( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 )
انقضاء علاقة العمل
يستقي المشروع أحكامه الخاصة بانقضاء علاقة العمل من أحكام كل من القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم وتوصيات منظمة العمل الدولية .
فتنص المادة (104) على أنه إذا كان عقد العمل محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته على أنه إذا أبرم العقد لمدة أكثر من خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، ومدة الخمس سنوات المذكورة مستقاة من المادة ( 678 / 2) من القانون المدني مع ملاحظة أن المشروع يعطي للعامل الحق في أن ينهي العقد وأن يوجه إخطار الإنهاء اعتباراً من أول الشهر العاشر في السنة الخامسة بحيث يجوز له أن يترك العمل في اليوم التالي لانقضاء السنوات الخمس. والهدف من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بتحسين ظروف حياته، مع الحفاظ على مقتضيات استقرار علاقات العمل باشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود محددة المدة، ومعنى ذلك أن إنهاء العقد بمضي خمس سنوات هو رخصة يستخدمها العامل إن شاء وإن عزف عنها استمر في تنفيذ العقد على أن يظل في إمكانه إنهاؤه في أي وقت بشرط مراعاة المدة المحددة .
وتنظم المواد (105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109) على التوالي حالات انقضاء مدة العقد وجواز تجديده باتفاق الطرفين وحكم انتهاء العقد المبرم لعمل معين ، وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : إذا استمر طرفا العقد في تنفيذه بعد انقضاء مدته المحددة اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة مع عدم سريان ذلك الحكم على عقود عمل الأجانب (المادة 105)، ويطابق هذا الحكم حكم المادة (679) من القانون المدني والمادة (71 / 1) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والمادة (72 / 1) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والمادة (3) من توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982م .
ثانياً : يجوز لطرفي العقد بعد انتهاء مدته أن يجدداه باتفاق جديد لمدة أو لمدد أخرى فإذا زادت مدد العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات جاز للعامل إنهاءه وفقاً لأحكام المادة (104).
ثالثاً : ينظم المشروع حالة انتهاء عقد العمل المبرم لإنجاز عمل معين بحيث لا يجوز للعامل أن يطلب إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز العمل (المادة 107). فإذا انتهى هذا العقد واستمر طرفاه في تنفيذه بعد إنجاز العمل اعتبر ذلك تجديداً منهما للعقد لمدة غير محددة (المادة 108) .
رابعاً : تنص المادة (109) على أنه في حالة انتهاء عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفي العمل أو لأعمال أخرى مماثلة على أنه إذا وزادت مدة إنجاز العمل الأصلي والأعمال التي جدد لها العقد على خمس سنوات فلا يجوز للعامل في هذه الحالة إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال .
خامساً : وفيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير محدد المدة تنص المادة (110) على أنه في حالة ما إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف على النحو الوارد بالفقرتين الثانية والثالثة، وكل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (200)، ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة ( 694 / 2) من القانون المدني والمادة (72 / 1) من القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغي كما يتفق مع نص المادة (27) من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 م .
سادساً : تنص المادة (111) على وجوب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل المتصلة لدى ذات صاحب العمل عشرة سنوات ، وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات والغاية من ذلك إتاحة مهلة أطول لصاحب العمل كلما ازدادت مدة خدمة العامل لديه لتدبير أمره ولتوفير البديل المناسب ، فإذا كان الإنتهاء من صاحب العمل، فإنه يحق للعامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة أطول للبحث عن عمل آخر مناسب .
وتنظم المواد (112 ، 113، 114، 115) عملية الإخطار على نحو جدید ؛ أبرز ملامحه ما يأتي :
أولاً : تحظر المادة (113) تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ على أن يبدأ سريان الإخطار من تاريخ تسلمه واحتساب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
ثانياً : لا تجيز المادة (113) توجيه الإخطار للعامل خلال فترة إجازته مع عدم احتساب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة ووقف سريان مهلة الإخطار خلال إجازة العامل المرضية وبدء سريانها من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة ، وبذلك يظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (مادة 114) .
ثالثاً : وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء لا تجيز المادة (115) اتفاق طرفي العقد على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، وتجيز الإتفاق على زيادة هذه المدة، کما تجيز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة قيام العامل بإنهاء عقد العمل من جانبه .
