( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )
انقضاء علاقة العمل
يستقي المشروع أحكامه الخاصة بانقضاء علاقة العمل من أحكام كل من القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم وتوصيات منظمة العمل الدولية .
فتنص المادة (104) على أنه إذا كان عقد العمل محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته على أنه إذا أبرم العقد لمدة أكثر من خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، ومدة الخمس سنوات المذكورة مستقاة من المادة ( 678 / 2) من القانون المدني مع ملاحظة أن المشروع يعطي للعامل الحق في أن ينهي العقد وأن يوجه إخطار الإنهاء اعتباراً من أول الشهر العاشر في السنة الخامسة بحيث يجوز له أن يترك العمل في اليوم التالي لانقضاء السنوات الخمس. والهدف من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بتحسين ظروف حياته، مع الحفاظ على مقتضيات استقرار علاقات العمل باشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود محددة المدة، ومعنى ذلك أن إنهاء العقد بمضي خمس سنوات هو رخصة يستخدمها العامل إن شاء وإن عزف عنها استمر في تنفيذ العقد على أن يظل في إمكانه إنهاؤه في أي وقت بشرط مراعاة المدة المحددة .
وتنظم المواد (105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109) على التوالي حالات انقضاء مدة العقد وجواز تجديده باتفاق الطرفين وحكم انتهاء العقد المبرم لعمل معين ، وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : إذا استمر طرفا العقد في تنفيذه بعد انقضاء مدته المحددة اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة مع عدم سريان ذلك الحكم على عقود عمل الأجانب (المادة 105)، ويطابق هذا الحكم حكم المادة (679) من القانون المدني والمادة (71 / 1) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والمادة (72 / 1) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والمادة (3) من توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982م .
ثانياً : يجوز لطرفي العقد بعد انتهاء مدته أن يجدداه باتفاق جديد لمدة أو لمدد أخرى فإذا زادت مدد العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات جاز للعامل إنهاءه وفقاً لأحكام المادة (104).
ثالثاً : ينظم المشروع حالة انتهاء عقد العمل المبرم لإنجاز عمل معين بحيث لا يجوز للعامل أن يطلب إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز العمل (المادة 107). فإذا انتهى هذا العقد واستمر طرفاه في تنفيذه بعد إنجاز العمل اعتبر ذلك تجديداً منهما للعقد لمدة غير محددة (المادة 108) .
رابعاً : تنص المادة (109) على أنه في حالة انتهاء عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفي العمل أو لأعمال أخرى مماثلة على أنه إذا وزادت مدة إنجاز العمل الأصلي والأعمال التي جدد لها العقد على خمس سنوات فلا يجوز للعامل في هذه الحالة إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال .
خامساً : وفيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير محدد المدة تنص المادة (110) على أنه في حالة ما إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف على النحو الوارد بالفقرتين الثانية والثالثة، وكل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (200)، ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة ( 694 / 2) من القانون المدني والمادة (72 / 1) من القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغي كما يتفق مع نص المادة (27) من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 م .
سادساً : تنص المادة (111) على وجوب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل المتصلة لدى ذات صاحب العمل عشرة سنوات ، وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات والغاية من ذلك إتاحة مهلة أطول لصاحب العمل كلما ازدادت مدة خدمة العامل لديه لتدبير أمره ولتوفير البديل المناسب ، فإذا كان الإنتهاء من صاحب العمل، فإنه يحق للعامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة أطول للبحث عن عمل آخر مناسب .
وتنظم المواد (112 ، 113، 114، 115) عملية الإخطار على نحو جدید ؛ أبرز ملامحه ما يأتي :
أولاً : تحظر المادة (113) تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ على أن يبدأ سريان الإخطار من تاريخ تسلمه واحتساب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
ثانياً : لا تجيز المادة (113) توجيه الإخطار للعامل خلال فترة إجازته مع عدم احتساب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة ووقف سريان مهلة الإخطار خلال إجازة العامل المرضية وبدء سريانها من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة ، وبذلك يظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (مادة 114) .
ثالثاً : وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء لا تجيز المادة (115) اتفاق طرفي العقد على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، وتجيز الإتفاق على زيادة هذه المدة، کما تجيز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة قيام العامل بإنهاء عقد العمل من جانبه .
رابعاً : مراعاة لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود تستحدث المادة (116) حكماً يعطي للعامل الحق في التغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات خلال الأسبوع للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره کاملاً عن مدة الغياب وذلك في حالة ما إذا كان الإخطار بالإنتهاء من جانب صاحب العمل ، وبحيث يكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل .
خامساً : تجيز المادة (117) لصاحب العمل إعفاء العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع اعتبار مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة وما يترتب على ذلك من آثار ومنها استحقاق العامل عن أجره طوال مدة الإخطار .
سادساً : تنص المادة (18) على أنه في حالة قيام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل دون إخطار العامل أو قبل انقضاء مهلة الإخطار يلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو ما تبقى منها، وعلى أن تحسب المدة في هذه الحالة أو الجزء المتبقي منها ضمن مدة خدمة العامل مع تحمل صاحب العمل بكافة الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك وهو ما يعد بمثابة تعویض للعامل عن إخلال صاحب العمل بالتزاماته فإذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت ترکه الفعلي للعمل وإعمالاً للقواعد العامة فإنه يحق لصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار .
سابعاً : تستحدث المادة (119) حکماً يقضي بعدم الاعتداد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، ويعطى للعامل المستقبل الحق أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره لصاحب العمل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .
وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً واعياً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استشارته ، مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاریخ موافقة صاحب العمل .
ونزولاً على توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 م تحرص المادة (120) على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعد مبررة كافية لإنهاء علاقة العمل ، وهي :
1 - انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في غير ساعات العمل ، أو أثنائها .
2- السعي إلى تمثيل العمل أو ممارسة أو سبق ممارسة هذا الحق .
3- تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو اللوائح، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة .
4- اللون ، أو الجنس ، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية ، أو الحمل ، أو الدين ، أو الرأي السياسي ، أو الأصل الإجتماعي .
5- توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل ، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .
6- استخدام العامل لحقه في الإجازات .
وتستحدث المادة (121) جواز قيام العامل بإنهاء عقد العمل إذا أخل صاحب العمل بأي من الإلتزامات الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة وكذا في حالة ما إذا وقع على العامل أو أي من ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من ممثليه وقد استقى هذا الحكم من حكم المادة (696) من القانون المدني وتطبيقاً للقواعد العامة إنه إذا أنهي أي من الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاني التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء ، وإذا كان الإنهاء دون مبرر صادراً من جانب صاحب العمل فلا يقل التعويض المستحق للعامل في هذه الحالة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة التي قضاها في خدمته (المادة 122) .
