( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال ، مطبعة علاء الدين ، طبعة : 2009 )
انقضاء علاقة العمل :
يستقي المشروع أحكامه الخاصة بانقضاء علاقة العمل من أحكام كل من القانون المدني وقانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والقانون رقم 137 لسنة 1981 القائم وتوصيات منظمة العمل الدولية .
فتنص المادة (104) على أنه إذا كان عقد العمل محدد المدة انتهى من تلقاء نفسه بانقضاء مدته على أنه إذا أبرم العقد لمدة أكثر من خمس سنوات جاز للعامل أن ينهي العقد دون تعويض عند انقضاء خمس سنوات بعد إخطار صاحب العمل قبل الإنهاء بثلاثة أشهر، ومدة الخمس سنوات المذكورة مستقاة من المادة ( 678 / 2) من القانون المدني مع ملاحظة أن المشروع يعطي للعامل الحق في أن ينهي العقد وأن يوجه إخطار الإنهاء اعتباراً من أول الشهر العاشر في السنة الخامسة بحيث يجوز له أن يترك العمل في اليوم التالي لانقضاء السنوات الخمس. والهدف من ذلك إتاحة الفرصة للعامل للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بتحسين ظروف حياته، مع الحفاظ على مقتضيات استقرار علاقات العمل باشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود محددة المدة، ومعنى ذلك أن إنهاء العقد بمضي خمس سنوات هو رخصة يستخدمها العامل إن شاء وإن عزف عنها استمر في تنفيذ العقد على أن يظل في إمكانه إنهاؤه في أي وقت بشرط مراعاة المدة المحددة .
وتنظم المواد (105 ، 106 ، 107 ، 108 ، 109) على التوالي حالات انقضاء مدة العقد وجواز تجديده باتفاق الطرفين وحكم انتهاء العقد المبرم لعمل معين، وذلك على التفصيل التالي :
أولاً : إذا استمر طرفا العقد في تنفيذه بعد انقضاء مدته المحددة اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة غير محددة مع عدم سريان ذلك الحكم على عقود عمل الأجانب
(المادة 105)، ويطابق هذا الحكم حكم المادة (679) من القانون المدني والمادة (71 / 1) من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 الملغي والمادة (72 / 1) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والمادة (3) من توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982م .
ثانياً : يجوز لطرفي العقد بعد انتهاء مدته أن يجدداه باتفاق جديد لمدة أو المدد أخرى فإذا زادت مدد العقد الأصلية والمجددة على خمس سنوات جاز للعامل إنهاءه وفقاً لأحكام المادة (104) .
ثالثاً : ينظم المشروع حالة انتهاء عقد العمل المبرم لإنجاز عمل معين بحيث لا يجوز للعامل أن يطلب إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز العمل (المادة 107). فإذا انتهى هذا العقد واستمر طرفاه في تنفيذه بعد إنجاز العمل اعتبر ذلك تجديداً منهما للعقد لمدة غير محددة (المادة 108) .
رابعاً : تنص المادة (109) على أنه في حالة انتهاء عقد العمل المبرم لعمل معين بإنجازه جاز تجديده باتفاق صريح بين طرفي العمل أو لأعمال أخرى مماثلة على أنه إذا وزادت مدة إنجاز العمل الأصلي والأعمال التي جدد لها العقد على خمس سنوات فلا يجوز للعامل في هذه الحالة إنهاء العقد قبل إتمام إنجاز هذه الأعمال .
خامساً : وفيما يتعلق بانتهاء عقد العمل غير محدد المدة تنص المادة (110) على أنه في حالة ما إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاء العقد بشرط إخطار الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء، وأن يستند في ذلك إلى مبرر مشروع وكاف على النحو الوارد بالفقرتين الثانية والثالثة، وكل ذلك مع عدم الإخلال بحكم المادة (200)، ويلاحظ أن هذا الحكم يتفق ونص المادة ( 694 / 2) من القانون المدني والمادة (72 / 1) من القانون رقم 91 لسنة 1959 الملغي كما يتفق مع نص المادة (27) من اتفاقية العمل العربية رقم 6 لسنة 1976 م .
سادساً : تنص المادة (111) على وجوب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة خدمة العامل المتصلة لدى ذات صاحب العمل عشرة سنوات ، وبثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات والغاية من ذلك إتاحة مهلة أطول لصاحب العمل كلما ازدادت مدة خدمة العامل لديه لتدبير أمره ولتوفير البديل المناسب ، فإذا كان الإنتهاء من صاحب العمل، فإنه يحق للعامل الذي قضى في خدمته مدة طويلة أن تتاح له فرصة أطول للبحث عن عمل آخر مناسب .
وتنظم المواد (112 ، 113، 114، 115) عملية الإخطار على نحو جدید ؛ أبرز ملامحه ما يأتي :
أولاً : تحظر المادة (113) تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ على أن يبدأ سريان الإخطار من تاريخ تسلمه واحتساب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
ثانياً : لا تجيز المادة (113) توجيه الإخطار للعامل خلال فترة إجازته مع عدم احتساب مهلة الإخطار إلا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة ووقف سريان مهلة الإخطار خلال إجازة العامل المرضية وبدء سريانها من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة ، وبذلك يظل عقد العمل قائماً طوال مهلة الإخطار ويلتزم طرفاه بتنفيذ جميع الإلتزامات الناشئة عنه وينتهي العقد بانقضاء هذه المهلة (مادة 114) .
ثالثاً : وفقاً لما استقر عليه الفقه والقضاء لا تجيز المادة (115) اتفاق طرفي العقد على الإعفاء من شرط الإخطار أو تخفيض مدته، وتجيز الإتفاق على زيادة هذه المدة، کما تجيز لصاحب العمل إعفاء العامل من مراعاة مهلة الإخطار كلها أو بعضها في حالة قيام العامل بإنهاء عقد العمل من جانبه .
رابعاً : مراعاة لمبدأ حسن النية في تنفيذ العقود تستحدث المادة (116) حكماً يعطي للعامل الحق في التغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات خلال الأسبوع للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره کاملاً عن مدة الغياب وذلك في حالة ما إذا كان الإخطار بالإنتهاء من جانب صاحب العمل ، وبحيث يكون للعامل تحديد يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل .
خامساً : تجيز المادة (117) لصاحب العمل إعفاء العامل من العمل أثناء مهلة الإخطار مع اعتبار مدة خدمة العامل مستمرة إلى حين انتهاء تلك المهلة وما يترتب على ذلك من آثار و منها استحقاق العامل عن أجره طوال مدة الإخطار .
سادساً : تنص المادة (18) على أنه في حالة قيام صاحب العمل بإنهاء عقد العمل دون إخطار العامل أو قبل انقضاء مهلة الإخطار يلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو ما تبقى منها، وعلى أن تحسب المدة في هذه الحالة أو الجزء المتبقي منها ضمن مدة خدمة العامل مع تحمل صاحب العمل بكافة الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك وهو ما يعد بمثابة تعویض للعامل عن إخلال صاحب العمل بالتزاماته فإذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت ترکه الفعلي للعمل وإعمالاً للقواعد العامة فإنه يحق الصاحب العمل في الحالة الأخيرة أن يطلب تعويضا عن الضرر الذي أصابه من جراء عدم مراعاة العامل المهلة الإخطار .
سابعاً : تستحدث المادة (119) حکماً يقضي بعدم الاعتداد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، ويعطى للعامل المستقبل الحق أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره لصاحب العمل ، وفي هذه الحالة تعتبر الإستقالة كأن لم تكن .
وقد قصد من اشتراط أن تكون استقالة العامل مكتوبة وضع قيد شكلي لإثبات هذه الإستقالة حتى لا ينسب للعامل استقالة غير حقيقية كما اشترط للعدول عنها مدة أسبوع للتأكد من أن قرار العامل بإنهاء العقد كان قراراً واعياً لم يصدر عن انفعال وقتي ترتب على استشارته ، مع ملاحظة أن القواعد العامة تقضي بأن الإستقالة لا تنهي العقد بمجرد تقديمها من العامل ولا ترتب آثارها إلا من تاریخ موافقة صاحب العمل .
ونزولاً على توصيات مؤتمر العمل الدولي رقم 166 لسنة 1982 م تحرص المادة (120) على إيراد بعض الأمثلة التي لا تعد مبررة كافية لإنهاء علاقة العمل ، وهي :
1 - انتساب العامل إلى منظمة نقابية أو مشاركته في نشاط نقابي في غير ساعات العمل ، أو أثنائها .
2- السعي إلى تمثيل العمل أو ممارسة أو سبق ممارسة هذا الحق .
3- تقديم شكوى أو إقامة دعوى ضد صاحب العمل أو المشاركة في ذلك تظل من إخلال بالقوانين أو اللوائح، أو تقديم طعن أو تظلم إلى السلطات المختصة .
4- اللون، أو الجنس، أو الحالة الإجتماعية ، أو المسئوليات العائلية ، أو الحمل ، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الأصل الإجتماعي .
5- توقيع الحجز على مستحقات العامل تحت يد صاحب العمل، أو وجود ديون التزم بها العامل للغير .
6- استخدام العامل لحقه في الإجازات .
وتستحدث المادة (121) جواز قيام العامل بإنهاء عقد العمل إذا أخل صاحب العمل بأي من الإلتزامات الجوهرية الناشئة عن القانون أو عقد العمل الفردي أو الجماعي أو لائحة النظام الأساسي للمنشأة وكذا في حالة ما إذا وقع على العامل أو أي من ذويه اعتداء من صاحب العمل أو من ممثليه وقد استقى هذا الحكم من حكم المادة (696) من القانون المدني وتطبيقاً للقواعد العامة إنه إذا أنهي أي من الطرفين العقد دون مبرر مشروع وكاني التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه من جراء هذا الإنهاء ، وإذا كان الإنهاء دون مبرر صادرة من جانب صاحب العمل فلا يقل التعويض المستحق للعامل في هذه الحالة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة التي قضاها في خدمته (المادة 122) .
كما ينتهي عقد العمل بوفاة العامل حقيقة أو حكماً .
ولا ينتهي عقد العمل بوفاة صاحب العمل إلا إذا كان قد أبرم لإعتبارات تتعلق بشخصه أو بنشاطه الذي انقطع بوفاته (المادة 123) .