رابعاً : مراعاة لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود تستحدث المادة (116) حكماً يعطي للعامل الحق في التغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات خلال الأسبوع للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره کاملاً عن مدة الغياب وذلك في حالة ما إذا كان الإخطار بالإنتهاء من جانب صاحب العمل ، وبحيث يكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل .
خامساً : تجيز المادة (117) لصاحب العمل إعفاء العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع اعتبار مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة وما يترتب على ذلك من آثار ومنها استحقاق العامل عن أجره طوال مدة الإخطار .
سادساً : تنص المادة (18) على أنه في حالة قيام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل دون إخطار العامل أو قبل انقضاء مهلة الإخطار يلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو ما تبقى منها، وعلى أن تحسب المدة في هذه الحالة أو الجزء المتبقي منها ضمن مدة خدمة العامل مع تحمل صاحب العمل بكافة الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك وهو ما يعد بمثابة تعویض للعامل عن إخلال صاحب العمل بالتزاماته فإذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت ترکه الفعلي للعمل وإعمالاً للقواعد العامة فإنه يحق لصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يطلب تعويضاً عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم مراعاة العامل لمهلة الإخطار .
سابعاً : تستحدث المادة (119) حکماً يقضي بعدم الاعتداد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، ويعطى للعامل المستقبل الحق أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره لصاحب العمل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .
وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً واعياً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استشارته ، مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاریخ موافقة صاحب العمل .
ونزولاً على توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 م تحرص المادة (120) على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعد مبررة كافية لإنهاء علاقة العمل ، وهي :
1 - انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في غير ساعات العمل ، أو أثنائها .
2- السعي إلى تمثيل العمل أو ممارسة أو سبق ممارسة هذا الحق .
3- تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو اللوائح، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة .
4- اللون ، أو الجنس ، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية ، أو الحمل ، أو الدين ، أو الرأي السياسي ، أو الأصل الإجتماعي .
5- توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل ، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .
6- استخدام العامل لحقه في الإجازات .
وتستحدث المادة (121) جواز قيام العامل بإنهاء عقد العمل إذا أخل صاحب العمل بأي من الإلتزامات الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة وكذا في حالة ما إذا وقع على العامل أو أي من ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من ممثليه وقد استقى هذا الحكم من حكم المادة (696) من القانون المدني وتطبيقاً للقواعد العامة إنه إذا أنهي أي من الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاني التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء ، وإذا كان الإنهاء دون مبرر صادراً من جانب صاحب العمل فلا يقل التعويض المستحق للعامل في هذه الحالة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة التي قضاها في خدمته (المادة 122) .
كما ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكماً .
ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لإعتبارات تتعلق بشخصه أو بنشاطه الذي انقطع بوفاته (المادة 123) .
وتورد المادة (124) حالة أخرى من حالات إنهاء عقد العمل تتعلق بعجز العامل عن أداء عمله عجزاً كلياً أياً كان سببه ، ولا تجيز إنهاء العقد في حالة العجز الجزئي للعامل إلا إذا ثبت عدم وجود عمل آخر لدى ذات صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرضي ويكون إثبات وجود أو انتفاء العمل الآخر وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي فإذا ثبت وجود هذا العمل وجب على صاحب العمل وبطلب من العامل أن ينقله إليه وأن يؤدي إليه الأجر الذي يؤدي عادة لمن يقوم بمثل هذا العمل دون اشتراط أن يكون هذا الأجر مساوياً لأجره الذي كان يتقاضاه قبل الإصابة أو العجز، ذلك أن العامل سيحصل في هذه الحالة - علاوة على أجره المستحق عن عمله الجديد - على تعويض العجز الذي يثبت له بموجب أحكام قانون التأمين الإجتماعي .
وتقرر المادة (125) عدم جواز تحديد سن للتقاعد يقل عن ستين سنة ويجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل إذا بلغ سن الستين ، ما لم يكن العقد محدد المدة ، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الستين ، ففي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإنقضاء مدته ، وهذا الحكم يتفق مع ما تقرره القواعد العامة من عدم انتهاء العقد محدد المدة إلا بإنقضاء مدته .
وفي جميع الأحوال يجب عدم الإخلال بأحكام التأمين الإجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش وبحق العامل في الاستمرار بالعمل بعد بلوغه هذا السن استكمالاً للمدة الموجبة لإستحقاق المعاش .