كما ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكماً .
ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لإعتبارات تتعلق بشخصه أو بنشاطه الذي انقطع بوفاته (المادة 123) .
وتورد المادة (124) حالة أخرى من حالات إنهاء عقد العمل تتعلق بعجز العامل عن أداء عمله عجزاً كلياً أياً كان سببه ، ولا تجيز إنهاء العقد في حالة العجز الجزئي للعامل إلا إذا ثبت عدم وجود عمل آخر لدى ذات صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرضي ويكون إثبات وجود أو انتفاء العمل الآخر وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي فإذا ثبت وجود هذا العمل وجب على صاحب العمل وبطلب من العامل أن ينقله إليه وأن يؤدي إليه الأجر الذي يؤدي عادة لمن يقوم بمثل هذا العمل دون اشتراط أن يكون هذا الأجر مساوياً لأجره الذي كان يتقاضاه قبل الإصابة أو العجز، ذلك أن العامل سيحصل في هذه الحالة - علاوة على أجره المستحق عن عمله الجديد - على تعويض العجز الذي يثبت له بموجب أحكام قانون التأمين الإجتماعي .
وتقرر المادة (125) عدم جواز تحديد سن للتقاعد يقل عن ستين سنة ويجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل إذا بلغ سن الستين ، ما لم يكن العقد محدد المدة ، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الستين ، ففي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإنقضاء مدته ، وهذا الحكم يتفق مع ما تقرره القواعد العامة من عدم انتهاء العقد محدد المدة إلا بإنقضاء مدته .
وفي جميع الأحوال يجب عدم الإخلال بأحكام التأمين الإجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش وبحق العامل في الاستمرار بالعمل بعد بلوغه هذا السن استكمالاً للمدة الموجبة لإستحقاق المعاش .
ويأخذ المشروع في المادة (126) بحكم المادة (75) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والذي يقرر استحقاق العامل مكافأة عن مدة عمله بعد سن الستين بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية لها ، وذلك إذا لم تكن له حقوق عن هذه المدة وفقاً لأحكام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة المنصوص عليها في قوانين التأمين الإجتماعي وقد أطلق المشروع مدة استحقاق تلك المكافأة بعد بلوغ سن الستين ، بحيث لا يقتصر الإستحقاق على السنوات العشر التالية ، بل تمتد لكامل المدة أياً كانت .
وتستحق تلك المكافأة عن سنوات الخدمة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشر وذلك للمتدرج والعامل عند بلوغ هذا السن وتحسب المكافأة على أساس آخر ما كان يتقاضاه .
وتحظر المادة (127) على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل، وتستثنى من ذلك حالة استنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى استنفاذ متجمد إجازاته السنوية المستحقة له على أن يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة بأن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاذ إجازاته المشار إليها ، ولا يحق لصاحب العمل إنهاء العقد إذا ما شفي العامل قبل تمام الإخطار .
وتمكيناً للمرأة العاملة من رعاية الأسرة تجيز لها المادة (138) إنهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة لأي من الأسباب الواردة بالمادة كالزواج أو الحمل أو الإنجاب مع استحقاقها جميع الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام القانون وأحكام قانون التأمين الإجتماعي على أن تخطر صاحب العمل كتابة برغبتها في الإنهاء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو ثبوت الحمل أو من تاريخ الوضع على حسب الأحوال .
کما تجيز المادة (129) لصاحب العمل إنهاء العقد أياً كان نوعه إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ، ولا يتقيد صاحب العمل في استعمال هذا الحق بإتباع إجراءات خاصة ، إذ لا يعد هذا الإنهاء ممارسة لسلطته التأديبية ، كما لا يشترط أن تكون للجريمة صلة بالعمل .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
نزولاً على توصية مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 حرصت المادة 120 من المشروع على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعتبر مبرراً مشروعاً وكافياً للانهاء ومنها :
1) إنتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي خارج ساعات العمل، أو أثناء ساعات العمل طبقاً لما تحدده القوانين .
2) السعي إلى تمثيل العمال أو ممارسة صفة ممثل للعمال أو سبق ممارسة هذه الصفة .
3) تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظلماً من إخلال بالقوانين أو اللوائح ، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة .
4) اللون، أو الجنس، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية، أو الحمل، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الأصل الاجتماعي .
5) توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل ، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .
6) استخدام العامل لحقه في الإجازات .
1- إذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون ضدها أجنبية – سودانية الجنسية – وأنها كانت تعمل لدى الطاعنة في مهنة عاملة تغليف إلى أن أصدرت قرارها بإنهاء خدمتها لانتهاء ترخيص العمل الممنوح لها إعمالاً لنص المادة 27 السالفة الذكر والقرارات الوزارية الصادرة في هذا الشأن ، فإن هذا الإنهاء يكون مبرراً ، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر إنهاء عقد عمل المطعون ضدها مشوباً بالتعسف بمقولة أن عدم تجديدها لترخيص العمل الخاص بها كان بسبب امتناع الطاعنة عن إعطائها الأوراق التى تُبين موافقتها على هذا التجديد ورتب على ذلك إلزامها بالتعويض المقضي به ، بالرغم من أن امتناع الطاعنة عن إعطاء المطعون خطاباً بالموافقة على التجديد مؤداه عدم احتياجها الفعلي لها ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه .
( طعن رقم 1080 لسنة 74 ق - جلسة 5/ 6/ 2005 )
2- إذ كان البين من مدونات الحكمين الابتدائي والاستئنافى أن المطعون ضده كان يعمل لدى الطاعنة شركة الدقهلية للغزل والنسيج بعد أن تقدم بشهادة إعفاء مؤقت صادرة بتاريخ 17 / 2 / 2002 لمدة خمسة أعوام وأنه بعد انتهاء مدة هذا الإعفاء المؤقت لم يتقدم لها بأى من الشهادات أو النماذج المنصوص عليها بالمادة 45 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1980 المُشار إليها فاتخذت الطاعنة إجراءات إيقافه عن العمل المدة المُشار إليها في المادة 39 من القانون المذكور حتى يقدم خلالها ما يحدد موقفه التجنيدى بما يسمح له الاستمرار في العمل إلا أنه لم يقدمه خلال هذا الأجل مما حدا بها إلى إنهاء خدمته ، وكان ما اتخذته الطاعنة من إجراءات يتفق وأحكام المادتين 39 ، 45 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم127 لسنة 1980 مما ينفى عن قرارها إنهاء خدمة المطعون ضده التعسف وبالتالى لا يتحقق في جانبها الخطأ ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أن قرار إنهاء خدمة المطعون ضده قد تم بالمخالفة للقانون ومن ثم شابه التعسف ورتب على ذلك قضاءه بالتعويض عما أصاب المطعون ضده من أضرار مادية وأدبية نتيجة ذلك القرار فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
( طعن رقم 13166 لسنة 80 ق - جلسة 3/ 4/ 2005 )
3- إذا كان العامل قد أقام دعواه وإستند في طلب التعويض إلى أن رب العمل منعه من إستلام عمله بعد إبلاله من مرضه حين توجه إلى مقر العمل لهذا الغرض ثم فصله وأنه بذلك يكون قد فسخ العقد المحدد المدة فحق عليه التعويض ، فإنه لايجوز لهذا العامل أن يثير لأول مرة أمام محكمة النقض أنه يستند في طلب التعويض إلى أن رب العمل قد أخل بإلتزاماته المتفق عليها في العقد فإمتنع عن دفع مرتب المدة التى كان مريضاً فيها وأن إمتناع رب العمل هذا يجيز له الإمتناع عن العمل وفسخ العقد طبقاً لنص المادة 31 من قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنة 1944 والمطالبة بالتعويض المنصوص عليه في المادة 403 من القانون المدنى . ذلك أنه لايقبل من المدعى ولأول مرة أمام محكمة النقض أن يستند في دعواه إلى سبب جديد لايتصل بالنظام العام و لم يطرحه هو على محكمة أول درجة ولا على محكمة الاستئناف.
