( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )
انقضاء علاقة العمل
يستقي المشروع أحكامه الخاصة بانقضاء علاقة العمل من أحكام كل من القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم وتوصيات منظمة العمل الدولية .
فتنص المادة (104) على أنه إذا كان عقد العمل محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته على أنه إذا أبرم العقد لمدة أكثر من خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، ومدة الخمس سنوات المذكورة مستقاة من المادة ( 678 / 2) من القانون المدني مع ملاحظة أن المشروع يعطي للعامل الحق في أن ينهي العقد وأن يوجه إخطار الإنهاء اعتباراً من أول الشهر العاشر في السنة الخامسة بحيث يجوز له أن يترك العمل في اليوم التالي لانقضاء السنوات الخمس. والهدف من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بتحسين ظروف حياته، مع الحفاظ على مقتضيات استقرار علاقات العمل باشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود محددة المدة، ومعنى ذلك أن إنهاء العقد بمضي خمس سنوات هو رخصة يستخدمها العامل إن شاء وإن عزف عنها استمر في تنفيذ العقد على أن يظل في إمكانه إنهاؤه في أي وقت بشرط مراعاة المدة المحددة .
وتنظم المواد (105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109) على التوالي حالات انقضاء مدة العقد وجواز تجديده باتفاق الطرفين وحكم انتهاء العقد المبرم لعمل معين ، وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : إذا استمر طرفا العقد في تنفيذه بعد انقضاء مدته المحددة اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة مع عدم سريان ذلك الحكم على عقود عمل الأجانب (المادة 105)، ويطابق هذا الحكم حكم المادة (679) من القانون المدني والمادة (71 / 1) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والمادة (72 / 1) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والمادة (3) من توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982م .
ثانياً : يجوز لطرفي العقد بعد انتهاء مدته أن يجدداه باتفاق جديد لمدة أو لمدد أخرى فإذا زادت مدد العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات جاز للعامل إنهاءه وفقاً لأحكام المادة (104).
ثالثاً : ينظم المشروع حالة انتهاء عقد العمل المبرم لإنجاز عمل معين بحيث لا يجوز للعامل أن يطلب إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز العمل (المادة 107). فإذا انتهى هذا العقد واستمر طرفاه في تنفيذه بعد إنجاز العمل اعتبر ذلك تجديداً منهما للعقد لمدة غير محددة (المادة 108) .
رابعاً : تنص المادة (109) على أنه في حالة انتهاء عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفي العمل أو لأعمال أخرى مماثلة على أنه إذا وزادت مدة إنجاز العمل الأصلي والأعمال التي جدد لها العقد على خمس سنوات فلا يجوز للعامل في هذه الحالة إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال .
خامساً : وفيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير محدد المدة تنص المادة (110) على أنه في حالة ما إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف على النحو الوارد بالفقرتين الثانية والثالثة، وكل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (200)، ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة ( 694 / 2) من القانون المدني والمادة (72 / 1) من القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغي كما يتفق مع نص المادة (27) من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 م .
سادساً : تنص المادة (111) على وجوب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل المتصلة لدى ذات صاحب العمل عشرة سنوات ، وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات والغاية من ذلك إتاحة مهلة أطول لصاحب العمل كلما ازدادت مدة خدمة العامل لديه لتدبير أمره ولتوفير البديل المناسب ، فإذا كان الإنتهاء من صاحب العمل، فإنه يحق للعامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة أطول للبحث عن عمل آخر مناسب .
وتنظم المواد (112 ، 113، 114، 115) عملية الإخطار على نحو جدید ؛ أبرز ملامحه ما يأتي :
أولاً : تحظر المادة (113) تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ على أن يبدأ سريان الإخطار من تاريخ تسلمه واحتساب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
ثانياً : لا تجيز المادة (113) توجيه الإخطار للعامل خلال فترة إجازته مع عدم احتساب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة ووقف سريان مهلة الإخطار خلال إجازة العامل المرضية وبدء سريانها من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة ، وبذلك يظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (مادة 114) .
ثالثاً : وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء لا تجيز المادة (115) اتفاق طرفي العقد على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، وتجيز الإتفاق على زيادة هذه المدة، کما تجيز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة قيام العامل بإنهاء عقد العمل من جانبه .
رابعاً : مراعاة لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود تستحدث المادة (116) حكماً يعطي للعامل الحق في التغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات خلال الأسبوع للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره کاملاً عن مدة الغياب وذلك في حالة ما إذا كان الإخطار بالإنتهاء من جانب صاحب العمل ، وبحيث يكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل .
خامساً : تجيز المادة (117) لصاحب العمل إعفاء العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع اعتبار مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة وما يترتب على ذلك من آثار ومنها استحقاق العامل عن أجره طوال مدة الإخطار .
سادساً : تنص المادة (18) على أنه في حالة قيام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل دون إخطار العامل أو قبل انقضاء مهلة الإخطار يلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو ما تبقى منها، وعلى أن تحسب المدة في هذه الحالة أو الجزء المتبقي منها ضمن مدة خدمة العامل مع تحمل صاحب العمل بكافة الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك وهو ما يعد بمثابة تعویض للعامل عن إخلال صاحب العمل بالتزاماته فإذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت ترکه الفعلي للعمل وإعمالاً للقواعد العامة فإنه يحق لصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار .
سابعاً : تستحدث المادة (119) حکماً يقضي بعدم الاعتداد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، ويعطى للعامل المستقبل الحق أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره لصاحب العمل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .
وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً واعياً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استشارته ، مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاریخ موافقة صاحب العمل .
ونزولاً على توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 م تحرص المادة (120) على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعد مبررة كافية لإنهاء علاقة العمل ، وهي :
1 - انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في غير ساعات العمل ، أو أثنائها .
2- السعي إلى تمثيل العمل أو ممارسة أو سبق ممارسة هذا الحق .
3- تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو اللوائح، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة .
4- اللون ، أو الجنس ، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية ، أو الحمل ، أو الدين ، أو الرأي السياسي ، أو الأصل الإجتماعي .
5- توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل ، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .
6- استخدام العامل لحقه في الإجازات .
وتستحدث المادة (121) جواز قيام العامل بإنهاء عقد العمل إذا أخل صاحب العمل بأي من الإلتزامات الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة وكذا في حالة ما إذا وقع على العامل أو أي من ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من ممثليه وقد استقى هذا الحكم من حكم المادة (696) من القانون المدني وتطبيقاً للقواعد العامة إنه إذا أنهي أي من الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاني التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء ، وإذا كان الإنهاء دون مبرر صادراً من جانب صاحب العمل فلا يقل التعويض المستحق للعامل في هذه الحالة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة التي قضاها في خدمته (المادة 122) .
كما ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكماً .
ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لإعتبارات تتعلق بشخصه أو بنشاطه الذي انقطع بوفاته (المادة 123) .
وتورد المادة (124) حالة أخرى من حالات إنهاء عقد العمل تتعلق بعجز العامل عن أداء عمله عجزاً كلياً أياً كان سببه ، ولا تجيز إنهاء العقد في حالة العجز الجزئي للعامل إلا إذا ثبت عدم وجود عمل آخر لدى ذات صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرضي ويكون إثبات وجود أو انتفاء العمل الآخر وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي فإذا ثبت وجود هذا العمل وجب على صاحب العمل وبطلب من العامل أن ينقله إليه وأن يؤدي إليه الأجر الذي يؤدي عادة لمن يقوم بمثل هذا العمل دون اشتراط أن يكون هذا الأجر مساوياً لأجره الذي كان يتقاضاه قبل الإصابة أو العجز، ذلك أن العامل سيحصل في هذه الحالة - علاوة على أجره المستحق عن عمله الجديد - على تعويض العجز الذي يثبت له بموجب أحكام قانون التأمين الإجتماعي .
وتقرر المادة (125) عدم جواز تحديد سن للتقاعد يقل عن ستين سنة ويجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل إذا بلغ سن الستين ، ما لم يكن العقد محدد المدة ، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الستين ، ففي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإنقضاء مدته ، وهذا الحكم يتفق مع ما تقرره القواعد العامة من عدم انتهاء العقد محدد المدة إلا بإنقضاء مدته .
وفي جميع الأحوال يجب عدم الإخلال بأحكام التأمين الإجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش وبحق العامل في الاستمرار بالعمل بعد بلوغه هذا السن استكمالاً للمدة الموجبة لإستحقاق المعاش .
ويأخذ المشروع في المادة (126) بحكم المادة (75) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والذي يقرر استحقاق العامل مكافأة عن مدة عمله بعد سن الستين بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية لها ، وذلك إذا لم تكن له حقوق عن هذه المدة وفقاً لأحكام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة المنصوص عليها في قوانين التأمين الإجتماعي وقد أطلق المشروع مدة استحقاق تلك المكافأة بعد بلوغ سن الستين ، بحيث لا يقتصر الإستحقاق على السنوات العشر التالية ، بل تمتد لكامل المدة أياً كانت .
وتستحق تلك المكافأة عن سنوات الخدمة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشر وذلك للمتدرج والعامل عند بلوغ هذا السن وتحسب المكافأة على أساس آخر ما كان يتقاضاه .
وتحظر المادة (127) على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل، وتستثنى من ذلك حالة استنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى استنفاذ متجمد إجازاته السنوية المستحقة له على أن يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة بأن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاذ إجازاته المشار إليها ، ولا يحق لصاحب العمل إنهاء العقد إذا ما شفي العامل قبل تمام الإخطار .
وتمكيناً للمرأة العاملة من رعاية الأسرة تجيز لها المادة (138) إنهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة لأي من الأسباب الواردة بالمادة كالزواج أو الحمل أو الإنجاب مع استحقاقها جميع الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام القانون وأحكام قانون التأمين الإجتماعي على أن تخطر صاحب العمل كتابة برغبتها في الإنهاء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو ثبوت الحمل أو من تاريخ الوضع على حسب الأحوال .