وتورد المادة (124) حالة أخرى من حالات إنهاء عقد العمل تتعلق بعجز العامل عن أداء عمله عجزاً كلياً أياً كان سببه ، ولا تجيز إنهاء العقد في حالة العجز الجزئي للعامل إلا إذا ثبت عدم وجود عمل آخر لدى ذات صاحب العمل يستطيع العامل أن يقوم به على وجه مرضي ويكون إثبات وجود أو انتفاء العمل الآخر وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي فإذا ثبت وجود هذا العمل وجب على صاحب العمل وبطلب من العامل أن ينقله إليه وأن يؤدي إليه الأجر الذي يؤدي عادة لمن يقوم بمثل هذا العمل دون اشتراط أن يكون هذا الأجر مساوياً لأجره الذي كان يتقاضاه قبل الإصابة أو العجز، ذلك أن العامل سيحصل في هذه الحالة - علاوة على أجره المستحق عن عمله الجديد - على تعويض العجز الذي يثبت له بموجب أحكام قانون التأمين الإجتماعي .
وتقرر المادة (125) عدم جواز تحديد سن للتقاعد يقل عن ستين سنة ويجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العامل إذا بلغ سن الستين ، ما لم يكن العقد محدد المدة ، وكانت مدته تمتد إلى ما بعد بلوغه سن الستين ، ففي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإنقضاء مدته ، وهذا الحكم يتفق مع ما تقرره القواعد العامة من عدم انتهاء العقد محدد المدة إلا بإنقضاء مدته .
وفي جميع الأحوال يجب عدم الإخلال بأحكام التأمين الإجتماعي فيما يتعلق بسن استحقاق المعاش وبحق العامل في الاستمرار بالعمل بعد بلوغه هذا السن استكمالاً للمدة الموجبة لإستحقاق المعاش .
ويأخذ المشروع في المادة (126) بحكم المادة (75) من القانون رقم 137 لسنة 1981 القائم والذي يقرر استحقاق العامل مكافأة عن مدة عمله بعد سن الستين بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية لها ، وذلك إذا لم تكن له حقوق عن هذه المدة وفقاً لأحكام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة المنصوص عليها في قوانين التأمين الإجتماعي وقد أطلق المشروع مدة استحقاق تلك المكافأة بعد بلوغ سن الستين ، بحيث لا يقتصر الإستحقاق على السنوات العشر التالية ، بل تمتد لكامل المدة أياً كانت .
وتستحق تلك المكافأة عن سنوات الخدمة السابقة على بلوغ سن الثامنة عشر وذلك للمتدرج والعامل عند بلوغ هذا السن وتحسب المكافأة على أساس آخر ما كان يتقاضاه .
وتحظر المادة (127) على صاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل، وتستثنى من ذلك حالة استنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى استنفاذ متجمد إجازاته السنوية المستحقة له على أن يلتزم صاحب العمل في هذه الحالة بأن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوما من تاريخ استنفاذ إجازاته المشار إليها ، ولا يحق لصاحب العمل إنهاء العقد إذا ما شفي العامل قبل تمام الإخطار .
وتمكيناً للمرأة العاملة من رعاية الأسرة تجيز لها المادة (138) إنهاء عقد العمل سواء كان محدد المدة أو غير محدد المدة لأي من الأسباب الواردة بالمادة كالزواج أو الحمل أو الإنجاب مع استحقاقها جميع الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام القانون وأحكام قانون التأمين الإجتماعي على أن تخطر صاحب العمل كتابة برغبتها في الإنهاء خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو ثبوت الحمل أو من تاريخ الوضع على حسب الأحوال .
کما تجيز المادة (129) لصاحب العمل إنهاء العقد أياً كان نوعه إذا حكم على العامل نهائياً بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة ، ولا يتقيد صاحب العمل في استعمال هذا الحق بإتباع إجراءات خاصة، إذ لا يعد هذا الإنهاء ممارسة لسلطته التأديبية ، كما لا يشترط أن تكون للجريمة صلة بالعمل .
( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن ، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الرابع )
المادة 127 من المشروع تقضي بأنه لا يجوز لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لمرض العامل إلا إذا استنفد العامل الإجازات المرضية وفقاً لما تحدده قوانين التأمين الإجتماعي بالإضافة إلى متجمد إجازاته السنوية المستحقة له وعلى صاحب العمل في هذه الحالة أن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاد العامل لإجازاته .
فإذا لم يتم هذا الإخطار وشفى العامل لا يجوز لصاحب العمل إنهاء العقد لمرض العامل .
والفقرة الأولى تقابل الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 50 من قانون العمل 137 لسنة 1981 .
أما الفقرة الثانية فتتضمن حكماً مستحدثاً مقتضاه ضرورة أن يقوم صاحب العمل بإخطار العامل برغبته في إنهاء العقد قبل خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاد العامل لإجازاته والهدف من ذلك تهيئة العامل لإنتهاء عقده بإستنفاد إجازاته المرضية .
وتبين الفقرة الثالثة جزاء عدم الإخطار ، وهو عدم جواز إنهاء صاحب العمل العقد لمرض العامل .
مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني الجزء الخامس ، الصفحة : 178
مذكرة المشروع التمهيدي :
المادة 967 مستمدة من تقنين الالتزامات السويسري م 335 فقرة 1 و 2 أما المادة 968 فقد استمد المشروع المبادىء الواردة بها من التقنين الإيطالي (م 13 من المرسوم بقانون 13 نوفمبر سنة 1924 المتعلق بالعمل الخاص ) . والحكم الوارد به تقتضيه دواعى العدالة وحماية العامل حتى يضمن ، إذا منعه مرض أو سبب آخر قاهر عن مزاولة عمله ، تعويضاً مناسباً ، وكذلك يطمئن ، في حالة وفاته من كان يعوله ويعتمد عليه في تكسبه من زوج أو فروع أو أصول . والنص يحدد التعويض في هذه الحالات بمقدار التعويض المقرر في حالة الفصل دون إخطار سابق . ولما كان التعويض بحدوده السابقة غير مرهق لرب العمل ، فإن المشروع لم يقصره على حالة الوفاة أو المرض ، بل جعله شاملاً لكل الحالات التي يحول فيها سبب قاهر بين العامل ومزاولة عمله . ثم هو تشجيعاً لأرباب الأعمال على إنشاء صناديق المعاشات ونظام التأمين ضد الحوادث وتخفيفاً عليهم في الوقت نفسه ، يقرر في الفقرة الثالثة أنه يخصم من التعويض كل ماقبضه أو يقبضه العامل من هذه الصناديق أو شركات التأمين .
وفيما يتعلق بالمرض الذي يترتب عليه إنهاء العقد، يجب بداهة أن يكون من الخطورة بحيث يبرر ذلك . فإذا لم يكن كذلك ، فإنه لا يترتب عليه أي أثر في التزامات رب العمل قبل العامل . ومن التقنينات ما يضع حداً معيناً للمرض غير الخطير الذي لا يترتب عليه إنهاء العقد (كالتقنين البلجيكي م 8 من قانون 7 أبريل سنة 1922 الذي يحدده بمدة 30 يوماً ) ، ومنها ما يقرر معیاراً مرناً كالمرض خلال فترة ليست بذات أهمية ( التقنين الألماني م 616 ) ، أو لمدة قصيرة نسبياً ( تقنين الالتزامات السويسري م 335 ) ، أو لمدة قصيرة ( التقنين البولوني م 459) .
أما المشروع فإنه نص على المرض الطويل دون أن يضع حداً معيناً أو يقرر معیاراً ما ، بل ترك القاضى يقدره على حسب ظروف كل حالة . ويتفق ذلك مع مايجري عليه القضاء الدولي ( مجموعة أحكام القضاء الدولي في العمل : 1929 ايطاليا ن 9 -1930 ألمانيا ن 20- 1933 إيطاليا ن 57 - 1934 / 1935 ايطاليا ن 61 - 1935/ 1936 إيطاليا ن 47 و 49 و 52 ) .
1ـ إذ كانت لائحة النظام الأساسى لمكافأة نهاية الخدمة للعاملين بقطاع البترول الصادرة نفاذاً لقرار وزير البترول رقم 401 لسنة 1984 والمعمول بها اعتباراً من 22 / 7 / 1993 قد وضعت نظاماً لمكافأة نهاية الخدمة وأوجبت فى المادة الثانية منها صرف المكافأة عن مدة الخدمة الفعلية المتصلة بواقع أجر خمسة عشر شهراً كحد أقصى من أجر الاشتراك وحددت على سبيل الحصر حالات استحقاقها وهى وفاة العامل أو إحالته إلى المعاش لبلوغه السن القانونى أو إنهاء خدمته بقرار سيادى دون موافقته .
( الطعن رقم 1413 لسنة 71 - جلسة 2003/01/05 - س 54 ع 1 ص 12 ق 20 )
2ـ إذ كانت الفقرة الأولى من المادة 81 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 تنص على أن ينتهى عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأديه عمله ... ... وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بتأمين إصابات العمل " وكان المقصود بالعجز المبرر لإنهاء العقد هو العجز عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة على وجه مرض ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير ، ولا يشترط أن يكون العامل عاجزاً عجزاً كاملاً بل يكفى أن يكون غير قادراً على أداء ذات العمل المتفق عليه ، ولا يلتزم رب العمل بإسناد عمل آخر إليه ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى فى قضائه على أن رفض الطاعنة إسناد عمل خفيف إلى المطعون ضده غير العمل المتفق عليه ، تنفيذاً لتوصية الأطباء يعتبر خطأ تلتزم الطاعنة بالتعويض عما يكون قد نتج عنه من ضرر ، فإنه يكون قد خالف القانون .
( الطعن رقم 812 لسنة 49 - جلسة 1980/03/30 - س 31 ع 1 ص 996 ق 193 )
3ـ تنص الفقرة الأولى من المادة 81 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 سنة 1959 على أن " ينتهى عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله ... وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصة بتأمين إصابات العمل " وكان المقصود بالعجز المبرر لإنهاء العقد هو العجز عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة على وجه مرض ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير ، ولا يشترط أن يكون العامل عاجزاً عجزاً كاملاً بل يكفى أن يكون غير قادر على أداء ذات العمل المتفق عليه ، وإذ كان الحكم المطعون عليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جرى فى قضائه على أن رفض الطاعنة إسناد عمل خفيف نهاراً إلى المطعون ضده الأول غير العمل المتفق عليه تنفيذاً لقرار القومسيون الطبى التابع للمطعون ضدها الثانية يعتبر عملاً جائزاً دفع المطعون ضده الأول إلى الإمتناع عن العمل كلية بما تعتبر معه أنها فصلته فصلاً تعسفياً يستوجب إستحقاقه الحقوق العمالية المطالب بها دون أن يعرض الحكم لما أيدته الطاعنة من دفاع بأن المطعون ضده الأول لم يعد صالحاً للوظيفة التى عين فيها وتضمنها عقد العمل بسبب عجزه عن تأدية وظيفته ، وأنه هو الذى أمتنع عن تنفيذ هذا العقد مخلاً بشروطه ، وهو دفاع جوهرى لو صح لتغير به وجه الرأى فى الدعوى فإنه يكون قد عابه القصور فى التسبيب .
