكون لغير ما ذنب جناه العامل، وهذه العبارة تثير الاستغراب الأول وهلة، فكيف ينقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة دون ارتكاب أي ذنب، فمصلحة العمل قد تبرر النقل لمركز مسار آخر، وإنما لا تبرر النقل لمركز أقل ملائمة أو ميزة لمن لم يرتكب أي ذنب، ونرى أنه يجب أن يرتكب العامل ما ينسب إليه دون أن يكون هذا مخالفة أو ذنباً تأديبياً، وهذا هو ما يصدق تماماً على عدم الكفاية المهنية للعامل، فمن المستقر فقهاً أن عدم كفاية العامل ليست ذنباً تأديبياً، ومن ثم لا تستوجب أي جزاء تأديبي، ويضاف لذلك أن الجزاءات التأديبية قد وردت في قانون العمل على سبيل الحصر ولم يرد النقل من بينها ولكن لا يعني هذا استبقاء العامل في المركز الذي ثبت عدم أهليته أو كفايته له لأن ذلك من شأنه أن يؤثر في حسن سير العمل ويضر به، أي أن مصلحة العمل تستوجب نقل العامل من المركز الذي ثبتت عدم كفايته له، ومن المنطقي ألا يكون النقل المركز مساو لأن عدم الصلاحية تمتد إلى المراكز المتساوية، وإنما يكون النقل لمركز أقل ميزة أو أقل ملاءمة. فالتعديل الجوهري بالنقل يرجع إلى عدم كفاية العامل، وتبرره مصلحة المشروع، ولهذا يستقل بتقديره صاحب العمل في إطار حرصه على مصلحة المشروع من خلال ممارسته للسلطة التنظيمية.
فالسلطة التنظيمية تبيح التعديل غير الجوهري في صورة النقل لمركز مساو، فمتى كانت كفاية العامل مشهودة فإن مصلحة العمل لا تستوجب نقله إلى مركز أقل ميزة، أما إذا كان العامل غير كفء فإن مصلحة العمل تستوجب نقله إلى مركز يتفق مع قدراته ولو لم يكن مساوياً للمركز السابق المتفق عليه.
أما النقل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة، بالرغم من كفاية العامل فإنه يعتبر عملاً تعسفياً يستهدف الإساءة إلى العامل نظراً لأن مصلحة المشروع لا تقتضيه ولا تبرره.
وعلى هذا فإن النقل لمركز مساو يدخل في إطار المادة 76 حيث يكون التعديل غير جوهري ، أما إذا كان النقل نتيجة عدم كفاية العامل، فإنه لا يجب التقيد بالنقل إلى مركز مساو بل يكون، إعمالاً للمادة 696 مدني إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة وهو ينطوي بالضرورة على تعديل جوهري أباحته صراحة المادة 696، وذلك خروجاً على القاعدة الواردة في المادة 76.
534- وعلى هذا يجب التدقيق في حالات النقل للبحث عما إذا كان النقل ينطوي على تعديل جوهري، أو مجرد تعديل غير جوهري فالغالبية العظمى من الأحكام تتعلق بالنقل من وظيفة مقرر لها عمولة إلى وظيفة لا يتقرر للعامل فيها عمولة وكما رأينا فإن العمولة متى كانت من الملحقات غير الدائمة لا يعتبر الحرمان منها ميزة لأنها بطبيعتها غير دائمة ولهذا فإن التعديل يكون غير جوهري، يضاف لذلك بأنه في العديد من الحالات الأخرى كان النقل تفرضه ظروف العمل ولا يتعلق الأمر بعامل بالذات، وهناك حالات كان النقل فيها المركز متساو ومن ثم يكون في إطار التعديل غير الجوهري مثل النقل من قسم القضايا إلى الترجمة القضائية، أو من المستخدمين إلى الأرشيف، وهناك الطائفة الثالثة من حالات النقل وهي التي تنطوي على تعديل جوهرى للعقد ولقد انتهينا إلى أن ما يبررها هو عدم كفاية العامل مما يجعل من مصلحة العمل نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة.
ويقع عبء إثبات أن النقل قد تم بدون وجه حق على عاتق العامل الذي يدعي عدم صحة سبب التعديل، ورفض العامل لقرار النقل الذي تم في حدود القانون يعطى لصاحب العمل الحق في إنهاء علاقة العمل.
- ونرى أن المادة 696 قد جاءت بحكم خاص يتعلق بالتعديل الجوهري بسبب عدم الكفاية عن طريق النقل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة، ومن ثم فلا تعارض بين حكم المادة 696 والمادة 76 فالمادة 76 قد جاءت بحكم عام يحظر التعديل الجوهري ويبيح التعديل غير الجوهري ، أما المادة 696 فقد جاءت بحكم خاص للتعديل الجوهري في حالة عدم الكفاية. ولما كان الحكم العام لا يلغي الحكم الخاص السابق بل يبقى الأخير قيداً على الأول، فإن حكم المادة 696 يسري سواء في علاقات العمل الخاضعة للقانون المدني أم قانون العمل.
بل أن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 قد أعطى في المادة 110 لصاحب العمل الحق في إنهاء العقد في حالة ثبوت عدم كفاءة العامل طبقاً لما - تنص عليه اللوائح المعتمدة وهذا يسمح، من باب أولى، لصاحب العمل بتعديل العقد. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 461)
المقصود بالوقف وأساسه
- من أدق المسائل تعريف وقف العمل، ويختلف الفقه والقضاء حول وضع تعريف جامع مانع له، طبقاً للاتجاه الذي تعتنقه محكمة النقض يقصد بوقف العقد، وقف تنفيذ الالتزامات الرئيسية المتبادلة التي يفرضها العقد على طرفيه عند حدوث قوة قاهرة، تؤدي إلى الاستحالة المؤقتة التنفيذ. ويؤخذ على هذا التعريف أن هناك حالات للوقف خارج إطار فكرة الاستحالة المؤقتة، وذلك مثل وقف العقد في حالة الإضراب، والوقف التأديبي عن العمل.
ويذهب بعض الفقه إلى أن الوقف يؤدي مؤقتاً إلى وقف حياة العقد، بحيث يستأنف نفاذه بعد انقضاء مدة الوقف طالت أم قصرت، ويعيب هذا التعريف أن صفة التأقيت ليست من خصائص الوقف، لأن هناك حالات للوقف تنتهي بانقضاء العقد وذلك مثل المرض، والوقف الاحتياطي عن العمل، ولهذا يتجه الفقه الحديث إلى تعريف واسع للوقف فيعتبر العقد موقوفاً في كل حالة يكون فيها، من المبرر، عدم قيام العامل بالعمل، أو امتناع صاحب العمل عن تقديم العمل، وينبه الفقه إلى أن الوقف لا يرد على العقد برمته بل يرد على الالتزام بتقديم العمل، وفي المقابل في بعض الأحيان، وليس دائما، وقف الالتزام بالوفاء بالأجر.
وفكرة وقف عقد العمل تجد أساسها في مبدأ ضرورة استقرار الروابط العمالية وثبات العمالة. ويقصد باستقرار العمالة الحرص على الإبقاء على الرابطة العقدية قدر الإمكان، منعاً لتعطل العامل على أثر انقضاء العقد. فالعمل وما يدره من دخل هو مصدر رزقه الوحيد. فحماية للعامل لا يلجأ إلى الانفساخ عند مجرد تحقق القوة القاهرة، بل إذا كانت القوة القاهرة مؤقتة، تطبق فكرة الوقف التي تكفل للعامل استقراره ومصدر رزقه ولا تحمل صاحب العمل بعبء لا يطيقه، فالوقف يكفل استقرار العامل في عمله وتفادي انفصام الرابطة العقدية. وعلى هذا فأساس وقف عقد العمل هو أساس اجتماعي وإنساني حتى يتأقلم القانون مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية ولا يقوم على معطيات نظرية جامدة تتناسى الطبيعة الإنسانية لقانون العمل.
الشروط اللازمة لوقف عقد العمل
- والوقف طبقاً لما أخذت به محكمة النقض يتفق مع القواعد العامة في القانون المدني ولكنه لا يستغرق فكرة الوقف التي تطورت في إطار قانون العمل وتجاوزت الفكرة المدنية، ولمواجهة الصور المختلفة للوقف وفي إطار قواعد عامة تحكم الوقف يكتفي لتوافر الوقف بأن يكون هناك مانعاً يحول دون تنفيذ العمل، ولكن يجب أن يكون هذا المانع مؤقتاً، وأخيراً يجب ألا تكون مدة التنفيذ عنصراً أساسياً في العقد، وندرس هذه الشروط فيما يلي.
الشرط الأول: وجود مانع يحول دون تنفيذ العقد:
- يتوافر المانع في حالة وجود قوة قاهرة، ولكن لا تعفي المدين من تنفيذ التزامه إذا كانت راجعة إلى خطئه، وإذا استحال التنفيذ العيني فإن التزامه يتحول إلى التنفيذ بمقابل أي التعويض، وعلى هذا فإذا كانت استحالة تنفيذ عقد العمل ترجع إلى خطأ أي من الطرفين فإنه لا يمكن أعمال نظرية الوقف بل يقع عاتق الاستحالة على كاهل المخطئ وحده، أي أنه يجب أن تكون استحالة التنفيذ راجعة إلى قوة قاهرة بمعناها الفني أي تكون هناك حادثة غير متوقعة ولا يمكن تدارك نتائجها. والخطأ الذي يؤدي إلى استحالة التنفيذ ويحرم بالتالي من الاستفادة من الوقف ينقسم إلى نوعين:
النوع الأول: وهو الخطأ الذي يعتبر أساس وأصل استحالة تنفيذ الالتزام، مثل مرض العامل الذي يرجع إلى خطأ جسيم من جانبه، أو الإغلاق المؤقت للمنشأة كجزاء لما اقترفه صاحب العمل من إخلال بالتزام قانوني. ففي هذه الحالة فإن الطرف المخطئ يعتبر مسئولاً عن عدم التنفيذ وبالتالي لا يجوز التمسك بوقف العقد ويظل ملتزماً بتنفيذ التزامه أما عيناً أو تعويضاً.