کما تجيز المادة (129) لصاحب العمل إنهاء العقد أياً كان نوعه إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ، ولا يتقيد صاحب العمل في استعمال هذا الحق بإتباع إجراءات خاصة ، إذ لا يعد هذا الإنهاء ممارسة لسلطته التأديبية ، كما لا يشترط أن تكون للجريمة صلة بالعمل .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
من الأحكام المستحدثة أيضاً ما تقرره المادة 119 من أنه لا يعتد بإستقالة العامل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .
وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل إستقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع التأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً مدروساً لم يصدر عن إنفعال وقتي ترتب على استثارته مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاريخ موافقة صاحب العمل .
1- النص في المادة 119 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 يدل على أن استقالة العامل تنتج أثرها في إنهاء علاقة العمل بمجرد تقديمه دون توقف على قبول صاحب العمل لها وحرصاً من المشرع على مصلحة العامل وتحسباً أن يكون قد تعرض لثمة ضغوط دفعته إلى تقديم الاستقالة فقد أجاز له المشرع أن يعدل كتابة عن هذه الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره من صاحب العمل بقبول الاستقالة فإذا تمسك بالاستقالة، ولم يعدل عنها كتابة؛ فإنه يتعين الاعتداد بها في إنهاء عقد العمل والعلة في ذلك هي فتح تأبيد العقود .
( الطعن رقم 5793 لسنة 93 ق - جلسة 21 / 4 / 2024 )
2- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة 119 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه " لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة وفى هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن " مفاده أن المشرع أجاز للعامل أن يستقيل من عمله واستلزم أن تكون الاستقالة مكتوبة ، كما أجاز له أيضاً العدول عنها شريطة أن تكون مكتوبة بدورها وتقدم خلال أسبوع من تاريخ قبول صاحب العمل للاستقالة حتى ينتج هذا العدول آثاره القانونية .
( الطعن رقم 10131 لسنة 80 ق - جلسة 19 / 6 / 2018 )
3- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن إنهاء خدمة العامل للانقطاع عن العمل بغير سبب مشروع في ظل العمل بأحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 لا يعتبر فصلاً تأديبياً وإنما يقوم على افتراض أن هذا العامل يعد في حكم المستقيل لما يدل عليه هذا الانقطاع عن رغبته الضمنية في هجر العمل وهو بهذه المثابة يخضع لرقابة المحاكم العادية أو الدوائر العمالية طبقاً لتوزيع العمل الداخلى لكل محكمة .
( الطعن رقم 140 لسنة 87 ق - جلسة 2018/2/20 )
4- إذ كان مفاد نص المادة 137 من لائحة نظام العاملين أنها قصرت صرف مكافأة نهاية الخدمة على بلوغ السن القانونية وهى السن المقررة للتقاعد قانوناً والعجز والوفاة ، وبذلك يكون من أحيل إلى المعاش المبكر بالاستقالة من غير المخاطبين بهذا النص ، وبالتالى فاقد الحق في مكافأة نهاية الخدمة المنصوص عليها فيه ، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
( الطعن رقم 488 لسنة 80 ق - جلسة 2017/12/3 )
5- إذ كان الأصل في المكافأة التى تُمنح للعامل بسبب استقالته من العمل أن تكون تبرعاً من قبل صاحب العمل لا يلزم بأدائها إلا إذا كانت مقررة في عقود العمل أو في لائحة تنظيم العمل أو إذا جرى العرف في المنشأة على صرفها بصفة عامة ومستمرة وثابتة ، وفى غير هذه الحالات يجوز منح المكافأة إذا التقت إرادة كل من العامل وجهة العمل على قيام الأخيرة بدفعها إليه ترغيباً له في ترك العمل ، وقد يكون ذلك عن طريق نظام تضعه جهة العمل في الوقت الذى ترى فيه تقليص حجم العمالة لديها وتُعلن عنه ، ويحدد النظام في هذه الحالة شروط وضوابط صرف هذه المكافأة ومقدارها . لما كان ذلك ، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده انتهت خدمته لدى الطاعنة في ٢ / ٥ / ٢٠٠١ بالاستقالة مقابل الحصول على مكافأة محددة طبقاً للنظام الذى وضعته وقدرها أجر شهرين ونصف عن كل سنة من سنوات الخدمة ، وصرفت له مبلغ ٢١٩٠٣ جنيهعن سنوات خدمته لديها ، وأقر المطعون ضده باستلامها مع كافة مستحقاته الأخرى ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اعتبر أن نقل المطعون ضده من الشركةالمصرية لتعبئة الزجاجات " بيبسى كولا " إلى الشركة الطاعنة نقل داخلى في شركات القطاع العام ورتب على ذلك احتساب سنوات الخدمة لدى الشركة المنقول منها ضمن سنوات خدمته التى يصرف عنها مكافأة نهاية الخدمة دون أن يستظهر أحكام نظام المكافأة الذى وضعته الطاعنة ، وما إذا كان يسمح بحساب مدد خدمة للعامل لم يكن يعمل خلالها لديها وتدخل في حساب المكافأة من عدمه ، وخلت الأوراق من أى مستندات تتعلق بهذا النظام وأحكامه فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب .
( الطعن رقم 1813 لسنة 73 - جلسة 2005/04/3 )
6- مؤدى المواد 52 ، 53 ، 54 ، 55 من لائحة الشركة المطعون ضدها أن اللائحة المشار إليها فرقت - فى شأن إستحقاق المكافآة الاضافية لنهاية الخدمة - بين حالة إنتهاء عقد العمل لآى سبب غير الاستقالة بأن أوجبت استحقاق العامل للمكافآة بواقع شهرين عن كل سنة من سنوات الخدمة ، وأجازت فى هذه الحالة ضم مدة خدمة العامل بالجهة التى كان يعمل بها من قبل إلى مدة خدمته بالشركة ، وبين حالة انتهاء عقد العمل بالاستقالة بأن جعلت إستحقاق المكافآة مرهوناً بأن يكون قد انقضى على تعيين العامل بالشركة مدة عشر سنوات متصلة على الأقل ؛ لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض للمسألة القانونية التى أثارتها الطاعنة وذلك بتقرير أن المادة 54 من لائحة الشركة هى الواجبة التطبيق فى شأنها لأن مدة خدمتها لدى الشركة لم تجاوز ثلاث سنوات وستة أشهر وأنه لا محل لإعمال نص المادة 55 من اللائحة لاقتصار حكمها على حالات انتهاء العمل لغير الاستقالة ، وإذ كانت هذه الأسباب سائغة لا خروج فيها عما تحتمله نصوص اللائحة وتكفى لمواجهة دفاع الطاعن فى هذا الخصوص ، فإن النعى عليه بسببى الطعن يكون على غير أساس .
( الطعن رقم 5301 لسنة 61 - جلسة 1997/05/25- س 48 ع 1 ص 803 ق 157 )
7- تجيز المادة 2/694 من القانون المدنى لكل من طرفى عقد العمل غير المحدد المدة أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر بإرادته المنفردة وهو حق لا يقيده سوى سبق الإخطار فى الميعاد الذى حدده القانون أو التعويض عنه إذا لم يتم ، وإذ كانت المادة 80 من القانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أنه " يجوز للعامل بعد إعلان صاحب العمل طبقاً للمادة 72 أن يستقيل من العمل " " فإن الإستقالة تكون إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة وتتم بمجرد تقديمها ومن ثم فلا يحول دون إعمال أثرها التأشير عليها بالحفظ من رب العمل أو قول المطعون ضده أن الطاعن ما زال موظفاً لديه بعد أن أنهى الطاعن عمله بإدراته المنفردة بإستقالته منه .
( الطعن رقم 496 لسنة 37 - جلسة 1974/03/23 - س 25 ع 1 ص 531 ق 86 )
8- النص في المادة ( 119 ) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه " لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابةً خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة ، وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن " يدل على أن استقالة العامل تنتج أثرها في إنهاء العقد بانقضاء أسبوع من تاريخ قبول صاحب العمل لها دون أن يعدل العامل عنها كتابةً وإخطار صاحب العمل بهذا العدول خلال هذا الميعاد ، ومن المقرر أيضًا أن علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل يحكمها عقد العمل ولائحة نظام العمل وقرارات صاحب العمل المكمل للائحة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من تقرير الخبير المقدم في الدعوى أمام محكمة الاستئناف والمستندات المرفقة به المقدمة من الطاعنة أمام الخبير المنتدب أن المطعون ضده قدم استقالته من العمل لدى الطاعنة بتاريخ 1 /3 /2012 ووقع على الإستمارة رقم (6) تأمينات المؤرخة 6 /3 /2012 بما يفيد علمه بقبول الاستقالة وانتهاء اشتراكه في التأمينات الاجتماعية بسبب إنهاء خدمته بالاستقالة ، كما أن الثابت بالضوابط التي وضعتها الطاعنة لصرف الأرباح المستحقة عن السنة 2011 ألا يكون العامل قد تم فصله من العمل أو قدم استقالته قبل 31 /7 /2012 وإذ لم يقدم المطعون ضده أمام محكمة الموضوع أنه عدل كتابةً عن الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ علمه بقبولها وأخطر الطاعنة بهذا العدول في هذا الميعاد فإن هذه الاستقالة تكون قد أنتجت أثرها في إنهاء خدمته ويكون إنهاء خدمته لهذا السبب مبرراً وبمنأى عن التعسف ، ولا يغير من ذلك لجوئه إلى مكتب العمل بتاريخ 6/3/2012 متضرراً من قبول الطاعنة لهذه الاستقالة لأن هذا الإجراء لا يغني عن الإجراء الذي استلزمه المشرع من وجوب أن يكون العدول عن الاستقالة كتابةً ، وأن يخطر صاحب العمل بهذا العدول في موعد أقصاه أسبوع من تاريخ قبول الاستقالة ، كما أن المطعون ضده وقت انتهت خدمته بالاستقالة قبل 31 /7 /2012 على نحو ما سلف ، فإن دعواه بطلب التعويض عن الفصل من العمل والأرباح عن السنة 2011 تكون فاقدة لسندها القانوني ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالتعويض عن الفصل من العمل والأرباح عن سنة 2011 بمقولة إن لجوء المطعون ضده إلى مكتب العمل متضررًا من قبول الطاعنة لاستقالته يعتبر عدولًا عن هذه الاستقالة ، وأن منعه من العمل بعد هذا العدول يعتبر فصلاً تعسفياً ، وأن الجمعية العمومية للطاعنة أقرت توزيع الأرباح عن السنة 2011 ، رغم إن شكوى المطعون ضده لمكتب العمل - وعلى نحو ما سلف - لا تغني عن الإجراء الذي تطلبه المشرع بشأن العدول عن الاستقالة ، ورغم عدم استيفاء المطعون ضده لشروط صرف هذه الأرباح ، فإنه يكون فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .
( الطعن رقم 619 لسنة92 ق - جلسة 12 / 4 / 2023 )
9- النص في المادة 119 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أنه "لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن" يدل على أن استقالة العامل كانت تنتج أثرها في إنهاء علاقة العمل بمجرد تقديمه دون توقف على قبول صاحب العمل لها وحرصاً من المشرع على مصلحة العامل وتحسباً أن يكون العامل قد تعرض لثمه ضغوط دفعته إلى تقديم الاستقالة فقد أجاز له المشرع أن يعدل كتابة عن هذه الاستقالة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره من صاحب العمل بقبول الاستقالة فإذا تمسك بالاستقالة ولم يعدل عنها كتابه فإنه يتعين الاعتداد بها في إنهاء عقد العمل والعلة في ذلك هي فتح تأبيد العقود. وأن الإكراه المبطل للرضا تحققه بتهديد المتعاقد بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط غير مستند إلى حق ولا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختياراً وأن تقدير وسائل الإكراه من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق، أن المطعون ضده قدم استقالة من عمله لدى الطاعنة بتاريخ 23/۳/2021 وبذات التاريخ وقع على إقرار تضمن استلامه لجميع مستحقاته الناشئة عن انتهاء علاقة العمل بالاستقالة، وإذ خلت أوراق الدعوى من إنكار المطعون ضده لهذا التوقيع، فإن هذا الإقرار يكون حجة عليه بما ورد فيه ودليلاً على براءة ذمة الطاعنة من المستحقات التي تضمنها هذا الإقرار يغنيها عن تقديم دليل آخر يؤيده. هذا، وكان مؤدى الاستقالة والإقرار سالفي البيان أن المطعون ضده صدر عنه إيجاباً بإنهاء خدمته بالاستقالة مقابل حصوله على المستحقات المالية المنصوص عليها بالإقرار المشار إليه، وقد صادف هذا الإيجاب قبولاً من الطاعنة فانعقد بذلك العقد بينهما وفقاً للمادة ۸۹ من القانون المدني، وانتهت بموجبه خدمة المطعون ضده، ولما كان هذا العقد ملزماً لطرفيه ولا يجوز لأي منهما نقضه أو تعديله بإرادته المنفردة، فإن منازعة المطعون ضده في التسوية التي تضمنها هذا العقد بعد انعقاده، وبما يتضمن عدولاً ونقضاً له يكون غير جائز. كما أنه وإزاء الضمانة التي منحها له المشرع بحقه في العدول عن الاستقالة، فإنه لا جدوى من التحقق من أنه أكره على تقديم استقالته، حتى وإن ثبُت، طالما كان أمامه حق العدول عنها في الأجل المنصوص عليه قانوناً، وإذ خلت الأوراق من ثمة دليل على قيام المطعون ضده بالعدول عن هذه الاستقالة كتابة وإخطار الطاعنة بهذا العدول خلال أسبوع من تاريخ قبول الطاعنة لها، فإن هذه الاستقالة تنتج أثرها في إنهاء عقد العمل -حتى ولو كان كما زعم مكرهًا على تقديمها- كما أنها أصبحت محلاً لعقد تسوية إنهاء خدمته مقابل صرف مستحقاته المالية المبرم بينهما عن إيجاب وقبول صحيحين، فلا يجوز له من بعد نقضه أو العدول عنه، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إنهاء خدمة المطعون ضده فصلاً تعسفياً، ورتب على ذلك قضائه بالتعويض ومقابل مهلة الإخطار والمقابل النقدي لرصيد الإجازات الاعتيادية غير المستنفدة على سند أنه أُكره على تقديم استقالته أخذاً بأقوال شاهديه، فإنه يكون فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال، قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه، دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
( الطعن رقم 27109 لسنة 92 ق - جلسة 5 / 11/ 2023 )
إستقالة العامل
تعريف الإستقالة :
الإستقالة هي إبداء العامل رغبته في إنهاء علاقة العمل .
وإعطاء العامل حق الإستقالة يقوم على التوفيق بين الحرية الفردية ومقتضيات مصلحة العمل لاسيما وأن رضاء العامل شرط لقيام علاقة العمل وإستمرارها .
والإستقالة لا تكون إلا في العقد غير محدد المدة، وتعتبر إنهاء له بالإرادة المنفردة .
وتعد الإستقالة تطبيقاً للمادة 2/694 مدني التي تقضي بأنه: "فإن لم تعين مدة العقد بالإتفاق أو بنوع العمل أو بالغرض منه، جاز لكل من المتعاقدين أن يضع حداً لعلاقته مع المتعاقد الآخر.
أما بالنسبة للعقد محدد المدة، فإن استقالة العامل تعتبر إنهاء مبتسراً للعقد، لأنها تضع نهاية العقد قبل إنتهاء مدته".
شكل الإستقالة :
ولم يتطلب القانون المدنى شكلاً معيناً في الإستقالة. فلا يلزم أن تكون الإستقالة مكتوبة وذلك على خلاف ما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 99 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام من أن الإستقالة تكون مكتوبة .
وعلى ذلك كان يجوز تقديم الإستقالة شفاهة طالما أنها تفيد الرغبة في إنهاء عقد العمل بين العامل وصاحب العمل .
تنتج الإستقالة أثرها في الوقت التي تتصل فيه بعلم صاحب العمل وذلك عملاً بالمادة 91 مدني التي تقضي بأن :
" ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك".
ولا يلزم العامل بإبداء ثمة أسباب في إستقالته لأنها حق له يستعمله كما يشاء دون أن يكون ملزماً بإبداء أسباب لها أو يكون خاضعاً لثمة محاسبة .
ولا يحول دون إعمال هذا الأثر، التأشير على الإستقالة بالحفظ من رب العمل، أو قول العامل أنه مازال عاملاً لدى صاحب العمل بعد أن أنهي عمله بإرادته المنفردة .
ويرى البعض أن القضاء سالف الذكر يظل موضوع جدال، فالإستقالة رغم أنها من حق العامل، يظل إستخدامها متوقفاً على عدم تعسفه في إستعمال حقه .
مما كان يجب القول أن الإستقالة لا تنتج أثرها إلا بقبول صاحب العمل لها، أو على الأقل كما هو الحال في قانون العاملين المدنيين بالدولة القانون رقم 47 لسنة 1978، المادة 97 ، وقانون العاملين بالقطاع العام (رقم 48 لسنة 1978 المادة 99) واللذان يقرران أن العامل أن يقدم إستقالته من وظيفته وتكون الإستقالة مكتوبة ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الإستقالة. ويجب البت في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الإستقالة مقبولة بحكم القانون ... الخ .
فالأصل ألا تنتهي خدمة العامل إلا بقبول إستقالته، ولكن خوفاً من تباطؤ المنوط به قبول أو عدم قبول الإستقالة، حدد المشرع مدة تصبح الإستقالة بعدها مقبولة حكماً طالما لم يبت فيها، من جهة صاحب العمل .
وفي قانون العمل رقم 12 لسنة 2003، لا يعتد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة، وللعامل المستقيل أن يعدل عن إستقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الإستقالة، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن (م 119) .
إستمرار العامل في العمل بعد تقديم إستقالته :
إذا كان العامل لم يترك العمل فور تقديم إستقالته وإنما استمر فيه مدة معينة بناء على طلب صاحب العمل فإن علاقة العمل تكون قائمة في خلال هذه الفترة ويستحق أجرة عنها .
لما كانت الإستقالة إنهاء العقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة للعامل، ومن ثم فإن إنهاء هذا العقد يعد عملاً قانونياً غير محدد القيمة ويتعين من ثم - عند قيام المنازعة في شأن حصول الإستقالة - إثباتها عملاً بالمادة 60 / 1 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1998 بالكتابة أو ما يقوم مقامها من إقرار أو يمين .
خلو الإستقالة من عيوب الرضا :
الإستقالة عمل إرادي من جانب واحد، ومن ثم فإنها يجب أن تكون خالية من عيوب الرضا كالغلط والتدليس والإكراه، فلا يعتد بإستقالة العامل إذا أثبت العامل أن الإستقالة صدرت منه عن غلط أو تدليس أو إكراه .
إلتزام العامل المستقيل بمراعاة مهلة الإخطار :
لا تعفي الإستقالة بإعتبارها إنهاء للعقد بالإرادة المنفردة، للعامل من وجوب إخطار صاحب العمل بالإستقالة قبل تقديمها، والإلتزام بمهلة الإخطار . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع، المستشار/ محمد عزمي البكري، الجزء/ الثامن الصفحة / 676 )
وتعميقاً للحماية التشريعية التي قررها المشرع للعامل قرر عدم الاعتداد بالاستقالة إلا إذا كانت مكتوبة وفي هذه الحالة أعطى العامل الحق في العدول عن الاستقالة كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل بقبول الاستقالة وفي هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن وعلى صاحب العمل أن يقبل ذلك وإلا وقع تحت طائلة الجزاء .
جزاء المخالفة :
كما أوردته المادة (250) في حالة مخالفة هذا النص هو غرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 355 )
استقالة العامل :
تنتهي علاقة العمل باستقالة العامل وفقاً لحكم المادة (119 / عمل) والتي تنص على أن : « لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن ».
جزاء المخالفة :
غرامة من 200 حتي 500 جنيه (مادة 250 /عمل) . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 364 )
شرح وتعليق :
المستحدث في هذا النص هو أن تكون الإستقالة مكتوبة وقد قصد من إشتراط أن تكون إستقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل إستقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قرارة مدروسة لم يصدر عن إنفعال وقتي ترتب على استثارته مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب أثارها إلا من تاريخ موافقة صاحب العمل .