( الطعن رقم 340 لسنة 48 - جلسة 1978/12/10 - س 29 ع 2 ص 1883 ق 363 )
4ـ متى كان الحكم قد إستقام قضائه علىما إستظهره فى أسباب سليمة على أساس المسئولية التقصيرية فإن النعى بإستناده - بصدد إثبات مسئولية رب العمل عن وفاة العامل - إلى المادتين 108 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والخامسة من قرار وزير العمل رقم 48 لسنة 1967 أياً كان وجه الرأى فيهما غير منتج .
( الطعن رقم 262 لسنة 42 - جلسة 1976/06/29- س 27 ع 1 ص 1454 ق 276 )
5ـ أقام القانون المدني فى المادة 174 منه مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع على خطأ مفترض فى جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس ، مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره فى رقابته . وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أحال فى بيان الأخطاء المسندة إلى تابعي الشركة الطاعنة والتي نشأ عنها الحادث - وفاة العامل - إلى تقرير اللجنة الفنية وانتهى فى حدود سلطته فى تقدير الأدلة إلى اعتبارها خطأ جسيماً يجيز الرجوع عليها طبقاً لأحكام القانون المدني ، فإن المجادلة فى مدى نسبة الخطأ إلى تابعي الشركة أو فى تقدير درجته لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً .
( الطعن رقم 252 لسنة 37 - جلسة 1974/12/31 - س 25 ع 1 ص 1519 ق 257 )
6ـ مؤدى نصوص المواد 18 ، 78 ، 34 ، 73 من القانون رقم 92 لسنة 1959 والمادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 التى حلت محل المادة 76 من القانون 92 لسنة 1959 ، أن المشرع ألزم الهيئة العامة للتأمينات الإجتماعية بأداء المعاش الشهرى المنصوص عليه فى المادة 1/34 إلى مستحقيه بعد وفاة العامل وهى لا تلزم بأدائه كاملا إلا إذا كان صاحب العمل قد إشترك عن العامل المتوفى فى هذا التأمين ، فإذا لم يكن قد إشترك فيه ، فإن إلتزام الهيئة بالمعاش يكون على أساس الحد الأدنى للأجور بصريح نص الفقرة الأولى من المادة 79 من القانون المذكور ، وأن المشرع قد حصر إلتزامات صاحب العمل فى الإشتراك عن عماله لدى الهيئة وبأداء هذه الإشتراكات إليها فى مواعيدها . وقد فرض المشرع هذه الإلتزامات على صاحب العمل بإعتبارها أقساط تأمين يدفعها إلى الهيئة العامة للتأمينات الإجتماعية مقابل إلتزامها بترتيب معاش لخلف العامل المتوفى . ولما كان من المقرر أنه ليس للمؤمن أن يرجع على المستأمن بقيمة التأمين الذى يدفعه للمستفيد فإنه لا يكون للهيئة العامة للتأمينات أن ترجع على صاحب العمل بالمعاش أو بقيمته الإستبدالية . ولا يؤثر فى ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 79 من أن للهيئة حق الرجوع على صاحب العمل بجميع ما تكلفته من نفقات وتعويض ، ذلك أن المعاش لا يعد من قبيل النفقة أو التعويض لأن الوفاء به إنما هو تنفيذ لإلتزام قرره القانون .
( الطعن رقم 287 لسنة 34 - جلسة 1969/11/26 - س 20 ع 3 ص 1228 ق 189 )
7ـ ما ورد فى المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 من النص على إنتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرضاً يستوجب إنقطاعه عن العمل مدة معينة ليس إلا بياناً لبعض صور إنتهاء العقد لسبب قهري وحيث يكون إنتهاؤه عرضياً لا عادياً .
( الطعن رقم 483 لسنة 29 - جلسة 1963/11/20 - س 14 ع 3 ص 1056 ق 150 )
8ـ إذا كان الواقع أن مجلس إدارة الجمعية الزراعية المصرية - الطاعنة - إنعقد وصادق على إقتراح بأن يحال على المعاش كل من بلغ سن الستين عاماً ميلادياً من عمال الجمعية وخدمها السايرة ، فتقدمت نقابة مستخدمى وعمال الجمعية المذكورة - المطعون عليها - بشكوى إلى مكتب العمل طالبة إلغاء هذا القرار ، ولما لم يتيسر حل النزاع ودياً أحيل إلى هيئة التحكيم فأصدرت القرار المطعون فيه بقبول طلب النقابة وإلغاء القرار الصادر من مجلس إدارة الجمعية بتحديد سن الستين للإستغناء عن خدمة الموظفين والعمال ، وكان يبين من القرار المطعون فيه أنه أقيم على نظر حاصله أن العقود المبرمة بين الطاعنة وعمالها خالية من نص يحدد موعداً لإنتهائها فلا يحق لها أن تصدر قرار تغير به من هذا الوضع بما يجعل هذه العقود محددة المدة مخالفة بذلك نص المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 ، وبما يترتب على ذلك من الإخلال بحقوق العمال المكتسبة لهم فى أن تظل عقودهم غير محددة المدة ، وبما يتضمنه من فرض شرط جديد فى العقود من أحد طرفيها ، فإن هذا الذى إستند إليه القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون ، ذلك أن ما إتخذته الطاعنة من قرار بتحديد سن الستين لتقاعد مستخدميها وعمالها إنما هو تصرف من صاحب العمل بما له من السلطة المطلقة فى إدارة منشأته وتنظيم العمل فيه على الوجه الذى يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه ، ولما كانت شكوى المطعون عليها من هذا التحديد قد خلى من إسناد سوء القصد لصاحب العمل فى إصدار قراره المذكور . كما أن هيئة التحكيم لم تؤسس نظرها فى الإلغاء على أنه أريد بهذا القرار الإساءة إلى العمال ، فإن سلطة صاحب العمل فى هذا الشأن تعتبر سلطة تقديرية لا معقب عليها ، كما أنه ليس من شأن القرار المذكور أن يحيل عقود العمل من عقود غير محددة المدة إذ لا تزال مكنة إنهاء العقد بإرادة أحد طرفيه قائمة على الرغم من هذا التحديد ، ولا مجال فى هذا الخصوص للتحدى بنص المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 /1952 إذ أن ما ورد بها من النص على إنتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرض إستوجب إنقطاعه عن العمل مدة معينة ، ليس إلا سرداً لبعض صور نهاية العقد غير محدد المدة حيث يكون إنتهاء العقد إنتهاء عرضياً لا إنتهاء عادياً .
( الطعن رقم 332 لسنة 25 - جلسة 1960/03/24 - س 11 ع 1 ص 239 ق 42 )
9ـ المحكمة الجنائية ملزمة بنص المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل فى جميع المسائل المدنية الفرعية التي يتوقف عليها الفصل فى الدعوى الجنائية. وإذن فإذا كانت المحكمة قد قضت ببراءة المتهم وهو مدير شركة من تهمة رفضه وامتناعه عن دفع قيمة التعويض المستحق لعامل يعمل عنده وأصيب أثناء العمل وبسبب تأديته وتخلفت عنده عاهة مستديمة قائلة فى ذلك" إنه لا يكفي اعتقادها بثبوت العاهة للعامل حتى يؤخذ المتهم بتهمة الامتناع عن دفع التعويض بل يجب أن يثبت أولاً مدى هذه العاهة ومقدار التعويض، وأن ثبوت الحق فى التعويض ومقداره ومدى الالتزام به من المسائل التي لا يجوز أن يسبق القضاء الجنائي فيها القضاء المدني ... إلخ." فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون. ذلك بأن القانون رقم 89 لسنة 1950 قد قرر مبدأ التعويض فى حالة وفاة العامل أو ثبوت العاهة أثناء العمل أو بسبب تأديته وبين مقداره وأوجب المطالبة به خلال سنة من ثبوت العاهة أو الوفاة بتقرير طبي وشفع ذلك بوجوب دفع التعويض خلال شهرين من ثبوت الوفاة أو العاهة عند استكمال هذه العناصر، فإن أمتنع المسؤول عن دفعه حق عليه العقاب .
( الطعن رقم 775 لسنة 23 - جلسة 1953/06/01 - س 4 ع 3 ص 899 ق 327 )
10ـ إن المشرع فى القانون رقم 64 سنة 1936 قد حدد التعويض المستحق للعامل تحديداً ثابتاً فى بعض الأحوال ، للعمال الذين يشتغلون تحت التمرين بغير أجر ، ويتراوح فى الأحوال العادية بين حدين أدنى وأعلى بحيث لا يسوغ للقاضى مجاوزة أيهما ، وجعل أساس هذا التحديد أجر العامل ، وذلك فى حالة ما إذا أدت الاصابة إلى وفاة العامل أو سببت له عاهة مستديمة تعجزه عن العمل عجزاً كلياً . أما إذا سببت الاصابة للعامل عاهة مستديمة جزئية فقد فرق القانون بين صورتين الأولى أن تكون العاهة الجزئية مما نص عليه القانون فى الجدول الذى أورده فبين أن التعويض يكون بالنسب التى حددت فى الجدول وذلك من التعويض المستحق فيما لو كانت العاهة قد سببت للعامل عجزاً كلياً . أما فى الصورة الأخرى وهى إذا لم تكن العاهة الجزئية من العاهات المذكورة فى الجدول فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 29 على أن يكون التعويض الذى يلزم به صاحب العمل هو [ بنسبة ما أصاب العامل من العجز فى مقدرته على الكسب ] ، وهو نص يطلق لمحكمة الموضوع سلطة التقدير غير مقيدة إلا بمراعاة نسبة العجز الذى أثرت به العاهة على مقدرة العامل على الكسب وهى مسألة واقعية لم يرد فى القانون رقم 64 لسنة 1936 ما يوجب على القاضى الأخذ فى تحديدها بدليل معين مثل التقرير الطبى وليس ثمة قيد على تقديره سوى ما تمليه البداهة من أن لا يجاوز فيه التعويض عن العاهة الكلية التى تعجز العامل عن العمل عجزاً تاماً .