ويأخذ المشروع في المادة (126) بحكم المادة (75) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والذي يقرر استحقاق العامل مكافأة عن مدة عمله بعد سن الستين بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية لها ، وذلك إذا لم تكن له حقوق عن هذه المدة وفقاً لأحكام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة المنصوص عليها في قوانين التأمين الإجتماعي وقد أطلق المشروع مدة استحقاق تلك المكافأة بعد بلوغ سن الستين ، بحيث لا يقتصر الإستحقاق على السنوات العشر التالية ، بل تمتد لكامل المدة أياً كانت .
وتستحق تلك المكافأة عن سنوات الخدمة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشر وذلك للمتدرج والعامل عند بلوغ هذا السن وتحسب المكافأة على أساس آخر ما كان يتقاضاه .
وتحظر المادة (127) على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل، وتستثنى من ذلك حالة استنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى استنفاذ متجمد إجازاته السنوية المستحقة له على أن يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة بأن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاذ إجازاته المشار إليها ، ولا يحق لصاحب العمل إنهاء العقد إذا ما شفي العامل قبل تمام الإخطار .
وتمكيناً للمرأة العاملة من رعاية الأسرة تجيز لها المادة (138) إنهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة لأي من الأسباب الواردة بالمادة كالزواج أو الحمل أو الإنجاب مع استحقاقها جميع الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام القانون وأحكام قانون التأمين الإجتماعي على أن تخطر صاحب العمل كتابة برغبتها في الإنهاء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو ثبوت الحمل أو من تاريخ الوضع على حسب الأحوال .
کما تجيز المادة (129) لصاحب العمل إنهاء العقد أياً كان نوعه إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ، ولا يتقيد صاحب العمل في استعمال هذا الحق بإتباع إجراءات خاصة ، إذ لا يعد هذا الإنهاء ممارسة لسلطته التأديبية ، كما لا يشترط أن تكون للجريمة صلة بالعمل .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
قررت المادة 121 من المشروع أنه يجوز للعامل إنهاء العقد إذا أخل صاحب العمل بالتزام من التزاماته الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة أو إذا وقع على العامل أو أحد ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله .
ويعتبر الإنهاء في هذه الحالة إنهاء العقد من جانب صاحب العمل دون مبرر مشروع ، وحكم هذه المادة مستمد من القواعد العامة وعلى الأخص المادة 691/ 1 مدني .
1- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة أصدرت قرارها بفصل المطعون ضده لإخلاله بالالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد العمل بأن وجدت عجزاً بعهدته بفرع جملة إمبابة بالجرد الحاصل بتاريخ 14 / 11 / 1998 مقداره 1801660 جنيه علاوة على مخالفته تعليمات المنشور الدورى رقم 5 لسنة 1997 وذلك بصرف بضاعة لتجار الائتمان زيادة عن الائتمان المتعاقد عليه بلغت قيمتها مبلغ 750ر582364 جنيه لم يتم سداده وأن المطعون ضده أقر بصحة ما نُسب إليه مما أدى إلى الريبة في أمانته وفقد الثقة فيه ، وكانت الثقة في العامل غير قابلة للتجزئة فإذا ما فقد صاحب العمل الثقة في العامل في إحدى الوظائف ، فإنه يفقدها في أى وظيفة أخرى مما يسوغ معه للطاعنة فصل المطعون ضده بالاستناد إلى نص الفقرة الخامسة من المادة 61 من قانون العمل سالف الذكر ، وإذ انتهى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أن فصل المطعون ضده جاء مشوباً بالتعسف بمقولة إنه كان يتعين على الطاعنة وقفه عن العمل لحين تحديد موقفه من البلاغ الذى قدمته الطاعنة لنيابة الأموال العامة إعمالاً لنص المادة 67 من قانون العمل والمادتين 97 ، 98 من لائحة الشركة ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
( الطعن رقم 1818 لسنة 73 ق - جلسة 17/ 4/ 2005 )
2- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ( أن مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابة العامل قد نشأت عنخطأ شخصى من جانب صاحب العمل يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض وهو ما لا محل معه لتطبيق أحكام المسئولية المفترضة لحارس البناء الواردة بنص المادة ١٧٧ من القانون المدنى ) وأقام قضاءه بالتعويض ( لصالح المطعون ضدها عن موت مورثها العامل ) على افتراض الخطأ من جانب الطاعنة بالتطبيق لأحكام مسئولية حارس البناء المنصوص عليها في المادة ١٧٧ من القانون المدنى مع أن الخطأ في حقها واجب الإثبات فإنه يكون قد خالف القانون .