وكان قانون 91/ 59 يعبر عن الإستقالة بعبارة «ترك العمل» كما كانت المادة 71 من القانون رقم 137/ 1981 المقابلة لنص المادة 119 الراهنة تعتبر في حكم الإستقالة إنقطاع العامل عن العمل المدة المشار إليها بالنص الملغي .
وقد أغفلها النص الجديد على أساس أنه اعتبر الغياب بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوماً متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية يعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الذي يجيز لصاحب العمل فصل العامل على نحو ما جاء بالمادة 69 من القانون الجديد وتكرر ذكره في المادة 110 .
الإستقالة بالفاكس :
أصدرت محكمة النقض حكماً حديثاً أقرت فيه بحجية الفاكس في إثبات إستقالة العامل فاعتبرت الإستقالة المرسلة بهذه الطريقة والتي يحتفظ فيها المرسل بأصل الفاكس - مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز تكملته بشهادة الشهود أو بالقرائن القضائية .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حکم المادة 119 والقرارات الوزارية المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه .
وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 250) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني ، صفحة : 458 )
التنظيم القانوني لاستقالة العامل
تمهيد:
– ينقضي عقد العمل غير محدد المدة بإنهاء صاحب العمل للعقد بإرادته المنفردة. كما ينقضي العقد باستقالة العامل . ومن الناحية العملية فقد أثارت الاستقالة بعض المشكلات القانونية المحدودة وبالرغم من أن الاستقالة يتقدم بها العامل بغية إنهاء العقد، إلا أن ذلك لم يمنع من أن يكون تنظيمها القانوني ضروري لحماية العامل من نفسه وكذلك في مواجهته رب العمل مراعاة لأهمية العمل بالنسبة للعامل كمصدر رزقه ، فالاستقالة تعني ترك العمل والحرمان من الدخل الناتج عن العمل .
كما أن استقالة العامل تعني الانتقاص من اليد العاملة اللازمة لتشغيل المشروع، فهي ذات انعكاس على استمرار العمل، أي أنها تمس مصالح العمل وصاحب العمل من جهة أخرى .
- ولهذا فإن التنظيم القانوني للاستقالة تتنازعه عدة اعتبارات تبدو متعارضة جزئياً .
المبدأ الأول : مبدأ حرية العامل في العمل أو عدم العمل ، فيجب أن يسمح للعامل باستعادة حريته وذلك بوضع حد لحالة التبعية والخضوع التي يكون أسيراً لها طوال فترة عقد العمل، والتي لم يعد يطيقها لسبب أو لآخر. ولهذا فإن استعادة الحرية تصلح مبرراً مشروعاً للاستقالة. وهذا يبرز أهمية مبدأ حرية العامل في إنهاء عقد العمل بالإرادة المنفردة .
المبدأ الثاني : حماية العامل من نفسه ، فقد يستقيل بناء على استثارته أو يستقيل غير مقدر لأول وهلة النتائج الخطيرة التي تترتب على الاستقالة .
المبدأ الثالث : العامل طرف أساسي في المشروع وتركه المشروع دون ضوابط من شأنه أن يؤثر في حسن سير المشروع الأمر الذي لا يضر فقط بصاحب العمل بل يمس الاقتصاد القومي .
ولقد كانت هذه الاعتبارات تحت بصر المشرع عند تنظيمه للاستقالة، ويتميز قانون العمل الجديد بأنه قد أفسح مساحة رحبة لتنظيم الاستقالة .
ولقد عرفت محكمة النقض الاستقالة بأنها إبداء رغبة العامل في إنهاء عقد العمل الذي يربطه بصاحب العمل . ولهذا فإن الخطاب الموجه إلى صاحب العمل لا يعد استقالة إذا جاء خالياً مما يفيد إبداء الرغبة في إنهاء عقد العمل .
ونظراً لأهمية الاستقالة فقد حرص قانون العمل الجديد على أن يختصها بعدة نصوص بهدف تنظيمها ووضع ضوابط واضحة لها، وكذلك لإقامة التوازن في العلاقة بين صاحب العمل والعامل من حيث سلطة كل منهما في إنهاء العقد .
فاشترط أن تكون الاستقالة مكتوبة ، وفي نص يثير الكثير من التساؤلات أعطى صاحب العمل سلطة قبول الاستقالة ، وخول العامل الحق في العدول عن الاستقالة ومن يقدم استقالته. فما هي مسئوليته هل لديه الحرية المطلقة في الاستقالة أم أنها تخضع لبعض الضوابط الاتفاقية والقانونية .
وندرس هذه المسائل على التوالي :
ضرورة أن تكون الاستقالة كتابة
– نصت المادة 110 على أن لكل من طرفي العقد أن ينهيه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء .
ونصت المادة 119 على أنه "لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ".
ويثور التساؤل عما إذا كانت الكتابة شكلاً اشترطه القانون أم أنها للإثبات .
جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون أنه " قد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة قيد شكلي لإثبات الاستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية .
وهذه العبارة تخلط بين الكتابة للانعقاد والكتابة للإثبات، فهي ترى أن الكتابة قيد شكلي وكان ذلك يستوجب أن عدم الكتابة يعني عدم وجود الاستقالة قانوناً ، ولكنها أضافت أن الشكل لإثبات الاستقالة مما قد يفهم منه أن الكتابة للإثبات وليس للانعقاد .
والذي أثار الصعوبة في استخدام المشرع لعبارة "لا يعتد باستقالة العامل" فما المقصود بعدم الاعتداد . فالكتابة في القانون قد تكون للإثبات أو للانعقاد ، فلا يوجد الكتابة للاعتداد في المصطلحات القانونية الجارية . ولو كان المشرع قد استخدم عبارة يجب أن تكون الاستقالة مكتوبة لكانت مهمة التفسير أكثر يسراً حيث يمكن البحث عن الحكمة من الكتابة لمعرفة ما إذا كانت للانعقاد أم للإثبات أما عدم الاعتداد فليس له مدلول قانوني معروف .
ولما كانت الكتابة تقررت لمصلحة العامل لحمايته من الإدعاء باستقالة غير حقيقية ، فإنه يمكن القول أن الكتابة لازمة لإثبات صاحب العمل استقالة العامل . وقضى بأن طلب الإحالة إلى المعاش المبكر ينطوي ضمناً على طلب الاستقالة وإنهاء الخدمة .
ولكن يكفى توافر الكتابة الصادرة من العامل ، فيعتد بالاستقالة الصادرة من العامل والمرسلة عن طريق البريد الإلكتروني . فالعبرة بثبوت نسبة الكتابة إلى العامل سواء وردت على دعامة مادية أو دعامة غير مادية .
- واشتراط الكتابة في الاستقالة هو الذي يفرق بين الاستقالة والانقطاع عن العمل الذي يعتبر خطأ جسيماً يبرر الفصل التأديبي وفقاً للمادة 69/ 4.
فلا يجب أن يؤخذ اشتراط الكتابة على أنه لمصلحة العامل على إطلاقه، فقد يكون لحسن سير العمل وإدارة المنشأة فمن لا يقدم استقالة مكتوبة يظل مرتبطاً برابطة العمل ، فإن انقطع عن العمل كان انقطاعه غياباً دون مبرر فالتوازن في تنظيم علاقات العمل من أهداف أي قانون عمل .
فالكتابة هي التعبير الجازم الذي يعتد به قانوناً بالنسبة للعامل الذي يرغب في الاستقالة لأن ذلك يفيد عادة أنها قد صدرت بناء على تفكير وتروى أما إبداء الرغبة بالاستقالة شفاهه فإنه قد يكون بناء على انفعال وتروى وليس بقصد ترتيب أثر قانوني ومن ثم لا يخل باستمرار علاقة العمل .
ولا يلزم القانون بأن تكون الاستقالة مسببة ، بل أن صاحب العمل إذا أدعي التعسف فعليه أن يثبت ذلك . ولكن الاستقالة قد تكون مسببة إذا كان إبراز الأسباب من شأنه أن يضع حداً لأي إدعاء بعدم مشروعيتها كمن تستقيل بسبب الحمل أو الزواج أو الوضع، أو قد يقصد بالتسبيب إثبات أن الاستقالة بناء على التصرفات الجائرة لصاحب العمل حتى تعتبر في حقيقتها إنهاء .
والاستقالة إذا كانت معلقة على شرط أو مقترنة بقيد لا تؤدى لانتهاء خدمة العامل إلا إذا تضمن قرار قبول الاستقالة إجابته إلى طلبه .
والاستقالة يجب أن توجه إلى صاحب العمل أو من يمثله بحسب التنظيم الإداري للعمل . ويذهب الفقه الفرنسي إلى أن الجهة المختصة بتسلم إخطار القيام بإجازة مرضية تصلح لأن توجه إليها الاستقالة .
عبء إثبات الاستقالة
- طبقاً للقواعد العامة في الإثبات فإن من يدعي توافر سبب لإنهاء العقد يقع على عاتقه عبء إثبات ذلك. ومن ثم يقع على عاتق صاحب العمل عبء إثبات استقالة العامل وهو في نفس الوقت يكون غالباً صاحب المصلحة في إثبات الاستقالة حتى يتخلص من نسبة إنهاء العقد إليه وما يترتب على ذلك من آثار .
وإزاء اشتراط المشرع أن تكون الاستقالة كتابة ، فإنها تصبح السبيل الوحيد لإثبات الاستقالة، ومن ثم يكون على صاحب العمل إثبات الكتابة المتضمنة للاستقالة والصادرة من العامل .
مدى ضرورة قبول الإستقالة أو الوقت الذي تنتج فيه الإستقالة آثارها
ندرس المقصود بقبول الإستقالة في ظل قانون العمل الجديد ثم إثبات قبول الإستقالة .
أولاً : ضرورة قبول صاحب العمل للإستقالة :
من المستقر وفقاً لقضاء محكمة النقض وللقانون المقارن قاطبة أن الإستقالة تصرف بالإرادة المنفردة من جانب العامل ، لا يحتاج وقوعها وترتيب أثرها لقبول يصدر ممن وجهت إليه ونص المادة 110 من قانون العمل الجديد توحي باعتناق المشرع لذلك حيث أجازت لكل من طرفي عقد العمل غير محدد المدة أن ينهيه والإنهاء المقصود هو الإنهاء بالإرادة المنفردة كما أن المادة 118 تؤكد هذا المعنى في فقرتها الأخيرة حيث تنص على أن العامل إذا لم يراعي مهلة الإخطار فإن العقد ينتهي من وقت ترکه العمل ، مما مؤداه أنه إذا روعيت مهلة الإخطار فإن العقد ينتهي بنهاية مدتها .