( طعن رقم 346 لسنة 23 ق - جلسة 4/ 4/ 1957 )
سبق أن قررت المادة (110) أنه إذا كان عقد العمل غير محدد المدة جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف ، وفي إطار توفر المبرر المشروع حرص المشرع في نص المادة (120) على تحديد المبررات التي لا تعتبر مشروعة ولا كافية للإنهاء وذلك على النحو التالي :
- اللون أو الجنس - الحالة الاجتماعية أو المسئوليات العائلية أو الحمل أو دين أو الرأي السياسي .
- انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في نطاق ما تحدده القوانين .
- ممارسة صفة ممثل العمال أو سبق ممارسة هذه الصفة أو السعي لتمثيل العمال .
- تقديم شكوى أو إقامة دعوي ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو عقود العمل .
- توقيع الحجز على مستحقات العمل تحت يد صاحب العمل .
- إستخدام العامل لحقه في الأجازات . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 356 )
شرح وتعليق :
هذا النص مستحدث وقد أخذ به المشرع نزولاً على توصية مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982.
هذه الحالات وردت على سبيل المثال وليس علي سبيل الحصر والدليل على ذلك قوله «لا تعتبر من المبررات المشروعة والكافية .. الخ فلفظ «من المبررات» يعني أنها مجرد أمثلة توجد مبررات مشروعة غيرها وكذلك عدم فرض عقوبة جنائية على مخالفة هذا النص. وبالتالي يمكن القياس عليها فيما لا يعتبر مبررة مشروعة وكافية لإنهاء العقد وذلك كإعتقال العامل أو إنضمامه إلى حزب سياسي لا يتفق مع ميول صاحب العمل أو قيامه بتوعية زملائه بحقوقهم القانونية وغير ذلك من الأمثلة التي تستعصي على الحصر .
ونستعرض فيما يلي هذه الأسباب :
أ) إنهاء عقد العمل بسبب اللون أو الجنس أو الحالة الإجتماعية أو المسئوليات العائلية أو الحمل أو الدين أو الرأي السياسي :
ويعد هذا السبب تطبيقاً مباشراً للمبدأ الرابع من «إعلان المبادئ أو الحقوق الأساسية في العمل» الصادر عن منظمة العمل الدولية عام 1998. وتعتبر الإتفاقية رقم 111 بشأن «التمييز في الاستخدام أو المهنة» بالإضافة إلى الإتفاقية رقم 100 بشأن «المساواة في الأجر عن عمل ذي قيمة كرسته اتفاقيات العمل العربية ومبدأ عدم التمييز في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ونظراً لأن مصر مصدقة على كل هذه الإتفاقيات كان لازماً أن ينص قانون العمل على مبدأ عدم جواز إنهاء عقد العمل القائم على التفرقة بين الناس بسبب اللون أو الجنس .
ب) إنتساب العامل لمنظمة نقابية :
قصد بهذا الحكم حماية «الحرية النقابية» والتأكيد على حق العمال في ممارسة العمل النقابي ويأتي هذا الحكم متناسقاً مع المبادئ التي قررتها لجنة الحقوق والحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية من وجوب حماية العامل النقابي ضد كل صور التعسف .
ج) ممارسة صفة ممثل العمال أو سبق ممارسة هذه الصفة أو السعي إلى تمثيل العمال :
إن الحماية التي تضفي على العامل في ممارسته للحرية النقابية يجب أن تمتد كذلك لحماية «القيادات النقابية» فالمشرع يحمي ممثل العمال وتمتد الحماية إلى من سبق له أن مارس هذه الصفة أو من يسعى للحصول عليها كالمرشح لعضوية مجلس إدارة النقابة أو لعضوية مجلس إدارة المنشأة .
د) تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظلماً من إخلال بالقوانين أو اللوائح أو عقود العمل :
هذه الحالة تستجيب للمنطق السليم فإستخدام العامل لحق التقاضي وحق التظلم والشكوى وهي من الحقوق المكفولة قانوناً لا يمكن أن تمثل «مبرراً مشروعاً وكافياً» لكي يتخلص صاحب العمل من العامل طالما استخدام العامل هذه الحقوق طبقاً للضوابط الموضوعة لها .
هـ) الفصل بسبب حجوز أو ديون على العامل :
هذه إحدى الحالات التي إعتبر المشرع فيها الفصل تعسفياً لأن المصلحة التي تعود على صاحب العمل من هذا الإنهاء وهي تجنب مضايقة دائني العامل لا تتعادل البتة مع ما يصب العامل من ضرر بسبب الفصل .
و) استخدام العامل لحقه في الأجازات :
فمن الطبيعي ألا يكون استخدام العامل لحقه في الأجازات سبباً للإنهاء فالأجازات مقررة بموجب القانون ولا يجوز لصاحب العمل حرمان العامل منها إلا في حدود ما هو مقرر قانوناً وبأداء التعويضات المقررة في مثل هذه الحالات لذلك فلا يمكن أن يسمح قانوناً ومنطقاً لصاحب العمل بإنهاء عقد لأن العامل إستخدم حقه الأجازات وإلا أدى خوف العامل من إنهاء عقده السكوت عن حقه في الإجازة وهو ما أراد المشرع أن يتلافاه . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني ، صفحة : 462 )
ونضيف لما ورد في تلك المادة حالات أخرى يعتبر فيها الإنهاء غير مشروع بنص المادة 120 من قانون العمل فالمادة 120 تضمنت عدة حالات يستبعد فيها أي خطأ من جانب العامل وتتمثل معظمها في استعمال العامل لحق مشروع، أو حقاً من حقوق الإنسان، بالإضافة إلى حالات يكون فيها مسلك صاحب العمل منطوياً على مخالفة لقواعد أمرة ويكون الإنهاء فيها غير مشروع أصلاً لعدم توافر أي خطا في جانب العامل .
