( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )
انقضاء علاقة العمل
يستقي المشروع أحكامه الخاصة بانقضاء علاقة العمل من أحكام كل من القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم وتوصيات منظمة العمل الدولية .
فتنص المادة (104) على أنه إذا كان عقد العمل محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته على أنه إذا أبرم العقد لمدة أكثر من خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، ومدة الخمس سنوات المذكورة مستقاة من المادة ( 678 / 2) من القانون المدني مع ملاحظة أن المشروع يعطي للعامل الحق في أن ينهي العقد وأن يوجه إخطار الإنهاء اعتباراً من أول الشهر العاشر في السنة الخامسة بحيث يجوز له أن يترك العمل في اليوم التالي لانقضاء السنوات الخمس. والهدف من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بتحسين ظروف حياته، مع الحفاظ على مقتضيات استقرار علاقات العمل باشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود محددة المدة، ومعنى ذلك أن إنهاء العقد بمضي خمس سنوات هو رخصة يستخدمها العامل إن شاء وإن عزف عنها استمر في تنفيذ العقد على أن يظل في إمكانه إنهاؤه في أي وقت بشرط مراعاة المدة المحددة .
وتنظم المواد (105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109) على التوالي حالات انقضاء مدة العقد وجواز تجديده باتفاق الطرفين وحكم انتهاء العقد المبرم لعمل معين ، وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : إذا استمر طرفا العقد في تنفيذه بعد انقضاء مدته المحددة اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة مع عدم سريان ذلك الحكم على عقود عمل الأجانب (المادة 105)، ويطابق هذا الحكم حكم المادة (679) من القانون المدني والمادة (71 / 1) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والمادة (72 / 1) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والمادة (3) من توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982م .
ثانياً : يجوز لطرفي العقد بعد انتهاء مدته أن يجدداه باتفاق جديد لمدة أو لمدد أخرى فإذا زادت مدد العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات جاز للعامل إنهاءه وفقاً لأحكام المادة (104).
ثالثاً : ينظم المشروع حالة انتهاء عقد العمل المبرم لإنجاز عمل معين بحيث لا يجوز للعامل أن يطلب إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز العمل (المادة 107). فإذا انتهى هذا العقد واستمر طرفاه في تنفيذه بعد إنجاز العمل اعتبر ذلك تجديداً منهما للعقد لمدة غير محددة (المادة 108) .
رابعاً : تنص المادة (109) على أنه في حالة انتهاء عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفي العمل أو لأعمال أخرى مماثلة على أنه إذا وزادت مدة إنجاز العمل الأصلي والأعمال التي جدد لها العقد على خمس سنوات فلا يجوز للعامل في هذه الحالة إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال .
خامساً : وفيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير محدد المدة تنص المادة (110) على أنه في حالة ما إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف على النحو الوارد بالفقرتين الثانية والثالثة، وكل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (200)، ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة ( 694 / 2) من القانون المدني والمادة (72 / 1) من القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغي كما يتفق مع نص المادة (27) من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 م .
سادساً : تنص المادة (111) على وجوب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل المتصلة لدى ذات صاحب العمل عشرة سنوات ، وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات والغاية من ذلك إتاحة مهلة أطول لصاحب العمل كلما ازدادت مدة خدمة العامل لديه لتدبير أمره ولتوفير البديل المناسب ، فإذا كان الإنتهاء من صاحب العمل، فإنه يحق للعامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة أطول للبحث عن عمل آخر مناسب .
وتنظم المواد (112 ، 113، 114، 115) عملية الإخطار على نحو جدید ؛ أبرز ملامحه ما يأتي :
أولاً : تحظر المادة (113) تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ على أن يبدأ سريان الإخطار من تاريخ تسلمه واحتساب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
ثانياً : لا تجيز المادة (113) توجيه الإخطار للعامل خلال فترة إجازته مع عدم احتساب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة ووقف سريان مهلة الإخطار خلال إجازة العامل المرضية وبدء سريانها من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة ، وبذلك يظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (مادة 114) .
ثالثاً : وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء لا تجيز المادة (115) اتفاق طرفي العقد على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، وتجيز الإتفاق على زيادة هذه المدة، کما تجيز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة قيام العامل بإنهاء عقد العمل من جانبه .
رابعاً : مراعاة لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود تستحدث المادة (116) حكماً يعطي للعامل الحق في التغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات خلال الأسبوع للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره کاملاً عن مدة الغياب وذلك في حالة ما إذا كان الإخطار بالإنتهاء من جانب صاحب العمل ، وبحيث يكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل .
خامساً : تجيز المادة (117) لصاحب العمل إعفاء العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع اعتبار مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة وما يترتب على ذلك من آثار ومنها استحقاق العامل عن أجره طوال مدة الإخطار .
سادساً : تنص المادة (18) على أنه في حالة قيام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل دون إخطار العامل أو قبل انقضاء مهلة الإخطار يلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو ما تبقى منها، وعلى أن تحسب المدة في هذه الحالة أو الجزء المتبقي منها ضمن مدة خدمة العامل مع تحمل صاحب العمل بكافة الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك وهو ما يعد بمثابة تعویض للعامل عن إخلال صاحب العمل بالتزاماته فإذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت ترکه الفعلي للعمل وإعمالاً للقواعد العامة فإنه يحق لصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار .
سابعاً : تستحدث المادة (119) حکماً يقضي بعدم الاعتداد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، ويعطى للعامل المستقبل الحق أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره لصاحب العمل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .
وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً واعياً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استشارته ، مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاریخ موافقة صاحب العمل .
ونزولاً على توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 م تحرص المادة (120) على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعد مبررة كافية لإنهاء علاقة العمل ، وهي :
1 - انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في غير ساعات العمل ، أو أثنائها .
2- السعي إلى تمثيل العمل أو ممارسة أو سبق ممارسة هذا الحق .
3- تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو اللوائح، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة .
4- اللون ، أو الجنس ، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية ، أو الحمل ، أو الدين ، أو الرأي السياسي ، أو الأصل الإجتماعي .
5- توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل ، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .
6- استخدام العامل لحقه في الإجازات .
وتستحدث المادة (121) جواز قيام العامل بإنهاء عقد العمل إذا أخل صاحب العمل بأي من الإلتزامات الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة وكذا في حالة ما إذا وقع على العامل أو أي من ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من ممثليه وقد استقى هذا الحكم من حكم المادة (696) من القانون المدني وتطبيقاً للقواعد العامة إنه إذا أنهي أي من الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاني التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء ، وإذا كان الإنهاء دون مبرر صادراً من جانب صاحب العمل فلا يقل التعويض المستحق للعامل في هذه الحالة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة التي قضاها في خدمته (المادة 122) .
كما ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكماً .
ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لإعتبارات تتعلق بشخصه أو بنشاطه الذي انقطع بوفاته (المادة 123) .
وتورد المادة (124) حالة أخرى من حالات إنهاء عقد العمل تتعلق بعجز العامل عن أداء عمله عجزاً كلياً أياً كان سببه ، ولا تجيز إنهاء العقد في حالة العجز الجزئي للعامل إلا إذا ثبت عدم وجود عمل آخر لدى ذات صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرضي ويكون إثبات وجود أو انتفاء العمل الآخر وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي فإذا ثبت وجود هذا العمل وجب على صاحب العمل وبطلب من العامل أن ينقله إليه وأن يؤدي إليه الأجر الذي يؤدي عادة لمن يقوم بمثل هذا العمل دون اشتراط أن يكون هذا الأجر مساوياً لأجره الذي كان يتقاضاه قبل الإصابة أو العجز، ذلك أن العامل سيحصل في هذه الحالة - علاوة على أجره المستحق عن عمله الجديد - على تعويض العجز الذي يثبت له بموجب أحكام قانون التأمين الإجتماعي .
وتقرر المادة (125) عدم جواز تحديد سن للتقاعد يقل عن ستين سنة ويجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل إذا بلغ سن الستين ، ما لم يكن العقد محدد المدة ، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الستين ، ففي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإنقضاء مدته ، وهذا الحكم يتفق مع ما تقرره القواعد العامة من عدم انتهاء العقد محدد المدة إلا بإنقضاء مدته .
وفي جميع الأحوال يجب عدم الإخلال بأحكام التأمين الإجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش وبحق العامل في الاستمرار بالعمل بعد بلوغه هذا السن استكمالاً للمدة الموجبة لإستحقاق المعاش .
ويأخذ المشروع في المادة (126) بحكم المادة (75) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والذي يقرر استحقاق العامل مكافأة عن مدة عمله بعد سن الستين بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية لها ، وذلك إذا لم تكن له حقوق عن هذه المدة وفقاً لأحكام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة المنصوص عليها في قوانين التأمين الإجتماعي وقد أطلق المشروع مدة استحقاق تلك المكافأة بعد بلوغ سن الستين ، بحيث لا يقتصر الإستحقاق على السنوات العشر التالية ، بل تمتد لكامل المدة أياً كانت .
وتستحق تلك المكافأة عن سنوات الخدمة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشر وذلك للمتدرج والعامل عند بلوغ هذا السن وتحسب المكافأة على أساس آخر ما كان يتقاضاه .
وتحظر المادة (127) على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل، وتستثنى من ذلك حالة استنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى استنفاذ متجمد إجازاته السنوية المستحقة له على أن يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة بأن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاذ إجازاته المشار إليها ، ولا يحق لصاحب العمل إنهاء العقد إذا ما شفي العامل قبل تمام الإخطار .
وتمكيناً للمرأة العاملة من رعاية الأسرة تجيز لها المادة (138) إنهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة لأي من الأسباب الواردة بالمادة كالزواج أو الحمل أو الإنجاب مع استحقاقها جميع الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام القانون وأحكام قانون التأمين الإجتماعي على أن تخطر صاحب العمل كتابة برغبتها في الإنهاء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو ثبوت الحمل أو من تاريخ الوضع على حسب الأحوال .
کما تجيز المادة (129) لصاحب العمل إنهاء العقد أياً كان نوعه إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ، ولا يتقيد صاحب العمل في استعمال هذا الحق بإتباع إجراءات خاصة ، إذ لا يعد هذا الإنهاء ممارسة لسلطته التأديبية ، كما لا يشترط أن تكون للجريمة صلة بالعمل .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
فيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير المحدد المدة قررت المادة 110 من المشروع أنه إذا كان عقد العمل غير محدد المدة ، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء ، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف .
وأوردت مثالاً عليه الفقرات الأولى والثانية والثالثة فقررت أنه يجب أن يستند صاحب العمل في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية أو كفاءته ، كما يجب أن يستند العامل أيضاً في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بصحته أو ظروفه الإجتماعية أو الإقتصادية وفي جميع الأحوال وأياً كان من استخدم حقه في الإنهاء في وقت ملائم ، كل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 200 من المشروع .
ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة 694/ 2 من القانون المدني وهو يقابل المادة 72/ 1 من القانون 91 لسنة 1959 ويتمشى مع نص المادة 27 من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 ويعد على نحو ما مستحدثاً فقد أغفل قانون العمل 137 لسنة 1981 هذا النص فبدا الأمر وكأن العقد غير محدد المدة هو عقد مؤيد - وهو ما يخالف النظام العام ، أو هو عقد لا ينتهي إلا بفصل العامل - وكلا الفرضيتين تصور خاطئ وهو ما أضطر معه الفقه إلى التسليم بأنه حتى ولو لم يرد حكم إنهاء عقد محدد المدة في القانون 137 لسنة 1981 يظل بإمكان المتعاقدين (صاحب العمل والعامل) إنهاؤه بشرط الإخطار وعدم التعسف في استعمال الحق نزولاً على أحكام المادتين 694/ 2 ، 695 مدنى .
ولذلك استعاد المشروع النص الذي كان مقرراً في ظل القانون 91 لسنة 1959 والذي كان ينص على أنه إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين إلغاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الإلغاء بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة للعمال الآخرين ، فإذا ألغي العقد بغير مراعاة هذه المهلة ألزم من ألغي العقد بأن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها مع مراعاة اختلاف الحكم الوارد بالمادة 111 من المشروع عن الحكم الوارد بالمادة 72 من القانون 91 لسنة 1959 من حيث إن المشروع راعى في مدة مهلة الإخطار ما يكون قد أمضاه العامل من مدة خدمة لدى صاحب العمل ، فجعل مدة المهلة شهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل عشر سنوات ، وثلاثة أشهر إذا تجاوز عشر سنوات ويتعين ملاحظة أن مدة الخدمة التي تحسب على أساسها مدة مهلة الإخطار تتعلق بالعمل لدى نفس صاحب العمل .
وقد حرص المشروع على تقرير هذا الحكم تحقيقاً لمصلحة من يتلقى الإخطار بالإنهاء فإذا كان العامل هو الذي أخطر صاحب العمل بإنهاء العقد ، فلاشك أنه كلما زادت مدة خدمة هذا العامل ، فإن أهمية العمل الذي يقوم به في المنشأة واعتماد صاحب العمل عليه يزداد ولذلك فيجب إتاحة مهلة نسبية لصاحب العمل ليتدبر أمره ويستخدم عاملاً بديلاً .
وكذلك إذا كان صاحب العمل هو الذي أخطر بالإنهاء فمن حق العامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة طويلة نسبياً للبحث عن عمل آخر .
كما كان يفعل القانون المشار إليه بين العمال المعينين بأجر شهري وغيرهم من العمال فيما يتعلق بمدة مهلة الإخطار .
مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 162
مذكرة المشروع التمهيدي :
اقتبس المشروع الفقرة الأولى عن المادة 33 فقرة 2 من الكتاب الأول من تقنين العمل الفرنسي ( وقد أدخلها قانون 19 يوليه سنة 1928) .
أما الفقرة الخامسة ، فهي تضع حدا لخلاف ثار في وقت ما في القضاء المصري. فقد قررت محكمة الاستئناف المختلطة بحكمها الصادر في 19 نوفمبر سنة 1929 (ب 42 ص 41) صحة الشرط الذي بمقتضاه يكون لأحد المتعاقدين الحق في إنهاء العقد في أي وقت يشاء بمجرد إخطار يرسله للأخر ، وذلك حتى لو كان الشرط في مصلحة رب العمل وضد العامل ، ولا يجوز مطلقاً القول بوجود إكراه أدنى على العامل الذي يقبل الشرط. على أن المحكمة قررت مع ذلك أنه لا يجوز لرب العمل أن يستفيد من هذا الشرط لمجرد الرغبة في إيذاء العامل والتحكم فيه والانتقام عنه لأسباب غير مشروعة .
وقد أيدت المحكمة المبدأ السابق بحكم آخر في 28 ینایر سنة 1930 (ب 42 ص 231) ورد فيه أن ( الشرط الذي بمقتضاه يحتفظ رب العمل بالحق في فسخ العقد في أي وقت يشاء دون إنذار سابق هو شرط صحيح ، لكن لا يجوز استعماله لمجرد الرغبة في إيذاء العامل ) .
على أن المحكمة عدلت عن هذا الرأي . واستقرت أحكامها منذ سنة 1931 على عدم جواز الاتفاق مطلقا على إمكان الطرد في أي وقت دون حاجة لإنذار سابق بمدة معقولة ، لأن ذلك يتعلق بالنظام العام. ولا يجوز إذن الاتفاق مقدماً على تحديد مدة الإنذار السابق بشهر أو بخمسة عشر يوماً مثلاً أيا كانت مدة خدمة العامل . كذلك يكون باطلاً الاتفاق الذي بمقتضاه يتنازل العامل مقدماً عن حقه في التعويض بناء على الطرد في وقت غير لائق ( محكمة الاستئناف المختلطة 30 ديسمبر سنة 1931 ب 44 ص 94 - 11 يناير سنة 1933 ب 45 ص 122 - 29 مارس سنة 1933 ب 45 ص 221 - 27 يناير سنة 1937 ب 49 ص 85). والمشروع يدعم هذا القضاء ويؤكده .
مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 166
مذكرة المشروع التمهيدي :
الفقرة الأولى مستقاة من أحكام القضاء الدولي في مسائل العمل ، ولكن مع شيء من الخلاف فيما يتعلق بانقاص التعويض إذا اشتغل العامل خلال المدة التي كان يجب فيها حصول التنبيه . فالقضاء الدولى يقضى بالإنقاص والمشروع يخالفه في ذلك ، إذ يبقى التعويض في مدة الإخطار حقاً مكتسباً للعامل حتى لو تبين أنه أكثر من الضرر الحاصل فعلاً، لأنه يجمع إلى جانب صفته كتعويض معنى الجزاء الذي وقع على رب العمل لإخلاله بقواعد المهلة القانونية ( راجع مجموعة أحكام القضاء الدولي في العمل 1934 / 1935 ايطاليا ن 54 والولايات المتحدة ن ۲۲ - 1935 / 1936 ايطاليا ن 49) .
والفقرة الثانية تحوى تحديداً اقتبسه المشروع أيضاً من القضاء الدولى وعلى الأخص القضاء الفرنسي ( مجموعة أحكام القضاء الدولي في العمل : 1932 فرنسا ن 29).