ومن المستقر طبقاً للقواعد العامة أن التعبير الإنفرادي عن الإرادة قد يكون واجب العلم لمن وجه إليه کی ينتج أثره مثل الإيجاب ، وحيث يستهدف التعبير إلا التصرف قانوني آخر وهو العقد وقد يكون التعبير منتجاً لأثره دون حاجة لإتصاله بعلم أحد .
وفيما يتعلق بالقواعد العامة بشأن التعبير عن الإرادة فإن اتصال التعبير بعلم من وجه إليه قد يكون بوصول التعبير إليه ، وقد يكون بالعلم الفعلي بالتعبير .
فما هو موقف قانون العمل الجديد من وقت إنتاج الإستقالة لأثرها ؟ جاء في المادة 119 أن للعامل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الإستقالة .
تظهر لأول مرة في تشريعات العمل المصرية فكرة قبول صاحب العمل للإستقالة وموقف المشرع يعكس في الواقع التضارب وعدم الدقة التي شابت موقف القانون الجديد من مبادئ قانون العمل . فالمشرع لم يقصد مخالفة هذه المبادئ وإنما سار من حيث لا يدري في طريق مخالف لقضاء النقض بما يخالف أصول قانون العمل ومنطق أن الإستقالة تصرف انفرادی .
فقد ظهر الخطأ واضحاً في المذكرة الإيضاحية للمشروع فقد جاء بها ما نصه مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها ولا ترتب آثارها إلا من تاريخ موافقة صاحب العمل .
ويجدر بنا أن نتتبع خطوات صدور النص حتى نتعرف على التعديلات التي وردت على المشروع وانتهت بالنص الحالي .
ففي مشروع الحكومة كانت المادة 119 تنص على أن " للعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره صاحب العمل بالإستقالة" .
فطبقاً لهذا النص تظل الإستقالة تصرفاً بالإرادة المنفردة وتنتج أثرها بوصولها إلى علم من وجهت إليه وليس بمجرد صدورها وإخطار صاحب العمل بالإستقالة ، هو وصول التعبير عن الإرادة لصاحب العمل ويفترض العلم بها طبقاً للقواعد العامة .
أما اللجان المشتركة بمجلس الشعب فقد اقترحت أن تحدد مدة العدول من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الإستقالة .
وهكذا اختلطت الأمور ووقع الخطأ فالعدول لا يبدأ إلا من تاريخ إخطار صاحب العمل العامل بقبول الإستقالة وهذا ما جاء في النص النهائي في المادة 119 من القانون .
من الجلى أن قانون العمل الجديد استلزم ضرورة قبول الإستقالة على خلاف ما استقر عليه قضاء محكمة النقض فقد كان موقف محكمة النقض محلاً لنقد أحد الفقهاء الذين لعبوا دوراً بارزاً في وضع قانون العمل فقد ذهب صاحب هذا الرأي إلى أن موقف محكمة النقض من الإستقالة موضع جدال ، رغم أنها من حق العامل ، إلا أنه يظل استخدامها متوقفاً على عدم تعسفه في استعماله ، لذلك يذهب إلى أن الإستقالة لا يمكن أن تنتج أثرها إلا بقبول صاحب العمل لها .
وهذا الرأي يصعب قبوله سواء على مستوى التكييف القانوني للإستقالة بإعتبارها تصرفاً بالإرادة المنفردة تنتج أثرها دون قبول أحد ، أو سواء على مستوى أصول قانون العمل من حيث أن الإنهاء أو الإستقالة يؤديان إلى إنهاء عقد العمل حتى لو اتصفا بالتعسف فجزاء التعسف ليس عدم الإعتداد بالإستقالة ، وإنما هو الإلتزام بالتعويض .
ووقوع الإستقالة بمجرد تقديمها دون حاجة لقبولها من جانب صاحب العمل يتفق مع تكييف الإستقالة بأنها تصرف بالإرادة المنفردة ، وتستلزمه أيضاً مصلحة العامل فتعليق الإستقالة على قبول صاحب العمل ينطوي على قيد خطير على حرية العامل في عدم العمل وهو الوجه المقابل لحريته في العمل ، ولهذا لا يصح سلب العامل حريته في عدم العمل تحت ستار أن الإنهاء لا يتم إلا بقبول استقالته ولا يتوه من أحد أن اشتراط القبول من جانب صاحب العمل يستهدف مصلحة العامل بتراخي وقت الإنهاء ، فلا يجب إغفال أننا بصدد قرار من جانب العامل بعدم العمل أو إنهاء العقد تأكيداً لحريته في العمل من عدمه فحرية العامل الشخصية ، ومصلحته الفردية ، بالنظر إلى أنه قدم استقالته تجعل من وقوع الإستقالة بمجرد تقديمها ضمانة وحقاً للعامل، وربط وقوع الإستقالة بقبولها من جانب صاحب العمل هو انتقاص من حقوق العامل وحريته ليس كعامل فقط ، وإنما كإنسان وبحريته الشخصية وهي حق دستوری .
ولا يجب الخلط بين الإستقالة لموظفي الدولة وحيث يرتبط نشاط الدولة بالمرفق العام ولهذا فإن عدم وقوع الإستقالة إلا بقبولها من جانب الحكومة هو أمر تفرضه المصلحة العامة وتقييد مبرر بالتالي لحرية الإستقالة .
أما قانون قطاع الأعمال العام فينص في المادة 45 على أن الإستقالة من أسباب انتهاء الخدمة ، وجاءت المادة 84 من اللائحة التنفيذية منظمة لأحكام الإستقالة وأخذت بفكرة أن الإستقالة لا تقع إلا بالقرار الصادر بقبولها ، فإذا لم يبت صاحب العمل في الإستقالة خلال 30 يوماً من طلبها فإنها تعتبر مقبولة ، ويجوز إرجاء قبول الإستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل مع إخطار العامل بذلك على ألا تزيد مدة الإرجاء على أسبوعين بالإضافة إلى مدة الثلاثين يوماً السابقة .
ولقد كان هذا النص اللائحي هو مصدر المادة 119 من قانون العمل حيث استقت منه فكرة قبول الإستقالة،، ولقد أخطأ المشرع الطريق كما اخطأته اللائحة المذكورة وبالرغم من أن علاقات العمل في قطاع الأعمال العام ذات طبيعة عقدية وليس تنظيمية ، إلا أن اللائحة تتأرجح بين الطبيعة العقدية والطبيعة التنظيمية .. فليس من المستغرب سيطرة بعض الأفكار التنظيمية في مرحلة الإنتقال إلى اقتصاد السوق ، فلا يخفى أن القطاع العام يخضع لسيطرة الدولة الفعلية وأنه كان يسيطر على عصب الإقتصاد المصري ، ومن ثم لابد وأن تكون الفكرة التنظيمية في خلفية المشرع حرصاً على سلامة الإقتصاد القومي .
ولكن ما يمكن وجود عذر له في قانون قطاع الأعمال العام لا يكون مقبولاً في ظل قانون العمل وبعد تطور الإنتقال إلى اقتصاد السوق . فكان يجب إعمال الفكرة العقدية وليس، التأثر بالفكرة التنظيمية .
بل أن نص لائحة قانون قطاع الأعمال العام ، بصرف النظر عن مشروعيته ، أفضل من نص قانون العمل لأن اللائحة حددت مدة لصاحب العمل القبول الإستقالة ومجرد مضي المدة يعتبر قبولاً للإستقالة أما قانون العمل فلم ينظم ذلك وتركه للقواعد العامة أما في علاقات العمل الخاص فإن مهلة الإخطار تحقق تفادي الإستقالة المفاجئة ، فهي بديل مدة قبول الإستقالة .
صريح النص والأعمال التحضيرية تقطع بأن المشرع يأخذ بفكرة قبول الإستقالة حقاً لقد ورد ذلك في صدد العدول عن الإستقالة ولكن لا يمكن أن يقتصر إعمال قبول الإستقالة على مجال العدول فالعدول يرد على الإستقالة مما يعني ضرورة تحديد موعد الإستقالة وانطلاقاً منه تتجدد مدة العدول فالعدول يفترض استقالة من شأنها أن تنهي العقد لو لم يرد عليها العدول في الموعد المحدد فلا تقع الإستقالة إلا بقبولها من صاحب العمل .
إثبات قبول الإستقالة .
ندرس كيفية إثبات صاحب العمل قبوله الإستقالة ، ثم كيفية إثبات العامل قبول صاحب العمل للاستقالة.
إثبات صاحب العمل قبوله الإستقالة .
إثبات قبول الإستقالة من جانب صاحب العمل يكون عن طريق الإخطار الذي يوجهه إلى العامل بقبول الإستقالة والمشرع إذ أعطى العامل حق العدول عن الإستقالة خلال أسبوع من إخطاره بقبول استقالته يكون قد أوجب أن يتم القبول عن طريق الإخطار إذ من هذا التاريخ ينفتح باب العدول عن الإستقالة التي قبلت .
والإخطار يجب أن يكون كتابة حماية للعامل لأن الإخطار يفتح باب العدول عن الإستقالة فلو كان بغير الكتابة لفتح الباب أمام الخلاف حول بدء موعد العدول عن الإستقالة وهذا ما تأكد من خلال الأعمال التحضيرية للقانون ، فبالرغم من أن المشرع لم يشترط الإخطار الكتابي إلا أن ذلك يتوازن من جهة مع ضرورة تقديم الإستقالة كتابة ، كما أنه من جهة أخرى يحمي حق العامل في العدول عن الإستقالة .
والمشرع يستلزم بأن يوجه الإخطار إلى العامل ويكفي توجيه الإخطار إليه، ولهذا لا محل لإستلزام أن يبلغ صاحب العمل التأمينات الإجتماعية بالإستقالة عن طريق استمارة 6 .
فصاحب العمل لا يمكنه إثبات قبول الإستقالة وبالتالى بدء سريان مدة العدول إلا عن طريق الإخطار الكتابي .