النوع الثاني: وهو الخطأ الذي يرتكب أثناء وقف العقد وبعد تحلل أحد الأطراف من التزاماته مؤقتاً، فهذا الخطأ يؤدي إلى استحالة الإبقاء على علاقة العمل بالرغم من توافر سببب الوقف أي استحالة التنفيذ وذلك مثل عدم احترام العامل للالتزام بالسرية أثناء وقف العمل. ففي هذه الحالة ينتهي الوقف أي يصبح الطرف ملزماً بتنفيذ التزامه ولما كان يستحيل التنفيذ فإنه يتحمل تبعة ذلك أي يلتزم بالتعويض. فالخطأ الذي يحرم من الاستفادة من الوقف قد يكون سابقاً على استحالة التنفيذ وسبباً لها، وقد يكون لاحقاً عليها ولكن يؤدي إلى استحالة الإبقاء على العلاقة العقدية.
ويستقل قاضي الموضوع بتقدير مدى خطورة الخطأ الذي ارتكب وأثره على الاستفادة من الوقف. وبصفة عامة فإن تقدير خطورة الخطأ وأهميته تستند إلى عاملین، نوع أو طبيعة الاستحالة من جهة وإلى خصائص علاقة العمل محل البحث، فالخطأ البسيط الذي يؤدي إلى مرض أو إصابة العامل الذي ارتبط مع صاحب العمل من سنوات طويلة لا يمكن القول بأنه يحرم العامل تلقائياً من الاستفادة من أحكام الوقف وبالعكس يجوز التشدد مع العامل إذا كان موظف موضع ثقة صاحب العمل وعلى دراية بدقائق العمل وأخل بالسرية أياً كان قدر الإخلال أثناء وقف العقد.
- ولكن المانع لا يقتصر على حالة القوة القاهرة. فنظرة لتنوع حالات الوقف وتعدد أهدافها فقد تم تجاوز الفكرة المدنية للوقف أي التي تربط ما بين الوقف والقوة القاهرة. فقد يكون المانع مجرد مبرر مشروع مثل أجازة الأمومة والطفولة، والأجازة الخاصة التي قد تقررها اللائحة الداخلية، وحيث تتم بموافقة صاحب العمل ولمبرر يقبله، وأجازة الدورات الدراسية والتثقيفية لأعضاء المنظمات النقابية وأجازة التفرغ لأعضاء مجلس إدارة المنظمة النقابية، وتوقف المشرع لعذر قهري لا يصل إلى حد القوة القاهرة.
- ويمكن القول بأن المانع يجب ألا ينطوي على إخلال بالتزام ممن تمسك به ويتوافر ذلك في حالة القوة القاهرة، أو في حالة وجود نص قانوني يقرر الوقف، والذي يتم في الأحوال التي يتوافر فيها العذر المشروع لعدم القيام بالعمل أو لعدم تقديم العمل، أو حالة التراضي التي قد ترجع في جانب كبير منها لتوافر المبرر المشروع لدى العامل وحيث يكون في بعض الأحيان رفض صاحب العمل بقبول الوقف منطوياً على تعسف.
الشرط الثاني: أن يكون المانع مؤقتاً :
لا يمكن أعمال الوقف إلا إذا كان مانع التنفيذ مؤقتاً بطبيعته، فالاستحالة الدائمة تؤدي إلى انفساخ العقد.
ويشترط لتوافق التأقيت، ليس فقط أن تكون حالة الاستحالة قابلة للانتهاء في المستقبل، بل يجب أن تنتهي قبل أن يصبح تنفيذ عقد العمل غير محدد. فالطابع المؤقت لا يتحدد بصورة عامة بل يجب أن يحدد بصورة نسبية بالنظر للطرف الآخر في العلاقة، فيجب أن يؤخذ في الاعتبار المدة التي يحتفظ خلالها تنفيذ العقد بفائدته، فإذا تعدى هذا الحد كانت الاستحالة نهائية بالنسبة للعقد محل البحث.
وإذا كان من الصعب تحديد ما إذا كانت الاستحالة مؤقتة أم نهائية فإنه في حالة الشك يغلب اعتبار الاستحالة مؤقتة إذا كان ذلك في مصلحة العامل لأنه يترتب عليها وقف العقد مما يؤدي بدوره إلى استقرار وثبات العمالة ويحقق ثبات العلاقات القانونية بصفة عامة.
ويحرص التشريع في بعض الأحيان على تحديد المدة التي يمكن أن يظل العقد خلالها موقوفاً ودون أن يؤدي انفصام الرابطة العقدية، ففي حالة المرض يحدد القانون مدداً ولا يجوز خلال وقف العقد إنهاء العقد.
وإن لم يتدخل المشرع فإن التعرف على الطابع المؤقت للاستحالة يكون بالنظر إلى طبيعة علاقات العمل التي ارتبط بها الأطراف ودور عنصر المدة فيها، فيجب تحديد الطابع المؤقت على ضوء المدة الكلية لعلاقة العمل وكذلك بالنظر إلى المدة التي انقضت قبل قيام العائق والمدة التي يمكن أن يستمر خلالها العقد في المستقبل.
الشرط الثالث: ألا تكون مدة التنفيذ عنصرا أساسيا في العقد:
لا يمكن أعمال نظرية وقف عقد العمل إلا إذا كانت مدة التنفيذ لا تلعب دوراً ثانوياً في العقد وفي شروطه، فإذا كانت المدة تلعب دوراً هاماً في تنفيذ العقد فإن الاستحالة تؤدي إلى انفساخ العقد وليس إلى وقفه، فإن كان العقد محدد المدة أو القيام بعمل محدد بحيث يجب أن يتم الانتهاء من العمل خلال فترة وجيزة، فإنه لا يمكن أن تطبق أحكام الوقف لأنها تخل تماماً بالعلاقات العقدية.
- ويعتبر الوقف مبدأ هاماً من مبادی قانون العمل، ولا يتقيد الوقف بوجود اتفاق يقره، أو نص يبيحه وينظمه بل من حق القاضي أن يقضي بالوقف وترتيب آثاره عندما تتوافر شروطه العامة، فالوقف نظرية عامة وليس مجرد حالات فردية.
آثار وقف عقد العمل
ندرس فيما يلى آثار الوقف خلال فترة الوقف، ثم آثاره عند انتهاء فترة الوقف، والوقف وانقضاء العقد.
- ينصب الوقف على الالتزامات الرئيسية دون الثانوية، ويقصد بالالتزامات الرئيسية الالتزام بالعمل، وبالالتزام المقابل له وهو الأجر، ولكن هذا الأصل العام قد يرد عليه استثناء بموجب نص قانوني يقرر صرف الأجر كله أو بعضه، كما قد يكون مصدر الاستثناء ما يستقر عليه القضاء إعمالاً لمبدأ الطابع الحيوي للأجر.
ومع هذا فإن العقد يظل قائماً وتبقى العلاقة التعاقدية قائمة بين طرفيه. ويظل العامل منتمياً إلى المشروع، ولهذا فإن الالتزامات الثانوية تظل قائمة ويلتزم باحترامها كل من الطرفين. فعقد العمل يقوم على نوع من الثقة والأمانة ولهذا يظل العامل خلال فترة الوقف ملزماً وبالمحافظة على أسرار العمل والإخلاص لصاحب العمل. ويظل العامل منتمياً إلى المنشأة التي يعمل فيها ويستطيع أن يشارك في الجوانب الثقافية والاجتماعية والنقابية. والإخلال بهذه الالتزامات قد يؤدي إلى إنهاء العقد حتى أثناء فترة الوقت ولا يجوز لصاحب العمل أن يطرد العامل من المسكن المخصص له كميزة ملحقة بالأجر إلا في حالة الضرورة القصوى.
- ويلاحظ أن وقف العقد لا يختلط ولا يشتبه بوقف التقادم، وتبدو أهمية هذه الملاحظة في عقود العمل محددة المدة، فلو كانت ظروف العقد تسمح بأعمال الوقف إلا أن العقد ينتهي بانتهاء مدته حتى ولو كان العقد مازال موقوفاً، أي ينتهي العقد خلال مدة الوقف، فالوقف لا يؤدي إلى وقف احتساب مدة العقد وعودة سريانها بعد زوال سبب الوقف كما يحدث في مجال التقادم. فوقف العقد يرد على تنفيذ التزاماته وليس على حياة العقد نفسها والتي تنتهي بانتهاء المدة المحددة له.
ويحتفظ صاحب العمل بسلطته التأديبية خلال فترة توقف العقد، فوقف العقد لا يعطى العامل حصانة في مواجهة صاحب العمل ومن ثم له أن يوقع على العامل الجزاءات التأديبية.
ولكن نطاق السلطة التأديبية يتقيد بالوقف، فلا يجوز توقيع جزاء على ما يترتب من وقف العقد من عدم قيام العامل بالعمل، كما تتقيد السلطة التأديبية بما قد يرد في القانون من أحكام تقيد سلطة صاحب العمل.
آثار الوقف عند انتهاء مدته :
- الأصل أن تنفيذ العقد يستأنف بمجرد انتهاء سبب الوقف ويعود إلى ترتيب كافة آثاره، وقد يكون استئناف العمل فورياً وقد يمنح العامل مهلة للعودة إلى العمل إذا كانت ظروف الوقف تستوجب ذلك مثل الاستدعاء التجنيد الإجباري.
