بمقتضى النص المعروض يحق للعامل الحصول على شهادتين الأولى شهادة نهاية الخدمة والثانية شهادة الخبرة على النحو التالي :
أولاً : شهادة نهاية الخدمة :
أن التزام صاحب العمل بتقديم هذه الشهادة يتوقف على أمرين :
أ) طلب العامل لهذه الشهادة لأن هذا الالتزام مقرر لمصلحة العامل، ويسقط حق العامل بمرور سنة على انقضاء علاقة العمل دون طلب هذه الشهادة .
ب) انتهاء علاقة العمل أياً كان سبب انتهاء هذه العلاقة .
وليس هناك إرتباط بين هذه الشهادة عند طلبها وبين أي التزامات أخرى تكون على العامل فلا يحق لصاحب العمل حبسها لحين تسلم العامل باقي عهدته .
ثانياً : شهادة الخبرة :
وهي حق للعامل أن يطلبها أثناء استمرار علاقة العمل حتى يتمكن من تحسين مستواه بالبحث عن عمل أفضل وهذا الحق مقرر لجميع المخاطبين بأحكام القانون 12 لسنة 2003 م.
جزاء المخالفة :
جزاء جنائي : وفقاً لأحكام المادة (250) وهي غرامة من 200 إلى 500 جنيه .
جزاء مدني : يجوز للقاضي المدني أن يجبر صاحب العمل على تنفيذ التزامه عيناً عن طريق الحكم عليه بغرامة تهديدية (المادة 213مدني) كما يجوز للعامل المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي سيلحقه بسبب إخلال صاحب العمل بهذا الالتزام (المادة 148 مدني) . ( الموسوعة العمالية، للمستشار العمالي / عبد الحميد قطب بلال، مطبعة علاء الدين، طبعة 2009، الصفحة : 362 )
النصوص المقابلة :
تقابل المادة 74 من قانون العمل الملغي رقم 137 لسنة 1981 كما تقابل المادة 86 من قانون العمل الأسبق رقم 91 لسنة 1959 وهذا الحكم يتفق والقاعدة العامة في تنفيذ العقود بحسن نية كما أنه يستلزم دون حاجة للنص أن يلتزم صاحب العمل بأن يرد للعامل ما يكون قد أودعه لديه من أوراق أو شهادات أو أدوات فور طلبه .
وقد تناولت المادة 130 ثلاث أنواع من الالتزامات التي تقع على عاتق صاحب العمل .
الإلتزام الأول : إعطاء العامل شهادة نهاية الخدمة دون مقابل
مقتضی مفهوم صياغة المادة أن الإلتزام بإعطاء العامل شهادة نهاية الخدمة قائم في جميع أحوال إنتهاء العقد أيا كانت الوسيلة التي أنتهي بها وسواء أكانت الفسخ أو الإنهاء بمعرفة صاحب العمل او إستقالة العامل أو فصله تأديبياً أو أي طريق من طرق الإنقضاء التي أشرنا إليها عند شرح المادة 71 ، ولم يحدد المشرع وقت معينة لتسليم العامل الذي انقضى عقده هذه الشهادة لأن كل ما ذكره في هذا الصدد عبارة «في نهاية عقده» ونرى أن مقصد المشرع في هذه العبارة أن يكون إعطاء الشهادة بمناسبة إنتهاء العقد أما المدة التي يحق للعامل خلالها أن يطلب الشهادة فقد سكت النص عن تحديدها ولهذا فإننا نرى أنها المدة المعقولة حسب العرف الجاري بحيث يسقط حق العامل في المطالبة بالشهادة بمضي سنة على تاريخ إنقضاء علاقة العمل طبقاً للمادة 1/698 من القانون المدني .