إثبات العامل لقبول الإستقالة :
وإذا كان إخطار العامل كتابة بقبول الإستقالة يتقرر لمصلحة العامل الذي يرغب في العدول عن الإستقالة ، إلا أن اشتراط القبول الكتابي لإنهاء عقد العمل قد يضر بالعامل الذي يرغب فعلاً في إنهاء العقد وعدم العدول عن الإستقالة .
ولهذا نرى أنه يجوز للعامل إثبات قبول الإستقالة بكافة طرق الإثبات متى كان ذلك يحقق مصلحة له فالمشرع اشترط لوقوع الإستقالة قبولها ، ولم يشترط القبول الكتابي ولا يجب خلط ذلك مع ضرورة الإخطار الكتابي لبدء سريان مدة العدول ، فهذا لا يحول دون إثبات قبول الإستقالة بكافة الطرق لغير غرض العدول عن الإستقالة .
ومن ثم يجوز كذلك إثبات قبول الإستقالة ضمناً بإتخاذ صاحب العمل موقف لا يدع شكاً حول دلالته في قبول الإستقالة مثل تعيين عامل آخر مكانه أو إخطار التأمينات الإجتماعية ، والتوقف عن صرف أجر العامل وعدم إخطاره بالغياب .
وإعطاء العامل حق إثبات قبول الإستقالة بكافة الطرق يقطع الطريق على صاحب العمل الذي يتعمد عدم الرد بالقبول أو الرفض حتى ينقطع العامل عن العمل ويفصل للغياب .
وإذا كان للعامل أن يثبت العلاقة العقدية بكافة الطرق فإن له إثبات انتهائها ، بقبول الإستقالة ، بكافة الطرق كذلك .
هذا يؤدي إلى تفادي الصعوبة الناشئة عن عدم وجود نص يحدد مصير الإستقالة إذا لم يتلق العامل رداً خلال مدة معينة فقد حدد قانون قطاع الأعمال العام مدة تعتبر الإستقالة مقبولة بإنقضائها .
وغياب مثل هذا النص في قانون العمل لا يجب أن يضع العامل في وضع معلق ، ولهذا يكون للعامل إثبات قبول الإستقالة بكافة الطرق صراحة أو ضمناً بل قد يكون للسكوت دلالته في ظروف العمل .
حق العامل في العدول عن الإستقالة
بدأت فكرة إعطاء العامل حق العدول عن الإستقالة أثناء إعداد مشروع قانون العمل فقد ثار البحث أمام اللجنة المكلفة بإعداد نصوص المشروع بشأن انقضاء عقد العمل ، حول مدى الاعتداد بالإستقالة التي تقع نتيجة انفعال سرعان ما يندم عليه العامل بعد أن تهدأ نفسه ولقد عجزت القواعد العامة في العقود عن إعادة العامل المستقيل إلى العمل، فالإندفاع لا يندرج تحت أي عيب من عيوب الإرادة ، بل أنه من الصعب إثبات أن نية العامل الحقيقية لم تتجه إلى أحداث أثر قانوني وهو الإستقالة .
وظهرت أثناء المناقشات بناء على اقتراح أحد أعضاء اللجنة فكرة إعطاء العامل حق العدول عن الإستقالة خلال مدة معينة. فحق الرجوع يمكن العامل من مواجهة حالة الضعف والانفعال الوقتية التي انتابته وقت تقديم الإستقالة وحق الرجوع يظهر في عقود الإستهلاك خاصة بقصد حماية الطرف الضعيف ولما كان العامل طرفاً ضعيفاً في عقد العمل ، والعمل مصدر رزقه فإنه يستحق معاملة تتلاءم مع حالة ضعفه ، ويتمثل ذلك في حقه في الرجوع في الإستقالة .
ومهلة العدول تجد أساسها القانوني في فكرة خيار أو مهلة التروي فالإستقالة وأن كانت توجد بصدورها أو باتصالها بعلم صاحب العمل ، إلا أنها لا تكون نافذة إلا بعد فوات مهلة التروي فالمشرع يملك الفصل بين وجود الإستقالة ونفاذها وذلك خلافاً للقواعد العامة التي تربط بين الوجود والفاعلية أو انعقاد العقد وتمتعه بالفعالية .
واللجوء إلى مهلة التروي يبرره عدم المساواة الفعلية والإقتصادية بين العامل وصاحب العمل ، ويأتي في إطار إحاطة إبرام عقد العمل وانحلاله بضوابط تراعي فيها طبيعة هذه العلاقة .
ولهذا ارتأى المشرع مواجهة هذه المشكلة بنص صريح فأشترط من جهة أن تكون الإستقالة مكتوبة لأن الكتابة تحتاج إلى قدر من التفكير والتروي فالكتابة من سبل حماية الطرف الضعيف في العقد. وأجاز من جهة أخرى بعد تقديم الإستقالة بل وقبولها من جانب صاحب العمل، أجاز للعامل أن يعدل عن الإستقالة خلال مدة أسبوع .
ومن المشكلات العملية التي ظهرت في عقد العمل غير محدد المدة ، أن صاحب العمل كان يستكتب العامل استقالة في لحظة التعاقد وتسليمة العمل ، فإذا أراد صاحب العمل التخلص من العامل ما عليه إلا إظهار الإستقالة فينتهى عقد العمل بالإستقالة ولقد روى أن رد هذا التحايل يكون بجواز عدول العامل عن الإستقالة .
فإذا ما أخطر صاحب العمل العامل بقبول استقالته رد عليه العامل بالعدول عن الإستقالة فالعدول يعتبر وسيلة ناجحة في مواجهة الإستقالات المسبقة والصورية .
ولا يمكن القول بأن التحايل قد يستمر بإستكتاب العامل استقالة وكتابة بالإصرار عليها، فالعامل له بمجرد إخطاره بقبول الإستقالة أن يسارع بالعدول عنها فإذا ما قدم صاحب العمل كتاب الإصرار على الإستقالة استطاع العامل أن ينفيه ويثبت صوريته بالعدول عن الإستقالة ومن هنا تظهر أهمية إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الإستقالة بإعتباره موعداً لبدء سريان مدة العدول فما على العامل إلا المسارعة بإعلان عدوله عن الإستقالة دون السعي لإثبات صوريتها وهو ليس بالأمر الهين .
وهكذا فإن العدول عن الإستقالة يوفر حلاً مقبولاً لمشكلة الإستقالة التي تتم عن اندفاع ، والإستقالة الصورية الموقعة وقت التعاقد وحيث يصعب عادة إثبات هذه الصورية أمام الكتابة الصادرة من العامل .
أحكام العدول عن الإستقالة :
1- يجب أن يكون العدول وأخطار صاحب العمل به كتابية ، فإذا كانت الإستقالة كتابية فمن المنطقي أن يكون العدول بكتابة مماثلة ، فالتوازن يتحقق بأن يكون إلغاء أثر الإستقالة بوسيلة مماثلة لتلك التي تقوم بها الإستقالة والكتابة هنا مقررة لمصلحة العامل من جهة حيث يملك الدليل الذي يثبت عدوله ، ولمصلحة صاحب العمل من جهة أخرى حتى يتحقق من العدول وينظم منشأته في إطار ذلك .
ولكن عودة العامل إلى العمل وتسلمه العمل والأجر يفيد التقايل ضمناً عن الإستقالة . .
كما يجب إخطار صاحب العمل كتابة بالعدول خلال المدة القانونية .
2- حدد المشرع للعدول مدة أسبوع واحد ، وهي مدة معقولة من جهة التفكير الهادي من جانب العامل ، فالإستمرار في العمل من عدمه مسألة خطيرة لا يتركها العامل جانباً للتفكير فيها لاحقاً بل تكون مسألة حالة مما يبرر تحديد مدة العدول بأسبوع .
ومن جهة أخري فإن استقرار العمالة لدى صاحب العمل وحسن سير المنشأة يستوجب حسم الأمور في فترة وجيزة بحيث يعين صاحب العمل عاملاً أخر أم لا .
3- تبدأ المدة من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الإستقالة فقد حرص المشرع على تأخير لحظة بدء سريان مدة العدول حتى تتاح أمام العامل فرصة متسعة من الوقت للتفكير فى العدول من عدمه وحتى تبدأ المدة من لحظة منضبطة فقد قرر المشرع أنها تبدأ من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الإستقالة . فالعبرة بوصول الإخطار للعامل وليس مجرد صدوره من صاحب العمل ، والإخطار قرينة على العلم بمضمونه .
وإذا ما عدل العامل عن الإستقالة خلال المدة المحددة قانوناً فإن الإستقالة تعتبر كأن لم تكن أي تظل علاقة العمل قائمة دون انقطاع فالإستقالة لا يبدأ سريانها إلا من تاريخ انتهاء مدة الأسبوع اللاحقة على إخطار العامل بقبول استقالته فإذا ما عدل العامل عن الإستقالة اعتبرت الإستقالة وقبولها كأنهما لم يقعا .
4- العدول حرية للعامل ومن ثم لا يلزم أن يقدم مبرراً للعدول ، ولا يحرم العامل من العدول ثبوت أنه كان جادة في الإستقالة عند تقديمها ولم يتعرض لأي ضغط نفسي .
5- العدول بعد انتهاء مدة الإخطار يعتبر كأن لم يكن أي تقع الإستقالة نهائياً ، وخلو الأوراق من عدول العامل بوجه رسمي خلال الموعد القانوني عن استقالته يؤدى إلى سقوط حقه في العدول .
القيود التي ترد على حق العامل في الإستقالة
حرية العامل في الإستقالة مسألة تتعلق بالنظام العام لأنها ترتبط بحريته في العمل ووجهها الآخر وهو عدم العمل ، ومن حق العامل أن يسترد حريته بأن يضع حداً لحالة التبعية والخضوع التي تميز عقد العمل ، متى تراءى له أنه لم يعد يتحملها ، ولا يلزم أصلاً أن يقدم الشخص مبرراً لإستعمال حريته ومن ثم تعتبر الرغبة في استرداد الحرية أو حرية عدم العمل مبرراً كافياً في حد ذاته .