ولما كانت الأقدمية تعتبر مصدرا للعديد من الحقوق والمزايا بالنسبة للعامل، فما هو أثر الوقف على الأقدمية؟ الأصل أن يعود العامل للعمل متمتعاً بكافة المزايا التي تترتب على الأقدمية ، فالعبرة لاستمرار أقدمية يتوافر الانتماء والارتباط بالمشروع وهو ما يظل قائماً خلال فترة الوقف، ولهذا فإن الوقف لا يمحو مدة الأقدمية السابقة، بل وتحسب مدة الوقف في الأقدمية، ويستحق العامل العلاوات المرتبطة بالأقدمية.
ولكن قد ترتبط الأقدمية في بعض الأحيان بالخدمة المستمرة أو العمل الفعلي وليس بمجرد الانتماء للمشروع وفي هذه الأحوال لا تحتسب مدة الوقف عند احتساب مدة الخدمة اللازمة للتمتع بالميزة ولكن تحتسب المدد السابقة واللاحقة عليها. فالإجازة السنوية تستحق كاملة بالعمل الفعلي لمدة سنة، ومن ثم لا يحتسب في مدة السنة فترات التوقف عن العمل، ما لم يقض القانون بغير ذلك.
وإذا كان القانون يقرر صرف الأجر خلال فترة الوقف فالأصل استحقاق الأجر الثابت، أما الملحقات المتغيرة فلا تستحق إلا إذا تحقق سببها وهو العمل الفعلي وذلك مع مراعاة أحكام المادة السابعة.
الوقف وانقضاء العقد :
- من الأهمية بمكان إيضاح أثر الوقف على انقضاء العقد، فذالك يلقى الكثير من الضوء على دور فكرة الوقف في الإبقاء على علاقات العمل.
لما كان الدور الرئيسى للوقف هو الإبقاء على العلاقة العقدية بالرغم من المانع المؤقت، فإنه من الطبيعي ألا يجوز لصاحب العمل أن ينهي العقد خلال فترة الوقف مستنداً في ذلك إلى نفس السبب الذي أدى إلى الوقف. ولقد قنن المشرع ذلك عندما قرر عدم جواز إنهاء عقد العمل بسبب المرض قبل استنفاذ الأجازات المرضية. والمحظور ليس فقط الفصل، بل يحظر أيضاً إنهاء العقد غير محدد المدة حتى ولو بعد أخطار العامل طالما أن سبب الإنهاء هو نفس سبب الوقف.
ولكن يجوز إنهاء العقد لسبب آخر غير السبب المؤدي إلى الوقف فكما رأينا لا يترتب على الوقف بالنسبة للعامل إلا وقف التزامه بتقديم خدماته إلى صاحب العمل، وتظل التزاماته الأخرى قائمة. ولهذا يجوز إنهاء العقد إذا ما ارتكب العامل أثناء الوقف خطأ يجعل من المستحيل الاستمرار في العلاقة العقدية، ولكن يقع على عاتق صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر المخالف لسبب الوقف.
كما يجوز إنهاء العقد في حالة قيام ضرورة اقتصادية أو فنية تعوق استمرار المشروع، وقد تكون هذه الضرورة أو القوة القاهرة مستقلة عن القوة القاهرة التي أدت إلى الوقف، وذلك مثل تدمير المنشأة أثناء وقف العقد لمرض العامل، وقد تكون القوة القاهرة مرتبطة بالقوة القاهرة التي أدت إلى الوقف، وفي هذه الحالة الأخيرة يجب التشدد في اعتبار هذه الشروط متوافرة حتى لا يتحول الوقف إلى إنهاء العقد، فلا يسمح بالانتهاء إلا إذا كانت هناك خطورة حقيقية تهدد استمرار المنشأة، مثل استحالة العثور على عامل مؤقت يحل محل العامل الذي وقف عقده.
ويلاحظ أن وقف العقد لا يحرم العامل من حقه في الاستقالة في حالة العقد غير محدد المدة.
وفي مجال الوقف الجزائي ذهبت محكمة النقض إلى أن حق صاحب العمل في وقف العامل طبقاً للمادة 67 من قانون العمل لم يقيد سلطة رب العمل في إجراء فصل العامل اكتفاء بالتحقيق الإداري إذا قدر أن مصلحة منشأته تقتضي ذلك وأن ما وقع من العامل يكفي لتبرير إنهاء العلاقة العقدية بالفسخ.
في تطبيقات وقف عقد العمل
- ندرس فيما يلي أهم تطبيقات النظرية العامة لوقف العقد والتي وردت في قانون العمل أو في غيره من التشريعات وأهم حالات الوقف التي قررها القضاء.
أولاً: تجنيد العامل
لم يرد في قانون العمل ما يبين أثر تجنيد العامل على عقد العمل وذلك اكتفاء بما ورد في المادة 43 من القانون رقم 127 لسنة 1980 الخاص بقانون الخدمة العسكرية والوطنية، وتقرر هذه المادة أنه يجب على أصحاب الأعمال الذين لا يقل عدد العاملين لديهم عن عشرة أن يحتفظوا لمن جند من العاملين بوظيفته أو بعمله أو بوظيفة أو بعمل مماثل إلى أن ينتهي أداء الخدمة العسكرية والوطنية ويجوز شغل وظيفة المجند أو عمله بصفة مؤقتة خلال هذه المدة ويعاد الموظف أو العامل إلى الوظيفة أو العمل المحتفظ له به إذا طلب ذلك خلال 30 يوماً من تاريخ تسريحه من الخدمة العسكرية والوطنية، ويجب إعادته للعمل خلال 60 يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويعتبر تاريخ تقديم الطلب هو تاريخ عودته للعمل. أما إذا أصبح غير لائق بسبب عجز أصابه أثناء الخدمة العسكرية ولكنه يستطيع القيام بوظيفة أو عمل آخر فيعاد إلى هذا العمل أو تلك الوظيفة، على أن يراعى وضعه في المركز الذي يلائم وظيفته الأصلية من حيث المستوى والأقدمية والمرتب، وإذا لم يقدم الموظف أو العامل طلبه في الميعاد أو لم يتسلم عمله خلال 30 يوماً من تاريخ أمر العودة للعمل جاز رفض طلب أعادته ما لم يكن التأخير لعذر مقبول.
ولكن الالتزام الذي يقع على صاحب العمل بالاحتفاظ للعامل المجند بوظيفته خلال مدة التجنيد لا يسرى إلا على عقود العمل غير محددة المدة وذلك بالنسبة للعمل في القطاع الخاص ، ويستفاد ذلك من المادة 43/ 2 التي تقرر سريان الأحكام الخاصة بالاحتفاظ بالوظيفة بالنسبة للعاملين بعقود مؤقتة أو محددة المدة بالجهاز الإداري للدولة والقطاع العام وذلك إلى نهاية مدة عقودهم. ولم يرد في هذه الفقرة ما يعني استفادة العاملين بالقطاع الخاص بأحكامها، مما يفيد أن الاحتفاظ بالوظيفة لا يسري على العقود محددة المدة أو المؤقتة ويقتصر سريانه على العقد غير محدد المدة.
- ونرى أن نص المادة 43 لا يلزم بوقف العقد محدد المدة، بل يسرى في هذا الشأن القواعد العامة في أثر التجنيد على عقد العمل، فيجوز لصاحب العمل أن يعتبر العقد منفسخاً بسبب التجنيد منذ استدعاء العامل للتجنيد، وإذا قبل صاحب العمل الإبقاء على العقد فإنه ينتهي بانتهاء مدته التي قد تحل خلال فترة التجنيد.
وقضت محكمة النقض بأن عقد العمل المحدد المدة ينتهي بحلول أجله أثناء مدة التجنيد، ولا يكون للعامل الحق في طلب إعادته إلى عمله بعد تسريحه الأن تجنيد العامل ليس من شأنه إحداث تغيير في طبيعة عقد العمل وفي الشروط المتفق عليها فيه وأضافت المحكمة أن نصوص القانون تخلو مما يفيد مد مدة عقد العمل المحدد المدة بقدر مدة التجنيد أو صيرورة هذا العقد غير محدد المدة. فعقد العمل يدخل أثناء مدة التجنيد في عداد العقود الموقوفة طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني، إذ يستحيل على العامل القيام بعمله خلالها وفي المقابل لا يلزم صاحب العمل بأداء أجره، لأن الأصل في استحقاق الأجر أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل، ولم يستثني المشرع من هذا الأصل سوی حالات معينة أوردها على سبيل الحصر وليس من بينها حالة استدعاء العامل لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية.
- واستقر قضاء محكمة النقض على أن العامل لا يستحق أجر خلال فترة وقف العقد بسبب الاستدعاء لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، ويعفى من أداء اشتراكات التأمين الاجتماعي.
وعند عودة العامل للعمل يحتفظ له بكافة المزايا من حيث الأقدمية والعلاوات والمرتب والمركز، ولكن لا يجوز أن يترتب على حساب مدة التجنيد أن تزيد أقدمية المجندين أو مدة خدمتهم على أقدمية أو مدد خبرة زملائهم في التخرج من أصحاب المؤهلات والذين عينوا في ذات الجهة.