وقد تعرضت المادة 404/ 492 من التقنين الحالى للطرد في وقت غير لائق، وقصدت بذاك الطرد من غير مراعاة مدة معقولة يحصل الإنذار قبلها . وقد جرى القضاء المصري على ذلك في أول الأمر، فكان يقرر أن التعويض المستحق للعامل هو عن طرد في وقت غير لائق ، فإذا كان قد أعطى ميعاداً ملائماً ، فليس له بعد ذلك أن يتضرر من الطرد ( استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1930 ب 42 ص 265 - 26 ديسمبر سنة 1934 ب 47 ص 75 ). على أنه سرعان ما شعر القضاء بوجوب حماية العامل ، لأن الطرد قد يكون في الوقت اللائق وبعد إعطاء المهلة المعقولة ومع ذلك فإن مبناه سبب غير مشروع الرغبة في الإنتقام من العامل وإيذائه أو لمجرد التعسف في إستعمال الحق. وبدأنا نرى في الأحكام القضائية إلى جانب نظرية الطرد في وقت غير لائق فكرة الطرد التعسفي ومبناها إساءة إستعمال الحق ومخالفة مقتضيات العدالة ( أنظر على الأخص استئناف مختلط 22 نوفمبر سنة 1933 ب 46 ص 42 - 27 نوفمبر سنة 1928 ب 41 ص 40 - 15 يناير سنة 1929 ب 41 ص 173 - 21 يونية سنة 1927 ب 39 ص 556 ).
وقد وصل القضاء المصري في المراحل الأخيرة من تطوره إلى أنه ، فضلاً عن التعويض الذي يكون مستحقاً للعامل بسبب عدم مراعاة ميعاد الإخطار بإنهاء التعاقد له الحق في التعويض عن الطرد التعسفي ، بغض النظر عن مراعاة أو عدم مراعاة ميعاد الإخطار ( استئناف مختلط 17 يناير سنة 1928 ب 40 ص 140 -11 فبراير سنة 1930 ب 42 ص 265 ) . وهذا القضاء يتمشى مع ما وصل إليه التشريع والقضاء الدولي من أن الحماية الواجبة للعامل تشمل إلى جانب حمايته من الطرد في وقت غير لائق حمايته ضد الطرد التعسفي . والمشروع إنما يؤكد هذه المبادئ الثابتة المستقرة.
على أنه ظاهر أن النص الجديد يخالف أحكام القضاء المصري من ناحيتين :
(1) من حيث تحديد التعويض تحديداً جزافياً بالأجر عن مدة الإخطار أو المدة الباقية منه . فالمشروع لا يترك إذن تقدير التعويض للقضاء يجريه على حسب ظروف كل حالة ، بل يقدر تعويضاً جزافياً. وقصده من ذلك تفادي أوجه النزاع التي قد تثار في العمل ، والتي يكون من شأنها تأخير الحكم بالتعويض .
(2) من حيث أن القضاء الحالي يجري على أن التعويض لا يستحق بتمامه للعامل إذا ثبت أنه أشتغل مباشرة ، بعد طرده ، بعمل يوازي العمل الأول ، بل ينتقص من التعويض كل ما يكون العامل قد حصل عليه من أجر في خلال المدة . (استئناف مختلط 24 مارس سنة 1920 ب 32 ص 225 - 19 يونية سنة 1922 ب 35 ص 511 - ۱۰ نوفمبر سنة 1937 ب 50 ص 14 - 18 مايو سنة 1938 ب 50 ص 316 ). ولكن المشروع يحدد التعويض جزافاً ويجعله مستحقاً للعامل حتى لو كان قد اشتغل بعد طرده لأن ذلك التعويض يتضمن أيضاً معنى الجزاء .
المشروع في لجنة المراجعة :
تليت المادة 961 من المشروع، وأقرتها اللجنة بالصيغة الآتية :
1- إذا كان العقد قد أبرم لمدة غير معينة ونقضه أحد المتعاقدين دون مراعاة لميعاد الإخطار أو قبل انقضاء هذا الميعاد لزمه أن يعوض المتعاقد الآخر عن مدة هذا الميعاد أو عن المدة الباقية منه . ويشمل التعويض فوق الأجر المحدد الذي كان يستحق في خلال هذه المدة جميع ملحقات الأجرة التي تكون ثابتة ومعينة مع مراعاة ما تقضى به القوانين الخاصة .
2- وإذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر إلى جانب التعويض الذي يكون مستحقاً له بسبب عدم مراعاة ميعاد الإخطار الحق في تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخاً تعسفياً . ويعتبر الفصل تعسفياً إذا وقع بسبب حجوز أوقعت تحت يد رب العمل أو وقع هذا الفصل بسبب ديون يكون العامل قد التزم بها للغير .
وأصبح رقم المادة 727في المشروع النهائي .
المشروع في مجلس النواب :
وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 726.
المشروع في مجلس الشيوخ
مناقشات لجنة القانون المدني :
محضر الجلسة الثالثة والثلاثين
وافقت اللجنة على المادة دون تعديل – وأصبح رقمها 695 .
محضر الجلسة التاسعة والخمسين
حذف حرف ( في ) من عبارة ( في خلال ) من المادة
مناقشات المجلس :
وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .
1- من المقرر أنه ليس صحيحًا إطلاق القول بأن لرب العمل إنهاء عقود العمل غير محددة المدة طبقًا لمشيئته وإرادته المنفردة وإنما سلطته في ذلك مقيدة بتوفر السبب المشروع لذلك مقرونًا بعدم التعسف في استعمال الحق وفقًا لنص المادتين 69 ، 110 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 والمادة الخامسة من القانون المدني، فإذا ثبت عدم توفر السبب الصحيح لإنهاء عقد العمل أو ثبت التعسف في استعمال الحق جاز للعامل اللجوء إلى القضاء لبسط رقابته وإنصاف المظلوم، وكان استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى في قضائه إلى تأييد الحكم المستأنف فيما خلص إليه من نفي أي خطأ جسيم يمكن أن ينسب إلى العامل ويسوغ إنهاء عقده، وهي أسباب صحيحة تكفي لحمل قضاء الحكم فيما انتهى إليه من إثبات خطأ الطاعنة في إنهاء عقد عمل المطعون ضده الأول المحرر بتاريخ 1/ 1/ 2012 ويضحى ما تثيره الطاعنة بشأن هذا العقد مجرد جدلًا موضوعيًا لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ولا يبقى من بعد ذلك سوى النظر في السبب الثاني من سببي الطعن والخاص بتقدير التعويض.
( الطعن رقم 19038 لسنة 91 ق - جلسة 3 / 1 / 2023 )
2- إذا كان مفاد نص المادتين 69 ، 110 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - أن المشرع منح صاحب العمل الحق في إنهاء عقد عمل العامل الغير محدد المدة إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء؛ مواكباً في ذلك مرحلة التحول الاقتصادي في مصر واضعاً في الاعتبار أن المنشأة الخاصة غير المنشأة العامة وأن اهدار السلطة التنظيمية لصاحب العمل في ظل نظام الاقتصاد الموجه ليس في صالح منظومة العمل الخاصة، إلا أنه ولإعادة التوازن بين أطراف هذه المنظومة اشترط المشرع في العقد غير محدد المدة بالإضافة إلى وجوب الاخطار المسبق بالإنهاء أن يستند الانهاء إلى مبرر مشروع وکاف بمعنى أن يكون من استعمل حق الانهاء غير متعسف في استعمال حقه، وهو القيد الذي يتقيد به كل حق بمقتضى نص المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني من وجوب استعمال الحق استعمالاً مشروعاً دون أن يقصد به الاضرار بالطرف الاخر أو تحقيق مصالح قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها أو يقصد به تحقيق مصالح غير مشروعة ، وهو عين ما انتظمته المادة 695 من القانون المدني في فقرتها الثانية من أنه إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الاخر ... الحق في تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخاً تعسفياً .
( الطعن رقم 11813 لسنة 88 ق - جلسة 15 / 12 / 2019 )
3- إذ كانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأنها أنهت خدمة المطعون ضده إعمالاً للحق المُخول لها بالمادة 110 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 لإخلاله بالتزاماته الجوهرية المُترتبة على عقد العمل وذلك لاتهامه في الجنحة رقم 5917 لسنة 2014 أول العاشر بالتحريض على العنف وقدمت تدليلاً على ذلك التحقيق الذى أجرته معه ، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر قرار الطاعنة بفصل المطعون ضده مشوباً بالتعسف لمجرد عدم عرض أمر الفصل على المحكمة المشار إليها بالمادة 71 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 المعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 ، ورتب على ذلك قضائه للمطعون ضده بالتعويض عن الفصل من العمل دون أن يعنى ببحث دفاع الطاعنة في هذا الخصوص واستظهار مدى مشروعية السبب الذى استندت إليه في إنهاء خدمة المطعون ضده فإنه يكون فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
( الطعن رقم 8876 لسنة 87 ق - جلسة 2018/5/9 )
4- مؤدى النص في المواد 110 ، 111 ، 118 ، 122 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 أن المشرع ألزم طرفى عقد العمل في حالة رغبة أياً منهما في إنهائه أن يخطر الطرف الآخر بهذه الرغبة قبل إنهاء العقد بشهرين إذا كانت مدة عقد العمل المتصلة لا تتجاوز عشر سنوات ، وقبل إنهاء العقد بثلاثة أشهر إذا زادت مدة العقد عن عشر سنوات ، فإذا كان إنهاء عقد العمل من جانب صاحب العمل دون إخطار العامل وبدون مبرر التزم بأن يعوض العامل عن عدم الإخطار بتعويض يعادل أجره عن مدة مهلة الإخطار ، وبتعويض عن إنهاء العقد الغير مبرر لا يقل عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات خدمته . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد انتهت سلفاً إلى أن إنهاء الشركة المطعون ضدها لعقد عمل الطاعن كان بدون مبرر وخلت الأوراق مما يثبت أن المطعون ضدها كانت قد أخطرته برغبتها في إنهاء عقد العمل ، ومن ثم فإنها تكون ملتزمة بتعويض الطاعن عن عدم الإخطار ، وعن الفصل التعسفى ، وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه وعلى ما استخلصه من الأوراق المقدمة في الدعوى أن الطاعن بعد أن التحق بالعمل لدى المطعون ضدها في 1 / 7 / 1999 ترك العمل لديها بتاريخ 9 / 4 / 2005 للالتحاق بعمل آخر ، ثم عاد والتحق بالعمل لدى المطعون ضدها اعتباراً من 1 / 12 / 2005 ، واستمر بالعمل لديها حتى انتهت خدمته في 20 / 5 / 2010 ، ولما كان الطاعن لم يطعن بثمة مطعن على ما استخلصه الحكم في هذا الخصوص ، فإن مدة العمل الثانية هي التي يعتد بها في تقدير التعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل التعسفى ، ولما كانت الشركة المطعون ضدها قد مثلت بوكيل عنها أمام مكتب العمل ولم تنازع الطاعن فيما ذهب إليه من إنه كان يتقاضى أجراً شاملاً مقداره 4350 جنيهاً شهرياً فإن هذا الأجر هو الذى يعتد به في تقدير هذا التعويض ويكون التعويض المستحق للطاعن عن عدم مراعاة مهلة الإخطار وفقاً للمادتين 111 ، 118 من قانون العمل سالفتى البيان مبلغ مقداره 8700 جنيهاً بما يعادل أجر شهرين ، والتعويض المستحق له عن الفصل التعسفى وفقاً للمادة 122 سالفة البيان مبلغ مقداره 39150 جنيهاً بواقع أجر شهرين عن كل سنة من سنوات مدة خدمته الثانية ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض القضاء للطاعن بالتعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار ، والتعويض عن الفصل من العمل ، بمقولة إنه قدم استقالته من العمل طواعية وفوض المطعون ضدها في إنهاء خدمته استناداً إلى هذه الاستقالة في أى وقت تشاء ، فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال قد خالف القانون .
( الطعن رقم 3451 لسنة 86 ق - جلسة 2017/11/8 )
5- مؤدى النص فى المادة 43 من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997 - المنطبق على واقعة النزاع - الواردة فى الفصل الثالث الخاص بالمناطق الحرة خضوع مشروعات المناطق الحرة لأحكام القانون سالف الذكر ولائحة نظام العاملين التى تصدر من الجهة الإدارية المختصة - الهيئة العامة للاستثمار - فإذا لم يرد بهما نص تعين الرجوع إلى أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 مُستكملة بقواعد القانون المدنى عدا ما ورد بنص المادة 24 من قانون العمل المذكور وكذلك الفصل الخامس من الباب الثالث من ذلك القانون الخاص بواجبات العاملين وتأديبهم وما تضمنه من بعض صور الخطأ الجسيم التى تُجيز فصل العامل والتى أوردها كأمثلة لهذه الحالات . لما كان ذلك ، وكانت الشركة الطاعنة إحدى مشروعات المناطق الحرة حسبما يبين من قرار وزير الاقتصاد الصادر بتأسيسها المرفق بالأوراق والمنشور بالوقائع المصرية بتاريخ 1992/9/19 ، وكان القانون رقم 8 لسنة 1977 سالف الإشارة إليه لم يتضمن نصاً يحكم النزاع فيما يتعلق بتحديد متى يكون فصل العامل مُبرراً والتعويض إن كان غير ذلك ، ولم تصدر عن الهيئة العامة للاستثمار لائحة تنظيم شئون العاملين ، ولحظر تطبيق الفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 سالف الذكر فإنه يتعين إعمال القواعد العامة الواردة فى المادتين 694 و 695 من القانون المدنى ، والتى تُجيز لرب العمل إنهاء عقد العمل غير المحدد المدة بالإرادة المنفردة إذا توفر المبرر المشروع بمعناه الواسع وفقاً للقواعد العامة فى القانون المدنى والإخطار السابق ، فإذا ثبت عدم توفر المبرر جاز للعامل طلب التعويض عن هذا الإنهاء . لما كان ذلك ، وكان قرار اللجنة ذات الاختصاص القضائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن قرار إنهاء خدمة المطعون ضده مشوب بالتعسف بمقولة إن الدعوى قد خلت مما يدل على أنه ارتكب خطأً جسيماً من الأخطاء المنصوص عليها حصراً فى المادة 69 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 وطبق بذلك قاعدة قانونية لا تحكم النزاع ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وقد حجبه ذلك عن استظهار ما إذا كان المطعون ضده قد ارتكب خطأ بمعناه الواسع طبقاً لأحكام القانون المدنى من عدمه يُبرر إنهاء خدمته من عدمه ، فإنه يكون أيضاً معيباً بالقصور فى التسبيب .
( الطعن رقم 15122 لسنة 75 - جلسة 2007/12/02 )
6ـ إذ كانت المادة 43 من القانون رقم 8 لسنة 1997 بإصدار قانون ضمانات وحوافز الاستثمار تنص على أنه " لا تخضع المشروعات فى المناطق الحرة العامة لأحكام القانون رقم 113 لسنة 1958 والمادة 24 والفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل " وكانت الشركة المطعون ضدها من شركات القطاع الخاص طبقاً لقرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم 25 لسنة 1978 وتخضع بالتالى لأحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 مستكملة بقواعد القانون المدنى عدا ما ورد بنص المادة 24 والفصل الخامس من الباب الثالث من قانون العمل ، وإذ كانت أحكام الفصل الخامس المشار إليه قد خلت من نص فى خصوص تعويض العامل عن مهلة الإخطار بإنهاء العقد أو تعويضه عن الفصل التعسفى ولم يرد فى خصوصهما أى نص آخر فى قانون العمل ، فإنه يتعين الرجوع فى شأنهما إلى أحكام القانون المدنى التى أجازت فى المادة 695 منه للعامل مطالبة رب العمل بالتعويض فى الحالتين ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة لا يعد فصلاً تعسفياً بالتطبيق لنص المادة 43 من القانون رقم 8 لسنة 1997 ودون أن يعمل حكم المادة 695 من القانون المدنى ، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 460 لسنة 70 - جلسة 2004/11/21 - س 55 ع 1 ص 751 ق 137 )
7- المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز لكل من المتعاقدين فى عقد العمل غير محدد المدة - وفقاً لما تنص عليه المادتان 694، 695 من القانون المدنى أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الأخر ويتعين لإستعمال أى من المتعاقدين هذه الرخصة أن يخطر المتعاقد معه برغبته مسبقاً بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهرى وخمسة عشر يوماً بالنسبة للعمال الأخرين فاذا لم تراع هذه المهلة لزم من نقض منهما العقد أن يؤدى إلى الطرف الاخر تعويضاً مادياً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقى أو الجزء الباقى منها، ولا يغير من ذلك أن المشرع فى قانون العمل الجديد رقم 137 لسنة 1981 أغفل النص على هذه المهلة القانونية للإنذار إذ لا يمكن أنه يستفاد من هذا الإغفال إلغاء الحكم الوارد فى القانون المدنى والذى كان منصوصاً عليه صراحة فى قانون العمل الملغى ذلك لأنه لا يوجد فى الأعمال التحضيرية لقانون العمل الجديد ما يدل على إتجاه المشرع إلى تغيير الحكم المذكور، فضلاً عن أن المادة الثانية من مواد إصدار قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قد نصت على أن " يلغى قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 كما يلغى كل نص يخالف أحكام القانون المرافق ....... ولم تتعرض مواد الإصدار لأحكام القانون المدنى الخاصة بعقد العمل والواردة فى المواد من 674 الى 698 ولذلك تظل هذه الأحكام قائمة تنظم ما خلا قانون العمل من تنظيمه وطالما لا تتعارض مع ما نص عليه صراحة لما كان ذلك وكان الحكم الإبتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وانتهى إلى عدم أحقيه الطاعن فى بدل مهلة الانذار المطالب به تأسيساً على خلو قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 من النص عليه فإنه يكون فد أخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 1668 لسنة 60 - جلسة 1996/11/28 - س 47 ع 2 ص 1408 ق 257 )
8- الأصل طبقاً لأحكام المواد 694 و 695 من القانون المدنى ، 72 ، 73 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الذى يحكم واقعة الدعوى أن لصاحب العمل إنهاء العقد غير محدد المدة بإرادته المنفردة و أن هذا الإنهاء تنقضى به الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يترتب للعامل الذى أصابه ضرر فى هذه الحالة الحق فى التعويض . وكان المشرع إستثناء من هذا الأصل أجاز إعادة العامل إلى عمله رغم إنهاء صاحب العمل للعقد وذلك فى حالة واحدة ضمنها نص المادة 75 من قانون العمل المشار إليه و هى إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابى المكون للجريمة المنصوص عليها فى المادة 231 من هذا القانون . وكان الثابت بالأوراق أن قرار الطاعنة بإحالة المطعون عليه إلى التقاعد لبلوغه سن الستين إقتصر على إنهاء العلاقة بينهما التى يحكمها عقد العمل ولم يتعرض لعضوية المطعون عليه لمجلس إدارة المؤسسة الطاعنة بموجب القرار الصادر من رئيس الإتحاد الاشتراكى فى هذا الخصوص . وأن إنهاء خدمة المطعون عليه بمقتضى قرار المؤسسة الطاعنة لا يدخل فى نطاق الإستثناء المشار إليه آنفاً . فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء هذا القرار يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب .
( الطعن رقم 1858 لسنة 51 - جلسة 1982/03/01 - س 33 ع 1 ص 278 ق 50 )
9- إذ كان الثابت فى الدعوى أنه من بين طلبات المطعون ضده - العامل - الختامية طلب وقف تنفيذ قرار فصله من العمل الحاصل فى 1976/3/1 وقد قضى فى هذا الطلب بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق القانونى ، ويعد هذا الطلب بمثابة إقرار قضائى من المطعون ضده بحصول فصله من العمل فى التاريخ المشار إليه يحاج به ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن لرب العمل طبقاً للمواد 694 من القانون المدنى ، 72 ، 74 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 إنهاء عقد العمل غير المحدد بإرادته المنفردة ، وأنه بهذا الإنهاء تنقضى الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يرتب للعامل الذى آصابه ضرر فى هذه الحالة الحق فى التعويض إن كان له محل - فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر عقد العمل مستمراً وقضى للمطعون ضده بالأجر وفروقه عن الفترة اللاحقة على 1976/3/1 رغم إقرار المطعون ضده بفصله يكون قد خالف القانون .
( الطعن رقم 1859 لسنة 49 - جلسة 1980/05/04 - س 31 ع 2 ص 1301 ق 247 )
10- إذ كان المطعون ضده الأول من العاملين لدى الشركة الطاعنة فى وظيفة رئيس مجلس إدارتها مما يجعلها صاحب العمل فى العلاقة التعاقدية القائمة بينهما ، فإن فسخ هذه العلاقة بغير مبرر الذى يلحق ضرراً بالمطعون ضده الأول يرتب مسئوليتها عن التعويض وذلك وفق ما تقضى به المادتان 695 من القانون المدنى ، 74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ، ولا يدرأ هذه المسئولية عنها إتمام الفسخ بقرار من رئيس الجمهورية لأن ذلك لا يعدو فى واقع الأمر أن يكون إجراءاً شكلياً ينظم وسيلة إنهاء تلك العلاقة التعاقدية .
( الطعن رقم 381 لسنة 41 - جلسة 1978/01/14 - س 29 ع 1 ص 181 ق 41 )
11- متى كان الأصل وطبقاً لأحكام المواد 694 ، 695 من القانون المدنى و72 ، 74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 أن لرب العمل إنهاء العقد غير المحدد المدة بإرادته المنفردة وأن هذا الإنهاء تنقضى به الرابطة العقدية ولو اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يرتب للعامل الذى أصابه ضرر فى هذه الحالة الحق فى التعويض ، وكأن المشرع إستثناء من هذا الأصل أجاز إعادة العامل إلى عمله رغم إنهاء رب العمل للعقد وذلك فى حالة واحدة ضمنها نص المادة 75 من قانون العمل المشار إليه وهى إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابى المطعون للجريمة المنصوص عليها فى المادة 231 من هذا القانون . لما كان ذلك وكان انهاء خدمة المطعون ضده الأول بمقتضى قرار الشركة الطاعنة لا يدخل فى نطاق ذلك الإستثناء فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء هذا القرار يكون قد خالف القانون .
( الطعن رقم 715 لسنة 41 - جلسة 1977/01/22 - س 28 ع 1 ص 283 ق 59 )
12- إذ كان المشرع قد أجاز فى المادة 2/694 من القانون المدنى والمادة 1/72 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 لكل من طرفى عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بشرط مراعاة مهلة الإخطار المقررة فى القانون ، وكان إستعمال حق الفسخ بإرداة المتعاقد المنفردة - لا يرتب مسئولية طالما إستند إلى ما يبرره فإن أعوزه المبرر كان للمتضرر الحق فى تعويض تقدره المحكمة تمشياً مع المبدأ العام من أن العقد غير المحدد المددة هو عقد مؤقت بطبيعته وليس أبدياً ، فإن تخطئة الحكم المطعون فيه بأنه أقر إنهاء عقد الطاعن فى حالة ليست من الحالات الواردة على سبيل الحصر فى قانون العمل يكون لا سند له من القانون .
( الطعن رقم 73 لسنة 38 - جلسة 1974/06/01 - س 25 ع 1 ص 962 ق 159 )
13- تجيز المادة 2/694 من القانون المدنى لكل من طرفى عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإرادته المنفردة وهو حق لا يقيده سوى سبق الإخطار فى الميعاد الذى حدده القانون أو التعويض عنه إذا لم يتم ، وإذ كانت المادة 80 من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه " يجوز للعامل بعد إعلان صاحب العمل طبقاً للمادة 72 أن يستقيل من العمل " " فإن الإستقالة تكون إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة وتتم بمجرد تقديمها ومن ثم فلا يحول دون إعمال أثرها التأشير عليها بالحفظ من رب العمل أو قول المطعون ضده أن الطاعن ما زال موظفاً لديه بعد أن أنهى الطاعن عمله بإدراته المنفردة بإستقالته منه .
( الطعن رقم 496 لسنة 37 - جلسة 1974/03/23 - س 25 ع 1 ص 531 ق 86 )
14 - المادة 685 من القانون المدني تنص على أنه "يجب على العامل: (أ) أن يؤدى العمل بنفسه، وأن يبذل في تأديته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد.... (ب) أن يأتمر بأوامر رب العمل الخاصة بتنفيذ العمل المتفق عليه الذي يدخل في وظيفة العامل، إذا لم يكن في هذه الأوامر ما يخالف العقد أو القانون أو الآداب، ولم يكن في إطاعتها ما يعرض للخطر ..."، والنص في المادة 56 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه "يجب على العامل: (أ) أن يؤدي بنفسه الواجبات المنوطة به بدقة وأمانة، وذلك وفقاً لما هو محدد بالقانون ولوائح العمل وعقود العمل الفردية والجماعية، وأن ينجزها في الوقت المحدد، وأن يبذل فيها عناية الشخص المعتاد. (ب) أن يُنفذ أوامر وتعليمات صاحب العمل الخاصة بتنفيذ الواجبات التي تدخل في نطاق العمل المنوط به ...." مما مقتضاه وجوب تحلي العامل بالأمانة طوال مدة خدمته وعدم الخروج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته فكلها من الالتزامات الجوهرية التي يرتبها قانون العمل. وكان مفاد المواد 68، 69، 110 من ذات القانون -وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- أن المشرع منح صاحب العمل في حالة ارتكاب العامل أياً من الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها بالمادة (69) أو ثبوت عدم أمانته الحق في عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية المنصوص عليها بالمادة (68) لتوقيع الجزاء التأديبي عليه بالفصل أو إغفال العرض على تلك المحكمة وفصل العامل بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة (110)، إذ إن لصاحب العمل في عقد العمل صفتين إحداهما مدنية تسمح له عند إخلال العامل بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل أن ينهي عقد العمل بإرادته المنفردة، وصفة أخرى مستمدة من كونه متبوعاً في عقد العمل وهذه التبعية تعطى له سلطة في الرقابة والإشراف على العامل بما يستتبعه ذلك من اتخاذ إجراءات التأديب ضده وفصله إذا ارتكب خطأً جسيماً. ولم يرد في نصوص قانون العمل الجديد ما يسلب صاحب العمل صفته المدنية تلك أو ما يسقط عنه حقه في إنهاء عقد العمل وفصل العامل بالاستناد إليها، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد استندت في طلبها فصل المطعون ضده لإخلاله الجسيم بواجبات وظيفته بإدخاله الغش في واقعة إسناد عملية شحن أحد منتجاتها للخارج عن طريق إحدى الشركات المتخصصة في ذلك؛ بعد أن تجاهل وأخفى عروض أسعار أفضل وبالعملة المحلية وطلبه من مسئول الشركة التي أسند إليها العمل أن يعرض مبلغ أكبر من المطلوب وبعملة الدولار على خلاف القواعد المستقرة في العمل، مما أفقدها الثقة فيه وسندت ذلك بما قدمته من التحقيقات التي أجرتها معه بخصوص هذه الواقعة والتي استمعت فيها لمدير الرقابة والمراجعة الداخلية، وأخصائي التخليص الجمركي، وبلاغ مسئول شركة الشحن ضد المطعون ضده بأنه طلب منه عرض مبلغ أكبر مما كانت ستعرضه، ولما كانت هذه المخالفات تعتبر إخلالاً من المطعون ضده بواجب الأمانة وهو من الواجبات الناشئة عن عقد العمل وتبرر للطاعنة طلب فصله، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى بطلب فصل المطعون ضده بمقولة أنها لم تقدم دليلاً مستندياً يقطع بارتكاب المطعون ضده لما أسند إليه؛ فإنه يكون فضلاً عما شابه من الفساد في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه. وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
( الطعن رقم 20007 لسنة 92 ق - جلسة 5 / 11 / 2023 )
15- مؤدى النص في المواد 68 ، 69 ، 110 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 والمعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2008 المنطبق على واقعة النزاع أن المشرع منح صاحب العمل في حالة ارتكاب العامل أياً من الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في المادة 69 سالفة البيان - ومنها الغياب غير المشروع - الحق في عرض أمر فصله على المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 68 المشار إليها آنفاً لتوقيع الجزاء التأديبي عليه بالفصل أو إغفال العرض على تلك المحكمة وفصل العامل بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة 110 سالفة الذكر، إذ لصاحب العمل في عقد العمل صفتين إحداهما مدنية تسمح له عند إخلال العامل بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل أن ينهي هذا العقد بإرادته المنفردة وصفة أخرى مستمدة من كونه متبوعاً في عقد العمل، وهذه التبعية تعطيه سلطة الرقابة والإشراف على العامل بما يستتبعه ذلك من اتخاذ إجراءات التأديب ضده وفصله إذا ارتكب خطأ جسيماً، ولم يرد في نصوص قانون العمل الجديد ما يسلب صاحب العمل صفته المدنية تلك أو ما يُسقط عنه حقه في إنهاء عقد العمل وفصل العامل بالاستناد إليها، وإنما احتفظ له المشرع على نحو صريح بهذه الصفة وبهذا الحق بما نص عليه في المادة 110 سالفة البيان .
( الطعن رقم 10686 لسنة 84 ق - جلسة 24 / 4 / 2024 )
إنهاء عقد العمل :
إذا كان العقد محدد المدة فلا يجوز إنهاءه قبل حلول الأجل إلا إذا إتفق الطرفان على ذلك وإلا إلتزم من أنهى بالتعويض إلا في حالة القوة القاهرة أو خطأ الطرف الآخر، فينحل العقد بالمرض الجسيم وتدخل السلطة العامة بوقف العمل أو بإبعاد العامل، أو إذا وقع حادث حال دون إستمرار العمل كحريق أو زلزال دمر مكان العمل. فإن كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من طرفيه إنهاءه بإخطار الطرف الآخر بالرغبة في الإنهاء، وبموجب المادة 72 / 1 من قانون العمل يجب الإخطار قبل الإنهاء بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة للعمال الآخرين .
وإن لم تحدد مدة العقد وفقاً لنوع العمل وما يتطلبه من وقت، أو وفقاً للغرض المراد تحقيقه من العمل، اعتبر العقد غير محدد المدة وجاز لكل من رب العمل والعامل أن يحدد المدة التي ينتهي فيها العقد ولو لم يكن العمل قد تم فيها، وفي هذه الحالة يتقيد طالب الإنهاء بالمدة المقررة للإخطار في قانون العمل والإجراء الذي يتم به الإخطار . ( المطول في شرح القانون المدني، المستشار/ أنور طلبة، المكتب الجامعي الحديث، الجزء/ التاسع ، الصفحة/ 585 )
ومفاد ذلك أنه إذا كان متفقاً على تاريخ معين لإنتهاء العقد أو على تحديده بمدة معينة، فإنه ينتهي بحلول هذا التاريخ أو إنقضاء هذه المدة، وإذا كان ميعاد إنتهائه محدداً بواقعة مستقبلة محققة الوقوع، فإنه ينتهي بمجرد تحقق هذه الواقعة، وإذا كان العقد قد أبرم لإنجاز عمل معين فإنه ينتهى فور إنجاز هذا العمل .
إنما لا يجوز لأي من الطرفين أن يستقل بإنهاء العقد قبل إنقضاء مدته ولو توافر لدى هذا الطرف ما يدعوه إلى ذلك .
والعقد ينتهي على النحو السابق من تلقاء نفسه دون حاجة إلى اتخاذ إجراء آخر، تابع فلا يلتزم الراغب في الإنهاء إخطار الطرف الآخر بذلك، إذ لا مفاجأة في هذا الإنهاء لأن أجل العقد محدد مقدماً أو قابل للتحديد بعكس الحال في العقد غير محدد المدة كما سیلی .
كما لا يلتزم راغب الإنهاء إثبات مبرر مشروع لموقفه .
غير أنه إذا كان المتعاقدان قد اتفقا عند تحديد مدة العقد على أنه لا ينتهي بإنقضاء هذه المدة إلا إذا أخطر أحد المتعاقدين الأخر بتمسكه بهذا الإنهاء فإن عقد العمل محدد المدة لا ينتهي في هذه الحالة بمجرد انتهاء مدته، بل يجب على راغب الإنهاء مراعاة .
ما اتفق عليه من مهلة للإخطار، ولا يتحول العقد لهذا السبب إلى عقد عمل غير محدد المدة. ويكون تحديد مهلة الإخطار في هذا الشأن من سلطة الطرفين دون أن يتقيدا في ذلك بالميعاد الذي يستلزمه القانون للإخطار بالنسبة إلى عقد العمل غير محدد المدة .
ويجوز الإتفاق على مدة العقد العمل ينتهي بانقضائها دون حاجة إلى إخطار، ولكن ينص في العقد على أنه إذا أخطر رب العمل العامل قبل إنقضاء هذه المدة بفترة معينة برغبته في استمراره في العمل، فإن العقد لا ينتهي بل يستمر، وفي هذه الحالة نكون بصدد عقد عمل محدد المدة مقترن بوعد بإبرام عقد عمل من جانب العامل بحيث إنه إذا قبل الموعود له رب العمل هذا الوعد بإخطاره العامل في الموعد المحدد انقلب هذا الوعد إلى عقد عمل جديد يبدأ بعد إنتهاء العقد الأول .
عدم الإخلال بأحكام المادتين 678 ، 679 مدنی :
بعد أن نصت الفقرة الأولى من المادة على أن ينتهي عقد العمل بانقضاء مدته أو بإنجاز العمل الذي أبرم من أجله: "وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادتين"678 ،679.
وهذا يعني مراعاة ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 678 من أنه: "إذا كان عقد العمل لمدة حياة العامل أو رب العمل أو لأكثر من خمس سنوات جاز للعامل بعد إنقضاء خمس سنوات أن يفسخ العقد دون تعويض على أن ينظر رب العمل إلى ستة أشهر".
وما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة (679) من أنه إذا استمر طرفا العقد معين المدة في تنفيذ العقد بعد إنقضاء مدته اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير معينة".
عقد العمل غير محدد المدة :
المقصود بعقد العمل غير محدد المدة :
ورد النص على عقد العمل غير محدد المدة بالمادة 678 / 1 مدنی إذ نصت على أن :
"يجوز أن يبرم عقد العمل لخدمة معينة أو لمدة معينة، كما يجوز أن يكون غير معين المدة".
وعقد العمل غير محدد المدة، هو الذي لا يتفق الطرفان على مدة له أو على انتهائه في تاريخ معين أو بتحقيق واقعة مستقبلة معينة أو بإنجاز عمل معين .
ولا يحول دون إعتبار العقد غير محدد المدة أن يحدد الأجر فيه على أساس الزمن .
ويرجع إلى العاقدين وحدهما تعيين نوع العقد الذي يريدان إبرامه، وإذا وجد غموض في عبارات العقد كان على القاضي تفسيره طبقاً للقواعد العامة في تفسير العقود للكشف عما قصدته الإرادة المشتركة وقت إبرامه ويجب عليه الأخذ بالتكييف الأصلح للعامل في خصوص الدعوى تفسيراً للشك في مصلحته وإذا لم تفصح عبارات العقد عن نوع العقد، تعين الرجوع في تعيينه إلى عادات المهنة، على تقدير انصراف الإرادة المشتركة لطرفيه ضمناً إلى الأخذ بها، فإذا لم توجد في المهنة عادة تعيينه ، كان العقد ذا مدة محددة ، بإعتبار العقد غير محدد المدة هو الأصل في العلاقات العقدية .