( الطعن رقم 9 لسنة 20 - جلسة 1952/12/07 - س 3 ع 2 ص 452 ق 77 )
11- إذا كان الواقع أن مجلس إدارة الجمعية الزراعية المصرية - الطاعنة - إنعقد وصادق على إقتراح بأن يحال على المعاش كل من بلغ سن الستين عاماً ميلادياً من عمال الجمعية وخدمها السايرة ، فتقدمت نقابة مستخدمى وعمال الجمعية المذكورة - المطعون عليها - بشكوى إلى مكتب العمل طالبة إلغاء هذا القرار ، ولما لم يتيسر حل النزاع ودياً أحيل إلى هيئة التحكيم فأصدرت القرار المطعون فيه بقبول طلب النقابة وإلغاء القرار الصادر من مجلس إدارة الجمعية بتحديد سن الستين للإستغناء عن خدمة الموظفين والعمال ، وكان يبين من القرار المطعون فيه أنه أقيم على نظر حاصله ان العقود المبرمة بين الطاعنة وعمالها خالية من نص يحدد موعداً لإنتهائها فلا يحق لها أن تصدر قرار تغير به من هذا الوضع بما يجعل هذه العقود محددة المدة مخالفة بذلك نص المادة 45 من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952 ، وبما يترتب على ذلك من الإخلال بحقوق العمال المكتسبة لهم فى أن تظل عقودهم غير محددة المدة ، وبما يتضمنه من فرض شرط جديد فى العقود من أحد طرفيها ، فإن هذا الذى إستند إليه القرار المطعون فيه يكون مخالفاً للقانون ، ذلك أن ما إتخذته الطاعنة من قرار بتحديد سن الستين لتقاعد مستخدميها وعمالها إنما هو تصرف من صاحب العمل بما له من السلطة المطلقة فى إدارة منشأته وتنظيم العمل فيه على الوجه الذى يراه كفيلاً بتحقيق مصالحه ، ولما كانت شكوى المطعون عليها من هذا التحديد قد خلى من إسناد سوء القصد لصاحب العمل فى إصدار قراره المذكور . كما أن هيئة التحكيم لم تؤسس نظرها فى الإلغاء على أنه أريد بهذا القرار الإساءة إلى العمال ، فإن سلطة صاحب العمل فى هذا الشأن تعتبر سلطة تقديرية لا معقب عليها ، كما أنه ليس من شأن القرار المذكور أن يحيل عقود العمل من عقود غير محددة المدة إذ لا تزال مكنة إنهاء العقد بإرادة أحد طرفيه قائمة على الرغم من هذا التحديد ، ولا مجال فى هذا الخصوص للتحدى بنص المادة 45 من المرسوم بقانون رقم 317 /1952 إذ أن ما ورد بها من النص على إنتهاء عقد العمل بوفاة العامل أو بعجزه عن تأدية عمله أو بمرضه مرض إستوجب إنقطاعه عن العمل مدة معينة ، ليس إلا سرداً لبعض صور نهاية العقد غير محدد المدة حيث يكون إنتهاء العقد إنتهاء عرضياً لا إنتهاء عادياً .
( الطعن رقم 332 لسنة 25 - جلسة 1960/03/24 - س 11 ع 1 ص 239 ق 42 )
ملحوظة :صدر القانون رقم 148 لسنة 2019 قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 19 / 8 / 2019 .
يترتب على عقد العمل، التزام العامل بالقيام بالعمل المتفق عليه، ولا يترتب على وفاة العامل إنتقال هذا الإلتزام إلى ورثته وبالتالي امتداد أثر العقد إليهم، حتى لو قبلوا هم ورب العمل ذلك، إذ ينفسخ العقد بقوة القانون بوفاة العامل، فإن استمر أحد ورثته في القيام بذات العمل ووافق رب العمل على ذلك، فلا يعتبر ذلك إمتداداً لعقد عمل الموروث وإنما عقداً جديداً يخضع في مدته والأجر للقواعد المتقدمة .
عدم إنفساخ عقد العمل بوفاة رب العمل :
الأصل أن عقد العمل لا يبرم لإعتبارات خاصة قدرها العامل في رب العمل وإنما بیرم لأداء العمل المتفق عليه لقاء أجر، وبالتالي لا يعتد عند إبرامه بشخص رب العمل، ومفاد ذلك أن عقد العمل لا ينفسخ بوفاة رب العمل، وإنما يستمر مرتباً كافة آثاره بين العامل ومن حل محل رب العمل، ولا يستطيع أي منهما التحلل من إلتزاماته بسبب وفاة رب العمل وإلا تحققت مسئوليته العقدية حسبما يقرره العقد أو القانون .
لكن إذا كان العامل عند إبرامه عقد العمل قد راعی شخص رب العمل، وكان ما توسمه فيه من نواحي خلقية وفنية، هو الباعث إليه للتعاقد معه، فإن وفاته تؤدى إلى تخلف هذا الباعث وبالتالي إلى انفساخ العقد .
واعتبار شخصية رب العمل، هي الباعث على التعاقد من عدمه، من مسائل الواقع التي يستخلصها قاضي الموضوع من الأدلة القائمة في الدعوى دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض طالما كان إستخلاصه سائغاً ومستمدة من الوقائع المطروحة عليه .
الآثار المترتبة على الإنفساخ لوفاة العامل أو مرضه :
يترتب على انفساخ عقد العمل لوفاة العامل أو لمرضه مرضاً طويلاً أو لغير ذلك من الأسباب القهرية التي من شأنها منع العامل من الإستمرار في العمل لبلوغه سن المعاش استحقاقه للمبالغ والمميزات التي تقررها القوانين الخاصة، مثل قوانين ولوائح العمل والتأمينات الإجتماعية التي تقرر الإعلانات المالية والمكافآت والمعاشات عند إنتهاء الخدمة للوفاة أو العجز، ويراعى أن العجز المبرر لإنهاء خدمة العامل، هو العجز عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير متوافرة لدى رب العمل إذ لا يلتزم الأخير قانوناً بإسناد عمل آخر للعامل يتفق وعجزه ، ولا يعتبر رب العمل حينئذ متعسفاً في إستعمال حق إنهاء العقد وبالتالي تنتفي مسئولیته . ( المطول في شرح القانون المدني ، المستشار/ أنور طلبة ، المكتب الجامعي الحديث ، الجزء/ التاسع الصفحة / 610 )
فالقاعدة أنه لا أثر لوفاة صاحب العمل على عقد العمل، فيظل العقد قائماً بين ورثة صاحب العمل وبين العامل، ويرجع ذلك إلى أن تغيير شخصية رب العمل بالوفاة وحلول الورثة محل مورثهم لا يؤثر على وجود الرابطة العقدية الناشئة عن عقد العمل .
أما إذا كان لشخصية رب العمل اعتبار في العقد، انفسخ العقد بوفاة رب العمل. وتكون شخصية رب العمل محل اعتبار في العقد إذا كان العمل الذي يؤديه العامل متصلاً بشخص رب العمل، كما لو كان ممرضاً أو سكرتيرا خاصاً، أو متصلاً بحرفته، كما لو كان العامل ممرضاً لعيادة طبيب أو كاتباً لمحامي أو مساعد لفنان، فإن عقودهم تنتهی لإستحالة استمرارها مع ورثة رب العمل .
يعتبر موت العامل قوة قاهرة ينفسخ بها عقد العمل. وينفسخ عقد العمل بوفاة العامل بقوة القانون أيا كان سبب الوفاة، فلا يلتزم ورثته بالعمل لحساب رب العمل،ولا يحق لهؤلاء الورثة أن يلزموا رب العمل بإحلالهم محل مورثهم، ويرجع ذلك إلى أن أداء العمل يتصل بشخص العامل، وشخصية العامل محل اعتبار دائماً عند التعاقد، إذ لا يستخدم صاحب العمل العامل إلا إذا وثق في كفاءته أو أمانته أو خبرته .
وينتهي عقد العمل من لحظة وفاة العامل بقوة القانون، دون حاجة إلى أن يظهر ورثته أو يظهر رب العمل إرادته في اعتبار العقد منتهياً .
ويسرى ذلك على عقد العمل محدد المدة وعقد العمل غير محدد المدة على السواء. وينبني على ذلك أن تبدأ من تاريخ الوفاة المدة المقررة لتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل طبقاً للمادة 698 مدنى .
وإذا كانت وفاة العامل ناشئاً عن انتحاره فإن العقد يعتبر منتهياً بالوفاة لا بإرادة العامل المنفردة، لأن النص جاء عاماً في أن علاقة العمل تنقضي بالوفاة دون ثمة تفرقة. ويترتب على ذلك ألا يلتزم ورثة العامل بتعويض رب العمل عن مهلة الإخطار وألا يحرم ورثته من الحقوق المقررة له، فالإنتحار وإن كان منافياً للأخلاق والأديان لا ينهض سبباً لحرمان ورثة العامل من حقوق مورثهم .
غير أن المادة لم تنص على انفساخ عقد العمل بالموت الحكمي، والميت حكماً هو المفقود أى الشخص الذي لا تعرف حياته أو مماته .
يفسخ عقد العمل لمرض العامل مرضاً طويلاً إلا أن النص لم يضع حداً معيناً أو يقرر معياراً ما، بل ترك تقدير ذلك لقاضي الموضوع على حسب ظروف كل حالة .
إلا أن المرض الذي يترتب عليه إنهاء العقد، يجب بداهة أن يكون من الخطورة بحيث يبرر ذلك .
ويدخل في السبب القاهر الآخر الذي ذكرته المادة عجز العامل عجزاً كلياً أو جزئياً عن أداء العمل المتفق عليه بصفة دائمة على وجه مرض ولو كان العامل قادراً على أداء أعمال أخرى من نوع مغاير. ولا يلزم صاحب العمل بإسناد عمل آخر إليه .
أوجبت المادة أن يراعى في فسخ العقد لوفاة العامل أو لمرضه مرضاً طويلاً أو لسبب قاهر آخر من شأنه أن يمنع العامل من الإستمرار في العمل للأحكام التي نصت عليها القوانين الخاصة .
وهذا ما يتفق ونص المادة 675 / 1 من التقنين المدني التي تقضي بأن: "لا تسرى الأحكام الواردة في هذا الفصل إلا بالقدر الذي لا تتعارض فيه صراحة أو ضمناً مع التشريعات الخاصة التي تتعلق بالعمل". فضلاً عن أن المقرر أن الخاص يقيد العام .
ومن ثم يجب أن يراعى ما ورد في قانون العمل من أحكام خاصة .