مفاد المادة 44 من القانون رقم 127 لسنة 1980 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية على أن المشرع رعاية منه للمجند قرر الاعتداد بمدة خدمته العسكرية والوطنية والإلزامية الحسنة ومدة الاستبقاء بعدها وحسابها في أقدميته وكأنها قضيت بالخدمة المدنية عند تعيينه في الجهات المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر، وارتد بهذا الحكم على كل من تم تعيينه اعتباراً من 1/ 12/ 1968 ولم يضع سوى قيداً واحداً على ضم هذه المدة هو ألا يسبق المجند زميله في التخرج الذي عين في نفس جهة العمل، وتكون استفادة العامل من الضم في حالتين:
الأولى أن يكون منقولاً من الجهة الأولى إلى الثانية أو معاداً تعيينه مع انتهاء خدمته في الجهة الثانية حيث يستصحب في حالة النقل أقدميته التي كان عليها في الجهة الأولى.
والعبرة بتاريخ تعيين الزميل للمجند حيث يتحدد به الوضع الوظيفي للمجند دون أن يتأثر ذلك باستقالة زميله.
- ويجب لعودة العامل إلى عمله أن يتقدم بطلب بذلك خلال 30 يوماً من تاريخ التسريح، فإذا لم يقدم الطلب وكان التأخير لغير عذر مقبول جاز لصاحب العمل أن يرفض إعادته إذا تقدم بطلب العودة بعد ذلك، وإذا تقدم بالطلب وصرح له بالعودة وجب عليه تسلم العمل خلال 30 يوماً من تاريخ أمر العودة وإلا جاز لصاحب العمل أن يرفض عودته، أى أن له أن ينهي العقد ويكون الإنهاء مشروعاً. أما إذا تقدم العامل بطلب العودة في المواعيد ورفض صاحب العمل إعادته فإن ذلك يعتبر إنهاء غير مشروع من جانب صاحب العمل يخول العامل الحق في التعويض فقط ولا يجوز الحكم بإعادته للعمل.
وتلك القواعد متعلقة بالنظام العام فلا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، سواء بالاتفاق على عدم الوقف وانقضاء العقد، أو بتعديل شروط العودة إلى العمل بعد انتهاء التجنيد بما يشتمل عليه ذلك من قواعد للعلاوة والأقدمية.
أما إن اصبح العامل بعد انتهاء تجنيده غير لائق بسبب عجز أصابه أثناء الخدمة العسكرية والوطنية، وكان بإمكانه أن يقوم بعمل آخر لدى نفس صاحب العمل فيعود إلى هذا العمل، وإذا لم يوجد عمل يتناسب مع قدرته لدى صاحب العمل طبقت أحكام إنهاء العقد للعجز.
- أما بالنسبة للأحوال التي لا يسرى فيها نص المادة 43 من قانون الخدمة العسكرية مثل العقد محدد المدة أو إذا لم يستخدم صاحب العمل أكثر من عشر عمال، فما هو أثر تجنيد العامل على عقد العمل، هل يوقفه أم يؤدي إلى انفساحه؟ ذهبت محكمة النقض إلى أن الأصل هو أن العقد ينفسخ في حالة تجنيد العامل لأن التجنيد يعد قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً على العامل، ولكن لا مانع من اتفاق طرفي العقد على الإبقاء عليه ووقف نشاطه في فترة التجنيد حتى إذا انتهت عاد إلى العقد نشاطه واستمر العامل في عمله تنفيذاً لهذا الاتفاق.
ومفاد ذلك أن قانون الخدمة العسكرية قد جاء بحكم استثنائی، وهو وقف العقد خلال فترة التجنيد بدلاً من انفساخه، ومن ثم لا يقاس عليه. ويبدو أن القضاء قد اعتمد على أن مدة التجنيد تعتبر طويلة نسبياً مما يجعل الاستحالة دائمة وليست مؤقتة فطول المدة قد يؤدي إلى اضطراب سير العمل في المنشأة. كما أن وقت الاستدعاء غير معلوم مما يجعل التجنيد أمراً غير متوقع.
ولقد واجه هذا القضاء معارضة من جانب بعض الفقه الذي يرى أن الاستدعاء للتجنيد ينطوي على استحالة مؤقتة لا تؤدي إلا إلى وقف العقد فقط، وقانون الخدمة العسكرية قد طبق تلك القاعدة ليوضح حقوق المجند، ولكن إذا استطالت مدة التجنيد وأدى ذلك إلى اضطراب العمل في سير المنشأة فلصاحب العمل أن ينهي العقد ويكون الإنهاء حينئذ بمبرر.
وعلى هذا يجب مراعاة اختلاف أثر التجنيد على العقد بحسب ما إذا كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، فقانون الخدمة العسكرية يقرر وقف عقد العمل غير محدد المدة ، أما العقد محدد المدة، فإن التجنيد يؤدي إلى انفساخ العقد.
ثانياً : المرض القصير
- يعتبر المرض من حيث المبدأ من قبيل القوة القاهرة الذي تمنع العامل من مباشرة العمل والمنع قد يكون مؤقتاً إذا ما كان قصيراً في مدته، أما إذا كان طويلاً في مدته فإنه يتعدى الاستحالة المؤقتة.
ومعيار التفرقة بين المرض القصير الذي يؤدي إلى وقف العقد، والمرض الطويل الذي يؤدي لانفساخه حدده المشرع بطريقة التحديد الحسابي الجامد وذلك وفقاً لما سبق دراسته في الإجازة المرضية، مع مراعاة أن قانون العمل الحالي لم يحدد مدة للإجازة.
كما أوضح المشرع أنه لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاذ المدد المشار إليها، مما يفيد أن العقد يظل موقوفاً ولكنه قائماً وطالما أن هذه المدد لم تستنفذ فإن الاستحالة تظل بقوة القانون مؤقتة وليس من شأنها أن تدخل الاضطراب في سير المنشأة.
والمحظور هو إنهاء العقد بسبب المرض خلال فترة الوقف ولكن يمكن لصاحب العمل أن ينهيه لسبب آخر إذا توافرت شروط ذلك طبقاً لما سبق إيضاحه. (راجع شرح قانون العمل، للاستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني، الطبعة الرابعة 2020، دار النهضة العربية، الصفحة 615)
القاعدة العامة أن العقد شريعة المتعاقدين وصاحب العمل لا يملك إحداث تغيير في العمل المتفق عليه أو اتفاقية العمل الجماعية دون رضاء العامل حتى ولو كان التغيير غير جوهري ولكن قانون العمل بموجب هذا النص قد وضع استثناء على هذه القاعدة العامة وأعطي بموجبه الحق لصاحب العمل أن يكلف العامل بعمل آخر غير المتفق عليه وذلك في حالتين حددهما المشرع على سبيل الحصر:
أولاً : حالة الضرورة والقوة القاهرة :
وذلك منعا لوقوع حادث جسيم أو إصلاح ما نشأ عنه والضرورة تقدر بقدرها كان يكون قد وقع حادث في المنشأة كحريق أو فيضان وفي هذه الحالة يستطيع صاحب العمل أن يسند إلى العامل عملا آخر بحيث إذا انتهت حالة الضرورة أو القوة القاهرة التي دفعت صاحب العمل إلى تغيير عمل العامل وجب عليه إعادته إلى علمه .
ثانياً : عدم الإختلاف الجوهري في العمل :
ويجوز لصاحب العمل تكليف العامل بعمل آخر غير العمل المتفق عليه ويستهدف المشرع من ذلك تمكين صاحب العمل من تنظيم العمل في منشآته بما يحقق مصلحة العمل وبصفة دائمة أو مؤقتة والتغيير ، هنا يتم بدون أخذ رأي العامل أو موافقته وذلك بشرطين :
أ) ألا يكون العمل المسند للعامل يختلف عن عمله الأصلي اختلافاً جوهرياً ومن قبل
الإختلاف الجوهري نقل العامل من الشهرية إلى اليومية أو تكليف العامل بعمل يقل
عن عمله الأصلي من الناحية الفنية أو الأدبية .
ب) عدم المساس بحقوق العامل المادية وهذا القيد استحدثه المشرع في العبارة الأخيرة من النص و قصد منه حماية العامل .
وتحديد ما إذا كان تغيير العمل جوهرية أو غير جوهري مسألة وقائع وتخضع لسلطة القاضي وتقديره حسب ظروف الدعوى وملابساتها وله أن يستهدف في ذلك بمؤهلات العامل وخبرته والمقارنة بين العمل المتفق عليه والعمل الجديد .
ولصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف يتماشى مع التطور التقني بالمنشأة .
جزاء المخالفة :
بمقتضى نص المادة (249) يعاقب صاحب العمل أو يمثله عن المنشأة الذي يخالف ایاً من أحكام المواد (76 ، ... ، إلى آخره) من هذا القانون والقرارات الوزارية بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز مائتين جنيه ، وشدد الغرامة بعدد العمال الذين وقعت بشأنهم المخالفة ، وتضاعف الغرامة في حالة العودة . (راجع الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة 310)
قاعدة التزام الشروط المتفق عليها وعدم تكليف العامل بعمل غير متفق عليه
مقتضى القاعدة العامة في القوة الملزمة للعقد طبقاً للمادة ( 1/47) من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون أن عقد العمل يخضع للقواعد العامة في المسئولية التعاقدية لدى خروج أي من طرفيه على مقتضى الإلتزام التعاقدي وقد أكدت المادة المادة (76) من قانون العمل بهذه القاعدة حيث نصت على أنه يجوز لصاحب العمل أن يخرج على الشروط المتفق عليها في عقد العمل الفردي أو اتفاقية العمل الجماعية أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه..) ومن ثم فإن ما يتم الإتفاق
عليه في عقد العمل الفردي بين العامل وصاحب العمل من شروط يتضمنها العقد وما يتفق عليه في اتفاقية العمل الجماعية بين المنظمة النقابية العمالية وصاحب العمل أو المنظمة النقابية لأصحاب الأعمال من شروط تدون بها يتمتع بالقوة الملزمة لطرفيه .