( طعن 4303 لسنة 72 ق - جلسة 22/ 6/ 2003 )
وفقاً لهذا النص يحق للعامل إنهاء العقد من جانبه في الحالات الآتية :
1- إذا أخل صاحب العمل بالتزام من التزاماته الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي و لائحة النظام الأساسي للمنشأة .
2- إذا وقع على العامل أو أحد ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله .
ويعتبر الإنهاء في هذه الحالات إنهاء للعقد من جانب صاحب العمل بغير مبرر مشروع يخضع للأحكام الواردة في نص المادة (122) . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 356 )
شرح وتعليق :
هذا النص ترديد للقواعد التي تقضي بأنه إذا كان صاحب العمل قد دفع العامل بتصرفاته وعلى الأخص بمعاملته الجائرة أو مخالفته شروط العقد إلى أن يكون هو في الظاهر الذي أنهى العقد (مادة 696 مدني) فعلى الرغم من أن العامل في هذه الأحوال هو الذي ينهي العقد إلا أن هذا الإنهاء اعتبرته المادة 121 من قبيل الإنهاء بغير مبرر مشروع من جانب رب العمل لا العامل ذلك أن رب العمل هو الذي خالف الإلتزامات الجوهرية أو خرج على شروط العقد الفردي أو الجماعي أو لائحة العمل بالمنشأة وهي أحوال أيضاً وردت علی سبيل المثال وليس على سبيل الحصر حيث أن الإلتزمات الجوهرية متعددة وقد سبقت الإشارة إلى بعض الأمثلة لها وبدليل أن النص لم يورد عقاباً جنائياً على مخالفته . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني ، صفحة : 468 )
الاعتداء على العامل أو أحد ذويه :
- تنص المادة 121 من قانون العمل أن للعامل إنهاء العقد إذا وقع على العامل أو أحد ذويه اعتداء من صاحب العمل أو ممن يمثله .
المعتدي في هذه المادة هو صاحب العمل أو من يمثله مثل مدير المشروع أو غيره، ولكن يجب أن يصدر الاعتداء منه بصفته ممثلاً لصاحب العمل أما لو كانت هناك ضغائن شخصية بين العامل وممثل صاحب العمل فالاعتداء يصدر منه بشخصه وليس بصفته. أما إذا اختلطت الصفه الشخصية والصفة التمثيلية كانت الغلبة للأخيرة .
أما المعتدى عليه فهو العامل أو ذويه. ولم يحدد القانون المقصود بذويه ، هل هم أقاربه والى أي درجة ، أو من يعيشون معه معيشة مشتركة من أقاربه. ونرى أن عبارة ذويه تشير إلى الأقارب. أما تحديدهم فهو يرتبط بفكرة الاعتداء، فمن يكون الاعتداء عليه ماساً بالعامل بحيث يعتبر أن أهانه قد وجهت إليه من خلال الاعتداء على هؤلاء الأشخاص فإنهم يعتبرون من ذويه .
أما المقصود بالاعتداء هو الاعتداء المادي أو المعنوي .
وفيما يتعلق بمكان الاعتداء فلا يلزم أن يكون في مكان العمل فالعبرة بالاعتداء الذي من شأنه أن يعتبر اهانة ومساساً بكرامة العامل بصرف النظر عن مكان الاعتداء .
رفض إعادة العامل الموقوف احتياطياً إلى العمل بالرغم من براءته أو عدم تقديمه للمحاكمة .
تقرر المادة 3/67 من قانون العمل أنه بالنسبة للعامل الموقوف احتياطياً إذا رأت السلطة المختصة عدم تقديم العامل للمحاكمة أو قضى ببراءته وجب إعادته إلى عمله وإلا اعتبر عدم إعادته فصلاً تعسفياً. فالمشرع يقيم قرينة بسيطة مؤداها أن رفض صاحب العمل إعادة العامل إلى العمل في هذه الحالة ينطوي على إنهاء تعسفي للعقد، ولا يجوز لصاحب العمل أن يشترط لإعادة العامل إلى العمل تقديم صورة رسمية من الحكم القاضي بالبراءة لأن هذا الشرط لا سند له من القانون .