ولكن الإستقالة يجب ألا تنطوي على تعسف في استعمالها، فالحقوق والحريات لا تستعصي على الخضوع لنظرية التعسف في استعمال الحق ، كما لا يجب أن تكون فجائية فلابد وأن يسبق ترك العمل مهلة لصاحب العمل .
كما قد تخضع الإستقالة لقيود اتفاقية وردت في عقد العمل مثل إلزام العامل برد النفقات التي صرفت من أجل تأهيله مهنية .
وندرس فيما يلي بعض القيود الاتفاقية على الإستقالة ، ثم ضرورة مراعاة مهلة الإخطار ، وأخيرا ضرورة أن تستند الإستقالة إلي مبرر مشروع .
أولاً : الإستقالة وشرط استرداد صاحب العمل لنفقات تأهيل العامل .
وإذا تضمن عقد العمل شرط يلزم العامل بتعويض اتفاقي في حالة استقالته قبل مرور فترة معينة على التحاقه بالعمل ، وذلك مقابل ما تحمله صاحب العمل من نفقات في تأهيل وتدريب العامل ، فإن هذا الشرط يعتبر قيداً خطيراً على حرية العامل في العمل ، ولهذا فإن التساؤل يثور حول مشروعيته .
الواقع أن هذه الشروط بدأت تنتشر مع الحاجة إلى تدريب العمال على التنقينات الحديثة التي تتطور يوماً بعد يوم ، ويتحمل صاحب العمل نفقات فعلية في سبيل تأهيل عماله ، وهو لا يقوم بذلك تفضلاً منه وإنما من أجل استفادته من التكوين والخبرة التي يكتسبها العامل ولهذا فإن من حقه أن يستفيد من تلك الخبرة في صورة استمرار العامل في العمل لديه مدة من الزمن تعتبر معقولة للحصول على فائدة تتعادل مع ما أنفقه في تأهيل العامل ومن حيث المبدأ فإن اشتراط الإستمرار في خدمة صاحب العمل مدة معينة بحيث إذا استقال يلتزم بدفع نفقات الدراسة أو التدريب يعتبر شرطاً صحيحاً ولكن يجب النظر إلى هذا الشرط على أنه استثناء على حرية الإستقالة ولهذا يجب أن يفسرا تفسيراً ضيقاً .
ويجب لصحة هذا الشرط توافر ما يأتي :
1- يجب أن يمثل التعويض مقابلاً لإلتزام صاحب العمل بتدريب وتكوين العامل وبحيث يكون مقابلاً لمبالغ حقيقة أنفقت بما يجاوز النفقات التي يلتزم بها صاحب العمل قانوناً أو طبقاً لإتفاقيات العمل الجماعية .
فلا يجوز لصاحب العمل المطالبة بإسترداد المبالغ التي ينفقها عادة في الدورات التدريبية أو المستمرة المعتادة التي تستهدف وضع العامل في الصورة المناسبة لتطوير العمل وإعلام العمال بالمستجدات .
فيجب التشدد في المقصود بالتأهيل والتكوين بحيث تمثل إضافة هامة إلى تكوين العامل وتأهيله فلا يدخل فيها مجرد ما يكتسبه العامل من خبره أثناء العمل ، أو تزويده بالمعلومات ولو عن طريق دورات تدريبية فيجب ألا يكون صاحب العمل ملزماً بهذه النفقات طبقا للقانون أو عقود العمل الجماعية .
ومن حيث المبالغ التي يطالب بها صاحب العمل يجب أن تكون قد أنفقت فعلاً فلسنا بصدد شرط جزائي وإنما مجرد استرداد للنفقات التي أنفقت فعلاً وإذا حددت النفقات في الشرط بما يقل عن النفقات الحقيقة فإن حقوق صاحب العمل تقتصر على المبالغ المحددة اتفاقاً حيث قد يرى صاحب العمل استرداد مبلغ معين مع تحمله بمبلغ أخر في جميع الأحوال ويعتبر العقد قانون المتعاقدين في هذه الحالة أما إذا كانت النفقات مبالغاً فيها فيجب إلزام العامل برد النفقات الفعلية التي أنفقت عن طريق طلب محاسبة صاحب العمل عن هذه النفقات التحقق من حقيقتها .
2- ويجب ألا يكون من شأن شرط استرداد النفقات حرمان العامل من حقه في الإستقالة وهذا يقتضي أن شرط الاسترداد يجب أن يرتبط بالإستقالة قبل انقضاء مدة معقولة وليس بمطلق الإستقالة ويجب أن تكون تلك المدة معقولة بحيث تتناسب مع الفائدة التي تعود على صاحب العمل من استمرار العامل فترة معينة أي بعبارة أخرى استرداد ما أنفقه في صورة الاستفادة من خبرة وتأهيل العامل .
ولهذا فإن عدم تحديد مدة يبطل الشرط لأنه يعني الحرمان من الإستقالة وأما إذا كانت المدة مبالغاً فيها جاز للقاضى تقدير المدة المعقولة ليستخلص ما إذا كانت استقالة العامل تؤدي إلى إلزامه بالرد من علمه ، فإن كان العامل قد قضى مدة معقولة قبل الإستقالة رفض طلب استرداد النفقات .
والتزام العامل بدفع تعويض لصاحب العمل في حالة عدم احترامه لإلتزامه بالعمل فترة زمنية معينة مقابل نفقات تكوينه المهني وتأهيله لا يعتبر من قبيل الشرط الجزائي. فالشرط الجزائي يستوجب توافر عنصر الخطأ وفي حالة شرط الوفاء بمقابل التأهيل فأن العامل له كامل الحق في أن ينفذ التزامه ولا يستقيل ، أو أن يستقيل مع دفع المقابل ، فهو يتمتع دائماً بحرية الإستقالة لإرتباطها بحريته الشخصية ولهذا فإن الاخلاص لصاحب العمل من عدمه أمر منوط بإرادة العامل ولا يملك صاحب العمل إلزامه بالإخلاص له .
أما في الشرط الجزائي فالدائن له أن يطلب إلزام المدين بإحترام الإلتزام وتنفيذه عيناً متى توافرت شروط ذلك أو أن يطلب إلزام المدين بالتعويض الإتفاقي .
ثانياً : ضرورة مراعاة مهلة الإخطار :
يلتزم العامل الذي ينهي العقد بمراعاة مهلة الإخطار حتى يفسح المجال أمام صاحب العمل للبحث عن . عامل آخر، قبل تركه العمل ، مما يحقق استمرار العمل في المنشأة واستقرارها والأصل أن المهلة لازمة .
ومن حيث مدة مهلة الإخطار فهي نفس المدة الواردة في المادة 110 فإذا أراد العامل إنهاء العقد يلتزم بإخطار صاحب العمل قبل سريان الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدي صاحب العمل عشر سنوات ، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات .
فالعامل الذي يتمتع بأقدمية يكتسب خبرة تجعل حاجة صاحب العمل إلى مدة طويلة للبحث عن عامل بديل ، أما العامل الحديث في العمل فقد يسهل العثور على بديل له ولكن لا يوجد ما يمنع من أن يخطر العامل صاحب العمل باستقالته قبل مدة تزيد على مهلة الإخطار والعامل حر في تحديد لحظة تركه العمل أو انقضاء العقد طالما أننا بصدد استقالة ، وذلك مع مراعاة الحد الأدنى لمهلة الإخطار بل أن الإخطار بمدة تزيد على مهلة الإخطار يكون لمصلحة صاحب العمل وليس له أن يتضرر من ذلك ، فلا يحق لصاحب العمل أن يرفض الإخطار الذي يكون لمدة أطول من المدة المحددة قانوناً لأنه في جميع الأحوال ينطوي على احترام المهلة الإخطار ، فلا يجوز لصاحب العمل أن يعتبر العقد منتهية في نهاية مدة الإخطار القانونية وإلا التزم بمقابل المهلة عن المدة المتبقية ويلزم العامل بالعمل خلال مهلة الإخطار دون تراخ، وإذا أرتكب أي خطأ تأديبي فإنه يتعرض للمساءلة التي قد تصل إلى الفصل لأن عقد العمل لا ينتهي إلا بانتهاء مهلة الإخطار .
وإذا عمل العامل خلال مهلة الإخطار فإنه يستحق كافة حقوقه ويعتبر عقد العمل مستمراً .
ويجوز إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها أي تخفيضها وبهذا يختلف الوضع عنه في حالة الإنهاء من جانب صاحب العمل حيث لا يجوز الاتفاق على الإعفاء من المدة أو التخفيض منها، ويرجع الإختلاف إلي أن الإعفاء أو التخفيض يكون لمصلحة العامل ، أما زيادة المدة فإن كانت الفقرة الأولى من المادة 115 تسمح بزيادتها إذا كان الإنهاء من جانب صاحب العمل لأن ذلك يحقق مصلحته ، إلا أن ذلك لا يجوز في حالة الإنهاء من جانب العامل لأنه يكون في غير مصلحته ولهذا يجب أن يقتصر حكم الفقرة الأولى على الإنهاء من جانب صاحب العمل ، والفقرة الثانية لا تسري إلا في حالة الإستقالة وهي لم تسمح إلا بالإعفاء أو التخفيض للمدة لأن ذلك في مصلحة العامل أما الزيادة فلم ينص عليها لأنها في غير مصلحة العامل .
وإمعان النظر في الفقرة الثانية من المادة 115 يفيد أن لصاحب العمل بإرادته المنفردة أن يعفى العامل من مهلة الإخطار كلياً أو جزئياً لأن ذلك يحقق مصلحة بحتة للعامل ، ويقع على عاتق العامل عبء إثبات الإعفاء لأنه يدعى عكس الأصل .
وإذا أنهى العامل العقد فجأة وترك العمل دون مراعاة مهلة الإخطار فإنه طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 118 فإن العقد ينتهي من وقت تركه العمل. ومؤدى هذا أن العامل لا يستحق أي مقابل عن مهلة الإخطار لأن العقد يكون قد انتهى فعلاً منذ الترك .
وإذا أعفي صاحب العمل العامل ، المستقيل من مهلة الإخطار طبقاً للمادة 115/ 2 ، فهل يستحق العامل حقوقه عن مهلة الإخطار ويظل العقد مستمر خلالها ، بالرغم من أنه هو الذي بادر بالإستقالة؟
يجب التفرقة بين ما إذا كان الإعفاء قد تم بمبادرة صاحب العمل حيث قد يتوافر له العامل البديل ويخشى ضياع فرصة التعاقد معه وقد يخشى من أن يكون أداء العامل المستقيل ليس كما ينبغي ففي هذه الحالة يستحق العامل حقوقه خلال مهلة الإخطار .