والقاضي يسبغ التكييف القانوني الصحيح على العقد غير مقيد بالوصف الذي أعطاه طرفاه له، إذ قد يعمد الطرفان - لاسيما صاحب العمل - تحايلاً على القواعد الآمرة في إنهاء العقد ذي المدة غير المحددة - في تشريعات العمل - إلى إسباغ وصف التوقيت على العلاقة التعاقدية التي يقصد الطرفان في الحقيقة أن تكون مستمرة .
ومن صور ذلك تكرار الإتفاق بين الطرفين على تجديد العقد معين المدة، لأن هذا التكرار يجعل الأجل المحدد بالعقد وهمياً بحيث يعتمد كل طرف على إستمرار العقد وتكرار تجديده قياساً على الماضي فيكون العقد في الواقع غير معين المدة ولذلك إذا رفض أحد الطرفين تجديده فيكون ذلك أشبه بانتهائه بالإرادة المنفردة، ولكن يشترط في ذلك أن تكون مدة العقد قصيرة لأنه إذا كانت المدة طويلة فإن تكرار التجديد يكون محدداً فلا يبرر الإعتماد على استمراره. وعلى كل حال فإن المدة المناسبة وعدد مرات التجديد تعتبر مسائل تقديرية تفصل فيها محكمة الموضوع حسب الظروف والأحوال .
ويحدث أحياناً أن يتفق الطرفان على تغيير شكل مدة العقد فيكون العقد غير محدد المدة حين تكوينه ثم يتفق الطرفان بعد ذلك على أجل معين لإنهاء العقد ويعتبر هذا الإتفاق جائزاً ويصبح العقد معين المدة. ويقال مثل ذلك في حالة الإتفاق على تحويل العقد المحدد المدة إلى عقد غير محدد المدة. إنهاء عقد العمل غير محدد المدة .
تقرير مبدأ الإنهاء :
نصت على مبدأ إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة المادة 694 / 2 ، 3 ، مدنی بقولها :
فإن لم تعين مدة العقد بالاتفاق أو بنوع العمل أو بالغرض منه، جاز لكل من المتعاقدين أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر.
ويجب في استعمال هذا الحق أن يسبقه إخطار، وطريقة الإخطار ومدته تبينها القوانين الخاصة".
ويبين من هذا النص - واجب الإعمال في ظل قانون العمل الجديد - على نحو ما سبق إيضاحه - أنه يجوز لكل من المتعاقدين - صاحب العمل والعامل - على السواء إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة في أي وقت يشاء بعد إخطار الطرف الآخر بذلك ومنحه مهلة للإنهاء .
وليس فيما تقدم خروج على مبدأ القوة الملزمة للعقد لأن القانون لا يقر قيام علاقة تعاقدية مؤيدة .
مدى تعلق إنهاء العقد غير محدد المدة بالإرادة المنفردة بالنظام العام :
قصد من تقرير مبدأ إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة بالمنفردة، المحافظة على حرية العامل، إذ لو صح الإتفاق على حرمان العامل من إنهاء العقد غير محدد المدة بإرادته المنفردة لأدى ذلك إلى تأبيد هذا العقد إذا لم يوافقه رب العمل على إنهاء العقد في الأوقات التي يرغب فيها إنهاءه ومن شأن ذلك أن يبقى العامل تابعاً لرب العمل طيلة حياته، وحرمانه من تغيير نوع العمل الذي اختاره في يوم ما ولو اقتضت مصلحته ذلك .
ولذلك يعتبر حق العامل في إنهاء هذا العقد بإرادته المنفردة من النظام العام، فلا يجوز الإتفاق على حرمانه منه سواء في عقد العمل نفسه أو في إتفاق لاحق، كما يجوز للعامل النزول عن هذا الحق، وأي نزول في هذا الشأن يقع باطلاً بطلاناً مطلق .
وإن كانت مكنة إنهاء العقد غير محددة المدة بالإرادة المنفردة بالنسبة لصاحب العمل من شأنها تمكين صاحب العمل من تحقيق صالح العمل وصالح المنشأة ومواجهة مختلف الظروف الإقتصادية وتطور طرائق الإنتاج التي قد تقتضي الإستغناء عن بعض العمال، إلا أن الرأي الغالب يذهب إلى أن حق رب العمل في إنهاء العقد غير محدد المدة لا يتعلق بالنظام العام، وبالتالي يجوز الإتفاق على حرمانه منه)، ويرجع ذلك إلى أن القيد الذي يورده هذا الإتفاق على حرية رب العمل ليس ثقيلاً، لأن إلتزام رب العمل ليس محله القيام بعمل بل بدفع الأجر، وهو بذلك لا يكاد يمس حرية رب العمل الفردية، وفضلاً عن ذلك فقد قرر القانون للعامل وحده - دون رب العمل - الحق في إنهاء العقد محدد المدة إذا جاوزت مدته خمس سنوات أو إذا كان معقوداً لمدة حياة العامل أو رب العمل ( م 678 / 2 / مدنی) مما يفيد أن المشرع لا يحتم أن تكون رخصة الإنهاء تبادلية أي ثابتة لكل من طرفي العقد. كما أن الإتفاق على حرمان صاحب العمل من التنازل عن حقه في إنهاء العقد يعتبر إتفاقاً لصالح العامل مما تجيزه المادة الرابعة من قانون العمل الجديد .
يجب أن يسبق إنهاء العقد إخطار للطرف الآخر:
الحكمة من الإخطار :
توجب الفقرة الثانية من المادة أن يسبق إنهاء العقد غير محدد المدة إخطار من الطرف الذي يرغب في الإنهاء إلى الطرف الأخر .
والغرض من الإخطار هو منع مفاجأة الطرف الآخر بالإنهاء لأن هذه المفاجأة قد تسبب أضراراً جسيمة للطرف الذي لم يطلب الإنهاء وبالتالي فإن الإخطار يمكن للطرف الآخر في العقد من الإستعداد للوضع الذي يعقب مهلة الإخطار، فإذا كان الإخطار من صاحب العمل استطاع العامل خلال مهلة الإخطار أن يبحث عن عمل جديد، وإذا كان الإخطار من جانب العامل فإنه يعطي صاحب العمل الفرصة للبحث عن عامل يحل محل العامل الذي أراد إنهاء العقد ويسد بذلك فراغاً تركه هذا العامل .
مدى تعلق الإخطار بالنظام العام :
يذهب الرأى الراجح إلى أن اشتراط الإخطار السابق بالإنهاء مقرر لمصلحة الطرفين - على النحو الموضح بالبند السابق - وهو يمثل حدا أدنى من الضمانات الهامة ومن ثم فهو يتعلق بالنظام العام، وينبني على ذلك أنه لا يجوز الإتفاق مقدماً بين طرفي العقد على إنهاء العقد دون إخطار سابق وإلا وقع الشرط باطلاً .
مضمون وشكل الإخطار :
الإخطار بالإنهاء هو إعلان يوجهه أحد طرفي العقد إلى الطرف الآخر متضمناً رغبته في إنهاء العقد بمجرد إنتهاء مهلة الإخطار .
ويبين من هذا التعريف أن الإخطار بالإنهاء تصرف قانونى من جانب واحد، قد يكون هو رب العمل وقد يكون هو العامل ويترتب عليه إنتهاء عقد العمل بإنقضاء المهلة التي يستوجبها القانون وبإعتبار الإخطار تصرفاً قانونياً، فإنه يجب أن تتوافر فيه كافة الشروط اللازمة لوجود التصرفات القانونية ولصحتها .
فيجب أن يصدر الإخطار من المتعاقد أو نائبه وأن يوجه إلى المتعاقد الآخر أو نائبه فإذا صدر من الغير أو وجه إلى الغير كان حابط الأثر .
ويجب أن يكون الإخطار قاطعاً لا يحتمل الشك في إرادة إنهاء العقد، فلا يكفي الإعلان غير المحدد من جانب صاحب العمل بإعتزامه الإستغناء عن بعض العمال أو نصحه أحد العمال بالبحث عن عمل آخر، أو إستعماله صيغة مبهمة أو مجرد إقتراح صاحب العمل على العامل تعديل شروط العقد غير محدد المدة أو فرضه هذا التعديل لإستخلاص إرادة الإنهاء في حالة عدم موافقة العامل واعتبار تقديم الإقتراح بمثابة إخطار بالإنهاء غير أن المادة لم تضع للإخطار شكلاً خاصاً أو بيانات معينة يجب إدراجها فيه، ولم تشترط أن يتضمن الباعث الذي دفع المتعاقد إلى إنهاء العقد .
كما أنها لم تبين طريقة الإخطار ومدته. وإنما أحالت في بيان ذلك إلى القوانين الخاصة كعقد العمل .
وبالترتيب على ذلك يجوز أن يكون الإخطار كتابة أو شفاهة أو بإتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود (م 90 / 1 ) مدنی)، كإمتناع العامل عن الحضور لدى صاحب العمل، أو إرتباطه بعقد عمل مع صاحب عمل آخر، أو رفض صاحب العمل دخول العامل إلى مكان العمل أو استخدامه عاملاً بدلاً منه - ومع ذلك فقد جرى العمل - في الغالب - على أن يكون الإخطار بالكتابة ليتسني العاقد الذي أصدره إثباته ويجب أن يكون الإخطار صحيحاً خالياً من عيوب الإرادة، ويكفي فيه ما يكفي لإنعقاد عقد العمل ذاته من أهلية .
أما قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ، فقد أوجب أن يكون الإخطار كتابة . فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 110 منه على أنه : " مع عدم الإخلال بحكم المادة 198 من هذا القانون ومع مراعاة أحكام المواد التالية ، إذا كان عقد العمل غير محدد المدة ، جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء "
ويجوز أن يكون الإخطار معلقاً على شرط ، ولما كان الشرط له صفة إحتمالية فى حين أن الإخطار يجب أن يكون باتاً فإنه لا يمكن تعليق الإخطار على شرط إرادى لمن أصدره ، كأن يخطر صاحب العمل العامل بأن العقد سينتهى إذا لم يتحسن إنتاجه خلال الشهر التالى فرغم أن تحسن إنتاج العامل ليس فى ذاته أمراً متوقفاً على محض إرادة صاحب العمل إلا أن الشرط الذى علق عليه الإنهاء هو تقدير صاحب العمل لإنتاج العامل ، فلا يعتبر هذا إخطاراً ، لأن العقد لا ينتهى به ، بل يقتضى إنهاؤه إعلان إرادة صاحب العمل مرة أخرى .
إنما يصح تعليق الإخطار على محض إرادة من وجه إليه .
وإذا علق الإخطار على شرط ، فإن تحقق الشرط لا يكون له أثر رجعى ، بمعنى أن مهلة الإخطار لا تحسب إلا من وقت تحقق الشرط ، لا من وقت حدوث الإخطار لأن الأثر الرجعى للشرط فى هذه الحالة يكون متعارضاً مع طبيعة الإلتزام عملاً بالمادة 270 / 1 مدنى التى تقضى بأنه " إذا تحقق الشرط استند أثره إلى الوقت الذى نشأ فيه الإلتزام ، إلا إذا تبين من إرادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد أن وجود الإلتزام أو زواله ، إنما يكون فى الوقت الذى تحقق فيه الشرط "
كما يجوز أن يضاف الإخطار إلى أجل، وفي هذه الحالة لا ينتج الإخطار أثره ولا تبدأ مدة الإخطار إلا بحلول الأجل .
والإخطار لا يتجزأ فهو يؤدي إلى إنتهاء العقد بجميع آثاره، فالعاقد بإصداره ينهي دفعة واحدة جميع حقوقه وإلتزاماته ولا يستطيع أن يجزئ آثاره أو يضيق حدودها فينهي بعضها ويبقى البعض الآخر، لأن الإخطار الجزئي يتحلل إلى تعديل في العقد لا يستطيع أحد طرفيه إجراءه دون رضاء الآخر .
والإخطار بالإنهاء وإن كان تعبيراً عن إرادة منفردة، إلا أنه تعبیر واجب التسليم، فلا ينتج أثره إلا إذا وجه إلى الطرف الآخر وعلم به هذا الطرف، ولكن لا يشترط أن يقبله من وجه إليه. ويقوم وصول الإخطار قرينة على العلم به ما لم يقم الدليل على عكس ذلك (مادة 91 مدنی) .
ويستطيع من وجه الإخطار أن يسحبه طالما لم يتصل بعلم من وجه إليه، ولكن يمتنع عليه ذلك بعد وصول الإخطار .
أما فى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فقد نصت المادة 112 منه على أنه " لا يجوز تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ " .
مهلة الإخطار :
لم تحدد المادة 694 من القانون المدنى مهلة الإخطار وإنما أحالت في ذلك إلى القوانين الخاصة ومهلة الإخطار هي التي يمهل فيها الطرف الراغب في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة الطرف الآخر، بين إظهار الرغبة في الإنهاء وبين حصول الإنهاء فعلاً .
ويترتب على ذلك وجوب الرجوع إلى إتفاق الطرفين في شأن هذه المدة، فيجوز للطرفين الإتفاق على مهلة الإخطار ويكون إتفاقهما صحيحاً واجب الإعمال، فإذا لم يتفق المتعاقدان على هذه المهلة وجب الأخذ بما يقضي به العرف في هذا الصدد، فإن لم يوجد عرف قام القاضي بتحديد المهلة المعقولة على ضوء مختلف الظروف وخاصة طبيعة عمل العامل ومركزه ومدة خدمته .
فإذا كان عمل العامل من الأعمال النادرة التي لا يكثر الطلب عليها كانت المهلة الواجبة لإنهاء عقده أطول من تلك الواجبة لإنهاء عقد غيره من العمال، وكذلك إذا كان العامل يشغل مركزاً رئيسياً في المنشأة .
أما فى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فقد نصت المادة 111 : " يجب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات ، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات "
كما نصت المادة 112 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أنه : ويبدأ سريان مهلة الإخطار من تاريخ تسلمه ، وتحتسب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ إنتهاء مهلة الإخطار " .
كما نصت المادة 113 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أنه : لا يجوز توجيه الإخطار للعامل خلال أجازته ولا تحتسب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالى لإنتهاء الأجازة .
مهلة الإخطار ليست مدة تقادم :
يذهب الرأي السائد إلى أن مهلة الإخطار هي مدة محددة وليست مدة تقادم، فلا يرد عليها الوقف أو الإنقطاع، ولا تمتد ولو بسبب قوة قاهرة إلا إذا وجد نص يقرر هذا الإمتداد .
ومعنى ذلك أن مدة الإخطار لا توقف لأي سبب من الأسباب ولو وقف عقد العمل ذاته .
إلا أن بعض الشراح قد فرقوا - بحق - بین فرضين :
الأول : وفيه يعرض للعامل خلال مهلة الإخطار ما يحول بينه وبين البحث عن عمل، كالمرض وفي هذه الحالة توقف مهلة الإخطار لحين شفاء العامل، أي يمتد بقدر الفترة التي قضاها مريضاً، ويستند هذا الرأي إلى أن الحكمة من إستلزام مهلة الإخطار هي تمكين العامل من البحث عن عمل، فإذا إستحال عليه ذلك بسبب لا بد له فيه كالمرض، فمن المنطقي ألا تستمر المهلة في السريان وهو مريض .
الثاني : وفيه يعرض خلال مهلة الإخطار ما يؤدى إلى وقف عقد العمل، دون أن يحول بين العامل وبين البحث عن عمل جديد كإغلاق المنشأة مؤقتاً بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتسيير آلاتها أو بسبب فيضان، وفي هذه الحالة تستمر مهلة الإخطار في السريان بالرغم من وقف العقد .
علية دللت وهذه التفرقة يساندها أنها تأخذ بما هو أصلح للعامل، كما أنها تتفق مع الحكمة من مهلة الإخطار بالنسبة للعامل، وهي تمكينه من البحث عن عمل جديد .
ولما كان الغرض من مهلة الإخطار يختلف عن الغرض من الإجازة السنوية، فلا يجوز إنقاص مهلة الإخطار من مدة الإجازة السنوية للعامل بمقولة إن الإجازة السنوية تمكنه من البحث عن عمل جديد .
مدى تعلق مهلة الإخطار بالنظام العام :
تحديد مهلة الإخطار في تشريعات العمل السابقة تحديد أمر يتعلق بالنظام العام لا تجوز مخالفته إلا إذا كانت المخالفة أكثر فائدة للعامل. ومن ثم فإنه يجوز الإتفاق على إطالة مهلة الإخطار إذا كان الراغب في الإنهاء هو صاحب العمل ولكنه لا يجوز الإتفاق على تقصير هذه المهلة إذا كان الراغب في الإنهاء هو العامل .
وعند وضع مشروع القانون المدنى كانت المادة 960 منه تتضمن فقرة خامسة تنص على أن " كل شرط فى عقد العمل غير محدد المدة يعدل مواعيد الإخطار التى حددتها القوانين أو العرف يكون باطلاً ولا يعمل به إلا إذا كان فى مصلحة العامل " وقد حذفت هذه الفقرة دون ذكر سبب حذفها ، ولعل السبب فى هذا الحذف هو الإكتفاء بالرجوع إلى القواعد العامة .