ولقد قررت محكمة النقض أن المادة 67 أنشأت للعامل الموقوف مركزاً قانونياً خاصاً يفترض التعسف في صاحب العمل إن هو رفض إعادته إلى عمله، ولكن لا يتعارض هذا المركز الخاص مع الحق المقرر لصاحب العمل في إنهاء عقد العامل إذا توافر المبرر المشروع لهذا الإنهاء على أن يتحمل صاحب العمل عبء إثبات توافر المبرر، لأنه هو الذي يدعي خلاف الثابت حكماً. فإذا كان العامل قد اختلس مبلغاً ثم إعادة بعد بدء التحقيق فإن هذه الأفعال بلا جدال تفقد الثقة في العامل وتبرر إنهاء عقده حتى ولو لم تحله النيابة إلى المحاكمة .
رفض العامل للجزاء التأديبي والإنهاء التعسفي :
يجوز لصاحب العمل بمقتضى ما له من سلطة تأديبية أن يوقع بإرادته المنفردة جزاءات تأديبية، وقد يترتب على توقيع الجزاء تعديل لعقد العمل بالإرادة المنفردة لصاحب العمل .
فهل يجوز للعامل أن يرفض الجزاء التأديبي على سند من أن ذلك ينطوي على تعديل جوهرى للعقد وإعمالاً لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز تعديل العقد إلا بإرادة طرفيه وليس بالإرادة المنفردة لصاحب العمل .
والجزاء التأديبي الذي يثير هذه المشكلة يتمثل فيما ورد في المادة 60/ 7 من قانون العمل ، من أنه يجوز لصاحب العمل بما له من سلطة التأديب الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع احتفاظ العامل بحقوقه المالية ، فإذا وقع صاحب العمل جزاء خفض وظيفة العامل من مدير فندق مثلاً إلى مدير الإستقبال ، فما هو أثر رفض العامل لهذا الجزاء .
والمشكلة توضع في إطار العلاقة بين السلطة التأديبية والشروط العقدية ، فهل يمكن للسلطة التأديبية أن تؤدي من خلال الجزاء إلى تعديل لشروط العقد ، أما أن السلطة التأديبية تقف عند أعتاب الشروط العقدية ، فإن رفض العامل الجزاء التأديبي بحجة أنه يمس بشروط جوهري في العقد ، فما أثر ذلك على العلاقة العقدية؟
يتنازع هذه المسألة اتجاهان ، الإتجاه الأول يعطى السلطة التأديبية الأولوية على شريعة العقد ، وثانيهما يعطى الغلبة لشريعة العقد والقوة الملزمة للعقد .
وهذا الخلاف - كما سنوضح - لا يخل بأن العقد ينقضى إذا رفض العامل الجزاء التأديبي المشروع ، ولكن الخلاف يتعلق بصورة الإنقضاء وأثر ذلك على حقوق الطرفين .
وفي إطار ترجيح إعمال السلطة التأديبية ذهب اتجاه إلى أن رفض العامل للجزاء التأديبي يعتبر استقالة من العامل فالإنهاء يتخذ صورة الإستقالة ، ويترتب على ذلك عدم استحقاق العامل لأي حقوق ترتب على الإنهاء ويعترض على ذلك بأنه يصعب استخلاص الإستقالة من مجرد رفض العامل للجزاء التأديبي ، فالإستقالة يجب أن تكون واضحة لا غموض فيها .
وأن لم يكن رفض الجزاء استقالة فلا مفر من أن ذلك يخول صاحب العمل حق إنهاء العقد بالإرادة المنفردة ، وفي هذه الحالة يعتبر الإنهاء مشروعاً لأن رفض العامل للجزاء يعتبر خطأ جسيماً يبرر الإنهاء فالعامل يخل بالتزامه بإحترام صاحب العمل وما خوله له القانون من سلطة التأديب وحيث صدر الجزاء مشروعاً وصحيحاً طبقاً لصحيح القانون .
ولكن اعتبار رفض العامل للجزاء التأديبي خطأ جسيماً بالضرورة ينطوي على تشدد تجاه العامل ، ولهذا فضل بعض القضاء الفرنسي ضرورة اللجوء إلى تقدير القاضي لكل حالة على حدة يتبين ما إذا كان رفض العامل خطأ جسيماً من عدمه ، فإن لم يكن خطأ العامل خطأ جسيماً فإنه يستحق التعويض .