- والخطأ الجسيم قد يكون عمدياً أو غير عمدي، والخطأ العمدي لا يكون بالضرورة خطأ جسيماً، مثل تعمد العامل الغياب في يوم من أيام العمل، فلا محل للمساواة بين الخطأ العمدي والخطأ الجسيم وفي مجال قانون العمل فإن التزام العامل بالولاء أو بالإخلاص يلعب دوراً في تحديد الخطأ الجسيم وقد يتمثل الخطأ العمدي في نية الإضرار بالمشروع أو بصاحب العمل مثل اتلاف مستندات العمل .
وتقدر جسامة الخطأ بالنظر إلى طبيعة العمل ، والتزامات العامل ومركزه في العمل ووفقاً لما يرد في لوائح العمل والتزامات العامل لا تقتصر على تلك التي ترد في العقد وإنما تمتد الى ما هو من مستلزمات العقد وفقاً للمادة 148 من القانون المدني وغنى عن البيان أن صاحب العمل عندما ينهي عقد العامل فإنه لابد وأن ينسب له ارتكاب خطأ جسيماً ، ويخضع تقدير توافر الخطأ الجسيم لمطلق السلطة التقديرية للقاضي عند نظر دعوى التعويض. وفكرة الخطأ الجسيم من السعة والمرونة بحيث تفتح الباب أمام تقدير صاحب العمل عند الإنهاء ، وكذلك تقدير القاضي عند نظر دعوى التعويض .
ويجب أن ينسب للعامل ارتكاب الخطأ الجسيم وقت الإنهاء وليس في وقت لاحق على قرار الإنهاء ، وإلا يكون سبب الانهاء قد انقضى وقت الإنهاء والحالات الواردة في المادة 69 قد وردت على سبيل المثال ، والباب مفتوح لتقدير سلوك العامل ونسبة الخطأ الجسيم إلية وقضت محكمة النقض أن من مقتضى أن يبذل العامل ما يبذله الشخص المعتاد واحترام أوامر صاحب العمل طبقاً للمادة 685 من القانون المدني ، ضرورة أن يتحلى العامل بالأمانة طوال مدة خدمته وعدم الخروج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته فكلها من الإلتزامات الجوهرية التي يرتبها عقد العمل وأوضحت أن الثقة في العامل غير قابلة للتجزئة فإذا ما فقد صاحب العمل الثقة في العامل في إحدى الوظائف فإنه يفقدها في أي وظيفة أخرى مما يسوغ فصله فالإخلال بإلتزام جوهري بالإمتناع عن تنفيذه متى كان ذلك راجعاً إلى خطأ العامل عن عمد أو اهمال يبرر فسخ العقد فالإخلال بإلتزام جوهري يعتبر خطأ جسيماً .
وتتميز فكرة الخطأ الجسيم ، أن الخطأ يستوجب إثبات وقائع وسلوك معين يتخذ مظاهر خارجية محددة ، واثبات هذه الوقائع أو ذلك المسلك يفيد ضرورة أن يقوم الخطأ على عناصر موضوعية محددة تتخذ مظهراً خارجياً يقبل إثباتها اى التحقق من توافرها ولا يكفي لتوافر الخطأ- أياً كانت درجته - مجرد الشكوك أو أحساس صاحب العمل الذي لا يستند الى أي وقائع محددة .
فسوء التفاهم بين العامل وسائر العمال الذي يقوم على وقائع محددة من شأنها أن تعوق حسن سير العمل في المشروع قد يؤدي إلى توافر الخطأ الجسيم فمظاهر عدم التعاون وأثر ذلك على المشروع وقائع مادية محددة يمكن إثباتها . فالخطأ قد يتمثل في الإمتناع عن التعاون .
ولقد أثيرت مسألة الطابع الموضوعي لسبب الإنهاء في مجال إنهاء العقد بسبب فقدان الثقة في العامل ، فقد ذهب القضاء الفرنسي إبان فترة من الزمن الى أنه يصلح سبباً لإنهاء فقد الثقة المتبادل بين العامل وصاحب العمل مما يحول دون استمرار علاقة العمل دون حاجة لإثبات أي إهمال أو عمل ينطوي على سوء نية. فإحساس صاحب العمل باستحالة الاستمرار وفقد الثقة يكفي لتوفر مبرر الإنهاء .
وأياً كان تقدير هذا القضاء فإنه لا محل له في ظل اشتراط ارتكاب العامل لخطأ جسيم كسبب للإنهاء فخطأ العامل لا يستخلص من مجرد احساس أو حتى اقتناع صاحب العمل بل يجب أن يقوم على وقائع محددة اتخذت مظاهر خارجية ، فالخطأ ليس فكرة نفسانية والإنهاء بإعتباره جزاء على ما ارتكب من خطأ العامل يجب أن يثبت من خلال وقائع ارتكبها العامل ، واعتباراً من سنة 1990 عدلت محكمة النقض الفرنسية عن قضائها السابق وذهبت الى أن إنهاء العقد لأسباب شخصية يجب أن يقوم على عناصر موضوعية تبرر ما يدعيه صاحب العمل من فقدان الثقة ، فلا يجوز أن يقوم الإنهاء على شكوك صاحب العمل إزاء سلوك العامل واشتراط الخطأ الجسيم من جانب العامل يحول دون إنهاء العقد بسبب سلوك أقارب العامل. ولكن يجوز الإنهاء بسبب فقد الثقة أو عدم التعاون أو عدم التوافق بين العامل وصاحب العمل متى قام ذلك على عناصر موضوعية تنسب إلى العامل وفكرة الخطأ الجسيم تحول دون التضارب الذي وقع فيه القضاء الفرنسي بسبب الإكتفاء بمبرر للإنهاء دون اشتراط أن يقوم على خطأ جسيم وهذه ميزة توافرت للعامل في ظل قانون العمل الحالي .
وقضت محكمة النقض بأن فقد الثقة في العامل يعتبر سبباً كافياً لإنهاء العقد ، إلا أن انعدام الثقة يجب أن ينبني على أسباب مشروعة وواقعية فيجب أن يكون خطأ العامل متناسباً مع إنهاء العقد كجزاء فالخطأ اليسير أو التافه أو شيوع الخطأ بين أكثر من عامل أو لخلل في إدارة المنشأة ، لا يبرر الفصل فسلطة صاحب العمل في إنهاء العقد ليست طليقة من كل قيد وإنما يلزم ألا تكون مشوبة بعدم التناسب الظاهر بين الفعل والجزاء وفقا لمبدأ التناسب .