وطبقاً للمادة (76/ 1) فإن صاحب العمل مقيد بقاعدتين أساسيتين هما :
الأولى : عدم جواز الخروج على الشروط المتفق عليها في عقد العمل الفردي أو اتفاقية العمل الجماعية.
الثانية : عدم جواز تكليف العامل بعمل غير متفق عليه طبقاً لعقد العمل الفردي أو الجماعي.
الإستثناءات على قاعدة عدم جواز تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه :
لما كانت مقتضيات تنظيم العمل بالمنشأة في نطاق الإدارة المعتادة لها أو المواجهة ما يطرأ من ظروف استثنائية أو مصاعب اقتصادية أو مسايرة ما يستوجبه التطور التقني والتقدم الفني الصناعي والإنتاجي تستلزم جميعها توفير قدر من المرونة لقاعدة عدم جواز تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه فقد خولت المادة (76) من قانون العمل صاحب العمل الخروج على قاعدة عدم جواز تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه في ثلاث حالات :
الأولى : حالة الضرورة أو القوة القاهرة.
الثانية : التكليف بعمل لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه.
الثالثة : تدريب وتأهيل العامل لعمل مختلف في إطار التطور التقني للمنشأة.
وسوف نعرض فيما يلي لهذه الإستثناءات لبيان حدودها وضوابطها.
الاستثناء الأول : حالة الضرورة أو القوة القاهرة :
يجوز لصاحب العمل أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعا لوقوع حادث بالمنشأة أو لإصلاح ما نشأ عنه.
والمقصود بحالة الضرورة الظروف الملحة الطارئة وقد حصر النص صور تلك الضرورة في الحالة التي يكون القصد منها منع وقوع حادث أو إصلاح ما نشأ عنه ومثال ذلك أن تكون الآلة التي يعمل عليها العامل تنذر بالإنفجار فيكون لصاحب العمل أن يعهد إلى العامل بعمل آخر أو أن تهدد النيران مصنفاً فيكون لصاحب العمل أن يكلف العمال بمقاومتها حماية للمصنع فإذا تهدم المصنع أو جزء منه كان له أن يكلف العمال برفع الأنقاض دون أن يكون لهم أن يحتجوا بأن هذه الأعمال لا تدخل في الأعمال المتفق عليها .
أما القوة القاهرة فيقصد بها الحادث الذي لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه ويترتب عليه انقضاء الإلتزام كالحرب والزلازل والفيضانات وغيرها مما يلحق أضراراً بالمنشأة تتطلب تضامن جميع الجهود لحمايتها .
وعند تحقق حالة الضرورة أو القوة القاهرة يحق لصاحب العمل تكليف العامل بعمل يختلف عن عمله الأصلي المتفق عليه ولو اختلف اختلافاً جوهرياً عنه.
على أن تغيير العمل نتيجة الضرورة أو القوة القاهرة يتعين أن يكون مؤقتاً فالضرورة تقدر بقدرها فلا يدوم تغيير العمل الناتج عن حالة الضرورة إلا بالقدر اللازم لمواجهتها ويزول بزوالها .
وإذا توافرت الضرورة أو القوة القاهرة ورفض العامل القيام بالعمل في هذه الحالة فإنه يكون قد أخل بمبدأ حسن النية التي يقتضي معاونة صاحب العمل في هذه الظروف واعتبر ذلك منه إخلالاً بأحد الإلتزامات الجوهرية المترتبة على عقد العمل ويقع على صاحب العمل عبء إثبات توافر الضرورة أو القوة القاهرة التي دعته إلى تكليف العامل بأداء عمل غير المتفق عليه .
الإستثناء الثاني : التكليف بعمل لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل المتفق عليه :
أوردت هذا الإستثناء الفقرة الثانية من المادة (76) من قانون العمل الجديد حيث
نصت على أن (... وله أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان لا يختلف اختلافاً جوهرياً بشرط عدم المساس بحقوق العامل) فلصاحب العمل تكليف العامل بعمل آخر غير المتفق عليه ولو بصفة دائمة بشرطين :
الشرط الأول : ألا يختلف العمل الجديد عن العمل الأصلي اختلافاً جوهرياً :
فإذا كان الاختلاف بين العمل الأصلي والعمل الجديد اختلافاً جوهرياً لم يكن لصاحب العمل إجراؤه إلا بصفة مؤقتة وبالضوابط وفي الحالات السابق بيانها ويكون الاختلاف جوهرياً إذا كان العمل الذي يريد صاحب العمل تكليف العامل به أقل درجة من الناحية المالية أو من الناحية الأدبية البحتة أو يقتضي جهداً يزيد كثيراً عن الجهد اللازم في العمل الأصلي واعتبار الإختلاف في العمل جوهرياً مسألة موضوعية تفصل فيها جهة الإختصاص مستهدية بظروف الحال وملابساته .
وسلطة صاحب العمل في تغيير نوع العمل مقيدة بأن يقتضيه صالح العمل في المنشأة فتحقيق هذا الصالح هو الغاية من تقرير ذلك الحق ويجب التزام هذه الغاية في استعماله فإذا ثبت أن التغيير إنما تم بقصد الإساءة إلى العامل أو لتحقيق مصلحة غير مشروعة اعتبر ذلك تعسفاً من صاحب العمل يرتب إلى العامل أو التحقيق مصلحة غير مشروعة اعتبر ذلك تعسفاً من صاحب العمل يرتب مسئوليته وفقاً للمادتين (4، 5) من القانون المدني ولا يلتزم العامل حينئذ بإطاعة أمر صاحب العمل ولا يكون مخلاً بأي التزام إذا امتنع عن تنفيذ هذا الأمر .
وبالمقابل فليس للعامل أن يتذرع بهذا النص لعدم نقله نوعياً أو مكانياً بأية أسباب طالما تم النقل لمقتضيات العمل ودون أن يكون بقصد الإساءة إليه أو ستراً لجزاء تأديبي) بل أنه ليس له أن يتشبث بإلقاء في وظيفة معينة أو بالعمل في مكان معين طالما نقل إلى وظيفة تعادل وظيفته في الدرجة والمرتب فإذا رفض النقل كان لصاحب العمل إنهاء علاقة العمل فإذا اختار العامل تقديم استقالته على اثر قرار صاحب العمل بنقله تنتهي الخدمة بالإستقالة ولا يكون له من بعد أن يطلب تعويضاً عن إنهاء الخدمة .
الشرط الثاني : ألا يترتب على نقل العامل مساس بحقوقه :
يجب إلا يكون من شأن تغيير العمل المستند إلى العامل على النحو السالف المساس بحقوقه وإلا كان بمكنة لصاحب العامل أن يتذرع بسلطته في تنظيم العمل بالمنشأة كي ينقل العامل إلى عمل آخر لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله السابق إلا أنه ينتقص من حقوقه ومن هنا جاء النص على استلزام عدم المساس بحقوق العامل وإلى جانب النص الحالي ينطبق نص المادة ( 2/696) من القانون المدني والتي تنص على أنه "ونقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي يشغله لغير ما ذنب جناه لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحة العمل ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه إساءة للعامل ومناط تطبيق حكم هذا النص هو أن يكون العمل الجديد الذي ينقل إليه العامل لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن العمل الأصلي ففي هذا الفرض يمكن البحث فيما إذا كان النقل قد تمحض بقصد الإساءة للعامل أما إذا كان الاختلاف بين العملين جوهرياً فلا مجال التطبيق حكم هذا النص .
تحديد حقوق العامل التي لا يجوز المساس بها عند النقل :
1- في ظل القانون 91 لسنة 1959 :
كان النص المقابل في قانون العمل الملغي رقم 91 لسنة 1959(المادة 57) لا ينص على اشتراط عدم المساس بحقوق العامل المادية وفي ظل هذا النص كانت محكمة النقض تذهب إلى أن لصاحب العمل أن يكلف العامل عملاً آخر - غير المتفق عليه - لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً وأن ينقل العامل ولو إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من الناحية الأدبية تطبيقاً للمادة (696/ 2) من القانون المدني متى اقتضت مصلحة العمل ذلك بحيث إذا رفض العامل النقل وسع صاحب العمل أن ينهي علاقة العمل .
ومع ذلك ذهبت المحكمة في قضاء آخر إلى اتجاه مختلف حيث أقرت اشتراط عدم مساس صاحب العمل بأجور عماله ومراكزهم الأدبية عند استعماله سلطته في تنظيم منشأته حيث قضت بأنه (وبما لرب العمل من سلطة تنظيم منشأته واتخاذ ما يره من الوسائل لإعادة تنظيمها فإنه يسعه ويكون له تعديل الأوضاع المادية لمختلف الخدمات التي تؤديها وإعادة توزيعها على عماله ومستخدميه وتحديد اختصاصات كل منهم بما يتفق مع صلاحيته وكفايته ومؤهلاته طالما أنه لا يمس أجورهم ومراكزهم الأدبية).
إلا أن المحكمة استبعدت العمولات من حقوق العامل إذا كان نقله لسبب سائغ إلى عمل لا تستحق عنه العمولة التي كان يستحقها عن عمله الأصلي .
وفي ذات الإتجاه أكدت المحكمة عدم استحقاق العامل عمولة التوزيع إذا كان صاحب العمل قد استعمل سلطته في تنظيم منشأته ونقله إلى عمل لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي لا يستحق عنه عمولة توزيع خلافاً للعمل الأصلي .