لا ينفسخ عقد العمل في كل الحالات بتجنيد العامل. وإنما قضى القانون رقم 127 لسنة 1980 (المعدل) بإصدار قانون الخدمة العسكرية والوطنية وقف عقد العمل مدة تجنيد العامل بشروط معينة .
إذ نصت المادة 43 من القانون على أن: "يجب على الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام أياً كان عدد العاملين فيها، وكذلك الشركات والجمعيات والمؤسسات الخاصة وأصحاب الأعمال الذين لا يقل عدد العاملين لديهم عن عشرة أن يحتفظوا لمن يجند من العاملين بوظيفته أو لعمله أو بوظيفة أو بعمل مماثل إلى أن ينتهي من أداء الخدمة العسكرية والوطنية ويجوز شغل وظيفة المجند أو عمله بصفة مؤقتة خلال هذه المدة .
ويسرى حكم الفقرة السابقة على العاملين بعقود مؤقتة أو محددة المدة بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة ووحدات القطاع العام وذلك إلى نهاية مدة عقودهم وعلى تلك الجهات تثبيت هؤلاء العاملين على الوظائف المناسبة، التي تخلو بها أثناء مدة تجنيدهم أو استبقائهم كما يكون عليها إخطار الوحدات العسكرية بما يفيد حفظ وظيفة المجند في مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ إخطارها بتجنيد العامل .
ويعاد الموظف أو العامل إلى الوظيفة أو العمل المحتفظ له به إذا طلب ذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسريحه من الخدمة العسكرية والوطنية، ويجب إعادته للعمل خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويعتبر تاريخ تقديم الطلب هو تاريخ عودته إلى العمل .. الخ .
وواضح من هذا النص أنه ينطبق على العمال الذين يخضعون لأحكام التقنين المدني بشرط ألا يقل عدد العمال لدى صاحب العمل عن عشرة .
أما إذا قل عدد العمال عن هذا العدد، انفسخ العقد بالتجنيد لإستحالة وفاء العامل بالتزامه لسبب أجنبي لا يد له فيه .
إنقضاء الشركة بالإندماج :
لم يشر المشرع إلى اندماج الشركة في شركة أخرى كسبب لإنقضاء الشركة مع أنه سبب من أسباب إنقضاء الشركات كثير الحدوث لما له من مزايا سنعرض لها .
تعريف الإندماج :
الإندماج هو فناء شركة أو أكثر في شركة أخرى، أو فناء شركتين أو أكثر وقيام شركة جديدة تنتقل إليها ذمم الشركات التي فنيت .
ويتضح من هذا التعريف أن الإندماج يجب أن يتضمن على أية حال فناء شركة على الأقل. فإذا اقتصرت العملية على مجرد نقل جزء من موجودات شركة قائمة إلى شركة أخرى قائمة أو مزمع تأسيسها، فلا تعتبر من قبيل الإندماج .
وبالمثل لا يعتبر إندماجاً دخول شركة كشريكة في شركة أخرى ولو تملكت أسهمها وقبضت تبعاً لذلك على إدارتها، إذ تظل كل من الشركة القابضة والشركة المقبوضة محتفظة بشخصيتها وكيانها دون أن يترتب على القبض فناء الشركة المقبوضة .
ويقع الإندماج بمقتضى عقد يبرم بين الشركات المندمجة .
وتقوم مجالس إدارة هذه الشركات بإعداد العقد والاتفاق على شروطه، ثم يعرض كل مجلس العقد على الجمعية العمومية غير العادية في شركته للتصديق عليه .
ولا يجوز للجمعية المذكورة الموافقة على الإندماج إلا إذا كانت الشركة الدامجة أو الشركة الجديدة التي تتأسس بعد فناء الشركات المندمجة تقوم بذات الغرض، أي بمشروعات مماثلة لما تقوم به الشركات الفانية، لأن القانون يحرم تغيير الغرض من الشركة .
والأصل أن يقع الإندماج بين شركات من شكل واحد، أي بين شركة مساهمة وشركات مساهمة أخرى أو بين شركة توصية بالأسهم وشركة توصية بالأسهم أخرى .
غير أنه ليس هناك ما يحول دون إندماج شركتين من شكلين مختلفين .
ومن الواضح أن من شأن هذا الإندماج تغيير شكل الشركة المندمجة، ولذا لا يجوز وقوعه - في حالة شركات المساهمة - إذا كان من نتائجه زيادة التزامات المساهمين، إلا إذا وافقوا عليه .
مزايا الإندماج :
يحقق الإندماج بعض المزايا أهمها ما يأتي :
1- تلافي المنافسة بين الشركات المندمجة .
2- تجميع رؤوس أموال عدة شركات وتركيزها في استغلال مشروع معين مما يترتب عليه زيادة الإئتمان ودعم القوة الاقتصادية للشركة الجديدة .
3- توجيه الجهود الخاصة بإنتاج معين، كما إذا اندمجت شركة تقوم ببيع نوع من السلع في شركة أخرى تقوم بصنعه .
4- ضعف إحدى الشركات وسوء حالها فتفضل أن تذوب في شركة أخرى تقوم بذات الغرض .
ومهما يكن الغرض من الإندماج، فهو يؤدي إلى تركز الشركات وبعث قوة فنية منها تمكنها من زيادة إنتاجها والعمل في جو بعيد عن المنافسة الهدامة .
بيد أن هذه القوة تحمل في طياتها شروراً كثيرة، لأنها تمكن الشركات المندمجة من القضاء على منافسيها وإحتكار الإنتاج والتحكم في الأسعار، وكثيراً ما تضطر الدولة - لمنع هذا الإحتكار - إلى تأميم الشركة بوضع يدها عليها والقيام باستثمار المشروع بما يتفق مع مصلحة الجمهور .
التنظيم التشريعي لإندماج الشركات :
رغم أهمية إندماج الشركات إلا أن المشرع لم يضع تنظيماً له سواء في القانون المدني أو قانون التجارة وليس هناك سوى التنظيم الذي أورده في القانون رقم 159 لسنة 1981 (بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة) كما سنرى .
وهذا القانون قد ألغي القانون رقم 244 لسنة 1960 بشأن الاندماج في شركات المساهمة .
صورتا الإندماج :
الاندماج للشركات صورتان هما :
1- الإندماج بطريق الضم أو الإبتلاع أو الإمتصاص .
2- الإندماج بطريق المزج أو الاتحاد .
ونعرض لهاتين الصورتين فيما يلي
الصورة الأولى : الإندماج بطريق الضم أو الإبتلاع أو الإمتصاص :
في هذه الصورة تنقضي الشركة أو الشركات المندمجة وتفني في الشخصية الإعتبارية للشركة الدامجة، التي تبتلعها أو تمتصها، ويترتب على ذلك أن حقوق وإلتزامات الشركة المندمجة تنتقل إلى الشركة الدامجة التي تسأل عن جميع هذه الإلتزامات وتكتسب تلك الحقوق فتحل محلها قانوناً فيما لها وما عليها وهي وحدها التي تختصم في حقوق والتزامات الشركة المندمجة .
الصورة الثانية : الإندماج بطريق المزج أو الاتحاد :
ويتم هذا الاندماج عن طريق اندماج شركتين أو أكثر بحيث تنشأ عن اندماجهما شركة جديدة تحل محل الشركات المندمجة في حقوقها والتزاماتها، وفي هذه تنقضي الشخصية الإعتبارية لجميع الشركات المندمجة وتنشأ على انقضائها شركة جديدة تكتسب شخصية معنوية بتكوين عقدها. وتؤول إلى هذا الشخص المعنوي الجديد حقوق والتزامات الشركة المنقضية .
وإذا قرر الشركاء في شركة تضامن أو توصية بسيطة اندماج الشركة، سواء عن طريق الضم أو المزج، فإن ذلك يعتبر إنهاء لها قبل المدة المحددة لها، ومن ثم يجب أن يوافق الشركاء بالإجماع على هذا القرار، ما لم يتفق على أغلبية معينة دون الإجماع في عقد الشركة . ( موسوعة الفقه والقضاء والتشريع ، المستشار/ محمد عزمي البكري ، الجزء / الثامن الصفحة / 757 )
1- وبموجب هذا النص يحظر على صاحب العمل إنهاء عقد العامل لمرضه إلا بعد إستنفاذ العامل إجازاته المرضية وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي إضافة إلى استنفاذ رصيد أجازاته السنوية .
2- في هذه المادة على صاحب العمل أن يخطر العامل برغبته في الإنهاء قبل مضي 15 يوماً من تاريخ إستنفاذ العامل لأجازاته .
3- وإذا شفي العامل قبل تمام الإخطار وجب على صاحب العمل إعادته إلى عمله .
جزاء المخالفة :
قرر المشرع عقوبة على مخالفة هذه القواعد بموجب المادة (250) السابق الإشارة إليها بغرامة من 200 إلى 500 جنيه . ( الموسوعة العمالية ، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين ، طبعة 2009 ، الصفحة : 361 )
شرح وتعليق :
الفقرة الأولى تقابل الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 50 من قانون العمل 137 لسنة 1981 .
أما الفقرة الثانية فتتضمن حكماً مستحدثاً مقتضاه ضرورة أن يقوم صاحب العمل بإخطار العامل برغبته في إنهاء العقد قبل خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاد العامل لأجازاته المرضية .
وتبين الفقرة الثالثة جزاء عدم الإخطار، وهو عدم جواز إنهاء صاحب العمل العقد لمرض العامل .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف حكم المادة 127 والقرارات الوزارية المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه .
وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 250) . ( الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل ، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي ، طبعة دار الحقانية ، المجلد الثاني ، صفحة : 492 )
مرض العامل
النصوص القانونية :
- وردت أحكام انتهاء عقد العمل لمرض العامل في ثنايا نصوص متفرقة من قانون العمل الجديد، فتنص المادة 127 في فقرتها الأخيرة على أنه لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلا بعد استنفاد إجازاته المرضية وفقاً لما يحدده قانون التأمين الاجتماعي بالإضافة إلى متجمد أجازاته السنوية المستحقة له، ويستفاد بمفهوم المخالفة انه يجوز إنهاء العقد بسبب مرض العامل في حالة استنفاد مدد الأجازات المرضية .
أما القانون المدني فقد نص في المادة 697 / 2 على أنه يراعى في فسخ العقد لمرض العامل مرضاً طويلاً من شأنه أن يمنع العامل من الاستمرار في العمل الأحكام التي نصت عليها القوانين الخاصة. فالقانون المدني يضع المبدأ وهو فسخ عقد العمل في حالة المرض الطويل الذي يمنع من الاستمرار في العمل .