وتبدو أهمية الشهادة في أن هدفها تحقيق المصلحة العامة فهي وسيلة فنية لتنظيم السياسة العامة للإستخدام فضلاً عن دورها في إقامة إستقرار العلاقات العمل بالمنشأة كما أن الشهادة تمكن العامل من أن يثبت لأصحاب الأعمال الجدد مبلغ درايته وخبرته في العمل الذي يسعى إليه وإثبات مدة خدمته وليس للشهادة شكل خاص مادامت تتضمن الحد الأدنى من البيانات التي أوردها النص ويجب أن تكتب باللغة العربية فإذا كانت بلغة أجنبية وجب أن تذيل بترجمة عربية لبياناتها وأن تكون موقعة من صاحب العمل أو وكيلة المفوض أو المدير المسئول ويجوز أن تتضمن الشهادة بيانات إضافية بناء على طلب العامل كما يجوز أن يبين فيها طبيعة العمل الذي كان يمارسه العامل .
والواقع أن هذه الآراء محل نظر ذلك لأنه إذا جاز القول أن التعليق على كفاءة العامل وسلوكه بالذم قد يقف حائلاً دون حصوله على عمل جديد فإن منع الذم وإجازة الثناء لا يعني بالضرورة أن خلو الشهادة من الثناء يعتبر ذماً لأن إجازة الشيء لا يعني ثبوت ضده كما لا يلزم من الإجازة الأمر بعكس الفعل وبناء عليه نرى أنه لا يوجد ما يمنع من جواز تضمين الشهادة أي بيان إضافي يكون في مصلحة العامل كمنحه أو الإشارة إلى كفاءته كذلك لا يوجد ما يمنع من إعطاء العامل شهادات أخرى كشهادة حسن السلوك أو توصيات تسهل عليه العمل مستقبلاً .
هذا وتخضع الشهادة لرسم الدمغة المقرر على إتساع الورق باعتبارها مستخرجاً من سجلات صاحب العمل ويقع هذا الرسم على عاتق صاحب العمل إعمالاً للنص الذي يقضي بإعطائها مجاناً العامل .
الإلتزام الثاني - إعطاء العامل شهادة خبرة
نادينا في ظل القانون الملغي بتقرير حق العامل في الحصول على شهادة خبرة أثناء العمل لفتح السبيل أمامه لتحسين وضعه ودخله إذا ما حاول تجربة حظه في طرق أبواب جديدة للعمل بإعتبار أن حق البحث عن عمل. أفضل من الحقوق المكفولة التي لا ينبغي مصادرتها كما لا يجوز أن يتحول البحث عن عمل أفضل إلى نشاط يتخذه العامل في الخفاء كأنما يسعى إلى أمر غير مشروع : وقلنا أن بعض قوانين العمل الأجنبية وخاصة في دول أمريكا اللاتينية تقرر حق العامل في الحصول على مثل هذه الشهادة .
وقد استجاب المشرع فاستحدث في المادة 74 من القانون الملغي هذا الحكم الذي أخذ به القانون الجديد في المادة 130 الراهنة ومن ثم فقد أصبح من حق العامل أن يحصل مجاناً على شهادة خبرة أثناء سريان علاقة العمل ، وهذا الحكم ليس له شبيه بنظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 ومن ثم يسري علی العاملين بهذا القطاع إمتثالاً لحكم المادة الأولى منه .
وقد كانت المادة 74 من قانون العمل الملغي رقم 137/ 81 تقضي بإلتزام صاحب العمل بإعطاء العامل شهادة الخبرة أثناء العمل لكن النص الراهن للمادة 130 ألزمه بإعطائها عند إنتهاء العقد أو نهاية الخدمة .
الإلتزام الثالث - رد الأوراق والشهادات للعامل :
رغم سکوت الفقرة الأخيرة من المادة 130 عن موعد رد الأوراق والشهادات للعامل فإن مفهوم حكمها يدل على أن ذلك لا يتصور إلا عند نهاية العقد لأنه من غير المنطقي أن يطلب العامل رد شهاداته وأوراقه وهي مسوغات تعيينه المحفوظة بملف خدمته بينما عقده لا يزال سارياً ولكن يجوز للعامل أن يطلب إستلام أي ورقة أو شهادة تخصه لتصويرها أو إستخراج صورة رسمية منها على أن يردها ثانية لصاحب العمل فإذا لم يردها جاز لصاحب العمل إتخاذ إجراءات تأديبية ضده .