2- في ظل القانون 137 لسنة 1981 :
تضمنت المادة (54) من قانون العمل الملغى رقم 137 لسنة 1981 اشتراط عدم المساس بحقوق العامل المادية وفي هذا الصدد اختلف الفقه حول مدلول حقوق العامل المادية التي لا يجوز المساس بها عن النقل فذهب البعض إلى أن الهدف من إضافة هذا الشرط إلى النص هو تقييد سلطة صاحب العمل في نقل العامل من عمله المتفق عليه إلى عمل آخر بقيد لم يرد في القانون السابق مقتضاه ألا يؤثر تغيير العمل على قيمة أجر العامل أو على طريقة تحديده فإذا كان العامل يتقاضى في عمله الأصلي أجراً ثابتاً مضافاً إليه عمولة أو بدل طبيعة عمل مثلاً تعين مراعاة أن يكون التغيير أو النقل إلى عمل آخر مقرر له ذات البدل أو العمول حتى لا يؤدي تغيير العمل أو نقل العامل إلى المساس بحقوقه المادية في عمله السابق وهي العمولة والبدلات المعتبرة أجراً ، وذهب البعض الأخر إلى أن حكم النص يمتد إلى اشتراط عدم المساس بالمركز الأدبي للعامل المتصل اتصالاً وثيقاً بمركزه الوظيفي وأن اشتراط عدم المساس بالحقوق المادية للعامل كقيد على ما يجريه صاحب العمل من تغييرات غير جوهرية يقتصر على عناصر الأجر الثابتة بحيث يخرج عنها ما له وصف الملحقات غير الدائمة للأجر التي ليس لها وصف الثبات والإستقرار والتي ترتهن بتحقق سببها .
وقد سایرت محكمة النقض هذا الرأي الأخير فيما يخص ملحقات الأجر غير الثابت والتي ليس لها صفة الاستمرار والثبات لعدم أحقية العامل في الحصول عليها أثناء مباشرته للعمل المنقول منه إلا إذا تحقق سببها ، وكذلك التعويضات التي كان يحصل عليها لقاء نفقات تكبدها وينتفي عنها وصف الأجر فلا تعد من قبيل الحقوق المادية حيث قضت بأن : (المشرع عندما اشترط في المادة (54) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 عند تكليف صاحب العمل للعامل بعمل غير المتفق عليه في العقد ألا يترتب على ذلك المساس بحقوق المادية إنما قصد بهذه الحقوق الأجر وملحقاته الدائمة والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه ، أما ملحقات الأجر غير الدائم والتي ليس لها صفة الإستمرار والثبات لعدم أحقية العامل في الحصول عليها أثناء مباشرته للعمل المنقول منه إلا إذا تحقق سببها ، وكذلك التعويضات التي كان يحصل عليها لقاء نفقات تكبدها وينتفي عنها وصف الأجر فلا تعد من قبيل الحقوق المادية التي أشارت إليها المادة المذكورة .
أما فيما يخص المركز الأدبي للعامل فقد خالفت المحكمة هذا الرأي وسارت على مبدئها الذي سارت عليه في ظل قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 فخولت صاحب العمل أن يكلف العامل عملاً آخر غير المتفق عليه لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة من المركز الذي يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك ولم تمتد المحكمة في شأن حقوق العامل عند النقل سوى أن يكون العمل المنقول إليه العامل يعادل عمله السابق في الدرجة والأجر .
3 - في ظل قانون العمل الجديد :
اشترط المشرع عند استخدام صاحب العمل سلطته في تكليف العامل بعمل لا يختلف عن العمل المتفق عليه اختلافاً جوهرياً (عدم المساس بحقوق العامل) دون تحديدها بالحقوق المادية أو سواها مما يدفع إلى التساؤل عما إذا كان ذلك قبولاً من المشرع لفكرة عدم المساس بالحقوق الأدبية للعامل .
الرأي عندنا وطبقاً للقواعد الأصولية في التفسير أن العام يظل على عمومه حتى يرد ما يخصمه وأن عموم اللفظ أصبح يشمل حقوق العامل المادية وغير المادية المرتبطة بعلاقة العمل وأصبح متعيناً على صاحب العمل عند تكليف العامل بعمل لا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلي أن يتقيد بعدم المساس بحقوق العامل مادية كانت أو أدبية وهو تطور يحسب للمشرع المصري في هذا الصدد.
الإستثناء الثالث : تأهيل العامل لعمل مختلف في إطار التطور التقني للمنشأة
أستحدث المشرع في قانون العمل الجديد حالة يجوز فيها لصاحب العمل تكليف العامل بعمل غير المتفق عليه حيث نصت الفقرة الأخيرة من المادة 76 من قانون العمل الجديد على أنه "ومع ذلك يجوز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف يتماشى مع التطور التقني في المنشأة" وتهذه هذه الفقرة إلى تمكين أصحاب الأعمال في المنشآت من ملاحقة التطور التقني المتسارع وتقدم الفن الصناعي والإنتاجي بحيث يكون لصاحب العمل أن يقوم بتغيير عمل العامل بما يتناسب مع ما تم استحداثه من تطوير تقني في أساليب العمل والإنتاج بالمنشأة بعد أن يقوم بتدريبه وتأهيله لهذا الغرض وفي هذه الحالة يصح أن يكون الإختلاف جوهرياً بين العمل الجديد والعمل الأصلي فمن ناحية لم يشترط المشرع في الفقرة المذكورة أي شرط في هذا الشأن ومن ناحية أخرى فإن طبيعة التطور التقني قد تفترض تغييراً جوهرياً في عمل العامل لا سيما وأن صاحب العمل يلتزم بتأهيله للعمل الجديد .
شروط الإستثناء :
1) أن يكون تغيير عمل العامل بمناسبة التطور التقني بالمنشأة فيتعين أن يكون المقصود من تغيير العمل أن يكون العمل الجديد متماشياً مع التطور التقني في المنشأة كإستخدام فن إنتاجي متطور في المنشأة الصناعية مختلف عن سابقة أما إذا كان التغيير في عمل العامل لغرض آخر فإنه يرتد إلى أحكام الفقرتين السابقتين ويتقيد بضوابطهما.
2) أن يسبق تكليف العامل الجديد تدريبه وتأهليه تدريباً فنياً يتناسب مع التطور التقني بالمنشأة ويلتزم صاحب العمل بتوفير هذا التدريب ويعتبر قانون العمل الجديد من واجبات العامل أن يتبع النظم التي يضعها صاحب العمل لتأهيله للقيام بعمل يتفق مع التطور التقني بالمنشأة .
وقد أشارت المذكرة الإيضاحية بالنسبة لهذا الحكم أنه بمقتضى الفقرة الثانية المستحدثة يجوز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل يتفق والتطور التقني في المنشأة وقد قصد من هذا الحكم إعطاء الفرصة لصاحب العمل لأن يقوم بتدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل جديد بشرط ألا يمس ذلك بمركز العامل الأدبي أو المادي .
استثناء بنص المادة (201) :
أجازت المادة (201) لصاحب العمل في حالة إغلاق المنشأة جزئياً طبقاً للضوابط والإجراءات المقررة في المواد من 197 إلى 200 أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه ولو كان يختلف عن عمله الأصلي وأن ينقص أجر العامل بما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور .
وتقابل المادة (57) من قانون العمل الموحد الملغي رقم 91 لسنة 1959 كما تطابق المادة (54) من القانون 137 / 1981 حيث نقله النص الجديد دون تعديل ، عدا أنه استبدل بالعبارة الواردة بنهاية المادة (54) الملغاة وهي "بشرط عدم المساس بحقوقه المادية عبارة "بشرط عدم المساس بحقوق العامل وهي التي تتفق مع ما جرى عليه التطبيق القضائي ومع إضافة فقرة ثانية لنص المادة وبمقتضاها يجوز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل يتفق والتطوير التقني في المنشأة وقد قصد من هذا الحكم إعطاء الفرصة لصاحب العمل لأن يقوم بتدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل جديد بشرط ألا يمس ذلك بمركز العامل الأدبي أو المادي).
شروط تطبيق النص :
كان النص الملغي قد قرر ميزة هام للعامل الذي يكلفه صاحب العمل بالقيام بعمل غير المتفق عليه في العقد وهي ألا يتأثر أجره أو أي حق مادي مقرر له وقد جاء النص الجديد فأطلق عبارة الحق المقر للعامل بحيث تشمل الحقوق المادية والحقوق الأدبية وقد أكد ذلك بما أورده في المذكرة الإيضاحية من أم صاحب العمل يجوز له تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف يتمشى مع التطور التقني في المنشأة مع التأكيد على نفس القيد وهو عدم المساس بمركز العامل المادي أو الأدبي .
وقد أورد المشرع في النص الجديد قاعدتين عامتين ثم أورد استثنائيين على القاعدة الثانية فقط .
أما القاعدة الأولى : فهي أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج عن القيود المشروطة في الإتفاق. وهذه القاعدة ترديد للقواعد العامة في العقود ولا يجوز مخالفتها ولا يجوز استثناءات ترد عليها).
أما القاعدة الثانية : فهي عدم جواز تكليف العامل بعمل آخر غير المتفق عليه إلا إذا توافر شرط من الشرطين التاليين :
الأول : أن يكون العمل الجديد المكلف به العامل قد دعت اليه الضرورة منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عن الحادث ، والضرورة تقدر بقدرها وقد ضرب المشرع مث لهذه الضرورة أن يكون قد وقع حادث في المنشأة كحريق أو فيضان مثلاً أو يكون الحادث قد نتج عنه خسارة أو تلف تحتاج لإصلاح لإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ، في هذه الحالة يستطيع صاحب العمل أن يسند للعامل عملاً آخر بحيث إذا انتهت حالة الضرورة عاد إلى عمله الأصلي ويقع عبء إثبات الضرورة على عاتق صاحب العمل ويجوز للعامل نفي ذلك بكافة طرق الإثبات ، فإذا توافرت الضرورة ورفض العامل المثول لأوامر صاحب العمل بممارسة العمل الجديد المسند إليه كان العامل بذلك مخالفا للأوامر ويجوز مساءلته تأديبياً فاذا استمر رافضاً رغم قيام حالة الضرورة جاز صاحب العمل فسخ عقده في نطاق القواعد العامة في الفسخ والإنهاء .