ويلاحظ أن سلطة صاحب العمل في الإنهاء لا يستنفذها الجزاء التأديبي ، فرفض العامل الجزاء التأديبي يخول صاحب العمل اللجوء إلى الإنهاء جزاء عدم احترام السلطة التأديبية .
أما الاتجاه الثاني فهو يغلب العقد على السلطة التأديبية .
من حق العامل أن يرفض الجزاء التأديبي الذي من شأنه أن يحدث تعديلاً جوهرياً في عقد العمل ، مثل تخفيض وظيفة العامل من مدير فندق إلى موظف بالإستقبال فالرفض لا يمكن أن يعتبر خطأ من جانب العامل فالعامل له حق الإعتراض ومقاومة الجزاء الذي يعدل في الرابطة العقدية دون قبوله فتعديل العقد لا يجب أن يخضع لنوع من الإزدواجية بحيث يعدل تارة بالإتفاق ، وتارة عن طريق الجزاء التأديبي ، بل يجب أن يخضع التعديل لنظام العقدي دون النظام التأديبي ، فلا يجوز أن يكون الجزاء التأديبي ستاراً لتعديل العقد تعديلاً جوهرياً .
ونرى أن تعديل العقد بموجب الجزاء التأديبي يتفق مع القواعد العامة في العقد فالعقد لا يجوز تعديله إلا باتفاق طرفيه أو وفقاً للقانون ولما كان المشرع قد نظم الجزاءات التأديبية في صلب قانون العمل وجاء من بينها تخفيض الدرجة الوظيفية ، فإن هذا الجزاء يعدل العقد بموجب القانون وعلى هذا نرى أن رفض العامل للجزاء التأديبي المشروع يعتبر خطأ جسيماً من جانبه يبرر إنهاء صاحب العمل للعقد .
ولقد انحازت محكمة النقض إلى الرأي الثاني ، ولكنها استوجبت التحقيق في صحة الباعث وأن يكون صادراً لصالح العمل ، وإلا تكون السلطة التأديبية ساترة لجزاء تأدیبی .
فقضت بأنه إذا فصل صاحب العمل العامل لعدم شغله الوظيفة المنقول إليها لإختلافها اختلافاً جوهرياً عن عمله الأصلى (من كاتب حسابات إلى عامل نظافة) ولم يثبت صاحب العمل قيام حالة الضرورة أو القوة القاهرة التي تسوغ له نقل العامل إلى وظيفة أقل ميزة أو ملاعمة حال أنه المكلف بعبء الإثبات ، فإن الفصل يكون تعسفياً فإن كان لصاحب العمل السلطة في تنظيم منشآته أو إعادة تنظيمها فيكون له نقل العامل إلى وظيفة أخرى ، إلا أن ذلك مشروط أن يكون الباعث على النقل هو صالح العمل وأن يكون النقل إلى وظيفة مماثلة من حيث الدرجة والمرتب ، ولقد أثبت الحكم أن صاحب العمل قد فشل في إثبات ما يدعيه من أن العرف الفندقي يسمح باستخدام العامل في كافة الوظائف .
وقضت محكمة النقض بأن نقل العامل من وظيفة مدير علاقات عامة بالفندق إلى قسم النادي الصحي إذا لم يكن لمصلحة العمل ودواعيه وإنما كان جزاء تأديبياً لتقديم شكوى ضد مدير قسم الكازينو ، فيجب على القاضي التحقق من صحة ذلك ولا يجوز له رفض دعوى العامل لمجرد أن من حق صاحب العمل تنظيم منشأته وتكليف العامل بعمل غير المتفق عليه وإلا كان حكمه مشوباً بالقصور في التسبيب .
وبناء عليه فإن المادة 76 من قانون العمل لا تلزم العامل إلا بتنفيذ العمل المتفق عليه بعقد العمل ولا يجوز لصاحب العمل تكليف العامل بغير عمله إلا في حالتين : الأولى هي حالة الضرورة أو القوة القاهرة، فإذا زالت حالة الضرورة تعين على صاحب العمل إعادته إلى عمله الأصلي. والحالة الثانية أن يكون النقل إلى العمل الآخر بسبب مصلحة العمل وليس ساتراً لجزاء تأديبي وألا يمس حقوق العامل المادية، فإذا كان قرار النقل صارداً في غير الحالتين السابقتين ولغير مصلحة العمل ودواعيه ماساً بحقوق العامل المادية وساتراً لجزاء تأديبي كان باطلاً . (شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 806 )