جزاء مخالفة هذه الإلتزامات :
يجري غالبية الفقه في فرنسا ومصر على أن إعطاء الشهادة لابد أن يكون بناء على طلب العامل لأن الالتزام بإعطائها مقرر لمصلحته فإذا لم يطلبها فلا يعتبر صاحب العمل مخلاً بالتزاماته لأنه لم يعطه الشهادة من تلقاء نفسه ويمكن أيضا تطبيق هذا الرأي على شهادة الخبرة ورد الأوراق ونحن لا نقر هذا الرأي لأن الإلتزام بإعطائها مصدره القانون ومقرر لمصلحة الجماعة لامصلحة العامل وحده كما ذكرنا .
والأصل أنه لا يجوز منع الشهادة عن العامل لأي سبب كان ، لأنها ليست خلو طرف للعامل ، وإنما أساسها حكم أمر من النظام العام .
وذهب جانب كبير من القضاء إلى أن الحكم القضائي بإيقاف تنفيذ قرار الفصل والحكم الموضوعي بالتعويض يقومان مقام الشهادة ، ونحن لا نقر هذا القضاء لأن معنى الأخذ به حرمان العامل من حق طلب تضمين الشهادة البيانات التي نصت عليها المادة 130 ولا يوجد تعارض بين حصول العامل على حكم وحصوله على شهادة نهاية الخدمة لأن الإلتزام بإعطائها كما أسلفنا البيان مصدره القانون ومن حق مكتب العمل بل ومن واجبه في مثل هذه الأحوال أن يتخذ الإجراءات القانونية جنائية ضد صاحب العمل الممتنع عن تسليمها للعامل المفصول .
ولا شك أن عدم إعطاء الشهادة للعامل تأسيساً على أن الحكم القاضي بإيقاف تنفيذ قرار الفصل يقوم مقامها - أمر يضر العامل لأنه قد يصوره بأنه مشاغب أمام صاحب العمل الجديد - إذا ما التحق بعمل جديد جر صاحب العمل السابق إلى ساحات المحاكم وهو ما يبعث الخوف في نفس صاحب العمل الجديد في تشغيله .
العقوبة الجنائية :
يعاقب صاحب العمل أو من يمثله عن المنشأة الذي يخالف أي من أحكام المادة 130 والقرارات الوزارية المنفذة لها بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تجاوز خمسمائة جنيه .
وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود (مادة 200) .
إتفاقيات العمل الدولية التي صدقت عليها مصر بشأن علاقات العمل الفردية :
فيما يلي بيان بالإتفاقيات الدولية للعمل التي أصدرتها منظمة العمل الدولية I.L.O) International labour organization) بشأن تنظيم علاقات العمل الفردية والتي يتعين على أي دولة تنضم إليها أن توفق نظمها القانونية بما لا يتعارض مع أحكام هذه الإتفاقيات .
أولاً : الإتفاقية رقم 26 بطرق تحديد الحد الأدنى للأجور الصادرة في 16/ 1/ 1928 والمصدق عليها في 10/ 5/ 1960 .
ثانياً : الإتفاقية رقم 52 بشأن الأجازات السنوية بأجر الصادرة في 24/ 6/ 1936 والمصدق عليها في 3/ 7/ 1954 .
ثالثاً : الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وكفالة الحق النقابي الصادرة في 9/ 7/ 1948 والمصدق عليها في 6/ 11/ 1957 .
رابعاً : الاتفاقية رقم 94 بشأن ، شروط العمل في عقود السلطة العامة الصادرة في 29/ 6/ 1946 والمصدق عليها في 26/ 7/ 1960 .
خامساً : الإتفاقية رقم 95 بشأن حماية الأجور الصادرة في 1/ 7/ 1949 وقد صدقت عليها مصر بتاريخ 26/ 7/ 1960 .