الثاني : أن يكون العمل الجديد مطلوئا لمواجهة حالة القوة القاهرة Force Majeure وهو سبب أجنبي ينقضي معه الإلتزام كقاعدة عامة ، ومع ذلك لم يجز القانون نقل العامل لعمل أخر إلا إذا توافرت شروط القوة القاهرة أو الحادث الذي يمكن توقعه ويستحيل دفعه .
ويلاحظ أن هذين الإستثنائين يتعلقان بعمل مؤقت إذ الأصل أن إسناد عمل آخر للعامل غير المتفق عليه يكون بصفة مؤقتة إذ في الحالة الأولى يرتبط بإستمرار قيام حالة الضرورة وفي الحالة الثانية يرتبط بإستمرار قيام القوة القاهرة أو الحادث الفجائي .
وفي الفقرة الأخيرة من النص أطلق المشرع حرية صاحب العمل في تكاليف العامل بعمل غير متفق عليه وهذا الحكم علم والأصل فيه (بخلاف الحالتين السابقتين) أن يكون العمل دائماً فيجوز نقل العامل على عمل دائم يغاير العمل المتفق عليه بشرطين :
الأول : ألا يكون العمل المسند للعامل تختلف عن عمله الأصلي اختلافاً جوهرياً ومن قبيل الاختلاف الجوهري نقل العامل من الشهرية الى اليومية أو تكليف العامل بعمل يقل عن عمله الأصلي من الناحية الفنية أو الأدبية أو نقل العامل من عمل عادي إلى عمل شاق أو خطر أو ضار بالصحة على أن نقل العامل الى مركز أقل ملاءمة أو ميزة من المركز الذي يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك وخلا من غرض الإساءة إلى العامل فإنه يدخل في نطاق الحق المقرر لصاحب العمل بدليل ما ورد بالمادة 696 من القانون المدني. وفي ذلك تقول محكمة النقض أنه لا يجوز نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة عن المركز الذي كان يشغله إلا إذا اقتضت مصلحة العمل هذا النقل ولم يكن الغرض منه الإساءة إلى العامل وذلك في نطاق ما تقضي به المادة 696/ 2 من القانون المدني ولا يقدح في ذلك أن يكون العامل قد تعهد بالإستمرار في خدمة رب العمل في العمل الذي يسنده إليه لمدة سبع سنوات إذ يعتبر نوع العمل بموجب هذا العقد غير محدد اتفاقاً ويتعين لتحديده - وفقاً لما تقضي به المادة 682/ 2 من القانون المدني - أن يرجع إلى عمل المثل ثم إلى عرف الجهة فإن لم يوجد تولي القاضي هذا التحديد وفقاً لمقتضيات العدالة ، واعتبرت المحكمة أن نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من مركزه الذي كان يشغله يعد عملاً تعسفياً إذ تغيا الإساءة إليه ويمتنع على صاحب العمل تكليف العامل بصفة دائمة بعمل غير عملة المتعاقد عليه يختلف عنه اختلافاً جوهرياً .
الثاني : عدم المساس بحقوق العامل المادية وهذا القيد استحدثه المشرع من العبارة الأخيرة من النص الجديد وقصد منه حماية حقوق العامل المكتسبة حتى لا يكون النقل من عمل إلى أخر ستارة للنيل من هذه الحقوق أو الإنتقاص منها ومن قبيل النقل بقصد الحرمان من مزایا مادية نقل العمولة أو نقل العامل الذي يتقاضى بدل طبيعة عمل إلى عمل آخر لا يستوجب هذا البدل .
وقد أضاف النص فقرة أخيرة هامة تعتبر ميزة للطرفين العامل وصاحب العمل فرأى أنه قد يتطلب التطور التقني والتكنولوجي إعادة تأهيل العامل أو تدريبه على التعامل مع آلات معينة أو مباشرة العمل بطريقة فنية معينة وحينئذ أجاز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله على ذلك وبالتالي يمكن أن يباشر عملاً أخر يختلف عن عمله الأصلي وفي ذلك استفادة العامل وللمنشأة والجوهري ألا تتأثر حقوق العمل المادية والمعنوية بهذا التأهيل أو التدريب .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف أي من أحكام المادة 76 الراهنة والقرارات الوزارية المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تتجاوز مائتي جنيه - وتعدد الغرامة العامل الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود . (راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة 245)
النية الباطنة للإضرار بالعامل :
اعتد المشرع بالنية الباطنة لرب العمل حسبما تدل عليه إرادته الضمنية وما انصرفت إليه من الإضرار بالعامل على خلاف إرادته الظاهرة، فقد يرغب رب العمل في التخلص من العامل ولكنه يخشى أن يرجع عليه الأخير بالتعويض عن فصله فصلاً تعسفياً، فيلجأ رب العمل إلى الحيلة والغش ليضطر العامل إلى إنهاء العقد سواء بالغياب أو الإستقالة، فيظهر بأنه هو الذي أنهى العقد، بينما الحقيقة أن رب العمل هو الذي اضطره إلى ذلك بمعاملته الجائرة والإساءة إليه وإلقاء أعباء عليه لا يقدر على تحملها، فقد يكون مقر العمل بالمدينة التي يقيم العامل بها، وحتى يتخلص منه رب العمل يقرر نقله إلى مدينة أخرى بها فرع لرب العمل، وهو ما لا يقدر عليه العامل لما تتطلبه الإقامة بالمقر الجديد من نفقات لا قبل للعامل بها، فيضطر إلى الإنقطاع عن العمل أو تقديم إستقالته، فيظهر بأنه هو الذي أنهى العقد بينما الحقيقة تخالف هذا الظاهر، وتكمن في أن رب العمل هو الذي دفعه إلى ذلك، بتصرفه الخاطئ المبني على الغش بما يتوافر به رکن الخطأ التقصيري الذي ينشئ للعامل الحق في التعويض عما لحقه من أضرار تتمثل فيما فاته من کسب إذا ظل في العمل طالما لم يلتحق بعمل آخر، كما يستحق التعويض عن مهلة الإخطار سواء كان قد إلتحق بعمل آخر أو لم يلتحق .
واستخلاص توافر الغش في جانب صاحب العمل وانصراف إرادته إلى الإضرار بالعامل ودفعه إلى إنهاء عقد العمل، من مسائل الواقع التي يستقل قاضى الموضوع بتقديرها دون رقابة عليه من محكمة النقض طالما كان استخلاصه سائغاً ومستنداً إلى وقائع لا تدع ظروف الحال مجالاً للشك فيها، بحيث إذا كان قرار رب العمل بنقل العامل الى بلدة أخرى أو إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله، لم يقصد منه إلا مصلحة العمل، فلا يتوافر بذلك الغش والتعسف في جانبه وبالتالي لا يكون الغرض منه إساءة العامل . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع الصفحة/ 607 )
الفصل التعسفى بطريق غير مباشر :
تشير المادة إلى حالة من حالات الفصل التعسفي بالرغم من أن صاحب العمل لم يصدر الأمر إلى العامل مباشرة بترك العمل ، بل إن العكس فإن العامل هو الذي يقدم إستقالته ، ولكن هذه الإستقالة الإرادية تخفي وراءها فصلاً تعسفياً غير مباشر ، بسبب صدور أفعال متعنتة من جانب صاحب العمل تنطوي على إساءة في معاملته ، تدفع العامل إلى الإستقالة للتخلص من هذه المعاملة .
وتتضمن المادة نوعين من تصرفات صاحب العمل ، يترتب عليهما إعتبار ترك العامل لعمله بناء عليها فصلاً تعسفياً وهما :
(أ) المعاملة الجائرة للعامل
ويقصد بذلك عدم التسوية بين العامل وزملائه ، بأن تكون معاملة العامل تقل عن زملائه الآخرين بالرغم من تماثل الإعتبارات المختلفة التي تبنى عليها المعاملة كطبيعة العمل والأقدمية والخبرة والكفاءة ، أو يتخذ صاحب العمل حيال العامل تصرفات ماسة بكرامته .
(ب) مخالفة شروط العقد
قد يحاول صاحب العمل إرغام العامل على أن يوقع عقداً جديداً يحوي شروطاً تسلب العامل حقوقه التي إلتحق بالعمل على أساسها أو لا يقدم إلى العامل ما يلزم لأداء عمله من أدوات ومواد أولية ، ومن ثم فإن إستقالة العامل لهذا السبب تعتبر فصلاً تعسفياً بطريق غير مباشر من جانب صاحب العمل .
وفى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 تنص المادة ( 76 ) على أنه : (( لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على الشروط المتفق عليها في عقد العمل الفردي أو اتفاقية العمل الجماعية ، أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو في حالة القوة القاهرة ، على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة )) .
نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة :
تنص الفقرة الثانية من المادة على أن : (( ونقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملائمة من المركز الذي كان يشغله لغير ما ذنب جناه ، لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحة العمل ، ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه إساءة العامل )) .
فالأصل أنه يجوز لصاحب العمل أن يكلف العامل - ولو على سبيل الدوام - بعمل غير المتفق عليه ولو كان أقل ميزة أو ملاءمة. والحكمة في إعطاء صاحب العمل هذا الحق ترجع إلى الرغبة في إعطاء صاحب العمل الفرصة لتنظيم العمل داخل مؤسسته وتقدير كفاية كل عامل ووضعه في العمل الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج .
ولم تعتبر الفقرة الثانية من المادة نقل العامل على هذا النحو عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحة العمل، ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه إساءة العامل .
والنص المذكور يسمح بأن يكون هناك خلاف جوهري بين المركز الذي كان يشغله العامل وبين العمل الجديد .
ويعتبر من قبيل الخلاف الجوهری كون العمل الجديد أقل ملائمة من الناحية المادية أو الأدبية ، أو كونه يقتضى جهداً يزيد كثيراً على الجهد اللازم في العمل الأصلي ، أو كونه ضار بالصحة أو خطراً .
وفى هذا يختلف نص الفقرة الثانية من المادة 696 عن نص المادة 76 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 التى تشترط فى العمل الجديد ألا يختلف إختلافاً جوهرياً عن المركز الذى يشغله العامل بشرط عدم المساس بحقوق العامل إذ تنص على أنه : (( وله أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً بشرط عدم المساس بحقوق العامل .
ومع ذلك يجوز لصاحب العمل تدريب العامل وتأهيله للقيام بعمل مختلف يتماشى مع التطور التقني في المنشأة )) .
وكذلك يختلف عن المادة 54 من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 ، والمادة 57 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والمادة 19 من قانون العمل رقم 317 لسنة 1952 التى كانت جميعاً تشترط ألا يختلف العمل الجديد عن المركز الذى كان يشغله العامل إختلافاً جوهرياً . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع ، المستشار/ محمد عزمي البكري ، الجزء / الثامن الصفحة / 742 )
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لاحكام الشريعة الإسلامية
مادة 688
1- يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل التعسفي ولو لم يصدر هذا الفصل من صاحب العمل ، إذا كان هذا الأخير قد دفع العامل بتصرفاته ، وعلى الأخص بمعاملته الجائرة أو مخالفته شروط العقد إلى أن يكون هو في الظاهر التي انهى العقد.
2- ونقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله لغير ما ذنب جناه ، لا يعد عملاً تعسفياً بطريق غير مباشر إذا إقتضته مصلحة العمل ، ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه الإساءة إلى العامل .
3- ويراعى القاضي في تقدير التعويض عن الفصل التعسفي العرف الجاري وطبيعة الأعمال التي تم التعاقد عليها ، ومدة خدمة العامل أو المستخدم مع مقارنتها بسنه ، وما استقطع منه أو دفعه من مبالغ لحساب التقاعد، وبوجه عام جميع الظروف التي قد يتحقق معها وقوع الضرر ويتحدد مداه .
الفقرتان الأولى والثانية من هذه المادة تطابقان المادة 696 من التقنين الحالي. والفقرة الثالثة منها مستمدة من المادة 962 من المشروع التمهيدي للتقنين الحالي ( تقابل المادة 696 من التقنين الحالي ) التي تنص على ما ياتي : على القاضي أن يراعي في جواز الحكم بالتعويض عن الفصل التعسفي ، وفي تقدير هذا التعويض العرف الجاري وطبيعة الأعمال التي تم التعاقد عليها ، ومدة خدمة العامل أو المستخدم مع مقارنتها بسنه ، وما استقطع منه أو دفعه من مبالغ لحساب المعاش ، وبوجه عام جميع الظروف التي قد يتحقق معها وقوع الضرر ويتحدد مداه .
وقد نصت المادة 37 من قانون العمل على ما ياتي : (( لايجوز لصاحب العمل أن ينقل عاملاً بالأجر الشهري إلى فئة عمال المياومة أو العمال المعينين بالأجر الأسبوعي أو بالساعة او بالقطعة إلا بموافقة العامل كتابة ، ويكون للعامل في حالة الموافقة على نقله جميع الحقوق التي كسبها في المدة التي قضاها بالأجر الشهري ((
ونصت المادة 54 من هذا القانون على ما يأتي « لايجوز لصاحب العمل أن يخرج على القيود المشروطة في الإتفاق أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة الى ذلك منعاً لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو في حالة القوة القاهرة على أن يكون ذلك بصفة مؤقتة ، وله أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان لا يختلف عنه إختلافاً جوهرياً بشرط عدم المساس بحقوقه المادية .
ونصت المادة 66 من هذا القانون على ما يأتي للعامل الذي يفصل من العمل بغير مبرر يطلب وقف تنفيذ هذا الفصل ، ويقدم الطلب إلى الجهة الإدارية المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل خلال مدة لا تجاوز أسبوعاً من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بذلك بكتاب مسجل ، وتتخذ هذه الجهة الإجراءات اللازمة لتسوية النزاع ودیاً فإذا لم تتم التسوية تعين عليها أن تحيل الطلب خلال مدة لا تتجاوز أسيوعاً من تاريخ تقديمه إلى قاضي الأمور المستعجلة بالمحكمة التي يقع في دائرتها محل العمل أو قاضي المحكمة الجزئية المختص بشئون العمل بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة في المدن التي أنشئت أو تنشأ بها هذه المحاكم ، وتكون الإحالة مشفوعة بمذكرة من خمس نسخ تتضمن ملخصاً للنزاع وحجج الطرفين وملاحظات الجهة الإدارية المختصة .
وعلى قلم كتاب المحكمة أن يقوم في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ إحالة الطلب إلى المحكمة بتحديد جلسة لنظر طلب وقف التتفيد في ميعاد لايتجاوز أسبوعين من تاريخ تلك الإحالة ويخطر بها العامل وصاحب العمل والجهة الادارية المختصة ويرافق الإخطار صورة من مذكرة هذه الجهة ، ويكون الإخطار بكتاب مسجل ..
وعلى القاضي أن يفصل في طلب وقف التنفيد في مدة لا تجاوز أسبوعين من تاريخ أول جلسة ويكون حكمة نهائياً ، فإذا أمر بوقف التنفيذ ألزم صاحب العمل في الوقت ذاته أن يؤدي إلى العامل مبلغاًُ يعادل أجره من تاريخ فصله ، وعلى القاضي أن يحيل القضية إلي المحكمة المختصة التي يقع في دائرتها محل العمل أو المحكمة المختصة لنظر شئون العمال في المدن التي توجد بها هذه المحاكم أو على هذه المحكمة أن تفصل في الموضوع بالتعويض إذا كان له محل وذلك على وجه السرعة خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ اول جلسة ، وإذا لم يتم الفصل في الدعوى الموضوعية خلال المدة المنصوص عليها في الفقرة السابقة جاز لصاحب العمل بدلاً من صرف الأجر للعامل أن يودع مبلغاً يعادل الأجر خزانة المحكمة حتى يفصل في الدعوى .
وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استولى عليها تنفيداً لحكم قاضي الأمور المستعجلة أو من خزانة المحكمة من مبلغ التعويض الذي يحكم له به أو من أية مبالغ اخرى تكون مستحقة له ويجب على المحكمة أن تقضى بإعادة العامل المفصول إلى عمله إذا كان فصله بسبب نشاطه النقابی .
ويكون عبء اثبات أن الفصل لم يكن لذلك السبب على عاتق صاحب العمل .
وتطبق القواعد الخاصة بإستئناف الأحكام المنصوص عليها في القوانين المعمول بها على الأحكام الصادرة في الموضوع ، ويكون ميعاد الإستئناف عشرة أيام ، وعلى المحكمة أن تفصل فيه خلال مدة لا تجاوز شهراً من تاريخ أول جلسة .
ونصت المادة 67 من هذا القانون على ما يأتى : إذا نسب إلي العامل ارتکاب جناية او جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الأداب العامة أو أی جنحة داخل دائرة العمل ، جاز لصاحب العمل وقفه إحتياطياً وعليه أن يعرض الأمر على اللجنة المشار اليها في المادة 62 خلال ثلاثة ايام من تاريخ الوقف .
وعلى هذه اللجنة أن تبت في الحالة المعروضة خلال أسبوع من تاريخ تقديم الطلب اليها ، فإذا وافقت على الوقف يصرف للعامل نصف أجره ، أما في حالة عدم الموافقة على الوقف يصرف أجر العامل کاملاً .
فإذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضی ببراءته ، وجب إعادته إلى عمله ، وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً.
وإذا ثبت أن اتهام العامل كان بتدبير صاحب العمل أو وكيله المسئول ، وجب أداء باقي أجره عن مدة الوقف ، ويجب على السلطة المختصة أو المحكمة إذا ما تبين لها هذا التدبير أن تشير إليه في قرارها أو حكمها .
وكذلك يستحق العامل باقي أجره عن مدة الوقف إذا حكم ببراءته .
وفي هذه الحالة تعين صرف نصف أجره لحين صدور قرار اللجنة .
فإذا صدر قرار اللجنة بعدم الموافقة على الفصل أو الإنهاء » وجب أداء النصف الآخر من الأجر العامل فور عودته ، ولا يترتب على الوقف المساس بحقوق العامل التي يقررها له القانون والعقد .
ولا يعتبر الوقف في هذه الحالة عقوبة تأديبية سواء وافقت اللجنة على الفصل أو الانهاء أو لم توافق عليه ))
والمادة المقترحة تتفق مع المادتين 919 و 921 من التقنين العراقي .
والسند الشرعي للفقرة الأولى من المادة المقترحة أن الأمور تضاف إلى أسبابها الحقيقية دون الظاهرة . فإذا كان صاحب العمل سلوكه قد دفع العامل إلى إنهاء العقد ، فإن هذا الإنهاء ينسب إلى صاحب العمل
أما الفقرة الثانية فسندها أن الأمور تؤخذ بحسب القصد منها .
وأما الفقرة الثالثة فسندها أن التعويض يكون بقدر الضرر .