أما إذا كان الإعفاء بناء على طلب العامل لأنه يرغب في سرعة الإلتحاق بعمله الجديد أو تحقيق مصلحة عاجلة له من ترك العمل، فإن العامل يعامل معاملة من ترك العمل دون إخطار ، ولا يجب أن يضار صاحب العمل من موافقته على مساعدة العامل في حياته المستقبلية ، وحتى لا تكون لصاحب العمل مصلحة في رفض الإعفاء حتى يضطر العامل لإنهاء العمل فجأة دون مراعاة المهلة وحيث ينتهي العقد من وقت الترك كما أنه يحق للعامل الالتحاق في أي وقت بعمل آخر خلال مهلة الإخطار التي أعفي منها .
جزاء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار :
رأينا أنه طبقاً للمادة 118 فإن جزاء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار ، هو اعتبار عقد العمل منتهياً منذ ترك العامل للعمل .
ولكن هل يستحق صاحب العمل تعويضاً عن عدم احترام مهلة الإخطار، أي بعبارة أخرى عن الإنهاء المفاجئ في حد ذاته. والإنهاء المفاجئ يختلف عن الإنهاء التعسفي من حيث أن الإنهاء المفاجئ يتعلق بأحكام أو نظام الإنهاء، أما الإنهاء التعسفي فيتعلق بمبدأ الإنهاء .
استقر القضاء الفرنسي على أن العامل يلزم بأن يدفع لصاحب العمل تعويضاً جزافياً، أي لا يرتبط بقدر الضرر الذي يصيب صاحب العمل، ومقداره هو ما كان يلتزم صاحب العمل بأن يدفعه للعامل في حالة الإنهاء من جانب صاحب العمل، وذلك عن مدة مهلة الأخطار التي لم تحترم كلياً أو جزئياً. وبعبارة أخرى يلتزم العامل يدفع مبلغ يعادل لما كان يستحقه من صاحب العمل لو أستمر في العمل خلال مهلة الإخطار. فالعامل إذا استمر في العمل خلال مهلة الإخطار فإنه يقبض أجره، أما إذا لم يراع مهلة الأخطار فإنه يلتزم بأن يدفع لصاحب العمل مثل ما كان يستحقه منه من مبالغ لو أستمر في العمل .
ثالثاً : ضرورة أن تستند الاستقالة إلى مبرر مشروع وكاف :
- نصت المادة 110 على أنه يجوز لكل من الطرفين إنهاء عقد العمل غير محدد المدة، ولكن الفقرة الثالثة استوجبت أن يستند العامل في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بظروفه الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية .
وجاء في المادة 122 أنه إذ أنهى أحد الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاف فإنه يلتزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء .
وعلى هذا فقانون العمل لا يجعل للعامل الحرية المطلقة في الاستقالة وإنما يقيدها بأن تكون بمبرر مشروع ، والإنهاء بالمخالفة لذلك يؤدي إلى إلزام العامل بتعويض صاحب العمل .
- فكرة المبرر المشروع والكافي في للاستقالة :
- إذا كانت المادة 122 قد اشترطت أن يكون الإنهاء بمبرر مشروع وكاف، فإن المادة 110 اشترطت أن يرجع الإنهاء إلى الظروف الصحية ، أو الاقتصادية أو الاجتماعية للعامل .
فإذا كان الإنهاء من جانب صاحب العمل يستلزم ارتكاب العامل لخطأ جسيم أو عدم الصلاحية أى أن المبرر يرجع أساساً إلى سلوك أو كفاءة العامل وليس لظروف صاحب العمل، إلا أن الوضع يختلف بالنسبة للاستقالة حيث لا يرجع فيها إلا لظروف العامل ذاته أي من يتقدم بالاستقالة لإنهاء العقد وهذا فارق جوهري بين الاستقالة والإنهاء من جانب صاحب العمل .
بل أن الاستقالة التي ترجع إلى مسلك صاحب العمل يكون تكييفها الصحيح إنهاء من جانب صاحب العمل. فالإنهاء الذي يرجع لظروف صاحب العمل فقد اختصها المشرع بنصوص خاصة يبتعد بها عن الإنهاء ، فهناك الإنهاء لأسباب اقتصادية أو وفاة صاحب العمل أو إفلاسه .
وأن كانت عبارات الظروف الصحية والاجتماعية والاقتصادية من السعة بحيث تغطي معظم الحالات التي تبرر الاستقالة. إلا أن مجرد تحديد أو تعداد هذه الظروف لا يخلو من النقد لأنه يتصور وجود حالات أخرى مثل مجرد الرغبة في عدم العمل، أو الرغبة في الحصول على عمل آخر غير مماثل للعمل السابق مادياً واجتماعية ولكن يفضله العامل فقد لا يروق للعامل خضوعه وتبعيته لصاحب عمل ويرضاها بالنسبة لآخر .
- فلا تخفى من جهة أن هذه القيود وبالرغم من عموميتها إلا أنها يمكن أن تعتبر مساساً بحرية العمل وعدم العمل فحق الإنهاء يرتبط بحرية العمل ويعتبر ضماناً لهذه الحرية .
ومن جهة أخرى فإن تقدير المبرز المشروع يرتبط أساساً بوقت الاستقالة - أكثر من سببها. ولهذا أحسن المشرع صنعاً بالتنبيه في الفقرة الأخيرة من المادة 110 إلى ضرورة أن يتم الإنهاء في وقت مناسب لظروف العمل. وبالرغم من أن صياغة الفقرة توحي بأن اشتراط الوقت المناسب الظروف العمل ينسحب على الإنهاء وعموماً بدلیل عبارة في جميع الأحوال وفي فقرة مستقلة، إلا أن المنطق يقضي بأن هذا الحكم ينصرف إلى الاستقالة وحدها. أما صاحب العمل فهو غير مقيد بأن يكون الإنهاء ملائماً لظروف العمل فهذه مشكلته وليس للعامل أن يتمسك بأن الإنهاء غير ملائم لمصلحة العمل. أما في الاستقالة وحيث يقع الإنهاء من جانب العامل فإن صاحب العمل قد يتضرر من أن الاستقالة غير ملائمة لظروف العمل .
فلا يجب إغفال أن الرغبة في عدم الاستمرار في العمل تكون في حد ذاتها مبرراً مشروعاً حماية لحرية العمل. فالمشرع يسمح للعامل في العقد محدد المدة بأن ينهيه بعد خمس سنوات حتى لو كانت المدة المتفق عليها تزيد على ذلك، وفي العقد غير محدد المدة يجب الابتعاد كذلك عن أي شبهة لتأييد العقد . فالعبرة بأثر الاستقالة على العمل ولهذا فالعبرة بوقت الاستقالة بأن تكون في وقت ملائم .
ولهذا فإن وجود المبرر لا يمنع من ضرورة أن تكون الاستقالة في وقت مناسب، وهذا ما قصده المشرع بعبارة في جميع الأحوال .
ففي غياب المبرر المشروع لا يجوز لصاحب العمل إنهاء العقد وإلا كان الإنهاء تعسفياً، أما بالنسبة للاستقالة فإن الوضع يختلف حيث يحق للعامل عدم الاستمرار في العمل وإلا تحول العمل إلى سخرة تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان .
أن تكون الاستقالة في وقت مناسب :
ولكن مراعاة مهلة الإخطار لا يكون من شأنها أن تجعل الاستقالة بالضرورة في وقت مناسب للعمل وظروفه . فإن كان الممثل يرتبط مع صاحب الفرقة المسرحية بعقد عمل غير محدد المدة فإن مراعاة مهلة الأخطار قد لا تعطى لصاحب الفرقة فسحة كافية من الوقت للتمهيد من جهة لدى الجمهور بتغيير الممثل، ومن جهة أخرى قد لا تكفي لإعداد الممثل الجديد لأداء الدور، فقد يكون الوقت المناسب مرتبطاً بانتهاء موسم مسرحي معين سواء في الصيف أو الشتاء، وكذلك الحال بالنسبة للعامل الذي يستقيل قبل مدة وجيزة من موسم سیاحی أو ديني بحيث يؤدى إلى اضطراب العمل وخصوصاً إذا التحق بعمل لدى صاحب منافس .
ويتجه القضاء الفرنسي إلى أن الاستقالة تكون تعسفية إذا صدرت بقصد الإضرار أو تنم عن رعونة وخفة ولكن يجب أن يكون تقدير السلوك التعسفي بالنظر إلى وقت الاستقالة وليس للمسلك الذي يقع في وقت لاحق .
وهناك حالات للإنهاء المفاجئ لا يكفي فيها لتعويض صاحب العمل التزام العامل بمقابل أجره عن مهلة الإخطار ويبدو ذلك خصوصاً إذا كان الهدف من الترك المفاجئ هو إدخال الفوضى في أعمال صاحب العمل مثل استقالة عارضة أزياء في نفس يوم عرض الأزياء وتركها العمل فوراً .
جزاء التعسف في الاستقالة :
- تنص المادة 122 على أنه إذا أنهى أحد الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاف التزم بأن يعوض الطرف الأخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء .
فالنص صريح في أنه إذا كان الإنهاء من جانب العامل دون مبرر فإنه يلتزم بتعويض صاحب العمل عما أصاب الأخير من أضرار من جراء هذا الإنهاء، ولم يضع المشرع حدوداً لمبلغ التعويض وإنما تركه لتقدير القاضي ويقدر التعويض طبقاً للقواعد العامة بقدر الضرر. ويقع على عاتق صاحب العمل مدعي التعسف عبء إثبات الإنهاء في وقت غير ملائم ولكن يجب ملاحظة أن الاستقالة دائماً تكون بمبرر بل لا يلزم العامل بتقديم مبرر، وإنما الجزاء يكون للاستقالة في وقت غير مناسب مع مراعاة أن ذلك قد يقود القاضي بطريقة غير مباشرة للبحث في مبرر الاستقالة . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 883 )