ومن قبيل إطالة المدة حالة ما إذا قصد المتعاقدان - فى ظل القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغى - معاملة عمال المياومة بوجه عام على أساس أنهم من عمال المشاهرة فتكون مهلة الإخطار الصادر من صاحب العمل إلى أحدهم ثلاثين يوماً .
وفى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 نصت المادة 115 منه " لا يجوز الإتفاق على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، ولكن يجوز الإتفاق على زيادة هذه المدة.
ويجوز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة إنهاء العقد من جانب العامل ".
علاقة المتعاقدين أثناء مهلة الإخطار :
لا يترتب على إخطار الإنهاء تحول العقد غير محدد المدة إلى عقد محدد المدة، بل يظل العقد بعد الإخطار محتفظاً بتكييفه الأول بإعتباره عقداً غير محدد المدة، وهو أمر يتوافق مع قصد العاقدين، ذلك أن الإخطار يفيد تحقق السبب الذي يؤدي إلى نهاية العقد غير محدد المدة بإنتهاء مهلة الإخطار دون أن يؤثر ذلك على تكييف العقد، خلال هذه المهلة .
ويظل العقد قائماً بين طرفيه بذات شروطه، سواء كان الراغب في الإنهاء هو صاحب العمل أو العامل. فيلتزم العامل الإستمرار في عمله، ويتعين على صاحب العمل أن يعهد إليه بالعمل المتفق عليه أو بعمل آخر لا يختلف عنه إختلافاً جوهرياً. ويجوز لصاحب العمل توقيع العقوبات التأديبية على العامل إذا ما وقعت من العامل مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في لائحة تنظيم العمل .
واستمرار العقد طوال مهلة الإخطار من شأنه أن يدخل هذه المهلة ضمن مدة خدمة العامل. ويقتضي حسن النية أن يسمح صاحب العمل العامل بالتغيب بعض الوقت عن العمل أثناء مهلة الإخطار للبحث عن عمل جديد أو لإستيفاء الإجراءات المطلوبة للعمل الذي وحده .
ومحل تخفيض الأجر - كما ذهب البعض بحق – أن يكون محسوباً بالساعة لأن ساعات العمل ستقل عن ذي قبل، أو محسوباً بالقطعة إذا قلت عدد القطع المنتجة نتيجة الغياب، أما إذا كان الأجر محسوباً بالشهر أو بالأسبوع وهو حساب جزافي، فإن أجر العامل لا يخفض ويجب أداؤه إليه كاملاً .
وإذا كان الأصل إستمرار العاقدين في تنفيذ العقد طوال مهلة الإخطار، إلا أن صاحب العمل يستطيع الإستغناء عن خدمات العامل مع دفع الأجر المستحق له عن مهلة الإخطار، خوفاً من عدم جدية العامل في العمل وعدم تعاونه مع زملائه مما قد يخل بسير العمل في المنشأة. ويشترط مع ذلك ألا يتضمن ذلك إساءة إلى سمعة العامل أو إضراراً به .
ولا خلاف في أن ما يدفع للعامل هو من قبيل الأجر .
آثار إنقضاء مهلة الإخطار :
إذا انتهت مهلة الإخطار انتهى العقد تلقائياً دون حاجة إلى إجراء آخر، فإذا استمرت علاقات العمل بالتراضي بين العاقدين يتعين على القاضي البحث عن النية المشتركة لهما لتكييف تلك العلاقات، هل تدخل في دائرة أعمال التسامح، كأن يكون إستمرار العلاقات لمعاونة العامل في العثور على عمل مناسب أو لمؤازرة صاحب العمل في أن يجد عاملاً آخر، وبذلك يستطيع أي من الطرفين أن ينهي هذه العلاقات في أية لحظة، أم أنها تعتبر عقداً جديداً بالتجديد الضمني للعقد القديم ويجب من ثم لإنهائه اتباع القواعد المقررة لإنهاء العقد ذي المدة غير المحددة .
ويمكن القاضي أن يستخلص من قصر مدة الإستمرار في تنفيذ العقد قرينة على أن الإستمرار من قبيل التسامح ومن طولها قرينة على معنى العدول عن إنهاء العقد .
وفى قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 فقد نصت المادة 116 على أنه : " إذا كان الإخطار بالإنهاء من جانب صاحب العمل، يحق للعامل أن يتغيب يوماً كاملا في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع، وذلك للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره عن يوم أو ساعات الغياب.
ويكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل ".
كما نصت المادة 117 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أنه : " لصاحب العمل أن يعفي العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار، مع احتساب مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وبخاصة استحقاق العامل أجره عن مهلة الإخطار " . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن ، الصفحة/ 674 )
إذا كان المشرع قد انتهج سياسة العقود المؤقتة سواء بزمن معين أو بالانتهاء من أعمال محددة إلا أنه لا يمنع من وجود عقود دائمة أو غير محددة المدة إذا اتجهت إرادة صاحب العمل أو المنشأة مع العامل على ذلك باتفاق صريح، فالأصل في الأمور الإباحة ما لم يكن هناك نص قانوني يمنع من ذلك وعليه فقد نظم الشرع في المادة (110) و (111) أحكام الإنهاء لمثل هذه العقود حيث أجاز لكل من طرفي العلاقة إنهاؤها – أخذاً بفلسفة المشرع في عدم الاعتراف بالعقود الأبدية - ولكن بضوابط معينة :
الأول : عدم الإخلال بالمادة 198 والتي توجب على صاحب العمل إخطار العامل والمنظمة النقابية بالطلب المقدم منه وبالقرار الصادر بالإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة .
الثاني : عدم جواز إنهاء العقد من جانب صاحب العمل إلا في ضوء ما ورد في المادة (69) والتي تحظر نصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيماً ، وقد سبق توضيح ذلك في مقدمة الباب بأن هذا التعديل الذي أدخل على المشروع بإضافة كلمة وفقاً للحالات الواردة في المادة 69» قد خلط بين الفصل والإنهاء، ولكن في حدود ، وباقي المواد لا تلغي حق صاحب العمل في الإنهاء بشرط توفر المبرر المشروع .
ولكن ما ورد في المادة 110 (أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقاً لما تنص عليه اللوائح المعتمدة) كمبرر لفصل العامل في حالة غريبة وكلمة مطاطة ومن السهل الاستناد إلى عدم الكفاءة لفصل العامل استناداً إلى تقرير يكتبه أحد الرؤساء ، ويستلزم أن يكون لدى المنشأة نظام لتقييم أداء العامل .
- وفي إطار سريان ذلك على العاملين بالقطاع العام قد نصت المادة 31 من القانون 48 لسنة 1978 على الآتي : (يعرض أمر العامل الذي يقدم عنه تقريران سنويان متتاليان بمرتبة (ضعيف) على لجنة شئون العاملين، فإذا تبين لها من فحص حالته أنه أكثر ملائمة لقيامه بوظيفة أخرى من مستواها قررت نقله إليها وإلا اقترحت فصله من الخدمة مع حفظ حقه في المعاش والمكافأة، وترفع اللجنة تقريرها لرئيس مجلس الإدارة لاعتماده) والمادة بهذا الشكل بها ضانات بعكس هذه الفقرة المطلقة الواردة في المادة 110 والتي ستكون سبباً مبرراً لفصل العديد من العاملين لعدم الكفاءة .
الثالث : إذا كان الإنتهاء من جانب العامل فيجب أن يستند إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بظروفه الصحية والاجتماعية والاقتصادية ويراعي في جميع الأحوال أن يتم الإنهاء في وقت مناسب لظروف العمل .
وأشارت المادة (111) إلى أنه يجب أن يتم الإخطار من قبل صاحب العمل قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات وإذا زادت عن ذلك فيجب أن تكون قبل الإنهاء بثلاثة شهور .
جزاء المخالفة :
بالرغم من أن نص المادة (110) أجاز لكل من طرف العلاقة في العقد غير محدد المدة بجواز إنهائه بضوابط معينة وجاء نص المادة (111) بتحديد مهلة الإخطار بالإنهاء ، وبديهياً أن تنصرف أحكامها إلى طرفي العلاقة، فقد جاء نص المادة (250) من العقوبات موثماً صاحب العمل فقط حيث نص "يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة في حالة مخالفة أحكام المادة 110 و 111 و 113 و 116 و 118 و 119 و 123 و 124 و 126 و 127 و 130 " ومن هذا القانون والقرارات الوزارية المنفذة له بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه وتتعدد الغرامة بعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة ، وتضاعف الغرامة في حالة العود . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009، الصفحة : 350 )
جزاء إنهاء العقد المحدد المدة قبل انقضاء مدته :
إذا أنهى أحد طرفي العقد غير محدد المدة العقد قبل إنقضاء مدته وفي غير الأحوال التي يجيز القانون فيها ذلك اعتبر الإنهاء غير مشروع، ويتحمل الطرف الذي انهى العقد - سواء كان صاحب العمل أو العامل المسئولية قبل الطرف الأخر ، لذلك يقتصر حق الطرف المضرور على مطالبة الطرف الآخر الذي أنهى العقد بالتعويض عما أصابه من أضرار مادية ويقدر التعويض في هذه الحالة على ما لحق الطرف المضرور من خسارة وما فاته من كسب نتيجة عدم احترام مدة التعاقد. ويحق لصاحب العمل اللجوء إلى اللجنة الفضائية لشكوى العامل كما يحق للعامل هو الآخر أن يلجأ إلى اللجنة الفضائية ولها أن تأمر بإعادته إلى عمله إذا كان الإنهاء بسبب النشاط النقابي أو الحكم بالتعويض ويمكن أن يفوق التعويض المدة المتبقية في العقد بحسب ظروف كل حالة . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 367 )
إنهاء العقود غير محدد المدة :
تأكيداً للسلطة التنظيمية لصاحب العمل في إدارة منشأته الفردية والتي أكدتها وتواترت عليها أحكام محكمة النقض في العديد من أحكامها وعددت صورها :
- أن لصاحب العمل قانوناً السلطة التنظيمية في تنظيم منشأته باعتبار أنه المالك لها ولا معقب على تقديره (طعن رقم 83 لسنة 52 ق) .
- أن هذه السلطة التنظيمية لا تقف عند إلغاء عقد العمل الفردي بسبب سلوك العامل وارتكابه خطأ جسيماً وقع منه فحسب، بل تمتد لتشمل حالات إنهاء العقد الأسباب إقتصادية أو لكفاءة العامل .
- ومن حق صاحب العمل إستناداً إلى سلطته التنظيمية أن يكلف العامل بعمل آخر غير المتفق عليه طالما لا يختلف عنه إختلافاً جوهرياً وأن ينقله إلى مركز أقل میزة أو ملائمة من المركز الذي كان يشغله مني اقتضت مصلحة العمل ذلك ولم یكن الغرض منه الإساءة إلى العامل (طعن رقم 1520 لسنة 50 ق) .
- كما أن من سلطة رب العمل تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بها يحقق مصلحة الإنتاج (طعن رقم 333 لسنة 31 ق) .
- ومن سلطته التنظيمية أن يميز في الأجور بين عماله لاعتبارات يراها (طعن رقم 43 لسنة 33 ق) .
- وله أيضاً أن يقوم بتنظيم الأجازات الأسبوعية على الوجه الذي يراه كفيلاً بتحقيق مصلحة منشأته (طعن رقم 577 لسنة 25 ق) .
وقد عمد المشرع إستناداً إلى هذه المبادئ التي تواترت عليها أحكام محكمة النقض على سد النقص الذي شاب القانون الملغي من غل يد صاحب المنشأة في أعمال ما وردي المادة 694 و695 من القانون المدني ، حيث نصت المادة ( 2/694) من القانون المدني على أنه : ".. فإن لم تعين مدة العقد بالاتفاق أو بنوع العمل جاز لكل من المتعاقدين أن يضع حداً لعلاقته مع الطرف الآخر، ويجب في استعمال هذا الحق أن يسبقه إخطار وطريقة الإخطار ومدته ..".
لذا نصت المادة 110 من قانون العمل على أنه : " مع عدم الإخلال بحكم المادة (198) من هذا القانون ومع مراعاة أحكام المواد التالية إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء .
ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة (69) من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقاً لما تنص عليه اللوائح المعتمدة .
کما يجب أن يستند العامل في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بظروفه الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية .
ويراعي في جميع الأحوال أن يتم الإنتهاء في وقت مناسب لظروف العمل».
كما نصت المادة (111) من قانون العمل على أنه : يجب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة عن عشر سنوات» .
وإعمالاً لذلك يجوز لصاحب العمل والعامل إنهاء العقد غير محدد المدة بشرطين :
- الأول : الإخطار .
- الثاني : توفر المبرر المشروع .
أولاً : شرط الإخطار :
والإخطار هو بمثابة تصرف قانوني من جانب واحد لا ينتج أثره إلا من وقت اتصال العلم به للطرف الآخر، والغرض من الإخطار عدم المفاجأة وإعطاء فرصة للطرف الآخر لتدبير أموره .
وللإخطار شروط وضوابط نص عليه المشرع :
- " لا يجوز تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ: [م 112/ عمل] .
- ويبدأ سريان مهلة الإخطار من تاريخ تسلمه ، وتحتسب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
- ولا يجوز توجيه الإخطار للعامل خلال أجازته ولا تحتسب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لانتهاء الإجازة (م 113/ عملاً) .
- وإذا حصل العامل على أجازة مرضية خلال مهلة الإخطار يوقف سريان هذه المدة ولا يبدأ سريانها من جديد إلا من اليوم التالي لانتهاء تلك الأجازة .
- ويظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ، ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه، وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (م 114/ عمل) .
- ولا يجوز الاتفاق على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، ولكن يجوز الاتفاق على زيادة هذه المدة. - ويجوز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة إنهاء العقد من جانب العامل [م 115/ عمل) .
- وإذا كان الإخطار بالإنهاء من جانب صاحب العمل ، يحق للعامل أن يتغيب يوماً کاملاً فى الأسبوع وثماني ساعات أثناء الأسبوع، وذلك للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره عن يوم أو ساعات الغياب ..
- ويكون للعامل تحديد يوم الغياب وساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل [م 110 / عمل] .
- هذا فضلاً عن ضرورة مراعاة مهلة الإخطار الواردة في المادة (110/ عمل) .
- كما يحق لصاحب العمل إعفاء العامل نهائياً من العمل خلال فترة الإخطار – إذا كان الإنتهاء من جانب صاحب العمل - مع استمرار العقد في إنتاج كافة آثاره خاصة استحقاق العامل للأجر تحكم المادة 117 / عمل حيث نصت على أن "لصاحب العمل أن يعفي العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع احتساب مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين إنهاء تلك المهلة مع ما يترتب على ذلك من آثار وخاصة استحقاق العامل الأجر".
جزاء المخالفة :
حددت المادة (118/عمل) ذلك حيث نصت : «إذا أنهى صاحب العمل عقد العمل دون إخطار أو قبل انقضاء مهلة الإخطار التزم بأن يؤدي للعامل مبلغ يعادل أجره عن مدة المهلة والجزء الباقي منها .
وفي هذه الحالة تحسب مدة المهلة أو الجزء الباقي منها ضمن مدة خدمة العامل، ويستمر صاحب العمل في تحمل الأعباء والالتزامات المترتبة على ذلك. أما إذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت تركه العمل".
ثانياً : شروط توفر المبرر المشروع :
بالإضافة إلى مهلة الإخطار وحتى لا يوصف إنهاء العقد بالتعسف من قبل الطرف الراغب في الإنتهاء فيجب أن يستند الإنهاء إلى مبرر مشروع، ومن أهم صور المبرر المشروع والكافي : إخلال العامل بالتزاماته الجوهرية الناشئة عن العقد أو الواردة في المادة 69 تحت اسم «الخطأ الجسيم» أو ثبوت عدم كفاءة العامل (مادة 2/110) أو الإنهاء لأسباب اقتصادية وفقاً للضوابط الواردة في القانون (مادة 198) من قانون العمل . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 368 )
النصوص المقابلة :
يلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة 2/694 من القانون المدني وهو يقابل المادة 72/ 1 من القانون 91 لسنة 1959 ويتمشى مع نص المادة 27 من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 ويعد على نحو ما مستحدث فقد أغفل قانون العمل 137 لسنة 1981 هذا النص فبدا الأمر وكأن العقد غير محدد المدة هو عقد مؤبد وهو ما يخالف النظام العام ، أو هو عقد لا ينتهي إلا بفصل العامل - وكلا الفرضين تصور خاطئ وهو ما اضطر معه الفقة والقضاء إلى التسليم بأنه حتى ولو لم يرد حكم إنهاء العقد غير محدد المدة في القانون 137 لسنة 1981 بإمكان المتعاقدين (صاحب العمل والعامل) إنهاؤه بشرط الإخطار وعدم التعسف في إستعمال الحق نزولاً علی أحكام المادتين 694/ 2 و 695 مدني .
ولذلك استعاد المشروع النص الذي كان مقرراً في ظل القانون 91 لسنة 1959 والذي كان ينص على أنه «إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين إلغاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل الإلغاء بثلاثين يوماً بالنسبة للعمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوماً بالنسبة للعمال الآخرين ، فإذا ألغي العقد بغير مراعاة هذه المهلة الزم من الغي العقد بأن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضاً مساوياً لأجر العامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها» .