سادساً : الاتفاقية رقم 101 بشأن الأجازات بأجر في الزراعة الصادرة في 26/ 6/ 1952 والمصدق عليها بتاريخ 9/ 4/ 1956 .
سابعاً : الإتفاقية رقم 104 بشأن إلغاء الجزاءات الجنائية على إخلال العمال الوطنيين بعقد الإستخدام الصادرة في 21/ 6/ 1955 وقد صدقت عليها مصر في 18/ 12/ 1958.
ثامناً : الإتفاقية رقم 131 بتحديد الحد الأدنى للأجور الصادرة في 22/ 6/ 1970 والمصدق عليها بتاریخ 12/ 5/ 1976 .
تاسعاً : الإتفاقية رقم 130 بشأن الحماية والتسهيلات لممثلي العمال والمنشأة والتي صدرت في 25/ 3/ 1982 . ( راجع الموسوعة الشاملة في شرح قانون العمل، الدكتور على عوض حسن، الدكتور علاء فوزي زكي، طبعة دار الحقانية، المجلد الثاني، صفحة : 500 )
حق العامل في طلب شهادة خدمة في نهاية العقد :
- طبقاً للمادة 130 من قانون العمل يقوم صاحب العمل بإعطاء العامل مجاناً، في نهاية عقده بناء على طلبه شهادة يبين فيها تاريخ دخوله في الخدمة وتاريخ خروجه ونوع العمل الذي يؤديه والمزايا التي كان يحصل عليها، وللعامل أن يحصل مجاناً على شهادة بتحديد خبرته وكفاءته المهنية وذلك أثناء سريان العقد وفي نهايته .
ويتضح من النص أنه ينظم إعطاء العامل من جهة شهادة خبرته وكفاءته أثناء مدة العقد، ومن جهة أخرى، شهادة عند انتهاء مدة العقد، والالتزام بإعطاء الشهادة للعامل يستهدف من جهة تزويد العامل بوثيقة تحتوي على بيانات تساهم في تقديمه إلى صاحب العمل المحتمل، مما يساعد في إمكانية حصول العامل على عمل جديد، كما يستهدف من جهة أخرى، تبصير صاحب العمل المحتمل وإعلامه بما يهمه أن يعرفه من بيانات عن العامل، فالشهادة تحقق مصلحة للعامل، ومصلحة العمل المحتمل .
ونص القانون هو أساس أو مصدر الالتزام بتسليم الشهادة ولا يستند ذلك إلى العقد.
- وتعطى الشهادة للعامل في نهاية عقده بصرف النظر تماماً عن سبب انتهاء العقد، وسواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، وتعطى الشهادة كذلك في حالة استقالة العامل باعتبارها إنهاء العقد من جانب العامل .
كما يجب أن تعطى للعامل خلال مدة وجيزة أو معقولة بعد طلبه، وإلا توافر الإخلال بالالتزام .
ويحق الخلف العام للعامل المطالبة بالشهادة، فلا تخفى أهميتها في تسوية مستحقات العامل لدى العديد من الجهات مثل جهة التأمين الاجتماعي، بل ولدي صاحب العمل مثل مكافأة نهاية الخدمة ومقابل الأجازات .
والالتزام بإعطاء الشهادة يقع على عاتق صاحب العمل وقت انقضاء العقد، وفي حالة انتقال المشروع فإن الالتزام بإعطاء الشهادة يقع على صاحب العمل الذي انتقل إليه المشروع وحده، فيجب أن تتضمن الشهادة تاريخ الدخول الخدمة لدى صاحب العمل المتنازل، ويحق للعامل أن يرفض منحه شهادات متعددة عن مدة خدمته لدى صاحب عمل تنازل عن المنشأة لغيره فبالرغم من تغير صاحب العمل إلا أن عقد العمل لم يتغير بل يستمر مع صاحب العمل الجديد .
ويجب أن يطلب العامل منحه هذه الشهادة، أي أن صاحب العمل لا يلتزم من تلقاء نفسه بإعطاء العامل الشهادة .