لا يجوز إنهاء عقد العامل لمجرد أن زوجته قد التحقت بالعمل لدى مشروع منافس فحدوث المنافسة يظل احتمالاً لا يقوم على أسس موضوعية محددة، أما إذا ثبت ارتكاب العامل الأعمال منافسة غير مشروعة على اسس موضوعية فإن ذلك يبرر إنهاء العقد فمنافسة صاحب العمل جاءت كمثال على الخطأ الجسيم في المادة 69 من قانون العمل .
ولا يجب اغفال أن المادة 56/هـ تلزم العامل بأن يحسن معاملة عملاء صاحب العمل، وطبقاً للمادة 56 ويلتزم العامل بإحترام رؤساءه وزملاءه في العمل وأن يتعاون معهم بما يحقق مصلحة المنشأة التي يعمل بها. والإخلال بهذه الإلتزامات الجوهرية ينطوي على خطأ جسيم ، ولكن إثبات ذلك يكون من خلال عناصر موضوعية وفيما يتعلق بجسامة الخطأ فإنه يستلزم أن يكون الخطأ على درجة من الخطورة تجعل من المستحيل استمرار العامل في العمل وإلا تعرض المشروع للضرر .
والخطأ الجسيم يجب أن يكون مرتبطاً بالعمل أي يكون ذات طابع مهني فالإحالة إلى المادة 69 والتي تتعلق بالخطأ التأديبي تجعل من الضروري أن يكون الخطأ متعلقاً بالعمل أي لا يتصل بالحياة الشخصية للعامل فالخطأ الجسيم في مجال الانهاء يجب أن يتصف بصفات الخطأ التأديبي .
والخطأ قد يرتكب خارج وقت العمل ولكن وقائعه ترتبط بالحياة المهنية للعامل وهذا الخطأ يبرر إنهاء العقد .
أما الخطأ الذي يتم خارج وقت العمل ويتعلق بالحياة الخاصة للعامل لا يعتبر من حيث المبدأ خطأ جسيم يبرر إنهاء العقد ولكن الخطأ الجسيم الذي يقع خارج وقت العمل قد يبرر إنهاء العقد إذا كان الخطأ يسبب مشاكل ويؤدی لانعكاسات ، خطيرة بالنظر إلى طبيعة عمل العامل ونوعية نشاط المشروع. فعامل الأمن الذي يرتكب سرقة في المجمع التجاري خارج أوقات عمله يرتكب خطأ جسيماً بالنظر إلى طبيعة عمله حيث يعمل لدى شركة من شركات الحراسة .
أما إذا كان الفعل الذي يتعلق بالحياة الخاصة لا ينطوى أصلاً على خطأ فإنه لا يمكن أن يبرر إنهاء العقد لأنه لا يجوز الانهاء إلا في حالة ارتكاب خطأ جسيم فالبحث في الصلة بين الحياة الخاصة والحياة الحرفية لابد وأن يفترض بداءة أن ما تم في الحياة الشخصية ينطوي على خطأ وليس مجرد فعل غير خاطئ. والتزامات العامل تلعب دوراً هاماً في إضفاء صفة الخطأ على الفعل متى أنعكس أثره على الحياة الحرفية أو المهنية ، فأن كان للخطأ المرتبط بالحياة الخاصة انعكاسات موضوعية ضارة بمصلحة المشروع فإن الخطأ متى اتصف بالجسامة يبرر إنهاء العقد وتأثير الخطأ في الحياة الشخصية على الحياة الحرفية يرتبط بالمستوى الوظيفي للعامل ، وطبيعة المنشأة التي قد تستلزم أن يكون سلوك العمال بعيداً عن أي مأخذ جنائي أو سلوك غير قويم بصفة عامة فالمادة 57 / ز من قانون العمل تلزم العامل بأن يحافظ على كرامة العمل وأن يسلك المسلك اللائق به فالمسلك غير اللائق والخاطئ خارج مجال العمل قد يمس مباشرة كرامة العمل وما يجب أن يكون عليه سلوك العامل ، ومن أهم أمثلة ذلك المنشآت التعليمية والدينية. ويتوافر الخطأ من إساءة استعمال العامل لحقوقه الأساسية ، مثل اساءة استعمال حقه في الشكوى بقصد الإضرار بصاحب العمل .
ويجب لإثبات الخطأ الجسيم المؤدي إلى الانهاء أن يكون قد تم الحصول على الدليل بطريق مشروع إعمالاً لمبدأ مشروعية الدليل ، فإن كان الدليل غير مشروع كان الفعل المنسوب للعامل خالياً من الدليل ، ويجب على صاحب العمل احترام الحريات الأساسية للعامل فالعامل له الحق، في وقت العمل ومكان العمل ، في أن تحترم حياته الخاصة فالدليل المستمد من تسجيل محادثة دون علم العامل يكون غير مشروع ولا يجوز لصاحب العمل السعي للتعرف على ما إذا كان للعامل اتجاهات نقابية ، أو العلاقات العاطفية لعماله ، عن طريق الدخول الى مواقع الإنترنت التي سبق للعامل الدخول إليها ، ولا يجوز لصاحب العمل أن يعتدي على سرية المراسلات بالتعرف على الرسائل الشخصية التي أرسلها أو تلقاها العامل عن طريق جهاز الحاسب الآلي الذي وضع تحت تصرف العامل لأغراض العمل ، حتى لو كان صاحب العمل قد حظر استخدام الجهاز لغير أغراض العمل ولكن يمكن أن توضع قيود على ممارسة تلك الحريات سواء كان هناك خطر يتهدد المشروع ، كما لو قام العامل بإرسال رسائل تنطوي على قذف في حق الغير أو التحرش الجنسي بالمرسل إليه ، أو استخدام الحاسب الإلكتروني الخاص بالعمل الزيارة موقع يعتبر من المواقع التي تحرض على الإرهاب ، ويتوفر الخطأ الجسيم من الاستعمال التعسفي للحاسب الإلكتروني الخاص بالعمل إذا ما استخدم الجهاز في ارسال واستقبال برید شخصی بكميات هائلة يكون من شأنه أن يعوق تنفيذ العمل كما يحق لصاحب العمل وضع قيود على الحريات إذا كانت تلك القيود تستهدف حماية المنشأة من المخاطر التي تهددها مثل القرصنة الإلكترونية والفيروسات فالقيود على الحريات تكون مشروعة إذا كان هناك ما يبررها لمصلحة العمل والمنشأة وشريطة أن تكون ملائمة ومتناسبة مع الهدف المقصود، وهذه القيود تستند إلى المصلحة المشروعة التي تعتبر قيداً على الحق في الخصوصية ، كما أن إخطار العمال بتلك القيود يجعل مشروعيتها تسند الى رضاء المعتدى عليه .