أما تفصيل ذلك وأحكامه فتحدده القوانين الخاصة . وهذه القوانين الخاصة أصبحت قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات .
المقصود بالمرض الطويل :
- لم يحدد القانون المدني المقصود بالمرض الطويل الذي يؤدي إلى فسخ عقد العمل، ويعتبر المرض طويلاً إذا كان من شأن طول المدة أن يشيع الاضطراب الجسيم في تنفيذ العقد وفي سير العمل في المنشأة مما يدعو صاحب العمل إلى إحلال عامل آخر محل العامل المريض قبل شفائه .
ونظراً لمرونة هذا المعيار فقد لجأ القانون إلى وضع معيار جامد وحسابی، فالمرض يعتبر طويلاً إذا تعدت مدة الأجازات المرضية السنوية المسموح بها طبقاً لقانون التأمين الاجتماعي. لم يحدد المشرع في قانون العمل الأجازات المرضية، وإنما طبقاً لما ورد في المادة 76 من قانون التأمين الاجتماعي الجديد الذي لم يحدد مدة الأجازة وإنما حدد مدة التعويض عن الأجر خلال فترة المرض، فقد جاء بها أنه يستحق العامل 75% من أجره اليومي عن ال90 يوماً الأولى، و85% من أجره عن ال90 يوماً التالية، ويشترط ألا يقل التعويض عن الحد الأدنى المقرر قانوناً للأجور. ويستمر صرف التعويض طوال مدة المرض أو حتى ثبوت العجز الكامل أو حدوث الوفاة بحيث لا تجاوز مدة 180 يوماً في السنة الميلادية الواحدة، أما المريض بأحد الأمراض المزمنة يمنح العامل تعويضاً يعادل أجر الاشتراك طوال مدة مرضه أو حتى تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله أو يتبين عجزه عجزاً كاملاً، ويجوز للجهة الملتزمة بالتعويض أن تقرر وقف صرفه عن المدة التي يخالف فيها المؤمن عليه تعليمات العلاج .
وزيادة تعويض الأجر من 75% على 85% بعد ال 90 يوماً الأولى ترجع إلى أنه كلما استطال المرض ضعفت موارد العامل، ولهذا يعوض بزيادة تعويض الأجر .
وهذا التحديد الجامد قاطع للنزاع حول وصف المرض وأثره بالتالي، فبمجرد مرور هذه المدد يعتبر المرض طويلاً ويبرر انفساخ العقد، كما أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يدعي قبل مرور هذه المدد أن المرض قد أشاع الاضطراب في المنشأة، وذلك مع مراعاة ما ذهبنا إليه من أن قانون العمل لم يحدد مدة المرض الطويل وأحال لقانون التأمين الاجتماعي الذي لم يتضمن تحديدا لمدة الإجازة وإنما حدد تعويض أجر الأجازة .
ولقد نظم المشرع أحكام إنهاء العقد في حالة المرض الطويل .
- فلا ينقضي العقد بمجرد استنفاد العامل لأجازاته المرضية وإنما يجب كذلك استنفاد العامل لمتجمد أجازاتة السنوية المستحقة له، ويؤدي ذلك إلى إضافة متجمد الأجازات السنوية إلى مدة الأجازة المرضية فان شفى العامل قبل استنفادهما لم يتوافر سبب الإنهاء للمرض الطويل .
وإذا تم استنفاد العامل لإجازته فإن ذلك لا يؤدي بقوة القانون لانقضاء العقد. فيجب أن يبدي صاحب العمل رغبته في إنهاء العقد بسبب المرض الطويل .
ونصت الفقرة الثانية من المادة 127 على أنه على صاحب العمل أن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي 15 يوماً من تاريخ استنفاد العامل لإجازاته .
- وبالرغم من بساطة الحكم المقصود إلا أن الصياغة لا تخلو من الغموض. ويحتمل الحكم الوارد أكثر من تفسير .
والتفسير الأول : هو أن على صاحب العمل أن يخطر العامل برغبته في إنهاء العقد قبل استنفاد الأجازات، ويجب أن يقع الأخطار لمدة تسبق استنفاد الأجازات بخمسة عشر يوماً. فإذا ما وقع إبداء الرغبة في هذا الميعاد انقضى العقد بمجرد استنفاد مدد الأجازات .
ويعيب تلك الصياغة - إذا كان المشرع يقصد هذا التفسير- أنه من غير الواضح التاريخ الذي يبدأ منه احتساب الـ 15 يوماً. فظاهر النص يفيد أن المدة تبدأ من تاريخ استنفاد الإجازة أي لاحقة على استنفاد المدد وليس سابقة عليها .
والتفسير الثاني : أن إبداء الرغبة يتم قبل مضي 15 يوماً اعتباراً من تاريخ استنفاد العامل لأجازاته، فاكتمال واستنفاد مدة الإجازة المرضية لا ينهي العقد بقوة القانون وإنما يجب إبداء صاحب العمل لرغبته، ومده إبداء الرغبة تكون لاحقة على استنفاد مدة الإجازة أي خلال الـ 15 يوماً التالية الاستنفاد مدة الإجازة .
- ويبدو أن التفسير الأول هو الذي يقصده المشرع، فقد قصد المشرع تهيئة العامل لانتهاء عقده باستنفاد أجازاته المرضية، وذلك عن طريق قيام صاحب العمل بإخطار العامل برغبته في إنهاء العقد قبل مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ استنفاد العامل لإجازاته اي السابقة على استنفاد مدة الأجازة .
فإذا أخطر العامل برغبة صاحب العمل في الإنهاء قبل استنفاد الأجازات بمدة لا تقل عن 15 يوماً، فإن الغرض من الإخطار يكون قد تحقق متى انتهت مدة الأجازات دون شفاء العامل. ويعيب النص أن العامل قد يشفى قبل استنفاد أجازاته بالرغم من إخطاره برغبة صاحب العمل في الانتهاء. فلا يصح افتراض عدم شفاء العامل قبل استنفاد الأجازات، ولهذا يقع الأخطار قبل الأوان وقد يصبح لغوا لا محل له في حالة شفاء العامل. كما أن هذه المهلة تفتقد التنسيق مع الأخطار اللاحق على استنفاد مدة الأجازات، فلا يشترط أي مهلة بين إبداء الرغبة في الإنهاء وانقضاء العقد. وبهذا تكون إجراءات إبداء الرغبة في الإنهاء قبل استنفاد الأجازات، مختلفة عنها في حالة سبق استنفاد الأجازات. كما أن الحكم الوارد في المادة 127/ 2 يفتقد اللياقة والإنسانية، فالتعجيل بالإخطار بالرغبة في إنهاء العقد قد تكون له انعكاسات سلبية على صحة العامل. فإنهاء العقد بسبب المرض لا محل لمواجهته إلا بعد استنفاد الأجازات وتحقق سبب الإنهاء، وكان أبسط وأكثر إنسانية أن يكون إنهاء العقد بعد مدة من إبداء الرغبة اللاحق على استنفاد مدد الأجازات. فالإخطار يقطع الطريق على الأمل في تسامح صاحب العمل بانتظار الشفاء حتى لو تجاوز المرض المدد .
- وعلى صاحب العمل إثبات انه أبدى رغبته في إنهاء العقد، واستمراره في أداء الأجر كاملاً للعامل، طيلة مرضه الذي امتد إلى سنوات لا يعتبر دليلاً على فسخ العقد بل هو صريح الدلالة على العكس .
وحتى يتم إخطار العامل برغبة صاحب العمل في إنهاء العقد فإن العقد يظل مستمراً ولكن نظراً لمرض العامل فإن العقد يكون موقوفاً .
وإذا شفى العامل قبل إخطاره برغبة صاحب العمل في إنهاء العقد فقد نصت المادة 127 على أنه يمتنع على صاحب العمل إنهاء العقد لمرض العامل .
ولكن مضى مدة على استنفاد الأجازات ودون أن يصدر من صاحب العمل ما يفيد رغبته في الإنهاء لا يمكن أن يعتبر نزولاً من جانب صاحب العمل عن التمسك بالإنهاء للمرض. فعدم إبداء الرغبة في الإنهاء يفسر على أنه تسامح من جانب صاحب العمل الذي قد يقدر أن مصلحة العمل لا تستوجب المسارعة في الإنهاء وانتظار شفاء العامل، فإن لم يتم شفاء العامل فإن سبب الإنهاء يظل متوافراً ولا يترتب على التسامح أن ينشأ أي حق للعامل وذلك إعمالاً لقاعدة أن التسامح لا يرتب حقاً .
- وينقضي العقد من لحظة إبداء الرغبة ولا يلزم إخطار العامل بالإنهاء أي لا محل لمراعاة مهلة الأخطار لأننا بصدد انفساخ يتقرر بإبداء الرغبة ولسنا بصدد إنهاء عقد غير محدد المدة بالإرادة المنفردة. فالإلزام بالإخطار يقع على عاتق من ينسب إليه الإنهاء، ولا يجب الخلط بين من ينسب إليه الإنهاء ومن يتخذ مبادرة الإنهاء، فمن يتخذ مبادرة الإنهاء دون أن ينسب إليه الإنهاء لا يلتزم بمراعاة قواعد الإخطار .
فصاحب العمل الذي يعلن إرادته في إنهاء العقد بسبب استنفاد العامل لمدد الإجازة المرضية يتخذ فقط مبادرة الإنهاء. أما سبب الإنهاء وهو مرض العامل فلا ينسب لصاحب العمل. فالإنهاء لا يرجع مطلقاً للإرادة المنفردة لصاحب العمل وإنما إلى المرض الطويل وهو ليس من قبيل المبرر المشروع لإنهاء العقد، وإنما هو قوة قاهرة، ولقد تعرض هذا الاتجاه للنقد لأن إبداء الرغبة في الإنهاء يجب أن يكون في صورة إنذار حتى يحاط العامل علماً بوضعه عند انتهاء الإجازة المرضية ولا يفاجأ بإنهاء العقد، ولكن يرد على ذلك بأن المفاجأة ليست كاملة لان الإنهاء متوقع منذ انتهاء مدد الإجازة المحددة بطريقة حسابية واضحة في القانون. ومع هذا فقد حرص المشرع في قانون العمل الجديد على تفادي عنصر المفاجأة باشتراط إبداء صاحب العمل رغبته في الإنهاء قبل مضي 15 يوماً على حلول تاریخ استنفاد أجازاته .