ولما كانت الحكمة من إعطاء العامل مهنة الإخطار هي تمكينه من البحث عن عمل آخر، فيجب منحه الشهادة منذ صدور قرار الفصل أو إنهاء الخدمة ولا يلزم الانتظار حتى انتهاء مهلة الإخطار، فالعامل يكون في أشد الحجة لتلك الشهادة خلال تلك الفترة حتى يستطيع تقديمها كمستند للحصول على عمل جدید .
ولهذا يجب منحه شهادة مؤقتة توضح تاريخ انتهاء مهلة الإخطار .
- البيانات التي يجب أن تتضمنها الشهادة :
البيان الأول الذي يجب أن تتضمنه الشهادة هو تاريخ الدخول في الخدمة أي بدء العمل الفعلي لدى صاحب العمل بما في ذلك مدة الاختبار، وكذلك تاريخ انتهاء الخدمة وهو تاريخ انتهاء مهلة الإخطار، ولا يلزم بیان منذ الوقف عن العمل الآن ذلك لا يخل بالارتباط بصاحب العمل، وتبدو أهمية هذا البيان في مجال مدة الإجازة السنوية التي ترتبط بمدة الخدمة لدى أكثر من صاحب عمل .
والبيان الثاني ذات الأهمية هو طبيعة أو نوع العمل الذي كان يمارسه العامل، ويجب في هذا الصدد بيان العمل الفعلي الذي مارسه العامل، وأن يبين تدرج العامل والوظائف التي شغلها خلال عمله لدى صاحب العمل ومدة كل منها، ويجب أن يكون بيان العمل وطبيعته بصورة واضحة، ولا يلزم صاحب العمل بأن يبين المستقبل العملي للعامل, ولا يلزم صاحب العمل بل ولا يجب عليه أن يبين مدى كفاءة العامل ما لم يتفق على ذلك مع العامل، وذلك حتى لا تتضمن الشهادة بياناً يضر بالعامل ويعوق حصوله على عمل آخر، ويحق للعامل طلب حذف أي بيان زائد عما هو محدد في النص متى كان من شأنه الإضرار به، وله أن يلجأ في سبيل ذلك إلى القضاء الذي يأمر بتوقيع غرامة تهديديه حتى يتم تنفيذ ذلك، ولما كانت الشهادة تقوم بدور هام في التعريف بالعامل لتمكين صاحب العمل الجديد من الحصول على معلومات كافية، فيجوز أن يبين صاحب العمل في الشهادة أن عقد العمل يلزم العامل بشرط عدم المنافسة وتفاصيل ذلك الشرط، ومثل هذا الشرط لا يضر بالعامل لأنه يلتزم به، وبيانه ينطوي على إخطار صاحب العمل بالشرط .
والبيان الثالث، هو المزايا التي كان يحصل عليها العامل، ولما كان بيان الأجر يحدد إمكانيات حصول العامل على أجر أفضل، فلا تتضمنه الشهادة إلا إذا طلب العامل ذلك.
ولقد نظمت المادة 130 من قانون العمل إعطاء الشهادات بصورة مختلفة إلى حد عما كان عليه الوضع في القانون الملغي .
فالشهادة التي تعطي للعامل، بالإضافة لما ورد في المادة 74 الملغاة، تشمل المزايا التي كان يحصل عليها العامل، وهذه المزايا لا تشمل بداءة الأجر كما سنبين، وإنما تتصرف للمزايا العينية والمزايا التي تعتبر أجراً مثل بدل الانتقال .
وللعامل أن يحصل على شهادة بتحديد خبرته وكفاءته المهنية وذلك أثناء سريان العقد وفي نهايته .
وهذه الشهادة مطلوبة بالإضافة إلى ما ورد في الفقرة الأولى من المادة 130، أي تحتاج لطلب خاص، ويلاحظ أن المشرع أضاف أن تكون الشهادة عن كفاءة العامل ليس فقط أثناء سريان العقد وفي نهايته، أي للعامل أن يطلب أثناء استمرار العقد شهادة بخبرته للبحث عن عمل آخر وهذه تختلف عن الشهادة التي تعطى في نهاية الخدمة .