وقضى في فرنسا بأن صاحب العمل لا يجوز له الإطلاع المعلومات الخاصة بالعامل والتي توجد على جهاز الحاسب الإلكتروني الذي وضعه العمل تحت تصرف العامل ما لم توجد هناك مخاطر أو وقائع محددة تتعلق بمصلحة العمل .
ويعتبر مشروعاً اثبات صاحب العمل للإستخدام المفرط لتليفون العمل من خلال فاتورة التليفون التي ترسل لصاحب العمل فالعامل لا يمكنه أن يجهل هذه الوسيلة من وسائل الرقابة .
ولينفي العامل الخطأ الجسيم يجوز له اللجوء إلى كافة طرق الاثبات المشروعة وثار التساؤل عما إذا كان يحق للعامل في سبيل نفي الخطأ أن يستخدم أو يقدم مستندات المنشأة التي تقع تحت يده أثناء العمل .
وترجع صعوبة هذه المسألة الى أن المادة 57 من قانون العمل تحظر على العامل أن يقوم بنفسه أو بواسطة غيره بالإحتفاظ لنفسه بأصل أية ورقة أو مستند خاص بالعمل .
وطبقاً للقواعد العامة في الإثبات قد يجوز طلب إلزام صاحب العمل بتقديم مستند معين، اتصل بعلم العامل أثناء العمل ، فالذي يقدم المستند هو صاحب العمل ولهذا لا تثور مشكلة المشروعية .
أما إذا حاز العامل أصل أي ورقة أو مستند من مستندات العمل فإنه يخالف صريح نص المادة 57 بل ويمتد الحظر إلى صور تلك المستندات وذهبت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية إلى أن إخراج أي مستند بقصد عمل صورة ضوئية له يكون جريمة سرقة ولا ينال من ذلك أن يكون ذلك قد تم بقصد الحصول على دليل يقدم في دعوى عمالية .
ومع هذا فقد عدلت الدائرة الجنائية عن قضائها وانضمت إلى الدائرة الإجتماعية حيث أجيز للعامل أن يقدم - دون إذن صاحب العمل - مستندات المنشأة شريطة أن تكون هناك ضرورة قصوى لتقديم هذه المستندات مراعاة لحق الدفاع في النزاع بين العامل وصاحب العمل .
ولكن إزاء الحظر الصريح الوارد في المادة 57 من قانون العمل المصری على الإحتفاظ بأصل أي ورقة أو مستند ، فإننا نرى أن العامل لا يجوز له تقديم هذه المستندات لنفي الخطأ فتقديم هذه المستندات لابد وأن يسبقه الإحتفاظ لنفسه بالمستند أي الحصول على المستند بطريق غير مشروع ، ويمتد ذلك إلى صورة المستندات وذلك حتى لا يحتفظ العامل لديه بصورة مستندات المنشأة. وليس من سبيل أمام العامل إلا اللجوء إلى القواعد العامة في الإثبات ، وإن كان للعامل الحق في الخصوصية ، فإن المنشأة لها الحق في خصوصية مستنداتها وأعمالها الخاصة . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 783 )
في بعض حالات الإنهاء غير المشروع لعقد العمل وفقاً لنصوص قانون العمل
الأصل أن تقدير ما إذا كان الإنهاء بمبرر أم بدون مبرر مشروع يستقل به قاضي الموضوع باعتباره من مسائل الواقع .
ولقد ورد في المادة 120 من قانون العمل أمثلة للمبررات التي تعتبر غير مشروعة ولا تبرر الإنهاء ولقد حرص المشرع علي أن يستوحيها من معايير العمل الدولية .
1- فالإنهاء يكون غير مشروع إذا كان بسبب اللون أو الجنس رجل أو امرأة، أو الحالة الإجتماعية متزوج أم أعزب كما قد يحدث أحياناً في شركات الطيران، أو بسبب المسئوليات العائلية مثل كثرة من يعولهم ، أو بسبب حمل المرأة كما يثار أحياناً بالنسبة لمضيفات الطيران ، أو الدين ، أو الرأي السياسي .
2- إذا كان الإنهاء بسبب مجرد الانتساب إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في نطاق ما تحدده القوانين فمن يمارس نشاطاً مشروعاً يجب حمايته عن طريق اعتبار الإنهاء تعسفياً .
3- ممارسة صفة ممثل العمال أو سبق ممارسة هذه الصفة ، أو السعي إلي تمثيل العمال فالعامل لا يكتفي بعضوية نقابة وإنما يمارس أو يسعى الممارسة صفة تمثيلية للعمال ، والإنهاء لهذا السبب يعتبر لغرض غير مشروع ومن ثم تعسفياً .
4 - تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظلماً من إخلاله بالقوانين أو اللوائح أو عقود العمل .
وفي هذا الصدد يجب التمييز بين استعمال الحق في الشكوى أو التقاضي وهما من الحقوق الدستورية ، وبين الخروج عن حدود هذه الحقوق أو التعسف في استعمالها ففي الحالة الأولى يكون الإنهاء غير مشروع لأن العامل يستعمل حقاً خوله له القانون أما في الحالة الثانية وحيث قد تكون الشكوى متضمنة افتراءات واضحة صدرت عن سوء نية بقصد التشهير بصاحب العمل ، أو أن يتعمد العامل المساس بكرامة صاحب العمل وهيبته في العمل دون أن يقتضي التظلم أو التقاضي ذلك أي مما لا يقتضيه حق الدفاع ، أو إذا كان التقاضي مكوناً لدد في الخصومة مما يعتبر تعسفاً في استعمال الحق في التقاضي، ففي هذه الحالات يكون الإنهاء مشروعاً لأنه ليس بسبب استعمال هذه الحقوق وإنما بسبب تجاوزها والتعسف في استعمالها فإذا كان إبلاغ السلطات بما يقع من جرائم أو تقديم الشكاوى حق مقرر لكل شخص إلا أن المبلغ يسال في حالة ثبوت كذب البلاغ أو توافر سوء القصد أو صدور التبليغ عن تسرع ورعونة .
5- يكون الإنهاء تعسفياً إذا كان بسبب استخدام العامل لحقه في الأجازات ، وهذه المسالة تحتاج لإيضاح وفيما يتعلق بالإجازة السنوية فالأصل هو أن صاحب العمل هو الذي يحددها ولا يجوز للعامل أن يقوم بها رغم أنف صاحب العمل باستثناء حالة الإمتحان ويحق للعامل القيام بإجازة مدتها 15 يوماً منها ستة أيام متصلة وهذا الإلزام موجه إلي صاحب العمل ومخالفته لذلك تستوجب اتخاذ العامل إجراءات إلزام صاحب العمل بمنحة الإجازة وليس له أن يتغيب من تلقاء نفسه بعلة حصوله على الإجازة خصوصاً أن الإجازة تستحق خلال أي وقت في العام ومخالفة ذلك يعتبر إخلالاً من العامل بواجباته .