شرح وتعليق :
نصت المادة 198 من القانون (والتي يجب عدم الإخلال بحكمها على أن يخطر صاحب العمل العمال والمنظمة النقابية المعنية بالطلب المقدم منه بالقرار الصادر بالإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو بتقليص حجمها أو نشاطها ويكون تنفيذ ذلك القرار إعتباراً من التاريخ الذي تحدده اللجنة التي نظرت الطلب أو التظلم على حسب الأحوال) .
والمستفاد من نص المادة 110 أنه يجوز لأي من طرفي عقد العمل غير محدد المدة أن ينهيه في أي وقت بشرط أن يخطر الطرف الأخر كتابة قبل الإنهاء.
الإنهاء المشروع لعقد العمل غير محدد المدة من جانب العامل :
يجوز للعامل أن ينهي العقد غير محدد المدة بإرادته المنفردة وذلك في أي وقت يراه مع مراعاة الضوابط والشروط التالية :
أولاً : أن يكون هناك مبرر يتعلق بظروف العامل الصحية كالمرض والإصابة أو الظروف الإجتماعية كزواج العامل أو تفرغ العامل الإدارة مشروع فردي أو الظروف الإقتصادية كالبحث عن عمل أفضل أو الرغبة في العمل بالخارج لفترة طويلة .
ثانياً : أن يكون الإنهاء في وقت مناسب لظروف العمل بحيث يعطي صاحب العمل فرصة كافية لتدبير من يحل محله سيما إذا كان العامل يباشر عملاً حيوياً بالنسبة للمنشأة .
ثالثاً : إذ أخل صاحب العمل بالتزام من التزاماته الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة أو إذا وقع على العامل أو أحد ذويه إعتداء من صاحب العمل أو من يمثله .
الإنهاء المشروع لعقد العمل من جانب صاحب العمل :
يجوز لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل غير محدد المدة في أي وقت وبإرادته المنفردة وذلك في الأحوال الآتية :
أولاً : إذا ثبت إنتحال العامل الشخصية غير صحيحة أو قدم مستندات مزورة .
ثانياً : إذا ثبت ارتكاب العامل خطأ نشأت عنه خسارة جسيمة لصاحب العمل بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال 24 ساعة من وقت علمه بوقوعه .
ثالثاً : إذا تكرر من العامل عدم مراعاة التعليمات اللازم إتباعها لسلامة العمال والمنشأة - بشرط أن تكون هذه التعليمات مكتوبة ومعلنة في مكان ظاهر - رغم التنبيه عليه كتابة بمراعاة ذلك .
رابعاً : إذا تغيب العامل بدون مبرر مشروع أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابي بخطاب موصي عليه بعلم الوصول من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى وبعد غيابه خمسة أيام في الحالة الثانية .
خامساً : إذ ثبت أن العامل أفشى أسرار المنشأة التي يعمل بها أدت إلى إحداث أضرار جسيمة بالمنشأة .
سادساً : إذا قام العامل بمنافسة صاحب العمل في ذات نشاطه .
سابعاً : إذا وجد العامل أثناء ساعات العمل في حالة سكر بين أو متأثراً بما تعاطاه من مادة مخدرة .
ثامناً : إذا ثبت إعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير العام وكذلك إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه .
تاسعاً : عدم صلاحية العامل في فترة الإختبار - وهي حالة كانت تنص عليها المادة 76/ 2 من قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959 وقد أوردها القانون رقم 137 لسنة 1981 ضمن حالات إنقضاء العقد وبالتالي يجوز إنهاؤه من جانب صاحب العمل لثبوت عدم كفاءة العامل .
عاشراً : إذا أضرب العامل عن العمل أو دعا إلى الإضراب عن العمل في المنشأت الإستراتيجية وذلك وفقاً للشروط والقيود الواردة بالمواد من 192 - 195 من القانون .
حادي عشر : إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف متى كان الحكم مشمولاً بالنفاذ .
في الحالات السابقة - وهي الحالات التي نصت عليها المادة 69 من القانون وأجازت فيها لصاحب العمل حق فصل العامل تأديبياً وهي نفسها التي تجيز له أيضاً إنهاء العقد غير محدد المدة إذا توافرت أحداها .
وتخضع حالات الإنهاء من جانب صاحب العمل لرقابة اللجنة الخماسية المنصوص عليها بالمادة 70 وما بعدها من القانون ويجب على صاحب العمل أيضاً مراعاة مهلة الإخطار قبل الإنهاء وقد اعتبرت المادة 110 موضوع الشرح أن جميع الحالات سالفة الذكر تعتبر حالات إنهاء مستندة إلى مبرر مشروع بنص القانون .
وفي جميع الأحوال وأياً كان من استخدم حقه في الإنهاء يجب أن يتم الإنهاء في وقت ملائم كل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة 198 سالفة الذكر كما يجب مراعاة شروط مرحلة الإخطار طبقاً لمدة خدمة العامل .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف أياً من أحكام المادة 110 والقرارات الوزارية المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه .
وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 250) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني ، صفحة : 433 )
إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة لصاحب العمل
أساس إنهاء العقد بالإرادة المنفردة وموقف قانون العمل الجديد
- يقصد بعقد العمل غير محدد المدة ألا يحدد أطراف العقد أجلاً ينقضي العقد بحلوله بقوة القانون، فلا يقصد به ، كما يشاع خطأ أن يكون دائماً بل إن تأقيت عقد العمل المؤيد يقع باطلاً ويتعلق ذلك بالنظام العام لمساسه بحرية أساسية من حريات الأفراد .
وإذا استبعدنا الدوام فإن العقد غير محدد المدة يمكن أن ينقضي طبقاً الشروط والأحوال التي يحددها القانون، فهو عقد غير مؤيد ومن ثم لا يوجد ما يحول دون انحلال الرابطة العقدية .
وتجدر الإشارة إلي فارق هام بين عقد الإيجار غير محدد المدة ، وعقد العمل غير محدد المدة ، فعقد الإيجار يكون دائماً محدد المدة ولكن إذا لم يتولى الأطراف تحديد مدته، حدد القانون تلك المدة بأنها المدة اللازمة لدفع الأجرة، فهو غير محدد المدة اتفاقاً ولكنه محدد المدة قانوناً، أما عقد العمل فقد يكون غير محدد المدة اتفاقاً ولا يتدخل المشرع لتحديد مدة له بحيث لا تنتهي إلا وفقاً للقواعد التي يحددها القانون .
أولاً : من النظرية المدنية للإنهاء إلى نظرية الحماية الاجتماعية للعامل :
- نظم القانون المدني إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة ، ولا يستقل عقد العمل بتلك الخصيصة وإنما يشاركه فيها على وجه الخصوص عقد الوكالة، ولهذا كانت أحكام الإنهاء تدور في فلك قواعد القانون المدني، من حيث حرية الإنهاء مع مراعاة عدم التعسف في استعمال الحق.. كما إن الإنهاء لا يخضع لرقابة قضائية مسبقة وإنما لرقابة لاحقة في إطار النظرية العامة للتعسف ويقع علي عاتق العامل ، مدعي التعسف ، عبء إثبات الإنهاء التعسفي، وفي المقابل فإن التعسف ينتفي لمجرد ارتكاب العامل الخطأ أيا كانت درجته يسيراً أو جسيماً، أو إذا وجدت مبررات لدى صاحب العمل .
- أما الاتجاه الحديث ، والذي تأثر به المشرع المصري في حدود متواضعة، فهو أن يتم تنظيم الإنهاء في إطار فكرة الحماية الاجتماعية، فقانون العمل لا يجب أن يغفل الاختلاف في الوضع الاقتصادي بين العامل وصاحب العمل، ولقد تمثل ذلك الاتجاه، في مصر، في عدة أمور :
وضع حد أدني للتعويض أو افتراض الضرر وإعفاء العامل من إثبات الضرر الذي يكون في حدود الحد الأدنى اشتراط أن يكون الخطأ جسيماً ليكون مبرراً مشروعاً للإنهاء، يعني وضع قيود علي فكرة التعسف المدنية، حيث يعتبر التعسف خطأ طالما أنه قد ورد وفقاً للضوابط التي وردت في المادة الخامسة من القانون المدني، وإن كان يمكن القول بأن معظم صور التعسف تمثل في الغالب خطأ جسيماً مثل قصد الأضرار أو عدم التناسب البتة أو عدم المشروعية، كما وفر المشرع حماية خاصة لممثلى العمال والنقابيين إما باعتبار فصلهم تعسفياً إن كان بسبب نشاطهم، أو بإلزام صاحب العمل بالتنفيذ العيني أي إعادتهم للعمل .
وتبدو الحماية الاجتماعية في أوسع صورها في مجال الإنهاء لأسباب اقتصادية حيث تكاد أن تغل يد صاحب العمل في تنظيم منشأته، وخضوع الإنهاء القرارات إدارية أي رقابة مسبقة في صور عدة، ومخالفة ذلك تستتبع جزاءات جنائية، بل إذا كان الإنهاء مشروعاً فإنه بالرغم من ذلك فإن العامل يستحق مقابلاً نقدياً .
أما سلب صاحب العمل سلطة الفصل التأديبي وجعل ذلك من سلطة القضاء فهو قد يعتبر عودة إلى قواعد القانون المدني في الفسخ القضائي، ولكن في اتجاه الحماية أو النظرية الاجتماعية لحماية العامل .
ثانياً : مخاوف صاحب العمل من إنهاء العقد غير محدد المدة :
- لا يحبذ عادة صاحب العمل عقد العمل غير محدد المدة لأن الواقع العملي أسفر أنه عند حدوث خلاف بين العامل وصاحب العمل فإن صاحب العمل يعاني من عدم التوقع، مما يعوق أي حسابات مسبقة الأثار إنهاء العقد غير محدد المدة، وعدم التوقع يشمل ثلاثة أمور عادة ما يبدأ صاحب العمل بالاستعلام عن موقف القانون منها .
أولاً: إذا كانت القاعدة أن لصاحب العمل أن ينهي العقد غير محدد المدة، شريطة أن ينطوي ذلك على عدم تعسف، والسؤال متى يكون الإنهاء تعسفياً، الإجابة علي ذلك لا يمكن القطع بها مسبقاً عند اتخاذ قرار الإنهاء، وإنما يتوقف الأمر علي تقدير القضاء، وحتى حسم القضاء للموضوع فإن احتمالات عدم التعسف تكاد تكون متعادلة مع احتمالات التعسف، وصاحب العمل يتخذ قراره بالإنهاء وهو لا يعرف بدقة الوضع القانوني لهذا الإنهاء من حيث كونه تعسفياً من عدمه .
ثانياً : لو فرض أن الإنهاء سيعتبر تعسفياً فما هي آثار ذلك، أي ما هو مبلغ التعويض الذي يلزم به ؟ الإجابة كذلك لا يمكن معرفتها مسبقاً لأن مبلغ التعويض لا يتحدد بدقة إلا بناء علي تقدير القضاء ومن ثم فإن صاحب العمل يتخذ قرار الإنهاء دون توقع لمبلغ التعويض الذي قد يلتزم به إذا ما اعتبر الإنهاء تعسفياً .
ثالثاً : إذا ارتأى صاحب العمل أنه لا مفر من الإنهاء وتحمل التعويض، فإن السؤال يكون متى يتم معرفة الموقف النهائي أي المدة اللازمة لإنهاء النزاع قضاء الإجابة كذلك لا تكون سوى عدم التوقع مسبقاً حيث أن التقاضي حتى صدور قضاء من النقض يستغرق عادة سنوات وسنوات لا يمكن توقعها مسبقاً .
يضاف لذلك كله الجزاءات الجنائية التي يتعرض لها صاحب العمل عند مخالفة قواعد الفصل مثل عدم اللجوء إلى اللجنة الثلاثية في ظل القانون 137 لسنة 1981 .
ثالثاً : الصعوبات التي تواجه العامل بعد الإنهاء بإرادة صاحب العمل :
- الصعوبات التي قد يعاني منها صاحب العمل يقابلها مشاكل عملية يقع فيها العامل ولن يعلمها إلا في حالة الإنهاء فعلاً .
1- فنظراً لسوء صياغة التشريعات في بعض الأحيان قد يتصور العامل أنه سوف يعود إلى العمل إذا ما كسب دعواه، فلا يجب إغفال ما كان يتضمنه القانون 137 لسنة 1981 من إن عدم مراعاة قواعد الفصل التأديبي وخصوصاً عدم اللجوء إلى اللجنة الثلاثية يؤدي إلي أن يعتبر الفصل كأن لم يكن، والقارئ المتعجل لذا النص قد يستخلص أن بقاء العامل في عمله هو النتيجة المنطقية، ولكن ذلك من شأنه أن يغفل قضاء محكمة النقض الذي اعتبر الفصل المخالف للقانون إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة لصاحب العمل مما يؤدي من جهة إلى إنهاء علاقة العمل بلا عودة، ومن جهة أخري يظل الباب مفتوحاً لاحتمال اعتبار الإنهاء غير تعسفي، وهكذا يضيع أمل العودة إلى العمل إذا ما تعمقنا في القانون .
2 - بل إذا كان العامل لا يعول علي العودة إلى العمل، لكنه يسعى إلى الحصول على تعويض عن فصله تعسفياً، فنظراً لإعفاء الدعاوى العمالية من الرسوم فقد يبالغ في طلب تعويض بمبالغ ضخمة ويظل على أمل أن أي تخفيض للمبلغ التعويض المطلوب سيظل تعويضاً مجزياً، وقد يتناسى أن التعويض قد يرفض وقد يخفض إلى مبالغ قد لا يتوقعها العامل وفقاً لحساباته .
3- وتزداد مشكلة العامل إذا ما حرص علي رفض أي عرض جديد العمل لأن العثور على عمل جديد يؤثر في عنصر الضرر وبالتالي في مبلغ التعويض الذي يطالب به العامل صاحب العمل السابق، ويترتب على بعد ذلك مدة وجيزة، وبالنظر إلى طول إجراءات التقاضي، أن يفقد العامل فرص الحصول على عمل آخر. وبالتالي إذا قدر التعويض بمبلغ ضئيل لم يتوقعه العامل أو إذا رفض التعويض، فإن العامل يقعد ملوماً محسوراً على فقد عمله، وفقد فرصة الحصول على عمل جديد. وقد يكون العامل معذوراً في كل ذلك إذ أنه يرى أن صاحب العمل قد أخطأ في حقه ومن ثم لابد من عدم التهاون معه .
ومن هذا كله فإن إنهاء العقد غير محدد المدة بالإرادة المنفردة لصاحب العمل لا يخلو من المشكلات والصعوبات سواء بالنسبة للعامل أو لصاحب العمل .
- ولهذا نتساءل عما إذا كان من حسن السياسة التشريعية مواجهة الواقع العملي بما يرفع المعاناة عن العامل، الذي لن يحصل بعد کسبه دعواه إلا على مبلغ مالي علي سبيل التعويض، وكذلك تشجيع أصحاب الأعمال على إبرام عقود عمل غير محددة المدة إذا ما تم تنظيم الأمور بصورة تواجه عدم التوقعات السابق الإشارة إليها .
وقد تكون مواجهة ذلك كله عن طريق إعطاء العامل الحق في تعويض مقابل إنهاء العقد، فإن كان صاحب العمل يستعمل حقاً إلا أنه لا يوجد ما يمنع قانوناً من أن يكون استعمال الحق بمقابل مراعاة للطابع الإنساني لقانون العمل، بل أن هذا ما أقره المشرع في حالة إنهاء العقد لأسباب اقتصادية، ولا يكون فتح الباب أمام دعوى التعويض عن الفصل التعسفي إلا في حالة محددة تنم عن سوء نية صاحب العمل وذلك بالإضافة إلى حق العامل في التعويض عن الإنهاء المشروع .
ولقد كانت اللجنة المكلفة بوضع قواعد إنهاء عقد العمل قد أخذت بالفكرة السابقة إلا إنها قد رفضت من اللجنة العامة حتى لا يقال أن لصاحب العمل حرية إنهاء العقد بمقابل مالي بما يحرم العامل من حق مقاضاة صاحب العمل عن الفصل التعسفي الذي يعتبر مكسباً عمالياً .
وكان الاقتراح السابق يحقق للعامل مقدماً وفوراً ما قد يحصل عليه بعد سنوات من المعاناة في التقاضي .
وحرص المشرع على التخفيف جزئياً من المشكلات السابق إيضاحها بوضع حد أدنى للتعويض في حالة التعسف في الإنهاء مما يضع أمام العامل وصاحب العمل صورة مبدئية للتعويض الذي قد تسفر عنه الدعوي .
رابعاً : موقف قانون العمل الجديد :
- طبقاً للقواعد العامة في القانون المدني فإن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو بناء على نص قانوني .
ولقد نصت المادة 110 من قانون العمل على أنه إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الآخر كتابة قبل الإنهاء .
وفقاً لتلك المادة يجوز لأي من الطرفين أن ينهي العقد بإرادته المنفردة وذلك خروجاً على القواعد العامة في القانون المدني .
وبهذا فإن الإنهاء أصبح حقاً لكل طرف من طرفي العقد، فمن المقرر في مجال العقود غير محددة المدة بصفة عامة، حق كل من الطرفين في إنهاء العقد بإرادته المنفردة وذلك منعاً لتأبيد العقد، فعدم الاتفاق بين الطرفين على إنهاء العقد في وقت محدد يؤدي إلى استمرار العقد الى فترة مؤبدة وهذا ما لا يريده المشرع .