وأضافت الفقرة الثالثة أنه للعامل أن يطلب تضمين الشهادة مقدار الأجر الذي كان يتقاضاه وسبب إنهاء علاقة العمل .
ويلاحظ على هذه الفقرة أن المشرع على خلاف الفقرة الثانية ينص على تضمين الشهادة التي تصدر بناء على الفقرة الأولى الأجر وسبب انتهاء الخدمة أما ما يتعلق بالكفاءة والخبرة فيكون بشهادة منفصلة أخرى، ونرى أن العامل أن يطلب أما شهادات منفصلة، أي ثلاثة شهادات، أو أن يطلب تضمينها جميعاً في شهادة واحدة .
فالعامل صاحب المصلحة في هذه الشهادة وله أن يقرر ما إذا كانت جميع البيانات تكون في شهادة واحدة أم في ثلاثة شهادات منفصلة، فالعامل قد لا يرى داعياً لتقديم شهادة الأجر حتى يتفاوض على أجر يجاوز كثيراً أجره السابق أو العكس يكون الهدف من تضمين الأجر التمسك بأجر أعلى من أجره السابق .
فالعامل هو الذي يقرر ما إذا كان يحصل على شهادة واحدة بالبيانات أم شهادات متعددة، وهي جميعاً دون مقابل .
وتلك البيانات قد جاءت على سبيل الحصر، بمعنى أنه لا يجوز للعامل أن يطلب من صاحب العمل إضافة بيانات أخرى، كما أن للعامل أن يرفض الشهادة التي تتضمن بيانات زائدة، ولا يجوز لصاحب العمل أن يضمن من تلقاء نفسه بياناً أخرى بالشهادة، ولكن لا يوجد ما يمنع من الاتفاق بين العامل وصاحب العمل على أن تتضمن الشهادة بيانات أخرى، ولقد انتقد إضافة بعض البيانات بأن الشهادة التي تخلو من الثناء على العامل تنطوي ضمناً على الذم فيه أو في كفاءتها وتعطى الشهادة مجاناً .
- ولا يجوز لصاحب العمل الامتناع عن تسليم الشهادة بحجة الدفع بعدم التنفيذ إذا كان العامل قد احتجز لديه بعض المستندات، فلا مجال لإعمال هذا الدفع في مجال الالتزامات التي يكون مصدرها القانون وتخرج بالتالي عن الدائرة العقدية ، وفي حالة امتناع صاحب العمل عن إعطاء الشهادة يحق للعامل اللجوء إلى القضاء لإلزامه بذلك، مع جواز توقيع غرامة تهديدية حتى تمام التنفيذ، كما يجوز للعامل طلب التعويض عن الأضرار الناشئة عن التراخي أو علم إعطاء الشهادة، ويجوز الجمع بين هذا التعويض والتعويض عن الفصل التعسفي لاختلاف الضرر .
وتعتبر الشهادة من قبيل إقرار صاحب العمل بما جاء فيها من بيانات، ولكن إذا ذیلت الشهادة بعبارة أن طرف العامل أصبح خالياً فإن ذلك لا يعني بالضرورة نزول صاحب العمل عن شرط عدم المنافسة، وإنما يجب تفسير تلك العبارة وفقاً لما اتجهت إليه إرادة صاحب العمل فعلاً .
تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل :
- تنص المادة 698 / 1 مدني على أنه تسقط بالتقادم الدعاوی الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد .
وذهبت محكمة النقض إلى أن هذه المدة مدة تقادم وليست مدة سقوط ومن ثم يرد عليها الوقف والانقطاع .
والحكمة من التقادم القصير، حرص المشرع على ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل على السواء .
وهذا التقادم لا يقوم على قرينة الوفاء ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة وهي مراعاة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل ومن ثم فهو لا يتسع التوجيه يمين الاستيثاق .