وبالنسبة للإجازة المرضية فلا صعوبة فيها لأنها لا تتقرر إلا من الجهة الطبية المختصة ولا تحتاج لموافقة صاحب العمل ومن ثم فإن قيام العامل بها يعتبر حقاً مشروعاً له لا يجوز لصاحب العمل أن يعترض عليه بأي حجة ، والإنهاء بسبب الإجازة المرضية يعتبر غير مشروع. وبالنسبة لإجازة الحج فلابد للقيام بها موافقة صاحب العمل لأنها مرة واحدة طوال مدة الخدمة ويجب التنسيق بشأنها مع صاحب العمل ولا يستقل العامل بالقيام بها ، ولهذا فإن القيام بإجازة الحج دون موافقة صاحب العمل يعتبر إخلالاً من العامل بالتزاماته وفيما يتعلق بالإجازة العارضة فهي تفترض عنصر المفاجأة ولهذا يقوم بها العامل لمواجهة ظرف طارئ مما لا يستلزم الإخطار المسبق ولهذا اعتبرها المشرع انقطاعاً ولكن ذلك لا يعني اتخاذها وسيلة لتعطيل سير العمل في المشروع فإذا انقطع العامل عن العمل ثم ادعي بعد ذلك المرض أو الإرهاق فإنه يخلط بين الإجازة المرضية والإجازة العارضة مما قد يخفى تمارضاً فإن كان العامل يشغل منصباً هاماً ويترتب علي انقطاعه الإخلال بحسن سير العمل الذي يرتبط بتعليماته فإن ذلك يعتبر إخلالاً من جانبه .
وعلى هذا فإن استخدام الحق في الإجازة يحتاج إلى بحث كل حالة على حدة لمعرفة ما إذا كان الحق قد استخدم بطريقة مشروعة ووفقاً للقانون ، أم أنه مخالف للقانون وقد تم بناء علي سوء نية ، ومن ثم فإن الإنهاء جزاء هذه المخالفة قد لا يتسم بطابع التعسف ولهذا كان المشرع دقيقا في أن الإنهاء يكون تعسفياً في حالة استخدام العامل الحق في الإجازة وليس لمجرد القيام بإجازة .
ومن تطبيقات الإنهاء التعسفي بسبب استعمال العامل لحقه في الأجازات ما قضت به محكمة النقض من أن إنهاء خدمة العاملة تأسيساً على أن العاملة لم تتخذ إجراءات إخلاء طرفها قبل قيامها بأجازة بدون مرتب لمدة ستة أشهر ، يعتبر تعسفياً .
6 - نصت المادة 71 على أنه إذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ قرار القضاء بإعادة العامل إلى عمله اعتبر ذلك فصلاً تعسفياً يستوجب التعويض طبقاً للمادة 122 .
وهذه المادة ترسی مبدأ هاماً وهو إن قرار القاضي بإعادة العامل إلي عمله لا يجبر صاحب العمل على تنفيذه عيناً ، فالتنفيذ العيني الجبري غير جائز بنص القانون فبالرغم من أن التنفيذ العيني يمكن عملاً إلا أن المشرع جعله غير جائز قانوناً مراعاة لطبيعة العلاقات العمالية من حيث أن حسن سير المشروع يتعارض مع وجود عمال لا يقبلهم صاحب العمل مما يهدد بالإضرار بمصلحة المشروع . فقد غلب المشرع مصلحة المشروع علي مصلحة العامل بعدم اللجوء إلى التنفيذ العينى الجبري ، ولكن لا يوجد ما يمنع من التنفيذ العيني الإختياري حيث يقدر صاحب العمل أن استمرار العامل في العمل لا يمس مصلحة المشروع ولا يؤثر في التعاون معه ومع زملائه .
فصاحب العمل لا يجبر علي إعادة العامل إلا إذا كان الفصل بسبب النشاط النقابي للعامل وفقا لما ورد في الفقرة قبل الأخيرة من هذه المادة ومع هذا فإن التنفيذ العيني قد لا يكون ممكناً نظراً لطبيعة العلاقة العمالية .
وإذا رفض صاحب العمل إعادة العامل في غير حالة الفصل لأسباب نقابية ، فإن المادة 122 تعتبر الرفض إنهاء العقد بالإرادة المنفردة لصاحب العمل ، وهذا الحكم يتفق في تلك الجزئية مع ما استقر عليه قضاء محكمة النقض في ظل قوانين العمل السابقة فقد قضت محكمة النقض بان بطلان إجراءات الفصل التأديبي بعدم العرض على اللجنة الثلاثية يؤدي إلى إنهاء العقد بالإرادة المنفردة الصاحب العمل ، أي يصبح التكييف لإنقضاء العقد بأنه إنهاء بالإرادة المنفردة لصاحب العمل .
ولكن قضاء النقض كان مستقراً علي أن الإنهاء في هذه الحالة لا يكون بالضرورة تعسفياً وإنما على المحكمة أن تبحث الموضوع في ضوء أسباب الإنهاء التي قد تفصح عن أن الإنهاء كان بمبرر .
وفي هذه الجزئية الأخيرة خالفت المادة 71 قضاء النقض إذا اعتبرت الإنهاء بالرغم من رفض قرار الفصل إنهاءً تعسفياً بالضرورة يفقد القاضي كل سلطة تقديرية في هذا الشأن ، فإن كان العامل لم يرتكب خطأ جسيما ورفض القضاء فصله فالأثر الذي ترتب على ذلك عودته للعمل ورفض إعادته هو تعسف يرجع لصاحب العمل .
ولقد أثار هذا الحكم الأخير اعتراضات أثناء مناقشة مشروع القانون أمام مجلس الشعب حيث أثيرت شبهة عدم دستوريته استناداً إلي أنه لا يجوز للسلطة التشريعية العدوان على اختصاص عهد به الدستور إلى السلطة القضائية وإلا كان ذاك افتئاتاً علي ولايتها وتقويضاً لإستقلالها فلا يجوز للسلطة التشريعية أن تتدخل بفرض قرائن قانونية تنفصل عن واقعها ولا تربطها علاقة منطقية بالنتائج التي رتبتها عليها ، وإلى أن يثار ويفصل في مسألة الدستورية فإن النص واضح وواجب الإعمال حيث يعتبر عدم إعادة العامل إلى العمل بالرغم من رفض طلب الفصل ، إنهاءً تعسفياً من جانب صاحب العمل .
7- ويعتبر إنهاء تعسفياً فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء أجازة الوضع وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة 92 من قانون العمل . فيجب أن انتظار انتهاء الإجازة ، والإنهاء المخالف يتسم بعدم الملاءمة أي يتم في وقت غير مناسب .