وفكرة عدم تأبيد العقود الزمنية تبرز بوضوح دواعيها في نطاق عقد العمل، فحرمان العامل من حق إنهاء العقد غير محدد المدة يعني العودة إلى نوع من - الرق، فحق العامل في الإنهاء تستوجبه أبسط ضرورات الحرية الفردية فهو ضمانة كان من ضمانات الحرية، فيحق للعامل أن يتوقف عن العمل لدى شخص متى تراءى له ذلك، كما أن حق الإنهاء لصاحب العمل أمر تفرضه المصلحة الاقتصادية لصاحب العمل، فمن حقه أن يطور العمل في منشأته مما يدعو إلى الاستغناء عن بعض عماله، والمصلحة الاقتصادية للعامل يجب ألا تحرم صاحب العمل من حقه في الحفاظ على مصالحه الاقتصادية، فلا يكون حل المشاكل الاجتماعية للبعض على حساب المصالح الاقتصادية للبعض الأخر، ويجب على المشرع أن يحرص على رعاية هذه المصالح جميعاً ولا يضحى دائماً وأبداً بإحداها من أجل الاخرى، فالمحافظة على التوازن، هو أساس استمرار التطور الاقتصادي والاجتماعي. فالإجحاف بالمصلحة الاقتصادية لصاحب العمل يؤدي إلى العزوف عن القيام بالمشروعات والاتجاه نحو الانكماش الاقتصادي وتعتبر عاملاً هاماً في التأخر الاقتصادي، وقد نصل إلى مرحلة يستحيل فيها الرجوع عن المكاسب الاجتماعية حتى ولو تأكد لنا أنها تقيد الانطلاق الاقتصادي ومواجهة مشاكل المجتمع. كما أن الإمعان في مراعاة الظروف الاقتصادية دون النظر الى المصلحة الاجتماعية ينطوي على تناسى الجانب الإنساني للعمل والطابع الحيوي للأجر، والإنتاج والتقدم الاقتصادي لا يقوم إلا على عاتق الإنسان من أجل الإنسان، ولهذا فإن اللجوء إلى الإنهاء لم يترك بدون ضوابط .
ولقد حرص المشرع في القانون المدني على الاعتراف بمبدأ الإنهاء الانفرادي للعقد من جانب أي من الطرفين إذا كان العقد غير محدد المدة، فتنص المادة 2/694 على أنه أن لم تعين مدة العقد بالاتفاق أو بنوع العمل أو بالغرض منه جاز لكل من المتعاقدين أن يضع حدا لعلاقته مع المتعاقد الآخر .
وهكذا فإن اللجوء إلى الفسخ القضائي لعقد العمل أصبح مهجوراً ويندر اللجوء إليه ويكون الإنهاء عن طريق استعمال الحق في الإنهاء بالإرادة المنفردة، وحيث تكون الرقابة القضائية لاحقة على استعمال الحق وليس سابقة عليه، ولقد استقر قضاء محكمة النقض على أن لصاحب العمل إنهاء العقد غير محدد المدة بإرادته المنفردة وأن هذا الإنهاء تنقضي به الرابطة العقدية وأن اتسم بالتعسف غاية الأمر أنه يترتب للعامل الذي أصابه ضرر في هذه الحالة الحق في التعويض .
- وفي مجال تقدير ما إذا كان الإنهاء تعسفياً من عدمه يجب إعمال المادة الخامسة من القانون المدني، وطبقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض فإن حالات التعسف في استعمال الحق قد وردت على سبيل الحصر باعتبار إنها تمثل استثناء على الأصل العام وهو أن من يستعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر، فمناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق، وخروج الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل .
وأوضحت محكمة النقض أن استقراء الصور الواردة على سبيل الحصر للتعسف في استعمال الحق يبين أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الأضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك، أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر استعمال صاحب الحق لحقه استعمالاً هو إلي الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدي، ومن المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الضوابط الاخيرة وبين الضرر الواقع هو معیار مادی قوامة الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً إذ لا تنبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبار العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب .
ويجب تقدير سلامة قرار الإنهاء في ضوء الظروف والملابسات التي كانت محيطة به وقت الإنهاء لا بعده، فإن أنهي عقد العامل الذي كان متغيباً بعد عودته للعمل فإن ذلك ينفي أن يكون سبب الإنهاء هو التغيب .
- حرص المشرع في قانون العمل الجديد على ألا يترك لصاحب العمل حرية تقدير سبب الإنهاء فهو يقرر الإنهاء بإرادته المنفردة وإنما يجب أن يرد الإنهاء إلى سبب من الأسباب التي حددها القانون .
فالمشرع لا يريد أن يسلب صاحب العمل سلطة إنهاء العقد بإرادته المنفردة، ولكنه في نفس الوقت يترك لصاحب العمل حرية الإنهاء شريطة ألا يكون الإنهاء تعسفياً .
ففكرة الإنهاء التعسفي واسعة ومرنة لا تحقق للعامل توقع الفعل الذي يصلح مبرراً للإنهاء من عدمه، كما أن صاحب العمل وهو يتخذ قرار الإنهاء لا يمكنه أن يقطع بأن الإنهاء غير تعسفي .
وسعياً وراء وضع ضوابط لممارسة صاحب العمل حقه في الانتهاء، ألزم صاحب العمل باستعمال سلطته في الإنهاء في الحالات التي حددها القانون، فصاحب العمل لا ينهي لأي سبب ويتم البحث بعد ذلك فيما إذا كان الإنهاء تعسفياً من عدمه، وإنما هو ينهى السبب من الأسباب التي حددها القانون وتكون الرقابة القضائية منصبه على ما إذا كان الإنهاء لسبب من الأسباب التي حددها القانون من عدمه .
ولهذا يختلف الوضع في القانون الحالي عن القوانين السابقة. فتنص المادة 695 / 2 من القانون المدني على أنه إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر الحق في التعويض، فقد اعتمدت القوانين السابقة فكرة التعسف لإستعمال الحق لتقدير ما إذا كان الإنهاء مبرراً من عدمه .
أما القانون الحالي فلم يربط الانهاء بعدم التعسف، وإنما قيد صاحب العمل بأن يكون الإنهاء لسبب من الأسباب التي حددها المشرع، ولا ينال من ذلك أن تكون تلك الأسباب منطوية على قدر من المرونة أي ليست أسباباً جامدة .
ولقد حددت المادة 110 من قانون العمل الأصل العام في الأسباب التي تتيح لصاحب العمل إنهاء العقد، وهو ارتكاب العامل لخطأ جسيم .
ولم يكتف المشرع بذلك فأضاف عدم كفاءة العامل كما أنه أضاف أسباب أخرى للإنهاء بنصوص متفرقة في القانون .
وهذه الأسباب التي تصلح مبرراً مشروعاً للإنهاء تقوم على أمور تنسب إلى العامل، ولا تتعلق باعتبارات خاصة بصاحب العمل. فقد تكفلت حالات إنهاء العقد لأسباب اقتصادية بمعظم أسباب الانتهاء التي ترجع إلى ظروف صاحب العمل .
حق صاحب العمل في الخيار بين الفصل التأديبي والإنهاء بالإرادة المنفردة
- وإزاء ما قرره المشرع من أن الفصل التأديبي لا يوقع إلا من المحكمة ولا يوقعه صاحب العمل، وما قرره في المادة 110 من أن لصاحب العمل إنهاء العقد غير محدد المدة بإرادته المنفردة فإن التساؤل يثور عما إذا كان من مصلحة صاحب العمل اللجوء الى المحكمة طالبة الفصل أم ينهى العقد هو مباشرة إعمالاً للمادة 110 .
كان المشرع غير موفق في التفرقة بين الفصل التأديبي والإنهاء من حيث السلطة التي تملك كل منهما، بل ودفع صاحب العمل إلى اللجوء إلى الإنهاء بدلاً من الفصل عن طريق القضاء، فالمادة 110 صريحة في فقرتها الثانية في أن الإنهاء يكون في الحالات المنصوص عليها في المادة 69، وتوهم المشرع أنه بذلك وضع قيداً على سلطة صاحب العمل ونسق الإنهاء مع أحكام الفصل التأديبي، والواقع أن المادة 69 لا تستلزم سوى ارتكاب العامل خطأ جسيم، ومن ثم فإن صاحب العمل يكون له إنهاء العقد إذا ارتكب العامل خطأً جسيماً، وهذا في حد ذاته ليس قيداً وإنما هو تقرير لواقع لا يمكن لصاحب العمل أن يدعى غيره، فصاحب العمل يدعى دائماً أن العامل قد أرتكب خطأً جسيماً ومن ثم ينهي العقد وتبقى الرقابة القضائية اللاحقة والمتمثلة في التعويض .
- وهكذا فإن الخطأ الجسيم من جانب العامل يفتح الباب لصاحب العمل باب الاختيار بين الفصل أو الإنهاء، ونرى أن صاحب العمل لابد وأن يختار الإنهاء لسببين :
السبب الأول : أن الإنهاء يقع فوراً بإرادة صاحب العمل ومن ثم لا داعي لإطالة الوقت والإجراءات باللجوء إلى القضاء طالبا ًفصل العامل .
والسبب الثاني: أن صاحب العمل الذي يلجأ إلى المحكمة طالباً الفصل يتعرض المخاطرة رفض طلب الفصل وأن عدم إعادة العامل إلى العمل يعتبر إنهاء تعسفياً بقوة القانون .
ويستطيع صاحب العمل أن يتفادى ذلك بالإنهاء بإرادتة المنفردة وحيث ينقضي العقد فوراً، ويلقي بالكرة إلى العامل حيث يكون على عاتق العامل اللجوء الى القضاء لطلب التعويض، ويفتح الباب أمام التناصل حول ما إذا كان الإنهاء تعسفياً من عدمه، ولا تكون لصاحب العمل مصلحة في اللجوء إلى القضاء طالباً الفصل إلا إذا كان على يقين من أن سلوك العامل يعتبر خطأ جسيما يؤدي إلى الفصل .
فالمادة 110 إذ نصت على أنه لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي العقد ألا في حدود ما ورد في المادة 69 ، قد جاءت بحكم يهدم تماماً التنظيم القانوني للفصل التأديبي، فالفقرة الثانية من المادة 110 تسمح لصاحب العمل بأن ينهي العقد لنفس الأسباب الواردة في المادة 69 أي في حالة ارتكاب خطأ جسيم .
قضت محكمة النقض بأنه إذا ارتكب العامل خطأً جسيماً، فإن صاحب العمل بالخيار بين اللجوء إلى إجراءات الفصل التأديبي، أو اللجوء إلى الإنهاء بالإرادة المنفردة، فقد أوضحت أن المشرع منح صاحب العمل في حالة ارتكاب العامل أياً من الأخطاء الجسيمة المنصوص عليها في المادة 69 الحق في عرض أمر الفصل على المحكمة العمالية المنصوص عليها في المادة 68 قبل توقيع الجزاء التأديبي عليه بالفصل، أو إغفال العرض على هذه المحكمة وفصل العامل بإرادته المنفردة إعمالاً للحق المخول له بالمادة 110، إذ أن لصاحب العمل في عقد العمل صفتين إحداهما مدنياً تسمح له عند إخلال العامل بالتزاماته أن ينهي العقد بأرادته المنفردة ، وصفة أخرى مستمدة من كونه متبوعاً في عقد العمل، وهذه التبعية تعطى له سلطة صاحب العمل في الرقابة والإشراف على العامل بما يستتبعه ذلك من اتخاذ إجراءات التأديب ضده وفصله إذا ارتكب خطأً جسيماً، ولم يرد في نصوص قانون العمل ما يسلب صاحب العمل صفته المدنية تلك أو ما يسقط حقه في إنهاء عقد العمل وفصل العامل بالاستناد إليها، وإنما احتفظ له المشرع على نحو صريح وجازم بهذه الصفة وبهذا الحق بما نص عليه في المادة 110 من قانون العمل .
وعلى هذا إذا ارتكب العامل خطأً جسيماً فإن صاحب العمل بالخيار بين اللجوء إلى الفصل التأديبي، أو الإنهاء، ويقدر صاحب العمل مصلحته في اللجوء إلى الى أيهما، فهو سيلجأ إلى الفصل التأديبي عن طريق القضاء إذا كان على ثقة تامة بالحصول على حكم بالفسخ، وإن كان هناك شك أو تقدير يختلف فيه الرأي فمن الأفضل له اللجوء إلى الإنهاء .
من الغريب أن المشرع قد أراد، بإضافة أن يكون الإنهاء في الحالات الواردة في المادة 69، تقييد صاحب العمل. ومع هذا وصل إلى نتيجة عكسية تماماً وهي أن الخطأ الجسيم قد يؤدي إلى الفصل، أو الإنهاء بحسب اختیار صاحب العمل، فبدلاً من أن يلزم صاحب العمل باللجوء إلى إجراءات الفصل في حالة ارتكاب خطأ جسيماً فتح باب الخيار أمام صاحب العمل .
ولولا نص المادة 110 بعد تعديلها من قبل مجلس الشورى لكان يمكن التوصل إلى نتيجة عكسية بالرجوع إلى المادة 68 حيث تنص على أن يكون الإختصاص بتوقيع جزاء الفصل إلى المحكمة، وتنص المادة 69 على أنه لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأً جسيماً، فمزج المادتين 68 و 69 قد يؤدي إلى القول بأن الفصل لإرتكاب خطأ جسيم لا يكون إلا للقاضي .
أما المادة 110 فقد جاءت واضحة وصريحة في منح صاحب العمل حرية الإنهاء دون اللجوء إلى المحكمة في نفس الأحوال الواردة في المادة 69 .
- وكان يجدر بالمشرع أن يحظر الانهاء في حالة ارتكاب خطأ جسيم وحيث يجب أن يكون الجزاء هو الفصل ولا يوقع الجزاء إلا من قبل المحكمة، فيكون الفصل نطاق، وللإنهاء نطاق آخر، أما ما انتهى إليه القانون فهو أشبه بمن غلق النوافذ حتى يضع الفصل في حدود منضبطة تخضع للرقابة القضائية المسبقة، ثم ترك الباب مفتوحاً، فلم يغلقه، بحيث من لا يريد أن يتقيد بهذه الضوابط ما عليه إلا أن يلج باب الإنهاء المفتوح على مصراعيه، ولقد ترتب على ذلك تفويت كل قيمة حقيقية أو عملية القيود والضوابط المتعلقة بالفصل التأديبي، ولا يترتب ای جزاء على صاحب العمل إذا لجأ إلى الإنهاء دون الفصل فهو يستعمل حقاً مخولاً له بموجب الفقرة الثانية من المادة 110 فعدم جواز الإنهاء إلا في الحالات الواردة في المادة 69 هو بعبارة أخرى إجازة الإنهاء في هذه الحالات دون اللجوء إلى قواعد الفصل التأديبي، وبناء عليه ولا جدال أن الصاحب العمل في ظل قانون العمل الجديد حرية اختيار اللجوء إلى الفصل التأديبي أو إلى إنهاء العقد بإرادته المنفردة إذا ما نسب إلى العامل ارتكاب خطأ جسيم، فلم يتغير الوضع عما كان عليه في ظل قانون العمل رقم 137 لسنة 1981، فقد قضت محكمة النقض بأن مشروع قانون العمل المذكور كان يتضمن نصاً يحرم صاحب العمل من فرصة الاختيار بين نظام التأديب ونظام الفسخ المدني حسبما يتفق مع مصالحة حيث كان ينص المشروع على عدم جواز لجوء صاحب العمل إلى انهاء علاقة العمل في إطار الرابطة المدنية العقدية به لنفس الاسباب التي كان من أجلها قد طلب تأديب العامل بالفصل، هذا النص لم يظهر في القانون 137 لسنة 1981 الأمر الذي ينبیء عن انصراف نية المشرع عنه .
وقانون العمل الجديد لم يرد به أي نص يمنع الخيار بل على العكس قد أتاح الخيار صراحة في المادة 110 من القانون حيث ربطت إنهاء العقد بالإرادة المنفردة بالحالات الواردة في المادة 69 أي في حالة الخطأ الجسيم، وبعبارة أخرى أجازات صراحة إما اللجوء إلى الفصل التأديبي وإما اللجوء إلى الإنهاء بالإرادة المنفردة لنفس الأسباب فلم يغل القانون الجديد يد صاحب العمل عن إنهاء العقد إعمالاً لصفته المدنية التي تسمح له عند إخلال العامل بالتزاماته أن ينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للمواد 157 ، 694، 695 من القانون المدني .
فاختصاص المحكمة بالفصل لا يمنع صاحب العمل من اللجوء إلى الإنهاء طبقاً للمادة 110 ولا يلزم باللجوء إلى المحكمة لطلب الفصل.
الشرط الفاسخ الصريح وعقد العمل غير محدد المدة :
يثور البحث عن مدى مشروعية الشرط الفاسخ الصريح في عقد العمل غير محدد المدة، ودراسة هذه المسألة تستوجب التفرقة بين الفصل التأديبي، والإنهاء بالإرادة المنفردة من جانب صاحب العمل .
ففي مجال الفصل التأديبي ، فقانون العمل سلب صاحب العمل سلطة توقيع جزاء الفصل، وأصبح الأمر بيد القضاء. وهذا من شأنه أن يسلب المتعاقدين سلطة الاتفاق على ما يخالف ذلك خصوصاً عن طريق الشرط الفاسخ الصريح. فالاتفاق على الشرط هو من قبيل الاتفاق على ما يخالف النص، فالمشرع جعل الفصل من سلطة القاضي وحده، والاتفاق على الشرط الفاسخ يجعل الفسخ بید الدائن، وسلطة القاضي تقتصر على التحقق من شروط الفسخ، وهذا من شأنه سلب القاضي سلطة تقدير الفسخ أصلاً من عدمه، ولهذا يبطل الشرط الفاسخ الصريح بشأن ارتكاب العامل الخطأ الجسيم الذي يبرر الفصل .