ولكن لا يعتبر التقادم متعلقاً بالنظام العام فلا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، بل يجب التمسك به من كل ذي مصلحة .
ويمتد هذا التقادم إلى كافة الدعاوى الناشئة عن عقد العمل فلا يقتصر سريانه على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يسري أيضاً على دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي .
ودعوى إثبات قيام علاقة العمل لا تندرج تحت مدلول عبارة الدعاوی الناشئة عن عقد العمل .
دعوی مطالبة العامل بمصاريف البعثة التدريبية من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل وتخضع للتقادم الحولي .
يسرى التقادم الحولي على دعاوى المطالبة ببطلان قرار الفصل باعتبارها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل، كذلك دعوى المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفي تتقادم بسنة منذ وقت انتهاء العقد، والمدة تقادم يرد عليها الوقف والانقطاع ورفع الدعوى أمام محكمة مختصة يقطع التقادم .
وتخضع دعاوى المطالبة بالمقابل النقدي عن رصيد الإجازات للتقادم الحولي باعتباره من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل .
لا يخضع للتقادم الحولى المطالبة بتعويض عن إصابة العمل، فمصدرها القانون وليس العقد .
وتبدأ مدة التقادم من تاريخ انتهاء عقد العمل وذلك للمطالبة بالمقابل النقدي للأجازات فهو لا ينشأ الحق فيه إلا بعد انتهاء خدمة العامل ما لم ينص القانون أو اللائحة على خلاف ذلك .
أما دعاوى المطالبة بالمعاش أو تعويض الدفعة الواحدة فهي تنشأ عن قانون التأمين الاجتماعي ومن ثم تتقادم بخمس سنوات، أما دعاوی مكافأة نهاية الخدمة طبقاً لأحكام قانون العمل فتتقادم بسنة واحدة .
ولا يخضع للتقادم الحولي الدعاوى المتعلقة بانتهاك الأسرار الجارية أو بتنفيذ نصوص عقد العمل التي ترمي إلى ضمان احترام هذه الأسرار، وتخضع بالتالي للتقادم ب 15 سنة طبقاً للقواعد العامة .
وفي دعاوى التعويض عن الفصل التعسفي تبدأ مدة السنة اعتباراً من تاریخ علم العامل يقينياً بقرار الإنهاء ويتحقق ذلك من تاريخ تقديم العامل لشكواه - إلى مكتب العمل، ولا ينال من ذلك عدم مراعاة صاحب العمل المهلة لإخطار .
وإذا كان العامل قد رفع دعواه ببعض الطلبات بعد سنة ثم عدل طلباته أثناء سريان الدعوى لتشمل حقوقاً أخرى استجدت بعد تاريخ رفع الدعوى دون التنازل عن طلباته الأولى منها، فإن مطالبته بتلك الحقوق تظل قائمة أمام المحكمة دون أن يلحقها السقوط .
ولكن بالنسبة لتقادم دعوى الأجر في صورة الأرباح والنسب المئوية في إيراد فلا يبدأ التقادم إلا من الوقت الذي يسلم فيه رب العمل إلى العامل بياناً بما يستحقه بحسب آخر جرد .
ويخضع وقف التقادم وانقطاعه إلى القواعد العامة، ولكن يلاحظ أن قضاء النقض يجري على أن علاقة العمل لا تعتبر مانعاً أدبياً يحول دون مطالبة العامل بحقوقه لأن المشرع كفل له الضمان الكافي لحمايته واستقراره في عمله ولم يعد له ما يخشاه من صاحب العمل إن طالبه بهذه الحقوق، وإذا استمر العامل في العمل بعد إحالته للتقاعد بعقد عمل لفترات متتالية ومتتابعة، فإن كل تجديد في حقيقته، عقد عمل مؤقت - ينتهي بانتهاء مدته، ويخضع كل منها التقادم مستقل عن الآخر . ( شرح قانون العمل ، للأستاذ الدكتور حسام الدين كامل الأهواني ، الطبعة الرابعة 2020 ، دار النهضة العربية ، الصفحة : 924 )