ويلاحظ أن المشرع يجمع بين الفصل والإنهاء بالرغم من أن الفصل لا يوقعه صاحب العمل وإنما القضاء ولم تعدل المادة 92 وفقاً لما أدخل من تعديل علي المشروع بسحب سلطة الفصل من صاحب العمل ولهذا فإن المادة يقتصر حكمها على الإنهاء أما الفصل فإنه يخضع لقرار القضاء الذي يجب عليه مراعاة عدم النطق بالجزاء خلال فترة الإجازة ويعتبر الطلب قبل الأوان .
8 - الإنهاء بسبب حجوز أو ديون على العامل تنص المادة 695/ 2 على أنه يعتبر الفصل تعسفياً إذا وقع بسبب حجوز أوقعت تحت يد رب العمل أو وقع هذا الفصل بسبب دیون يكون العامل قد التزم بها للغير .
من الواضح أن المشرع يعتبر الفصل في هذه الحالة تعسفياً استناداً إلى أن المضايقات التي يتعرض لها صاحب العمل من جراء الحجوز أو مطالبات دائني العامل لا تتناسب البتة مع الضرر الذي يصيب العامل من الفصل .
ولكن يجب ملاحظة أن التعسف يتحقق إذا كان الفصل لمجرد هذه الحجوزات أو لمجرد استدانة العامل أما إذا كان الوضع المالي للعامل من شأنه أن يمس سمعة العامل ويؤثر في مدى الثقة فيه كما لو كان يشغل مركزاً لحساسة في العمل ويخشى أن تكون الديون وسيلة للتأثير عليه في علمه ، فإننا نرى أن الفصل في هذه الحالة لا يكون تعسفياً ، فليس كل مدين سيء السمعة أو تضعف فيه الثقة ، ولكن إذا حدث ذلك فإننا نكون بصدد سبب مستقل للفصل تكون الديون أحد عناصره فقط ، ويرجع الفصل إلى سوء السمعة أو ضعف الثقة ، وتسري هذه الحالة على العقود الخاضعة للقانون المدني وقانون العمل على حد سواء .
9 - الإنهاء بطريق غير مباشر نتيجة مسلك صاحب العمل غير المبرر تجاه العامل تقرر المادة 1/696 من القانون المدني أنه يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر هذا الفصل من رب العمل، إذا كان هذا الأخير قد دفع العامل بتصرفاته وعلى الأخص بمعاملته الجائرة أو مخالفته شروط العقد إلى أن يكون هو في الظاهر الذي أنهى العقد .
ويواجه هذا النص ما قد يقع من تحايل من صاحب العمل للإفلات من أحكام التعسف في الإنهاء ، وذلك بأن يضطر العامل إلى أن ينهي العقد نتيجة ما يسببه له صاحب العمل من مضايقات غير مشروعة فيبدو العامل في الظاهر على أنه هو الذي أنهى العقد في حين أن صاحب العمل هو المنهي له في الحقيقة ، وحماية العامل في هذه الحالات قرر المشرع أن المنهى يكون صاحب العمل وان الإنهاء يكون تعسفياً كما يستفيد العامل من ذلك باستحقاقه مقابل مهلة الإخطار ، فبالرغم من أن العامل يترك العمل فوراً عند الاستقالة إلا أنه يستحق مقابل مهلة الإخطار بإعتبار أن الترك الفوري يرجع إلى صاحب العمل .
ويجب على القاضي أن يبحث بدقة عن الطرف المنهي حقيقة للعقد، ولا يتقيد في ذلك بما يرد في العقد من وصف قانوني لسبب انقضاء العقد فقد ينص في العقد على أن عدم قيام العامل بالتزام معين يؤدي إلى اعتباره مستقيلاً ، فلا يجب أن يتقيد القاضي بهذا الوصف وعليه أن يضفي على الإنهاء وصفه الحقيقي ، فيجب أن يبحث ، بدقة في سلوك العامل وصاحب العمل لتحديد المسئول عن الإنهاء .
ولقد أعطى النص عدة أمثلة لمسلك صاحب العمل الذي يدفع بالعامل إلى إنهاء العقد .
أ- المعاملة الجائرة للعامل :
وتواجه هذه الصورة حالة تعمد صاحب العمل مضايقة العامل وإذلاله وإحراجه حتى يجعل من المستحيل عليه البقاء في العمل ومثال ذلك تكليفه بعمل تافه أو عدم تكليفه بعمل دون سبب وغير ذلك مما يحرمه من الخبرة ويحيط كفاءته بالشكوك ومن قبيل المعاملة الجائرة عدم المساواة بين العامل ومن يتساوون معه دون مبرر .
ب - مخالفة صاحب العمل لشروط العقد :
لما كان العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز لصاحب العمل، في غير الاحوال المقررة قانوناً ، أن يستقل بتعديل العقد بإرادته المنفردة وإذا خالف صاحب العمل العقد أو عدله على غير ما يقضي به العقد فإنه يكون قد ارتكب خطأ في حق العامل فإذا رفض العامل هذا التعديل واندفع إلى ترك العمل فيجب أن يعتبر صاحب العمل مسئولاً عن ذلك أي يكون هو الذي تعسف في إنهاء العقد في حقيقة الأمر، وإذا أخل صاحب العمل بالتزامه بالوفاء بالأجر فلا يلزم العامل بالبقاء في العمل ، فإذا استقال فإن الإنهاء ينسب إلى صاحب العمل، وينسب الإنهاء لصاحب العمل إذا ترك العامل العمل لرفض صاحب العمل تسليمه عقداً كتابياً بالمخالفة للقانون .
ويجب لتوافر هذه الصورة أن يتم التثبت من مخالفة صاحب العمل بشرط من شروط العقد ، ونرى أنه يجب أن يكون من شأن هذه المخالفة أن تدفع العامل إلى إنهاء العمل، فلو كانت المخالفة يسيرة لا تؤدي ولا تستوجب الإندفاع إلى إنهاء العامل للعقد ، فيجب الرجوع إلى القواعد العامة لبحث مدى توافر التعسف من جانب صاحب العمل ، أي لا يعمل التطبيق التشريعي بصورة تلقائية .
ويلتزم العامل بإثبات أن سبب إنهاء العقد هو المسلك الذي اتخذه صاحب العمل حياله بالمخالفة للقانون .
والخلاف في تفسير اللوائح والقوانين لا يعتبر بأي حال اعتداء على حقوق العامل .
وإذا كان العامل قد استبق الأحداث وقدم استقالته قبل إنهاء عقده الذي كان على وشك الحدوث نظراً للصعوبات الاقتصادية التي كانت تواجه صاحب العمل وإخباره عماله بأنه على وشك اتخاذ إجراءات الإنهاء الجماعي، فإن الاستقالة تعتبر من قبيل الإنهاء الجماعي وتخضع لأحكامه ويستحق العامل الحقوق التي تتقرر في هذه الحالة . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 798 )