- وفي مجال الإنهاء بالإرادة المنفردة لصاحب العمل، فيذهب الفقه الفرنسي إلى حظر الشرط الفاسخ الصريح لأنه يؤدى إلى حرمان العامل من الضمانات التي رسمها القانون لإنهاء العقد .
.
وفي جميع الأحوال فإن الشرط لا يمس حق العامل في مهلة الإنهاء باعتبارها أثراً رسمه القانون للإنهاء سواء وجد الشرط أو لم يوجد .
أما فيما يتعلق بمدى تعارض الشرط الفاسخ الصريح مع أحكام الإنهاء بالإرادة المنفردة فإن صياغة الشرط تؤثر في مشروعيته من عدمه، فإن كان الإخلال بالالتزام الذي يترتب على مخالفته الفسخ يتطابق مع ما ورد في قانون العمل، أي في حالة ارتكاب العامل خطأ جسيم، فإن الشرط يقع صحيحاً لأنه لا يمس بأي ضمانة للعامل، بل أن موافقة العامل على الشرط تعتبر تنبيها له بالتزاماته والتي يترتب على الإخلال بها فسخ العقد، أما إذا كان الفسخ جزاء الإخلال بأي التزام فإنه يبطل لمخالفته قانون العمل، وسواء أنهى صاحب العمل العقد بإرادته المنفردة أو إعمالاً للشرط الفاسخ الصريح فإن الرقابة القضائية لاحقة في الحالتين .
ومن الناحية العملية فإن صاحب العمل ليس في حاجة للشرط الفاسخ الصريح لأن الإنهاء بالإرادة المنفردة يحقق مصلحته دون حاجة للشرط، بل أن الشرط الفاسخ يستوجب موافقة العامل أى الإنهاء يكون نتيجة اتفاق، أما الإنهاء طبقاً لقواعد قانون العمل فإنه يقع بالإرادة المنفردة لصاحب العمل وإعمالاً للقانون، وموافقة العامل لن تؤثر إطلاقاً في حقوقه طبقاً للقانون، كما أن حقوق صاحب العمل لن تزداد في ظل الشرط الفاسخ الصريح . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 767 )
عدم كفاءة العامل :
ولقد فرق المشرع بذلك بين الخطأ التأديبي الجسيم وعدم الكفاءة المهنية فالخطأ يرتبط بإرادة العامل ونيته ، أما عدم الكفاءة فلا يرتبط إلا بقدرة العامل وعدم كفاءته المهنية، وأخطاء المهنة ونتائج أعماله بصرف النظر عن أي عنصر معنوي ، ولو لم ينص المشرع على عدم كفاءة العامل كسبب لإنهاء العقد ما أمكن إدخال عدم الكفاءة في إطار خطأ العامل وعلى وجه الخصوص الخطأ الجسيم ، فالفشل المهني يختلف عن الخطأ المهني .
في القانون الفرنسي قبل سنة 1973 كان يكفي لإنهاء العقد أن يبرره صاحب العمل بعدم الكفاية المهنية للعامل دون حاجة لأن يعطي أي تفاصيل أخرى بشأن عدم الكفاية ، ولكن اشترط بعد ذلك ضرورة أن يبين صاحب العمل مظاهر وأدلة عدم الكفاية ويجب أن تكون مظاهر عدم الكفاية ظاهرة وثابتة أمام القضاء ، فإذا أنهى العقد بسبب عدم تحقيق العامل للنتائج المطلوبة والمرجوة منه ، يجب أن يبحث القاضي ويتحقق من النتائج التي تحققت ويقارنها بما كان يجب تحقيقه وبما يحققه غيره من العمال .
ولهذا فإن المشرع اشترط في المادة 110 من قانون العمل أن يكون تقدير الكفاءة المهنية للعامل في ضوء ما تنص عليه اللوائح المعتمدة ، وعادة ما تتضمن لائحة نظام العمل قواعد تقدير كفاءة العامل .
ولكن إذا لم توجد لوائح فإن الأصل هو سلطة صاحب العمل في تقدير كفاية عماله .
ومن المستقر في قضاء محكمة النقض أن من سلطة رب العمل التنظيمية تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له بما يحقق مصلحة الإنتاج ، وله أن يكلفه عملاً آخر غير المتفق عليه ، لا يختلف عنه اختلافاً جوهرياً ، وأن ينقله إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذي كان يشغله متى اقتضت مصلحة العمل ذلك، كما أنه إذا استبان لصاحب العمل بعدم كفاية العامل اعتبر ذلك مأخذاً مشروعاً لتعديل عقد العمل أو إنهائه وعلى من يدعي عدم صحة هذا المأخذ والتعسف في إنهاء العقد عبء إثبات ذلك. وتقدير رب العمل لكفاية العامل لا شأن له بقواعد التأديب وإجراءاته .
وإن لم توجد لوائح فليس معنى ذلك عدم جواز إنهاء العقد لعدم الكفاءة ، وإنما يجب أن يتم تقدير الكفاءة في ضوء قواعد موضوعية يستطيع أن يتحقق القضاء في ضوئها من مدى كفاءة العامل ، وعلى صاحب العامل بيان تلك الأسس الموضوعية والتي لا تنتفي عن العامل المعتاد فلا يجوز أن يكون تقييم الكفاءة بناء على عناصر شخصية يستقل صاحب العمل بتقديرها .
وفي مجال تقدير عدم كفاءة العامل استناداً إلى عدم تحقيقه النتائج المرجوة يجب الإستناد إلى ثلاثة معايير موضوعية وفقاً لما ذهب إليه الفقه الفرنسي. والمعيار الأول : هو أن تكون الأهداف والنتائج معقولة وملائمة مع ظروف السوق ، فإن كان عدم تحقيق النتائج يرجع إلى أزمة اقتصادية أو لظروف سياسية فإن انهاء العقد يكون مخالفاً للقانون. والمعيار الثاني : هو أن تكون تلك الأهداف متفقة مع قدرة العامل وتكوينه المهني. والمعيار الثالث : يجب أن يقدم صاحب العمل للعامل الوسائل المناسبة لتحقيق هذه الأهداف .
ولهذا لا يجوز التعويل على ما ورد في العقد من ضرورة أن يحقق العامل نتائج معينة، فلا يجوز أن يسلب القاضي سلطة تقدير مدى كفاءة العامل في ظل الظروف الملائمة .
ولقد استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن لصاحب العمل سلطة تقدير كفاءة العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له ، فهذا يدخل في سلطة رب العمل في تنظيم منشأته ، ولا يحده في ممارسة تلك السلطة إلا عيب اساءة استعمال السلطة إذا ما أقام العامل الدليل عليه بحيث يكون صاحب العمل قد خرج عن مقتضيات مصلحة العمل وتخطاها إلى باعث آخر، وعدم الكفاءة التي ترجع الى سوء تنظيم المشروع لا تبرر انهاء العقد لأن خطأ صاحب العمل يستغرق ويجب عدم الكفاءة المنسوبة للعامل .
وتجدر الإشارة إلى المادة 56/ ك من قانون العمل التي وضعت على عاتق العامل الإلتزام باتباع النظم التي يضعها صاحب العمل لتنمية وتطوير مهاراته وخبرته مهنياً وثقافياً أو لتأهيله للقيام بعمل يتفق مع التطور التقني في المنشأة بالإشتراك مع المنظمات النقابية المختصة .
فالعامل يلتزم بتأهيل نفسه مهنياً وثقافياً وتطوير قدراته ليتلاءم مع التطور التقني .
وفي نفس الوقت فإن هذا النص يفيد أن صاحب العمل يلتزم كذلك بأن يضع النظم والدورات اللازمة لتأهيل عمالة لمواجهة التطورات التقنية وذلك في حدود إمكانات المنشأة .
فنجاح المشروع يقاس بقدرته على استيعاب التحولات والتطورات التكنولوجية ومهارة العامل تقاس بقدرته على تنمية إمكانياته ليتلاءم مع هذه التطورات .
ولهذا فإن حسن النية في تنفيذ العقد يستوجب أن يوفر صاحب العمل العماله فرص التأهيل والتنمية اللازمة للتأقلم مع المستجدات الحديثة كما أن حسن النية في تنفيذ العقد من جانب العامل يستلزم السعي إلى تنمية قدراته باتباع ما يضعه صاحب العمل من نظم أو برامج .
وتبدو أهمية هذا الإلتزام المتبادل في مجال إنهاء العقد فالإستغناء عن العمالة غير القادرة على التعامل مع مستجدات العصر لا يعتبر سبباً للإنهاء إلا إذا ثبت أن صاحب العمل قد وضع النظم اللازمة والعامل أما إنه لم يتبعها أو ثبت عدم قدرته على التأقلم مع المستجدات فيكون الإنهاء مشروعاً عند الإستغناء عن بعض العمال القدامى الذين يصعب تأهيلهم للعمل. بطرائق الإنتاج الجديدة المستخدمة في المنشأة ، والإنهاء يكون حينئذ مستنداً إلى قلة كفاءة العمال المستغنى عنهم أكثر من استناده إلى الأزمة الاقتصادية للمنشأة ، وذلك رغم أن الأزمة الإقتصادية للمنشأة كانت هي المدخل الذي فتح لصاحب العمل باب اعادة تقييم كفاءة عمالة .
ويلاحظ أنه طبقاً للمادة 58 يجب على كل صاحب عمل أن يضع لائحة تنظيم العمل والجزاءات ، وهذه اللائحة هي التي يجب أن تتضمن قواعد تقدير كفاية العامل سواء في فترة الإختبار ، أو في الوظائف والفترات المختلفة ولكن لا يوجد ما يمنع من أن تكون قواعد تقدير الكفاية منصوص عليها في عقد العمل خصوصاً إذا كانت هذه القواعد لا تنطوي على خروج عن المألوف ، أو بعبارة أخرى لن تكون محل اعتراض من الجهة الإدارية لو وردت في لائحة نظام العمل فالأصل أن عقد العمل هو الذي ينظم علاقة العامل بصاحب العمل في إطار القواعد الاخرى .
وقد تنظم اللائحة تقارير كفاية العامل وجزاء عدم توافر الكفاءة، فصل العامل إذا حصل على تقدير ضعيف في أكثر من تقرير ، وقضت محكمة النقض بأن الفصل في هذه الحالة لا يكون فصلاً تعسفياً ومن ثم لا يلزم اتباع إجراءات التأديب ، ويعتبر ذلك إنهاء العقد العمل وبمنأى عن التعسف .
وأوضحت المحكمة أن العبرة في تقدير سلامة قرار الإنهاء من عدمه بالظروف المحيطة به وقت صدوره لا بعده فلا يعتد بالتقارير الطبية التي يقدمها العامل بعد قرار الإنهاء لإثبات أن عدم كفايته كان يرجع لأسباب مرضية وخصوصاً أن العامل لم يتظلم من قرار الإنهاء في المدد المحددة في اللائحة .
وإذا كان العامل يخضع للتقييم فى الوظيفة التي يشغلها في نهاية مدة معينة فإن فصله قبل نهاية تلك المدة يعتبر إنهاءً تعسفياً حيث لا يجب أن ينظر للتقويم إلا عند انتهاء مدة شغل الوظيفة تمهيداً للتجديد من عدمه .
عبء إثبات سبب الإنهاء في قانون العمل الجديد :
نصت المادة 110 على أنه لا يجوز لصاحب العمل أن ينهي العقد إلا في حدود ما ورد في المادة 69 من هذا القانون ، أي إذا كان العامل قد ارتكب خطأ جسيماً ، أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقاً لما نصت عليه اللوائح المعتمدة .
وهذا النص يثير التساؤل حول من يقع عليه عبء إثبات الخطأ الجسيم للعامل أو عدم كفاءته .
الإتجاه الأول : فيما يتعلق بإثبات الخطأ الجسيم فإن صاحب العمل هو الذي يقع عليه عبء إثبات الخطأ الجسيم .
ومفاد ذلك أن صاحب العمل يجب أن يستند قراره بالإنهاء إلى خطأ جسيم ارتكبه العامل، ومن ثم يقع على عاتق صاحب العمل إثبات الخطأ الجسيم حتى يكون الإنهاء متفقاً مع القانون والأصل الصحة بمعنى أن العامل لم يرتكب أي خطأ ومن يدعي عكس الأصل هو الذي يقع عليه عبء الإثبات ، أي صاحب العمل الذي يدعى ارتكاب العامل لخطأ جسيم . وبالنسبة للإنهاء بسبب عدم الكفاءة فقد ربطه المشرع بثبوت عدم الكفاءة طبقاً للوائح المعتمدة ولهذا فإن على صاحب العمل أن يبين وجه عدم الكفاءة الذي استند إليه. فالمشرع لم يترك لصاحب العمل سلطة مباشرة في تقدير كفاءة العامل وإنما جعل تقدير الكفاءة من خلال اللوائح المعتمدة فهذه اللوائح يتقيد بها العامل وصاحب العمل ، وبناء عليه فأن صاحب العمل يجب عليه أن يثبت عدم الكفاءة استناداً إلى المعايير التي وردت في اللوائح المعتمدة .
الإتجاه الثاني أو الرأى الراجح : الأصل هو حق صاحب العمل في إنهاء العقد بالإرادة المنفردة، ومن يستعمل حقه لا يسأل إلا في حالة التعسف في استعمال الحق. وسواء كان الإنهاء يجب أن يكون بمبرر أو في حالة الخطأ الجسيم فإنهما يدخلان في إطار استعمال صاحب العمل لحقه في الإنهاء وبناء عليه فإن من يدعي التعسف في استعمال الحق يقع عليه عبء الإثبات. فالعامل هو الذي يدعي عكس الأصل وهو أن صاحب العمل تعسف في استعمال حقه ولهذا يقع عليه عبء إثبات التعسف بأن الفصل لا يستند إلى خطأ جسيم أي لا مبرر له ، وهذا هو الراجح .
وطبقاً لقضاء محكمة النقض يجب التفرقة بين حالة ما إذا كان صاحب العمل قد أفصح عن سبب إنهاء عقد العمل، حيث يلتزم بإثبات صحة السبب ، والعامل يثبت عدم صحة السبب أما إذا لم يفصح صاحب العمل عن سبب الإنهاء ، فالعامل يلتزم بإثبات التعسف . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 791 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / الأول ، الصفحة / 293
انْقضاء إجارة الأْجير الْخاصّ :
تنْقضي إجارة الأْجير الْخاصّ بالأْسْباب الْعامّة الّتي ذكرْناها. وإذا أكْرى الأْجير نفْسه، فهرب، فإنْ كانت الإْجارة على موْصوفٍ في الذّمّة اسْتؤْجر بدله منْ ماله، وإنْ لمْ يكنْ يثْبت للْمسْتأْجر الْخيار في الْفسْخ أو الانْتظار، وذلك كما لو اسْتأْجر سيّارةً بسائقها منْ غيْر أنْ يعيّن السّائق، أوْ جمالاً بقائدها دون تعْيينٍ، فهرب السّائق أو الْقائد، فإن انْتظر فإنّ الإْجارة تنْفسخ عنْ كلّ يوْمٍ يمْضي؛ لأنّ الْمنافع تتْلف بمضيّ الزّمن.
وإنْ كانت الإْجارة على عملٍ معيّنٍ لمْ ينْفسخْ لأنّه يمْكن اسْتيفاؤه إذا وجده .
___________________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
مادة (686)
1- إذا لم تعين مدة العقد بالإتفاق أو بنوع العمل أو بالغرض منه جاز لكل من المتعاقدين إنهاء العقد . ويجب في إستعمال هذا الحق أن يسبقه إخطار .
2- ومدة الإخطار تحددها القوانين الخاصة والا فيتبع في شأتها ما ينص عليه العقد أو يقضي به العرف الجاري في الجهة أو في المهنة فإن لم يوجد إتفاق أو عرف تولي القاضي تحديد مدة معقولة للإخطار في ضوء الظروف وخاصة طبيعة عمل العامل ومركزه ومدة خدمته .
3- وكل شرط في عقد العمل غير المعين المدة ، يعدل مواعيد الإخطار التي حددتها القوانين أو العرف ، يكون باطلاً ولا يعمل به إلا إذا كان في مصلحة العامل .
وفي الفقه الاسلامي يعتبر العقد غير معين المدة عقداً غير لازم فيكون كل من المتعاقدين إنهاؤه مع الإخطار . إذ القاعدة أن العقد لا ينتهي في هذه الحالة إلا بإعلام المتعاقد الآخر ، كما جاء في قواعد ابن رجب ( القاعدة رقم 62 ص 117 )
أما ما تقضى به الفقرة الثالثة من المادة المقترحة فيقصد به حماية مصلحة كل من الطرفين، وهو مقصد تهتم به الشريعة الإسلامية .
كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان فى المعاملات الشرعية على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان لمؤلفه المغفور له (محمد قدرى باشا ( )الطبعة الثانية( بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصرالمحمية سنة1308هجرية 1891 افرنجيه
( مادة 500 )
إذا لم تكن المدة معينة في العقد حتى فسد لجهالتها، فلكل من العاقدين فسخها في أي وقت أراد وللخادم أجرة مثله مدة خدمته .
( مادة 501 )
إذا لم تكن أجرة الخادم مقدرة في العقد فله أجر مثله مقدراً على حسب العرف .