وقضت محكمة النقض في ظل القانون القديم أن عبارة السنة الواحدة تقتصر على المدة المتفرقة ولا تتعداها إلى المدد المتصلة، فينتهي عقد العمل إذا انقطع العامل عن العمل بسبب مرضه مدة متصلة لا تقل عن 180 يوماً ولو انتهت سنة وبدأت أخرى خلالها. ولم يفرق القانون رقم 138 لسنة 1981 بين المدة المتصلة والمدة المتفرقة بل حدد مدة الإجازة المرضية خلال السنة الواحدة في جميع الحالات. وعلى هذا فإن المرض الذي يمتد خلال سنتين لا يسمح لصاحب العمل بالفصل طالما أنه لم يتعد الحد الأقصى في السنة الواحدة، فالعامل له الحق في أجازة مرضية مدتها 180 يوماً في السنة الواحدة. فإذا انتهت سنة وبدأت سنة جديدة فإن مدة جديد تبدأ، ويقصد بالسنة 365 يوماً اعتبار من تاريخ بدء الخدمة، وهذا التفسير الأخير يجب الأخذ به في ظل قانون العمل الحالي ونصت المادة 76 من قانون التأمينات الاجتماعية على أن يستمر صرف تعويض الأجر لمدة لا تجاوز 180 يوماً في السنة الميلادية الواحدة .
وإذا كان القانون يعطي العامل الحق في أجازة مرضية ولا يجوز إنهاء العقد خلالها، إلا أن ذلك مشروط بعدم قيام العامل بالعمل لدى صاحب عمل أخر، فالعمل لدى الغير ينفي المرض عن العامل . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 665 )
الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت الطبعة الأولي 1433 هـ - 2012 م الجزء / التاسع والثلاوثون ، الصفحة / 305
الْعُقُودُ غَيْرُ اللاَّزِمَةِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ:
وَتَشْمَلُ هَذِهِ الْعُقُودُ الْهِبَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالإْعَارَةَ ، وَالْقَرْضَ، وَالْوَكَالَةَ، وَالشَّرِكَةَ، وَالْمُضَارَبَةَ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - الْهِبَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بُطْلاَنِ الْهِبَةِ بِمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَعَلَّلَ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ بِانْتِقَالِ الْمُلْكِ لِوَارِثِ الْوَاهِبِ قَبْلَ تَمَامِهَا.
وَعَلَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْهِبَةَ نَوْعٌ مِنِ الْتِزَامِ الْمَعْرُوفِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَيْءٍ، وَلاَ يُقْضَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمُلْتَزِمِ إِذَا أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحِيَازَةِ.
وَعَلَّلَهُ مُوَافِقُوهُمْ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ بِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ، فَبَطَلَ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، كَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ .
وَالثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَنَّ الْوَاهِبَ إِذَا مَاتَ قَبْلَ قَبْضِ هِبَتِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُ الْهِبَةِ، لأِنَّهُ يَئُولُ إِلَى اللُّزُومِ، فَلَمْ يَبْطُلْ بِالْمَوْتِ، كَالْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، وَيَقُومُ وَارِثُ الْوَاهِبِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فِي الإْقْبَاضِ وَالإْذْنِ فِيهِ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ شَاءَ أَقْبَضَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُقْبِضْ .
ب - الإْعَارَةُ :
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى انْفِسَاخِ عَقْدِ الْعَارِيَةِ بِمَوْتِ الْمُعِيرِ، وَانْتِهَاءِ تَبَرُّعِهِ بِمَنَافِعِهَا لِلْمُسْتَعِيرِ، وَوُجُوبِ مُبَادَرَةِ الْمُسْتَعِيرِ إِلَى رَدِّ الْعَارِيَةِ لِوَرَثَتِهِ.
وَعَلَّلَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَتَبْطُلُ بِمَوْتِ أَيٍّ مِنْهُمَا، كَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ.
وَوَجْهُ الْبُطْلاَنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْعَيْنَ انْتَقَلَتْ إِلَى وَارِثِ الْمُعِيرِ بِمَوْتِهِ، وَالْمَنْفَعَةُ بَعْدَ هَذَا تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مِلْكَ نَفْسِهِ لاَ مِلْكَ غَيْرِهِ .
وَفَصَّلَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالُوا: إِنَّ الإْعَارَةَ مَعْرُوفٌ، وَالْوَفَاءُ بِهَا لاَزِمٌ، لأِنَّ مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ يُفْلِسْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ.
وَعَلَى ذَلِكَ: فَإِذَا كَانَتِ الْعَارِيَةُ مُقَيَّدَةً بِعَمَلٍ، كَطَحْنِ إِرْدَبٍّ مِنَ الْقَمْحِ أَوْ حَمْلِهِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُسْتَعَارَةِ إِلَى جِهَةٍ مَا كَانَ حُكْمُهَا اللُّزُومَ فِي حَقِّ الْمُعِيرِ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْعَمَلُ الَّذِي اسْتُعِيرَتْ لأِجْلِهِ ، وَكَذَا إِذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ، كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ مِثْلاً، فَإِنَّهَا تَلْزَمُ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَنْقَضِيَ الأْجَلُ الْمَضْرُوبُ لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً - غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِعَمَلٍ أَوْ زَمَنٍ - فَإِنَّ الْعَقْدَ لاَ يَكُونُ لاَزِمًا فِي حَقِّ الْمُعِيرِ، وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا مَتَى شَاءَ.
وَحَيْثُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَإِذَا مَاتَ الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ لِلْعَارِيَةِ، وَبَقِيَ فِي مُدَّتِهَا، أَوْ مِنَ الْغَرَضِ الْمُسْتَعَارَةِ لأِجْلِهِ شَيْءٌ، فَلاَ تَبْطُلُ الإْعَارَةُ بِمَوْتِهِ، وَلاَ يَنْتَهِي الْتِزَامُهُ، وَتَبْقَى الْعَيْنُ الْمُعَارَةُ بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِهَا إِلَى نِهَايَةِ الْعَمَلِ أَوِ الْمُدَّةِ، أَمَّا إِذَا مَاتَ الْمُعِيرُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَةَ فَإِنَّ الإْعَارَةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ لِعَدَمِ تَمَامِهَا بِالْحِيَازَةِ قَبْلَهُ .
ج - الْوَكَالَةُ:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَوِ الْوَكِيلِ، وَتَبْطُلُ سَائِرُ الاِلْتِزَامَاتِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ.
أَمَّا الْمُوَكِّلُ: فَلأِنَّ التَّوْكِيلَ إِنَّمَا قَامَ بِإِذْنِهِ، وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، فَلَمَّا بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُ بِالْمَوْتِ بَطَلَ إِذْنُهُ، وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ مِنَ الْوَرَثَةِ.
وَأَمَّا الْوَكِيلُ: فَلأِنَّ أَهْلِيَّتَهُ لِلتَّصَرُّفِ قَدْ زَالَتْ بِمَوْتِهِ، وَلَيْسَ الْوَكَالَةُ حَقًّا لَهُ فَتُورَثُ عَنْهُ .
وَقَالَ الْبُهُوتِيُّ: لأِنَّ الْوَكَالَةَ تَعْتَمِدُ الْحَيَاةَ وَالْعَقْلَ، فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ انْتَفَتْ صِحَّتُهَا، لاِنْتِفَاءِ مَا تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَهْلِيَّةُ التَّصَرُّفِ .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ مَوْتَ الْمُوَكِّلِ فِي حَالَةِ الْوَكَالَةِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ إِذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْعَدْلَ أَوِ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الأْجَلِ، فَحِينَئِذٍ لاَ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَلاَ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَوْتَ الْمُوَكِّلِ إِذَا وَكَّلَ مَنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ، كَوَصِيِّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ لاَ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِمَوْتِهِ .
د - الشَّرِكَةُ:
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى انْفِسَاخِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ (بِأَنْوَاعِهَا) وَبُطْلاَنِ الاِلْتِزَامَاتِ النَّاشِئَةِ عَنْهَا بِمَوْتِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لأِنَّ هَا عَقْدٌ جَائِزٌ، فَبَطَلَتْ بِذَلِكَ كَالْوَكَالَةِ.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَإِنَّمَا بَطَلَتِ الشَّرِكَةُ بِالْمَوْتِ لأِنَّ هَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، أَيْ مَشْرُوطٌ ابْتِدَاؤُهَا بِهَا ضَرُورَةً، فَإِنَّهُ لاَ يَتَحَقَّقُ ابْتِدَاؤُهَا إِلاَّ بِوِلاَيَةِ التَّصَرُّفِ لِكُلِّ مِنْهُمَا فِي مَالِ الآْخَرِ، وَلاَ تَبْقَى الْوِلاَيَةُ إِلاَّ بِبَقَاءِ الْوَكَالَةِ .
هـ - الْمُضَارَبَةُ:
لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي انْفِسَاخِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ وَبُطْلاَنِ الاِلْتِزَامَاتِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْمُضَارِبِ أَوْ رَبِّ الْمَالِ إِذَا كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ نَاضًّا (أَيْ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ مَالِهَا)، وَذَلِكَ لأِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ، وَالْوَكَالَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ عَاقِدَيْهَا وَلاَ تُوَرَّثُ، فَتَتْبَعُهَا الْمُضَارَبَةُ .
أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَالُ عُرُوضًا تِجَارِيَّةً، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بُطْلاَنِ عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ بُطْلاَنُ الْمُضَارَبَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ، فَتُبَاعُ السِّلَعُ وَالْعُرُوضُ حَتَّى يَنِضَّ رَأْسُ الْمَالِ جَمِيعُهُ، وَيُوَزَّعَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى وَالطَّرَفِ الْبَاقِي .
وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ لاَ تَبْطُلُ بِوَفَاةِ رَبِّ الْمَالِ أَوِ الْمُضَارِبِ.
أَمَّا رَبُّ الْمَالِ إِذَا مَاتَ فَيَخْلُفُهُ وَرَثَتُهُ فِي الْمَالِ، وَيَبْقَى الْعَامِلُ عَلَى قِرَاضِهِ إِذَا أَرَادَ الْوَرَثَةُ بَقَاءَهُ، وَإِنْ أَرَادُوا فَسْخَ الْعَقْدِ وَأَخْذَ مَالِهِمْ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ نَضُوضِهِ.
وَأَمَّا الْمُضَارِبُ إِذَا مَاتَ فَيَخْلُفُهُ وَرَثَتُهُ فِي حَقِّ عَمَلِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهُمْ إِذَا أَرَادُوا الْعَمَلَ فِيهِ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَعْمَلُوا فِيهِ بِمِقْدَارِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ .
و - الْجَعَالَةُ:
فَرَّقَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي تَأْثِيرِ الْمَوْتِ عَلَى الاِلْتِزَامِ عَلَى الْجَعَالَةِ بَيْنَ مَوْتِ الْجَاعِلِ وَمَوْتِ الْمَجْعُولِ لَهُ، وَذَلِكَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
مَوْتُ الْجَاعِلِ:
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ إِلَى انْفِسَاخِ الْجَعَالَةِ بِمَوْتِ الْجَاعِلِ وَبُطْلاَنِ الْتِزَامِهِ فِيهَا قَبْلَ شُرُوعِ الْعَامِلِ (الْمَجْعُولِ لَهُ فِي الْعَمَلِ).
وَقَالَ ابن حبيب وابن القاسم فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْهُ: لاَ يَبْطُلُ الْجُعْلُ بِمَوْتِ الْجَاعِلِ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ وَرَثَتَهُ، وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الْمَجْعُولَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ.
أَمَّا إِذَا مَاتَ الْجَاعِلُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ الْعَمَلِ فَلاَ أَثَرَ لِوَفَاتِهِ عَلَى الْتِزَامِهِ، لأِنَّهُ قَدْ تَمَّ وَاسْتَقَرَّ، وَوَجَبَ لِلْعَامِلِ الْجُعْلُ فِي تَرِكَتِهِ .
وَلَوْ مَاتَ الْجَاعِلُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ، وَلَكِنْ قَبْلَ إِتْمَامِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ بُطْلاَنُ الْجَعَالَةِ بِمَوْتِهِ، لأِنَّ هَا مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ إِلاَّ أَنَّ الْعَامِلَ إِذَا أَتَمَّ الْعَمَلَ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِسْطَ مَا عَمِلَهُ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الْمُسَمَّى، وَلاَ يَسْتَحِقُّ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ مَا عَمِلَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْجَاعِلِ، لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْوَرَثَةِ لَهُ بِهِ .
وَالثَّانِي: لِلإْمَامِ مَالِكٍ - فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ وَأَشْهَبَ عَنْهُ - وَهُوَ أَنَّ الْجَعَالَةَ لاَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْجَاعِلِ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ، وَتَلْزَمُ وَرَثَتَهُ، وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الْمَجْعُولَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ .
مَوْتُ الْمَجْعُولِ لَهُ:
إِذَا مَاتَ الْعَامِلُ (الْمَجْعُولُ لَهُ) قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْجَعَالَةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، إِلاَّ فِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِلُزُومِ الْجَعَالَةِ بِالْقَوْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَاعِلِ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ الْمَجْعُولُ لَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ لَمْ يَبْطُلِ الْعَقْدُ، وَيَنْزِلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ، وَلَيْسَ لِلْجَاعِلِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ .
أَمَّا إِذَا مَاتَ الْعَامِلُ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ، وَقَبْلَ إِتْمَامِهِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لِلْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَعَالَةَ لاَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَامِلِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، وَيَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي إِكْمَالِهِ إِنْ كَانُوا أُمَنَاءَ، وَلَيْسَ لِلْجَاعِلِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِذَا أَتَمَّ الْوَرَثَةُ الْعَمَلَ اسْتَحَقُّوا الْجُعْلَ كَامِلاً، بَعْضُهُ بِالإْرْثِ مِنْ عَمَلِ مُوَرِّثِهِمْ، وَبَعْضُهُ الآْخَرُ نَتِيجَةُ عَمَلِهِمْ .
الثَّانِي: لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ أَنَّ الْجَعَالَةَ تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ، لأِنَّ هَا مِنَ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ أَتَمَّ وَرَثَتُهُ الْعَمَلَ مِنْ بَعْدِهِ، اسْتَحَقُّوا قِسْطَ مَا عَمِلَ مُوَرِّثُهُمْ مِنَ الْجُعْلِ الْمُسَمَّى فَقَطْ، وَلاَ شَيْءَ لَهُمْ فِي الْعَمَلِ الَّذِي أَتَمُّوهُ بَعْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ .
وَلِلتَّفْصِيلِ انْظُرْ مُصْطَلَحَ (جَعَالَة ف67).
ز - الْوَصِيَّةُ:
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لاَ تَلْزَمُ فِي حَقِّ الْمُوصِي مَا دَامَ حَيًّا فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا فِي حَيَاتِهِ مَتَى شَاءَ لأِنَّ هَا عَقْدُ تَبَرُّعٍ لَمْ يَتِمَّ، إِذْ تَمَامُهَا بِمَوْتِ الْمُوصِي، فَجَازَ رُجُوعُهُ عَنْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا، وَلأِنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَصِيَّةِ إِنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَكُلُّ عَقْدٍ لَمْ يَقْتَرِنْ بِإِيجَابِهِ الْقَبُولَ، فَلِلْمُوجِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ.
وَعَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لاَ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوصِي إِذَا مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا، وَلاَ يَسْقُطُ الْتِزَامُهُ بِوَفَاتِهِ، بَلْ يُعْتَبَرُ مَوْتُهُ مُوجِبًا لِلُزُومِهَا، مِنْ جِهَتِهِ، وَقَاطِعًا لِحَقِّهِ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا، وَمُثْبِتًا لاِلْتِزَامِهِ النَّاشِئِ عَنْهَا وَالْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا .
___________________________________________________________________
المذكرة الإيضاحية للإقتراح بمشروع القانون المدني طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية
مادة (689 )
1- لا ينفسخ عقد العمل بوفاة صاحب العمل ، ما لم تكن شخصيته قد روعيت في ابرام العقد ، ولكن ينفسخ العقد بوفاة العامل.
2- ويراعى في انهاء العقد لوفاة العامل أو لمرضه مرضاً طويلاً أو لعجزه عن أداء عمله او لسبب قاهر آخر من شانه أن يمنع العامل من الإستمرار في العمل الأحكام التي تنص عليها القوانين الخاصة .
هذه المادة تطابق المادة 697 من التقنين الحالي مع استبدال كلمة « إنهاء » كلمة ينفسخ وإضافة عبارة أو ( لعجزه عن أداء عمله) في الفقرة الثانية .
وقد نصت المادة 50 من قانون العمل، بعد أن ذكرت مدة الإجازة المرضية التي يحق العامل الحصول عليها إذا ثبت مرضه على أنه ( لا يجوز لصاحب العمل إنهاء خدمة العامل بسبب المرض إلابعد استفاد المدة المشار اليها )
ونصت المادة 91 من هذا القانون على أنه ( واستثناء من حکم المادة السابقة يمنح العامل المريض بالدرن أو الجذام أو بمرض عقلي أو بأحد الأمراض المزمنة إجازة مرضية بأجر كامل إلى أن يشفی أو تستقر حالته استقراراً يمكنه من العودة إلى مباشرة عمله أو تبين عجزه عجزاً کاملاً عن مزاولة أية مهنة أو عمل .
ويصدر بتحديد هذه الأمراض قرار من وزير الدولة للصحة بالإتفاق مع وزير الدولة للقوى العاملة والتدريب )
ونصت المادة 52 من هذا القانون على أنه « مع عدم الإخلال بأحكام قانون التأمين الإجتماعي تثبت عدم اللياقة للخدمة صحياً قرار من الجهة الطبية المختصة، وللعامل آن يثبت عكس ذلك بشهادة طبية ، وفي هذه الحالة يجوز لأي الطرفين أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة إحالة الموضوع إلى لجنة تحكيم طبي ينظم تشکيلها وإجراءات عرض النزاع عليها وتقدير الرسوم المستحقة التي لا يزيد حدها الأقصى على مائة قرش قرار من وزير الدولة للقوى العاملة بالاتفاق مع الوزير المختص .
وعلى الجهة الإدارية المختصة إخطار كل من العامل وصاحب العمل أو المنشاة نتيجة التحكيم الطبي فور وصوله إليها ، وعلى كل من الطرفين تنفيذ ما يترتب على قرار التحكيم من التزامات ..
وفي جميع الأحوال لا يجوز فصل العامل أو إنهاء عقده لعدم اللياقة الصحية إلا طبقاً لما ينص عليه قانون التأمين الإجتماعي المعمول به .
ونصت المادة 71 من هذا القانون على أنه لا تنقضي علاقة العمل لأحد الأسباب الاتية :
ثانياً : وفاة العامل حقيقة أو حکماً . ويكون تقرير وفاة العامل حكماً بموجب حكم قضائي نهائی .
رابعاً : عجز العامل عجزاً كلياً عن أداء عمله الأصلي أو عجزه عجزاً جزئياً مستديماً متی ثبت عدم وجود أي عمل آخر ، على أن يثبت عدم وجود العمل الآخر طبقاً لأحكام قانون التأمين الإجتماعي )) .
ونصت المادة 73 من هذا القانون على أنه (( إذا توفي العامل وهو في الخدمة يصرف صاحب العمل لأسرته مايعادل أجر شهرين كاملين لمواجهة نفقات الجنازة بحد أدني قدره خمسون جنيهاً، كما يصرف منحة تعادل أجر العامل کاملاً عن الشهر الذي توفي فيه والشهرین التاليين له طبقاً لقواعد قانون التأمين الإجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
كما يلتزم صاحب العمل بنفقات تجهيز ونقل الجثة إلى الجهة التي استقدمه منها ، ما لم تطلب أسرته نقله إلى جهة أخرى وعلى نفقتها ويخصم ماتحمله صاحب العمل من مصروفات الجنازة المنصوص عليها في الفقرة السابقة ))
والفقرة الأولى من المادة المقترحة تطابق المائة 923 من التقنين العراقي .
وتتفق مع المادة 830 من التقنين الأردنی .
وانفساخ عقد العمل بوفاة العامل محل إجماع في الفقه الاسلامی لتعذر إستيفاء المنفعة .
وقد نصت مجلة الأحكام الشرعية على أن (( تنفسخ الإجارة بتلف المعقود عليه قبل التمكن من استيفاء النفع . مثلاً أو استأجر خادماً لمدة معلومة ، فمات الخادم ، تنفسخ الإجارة )) .
ولاينفسخ عقد العمل بموت صاحب العمل ، ما لم يكن شخصيته قد روعيت في ابرام العقد.
وقد نصت المادة 601 من مرشد الحيران
)) على أنه إذا ماتت الظئر أو مات رضيعها انفسخت الإجارة ، ولا تنفسخ بموت والد الرضيع )) .